الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصنفاته:
كان الحافظ الخطيب رحمه الله من المصنِّفين المكثرين، والمجلِّين المبدعين، فانتشرت مصنفاته، وسمعها منه خلائق، وأكبَّ عليها أهل العلم وطلابه بالدَّرْس والاستفادة والرواية.
صنَّف قريبًا من مائة مصنَّفٍ صارت عمدةً لأصحاب الحديث كما قال السَّمْعَاني
(1)
.
وقد أحصى الدكتور يوسف العش رحمه الله مصنَّفاته فبلغت (تسعة وسبعين) مصنَّفًا، ذكرها في كتابه "الخطيب البغدادي مؤرِّخ بغداد ومحدِّثها"
(2)
، وقام بترتيبها على حروف المعجم، وعيّن أماكن وجودها في المكتبات العالمية مما عرف، مع إشارة إلى ما طُبعَ منها.
ويقول الدكتور أكرم العُمَري
(3)
في تحديد موضوعات مصنَّفاته وعدد كل منها، ومقدار ما وقف عليه:
"وقد شملت مصنَّفاته الميادين التي أولاها اهتمامه وجمع مصنَّفاتها، وهي: الحديث وعلومه، والتاريخ وعلم الرجال، والفقه وأصوله، والرقائق، والأدب. ويبلغ مجموع مصنَّفاته (ستة وثمانين) مصنَّفًا.
منها (سبعة وثلاثون) مصنَّفًا في الحديث وعلومه -سوى علم الرجال-.
و (25) مصنَّفًا في الفقه وأصوله.
و (3) مصنَّفات في الرقائق.
و (مصنَّفان) في العقائد.
و (3) مصنَّفات في الأدب.
(1)
في "الأنساب"(15/ 151).
(2)
ص 120 - 134.
(3)
في كتابه "موارد الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد" ص 55.
و (مصنَّفان) أحدهما مجهول الموضوع، والآخر قد لا تصح نسبته إليه، وهو في الرقائق.
وقد ألف الخطيب (56) مصنَّفًا قبل سنة (453 هـ)، حيث أحصاها المالكي في فهرست خاص".
ثم ذكرها جميعًا مع التعريف بها، وما عَلِمَ من أماكن وجودها.
وفي هذه الترجمة الموجزة سأقتصر على ذكر ما طبع من مصنَّفاته:
1 -
"تاريخ بغداد، أو مدينة السَّلَام". وقد طبع في مطبعة السعادة في مصر عام (1349 هـ = 1931 م) في أربعة عشر مجلدًا.
2 -
"الكفاية في علم الرواية". وقد طبع في الهند أولًا عام (1357 هـ)، ثم طبع في مِصْرَ في مطبعة السعادة عام (1972 م) بعناية الأستاذين عبد الحليم محمد عبد الحليم، وعبد الرحمن حسن محمود.
3 -
"السَّابق واللاحق في تباعد ما بين وفاة راويين عن شيخ واحد". نشرته دار طيبة في الرياض عام (1402 هـ = 1982 م) بتحقيق ودراسة الأستاذ محمد بن مطر الزهراني.
4 -
"الرِّحْلَةُ في طلب الحديث". وقد طُبعَ أولًا في القاهرة عام (1389 هـ) ضمن مجموعة رسائل بعناية الشيخ صبحي السامرائي. ثم قام الدكتور نور الدين عِتْر بتحقيقه ودراسته ونشره في دمشق عام (1395 هـ = 1975 م).
5 -
"تقييد العِلْم". طبع بتحقيق الدكتور يوسف العش رحمه الله، ونشره المعهد الفرنسي بدمشق عام (1949 م).
6 -
"الأسماء المُبْهَمَة في الأنباء المُحْكَمَة". طبع في مطبعة المدني في مصر عام (1405 هـ = 1984 م) بتحقيق الدكتور عز الدين علي السيد. وهو من منشورات مكتبة الخانجي.
7 -
"الجامع لأخلاق الرَّاوي وآداب السَّامع". طبع أولًا بتحقيق الدكتور محمد رأفت سعيد، ونشرته مكتبة الفلاح بالكويت عام (1401 هـ = 1981 م). ثم طبع ثانية بتحقيق الدكتور محمود الطحَّان، ونشرته مكتبة المعارف في الرياض عام (1403 هـ = 1983 م). ثم طبع ثالثة بتحقيق الدكتور محمد عجاج الخطيب، ونشرته مؤسسة الرسالة في بيروت عام (1412 هـ = 1991 م). وكان أستاذنا الخطيب قد أطلعني عليه مُحَقَّقًا عنده منذ أكثر من عشرين عامًا.
8 -
"المُوَضِّحُ لأوهام الجَمْعِ والتَّفْرِيق" طبع في حيدر آباد الدكن بالهند عام (1378 هـ = 1959 م) بتحقيق الشيخ عبد الرحمن المُعَلِّمي اليَمَاني رحمه اللَّه تعالى.
9 -
"تلخيص المُتَشَابِهِ في الرسم وحماية ما أشكل منه عن بوادر التَّصحيف والوهم". طبع في دار طلاس في دمشق عام (1985 م) في مجلَّدين كبيرين، بتحقيق الأستاذة سُكَيْنة الشِّهَابي.
10 -
"النصيحة لأهل الحديث". وقد طبعت طبعات عدة، هي: و (مختصرها)، وآخر طبعاتها الجيدة عام (1408 هـ = 1988 م) بتحقيق الأستاذ عبد الكريم أحمد الوريكات، وهي من منشورات مكتبة المنار في الأردن.
11 -
"الفقيه والمُتَفَقِّه". طبع بمطابع القصيم بالرياض عام (1389 هـ): بعناية الشيخ إسماعيل الأنصاري.
12 -
"اقتضاء العِلْم العمل". طبع في دمشق عام (1385 هـ) بتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
13 -
"البخلاء". وقد طبع في مطبعة العاني ببغداد سنة (1964 م) بتحقيق الأساتذة: أحمد مطلوب وخديجة الحديثي وأحمد ناجي القيسي.
14 -
"التَّطْفِيل وحكاية الطُّفَيْلِيين وأخبارهم ونوادر كلامهم وأشعارهم". وقد نشره الأستاذ حسام الدين القدسي رحمه الله في دمشق عام (1346 هـ)، وقد
طبع في مطبعة التوفيق. كما طُبع بعناية كاظم المظفَّر في المطبعة الحيدرية بالنجف عام (1916 م). ثم حققه تحقيقًا علميًا الدكتور عبد اللَّه عسيلان، ونشرته دار المدني في جُدَّة عام (1406 هـ = 1986 م).
15 -
"الإجازة للمعدوم والمجهول". وهي رسالة صغيرة، طبعت مع عدة رسائل بعناية الشيخ صبحي السامرائي في مطابع المجد بالقاهرة عام (1389 هـ).
* * *
الباب الثالث زوائد الحافظ الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) وتخريجها
1 -
أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن بُكَيْر المِصْريّ قال: حَدَّثني أحمد بن محمد بن إبراهيم الأَنْبَاري قال: نبأنا أبو عمر محمد بن أحمد الحَلِيْمي
(1)
قال: نبأنا آدم بن أبي إياس، عن ابن أبي ذِئْب، عن معن بن الوليد، عن خالد بن مَعْدَان،
عن معاذ بن جَبَل قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ بارك لنا في صَاعِنَا ومُدِّنَا، وفي شَامِنَا، وفي يَمَنِنَا، وفي حِجَازِنَا". قال: فقام إليه رجل فقال: يا رسول اللَّه وفي عِرَاقِنَا؟ فأمسك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فلما كان في اليوم الثاني قال مثل ذلك، فقام إليه الرجل فقال: يا رسول اللَّه وفي عِرَاقِنَا؟ فأمسك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا كان في اليوم الثالث قام إليه الرجل فقال: يا رسول اللَّه وفي عِرَاقِنَا؟ فأمسك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فولّى الرجل وهو يبكي، فدعاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:"أَمِنَ العراقِ أَنْتَ؟ قال: نعم. قال: "إنّ أبي إبراهيم عليه السلام هَمَّ أن يدعو عليهم فأوحى اللَّه تعالى إليه لا تفعل، فإنِّي جعلتُ خزائن عِلْمِي فيهم، وأسكنتُ الرَّحْمَةَ قلوبهم".
(1/ 24 - 25) في "ذكر تعريب اسم العراق ومعناه. . . ".
مرتبة الحديث:
موضوع.
وقد صَحَّ قوله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ بارك لنا في صَاعِنَا ومُدِّنَا وفي شَامِنَا وفي يَمَنِنَا" من وجوهٍ أُخْرَى.
(1)
ضبطه مصحح "تاريخ بغداد" بضم الحاء وفتح اللام، وهو خطأ. والتصويب من "الأنساب"(4/ 197).
ففي إسناده: (محمد بن أحمد الحَلِيْمي أبو عمر) وقد ترجم له في:
1 -
الإكمال" لابن ماكُولا (3/ 80) وقال: "محمد ولد حَلِيمة ظِئْر النبيّ صلى الله عليه وسلم، كان بالأنبار، روي عن آدم بن أبي إياس أربعة أحاديث منكرة، روى عنه أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى الأنباري، الحَمْلُ فيها على الحَلِيْمي".
2 -
"الأنساب"(4/ 197) وقال: "حدَّث عن آدم بن أبي إياس أربعة أحاديث مناكير بإسناد واحد، والحَمْلُ عليه فيها لا على الراوي لها عنه".
3 -
"ميزان الاعتدال"(3/ 465) وقال: "روى عن آدم بن ابي إياس أحاديث منكرة، بل باطلة".
4 -
"لسان الميزان"(5/ 59) وفيه عن ابن عساكر: "منكر الحديث".
وفي "الجامع الكبير" للسيوطي (1/ 218) نقلًا عن ابن عساكر: "منكر الحديث مُقِلٌّ".
كما أنَّ في إسناده (أحمد بن محمد بن إبراهيم الحَمْزِي الأَنْبَاري المُقْرئ أبو عبد اللَّه) وقد ترجم له الخطيب في "تاريخه"(4/ 386 - 387)، وفيه عن محمد بن العبّاس بن الفُرَات:"لم يكن في الرواية بذاك، كتبت عنه وكانت معه كتب طرية غير أصول، وكان مكفوفًا، وأرجو أن لا يكون ممَّن يُتَّهَمُ بالكذب". وقال محمد بن أبي الفوارس: "لم يكن ممن يصلح للصحيح، وأرجو أن لا يكون ممَّن يتعمد الكذب".
وفيه انقطاع أيضًا بين (خالد بن مَعْدان الحِمْصي) و (معاذ بن جَبَل)، فإنَّه لم يسمع منه، وربما كان بينهما اثنان كما قال أبو حاتم. انظر:"المراسيل" لابن أبي حاتم ص 49 - 50، و"تهذيب الكمال"(8/ 168).
و (ابن أبي ذِئُب) هو (محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن
أبي ذِئْب القُرَشي العَامِرِي المَدَني أبو الحارث) وهو إمام ثقة فقيه، وكان من أوعية العلم، قَوَّالًا بالحقِّ مَهِيبًا. وقد أخرج له الستة، وتوفي عام (158 هـ). انظر:"سِيَر أعلام النبلاء" للذَّهَبِيّ (7/ 139 - 149)، و"التهذيب"(9/ 303 - 307)، و"التقريب"(2/ 184).
وباقي رجال الإسناد ثقات.
التخريج:
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 62 - مخطوط-) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لنا في صَاعِنَا ومُدِّنَا، وفي شَامِنَا وفي يَمَيِنا"، صَحَّ من حديث جماعة من الصحابة. انظر:"جامع الأصول"(9/ 324 - 327) و (10/ 62 - 63)، و"مجمع الزوائد"(3/ 304 - 305) و (10/ 57)، و"الترغيب والترهيب"(2/ 225 - 227) و (4/ 59).
ومن ذلك ما رواه البخاري في البيوع، باب بركة صَاعِ النبيّ صلى الله عليه وسلم ومُدَّه (4/ 347) رقم (2130) -واللفظ له-، ومسلم في الحج، باب فضل المدينة. . . (2/ 994) رقم (1368)، وغيرهما، عن أنس بن مالك مرفوعًا:"اللهم بارك لهم في مِكْيَالِهِمْ، وبارك لهم في صَاعِهِمْ ومُدِّهِمْ -يعني أهل المدينة-".
كما روى البخاري في الفتن، باب قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم "الفتنة من قبل المشرق"(13/ 45) رقم (7094)، وغيره، عن ابن عمر مرفوعًا:"اللهم بارك لنا في شَامِنَا، اللهم بارك لنا في يَمَنِنَا، قالوا: يا رسول اللَّه وفي نَجْدِنا؟ قال: اللهم بارك لنا في شَامِنَا، اللهم بارك لنا في يَمَنِنَا. قالوا: يا رسول اللَّه وفي نَجْدِنا؟ فأظنه قال في الثالثة: هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قَرْنُ الشيطان".
وقد روى الطبراني في "الكبير"(12/ 84 - 85) رقم (12553) من طريق إسحاق بن عبد اللَّه بن كَيْسَان، عن أبيه، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاس مرفوعًا:"اللَّهمَّ بارك لنا في صَاعِنَا ومُدِّنَا، وبارك لنا في مَكَّتِنَا ومَدِينَتِنَا، وبارك لنا في شَامِنَا ويَمَنِنَا. فقال رجلٌ من القوم: يا نبيَّ اللَّه وعِرَاقِنَا؟ فقال: "إنَّ بها قَرْنَ الشيطانِ، وتَهَيُّجَ
(1)
الفِتَنِ، وإنَّ الجَفَاءَ بالمَشْرِقِ".
أقول: إسناده ضعيف، ففيه (إسحاق بن عبد اللَّه بن كَيْسَان المَرْوَزِيّ): ليَّنَهُ أبو أحمد الحاكم. وقال الصَّدْر اليَّاسُوفي عنه وعن أبيه: "فيهما الضعف الشديد". "اللسان"(1/ 365 - 366). وقال ابن حِبَّان في "الثقات"(7/ 33) في ترجمة أبيه (عبد اللَّه): "وابنه إسحاق بن عبد اللَّه بن كَيْسَان، يُتَّقَى
(2)
حديثه من رواية ابنه عنه".
وأبوه (عبد اللَّه بن كَيْسَان المَرْوَزِيّ) قال عنه في "التقريب"(1/ 443): "صدوق يخطئ كثيرًا". وانظر: "التهذيب"(5/ 371).
فقول المنذري في "الترغيب والترهيب"(2/ 227)، ومتابعة الهيثمي له في "مجمع الزوائد" (3/ 305):"رواته ثقات"، موضع نظر. مع التنبيه على أنَّ الهيثمي رحمه الله قد ناقض نفسه حيث يقول في "المجمع" (3/ 287):"وفيه إسحاق بن عبد اللَّه بن كَيْسَان وهو ضعيف".
* * *
2 -
أخبرنا أبو القاسم عليّ بن محمد بن عيسي بن موسى البزَّار قال: أنبأنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن أحمد المِصْريّ قال: حَدَّثَنَا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن زياد قال: حَدَّثَنَا خَلَف بن تَمِيم قال: حَدَّثَنَا
(1)
في "المعجم الكبير": "ونبح". والتصويب من "الترغيب والترهيب"(2/ 227)، و"مجمع الزوائد"(3/ 305).
(2)
صُحِّفَ في "الثقات" إلى "يبقى". والتصويب من "اللسان"(1/ 365).
عمَّار بن سيف قال: سمعت سفيان الثَّوْري يسأل عاصمًا الأَحْول عن هذا الحديث، فحدَّثه عاصم وأنا حاضر، عن أبي عثمان،
عن جَرِير قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تُبْنَى مدينةٌ بين دِجْلَةَ ودُجَيْل، وقُطْرَبُّلَ والصَّرَاة، تُجْبَى إليها خزائنُ الأرض وجبابرتها، لهي أسرعُ ذهابًا في الأرض من الوتد الحديد في الأرض الرَّخْوةِ".
(1/ 27 - 28) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد والطعن على أهليها. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
وقد أبان الحافظ الخطيب رحمه الله في "تاريخه"(1/ 34 - 43) عن علل هذا الحديث عقب روايته له من طرق كثيرة ستأتي تباعًا عقب هذا الطريق.
وممَّا رواه عن الأئمة في بيان حاله:
قول الإِمام أحمد بن حنبل: "ما حدَّث به إنسان ثقة".
وقوله: "ليس لهذا الحديث أصله".
وقوله: "كلُّ من حَدَّثَ هذا الحديث عن سفيان الثَّوْري، فهو كذَّابٌ".
وقوله: "هذا الحديث ليس بصحيح -أو قال-: كذب".
وقال الإمام يحيى بن مَعِين: "ما أصاب عمّار هذا الحديث إلّا على ظهر كتاب".
وقوله أيضًا: "ليس للحديث أصل".
وقوله: "حديث عاصم عن أبي عثمان عن جَرِير ما رواه أحد إلّا عمّار بن سيف".
وقال الحافظ الخطيب في آخر كلامه عن علله (1/ 42): "وكلُّ هذه الأحاديث التي ذكرناها، واهية الأسانيد عند أهل العلم والمعرفة بالنقل، لا يثبت بأمثالها حجّة، وأمَّا متونها فإنها غير محفوظة، إلّا عن هذه الطرق الفاسدة".
أقول: وممَّا قاله الأئمة من غير ما تقدَّم:
قول الإِمام البخاري في "التاريخ الصغير"(2/ 225 - 226) بعد أن ساق الحديث من طريق عمّار بن سيف المتقدِّم: "لا يُتَابَعُ عليه، مُنْكَرٌ، ذَاهِبٌ".
وقال الإِمام ابن عدي في "الكامل"(5/ 1726) في ترجمة (عمّار بن سيف الضَّبِّيّ): "هذا حديث منكر".
وقال في (4/ 1384) في ترجمة (صالح بن بَيَان السِّيْرافيّ): "هذا حديث منكر".
وقال الإِمام ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 68): "هذا حديث لا يصحُّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولا أصل له".
وقال الإمام الذَّهَبِيُّ في "ميزان الاعتدال"(2/ 290) في ترجمة (صالح بن بيان السِّيْرَافيّ): "هذا حديث باطل". وأَقَرَّهُ الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(3/ 166 - 167).
وقال الذَّهَبِيُّ في الميزان" (3/ 165) في ترجمة (عمّار بن سيف الضَّبِّيّ): "له حديث منكر جدًّا". ثم ساق حديثه هذا.
وقال الإِمام الشَّوْكَانِيُّ في "الفوائد المجموعة" ص 435: "والحديث منكر".
أقول: في إسناده (عمّار بن سيف الضَّبِّي الكوفي أبو عبد الرحمن) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ الدَّارِمي عن يحيى بن مَعِين" ص 186 رقم (675) وقال: "ثقة".
2 -
"التاريخ الصغير" للبخاري (2/ 225 - 226) وقال بعد أن ذكر حديثه السابق: "لا يُتَابَعُ عليه، منكر، ذاهب".
3 -
"تاريخ الثقات" للعِجْلي ص 352 رقم (1205) وقال: "ثقة ثَبْتٌ مُتَعَبِّدٌ، وكان صاحب سُنَّة".
4 -
سؤالات الآجُرِّي لأبي داود السِّجِسْتَاني" ص 124 رقم (65) وقال: "كان مُغَفَّلًا".
5 -
"الضعفاء الكبير" للعُقَيْلي (3/ 324 - 325) وذكر حديثه المتقدِّم ونقل عن يحيى بن آدم قوله: "إنما أصاب عمّار بن سيف هذا الحديث على ظهر كتاب فرواه".
6 -
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6/ 393) وفيه أنَّ عبد اللَّه بن المبارك أثنى عليه خيرًا. وقال ابن مَعِين: "ليس حديثه بشيء". وقال أبو حاتم: "كان شيخًا صالحًا وكان ضعيف الحديث منكر الحديث". وقال أبو زُرْعَة: "ضعيف".
7 -
"المجروحين" لابن حِبَّان (2/ 195) وقال: "كان ممَّن يروي المناكير عن المشاهير، حتى ربما سبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها، فبطل الاحتجاج به لما أتى من المعضلات عن الثقات. روى عن إسماعيل بن أبي خالد عن ابن أبي أوفى عن النبيّ عليه الصلاة والسلام أحاديث بواطيل لا أصول لها يطول الكتاب بذكرها".
8 -
"الكامل" لابن عدي (5/ 1726 - 1727) وقال: "منكر الحديث". وقال أيضا: "الضعف بَيِّنٌ على حديثه".
9 -
وذكره الخطيب في "تاريخه"(1/ 34) ونقل عن الدَّارَقُطْنِيّ قوله فيه: "كوفي متروك".
10 -
"الضعفاء" لأبي نُعَيْم الأَصْبَهَاني ص 121 رقم (172) وقال: "روي عن إسماعيل بن أبي خالد والثَّوْري المناكير، لا شيء".
11 -
"التهذيب"(7/ 402 - 403) وفيه عن عبيد بن إسحاق: "شيخ صدوق". وقال الحاكم: "يروي عن إسماعيل بن أبي خالد والثوري المناكير". وقال البزَّار: "ضعيف". وقال في موضع آخر: "صالح -يعني في نفسه-".
12 -
"تقريب التهذيب"(2/ 47) وقال: "ضعيف الحديث، وكان عابدًا، من الثامنة، إلَّا أنه قديم الموت، مات بعد الستين -يعني ومائة-"./ ت ق.
و (أبو عثمان) هو (النَّهْدِيُّ): (عبد الرحمن بن مُلّ بن عمرو بن عدي البصري)، وهو إمام حجّة ثقة ثَبْثٌ عابد، مُخَضْرَمٌ مُعَمَّرٌ، مشهور بكنيته. انظر ترجمته في:"سِيَر أعلام النبلاء"(4/ 175 - 178)، و"التهذيب التهذيب"(6/ 277 - 278)، و"التقريب"(1/ 499). وقد توفي عام (95) للهجرة، وعاش مائة وثلاثين سنة.
و (جَرير) هو (ابن عبد اللَّه بن جابر البَجَلي)، وهو من أعيان الصحابة رضوان اللَّه عليهم، وكان بديع الحُسْنِ، كامل الجمال. توفي عام (51 هـ)، وحديثه في الكتب الستة. انظر ترجمته في:"التاريخ بغداد"(1/ 187 - 189)، و"تهذيب الكمال" للمِزِّيّ (4/ 533 - 540)، و"السِّيَر"(2/ 530 - 537)، و"الإصابة"(1/ 232).
التخريج:
روي هذا الحديث من طريق: جَرِير بن عبد اللَّه البَجَلي، وأنس بن مالك، وبنحوه من حديث حُذَيْفة بن اليَمَان، وعليّ بن أبي طالب، وعبد اللَّه بن عمر.
وسيرويه الخطيب في "تاريخه" من حديثهم جميعًا، عدا (ابن عمر).
أمَّا حديث (جَرِير بن عبد اللَّه البَجَلي)، فقد رُوي عنه من أحد عشر طريقًا.
الطريق الأول: عن عمّار بن سيف الضَّبِّيّ، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدِيّ، عنه، به.
أخرجه ابن عدي في "الكامل"(5/ 1726) في ترجمة (عمَّار بن سيف)، والخطيب في "تاريخه"(1/ 28 - 29) من طرق، عن عمّار بن سيف، به -وسيأتي برقم (2 و 3 و 4 و 5 و 6) -.
وعن الخطيب رواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 63 - 64 و 68).
قال ابن عدي عقبه: "هذا حديث منكر، لا يرون إلا عن عمّار بن سيف هذا".
وقد تقدَّم القول في (عمَّار بن سيف)، وأنَّه أصاب الحديث على ظهر كتاب فرواه كما قال يحيى بن آدم ويحيى بن مَعِين.
الطريق الثاني: عن عمَّار بن سيف، عن سفيان الثَّوْري، عن عاصم الأحْول، عن أبي عثمان النَّهْدِي، عنه، به.
أخرجه العُقَيْلي في "الضعفاء"(3/ 324 - 325)، والخطيب في "تاريخه"(1/ 27 - 28 و 31) -والحديث رقم (2) من هذا الطريق، وسيأتي أيضًا برقم (10 و 11) -، وعنه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 63 - 64 و 65 - 66).
وفيه (عمّار بن سيف) وقد تقدَّم القول فيه.
وفي "سؤالات ابن الجُنَيْد ليحيى بن مَعِين" ص 350 - 351 رقم (320) أنّ ابن مَعِين قال: "قال لي يحيى بن آدم: إنَّ حديث عاصم عن أبي عثمان عن جَريِر، ما رواه أحد إلا عمّار بن سيف". وقال ابن الجُنَيْد: "ثم قال لي يحيى بن مَعِين: ومنهم من يرويه عنه عن سفيان عن عاصم، ومنهم من يرويه عنه عن عاصم. وليس للحديث أصله".
الطريق الثالث: عن سيف بن محمد الكوفي -ابن أخت سفيان الثَّوْري-، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدِي، عنه، به.
أخرجه العُقَيْلي في "الضعفاء"(2/ 172)، والخطيب في "تاريخه"(1/ 30) -وسيأتي برقم (7) -، وعنه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 64 - 65).
وقد أشار إلى هذا الطريق البخاريُّ في "التاريخ الكبير"(4/ 172) في ترجمة (سيف بن محمد) وقال: "لا يُتَابَعُ عليه".
أقول: فيه (سيف بن محمد) كذَّبه أحمد بن حنبل ويحيى بن مَعِين وأبو داود وغيرهم. وستأتي ترجمته في حديث (144).
الطريق الرابع: عن لُوَيْن -محمد بن سليمان الأَسَدِي-، عن محمد بن جابر الحَنَفِي، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدِي، عنه، به.
أخرجه أبو الشيخ ابن حَيَّان في "الفتن" -كما في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 473) -، والخطيب في "تاريخه"(1/ 30) -وسيأتي برقم (8) -، وعنه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 65).
أقول: فيه (محمد بن جابر بن سَيَّار الحَنَفي اليَمَامِي) وهو ضعيف، ذهبت كتبه في آخر عمره، وساء حفظه، وعَمِيَ فصار يُلَقَّنُ ويُلْحِقُ في كتبه ما ليس من حديثه. وستأتي ترجمته في حديث (980).
وروى الخطيب في "تاريخه"(1/ 35 - 36) عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل أنَّه قال لأبيه: "إنَّ لُوَيْنَا حدَّثناه عن محمد بن جابر الحَنَفي. فقال: كان محمد بن جابر ربما أُلْحِقَ في كتابه الحديث. ثم قال أبي: إنَّ هذا الحديث ليس بصحيح. أو قال: كذب".
الطريق الخامس: عن أبي شهاب الحنَّاط -عبد ربِّه بن نافع الكِنَاني-، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدِي، عنه، به.
أخرجه الخطيب في "تاريخه"(1/ 30 - 31) -وسيأتي برقم (9) -، وعنه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 65).
قال الحافظ الخطيب في "تاريخه"(1/ 36) في بيان عِلَّةِ هذا الطريق: "وأمّا أبو شهاب الحَنَّاط فقد كان صدوقًا، إلّا أنَّ يحيى بن سعيد القَطَّان لم يكن يَرْضَى أمره، وكان يقول: لم يكن بالحافظ، وأحسب أنه وقع إليه حديث عاصم من جهة عمّار بن سيف، أو سيف بن محمد، أو محمد بن جابر، فرواه عن عاصم مُرْسَلًا، لأنَّ الحسن بن الربيع لم يذكر عنه الخبر فيه واللَّه أعلم".
أقول: (أبو شهاب الحنَّاط) هو (الأصغر)، واسمه "عبد رَبِّه بن نافع الكِنَاني" وهو "صدوق يهم" كما قال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب"(1/ 471). وستأتي ترجمته في حديث (248).
الطريق السادس: عن إسماعيل بن أَبَان الغَنَوي الخيَّاط، عن سفيان الثَّوْري، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدي، عنه، به.
أخرجه الخطيب في "تاريخه"(1/ 31) -وسيأتي برقم (12) -، وعنه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 66).
أقول: فيه (إسماعيل بن أَبَان الغَنَوي الكوفي الخيَّاط) وهو متروك، وكذَّبه ابن مَعِين وأبو حاتم وابن حِبَّان. وستأتي ترجمته في حديث (1085).
الطريق السابع: عن عبد العزيز بن أَبَان الأُمَوي، عن سفيان الثَّوْري، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدِي، عنه، به.
أخرجه الخطيب في "تاريخه"(1/ 31 - 32) -وسيأتي برقم (13) -، وعنه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 66).
أقول: فيه (عبد العزيز بن أَبَان الأُمَوي القُرَشي السَّعِيدي) وهو متروك، كذَّبه أحمد وابن مَعِين وقال:"وضع أحاديث عن سفيان الثَّوْري لم تكن". وستأتي ترجمته في حديث (581).
الطريق الثامن: عن إسماعيل بن نَجِيح، عن سفيان الثَّوْري، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدِي، عنه، به.
أخرجه الخطيب في "تاريخه"(1/ 32) -وسيأتي برقم (14) -، وعنه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 66 - 67).
أقول: فيه (إسماعيل بن عمرو بن نَجِيح البَجَلي الكوفي ثم الأصبهاني أبو إسحاق) وقد ترجم له في:
1 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (1/ 86 - 87) وقال: "في حديثه مناكير، ويحيل على من لا يحتمل".
2 -
"الجرح والتعديل"(2/ 190) وفيه عن أبي حاتم: "ضعيف الحديث".
3 -
"الثقات" لابن حِبَّان (8/ 100) وقال: "يُغْرِبُ كثيرًا".
4 -
"الكامل"(1/ 316 - 317) وقال: "حَدَّث عن مِسْعَر والثَّوْري والحسن بن صالح وغيرهم بأحاديث لا يُتَابَعُ عليها". .
وقال بشأن مروياته: "عامَّتها ممَّا لا يتابع إسماعيل أحد عليها، وهو ضعيف. وله عن مِسْعَر غير حديث منكر ولا يتابع عليه".
5 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيّ ص 140 رقم (87) وقال: "ضعيف". وصُحِّف فيه "عمرو" إلى "عمر".
6 -
"طبقات المحدِّثين في أصبهان" لأبي الشيخ ابن حَيَّان الأصبهاني (2/ 71 - 74)، وفيه عن عَبْدَان الأَهْوَازِيّ:"غرائب حديث إسماعيل: تكثر". ثم ساق له أبو الشيخ بعض غرائبه. وذكر أنَّ وفاته كانت سنة (227 هـ).
7 -
وذكره الحافظ الخطيب في "تاريخه"(1/ 37) وقال: "إسماعيل بن نَجِيح، هو إسماعيل بن عمرو بن نَجِيح البَجَلي نُسِبَ في الرواية إلى جَدِّه. وهو
صاحب غرائب ومناكير عن سفيان الثَّوْري وعن غيره". ونقل عن الحافظ ابن عُقْدَة أحمد بن محمد بن سعيد قوله فيه: "ضعيف ذاهب".
الطريق التاسع: عن عبيد اللَّه بن سفيان الغُدَانِي، عن سفيان الثَّوْري، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدي، عنه، به.
أخرجه الخطيب في "تاريخه"(1/ 32) -وسيأتي برقم (15) -، وعنه ابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 67).
أقول: فيه (أبو سفيان عبيد اللَّه بن سفيان بن عبيد اللَّه بن رَوَاحَة الأَسَدي الغُدَاني الصوفي البَصْري الصَّواف) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 382) وقال: "كان كذَّابًا".
2 -
"الجرح والتعديل"(5/ 318) وفيه عن أبي حاتم: "شيخ ليس بالقويّ".
3 -
"المجروحين"(2/ 66) وقال: "كان ممن ينفرد بالمقلوبات عن الأثبات ويأتي عن الثقات بالمعضلات".
4 -
"الكامل"(4/ 1638 - 1639) وقال: "في بعض أحاديثه بعض النُّكْرَةِ".
5 -
"الأنساب" للسَّمْعَاني (9/ 127 - 128) ونقل قول ابن مَعِين وابن حِبَّان السابقين.
الطريق العاشر: عن أحمد بن محمد بن عمر اليَمَامي، عن عبد الرزاق الصَّنعاني، عن سفيان الثَّوْري، عن عاصم الأَحْوَّل، عن أبي عثمان النَّهْدي، عنه، به.
أخرجه الخطيب في "تاريخه"(1/ 32 - 33) -وسيأتي برقم (16) -، وعنه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 67 - 68).
أقول: فيه (أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليَمَامي الحَنَفي أبو سهل) وقد ترجم له في:
1 -
"الجرح والتعديل"(2/ 71) وفيه عن أبي حاتم: "قدم علينا وكان كذَّابًا وكتبتُ عنه ولا أُحَدِّثُ عنه".
2 -
"المجروحين"(1/ 43 - 144) وقال: "يروي عن عبد الرزاق وعمر ابن يونس وغيرهما أشياء مقلوبة، لا يعجبنا الاحتجاج بخبره إذا انفرد".
3 -
"الكامل"(1/ 182 - 183) وقال: حدَّث بأحاديث مناكير عن الثقات، وجدته ينسخ عن الثقات العجائب".
وفيه عن إسحاق بن إبراهيم قال: ذكرتُ اليَمَامي هذا العبيد الكَشْوَري
(1)
فقال: "هو فينا كالواقدي فيكم".
وقال ابن عدي أيضًا: "هو مُقَارَبُ الحَالِ، وهو إلى الضَّعف أقرب منه إلى الصدق".
4 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيّ ص 118 رقم (49).
5 -
"تاريخ بغداد"(5/ 65 - 66) وقال: "كان غير ثقة". وفيه أنَّ سَلَمَة بن شَبِيب كان يكذِّبه. وأنَّ يحيى بن محمد بن صَاعِد كان يرميه بالكذب. وفيه عن الدَّارَقُطْنِيّ: "متروك الحديث".
الطريق الحادي عشر: عن عبد الرحمن بن محمد المُحَارِبي، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدِي، عنه، به.
رواه الخطيب في "تاريخه"(1/ 35) بإسناده إلى عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل
(1)
هو (عبد اللَّه بن محمد الصنعاني أبو محمد)، ترجم له الحافظ الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر" (13/ 349 - 350) وقال:"المحدِّثُ العَالِمُ المُصَنِّفُ". و (الكَشْورَي) نسبة إلى (كَشْوَر): "وهي قرية من قرى صنعاء اليمن". "الأنساب"(10/ 438).
قال "ذكر أبي حديث عبد الرحمن بن محمد المُحَارِبي عن عاصم الأَحْول. . . ". وعنه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 68).
قال الخطيب في "تاريخه"(1/ 35) نقلًا عن الإِمام أحمد بن حنبل: "كان المُحَارِبي جليسًا لسيف بن محمد ابن أخت سفيان الثَّوْري، وكان سيف كذَّابًا فأظن المُحَارِبي سمعه منه".
أقول: (عبد الرحمن بن محمد المُحَارِبي الكوفي أبو محمد) قال الحافظ الذَّهَبِيُّ عنه في "الكاشف"(2/ 163): "ثقة يُغْرِبُ".
وقال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب"(1/ 497): "لا بأس به، وكان يدلِّس، قاله أحمد". وانظر: "التهذيب": (6/ 265 - 266).
أمَّا حديث أنس بن مالك، وحُذَيْفَة، وعليّ، فسيأتي الكلام عليها تباعًا بأرقام (17 و 18 و 19).
أمَّا حديث عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما.
فقد رواه الدَّارَقُطْنِيّ في "غرائب مالك" -كما في "اللسان"(2/ 122) في ترجمة (جعفر بن محمد الخُرَاسَاني) -، والخطيب البغدادي في "رواة مالك" -كما في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 477)، وصُحِّف فيه "رواة مالك" إلى "رواية مالك". والتصويب من "تنزيه الشَّريعة" لابن عَرَّاق (2/ 52) -، من طريق ابن عُقْدَة أحمد بن محمد بن سعيد، حدَّثنا أحمد بن يحيى الصَّدَفي، حدَّثنا جعفر بن محمد الخُرَاسَاني، حدَّثنا أبو ضَمْرَة أنس بن عياض اللَّيثِي، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ:"تُبْنَي مدينة بين جَدْوَلَيْن عظيمين، لهي أسرع انكفاءً بأهلها من القِدْرِ بما في أسفلها".
ومن هذا الطريق ذكره الحافظ الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(1/ 415) في ترجمة (جعفر بن محمد الخُرَاساني) وقال: "هذا باطل. قال أبو بكر الخطيب: الحَمْلُ فيه على جعفر. وهو مجهول".
قال الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(2/ 122): "ويقية كلام الخطيب: هذا حديث منكر". ونقل عن الإمام الدَّارَقُطْنِيّ قوله: "هذا باطلٌ موضوعٌ، والحَمْلُ فيه على جعفر بن محمد، وهو مجهول".
غريب الحديث:
قوله: "تبنى مدينة بين دِجْلَةَ ودُجَيْل، وقُطْرَبُّل والصَّرَاة":
(دِجْلَة): "النهر العظيم المشهور الذي يشق بغداد. . . "(مراصد الاطلاع)(2/ 515 - 516) وقد توسع في الكلام عنه.
و (دُجَيْل): "اسم نهر في موضعين أحدهما: مخرجه من أعلى بغداد. . . ودُجَيْل الآخر: نهر بالأهواز. . . ". "مراصد الاطلاع"(2/ 516). وفي حاشية محقق "المُؤْتَلِف والمُخْتَلِف"(2/ 984): "مدينة الدُّجَيْل ما تزال إلى الآن في شمال بغداد، جنوب مدينة سَامَرَّاء".
و (قُطْرَبُّل): قال صفي الدين البغدادي في "مراصد الاطلاع"(3/ 1106): بالضم، ثم السكون، وفتح الراء، وياء مشددة مضمومة، ولام. وقد روي بفتح أوله وثانيه، والباء مشددة مضمومة في الروايتين".
وقال السَّمْعَاني في "الأنساب"(10/ 190): بضم القاف وسكون الطاء المهملة وضم الراء والباء الموحدة، وفي آخرها اللام. . . وهي قرية من قرى بغداد، مذكورة في الأشعار. . . . ".
و"الصَّرَاة": "نهران بغداد: الصَّرَاةُ الكبرى، والصَّرَاةُ الصغرى. . . " مراصد الاطلاع" (2/ 836 - 837).
* * *
3 -
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عمر بن رَوْح النَّهْرَوانِيّ قال: أنبأنا طلحة بن أحمد بن الحسن الصُّوفي قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن صفوة، قال:
حدَّثنا يوسف بن سعيد قال: حدَّثنا خلف بن تَمِيم قال: حدَّثني عمَّار بن سيف، عن عاصم، عن أبي عثمان قال:
مَرَّ جَرِير بن عبد اللَّه بقنطرةِ الصَّرَاةِ، فقيل: يا صاحب رسول اللَّه ألا تنزل فتصيب من الغذاء؟ قال: فضرب خاصرة فرسه بسوطه، وقال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "تُبْنَى مدينة بين دِجْلَة ودُجَيْل، وقُطْرَبُّل والصَّرَاة، يُجْبَى إليها خزائن الأمصار وجبابرتها، يُخسف بها وبمن فيها، فلهي أسرعُ ذهابًا في الأرض من الوتد الحديد في الأرض الرَّخْوَة".
(1/ 28) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
* * *
4 -
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المُعَدَّل، والحسن بن عليّ الجَوْهَري، قالا: حدَّثنا عليّ بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ الورَّاق قال: حدَّثنا أبو عبيد محمد بن أحمد بن المؤَمَّل الصَّيْرَفِي قال: حدَّثنا محمد بن عليّ بن خَلَف قال: حدَّثنا حسين الأشقر، عن عمَّار بن سيف الضَّبِّيّ، عن عاصم، عن أبي عثمان النَّهْدِيّ قال:
سمعت جَرِير بن عبد اللَّه يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تُبْنَى مدينة بين دِجْلَةَ ودُجَيْل، وقُطْرَبُّل والصَّراة، يُجْبَى إليها خَرَاجُ أهل الدُّنيا وجبابرتها، لهي أسرع انقلابًا بأهلها من الوتد الحديد في الأرض الرَّخْوَةِ".
(1/ 28) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
* * *
5 -
أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد اللَّه بن بِشْرَان الواعظ قال: أنبأنا أحمد بن إسحاق بن نِيْخَاب
(1)
الطِّيْبِيّ قال: حدَّثنا بشر بن موسى قال: حدَّثنا الحسن بن حمَّاد قال: حدَّثنا إسحاق بن منصور السَّلُولي، عن عمَّار بن سيف قال: سمعت عاصمًا الأَحْول وسأله سفيان عن أبي عثمان،
عن جَرِير، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "تُبْنَى مدينة بين قُطْرَبُّل والصَّرَاة، ودِجْلَةَ ودُجَيْل، يخرج بها جبابرة أهل الأرض، ويُجْبَى إليها الخَرَاجُ، يخسف اللَّه بها، فلهي أسرعُ ذهابًا في الأرض من المِعْوَلِ في الأرض النَّخِرَة أو الخورة
(2)
".
(1/ 28 - 29) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
* * *
(1)
تَصَحَّف في المطبوع إلى "نيمخاب". والتصويب من "الأنساب"(8/ 289)، و"السِّيَر"(15/ 530).
(2)
هكذا في المطبوع. وفيما تقدم من روايات هذا الحديث وفيما سيأتي: "الرَّخْوَة"، إلَّا أنه سيأتي في حديث رقم (8)، بلفظ "الخَوَّارَة": أي الضعيفة.
6 -
أخبرني الحسن بن عليّ بن عبد اللَّه المُقْرِئ قال: حدَّثنا إسماعيل بن الحسن قال: حدَّثنا الحسين بن إسماعيل المَحَامِليّ قال: حدَّثنا محمد بن إشْكَاب قال: حدَّثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل قال: حدَّثنا عمَّار بن سيف الضَّبِّيّ، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدِيّ،
عن جَرِير -قال: كُنَّا معه بقُطْرَبُّل- فقال: ما هذه؟ قال: قُطْرَبُّل. قال: فضرب بطن فرسه حتى وقف خارجًا منها. ثم قال: إني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "تُبْنَى مدينةٌ دِجْلَةَ ودُجَيْل، والصَّراة وقُطْرَبُّل، يُجْبَى إليها خزائن الأرض وجبابرتها، يخسف بأهلها، فلهي أسرع هويًا في الأرض من وتد الحديد في الأرض الرَّخْوَةِ".
"قال عمَّار: سمعته يحدِّث به رجلًا. قال أبو غسَّان: فقلت له أنا: سفيان
(1)
؟ فقال: قد أخذ عليّ أن لا أسميه، ولم يقل لي. قال عمَّار: فشككت في بعضه فقوّمني فيه وقد حفظت إسناده من عاصم والحديث إلَّا الشيء".
(1/ 29) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
وقد روى الخطيب عقبه عن أحمد بن يعقوب المسعودي قال: "قلت لعمَّار بن سيف: سمعت هذا الحديث من عاصم؟ قال: لا. قلت: من حدَّثك عن عاصم؟ قال: رجل ثقة كأنك تسمعه منه -يعني حديث جَرِير تبني مدينة-.
قال الشيخ أبو بكر -يعني الخطيب-: هذا خلاف الحديث الذي بدأنا به
(2)
، لأنَّ عمّارًا ذكر في تلك الرواية أنَّه حضر الثَّوْري يسأل عاصمًا عنه، وفي هذه الرواية أنكر أن يكون سمعه من عاصم، واللَّه أعلم".
(1)
تَصَحَّف في المطبوع إلى: "فقلت له: أبا سفيان". والتصويب من "الموضوعات" لابن الجَوْزي (2/ 29).
(2)
يعني حديث رقم (2) المتقدم.
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
* * *
7 -
أخبرنا عبيد اللَّه بن أحمد بن محمد الحَرْبي القزَّاز قال: حدَّثنا أحمد بن سلمان الفقيه قال: حدَّثنا إدريس بن عبد الكريم قال: حدَّثنا أبو إبراهيم التَّرْجُمَاني.
وأخبرنا عليّ بن أبي عليّ قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر المعدَّل قال: حدَّثنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز البَغَوي، وعمر بن إسماعيل بن أبي غَيْلان، قالا: حدَّثنا إسماعيل بن إبراهيم التَّرْجُمَاني قال: حدَّثنا سيف بن محمد، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدِيّ قال:
كنت مع جَرِير بن عبد اللَّه، بقُطْرَبُّل. فقال: ما اسم هذه القرية؟ قال قلت: قُطْرَبُّل. قال: ثم أومأ إلى الدُّجَيْل. قال قلت: دُجَيْل. قال: ثم أومأ إلى دِجْلَة. قال قلت: دِجْلَة. قال: ثم أومأ إلى الصَّرَاة. قال قلت: ذاك يسمّى الصَّرَاة.
قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "تُبني مدينةٌ بين دِجْلَة ودُجَيْل، وقُطْرَبُّل والصَّرَاة، يُجْبَى إليها خزائن الأرض وكنوز الأرض وجبابرتها تخسف بأهلها، فلهي أسرع ذهابًا في الأرض من الوتد الحديد في الأرض الرَّخْوَةِ". "لفظ حديث إدريس".
(1/ 30) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
وقد سبق الكلام عليه في حديث رقم (2).
و (أبو إبراهيم التَّرْجُمَاني) هو (إسماعيل بن إبراهيم بن بسام): لا بأس به. وستأتي ترجمته في حديث (1329).
وشيخ الخطيب في الطريق الثاني (عليّ بن أبي عليّ) هو (عليّ بن المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ المُعَدَّل أبو القاسم) وهو صدوق. وستأتي ترجمته في حديث (1115).
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعلله في حديث رقم (2).
* * *
8 -
أخبرنا أبو الحسن عليّ بن حمزة بن أحمد -المؤذِّن بجامع البَصْرة- قال: نبأنا أبو القاسم عمر بن محمد بن سيف قال: نبأنا عمر بن الحسن
(1)
الحَلَبِي القاضي قال: نبأنا محمد بن سليمان لُوَيْن قال: نبأنا محمد بن جابر، عن عاصم، عن أبي عثمان،
عن جَرِير بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تُبْنى مدينةٌ بين دِجْلَة والدُّجَيْل، وقُطْرَبُّل والصَّرَاة، يُجْبَى إليها خَرَاج الأرض، وهي أسرع خسفًا من السِّكَّةِ في الأرض الخَوَّارَةِ".
(1/ 20) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
و (محمد بن جابر) هو (الحَنَفي اليَمَامي) وهو ضعيف، عَمِيَ فصار يُلَقَّنُ ويُلْحِق في كتبه ما ليس من حديثه. وستأتي ترجمته في حديث (980).
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى (الحسين). والتصويب من "سِيَر أعلام النبلاء"(14/ 254)، و"تاريخ بغداد"(11/ 221).
غريب الحديث:
قوله: "السِّكَّة": هي حديدة المِحْرَاث التي يحرث بها. انظر مادة (سك) في "القاموس المحيط" ص 1217 و"المعجم الأوسط" ص 440.
قوله: "الخَوَّارَة": أي الضعيفة. انظر مادة (خور) في "القاموس المحيط" ص 497.
* * *
9 -
أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن عليّ بن مَخْلَد الجَوْهَري قال: نبأنا أحمد بن موسى الشَّطَوِيّ قال: نبأنا الحسن بن الربيع قال: نبأنا أبو شِهَاب، عن عاصم، عن أبي عثمان،
عن جَرِير يرفعه: "تُبْنَي مدينةٌ بين دِجْلَةَ ودُجَيْل، وقُطْرَبُّل والصَّرَاة، لأَهْلُهَا أسرعُ هلاكًا في الأرض من السِّكَّةِ الحديد في الأرض الرَّخْوَةِ".
(1/ 30 - 31) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
و (أبو شهاب) هو (الحنَّاط الأصغر، عبد رَبِّه بن نافع الكِنَاني) وهو صدوق يَهِم. وستأتي ترجمته في حديث (248).
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
* * *
10 -
أخبرنا أبو القاسم إبراهيم بن عبد الواحد بن الخبَّاب الدَّلَّال، والحسن بن أبي بكر، قالا: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشَّافِعِي قال: حدَّثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: حدَّثنا يحيى بن مَعِين قال: حدَّثنا
يحيى بن أبي بُكَيْر قال: حدَّثنا عمَّار بن سيف قال: حدَّثنا سفيان الثَّوْري، عن عاصم، عن أبي عثمان،
عن جَرِير قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تُبنى مدينةٌ بين دِجْلَةَ ودُجَيْل، والصَّرَاة وقُطْرَبُّل، يجتمع فيها خزائن الأرض يخسف بها، فلهي أسرعُ ذهابًا في الأرض من الحديد -أو الحديدة- في الأرض الخَوَّارَةِ".
(1/ 31) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
قال الحافظ الخطيب في تاريخه (1/ 36) عند كلامه على علل هذا الحديث: "وقد رواه عمَّار بن سيف الضَّبِّي عن سفيان الثَّوْري، ورواه عن عمَّار جماعة نفر، منهم يحيى بن أبي بُكَيْر
(1)
الكَرْمَاني، وإسحاق بن بشر الكَاهِلي. وقد رواه عن يحيى بن أبي بُكَيْر: يحيى بن مَعِين، إلّا أنه لم يروه على أنَّه صحيح، وإنما رواه على المذاكرة، ثم عَرَّف محلَّه من الوهي. فقال: ليس بشيء".
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
* * *
11 -
أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب أبو بكر الخَوَارِزْمِي البَرْقَاني قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي قال: أخبرني الحسن بن سفيان، وحدَّثنا عمران بن موسى، قالا: حدَّثنا محمد بن الحسن الأَعْيَن أبو بكر قال: حدَّثنا
(1)
في المطبوع: "يحيى بن بُكَيْر". والتصويب من "السِّيَر"(9/ 497)، و"التهذيب"(11/ 190).
يحيى بن مَعِين قال: حدَّثنا يحيى بن أبي بُكَيْر، عن عمَّار بن سيف، عن سفيان الثَّوْري، عن عاصم، عن أبي عثمان،
عن جَرِير قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يكون خَسْفٌ بين دِجلَةَ ودُجَيْل، وقُطرَبُّل والصَّرَاة، بأمراء جبابرة، يخسف اللَّه بهم الأرض، ولهي أسرع بهم هويًا من الوتد اليابس في الأرض الرطبة".
(1/ 31) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
وانظر الحديث السابق رقم (10).
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
* * *
12 -
أخبرنا عليّ بن محمد بن عيسى بن موسى البزَّار قال: أنبأنا عليّ بن محمد بن أحمد المِصْرِيّ قال: نبأنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق قال: سمعت إبراهيم بن سعيد الجَوْهَري يقول: نبأنا إسماعيل بن أَبَان قال: نبأنا سفيان الثَّوْري،: عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان،
عن جَرِير، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه -يعني بنحو الحديث السابق برقم 11 - .
(1/ 31) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
* * *
13 -
حدَّثني الحسن بن أبي طالب قال: نبأنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن قال: نبأنا صالح بن أبي مُقَاتِل الحافظ قال: نبأنا محمد بن إشْكَاب قال: نبأنا عبد العزيز بن أَبَان قال: نبأنا سفيان، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان،
عن جَرِير بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تُبْنَي مدينةٌ بين دِجْلَةَ والدُّجَيْل، لهي أسرعُ خَرَابًا من السِّكَّةِ في الأرض الرَّخْوَةِ".
(1/ 31 - 32) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
* * *
14 -
أخبرني أبو الفرج الحسين بن عليّ الطَّنَاجِيريّ قال: أنبأنا عمر بن أبي الطيِّب الورَّاق قال: حدَّثنا عليّ بن أحمد بن نوح التُّسْتَرِيّ قال: حدَّثنا عِمْران بن عبد الرحمن شَاذَان قال: حدَّثنا إسماعيل بن نَجِيح قال: أنبأنا سفيان الثَّوْري، عن عاصم، عن أبي عثمان قال:
كنت مع جَرِير بالتَّلِ والتَّلُول، فقال: أين الدِّجْلَة؟ فقلت: هذه. فقال: أين الدُّجَيْل؟ فقلت: هذه. فقال: أين قُطْرَبُّل؟ قال قلت: هذه. فقال لي: النَّجَا النَّجَا، ارْتَحِلْ ارْتَحِلْ، فإنِّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "تُبني مدينةٌ بين
دِجْلَةَ ودُجَيْل، وقُطْرَبُّل والصَّرَاة، يُجْبَى إليها خزائن الأرض، لهي أشدُّ خَرَابًا من المِرْوَدِ في الأرض الرَّخْوَةِ".
(1/ 32) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
غريب الحديث:
قوله: "المِرْوَد": "الميلُ، وحَدِيدةٌ تدور في اللِّجامِ". "القاموس المحيط" مادة (رود) ص 362.
* * *
15 -
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أنبأنا عبد اللَّه بن إسحاق بن إبراهيم البَغَوي قال: نبأنا عمر بن إبراهيم أبو بكر الحافظ قال: حدَّثنا محمد بن عثمان بن مَخْلَد الوَاسِطي قال: حدَّثنا أبو سفيان عبيد اللَّه بن سفيان الغُدَانِيّ قال: نبأنا سفيان، عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدِيّ،
عن جَرِير بن عبد اللَّه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "تُبنى مدينةٌ بين نهرٍ يقال له: دِجْلَة، ونهرٍ يقال له: دُجَيْل، ونهرٍ يقال له: الصَّرَاة، يجتمع فيها ملوك أهل الأرض، وجبابرة أهل الأرض، وخزائن أهل الأرض، لهي أشدّ رسوخًا في الأرض من السِّكَّةِ الحديد".
(1/ 32) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
* * *
16 -
أخبرني أبو الحسين محمد بن أبي عليّ الأَصْبَهَاني قال: نبأنا محمد بن إسحاق القاضي، وعليّ بن محمد بن سعيد الأَهْوَازيان، قالا: نبأنا أبو الحسن أحمد بن الحسن القُرَشي قال: نبأنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونس قال: قلت لعبد الرزاق: أَحَدَّثَكَ سفيانُ الثَّوْري هذا الحديث؟ قال: نعم! عن عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان النَّهْدِيّ قال:
نزل جَرِير بن عبد اللَّه البَجَلي صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قُطْرَبُّل، فقال: أي نهرٍ هذا؟ قالوا: دِجْلَةَ ودُجَيْل. قال: هاهنا نهر سوى هذا؟ قالوا: نعم، نهر يقال له: الصَّرَاة، أسفل منه بفرسخ. فقال: الرَّحيل، الرَّحيل. سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"تُبْنَى مدينةٌ بين نهرين، يقال لهما: دِجْلَةَ ودُجَيْل، والآخر يقال له: الصَّرَاة، يجتمع فيها جبابرة الأرض، وملوك الأرض، وكنوز الأرض، لهي بهم أسرع رسوخًا في الأرض من سِكَّةِ حديد".
(1/ 32 - 33) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
التخريج:
تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
* * *
17 -
أخبرنا أبو الحسن عليّ بن يحيى بن جعفر بن عَبْدَكُوْيَه الإِمام -بأَصْبَهَان- قال: حدَّثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدَّثنا
عَلَّان بن عبد الصمد الطَّيَالِسِيّ قال: حدَّثنا أحمد بن مُطّهَّر المِصِّيْصِيّ قال: حدَّثنا صالح بن بَيَان الثَّقَفِيّ.
قال الطبراني: وحدَّثنا إبراهيم بن محمد التُّسْتَرِيّ الدَّسْتُوَائيّ قال: حدَّثنا سليمان بن الربيع النَّهْدِيّ قال: حدَّثنا هَمَّام بن مُسْلِم قال: حدَّثنا سفيان، عن أبي عبيدة.
وحدَّثني
(1)
الحسن بن أبي طالب -واللفظُ له- قال: حدَّثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم قال: حدَّثنا جعفر بن أحمد بن يحيى المَرْوَزِيّ المؤذِّن قال: حدَّثنا سليمان بن الربيع قال: حدَّثنا هَمَّام بن مُسْلِم قال: سمعتُ سفيانَ قال: حدَّثنا أبو عبيدة،
عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تُبْنَى مدينةٌ بين دِجْلَةَ ودُجَيْل، لهي أسرعُ ذهابًا في الأرض، مَنْ وَتَدِ الحديد في الأرض الرَّخْوَةِ".
(1/ 33) في (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد. . .).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففي طريقه الأول: (صالح بن بَيَان الثَّقَفِيّ السِّيرَافِيّ العَبْدِيّ السَّاحِلِيّ) وهو متروك. وستأتي ترجمته في حديث (1393).
وفي طريقه الثاني: (همَّام بن مُسْلِم الزَّاهد) وهو متروك أيضًا. وستأتي ترجمته في حديث (1323).
قال الحافظ الخطيب عقبه: "أبو عبيدة، هو: حُمَيْد الطويل. وهذا الإِسناد ليس بمحفوظ، وصالح بن بَيَان: ضعيف. وهمَّام بن مُسْلِم: مجهول. والمحفوظ: حديث عاصم الأَحْول، عن أبي عثمان، عن جَرِير".
(1)
القائل هو الحافظ الخطيب. و (الحسن بن أبي طالب = الحسن بن محمد بن الحسن الخلّال)، وهو أحد شيوخ الخطيب الثقات، وقد ترجم له في "تاريخه"(7/ 425).
التخريج:
رواه ابن عدي في "الكامل"(4/ 1384) -في ترجمة (صالح بن بَيَان السِّيرَافِيّ) - من طريق أحمد
(1)
بن مُطَهَّر المِصِّيْصيّ، عن صالح بن بَيَان، عن أبي عبيدة، عن أنس، به. وقال:"أبو عبيدة هذا، أظنه (حُمَيْد الطويل). وقد روي عن الثَّوْري هذا بإسناد آخر". وقال: هذا حديث منكر.
ورواه ابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 290) عن الخطيب وابن عدي من طرقهما السابقة.
وذكره الحافظ الذَّهَبيُّ في "الميزان"(2/ 290) في ترجمة (صالح بن بَيَان السِّيرَافِيّ) وقال: "هذا حديث باطل".
وأقرَّه الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(3/ 166 - 167).
والحديث معروف من رواية جَرِير بن عبد اللَّه البَجَلي، وقد تقدَّم تخريجه والكلام على طرقه وعللها في حديث رقم (2).
* * *
18 -
حدَّثنا أبو بكر البَرْقَاني -من كتابه- قال: قُرئ على: الحسين بن عليّ التَّمِيمي -وأنا أسمع-، حدَّثَكُم زَنْجُويَه بن محمد اللبَّاد قال: حدَّثنا سهل بن محمد بن يَعِيش الخُتَّلِيّ العَسْكَرِيّ أبو السَّرِيّ قال: حدَّثنا عمر بن يحيى قال: حدَّثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن رِبْعِيّ بن حِرَاش
(2)
،
عن حُذَيفَةَ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تكونُ وقعة بين زوراء". قالوا: وما الزوراء يا رسول اللَّه؟ قال: "مدينة بين أنهار في أرض
(1)
صُحِّفَ في "الكامل" المطبوع، و"اللآلي المصنوعة"(1/ 469)، و"الموضوعات" لابن الجَوْزي (2/ 62) إلى:"محمد"، والتصويب من "تاريخ بغداد"(5/ 167).
(2)
صُحِّفَ في المطبوع إلى "خراش" بالخاء المعجمة. والتصويب من "السِّيَر"(4/ 359)، و"التقريب"(1/ 243).
