الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جُمَادَى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة (392 هـ)
(1)
.
نشأته:
نشأ رحمه الله في بغداد، وقرأ القراءات بالروايات، وحَضَّهُ والده على السماع وهو صغير، فسمع وله إحدى عشرة سنة، وقرأ الفقه على القاضي أبي الطيِّب الطبري، وعلّق عنه شيئًا من الخلاف، وطَوَّفَ على العلماء في بغداد وقُرَاهَا يسمع منهم، فسمع من أبي عمر بن مهدي الفارسي، وأبي الحسن بن رِزْقُوْيَه، وأبي سعد المَالِينيّ، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، وأبي بكر البَرْقَاني -وهو من أشهر شيوخه الذين استفاد منهم والتصق بهم-، وسواهم
(2)
.
رحلته في طلب العلم:
أدرك أبو بكر الخطيب مبكرًا عِظَمَ الرِّحْلَة في طلب العِلْم، وضرورتها في تكوين وتنمية وتمكين وصقل وتكامل طالب العلم، فارتحل أول ما ارتحل إلى البَصْرة وهو ابن عشرين سنة، وكان ذلك سنة (412 هـ)، فسمع "سنن أبي داود" من القاضي أبي عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، كما سمع من أبي الحسن عليّ بن الحسن الشاهد، والحسن بن عليّ النَّيْسَابُوري، وسواهم. ولم تطل إقامته بالبَصْرة، فقد عاد إلى بغداد في نفس السنة، حيث بدأ اسمه بالظهور وعلمه بالاشتهار، حتى سمع منه أحد كبار شيوخه وهو أبو القاسم الأَزْهَرِي
(3)
.
وفي هذه السنة توفي والده رحمه الله كما تقدَّم.
(1)
"المستفاد من ذيل تاريخ بغداد" لابن النجَّار ص 154، و"معجم الأدباء" لياقوت الحَمَوي (4/ 16)، و"المُنْتَظَم" لابن الجَوْزي (8/ 265).
(2)
انظر: "المستفاد من ذيل تاريخ بغداد" ص 152 و 153، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (2/ 13 - مخطوط-)، و"سِيَر أعلام النبلاء"(18/ 271 - 272).
(3)
انظر: "المستفاد" الموضع السابق، و"تذكرة الحفاظ"(3/ 1136)، و"تبيين كذب المفتري" لابن عساكر ص 271، و"موارد الخطيب" ص 35 - 36.
وبعد أن أقام ببغداد ثلاث سنوات، استشار شيخه أبا بكر البَرْقَاني في رِحْلَةٍ أخرى بعيدة. بيد أنه تحيّر في اختيار الوجهة: أإلى نَيْسَابُور، أم إلى مِصْر، فأخرجه شيخه من حيرته قائلًا:
"إنّك إِنْ خرجت إلى مِصْر، إنّما تخرج إلى رجلٍ واحدٍ، إنْ فاتك ضاعت رحلتك، وإِنْ خرجت إلى نَيْسَابُور ففيها جماعة، إنْ فاتك واحدٌ أدركت من بقي"
(1)
.
فخرج إلى نَيْسَابُور، وكان خروجه لها سنة (415 هـ)، وقد وصلها في نفس العام في شهر رمضان
(2)
.
وقد التقى بجماعة من حُفَّاظ ومحدِّثي (نَيْسَابُور) وغيرها كـ (حَلْوان) و (أسد آباذ) و (هَمَذَان)، وتحمَّل عنهم
(3)
.
والظاهر أنَّ عودته إلى بغداد كانت سنة (417 هـ)
(4)
.
ثم كانت رحلته الثالثة إلى (أَصْبَهَان)، وهي من بُلْدَان المشرق أيضًا، وقد زوّده شيخه البَرْقَاني برسالة ضافيةٍ إلى أبي نُعَيْم الأصبهاني محدِّث (أَصْبَهَان) يوصيه به خيرًا. وقد جاء في الرسالة:
"وقد نفذ إلى ما عندك عمدًا متعمدًا أخونا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت أيدّه اللَّه وسلَّمه، ليقتبس من علومك، ويستفيد من حديثك. وهو بحمد اللَّه من له
(1)
"طبقات الشافعية الكبرى"(4/ 30).
(2)
"تاريخ بغداد"(11/ 329)
(3)
انظر: "سِيَر أعلام النبلاء"(18/ 172 - 273)، و"الموارد" ص 37 - 39.
(4)
"الحافظ الخطيب البغدادي وأثره في علوم الحديث" للدكتور محمود الطحَّان ص 38. وعلَّل ذلك بقوله في الحاشية: "لأنه ذكر في ترجمة الحسن بن أحمد المؤدِّب من "تاريخ بغداد" (7/ 278) أنه كتب عنه سنة (417 هـ) بقرية (بشلا)، وهي ضاحية من ضواحي بغداد تبعد عنها أربعة أميال أو خمسة". وقارن بما ذكره الدكتور العُمَرِي في "الموارد" ص 40.