جُوخي
(1)
، يسكنها جبابرة أمتي، تُعَذَّبُ بأربعة أصناف، بخسف ومسخ وقذف".
قال البَرْقَاني: "ولم يذكر الرابع".
(1/ 38) في (بقية الأخبار التابعة لحديث أبي عثمان عن جَرِير لكونها في معناه).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففي إسناده (عمر بن يحيى). وقد أعلَّ ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 69) الحديث به، وقال:"قال أبو نُعَيْم الأصبهاني هو متروك الحديث".
وقد ترجم له الذَّهَبيُّ في "ميزان الاعتدال"(3/ 230) ونقل قول أبي نُعَيْم السابق، وقال:"أتي بحديث شبه موضوع عن شُعْبَة. . . " ثم ساقه، وهو حديث معاذ بن جَبَلٍ مرفوعًا:"قلوب بني آدم تلينُ في الشتاء. . . "! .
وقال الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(4/ 337 - 338): "وأظنه (عمر بن يحيى بن عمر بن أبي لممة بن عبد الرحمن) فقد رَوَى له الدَّارَقُطنِيّ في حديث مالك من روايته عن مالك وضعَّفه". ثم ساق بعض حديثه ونقل عن الدَّارَقُطنِيِّ قوله: "هذه الأحاديث لا تصحُّ عن مالك ومن دونه فيها ضعيف".
ولم أقف له على ترجمة في "الضعفاء" لأبي نُعَيْم الأصبهاني.
وشيخ الخطيب (أبو بكر البَرْقَاني) هو (أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب)، وهو ثقة من أشهر شيوخ الخطيب. وستأتي ترجمته في حديث (312).
(1)
هكذا في المطبوع. وقد ضبطها المصحح بضم الجيم. وفي "اللسان" مادة (جوخ)(3/ 13): "جاخ السيل الوادي يجوخُهُ جَوخًا: جَلَخَهُ وقلع أجرافه". وفي "القاموس" ص 319: "الجُوخَة بالضم: الحفرة".
وقال الحافظ الخطيب في تاريخ بغداد" (1/ 42) عقب روايته له ولأحاديث من جنسه: "وكلُّ هذه الأحاديث التي ذكرناها، واهية الأسانيد عند أهل العلم والمعرفة بالنقل لا يثبت بأمثالها حجّة. وأمَّا متونها فإنَّها غير محفوظة إلّا عن هذه الطرق الفاسدة".
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 61 - 62) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم.
وعزاه في "كنز العُمَّال"(14/ 279) رقم (38726) إلى الخطيب وحده.
وقد تقدَّم تخريجه موسعًا في حديث رقم (2) عن جَرِير بن عبد اللَّه مرفوعًا بنحوه.
* * *
19 -
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أنبأنا شُجَاع بن جعفر الأنصاري قال: حدَّثنا محمد بن زكريا الغَلَابي قال: حدَّثنا محمد بن عبد الرحمن بن القاسم التَّيْمِي قال: حدَّثنا أبي، عن يحيى بن عبد اللَّه بن حسن، عن أبيه، عن حسن بن حسن، عن محمد بن الحَنَفِيَّة.
قال
(1)
: وحَدَّثني عثمان بن عِمْران الحَنَفِي
(2)
، عن نَايِل بن نَجِيح، عن عمرو بن شِمْر
(3)
، عن أبي حَرْب بن أبي الأسود الدُّؤَلي، عن أبيه، قالا:
قال عليّ بن أبي طالب: سمعت حبيبي محمَّدًا صلى الله عليه وسلم يقول:
(1)
القائل هو (الغَلابي) كما في "الموضوعات"(2/ 61) لابن الجَوْزي.
(2)
تَصَحَّفَ في المطبوع إلى "العجيفي". والتصويب من "الثقات" لابن حِبَّان (8/ 453)، و"اللسان"(4/ 149).
(3)
تَصَحَّفَ في المطبوع إلى "سمر" بالسين المهملة. والتصويب من الجرح والتعديل (6/ 239)، و"التاريخ الكبير"(6/ 344)، وغيرهما.
"سيكون لِبَني عَمِّي مدينة من قبل المشرق، بين دِجْلَة ودُجَيْل، وقُطْرَبُّل والصَّرَاة، يشيد فيها بالخَشَبِ والآجُرِّ والجَصِّ والذَّهَبِ، يسكنها شرار خلق اللَّه وجبابرة أُمَّتي، أمَّا إنَّ هلاكها على يَدِ السُّفيَانِيّ، كأنِّي بها واللَّه قد صارت خاوية على عروشها".
(1/ 38) في (بقية الأخبار التابعة لحديث أبي عثمان عن جَرِير لكونها في معناه).
مرتبة الحديث:
موضوع.
قفي إسناده (محمد بن زكريا الغَلَابي) كذَّبه يحيى بن مَعِين والدَّارَقُطْنِيّ. وستأتي ترجمته في حديث (289).
قال السيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 477): "موضوع: آفته الغَلَابي".
كما أن فيه (عمرو بن شِمْر الجُعْفي الكوفي أبو عبد اللَّه) وهو متروك، وكذَّبه الجُوزَجَاني. وستأتي ترجمته في حديث (669).
وفيه أيضًا: (نائل بن نَجِيح الحَنَفِي أو الثَّقَفِيّ البَصْري أبو سهل) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (301).
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 60 - 61) عن الخطيب من طريقه السابق.
وقد تقدَّم تخريجه موسعًا في حديث رقم (2) عن جَرِير بن عبد اللَّه البَجَلي مرفوعًا بنحوه.
* * *
20 -
أخبرنا أبو نُعَيْم الحافظ قال: حدَّثنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدَّثنا عبد الرحمن بن حاتم أبو زيد المُرَادي قال: حدَّثنا نُعَيْم بن حمَّاد قال: حدَّثنا أبو عمر -صاحب لنا من أهل البَصْرة-، عن ابن لَهِيعَة، عن عبد الوهاب بن حسين، عن محمد بن ثابت، عن أبيه، عن الحارث،
عن ابن مسعود عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عَبَر السُّفْيَانيُّ الفُرَاتَ، وبلغ موضعًا يقال له: عاقَرْ قُوْفَا، مَحَا اللَّه الإِيمان من قلبه، فيقتل بها إلى نهرٍ يقال له الدُّجَيْل سبعين ألفًا متقلدين سيوفًا محلّاة، وما سواهم أكثر منهم، فيظهرون على بيت الذَّهَبِ، فيقتلون المقاتلة والأبطال، ويبقرون بطون النِّسَاءِ، يقولون لعلّها حُبْلَى بغلام، وتستغيث نِسْوةٌ من قُرَيْش على شاطئ دِجْلَة إلى المارَّة من أهل السفن، يطلبن إليهم أن يحملوهنَّ حتى يلقوهنَّ إلى النَّاس، فلا يحملوهنَّ بُغْضًا ببني هاشم، فلا تُبغضوا بني هاشم، فإنَّ منهم نبيَّ الرَّحمة، ومنهم الطيَّارُ في الجنَّة. فأمَّا النِّسَاء فإذا جنهنَّ الليل، أوين إلى أغْوَرِهَا مكانًا مخافة الفُسَّاق، ثم يأتيهم المدد من البَصْرة حتى يستنقذوا ما مع السُّفْيَانِيّ من الذَّرَارِي والنِّساء من بغداد والكوفة".
(1/ 39) في (بقية الأخبار التابعة لحديث أبي عثمان عن جَرِير لكونها في معناه).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففي إسناده: (محمد بن ثابت بن أَسْلَم البُنَاني البَصْري) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 507) وقال: "ليس بشيء". وقال مَرَّةً: "صالح الحديث".
2 -
"التاريخ الكبير"(1/ 50) وقال: "فيه نظر".
3 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 213 رقم (545) وقال: "ضعيف".
4 -
"الجرح والتعديل"(7/ 217) وفيه عن ابن مَعِين: "ليس بقوي". وقال عَفَّان: "ضعيف الحديث". وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتجُّ به، منكر الحديث". وقال أبو زُرْعَة: "لَيِّنٌ".
5 -
"المجروحين"(2/ 252) وقال: "يروي عن أبيه ومحمد بن المُنْكَدِر. . . يروي عن أبيه ما ليس من حديثه، كأنه ثابت آخر، لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه على قلَّته".
6 -
"الكامل"(6/ 2147 - 2148) وقال بعد أن ذكر بعض حديثه: "وهذه الأحاديث مع غيرها مما لم أذكره عامّتها ممَّا لا يتابع محمد بن ثابت عليه".
7 -
"التهذيب"(9/ 82 - 83) وفيه عن أبي داود والدَّارَقُطْنِيّ: "ضعيف". وقال يعقوب بن سفيان: "ليس بالقويّ". وقال الحاكم: "هو عزيز الحديث ولم يأت بمتن منكر"! ! ! وقال الأَزْدِيّ: "ساقط".
8 -
"التقريب"(2/ 148): "ضعيف، من السابعة"/ ت.
كما أنَّ فيه (عبد الوهاب بن حسين) وقد ترجم له في "اللسان"(4/ 87) وقال: "عن محمد بن ثابت، وعنه ابن لَهِيعة. أخرج له الحاكم في كتاب الأهوال من "المستدرك" حديثًا، وقال: "أخرجته تعجبًا. وعبد الوهاب: مجهول. قال الذَّهَبِيّ في "تلخيصه": "قلت ذا الخبر موضوع".
أقول: ولم أقف على حديثه في "المستدرك" المطبوع في كتاب الأهوال، واللَّه أعلم.
كما أنَّ فيه (عبد اللَّه بن لَهِيعة بن عُقْبة الحَضْرَمي المِصْري)، قال الحافظ الذَّهَبِيُّ عنه في "الكاشف" (2/ 109):"العمل على تضعيف حديثه". وستأتي ترجمته في حديث (196).
كما أنَّ فيه (نُعَيْم بن حمَّاد بن معاوية الخُزَاعي)، قال الحافظ الذَّهَبِيّ عنه في:
"سِيرَ أعلام النبلاء"(10/ 609): "لا يجوز لأحد أن يحتجَّ به. وقد صنَّف كتاب "الفتن" فأتي فيه بعجائب ومناكير". وقال في (10/ 600) منه: "نُعَيْمٌ من كبار أوعية العلم، لكنَّه لا تَرْكَنُ النَّفْسُ إلى رواياته". وستأتي ترجمته في حديث (346).
كما أَنَّ فيه جهالة (أبو عمر) الذي روى عنه نُعَيْم بن حمَّاد.
و(عبد الرحمن بن حاتم المُرَادِيّ أبو زيد) شيخ الطبراني، لم أقف له على ترجمة.
و(الحارث) لم يتعين لي من هو.
التخريج:
رواه نُعَيْمَ بن حمَّاد في كتاب "الفتن"(1/ 304 - 305) رقم (885)، من الطريق التي رواها الخطيب عنه.
ولم أقف على من ذكره غير ابن عرَّاق في "تنزيه الشريعة" في الفصل الثالث (2/ 350) -وهو الفصل الذي ضمنه ابن عرّاق ما زاده السيوطي على ابن الجَوْزي في كتابه "الموضوعات"-، وقال بعد عزوه له لـ (نُعَيْم بن حمَّاد):"وفيه مجهولون وضعفاء. قلت -القائل ابن عرَّاق-: هذا لا يقتضي الحكم عليه بالوضع، لكنه فيه رَكَّة ظاهرة واللَّه تعالى أعلم".
أقول: ما تقدَّم في بيان حال رجال إسناده، والرَّكَّةُ الظاهرة في لفظه، كفاية في عَدِّه من جملة الموضوعات.
والحافظ السيوطي مع تساهله المعروف اعتبره من الموضوعات، واللَّه أعلم.
غريب الحديث:
قوله: "السُّفْيَانِيّ": هو (أبو الحسن علي بن عبد اللَّه بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان القُرَشيّ الأُمَويّ الدِّمَشْقِيّ، ويعرف بأبي العَمَيْطَر). قال ابن
كثير في "البداية والنهاية"(10/ 227) -في حوادث (سنة خمس وتسعين ومائة) -: "وفي ذي الحِجّة من هذه السنة ظهر أمر السُّفْيَانِيّ بالشام. . . فعزل نائب الشام عنها، ودعا إلى نفسه، فبعث إليه الأمين جيشًا فلم يقدموا عليه بل أقاموا بالرَّقَّة".
وقال الحافظ ابن حَجَر في "تبصير المنتبه"(2/ 735): "والسُّفْيَانيُّ الذي كاد أن يتملُّك بعد مَقْتَلِ الأمين هو: أبو العَمَيْطَر عليّ بن عبد اللَّه، من ولد أبي سفيان بن حَرْب. قلت -القائل ابن حَجَر-: والسُّفْيَانيُّ المذكور في كتب الملاحم والفتن أنَّه يخرجُ في آخر الزمان، يقال: إنَّ بعض آل أبي سفيان وضع خبره لمَّا زالت دولتهم".
وانظر الآثار الواردة في السُّفْيَاني وأخباره: "الفتن" للحافظ أبي عبد اللَّه نُعَيْم بن حمَّاد المَرْوَزِيّ: (1/ 278 - 354) -وهو من أوسع المصادر في ذلك-، و"المستدرك" للحاكم (4/ 468 - 469)، و"سِيَر أعلام النبلاء" للذَّهَبِيِّ (9/ 284 - 286).
وانظر الحديث التالي رقم (21).
* * *
21 -
أخبرنا أبو القاسم عليّ بن محمد بن عيسى البزَّار
(1)
قال: أنبأنا عليّ بن محمد بن أحمد المِصْري قال: نبأنا عبد الملك بن يحيى بن عبد اللَّه بن بُكَيْر أبو الوليد قال: نبأنا يحيى
(2)
بن عبد اللَّه بن بُكيْر قال: حدَّثني الهِقْل بن زياد قال: حدَّثني الأَوْزَاعِيّ قال: حدَّث أبو أسماء الرَّحَبِي أنَّه سمع
(1)
هكذا في المطبوع: "البزَّار" بالراء المهملة. وفي ترجمته في "تاريخ بغداد": "البزاز" بالزاي المعجمة في الموضعين معًا.
(2)
تَصَحَّفَ في المطبوع إلى: "نبأنا أبو يحيى". والتصويب من ترجمته في "التهذيب"(11/ 237)، وكنية (يحيى بن عبد اللَّه بن بُكَيْر):"أبو زكريا".
ثَوْبَانَ يُحَدِّثُ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يخرج السُّفْيَانِيُّ حتى ينزل دمشق، فيبعث جيشين: جيشًا إلى المدينة خمسة عشر ألفًا، ينتهبون المدينة ثلاثة أيام ولياليهن، ثم يسيرون متوجهين إلى مكَّة". (وذكر الحديث).
وقال: "ثم يسير جيشه الآخر في ثلاثين ألفًا، وعليهم رَجُلٌ من كَلْبٍ، حتى يأتوا بغداد، فيقتلون بها ثلاثمائة كبش من ولد العبَّاس، ويبقرون بها ثلاثمائة امرأة".
قال ثَوْبَان: فسمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "وذلك بما قدّمت أيديهم، وما اللَّه بظلّامٍ للعبيد. فيقتلون ببغداد أكثر من خمسمائة ألف".
"وذكر حديثًا في الملاحم طويلًا كتبنا منه هذا".
(1/ 39 - 40) في (بقية الأخبار التابعة لحديث أبي عثمان عن جَرِير لكونها في معناه).
مرتبة الحديث:
في إسناده انقطاع بين الأَوْزَاعِيّ وبين أبي أسماء الرَّحَبِي عمرو بن مَرْثَد. فـ (أبو أسماء الرَّحَبِي) توفي في خلافة (عبد الملك بن مروان) كما في "التقريب"(2/ 78)، ووفاة الخليفة (عبد الملك بن مروان) كانت سنة (86 هـ) كما في "السِّيَر" (4/ 249). وولادة الأَوْزَاعِيّ كانت سنة (88 هـ) كما ذكره الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر" (7/ 109) عن أبي مُسْهِر وطائفة. فيكون مولده بعد وفاة (أبي أسماء الرَّحَبِي). ولذا نجد الأَوْزَاعِيّ رحمه الله يقول في الإِسناد:"حدَّث أبو أسماء الرَّحَبِي".
كما أنَّ فيه (عبد الملك بن يحيى بن عبد اللَّه بن بُكَيْر) لم أقف له على ترجمة. وذكروا في ترجمة أبيه أنه روى عنه.
وبقية رجال الإِسناد ثقات عدا (يحيى بن عبد اللَّه بن بُكَيْر) فإنّه صدوق. وستأتي ترجمته في حديث (543).
و (الأَوْزَاعِيُّ) هو (عبد الرحمن بن عمرو بن يُحْمِد أبو عمرو): شيخ الإِسلام وعالم أهل الشام، فقيهٌ ثقةٌ جليلٌ، وحديثه مُخَرَّجٌ في الكتب الستة. توفي عام (157 هـ). انظر ترجمته في:"السِّيَر"(7/ 107 - 134)، و"التهذيب"(6/ 238 - 242).
و(أبو أسماء الرَّحَبِي) هو (عمرو بن مَرْثَد الدِّمَشْقِي): تابعي ثقة. انظر: "التهذيب"(8/ 99)، و"التقريب"(2/ 78).
التخريج:
لم أقف عليه في كُلِّ ما رجعت إليه.
لكن روى الحاكم في "المستدرك"(4/ 520) من طريق الوليد بن مُسْلِم، حدَّثنا الأَوْزَاعِيّ، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: "يخرج رجل يقال له السُّفْيَانِيّ في عمق دمشق، وعامَّة من يتبعه من كلب، فيقتل حتى يبقر بطون النساء، ويقتل الصبيان، فتجمع لهم قيس، فيقتلها حتى لا يمنع ذَنَب تَلْعَةٍ
(1)
، ويخرج رجلٌ من أهل بيتي في الحرّة، فيبلغ السُّفْيَانيّ، فيبعث إليه جندًا من جنده فيهزمهم، فيسير إليه السُّفْيَانِيّ بمن معه، حتى إذا صار ببيداء من الأرض خُسِفَ بهم فلا ينجو منهم إلّا المخبرُ عنهم".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإِسناد على شرط الشيخين ولم يخرِّجاه". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
أقول: في إسناده (يحيى بن أبي كثير اليَمَامي) قال الحافظ عنه في "التقريب"(2/ 356): "ثقة ثَبْت لكنه يدلِّس ويُرْسِل".
وانظر الحديث السابق رقم (20).
* * *
(1)
قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 194) في مادة (تلع): "ومنه الحديث "فيجيء مطر لا يُمْنَعُ منه ذَنَبُ تَلْعَة" يريد كثرته وأنه لا يخلو منه موضع. والحديث الآخر: "ليَضْرِبنهم المؤمنون حتى لا يمنعوا ذَنَبَ تَلْعَة".".
22 -
أخبرنا أبو طالب محمد بن عليّ بن إبراهيم البيضاوي قال: أنبأنا محمد بن العبَّاس الخزَّاز قال: أنبأنا ابن المُجَدَّر قال: حدَّثنا داود بن رُشَيْد قال: حدَّثنا عبد اللَّه بن جعفر قال: أنبأنا عبيد اللَّه بن عمر، عن خُبَيْب
(1)
بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم،
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "النِّيلُ، والفُرَاتُ، ودِجْلَةُ، وسَيْحَانُ، وجَيْحَانُ، مِنْ أنهارِ الجَنَّةِ".
(1/ 54 - 55) في (ذكر نهري بغداد دِجْلَة والفرات وما جعل اللَّه فيهما من المنافع والبركات).
مرتبة الحديث:
منكر من هذا الطريق لزيادة ذكر نهر "دِجْلَةَ" مع الأنهار الأربعة، وهو صحيح من دونها.
ففي إسناده (عبد اللَّه بن جعفر بن نَجِيح السَّعْدِي المَدَني أبو جعفر -والد الإِمام عليّ بن المَدِيني-) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (1328).
وقد خالفَ الثقات الذين رووه عن (عبيد اللَّه بن عمر العُمَري) من دون ذكر نهر "دِجْلَة" مع الأنهار الأربعة الأخرى؛ رواه أبو أسامة حمّاد بن أسامة القرشي، وعبد اللَّه بن نُمَيْر، وعلي بن مُسْهِر، ومحمد بن بشر -كما في "صحيح مسلم" في كتاب الجنة، باب ما في الدنيا من أنهار الجنة (4/ 2183) رقم (2839) - عن عبيد اللَّه بن عمر، عن خُبَيْب، به، دون ذكر نهر "دِجْلَة".
و (ابن المُجَدَّر) هو (محمد بن هارون بن حُمَيْد بن المُجَدَّر): وثَّقه الحافظ الخطيب. وقال الذَّهَبِيُّ: "صدوق مشهور، لكن فيه نَصْبٌ وانحراف". وستأتي ترجمته في حديث (483).
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى "حبيب" بالحاء المهملة. والتصويب من "تهذيب الكمال"(8/ 228)، وغيره.
التخريج:
رواه مسلم في الجنَّة، باب ما في الدنيا من أنهار الجنة (4/ 2183) رقم (2839)، وأحمد في "المسند"(2/ 289 و 440) من طريق عبيد اللَّه بن عمر العُمَري، عن خُبَيْب، به. دون ذكر نهر (دِجْلَة) مع الأنهار الأربعة الأخرى.
ورواه أحمد في "المسند"(2/ 261)، وأبو يَعْلَى في "مسنده"(10/ 327) رقم (5921)، والخطيب في "تاريخه"(1/ 54) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هريرة مرفوعًا، بدون ذكر (دِجْلَة) أيضًا.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 452) بزيادة ذكر (دِجْلَة) إلى الخطيب وحده.
* * *
23 -
أخبرنا إبراهيم بن عبد الواحد بن محمد بن الحُبَاب الدَّلَّال قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشَّافِعِي قال: نبأنا محمد بن أحمد بن بَرْد قال: نبأنا محمد بن عيسى بن الطبَّاع.
وأخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى بن عبد العزيز البزَّار -بهَمَذَان، واللفظ له- قال: حدَّثنا أبو العبَّاس أحمد بن محمد بن الحسن الرَّازِيّ قال: حدَّثنا أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن طَرْخَان البَلْخي قال: حدَّثنا أَحْيَد بن الحسين -قرأت عليه-، أنَّ محمد بن حفص حدَّثهم قال: نبأنا الربيع بن بَدْر، عن الأَعْمَش، عن شَقِيق،
عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ينزلُ في الفُرَاتِ كُلَّ يومٍ مثاقيلُ مِنْ بَرَكَةِ الجَنَّةِ".
(1/ 55) في (ذكر نهري دِجْلَة والفرات وما جعل اللَّه فيهما من المنافع والبركات).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا.
ففيه: (الربيع بن بَدْر التَّمِيمي السَّعْدي البَصْري) وهو متروك. وستأتي ترجمته في حديث (531).
و (شَقِيق) هو (ابن سَلَمَة الأَسَدِيّ الكوفي أبو وائل): ثقةٌ مُخَضْرَمٌ. وستأتي ترجمته في حديث (1177).
و (الأَعْمَش) هو (سليمان بن مِهْران الأَسَدي الكَاهِلي): إمام ثقة حافظ، شيخ المقرئين والمحدِّثين. وستأتي ترجمته في حديث (190).
التخريج:
رواه ابن عدي في "الكامل"(3/ 988 - 989) في ترجمة (الربيع بن بدر)، من طريق محمد بن عيسى، عن الربيع بن بدر، به، بلفظ:"ما من يوم إلَّا ينزل مثاقيل من بركات الجنَّة في الفُرَات".
وقال: "هذا أعرفه من حديث الربيع بن بدر عن الأَعْمَش".
وعن ابن عدي من طريقه هذا، رواه ابن الجَوْزي في "العدل" (1/ 41) وقال:"هذا حديث لا يصحُّ". وأعلّه بـ (الربيع بن بدر) وذكر بعض أقوال العلماء فيه.
وعزاه السيوطي في "الجامع الكبير"(1/ 1017) باللفظ المتقدِّم إلى الخطيب وحده. وعزاه في (1/ 723) بلفظ ابن عدي السابق إلى (ابن مَرْدُوْيَه) فقط!!.
* * *
24 -
أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي -بالبَصْرة- قال: حدَّثنا عبد الرحمن بن أحمد الخُتُّلي قال: حدَّثني عبد اللَّه بن محمد بن علي البَلْخي قال: حدَّثنا محمد بن أَبَان قال: حدَّثنا أبو معاوية، عن الحسن بن سالم بن أبي الجَعْد، عن أبيه،
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ليس في الأرض من الجَنَّةِ إلَّا ثلاثة أشياءٍ: غَرْسُ العَجْوَةِ، وأَوَاقٌ تَنْزِلُ في الفُرَاتِ كُلَّ يومٍ مِنْ بَرَكَةِ الجَنَّةِ، والحَجَرُ".
(1/ 55) في (ذكر نهري دِجْلَة والفرات وما جعل اللَّه فيهما من المنافع والبركات).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. وفي مَتْنِهِ نَكَارَةٌ.
وقد صَحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّ: العَجْوَةَ والحَجَرَ الأسود من الجنَّة.
في إسناده (الحسن بن سالم بن أبي الجَعْد) ترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح"(3/ 15) وذكر فيه قول ابن مَعِين: "صالح"، ولم يذكر غيره.
و(أبو معاوية) هو (الضَّرير، محمد بن خَازِم الكوفي) وهو ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (424).
و(محمد بن أَبَان) يغلب عندي أنه (محمد بن أبان بن وزير البَلْخي أبو بكر المُسْتَمْلِي)، فقد ذكر المِزِّيّ في "تهذيب الكمال"(3/ 1156 - مخطوط-) في ترجمته، روايته عن أبي معاوية الضرير. وهو "ثقة حافظ" كما قال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب" (2/ 140). وانظر:"التهذيب"(9/ 3 - 4). وهناك من طبقته راو آخر اسمه (محمد بن أَبَان) وهو (محمد بن أَبَان بن عليّ بن أبان البَلْخي) ترجم له في "التهذيب"(9/ 4 - 5) -تمييزًا- وقال: "هو في طبقة الذي قبله -يعني محمد بن أَبَان بن وزير أبو بكر المُسْتَمْلي-". ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا. وذكره في "التقريب"(2/ 140) وقال: "مستور". وقد ذكره الحافظ المِزِّيّ من قبل في "تهذيب الكمال"(3/ 1156 - مخطوط-) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا، ولم يذكر له رواية عن أبي معاوية الضَّرير، بعكس الأول، واللَّه أعلم.
وبقية رجال الإِسناد ثقات.
لكن في المتن نكارة، وذلك في قوله:"ليس في الأرض من الجَنَّة إلّا ثلاثة أشياء" وذكرها. وفي هذا نفي لما عَدَاهَا، وقد تقدَّم في حديث رقم (22) أنّ مُسْلِمًا وأحمد وأبا يَعْلَى رووا من حديث أبي هريرة مرفوعًا:"سَيْحَانُ وجَيْحَانُ، والفُرَاتُ والنِّيلُ، كُلٌّ مِنْ أنهارِ الجَنَّةِ"، واللَّه تبارك وتعالى أعلم.
التخريج:
عزاه في "الجامع الكبير"(1/ 610) إلى ابن مَرْدُوْيَه، والخطيب، والدَّيْلَمي، بلفظ:"ليس من الجنَّة في الأرض شيء إلَّا ثلاثةَ أشياءٍ: غَرْسُ العَجْوَةِ، والحَجَرُ، وأَوَاقٍ تَنْزِلُ في الفُرَاتِ كُلَّ يومٍ بَرَكَةً مِنَ الجَنَّةِ".
وبهذا اللفظ ذكره في "الجامع الصغير"(5/ 318) بشرح "فيض القدير"، وعزاه إلى الخطيب ورمز له بالضعف، ولم يتكلَّم المُنَاوي في "فيض القدير" عليه بشيء. بينما قال في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 328):"إسناده ضعيف".
وما ذُكِرَ في الحديث من كون (العَجْوَة) و (الحَجَر الأسود) من الجنَّة، قد صحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. انظر في "العجوة":"جامع الأصول"(7/ 522 - 523)، و"مجمع الزوائد"(5/ 87 - 89). وانظر حديث (2221) من هذا الكتاب.
وانظر في "الحَجَر الأسود": "جامع الأصول"(9/ 275)، و"مجمع الزوائد"(3/ 242 - 243)، و"الترغيب والترهيب"(2/ 194 - 195)، و"المقاصد الحسنة" ص 184.
* * *
25 -
أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن عليّ بن المُنْذِر القاضي، وأبو القاسم عليّ بن محمد بن عليّ بن يعقوب الإِيَادي، وأبو عليّ الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شَاذَان البزَّاز
(1)
-قال الإِيَادي: حدَّثنا. وقالا: أخبرنا- محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشَّافِعِي قال: نبأنا محمد بن إسماعيل السُّلَمي قال: نبأنا سعيد بن سَابِق -زاد ابن المنذر وابن شَاذَان: أبو عثمان من أهل رشيد. ثم اتفقوا- قال: حدَّثني مَسْلَمَة بن عليّ، عن مُقَاتِل بن
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى "الحسن بن أحمد وإبراهيم بن شاذان البزار". والصواب ما ذكرت. انظر: "السِّيَر"(17/ 415)، و"المُنْتَظَم"(8/ 86).
حَيَّان
(1)
، عن عِكْرِمَة،
عن ابن عبَّاس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"أنزل اللَّه من الجنَّة إلى الأرض خمسة أنهار: سَيْحُون وهو نهر الهند، وجَيْجُون وهو نهر بَلْخ، ودِجْلَة والفُرَات وهما نهرا العراق، والنِّيل وهو نهر مِصْر. أنزلها اللَّه تعالى من عين واحدة من عيون الجنَّة من أسفل درجة من درجاتها، على جناحي جبريل، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعل فيها منافع للنَّاس في أصناف معايشهم، فذلك قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} [سورة المؤمنون: الآية 18]، فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج: أرسل اللَّه تعالى جبريل فرفع من الأرض القرآن -زاد ابن المنذر وشاذان: والعلم كُلَّه. ثم اتفقوا-، والحَجَر من رُكْنِ البيت، ومَقَام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء. فذلك قوله تعالى: {وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [سورة المؤمنون: الآية 18]. فإذا رُفِعَت هذه الأشياء من الأرض، فَقَد أهلها خَيْرَ الدِّين وخير الدُّنْيَا -وقال الإِيَادي: خير الدنيا والآخرة-".
(1/ 57 - 58) في (ذكر نهري دِجْلَة والفرات وما جعل اللَّه فيهما من المنافع والبركات).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. ومَتْنُهُ مُنْكَرٌ.
ففيه (مَسْلَمَة بن عليّ الخُشَنيّ الدِّمَشْقِيّ البَلَاطيّ أبو سعيد) وهو متروك. قال الحاكم: "روى عن الأَوْزَاعِي والزُّبَيْدي المناكير والموضوعات". وستأتي ترجمته وفي حديث (1689).
و(سعيد بن سَابِق) ترجم له في "الجرح والتعديل"(4/ 30 - 31)، وفيه
(1)
تَصَحَّفَ في المطبوع إلى "حبان" بالباء الموحدة. والتصويب من "الجرح والتعديل"(8/ 353)، و"السِّيَر"(6/ 340).
عن أبي حاتم: "كان حسن الفهم بالفقه وكان مُحَدِّثًا". ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا. كما ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير"(3/ 20) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا أيضًا. وذكره ابن حِبَّان في "الثقات"(6/ 361).
وبقية رجال الإِسناد كلُّهم ثقات، عدا شيخ الخطيب الأول (الحسن بن الحسن بن عليّ بن المنذر القاضي أبو القاسم) فقد ترجم له في "تاريخه"(7/ 304 - 315)، وقال:"كان صدوقًا ضابطًا، صحيح النقل، كثير الكتاب، حسن الفهم".
التخريج:
رواه ابن عدي في "الكامل"(6/ 2316)، وابن حِبَّان في "المجروحين"(3/ 34 - 35) -كلاهما في ترجمة (مَسْلَمَة بن عليّ الخُشَني) -، من طريق سعيد بن سَابِق، عن مَسْلَمَة، به.
لكن وقع لفظ أوله عند ابن حِبَّان: "أنزل اللَّه من الجنَّة إلى الأرض خمسة أنهار: سَيْحُون وجَيْجُون وهو نهر بَلْخ. . . ".
قال ابن عدي عقبه: هذا حديث غير محفوظ، وهو منكر المتن.
وذكره أبو الفضل المَقْدِسي المعروف بابن القَيْسَراني في كتابه "معرفة التذكرة في الأحاديث الموضوعة" ص 128 وقال: "فيه مَسْلَمة
(1)
بن عليّ ليس بشيء".
وقال السيوطي في "الدُّر المنثور"(6/ 95): أخرجه ابن مَرْدُوْيَه، والخطيب، بإسناد ضعيف.
* * *
(1)
صُحِّفَ في "المعرفة" إلى "سلمة". والتصويب من مصادر التخريج، والمصادر التي ترجمت له وستأتي في حديث (1689).
26 -
أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال: نبأنا أبو الحسن عليّ بن إسحاق بن محمد بن البَخْتَريّ المَادَرَائِيّ قال: نبأنا أبو قِلَابة الرَّقَاشيّ.
وأخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن محمد بن داود الرَّزَّاز قال: أنبأنا أحمد بن سلمان النَّجَّاد قال: أنبأنا أبو قِلَابة الرَّقَاشيّ -قراءةً عليه- قال: نبأنا أبو ربيعة قال: نبأنا أبو عَوَانَة، عن الأَعْمَش، عن الضَّحَّاك،
عن ابن عبَّاس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مِنَّا السَّفَّاحُ، ومِنَّا المنصورُ، ومِنَّا المَهْدِيُّ".
"قال النَّجَّادُ: هكذا قرأهُ علينا أبو قِلَابة مرفوعًا".
(1/ 62 - 63) في (باب من أخبار أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. ومَتْنُهُ مُنْكَرٌ.
فهو منقطع أولًا بين (الضَّحَّاك بن مُزَاحِم الهِلالي الخُرَاساني) وبين (عبد اللَّه بن عبَّاس) فإنّه لم يسمع منه. وقد صرَّح الضَّحَّاك نفسه بعدم رؤيته لابن عبّاس وسماعه منه. انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم ص 85 - 87.
كما أَنَّ فيه (أبو ربيعة) وهو (زيد بن عَوْف القُطَعِيّ البَصْريّ، ولقبه: فهد) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ الدَّارِمي عن ابن مَعِين" ص 248 رقم (965) وقال: "ليس لي به علم، لا أعرفه، لم أكتب عنه".
2 -
"الجرح والتعديل"(3/ 570 - 571) وفيه عن عمرو بن علي الفلَّاس: "متروك الحديث". وقال أبو حاتم: "كان عليّ بن المَدِيني يتكلَّم فيه". وقال أبو حاتم: "تَعْرِفُ وتُنْكِرُ -وحرَّك يَدَهُ-".
3 -
"الكامل"(3/ 1066) وفيه عن البخاري: "تركه عليٌّ وغيره". وقال ابن عدي: "أكثر رواياته عن أبي عَوَانَة، وهو مشهور في البصريين، وينفرد عن أبي عَوَانة بغير شيء، وعن غيره، ولم أر في حديثه منكرًا لا يشبه حديث أهل الصدق"! ! .
4 -
"ميزان الاعتدال"(2/ 105) وقال: "تركوه. وقال الدَّارَقُطْنِيّ: ضعيف. . . وذكره أبو زُرْعَة واتهمه بسرقة حديثين".
لكن تابعه (يحيى بن غَيْلان الخُزَاعي الأَسْلَمِي) -وهو ثقة. انظر: "التهذيب"(11/ 263 - 264) - عند البيهقي كما سيأتي.
كما أنَّ فيه (أبو قِلَابة الرَّقَاشيّ) وهو (عبد الملك بن محمد البَصْري) وهو صدوق يخطئ. وستأتي ترجمته في حديث (381).
و(أبو عَوَانَة) هو (وضَّاح بن عبد اللَّه اليَشْكُري): ثقة ثَبْت. وستأتي ترجمته في حديث (353).
التخريج:
رواه البيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 514) من طريق محمد بن الفرج الأَزْرَق، حدَّثنا يحيى بن غَيْلان، حدَّثنا أبو عَوَانَة، به.
ومن هذا الطريق سيرويه الخطيب في الحديث التالي رقم (27).
وعن الخطيب من طريقَيْه، رواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية" (1/ 289 - 290) وقال:"هذا حديث لا يصحُّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. ففي طريقه الأول: أبو قِلَابة عبد الملك بن محمد، قال الدَّارَقُطْنِيّ: هو كثير الخطأ ويحدِّث من حفظه فكثر خطؤه. وفيه أبو ربيعة، واسمه زيد بن عوف، وقد سبق آنفًا القدح فيه. وفي طريقه الثاني: محمد بن الفرج، قال الدَّارَقُطْنِيّ: هو ضعيف ويُطْعَنُ عليه في اعتقاده. ثم في الطريقين: الضحّاك، وقد ضعَّفه يحيى بن سعيد، وكان لا يحدِّث عنه".
أقول: (محمد بن الفرج الأَزْرَق أبو بكر) قال الذَّهَبِيُّ عنه في "الميزان"(4/ 4): "صدوق". وقال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب"(2/ 200): "صدوق ربما وهم". وستأتي ترجمته في حديث (1516).
أمَّا (الضَّحَّاك بن مُزَاحِم) فقد وثَّقه أحمد وابن مَعِين وأبو زُرْعَة وغيرهم. وقال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب"(1/ 373): "صدوق كثير الإِرسال". وستأتي ترجمته في حديث (688).
والحديث ذكره ابن كثير في "البداية والنهاية"(6/ 246) عن البيهقي من طريقه المتقدِّم، وقال:"هذا إسناد ضعيف، والضحَّاك لم يسمع من ابن عبَّاس شيئًا على الصحيح، فهو منقطع".
وقال الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(4/ 4) في ترجمة (محمد بن الفرج الأَزْرَق): "وجدت
(1)
له حديثًا منكرًا، مَتْنُهُ:"مِنَّا السفَّاح، ومِنَّا المنصور" رواه عن يحيى بن غَيْلان، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن الأَعْمَش، عن الضَّحَاك، عن ابن عبَّاس مرفوعًا. وهذا في أول (تاريخ) الخطيب".
قال الحافظ ابن حَجَر في "التهذيب"(9/ 399) في ترجمته، بعد أن ذكر كلام الذَّهَبِيّ المتقدِّم:"أخطأ في رفعه، والحديث مروي من طرق إلى ابن عبَّاس موقوفًا".
ورواه الخطيب في "تاريخه"(1/ 63 - 64) مطوَّلًا من طريق حَنْظَلَة، عن طاووس، عن ابن عبَّاس مرفوعًا. وهو موضوع. وسيأتي برقم (28).
وقال ابن الجَوْزي في "العلل"(1/ 291) بعد أن رواه من هذا الطريق: "وهذا الحديث لا يصحُّ". ثم أشار إلى الرواية الآتية من طريق المِنْهَال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاس موقوفًا. وقال:"وكُلُّ هذه الأشياء لا تثبت لا موقوفةً ولا مرفوعةً".
(1)
في "الميزان": "وحدّث". وما هو مثبت من "التهذيب"(9/ 399).
وعزاه في "كنز العُمَّال"(14/ 270) رقم (38687) إلى أبي نُعَيْم، والبيهقي، كلاهما في "دلائل النبوة" عن ابن عبَّاس مرفوعًا.
ورواه الدُّولابي في "الكُنَى"(1/ 141)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 514)، والخطيب في "تاريخه"(1/ 64)، من طريق أبي خَيْثَمة زهير بن معاوية، عن مَيْسَرة بن حَبيب، عن المِنْهَال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاس موقوفًا عليه من قوله.
قال الحافظ الذَّهَبِيُّ في "سِيَر أعلام النبلاء"(7/ 84) في ترجمة الخليفة أبي جعفر المنصور، بعد أن ذكر هذا الطريق الموقوف:"إسناده جيِّد". وعلَّق عليه محققه بقوله: "هو كما قال المؤلف، لكن في مَتْنِهِ نَكَارة".
ورواه الحاكم في "المستدرك"(4/ 514) مطوَّلًا، من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن المُهَاجِر، عن أبيه، عن مجاهد، عن ابن عبَّاس موقوفًا عليه من قوله، وأوله:"مِنَّا أهل البيت أربعة: مِنَّا السفّاحُ، ومِنَّا المُنْذِرُ، ومِنَّا المنصورُ، ومِنَّا المَهْدِيُّ. . . ". ثم بين ابن عبَّاس رضي الله عنه حال كلّ واحد من هؤلاء الأربعة.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرِّجاه". وتعقَّبه الذَّهَبِيُّ بقوله: "أين منه الصِّحَّة؟ ! وإسماعيل: مُجْمَعٌ على ضعفه. وأبوه ليس بذاك".
ورواه البيهقي في "دلائل النبوة"(6/ 513 - 514) مطوَّلًا، من طريق يعقوب بن سفيان، حدَّثني إبراهيم بن أيوب، حدَّثنا الوليد، حدَّثنا عبد الملك بن حُمَيْد بن أبي غَنِيَّة، عن المِنْهَال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاس موقوفًا عليه من قوله.
أقول: في إسناده (إبراهيم بن أيوب الحَوْرَانيّ) وهو ضعيف كما قال أبو الطاهر أحمد بن محمد المَقْدِسي. انظر "اللسان"(1/ 36).
وقد رواه الخطيب وابن عساكر مطوَّلًا من حديث أبي سعيد الخُدْري مرفوعًا بإسناد ضعيف، وسيأتي برقم (1435).
قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"(6/ 247 - 248): "وقد نطقت الأحاديث التي أوردناها آنفًا بالسفَّاح والمنصور والمهديّ، ولا شك أنَّ المهديّ الذي هو ابن المنصور ثالث خلفاء بني العبَّاس، ليس هو المهديّ الذي وردت الأحاديث المستفيضة بذكره، وأنّه يكون في آخر الزمان. . . وأمَّا السفّاح فقد تقدَّم أنَّه يكون في آخر الزمان، فبعد أن يكون هو الذي بويع أول خلفاء بني العبَّاس، فقد يكون خليفة آخر، وهذا هو الظاهر. . . هذا كلُّه تفريع على صحّة هذه الأحاديث، وإلَّا فلا يخلو سَنَدٌ منها عن كلام، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم بالصواب".
وقال ابن قَيِّم الجَوْزِيّة في "المَنَار المُنِيف" ص 117: "كلُّ حديث في مَدْحِ المنصور والسَّفَّاح والرشيد فهو كذب".
* * *
27 -
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: نبأنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن زياد القَطَّان قال: نبأنا محمد بن الفرج الأَزْرَق قال: نبأنا يحيى بن غَيْلان قال: نبأنا أبو عَوَانَة، عن الأَعْمَش، عن الضَّحَّاك بن مُزَاحِم،
عن عبد اللَّه بن عبَّاس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"مِنّا السَّفَّاحُ والمنصورُ والمَهْدِيُّ".
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. ومَتْنُهُ مُنْكَرٌ.
وقد سبق الكلام عليه في الحديث السابق رقم (26).
التخريج:
تقدَّم تخريجه في الحديث السابق رقم (26).
* * *
28 -
حدَّثني الحسن بن أبي طالب قال: حدَّثنا عمر بن أحمد الواعظ قال: نبأنا عبد اللَّه بن سليمان الأشعث، ومحمد بن عليّ بن سهل الزَّعْفَرَاني، ومحمد بن الحسين بن حُمَيْد بن الربيع الخزَّاز.
وأخبرنا أبو القاسم الأَزْهَرِي قال: نبأنا محمد بن المُظَفَّر الحافظ قال: نبأنا أبو سهل محمد بن عليّ الزَّعْفَراني، قالوا: نبأنا أحمد بن راشد الهِلالي قال: نبأنا سعيد بن خُثَيْم
(1)
، عن حَنْظَلة، عن طاووس،
عن ابن عبَّاس قال: حدَّثتني أُمُّ الفضل بنت الحارث الهِلالية قالت: مررتُ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو في الحِجْر، فقال:"يا أُمَّ الفضل إنَّك حَامِلٌ بغلام". قالت: يا رسول اللَّه وكيف وقد تحالف الفريقان أن لا يأتوا النِّسَاءَ؟ قال: "هو ما أقول لك. فإذا وضعتيه فائتني به". قالت: فلمَّا وضعته أتيت به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَأَذَّنَ في أُذُنِهِ اليُمْنَى، وأَقَامَ في أُذُنِهِ اليُسْرَى. وقال:"اذهبي بأبي الخُلَفَاءِ". قالت: فأتيت العبّاس فأعلمته، وكان
(2)
رجلًا جميلًا لبّاسًا، فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قام إليه، فَقَبَّلَ بين عينيه، ثم أقعده عن يمينه. ثم قال:"هذا عَمِّي فمن شاء فَلْيُبَاهِ بعمِّهِ". قال
(3)
: يا رسول اللَّه بعض هذا القول؟ فقال: "يا عبّاس لم لا أقول هذا القول وأنت عمِّي وصنو أبي، وخير من أُخَلِّف بعدي من أهلي". فقلت: يا رسول اللَّه ما شيءٌ أخبرتني به أُمُّ الفضل عن مولودنا هذا؟ قال: "نعم يا عبَّاس، إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة فهي لك ولولدك، منهم السَّفَّاحُ، ومنهم المنصورُ، ومنهم المَهْدِيُّ". "لفظ حديث الحسن".
(1/ 63 - 64) في (باب من أخبار أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور).
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى: "خيثم". والتصويب من "المعجم الكبير" للطبراني (10/ 290)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر ص (178)، و"تهذيب الكمال"(10/ 413).
(2)
في المطبوع: "فكان". والتصويب من "المعجم الكبير"، و"تاريخ دمشق".
(3)
في المطبوع: "قالت". والتصويب من "المعجم الكبير"، و"مجمع الزوائد"(9/ 275).
مرتبة الحديث:
موضوع.
في إسناده (أحمد بن راشد بن خُثَيْم الهِلالي) وقد ترجم له في:
1 -
"الجرح والتعديل"(2/ 51) وسمّاه (أحمد بن رشد) وقال: "روى عن عمِّه سعيد بن خُثَيْم". ولم يَذْكُرْ فيه جرحًا أو تعديلًا.
2 -
"الثقات" لابن حِبَّان (8/ 40).
3 -
"ميزان الاعتدال"(1/ 97) وقال: "عن سعيد بن خُثَيْم بخبر باطل في ذكر بني العبَّاس". ثم ساق الحديث المتقدِّم ببعضه وقال: "فسرد حديثًا ركيكًا فيه: "إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة فهي لك ولولدك، منهم السَّفَّاح". رواه أبو بكر بن أبي داود وجماعة عن أحمد بن راشد، فهو الذي اخْتَلَقَهُ بِجَهْلٍ".
وأقرَّه الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(1/ 171 - 172).
و(حَنْظَلَة) هو (ابن أبي سفيان بن عبد الرحمن القُرَشِيّ الجُمَحِيّ المَكِّيّ): وهو ثقة حجَّة، أخرج له: الستة، توفي سنة (151 هـ). انظر ترجمته في:"تهذيب الكمال"(7/ 443 - 447)، و"السِّيَر"(6/ 336 - 338).
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 289 - 290) رقم (10580)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ص 178 - 179، من طريق أحمد بن رشد بن خُثَيْم الهِلالي، عن عَمِّه سعيد بن خُثَيْم، به.
لكن ليس عند الطبراني قوله في آخر الحديث: "نعم يا عبَّاس، إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة فهي لك ولولدك، منهم السَّفَّاحُ، ومنهم المنصورُ، ومنهم المَهْدِيُّ".
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 276): "رواه الطبراني وإسناده حسن"! ! ! .
وقوله منتقد بما تقدَّم، وسيأتي أنَّ الهيثمي قد ناقض نفسه في الحُكْم عليه.
ورواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 291) عن الخطيب من طريقه المتقدَّم، وقال:"وهذا الحديث لا يصحُّ في إسناده حَنْظَلَة، قال يحيى بن سعيد: كان قد اختلط. وقال يحيى بن مَعِين: ليس بشيء. وقال أحمد: منكر الحديث يأتي بأعاجيب. . . ".
أقول: إعلال ابن الجَوْزي له بـ (حَنْظَلَة) خطأ من وجهين:
الأول: أنَّ (حَنْظَلَة) في إسناد الخطيب، ليس هو (حَنْظَلَة السَّدُوسي) الذي نقل ابن الجَوْزي تضعيفه عن يحيى بن سعيد، ويحيى بن مَعِين، وأحمد. فإنّه لم يرو عن طاووس، كما أنَّ سعيد بن خُثَيْم لم يرو عنه. انظر "تهذيب الكمال"(7/ 447 - 451)، و"التهذيب"(3/ 62).
والذي في إسناد الخطيب هو (حَنْظَلَة بن أبي سفيان القُرَشِي الجُمَحِي المَكِّي) وهو ثقة ثَبْت. فإنَّه هو الذي يروي عن طاووس، ويروي عنه سعيد بن خُثَيْم. انظر "تهذيب الكمال"(7/ 443 - 447).
الثاني: أنَّ علَّة الحديث هو (أحمد بن راشد بن خُثَيْم الهِلالي) كما قاله الإمام الذَّهَبيُّ فيما تقدَّم عنه.
ولم يتنبه محقق "العلل المتناهية" لذلك كلَّه.
والحديث ذكره ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة"(2/ 25) -في الفصل الثالث وهو مما زاده السيوطي على ابن الجوزي- وعزاه للخطيب، وذكر قول الذَّهَبِيّ السابق، وأضاف:"وقال -يعني الذَّهَبِيّ- في "تلخيص الواهيات": باطل بيقين، والآفة فيه من أحمد بن راشد، إذ رواته معروفون ثقات سواه، واللَّه أعلم".
ورواه الطبراني في المعجم الأوسط" بتمامه الذي عند الخطيب، وبزيادة في آخره هي: "وهي في أولادهم حتى يكون آخرهم الذي يصلِّي بالمسيح عيسى ابن مريم".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 187) بعد أن ذكره عن ابن عبَّاس بطوله: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه أحمد بن راشد الهِلالي وقد اتُّهِمَ بهذا الحديث".
وهذا من الهيثمي خلاف قوله المتقدِّم بتحسين إسناده، مع أنه من رواية (أحمد بن راشد الهلالي)!!!.
وقد ذكر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه المولى في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"(3/ 34 - 35) رواية الطبراني في "المعجم الكبير" المتقدمة، وقال:"هذا إسناد فيه ضعف، أحمد بن رشد قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 51): "روى عنه أبي، وسمع منه أيام عبيد اللَّه بن موسى أحاديث أربعة، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا".
وكلامه هذا منتقد بما تقدَّم من أنَّ الحديث موضوع، وأَنَّ آفته (أحمد بن رشد) هذا كما قال الإِمام الذَّهَبِيُّ.
وانظر حديث رقم (26) في قوله: "مِنَّا السَّفَّاحُ ومِنَّا المنصورُ ومِنَّا المَهْدِيّ".
* * *
29 -
قرأت على الحسن بن أبي بكر، عن أحمد بن كامل القاضي قال: حدَّثني محمد بن موسى، عن محمد بن أبي السَّرِيّ، عن الهيثم بن عدي قال: لما بُني للمهدي قصره بالرُّصَافة، دخل يطوف فيه ومعه أبو البَخْتَري وَهْب بن وَهْب قال فقال له: هل تروي في هذا شيئًا؟ قال: نعم. حدَّثني جعفر بن محمد،
عن أبيه أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "خير صحونكم ما سافرت فيه أبصاركم".
(1/ 82) في (خبر بناء الرُّصَافة).
مرتبة الحديث:
موضوع.
وآفته (أبو البَخْتَري وَهْب بن وَهْب القُرَشي القاضي)، وهو أحد الكذَّابين المشهورين بالوضع. وستأتي ترجمته في حديث (970).
و (جعفر بن محمد) هو (ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد اللَّه، المعروف بالصَّادق) وهو إمام ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (418).
وأبوه هو (محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، أبو جعفر البَاقِر) وهو إمام تابعي ثقة فقيه. وستأتي ترجمته في حديث (418).
وعلى ذلك فالحديث مرسل أيضًا.
التخريج:
لم يروه غير الخطيب فيما وقفت عليه. ولم يظهر لي معناه، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
30 -
أخبرنا أبو نُعَيْم أحمد بن عبد اللَّه الحافظ بأَصْبَهان قال: نبأنا محمد بن أحمد بن الحسن، نبأنا إسحاق بن الحسن الحَرْبي، نبأنا هَوْذَة بن خَلِيفة قال: نبأنا عَوْف، عن ميمون قال:
حدَّثني البَرَاء بن عازب قال: لما كان حين أَمَرَنَا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، عرضت لنا في بعض الخندق صخرة عظيمة شديدة، لا تأخذ فيها المَعَاوِلُ. قال: فاشتكينا ذلك إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلما رآها ألقى ثوبه، وأخذ المِعْوَلَ، فقال:"بسم اللَّه"، ثم ضرب ضربة فكسر ثلثها، وقال:"اللَّه أكبر أُعْطِيتُ مفاتيح الشّام، واللَّه إنِّي لأُبْصِرُ قصورها الحُمْر السَّاعة"
ثم ضرب الثانية فقطع ثلثًا آخر، فقال:"اللَّه أكبر، أُعْطِيتُ مفاتيح فارس، واللَّه إنّي لأُبْصِرُ قصر المدائن الأبيض".
ثم ضرب الثالثة، وقال:"بسم اللَّه" فقطع بقية الحَجَرِ، وقال:"اللَّه أكبر، أُعْطِيتُ مفاتيح اليمن، واللَّه إنّي لأُبْصِرُ أبواب صَنْعَاء من مكاني هذا السَّاعة".
(1/ 131 - 132) في (ذكر بشارة النبيَّ صلى الله عليه وسلم أصحابه أنَّ اللَّه يفتح المدائن على أُمَّته).
مرتبة الحديث:
حسن بشواهده.
ورجال إسناده كلَّهم ثقات، عدا (ميمون أبي عبد اللَّه البَصْري الكِنْدي، مولي عبد الرحمن بن سَمُرَة، قيل اسم أبيه أَسْتَاذ) وقد ترجم له في:
1 -
"العلل ومعرفة الرجال" لأحمد بن حنبل (1/ 359) وقال: "ميمون أبو عبد اللَّه: فَسْلٌ"(1). وفي (2/ 165) عن شُعْبَة بن الحجَّاج: "كان فَسْلًا"
(1)
2 -
"التاريخ الكبير" للبخاري (7/ 339) وفيه عن عليّ بن المَدِيني: "كان يحيى -يعني ابن سعيد القطَّان- لا يحدِّث عنها".
3 -
"الجرح والتعديل"(8/ 234 - 235) وفيه أنَّ ابن المَدِيني سأل يحيى بن سعيد القطَّان عنه، فَحَمَّضَ وجهه. وفيه عن أحمد بن حنبل:"أحاديثه مناكير". وقال ابن أبي حاتم: "ذكر أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن مَعِين أنه قال: ميمون أبو عبد اللَّه: لا شيء"
(2)
.
(1)
الفَسْلُ: "هو الرَّذْلُ النَّذْلُ الذي لا مُروءة له ولا جلد. والجمع: أَفْسُلٌ وفُسُولٌ وفِسَالٌ وفُسْلٌ"، "لسان العرب" مادة (فسل)(11/ 519). وهذا من الإمام شُعْبَة وأحمد تضعيف له.
(2)
أقول: ورد هذا النص عن ابن مَعِين ومن هذا الطريق في "البداية والنهاية" لابن كثير (4/ 101) أنه قال: "ثقة"! ! !
4 -
"الثقات" لابن حِبَّان (5/ 418) وقال: "كان يحيى القطَّان يُسيء الرأي فيه".
5 -
"التهذيب"(10/ 393 - 394) وفيه عن أبي داود: "تُكُلِّمَ فيه". وفيه عن النَّسَائي في "الكُنَي": "ليس بالقويّ". وقال الحاكم أبو أحمد: "ليس بالقويّ عندهم".
6 -
"التقريب"(2/ 292) وقال: "ضعيف. . . من الرابعة"/ ت س ق.
وعدا (هَوْذَة بن خَلِيفة الثَّقَفِي البَكْراوي) فإنَّه صدوق. وستأتي ترجمته في حديث (137).
و(عَوْف) هو (ابن أبي جَمِيلة الأَعْرَابي العَبْدي البَصْري)، وهو ثقة أخرج له السنة. انظر ترجمته في:"السِّيَر"(6/ 383 - 384)، و"التهذيب"(8/ 166 - 167)، و"التقريب"(2/ 89).
و(محمد بن أحمد بن الحسن) هو (البغدادي ابن الصَّوَّاف أبو عليّ)، وهو إمام ثقة حجَّة، توفي عام (359 هـ). انظر ترجمته في:"تاريخ بغداد"(1/ 289)، و"سِيَر أعلام النبلاء"(16/ 184 - 185).
ومع ضعف (ميمون أبي عبد اللَّه البَصْري)، فإنَّ الحافظ ابن حَجَر في "فتح الباري" (7/ 397) في المغازي باب غزوة الخندق: حَسَّنَ إسناده! وقال الإِمام محمد بن يوسف الصَّالحي الشَّامي في "سبل الهدى والرشاد"(4/ 518): إسناده جيِّد!
والحديث له شواهد يحسن بمجموعها، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
التخريج:
رواه أحمد في "المسند"(4/ 303)، وأبو بكر بن أبي شَيْبَة في "مصنَّفه"(14/ 421 - 422)، والنَّسَائي في "السنن الكبرى" في كتاب السِّيَر -كما في
"تحفة الأشراف" للمِزِّيّ (2/ 65) رقم (1918) -، وأبو نُعَيْم في "دلائل النبوة"(2/ 639) رقم (430)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 421)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 180 - 181) -مخطوط-، من طريق عَوْف بن أبي جَمِيلة، عن ميمون، عنه، به.
قال الإمام ابن كثير في "البداية والنهاية"(4/ 101): "هذا حديث غريب. . . تفرَّد به ميمون بن أَسْتَاذ". وذكر بعض ما ذكر فيه ممَّا تقدَّم.
وقال الهيثمي في "المجمع"(6/ 131): "رواه أحمد وفيه ميمون أبو عبد اللَّه، وثَّقه ابن حِبَّان، وضعَّفه جماعة، وبقية رجاله ثقات".
قال الإمام الحافظ ابن حَجَر في "فتح الباري"(7/ 397) -عند شرحه الحديث جابر الذي رواه البخاري في المغازي، باب غزوة الخندق (7/ 395) رقم (4101): "إنَّا يومَ الخَنْدَقِ نَحْفِرُ فَعَرَضَتْ كَيْدَةٌ
(1)
شديدةٌ، فجاؤوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذه كُدْيَةٌ عَرَضَتْ في الخَنْدَقِ، فقال: أنا نَازِلٌ، ثم قام وبطنُهُ معصوبٌ بحَجَرٍ، ولبثنا ثلاثة أيامٍ لا نذوقُ ذَوَاقًا، فأخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المِعْوَلَ فضربَ في الكُدْيَةِ فعاد كَثيبًا أَهْيَلَ. . . " - قال:"وقع عند أحمد والنَّسائي في هذه القِصَّة زيادة بإسناد حسن من حديث البراء بن عازب" ثم ذكر هذه الزيادة في إبصار النبيّ صلى الله عليه وسلم لقصور الشام وفارس وأبواب صنعاء. وقال: "وللطبراني من حديث عبد اللَّه بن عمرو نحوه. وأخرجه البيهقي مطوَّلًا من طريق كثير بن عبد الرحمن بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جَدِّه. . . وأخرجه الطبراني من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص نحوه".
وذكر الإمام محمد بن يوسف الصَّالحي الشَّامي في "سبل الهُدَى والرشاد"(4/ 518 - 519) شواهده أيضًا. فعزاه إلى: ابن سعد، وابن جرير، وابن
(1)
وفي بعض روايات "الصحيح": "كُدْيَة". وهي القطعة الغليظة الصلبة من الأرض التي لا تعمل فيها الفأس. انظر "فتح الباري"(7/ 396)، و"النهاية"(4/ 156).
أبي حاتم، عن عمرو بن عوف. وأبي نُعَيْم عن أنس. والحارث والطبراني عن ابن عمر. والطبراني بإسناد جيِّد عن ابن عبَّاس. والبيهقي وأبي نُعَيْم من طريقين عن ابن شِهَاب ومحمد بن عمر عن شيوخه. وابن إسحاق عن شيوخه.
وانظر في شواهده أيضًا: "جامع الأصول"(11/ 395 - 396)، و"مجمع الزوائد"(6/ 131 - 132)، و"دلائل النبوة" للبيهقي (3/ 415 - 421)، و"دلائل النبوة" لأبي نُعَيْم الأصبهاني (2/ 638 - 639)، و"البداية والنهاية"(4/ 99 - 102)، و"الخصائص الكبرى" للسُّيُوطيّ (1/ 228 - 229).
* * *
31 -
أخبرنا محمد بن الحسين القطَّان، أنبأنا أحمد بن كامل القاضي قال: حدَّثني داود بن محمد بن أبي مَعْشَر قال: نبأنا أبي قال: نبأنا أبو مَعْشَر،
عن بعض المشيخة قال: كتب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى كِسْرَى عظيم فارس: "أَنْ أَسْلِمْ تَسْلَمْ. من شَهِدَ شَهَادَتَنَا، واستقبل قِبْلَتَنَا، وأكل ذَبِيحتنا، فله ذِمَّةُ اللَّه ورسوله".
فلما قرأ الكتاب، قال: عجز صاحبكم أن يكتب إليِّ إلَّا في كُرَاع.
قال: فدعا بالجَلَمين فقطعه، ثم دعا بالنَّار فأحرقه، ثم ندم، فقال: لا بد أن أُهدي له هَدِيَّةً. قال فكلَّمه عبد اللَّه بن حُذَافة كلامًا شديدًا. قال فأدرج له شققًا من ديباج وحرير، فأهداها لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
قال: فبلغنا أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "مَزَّقَ كِسْرَى كتابي! ليُمَزِّقَنَّ اللَّهُ مُلْكَهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ، ثم لَيَهْلِكنَّ كِسْرَى ثم لا يكونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَلَيهْلِكَنَّ قَيْصَرُ ثم لا يكونُ قَيْصَرُ بَعْدَهُ، ولَتُنْفِقُنَّ كنوزَهُمَا في سبيل اللَّه".
(1/ 132) في (ذكر بشارة النبيِّ صلى الله عليه وسلم أصحابه أنَّ اللَّه يفتح المدائن على أُمَّته).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
وقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه أرسل كتابًا إلى كسرى وأنَّه قام بتمزيقه. كما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "ليهلكن كسرى ثم لا يكون كسرى بعده" إلى آخر الحديث.
وفي الإسناد جهالة من روى عنه (أبو مَعْشَر).
كما أنَّ (أبا مَعْشَر) وهو (نَجِيح بن عبد الرحمن السِّنْدِيّ)، نفسه ضعيف، وقد تفرَّد بأحاديث، وأَسَنَّ واختلط اختلاطًا شديدًا. وستأتي ترجمته في حديث (789).
وفيه حفيده (داود بن محمد بن أبي مَعْشَر نَجِيح بن عبد الرحمن أبو سليمان)، ترجم له الخطيب في "تاريخه"(8/ 376) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا، ولم أقف على من ذكره بذلك.
و(أحمد بن كامل بن خلف القاضي): لَيَّنَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وقال: كان متساهلًا. ومشّاه غيره كما قال الذَّهَبِيُّ. وستأتي ترجمته في حديث (500).
و(محمد بن أبي مَعْشَر نَجِيح بن عبد الرحمن السِّنْدِيّ) قال الحافظ ابن حَجَر عنه في "التقريب"(2/ 263): "صدوق، من العاشرة"/ ت. وانظر: "التهذيب"(9/ 487 - 488).
وشيخ الخطيب (محمد بن الحسين القطَّان الأَزْرَق): مُجْمَعٌ على ثقته. وستأتي ترجمته في حديث (176).
التخريج:
لم يروه بهذا السياق غير الخطيب فيما وقفت عليه.
وقد عزاه في "الجامع الكبير"(1/ 742 - 743 و 848) إلى الخطيب وحده.
وقد روى البخاري في المغازي، باب كتاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر (8/ 126) رقم (4424)، وغير موضع، وأحمد في "المسند"(1/ 243 - 440 و 305)، وابن سعد في "الطبقات"(4/ 189)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(4/ 387)، عن ابن عبّاس:"أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث بكتابهِ إلى كِسْرَى مع عبد اللَّه بن حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، فأمره أن يَدْفَعَهُ إلى عظيم البَحْرَيْنِ، فدفعهُ عظيمُ البحرين إلى كسرى، فلمَّا قرأهُ مَزَّقَةُ -فَحَسِبتُ أنَّ ابنَ المسيَّب قال-: فَدَعَا عليهم رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَنْ يُمَزَّقوا كُلَّ مُمَزَّقٍ".
قال الحافظ ابن حَجَر في "الفتح"(8/ 127): "قوله (فَحَسِبْتُ أَنَّ ابنَ المسيَّبِ): القائل هو: الزُّهْرِيّ
(1)
. وهو موصول بالإسناد المذكور، ووقع في جميع الطرق مرسلًا. ويحتمل أن يكون ابن المسيَّب سمعه من عبد اللَّه بن حُذَافَة صاحب القصَّة، فإنَّ ابن سعد ذكر في حديثه أنه قال:"فقرأ عليه كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخذه فمزَّقه".
وقد روى ابن سعد في "الطبقات"(1/ 259 - 260) من حديث جماعة من الصحابة بأسانيد كلّها من طريق محمد بن عمر الأَسْلَمي الوَاقِدِي -وهو متروك، وقد دخل حديث بعضهم في حديث بعض- أنَّهم قالوا: وبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، عبد اللَّه بن حُذَافَة السَّهْمِيّ -وهو أحد الستة
(2)
- إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام وكتب معه كتابًا، قال عبد اللَّه: فدفعت إليه كتاب رسول اللَّه
(1)
ورد في رواية أحمد في "المسند"(1/ 243) التصريح بأن القائل هو ابن شهاب الزُّهْرِيّ.
(2)
الرسل الذين أرسلهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام. انظر "الطبقات" لابن سعد (1/ 258).
صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، فَقُرئ عليه، ثم أخذه فمَزَّقَهُ، فلمّا بلغ ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: اللَّهُمَّ مَزِّقَ مُلْكَهُ".
وقد رواه ابن أبي شَيْبَة في "مصنَّفه"(14/ 337 - 338) عن سعيد بن المسيَّب مرسلًا وفيه أنَّ سعيدًا قال: "فمَزَّقَ كسرى الكتاب ولم ينظر فيه. قال نبيُّ اللَّه: مُزِّقَ ومُزِّقَتْ أُمَّته".
ورواه الإمام البيهقي في "دلائل النبوة"(4/ 387 - 388) من حديث عبد الرحمن بن القارئ مرسلًا.
وذكره الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"(4/ 269) عن محمد بن إسحاق، عن عبد اللَّه بن أبي بكر، عن أبي سَلَمَة مُرْسلًا أيضًا.
أمَّا قوله صلى الله عليه وسلم: "لَيَهْلكَنَّ كِسرى ثم لا يكونُ كِسرى بعده، ولَيَهْلِكَنَّ قيصرُ ثم لا يكونُ قيصر بعده. ولَتُنْفِقُنَّ كنوزَهما في سبيل اللَّه عز وجل". فقد رواه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (6/ 625) رقم (3618) و (3619)، ومسلم في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت (4/ 2236 - 2237) رقم (2918) و (2919)، وغيرهما، من حديث أبي هريرة، ومن حديث جابر بن سَمُرَة. وسيأتي برقم (662) من حديث أبي سعيد الخُدْري أيضًا.
غريب الحديث:
قوله: "الجَلَمين": "الجَلَمُ: ما يُجَزُّ به". "القاموس المحيط" مادة (جلم) ص 1407.
* * *
32 -
أخبرنا عليّ بن القاسم البَصْري قال: نبأنا عليّ بن إسحاق المَادَرَائي قال: أنبأنا الصَّنْعَاني محمد بن إسحاق قال: نبأنا إسماعيل بن أَبَان الوَرَّاق قال: حدَّثنا أبو عبد اللَّه المُحَلِّمِيّ، عن سِمَاك،
عن جابر بن سَمُرَة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: "من أَشْقَى الأولين"؟ قال: عاقر النَّاقة. قال: "فمن أَشْقَى الآخرين"؟ قال: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "قاتلك".
(1/ 135) في ترجمة (أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والحديث صحيح بشواهده.
ففي إسناده (أبو عبد اللَّه المُحَلِّمِيّ) وهو (ناصح بن عبد اللَّه التَّمِيمي الحَائِك) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (732).
كما أنَّ في إسناده (سِمَاك) وهو (ابن حَرْب بن أَوْس الذُّهْلِيّ) وهو ثقة تغيّر بأَخَرَةٍ، فكان ربما يُلَقَّن. وستأتي ترجمته في حديث (1312).
وبقية رجال الإِسناد ثقات.
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 276) رقم (2037)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(12/ 413) -مخطوط-، من طريق يوسف بن موسى، عن إسماعيل بن أَبَان، به. وأوله عندهما:"مَنْ أشقى ثمود".
ورواه ابن عساكر عقبه عن الخطيب من طريقه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 136) بعد أن عزاه للطبراني: "فيه ناصح أبو عبد اللَّه وهو متروك".
لكن للحديث شواهد من حديث عليّ، وعمَّار بن ياسر، وصهيب الرُّومي، يصحُّ بمجموعها. انظر:"خصائص عليّ" للنَّسَائي، مع حاشية المحقق ص 162 - 194، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (12/ 410 - 413 - مخطوط-)، و"مجمع الزوائد"(9/ 136 - 137).
وسيأتي برقم (1795) من حديث عليّ بن أبي طالب، وصحَّحه الحاكم وأقرَّه الذَّهبِيُّ. وقال الهيثمي:"إسناده حسن".
* * *
33 -
أخبرنا محمد بن أحمد بن رِزْق قال: حدَّثنا عبد الصمد بن عليّ بن محمد قال: حدَّثنا الحسين بن سعيد بن أزهر السُّلَمِي قال: حدَّثني قاسم بن يحيى بن زيد بن عليّ قال: نبأنا أبو حفص الأَعْشَى، عن أَبَان بن تَغْلِب، عن أبي جعفر، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن عليّ،
عن عليّ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الحسنُ والحسينُ سَيَّدَا شَبَابِ أهلِ الجَنَّةِ. وأبوهُمَا خَيْرٌ منهما".
(1/ 140) في ترجمة (الحسن بن عليّ بن أبي طالب).
مرتبة الحديث:
في إسناده (الحسين بن سعيد بن أَزْهَر السُّلَمِي) و (القاسم بن يحيى بن الحسن بن زيد بن عليّ)، لم أقف على من ترجم لهما.
كما أنَّ فيه (أبو حفص الأَعْشَى)، لم أقف على من ذكره غير الذَّهَبِيّ في "المُقْتَنَى في سَرْد الكُنَى" (1/ 195) فيمن لم يقف على أسمائهم وقال:"أبو حفص الأعشى عن ياسين بن معاذ".
و (أبو جعفر) هو (محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب أبو جعفر البَاقِر): إمام ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (418).
وبقية رجال الإِسناد ثقات.
والحديث صحيح من طرق أخرى.
والشطر الأول منه (الحسن والحسين سَيِّدَا شباب أهل الجنّة) عُدَّ من المتواتر. انظر: "الأزهار المتناثرة" للسُّيُوطيّ ص 286 - 287، و"لقط اللآلئ المتناثرة" للزَّبِيدي ص 149، و"نظم المتناثر" للكَتَّاني ص 125.
التخريج:
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(4/ 508) -مخطوط- عن الخطيب من طريقه المتقدِّم. ووقع في المخطوط خَلْط غير واضح في أول الإسناد من جهة الصحابي والراوي عنه.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 406) إلى الخطيب وابن عساكر فقط.
وقد رواه الطبراني في "الكبير"(3/ 25) رقم (2601)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(4/ 508) -مخطوط-، من طريق الشَّعْبِيّ، عن الحارث، عن عليّ مرفوعًا، دون قوله:"وأبوهما خير منهما".
أقول: في إسناده (الحارث بن عبد اللَّه الهَمْدَانِيّ الأعور) وهو ضعيف، والجمهور على توهين أمره. وستأتي ترجمته في حديث (937).
كما رواه في "الكبير"(3/ 25) رقم (2602)، والخطيب في "تاريخه"(2/ 185)، من طريق أبي جَنَاب، عن الشَّعْبِيّ، عن زيد بن يُثَيْع، عن علي مرفوعًا، دون الزيادة المذكورة.
وإسناده ضعيف. وسيأتي برقم (175).
ورواه الخطيب في "تاريخه"(12/ 4) من طريق علي بن عبد اللَّه بن معاوية بن مَيْسَرة بن شُرَيْح، عن أبيه عبد اللَّه بن معاوية بن مَيْسَرَة، عن أبيه معاوية، عن أبيه مَيْسَرة بن شُرَيْح، عن شُرَيْح، عن علي مرفوعًا، دون الزيادة المذكورة، وإسناده ضعيف. وسيأتي برقم (1770).
وقد رواه أبو نُعَيْم في "الحِلْيَة"(4/ 140 - 141) من هذا الطريق مطوَّلًا في قصّة ذكرها، ومن دون الزيادة المذكورة أيضًا.
وهذه الزيادة: "وأبوهما خيرٌ منهما" زيادة صحيحة. فقد قال الحاكم في "المستدرك"(3/ 167) بعد أن روى الحديث عن ابن عبَّاس مرفوعًا بلفظ
الخطيب: "هذا حديث صحيح بهذه الزيادة". ووافقه الذَّهَبِيُّ. وهي عنده كذلك في (3/ 167) من حديث ابن عمر مرفوعًا.
وهي عند الطبراني في "الكبير"(3/ 30) رقم (2617) من حديث قُرَّة بن إِياس.
وهي عند الخطيب في "تاريخه"(10/ 231) من حديث حُذَيْفَة. وسيأتي برقم (1518).
* * *
34 -
أخبرنا أحمد بن عثمان بن مَيَّاح السُّكَّرِيّ قال: حدَّثنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشَّافِعِيّ قال: حدَّثنا محمد بن شَدَّاد المِسْمَعِيّ قال: حدَّثنا أبو نُعَيْم قال: حدَّثنا عبد اللَّه بن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جُبَيْر،
عن ابن عبَّاس قال: أوحى اللَّه تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم: "إنِّي قد قَتَلْتُ بيحيى بن زكريا سبعين ألفًا، وإنِّي قاتلٌ بابن ابنتكَ سبعينَ أَلْفًا وسبعين أَلْفًا".
(1/ 142) في ترجمة (الحسين بن عليّ بن أبي طالب).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. وقال الحافظ الذَّهَبِيُّ: مَتْنُهُ مُنْكَرٌ جدًّا. وقال ابن الجَوْزِي: "لا يصحُّ".
ففيه (محمد بن شَدَّاد بن عيسى المِسْمَعي أبو يعلى، ويعرف بِزُرْقَان) وقد ترجم له في:
1 -
"سؤالات الحاكم للدَّارَقُطْنِيّ" ص 150 رقم (212) وقال: "ضعيف".
2 -
"تاريخ بغداد"(5/ 353) وقال: "كان أحد المتكلِّمين على مذاهب
المعتزلة". وقال البَرْقَاني: "ضعيف جدًّا". وقال مرَّة: "لا يحتجُّ به". وقال الدَّارَقُطْنِيّ: "لا يُكْتَبُ حديثُه".
3 -
"اللسان"(5/ 199) ونقل ما فيهما.
و(أبو نُعَيْم) هو (الفَضْلُ بن دُكَيْن): ثقة ثَبْت. وستأتي ترجمته في حديث (437).
وشيخ الخطيب (أحمد بن عثمان بن مَيَّاح السُّكَّري أبو الحسن)، ترجم له في "تاريخه" (4/ 300) وقال:"كتبت عنه وكان صدوقًا".
وبقية رجال الإِسناد ثقات.
التخريج:
رواه الحاكم في "المستدرك"(2/ 290 - 291 و 592) عن أبي بكر محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشَّافِعِي، عن محمد بن شدّاد المِسْمَعِي، به.
وقال: "وقد كنت أحسب دهرًا أنَّ (المِسْمِعِيَّ ينفرد بهذا الحديث عن أبي نُعَيْم حتى حدّثناه أبو محمد السَّبِيعي الحافظ، حدَّثنا عبد اللَّه بن محمد بن نَاجِيَة، حدَّثنا حُمَيد بن الربيع، حدَّثنا أبو نُعَيْم، فذكره بإسناد نحوه".
ولم يتكلَّم عليه الحاكم بغير ما تقدَّم، لكن الذَّهَبِيَّ في "تلخيص المستدرك" قال:"عبد اللَّه: ثقة. ولكن المتن منكر جدًّا. فأمَّا محمد بن شدّاد فقال الدَّارَقُطْنِيُّ: لا يُكْتَبُ حديثه. وأمَّا حُمَيْد فقال ابن عدي: كان يسرق الحديث".
ثم رواه الحاكم في (3/ 178) من طرق عن: محمد بن شدّاد المِسْمَعي، وحميْد بن الربيع، ومحمد بن يزيد الأَدَمي، والحسين بن عمر العَنْقَزِيّ، والقاسم بن دينار، والقاسم بن إسماعيل العزرمي
(1)
، وكثير بن محمد أبو أنس الكوفي، سبعتهم عن أبي نُعَيْم، عن عبد اللَّه بن حبيب، به.
(1)
هكذا في "المستدرك": "العزرمي" بتقديم الزاي على الراء المهملة، والمشهور المثبت: تقديم الراء على الزاي (العَرْزَمِيّ). انظر "الأنساب"(8/ 427). ولم أقف على نسبة (العزرمي) بتقديم الزاي على الراء المهملة فيما رجعت إليه.
وقال: "صحيح الإِسناد". ووافقه الذَّهَبِيُّ وقال: "على شرط مسلم"! ! ! وهو موضع نظر كما سيأتي.
ورواه أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشَّافِعِي في "فوائده" -المشهورة باسم "الغَيْلانِيَّات"- (1/ 312) رقم (387) عن محمد بن شدَّاد، عن أبي نُعَيْم، به.
ورواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(1/ 408) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، وقال:"هذا حديث لا يصحُّ. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: محمد بن شدّاد لا يُكْتَبُ حديثه. وقال البَرْقَاني: ضعيف جدًّا. وقد رواه القاسم بن إبراهيم الكوفي عن أبي نُعَيْم، وهو منكر الحديث. . . . "
ورواه ابن حِبَّان في "المجروحين"(2/ 215) في ترجمة (القاسم بن إبراهيم بن عمّار الهاشمي الكوفي)، عن وَصِيف بن عبد اللَّه، عن القاسم بن إبراهيم الهاشمي، عن أبي نُعَيْم الفضل بن دُكَيْن، به.
وقال: "هذا لا أصل له".
وقال عن (القاسم بن إبراهيم): "منكر الحديث".
وقال الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(3/ 368) في ترجمة (القاسم بن إبراهيم الهاشمي) بعد أن أورد الحديث عن ابن حِبَّان من طريقه المتقدِّم، ونقل قوله السابق، وبعد ذكره لرواية الحاكم له، قال:"فالثلاثة الراوون له عن أبي نُعَيْم مَقْدُوحٌ فيهم".
أقول: يعني بالثلاثة -كما يفهم من كلامه السابق في "تلخيص المستدرك"، ومن كلامه هنا-: القاسم بن إبراهيم الهاشمي، ومحمد بن شدَّاد المِسْمَعي، وحُمَيْد بن الربيع، واللَّه أعلم.
وقال الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(4/ 457) في ترجمة (القاسم بن إبراهيم الهاشمي) بعد أن نقل قول الذَّهَبِيّ السابق: "وقد أخرجه الحاكم في
"المستدرك" من طريق ستة أُنْفُسٍ
(1)
عن أبي نُعَيْم، وقال: صحيح، ووافقه المُصَنَّفُ -يعني الذَّهَبِيّ في "تلخيصه"-".
ولم يرتض السيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 391) حُكْمَ ابن الجَوْزِي عليه بالوضع، فتعقَّبه بإخراج الحاكم له في الطرق المتقدِّمة، وبتصحيحه له وموافقه الذَّهَبِيّ للحاكم في ذلك.
وقد لخَّص ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة"(1/ 417) تعقُّبه وارتضاه.
أقول: ممَّا تقدَّم يتحصَّلُ أنَّ لهذا الحديث ثمانية رواة عن أبي نُعَيْم الفضل بن دُكَيْن.
أربعة منهم ضعفاء:
الأول: (محمد بن شَدَّاد المِسْمَعِيّ) وقد تقدَّم القول فيه.
والثاني: (حُمَيْد بن الربيع اللَّخْمِيّ الخزَّاز) وهو ضعيف، وكذَّبه ابن مَعِين وبالغ في ذلك، واتَّهَمَهُ ابن عدي بسرقة الحديث. وستأتي ترجمته في حديث (418).
والثالث: (الحسين بن عمرو بن محمد العَنْقَزِيّ) وقد ترجم له في "الجرح والتعديل"(3/ 61 - 62) وفيه عن أبي حاتم: "لَيِّنٌ يتكلَّمونَ فيه". وقال أبو زُرْعَة: "كان لا يصدق".
كما ترجم له في "اللسان"(2/ 307) ونقل عن أبي داود قوله فيه: "كتبت عنه ولا أُحَدِّثُ عنه".
والرابع: (القاسم بن إبراهيم بن عمَّار الهاشمي) وتقدَّم قول ابن حِبَّان فيه: "منكر الحديث".
أمَّا الخامس: فهو (كثير بن محمد بن عبد اللَّه التَّميمي الحِزَامِيّ الكوفي
(1)
أقول: الصواب: "سبعة أنفس".
أبو أنس) فقد ترجم له الخطيب في "تاريخه"(12/ 484) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا. ولم أقف على من ذكره بذلك.
والسادس: (القاسم بن إسماعيل العزرمي) لم أقف له على ترجمة في كُلِّ ما رجعت إليه.
وأمَّا السابع: فهو (محمد بن يزيد الأَدَمي الخرَّاز البغدادي أبو جعفر) ترجم له الخطيب في "تاريخه"(3/ 374) وفيه عن الدَّارَقُطْنِيّ: "ثقة". وفيه عن محمد بن إسحاق الثقفي: "كان زاهدًا من خيار المسلمين". وترجم له ابن حِبَّان في "الثقات"(9/ 120). وقال ابن حَجَر عنه في "التقريب"(2/ 220): "ثقة عابد"/ س. وترجم له في "التهذيب"(9/ 530) ونقل عن النَّسَائي ومَسْلَمَة قولهما فيه: "ثقة".
أقول: و (محمد بن يزيد الأَدَمي) وإن كان ثقة، إلَّا أنَّ حديثه قد ورد من طريق (أبي محمد الحسن بن محمد بن يحيى العَقِيقي العَلَوي)، وهو مُتَّهَمٌ. وستأتي ترجمته في حديث (1116).
والثامن: (القاسم بن دينار القُرَشي الطحَّان) وهو (القاسم بن زكريا بن دينار القُرَشي الطحَّان الكوفي أبو محمد) وكان ينسب أحيانًا إلى جَدِّه. وقد ترجم له ابن حِبَّان في "الثقات"(9/ 18)، وابن حَجَر في "التهذيب" (8/ 413 - 314) ونقل عن النَّسائي قوله فيه:"ثقة". وقال ابن حَجَر في "التقريب"(2/ 116): "ثقة من الحادية عشرة"/ م ت م ق.
أقول: (القاسم بن زكريا بن دينار القرشي الطحَّان) وإن كان ثقة، إلَّا أنَّ حديثه قد ورد من طريق (الحسين بن حُمَيْد بن الربيع الخَزَّاز) وهو كذَّاب. وستأتي ترجمته في حديث (1146).
وبعد الذي تقدَّم من التفصيل فإنَّ في بعض قول العلَّامة عبد الرحمن المُعَلَّمي اليَمَاني فيما علَّقه على "الفوائد المجموعة" للشَّوْكَاني ص 338، نظرًا، حيث يقول: "الثمانية كلّهم ما بين كذَّاب ومتروك ومجهول، أو في السند إليه من
هو كذلك. وأبو نُعَيْم بغاية الشهرة فكيف يكون هذا الخبر عنه ولا يوجد له سند واحد صحيح؟ وقول الذَّهَبِي: "على شرط مسلم" أراد على فرض صحته عن أبي نُعَيْم".
* * *
35 -
أخبرنا محمد بن الحسين الأَزْرَق قال: أنبأنا جعفر بن محمد الخُلْدِيّ قال: حدَّثنا محمد بن عبد اللَّه بن سليمان قال: حدَّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا قال: حدَّثنا إسماعيل بن أَبَان قال: أخبرني حِبَّان بن عليّ، عن سعد بن طَرِيف، عن أبي جعفر،
عن أُمِّ سَلَمَة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يُقْتَلُ حسينٌ على رأس ستين من مُهَاجَرِي".
(1/ 142) في ترجمة (الحسين بن عليّ بن أبي طالب أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه (سعد بن طريف الإِسْكَاف الحَنْظَلي الكوفي)، كذَّبه الدَّارَقُطْنِيّ، وقال ابن حِبَّان:"كان يضع على الفور". وستأتي ترجمته في حديث (68).
كما أنَّ فيه (إسماعيل بن أَبَان الغَنَوي الكوفي الخيَّاط) وهو كذَّاب أيضًا، كذَّبه ابن مَعِين وأبو حاتم وغيرهما. وستأتي ترجمته في حديث (1084).
وفيه انقطاع بين (أبي جعفر: محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب) وبين (أُمِّ سَلَمَة)، ففي "المراسيل" لابن أبي حاتم ص 149 عن أبيه أبي حاتم الرَّازِي قوله:"أبو جعفر بن عليّ لم يلق أُمَّ سَلَمَة". وفيه أيضًا أنَّ أحمد بن حُمَيد قد سَأَلَ الإِمامَ أحمد بن حنبل عن سماع أبي جعفر من أُمِّ سَلَمَة؟ فقال: "لا يصحُّ أنَّه سمع". فقال له: من عائشة؟ فقال: "لا ماتت عائشة قبل أُمِّ سَلَمَة".
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(3/ 110) رقم (2807)، من طريق إسماعيل بن أَبَان، عن حِبَّان بن عليّ، به.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 190): رواه الطبراني، وفيه سعد بن طَريف وهو متروك".
ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(5/ 59) -مخطوط-، وابن الجَوْزي في "الموضوعات"(1/ 408)، عن الخطيب من طريقه المتقدَّم.
قال ابن الجَوْزي: "هذا حديث موضوع، وسعد بن طَريف قد سبق أنه من رؤوس الكذَّابين الوضَّاعين".
وأقرَّه السيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 390 - 391)، وتابعه ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة"(1/ 408).
* * *
36 -
أخبرنا عليّ بن القاسم البَصْري قال: نبأنا عليّ بن إسحاق المَادَرَائي قال: حدَّثنا أحمد بن خالد قال: نبأنا داود بن سليمان أبو المُطَرِّف قال: نبأنا سفيان، عن عليّ بن زيد، عن سعيد بن المسيَّب،
عن سعد قال: قلت يا رسول اللَّه من أنا؟ قال: "أنت سعدُ بن مالك بن وُهَيْب بن عبد مناف بن زُهْرة. مَنْ قال غير ذلك فعليه لَعْنَةُ اللَّه".
(1/ 144) في ترجمة (سعد بن أبي وقّاص).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (عليّ بن زيد بن جُدْعَان التَّيْمِيّ) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (241).
و (سفيان) هو (ابن عُيَيْنَة) كما صُرِّح به عند غير واحد ممّن أخرجه.
و(داود بن سليمان أبو المُطَرِّف) هو (داود بن سليمان بن مُطَرِّف الخزَّاز الذَّهْلِي)، ترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/ 414) ونقل عن أبيه قوله فيه:"ثقة".
و(أحمد بن خالد) لم أتبينه.
وبقية رجال الإِسناد ثقات.
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(1/ 98) رقم (289)، والبزّار في "مسنده" -المسمى بـ "البحر الزخَّار"- (3/ 281 - 282) رقم (1073)، والحاكم في "المستدرك"(3/ 495) وفي "معرفة علوم الحديث" ص 169، وابن سعد في "الطبقات الكبري"(3/ 137)، والفَسَوي في "المعرفة والتاريخ"(3/ 166)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(7/ 135) -مخطوط-، والدُّولابي في "الكُنَى والأسماء"(1/ 11)، وأبو عبد اللَّه الدَّوْرَقي في "مسند سعد بن أبي وقَّاص" ص 178 رقم (103)، وأبو نُعَيْم في "معرفة الصحابة"(1/ 398) رقم (498)، من طريق سفيان بن عُيَيْنَة، عن عليّ بن زيد، به.
ولم يتكلَّم الحاكم أو الذَّهَبِيّ في "تلخيص المستدرك" عليه بشيء.
وقال الإمام البزّار: "هذا الحديث لا نعلمه يُرْوَى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا عن سعد، ولا نعلمُ له إسنادًا عن سعد غير هذا الإسناد، ولا نعلم رواه عن عليّ بن زيد إلَّا ابن عُيَيْنَة".
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 153): "رواه الطبراني والبزَّار مسندًا ومرسلًا. ورجال المسند وثِّقوا".
والحديث ذكره الإِمام الدَّارَقُطنِيُّ في "العلل"(4/ 365 - 366) وقال:
"يرويه ابن عُيَيْنَة عن عليّ بن زيد. واختلف عنه، فرواه أبو مَعْمَر وابن وكيع وإبراهيم بن بشار، عن ابن عُيَيْنَة، عن عليّ بن زيد، عن سعيد بن المسيَّب، عن سعد متصلًا. ورواه، الحُمَيْدي عن ابن عُيَيْنَة مرسلًا، ثم شكّ فيه، فقال: أراه عن سعد".
أقول: رواية الشكّ هذه، أخرجها ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(7/ 135) -مخطوط- عن طريق الحُمَيْدي.
وقد عزاهُ الحافظ ابن حَجَر في "المطالب العالية"(2/ 267) رقم (1672) لإِسحاق بن رَاهُوْيَه في "مسنده" عن سعد.
* * *
37 -
أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد الأَزْرَق، حدَّثنا أبو بكر أحمد بن سليمان
(1)
بن الحسن النَّجَّاد قال: قُريء على أبي قِلَابة الرَّقَاشي قال: حدَّثنا أبو عتَّاب الدَّلَّال، حدَّثنا شُعْبَة، عن معاوية بن قُرَّة،
عن أبيه: أنَّ ابن مسعود كان يجني لهم نَخْلَةً، فهبَّت الرِّيحُ فكشفت عن ساقيه. قال فضحكوا من دِقَّة ساقَيْه. فقال النبُّي صلى الله عليه وسلم:"أتضحكون مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْه؟ والذي نفسي بيده لهما أثقلُ في الميزان من جَبَلِ أُحُدٍ".
(1/ 148) في ترجمة (عبد اللَّه بن مسعود).
مرتبة الحديث:
صحيح بشواهده.
وفي إسناد الخطيب (أبو قِلَابَة الرَّقَاشي عبد الملك بن محمد البَصْري) وهو صدوق يُخطئ لا يحتجُّ بما ينفرد به. وستأتي ترجمته في حديث (381).
(1)
هكذا في المطبوع "سليمان". وفي ترجمته في "تاريخ بغداد"(5/ 189): "سلمان" وهو موافق لأكثر المصادر التي ترجمت له.
ولم ينفرد به: فقد تابعه عليّ بن المَدِيني عند الطبراني، ومحمد بن مثنَّى وعمرو بن عليّ عند البزَّار، ومحمد بن بشَّار عند الفَسَوي.
و(أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن النَّجَّاد أبو بكر): إمام صدوق. وستأتي ترجمته في حديث (1586).
و(أبو عتَّاب الدَّلّال) هو (سهل بن حمَّاد العَنْقَزِيّ البَصْري) وهو صدوق كما قال الحافظ الذَّهَبِيُّ في "الكاشف"(1/ 325)، والحافظ ابن حَجَر في "التقريب" (1/ 335 - 336). وانظر ترجمته مفصَّلًا في:"تهذيب الكمال"(12/ 179 - 181) و"التهذيب"(4/ 249 - 250).
(وقُرَّة) هو (ابن إياس بن هلال المُزَني أبو معاوية) رضي الله عنه، توفي عام (64 هـ). انظر:"الإصابة"(3/ 232).
وباقي رجال الإسناد ثقات.
وللحديث شواهد يصحُّ بها ستأتي في التخريج.
التخريج:
رواه الحاكم في "المستدرك"(3/ 317)، والبزَّار في "مسنده"(3/ 248) رقم (2677) -من كشف الأستار-، والطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 28) رقم (59)، والفَسَوي في "المعرفة والتاريخ"(2/ 246)، من طريق أبي عتَّاب الدَّلّال، عن شُعْبَة، به.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرِّجاه". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
وقال البزَّار: "لا نعلم رواه عن شعبة إلّا سهل".
وقال الهيثمي في "المجمع"(9/ 289): "رواه البزَّار والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح" ـ
وللحديث شاهد صحيح من حديث عليّ بن أبي طالب وسيأتي برقم (1033).
ومن حديث ابن مسعود: رواه أحمد في "المسند"(1/ 421) وفي "فضائل الصحابة"(2/ 843) رقم (1552)، وأبو يَعْلَى في"مسنده"(9/ 209 - 210) رقم (5310)، وأبو نُعَيْم في "الحِلْية"(1/ 127)، والطبراني في "الكبير"(9/ 75) رقم (8452)، وابن سعد في "الطبقات"(3/ 155)، والفَسَوي في "المعرفة والتاريخ"(2/ 545 - 546).
قال في "المجمع"(9/ 289): "رواه أحمد وأبو يَعْلَى والبزَّار والطبراني من طرق. . . وأمثل طرقها فيه عاصم بن أبي النَّجُود وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجال أحمد وأبي يَعْلَى رجال الصحيح".
وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند"(6/ 39) رقم (3991): "إسناده صحيح".
أقول: بل هو حسن، من أجل (عاصم بن بَهْدَلة، وهو عاصم بن أبي النَّجُود) فإنَّه صدوق، وله أوهام. ولذا قال الإِمام المُنْذِري في "الترغيب والترهيب" (4/ 572):"وحديثه حسن". وستأتي ترجمته في حديثه (592).
* * *
38 -
أخبرنا القاضي أبو عمر الهاشمي قال: نبأنا عليّ بن إسحاق المَادَرَائي قال: نبأنا عليّ بن حَرْب قال: نبأنا أبو عبد اللَّه الأغَرّ محمد بن صَبِيح قال: نبأنا حاتم بن عبيد اللَّه قال: نبأنا جَرِير بن حازم، عن الحسن،
عن عثمان بن أبي العاص قال: رجلان مات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يحبُّهما: عبد اللَّه بن مسعود، وعمَّار بن ياسر.
(1/ 151 - 152) في ترجمة (عمَّار بن ياسر).
مرتبة الحديث:
في إسناده (حاتم بن عبيد اللَّه النَّمَري البَصْري أبو عبيدة)، ترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(3/ 260 - 261)، وفيه عن أبي حاتم:"لم أر في حديثه مناكير". وترجم له ابن حِبَّان في "ثقاته"(8/ 211) وسمّاه (حاتم بن عبد اللَّه النَّمَري) وقال: "يخطئ". وترجم له ابن حَجَر في "اللسان"(2/ 145) وذكر ما تقدَّم عن ابن حِبَّان.
وفيه أيضًا (محمد بن صَبِيح الأغَرّ أبو عبد اللَّه)، ويغلب على ظني أنه (محمد بن صَبِيح البغدادي أبو عبد اللَّه)، وقد ترجم له الخطيب في "تاريخه" (5/ 374) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا. وترجم له ابن حَجَر في "اللسان" (5/ 205) وقال:"فيه مناكير قاله ابن مَنْدَه".
و(أبو عمر الهاشمي) هو (القاسم بن جعفر بن عبد الواحد): ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (741).
وباقي رجال الإسناد حديثهم حسن.
التخريج:
لم أقف عليه من حديث عثمان بن أبي العاص في كُلِّ ما رجعت إليه. وأخشى أن يكون قد صُحِّفَ في المطبوع عن (عمرو بن العاص).
فالحديث رواه أحمد في "المسند"(4/ 203) عن أسود بن عامر، حدَّثنا جرير بن حازم قال: سمعت الحسن قال: قال رجل لعمرو بن العاص أرأيت رجلًا مات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يحبُّه أليس رجلًا صالحًا؟ قال: بلي. قال: قد مات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يحبُّك، وقد استعملك. فقال: قد استعملني، فواللَّه ما أدري أحبًّا كان لي منه أو استعانةً بي، ولكن سأحدِّثك برجلين مات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يحبُّهما: عبد اللَّه بن مسعود وعمَّار بن ياسر.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 290): "رواه أحمد والطبراني إلَّا أنه قال: مات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو عنهما راض. ورجال أحمد رجال الصحيح".
* * *
39 -
أخبرنا أبو عمرو عبد الواحد بن محمد بن عبد اللَّه بن مهدي قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شَيْبَة قال: نبأنا جَدِّي قال: نبأنا يزيد بن هارون قال: نبأنا: العوَّام بن حَوْشَب، عن سَلَمَة بن كُهَيْل، عن
(1)
عَلْقَمة،
عن خالد بن الوليد قال: كان بيني وبين عمَّار شيء، فانطلق عمَّار يشكو خالدًا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يزيده إلَّا غلظًا، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ساكت، فبكي عمَّار. وقال: يا رسول اللَّه ألا تراه؟ فرفع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأسه، فقال:"من أَبْغَضَ عمَّارًا أَبْغَضَهُ اللَّهُ، ومَنْ عَادَى عمَّارًا عَادَاهُ اللَّهُ".
قال خالد: فخرجت وليس شيء أحبَّ إليَّ من رضى عمَّار، فلقيته فاسترضيته حتى رضي عنِّي.
(1/ 152) في ترجمة (عمّار بن ياسر).
مرتبة الحديث:
صحيح.
و (عَلْقَمة) هو (ابن قيس بن عبد اللَّه النَّخَعي): تابعي كبير ثقة ثَبْتٌ فقيه. وستأتي ترجمته في حديث (231).
التخريج:
رواه أحمد في "المسند"(4/ 89) والحاكم في "المستدرك" (3/ 390 -
(1)
تَصَحَّفَ في المطبوع إلى: "سلمة بن كهيل بن علقمة". والتصويب من مصادر تخريجه التي روته من هذا الطريق، والمذكورة في تخريج الحديث.
391)، والنَّسَائي في كتابه "فضائل الصحابة" ص 151 - 152 رقم (164)، وابن أبي شَيْبَة في "مصنَّفه"(12/ 120)، والطبراني في "المعجم الكبير"(4/ 134) رقم (3835)، من طريق العوَّام بن حَوْشَب، عن سَلَمَة بن كُهَيْل، به.
قال الهيثمي في "المجمع"(9/ 93): "رواه أحمد والطبراني، ورجاله رجال الصحيح".
وقال الحاكم: "حديث العوَّام بن حَوْشب هذا حديث صحيح الإِسناد على شرط الشيخين لاتفاقهما على العوَّام بن حَوْشب وعَلْقَمة.
على أن شعبة أحفظ منه. حيث قال: عن سَلَمة بن كُهَيْل، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه عن الأَشْتَر. والإِسنادان صحيحان". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
أقول: رواية شعبة هذه، أخرجها بنحو رواية العوَّام بن حَوْشب: أحمد في "المسند"(4/ 90)، وفي "فضائل الصحابة"(2/ 860) رقم (1604)، والطَّيَالِسِي في "مسنده" ص 158 رقم (1156)، والحاكم في "المستدرك"(3/ 389 و 390)، والنَّسَائي في "فضائل الصحابة" ص 152 رقم (165)، والطبراني في "المعجم الكبير"(4/ 132) رقم (3831).
وقال الحاكم في الموطن الأول: "صحيح الإسناد ولم يخرِّجاه". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
وقال في الموطن الثاني: "رواه العوَّام بن حَوْشب، عن سَلَمَة بن كُهَيْل، وخالف شُعْبَة في إسناده، فإنه قال: عن سَلَمَة، عن عَلْقَمة، عن خالد بن الوليد".
أقول: ظاهر رواية أحمد -في "المسند" و"الفضائل"- والطَّيَالِسِي، والطبراني؛ الإِرسال، حيث لم يذكر الأَشْتَر -وهو مالك بن الحارث النَّخَعِي- سماعه من خالد بن الوليد، لكن الحاكم والنَّسَائي وصَلَاهُ من طرقٍ عن الأشتر عن خالد بن الوليد.
كما أنَّه وقع في رواية شُعْبَة هذه عند الحاكم والطبراني أنَّ الشاكي لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هو خالد بن الوليد، بينما في رواية أحمد أنَّ الشاكي هو عمار بن ياسر.
ورواه بنحو مطوَّلًا، النَّسَائي في "فضائل الصحابة" ص 152 - 153 رقم (166)، والحاكم في "المستدرك"(3/ 389 - 390)، والطبراني في "المعجم الكبير"(4/ 131 - 132) رقم (3830)، من طريق محمد بن شدَّاد، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن الأَشْتِر، عنه، به.
وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرِّجاه"، ووافقه الذَّهَبِيُّ.
* * *
40 -
أخبرنا ولَّاد بن عليّ الكوفي قال: أنبأنا محمد بن عليّ بن دُحَيْم الشَّيْبَانيّ قال: نبأنا أحمد بن حازم
(1)
قال: نبأنا يحيى -يعني الحِمَّاني- قال: نبأنا خالد بن عبد اللَّه الوَاسِطِي، عن عطاء بن السَّائِب،
عن أبي البَخْتَري ومَيْسرَة: أَنَّ عمَّار بن ياسر يوم صِفِّين، أُتي بلبنٍ فشربه ثم قال: إنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لي: "هذه آخِرُ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا مِنَ الدُّنْيَا".
(1/ 152) في ترجمة (عمَّار بن ياسر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. وَمَتْنُهُ مروي من طرق عِدَّةٍ يصحُّ بمجموعها.
ففيه (يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني) قال عنه الإِمام الذَّهَبِيُّ في "المغني"(2/ 739): "حافظ، منكر الحديث". وقال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب" 2/ 352): "حافظ، إلّا أنهم اتَّهموه بسرقة الحديث". وستأتي ترجمته في حديث (297).
(1)
تَصَحَّفَ في المطبوع إلى "خازم" بالخاء المعجمة. والتصويب من "الجرح والتعديل"(2/ 48)، وغيره.
كما أنَّ فيه (عطاء بن السَّائب الثقفي أبو السائب) وهو ثقة اختلط بأَخَرَةٍ، وسماعُ خالد بن عبد اللَّه الواسطي منه كان بعد اختلاطه. انظر:"الكواكب النَّيِّرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات" لابن الكيَّال ص 322 و 327 و 330، و"التهذيب"(7/ 203 - 207).
كما أن فيه (أبو البَخْتَري) واسمه (سعيد بن فيروز الطائي الكوفي) وهو ثقة كثير الإِرسال، وممن أرسل عنهم من الصحابة ولم يدركهم:(عليّ بن أبي طالب) و (عائشة) كما قال أبو حاتم الرَّازي. وهما ممن تأخرت وفاتهما عن وفاة عمَّار، فالظاهر أنَّه لم يدرك عمَّارًا، واللَّه أعلم. وستأتي ترجمة (سعيد بن فيروز أبو البَخْتَري) في حديث (392).
و(مَيْسَرة) هو إمّا (ابن يعقوب الطُّهَوي الكوفي أبو جَميلة)، وإمّا أن يكون الكِنْدِي أبو صالح)، فكلاهما روي عن عليّ بن أبي طالب، وروى عنهما عطاء بن السَّائب، وكلاهما تفرّد ابن حِبَّان في توثيقهما، وكلاهما قال فيه الحافظ ابن حَجَر:"مقبول". انظر: "التهذيب"(10/ 387) و (التقريب)(2/ 291). ولم يذكر في "التهذيب" رواية لهما عن عمَّار بن ياسر، واللَّه أعلم.
و(محمد بن عليّ بن دُحَيْم الشَّيْبَانّي الكوفي أبو جعفر)، ترجم له الذَّهَبِيُّ في "سِيَر أعلام النبلاء" (16/ 36 - 37) وقال:"الشيخ الثقة المُسْنِدُ الفاضل محدِّث الكوفة".
و(أحمد بن حازم) هو (أحمد بن حازم بن محمد بن يونس بن قيس بن أبي غَرَزَة الغِفَاري أبو عمرو) وقد ترجم له في:
1 -
"الجرح والتعديل"(2/ 48) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
2 -
"الثقات" لابن حِبَّان (8/ 44) وقال: "كان مُتْقِنًا".
3 -
"السِّير"(13/ 239 - 240) وقال: "الإمام الحافظ الصدوق. . صاحب المسند". وقال: "له مسند كبير، وقع لنا منه جزء". وكانت وفاته سنة (276 هـ).
وباقي رجال الإِسناد ثقات.
التخريج:
رواه أبو يَعْلَى في "مسنده"(3/ 196) رقم (1626)، وأبو نُعَيْم في "الحِلْيَة"(1/ 141)، من طريق خالد بن عبد اللَّه الوَاسِطي، عن عطاء، به.
لكن ليس عند أبي يَعْلَى رفع قوله: "هذه آخر شربة تشربها من الدنيا" إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، بل هي عنده من قول عمَّار نفسه.
وقد ذكره الهيثمي في "المجمع"(9/ 319) عن أبي البَخْتَري ومَيْسَرة مرفوعًا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وقال: "رواه الطبراني وأبو يَعْلَى بأسانيد، وفي بعضها عطاء بن السائب وقد تغيَّر، وبقية رجاله ثقات، وبقية الأسانيد ضعيفة".
وقد رواه أحمد في "المسند"(4/ 319)، وأبو يَعْلَى في "المسند"(3/ 188) رقم (1613)، وابن أبي شَيْبَة في "المصنَّف"(15/ 302 - 303) رقم (19723)، وابن سعد في "الطبقات"(3/ 257) والحاكم في "المستدرك"(3/ 389)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 552 - 553) و (6/ 421)، من طريق سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البَخْتَري، عن عمَّار مرفوعًا بنحوه.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
أقول: وقد تقدَّم أنَّ في سماع أبي البَخْتَري من عمَّار توقّفًا.
ورواه الحاكم في "المستدرك"(3/ 389)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 552) من طريق حَرْمَلة بن يحيى، حدَّثنا عبد اللَّه بن وَهْب، أخبرني إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جَدِّه، سمعت عمّار بن ياسر بصِفِّين في اليوم الذي قُتِلَ فيه وهو ينادي: "أزلفت الجنّة، وزوجت الحور العين. اليوم نلقى حبيبنا محمّدًا صلى الله عليه وآله وسلم، عهد إليّ: أن آخر زادك من الدُّنيا
ضَيْحٌ
(1)
من لَبَن".
قال الحاكم: "صحيح على شرطهما ولم يخرِّجاه". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
أقول: بل هو صحيح على شرط مسلم، حيث إنّ (حَرْمَلة بن يحيى بن عبد اللَّه التَّجِيبي) خرَّج له مسلم دون البخاري. انظر "تهذيب الكمال"(5/ 548 - 552)، و"الكاشف"(1/ 154)، و"التقريب"(1/ 158).
وقد اتفق الذَّهَبِيُّ وابن حجر فيهما على أنه صدوق.
وقال الهيثمي في "المجمع"(9/ 296) بعد أن ذكره: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وأحمد باختصار، ورجالهما رجال الصحيح، ورواه البزَّار بنحوه بإسناد ضعيف".
ولم اهتد إلى محلّ الرواية المختصرة هذه في "المسند".
ورواية البزَّار، انظرها في "كشف الأستار"(3/ 253) رقم (2691)، وفيها (أبو داود الأعمى عيسى بن مسلم الطُّهَوي) قال عنه في "التقريب" (2/ 101):"ليِّن الحديث". وانظر "التهذيب"(8/ 230).
وللحديث شواهد عِدَّة، انظرها في:"مجمع الزوائد"(9/ 295 - 298) -وقد حَسَّنَ الهيثمي بعضًا من أسانيد هذه الشواهد-، و"الطبقات الكبرى" لابن سعد (3/ 257 - 258)، و"دلائل النبوة" للبيهقي (6/ 421). وسيأتي من حديث حُذَيْفَة برقم (1231).
* * *
41 -
أخبرنا عليّ بن يحيى بن جعفر الإِمام -بأَصْبَهَان- قال: أنبأنا أبو الحسن أحمد بن القاسم بن الرَّيَّان المِصْرِي -بالبَصْرة- قال: نبأنا أحمد بن
(1)
قال ابن الأثير في "النهاية"(3/ 17): "الضَّيَاحُ والضَّيْحُ بالفتح: اللبن الخاثرُ يُصَبُّ فيه الماء ثم يخلط".
إسحاق بن إبراهيم بن نُبَيْط بن شَريِط الأَشْجَعي -بِمِصْر- قال: حدَّثني أبي، عن أبيه،
عن جَدِّه قال: "لمّا فَرَغَ عليّ بن أبي طالب من قتال أهل النَّهْرَوَان، قَفَل أبو قَتَادة الأنصاري ومعه ستون أو سبعون من الأنصار. قال: فبدأ بعائشة. قال أبو قتادة فلمّا دخلت عليها قالت: ما وراءك؟ فأخبرتها أنه لما تفرّقت المُحَكَّمَةُ من عسكر أمير المؤمنين لحقناهم فقتلناهم. فقالت: ما كان معك من الوفد غيرك؟ قلت: بلى ستون أو سبعون. قالت: أفكلّهم يقول مثال الذي تقول؟ قلت: نعم! قالت: قُصّ عليَّ القصّة. فقلت: يا أمّ المؤمنين تفرّقت الفرقة وهم نحو من اثني عشر ألفًا، ينادون: لا حُكْمَ إلّا للَّه. فقال عليٌّ: كلمةُ حقٍّ يُرَادُ بها باطل. فقاتلناهم بعد أن ناشدناهم اللَّه وكتابه. فقالوا: كَفَرَ عثمان وعليّ وعائشة ومعاوية. فلم نزل نحاربهم، وهم يتلون القرآن، فقاتلناهم وقتلونا، وولّى منهم من ولّى. فقال عليٌّ: لا تتبعوا مولِّيًا. فأقمنا ندور على القتلى حتى وَقَفَتْ بغلة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعليٌّ راكبها. فقال: اقلبوا القتلى، فأتيناه وهو على نهر فيه القتلى فقلبناهم، حتى خرج في آخرهم رجل أسود على كتفه مثل حَلَمَة الثَّدْي. فقال عليٌّ: اللَّه أكبر! واللَّه ما كَذَبْتُ ولا كُذِّبْتُ، كنت مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقد قسم فيئًا فجاء هذا، فقال: يا محمد اعْدِلْ! فواللَّه ما عدلت منذ اليوم. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ثكلتكَ أُمُّكَ ومَنْ يَعْدِلُ عليك إذا لم أَعْدِلْ"! فقال عمر بن الخطَّاب: يا رسول اللَّه ألا أقتله؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا، دَعْهُ فإنَّ له من يقتله". وقال: صدق اللَّه ورسوله
قال: فقالت عائشة: ما يمنعني ما بيني وبين عليٍّ أن أقول الحقّ، سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:"تفترقُ أُمّتي على فرقتين، تمرق بينهما فرقة مُحَلِّقونَ رؤوسهم، مُحْفُون شواربهم، أُزُرُهُم إلى أنصاف سُوقهم، يقرأون القرآن لا يتجاوز تَرَاقِيهم، بقتلهم أحبُّهم إليَّ وأحبُّهم إلى اللَّه تعالى".
قال فقلت: يا أمّ المؤمنين فأنت تعلمين هذا، فلم كان الذي منك؟ قالت: يا أبا قتادة وكان أمر اللَّه قدرًا مقدورًا، وللقدر أسباب. وذكر بقية الحديث".
(1/ 159 - 160) في ترجمة (أبي قَتَادة الأنصاري -الحارث بن رِبْعِي-).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. وقد صَحَّ أكثر ما جاء فيه من طرق أخرى كما سيأتي.
ففيه (أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نُبَيْط بن شَرِيطَ) وقد ترجم له في:
1 -
"الميزان"(1/ 82 - 83) وقال: "عن أبيه عن جَدِّه بنسخة فيها بلايا. . . سمعناها من طريق أبي نُعَيْم عن اللُّكِّيِّ
(1)
عنه. لا يحلُّ الاحتجاج به، فإنه كذّاب".
2 -
"اللسان"(1/ 136) وقال: "روى عنه أيضًا أبو القاسم الطبراني وأحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن عبد السلام البَيْرُوني".
وأبوه (إسحاق)، وجدّه (إبراهيم)، لم أقف على من ترجم لهما.
كما أنَّ في إسناده (أحمد بن القاسم بن الرَّيَّان المِصْرِي اللُّكِّيّ أبو الحسن) وقد ترجم له في:
1 -
"سؤالات السَّهْمِي للدَّارَقُطنِيّ" ص 149 رقم (152) وقال: "ليس بالمرضي". وانظر ص 161 - 162 رقم (169) منه.
2 -
"المؤتلف والمختلف" للدَّارَقُطْنِيّ (2/ 1073) وقال: "ضعيف".
(1)
هو (أحمد بن القاسم بن كثير بن صدقة بن الرَّيَّان المِصْري). وانظر ترجمته في الكلام على مرتبة الحديث. وقد صُحِّفَت كلمة "اللُّكِّيّ" في "اللسان" إلى "العكي".
3 -
"الإِكمال" لابن مَاكُولا (4/ 112) وقال: "فيه ضعف".
4 -
"سير أعلام النبلاء"(16/ 113) وقال: "المعمَّر. . . له جزء سمعناه، فيه ما يُنكر".
5 -
"الميزان"(1/ 128) وقال: "له جزء عالٍ، رواه عنه أبو نُعَيْم الحافظ". وقال: "قال الحسن بن عليّ بن عمرو الزُّهْرِي: ليس بالمرضي".
و(عليّ بن يحيى بن جعفر) هو (ابن عَبْدَكُوْيَه الأصبهاني أبو الحسن)، ترجم له الحافظ الذَّهَبِيّ في "السِّيَر" (17/ 478 - 479) وقال:"الشيخ الإِمام المحدِّث الرحَّالُ الثقة". وكانت وفاته سنة (422 هـ).
التخريج:
لم أقف عليه بهذا التمام عند غير الخطيب.
وقد ذكر بعضه في "الكنز"(11/ 318 - 319) رقم (31615) وعزاهُ إلى الخطيب وحده.
وقد روى البخاري في استتابة المرتدين، باب من ترك قتال الخوارج. . . . (12/ 290) رقم (6933) -واللفظ له-، ومسلم في الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (2/ 744)، وغيرهما، عن أبي سعيد الخُدْري قال: "بينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ جاء عبد اللَّه بنُ ذِي الخُوَيْصِرَةِ التَّمِيميُّ فقال: اعْدِلْ يا رسول اللَّه، فقال: ويلك، ومن يَعْدِلُ إذا لم أَعْدِلْ؟ قال عمر بنُ الخطّاب: دعني أضرب عُنَقَهُ. قال: دَعْهُ فإنّ له أصحابًا يَحْقِرُ أحدُكُمْ صَلَاتَهُ مع صلاته، وصيامَهُ مع صِيَامِهِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّة، يُنْظَرُ في قُذِذِهِ فلا يوجد فيه شيءٌ، ثم يُنْظَرُ إلى نَضِيِّهِ فلا يوجدُ فيه شيء، ثم يُنْظَرُ إلى رِصَافِهِ فلا يوجدُ فيه شيء، ثم يُنْظَرُ في نَضِيِّهِ فلا يوجدُ فيه شيء، قد سَبَقَ الفَرْثَ والدَّمَ. آيَتُهُمْ رجلٌ إحدى يَدَيْه -أو قال ثَدْيَيْهِ- مثلُ ثَدْيِ المرأةِ، أو قال: مثلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ.
يَخْرُجُونَ على حين فُرْقَةٍ من النَّاس. قال أبو سعيد: أشهدُ سمعتُ من النبي صلى الله عليه وسلم، وأشهدُ أَنَّ عليًّا قَتَلَهُم وأنا معه، جيءَ بالرَّجُلِ على النَّعْتِ الذي نَعَتَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم. قال: فَنَزَلَتْ فيه {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [سورة التوبة: الآية 58] "
(1)
.
قال الحافظ ابن حجر في "الإِصابة"(1/ 320) في ترجمة (حُرْقوص بن زهير السَّعْدِيّ): "زعم أبو عمر - (يعني ابن عبد البَرّ) - أنه ذو الخُوَيْصِرَة التَّميميّ رأس الخوارج المقتول بالنَّهْروان".
وقال في (1/ 484) مته في ترجمة (ذو الثُّدَيَّة): "ويقال هو ذو الخُوَيصِرَة".
(1)
قوله في الحديث: "يُنْظَرُ في قُذَذَهِ: "القُذَذُ ريش السَّهْم، واحدتها قُذَّة". "النهاية" (4/ 28).
قوله: "ثم يُنْظَرُ إلى نَصْلِهِ": النصل هو حديدة السَّهم والرُّمح "القاموس المحيط" مادة (نصل) ص 1373.
قوله: "ثم يُنْظَرُ إلى رِصَافِهِ": الرِّصافُ: "عَقَب يُلْوَى على مدخل النصل فيه". "النهاية"(2/ 227).
قوله: "ثم يُنْظَرُ إلى نَضِيِّه": النَّضِيُّ: "السَّهْمُ بلا نَصْلٍ ولا ريش". "القاموس المحيط" مادة (نضا) ص 1726. وانظر "النهاية" (5/ 73).
قوله: "قد سبق الفَرْثَ والدَّمَ": أي إنَّ السَّهْمَ قد جاوزهما ولم يعلق فيه منهما شيء.
والفَرْثُ: اسم ما في الكَرِش. انظر "لسان العرب" مادة (فرث)(2/ 76).
قوله: "مثل البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ": البَضْعة: القطعة من اللحم. وتَدَرْدَرُ: التدَرْدُر: التحرك والترجرج مارًا وجائيًا. انظر: "النهاية"(1/ 133) و (2/ 112).
ومعنى الحديث على ما ذكره الحافظ ابن حَجَر في "الفتح"(12/ 294): "أي يخرجون من الإِسلام بغتة كخروج السهم إذا رماه رامٍ قوي الساعد فأصاب ما رماه فنفذ منه بسرعة بحيث لا يعلق بالسهم ولا بشيء منه من المرمي شيء، فإذا التمس الرامي سهمه وجده ولم يجد الذي رماه، فينظر في السهم ليعرف هل أصاب أو أخطأ فإذا لم يره علق فيه شيء من الدم ولا غيره، ظن أنه لم يصبه، والفرض أنه أصابه، وإلى ذلك أشار بقوله "سبق الفَرْثَ والدَّمَ" أي جاوزهما، ولم يتعلق فيه منهما بشيء، بل خرجا بعده".
وقال في "فتح الباري"(12/ 292) -في كتاب استتابة المرتدين، باب قتال الخوارج للتألف. . . "وقد جاء أن (حُرْقوصًا) اسم (ذي الثُّدَيَّة) كما سيأتي. قلت -القائل ابن حَجَر-: وقد ذكر (حُرْقوص بن زهير) في الصحابة، أبو جعفر الطبري، وذكر أنه كان له في فتوح العراق أثر، وأنه الذي افتتح سوق الأهواز، ثم كان مع عليّ في حروبه، ثم صار مع الخوارج فَقُتِل معهم. وزعم بعضهم أنه ذو الثُّدَيَّة الآتي ذكره، وليس كذلك".
أقول: ولخبر (ذي الخُوَيصِرَة) و (ذي الثُّدَيَّة) طرق كثيرة جدًّا، وبألفاظ مختلفة. انظرها في:"السُّنَّة" لابن أبي عاصم (2/ 441 - 453)، و"خصائص عليّ" للنَّسَائي ص 181 - 194، و"المصنَّف" لابن أبي شَيْبَة (15/ 303) وما بعد، و"السنن" لابن ماجه (1/ 59 - 62)، و"دلائل النبوة" للبيهقي (6/ 426 - 436)، و"جامع الأصول"(10/ 76 - 93)، و"مجمع الزوائد"(6/ 76) وما بعد، و (6/ 234) وما بعد، و"المطالب العالية"(4/ 313 - 315)، و"فتح الباري"(12/ 292 - 302)، و"كنز العُمَّال"(11/ 286) وما بعد.
وستأتي بعض هذه الطرق في حديث (2032) و (2198) و (2199).
وأمّا ما ورد في حديث (نُبَيْط بن شَرِيط) عن عائشة مرفوعًا في ذكر سِمَةِ التحليق لأولئك الخوارج، فقد صحَّ من حديث أبي سعيد الخُدْري، رواه البخاري في التوحيد باب قراءة الفاجر والمنافق. . . (13/ 535 - 536) رقم (7562).
كما ورد من حديث أنس، عند أبي داود في "سننه"(5/ 123 - 124) رقم (4766) -في كتاب السنة، باب في قتال الخوارج-، والحاكم في "المستدرك". (2/ 147)، وغيرهما. وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذَّهَبِيُّ.
كما رواه الحاكم في الموطن ذاته من حديث أبي بَرْزَة وقال: "حديث: صحيح على شرط مسلم" ووافقه الذَّهَبِيُّ.
ورواه في (2/ 148) من حديث قتادة عن أنس وأبي سعيد معًا. وقال الحاكم: "لم يسمع هذا الحديث قتادة من أبي سعيد الخُدْري. . . ". وانظر "فتح الباري"(12/ 295).
* * *
42 -
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد
(1)
بن الحسن بن أحمد الحَرَشي قال: نبأنا أبو العبَّاس محمد بن يعقوب الأَصَمّ قال: نبأنا أبو عمر أحمد بن عبد الجبار العُطَارِديّ قال: نبأنا يونس بن بُكَيْر، عن محمد بن إسحاق.
وأخبرنا أحمد بن عثمان بن مَيَّاح السُّكَّرِي، وعليّ بن محمد بن عليّ الإِيَادي) -قال أحمد: أخبرنا. وقال عليٌّ: حدَّثنا- أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشافعي قال: حدَّثنا أبو يعلى محمد بن شَدَّاد المِسْمَعي قال: حدَّثنا عبد اللَّه بن هارون بن أبي عيسى قال: حدَّثنا أبي، عن محمد بن إسحاق.
وأخبرني عليّ بن محمد الإِيَادي
(2)
أيضًا قال: نبأنا أبو بكر الشافعي -إملاءً- قال: نبأنا إسماعيل بن محمد بن أبي كثير القاضي الفارسي قال: نبأنا شِهَاب بن مُعَمَّر البَلْخي قال: نبأنا أبو يحيى بكر بن سليمان الأَسْوَاري، عن ابن إسحاق.
وأخبرنا محمد بن أحمد بن رِزْق البزَّاز
(3)
قال: أنبأنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق قال: أنبأنا محمد بن أحمد البراء
(4)
.
وأخبرني عليّ بن محمد المالكي قال: حدَّثنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى: "أبو بكر بن أحمد". والتصويب من "الأنساب"(4/ 108)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (7/ 394) -مخطوط-.
(2)
في المطبوع: "الأيادي" بفتح الألف. والتصويب من "الأنساب"(1/ 394).
(3)
صُحِّفَ في المطبوع إلى: "البزار" بالراء المهملة والتصويب من "تاريخ بغداد"(1/ 351)، و"السِّيَر"(17/ 258).
(4)
صوابه "محمد بن أحمد بن البراء" كما في ترجمته في "تاريخ بغداد"(1/ 281).
قال: نبأنا محمد بن محمد الشَّطَويّ أبو أحمد، قالا: نبأنا الفضل -زاد الشَّطَويّ: ابن غانم- قال
(1)
: نبأنا سلمة -قال الشَّطَويّ: وقال ابن الفضل: حدَّثني- محمد بن إسحاق -ولفظ الحديث وسياقه ليونس بن بُكَيْر، عن ابن إسحاق- قال: حدَّثني عاصم بن عمر بن قَتَادة، عن محمود بن لَبِيد، عن ابن عبّاس قال:
حدَّثني سلمان الفارسيُّ قال: كنتُ رجلًا من أهل فارس من أهل أصبهان من قرية يقال لها (جَيّ)، وكان أبي دِهْقَان قريته، وكان يحبني حُبًّا شديدًا لم يحبّه شيئًا من ماله ولا ولده، فما زال به حبّه إياي حتى حبسني في البيت كما تحبس الجارية، واجتهدتُ في المجوسية حتى كنت قَطِنَ النّار الذي يوقدها فلا يتركها تخبو ساعة، وكنتُ كذلك لا أعلم من أمر الناس شيئًا إلَّا ما أنا فيه، حتى بنى أبي بنيانًا له وكانت له ضَيْعَة فيها بعض العمل. فدعاني فقال: أي بني إنه قد شغلني ما ترى من بنياني هذا عن ضيعتي هذه، ولا بد لي من اطلاعها، فانطلق إليهم قمرهم بكذا وكذا ولا تحتبس عني فإنك إن احتبست عني شغلتني عن كلّ شيء، فخرجت أريد ضيعته، فمررت بكنيسة النصارى فسمعت أصواتهم فيها، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: هؤلاء النصارى يصلُّون، فدخلت أنظر فأعجبني ما رأيت من حالهم، فواللَّه ما زلت جالسًا عندهم حتى غربت الشمس وبعث أبي في طلبي في كُلِّ وجه حتى جئته حين أمسيت، ولم أذهب إلى ضيعته. فقال أبي: أين كنت؟ ألم أكن قلت لك؟ فقلت: يا أبتاه مررت بناس يقال لهم: النصارى، فأعجبني صلاتهم ودعاؤهم فجلست أنظر كيف يفعلون. فقال: أي بني دينك ودين آبائك خير من دينهم. فقلت: لا واللَّه ما هو خير من دينهم. هؤلاء قوم يعبدون اللَّه ويدعونه ويصلُّون: له، ونحن نعبدُ. نارًا نوقدها بأيدينا إذا تركناها ماتت، فخافني فجعل في رِجْلي حديدًا وحبسني في بيت عنده، فَبَعَثْتُ إلى النصارى فقلت لهم: أين أَصْلُ هذا الدِّين الذي أراكم عليه؟ فقالوا: بالشام. فقلت لهم: إذا قدم عليكم من هناك ناس فآذنوني.
(1)
في المطبوع: "وقال". والصواب حذف الواو. وفي "تاريخ دمشق"(7/ 395) -مخطوط-: "حدثنا سلمة". وهو عنده عن الخطيب.
قالوا: نفعل! فقدم عليهم ناس من تجّارهم فبعثوا إليّ أنه قد قدم علينا تجّار من تجّارنا، فبعثت إليهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الخروج فآذنوني بهم. قالوا: نفعل! فلما قضوا حوائجهم وأرادوا الرحيل بعثوا إليّ بذلك، فطرحت الحديد الذي في رِجْلي ولحقت بهم، فانطلقت معهم حتى قُدِمْتُ الشام. فلمَّا قَدِمْتُهَا، قلت: من أفضل أهل هذا الدِّين؟ قالوا: الأُسْقُفُّ صاحب الكنيسة فجئته فقلت له: إني قد أحببت أن أكون معك في كنيستك، وأعبد اللَّه فيها معك، وأتعلم منك الخير. قال: فكن معي. قال: فكنت معه، وكان رجل سوءٍ، كان يأمرهم بالصدقة ويرغِّبهم فيها، فإذا جمعوها إليه اكتنزها ولم يعط المساكين منها شيئًا، فأبغضته بغضًا شديدًا لما رأيت من حاله، فلم ينشب أن مات، فلما جاؤوا ليدفنوه، فقلت لهم: إنَّ هذا رجل سوء، كان يأمركم بالصدقة ويرغِّبكم فيها، حتى إذا جمعتموها إليه اكتنزها إليه، ولم يعطها المساكين. فقالوا: وما علامة ذلك؟ فقلت: أنا أُخرج إليكم كنزه، فقالوا: فهاته، فأخرجت لهم سبع قِلال مملوءة ذهبًا وَوَرِقًا، فلمّا رأوا ذلك قالوا: واللَّه لا يدفن أبدًا. فصلبوه على خشبة ورموه بالحجارة، وجاؤوا برجل آخر فجعلوه مكانه، فلا واللَّه يا ابن عبَّاس! ما رأيت رجلًا قطّ لا يصلِّي الخمس أرى أنه أفضل منه، ولا أشد اجتهادًا، ولا أزهد في الدنيا، ولا أدأب ليلًا ونهارًا منه. ما أَعْلَمُني أحببت شيئًا قطّ قبله حبّه، فلم أزل معه حتى حضرته الوفاة، فقلت: يا فلان قد حضرك ما ترى من أمر اللَّه، وإني واللَّه ما أحببت شيئًا قطّ حبِّي لك فماذا تأمرني؟ وإلى من توصيني؟ فقال لي: أي بني واللَّه ما أعلمه إلَّا رجلًا بالمَوْصِل فأته، فإنك ستجده عل مثل حالي، فلمَّا مات وغُيِّبَ لحقت بالمَوْصِل، فأتيت صاحبها، فوجدته على مثل حاله من الاجتهاد والزَّهَادة في الدنيا، فقلت له: إنَّ فلانًا أوصاني إليك أن آتيك وأكون معك. قال: فأقم أي بني، فأقمت عنده على مثل أمر صاحبه حتى حضرته الوفاة، فقلت له: إنَّ فلانًا أوصاني إليك، وقد حضرك من أمر اللَّه ما ترى، فإلى من
(1)
؟ فقال: واللَّه ما أعلمه أي بني إلّا رجلًا
(1)
هكذا في المطبوع. وفي "مسند أحمد"(5/ 442)، وغيره:"فإلى من توصي بي".
بنَصِيبِين، وهو على مثل ما نحن عليه فالحق به. فلما دفناه لحقتُ بالآخر، فقلت له: يا فلان إنَّ فلانًا أوصي بي إلى فلان وفلان أوصى بي إليك. قال: فأقم أي بني. قال: فأقمت عندهم على مثل حالهم حتى حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان إنه قد حضرك من أمر اللَّه بما ترى، وقد كان فلان أوصى بي إلى فلان، وأوصى بي فلان إليك. فإلى من؟ قال: أي بني واللَّه ما أعلم أحدًا على مثل ما كنّا عليه، إلّا رجلًا بعَمُّورِيَّة من أرض الروم، فأته فإنك ستجده على مثل ما كنّا عليه. فلما واريته، خرجت حتى قدمت على صاحب عَمُّوريّة فوجدته على مثل حالهم، فأقمت عنده واكتسبت حتى كانت لي غنيْمة وبقرات. ثم حضرته الوفاة، فقلت: يا فلان إنَّ فلانًا كان أوصل بي إلى فلان، وفلان إلى فلان، وفلان إليك، وقد حضرك ما ترى من أمر اللَّه عز وجل فإلى من توصيني، قال: أي بني واللَّه ما أعلمه بقي أحد على مثل ما كنا عليه آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلّك زمان نبيٍّ يُبْعَثُ من الحَرَمِ، مهاجره بين حرَّتين إلى أرض سَبْخةٍ ذاتِ نخل، وإنَّ فيه علامات لا تخفى، بين كتفيه خاتمُ النبوة، يأكلُ الهَدِيَّةَ ولا يأكلُ الصَّدَقَةَ، فإن استطعت أن تخلص إلى تلك البلاد فافعل، فإنه قد أظلك زمانه. فلمَّا واريناه أقمت حتى مرّ رجال من تجّار العرب من كَلْب، فقلت لهم: تحملوني معكم حتى تقدموا بي إلى أرض العرب، وأُعطيكم غنيمتي هذه وبقراتي، قالوا: نعم. فأعطيتهم إياها. وحملوني حتى إذا جاؤوا بي وادي القرى، ظلموني، فباعوني عبدًا من رجل من يهود بوادي القرى، فواللَّه لقد رأيت النخل وطمعت أن تكون البلد الذي نَعَتَ لي صاحبي، وما حقَّت عندي حتى قدم رجل من بني قُرَيْظَة من يهود وادي القرى، فابتاعني من صاحبي الذي كنت عنده، فخرج بي حتى قدم بي المدينة. فواللَّه ما هو إلّا أن رأيتها، فعرفت نَعْتَهُ. فأقمت في رِقِّي مع صاحبي، وبعث اللَّه رسوله صلى الله عليه وسلم بمكة لا يذكر لي شيء من أمره مع ما أنا فيه من الرِّقّ، حتى قَدِمَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قُبَا، وأنا أعمل في نخلة له، فواللَّه إني لفيها إذ جاء ابن عَمٍّ له، فقال: يا فلان قاتل اللَّه بني قَيْلَة، واللَّه إنهم الآن لفي قُبَا مجتمعون على رجل جاء
من مكة يزعمون أنه نبي. فواللَّه ما هو إلّا أن سمعتها فأخذتني العُرَوى -يقول: الرَّعدة- حتَّى ظننت أسقطن على صاحبي. ونزلت أقول: ما هذا الخبر؟ ما هو؟ فرفع مولاي يده فلكمني لَكْمَةً شديدة، وقال: مالك وهذا؟ أقبل على عملك. فقلت: لأَي شيء
(1)
إنما سمعت خبرًا فأحببت أن أعلمه. قال: فلما أمسيت وكان عندي شيء من طعام فحملته وذهبت إلى رسول اللَّه وهو بقُبَا، فقلتُ: إنه بلغني أنك رجل صالح، وأنَّ معك أصحابًا لك غرباء، وقد كان عندي شيء للصدقة فرأيتكم أحقَّ مَنْ بهذه البلاد، فها هو، فَكُلْ منه. فأمسك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيده، وقال لأصحابه:"كُلُوا"، ولم يأكل. فقلت في نفسي: هذه خَلَّةٌ ممَّا وصف لي صاحبي. ثم رجعت وتحوَّل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجمع شيئًا كان عندي ثم جئته به، فقلت: إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية وكرامة ليست بالصدقة. فأكَلَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأكل أصحابه. فقلت: هاتان خَلَّتَان. ثم جئتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يتبع جنازة وعليَّ شَمْلتانِ لي وهو في أصحابه، فاستدرت به لأنظر إلى الخاتم في ظهره، فلما رآني رسول اللَّه استدبرته، عرف أني أستثبت شيئًا قد وُصِفَ لي، فرفع رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه كما وَصَف لي صاحبي، فأكببتُ عليه أقبِّله وأبكي. فقال:"تحوَّل يا سلمان هكذا". فتحوَّلت، فجلست بين يديه، وأحبَّ أَنْ يَسْمَعَ أصحابه حديثي عنه. فحدّثته يا ابن عبَّاس كما حدّثتك. فلما فرغت قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"كاتِبْ يا سلمان". فكاتبُ صاحبي على ثلاثمئة نخلة أُحييها، وأربعين أُوقيّة. فأعانني أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالنخل ثلاثين وَدِيَّة، وعشرين وَدِيَّة، وعشرًا، كلُّ رجل منهم على قدر ما عنده. فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"فَقِّرْ لها، فإذا فرغت فآذني، حتَّى أكون أنا الَّذي أضَعُها بيدي". ففقَّرتها وأعانني أصحابي -يقول: حفرت لها حيث توضع- حتى فرغنا منها، فخرج معي حتى جاءها، فكنّا نحمل إليه الوَدِيّ فيضعه
(1)
هكذا في المطبوع. وفي "مسند أحمد"(5/ 443): "لا شيء" وهو الصواب.
بيده ويُسَوِّي عليها. فوالذي بعثه بالحق ما ماتت منها وَدِية واحدة. وبقيت عليّ الدراهم. فأتاه رجل من بعض المغازي
(1)
بمثل البيضة من الذهب. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أين الفارسي المسلم المُكَاتَبُ"؟ فَدُعيتُ له، فقال:"خذ يا سلمان، فأدِّ بها ما عليك". فقلت: يا رسول اللَّه وأين تقع هذه ممَّا عليّ؟ قال: "فإن اللَّه سيؤدي بها عنك". فوالذي نفس سلمان بيده لَوَزَنْتُ لهم منها أربعين أُوقيّة فأديتها إليهم وعتق سلمان. وكان الرِّقُّ قد حبسني حتى فاتني مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بدر وأحد، ثم عتقت فشهدت الخندق ثم لم يفتني معه مشهد.
(1/ 164 - 169) في ترجمة (سلمان الفارسي).
مرتبة الحديث:
صحيح بمجموع طرقه.
وقد رواه الحافظ الخطيب من خمسة طرق:
الأوَّل: عن أبي بكر أحمد بن الحسن الحَرَشي، عن العبَّاس الأَصَمّ، عن أحمد بن عبد الجبار العُطَارِدِيّ، عن يونس بن بُكَيْر، عن محمد بن إسحاق قال: حدَّثني عاصم بن عمر بن قَتَادة، عن محمود بن لبيد، عن ابن عبَّاس، عن سلمان، به.
أقول: رجال إسناد هذا الطريق حديثهم حسن، عدا (أحمد بن عبد الجبَّار العُطَارِديّ) فإنه "ضعيف، وسماعه للسيرة صحيح" كما قال الحافظ ابن حَجَر في التقريب" (1/ 19). وستأتي ترجمته في حديث (188). لكنه قد توبع كما سيأتي. وقد صرَّح ابن إسحاق بالتحديث.
الطريق الثاني: عن أحمد بن عثمان السُّكَّرِيّ، وعلي بن محمد الإيَادي، عن أبي بكر محمد بن عبد اللَّه الشَّافِعِي، عن محمد بن شَدَّاد المِسْمَعيّ، عن
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى "المعادن"! ! والتصويب من "مسند أحمد"(5/ 444).
عبد اللَّه بن هارون بن أبي عيسى، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، به.
أقول: في إسناد هذا الطريق (محمد بن شَدَّاد المِسْمَعيّ أبو يعلي) وهو ضعيف جدًّا. وتقدمت ترجمته في حديث (34).
كما أنَّ فيه (هارون بن أبي عيسى الشَّامي) وقد ترجم له في:
1 -
"التاريخ الكبير"(8/ 224) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا. وقال: كاتب محمد بن إسحاق، روى عنه ابنه عبد اللَّه".
2 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (4/ 358 - 359) وقال: "صاحب السيرة، ولا يُتَابَعُ على حديثه". وفيه عن البخاري: "يخطئ في حديثه عن غير ابن إسحاق".
3 -
"الثقات" لابن حِبَّان (9/ 238).
4 -
"الكاشف"(3/ 189) وقال: "ثقة"!
5 -
"التقريب"(2/ 312) وقال: "مقبول، من الثامنة"/ س.
وباقي رجال الإسناد حديثهم حسن.
الطريق الثالث: عن عليّ بن محمد الإيادي، عن أبي بكر الشَّافعي، عن إسماعيل بن محمد بن أبي كثير القاضي الفارسي، عن شِهَاب بن معمَّر البَلْخِي، عن بكر بن سليمان الأَسْوَاري عن ابن إسحاق، به.
أقول: وهذا الطريق إسناده حسن إن شاء اللَّه، رجاله كلُّهم ثقات عدا (بكر بن سليمان الأَسْوَاري البَصْري أبو يحيى) فقد ترجم له في:
1 -
"التاريخ الكبير"(2/ 90) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
2 -
"الجرح والتعديل"(2/ 387) وفيه عن أبي حاتم: "مجهول".
3 -
"الثقات" لابن حِبَّان (8/ 148) وقال: "روى عنه شهاب بن معمَّر، ومحمد بن عبّاد بن آدم".
4 -
"ميزان الاعتدال"(1/ 345) وقال بعد أن ذكر تجهيل أبي حاتم له: "روى عنه شهاب بن معمَّر وخليفة بن خيَّاط. ولا بأس به إن شاء اللَّه تعالى". وتابعه في "اللسان"(2/ 51).
الطريق الرابع: عن محمد بن أحمد بن رِزْق البزَّاز، عن عثمان بن أحمد الدَّقَّاق، عن محمد بن أحمد بن البراء، عن الفضل بن غانم، عن سَلَمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، به.
أقول: في إسناد هذا الطريق (الفضل بن غانم الخُزَاعي أبو عليّ) وهو ليس بالقويِّ. وستأتي ترجمته في حديث (1899).
كما أن في إسناده (سَلَمَة بن الفضل الأَبْرَش الأنصاري أبو عبد اللَّه الأَزْرَق) وقد ترجم له في:
1 -
"الطبقات الكبرى" لابن سعد (8/ 281) وقال: "كان ثقةً صدوقًا، وهو صاحب محمد بن إسحاق، روى عنه المغازي والمبتدأ".
2 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 226) وقال: "كان يتشيع، وقد كتبتُ عنه، وليس به بأس".
3 -
"التاريخ الكبير"(4/ 44) وقال: "عنده مناكير. . . وهَّنَهُ عليٌّ -يعني ابن المَدِيني-".
4 -
"الضعفاء" لأبي زُرْعة الرَّازِيّ (2/ 362) وقال: "كان من أهل الرأي لا يرغبون فيه لِمَعَانٍ فيه من سوء رأيه، وظلم. فيه. وأمَّا إبراهيم بن موسى فسمعته غير مرَّة -وأشار أبو زُرْعة إلى لسانه يريد الكذب-".
5 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 118 رقم (253) وقال: "ضعيف، يروي عن ابن إسحاق المغازي".
6 -
"الجرح والتعديل"(4/ 168 - 170) وفيه عن ابن مَعِين: "ثقة، قد كتبنا عنه، كان كَيِّسًا، مغازيه أتمّ، ليس في الكتب أتمّ من كتابه". وقال أبو حاتم:
"صالح، محلّه الصدق، في حديثه إنكار، ليس بالقويّ، لا يمكن أن أطلق لساني فيه بأكثر من هذا. يُكْتَبُ حديثه ولا يحتجُّ به". وقال جَرِير: "ليس من لدن بغداد إلى أن تبلغ خُرَاسان أثبت في ابن إسحاق من سلمة بن الفضل".
7 -
"المجروحين" لابن حبَّان (1/ 337 - 338)، وذكر ما سيأتي عن ابن عدي.
8 -
"الثقات لابن حبَّان (8/ 287) وقال: "يخالف ويخطئ".
9 -
"التراجم الساقطة من "الكامل" -المطبوع- لابن عدي" ص 109 - 112، وقال:"وعنده عن ابن إسحاق وغيره إفرادات وغرائب، ولم نر من حديثه حديثًا قد جاوز الحدَّ في الإنكار، وأحاديثه متقاربة محتملة". وفيه أنَّ إسحاق بن إبراهيم -يعني ابن رَاهُوْيَه- قد ضعَّفه.
10 -
"التهذيب"(4/ 153 - 154) وفيه عن التِّرْمِذِيّ: "كان إسحاق يتكلَّم فيه". وقال أبو أحمد الحاكم: "ليس بالقويّ عندهم". وقال أبو داود: "ثقة". وقال أحمد وقد سئل عنه: "لا أعلم إلَّا خيرًا".
11 -
"التقريب"(1/ 308) وقال: "صدوق كثير الخطأ، من التاسعة"/ د ت فق.
وباقي رجال الإسناد ثقات.
الطريق الخامس: عن عليّ بن محمد المالكي، عن محمد بن عبد اللَّه الشَّافِعِي أبو بكر، عن محمد بن محمد الشَّطَويّ، عن الفضل بن غانم، عن سَلَمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، به.
أقول: فيه (الفضل بن غانم) و (سَلَمة بن الفضل الأَبْرَش) وقد سبق الكلام عليهما في الطريق الرابع.
وشيخ الخطيب (عليّ بن محمد المالكي) هو (عليّ بن محمد بن عليّ بن يعقوب الإيادي أبو القاسم)، ترجم له في "تاريخه" (12/ 97 - 98) وقال:"كتبنا عنه وكان ثقةً ديِّنًا يتفقه على مذهب مالك". وكانت وفاته سنة (414 هـ).
وبقية رجال الإسناد ثقات.
التخريج:
رواه محمد بن إسحاق في "السِّيَر والمَغَازي" ص 87 - 91، قال: حدَّثني عاصم بن عمر بن قَتَادة، عن محمود بن لَبِيد، عن ابن عبَّاس عنه، به.
ومن طريقه: رواه أحمد في "المسند"(5/ 441 - 444)، وابن هشام في "السيرة"(1/ 214 - 221)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(4/ 75 - 80)، والطبراني في "المعجم الكبير"(6/ 273 - 277) رقم (6065)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 92 - 97)، وأبو الشيخ بن حَيَّان الأصبهاني في "طبقات المحدِّثين بأصبهان"(1/ 209 - 217)، وأبو نُعَيْم في "دلائل النبوة"(1/ 339 - 347)، وفي "تاريخ أصبهان"(1/ 49) -وساق بعضه-، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(7/ 394 - 397) -مخطوط-.
وقد صرَّح ابن إسحاق في "سيرته" بالتحديث، وهو كذلك عند أحمد: وابن هشام وأبي نُعَيْم والبيهقي وابن عساكر.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 336): "رواه أحمد كلّه، والطبراني في "الكبير" بنحوه بأسانيد، وإسناد الرواية الأولى عند أحمد والطبراني رجالها رجال الصحيح، غير محمد بن إسحاق، وقد صرَّح بالسماع".
وبنحو الرواية السابقة وبأخصر منها، رواه ابن حبَّان في "صحيحه":(9/ 127 - 128) رقم (7979)، وابن أبي شَيْبَة في "مصنَّفه"(14/ 321 - 324)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(4/ 81 - 82)، من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق السَّبِيعي، عن أبي قُرَّة الكِنْدي، عن سلمان.
ومن هذا الطريق مختصرًا عمّا عندهم رواه أحمد في "المسند"(5/ 438).
وروى الجزء الأخير منه الطبراني في "المعجم الكبير"(6/ 317 - 318) رقم (6155) من الطريق ذاته.
أقول: رجال إسناد هذا الطريق ثقات، إلَّا أنَّ (أبا قُرَّة الكِنْدي) لم يوثِّقه غير ابن حِبَّان، حيث ذكره في "ثقاته" (6/ 148) وقال:"كان قاضيًا بالكوفة، واسمه فلان بن سَلَمة. روي عن عمر بن الخطَّاب وسلمان وحُذَيْفة بن اليَمَان. وكان معروفًا قليل الحديث".
ولم يذكره الحافظ في "تعجيل المنفعة" مع أنَّه على شَرْطِهِ.
ورواه بسياق مختلف: الحاكم في "المستدرك"(3/ 599 - 602)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 82 - 92)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" و (7/ 401 - 406) -مخطوط-، من طريق علي بن عاصم، حدَّثنا حاتم بن أبي صَغِيرة، عن سِمَاك بن حَرْب، عن زيد بن صُوْحَان، عن سلمان.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح عال في ذكر إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه ولم يخرِّجاه".
ولم يوافقه الذَّهَبِيُّ في "تلخيص المستدرك"(3/ 600) فقال: "بل مجمعٌ على ضعفه".
أقول: العجيب من الحافظ الذَّهَبِيَّ أنَّه قال في "تلخيص المستدرك": "بل مجمعٌ على ضعفه"؛ بينما يقول في "سِيَر أعلام النبلاء"(1/ 532): "هذا حديث جيِّد الإسناد، حكم الحاكم بصحته". ويعود في "تاريخ الإسلام" -السيرة النبوية- ص 113 ليقول: إنَّه منقطع، فسِمَاك بن حَرْب لم يدرك زيد بن صُوْحَان. وعليّ بن عاصم: ضعيف كثير الوَهَم.
أقول: والصواب أنَّ إسناده ضعيف. فـ (سِمَاك بن حَرْب الذُّهْلي): صدوق، تغيَّر بأَخَرَةٍ فكان ريما يُلَقَّن. وستأتي ترجمته في حديث (1312).
كما أنَّ فيه (عليّ بن عاصم الوَاسِطي) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (556).
وقد قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"(2/ 316) بعد أن ساقه من هذا الطريق: "في هذا السياق غرابة كثيرة، وفيه بعض المخالفة لسياق محمد بن إسحاق. وطريق محمد بن إسحاق أقوى إسنادًا وأحسن اقتصاصًا وأقرب إلى ما رواه البخاري في "صحيحه" من حديث مُعْتَمِر بن سليمان بن طَرْخَان التَّيْمي، عن: أبيه، عن أبي عثمان النَّهْدِيّ، عن سلمان الفارسي أنَّه تداوله بضعة عشر، من رب إلى رب، أي من معلِّم إلى معلِّم، ومرب إلى مثله".
ولم يَتَنَبَّه مخرِّج أحاديث "السِّيَر"، ولا محقق "تاريخ الإسلام"، لاضطراب الذَّهَبِيّ في الحكم عليه، بل العجيب أنهما لم يذكرا عدم موافقة الذَّهَبِيّ للحاكم في "تلخيص المستدرك". فضلًا على أنَّ مخرِّج أحاديث "السِّيَر" الشيخ المحقق شعيب الأرنؤوط قد سكت على قول الذَّهَبِيّ فيه:"هذا حديث جيَّد الإسناد حكم الحاكم بصحته"! ! .
ثم وقفت بَعْدُ على قول الحافظ ابن حَجَر في "تغليق التعليق"(2/ 266) بعد أن ذكره من طريق سِمَاك بن حَرْب عن زيد بن صُوحَان المتقدِّم: "وإسناده صحيح". وهو موضع نظر كما بينت. وقد عزاه لابن حِبَّان أيضًا.
ورواه الفَسَوي في "المعرفة والتاريخ"(3/ 272 - 274) عن زكريا بن الأُرْسُوفي، حدَّثنا السَّرِي بن يحيى، عن سليمان التَّيْمي، عن أبي عثمان النَّهْدِيّ، عن سلمان مختصرًا مع اختلاف في السياق.
وقال الذَّهَبِيُّ في "تاريخ الإسلام"(2/ 158): "إسناده جيَّد، وزكريا الأُرْسُوفي صدوق إن شاء اللَّه".
ورواه الحاكم في "المستدرك"(3/ 603 - 604)، وأبو نُعَيْم في "الحِلْية"(1/ 190 - 193)، والطبراني في "المعجم الكبير"(6/ 280 - 283) رقم
(6075)
، من طريق عبد اللَّه بن عبد القدوس، حدَّثنا عبيد المُكْتِب، حدَّثني أبو الطُّفَيْل عامر بن واثِلَة، عن سلمان مع اختلاف في السياق.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد" وتعقَّبه الذَّهَبِيُّ بقوله: "ابن عبد القدوس: ساقط".
وقال الهيثمي في "المجمع"(9/ 339): "رواه الطبراني، وفيه عبد اللَّه بن عبد القدوس التَّيْمِيّ ضعَّفه أحمد والجمهور، ووثَّقه ابن حِبَّان وقال: ربما أغرب. وبقية رجاله ثقات".
وقال الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر"(1/ 534): "هذا حديث منكر غير صحيح، وعبد اللَّه بن عبد القدوس متروك".
وسيأتي برقم (1368) من طريق سِمَاك بن حَرْب، عن سَلَّامة العِجْلي، عن مسلمان مطوَّلًا، وسياقه فيه اختلاف أيضًا، وسنده ضعيف كما بينته هناك.
وقال الحافظ ابن حَجَر في "الإصابة"(2/ 62) في ترجمة (سلمان الفارسي): "ورويت قصته من طرق كثيرة من أصحها ما أخرجه أحمد من حديثه نفسه، وأخرجها الحاكم من وجه آخر عنه أيضًا، وأخرجه الحاكم من حديث بُرَيْدة. وعلَّق البخاري طَرَفًا منها. وفي سياق قصته في إسلامه اختلاف يتعسر الجمع فيه".
أقول: يُرَجَّحُ سياق ابن إسحاق المتقدِّم والذي رواه الخطيب عنه، وقد تقدَّم قول الحافظ ابن كثير:"وطريقُ ابن إسحاق أقوى إسنادًا وأحسن اقتصاصًا. . . ". واللَّه أعلم.
أمَّا ما علَّقه البخاري، فإنَّه في "صحيحه" في كتاب البيوع، باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه (4/ 410). وقد علَّقه بصيغة الجزم، فقال:"وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لسلمان: كَاتِبْ. وكان حُرًّا فظلموه وباعوه".
وقوله: "كان حُرًّا فظلموه وباعوه" هو من كلام البخاري لخَّصه من قصَّته في الحديث الَّذي عَلَّقَهُ كما قال الحافظ في "الفتح"(4/ 412).
أمَّا حديث بُرَيْدة، فقد رواه الحاكم في "المستدرك"(2/ 16) مختصرًا جدًّا، وفيه ما يتعلق بأمر الصدقة والهدية والمُكَاتَبَة فحسب، وقال:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
وقال الحافظ ابن حَجَر في "تغليق التعليق"(2/ 266) بعد أن رواه من طريق الحاكم: "هو صحيح بشواهده". وقد عزا في "فتح الباري"(12/ 412) حديث بُرَيْدة إلى أحمد وأبي يَعْلَى أيضًا.
أقول: حديث بُرَيْدة لا يوجد في "مسند أبي يَعْلَى" -الرواية المختصرة المطبوعة-.
غريب الحديث:
1 -
قوله: "من قرية يقال لها (جَيّ) ": هي مدينة ناحية أصبهان القديمة. "معجم البلدان"(2/ 202).
2 -
قوله: "وكان أبي دِهْقَان قريته": الدِّهْقَان -بكسر الدال وضمها-: هو رئيس القرية، العارف بالفِلاحة وما يصلح بالأرض من الشجر، يُلْجَأُ إليه في معرفة ذلك. وهو مُعَرَّبٌ ونونه أصلية. انظر:"شرح السيرة النبوية" لأبي ذر الخُشَني (1/ 274)، و"النهاية"(2/ 145)، و"المُغْرِب" ص 171 - 172.
3 -
قوله: "كنت قَطِنَ النَّار" قال ابن الأثير في "النهاية"(4/ 85): "أي خَازِنَهَا وخَادِمَهَا. أراد أنَّه كان لازمًا لها لا يفارقها، من قطن في المكان إذا لزمه".
4 -
قوله: "بِنَصيبِين": "مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادَّة القوافل من مَوْصِل إلى الشام. . . ". "مراصد الاطلاع"(3/ 1374).
5 -
قوله: "بني قَيْلَة": يعني الأنصار بقبيلتيها الأَوْس والخَزْرَج. وقَيْلَة: اسم أمٍّ لهم قديمة، وهي قَيْلَةُ بنت كاهل. انظر "النهاية"(4/ 134).
6 -
قوله: "وَدِيَّة": الوَدِيّ: "صِغَارُ النخل. الواحدة: وَدِيَّة". "النهاية"(5/ 170).
* * *
43 -
أخبرنا أبو نُعَيْم الحافظ قال: نبأنا أبو أحمد الغِطْرِيفي قال: نبأنا عبد الرحمن بن أحمد بن عَبْدُوس الهَمَذَاني
(1)
، حدَّثنا قَطَن بن إبراهيم
(2)
.
قال أبو نُعَيْم: ونبأنا أبو محمد بن حَيَّان -والسياق له- قال: نبأنا عبد اللَّه بن محمد بن الحجَّاج، وأبو بكر محمد بن عبد اللَّه المُؤَدِّب، قالا: نبأنا عبد الرحمن بن أحمد بن عَبْدُوس
(3)
قال: نبأنا قَطَن بن إبراهيم قال: نبأنا وَهْب بن كثير بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن سلمان الفارسي قال: حدَّثتني أُمِّي، عن أبي: كثير بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه
(4)
بن سلمان الفارسي، عن أبيه،
عن جَدِّه: أنَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أملى الكِتَابَ على عليّ بن أبي طالب: "هذا ما فادي محمد بن عبد اللَّه رسول اللَّه. فَدَى سلمان الفارسي من عثمان بن الأشهل اليهودي ثم القُرَظي، بغرس ثلثمائة نخلة، وأربعين أُوقية ذَهَبًا، وقد برئ محمد بن عبد اللَّه رسول اللَّه لثمن سلمان الفارسي، وولاؤه لمحمد بن عبد اللَّه رسول اللَّه وأهل بيته، فليس لأحد على سلمان سبيل.
(1)
في المطبوع: "الهمداني" بالدال المهملة. والتصويب من "تاريخ أصبهان"(1/ 51)، و"السِّيَر" (14/ 438). كما أنَّه ورد في "تاريخ أصبهان" -وعنه رواه الخطيب- باسم:"عبد الرحمن بن أحمد بن عبَّاد الهَمَذاني عَبْدُوس".
(2)
قوله: "حدَّثنا قطن بن إبراهيم" سقط من المطبوع. والاستدراك من "تاريخ أصبهان"(1/ 51)، و"تاريخ دمشق"(7/ 406) -مخطوط-.
(3)
هكذا في المطبوع. وفي "تاريخ أصبهان"(1/ 52): "عبد الرحمن بن أحمد عَبْدُوس".
(4)
في المطبوع: "كثير بن عبد اللَّه" وهو خطأ. والتصويب من "تاريخ أصبهان"(1/ 52)، و"تاريخ دمشق"(7/ 406) -مخطوط-.
شهد على ذلك: أبو بكر الصِّدِّيق، وعمر بن الخطَّاب، وعليّ بن أبي طالب، وحُذَيْفة بن سعد بن اليَمَان
(1)
، وأبو ذَرٍّ الغِفَاري، والمِقْدَاد بن الأسود، وبلال مولى أبي بكر، وعبد الرحمن بن عوف.
وكتب عليّ بن أبي طالب يوم الاثنين في جُمَادى الأولى من سنة مُهَاجَر محمد بن عبد اللَّه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
(1/ 170) في ترجمة (سلمان الفارسي).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. وَمَتْنُهُ مُنْكَرٌ.
قال الحافظ الخطيب عقبه: "في هذا الحديث نظر، وذلك: أنَّ أوَّل مشاهد سلمان مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غزوة الخندق، وكانت في السنة الخامسة من الهجرة، ولوكان يخلص سلمان من الرِّق في السنة الأولى من الهجرة لم يفته شيء من المغازي مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. وأيضًا: فإن التاريخ بالهجرة لم يكن في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأوَّل من أَرَّخَ بها عمر بن الخطَّاب في خلافته واللَّه أعلم".
أقول: في إسناده: (وَهْب بن كثير بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن سلمان الفارسي) ولا يعرف هو، ولا أبوه، ولا جدّه.
وقد ترجم في "اللسان"(3/ 421) لـ (عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن سلمان الفارسي) -وهو من زوائده على "الميزان"- وقال: "عن أبيه عن جدِّه بقصَّة إسلامه مختصرة. وعنه ولده كثير بن عبد الرحمن. أورده ابن مَرْدُويَه في "تاريخ
(1)
هكذا في المطبوع: "حذيفة بن سعد بن اليمان". وهو موافق للنسخة الخطية من "طبقات المحدِّثين بأصبهان" لأبي الشيخ بن حَيَّان، كما أشار محققه. انظر (1/ 226) منه. وفي "تاريخ أصبهان" (1/ 52):"حُذَيْفَة بن اليَمَان". وهو المشهور الموافق لما في "الإصابة"(1/ 317). واسم والد خذيفة: (حُسَيْل). انظر "الإصابة"(1/ 331).
أصبهان". قال العَلائي في (الوشي)
(1)
: لا أعرفه".
كما ذكر في "اللسان"(3/ 483) ترجمة (كثير بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن سلمان الفارسي) وأحال إلى ترجمة أبيه (عبد الرحمن) السابقة.
كما أنَّ في إسناده جهالة أُمِّ وَهْب بن كثير.
وفيه كذلك (قَطَن بن إبراهيم بن عيسى القُشَيْريّ النَّيْسَابُورِيّ أبو سعيد)، وفيه مقال. وستأتي ترجمته في حديث (1938).
و(أبو أحمد الغِطْرِيفيّ) هو (محمد بن أحمد بن حسين العَبْديّ الجُرْجَانِيّ)، ترجم له الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر" (16/ 354 - 356) وقال:"الإمام الحافظ المجوِّد الرحَّال، مسند وقته. . . وكان مع علمه وحفظه صوَّامًا قوَّامًا متعبِّدًا، صنَّف الصحيح على المسانيد، وعُمِّرَ دَهْرًا". توفي سنة (377 هـ).
و(عبد الرحمن بن أحمد بن عبَّاد، عَبْدُوس الهَمَذَاني أبو محمد)، ترجم له في "السِّيَر" (14/ 438 - 439) وقال: الإمام الحافظ الأوحد. . . قال شِيرُويَه الدَّيْلَمِيّ في "تاريخه": روى عنه عامَّة أهل الحديث ببلدنا، وكان ثقةً متقنًا يُحْسِنُ هذا الشأن". توفي عام (312 هـ).
وشيخ أبي نُعَيْم: (أبو محمد بن حَيَّان) هو (عبد اللَّه بن محمد بن جعفر بن حَيَّان المعروف بأبي الشيخ الأنصاري الأصبهاني)، وقد ترجم له الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر" (16/ 276 - 280) وقال:"الإمام الحافظ الصادق محدِّث أصبهان. . . قال ابن مَرْدُويَه: ثقة مأمون. . . وقال أبو بكر الخطيب: كان أبو الشيخ حافظًا ثَبْتًا متقنًا". توفي عام (369 هـ).
(1)
واسم الكتاب بتمامه: "الوشي المعلَّم في الحديث فيمن روى عن أبيه عن جدِّه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم". قال المحدِّث محمد بن جعفر الكَتَّاني رحمه الله في "الرسالة المستطرفة" ص 163 - 164 بعد أن ذكره: "وهو أجمع مصنَّف في هذا -أعني من روى عن أبيه عن جدِّه-، وهو في مجلد كبير، قسَّمه أقسامًا، وخرَّج في كل ترجمة حديثًا من مَرْوِيِّه، وقد لَخَّصَه الحافظ ابن حَجَر وزاد عليه تراجم كثيرة جدًّا".
و (عبد اللَّه بن محمد بن الحجَّاج بن يوسف)، ترجم له أبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان" (2/ 81) وقال:"فقيه مقبول القول، ثقة كتب عن المِصْريين والشَّاميين".
و (أبو بكر محمد بن عبد اللَّه المؤَدِّب) هكذا سمَّاه الخطيب، وهو كذلك في "تاريخ أصبهان" (1/ 52). لكن في "طبقات المحدِّثين بأصبهان" لأبي محمد عبد اللَّه أبو الشيخ بن حَيَّان الأصبهاني (1/ 227):"حدَّثني أبو بكر بن أحمد المؤَدِّب. وكان ممن يختلف ويجالسني".
التخريج:
رواه أبو محمد عبد اللَّه أبو الشيخ بن حَيَّان الأصبهاني في "طبقات المحدِّثين بأصبهان"(1/ 224 - 227) رقم (13 و 14)، من طريق عبد اللَّه بن محمد بن الحجَّاج، وأبي بكر المؤَدِّب، عن عَبْدُوس، به.
وعنه أبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان"(1/ 51 - 52).
ورواه أبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان"(1/ 51 - 52) عن أبي أحمد الغِطْرِيفيّ، عن عَبْدُوس، به.
ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(7/ 406 - 407) -مخطوط- عن الخطيب من طريقه المتقدِّم.
* * *
44 -
أخبرنا الجَوْهري: قال: أنبأنا عيسى بن عليّ قال: نبأنا عبد اللَّه بن محمد البَغَوي قال: نبأنا الزبير بن بَكَّار قال: حدَّثني سَاعِدَة بن عبيد اللَّه المُزَني، عن داود بن عطاء، عن زيد بن أَسْلَم،
عن ابن عمر أنَّه قال: إنَّ عمر كان يدعو عبد اللَّه بن عبَّاس فيقرِّبه، ويقول: إني رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دعاك يومًا فمسح رأسَكَ، وتَفَل في فِيكَ
وقال: "اللَّهُمَّ فَهِّمْهُ
(1)
في الدِّين وعلِّمْهُ التَّأويل".
(1/ 174) في ترجمة (عبد اللَّه بن عبَّاس).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والحديث صحيح من طرق أخرى.
ففيه (داود بن عطاء المُزَني المَدَني أبو سليمان) وقد ترجم له في:
1 -
"العلل" لأحمد (1/ 250) وقد سأله ولده عبد اللَّه عنه فقال: "لا تحدِّث عنه، ليس بشيء، قد رأيته".
2 -
"التاريخ الكبير"(3/ 243 - 244) وقال: "منكر الحديث".
3 -
"الضعفاء" لأبي زُرْعَة الرَّازي (2/ 614) وقال: "منكر الحديث".
4 -
"الجرح والتعديل"(3/ 420 - 421) وفيه عن أبي حاتم: "ليس بالقويّ، ضعيف الحديث، منكر الحديث"؛ فسأله ولده عبد الرحمن: يُكْتَبُ حديثه؟ فقال: "من شاء كتب حديثه زَحْفًا".
5 -
"المجروحين"(1/ 289) وقال: "كثير الوهم في الأخبار لا يحتجّ به بحال لكثرة خطئه وغلبته على صوابه".
6 -
"الكامل"(3/ 953 - 954) وقال: "ليس حديثه بالكثير وفي حديثه بعض النُّكْرَةِ".
7 -
"تهذيب الكمال"(8/ 419 - 420) وفيه عن النَّسَائي: "ضعيف".
8 -
"الكاشف"(1/ 223) وقال: "ضعيف".
(1)
هكذا في المطبوع: "فَهِّمْهُ". وفي "أنساب الأشراف"(3/ 37) و"فتح الباري"(1/ 170): "فَقِّهُهُ". والحديث عندهما من نفس طريق الخطيب، وما فيهما يوافق رواية الحديث من الطرق الأخرى.
9 -
التهذيب" (3/ 193 - 194) وفيه عن الدَّارَقُطْنِيّ: "متروك".
10 -
"التقريب"(1/ 233) وقال: "ضعيف، من الثامنة"/ ق.
و(سَاعِدَة بن عبيد اللَّه المُزَني) لم أقف على من ترجم له.
وشيخ الخطيب (الجَوْهَرِيُّ) هو (الحسن بن عليّ بن محمد أبو محمد)، ترجم له في "تاريخه" (7/ 393) وقال:"كان ثقةً أمينًا كثير السماع". توفي عام (454 هـ). وانظر في ترجمته كذلك "السِّيَر"(18/ 68 - 71).
و(عيسي بن عليّ) هو (عيسي بن عليّ بن عيسى بن داود بن الجرَّاح أبو القاسم)، ترجم له الخطيب في "تاريخه" (11/ 179 - 180) وقال:"كان ثَبْتَ السماع، صحيح الكتاب". وفيه عن محمد بن أبي الفَوَارس: "كان يُرْمَى بشيء من مذهب الفلاسفة". وردَّ ذلك عنه الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(3/ 318) فقال: "لم يصح ذا عنه".
وقد ترجم له في "السِّيَر"(16/ 549 - 551) وقال: "الشيخ الجليل العالِمُ المُسْنِدُ". وكانت وفاته سنة (391 هـ).
وباقي رجال الإسناد ثقات.
التخريج:
رواه البَلاذُرِيّ في "أنساب الأشراف"(3/ 37)، وأبو القاسم عبد اللَّه بن محمد البَغَوي في "معجم الصَّحابة" -كما في "فتح الباري"(1/ 170) في كتاب العلم، باب قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ علّمه الكِتَاب-، من طريق الزُّبَيْر بن بَكَّار، عن سَاعِدَة بن عبيد اللَّه المُزَني، به.
ورواه من ذات الطريق: ابن عدي في "الكامل"(3/ 953) في ترجمة (داود بن عطاء)، وأبو نُعَيْم في "الحِلْية"(1/ 315)، مقتصرين على ذكر المرفوع فحسب، ولفظ المرفوع عندهما:"اللَّهُمَّ بارك فيه وانشر منه".
وقال ابن عدي: "هذا يرويه عن زيد: داود، وعن داود يروي: سَاعِدَة. ولا أعرفه إلَّا عن الزُّبَيْر بن بَكَّار عن سَاعِدَة".
وقال أبو نُعَيْم: "تفرَّد به داود بن عطاء المَدَني".
وذكرهما باللفظين المتقدِّمين ومن نفس الطريق، ابن كثير في "البداية والنهاية"(8/ 296) ولم يتكلَّم عليهما بشيء.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ في الدِّين وعَلِّمْهُ التَّأويل". رواه أحمد في "المسند"(1/ 266 و 314 و 328 و 335)، وابن أبي شَيْبَة في "مصنَّفه"(12/ 111 - 112)، والحاكم في "المستدرك"(3/ 535)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(2/ 365)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 293) رقم (10587)، والفَسَويّ في "المعرفة والتاريخ"(1/ 494)، والبَلَاذُرِيّ في "أنساب الأشراف"(3/ 28)، عن ابن عبَّاس مرفوعًا، به.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرِّجاه". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
وقال الهيثمي في "المجمع"(9/ 276): "ولأحمد طريقان رجالهما رجال الصحيح".
وصحَّحه ابن عبد البرّ في "الاستيعاب"(2/ 352).
ورواه البخاري في الوضوء، باب وضع الماء عند الخلاء (1/ 244) رقم (143) عن ابن عبَّاس مرفوعًا مقتصرًا على الشطر الأوَّل:"اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ في الدِّينِ".
ورواه مسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل عبد اللَّه بن عبَّاس (4/ 1927) رقم (2477) عن ابن عبَّاس مرفوعًا بلفظ:"اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ" دون قوله: "في الدِّين".
وقد ورد الحديث من طرق وبألفاظ مختلفة، انظرها مع الكلام عليها في:"فتح الباري"(1/ 169 - 170) -في كتاب العلم، باب قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:"اللَّهُمَّ عَلِّمُهُ الكتاب"-، وفي (7/ 100) - في فضائل الصحابة، باب
ذكر ابن عبَّاس رضي الله عنهما، و"جامع الأصول"(9/ 63 - 64)، و"مجمع الزوائد"(9/ 276)، و"سِيَر أعلام النبلاء"(3/ 334 و 336 - 339)، و"البداية والنهاية" لابن كثير (8/ 296 - 297). وانظر:"الطبقات الكبرى" لابن سعد (2/ 365)، و"فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل (2/ 846)، و"فضائل الصحابة" للنَّسَائي ص (94 - 96)، أيضًا.
* * *
45 -
أخبرنا أبو نُعَيْم الحافظ قال: حدَّثنا عبد اللَّه بن جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدَّثنا إسماعيل بن عبد اللَّه بن مسعود العَبْدي قال: نبأنا عبد اللَّه بن صالح قال: حدَّثني الليث، عن زيد بن جَبِيرة، عن أبي طُوَالَة،
عن أبي سعيد الخُدْري: أَنَّ حُذَيْفَة بن اليَمَان أتاهم بالمَدَائن، فقام يصلِّي على دُكَّانٍ، فَجَذَبَهُ سلمان. ثم قال: لا أدري أطال العهد أم نسيت؟ ما سمعتَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يُصلِّي الإِمامُ على أنشر ممّا عليه أصحابه".
(1/ 180) في ترجمة (أبي سعيد الخُدْري: سعد بن مالك بن سِنَان).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. وقد صَحَّ نحوه من حديث أبي مسعود البَدْري.
ففيه (زيد بن جَبِيرة بن محمود الأنصاري المَدَني أبو جَبِيرة) وقد ترجم له في:
1 -
"سؤالات ابن الجُنَيْد لابن مَعِين" ص 279 رقم (27) وقال: "شيخ يحدِّث عنه البَصْريون، ليس بشيء".
2 -
"التاريخ الكبير" للبخاري (3/ 390) وقال: "منكر الحديث".
3 -
"الضعفاء" لأبي زُرْعَة الرَّازي (2/ 617).
4 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (2/ 71 - 72).
5 -
"الجرح والتعديل"(3/ 559) وفيه عن أبي حاتم: "ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًّا، متروك الحديث، لا يُكْتَبُ حديثه".
6 -
المجروحين" (1/ 309 - 310) وقال: "منكر الحديث، يروي المناكير عن المشاهير، فاستحق التنكب عن روايته".
7 -
"الكامل"(3/ 1058 - 1060) وقال: "عامَّة ما يرويه عن من يروي عنهم لا يتابعه عليه أحد".
8 -
"الضعفاء" للدَّارقُطْنِيّ ص 215 رقم (232).
9 -
"تهذيب الكمال"(10/ 34 - 35) وفيه عن النَّسَائي: "ليس ثقة".
10 -
"الكاشف"(1/ 264) وقال: "تُرِكَ".
11 -
"التهذيب"(3/ 400 - 401) وفيه عن ابن عبد البَرّ: "أجمعوا على أنَّه ضعيف". وقال الفَسَويّ: "ضعيف منكر الحديث". وقال الأَزْدِيّ: "متروك".
12 -
"التقريب"(1/ 273) وقال: "متروك، من السابعة"/ ت ق.
و(أبو طُوَالَة) هو (عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن مَعْمَر بن حَزْم الأنصاري): ثقة. وكان قاضي المدينة في زمن عمر بن عبد العزيز، وكان يسرد الصوم. توفي عام (134 هـ)، وروى له الستة. انظر ترجمته في:"تهذيب الكمال"(15/ 217 - 220)، و"التهذيب"(5/ 297)، و"تقريب التهذيب"(1/ 429).
و(الليث) هو (ابن سعد بن عبد الرحمن الفَهْمِيّ المِصْرِيّ أبو الحارث): إمام مشهور، ثقة ثَبْتٌ، فقيه، عَالِمُ الدِّيار المِصْرِية. توفي عام (175 هـ)، وروى له الستة. انظر ترجمته في:"سِيَر أعلام النبلاء"(8/ 122 - 145)، و"التهذيب"(8/ 459 - 465)، و"التقريب"(2/ 138).
و(أبو نُعَيْم الحافظ) هو (أحمد بن عبد اللَّه بن أحمد الأصبهاني): إمام حافظ، ثقة، مصنِّفٌ مشهور. وستأتي ترجمته في حديث (1302).
التخريج:
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 109)، من طريق يحيى بن عبد اللَّه بن بُكَيْر، حدَّثني الليث، به.
وقال: "كذا قال: سلمان. بدل أبي مسعود".
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 88) إلى سَمُّوْيَه
(1)
أيضًا.
وقد روى أبو داود في الصَّلاة، باب الإمام يقوم مكانًا أرفع من مكان القوم (1/ 399) رقم (597) -واللفظ له-، والشَّافِعِي في مسنده (1/ 199 - 120)، وابن أبي شَيْبَة في "مصنَّفه"(2/ 262 - 263)، وابن خُزَيْمَة في "صحيحه"(3/ 13) رقم (1523)، وابن حِبَّان في "صحيحه"(3/ 290) رقم (2140) والحاكم في "المستدرك"(1/ 210)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 108)، والبَغَوي في "شرح السُّنَّة"(3/ 392) رقم (831)، من طريق الأَعْمَش، عن إبراهيم، عن هَمَّام بن الحارث:"أن حُذَيْفَة أَمَّ النَّاس بالمَدَائنِ على دُكَّان، فأخذ أبو مسعود بقميصه فَجَبْذَهُ، فلمَّا فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا يُنْهَوْنَ عن ذلك؟ قال: بلى، قد ذكرت حين مددتني".
وفي رواية الشَّافِعِي وبعضهم: "قال أبو مسعود: أليس قد نُهي عن هذا؟ ".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرِّجاه". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
وروى أبو داود في الموضع السابق برقم (598)، وعنه البيهقي في "السنن
(1)
هو (إسماعيل بن عبد اللَّه بن مسعود العَبْدِي أبو بِشْر) الذي في إسناد الخطيب المتقدِّم، وهو (ثقة صدوق) كما قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 182). وترجم له الذَّهَبِيُّ في "السِّير" (13/ 10 - 12) وقال:"الإِمام الحافظ، الرَّحَّال. . . صاحب تلك الأجزاء والفوائد التي تنبيء بحفظه وسَعَة علمه. ولد في حدود التسعين ومئة. . . مات سنة سبع وستين ومائتين". وقد تَصَحَّفَ (عبد اللَّه) في إسناد الخطيب إلى "عبيد اللَّه".
الكبرى" (3/ 109)، والبَغَوي في "شرح السُّنَّة" (3/ 391) رقم (830)، عن أبي خالد، عن عدي بن ثابت، حدَّثني رجل: أنه كان مع عمَّار بن ياسر بالمدائن، فأقيمت الصلاة، فتقدَّم عمّار، وقام على دُكَّان يُصلِّي والنَّاس أسفل منه، فتقدَّم حُذَيْفَة فأخذ على يديه، فاتبعه عمَّار حتى أنزله حُذَيْفَة، فلمَّا فرغ عمَّار من صلاته، قال له حُذَيْفَة: ألم تسمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أمَّ الرجل القوم فلا يَقُمْ في مكان أرفع من مقامهم"، أو نحو ذلك. قال عمَّار: لذلك اتبعتك حين أخذت على يدي".
قال الإمام ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق"(2/ 1136): "في إسناد هذا الحديث رجل مبهم. وأبو خالد ليس بمعروف، ويحتمل أن يكون الدَّالانيّ وفيه كلام".
قال الحافظ في "التقريب"(2/ 416): "أبو خالد الدَّالانيّ الأَسَدي الكوفي اسمه يزيد بن عبد الرحمن: صدوق يخطئ كثيرًا، وكان يدلِّس، من السابعة"/ 4.
غريب الحديث:
قوله: "أنشز": "هو من النَّشَزِ: المرتفعُ من الأرض". "النهاية"(5/ 55).
* * *
46 -
أنبأنا إبراهيم بن مَخْلَد قال: أنبأنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن رُمَيْح النَّسَوي قال: سمعت أحمد بن محمد بن عمر بن بِسْطَام المَروَزِيّ يقول: سمعت أحمد بن سيَّار يقول: حدَّثنا الشَّاه بن عمَّار قال: حدَّثني أبو صالح سليمان بن صالح اللَّيْثي قال: نبأنا النَّضر بن المُنْذِر بن ثعلبة العَبْدي، عن حمَّاد بن سَلَمَة،
عن قَتَادة: أن أبا بَرْزَة الأَسْلَمِي كان يُحَدِّثُ: أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مرَّ على قبر، وصاحبه يعذَّب. فأخذ جَرِيدةً فغرسها إلى القبر، وقال:"عسي أن يُرَفَّهَ عنه مادامت رَطْبَةً".
فكان أبو بَرْزة يُوصي: إذا متَّ فضعوا في قبري معي جَرِيدتين. قال: فمات في مَفَازة بين كَرْمَان
(1)
وقُومِس
(2)
. فقالوا: كان يوصينا أن نضع في قبره جَرِيدتين وهذا موضع لا نصيبهما فيه. فبينما هم كذلك طلع عليهم ركب من قبل سِجِسْتَان فأصابوا معهم سَعَفًا فأخذوا منه جَرِيدتين، فوضعوهما في قبره.
(1/ 182 - 183) في ترجمة (أبي بَرْزَة الأَسْلَمِي: نَضْلَة بن عُبَيْد).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. وقد صَحَّ المرفوع منه من طرق أخرى.
ففيه انقطاع بين (قَتَادة بن دِعَامة السَّدُوسيّ) وبين (أبي بَرْزَة الأَسْلَمِيّ) رضي الله عنه.
ففي "المراسيل" لابن أبي حاتم ص 139 نقلًا عن الإِمام أحمد: "ما أعلم قَتَادة روى عن أحد من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم، إلَّا عن أنس رضي الله عنه". وانظر: "التهذيب"(8/ 351 و 355 - 356).
وكانت ولادة (قَتَادة) سنة (ستين) من الهجرة كما في ترجمته في "سِيَر أعلام النبلاء"(5/ 271)، ووفاة (أبي بَرْزَة الأَسْلَمِيّ) كانت سنة (خمس وستين) من الهجرة على الصحيح، كما يقول الحافظ ابن حَجَر في ترجمته من "التقريب"(2/ 303).
كما أن فيه (الشاه بن عمَّار)، و (النَّضْر بن المنذر بن ثَعْلَبَة العَبْدي)، و (أحمد بن محمد بن عمر بن بِسْطَام المَرْوَزِيّ)، لم أقف على من ترجم لهم.
وفيه أيضًا (أبو سعيد أحمد بن محمد بن رُمَيْح النَّخَعِيّ النَّسَويّ)، وثَّقه ابن
(1)
"ولاية مشهورة، وناحية: معمورة ذات بلادٍ وقُرى ومدن واسعة، بين فارس ومُكْران: وسِجِستان وخُرَاسان. . . ". "مراصد الاطلاع"(3/ 1160 - 1161).
(2)
"كُورَةٌ كبيرة واسعة، بها مُدن وقرى ومزارع في ذيل جبل طبرستان، قصبتها دَامَغَان، بين الريّ ونَيْسَابُور، وبِسْطَام من مُدُنها". "مراصد الاطلاع"(3/ 1134).
أبي الفَوَارس والحاكم والخطيب، وضعَّفه أبو زُرْعَة الكَشِّي وأبو نُعَيْم والدَّارقُطْنِيّ في قول. ورجَّح الخطيب توثيقه. وقال الذَّهَبِيّ:"وثِّق، وقد لُيِّن". وستأتي ترجمته في حديث (651).
وبقية رجال الإسناد حديثهم حسن.
التخريج:
رواه الحافظ ابن حَجَر في "تغليق التعليق"(2/ 492) عن الخطيب من طريقه هذا، ولم يتكلّم عليه بشيء. ولم أقف على من رواه غيره.
وللمرفوع من الحديث شواهد عِدَّة انظرها في: "جامع الأصول"(11/ 167 - 168)، و"فتح الباري"(1/ 319 - 320)، ، و"مجمع الزوائد"(1/ 207 - 209)، "الترغيب والترهيب"(1/ 139 - 141).
ومن هذه الشواهد، ما رواه البخاري في الوضوء، باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله (1/ 317) رقم (216)، وغير موضع -واللفظ له-، ومسلم في الطَّهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه (1/ 240 - 241) رقم (292)، وغيرهما، عن عبد اللَّه بن عبَّاس قال: مَرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بحائط من حِيطان المدينة -أو مكَّة- فسمع صوت إنسانين يُعذَّبَانِ في قبورهما، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يُعذَّبَانِ، وما يُعذَّبَانِ في كبير -ثم قال- بلي، كان أحدُهما لا يستترُ من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة". ثم دعا بجريدةٍ فكسرها كِسْرتين، فوضع على كلّ قبر منهما كِسْرَةً. فقيل له: يا رسول اللَّه لم فعلت هذا؟ قال: "لعله أن يُخَفَّفَ عنهما ما لم تَيْبَسَا -أو: إلى أن يَيْبَسَا-".
غريب الحديث:
قوله: "جَرِيدة": الجريدة: السَّعَفَةُ من النخل. انظر "القاموس المحيط" مادة (جرد) ص 347.
قوله: "يُرَفَّه": أي يخفف. انظر "النهاية"(2/ 247).
* * *
47 -
أخبرنا عليّ بن أحمد الرَّزَّاز، نبأنا محمد بن أحمد بن عبد الرحمن التَّمِيمي المُؤَدِّبُ، نبأنا محمد بن عبد اللَّه بن سليمان الحَضْرَمي، نبأنا أحمد بن أبي خَلف البغدادي، نبأنا حُصَيْن بن عمر، عن إسماعيل، عن قيس،
عن جَرِير قال: لما بُعِثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أتيته لأبايعه، فبسط لي كِسَاءً له، وقال:"إذا أتاكم كريمُ قومٍ فأكرموه".
(1/ 185) في ترجمة (جَرِير بن عبد اللَّه البَجَلي).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. ومَتْنُهُ مروي من طرقٍ كثيرةٍ، هو بمجموعها حسن.
ففيه (حُصَيْن بن عمر الأَحْمَسيّ الكوفي أبو عمر) وقد ترجم له في:
1 -
"سؤالات ابن الجُنَيْد لابن مَعِين" ص 276 رقم (18) وقال: "ليس بشيء".
2 -
"التاريخ الكبير"(3/ 10) وقال: "منكر الحديث ضعَّفه أحمد".
3 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 82 رقم (134) وقال: "ضعيف".
4 -
"الجرح والتعديل"(3/ 194) وفيه عن أحمد: "كان يكذب". وقال ابن مَعِين: "ليس بشيء". وقال أبو حاتم: هو واهي الحديث جدًّا لا أعلم يروي حديثًا يُتَابَعُ عليه، هو متروك الحديث". وقال أبو زُرْعَة: منكر الحديث".
5 -
"المجروحين"(1/ 270 - 271) وقال: "يروي الموضوعات عن الأثبات".
6 -
"الكامل"(2/ 803 - 804) وقال: "عامّة أحاديثه معاضيل، ينفرد عن كُلِّ من يروي عنه". وقال: "هو متماسك لا بأس به".
7 -
"التقريب"(1/ 183) وقال: "متروك، من الثامنة"/ ت.
و(إسماعيل) هو (ابن أبي خالد الأَحْمَسِي البَجَلي الكوفي): ثقةٌ ثَبْتٌ. وستأتي ترجمته في حديث (199).
و(قيس) هو (ابن أبي حازم البَجَلي الكوفي): ثقة مُخَضْرَم من قدماء التابعين. وستأتي ترجمته في حديث (406).
التخريج:
أقول: لحديث جَرِير رضي الله عنه أربعة طرق:
الأول:
عن حُصَيْن بن عمر الأَحْمَسِي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عنه، به.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 343 - 344) رقم (2266)، و"المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" للهيثمي (5/ 230) رقم (2970) -، والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 168)، و"المَدْخَل إلى السنن الكبرى" ص 398 - 399 رقم (712)، و"دلائل النبوة"
(1)
(5/ 347)، والقُضَاعي في "مسند الشِّهَاب"(1/ 444 - 445) رقم (504)، وأبو الشيخ بن حَيَّان الأصبهاني في الأمثال، ص 85 رقم (142)، وابن عدي في "الكامل"(2/ 803 - 804) في ترجمة (حُصَيْن بن عمر الأُحْمَسِيّ).
قال البيهقي في "المَدْخَل": "حُصَيْن بن عمر الأَحْمَسِيّ: منكر الحديث".
وقال ابن عدي: "لا يرويه عن ابن أبي خالد غير حُصَيْن بن عمر".
أقول: هذا الطريق ضعيف جدًّا لأنَّ فيه (حُصَيْن بن عمر الأَحْمَسي) وهو متروك كما تقدَّم، لكنه لم يتفرَّد به كما سيأتي.
(1)
وقد تَصَحَّفَ فيه "حصين" إلى: "حسين".
الثاني:
عن أبي أُمَيَّة بن فَرْقَد، عن يحيى بن سعيد القطَّان، عن إسماعيل بن أبي خالد، به.
أخرجه الخطيب في "تاريخه"(7/ 94)، وقال:"قرأت في كتاب أبي الحسن الدَّارَقُطْنِيّ -بخطِّه-: لم يروه عن يحيى بن القطَّان غير أبي أُمَيَّة هذا، ولم يكن بالقويّ، وهذا إنَّما يعرف من رواية حُصَيْن بن عمر الأَحْمَسِيّ عن إسماعيل. ورواه كَادِح عن إسماعيل".
أقول: هذا الطريق فيه ضعف، فإنَّ فيه (أبو أُمَيَّة بن فَرْقَد) وهو (بكر بن محمد بن فَرْقَد التَّمِيمي) وقد ترجم له في:
1 -
"الثقات" لابن حِبَّان (8/ 150).
2 -
"تاريخ بغداد"(7/ 94) وفيه عن الدَّارَقُطْنِيّ: "لم يكن بالقويّ". وقال محمد بن مَخْلَد: "كان أبو أُمَيَّة هذا الشيخ حافظًا".
3 -
"اللسان"(2/ 58) وفيه عن مَسْلَمَة بن قاسم: "ثقة".
الثالث:
عن عُوَيْن بن عمرو القَيْسِي، عن سعيد بن إياس الجُرَيْرِي، عن عبد اللَّه بُريدة، عن يحيى بن يَعْمَر، عن جَرِير، به.
أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 42)، و"المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين"(5/ 229 - 230) رقم (2969) -، وأبو نُعَيْم، في "الحِلْية"(6/ 205 - 206).
قال الطبراني: "لم يروه عن يحيى إلَّا ابن بُرَيْدة، ولا عنه إلَّا الجُرَيري، تفرَّد به عُوَيْن بن عمرو، وأخوه رياح
(1)
بن عمرو".
(1)
في الأصل: "رباح" بالباء الموحدة. والتصويب من "الجرح والتعديل"(3/ 511)، و"تبصير المنتبه" لابن حَجَر (2/ 588).
وقال أبو نُعَيْم: "غريب من حديث الجُرَيري لم نكتبه إلَّا من حديث عُوَيْن".
وقال الهيثمي في "المجمع"(8/ 15): "ورواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" وفيه عون بن عمرو القَيْسي وهو ضعيف".
أقول: وهذا طريق ضعيف، فإنَّ فيه (عون -ويقال: عُوَيْن- بن عمرو القَيْسِي البَصْري) وقد ترجم له في:
1 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (3/ 422) وقال: "عن الجُرَيري وغيره ولا يُتَابَعُ عليه".
2 -
"الجرح والتعديل"(6/ 386 - 387) وفيه عن ابن مَعِين: "لا شيء". وقال أبو حاتم: "شيخ".
3 -
"الميزان"(3/ 306 - 307) وفيه عن البخاري: "منكر الحديث، مجهول".
الرابع:
عن الحسن بن عُمَارة، عن فراس بن يحيى، عن الشَّعْبِيّ، عن جَرِير، به.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 370) رقم (2358).
قلت: وهذا طريق ضعيف جدًّا، ففيه (الحسن بن عُمَارة البَجَلي) وهو متروك. وقال السَّاجِيُّ: أجمع أهل الحديث على ترك حديثه. وستأتي ترجمته في حديث (1068).
أقول: وللحديث شواهد عِدّة من طريق ابن عمر، وأبي هريرة، ومعاذ، وأبي قَتَادة، وجابر، وابن عبَّاس، وأنس بن مالك، وغيرهم. يرقى بمجموعها إلى مرتبة الحسن.
قال الحافظ السَّخاوي في "المقاصد الحسنة" ص 34 بعد أن ذكر كثيرًا من طرقه: "وبهذه الطرق يقول الحديث، وإن كانت مفرداتها كما أشرنا إليه ضعيفة".
وانظر هذه الشواهد وتخريجها والكلام عليها في: "الأمثال" لأبي الشيخ بن حَيَّان الأصبهاني ص 85 - 89، و"المقاصد الحسنة" ص 33 - 35، و"اللآلئ المصنوعة"(2/ 299 - 300)، و"مسند الشِّهَاب"(1/ 443 - 446)، و"مجمع الزوائد"(8/ 15 - 16).
* * *
48 -
أخبرني أبو الحسين أحمد بن عمر بن عليّ القاضي -بدَرْزِيجان
(1)
-، أنبأنا أحمد بن أبي طالب الكاتب، نبأنا محمد بن جَرِير الطبري، نبأنا ابن حُمَيْد، نبأنا يحيى بن الضُّرَيْس، عن أَبَان بن عبد اللَّه البَجَلي، عن إبراهيم بن جَرِير بن عبد اللَّه،
عن عليّ بن أبي طالب قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تسبُّوا جَرِير بن عبد اللَّه إنَّ جَرِيرًا مِنَّا أَهْلَ البيت".
(1/ 188) في ترجمة (جَرِير بن عبد اللَّه البَجَلي).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
فهو منقطع أولًا بين (إبراهيم بن جَرِير بن عبد اللَّه البَجَلي) وبين (عليّ بن أبي طالب) رضي الله عنه. ففي "المراسيل" لابن أبي حاتم ص 19: "قال أبو زُرْعَة: إبراهيم بن جَرِير عن عليّ مرسل".
وثانيًا: في إسناده (ابن حُمَيْد) وهو (محمد بن حُمَيْد بن حَيَّان الرَّازي): ضعيف. وقد كذَّبه أبو زُرْعَة وصالح جَزَرة وغيرهما. ووثَّقه ابن مَعِين وغيره، قال: الحافظ الذَّهَبِيُّ في "الكاشف"(3/ 32): "وثَّقه جماعة، والأَوْلَى تركه". وقال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب"(2/ 156): "حافظ ضعيف، وكان ابن مَعِين حسن الرأي فيه". وستأتي ترجمته في حديث (455).
(1)
"قرية كبيرة تحت بغداد على دِجْلَة بالجانب الغربي، من عمل نهر المَلِك. . . ". "مراصد الاطلاع"(2/ 522).
وثالثًا: أنَّ في إسناده كذلك (أَبَان بن عبد اللَّه بن أبي حازم البَجَلي الأَحْمَسيّ) وقد ترجم له في:
1 -
"العلل" لأحمد بن حنبل (1/ 352) وقال: "صالح الحديث".
2 -
"تاريخ الثقات" للعِجْلي ص 51 رقم (15) وقال: "ثقة".
3 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (1/ 42).
4 -
"الجرح والتعديل"(2/ 296) وفيه عن ابن مَعِين: "ثقة".
5 -
"المجروحين"(1/ 99) وقال: "كان ممن فحش خطؤه وانفرد بالمناكير".
6 -
"الكامل"(1/ 378 - 379) وقال: "عزيز الحديث، عزيز الروايات، ولم أجد له حديثًا منكر المتن فأذكره، وأرجو أنَّه لا بأس به".
7 -
"الكاشف"
(1)
(1/ 31) وقال: "وثَّقه ابن مَعِين وليَّنه غيره".
8 -
"التهذيب"(1/ 96 - 97) وفيه أَنَّ ابن نُمَيْر وثَّقه. وقال النَّسَائي في "الجرح والتعديل": "ليس بالقويّ". وقال ابن حَجَر: وأخرج له ابن خُزَيْمَة والحاكم في "صحيحيهما".
9 -
"التقريب"(1/ 31) وقال: "صدوق في حفظه لِيْنٌ، من السابعة"/ 4.
التخريج:
عزاه في "الجامع الكبير"(1/ 891) إلى تمَّام والخطيب وابن عساكر.
ولم أجده في "فوائد تمام". وهو في "مختصر تاريخ دمشق" لابن منظور (6/ 35).
وقد رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(2/ 328) رقم (2211)، وابن عدي في "الكامل"(1/ 378) في ترجمة (أَبَان بن عبد اللَّه البَجَلي)، من طريق سليمان بن إبراهيم بن جَرِير، عن أَبَان بن عبد اللَّه البَجَليّ، عن أبي بكر بن حفص، عن
(1)
تَصَحَّفَ فيه (أَبَان عبد اللَّه) إلى (أَبَان بن عبيد اللَّه).
عليّ بن أبي طالب مرفوعًا بلفظ: "جَرِيرٌ مِنَّا أَهْلَ البيتِ ظَهْرًا لبطن -قالها ثلاثًا-".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 373): "رواه الطبراني، وأبو بكر بن حفص لم يُدْرِكْ عليًّا، وسليمان بن إبراهيم بن جَرِير لم أجد من وثَّقه، وبقية رجاله ثقات".
وقال الإمام الذَّهَبيُّ في "السِّيَر"(2/ 534) بعد أن أورده من الطريق السابق: "هذا منكر صوابه من قول عليٍّ".
* * *
49 -
أخبرني أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن أَبَان التَّغْلِبي الهِيْتِي قال: حدَّثنا أبو القاسم الحسن بن عليّ بن الحسن بن عمر بن الدَّقْم -بالرَّقَّة- قال: حدَّثنا محمد بن عبد اللَّه بن سليمان قال: نبأنا جُبَارة بن مُغَلِّس قال: حدَّثنا قيس بن الرَّبيع قال: حدَّثني جَبَلة بن سُحَيْم، عن مُؤْثِر بن عَفَازَة،
عن بشير بن الخَصَاصِيَة قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لأُبَايِعَهُ. فقلت: عَلامَ تبايعني يا رسول اللَّه؟ فمدَّ يده، ثم قال:"تشهدُ أن لا إله إلَّا اللَّهُ وحده لا شريكَ له، وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، وتصلِّي الصلوات الخمس المكتوبة لوقتها، وتؤدِّي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت، وتجاهد في سبيل اللَّه".
فقلت: يا رسول اللَّه كُلًّا أُطيق إلَّا اثنتين: أمَّا الزكاة فما لي إلَّا حَمُولة أهلي وما يقوون به. وأمّا الجهاد فإني رجل جُبَانٌ فأخاف أن تَجْشَعَ نَفْسي فأبوء بغضبٍ من اللَّه.
فقبض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يده، ثم قال:"يا بشير: لا جهاد ولا صدقة! فبم تَدْخُلُ الجنَّةَ إذًا"؟
قلت: يا رسول اللَّه أبسط يدك أبايعك. فبايعته عليهنَّ.
(1/ 195) في ترجمة (بشير بن الخَصَاصِيَة السَّدُوسِيّ).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (جُبَارة بن المُغَلِّس الحِمَّاني الكوفي) وهو ضعيف، وستأتي ترجمته في حديث (327). وقد توبع كما سيأتي.
كما أنَّ فيه (مُؤْثِر بن عَفَازَة الشَّيْبَاني العَبْدي الكوفي أبو المثنَّى) لم يوثِّقه غير ابن حِبَّان. وقد تُرجم له في:
1 -
"الجرح والتعديل"(8/ 429) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
2 -
"الثقات" لابن حِبَّان (5/ 463).
3 -
"الكاشف"(3/ 159) وقال: "وثِّق".
4 -
"التهذيب"(2/ 280) وفيه عن الحاكم: "روى عنه جماعة من التابعين".
5 -
"التقريب"(2/ 280) وقال: "مقبول، من الثالثة"/ ق.
كما أن فيه شيخ الخطيب: (محمد بن عبد اللَّه بن أَبَان الهِيْتِي التَّغْلِبِي أبو بكر، ويعرف بابن أبي عَبَاية) وقد ترجم له الخطيب في "تاريخه"(5/ 475 - 476) وقال: "كانت أصول أبي بكر الهِيْتي سقيمة، كثيرة الخطأ، إلّا أنه كان شيخًا مستورًا صالحًا، فقيرًا مُقِلًّا، معروفًا بالخير، وكان مغفَّلًا مع خلوِّه من علم الحديث. وحدَّثنا عن شيخ شيخه وهو لا يعلم". وكانت وفاته سنة (410 هـ).
كما أنَّ فيه (قيس بن الربيع الأَسَدي الكوفي) وهو صدوق سيء الحفظ، تغيّر لما كبر. وستأتي ترجمته في حديث (141). وقد توبع كما سيأتي.
و(أبو القاسم الحسن بن عليّ بن الحسن بن عمر بن الدَّقْم) لم أقف له على ترجمة فيما رجعت إليه.
وباقي رجال الإِسناد ثقات.
التخريج:
رواه أحمد في "المسند"(5/ 224)، والطبراني في "الكبير"(2/ 32) رقم (1233)، و"الأوسط"(2/ 76) رقم (1148)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 79 - 80)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 20)، وأبو نُعَيْم في "معرفة الصحابة"(2/ 105 - 106) رقم (1176)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(3/ 381 - 382 - مخطوط-)، من طريق عبيد اللَّه بن عمرو الرَّقِّي، عن زيد بن أبي أُنَيْسَة، عن جَبَلة بن سُحَيْم، به.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرِّجاه". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
وقال الهيثمي في "المجمع"(1/ 42): "رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط". . ورجال أحمد موثقون".
أقول: هذا الطريق صحيح إلّا أنَّ فيه (أبو المثنى العَبْدي مُؤْثِر بن عَفَازَة) لم يوثِّقه غير ابن حِبَّان.
ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(3/ 382 - مخطوط-)، من طريق الحسن بن سفيان، حدَّثنا جُبَارة بن المُغَلِّس، حدَّثنا قيس بن الربيع، عن جَبَلة بن سُحَيْم، به.
غريب الحديث:
قوله: "أن تجشع نفسي": أي تجزع. قال في "النهاية"(1/ 274): "والجَشَعُ: الجَزَعُ لفراق الإِلف". ثم قال: "ومنه حديث ابن الخَصَاصِيَة: "أخاف إذا حضر قتال جَشِعَت نفسي فكرهت الموت".".
* * *
50 -
أخبرنا محمد بن عليّ بن الفتح قال: أنبأنا عمر بن أحمد الواعظ قال: حدَّثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدَّثنا محمد بن أحمد بن الحسن القَطَوَانيّ قال: حدَّثنا جعفر بن عبد اللَّه بن عمرو بن عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه بن خَبَّاب بن الأَرَتّ قال: حدَّثنا أبي قال: سمعت أبي يُحَدِّث عن أبيه، عن جَدِّه محمد بن عبد اللَّه بن خَبَّاب،
عن عبد اللَّه بن خَبَّاب أَنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سمَّاه عبد اللَّه. وقال لخَبَّاب: أبو عبد اللَّه.
(1/ 205) في ترجمة (عبد اللَّه بن خَبَّاب بن الأَرَتّ).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (أحمد بن محمد بن سعيد أبو العبَّاس بن عُقْدَة الكوفي) قال الذَّهَبِيُّ عنه في "الميزان"(1/ 136 - 138): "محدِّث الكوفة، شيعي، متوسط، ضَعَّفَهُ غير واحد، وقوَّاه آخرون". وقال في "المغني"(1/ 55): شيعي، وضَعَّفَهُ غير واحد". وستأتي ترجمته في حديث (1232).
و (جعفر بن عبد اللَّه) و (آباؤه) لم أعرفهم.
التخريج:
لم يروه غير الخطيب فيما وقفت عليه.
وقد ذكره الحافظ ابن حَجَر في "الإِصابة"(2/ 302) عن ابن عُقْدَة من طريقه المتقدِّم.
* * *
51 -
أخبرني الحسن بن محمد الخَلَّال قال: نبأنا عبد العزيز بن أبي صابر الدَّلّال قال: نبأنا يحيى بن محمد بن صَاعِد قال: نبأنا أبو خَيْثَمة
عليّ بن عمرو بن خالد الحَرَّاني -بمِصْر- قال: حدَّثني أبي قال: نبأنا الحَكَم بن عَبْدة الشَّيْبَاني البَصْري -وهو جَدُّ الجَرَوِيّ لأُمِّه-، عن أيوب، عن حُمْيَد بن هلال،
عن أبي الأَحْوص قال: كنّا مع عليٍّ يوم النَّهْرَوان، فجاءت الجَرُورِيَّة فكانت من وراء النهر، قال: واللَّه لا يقتل اليوم رجل من وراء النهر. ثم نزلوا فقالوا لعليّ: قد نزلوا. قال: واللَّه لا يقتل اليوم رجل من وراء النهر. فأعادوا هذه المقالة عليه ثلاثًا، كلّ ذلك يقول لهم عليّ مثل قوله الأول. قال: فقالت الحَرُورِيَّة بعضهم لبعض: يرى عليّ أنّا نخافه. فأجازوا، فقال عليّ لأصحابه: لا تحركوهم حتى يُحْدِثُوا حَدَثًا. فذهبوا إلى منزل عبد اللَّه بن خَبَّاب، وكان منزله على شطِّ النهر، فأخرجوه من منزله، وقالوا: حَدِّثْنَا بحديث حدثكه أبوك سمعه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:
حدَّثني أبي أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "تكونُ فِتْنَةٌ القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ فيها خيرٌ من السَّاعي".
فقدَّموه إلى الماء فذبحوه كما تُذْبَحُ الشّاة، فسال دمه في الماء مثل الشراك ما أَمْذَقَرَّ -قال الحاكم: فسالت أيوب: ما أَمْذَقَرَّ؟ قال: ما اختلط-. قال: وأخرجوا أُمَّ ولده فَشَقُّوا عمّا في بطنها. فأُخْبِرَ عليٌّ بما صنعوا، فقال: اللَّه أكبر نادوهم: أَخْرِجُوا لنا قاتل عبد اللَّه بن خَبَّاب. قالوا: كلّنا قتله. فناداهم ثلاثًا، كلّ ذلك يقولون هذا القول. فقال عليٌّ لأصحابه: دونكم القوم. قال: فما لبثوا أن قتلوهم جميعًا. فقال عليٌّ: اطلبوا في القوم رجلًا يده كثدي المرأة. فطلبوا ثم رجعوا إليه فقالوا: ما وجدنا. فقال: واللَّه ما كَذَبْتُ ولا كُذِّبْتُ، وإنّه لفي القوم. ثلاث مرات يجيئونه فيقول لهم في هذا القول. ثم قام هو بنفسه فجعل لا يمر بقتلى جميعًا إلّا بحثهم فلا يجده فيهم، حتى انتهى إلى حفرة من الأرض فيها قتلى كثير، فأمر بهم فبحثوا فَوُجِدَ فيهم، فقال لأصحابه: لولا أن تنتظروا لأخبرتكم بما أَعدَّ اللَّه تعالى لمن قتل هؤلاء.
(1/ 205 - 206) في ترجمة (عبد اللَّه بن خَبَّاب بن الأَرَتّ).
مرتبة الحديث:
حسن لغيره.
فإن في إسناده (الحَكَم بن عَبْدَة الشَّيْبَاني -ويقال: الرُّعَيْني- البَصْري أبو عَبْدَة) وقد ترجم له في:
1 -
"الكاشف"(1/ 183) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
2 -
"التهذيب"(2/ 432) وفيه عن أبي داود: "ما عندي من علمه شيء". وقال أبو الفتح الأَزْدِي: "ضعيف".
3 -
"التقريب"(1/ 191) وقال: "مستور، من السابعة"/ ق.
وقد تابعه (إسماعيل بن إبراهيم الأَسَدي ابن عُلَيَّة) -وهو ثقة. انظر "تهذيب الكمال"(3/ 23 - 33) - عند أحمد وأبي يَعْلَى. كما تابعه غيره.
كما أنَّ فيه (عليّ بن عمرو بن خالد الحَرَّاني أبو خَيْثَمَة) لم أقف له على ترجمة فيما عدت إليه.
و(أبو الأَحْوَص) هو (عَوْف بن مالك بن نَضْلَة الجُشَمِيّ): تابعي ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (305).
وفي ترجمته في "التهذيب"(8/ 169) قال: "روى عن أبيه وله صحبة، وعن عليّ، وقيل: إنه لم يسمع منه". ثم ذكر في آخر ترجمته ما نصه: "وذكر الخطيب في "تاريخه" أنه شهد مع عليٍّ قتال الخوارج بالنَّهْرَوان، فإنْ ثبت ذلك فلا يدفع سماعه منه واللَّه أعلم".
أقول: إسناد الخبر ضعيف كما تقدَّم.
وباقي رجال الإِسناد ثقات.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "تكون فتنةٌ القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ فيها خيرٌ من السَّاعي"، قد صحَّ من طرق أخرى، وكذا خبر ذي الثُدَيَّة فإنَّه ورد من طرق صحيحة أيضًا.
التخريج:
رواه مختصرًا بنحوه دون ذكر خبر ذي الثُدَيَّة، مع ذكر المرفوع مطوَّلًا: أحمد في "المسند"(5/ 110)، وأبو يَعْلَى في "مسنده"(13/ 176 - 177) رقم (7215)، والطبراني في "الكبير"(4/ 68 - 69) رقم (3629 و 3630 و 3631)، من طريق حُميد بن هلال، عن رجل من عبد القيس -كان من الخوارج ثم فارقهم-، به.
قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 303): "رواه أحمد وأبو يَعْلَى والطبراني. . . ولم أعرف الرجل الذي من عبد القيس، وبقية رجاله رجال الصحيح".
والمرفوع من الحديث: "تكون فتنة القاعد فيها. . . "، له شواهد عِدَّة، انظرها في:"جامع الأصول"(10/ 9 - 12)، و"مجمع الزوائد"(7/ 300) وما بعد.
ومن هذه الشواهد ما رواه البخاري في الفتن، بابٌ تكونُ فِتْنَةٌ القاعدُ فيها خير من القائم (13/ 29 - 30) رقم (7081 و 7082)، ومسلم في الفتن، باب نزول الفتن كمواقع القَطْرِ (4/ 2211 - 2212) رقم (2886)، عن أبي هريرة مرفوعًا:"ستكون فتنٌ القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ فيها خيرٌ من المَاشي، والماشي فيها خيرٌ من السَّاعي، مَنْ تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ، فمن وجدَ منها مَلْجَأً أو مَعَاذًا فليَعُذْ به".
وأما خبر ذي الثُدَيَّة فقد تقدَّم الكلام عليه في حديث (41).
غريب الحديث:
قوله: "الحَرُورِيَّة": "طائفة من الخوارج نُسبوا إلى حَرُوراء بالمد والقصر، وهو موضع قريب من الكوفة، كان أوّل مجتمعهم وتحكيمهم فيها، وهم أحد الخوارج الذين قاتلهم عليٌّ كرَّم اللَّه وجهه". "النهاية"(1/ 366).
قوله: "ما أَمْذَقَرَّ": أي ما امتزج بالماء. ورواه بعضهم بالباء: "ما أبْذَقَرَّ". وهو بمعناه. انظر "النهاية"(4/ 312).
* * *
52 -
أخبرنا الحسن بن أبي بكر، ومحمد بن عمر بن القاسم النَّرْسِيّ، قالا: أنبأنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشَّافِعِي قال: حدَّثنا الحسين بن عمر الثَّقَفِي قال: حدَّثنا محمد بن إسحاق البَلْخي قال: حدَّثنا يعقوب بن سَوَادة الطَّائي ثم النَّبْهَاني قال: حدَّثني أبي، عن أبيه قال:
سمعت عَدِيّ بن حَاتِم قال: قدمنا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في آخر الجاهلية وأول الإِسلام، فاستقدم زيد الخَيْل، وهو زيد بن مُهَلْهِل الطَّائي، فسلّم على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم وقف. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"تقدَّم يا زيد، فما رأيتكَ حتى أحببتُ أَنْ أراك". فتقدَّم زيد فشهد شهادة أن لا إله إلّا اللَّه وأنَّ محمدًا رسول اللَّه.
ثم تكلَّم، فقال له عمر بن الخطَّاب: يا زيد ما أظن في طَيء أفضل منك؟ قال: بلى واللَّه، إنَّ فينا حَاتِمًا، القَارِي للأضياف، والطويل العفاف. قال: فما تركت لمن بقي خيرًا. قال: إنَّ مِنَّا لمقروم بن حومة، الشجاع صدرًا، النافذ فينا أمرًا. قال: فما تركت لمن بقي خيرًا. قال: بلى واللَّه. وذكر الحديث.
(1/ 234) في ترجمة (محمد بن إسحاق بن حَرْب اللؤلؤي السَّهْمِيّ البَلْخِيّ، يعرف بابن أبي يعقوب).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففي إسناده صاحب الترجمة (محمد بن إسحاق بن حَرْب اللؤلؤي البَلْخِيّ أبو عبد اللَّه) وقد ترجم له في:
1 -
"الكامل"(6/ 2282) وقال: "أرى حديثه لا يشبه حديث أهل الصدق".
2 -
"تاريخ بغداد"(1/ 234 - 236) وقال: "لم يكن يوثق في عِلْمِه".
3 -
"ميزان الاعتدال"(3/ 475 - 476) وقال: "كان أحد الحفّاظ إلّا أنَّ صالح بن محمد جَزَرة قال: كذّابٌ".
4 -
"المغني"(2/ 552) وقال: "قال صالح جَزَرة: كذّابٌ".
5 -
"السِّيَر"(11/ 449) وقال: "الإمام الحافظ البارع. . . ذكره الخطيب وأشار إلى تضعيفه".
6 -
"اللسان"(5/ 66 - 67) وفيه أن سعيد بن قتيبة ذكره بأسوأ الذكر. وقال أبو حاتم الجُوْزَجَاني: "إنه كان عند المناظرة يضع في الحال". وقال صالح جَزَرة: "كان يضع للكلام إسنادًا، وكان كذَّابًا، يروي أحاديث مناكير". وكانت وفاته سنة (244 هـ).
و(يعقوب بن سَوَادة الطَّائي) و (والده) و (جدّه)، لم أقف على من ترجم لهم في كُلِّ ما رجعت إليه.
وباقي رجال الإِسناد حديثهم حسن.
التخريج:
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(6/ 675 - 676) -مخطوط- عن الخطيب من طريقه هذا.
* * *
53 -
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المعدَّل قال: نبأنا عبيد اللَّه بن محمد بن أحمد الحَوْشَبي قال: نبأنا أبو عبد اللَّه محمد بن يعقوب بن إسماعيل السُّكَّرِيّ -بعسكر مُكْرَم
(1)
- قال: نبأنا سهل بن بَحْر قال: نبأنا محمد بن إسحاق السُّلَمي -ببغداد- قال: نبأنا ابن المُبَارَك، عن سفيان الثَّوْري، عن أبي الزِّنَاد، عن أبي حازم
(2)
،
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "خِيَارُ أُمَّتي علماؤها، وخيارُ علمائها رُحَمَاؤها، ألا وإنَّ اللَّه يَغْفِرُ للجاهل أربعين ذنبًا قبل أن يَغْفِرَ للعالِمِ ذنبًا واحدًا، ألا وإنَّ العالِمَ الرحيم يجيء يومَ القيامة وإنَّ نوره قد أضاءَ يمشي فيه ما بين المشرقِ والمغربِ كما يَسْرِي الكوكبُ الدُّرِّيُّ".
(1/ 237 - 238) في ترجمة (محمد بن إسحاق السُّلَمي).
مرتبة الحديث:
باطل.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن إسحاق السُّلَمي المَرْوَزِيّ) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ بغداد"(1/ 237 - 238) وقال: "أحد الغُرَباء المجهولين، حَدَّث عن عبد اللَّه بن المبارك حديثًا منكرًا، رواه عنه سهل بن بحر، وذكر أنَّه سمعه منه ببغداد". ثم ساق الحديث المتقدِّم.
(1)
"بضم الميم وسكون الكاف وفتح الراء، بلدة مشهورة من نواحي خوزستان". "مراصد الاطلاع"(2/ 941). وقد ضبطه محقق كتاب "ذم من لا يعمل بعلمه" لابن عساكر، بفتح الميم وهو خطأ.
(2)
تَصَحَّفَ في المطبوع، وفي "ذَمِّ من لا يعمل بعلمه"، لابن عساكر، إلى:"أبي خازم" بالخاء المعجمة. كما صُحِّفَ في "الأمالي" لأبي الحسين الشجري (1/ 52) إلى: "أبي حاتم". والتصويب من "مُوَضِّح أوهام الجمع والتفريق"(2/ 115)، و"العلل" لابن الجَوْزي (1/ 132)، وغيرهما.
2 -
"ميزان الاعتدال"(3/ 477) وقال: "فيه جَهَالة، وأتى بخبر باطل". ثم ساق له الحديث المتقدِّم من ذات الطريق.
3 -
"اللسان"(5/ 68) وأقرَّ ما في "الميزان".
و(أبو الزِّنَاد) هو (عبد اللَّه بن ذَكْوان القُرَشِي أبو عبد الرحمن المَدَني): إمام ثقة فقيه حافظ، خرّج له الستة، وتوفي عام (130 هـ). انظر في ترجمته:"السِّيَر"(5/ 445 - 541)، و"التهذيب"(5/ 203 - 205)، و"التقريب"(1/ 413).
و(أبو حازم) الغالب عندي أنَّه (الأعرج، عبد الرحمن بن هُرْمُز المَدَني): وهو إمام حافظ حجَّة مُقْرِئ، خرَّج له الستة، وتوفي عام (117 هـ). قال ابن حِبَّان في "الثقات" (5/ 107):"كنيته أبو داود، وقد قيل: أبو حازم". ويرجِّح كونه (الأعرج) عندي، أَنَّ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (16/ 55 - مخطوط-) يرويه من الطريق المتقدِّم ويصرِّح بأنَّه عن أبي الزَّنَاد عن الأعرج. ويستبعد أن يكون المراد بـ (أبي حازم):(سلمان الأشجعي)، لأنَّه وإِنْ روي عن أبي هريرة، إلَّا أنَّه لا تُعرف لـ (أبي الزِّنَاد) رواية عنه. انظر "تهذيب الكمال"(11/ 259 - 260).
وانظر في ترجمة (الأعرج): "السِّيَر"(5/ 69 - 70)، و"التهذيب"(6/ 290 - 291)، و"التقريب"(1/ 501).
التخريج:
رواه أبو نُعَيْم في "الحِلْية"(8/ 188)، والخطيب في "مُوَضِّح أوهام الجمع والتفريق"(2/ 115)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(16/ 55 - مخطوط-)، وفي "ذَمِّ من لا يعمل بعلمه" ص 59 - 61، وأبو الحسين الشَّجَرِي في "الأمالي"(1/ 52 و 62)، وابن الجَوْزِي في "العلل المتناهية"(1/ 132)، من طريق سهل بن بَحْر، عن محمد بن إسحاق السُّلَمي، به.
قال أبو نُعَيْم: "غريب من حديث الثَّوري وابن المبارك لم نكتبه إلَّا من هذا الوجه".
وقال ابن عساكر في "ذَمِّ من لا يعمل بعلمه": "غريب".
وقال ابن الجَوْزي: "هذا حديث أنكره الخطيب، وكأنَّه لم يَتَّهِمْ فيه إلَّا السُّلَمي".
وليس عند الخطيب في "مُوَضِّح أوهام الجمع والتفريق"، ولا عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق"، ولا عند الشَّجَري في "الأمالي"(1/ 62)، قوله في آخر الحديث:"كما يسري الكوكب الدُّرِّيُّ".
وللحديث شاهد من حديث ابن عمر مرفوعًا، رواه القُضَاعي في "مسند الشِّهَاب"(2/ 241 - 242) رقم (792)، وعنه الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(1/ 166)، من طريق أحمد بن خالد القُومِسي
(1)
، حدَّثنا نوح بن حبيب، حدَّثنا مَسْلَمة، عن مالك، عن نافع، عنه، به.
وهو من هذا الطريق باطل أيضًا. قال الحافظ الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(1/ 95) في ترجمة (أحمد بن خالد القُرَشي): "لا يُعْرَفُ، وأتى بخبر باطل". ثم ساق حديث ابن عمر عن القُضَاعي من الطريق المتقدِّم.
وأقرَّه الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(1/ 166)، والسُّيُوطيّ في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 225 - 226)، وقد ذكره من حديث أبي هريرة وابن عمر، وأقرَّ قول الذَّهَبِيِّ ببطلانهما معًا.
* * *
54 -
أخبرني أبو القاسم الأَزْهَريّ قال: حدَّثنا محمد بن المُظَفَّر الحافظ قال: حدَّثنا عبد الرحمن بن محمد بن الحجَّاج بن رِشْدِين قال: حدَّثنا محمد بن إسحاق بن يزيد البغدادي قال: حدَّثنا عمَّار أبو ياسر البَصْري قال: حدَّثنا فَضَالة بن دينار الشَّحَّام البَصْري قال: حدَّثنا ثابت،
(1)
هكذا في المطبوع. وفي "الميزان"(1/ 95)، و"اللسان"(1/ 166)، و"اللآليء" (1/ 226):"القرشي".
عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا بُويِعَ لخليفتين فاقتلوا الآخَرَ منهما".
(1/ 239) في ترجمة (محمد بن إسحاق بن يزيد الصِّينيّ أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. وقد صَحَّ من حديث أبي سعيد الخُدْري.
ففي إسناده صاحب الترجمة (محمد بن إسحاق بن يزيد البغدادي المعروف بالصِّيني)
(1)
وقد ترجم له في:
1 -
"الجرح والتعديل"(7/ 196) وقال: "سألت أبا عَوْن ابن عمرو بن عون عنه فتكلَّم فيه وقال: هو كذَّابٌ. . فتركت حديثه".
2 -
"تاريخ بغداد"(1/ 238 - 240) ونقل ما تقدَّم عن ابن أبي حاتم.
3 -
"لسان الميزان"(5/ 67 - 68) ونقل عن ابن الجَوْزي في "المُنْتَظَم" أنَّه توفي سنة (236 هـ)
(2)
.
كما أنَّ في إسناده (فَضَالة بن دينار الشَّحَّام البَصْري) وقد ترجم له في:
1 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (3/ 457) وقال: "منكر الحديث".
2 -
"الجرح والتعديل"(7/ 78) -وقد ورد فيه باسم: (فَضَالة بن عبد الملك الشَّحَّام) - وفيه عن أبي حاتم: "شيخ".
3 -
"المجروحين"(2/ 305) باسم (فَضَالة الشَّحَّام) وقال: "عداده من أهل البَصْرة، روى عن أهلها، كان ممن يروي المناكير عن المشاهير، لا يعجبني الاحتجاج به إلّا فيما وافق الثقات".
(1)
وقد تَصَحَّف في "الميزان"(3/ 477)، و"اللسان" (5/ 67) إلى:"الضبي". والتصويب من "الأنساب"(8/ 131)، و"الجرح والتعديل"(7/ 196).
(2)
أقول: ما طبع من "المُنْتَظَم" يبدأ من وفيات سنة (257 هـ). ثم وقفت أخيرًا على طبعة كاملة له.
4 -
"اللسان"(4/ 435) باسم (فَضَالة بن دينار) ونقل قول العُقَيْلي. وفي (4/ 436) باسم (فَضَالة الشَّحَّام) ونقل قول ابن حِبَّان السابق. وفيه عن الأَزْدِيّ: "لم يكن يعقل ما يحدِّث به".
وقال الحافظ ابن حَجَر: "وقد جَمَعَ العُقَيْلي بينه وبين (ابن دينار) فجعلهما واحدًا. والصواب معه. وقرأت بخطِّ الحسين: هو ابن عبد الملك الشَّحَّام".
التخريج:
رواه العُقَيْلي في "الضعفاء"(3/ 457) -في ترجمة (فَضَالة بن دينار الشَّحَّام) - عن أحمد بن محمد بن عاصم الرَّازي، حدَّثنا عمَّار بن هارون، حدثنا فَضَالة بن دينار الشَّحَّام، به.
وقال: "والرواية في هذا الباب غير ثابتة".
وذكره الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(3/ 348) في ترجمة (فَضَالة بن دينار) فقال: "قال العُقَيْلي: منكر الحديث. روى عن ثابت عن أنس حديث: إذا بُويع لخليفتين. . ولم يصحّ في هذا حديث".
وتعقَّبه الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(4/ 435) فقال عقب ذكره لكلام الذَّهَبِيِّ المتقدِّم: "وهذا هو العجب العجاب، كيف يقول المؤلف -يعني الذَّهَبِيّ- هذا، ويُقرأ عليه، والحديث في "صحيح مسلم"، وإن كان من غير هذا الوجه. وقد راجعت كلام العُقَيْلي فلم أر هذا الكلام فيه. وقال فيه: فَضَالة بن دينار الشَّحَّام".
أقول: بل هو فيه بمعناه، وقد تقدَّم قول العُقَيْلي:"والرواية في هذا الباب غير ثابتة"! ! وقد أكَّد العُقَيْلي ذلك في "الضعفاء"(1/ 259) في ترجمة (الحكم بن ظُهَيْر الفَزَاري) فإنَّه بعد أن ذكر أنَّه روى عن عاصم عن ذَرٍّ عن عبد اللَّه مرفوعًا: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما"، مع أحاديث أخرى ذكرها، قال:"ولا يصحُّ من هذه المتون عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم شيء من وجه ثابت"! ! .
والحديث عزاه في "الجامع الكبير"(1/ 48) من حديث أنس إلى الخطيب فقط! ! .
وقد صَحَّ الحديث من غير هذا الوجه، فقد رواه مسلم في الإِمارة، باب إذا بويع لخليفتين (3/ 1480) رقم (1853)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 144)، من طريق وهب بن بقيَّة الوَاسِطي، عن خالد بن عبد اللَّه، عن الجُرَيْرِيّ، عن أبي نَضْرَة، عن أبي سعيد الخُدْري مرفوعًا بلفظ حديث أنس.
ورواه البزَّار في "مسنده"(2/ 235) رقم (1595) -من كشف الأستار-، والطبراني في "المعجم الأوسط"(3/ 358) رقم (2764)، من طريق أبي هلال، عن قَتَادة، عن سعيد بن المسيَّب، عن أبي هريرة مرفوعًا به.
قال البزَّار: "تفرَّد بهذا مرفوعًا أبو هلال، وأرسله غيره".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قَتَادة إلّا أبو هلال". وعنده: "فاقتلوا الأَحْدَث منهما".
وقال الهيثمي في "المجمع"(5/ 198): "رواه البزَّار. وفيه أبو هلال، وهو ثقة. والطبراني في الأوسط".
أقول: (أبو هلال) هو (محمد بن سُلَيْم الرَّاسِبِيّ البَصْري) وهو "صدوق فيه لين" كما قال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب"(2/ 166). وستأتي ترجمته في حديث (916).
وقد رواه ابن عدي في "الكامل"(6/ 2249) في ترجمة (محمد بن سُلَيْم أبو هلال الرَّاسِبِيّ)، من طريق أبي موسى محمد بن المثنَّى، حدَّثنا أبو الوليد، عن همَّام، عن قَتَادَة، عن سعيد بن المسيَّب مُرْسَلًا.
قال ابن عدي: "قال أبو موسى: قلت لأبي الوليد، فإن أبا هلال حدَّث عن قَتَادة عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قال لي أبو الوليد: يا أبا موسى إنّ أبا هلال لا يَحْتَمِلُ هذا".
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 314) رقم (710)، من طريق زيد بن يحيى بن عبيد، عن سعيد بن بشير، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبَيْر أنّ عبد اللَّه بن الزُّبَيْر قال لمعاوية في الكلام الذي جرى بينهما في بيعة يزيد: وأنت يا معاوية أخبرتني أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان في الأرض خليفتان فاقتلوا أحدهما".
قال الهيثمي في "المجمع"(5/ 198): "رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجاله ثقات"!!.
أقول: إسناده ضعيف، فإنَّ فيه (سعيد بن بشير) وهو (الأَزْدِيُّ أبو عبد الرحمن): ليس بالقويّ. وستأتي ترجمته في حديث (1168).
* * *
55 -
أخبرنا أبو نُعَيْم الحافظ قال: حدَّثنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: نبأنا محمد بن حَنِيْفة الوَاسِطي، وبكر بن مُقْبِل البَصْري، قالا: نبأنا محمد بن إسحاق الصِّينيّ.
وأخبرنا أحمد بن محمد بن غالب -واللفظ له- قال: قرأنا على أبي الحسين ابن مُظَفَّر، حدَّثكم أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن الحجَّاج بن رِشْدِين قال: حدَّثنا أبو عبد اللَّه محمد بن إسحاق بن يزيد البغدادي قال: حدَّثنا نصر بن حمَّاد قال: حدثنا شُعْبَة، عن السُّدِّيّ، عن مِقْسَم،
عن ابن عبَّاس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وقف على قتلى بَدْر، فقال:"جزاكم اللَّه من عِصَابة شرًّا، فقد خَوَّنْتُموني أمينًا، وكَذَّبْتُموني صادقًا". ثم التفت إلى أبي جهل بن هشام فقال: "هذا أعتى على اللَّه من فرعون، لمَّا أيقن بالموت وَحَّدَ اللَّه، وإنَّ هذا لمَّا أيقن بالموت دعا باللّات والعُزَّى".
(1/ 239) في ترجمة (محمد بن إسحاق بن يزيد البغدادي المعروف بالصِّيني أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف.
ففيه (نصر بن حمَّاد بن عَجْلان البَجَلي الورَّاق) وهو "حافظ مُتَّهم" كما قال الذَّهَبِيُّ في "الكاشف"(3/ 176). وستأتي ترجمته في حديث (729).
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن إسحاق بن يزيد البغدادي الصِّيني أبو عبد اللَّه) وهو كذَّاب. وقد تقدَّمت ترجمته في الحديث السابق رقم (54). لكنه لم يتفرَّد به كما سيأتي.
وقال الخطيب عقبه: "قال ابن غالب: قال لنا أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيّ: تفرَّد به نصر بن حمَّاد عن شُعْبَة، وتفرَّد به محمد بن إسحاق الصِّيني عنه، قال الشيخ أبو بكر -يعني الخطيب-: وقد رُوي لنا عن نصر بن حمَّاد من غير طريق الصِّيني".
ثم ساقه من طريق عَبْدَان بن الجُنَيْد، عن نصر بن حمَّاد، به. وهو الحديث التالي.
و(السُّدِّيّ) هو (إسماعيل بن عبد الرحمن أبو محمد الكوفي): حسن الحديث. وستأتي ترجمته في حديث (1106).
و(مِقْسَم) هو (ابن بُجْرَة أبو القاسم مولى عبد اللَّه بن عبَّاس)، قال عنه في "التقريب" (2/ 273):"صدوق. وكان يرسل، من الرابعة، مات سنة إحدى ومائة، وما له في البخاري سوى حديث واحد"/ خ 4. وانظر "التهذيب". (10/ 288 - 289).
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 382) رقم (12067)، عن محمد بن حَنِيْفة الوَاسِطي، حدَّثنا محمد بن إسحاق الصِّيني، عن نصر بن حمَّاد، به.
وعن الخطيب رواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 301)، وقال:"هذا حديث لا يصحُّ". ثم نقل بعض أقوال النُّقَّاد في (نصر بن حمَّاد) وقال: "وكذَّبوا محمد بن إسحاق البغدادي".
ورواه ابن عدي في "الكامل"(7/ 2503) في ترجمة (نصر بن حمَّاد الورَّاق) بإسناده إليه عن شُعْبَة، به. وقال: إنَّه عن شُعْبَة بهذا الإِسناد، يرويه عنه نصر بن حمَّاد.
وقال الهيثمي في "المجمع"(6/ 91): "رواه الطبراني وفيه نصر بن حمَّاد الورَّاق، وهو متروك".
* * *
56 -
أخبرنا عليّ بن المُحَسِّن القاضي قال: نبأنا أبو القاسم عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد بن الحسن القِرْمِيسِيني
(1)
قال: نبأنا أبو الحسن عليّ بن الحسين بن أحمد الحَرَّاني قال: نبأنا عَبْدَان بن الجُنَيْد قال: نبأنا نصر بن حمَّاد الورّاق قال: نبأنا شُعْبَة، عن السُّدِّيّ، عن مِقْسَم،
عن ابن عبَّاس قال: وقف النبيُّ صلى الله عليه وسلم على قتلى بَدْر فقال: "جزاكم اللَّه من عِصَابة شرًّا، فقد خَوَّنْتُمُوني أمينًا، وكذَّبْتُموني صادقًا". ثم ساق الحديث.
(1/ 239 - 240) في ترجمة (محمد بن إسحاق بن يزيد البغدادي المعروف بالصِّيني أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف.
وقد تقدَّم الكلام عليه في الحديث السابق رقم (55).
(1)
"هذه النسبة إلى (قِرْمِيسين) وهي بلدة بجبال العراق على ثلاثين فرسخًا من هَمَذَان عند دِينَوَر". "الأنساب"(10/ 110).
التخريج:
تقدم تخريجه في الحديث السابق رقم (55).
* * *
57 -
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصَّلْت الأَهْوَازي قال: حدَّثنا القاضي أبو عبد اللَّه الحسين بن إسماعيل المَحَامِليّ -إملاءً- قال: حدَّثنا الصَّاغَانِيّ قال: حدَّثنا أبو همَّام قال: حدَّثنا القاسم بن مالك، عن لَيْث، عن مجاهد،
عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تدعوا الركعتين قبل الفجر فإنَّ فيهما الرَّغَائِبَ".
(1/ 240 - 241) في ترجمة (محمد بن إسحاق بن جعفر الصَّاغَانِيّ أبو بكر).
مرتبة الحديث:
حسن لغيره.
ففي إسناده شيخ الخطيب (أحمد بن محمد بن أحمد الأَهْوَازي أبو الحسن).
وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ بغداد"(4/ 370) وقال: "كتبت عنه وكان صدوقًا صالحًا". ولم يذكر فيه عن أحدٍ شيئًا.
2 -
"المغني"(1/ 55) وقال: "شيخ الخطيب، لَيَّنَهُ البَرْقَاني".
3 -
"السِّيَر"(17/ 187 - 188) ونقل فيه قول الخطيب السابق في "تاريخه" ولم يزد
4 -
"الميزان"(1/ 132) ونقل عن البَرْقَاني قوله فيه: ضعيف.
5 -
"اللسان"(1/ 255 - 256) وفيه عن أبي ذَرٍّ الهَرَوي: لا بأس به إذا حدَّث من أصوله.
كما أنَّ فيه (لَيْث بن أبي سُلَيم) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (124). وقد توبع كما سيأتي.
و(الصَّاغَانِيّ) هو صاحب الترجمة (محمد بن إسحاق بن جعفر الصَّاغَانِيّ أبو بكر): إمام حافظ حجَّة، خرَّج له مسلم والأربعة، وتوفي عام (270 هـ). انظر ترجمته في:"تاريخ بغداد"(1/ 240 - 241)، و"السِّيَر"(12/ 592 - 594)، و"التهذيب"(9/ 35 - 37)، و"التقريب"(2/ 144).
و(أبو همَّام) هو (الوليد بن شُجَاع السَّكُوني)، قال ابن حَجَر عنه في "التقريب" (2/ 333):"ثقة، من العاشرة"/ م د ت ق. وانظر ترجمته مفصَّلًا في "السِّيَر"(12/ 23 - 24)، و"التهذيب"(11/ 135 - 136).
و(مجاهد) هو (ابن جَبْر المَكِّي المَخْزُومي أبو الحجَّاج): إمام ثقة شيخ القُرَّاء والمفسرين. وستأتي ترجمته في حديث (399).
وباقي رجال الإِسناد ثقات.
التخريج:
رواه الطبراني في "الكبير"(12/ 407 - 408) رقم (13502)، من طريق عبد الرحيم بن يحيى الدَّبِيْلي، حدَّثنا عبد الرحمن بن مَغْراء، أخبرنا جابر بن يحيى الحَضْرَمي، عن ليث بن أبي سُلَيْم، به.
ورواه أحمد في "المسند"(2/ 82) مطَوّلًا، عن محمد بن الحسن بن أَتَش، أخبرني النُّعْمَان بن الزُّبَيْر، عن أيوب بن سليمان -رجل من أهل صنعاء-، عن ابن عمر مرفوعًا. وفيه في آخره:"وركعتا الفجر حافظوا عليهما، فإنَّهما من الفضائل".
وذكره الهيثمي في "المجمع"(2/ 217 - 218) وقال: "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه عبد الرحيم بن يحيى، وهو ضعيف. وروى أحمد
(1)
منه: "وركعتي الفجر حافظوا عليهما، فإنّ فيهما الرغائب" وفيه رجل لم يسمّ".
أقول: هذا الذي قاله الهيثمي موضع نظر. فإنَّ الإِمام أحمد قد سمّى الرجل من أهل صنعاء، وهو (أيوب بن سليمان) كما تقدَّم عنه. كما أنَّ الذي عند أحمد:"فإنهما من الفضائل"، لا كما ذكر الهيثمي من أنه عنده بلفظ:"فإنَّ فيهما الرغائب".
كما ذكر الهيثمي في "المجمع"(2/ 218) عقبه، حديثًا عن رجل من أهل صنعاء عن ابن عمر مرفوعًا، جاء فيه:"وركعتي الفجر حافظوا عليهما فإنَّ فيهما الرغائب". وقال: "رواه أحمد في حديث طويل. رواه أبو داود وفيه رجل لم يُسَمّ".
وهذا كذلك موضع نظر، حيث يفهم منه أنَّ (أبا داود) قد رواه بلفظ أحمد بتمامه الذي ساقه. وليس كذلك فإنَّ أبا داود قد أخرج في الأقضية، باب فيمن يعين على خصومة من غير أن يعلم أمرها (4/ 23) رقم (3597) حديث ابن عمر وليس فيه شيء من لفظ الرواية التي ذكرها في "المجمع" معزوة إلى الإِمام أحمد. ورواية أبي داود هي عند أحمد في "المسند"(2/ 70) وليس فيها. أيضًا ذكر فضل الركعتين قبل الفجر! ! !
(1)
أقول: الإِمام الطبراني روى حديث ابن عمر مطوَّلًا مشتملًا على عدة أحاديث فرّقها، ومنها حديث فضل الركعتين قبل الفجر. فقول الهيثمي:"روى أحمد منه: وركعتي الفجر. . . ". موضع نظر، فإنَّ الإِمام أحمد قد روى معه جزءًا آخر من رواية الطبراني المطوَّلة التي فرَّقها. وانظر تعليق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله على "مسند أحمد" (7/ 255 - 256). أقول: وهذا الوَهَم عند الهيثمي قد سبقه إليه الإِمام المنذري في "الترغيب والترهيب"(1/ 398).
وقد طوَّل العلَّامة الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند"(7/ 255 - 256) في مناقشة الهيثمي من وجوه عِدَّة فانظره.
أقول: الحديث من طريق الطبراني فيه (ليث بن أبي سُلَيْم) وهو ضعيف كما تقدَّم.
أمَّا من طريق الإِمام أحمد، فإنَّ فيه (أيوب بن سليمان) وقد ترجم له الحافظ ابن حَجَر في "تعجيل المنفعة" ص 35 وقال:"فيه جهالة".
وقد صحَّح الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند"(7/ 254 - 255) هذا الطريق. وقال بعد أن ذكر ما في "تعجيل المنفعة": "وإنما صحَّحت حديثه بأنه تابعي مستور، لم يُذْكَرْ بجرح، فحديثه حسن على الأقل. ثم لم يأت فيه بشيء منكر انفرد به، كما سيأتي، فيكون حديثه هذا صحيحًا".
و(أيوب بن سليمان) لم يتفرَّد به، فقد تابعه (مجاهد بن جَبْر) كما تقدَّم، وهو إمام ثقة.
وقد رواه الخطيب في "تاريخه"(12/ 393)، من طريق فضيل بن عبد الوهاب، حدَّثنا أبو وكيع، عن عبد اللَّه بن مُجَالِد، عن مجاهد، عنه، به.
ورجال إسناده حديثهم حسن عدا (أبا وكيع) وهو (الجرَّاح بن مَلِيح الكوفي) وهو "صدوق يهم" كما قال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب"(1/ 126). وستأتي ترجمته في حديث (1917).
أقول: فالحديث بمجموع هذه الطرق يكون حسنًا لغيره، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
وقد ذكره الدَّيْلَمِيُّ في "الفردوس"(2/ 266) رقم (2239) عن ابن عمر أيضًا.
غريب الحديث:
قوله: "فإنَّ فيهما الرغائب""أي ما يُرْغَبُ فيه من الثواب العظيم. وبه سُمِّيت صلاة الرَّغائب، واحدتها رَغِيبة". "النهاية"(2/ 238).
* * *
58 -
أخبرنا محمد بن أحمد بن رِزْق قال: نبأنا عبد الصمد بن عليّ الطَّسْتِيّ قال: نبأنا محمد بن إسحاق البَغَويّ قال: نبأنا خالد بن خِدَاش قال: نبأنا سُكَيْن بن عبد العزيز، عن أبيه،
عن ابن عبَّاس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال للفضل بن عبَّاس يوم عَرَفَة، يوم جُمُعَة:"يا ابن أخي إنَّ هذا يومٌ، مَنْ مَلَكَ فيه سَمْعَهُ وبَصَرَهُ، غَفَرَ اللَّهُ له ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".
(1/ 242) في ترجمة (محمد بن إسحاق البَغَويّ).
مرتبة الجديث:
إسناده حسن.
ورجاله الثلاثة الأُولى: ثقات.
و (خالد بن خِدَاش بن عَجْلان المُهَلَّبِيّ أبو الهيثم): ثقة ربما وهم. وستأتي ترجمته في حديث (921).
وقد تابعه (عفَّان بن مسلم) -وهو ثقة ثَبْتٌ- عند ابن سعد. كما تابعه غيره من الثقات.
و (سُكَيْن بن عبد العزيز بن قيس العَبْدِي العَطَّار البَصْري) ترجم له في:
1 -
"تاريخ الدَّارميّ عن ابن مَعِين" ص 116 رقم (356) وقال: "ثقة".
2 -
"التاريخ الكبير"(4/ 199) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
3 -
"تاريخ الثقات" للعِجْلي ص 196 رقم (582) وقال: "ثقة".
4 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 131 رقم (302) وقال: "ليس بالقويّ".
5 -
"الجرح والتعديل"(4/ 207) وفيه عن أبي حاتم: "لا بأس به". وقال وكيع: "ثقة".
6 -
"الثقات" لابن حِبَّان (6/ 432).
7 -
"الكامل"(3/ 1301 - 1302) وقال: "فيما يرويه بعض النُّكْرَةِ، وأرجو أنَّ بعضها يحمل بعضًا، وأنه لا بأس به، لأنه يروي عن قوم ضعفاء، وليس هم بمعروفين، ولعل البلاء منهم ليس منه".
8 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيّ ص 239 رقم (277).
9 -
"تهذيب الكمال"(11/ 209 - 211) وفيه أنّ أبا داود ضعَّفه.
10 -
"التقريب"(1/ 313) وقال: "صدوق يروي عن الضعفاء، من السابعة"/ د.
و(عبد العزيز بن قيس العَبْدِي البَصْري) ترجم له في:
1 -
"التاريخ الكبير"(6/ 10) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
2 -
"تاريخ الثقات" للعِجْلي ص 305 رقم (1015) وقال: "ثقة".
3 -
"الجرح والتعديل"(5/ 392) وفيه عن أبي حاتم: "مجهول".
4 -
"الثقات" لابن حِبَّان (5/ 124).
5 -
"التقريب"(1/ 512) وقال: "مقبول، من الرابعة"/ ذ.
التخريج:
رواه أحمد في "المسند"(1/ 329)، وابن خُزَيْمة في "صحيحه"(4/ 261) رقم (2833)، وابن سعد في "الطبقات"(4/ 54)، والطبراني في "الكبير"(12/ 232) رقم (12974)، وأبو يَعْلَى في "مسنده"(4/ 330) رقم (2441)، وابن أبي الدُّنْيَا في "الصَّمْتِ" ص 294 رقم (664)، والبيهقي في كتابه "فضائل الأوقات" ص 356 - 357 رقم (183)، وابن عدي في "الكامل"(3/ 1302) -في ترجمة (سُكَيْن بن عبد العزيز) -، رووه من طُرق، عن سُكَيْن بن عبد العزيز، عن أبيه، عنه، به.
وعندهم جميعًا زيادة قوله: "ولسانه" بعد قوله: "سمعه وبصره".
وليس عندهم جميعًا قوله: "ما تقدَّم من ذنبه".
قال ابن خُزَيْمَة عند سوقه لإِسناده بعد ذكره لـ (سُكَيْن بن عبد العزيز): "وأنا بريء من عهدته وعهدة أبيه".
وقال الهيثمي في "المجمع"(3/ 251): "رواه أحمد وأبو يَعْلَى والطبراني في "الكبير". . . ورجال أحمد ثقات"!
وقال المُنْذِري في "الترغيب والترهيب"(2/ 204): "رواه أحمد بإسناد صحيح! والطبراني. . . ".
وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" لأحمد (5/ 17) رقم (3042): "إسناده صحيح"!.
وقال الشيخ الألباني في تعليقه على "صحيح ابن خُزَيْمَة"(4/ 261): "إسناده ضعيف، بل منكر"!.
* * *
59 -
أخبرنا أبو الفرج محمد بن عبد اللَّه بن أحمد بن شَهْرَيَار التاجر -بأَصْبَهَان- قال: أنبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: نبأنا محمد بن إسحاق بن إسماعيل البغدادي قال: نبأنا منصور بن أبي مُزَاحِم قال: نبأنا أبو إسماعيل المُؤَدِّب، عن يعقوب بن عطاء، عن أبيه،
عن زيد بن خالد الجُهَني قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَهَّزَ غازيًا، أو فَطَّرَ صائمًا، أو جَهَّزَ حاجًّا، فإنَّ له مِثْلَ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شيئًا".
(1/ 243) في ترجمة (محمد بن إسحاق بن إسماعيل البغدادي).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. وقد صَحَّ بعضه من غير هذا الطريق كما سيأتي في التخريج.
ففيه (يعقوب بن عطاء بن أبي رَبَاح المَكِّي) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (786). وقد تابعه (ابن أبي ليلى) كما سيأتي، وهو ضعيف.
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن إسحاق بن إسماعيل البغدادي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا، ولم أقف على من ذكره بذلك.
و(عطاء بن أبي رَبَاح) لم يسمع من (زيد بن خالد) كما قال الإِمام عليّ بن المَدِيني، ونقله عنه ابن أبي حاتم في "المراسيل" ص 129. لكن سيأتي بعد أنَّ التِّرْمِذِيَّ وابن حِبَّان وابن خُزَيْمَة والبَغَوي قد صحَّحوا روايته عن زيد بن خالد. فاللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
و(أبو إسماعيل المُؤَدِّب) هو (إبراهيم بن سليمان بن رَزِين الأُرْدُنِيّ): صدوق. وستأتي ترجمته في حديث (1194).
وبقية رجال الإِسناد ثقات.
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 25) من الطريق التي رواها الخطيب عنه، وقال:"لم يروه عن يعقوب بن عطاء إلّا أبو إسماعيل المؤدِّب".
ورواه ابن خُزَيْمَة في "صحيحه"(3/ 277) رقم (2064)، والنَّسَائي في "السنن الكبرى" في الصوم -كما في "تحفة الأشراف"(3/ 240) رقم (3761) -، وابن أبي شَيْبَةَ في "مصنَّفه"(5/ 351)، والطبراني في "الكبير"(5/ 295 - 296) رقم (5267) و (5268) و (5270) و (5271)، وأبو نُعَيْم في "الحِلْيَة"(7/ 98)، والبيهقي في "شُعَب الإِيمان"(8/ 62) رقم (3826)، وأبو الحسين الشَّجَرِي في "الأمالي"(1/ 265) و (2/ 43)، من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عطاء بن أبي رَبَاح، عنه، به.
أقول: (ابن أبي ليلى): ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (1048). فتصحيح محقق "صحيح ابن خُزَيْمَة" لإِسناده، موضع نظر.
وكذلك قول محقق "شُعَب الإِيمان": "إسناده رجاله موثقون".
ورواه الطبراني في "الكبير"(5/ 297) رقم (5277)، من طريق سُرَيْج بن يونس، حدَّثنا أبو إسماعيل المُؤَدِّب، عن يعقوب بن عطاء، به.
وعزاه في "التلخيص الحَبِير"(4/ 101) إلى ابن قَانِع.
والحديث رواه البخاري في الجهاد، باب فضل من جهّز غازيًا (6/ 49) رقم (2843)، ومسلم في الإِمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل اللَّه. . (3/ 1507) رقم (1895)، وأبو داود في الجهاد، باب ما يجزئ من الغزو (3/ 25 - 26) رقم (2509)، والتِّرْمِذِيّ في فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل من جهّز غازيًا (4/ 169 - 170) رقم (1628 و 1631)، والنَّسَائي في الجهاد، باب فضل من جهّز غازيًا (6/ 46)، وابن حِبَّان في "صحيحه"(7/ 71) رقم (4612)، وسعيد بن منصور في "سننه"(2/ 160) رقم (2325)، والطيالسي في "مسنده" ص 129 رقم (956)، من طريق بُسْر بن سعيد قال: حدَّثني زيد بن خالد مرفوعًا: "من جهّز غازيًا في سبيل اللَّه فقد غَزَا، ومن خَلَفَ غازيًا في سبيل اللَّه بخير فقد غَزَا".
ورواه ابن حِبَّان في "صحيحه"(7/ 71) رقم (4611)، وابن ماجه في الجهاد، باب من جهّز غازيًا (2/ 922) رقم (2759)، والدَّارِمي في "سننه"(2/ 209)، من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن زيد بن خالد الجُهَني مرفوعًا بلفظ:"من جَهَّزَ غازيًا في سبيل اللَّه أو خَلَفَهُ في أَهْلِهِ كُتِبَ له مِثْلُ أَجْرِهِ حتى إنَّه لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الغَازِي شيءٌ".
وليس عند ابن ماجه: قوله: "أو خَلَفَهُ في أهله".
وروى التِّرْمِذِيّ في الصيام، باب ما جاء في فضل من فطَّر صائمًا (3/ 162) رقم (807)، وابن ماجه في الصيام، باب في ثواب من فطَّر صائمًا (1/ 555) رقم (1746)، والبَغَوي في "شرح السُّنَّة"(6/ 377) رقم (1818)، من طريق عطاء بن
أبي رَبَاح، عن زيد بن خالد مرفوعًا بلفظ:"من فَطَّرَ صَائمًا كان له مِثْلُ أَجْرِهِ، غيرَ أنّه لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائمِ شيئًا".
وقال التِّرْمِذِيُّ: "هذا حديث حسن صحيح".
وروى أحمد في "المسند"(4/ 114 - 115 و 116) و (5/ 192)، وابن حِبَّان في "صحيحه"(7/ 72) رقم (4614)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 240)، والبَغَوي في "شرح السُّنَّة"، (6/ 377) رقم (1819)، من طريق عطاء بن أبي رَبَاح، عن زيد بن خالد مرفوعًا، بذكر فضل من فَطَّرَ صائمًا ومن جَهَّزَ غازيًا معًا. وبزيادة الخَلَف في أهل الغازي عند ابن حِبَّان والبيهقي.
وقال البَغَوي: "صحيح".
* * *
60 -
أخبرنا أبو عمر محمد بن عليّ بن حُبَيْش التَّمَّار، وأبو الحسن محمد بن الحسين بن الفضل القطَّان، قالا: نبأنا أبو عليّ إسماعيل بن محمد الصَّفَّار -إملاءً- قال: حدَّثني محمد بن إسحاق أبو العبَّاس بن أبي إسحاق الصَّفَّار.
وأخبرنا محمد بن أحمد بن رِزْق قال: حدَّثنا عبد الباقي بن قَانع القاضي قال: حدَّثنا أبو العبَّاس محمد بن إسحاق الصَّفَّار المُعَدَّل.
وأخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أنبأنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن زياد القطَّان قال: نبأنا محمد بن إسحاق الصَّفَّار قال: نبأنا الحسن بن مكِّي قال: نبأنا ابن عُيَيْنَة، عن أبي الزِّنَاد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة قال: خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم متكئًا على عليّ بن أبي طالب، فاستقبله أبو بكر وعمر، فقال له:"يا عليُّ أتحبُّ هذين الشيخين"؟ قال: نعم يا رسول اللَّه. قال: "أَحِبَّهُمَا تدخل الجنّة".
(1/ 246) في ترجمة (محمد بن إسحاق بن أبي إسحاق -إبراهيم- الصَّفَّار المُعَدَّل أبو العبَّاس).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه (الحسن بن مَكِّي) وقد ترجم له في:
1 -
"الموضوعات" لابن الجَوْزي (1/ 324) وقال: "مجهول غير معروف".
2 -
"ميزان الاعتدال"(1/ 524) وقال: "ذكر حديثًا باطلًا بسند الصحيح في "تاريخ بغداد"." ثم ذكر الحديث المتقدِّم وقال: "رواه عنه محمد بن إسحاق الصَّفَّار. صدوق".
3 -
"اللسان"(2/ 257) وقال: "وفي التحقيق" لابن الجَوْزي: الحسن بن مَكِّي مجهول غير معروف".
وقال ابن حَجَر: "وأورده الخطيب -يعني الحديث- في ترجمة محمد بن إسحاق الصَّفَّار وقال: إنَّ الدَّارَقُطْنِيّ وثَّقه
(1)
. فانحصر الأمر في ابن مكِّي".
وقال الخطيب عقب روايته له: "هذا حديث غريب من حديث أبي الزِّنَاد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. ومن حديث سفيان بن عُيَيْنَة عن أبي الزِّنَاد، تفرَّد بروايته الحسن بن مَكِّي عن ابن عُيَيْنَة، ولم نكتبه إلّا من حديث محمد بن إسحاق الصَّفَّار عنه".
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(1/ 324) عن الخطيب من طريقه. المتقدِّم، وقال: "هذا حديث غريب من حديث أبي الزِّنَاد، وغريبٌ من حديث
(1)
أقول: لا يوجد توثيقٌ للدَّارَقُطْنِيّ لـ (محمد بن إسحاق الصَّفَّار) في النسخة المطبوعة من "تاريخ بغداد"، فلعله سقط منه. وقد عزاه السيوطي للخطيب في "اللآلئ"(1/ 306) أيضًا.
سفيان، تَفَرَّدَ به مَكِّي وهو مجهول غير معروف".
وتعقَّبه السيوطي في "اللآلئ"(1/ 305 - 306)، ولخَّص تعقّبه ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة" (1/ 347) فقال: "قال السيوطي وقد وجدتُ له -يعني الحسن بن مَكِّي- مُتَابِعًا، وهو عمر بن حفص البَصْري، أخرجه ابن عساكر. قلت -القائل ابن عَرَّاق-: راويه عن عمر بن حفص، محمد بن أحمد بن سعيد بن فَرْقَد مؤذِّن (مسجد)
(1)
جدِّه أبي عمرو المخزومي. قال الذَّهَبِيُّ: له مناكير. يُتأمل حاله. انتهى واللَّه أعلم".
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 969) إلى الخطيب وحده.
وقد روي من حديث عبد اللَّه بن أبي أَوْفَى، ومن حديث ابن عمر، وفي إسنادهما:(محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الأُشْنَاني) وهو كذَّاب. وسيأتيان برقم (827) و (828).
* * *
61 -
أخبرنا أبو الفرج محمد بن عبد اللَّه بن شَهْرَيَار الأصبهاني قال: أنبأنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدَّثنا محمد بن إسحاق بن موسى المرْوَزِيّ -ببغداد- قال: حدَّثنا محمود بن العَبَّاس -صاحب ابن المبَارَك- قال: حدَّثنا هُشَيْم، عن الأَعْمَش، عن إبراهيم النَّخَعِي، عن عَلْقَمَة،
عن ابن مسعود قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
"من أَعْطَى الذِّكْرَ، ذَكَرَهُ اللَّهُ تعالى، لأنَّ اللَّه يقول:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [سورة البقرة: الآية 152].
ومن أَعْطَى الدُّعَاءَ أُعْطِي الإِجابةَ، لأنّ اللَّه تعالى يقول:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر: الآية 60].
(1)
إضافة من "اللآلئ"(1/ 306).
ومن أَعْطَى الشُّكْرَ، أُعْطِي الزيادةَ، لأنّ اللَّه تعالى يقول:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [سورة إبراهيم: الآية 7].
ومن أَعْطَى الاستغفارَ، أُعْطِي المغفرةَ، لأنَّ اللَّه تعالى يقول:{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [سورة نوح: الآية 10] ".
(1/ 247 - 248) في ترجمة (محمد بن إسحاق بن موسى المَرْوَزِيّ).
مرتبة الحديث:
منكر.
ففي إسناده (محمود بن العبَّاس) وقد ترجم له في:
1 -
"العلل المتناهية"(2/ 355) وقال: "مجهول".
2 -
"الميزان"(4/ 77 - 78) وقال: "عن هُشَيْم بخبر كَذِبٍ، لعله واضعه. وله خبر آخر منكر". ثم ساق الحديث المتقدِّم عن الطبراني.
3 -
"اللسان"(6/ 3) وأقرَّ ما في "الميزان". ولم يذكرا قول ابن الجَوْزي المتقدِّم.
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن إسحاق بن موسى المَرْوَزِيّ) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا. ولم أقف على من ذكره بذلك. .
و(هُشَيْم) هو (ابن بَشِير السُّلَمِيّ الوَاسِطِي): ثقة ثَبْتٌ كثير التدليس والإِرسال الخفي. وستأتي ترجمته في حديث (348).
و(الأَعْمَش) هو (سليمان بن مِهْران): إمام ثقة مدلِّس. وستأتي ترجمته في حديث (190).
و(عَلْقَمَة) هو (ابن قيس بن عبد اللَّه النَّخَعِيّ): إمام ثقة فقيه. وستأتي ترجمته في حديث (231).
وباقي رجال الإِسناد ثقات.
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 92)، و"المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" للهيثمي (8/ 13) رقم (4628) -، من الطريق التي رواها الخطيب عنه، وقال:"لم يروه عن الأَعْمَش إلّا هُشَيْم، تفرّد به محمود بن العبَّاس".
لكن أوله عنده: "من أَعْطَى أربعًا أُعْطِي أربعًا، وتفسير ذلك في كتاب اللَّه عز وجل: من أعطى الذكر. . . ".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 149): "رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، وفيه محمود بن العبَّاس، وهو ضعيف".
ورواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(2/ 355) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، وقال:"هذا حديث لا يصحُّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. تفرَّد به محمود بن العبَّاس وهو مجهول".
ومن طريق عبد الباقي بن قَانِع، عن محمد بن إسحاق بن موسى المَرْوَزي، به، وبلفظ الطبراني، رواه البيهقي في "شُعَب الإِيمان"(8/ 434 - 435) رقم (4211).
وقال البيهقي عن هذا الطريق: ضعيف.
ورواه البيهقي في "الشُّعَب"(8/ 433 - 434) رقم (4210)، من طريق عبد العزيز بن أَبَان، عن الثَّوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن عَلْقَمَة والأسود، عن ابن مسعود مرفوعًا بنحوه، لكن بزيادة قوله:"ومن أعطى التوبة لم يُحْرَم التَقَبُّل، لأنَّ اللَّه يقول: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [سورة الشوري: الآية 25] ". بدلًا من قوله: "من أعطى الذكر. . . ".
وقال البيهقي: "عبد العزيز بن أَبَان: متروك".
* * *
62 -
أخبرنا أبو عبد اللَّه الحسين بن عمر بن بَرْهَان
(1)
الغَزَّال قال: نبأنا محمد بن إسحاق السَّرَّاج قال: نبأنا عمرو بن زُرَارَة النَّيْسَابُورِيّ، ويعقوب بن مَاهَان، قالا: نبأنا القاسم بن مالك المُزَني، عن عاصم الأَحْول، عن ابن سِيرين،
عن ابن عبَّاس قال: قال لي عمر: ما حبسك عن الصَّلاة؟ قلت: لما أن سمعت الأذان توضأت ثم أقبلت. قال عمر: الوضوء أيضًا؟ ما بهذا أُمِرْنَا. قال: فما تركت الغُسْلَ يوم الجُمُعَةِ بعد.
(1/ 248 - 249) في ترجمة (محمد بن إسحاق بن إبراهيم السَّرَّاج أبو العبَّاس).
مرتبة الحديث:
رجال إسناده حديثهم حسن، إلّا أنَّ (القاسم بن مالك المُزَني) قال ابن حَجَر عنه في "التقريب" (2/ 119):"صدوق فيه لين، من صغار الثامنة"/ خ م ن س ق. وانظر ترجمته في "التهذيب"(7/ 332 - 333).
التخريج:
لم أقف عليه في كُلِّ ما رجعت إليه. واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
لكن قد روى البخاري في الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة. . . (2/ 356) رقم (878)، وغيره، عن ابن عمر رضي الله عنهما:"أنَّ عمر بن الخطَّاب بينما هو قائم في الخُطْبَةِ يومَ الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم فناداه عمر: أَيَّةُ ساعةٍ هذه؟ قال: إني شُغِلْتُ فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التَّأْذِينَ، فلم أَزِدْ أن توضأت. فقال: والوضوء أيضًا؟ وقد علمتَ أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغُسْلِ".
(1)
تَصَحَّف في المطبوع إلى: "بزهان" بالزاي المعجمة. والتصويب من ترجمته في "تاريخ بغداد"(8/ 82)، و"السِّيَر"(17/ 265).
قال ابن حَجَر في "الفتح"(2/ 359): "وقد سمّى ابن وَهْب وابن القاسم في روايتهما عن مالك في "الموطأ" الرجل المذكور: عثمان بن عفَّان. وكذا سمّاه مَعْمَر في روايته عن الزُّهْرِيّ عند الشَّافِعِي وغيره. وكذا وقع في رواية ابن وَهْب عن أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر. قال ابن عبد البَرّ: لا أعلم خلافًا في ذلك".
* * *
63 -
أخبرني أبو الفرج الحسين بن عليّ الطَّنَاجِيري قال: حدَّثني أبو محمد عبد اللَّه بن الحسين بن عبد اللَّه بن هارون بن البزَّاز الأَنْبَاري -بها- قال: حدَّثتني مُنْيَة الكاتبة -جارية خلّافة، أم ولد المُعْتَمِد، إملاءً من لفظها- قالت: حدَّثني أستاذي محمد بن إسحاق بن يحيى النَّحْوي -المعروف بالوَشَّاء- قال: حدَّثني عبد اللَّه بن عمرو الورَّاق قال: حدَّثنا عمر بن شَبَّة قال: حدَّثنا أبو غسّان محمد بن يحيى قال: أخبرني عبد العزيز بن عِمْرَان، عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حَبِيبة، عن داود بن الحُصَين، عن الأعرج،
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "السَّخَاءُ شجرة في الجنَّة، فمن كان سخيًا أخذ بغُصْنٍ منها، فلم يتركه الغصن حتى يدخله الجنَّة، والشُّحُّ شجرة في النَّار، فمن كان شحيحًا، أخذ بغصن من أغصانها، فلم يتركه الغصن حتى يدخله النَّار".
أخبرنا أبو الفرج أحمد بن عمر بن عثمان الغَضَاري قال: حدَّثنا جعفر بن محمد بن نُصَيرْ الخُلْدِيّ قال: حدَّثنا أحمد بن محمد بن مسروق قال: حدَّثنا أبو محمد عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدَّثنا عمر بن شَبَّة قال: حدَّثني أبو غسان محمد بن يحيى بإسناده مثله سواء.
(1/ 253 - 254) في ترجمة (محمد بن إسحاق النَّحْوِيّ أبو الطَّيِّب، يعرف بابن الوَشَّاء).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. وقال الدَّارَقُطْنِيّ وابن الجَوْزي: "موضوع". وقال الخطيب: "منكر". وقال البيهقي: "ضعيف"! !
ففي إسناده (عبد العزيز بن عِمْران الزُّهْري المَدَني الأعرج، ويعرف بابن أبي ثابت) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ الدَّارِمي عن ابن مَعِين" ص 169 رقم (607) وقال: "ليس بثقة، وإنما كان صاحب شِعْرٍ".
2 -
"الضعفاء الصغير" للبخاري ص 151 رقم (223) وقال: "منكر الحديث لا يُكْتَبُ حديثه".
3 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 168 رقم (414) وقال: "متروك الحديث".
4 -
"الجرح والتعديل"(5/ 390 - 391) وفيه عن أبي حاتم: "متروك الحديث، ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًّا". وسأله ولده: يُكْتَبُ حديثه؟ فقال: "على الاعتبار".
5 -
"المجروحين"(2/ 139 - 140) وقال: "ممن يروي المناكير عن المشاهير، فلما أكثر ممَّا لا يشبه حديث الأثبات لم يستحق الدخول في جملة الثقات".
6 -
"الكامل"(5/ 1924) وقال: "حدَّث عنه جماعة من الثقات أحاديث غير محفوظة".
7 -
"المغني"(2/ 399) وقال: "تركوه".
8 -
"التهذيب"(6/ 350 - 351) وفيه عن التِّرْمِذِيّ والدَّارَقُطْنِيّ: "ضعيف". وفيه أقوال أخرى ولم يذكر فيه تعديلًا عن أحد.
9 -
"التقريب"(1/ 511) وقال: "متروك، احترقت كتبه فحدَّث من حفظه، فاشتد غلطه، وكان عارفًا بالأنساب، من الثامنة"/ ت.
كما أنَّ فيه (إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حَبِيبة) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ الدَّارِمي عن ابن مَعِين" ص 71 رقم (148) وقال: "صالح".
2 -
"الضعفاء الصغير" للبخاري ص 25 رقم (2) وقال: "منكر الحديث".
3 -
"تاريخ الثقات" للعِجْلي ص 51 رقم (19) وقال: "ثقة".
4 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 39 رقم (2) وقال: "ضعيف، مَدَني".
5 -
"الجرح والتعديل"(2/ 83 - 84) وفيه عن أحمد: "ثقة". وقال أبو حاتم: "شيخ ليس بقويٍّ، يُكْتَبُ حديثه ولا يُحْتَجُّ به، منكر الحديث".
6 -
"المجروحين"(1/ 109 - 110) وقال: "كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل".
7 -
"الكامل"(1/ 234 - 236) وقال: "هو صالح في باب الرواية كما حكي عن يحيى بن مَعِين، ويُكْتَبُ حديثه مع ضعفه".
8 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْني ص 112 رقم (32) وقال: "متروك".
9 -
"التقريب"(1/ 31) وقال: "ضعيف، من السابعة"/ د ت س.
و(الأعرج) هو (عبد الرحمن بن هُرْمُز المَدَني): إمام حافظ حجَّة. وقد تقدَّمت ترجمته في حديث (53).
التخريج:
رواه البيهقي في "شُعَب الإِيمان"(7/ 435) رقم (10877) -ط بيروت-، وابن عدي في "الكامل"(1/ 236) في ترجمة (إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حَبِيبة)، من طريق عمر بن شَبَّة، عن أبي غسان محمد بن يحيى، به.
ونقل السُّيُوطيُّ في "اللآلئ المصنوعة"(2/ 94) عن البيهقي قوله فيه بعد إخراجه له: "ضعيف". وهو ليس في المطبوع.
ورواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 182) عن ابن عدي وعن الخطيب من طريقه الثاني.
كما رواه من حديث الحسين، وأبي سعيد، وجابر، وعائشة، وقال في (2/ 184) منه:"هذه الأحاديث من جميع وجوهها لا تصحُّ".
وأعلَّ حديث أبي هريرة بـ (عبد العزيز بن عِمْرَان) و (إبراهيم بن إسماعيل)، ونقل بعض أقوال النُّقَّاد فيهما، وقال:"قال الدَّارَقُطْنِيّ: حديث الأعرج موضوع. رواه رجلان عن يحيى بن سعد عن الأعرج وهما: عمرو بن جُمَيع وسعيد بن محمد الورَّاق، وهما ضعيفان. وقال يحيى: عمرو بن جُمَيْع: ليس بثقة ولا مأمون، كان كذَّابًا خبيثًا، وسعيد بن محمد: ليس بشيء".
وعزاه العراقي في "تخريج أحاديث إحياء علوم الدين"(3/ 244) إلى الدَّارَقُطْنِيّ في كتابه "المُسْتَجَاد من الحديث"، وقال:"فيه عبد العزيز بن عِمْرَان الزُّهْرِيّ، ضعيف جدًّا".
وتعقَّب السُّيُوطيُّ في "اللآلئ المصنوعة"(2/ 93 - 95) ابن الجَوْزي في حكمه على الحديث بالوضع، وتابعه أبن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة"(2/ 139 - 140).
وقد ناقشت تعقبه في حديث رقم (387) فانظره، وقد ذكرت في الموضع المذكور تخريجه عمّن رواه من الصحابة.
وقال الخطيب في "تاريخه"(3/ 307) عقب روايته له من حديث أبي سعيد الخُدْرِي: "منكر".
* * *
64 -
حدَّثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن رِزْق -إملاءً، في سنة ست وأربعمائة- قال: نبأنا محمد بن إسحاق بن يعقوب أبو بكر الطبري قال: حدَّثنا محمد بن الفضل بن حاتم أبو بكر الطبري قال: نبأنا إسماعيل بن بَهْرام قال: نبأنا إسماعيل بن محمد الطَّلْحِي، عن سَلِيم -يعني المكِّي-، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء،
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من لم تكن عنده صَدَقَةٌ فليلعن اليهودَ، فإنَّها صدقة له".
(1/ 258) في ترجمة (محمد بن إسحاق بن يعقوب الشَّيْبَانيّ الطَّبَرِيّ أبو بكر).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه (طلحة بن عمرو بن عثمان الحَضْرَمي المَكِّي) وقد ضعَّفه بعضهم وتركهـ آخرون. وقال ابن عدي: "عامَّة ما يُروى عنه لا يُتَابِعُونَهُ عليه". وستأتي ترجمته في حديث (226).
كما أنَّ فيه (سَلِيم بن مُسْلِم الخَشَّاب المَكِّي الكاتب أبو مسلم) وقد ترجم له في:
1 -
"العلل" لأحمد بن حنبل (2/ 307) وقال: "رأيته بمكَّة، ليس يسوى حديثه شيئًا، ليس بشيء. وكان يُتَّهم برأي جَهْم".
2 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 238) وقال: "كان ينزل مكَّة. وكان جَهمِيًّا خبيثًا".
3 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 79 رقم (256) وقال: "متروك الحديث".
4 -
"الجرح والتعديل"(4/ 314) وفيه عن ابن مَعِين: "ليس بثقة". وقال أبو حاتم: "منكر الحديث". وقال أبو زُرْعَة: "ليس بقوي".
5 -
"المجروحين"(1/ 354) وقال: "يروي عن الثقات الموضوعات الذي يتخايل إلى المستمع لها -وإن لم يكن الحديث صناعته- أنها موضوعة".
6 -
الكامل" (3/ 1165 - 1167) وقال: "عامّة ما يرويه غير محفوظ".
7 -
"الضعفاء" لابن الجَوْزي (2/ 14).
8 -
"الميزان"(2/ 232) وقال إنه بفتح السين في (سَلِيم).
9 -
"اللسان"(3/ 113) وقال: "واختلف في سين (سليم) فقيل بفتحها، وقيل بالتصغير". وفيه عن ابن مَعِين: "ليس بقوي". وقال مَرَّةً: "متروك".
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن إسحاق الشَّيْبَانيّ الطَّبَرِيّ) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا، ولم أقف على من ذكره بذلك.
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 156 - 157) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، وقال:"هذا الحديث من جميع طرقه لا يصحُّ".
وأعلَّ الحديث بـ (طلحة بن عمرو) و (سَلِيم المَكِّي) و (إسماعيل الطَّلْحي)، ونقل أقوال بعض النُّقَّاد فيهم.
ورواه ابن عدي في "الكامل"(4/ 1517) -في ترجمة (عبد اللَّه بن محمد بن زَاذَان) - عنه، عن أبيه، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعًا بلفظ:"إذا لم يكن عند أحدكم ما يتصدق به فليلعن اليهود".
وعنه السَّهْمِيّ في "تاريخ جُرْجَان" ص 323.
وقال ابن عدي (عن عبد اللَّه بن محمد بن زَاذَان): "له حديث غير محفوظ".
ورواه في "الكامل"(6/ 2304) -في ترجمة (محمد بن أحمد بن سهل البَاهِلي أبو الحسن المُؤَدِّب) - عنه، عن وَهْب بن بقيَّة، حدَّثنا سفيان بن عُيَيْنَة،
عن الزُّهْرِيّ، عن أبيه، عن عائشة مرفوعًا:"من لم تكن له صدقة فليلعن اليهود".
قال ابن عدي: هذا الحديث باطل بإسناده، ولم يرو ابن عُيَيْنَة عن الزُّهْرِيّ عن أبيه حرفًا. وابن سهل هذا أتانا بهذا الحديث وأبطل فيه.
وقد قال عنه في أول ترجمته: "هو ممن يضع الحديث متنًا وإسنادًا، وهو يسرق حديث الضِّعَاف يلزقها على قوم ثقات".
وقال الخطيب في "تاريخ بغداد"(14/ 270) في ترجمة (يعقوب بن محمد الزُهْرِيّ): "قال أبو زكريا -يعني يحيى بن مَعِين-: يعقوب بن محمد الزُّهْرِيّ صدوق، ولكن لا يبالي عمن حدَّث. حدَّث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يكن عنده صدقة فليلعن اليهود". هذا كذب وباطل، لا يحدِّث بهذا أحدٌ يَعْقِل".
وقد رواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 157) عن ابن عدي من طريقه الأول.
وقد تعقَّب السُّيُوطيُّ في "اللآلئ"(2/ 75 - 76) ابن الجَوْزيِّ في الحكم عليه بالوضع، وتابعه ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة" (2/ 132). وأساس التعقب يقوم على أنَّ (إسماعيل الطَّلْحي) قد روى له ابن ماجه ووثَّقه مُطَيَّن وذكره ابن حِبَّان في "الثقات". وأن (يعقوب بن محمد الزُّهْرِيّ) وثَّقه بعضهم وقال عنه في "الميزان" (4/ 454):"مشهور مكثر". وأنَّ ابن حَجَر قال عنه في "التقريب"(2/ 377): "صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء".
أقول: وهذا التعقيب موضع نظر، فإنَّ علَّة الحديث ليست من قِبَلِ (إسماعيل بن محمد الطَّلْحِي)، فإنَّه "صدوق يهم" كما قال الحافظ في "التقريب"(1/ 73)، ولكن علَّته هو (سَلِيم المَكِّي) و (طلحة الحَضْرَمي) كما تقدَّم تفصيله قبل.
أمَّا (يعقوب بن محمد الزُّهْرِيّ) فإنَّه صدوق كثير الوهم. وفي "الميزان"(4/ 454) عن أحمد: "ليس بشيء". وقال أبو حاتم: "هو على يَدَيْ عَدْلٍ". وقال السَّاجي: "منكر الحديث". وقد تقدَّم عن ابن مَعِين قوله فيه: "لا يبالي عمّن حدَّث". فضلًا عن أنَّ (يعقوب) لم يلحق (هشام بن عروة). قال في "الميزان"(4/ 454): "وأخطأ من قال: أنه روي عن هشام بن عروة، لم يلحقه ولا كأنه ولد إلَّا بعد موت هشام".
* * *
65 -
أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحَفَّار قال: حدَّثني أبو الحسن عليّ بن أحمد بن حَمُّوْيَه الحُلْواني المؤدِّب قال: حدَّثني محمد بن إسحاق المُقْرِئ قال: حدَّثنا عليّ بن حمَّاد الخَشَّاب قال: حدَّثنا عليّ بن المَدِيني قال: حدَّثنا وكيع بن الجرَّاح قال: حدَّثنا سليمان بن مِهْران قال: حدَّثنا جابر، عن مجاهد،
عن ابن عبَّاس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَيْلَةَ عُرِجَ بي إلى السماءِ، رأيتُ على بابِ الجَنَّة مكتوبًا: لا إله إلّا اللَّهُ محمدٌ رسولُ اللَّهِ، عليٌّ حِبُّ اللَّهِ، والحسنُ والحسينُ صفوةُ اللَّهِ، فاطمةُ خِيرةُ
(1)
اللَّهِ، على باغضهم لعنةُ اللَّهِ".
(1/ 259) في ترجمة (محمد بن إسحاق بن مِهْران المُقْرِئ أبو بكر، يعرف بشَامُوخ).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن إسحاق بن مِهْران المُقرئ أبو بكر،
(1)
هكذا في المطبوع: "خيرة". وفي "العلل" و"الميزان" و"اللسان": "أَمَةٌ". وهو عندهم عن الخطيب.
شَامُوْخ) قال الخطيب عنه: "حديثه كثير المناكير". وكانت وفاته عام (352 هـ). ونقله عنه الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(3/ 478) و"المغني"(2/ 554)، وابن حَجَر في "اللسان"(5/ 70) ولم يذكرا غيره.
كما أنَّ فيه (جابر) وهو (ابن يزيد الجُعْفِي): ضعيف. وقد كَذَّبَهُ ابن مَعِين وغيره. وستأتي ترجمته في حديث (113).
وقال الخطيب عقبه: "هذا حديث منكر بهذا الإِسناد، وعليّ بن حمَّاد: مستقيم الروايات لا يحتَمِلُ مثل هذا".
وقال الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(3/ 478) بعد أن ذكر الحديث عن الخطيب من الطريق المتقدِّم: "وهو موضوع".
وأقرَّه ابن حَجَر في "اللسان"(5/ 70).
و (مجاهد) هو (ابن جَبْر المَكِّي): إمام ثقة شيخ القرّاء والمفسرين. وستأتي ترجمته في حديث (399).
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 257) عن الخطيب من الطريق المتقدِّم. ونقل قوله السابق في الحديث وراويه.
* * *
66 -
حدَّثني الحسن بن محمد الخلَّال قال: حدَّثنا يوسف بن أبي حفص الزَّاهِد قال: حدَّثنا محمد بن إسحاق الفقيه -إملاءً- قال: حدَّثني أبو النَّضْر الغَازِي قال: حدَّثنا الحسن بن كثير قال: حدَّثنا بكر بن أَعْيَن القَيْسي قال: حدَّثنا عامر بن يحيى الصَّرِيميّ قال: حدَّثنا أبو الزُّبَيْر،
عن جابر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم معاوية يخطب على مِنْبَرِي فاقبلوه، فإنَّه أمين مأمون".
(1/ 259) في ترجمة (محمد بن إسحاق بن مِهْران المُقرئ أبو بكر، يعرف بشَامُوْخ).
مرتبة الحديث:
موضوع.
في إسناده صاحب الترجمة (محمد بن إسحاق بن مِهْران المُقرئ الفقيه) وقد تقدّم قول الخطيب في ترجمته في الحديث السابق رقم (65): "حديثه كثير المناكير".
وقال الخطيب عقبه: "لم أكتب هذا الحديث إلّا من هذا الوجه، ورجال إسناده ما بين (محمد بن إسحاق) و (أبي الزُّبَيْر): كلُّهم مجهولون".
و(أبو الزُّبَيْر) هو (محمد بن مُسْلِم بن تَدْرُس الأَسَدِي): ثقة مدلِّس. وستأتي ترجمته في حديث (309).
التخريج:
رواه الجُورْقَاني في "الأباطيل والمناكير"(5/ 1/ 204 - 205) رقم (191)، وابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 26 - 27) كلاهما عن الخطيب من طريقه المتقدِّم.
وقال الجُورْقَاني: "هذا حديث غريب لم أكتبه إلّا من هذا الوجه".
ونقل ابن الجَوزي كلام الخطيب السابق.
وقال الإِمام الذَّهَبِيُّ في "أحاديث مختارة من موضوعات الجُورْقَاني وابن الجَوْزي" ص 93 رقم (66) بعد أن أَورده من الطريق المتقدِّم: "وسنده ظلمات".
وذكره السيوطي في "اللآلئ"(1/ 425 - 426) وأقرَّ ابن الجَوْزي في حكمه. عليه بالوضع. ونقل عن ابن عدي قوله: "هذا اللفظ مع بطلانه -يعني روايته باللفظ المشهور: "إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه"-، قد قُرئ أيضًا
بالباء الموحدة، ولا يصحّ أيضًا. وهو أقرب إلى العقل، فإنَّ الأُمَّة رأوه يخطب على منبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولم ينكروا ذلك عليه، ولا يجوز أن يقال: إنَّ الصحابة ارتدت بعد نبيها صلى الله عليه وسلم وخالفت أمره، نعوذ باللَّه من الخذلان والكذب على نبيه".
وقد روي من حديث ابن مسعود أيضًا، أخرجه الحاكم في "تاريخه" من طريق الحكم بن ظُهَيْر، عن عاصم، عن ذَرٍّ، عن ابن مسعود مرفوعًا بلفظ حديث جابر.
وفيه (الحَكَم بن ظُهَيْر الفَزَارِيّ) وهو متروك، وكذَّبه ابن مَعِين وصالح جَزَرة. وستأتي ترجمته في حديث (664).
* * *
67 -
كتب إليَّ أبو الفرج محمد بن إدريس بن محمد المَوْصِلي يَذْكُرُ: أنَّ أبا منصور المُظَفَّر بن محمد الطُّوسي حدَّثهم قال: حدَّثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأَزْدِيّ قال: حدَّثنا موسى بن هارون الحَمَّال فال: حدَّثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم المَوْصِلِي قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في النوم، فقلت: يا رسول اللَّه، إنَّ يحيى الحِمَّاني، حدَّثنا عن عبد الرحمن بن زيد بن اسلم، عن أبيه،
عن ابن عمر، عنك صلَّى اللَّه عليك أنَّك قلت:"ليس على أَهْلِ لا إله إلّا اللَّهُ وحْشَةٌ في قبورِهِمْ ولا في مَنْشَرِهِمْ. وكأنِّي بأهلِ لا إله إلّا اللَّهُ يَنْفُضُونَ الترابَ عن رؤوسهم، ويقولونَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [سورة فاطر: الآية 34] " فقال: "صَدَقَ ابن الحِمَّانِيّ".
(1/ 266) في ترجمة (محمد بن أحمد بن إبراهيم المَوْصِلي).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا.
ففيه (يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني) وهو حافظ منكر الحديث، واتُّهِمَ بسرقة الحديث. وستأتي ترجمته في حديث (297).
كما أنَّ فيه (عبد الرحمن بن زيد بن أَسْلَم العَدَوي) وقد ترجم له في:
1 -
"العلل" لأحمد بن حنبل (2/ 243). قال عبد اللَّه بن أحمد: "كان أبي يضعِّف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم".
2 -
"سؤالات ابن الجُنَيْد لابن مَعِين" ص 381 رقم (437) وقال: "ضعيف". وص 403 رقم (545) وقال: "ليس بشيء".
3 -
"الضعفاء الصغير" للبخاري ص 143 رقم (208) وقال: "ضَعَّفَهُ عليٌّ -يعني ابن المَدِيني- جدًّا".
4 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 158 رقم (377) وقال: "ضعيف".
5 -
"الجرح والتعديل"(5/ 233 - 234) وفيه عن أبي حاتم: "ليس بقوي الحديث، كان في نَفْسِهِ صالحًا وفي الحديث واهيًا". وقال أبو زُرْعَة: "ضعيف الحديث".
6 -
"المجروحين"(2/ 57 - 59) وقال: "كان ممن يقلب الأخبار وهو لا يعلم، حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف، فاستحق الترك".
7 -
"الكامل"(4/ 1581 - 1585) وقال: "هو ممَّن احتمله النَّاس وصدَّقه بعضهم، وهو ممَّن يُكْتَبُ حديثه".
8 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيّ ص 270 رقم (331).
9 -
"الضعفاء" لأبي نُعَيْم ص 102 رقم (122) وقال: "حدَّث عن أبيه، لا شيء".
10 -
"الكاشف"(2/ 146) وقال: "ضَعَّفُوه".
11 -
"التهذيب"(6/ 177 - 179) وفيه عن الحاكم وأبي نُعَيْم: "روي عن أبيه أحاديث موضوعة". وقال ابن الجَوْزي: "أجمعوا على ضعفه".
12 -
"التقريب"(1/ 480) وقال: "ضعيف، من الثامنة"/ ت ق.
وقد توبع كما سيأتي.
كما أنَّه يُنَبَّهُ على أَنَّ صِحَّةَ الأحاديث لا تثبت بتصحيحه صلى الله عليه وسلم في المنام، ولا بالكشف والإِلهام. كما أنَّه لا حُجِّيَّةَ في الحديث المسموع من النبيِّ صلى الله عليه وسلم في المنام، إذ يشترط في الاستدلال به أن يكون الراوي ضابطًا عند السماع، والنوم ليس حال الضبط. وقد بيَّنت زيف ذلك وفساده في كتابي "أسباب اختلاف المحدِّثين"(2/ 613 - 616). وانظر "مقدِّمة تحفة الأحوذي" للعلّامة المباركفوري (1/ 309 - 310).
التخريج:
رواه البيهقي في "شُعَبِ الإِيمان"(1/ 270 - 272) رقم (99)، والطبراني في "المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين"(7/ 324 - 325) رقم (4531) -، وابن عدي في "الكامل"(4/ 1582) -في ترجمة (عبد الرحمن بن زيد بن أسلم) -، والسَّهْمِيّ في "تاريخ جُرْجَان" ص 325، من طريق يحيى الحِمَّاني، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، به.
وقال البيهقي: "تفرَّد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم".
ورواه الخطيب في "تاريخه"(10/ 265) من طريق عبد الرحمن بن واقِد الوَاقِدِي أبو مسلم، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، به.
و(عبد الرحمن بن واقِد الوَاقِدِي): صدوق يغلط. وقال ابن عدي: "حدَّث بالمناكير عن الثقات. وسَرَقَ الحديث". وستأتي ترجمته في حديث (740).
ورواه ابن عدي في "الكامل"(2/ 498) -في ترجمة (بُهْلُول بن عبيد
الكندي) -، وعنه البيهقي في "البعث والنشور" ص 92 رقم (82)، من طريق بُهْلُول بن عبيد قال: سمعت سَلَمَة بن كُهَيْل، عنه، به مرفوعًا.
قال البيهقي: "هذا مرسل عن سَلَمَة بن كُهَيْل وابن عمر، وبُهْلُول بن عبيد تفرَّد به وليس بالقويّ".
أقول: (بُهْلُول بن عبيد الكِنْديّ) ضعيف جدًّا. وستأتي ترجمته في حديث (1705).
وقد رواه ابن الجَوْزي في "العلل"(2/ 431 - 432) عن ابن عدي من طريقه هذا، إلّا أنَّه أدخل (نافعًا) بين (سَلَمَة) و (ابن عمر)! ! وهو الطريق التالي.
ورواه ابن حِبَّان في "المجروحين"(1/ 202) في ترجمة (بُهْلُول بن عبيد)، والبيهقي في "البعث والنشور" ص 92 - 93 رقم (83)، من طريق بُهْلُول بن عبيد، عن سلمة بن كُهَيْل، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا.
وقال ابن حِبَّان: "هذا حديث ليس يعرف إلّا من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر، حدَّثناه أبو يَعْلَى، حدَّثنا الحِمَّاني، حدَّثنا عبد الرحمن بن زيد. وعبد الرحمن ليس بشيء في الحديث".
والحديث ذكره ابن حَجَر في "المطالب العالية"(3/ 245) وعزاه لأبي يعلى عنه.
ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين"(7/ 325) رقم (4532) - من طريق مُجَاشِع بن عمرو، عن داود بن أبي هند، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ:"ليس على أهل لا إله إلَّا اللَّه وحشة عند الموت، ولا عند القبر".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 82 - 83): "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفي رواية: "ليس على أهل لا إله إلّا اللَّه وحشة عند الموت ولا عند
القبر". وفي الرواية الأولى: يحيى الحِمَّاني. وفي الأخرى: مُجَاشِع بن عمرو، وكلاهما ضعيف".
وقال في (10/ 333): "رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم".
أقول: لم أقف عليه في "المعجم الكبير" المطبوع، لفقدان جزء كبير من مسند عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما.
وقال الحافظ العراقي في "تخريج أحاديث الإِحياء"(1/ 297): "أخرجه أبو يعلى والطبراني والبيهقي في "الشُّعَبِ" من حديث ابن عمر بسند ضعيف".
أقول: وسيأتي برقم (777) من حديث ابن عبَّاس مرفوعًا من طريق ضعيف جدًّا، بل حكم ابن حِبَّان وأبو نُعَيْم بوضعه.
* * *
68 -
أخبرنا محمد بن أحمد بن رِزْق قال: حدَّثنا أبو الحسين عبد الصمد بن عليّ بن محمد الوكيل -إملاءً- قال: حدَّثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن إبراهيم بن داود النَّيْسَابُوريّ السَّرَّاج قال: حدَّثنا أبو إبراهيم التَّرْجُمَانِيّ إسماعيل بن إبراهيم قال: حدَّثنا محمد بن مروان الكوفي، عن سعد بن طريف، عن زيد بن عليّ، عن أبيه،
عن عليّ بن أبي طالب قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ في الجنَّة لشجرة تخرج من أعلاها الحُلَلُ، ومن أسفلها خيل بُلْقٌ من ذهب مسرَّجة ملجمة بالدُّرِّ والياقوت، لا تروثُ ولا تبولُ ذوات أجنحة، فيجلس عليها أولياء اللَّه فتطير بهم حيث شاؤوا. فيقول الذين أسفل منهم: يا أهل الجنّة ناصفونا. يا ربّ ما بلغ بهؤلاء هذه الكرامة؟ فقال اللَّه تعالى: إنهم كانوا يصومون وكنتم تُفْطِرون، وكانوا يقومون الليل وكنتم تنامون، وكانوا ينفقون وكنتم تبخلون، وكانوا يجاهدون العدو وكنتم تجبنون".
(1/ 266 - 267) في ترجمة (محمد بن أحمد بن إبراهيم السَّرَّاج النَّيْسَابُورِيّ أبو جعفر).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه (سعد بن طريف الإِسْكَافي الحَنْظَلي الكوفي) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 191 - 192) وقال: "ليس بشيء".
2 -
"التاريخ الصغير" للبخاري (2/ 60) وقال: "ليس بالقويّ عندهم".
3 -
"أحوال الرجال" للجُوْزَجَانِيّ ص 58 رقم (51) وقال: "مذموم".
4 -
"الضعفاء" للنَّسائي ص 130 رقم (296) وقال: "متروك الحديث".
5 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (2/ 120) وفيه عن ابن مَعِين: "ليس يحلُّ لأحدٍ أن يروي عنه".
6 -
"الجرح والتعديل"(4/ 87) وفيه عن عمرو بن عليّ الفَلَّاس: "ضعيف الحديث". وقال أبو حاتم: "منكر الحديث، ضعيف الحديث، متروك الحديث". وقال أبو زُرْعَة: "كوفي ليِّن".
7 -
"المجروحين"(1/ 357) وقال: "كان يضع على الفور".
8 -
"الكامل"(3/ 1186 - 1188) وقال: "هو ضعيف جدًّا".
9 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْني ص 234، رقم (266). وفي حاشية محققه أنَّه في "سؤالات البَرْقَاني للدَّارَقُطْنِيّ" قد قال فيه:"كذَّابٌ".
10 -
"المغني"(1/ 255) وقال: "مُجْمَعٌ على ضعفه، واتَّهَمَهُ ابن حِبَّان".
11 -
"التهذيب"(3/ 473 - 474) وفيه عن أحمد بن حنبل وأبي داود: "ضعيف الحديث". وقال التِّرْمِذِيّ: "يُضَعَّف". وقال العِجْلِيّ: "ضعيف". وقال السَّاجِيُّ: "عنده مناكير يطول ذكرها". وقال الأَزْدِيُّ والدَّارَقُطْنِيُّ: "متروك الحديث".
12 -
"التقريب"(1/ 287) وقال: "متروك. ورماه ابن حِبَّان بالوضع، وكان رافضيًا، من السادسة"/ ت ق.
كما أنَّ فيه (محمد بن مروان بن عبد اللَّه السُّدِّيّ الصغير) وهو مُتَّهَمٌ بالكذب. وستأتي ترجمته في حديث (379).
كما أنَّ فيه انقطاعًا بين (عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب) وبين (عليّ بن أبي طالب). ففي "المراسيل" لابن أبي حاتم الرَّازي ص 118 قال أبو زُرْعَة: "عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب لم يدرك عليًّا".
وقال الحافظ ابن حَجَر في ترجمته من "التهذيب"(7/ 304): "وَأَرْسَلَ عن جَدِّه عليّ بن أبي طالب".
التخريج:
رواه أبو الشيخ بن حَيَّان الأصبهاني في كتاب "العَظَمَة"(2/ 1088 - 1090) رقم (588)، من طريق عبد المجيد بن أبي رَوَّاد، عن أبيه قال: حدَّثني من أصدق، عن زيد بن عليّ، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب مرفوعًا به.
أقول: في إسناده أولًا الانقطاع بين (عليّ بن الحسين) وبين جَدِّه (عليّ بن أبي طالب).
وثانيًا: فيه راو مبهم. ولعلَّه (سعد بن طريف الإِسْكَافي) الذي في إسناد الخطيب، وهو متروك كذَّبه الدَّارَقُطْنِيّ وابن حِبَّان كما تقدَّم.
وثالثًا: فيه (عبد العزيز بن أبي رَوَّاد) وهو "صدوق عابد ربما وهم" كما قال الحافظ في "التقريب"(1/ 509). وقال ابن عدي: "في بعض رواياته ما لا يُتَابَعُ عليه". وستأتي ترجمته في حديث (511).
ورابعًا: فيه (عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رَوَّاد) قال الحافظ عنه في "التقريب"(1/ 517): "صدوق يخطئ، وكان مرجئًا، وقد أفرط ابن حِبَّان فقال: متروك". وستأتي ترجمته في حديث (1055).
ورواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(3/ 255) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، وقال:"هذا حديث موضوع على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفيه ثلاث آفات". ثم ذكر الآفات الثلاثة التي تقدَّمت.
وأقرَّه السيوطي في "اللآلئ"(2/ 453 - 454)، وتابعه ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة"(2/ 378).
وللحديث شاهد موضوع من حديث أبي سعيد الخُدْرِي، وسيأتي برقم (705).
غريب الحديث:
قوله: "تخرج من أعلاها الحُلَلَ" قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 432): "الحُلَّة: واحدة الحُلَل، وهي برود اليمن، ولا تسمّى حُلَّة إلّا أن تكون ثوبين من جنس واحد".
قوله: "خيل بُلْقٌ": "البَلَقُ، محركةً: سوادٌ وبياضٌ، كالبُلْقَةِ، بالضم. وارتفاع التحجيل إلى الفخذين". "القاموس المحيط" مادة "بَلَق" ص 1122.
* * *
69 -
أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن عليّ الوَاسِطي، وأبو القاسم الأَزْهَرِيّ، وعليّ بن أبي عليّ المُعَدَّل، وأبو طاهر محمد بن الحسين بن سعدون البزَّار، قالوا: حدَّثنا أحمد بن إبراهيم بن شَاذَان قال: حدَّثنا أبو عيسى محمد بن أحمد البَصْري الشُّلَاثَائيّ
(1)
قال: حدَّثنا بُنْدَار محمد بن بشار قال: حدَّثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع،
(1)
قال السَّمْعَاني في "الأنساب"(7/ 429): "الشُّلَاثَاييّ: بضم الشين المعجمة، وفتح اللام ألف، وبعدها الثاء المثلثة وألف، وياء آخر الحروف. هذه النسبة إلى "شُلاثا" وهي قرية من نواحي البصرة". وفي حاشيته أنَّ قوله: "الشُّلَاثاييّ" هو كما ورد في نسخة (كوبرلي) و"اللباب". وأنه في سائر الأصول: بنون وياء، وأنه في "تاريخ بغداد"(1/ 267 و 402) بهمزة وياء. وأنّ ياقوت ضبط الشين بالفتح.
عن ابن عمر قال: قَضَى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أنَّ أُمَّهات الأولاد لا يُبَعْنَ ولا يُوهَبْنَ ولا يُورَثنَ، فإذا ماتَ صاحبها فهي حُرَّةٌ".
(1/ 267) في ترجمة (محمد بن أحمد بن إبراهيم الشُّلَاثَائيّ البَصْري أبو عيسي).
مرتبة الحديث:
اخْتُلِفَ في رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، والأكثر على صحته موقوفًا على عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه.
وفي إسناده صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن إبراهيم الشُّلَاثَائيّ) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا، ولم أقف على من ذكره بذلك.
و(يحيى بن سعيد) هو (القَطَّان البَصْري أبو سعيد): إمام ثقة متقن، أمير المؤمنين في الحديث، خَرَّجَ له الستة، وتوفي عام (198 هـ). انظر ترجمته في:"السِّيَر"(9/ 175 - 188)، و"التهذيب"(11/ 216 - 220)، و"التقريب"(2/ 348).
وشيوخ الخطيب الأربعة:
1 -
(أبو العلاء محمد بن عليّ الوَاسِطي): ضعيف مخلِّط. وستأتي ترجمته في حديث (430).
2 -
و (أبو القاسم الأَزْهَري) هو (عبيد اللَّه بن أحمد بن عثمان الصَّيْرَفي): ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (676).
3 -
و (عليّ بن أبي عليّ المُعَدَّل) هو (عليّ بن المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ): صدوق. وستأتي ترجمته في حديث (1115).
4 -
و (أبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد بن سعدون البزَّار المَوْصِلي): صدوق. وستأتي ترجمته في حديث (606).
وبقية رجال الإِسناد ثقات.
قال الحافظ الخطيب عقب روايته له: "لم أكتبه إلّا بهذا الإِسناد، والمحفوظ عن ابن عمر قال: قَضَى عمر أنَّ أُمَّهات الأولاد. . . ".
التخريج:
رواه الدَّارَقُطْنِيُّ في "سننه"(4/ 134)، من طريق يونس بن محمد، عن عبد العزيز بن مسلم، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع أُمّهات الأولاد، وقال:"لا يُبَعْنَ، ولا يُوهبن، ولا يُورثن، يستمتع بها سيِّدُهَا ما دام حيًّا، فإذا مات فهي حُرَّةٌ".
كما رواه في (4/ 135) من "سننه"، من طريق عبد اللَّه بن جعفر المَخْرَمِيّ، حدَّثنا عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر مرفوعًا بمثل الرواية السابقة.
أقول: رجال إسناد الدَّارَقُطْنِيّ الأول ثقات
وإسناده الثاني حسن، من أجل (عبد اللَّه بن جعفر المَخْرَمِيّ) فإنَّه صدوق. انظر ترجمته في:"تهذيب الكمال"(14/ 372 - 376)، و"الكاشف"(2/ 69)، و"التقريب" (1/ 406) وقال:"ليس به بأس".
لكن الإِمام ابن عدي قد رواه في "الكامل"(4/ 494) -في ترجمة (عبد اللَّه بن جعفر بن نَجِيح المَدَني) - عن القاسم بن يحيى، حدَّثنا عبد اللَّه بن مطيع، حدَّثنا عبد اللَّه بن جعفر، عن عبد اللَّه بن دينار، به مرفوعًا.
و(عبد اللَّه بن جعفر بن نَجِيح المَدَني -والد الإِمام عليّ بن المَدِيني-): ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (1328).
أقول: إنَّ الإِمام ابن عدي ذكره في ترجمة (عبد اللَّه بن جعفر بن نَجِيح المَدَني)، لكن عند سوقه لإِسناده لم ينسبه. ونسبه الإِمام الدَّارَقُطْنِيّ في "سننه"(4/ 135) حيث صرَّح بأنه (المَخْرَمِيّ)، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
وقد ذكر الإِمام الزَّيْلَعِيُّ في "نصب الراية"(3/ 288 - 289) بعد ذكره لهذا الطريق ما نصّه: "وهذا أعلَّه ابن عدي بعبد اللَّه بن جعفر بن نَجِيح المَدِيني. وأسند تضعيفه عن النَّسَائي. . . ". ولم يُنَبِّه على أنَّ الدَّارَقُطْنِيّ قد صرَّح بأنه (المَخْرَمِيّ). وتَنَبَّه له العلَّامة أبو الطيِّب العظيم آبادي في "التعليق المغني على الدَّارَقُطْنِيّ"(4/ 135).
ورواه مالك في "الموطأ"(2/ 776)، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ عمر بن الخطَّاب قال:"أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ من سَيَّدِهَا، فإنّه لا يَبِيعُهَا ولا يَهَبُهَا ولا يُوَرِّثُهَا، وهو يَسْتَمْتِعُ بها، فإذا ماتَ فهي حُرَّةٌ".
ورواه موقوفًا كذلك الدَّارَقُطْنِيُّ في "سننه"(4/ 134)، من طريق مُعْتَمِر، عن عبد اللَّه -يعني ابن عمر-، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر موقوفًا عليه.
ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ في "سننه"(4/ 134)، من طريق يحيى بن إسحاق، عن عبد العزيز بن مسلم. ومن طريق محمد بن بَكَّار، عن فُلَيْح بن سليمان، كلاهما عن عبد اللَّه بن دينار، عن عبد اللَّه بن عمر، عن عمر موقوفًا عليه من قوله.
وتَابَعَ (عبد العزيز) و (فُلَيْح): سفيان الثَّوْري. حيث رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 348) من طريق زكريا بن يحيى بن أسد، حدَّثنا سفيان، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع قال: لقي رجلان ابن عمر في بعض طرق المدينة فقالا له: تَرَكْنَا هذا الرجل -يعنون ابن الزُّبَيْر- يبيع أُمَّهَات الأولاد. فقال لهم: لكن أبا حفص عمر أتعرفانه؟ قالا: نعم. قال: قَضَى في أُمَّهات الأولاد أن لا يُبعن ولا يُوهبن ولا يُورثن، يَسْتَمْتعُ بها صاحبها ما عاش، فإذا ماتَ فهي حُرَّةٌ.
ثم رواه البيهقي عقبه من طريق قَبِيصة، عن سفيان، عن عبد اللَّه بن دينار قال: لقي ابن عمر رضي الله عنه ركبًا. . . وذكر نحو الخبر الأول.
وقد اختلف النُّقَّاد من علماء الحديث في رفعه ووقفه، والأكثر على وقفه.
ففي "نصب الراية"(3/ 289): "قال ابن القَطَّان: هذا حديث يرويه
عبد العزيز بن مسلم القَسْمَلي، وهو ثقة، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر. واختلف فيه، فقال عنه: يونس بن محمد، وهو ثقة، وهو الذي رفعه،. وقال عنه يحيى بن إسحاق، وفُلَيْح بن سليمان عن عمر لم يتجاوزوه، وكلّهم ثقات، وهذا كلّه عند الدَّارَقُطْنِيّ. وعندي أنَّ الذي أسنده خيرٌ ممن وقفه".
وقال ابن المُلَقِّن في "تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج"(2/ 606): رواه الدَّارَقُطْنِيّ، وقال في "علله": وقْفُهُ هو الصحيحُ، والبيهقي وقال: رَفْعُهُ غَلَطٌ. وقال ابن القَطَّان: رواته كلُّهم ثقات. قال: هو عندي حسن أو صحيح".
كما رَجَّحَ وقْفَهُ الإِمام عبد الحق الإِشبيلي كما في "التلخيص الحَبِير"(4/ 217) لابن حَجَر، ونقل أيضًا عن الإِمام ابن دقيق العيد قوله: "المعروف فيه الوقف، والذي رفعه ثقة. قيل: ولا يصحُّ مُسْنَدًا.
* * *
70 -
أخبرنا إبراهيم بن مَخْلَد قال: حدَّثنا أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد بن إبراهيم الحَكِيْمِيّ قال: حدَّثنا محمد بن إسحاق الصَّاغَاني قال: أخبرني يحيى بن مَعِين قال: حدَّثنا هشام بن يوسف، عن أُمَيَّة بن شِبْل قال: أخبرني الحَكَم بن أَبَان، عن عِكْرِمَة،
عن أبي هريرة قال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحكي موسى على المنبر قال: "وقع في نَفْسِ موسى هَلْ ينامُ اللَّهُ عز وجل؟ فبعثَ اللَّهُ إليه مَلَكًا فَأَرَّقَهُ ثلاثًا، ثم أعطاه قارُورتين وأمره أن يحتفظ بهما، فجعل ينامُ وتكادُ يَدَاهُ تلتقيان، ثم يستيقظ فيُنَحِّي إحداهما عن الأخرى، حتى نام نَوْمَةً فاصْطَفَقَتْ يداهُ فانكفأت القارورتانِ. قال [ضرب]
(1)
اللَّهُ له مثلًا: إنَّ اللَّهَ لو كانَ ينامُ لم تَسْتَمْسِك السمواتُ والأرضُ".
(1)
كلمة "ضرب" ليست في المطبوع. وقد زدتها من "العلل المتناهية" لابن الجَوْزي (1/ 27) حيث إنه يروي الحديث عن الخطيب.
(1/ 268) في ترجمة (محمد بن أحمد بن إبراهيم الكاتب أبو عبد اللَّه، يعرف بالحَكِيْمِيّ).
مرتبة الحديث:
منكر.
ففي إسناده (أُميَّة بن شِبْل الصَّنْعَاني اليَمَاني) وقد ترجم له في:
1 -
"التاريخ الكبير"(2/ 11) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
2 -
"الجرح والتعديل" وفيه عن ابن مَعِين: "ثقة".
3 -
"الثقات" لابن حِبَّان (8/ 123).
4 -
"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين ص 44 رقم (109) ونقل توثيق ابن مَعِين له.
5 -
"ميزان الاعتدال"(1/ 276) وقال: "يَمَاني، له حديث منكر". وذكر الحديث المتقدِّم.
6 -
"تعجيل المنفعة" ص 31 وقال: "قال ابن المَدِيني: ما بحديثه بأس. قلت -القائل ابن حَجَر-: لم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم فيه جرحًا، وذكره ابن حِبَّان في "الثقات"، وذكر له الذَّهَبِيُّ في "الميزان" حديثًا استنكره، خولف في وصله". ولم يذكر الحافظ توثيق ابن مَعِين له.
و(الحَكَم بن أَبَان) هو (العَدَني أبو عيسي)، قال عنه الذَّهَبِيُّ في "الكاشف" (1/ 181):"اثقة صاحب سنَّة". وقال ابن حَجَر في "التقريب"(1/ 190): "صدوق عابد وله أوهام". وستأتي ترجمته في حديث (881).
و(هشام بن يوسف) هو (الصَّنْعَاني أبو عبد الرحمن): إمام ثَبْتٌ فقيه، توفي سنة (197) للهجرة، وخرَّج له البخاري وأصحاب السنن الأربعة. انظر ترجمته في:"السِّيَر"(9/ 580 - 582)، و"التهذيب"(11/ 57 - 58)، و"التقريب"(2/ 320).
وصاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن إبراهيم الحَكِيميّ أبو عبد اللَّه) نقل الخطيب عن البَرْقَاني قوله فيه: "ثقة إلّا أنَّه يروي مناكير". وتعقَّبه تلميذه الخطيب بقوله: "وقد اعتبرت أنا حديثه فقلّما رأيت فيه مُنْكَرًا".
وشيخ الخطيب (إبراهيم بن مَخْلَد بن جعفر البَاقَرْحِيّ) قال عنه: "صدوق". وستأتي ترجمته في حديث (1243).
وبقية رجال الإِسناد ثقات.
التخريج:
رواه أبو يَعْلَى في "مسنده"(12/ 21) رقم (6669)، والطَّبَرِيّ في "تفسيره"(5/ 394) رقم (5780)، والبيهقي في "الأسماء والصفات". (1/ 94)، وابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 26 - 27) -من طريقين أولاهما عن الدَّارَقُطْنِيّ، والثاني عن الخطيب-، من طريق هشام بن يوسف، عن أُمَيَّة بن شِبْل، به.
ورواه بنحوه ابن جَرِير الطَّبَري في "تفسيره"(5/ 393 - 394) رقم (5779)، والخطيب في "تاريخه"(1/ 268 - 269)، من طريق عبد الرزاق الصَّنْعَاني، عن الحَكَم بن أَبَان، عن عِكْرِمة من قوله.
وقد ذكر الحافظ ابن حَجَر في "الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشَّاف" ص 22، أَنَّ عبد الرزاق قد رواه في "تفسيره" عن الحكم بن أَبَان، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس موقوفًا عليه.
أقول: وهذا الذي ذكره الحافظ مخالِفٌ لكلّ من ذكره عن عبد الرزاق، فإنَّهم وقَفُوا به عند عِكْرِمَة، وذكروه من قوله.
وقد عزاه ابن كثير في "تفسيره"(1/ 316) إلى عبد الرزاق، وذكر روايته كما عند ابن جَرِير والخطيب.
وبعد أن كتبت ما تقدَّم، طُبع "تفسير عبد الرزاق"، فرجعت إليه، فإذا الخبر فيه (1/ 102) عن عِكْرِمَةَ من قوله. فالحمد للَّه على توفيقه.
ورواه البيهقي في "الأسماء والصفات"(1/ 94)، من طريق المَسْعُودي، عن سعيد بن أبي بُرْدَة، عن أبيه قال:"إنَّ موسى عليه السلام قال له قومه أينام ربنا؟ قال: اتقوا اللَّه إن كنتم مؤمنين. فأوحى اللَّه عز وجل إلى موسى أن خذ قارورتين واملأْهُما ماء ففعل، فنعس فنام، فسقطتا من يده فانكسرتا. فأوحى اللَّه عز وجل إلى موسى عليه السلام: إنّي أُمْسِكُ السموات والأرض أن تزولا، ولو نمت لزالتا".
وبنحو هذه الرواية، رواه ابن أبي حاتم من طريق جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبّاس موقوفًا عليه أيضًا. كما في "تفسير ابن كثير"(1/ 316).
قال الحافظ الخطيب عقب روايته له من حديث أبي هريرة: "هكذا رواه أُميّة بن شِبْل، عن الحكم بن أَبَان موصولًا مرفوعًا، وخالفه مَعْمَر بن راشد، فرواه عن الحكم، عن عِكْرِمَة قوله، لم يذكر فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم ولا أبا هريرة".
وقال البيهقي: "متن الإِسناد الأول -يعني حديث أبي موسى الأشعري موقوفًا عليه- أشبه أن يكون هو المحفوظ".
وقال ابن الجَوْزي: "قال الدَّارَقُطْنِيُّ: يقول به الحكم بن أَبَان عن عِكْرِمَةَ، وتفرَّد به أُميّة عن الحكم، وتفرَّد هشام عن أُمَيَّة".
وقال ابن الجَوْزي أيضًا: "لا يثبت هذا الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وغلط من رفعه. والظاهر أنّ عِكْرِمَة رأى هذا في كتب اليهود فرواه، فما يزالُ عِكْرِمَة يذكر عنهم أشياء، لا يجوز أن يخفي هذا على نبيِّ اللَّه عز وجل. وقد
روي عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل في "كتاب السُّنَّة" عن سعيد بن جُبَيْر قال: إنَّ بني إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام: هل ينام ربنا. وهذا هو الصحيح، فإنَّ القوم كانوا جُهَّالًا باللَّه عز وجل".
وقال الإِمام ابن كثير في "تفسيره"(1/ 316): "هو من أخبار بني إسرائيل، وهو ممّا يُعْلَمُ أنّ موسى عليه السلام لا يخفى عليه مثل هذا من أمر اللَّه عز وجل، وأنه منزّه عنه".
وقال عقب ذكره لحديث أبي هريرة المرفوع: "وهذا حديث غريب جدًّا، والأظهرُ أنَّه إسرائيلي لا مرفوع، واللَّه أعلم".
وقال في "البداية والنهاية"(1/ 293): "هذا حديث غريب رفعه. والأشبه أن يكون موقوفًا، وأن يكون أصله إسرائيليًا".
وقال الحافظ الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(1/ 276) في ترجمة (أُمَيَّة بن شِبْل) عقب ذكره للحديث عن أبي هريرة مرفوعًا: "رواه عنه -يعني عن أُمَيَّة بن شِبْل- هشام بن يوسف. وخالفه مَعْمَر، عن الحكم، عن عِكْرِمة قوله. وهو أقرب، ولا يسوغ أن يكون هذا وقع في نَفْسِ موسى، وإنما روي أنَّ بني إسرائيل سألوا موسى عن ذلك".
وتابعه الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(1/ 467).
وحديث أبي هريرة مرفوعًا، ذكره ابن حَجَر في "الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشَّاف" ص 22، وعزاه إلى الدَّارَقُطْنِيّ في "الأفراد"، وابن مَرْدُوْيَه أيضًا.
* * *
71 -
أخبرنا محمد بن عليّ بن يعقوب قال: حدَّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عبد اللَّه البَلْخِي -ببغداد- قال: نبأنا أبو جعفر محمد بن عمرو العُقَيْلي قال: حدَّثنا محمد بن إسماعيل، وعليّ بن عبد العزيز، قالا: حدَّثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل قال: حدَّثنا عبد السلام بن حَرْب.
وأخبرنا أبو الحسن عليّ بن القاسم بن الحسن الشاهد -بالبَصْرة- قال: حدَّثنا عليّ بن إسحاق المَادَرَائيّ قال: حدَّثنا عبَّاس بن محمد قال: حدَّثنا إسحاق بن منصور السَّلُوليّ قال: حدَّثنا عبد السلام بن حَرْب، عن عبد اللَّه بن بِشْر، عن الزُّهْرِيّ، عن سعيد بن المسيَّب،
عن عثمان بن عفَّان قال: لما قُبِضَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وُسْوِسَ ناسٌ من أصحابه، وكنتُ فيمن وُسْوِسَ، فَمَرَّ عليَّ عُمَرُ فسلَّمَ عليَّ فلم أَرُدَّ عليه، فأتى أبا بكر فشكاني إليه، فقال: سَلَّمَ عليك أخوكَ فلم تُسَلِّم عليه! فقلت: ما علمتُ بتسليمه وإنِّي عن ذلك لفي شُغُلٍ، فقال أبو بكر: ولم؟ فقلت: قُبِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم أَسْأَلْهُ عن نجاةِ هذا الأمرِ، فقال: قد سأَلْتُهُ عن ذلك، فقمتُ إليه فاعتَنَقْتُهُ، فقلت: بأبي أنت وأُمِّي، أنت أَحَقُّ بذلك.
فقال: "مَنْ قَبِلَ الكَلِمَةَ التي عَرَضْتُهَا على عَمِّي فهي له نَجَاةٌ".
"لفظ حديث البَلْخي، والآخر بنحوه".
(1/ 272) في ترجمة (محمد بن أحمد بن إبراهيم البَلْخي أبو بكر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففي إسناده (عبد اللَّه بن بِشْر بن النَّبْهان الرَّقِّيُّ القاضي) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 298) وقال: "ثقة".
2 -
"تاريخ الدَّارِمي عن ابن مَعِين" ص 160 رقم (564) فإنه بعد أن نقل توثيق ابن مَعِين له، قال الدَّارِمي:"ليس بذاك".
3 -
"التاريخ الكبير"(5/ 49) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
4 -
"الجرح والتعديل"(5/ 14) وفيه عن أبي زُرْعَة: "لا بأس به".
5 -
"الثقات" لابن حِبَّان (7/ 56).
6 -
"المجروحين" لابن حِبَّان (2/ 32) وقال: "كان ممن يروي عن الثقات ما لا يُشْبِهُ حديث الأثبات، وينفرد بأشياء يشهد المستمع لها -إذا كان الحديث صناعته- أنها مقلوبة".
7 -
"الكامل"(4/ 1558 - 1559) وقال: "أحاديثه عندي مستقيمة".
8 -
"العلل" للدَّارَقُطْنِيّ (1/ 172) وقال: "ليس بالحافظ".
9 -
"تهذيب الكمال"(14/ 336 - 338) وفيه عن النَّسَائي: "ليس به بأس".
10 -
"التهذيب"(5/ 160 - 161) وقال: "ذكر السَّاجي عن ابن مَعِين أنه قال: كذّاب لم يبق حديث منكر رواه أحد من المسلمين إلّا وقد رواه عن الأَعْمَش. وقال الحاكم: يحدِّثُ عن الأَعْمَش مناكير. ثم غفل فأخرج له في "المستدرك"، وزعم أَنَّ مُسْلِمًا خرَّج له، وليس كما قال. وقال ابن خَلْفُون في "الثقات": كان عابدًا زاهدًا إلّا أنّه ليس بالقويّ في الزُّهْرِيّ".
11 -
"الكاشف"(2/ 67) وقال: "ثقة". وصُحِّفَ فيه "بِشْر" إلى "بسر" بالسين المهملة.
12 -
"التقريب"(1/ 404) وقال: "اختلف فيه قول ابن مَعِين وابن حِبَّان. وقال أبو زُرْعَة والنَّسَائي: لا بأس به. وحكى البزَّار: أنَّه ضعيف في الزُّهْرِيّ خاصة. من السابعة"/ س ق.
و(عبد السلام بن حَرْب النَّهْدِيّ المُلَائيّ) قال الحافظ ابن حَجَر عنه في "التقريب"(1/ 505): "ثقة حافظ، له مناكير. من صغار الثامنة"/ ع. وانظر: "التهذيب"(6/ 316 - 317).
وفي طريقه الأول، صاحب الترجمة (محمد بن أحمد البَلْخي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
كما أنَّ فيه شيخ الخطيب (محمد بن عليّ بن أحمد بن يعقوب الوَاسِطي
أبو العلاء) وهو ضعيفٌ مُخَلِّطٌ. وستأتي ترجمته في حديث (430).
وباقي رجال الإسناد الأول حديثهم حسن.
ورجال الإسناد الثاني كلُّهم ثقات، عدا (عبد اللَّه بن بِشْر) كما تقدَّم.
التخريج:
رواه أبو يَعْلَى في "مسنده"(1/ 20 - 21) رقم، وأبو بكر المَرْوَزِيّ في "مسند أبي بكر الصِّدِّيق" ص 40 - 41 رقم (7)، والبزَّار في مسنده" -المسمَّى بـ "البحر الزخَّار"- (1/ 58) رقم (5)، والبيهقي في "شُعَب الإيمان" (1/ 261 - 262) رقم (91)، من طريق عبد السلام بن حَرْب، عن عبد اللَّه بن بِشْر، به.
ورواه أبو بكر المَرْوَزِيّ في "مسند أبي بكر الصِّدِّيق" ص 41 رقم (8)، والبيهقي في "شُعَب الإِيمان"(1/ 263) رقم (92)، وابن عدي في "الكامل"(4/ 1558) -في ترجمة (عبد اللَّه بن بِشْر) -، من الطريق السابق مختصرًا، بزيادة قوله:"فردَّها" بعد قوله: "من قَبِلَ الكلمة التي عرضتها على عَمِّي".
وقد تابعَ (عبد اللَّه بن بِشْر): (محمد بن عبد اللَّه، ابن أخي الزُّهْرِيّ)، رواه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 312 - 313) عن الواقدي محمد بن عمر، عن محمد بن عبد اللَّه، عن الزُّهْرِيّ، به.
أقول: وهذه المتابعة لا قيمة لها لأنها وردت من طريق الوَاقِدِي، وهو متروك. وستأتي ترجمته في حديث (145).
ورواه ابن عدي في "الكامل"(5/ 1717) مختصرًا من طريق عمر بن سعيد التَّنُوخيّ، عن الزُّهْرِيّ، عن سعيد بن المسيِّب، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، عن عثمان بن عفَّان، عن أبي بكر الصِّدِّيق قال قلت: يا رسول اللَّه فيم نجاة هذه الأُمَّة؟ قال: "في الكلمة التي أردت عَمِّي عليها فأبي، شهادة أن لا إله إلَّا اللَّه وأني رسول اللَّه".
قال ابن عدي عقبه: "هذا الحديث لم يجوِّد إسناده عن الزُّهْرِيّ غير عمر بن
سعيد هذا، وأتي في إسناده ثلاثة من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعضهم عن بعض. وغيره يرويه عن الزُّهْرِيّ، وسقط منه بعضهم".
أقول: (عمر بن سعيد بن سُرَيْج التَّنُوخيّ) قال عنه ابن عدي: "عن الزُّهْرِيِّ أحاديثه عنه ليست بمستقيمة". وقال: "في بعض رواياته يخالف الثقات". وقال عنه الزُّهْرِيِّ: "ليِّن". وضعَّفه الدَّارَقُطْنِيُّ. انظر: "لسان الميزان"(4/ 309 - 310).
ورواه أحمد في "المسند"(1/ 6)، وأبو يَعْلَى في مسنده (1/ 21 - 22) رقم (10)، والبزَّار في "مسنده" -المسمَّى به "البحر الزخَّار"- (1/ 56 - 57) رقم (4)، وأبو بكر المَرْوَزِيّ في "مسند أبي بكر الصِّدِّيق" ص 46 - 48 رقم (14)، من طريق صالح بن كَيْسَان، عن ابن شهاب الزُّهْرِيّ، عن رجل من أهل الفقه
(1)
غير مُتَّهم، عن عثمان، عن أبي بكر، به.
وعند جميعهم زيادة قوله: "فردّها" عدا البزَّار.
قال الهيثمي في "المجمع"(1/ 14 - 15): رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" باختصار، وأبو يَعْلَى بتمامه، والبزَّار بنحوه، وفيه رجل لم يسمّ، ولكن الزُّهْرِيّ وثَّقه وأبهمه".
أقول: الذي قاله الزُّهْرِيّ: "حدَّثني رجل من الأنصار من أهل الفقه غير مُتَّهَم".
وقد قال العلَّامة الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند"(1/ 165) رقم (20): "إسناده ضعيف لجهالة الرجل من الأنصار الذي روى عنه الزُّهْرِيّ".
وقال الإِمام البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 169) بعد ذكره له عن
(1)
صُحِّفَ في "مجمع الزوائد"(1/ 14) إلى: "أهل الثقة". كما صُحِّفَ في "كشف الأستار"(1/ 8) إلى: "أهل العقبة". وقد خَطَّأ محققه العلّامة الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي ما في "مسند أحمد"، وجعل الصَّواب ما في "كشف الأستار"! ! مع أن الذي في "مسند البزار" وهو أصل "كشف الأستار"، يوافق ما في "مسند أحمد". وهو كذلك عند من رواه أو ذكره.
عبد اللَّه بن بِشْر، عن الزُّهْرِيّ، عن سعيد، عن عثمان، عن أبي بكر، به:"ولا يصحُّ فيه سعيد".
وقال الإِمام ابن أبي حاتم في "علل الحديث"(2/ 152) بعد أن ذكره من طريق عبد السلام بن حَرْب، عن عبد اللَّه بن بِشْر، عن الزُّهْرِيّ، عن ابن المسيَّب، عن عثمان، عن أبي بكر، به. سألت أبي عنه فقال:"رواه عُقَيْل عن الزُّهْرِيّ قال: أخبرني رجل من الأنصار، أنَّ عثمان مَرَّ على أبي بكر. قال أبي: فحديث عُقَيْل أشبهه".
وقال الإِمام البزَّار عقب روايته له من هذا الطريق: "هكذا رواه مَعْمَر وصالح بن كَيْسَان، وقد تابعهما غير واحد على هذه الرواية عن الزُّهْرِيّ عن رجل من الأنصار. وقد روي هذا الحديث عبد اللَّه بن بِشْر عن الزُّهْرِيّ عن سعيد بن المسيَّب عن عثمان عن أبي بكر. . . ولا أحسب إلَّا أنَّ عبد اللَّه بن بِشْر هو الذي أخطأ، والحديث حديث مُعَمرَ وصالح بن كَيْسَان مع من تابعهما. وقد رواه محمد بن عمر الوَاقِدِي عن ابن أخي الزُّهْرِيّ عن الزُّهْرِيّ عن سعيد بن المسيَّب عن عبد اللَّه بن عمرو عن عثمان عن أبي بكر. . . وهذا الحديث ممّا لم يُتَابَع محمد بن عمر على روايته، وإنما أردنا أن نذكره ليعلم أنَّه قد رواه هكذا".
وذكره الإِمام الدَّارَقُطْنِيّ في "علله"(1/ 171 - 175) وقال: "هو حديث رواه الزُّهْرِيّ، واخْتُلِفَ عنه في إسناده، فرواه ابن أخي الزُّهْرِيّ من رواية الوَاقِدِي عنه. وعمر بن سعيد بن سَرْجَة
(1)
السرجي، وعيسي بن المطلب، وأبو هارون المَدَني -وكلّهم ضعفاء-، فاتفقوا على قول واحد، رووه عن الزُّهْرِيّ عن سعيد بن المسيَّب، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، عن عثمان، عن أبي بكر الصِّدِّيق.
(1)
هكذا بالجيم المعجمة، وسيأتي بعد قليل عند الخطيب بالحاء المهملة، وقد اختلف ضبط الحافظ ابن حَجَر له، فهو في "اللسان" (4/ 310) يقول:"والتحقيق في ضبط جَدِّه أنَّه بالجيم في (سريج) وفي (سَرْجَة) ". بينما يقول في: "تبصير المنتبه بتحرير المشتبه"(2/ 678): "سَرْحَةُ، بمهملات: عمر بن سعيد بن سَرْحَة، عن الزُّهْرِيّ".
ورواه عبد اللَّه بن بِشْر الرَّقِّيّ -وليس بالحافظ- عن الزُّهْرِيّ عن سعيد بن المسيَّب، عن عثمان، عن أبي بكر. أسقط من الإسناد عبد اللَّه بن عمرو.
وكذلك روي عن مالك بن أنس، وعن ابن أبي ذِئْب، عن الزُّهْرِيّ، عن سعيد بن المسيَّب، عن عثمان، عن أبي بكر. حدَّث به محمد بن عبد اللَّه الجهيد -وكان ضعيفًا- عن حمَّاد بن خالد، عن مالك، وعن أبي قَطَن، عن ابن أبي ذئب، ولا يصحُّ عنهما، وكل ذلك وهم.
والصَّواب عن الزُّهْرِيّ قال: حدَّثني رجال من الأنصار -لم يسمهم- أنَّ عثمان بن عفَّان دخل على أبي بكر. كذلك رواه أصحاب الزُّهْرِيّ والحفَّاظ عنه جماعة، منهم: عُقيل بن خالد، ويونس بن يزيد، وغيرهما" انتهى كلام الدَّارَقُطْنِيّ.
وقد ذكر له الدَّارَقُطْنِيّ طُرُقًا أخرى وأعلَّها جميعًا.
وقال الحافظ الخطيب عقب روايته له: "هكذا روى هذا الحديث عبد اللَّه بن بِشْر الرَّقِّيّ عن الزُّهْرِيّ. وقيل عن مالك بن أنس وعن ابن أبي ذئب جميعًا عن الزُّهْرِيّ مثله. ورواه ابن أخي الزُّهْرِيّ -واسمه محمد بن عبد اللَّه بن مسلم- وعمر بن سعيد بن سَرْحَة التَّنُوخيّ، وعيسى بن المطلب المَدِيني
(1)
، ثلاثتهم عن الزُّهْرِيّ، عن ابن المسيَّب، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، عن عثمان. وكلا القولين وهم. والصَّواب: عن الزُّهْرِيّ قال: حدَّثني رجالٌ من الأنصار -لم يُسمهم- أنَّ عثمان دخل على أبي بكر. رواه كذلك عن الزُّهْرِيّ: الحفَّاظ من أصحابه، منهم: يونس بن يزيد، وعُقَيْل بن خالد، وغيرهما".
أقول: أمَّا ما نقله الحافظ ابن حَجَر في "التهذيب"(5/ 160 - 161) في ترجمة (عبد اللَّه بن بِشْر) عن أبي عليّ محمد بن سعيد القُشَيْري من قوله: بأنَّ عبد اللَّه بن بِشْر قد تفرَّد به عن الزُّهْرِيّ عن سعيد عن عثمان. فهو مردود بما تقدَّم ولم يبن الحافظ عن خطئه.
* * *
(1)
أقول: حديثه عن الزُّهْرِيّ سيأتي برقم (104)، وإسناده تالف.
72 -
أخبرنا ابن رِزْق قال: نبأنا أبو عليّ محمد بن أحمد بن إسحاق السَّرْخَسِيّ -قدم حَاجًّا- قال: نبأني أبي قال: حدَّثنا عصام بن الوضَّاح، عن سليمان بن عمرو، عن أبي حازم،
عن سهل بن سعد قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من صام يومًا تَطَوُّعًا لم يَطَّلِعْ عليه أحدٌ، لم يَرْضَ اللَّهُ له بثوابٍ دونَ الجَنَّةِ".
وقال عصام بن الوضّاح: حدَّثنا سليمان -يعني ابن عمرو-، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير البَرْقي، عن أبي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بمثله.
(1/ 278) في ترجمة (محمد بن أحمد بن إسحاق السَّرْخَسِيّ أبو عليّ).
مرتبة الحديث:
موضوع.
وآفته (سليمان بن عمرو بن عبد اللَّه النَّخَعي الكوفي أبو داود) وقد كان أَكْذَبَ النَّاس كما قال الإِمام ابن مَعِين. وقال الإِمام ابن عدي: "اجتمعوا على أنَّه يضع الحديث". وستأتي ترجمته في حديث (529).
وفيه (عصام بن الوضَّاح الزُّبَيْدِيّ)، ترجم له ابن حِبَّان في "المجروحين" (2/ 174) وقال:"يروي عن مالك وفُلَيْح بن سليمان وعبد الحميد بن بَهْرام المناكير الكثيرة، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، لم يظهر له كثير حديث إنَّما كتب عنه جماعة من أهل بلده فقط". ونقله عنه في "الميزان"(3/ 67) و"اللسان"(4/ 168)، وفيهما:"عصام بن الوضَّاح السَّرْخَسِيّ".
و (أبو حازم) هو (سَلَمَة بن دينار الأعرج المَدَني): تابعي ثقة عابد زاهد حكيم. وستأتي ترجمته في حديث (1379).
وشيخ الخطيب (ابن رِزْق) هو (محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رِزْق البزَّاز، ويعرف بابن رِزْقُوْيَه) ترجم له في "تاريخ بغداد"(1/ 351 - 352) وقال:
"كان ثقة صدوقًا كثير السماع والكتابة، حسن الاعتقاد، جميل المذهب، مديمًا لقراءة القرآن، شديدًا على أهل البدع. . . وهو أول شيخ كتبت عنه. وأول ما سمعت منه في سنة ثلاث وأربعمائة".
ونقل عن شيخه البَرْقَانِي قوله فيه: "ثقة". وكانت وفاته عام (412 هـ).
وترجم له الحافظ الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر"(17/ 258 - 259)، ونَعَتَهُ بقوله: الإِمام المحدِّثُ، المتقن، المُعَمَّر، شيخ بغداد". وقد ضُبِطَ فيه (رِزْق) و (رِزْقُوْيَه)، بفتح الراء فيهما، وهو خطأ. صوابه بالكسر كما في "تبصير المنتبه" لابن حَجَر (2/ 614)، وغيره.
التخريج:
لم يروه غير الخطيب فيما وقفت عليه.
وعزاه السيوطي في "الجامع الكبير"(1/ 791) إليه وحده.
وكذلك فعل في "الجامع الصغير"(6/ 162) بشرح "فيض القدير".
والعجيب أنَّ المُنَاوي في "فيض القدير" أعلَّ الحديث بـ (عصام بن الوضَّاح)، وغفل عن آفته:(سليمان بن عمرو النَّخَعِي)!!.
ولم أقف عليه في "الموضوعات" لابن الجَوْزي، ولا "اللآلئ المصنوعة" للسيوطي، ولا "تنزيه الشَّريعة" لابن عَرَّاق، واللَّهُ سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
73 -
أخبرنا أبو نُعَيْم الأصبهاني قال: نبأنا أبو عليّ محمد بن أحمد بن بَالُوْيَه النَّيْسَابُورِيّ -ببغداد- قال: نبأنا عليّ بن سعيد العَسْكَرِي قال: نبأنا إسحاق بن وَهْب قال: نبأنا موسى بن مسعود
(1)
بن مُشْكَان الوَاسِطي قال: نبأنا إسماعيل بن مسلم السَّكُوني قال: نبأنا أبو عَوْن، عن ابن سِيرين،
(1)
هكذا في المطبوع: "موسى بن مسعود"، وكذا في "الموضوعات" لابن الجَوْزي (2/ 286) من طريق الخطيب. وفي "الضعفاء" للعُقَيْلي (1/ 93)، و"تهذيب الكمال"(3/ 207)، و"اللسان" (6/ 27):"مسعود بن موسى. . . ".
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لكم في العِنَبِ أشياء: تأكلونه عِنَبًا، وتشربونَهُ عصيرًا ما لم يَنِشَّ، وتتخذون منه زَبيبًا ورُبًّا".
(1/ 282) في ترجمة (محمد بن أحمد بن بَالُوْيَه النَّيْسَابُورِيّ المُعَدَّل أبو عليّ).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه (إسماعيل بن مسلم السَّكُوني، وقيل: اليَشْكُريّ) وقد ترجم له في:
1 -
"الضعفاء الكبير" للعُقَيْلي (1/ 93) وفيه: "اليَشْكُريَّ" بدلًا من "السَّكُوني". وقال: عن ابن عون، لا يعرف بنقل الحديث، وحديثه منكر غير محفوظ، بصري". وساق الحديث المتقدِّم.
2 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيّ ص 139 رقم (85) وقال: "إسماعيل بن أبي زياد، وهو إسماعيل بن مسلم السَّكُوني، ويقال: الشَّعِيري، كوفي، عن داود بن أبي هند، وابن عون، يَضَعُ الحديثَ، كذَّابٌ، متروك".
3 -
"الميزان"(1/ 250) وقال: "مُتَّهَمٌ".
و(إسماعيل بن أبي زياد -أو ابن مسلم- السَّكُوني) هو غير (إسماعيل بن زياد، وقيل: ابن أبي زياد السَّكُوني قاضي المَوْصِل) الذي روى عنه ابن ماجه. انظر "تهذيب التهذيب"(1/ 298 - 301)، وحاشية محقق "الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيّ ص 139.
كما أَنَّ فيه (مسعود بن موسى بن مُشْكَان الوَاسِطي) ذكره العُقَيْلي في "الضعفاء"(1/ 93) في ترجمة (إسماعيل بن مسلم اليَشْكُري) الذي قال فيه: "لا يُعْرَفُ بنقل الحديث، وحديثه منكر غير محفوظ". قال: "مسعود أيضًا نحوًا منه".
وترجم له في "اللسان"(6/ 27) ونقل قول العُقَيْلي السابق فحسب.
و (أبو عَوْن) هو (عبد اللَّه بن عَوْن بن أَرْطَبان البَصْري): ثقةٌ ثَبْتٌ. وستأتي ترجمته في حديث (1336).
التخريج:
رواه العُقَيْلي في "الضعفاء الكبير"(1/ 93) -في ترجمة (إسماعيل بن مسلم اليَشْكُرِي) -، عن إسحاق بن عبد اللَّه الكوفي، عن إسحاق بن وَهْب العلَّاف، عن مسعود بن موسى بن مُشْكَان، به، بلفظ: "لكم في العنب خمسة أشياء حلال: تأكلونه عنبًا، وعصيرًا ما لم يَنِشَّ
(1)
، وتتخذون منه زَبيبًا، ورُبًّا، وخَلًّا".
ورواه ابن الجُوْزي في "الموضوعات"(2/ 286 - 287) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، وقال: هذا حديث لا يصحُّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: إسحاق بن وَهْب كذَّاب متروك يُحَدِّثُ بالأباطيل. وقال ابن حِبَّان: يضع الحديث".
وذكره السيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(2/ 210) عن العُقَيْلي من طريقه المتقدِّم، وقال:"لا يصحُّ. إسحاق بن وَهْب: كذَّابٌ". ثم نقل عن العُقَيْلي قوله في (إسماعيل بن مسلم اليَشْكُرِي)، وأتبعه بقول الدَّارَقُطْنِيّ فيه.
وتابعه ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة"(2/ 225) وقال: "لا يصحُّ، فيه إسحاق بن وَهْب وإسماعيل بن مسلم السَّكُوني".
أقول: إعلالُ ابن الجَوْزي الحديث بـ (إسحاق بن وَهْب) ومتابعة السيوطي وابن عَرَّاق له، خطأ. فإنَّ ما نقله ابن الجَوْزي من تكذيب الدَّارَقُطْنِيّ وابن حِبَّان له، إنَّما قالاه في (إسحاق بن وَهْب الطُّهْرْمُسِيّ) -انظر:"المجروحين" لابن حِبَّان (1/ 139)، و"الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيّ ص 147 رقم (101) -، والذي في إسناد: الخطيب هو (إسحاق بن وَهْب العلَّاف) كما صرَّح به العُقَيْلي، وهو (إسحاق بن وَهْب بن زياد العلَّاف الوَاسِطي أبو يعقوب)، وقد ترجم له ابن حَجَر في "التهذيب":
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى "يغش". والتصويب من "تهذيب الكمال"(3/ 207)، و"اللآلئ"(2/ 210)، و"تنزيه الشريعة"(2/ 235).
(1/ 253 - 254) ونقل عن أبي حاتم قوله فيه: "صدوق". كما ذكر أنَّ ابن حِبَّان ذكره في "الثقات". وقد روى عنه البخاري في "صحيحه". وقال عنه في "التقريب"(1/ 62): "صدوق، من الحادية عشرة"/ خ ق.
* * *
74 -
أخبرنا محمد بن أحمد بن رِزْق قال: نبأنا أبو نصر محمد بن أحمد بن تَمِيم السَّرْخَسِيّ -قدم علينا للحجِّ- قال: نبأنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق السَّرْخَسِيّ، قال: نبأنا أبي قال: نبأنا عصام بن الوضَّاح الزُّبَيْدِيّ، عن المسيَّب، عن مُطَرِّف، عن أَبَان، عن سعيد بن جُبَيْر،
عن ابن عبَّاس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان أَوَّلُ ليلة من رمضان فُتِّحَتْ أبوابُ الجِنَان كلَّها فلم يُغْلَقْ منها باب واحد الشَّهْر كُلَّهُ، وغَلِّقَتْ أبوابُ النَّار فلا يُفْتَحُ منها بابٌ واحد الشهرَ كُلَّهُ، وغُلَّتْ عُتَاةُ الجِنِّ، ونَادَى مُنَادٍ في السماءِ كُلَّ ليلةٍ إلى انْفِجَارِ الصُّبْحِ: يا بَاغِيَ الخَيْر هَلُمَّ، ويا بَاغِيَ الشَّرِ انته، هل من مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ له؟ هل من تائبٍ يُتَابُ عليه؟ هل من سائلٍ فَيُعْطَى؟ هل من دَاعٍ فَيُسْتَجَابُ له؟.
وللَّه عند كلّ وقت كلّ ليلة فطر من رمضان عنقاء يعتقهم من النَّار".
(1/ 284) في ترجمة (محمد بن أحمد بن تَمِيم السَّرْخَسِيّ أبو نصر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. وقد روي من حديث ابن مسعود بإسناد ضعيف، وقد صحَّ بعضه من طرق أخرى كما سيأتي.
ففيه (أَبَان) وهو (ابن أبي عيَّاش البَصْري العَبْدي أبو إسماعيل) وهو متروك. وستأتي ترجمته في حديث (531).
كما أنَّ فيه (المسيَّب) وهو (ابن شَرِيك التَّمِيميّ أبو سعيد) وهو متروك أيضًا. وستأتي ترجمته في حديث (937).
كما أنَّ فيه (عصام بن الوضَّاح الزُّبَيْدِيّ السَّرْخَسِيّ) وهو ممن روى المناكير
الكثيرة، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد كما قال ابن حِبَّان: وسبقت ترجمته في حديث (72).
و(مُطَرِّف) الظَّاهر أنَّه (ابن طريف الحارثي الكوفي) وهو ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (369).
التخريج:
لم يروه غير الخطيب فيما وقفت عليه.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 84) إلى الخطيب وحده.
لكنه روي من حديث ابن مسعود مرفوعًا بزيادة في آخره هي: "وللَّه عز وجل عند كل فطر من شهر رمضان كلّ ليلة عتقاء من النار ستون ألفًا، فإذا كان يومُ الفِطْر، أَعْتَقَ مثل ما أَعْتَقَ في جميع الشهر ثلاثينَ مرَّةً ستينَ ألفًا ستينَ ألفًا". رواه البيهقي في "شُعَب الإِيمان"(7/ 213 - 214) رقم (3334)، وفي "فضائل الأوقات" ص 168 - 170 رقم (51)، من طريق حُمَيْد بن زَنْجُوْيَه، حدَّثنا أبو أيوب الدِّمَشْقِي، حدَّثنا نَاِشب بن عمرو، حدَّثنا مُقَاتِل بن حَيَّان، عن رِبْعي بن حِرَاش، عنه، به.
وإسناده ضعيف لضعف (نَاِشب بن عمرو الشَّيْبَاني). قال الدَّارَقُطْنِيّ عنه في "سننه"(1/ 348): "ضعيف". وقال البخاري -كما في "اللسان"(6/ 143) -: "منكر الحديث".
وقد ذكره المُنْذِري في "الترغيب والترهيب"(2/ 104) وقال: "رواه البيهقي، وهو حديث حسن لا بأس به في المتابعات، في إسناده نَاشِب بن عمرو الشَّيْبَاني وُثِّق، وتكلَّم فيه الدَّارَقُطْنِيّ".
أقول: قال الحافظ في "اللسان"(6/ 143 - 144) -في ترجمة (ناشب بن عمرو) -: "وروى له البيهقي في "شُعَب الإِيمان" في حديث في فضل شهر
رمضان فيه زيادات منكرة وهو من طريق حُمَيْد بن زَنْجُوْيَه
(1)
في كتاب "الترغيب" له. قال: حدَّثنا أبو أيوب الدِّمَشْقي قال حدَّثنا نَاشِب بن عمرو الشَّيْبَاني -قال: وكان ثقةً
(2)
صائمًا قائمًا- حدَّثنا مُقَاتِل بن حَيَّان، عن رِبْعِي، عن ابن مسعود رضي الله عنه فذكره. وفيه: للَّه عند كل فطر من شهر رمضان. . . ". وذكر الزيادة المنكرة المتقدِّمة.
وقد روي مختصرًا من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "إذا كان أَوَّلُ ليلةٍ من شهر رمضان صُفِّدَتِ الشياطينُ ومَرَدَةُ الجِنِّ، وغُلِّقَت أبوابُ النَّار فلم يُفْتَحْ منها بابٌ، وفُتِّحَتْ أبوابُ الجنَّة فلم يُغْلَقْ منها بابٌ، ويُنَادِي مُنَادٍ: يا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، ويا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ. وللَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّار، وذلك كُلَّ ليلةٍ". رواه التِّرْمِذِيّ في الصوم، باب ما جاء في فضل شهر رمضان (3/ 57 - 58) رقم (682) -واللفظ له-، وابن ماجه في الصيام، باب ما جاء في فضل شهر رمضان (1/ 56) رقم (1642)، وابن خُزَيْمَة في "صحيحه"(3/ 188) رقم (1883)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 421)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 303)، وفي "فضائل الأوقات" ص 139 - 141 رقم (33)، والبَغَوي في "شرح السُّنَّة"(6/ 215) رقم (1705).
قال التِّرْمِذِيّ: "حديث غريب".
(1)
صُحِّفَ في "اللسان" إلى: "حيد بن زرعونة"! ! ! والتصويب من "شُعَبِ الإِيمان"(7/ 213)، و"فضائل الأوقات" للبيهقي ص 168.
(2)
صُحِّفَ في كتاب "فضائل الأوقات" للبيهقي ص 169 إلى: "وكان نَفْسُهُ صائمًا قائمًا"! ! . وما هو مثبت في اللسان، موافق لما في "شُعَبِ الإِيمان"(7/ 213). والعجيب أن محقق كتاب "فضائل الأوقات" قد رجع إلى كلا المصدرين السابقين ومع ذلك أثبت رسم الكلمة بصورة التصحيف السابقة مع ضبطها بالحركات المناسبة! ! ويؤكد صحة ما في "شُعَبِ الإِيمان"، و"اللسان"، قول المنذري السابق:"وقد وثَّق"، إشارة إلى توثيق أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدِّمشقي هذا. فإنَّه لم يذكر توثيقه إلَّا عنه، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخَرِّجَاهُ بهذه السياقة". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
أقول: وأصل حديث أبي هريرة، رواه البخاري في الصوم، باب هل يقال رمضان أو شهر رمضانَ. . . (4/ 112) رقم (1899)، ومسلم في الصيام، باب فضل شهر رمضان (2/ 758) رقم (1079)، مرفوعًا بلفظ:"إذا جاء رمضانُ فُتِّحت أبوابُ الجنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبوابُ النَّار، وصُفِّدَتِ الشياطينُ".
* * *
75 -
أخبرنا ابن بُكَيْر قال: حدَّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف المعروف بابن زُرَيْق قال: حدَّثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن بُهْلُول التَّنُوخيّ قال: حدَّثنا جَدِّي قال: حدَّثنا أبي قال: حدَّثنا شُعْبَة، عن قَتَادة، عن سالم بن أبي الجَعْد،
عن ثَوْبَان، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"مَنْ قَرَأَ العَشْرَ الأَواخِرَ مِنْ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ".
(1/ 290) في ترجمة (محمد بن أحمد بن الحسين الورَّاق أبو بكر، المعروف بابن زُرَيْق).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والحديث صحيح من طرق أخرى بلفظ: "مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنْ الدَّجَّالِ".
ففيه انقطاع بين (سالم بن أبي الجَعْد الغَطَفاني الأَشْجَعي) وبين (ثُوْبَان مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإنَّه لم يسمع منه كما قال الإِمام أحمد والبخاري وأبو حاتم والفَسَويّ. انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم ص 70 - 71، "العلل الكبير" للتِّرْمِذِيّ (2/ 963)، و"السنن" له (5/ 278) رقم (3094)، و"المعرفة والتاريخ" للفَسَويّ (3/ 236). وقال أحمد وأبو حاتم: بينهما مَعْدَان بن أبي طلحة.
وفيه (بُهْلُول بن حسَّان بن سِنَان التَّنُوخِيّ أبو الهيثم) ترجم له الخطيب في تاريخه" (7/ 108 - 109) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
كما أن فيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد الورَّاق المعروف بابن زُرَيْق) قال الخطيب في ترجمته: "بلغني أنَّ ابن زُرَيْق هذا كان حافظًا فهمًا، وليس بمشهور. . . " ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
وشيخ الخطيب (ابن بُكَيْر) هو (محمد بن عمر بن بُكَيْر النَّجَّار): ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (665).
وباقي رجال الإسناد ثقات.
التخريج:
رواه النَّسائي في "عمل اليوم والليلة" ص 527 رقم (948)، من طريق خالد بن الحارث الهُجَيْمي، عن شُعْبَة، عن قَتَادة، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن مَعْدَان بن أبي طلحة، عن ثَوْبَان، به. ولفظ أخره عنده:"فإنَّه عصمة له من الدَّجَّال". ورجاله ثقات.
ورواه ابن الضُّرَيْس في "فضائل القرآن" ص 161 - 162 رقم (206)، من طريق موسى بن إسماعيل المِنْقَرِي، عن همَّام، عن قَتَادة، عن سالم، عن مَعْدَان، عن ثَوْبَان، به. لكن وقع عنده بلفظ:"من حفظ عشر آيات من أول الكهف. . . ". ورجاله ثقات أيضًا.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 820) إلى أبي يَعْلَى، والرُّويَاني، عن ثَوْبَان أيضًا. ولم أقف عليه في "مسند أبي يَعْلَى"، ولم يذكره في "مجمع الزوائد"، ولا في "المطالب العالية".
والحديث رواه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي (1/ 556)، وأحمد في "المسند"(5/ 196)، وأبو داود في
الملاحم، باب خروج الدجال (4/ 497 - 498) رقم (4323)، والنَّسَائي في عمل اليوم والليلة" ص 528 رقم (951)، وابن الضُّرَيْس في "فضائل القرآن" ص 161 - 162 رقم (206)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 368)، والبيهقي في "شُعَب الإيمان" (5/ 377) رقم (2219)، والبَغَوي في "شرح السُّنَّة" (4/ 469) رقم (1204)، من طريق همَّام بن يحيى، عن قَتَادة، عن سالم، عن مَعْدَان بن أبي طَلْحَة، عن أبي الدَّرْدَاء مرفوعًا بلفظ: "مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ".
ورواه مسلم في الموضع السابق (1/ 555) رقم (809)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 249)، من طريق معاذ بن هشام الدَّسْتَوائي، عن أبيه، عن قَتَادة، عن سالم، عن مَعْدَان، عن أبي الدَّرْدَاء مرفوعًا بلفظ الطريق السابق.
وقد تَابَعَ هَمَّامًا وهشامًا على روايتهما للحديث بلفظ: "مِنْ أوَّل الكهف": سعيد بن أبي عَرُوبة عند الإِمام أحمد في "المسند"(6/ 449)، وعند ابن السُّنِّيّ في "عمل اليوم والليلة" ص 318 - 319 رقم (676).
كما تابعهما: (شَيْبَان بن عبد الرحمن التَّمِيميّ) عند الإِمام أحمد في "المسند"(6/ 449).
ورواه مسلم في الموضع السابق، وأحمد في "المسند"(6/ 446)، والنَّسَائي في "عمل اليوم والليلة" ص 527 رقم (950)، من طريق شُعْبَة، عن قَتَادة، عن سالم، عن مَعْدَان، عن أبي الدَّرْدَاء مرفوعًا بلفظ:"مَنْ قَرَأَ العَشْرَ الأواخِرَ مِنَ الكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّال".
ورواه النَّسَائي في كتابه "فضائل القرآن" ص 80 رقم (50)، وفي "عمل اليوم والليلة" ص رقم (949)، من طريق شُعْبَة، عن قَتَادة، عن سالم، عن مَعْدَان، عن أبي الدَّرْدَاء مرفوعًا بلفظ:"مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آياتٍ مِنَ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ".
ورواه التِّرْمِذِيُّ في فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل سورة الكهف (5/ 162) رقم (2886)، من طريق شُعْبَة، عن قَتَادة، عن سالم، عن مَعْدَان، عن أبي الدَّرْدَاء مرفوعًا بلفظ:"مَنْ قَرَأَ ثلاثَ آياتٍ مِنْ أَوَّلِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّال". وقال التِّرْمِذِيّ: "هذا حديث حسن صحيح".
أقول: الظَّاهر أنَّ رواية همام بن يحيى، عن قَتَادة بذكر:"مِنْ أَوَّلِ الكَهْفِ"، هي الرواية المحفوظة، لمتابعة من تقدَّم ذكرهم من الثقات له على لفظه، بخلاف رواية شُعْبَة فقد اخْتُلِفَ عليه في ذلك.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ أبا داود في "سننه"(4/ 498) وعقب روايته للطريق المتقدِّم عن همَّام عن قَتَادة، قد قال:"وكذا قال هشام الدَّسْتَوائي عن قَتَادة، إلَّا أنَّه قال: "مَنْ حَفِظَ مِنْ خَواتيمِ سُورَةِ الكَهْفِ".".
أقول: قد تقدَّم أنَّ مُسْلِمًا والبيهقي قد روياه من طريق هشام عن قَتَادة بلفظ: "مِنْ أَوَّلِ سُورةِ الكَهْفِ". فاللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
هذا ويؤكِّد رجحان رواية من رواه بلفظ: "مِنْ أَوَّلِ الكَهْفِ"، ما رواه مسلم في الفتن، باب ذكر الدَّجَّال وصفته وما معه (4/ 2250 - 2255) رقم (2937)، والتِّرْمِذِيّ في الفتن، باب ما جاء في فتنة الدجال (4/ 510 - 513) رقم (2240)، وابن ماجه في الفتن، باب طلوع الشمس من مغربها (2/ 1356 - 1359) رقم (4075)، عن النَّوَّاس بن سَمْعَان الكِلَابي مرفوعًا مطوَّلًا، وفيه:"فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتحَ سورةِ الكَهْفِ".
ورواه أبو داود في الملاحم، باب خروج الدَّجَّال (4/ 496 - 497) رقم (4321)، بإسناد صحيح عن النَّوَّاس أيضًا بأخصر ممَّا عندهم، ولفظه عنده:"فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتحَ سورةِ الكهفِ فإنَّها جِوَارُكُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ".
* * *
76 -
أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال: قُرئ على أبي الحسين بن مُظَفَّر وأنا أسمع، حَدَّثَكُم أبو بكر محمد بن أحمد بن خالد القاضي قال: حدَّثنا سعيد بن محمد قال: حدَّثنا سَلْم بن قتيبة قال: حدَّثنا شُعْبَة، عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن خَلِيفة،
عن عمر بن الخطَّاب، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:{عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} -[سورة طه: الآية 5]- قال: "حتَّى يُسْمَع أَطِيطٌ كَأَطِيطِ الرَّحْلِ".
(1/ 295) في ترجمة (محمد بن أحمد بن خالد البُورَاني أبو بكر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (عبد اللَّه بن خَلِيفة الهَمْدَاني)، قال الذَّهَبِيُّ:"لا يكاد يُعْرَفُ".
وقال ابن كثير: "ليس بذاك المشهور، وفي سماعه من عمر نظر". وستأتي ترجمته في حديث (1154).
و (سعيد بن محمد) لم أتبينه. لكنّ الدَّارَقُطْنِيَّ قال كما في "تاريخ بغداد"(1/ 295) في ترجمة الراوي عنه (محمد بن أحمد البُورَاني القاضي): "لا بأس به، ولكنه يحدِّث عن شيوخ ضعفاء".
و (أبو إسحاق) هو (السَّبِيعي، عمرو بن عبد اللَّه الهَمْدَاني): ثقة اختلط بأَخَرَةٍ، ورواية شُعْبَة عنه كانت قبل اختلاطه كما هو ظاهر كلام النُّقَّاد، وقد خرَّج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" حديث شُعْبَة عنه. انظر:"الكواكب النِّيِّرات" ص 351 - 352. وستأتي ترجمته في حديث (174).
وباقي رجال الإسناد حديثهم حسن.
التخريج:
رواه البزَّار في "مسنده" -المسمَّى بـ "البحر الزَّخَّار"- (1/ 457 - 458) رقم (325)، والدَّارَقُطْنِيّ في كتاب "الصفات" ص 48 - 49 رقم (35)، وابن خُزَيْمَة في "التوحيد" ص 106 - على الشك بذكر عمر فيه-، وابن أبي عاصم في "السُّنَّة"(1/ 251 - 252) رقم (574)، والضياء المقدسي في "المختارة"(1/ 263 - 264) رقم (151) و (152) و (153)، من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن خَلِيفة، عنه، به. بزيادة قوله في آخره:"كأطيط الرَّحْلِ الجديد إذا رُكِبَ من ثِقْلِهِ".
وعزاه ابن كثير في "تفسيره"(1/ 317) إلى أبي يَعْلَى في "مسنده" -والظاهر أنَّه في "مسنده" الكبير، حيث لم أقف عليه في "الصغير"-، وعبد بن حُمَيْد في "تفسيره"، والطبراني في كتاب "السُّنَّة".
وقد رواه الطبري في "تفسيره"(5/ 400) رقم (5797)، وابن الجَوْزي في "العلل"(1/ 4 - 5)، من الطريق المتقدِّم، بزيادة منكرة هي:"وإنَّه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار أربع أصابع".
وسيأتي تخريجه بذكر هذه الزيادة المنكرة في حديث (1154).
وقد قال البزَّار بعد روايته له: "هذا الحديث لا نعلمه يُرْوَى بهذا اللَّفظِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا عن عمر عنه. وقد روى هذا الحديث الثَّوْري عن أبي إسحاق عن عبد اللَّه بن خَلِيفة عن عمر موقوفًا. وعبد اللَّه بن خَلِيفة لم يسند غير هذا الحديث، ولا أسنده عنه إلَّا إسرائيل، ولا حدَّث عن عبد اللَّه بن خَلِيفة إلَّا أبو إسحاق".
وقال الحافظ الخطيب عقب روايته له أيضًا: "قال لنا ابن غالب -يعني البَرْقَاني- قال أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيّ: تفرَّد به القاضي البُورَاني. قال ابن غالب: يقال إنَّه وهم، والمحفوظ عن ابن قتيبة عن إسرائيل عن أبي إسحاق، وحديث شُعْبَة موقوف".
وقال ابن الجَوْزي في "العلل"(1/ 5 - 6) عقب روايته له بالزيادة المنكرة المتقدِّمة: "هذا حديث لا يصحّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإسناده مضطرب جدًّا. . . تارة يرويه ابن خَلِيفة عن عمر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وتارة يَقِفُهُ على عمر، وتارة يُوقَفُ على ابن خَلِيفة. وتارة يأتي: "فما يفضل منه إلَّا قدر أربع أصابع"، وتارة يأتي: "فما يفضل منه مقدار أربع أصابع"، وكلُّ هذا تخليط من الرواة، فلا يعوَّل عليه".
وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره"(1/ 317): فمنهم من يرويه عنه -يعني عبد اللَّه بن خَلِيفة- عن عمر مرفوعًا، ومنهم من يرويه عن عمر مُرْسَلًا، ومنهم من يزيد في متنه زيادة غريبة، ومنهم من يحذفها".
غريب الحديث:
قوله: "حتَّى يُسْمَعَ أطيط كأطيط الرَّحَلِ": الأطيط: صوت الرَّحْلِ، والنِّسْع
(1)
الجديد، والباب. و (الرَّحْلُ): ما يوضع على ظهر البعير والناقة للركوب، وجمعه: أَرْحُلٌ ورحال. انظر: "النهاية"(1/ 54)، و"اللسان" مادة (أطط)(7/ 256)، ومادة (رحل)(11/ 274).
* * *
77 -
أخبرنا أبو نُعَيْم الحافظ قال: نبأنا محمد بن مُعَمْر الذُّهْلِيّ قال: نبأنا محمد بن أحمد بن داود المُؤَدِّب البغدادي قال: نبأنا محمد بن يحيى بن فَيَّاض الزِّمَاني قال: حدَّثني أبي: يحيى بن فيَّاض قال: نبأنا سفيان قال: حدَّثني جابر، عن ابن سَابِط،
عن عائشة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أرسلها إلى امرأة. فقالت: ما رأيتُ طائلًا. فقال: "لقد رأيتِ خَالًا بِخَدِّها اقشعرت منه ذُؤابتك". فقالت: ما دونك سِرٌ، ومن يستطيع أن يَكْتُمَكَ؟.
(1)
النِّسْعُ: "سَيْرٌ يُضْفَرُ على هيئة أَعِنَّةِ النِّعَال، تُشَدُّ به الرِّحَالُ". "اللسان" مادة (نسع)(8/ 352).
(1/ 304) في ترجمة (محمد بن أحمد بن داود المؤَدِّب أبو بكر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (جابر) وهو (ابن يزيد الجُعْفي الكوفي أبو عبد اللَّه): ضعيف. وقد كذَّبَهُ ابن مَعِين وغيره، ووثَّقه شُعْبَة فَشَذَّ كما قال الحافظ الذَّهَبِيُّ. وستأتي ترجمته في حديث (113).
كما أنَّ فيه (يحيى بن فيَّاض الزِّماني البَصْري أبو بكر)، وقد ترجم له الذَّهَبِيُّ في "الكاشف"(3/ 233)، وابن حَجَر في "التهذيب"(11/ 265)، ولم يذكرا فيه جرحًا أو تعديلًا. لكن قال في "التهذيب":"روي له أبو داود حديثًا عن همَّام عن قَتَادة، وقال عقبه: هذا باطل". وذكره في "التقريب"(1/ 355) وقال: "ليِّن الحديث، من التاسعة"/ د.
كما أنَّ فيه (محمد بن مَعْمَر بن ناصح الذُّهْلِيّ)، ترجم له أبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان"(2/ 284 - 285) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
و(ابن سَابِط) هو "عبد الرحمن بن سَابِط. ويقال: ابن عبد اللَّه بن سَابِط، وهو الصحيح. ويقال: ابن عبد اللَّه بن عبد الرحمن الجُمَحِي المكِّي: ثقة كثير الإرسال، من الثالثة"/ م ت سي ق. "التقريب"(1/ 480). وانظر: "التهذيب"(6/ 180 - 181).
التخريج:
رواه أبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان"(2/ 188) من الطريق التي رواها الخطيب عنه.
ورواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 160 - 161)، عن محمد بن عمر، عن الثَّوْري، عن جابر، عن عبد الرحمن بن سَابِط قال: "خَطَبَ رسول اللَّه
صلَّى اللَّه عليه وسلَّم امرأة من كَلْبٍ فبعث عائشة تنظر إليها، فذهبت ثم رجعت، فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما رأيتِ؟ فقالت: ما رأيتُ طائلًا. فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لقد رأيتِ طائلًا، لقد رأيتِ خالًا بخدِّها اقشعرت كلّ شعرة منك. فقالت: يا رسول اللَّه ما دونك سِرٌّ".
أقول: في إسناده (محمد بن عمر) وهو (الوَاقِدِي): متروك، وكذَّبه أحمد وابن رَاهُوْيَه وابن المَدِيني. وستأتي ترجمته في حديث (145).
* * *
78 -
أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القَطَّان قال: أنبأنا أحمد بن كامل القاضي قال: حدَّثنا محمد بن أحمد بن زهير قال: حدَّثنا أبو جعفر أحمد بن جعفر الحَمَّال -جار أبي زكريا يحيى بن إبراهيم، وأثنى عليه أبو زكريا بن إبراهيم خيرًا- قال: حدَّثنا خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن سَلَمة المَخْزُومي قال: حدَّثنا سفيان الثَّوْري، عن عَلْقَمَة بن مَرْثَد، عن أبي عَطِيّة،
عن زيد بن أَرْقَم، أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا بعد حُلُولِ أَجَلِهِ، كانَ لهُ بِكُلِّ يومٍ صَدَقَةٌ".
(1/ 303 - 304) في ترجمة (محمد بن أحمد بن أبي خَيْثَمة زهير بن حَرْب أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا.
ففيه (خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن سَلَمَة المَخْزُومي المَكِّي) وقد ترجم له في:
1 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (2/ 8) وقال: "له غير حديث منكر عن الثقات". وفيه عن البخاري: "مَكِّيٌ ذاهب".
2 -
"الجرح والتعديل"(3/ 342) وفيه عن أبي حاتم: "ذاهب الحديث، تركوا حديثه".
3 -
"تهذيب التهذيب"(3/ 103 - 104) وقال: "قال البخاري في "الأوسط": رَمَاهُ عمرو بن عليّ بالوضع. وقال صالح بن محمد: منكر الحديث". وفيه عن الحاكم أبي أحمد: حديثه ليس بالقائم. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ضعيف. وذكر له حديثًا فقال: الحَمْلُ فيه على خالد.
4 -
"التقريب"(1/ 215) وقال: "متروك. . من التاسعة"/ تمييز.
وفيه (أحمد بن كامل بن خَلَف القاضي) قال الذَّهَبِيُّ: "ليَّنه الدَّارَقُطْنِيّ وقال: كان متساهلًا. ومشّاه غيره". وستأتي ترجمته في حديث (500).
و(أبو عطية) لم أتبينه.
التخريج:
لم يروه غير الخطيب فيما وقفت عليه.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 757) إلى الخطيب وحده.
أقول: روى أحمد في "المسند"(5/ 360) -واللفظ له-، والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 357)، وفي "شُعَب الإيمان"(7/ 538) رقم (11262) -ط بيروت-، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(14/ 778 - مخطوط-)، عن بُرَيْدة بن الحُصَيْب قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فله بكلِّ يومٍ مِثْلَهُ صَدَقَةٌ. قال ثم سمعته يقول: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فلهُ بكلِّ يومٍ مِثْلَيْهُ صَدَقَةٌ". قلت: سمعتك يا رسولَ اللَّه تقول: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فله بكلِّ يومٍ مِثْلَهُ صَدَقَةٌ. ثم سمعتك تقول: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فلهُ بكلِّ يومٍ مِثْلَيْهُ صَدَقَةٌ؟ قال: له بكلِّ يومٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فإذا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ، فلهُ بكلِّ يومٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ".
قال الهيثمي في "المجمع"(4/ 135): "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح".
ورواه أحمد في "المسند"(5/ 351)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 29)،
-واللفظ له- وابن ماجه في الصدقات، باب إنظار المعسر (2/ 808) رقم (2418)، عن بُرَيْدَة مرفوعًا بلفظ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فلهُ بكلِّ يومٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فإذا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ بعد ذلك فله بكلِّ يومٍ مِثْلَهُ
(1)
صَدَقَةٌ".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرِّجاه". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
أقول: وهو متعقَّب بأنَّه على شرط مسلم وحده، فإنَّ في إسناده (سليمان بن بُرَيْدة) خرَّج له مسلم وحده. انظر "تهذيب الكمال"(11/ 370).
وعزاه البُوْصِيري في "مصباح الزجاجة"(3/ 66) إلى أبي بكر بن أبي شَيْبَة في "مسنده"، وأبي يَعْلَى المَوْصِلي في "مسنده".
أقول: رواه أبو يَعْلَى في "مسنده الكبير". حيث لم أقف عليه في "المسند" الصغير، ولم يعزه له الهيثمي. وذكره الحافظ ابن حَجَر في "المطالب العالية"(1/ 418) رقم (1392) معزوًا له، فدلَّ على أنَّه أخرجه في "الكبير".
ورواه أبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان"(2/ 286)، عن بُرَيْدة مرفوعًا بلفظ:"مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فلهُ بكلِّ يومٍ صَدَقَةٌ".
* * *
79 -
أخبرنا الحسن بن أبي الحسين النِّعَالِيّ قال: حدَّثنا أحمد بن عبد اللَّه الذَّارِع قال: حدَّثنا محمد بن أحمد بن أبي خَيْثَمة قال: حدَّثنا الحسين بن حُرَيْث قال: حدَّثنا عبد الرحيم بن زيد
(2)
العَمِّيّ، عن أبيه، عن شَقِيق،
عن عبد اللَّه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ
(1)
هكذا في المصادر الثلاثة: "مثله". وفي "الترغيب" للمنذري (2/ 44) معزوًا لهم بلفظ: "مثليه". وهو يوافق رواية أحمد المتقدمة.
(2)
صُحِّفَ في المطبوع إلى: "زيدان". والتصويب من مصادر ترجمته المثبتة في مرتبة الحديث.
مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} -[سورة التحريم: الآية 4]- قال: "مِنْ صَالِحِ المؤمنين أبو بكر وعمر".
(1/ 304) في ترجمة (محمد بن أحمد بن أبي خَيْثَمة زهير بن حَرْب أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا.
ففيه (عبد الرحيم بن زيد بن الحَوارِي العَمِّيَ البَصْري أبو زيد) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 362) وقال: "ليس بشيء".
2 -
"التاريخ الكبير"(6/ 104) وقال: "تركوه".
3 -
"أحوال الرجال" للجُوْزَجَانيّ ص 197 رقم (360) وقال: "غير ثقة".
4 -
"سؤالات الآجُرِّي لأبي داود" ص 286 - 287 رقم (411 و 412) وقال: "لا يُكْتَبُ حديثه. . . ضعيف".
5 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 161 رقم (389) وقال: "متروك".
6 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (3/ 78 - 79) وقال: لا يُتَابَعُ على كثير من حديثه.
7 -
"الجرح والتعديل"(5/ 339 - 340) وفيه عن أبي حاتم: "تُرِكَ حديثه، كان يفسد أباه يُحَدِّثُ عنه بالطَّامّات". وقال أبو زُرْعَة: "واهي ضعيف الحديث".
8 -
"المجروحين"(2/ 161 - 162) وقال: "يروي عن أبيه العجائب، لا يَشُكُّ من الحديثُ صناعته أنها معمولة أو مقلوبة كلّها. . . ".
9 -
"الكامل"(5/ 1920 - 1921) وقال: "يروي عن أبيه عن شقيق عن
عبد اللَّه غير حديث منكر، وله أحاديث غير ما ذكرت، كلَّها ممّا لا يتابعه الثقات عليها".
10 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيّ ص 277 رقم (342).
11 -
"تاريخ بغداد"(11/ 83 - 84) وفيه عن عليّ بن المَدِيني: "ضعيف".
12 -
"الكاشف"(2/ 170) وقال: "تركوه".
13 -
"تهذيب التهذيب"(6/ 305 - 306) وقال: "قال العُقَيْلي: قال ابن مَعِين: كذَّابٌ خبيثٌ"
(1)
.
14 -
"التقريب" ص 354 رقم (4055) -ط دار الرشيد- وقال: "متروك كذَّبه ابن مَعِين، من الثانية"/ ق.
كما أنَّ فيه والده (زيد بن الحَوَارِي العَمِّيّ البَصْري أبو الحُوَارِي) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (374).
و(شَقِيق) هو (ابن سَلَمَة الأَسَدِي الكوفي أبو وائل): ثقة مُخَضْرَم. وستأتي ترجمته في حديث (1177).
و(عبد اللَّه) هو (ابن مسعود) رضي الله عنه.
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 253) رقم (10477)، من طريق الحسين بن حُرَيْث، عن عبد الرحيم بن زيد العَمِّيّ، عن أبيه، به.
قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 127) بعد أن عزاه له: "وفيه عبد الرحيم بن زيد العَمِّيّ وهو متروك".
(1)
أقول: لم أجد هذا القول عن ابن مَعِين في ترجمة (عبد الرحيم) في "الضعفاء" المطبوع للعُقَيْلِي.
وعزاه في "الدُّر المنثور"(8/ 223) إلى ابن عساكر، وابن مَرْدُوَيَه، وأبي نُعَيْم في "فضائل الصحابة"، عن ابن مسعود أيضًا.
وفي "مجمع الزوائد"(9/ 52): "وعن ابن عمر وابن عبَّاس في قوله تعالى {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} قال: نزلت في أبي بكر وعمر". رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه فُرَات بن السائب وهو متروك" ـ
* * *
80 -
أخبرنا هلال بن محمد الحَفَّار قال: أنبأنا أحمد بن إسحاق بن محمد بن الفضل الزيَّات قال: حدَّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد اللَّه القِبْطِيّ قال: حدَّثنا عثمان بن عبد اللَّه القُرَشيّ قال: حدَّثنا غُنَيْم بن سالم -من ولد عليّ بن أبي طالب- قال:
سمعت عليّ بن أبي طالب يقول: ما صَلَّيْتُ خَلْفَ خَلْقٍ أَخَفَّ صلاةً من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في تَمَامٍ.
(1/ 310) في ترجمة (محمد بن أحمد بن عبد اللَّه القِبْطِيّ أبو بكر).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. والحديث صحيح من طرق أخرى.
ففي إسناده (غُنَيْم بن سالم) وقد ترجم له في:
1 -
"المجروحين"(2/ 202 - 203) وقال: "شيخ يروي عن أنس بن مالك العجائب، روى عنه المجاهيل والضعفاء، لا يعجبني الرواية عنه، فكيف الاحتجاج به، وكيف يجوز الاحتجاج بمن خالف الثقات في الروايات، ثم لا يوجد من دونه أحد من الأثبات". وذكر أنه روي عن أنس نسخةً موضوعةً لا يحلُّ ذكرها في الكتب فكيف الاحتجاج بها.
2 -
"الميزان"(3/ 336 - 337) ونقل قول ابن حِبَّان السابق، وقال:"الظَّاهر أن هذا هو يَغْنُم بن سالم أحد المشهورين بالكذب، وإنما صغّره بعضهم".
ـ
3 -
"اللسان"(4/ 420 - 421) ورجَّحَ الحافظ ابن حَجَر فيه أنَّه هو (يَغْنُم بن سالم).
وستأتي ترجمة (يَغْنُم بن سالم بن قَنْبَر) في حديث (559).
كما أنَّ فيه (عثمان بن عبد اللَّه بن عمرو القُرَشِي الأُمَوي) وهو مُتَّهَم. وستأتي ترجمته في حديث (970).
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد القِبْطِيّ أبو بكر) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
التخريج:
لم يروه غير الخطيب فيما وقفت عليه.
وقد عزاه في "كنز العُمَّال"(8/ 269) رقم (22865) إلى الخطيب وحده.
وقد ورد الحديث عن عدد من الصحابة. انظر: "المصنَّف" لابن أبي شَيْبَة (2/ 54 - 58)، و"المصنَّف" لعبد الرزاق (2/ 363 - 364)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (3/ 114 - 115)، و"جامع الأصول"(4/ 592)، و"نصب الراية"(2/ 29)، و"مجمع الزوائد"(2/ 70 - 71).
ومن ذلك ما رواه البخاري في الصلاة، باب من أخفَّ الصلاة عند بكاء الصبي (2/ 201 - 202) رقم (708)، ومسلم في الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام (1/ 344) رقم (473)، وغيرهما، عن أنس بن مالك قال:"ما صَلَّيْتُ وراءَ إمامٍ قَطُّ أَخَفَّ صلاةً ولا أتَمَّ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم. . .".
* * *
81 -
أخبرنا أبو عبد اللَّه الحسين بن جعفر بن محمد السَّلَمَاسِيّ، وأبو الحسن أحمد بن أبي جعفر القَطِيْعيّ، قالا: أنبأنا عليّ بن عمر الحَرْبي قال: نبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد اللَّه بن محمد بن سليمان بن أبي داود
الحَرَّاني -واسم أبي داود: سالم مولى عبد الملك بن مروان. سنة ثمان وثلثمائة قدم علينا للحَجِّ- قال: نبأنا عَمِّي سليمان بن عبد اللَّه قال: حدَّثني جَدِّي، عن أبيه، عن عبد الكريم، عن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه،
عن جَدِّه عبد اللَّه بن عمرو، أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن الرجل يجامع ولا يُنْزِل؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إذا التقى الخِتَانَانِ وَجَبَ الغُسْلُ".
ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لمن عنده: "أيّ المؤمنين أفضل؟ " قال بعضهم: المؤمن الغني الذي يُعْطَى فيتصدق. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ليس كذلك، ولكنَّ أَفْضَلَ المؤمنينَ إيمانًا الذي إذا سُئِلَ أَعْطَى
(1)
، وإذا لم يُعْطَ اسْتَغْنَى".
(1/ 310 - 311) في ترجمة (محمد بن أحمد بن عبد اللَّه الحَرَّاني أبو جعفر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. والشطر الأوَّل من الحديث: "إذا التقى الخِتَانَانِ وَجَبَ الغُسْلُ" قد صَحَّ من طرق أخرى.
ففي إسناده (سليمان بن أبي داود الحَرَّاني الجَزَري -يعرف بـ (بُومة) -) وهو ضعيف الحديث جدًّا. وستأتي ترجمته في حديث (1494).
(1)
هكذا في المطبوع: "إذا سُئِلَ أَعْطَى". وهو موافق لما في "الجامع الكبير"(1/ 131) معزوًا للخطيب. وفي "الجامع الصغير"(2/ 49) بشرح "فيض القدير"، و"الفتح الكبير" (1/ 213):"إذا سَأَلَ أُعْطِيَ" معزوًا للخطيب أيضًا. قال العلّامة المُنَاوي في "فيض القدير": " (الذي إذا سأل): بالبناء للفاعل. (أُعْطِيَ): بالبناء للمفعول. أي أعطاه النَّاس ما طلبه بيسر وسهولة محبة له واعتقادًا فيه. هذا هو المتبادر. وأمَّا ما في نسخ من بناء (سئل) للمفعول و (أَعْطَى) للفاعل، فلا يلائم ما بعده، لأنَّ المحدث بالأفضلية واحد، وعلى النسخ الثانية يصير اثنين".
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد الحَرَّاني أبو جعفر) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
و(عبد الكريم) هو (ابن مالك الجَزَري أبو سعيد): ثقة مأمون كثير الحديث، خَرَّج له الستة، وتوفي عام (127 هـ). انظر ترجمته في:"تهذيب الكمال"(2/ 848) -مخطوط-، و"التهذيب"(6/ 373 - 375)، و"التقريب"(1/ 516).
التخريج:
روى الشطر الأوَّل منه: "إذا التقى الخِتَانَانِ وَجَبَ الغُسْلُ" عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا: أحمد في "المسند"(2/ 178)، وابن أبي شَيْبَة في "مصنَّفه"(1/ 89)، وعنه ابن ماجه في "سننه" في الطَّهارة، باب ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان (1/ 200) رقم (611)، من طريق أبي معاوية، عن الحجَّاج، عن عمرو بن شُعَيْب، به، بلفظ:"إذا التقى الخِتَانَانِ، وتَوَارَتِ الحَشَفَةُ، فقد وَجَبَ الغُسْلُ".
قال البُوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 82): "هذا إسناد ضعيف لضعف حجَّاج -وهو ابن أَرْطَاة- وتدليسه، وقد رواه بالعَنْعَنَة". ثم ذكر له بعض الشواهد.
أقول: (حجَّاج بن أَرْطَاة النَّخَعِيّ الكوفي) قال الحافظ ابن حَجَر عنه في "التقريب"(1/ 152): "صدوق كثير الخطأ والتدليس". وستأتي ترجمته في حديث (1013).
وفي "نصب الراية"(1/ 84 - 85) للزَّيْلَعِي، أنَّ الإِمام عبد اللَّه بن وَهْب رواه في "مسنده"، عن الحارث بن النَّبْهَان، عن محمد بن عبيد اللَّه، عن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جَدِّه عبد اللَّه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ ما يُوْجِبُ الغُسْلَ؟ فقال:""إذا التقى الخِتَانَانِ وغابت الحَشَفَةُ وَجَبَ الغُسْلُ أَنْزَلَ أو لم يُنْزِلْ".
قال الزَّيْلَعي: "وذكره عبد الحق في "أحكامه" من جهة ابن وَهْب، وكذلك الشيخ تقي الدين في "الإِمام". قال عبد الحق: وإسناده ضعيف جدًّا. . . وكأنه يشير إلى الحارث بن نَبْهَان، وأورده بهذا اللَّفظِ. . . وقد تقدَّم معنى الحديث في "الصحيحين" عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا قَعَدَ بين شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَجَهَدَهَا فقد وَجَبَ الغُسْلُ". زاد مسلم في رواية: "وإنْ لَمْ يُنْزِلْ". ولمسلم عن عائشة مرفوعًا نحوه، وفيه: "ومَسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ".". انتهى.
ورواه الطبراني في "الأوسط" -كما في "نصب الراية"(1/ 85) - عن عبد اللَّه بن محمد الصَّفَّار التُّسْتَرِيّ، حدَّثنا يحيى بن غَيْلان، حدَّثنا عبد اللَّه بن بَزِيع، عن أبي حَنِيفة، عن عمرو بن شُعَيب، عن أبيه، عن جَدِّه مرفوعًا بمثل لفظ ابن وَهْب السابق، إلَّا أنَّ عنده:"وغُيِّبَتْ" بدلًا من "غابت".
أقول: لم يتكلَّم عليه الزَّيْلَعِيُّ بشيءٍ. مع أنَّ فيه (عبد اللَّه بن بَزِيع الأنصاري قاضي تُسْتَر). وقد ترجم له ابن عدي في "الكامل"(4/ 1566 - 1567) وقال: "أحاديثه عمّن يروي عنه ليست بمحفوظة أو عامتها". وقال: "ليس هو عندي ممّن يحتجُّ به". كما ترجم له الذَّهَبِيُّ في "ميزان الاعتدال"(2/ 396) وقال: "قال الدَّارَقُطْنِيّ: لَيِّنٌ ليس بمتروك". وقال الحافظ ابن حَجَر في ترجمته من "اللسان"(3/ 263): "قال السَّاجِيُّ: ليس بحجّة، روى عنه يحيى بن غَيْلان مناكير".
كما أنَّ فيه (يحيى بن غَيْلان بن عِذَار
(1)
الرَّاسِبِيّ التُّسْتَرِيّ) لم يوثِّقه غير ابن حِبَّان حيث ذكره في "ثقاته"(9/ 267)، وقال:"مستقيم الحديث". ولذا قال الحافظ عنه في "التقريب"(2/ 355): "مقبول، من الحادية عشرة"/ تمييز.
وللحديث شواهد كثيرة صحيحة، انظرها في:"المصنَّف" لابن أبي شَيْبَة (1/ 85 - 89)، و"الناسخ والمنسوخ" لابن شاهين ص 47 - 50، و"نصب الراية"(1/ 82 - 85)، و"التلخيص الحَبِير"(1/ 134 - 135)، و"جامع
(1)
في "تهذيب الكمال"(3/ 1514) -مخطوط-، و"التهذيب" (11/ 264):"عوام".
الأصول" (7/ 268 - 273)، و"مجمع الزوائد" (1/ 266 - 267).
أمَّا الشطر الثاني: "أيّ المؤمنين أفضل. . . . ".
فإنَّه لم يروه غير الخطيب فيما وقفت عليه. وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 131) إلى الخطيب وحده. وقد ذكره بلفظ: "أفضل المؤمنين إيمانًا إذا سئل أعطى، وإذا لم يعط استغني".
كما ذكره السيوطي في "الجامع الصغير"(2/ 49) بشرح "فيض القدير" معزوًا له وحده.
وقال الشارح المُنَاوي: "كلام المصنِّف -يعني السيوطي- يُؤْذِنُ بأنَّ هذا لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه، وإلَّا لما أبعد النجعة عازيًا للخطيب. وهو ذهول، فقد خرَّجه ابن ماجه في الزهد من حديث ابن عمرو هذا، بلفظ: "أفضل المؤمنين المقلّ، إذا سأل أعطى، وإذا لم يعط استغنى".
أقول: بل هو ذهول من المُنَاوي رحمه الله. فإنَّ ابن ماجه لم يروه في "سننه"، وقد راجعت كل أحاديث كتاب الزهد في "السنن" فلم أجده، ولم أقف على من عزاه له، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
غريب الحديث:
قوله: "الخِتَانَان" قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 10): "هما موضع القَطْعِ من ذَكَرِ الغلام وفَرْجِ الجارية. ويقال لقَطْعِهِمَا: الإِعذار والخَفْضُ".
* * *
82 -
أخبرنا محمد بن أبي السرَّيّ الوكيل قال: حدَّثنا أبو عبيد اللَّه محمد بن عِمْران المَرْزُبَاني قال: حدَّثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الرحيم المؤَدِّب قال: حدَّثني عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن محمد الحاسِب قال: حدَّثني أبي قال: حدَّثني خُزَيْمَة بن خازم قال: حدَّثني أمير المؤمنين المنصور قال: حدَّثني أبي: محمد بن عليّ قال: حدَّثني أبي: عليّ بن عبد اللَّه قال:
حدَّثني أبي: عبد اللَّه بن العبَّاس قال: كنت أنا وأبي: العبَّاس بن عبد المُطَّلِب جالِسَيْنِ عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إذ دخل عليُّ بن أبي طالب فسلَّم فردَّ عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وبشَّ به وقام إليه واعتنقه وقبَّل بين عينيه وأجلسه عن يمينه. فقال العبَّاس: يا رسول اللَّه أتحبُّ هذا؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "يا عمَّ رسول اللَّه، واللَّهِ للَّه أشدُّ حُبًّا له مِنِّي، إنَّ اللَّه جَعَلَ ذُرِّيَّةَ كلِّ نبيٍّ في صُلْبِهِ، وجَعَلَ ذُرِّيَّتيْ في صُلْبِ هذا".
(1/ 316) في ترجمة (محمد بن أحمد بن عبد الرحيم المؤَدِّب أبو الحسن).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففي إسناده (محمد بن عِمْرَان بن موسى المَرْزُبَاني أبو عبيد اللَّه الكاتب الأخباري) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ بغداد"(3/ 135 - 136) وقال: "كان صاحب أخبار ورواية للآداب، وصنَّف كتبًا كثيرة في أخبار الشعراء المتقدِّمينَ والمُحْدَثِينَ على طبقاتهم، وكتبًا في الغَزَل والنوادر، وغير ذلك. وكان حسن الترتيب لما يجمعه غير أنَّ أكثر كتبه لم تكن سماعًا له، وكان يرويها إجازة، ويقول في الإِجازة: أخبرنا، ولا يبينها".
وفيه عن أبي القاسم الأَزْهَري: "كان أبو عبيد اللَّه يضع محبرته بين يديه وقِنِّينَةً فيها نبيذ، فلا يزال يكتب ويشرب". وقال: "كان معتزليًا. . . وما كان ثقة".
وفيه أنَّ أبا عبيد اللَّه بن الكاتب كان يذكر أبا عبيد اللَّه المَرْزُبَاني ذكرًا قبيحًا ويقول: "أشرفت منه على أمر عرفت به أنه كذَّاب". قال الخطيب متعقِّبًا: "ليس حال أبي عبيد اللَّه عندنا الكذب، وأكثر ما عيب به المذهب، وروايته عن إجازات الشيوخ له من غير تبيين الإجازة، فاللَّه أعلم".
وفيه عن العَتِيقيّ: "كان مذهبه التَّشَيُّع والاعتزال، وكان ثقة في الحديث".
2 -
"الميزان"(3/ 672 - 673). ونقل ما في "تاريخ بغداد" ولم يزد.
3 -
"اللسان"(5/ 326 - 327) ولم يزد عمّا في "الميزان".
4 -
"المغني"(2/ 620) وقال: "صدوق، لكنه معتزلي جَلْدٌ".
كما أنَّ فيه (عبد الرحمن بن محمد الحَاسِب)، وقد ترجم له الذَّهَبِيُّ في "ميزان الاعتدال" (2/ 586) وقال:"لا يُدْرَى من ذا، وخبره كذب". ثم ساق له الحديث المتقدِّم عن الخطيب من طريقه.
وأقرّه الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(3/ 429).
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن عبد الرحيم المؤَدِّب) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
وقال ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 210): "من فوق المَرْزُبَاني في الإسناد إلى المنصور، ما بين مجهول وبين من لا يوثق به".
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 209 - 210) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، وقال:"هذا حديث لا يصحُّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم". وأعلَّه بـ "المَرْزُبَاني".
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 165) إلى الخطيب وحده من حديث ابن عبَّاس.
وقد روي من حديث جابر بن عبد اللَّه مرفوعًا. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(3/ 35) رقم (2630)، وابن عدي في "الكامل"(7/ 2657) -في ترجمة (يحيى بن العلاء الرَّازي) - من طريق عُبَادَة بن زياد الأَسَدي، عن يحيى بن العلاء الرَّازي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، به.
وعن ابن عدي رواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 210 - 211)، وقال:"هذا لا يصحُّ. قال أحمد بن حنبل: يحيى بن العلاء: كذَّاب يضع الحديث. وكذلك قال الدَّارَقُطْنِيّ: أحاديثه موضوعات".
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 172): "رواه الطبراني وفيه يحيى بن العلاء وهو متروك".
وستأتي ترجمة (يحيى بن العلاء البَجَلي الرَّازِيّ) في حديث (2077).
* * *
83 -
أخبرنا محمد بن أحمد بن رِزْق قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن عيسي بن عَبْدَك قال: أنبأنا محمد بن أيوب قال: أنبأنا محمود بن غَيْلان قال: حدَّثنا المُؤَمَّل قال: حدَّثنا حمَّاد بن سَلَمَة قال: حدَّثنا يونس بن عُبيد، عن حُمَيْد بن هلال، عن نصر بن عاصم،
عن عُقْبَة بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "عُقُوبَةُ هذه الأُمَّةِ بالسَّيْفِ".
(1/ 317) في ترجمة (محمد بن أحمد بن عيسى بن عَبْدَك الرَّازِي أبو بكر).
مرتبة الحديث:
حسن لغيره.
ورجال إسناده كلُّهم ثقات عدا (المُؤَمَّل) وهو (ابن إسماعيل البصري أبو عبد الرحمن) فإنَّه صدوق كثير الخطأ. وستأتي ترجمته في حديث (1857).
و (محمد بن أيوب) هو (ابن الضُّرَيْس البَجَلي الرَّازِي أبو عبد اللَّه)، وقد ترجم له الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر" (13/ 449 - 453) ونَعَتَهُ بقوله:"الحافظ المحدِّث الثقة المعمَّر المصنِّف. . . صاحب كتاب: "فضائل القرآن". مولده في حدود عام مائتين". ونقل توثيقه عن ابن أبي حاتم وأبي يعلى الخليلي. وكانت وفاته سنة (294 هـ).
وللحديث شاهد من حديث أبي بُرْدَة عن رجل من المهاجرين يرتقي به.
التخريج:
لم يروه من حديث عقبة بن مالك غير الخطيب فيما وقفت عليه.
وعزاه في "الكنز"(4/ 286) رقم (10521) إلى الخطيب وحده عن عُقْبَة بن مالك.
لكن له شاهد ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 224 - 225) فقال: "وعن أبي بُرْدَة قال: خرجت من عند عبيد اللَّه بن زياد، فرأيته يعاقب عقوبة شديدة، فجلست إلى رجل من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: قال: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم" فذكره. قال الهيثمي: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح".
أقول: لم أجده في "المعجم الكبير" للطبراني المطبوع، وذلك لكون النسخة الخطية التي طبع عنها ناقصة.
وذكره ابن حَجَر في "المطالب العالية"(4/ 313) رقم (4497) عن أبي بُرْدَة عن رجل من المهاجرين مرفوعًا، وعزاه لأبي يَعْلَى. وعلَّق عليه محققه بقوله:"أخرجه أبو بكر بن أبي شَيْبَة أيضًا أطول ممَّا هنا كما في الإتحاف".
وذكره الدَّيْلَمِيُّ في "الفردوس"(3/ 54) رقم (4140) عن مَعْقِل بن يَسَار بلفظ: "عقوبة هذه الأُمَّة السيف. والسَّاعة موعدهم والسَّاعة أَدْهَى وأَمَرُّ".
أقول: حديث مَعْقِل بن يَسَار، ذكره في "المجمع" (7/ 224) فقال:"وعن مَعْقِل بن يَسَار أنَّه دخل على عبيد اللَّه بن زياد يعوده فقال له: وموعدهم السَّاعة والسَّاعة أَدْهَى وأَمَرُّ. رواه الطبراني وفيه عبد اللَّه بن عيسى الخزَّاز وهو ضعيف".
قال العلّامة المُنَاوي في "فيض القدير"(4/ 319) عقب ذكره لحديث الخطيب بلفظه معزوًا له عن عُقْبَة بن مالك، وإلى الطبراني عن رجل من الصحابة،
قال: "ظاهر صنيع المصنِّف -يعني السيوطي- أن هذا هو الحديث بتمامه، والأمر بخلافة، بل بقيته: والسَّاعة موعدهم والسَّاعة أَدْهَى وَأَمَرُّ".
أقول: هذه التتمة ليست في حديث عُقْبَة بن مالك، ولا في حديث أبي بُرْدَة عن رجل من الصحابة.
معنى الحديث:
قال العلّامة المُنَاوي في "فيض القدير"(4/ 319): "أي يقتل بعضهم بعضًا في الدُّنيا بالسيوف، فلا يُعَذَّبُونَ بخَسْفٍ ولا مَسْخٍ كما فُعِل بالأمم السابقة، رَحْمَةً من اللَّه بهم وشفقةً عليهم".
* * *
84 -
أخبرنا عبد الغفَّار بن محمد بن جعفر المُكْتِب
(1)
قال: أنبأنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشَّافِعِي قال: نبأنا محمد بن أحمد بن عمرو أبو بكر السِّجِسْتَانِيّ قال: حدَّثني مُؤَمَّل بن إهاب قال: نبأنا عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن الزُّهْرِيّ،
عن أنس قال: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "نِعْمَ الإِدَامُ الخَلُّ".
(1/ 326) في ترجمة (محمد بن أحمد بن عمرو السِّجِسْتَانِيّ أبو بكر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والحديث صحيح من طرق أخرى.
ففيه شيخ الخطيب (عبد الغفَّار بن محمد بن جعفر المُكْتِب المُؤَدِّب أبو طاهر) قال الخطيب في ترجمته في "تاريخ بغداد"(11/ 116): "كتبت عنه. وسمعت أبا عبد اللَّه الصُّوري يغمزه ويذكره بما يوجب ضعفه".
وترجم له في اللسان" (4/ 43) ونقل ما ذكره الخطيب.
(1)
وقد يُثَقَّل - (المُكَتِّب) - كما في "تبصير المنتبه"(4/ 1315). والمُكْتِبُ: المُعَلِّمُ.
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن عمرو السِّجِسْتَانِيّ) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
وبقية رجال الإسناد حديثهم حسن.
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(1/ 55)، و"المعجم الأوسط"(3/ 120 - 121) رقم (2248)، من طريق أيوب بن سليمان الحَبَطي، حدَّثنا زكريا بن حَكِيم
(1)
الحَبَطي، عن الشَّعْبِيّ، عن أنس مرفوعًا، به.
وقال في "الصغير": "لم يروه عن الشَّعْبِيّ إلَّا زكريا بن حكيم".
أقول: إسناده تالف. فإنَّ فيه (زكريا بن حَكِيم البَدِّي الحَبَطي الكوفي أبو يحيى) وهو ضعيف جدًّا. وقال عليّ بن المَدِيني: "هالك". وستأتي ترجمته في حديث (1304).
ورواه ابن عدي في "الكامل"(3/ 1154) في ترجمة (سلَّام بن أبي مطيع البَصْري)، من طريق عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة، حَدَّثنا سلَّام بن أبي مطيع، عن قَتَادة، عن أنس، به. وقال:"لا أعلمه رواه عن قَتَادة غير سلَّام".
أقول: إسناده أسوأ من الذي قبله، فإنَّ فيه (عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة البَاهِلي) وهو كذَّاب. وستأتي ترجمته في حديث (1603).
كما أنَّ فيه (سلَّام بن أبي مطيع الخُزَاعي البَصْري) وهو ثقة إلَّا أن حديثه عن قَتَادة بخصوصه ليس بمستقيم كما قال ابن عدي. وستأتي ترجمته في حديث (706).
ورواه الخطيب في "تاريخه"(1/ 340)، من طريق جُبَارة بن المُغَلِّس، عن كَثير بن سُلَيْم، عن أنس، به.
(1)
في "المعجم الصغير": "حكم". والتصويب من "المعجم الأوسط"(3/ 120)، و"تاريخ ابن معين"(2/ 173)، و"الجرح"(3/ 596)، وغيرها.
أقول: وهو إسناد ضعيف أيضًا. ففيه (كَثير بن سُلَيْم الضَّبِّيّ المَدَائني) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (367).
كما أنَّ فيه (جُبَارة بن المُغَلِّس الحِمَّاني الكوفي) وهو ضعيف أيضًا. وستأتي ترجمته في حديث (327).
وقد عزا السيوطي في "الجامع الكبير"(1/ 854) حديث أنس إلى أبي عَوَانة، والحكيم التِّرْمِذِيّ فقط. وفيه قصور لما تقدَّم من تخريج الطبراني وابن عدي له.
أقول: والحديث رواه عدد من الصحابة، انظر مروياتهم في:"المصنِّف" لابن أبي شَيْبَة (8/ 148 - 149)، و"المستدرك" للحاكم (4/ 54)، و"جامع الأصول"(4/ 469 - 471)، و"المقاصد الحسنة" للسَّخَاوي ص 447 وقال:"وأفرد بعض الحُفَّاظ طرقه"، و"الترغيب والترهيب"(3/ 131).
ومن ذلك ما رواه مسلم في الأشربة، باب فضيلة الخلّ والتأدم به (3/ 1622) رقم (2052)، وأبو داود في الأطعمة، باب في الخلّ (4/ 169 - 170) رقم (3820 و 3821)، والتِّرْمِذِيّ في الأطعمة، باب ما جاء في الخل (3/ 278) رقم (1839)، والنَّسَائي في الأيمان، باب إذا حلف أن لا يأتدم فأكل خبزًا بخل (7/ 14)، وابن ماجه في الأطعمة، باب الائتدام بالخل (2/ 1102) رقم (3317)، عن جابر بن عبد اللَّه مرفوعًا به.
غريب الحديث:
قوله: "الإِدَام" قال في "النهاية"(1/ 31): "الإِدَامُ بالكسر، والأُدْمُ بالضم: ما يُؤْكَلُ مع الخُبْزِ أيّ شيء كان".
* * *
85 -
أخبرنا أبو الحسن محمد بن طلحة بن محمد النِّعَاليّ قال: حدَّثنا محمد بن أحمد بن عُمَيْر أبو بكر البُخَاري -قَدِمَ علينا- قال: حدَّثنا أبو جعفر
محمد بن سعيد قال: حدَّثنا حَمْدَان بن ذي النُّون البَلْخي قال: حدَّثنا إبراهيم بن سليمان الزيَّات قال: حدَّثنا عبد الحكم،
عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ من مَكَارِمِ الأخلاق عند اللَّه". قيل: وما هنّ يا رسول اللَّه؟ قال: "أَنْ تَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وَتَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ".
(1/ 329) في ترجمة (محمد بن أحمد بن عُمَيْر البُخَاري أبو بكر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. وقد روي من حديث عقبة بن عامر بإسناد صحيح دون قوله: "ثلاث من مكارم الأخلاق عند اللَّه".
ففيه (عبد الحكم بن عبد اللَّه القَسْمَلي) الراوي عن أنس، وهو ضعيف جدًّا. روى عن أنس نسخة منكرة لا شيء. وستأتي ترجمته في حديث (220).
كما أنَّ فيه (إبراهيم بن سليمان الزيَّات البَلْخي أبو إسحاق) وقد ضُعِّفَ. وستأتي ترجمته في حديث (220).
كما أنَّ فيه (حَمْدَان بن ذي النُّون بن مَخْلَد بن عبد الوهاب البَلْخي) لم يوثِّقه غير ابن حبَّان، فقد ذكره في "ثقاته" (8/ 220) وقال:"مستقيم الحديث يُغْرِبُ".
وذكره ابن حَجَر في اللسان" (2/ 356) -وهو من زياداته على "الميزان"- ولم يذكر فيه سوى قول ابن حِبَّان السابق.
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن عُمَيْر البُخَاري) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
التخريج:
رواه ابن عدي في "الكامل"(5/ 1971) في ترجمة (عبد الحكم بن عبد اللَّه القَسْمَلِي)، من طريق عمرو بن منصور، عن عبد الحكم، عن أنس مرفوعًا بلفظ:
"إنَّ من مكارم الأخلاق أن تعفو عمَّن ظلمك، وتصل من قطعك، وتعطي من حرمك".
وللحديث شواهد عِدَّة جلُّها معلولة، انظرها في:"المصنِّف" لابن أبي شَيْبَة (14/ 43)، و"الزُّهد" لوكيع بن الجرَّاح (4/ 718 - 720)، و"الزُّهْد" لهنَّاد بن السَّرِيّ (2/ 493 - 494)، و"مكارم الأخلاق" لابن أبي الدُّنيا ص 5 - 6، و"مجمع الزوائد"(8/ 188 - 189)، و"الترغيب والترهيب"(3/ 341 - 342).
ومن هذه الشواهد ما رواه أحمد في "المسند"(4/ 158) -مطوَّلًا-، وهنَّاد بن السَّرِيّ في "الزهد"(2/ 493) رقم (1014)، وابن أبي الدُّنيا في "مكارم الأخلاق" ص 5، من طريق إسماعيل بن عيَّاش، عن أَسِيد بن عبد الرحمن الخَثْعَمِيّ، عن فَرْوة بن مجاهد اللَّخْمِيّ، عن عقبة بن عامر قال: لقيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عُقْبَةُ بن عامر! صِلْ من قَطَعَكَ. . . " وذكر الحديث.
أقول: وإسناده صحيح إن شاء اللَّه. وإليه أشار الهيثمي في "المجمع"(8/ 188)، ومن قبله المُنذري في "الترغيب والترهيب" (3/ 342) بقولهما:"رُوَاةُ أحد إسنادَيْ أحمد ثقات".
* * *
86 -
أخبرنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبد اللَّه بن حَسْنُوْيَه الكاتب بأصبهان قال: حدَّثنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن سالم الحافظ قال: حدَّثني أبو بكر محمد بن أحمد بن الفرج البغدادي -بالأُبُلَّة- قال: حدَّثنا سفيان بن محمد المِصِّيْصِيّ قال: حدَّثنا هُشَيم بن بَشِير، عن يونس بن عُبَيْد، عن الحسن، عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مِنْ كرامتي أنِّي وُلِدْتُ مَخْتُونًا، ولم ير أحدٌ سَوْأَتِي".
(1/ 329) في ترجمة (محمد بن أحمد بن الفرج أبو بكر).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. وقد روي من طرق عِدَّة، وكلُّها معلولة.
ففيه (سفيان بن محمد الفَزَارِيّ المِصِّيْصِيّ) وقد ترجم له في:
1 -
"الجرح والتعديل"(4/ 231) وقال: "سمع منه أبي وأبو زُرْعَة وتركاحديثه". وقال أبو حاتم: "هو ضعيف الحديث، كتبت عنه ولا أحدِّث عنه".
2 -
"المجروحين"(1/ 358) وقال: "يقلب الأخبار، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به".
3 -
"الكامل"(3/ 1255 - 1256) وقال: "يسرق الحديث ويسوِّي الأسانيد". وقال: "في أحاديثه موضوعات وسرقات يسرقها من قوم ثقات، وفي أسانيد ما يرويه تبديل قوم بدل قوم، واتصال الأسانيد، وسرقات يسرقها، وهو بيِّن الضَّعف".
4 -
"سؤالات السُّلَمِيّ للدَّارَقُطْنِيّ" ص 192 رقم (146) وقال: "لا شيء".
5 -
"تاريخ بغداد"(9/ 185 - 186) وفيه عن أبي عليّ صالح جَزَرة: "ليس بشيء". وقال الدَّارَقُطْنِيّ: "كان ضعيفًا سيء الحال في الحديث".
6 -
"اللسان"(3/ 54 - 55) وفيه عن الحاكم: "روي عن ابن وَهْب وابن عُيَيْنَة أحاديث موضوعة".
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن الفرج البغدادي أبو بكر) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
كما أنَّ فيه (هُشَيْم بن بَشِير) وهو "ثقة ثَبْتٌ كثير التدليس والإِرسال الخفي"
كما قال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب"(2/ 320). وقد عَنْعَنَ في الإسناد ولم يصرِّح بالسماع.
و(الحسن) هو (ابن أبي الحسن يَسَار البَصْري أبو سعيد): الإِمام التابعي الثقة المشهور، وكان يرسل كثيرًا ويدلس. خرَّج له الستة، وكانت وفاته سنة (110 هـ) وقد قارب التسعين. انظر ترجمته في:"سِيَر أعلام النبلاء"(4/ 563 - 588)، و"تهذيب الكمال"(6/ 95 - 127)، و"تهذيب التهذيب"(2/ 263 - 270)، و"التقريب"(1/ 165).
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 59)، و"المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" للهيثمي (6/ 126) رقم (3484) -، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 537 - 538) -مخطوط-، وابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 165 - 166) -عن الخطيب-، من طريق سفيان بن محمد المِصِّيْصِيّ، عن هُشَيْم بن بَشِير، به.
قال الطبراني: "لم يروه عن يونس إلَّا هُشَيْم. تفرَّد به سفيان بن محمد الفَزَاري".
وقال الخطيب عقب روايته له: "لم يروه فيما يقال عن يونس غير هُشَيْم، وتفرَّد به سفيان بن محمد".
أقول: قولهما بتفرد (سفيان بن محمد الفَزَاري) به عن (هُشَيْم)، موضع نظر كما سيأتي.
وقال ابن الجَوْزي بعد إعلاله له بـ (سفيان)، وَذِكْرِ بعض أقوال النُّقَّاد فيه:"ولا شكَّ أنَّه وُلِدَ مَخْتُونًا، غير أنَّ هذا الحديث لا يصحُّ عنه".
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 224): "رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، وفيه سفيان بن الفَزَاري وهو مُتَّهَمٌ به".
أقول: لكن (سفيان بن محمد الفَزَاري المِصِّيْصي) لم يتفرَّد به، فقد تابعه في روايته له عن (هُشَيْم):(الحسن بن عَرَفَة) -وهو صدوق كما في "التقريب"(1/ 168). وانظر: التهذيب" (2/ 293 - 294) -، رواه عنه أبو نُعَيْم في "دلائل النبوة" (1/ 191 - 192) رقم (91)، و"الحِلْيَة" (3/ 34)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (1/ 538) -مخطوط-، والضياء المَقْدِسي في "المُخْتَارة" (5/ 232 - 233) رقم (1864).
لكن لا قيمة لهذه المتابعة، لأنَّ أبا نُعَيْم والضياء إنَّما يرويانه من طريق نوح بن محمد الأَيْلي
(1)
، عن الحسن بن عَرَفَة، عن هُشَيْم، به.
و(نوح) هذا، ترجم له الذَّهَبِيُّ في "الميزان" (4/ 279) وقال:"روي عن الحسن بن عَرَفَة حديثًا شبه موضوع". وهو حديثنا هذا، حيث ساقه الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(6/ 174 - 175) عقب، كلام الذَّهَبِيِّ السابق، وقال:"كلُّهم ثقات -يعني رواته- إلَّا نوح، فلم أر من وثَّقه. وقد روي هذا الحديث الحافظ ضياء الدين في "المُخْتَارَة" من هذا الوجه، ومقتضاه على طريقته أنَّه حديث حسن"! ! .
وقد توبع (نوح بن محمد الأَيْلي) في روايته له عن الحسن بن عَرَفَة، فقد رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 538) -مخطوط-، من طريق أبي بكر أحمد بن محمد الأَنْمَاطي، أنبأنا أبو الفضل محمد بن عبد اللَّه المرجاني، ونوح بن محمد بن نوح، قالا: أنبأنا ابن عَرَفَة، عن هُشَيْم، به.
ولم أقف فيما رجعت إليه على من ترجم لـ (أبي الفضل محمد بن عبد اللَّه المرجاني)، وقد قال ابن عساكر عقبه: "هذا إسناد فيه بعض من يجهل حاله وقد
(1)
تَصَحَّفَ في "المختارة" إلى "الأُبُلّي"، والتصويب من "دلائل النبوة" لأبي نُعَيْم (1/ 191)، و"الحِلْية"(3/ 24)، و"الميزان"(4/ 279)، و"اللسان"(6/ 174). والعجيب أن محقق "المختارة" قد عاد إلى "الميزان" و"اللسان" وأثبت ترجمته منهما! .
سرقه ابن الجارود وهو كذَّاب فرواه عن الحسن بن عَرَفَة".
ثم رواه عقبه (1/ 538) -مخطوط-، من طريق أبي عمر محمد بن الحسين البَسْطامي، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن الجارود الرَّقِّي، أنبأنا الحسن بن عَرَفَة، أنبأنا هُشَيْم، به.
ومع هذا الذي تقدَّم نجد أنَّ الضياء المَقْدِسي يصححه كما نقله عنه السيوطي في "الخصائص"(1/ 53)، ومحمد بن يوسف الصالحي الشامي في "سبل الهدي والرشاد" -والمعروف باسم "السيرة الشَّامية"(1/ 420) -.
كما ذكر الإِمام محمد بن يوسف الصالحي الشَّامي في كتابه السابق (1/ 420)، عن الحافظ مُغْلْطَاي أنَّه قال في كتابه "الزَّهْر"
(1)
: "سنده جيِّد"! ! .
وذكر عنه أيضًا أنَّه قال في كتابه "دلائل النبوة" عن حديث أنس من طريق أبي نُعَيْم المتقدِّم: "سنده جيِّد"! ! .
أقول: وللحديث شواهد من حديث العبَّاس بن عبد المُطَّلِب، وابن عبَّاس، وأبي هريرة، وعبد اللَّه بن عمر.
أمَّا حديث العبَّاس بن عبد المُطَّلِب رضي الله عنه:
فقد رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(1/ 103)، وأبو نُعَيْم في "دلائل النبوة"(1/ 192) رقم (92)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(1/ 114)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 403 و 537) -مخطوط-، من طريق يونس بن عطاء الصُّدَائي المَكِّي، عن الحكم بن أَبَان العَدَني، عن عِكْرِمة، عن ابن عبَّاس، عن أبيه العبَّاس قال: "وُلِدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَخْتُونًا مَسْرورًا
(2)
. قال: وأعجب ذلك عبد المُطَّلِب وحظي عنده، وقال: ليكوننَّ لابني هذا شأن، فكان له شأن".
(1)
اسم الكتاب بتمامه: "الزَّهْرُ الباسم في سيرة المصطفى أبي القاسم" كما في الرسالة المستطرفة، للكَتَّاني ص 197.
(2)
أي مقطوع السُّنَّة من بطن أُمِّه. انظر "النهاية"(2/ 359).
لكن البيهقي وابن عساكر في الموضع الأوَّل، ذكرا (عثمان بن ربيعة الصُّدَائي) بين (يونس بن عطاء) و (الحكم بن أَبَان).
قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"(2/ 265): هذا الحديث في صحته نظر".
أقول: في إسناده (يونس بن عطاء الصُّدَائي المَكِّي) وهو ضعيف جدًّا. وقال الحاكم وأبو سعيد النقَّاش وأبو نُعَيْم: "روي عن حُمَيْد الطويل الموضوعات". وقال ابن حِبَّان: "يروي العجائب، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد". وستأتي ترجمته في حديث (334).
والعجيب أنَّ الحافظ مُغْلْطَاي في كتابه "دلائل النبوة" قد حسَّن إسناد ابن سعد المتقدِّم، كما في "سبل الهُدَى والرشاد"(1/ 420).
أمَّا حديث عبد اللَّه بن عبَّاس رضي الله عنهما:
فقد رواه ابن عدي في "الكامل"(2/ 577) -في ترجمة (جعفر بن عبد الواحد الهاشمي) -، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 537) -مخطوط-، من طريق جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، عن صفوان بن هُبَيْرة، ومحمد بن بكر البُرْسَاني، عن ابن جُرَيْح، عن عطاء، عن ابن عبَّاس قال:"وُلِدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَسْرُورًا مَخْتُونًا".
قال ابن عدي: هذا حديث باطل.
أقول: في إسناده (جعفر بن عبد الواحد الهاشمي العبَّاسي) وهو متَّهم. وستأتي ترجمته في حديث (1025).
وأمّا حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
فقد رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 537) -مخطوط-، من طريق محمد بن كثير الكوفي، أنبأنا إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن أبي هريرة:"أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ولد مَخْتُونًا".
أقول: في إسناده (إسماعيل بن مسلم المَكِّي أبو إسحاق قال الذَّهَبِيُّ عنه في "المغني" (1/ 87): "ساقط الحديث متروك قاله النَّسَائي". وقال ابن حَجَر في "التقريب"(1/ 74): "ضعيف الحديث". وستأتي ترجمته في حديث (362).
وأمَّا حديث عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما:
فقد رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 538) -مخطوط-، من طريق عبد الرحمن بن أيوب الحِمْصِيّ، أنبأنا موسى بن أبي موسى المَقْدِسيّ، حدَّثني خالد بن سَلَمَة، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "وُلِدْتُ مَخْتُونًا مَسْرُورًا".
أقول: في إسناده (موسى بن أبي موسى المَقْدِسي)، ويغلب عندي أنَّه (موسى بن محمد بن عطاء المَقْدِسي الدِّمْيَاطي البَلْقَاوي أبو الطاهر) ترجم له في "الميزان" (4/ 219 - 220) وقال:"أحد التَّلْفَى. روى عن مالك وشَرِيك. . . كذَّبه أبو زُرْعَة، وأبو حاتم. وقال النَّسَائي: ليس بثقة. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ وغيره: متروك".
وإن لم يكن هو، فإنِّي لم أعرفه، واللَّهُ تعالى أعلم.
و(عبد الرحمن بن أيوب الحِمْصِي) لم أقف على من ترجم له.
وقد قال الإِمام الحاكم في "المستدرك"(2/ 602): "وقد تواترت الأخبار أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وُلِدَ مَخْتُونًا مَسْرُورًا".
وتعقَّبه الإِمام الذَّهَبِيُّ بقوله: "ما أعلم صحة ذلك، فكيف يكون متواترًا"! ! .
وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"(2/ 265): "وقد ادَّعى بعضهم صحته لما ورد له من الطرق حتَّى زعم بعضهم أنَّه متواتر. وفي هذا كلِّه نظر".
وقال الإِمام ابن رجب الحنبلي في "مجالس في سيرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم" ص 64: "واختلفت الروايات، هل وُلِدَ مَخْتُونًا؟ فروي أنَّه ولد مَخْتُونًا مَسْرُورًا، ويعني مقطوع السُّرَّة، حتَّى قال الحاكم: تواترت الروايات بذلك. وروي أنَّ جَدِّه خَتَنَه. وتوقف الإِمام أحمد في ذلك. قال المَرْوَزِيّ: سئل أبو عبد اللَّه -يعني أحمد بن حنبل-: هل وُلِدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَخْتُونًا؟ قال: اللَّهُ أعلم، ثم قال: لا أدري. قال أبو بكر عبد العزيز بن جعفر من أصحابنا: قد روي أنَّه صلى الله عليه وسلم وُلِدَ مَخْتُونًا مَسْرُورًا. ولم يجترئ أبو عبد اللَّه على تصحيح هذا الحديث".
وقال الإِمام ابن قَيِّم الجَوْزية في "زاد المَعَاد"(1/ 81): "وقد اخْتُلِفَ فيه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنَّه وُلِدَ مَخْتُونًا مَسْرُورًا، وروي في ذلك حديث لا يصحُّ، ذكره أبو الفرج بن الجَوْزي في "الموضوعات"
(1)
، وليس فيه حديث ثابت، وليس هذا من خواصه، فإنَّ كثيرًا من النَّاس يولد مَخْتُونًا؟
(2)
. . .
القول الثاني: أنَّه خُتِنَ صلى الله عليه وسلم يوم شَقَّ قلبه الملائكة عند ظِئْره حَلِيمة.
القول الثالث: أنَّ جَدَّهُ عبد المُطَّلِب خَتَنَهُ يوم سابعه، وصنع له مأدُبةً وسمَّاه محمَّدًا".
أقول: خبر خَتْنِ جبريل للنبيِّ صلى الله عليه وسلم حين شقّ قلبه، رواه
(1)
أقول: لم أقف عليه في "الموضوعات" المطبوع له. فلعله عَنَى "العلل المتناهية" فإنَّه: أخرجه فيه كما تقدَّم، واللَّه أعلم.
(2)
أقول: قد عقد ابن الجَوْزي في كتابه "تلقيح فهوم أهل الأثر" ص 6 فصلًا بعنوان: "أسماءُ مَنْ خُلِقَ مِنَ الأنبياء مَخْتُونًا"، وذكر منهم: آدم ونوحًا ويوسف وموسى صلوات ربِّي وسلامه عليهم، وغيرهم. فانظره إن شئت.
أبو نُعَيْم في "دلائل النبوة"(1/ 193) رقم (93)، والطبراني في "المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين"(6/ 126 - 127) رقم (3485) -، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 537) -مخطوط-، من طريق عبد الرحمن بن عُيَيْنَة البَصْري قال: حدَّثنا عليّ بن محمد السُّلَمي المَدَائني قال: حدَّثنا سَلَمَة بن مُحَارِب بن سَلْم بن زياد، عن أبيه، عن أبي بَكْرَة:"أنَّ جبريل خَتَنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حين طَهَّرَ قلبه".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 224): "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبد الرحمن بن عُيَيْنَة، وسَلَمَة بن مُحَارِب ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات".
وقال الذَّهَبِيُّ في "تاريخ الإسلام" -السيرة النبوية- ص 28: "هذا منكر".
وقال ابن كثير في "البداية والنهاية"(2/ 265): "هذا غريب جدًّا".
وقال الإِمام محمد بن يوسف الصَّالِحِي الدِّمَشْقِي في "سبل الهدى والرشاد"(1/ 420): "وقيل: إنَّ جبريل خَتَنَهُ صلى الله عليه وسلم حين شَقَّ صدره. رواه الخطيب عن أبي بَكْرَة موقوفًا. ولا يصحُّ سنده".
أمَّا خبر خَتْنِ جَدِّه عبد المُطَّلِب له يوم سابعه:
فقد رواه ابن عبد البَرِّ كما في "زَادِ المعاد"(1/ 82)، حيث ينقل عنه ابن القَيِّم قوله:"وفي هذا الباب حديث مسند غريب حدَّثناه أحمد بن محمد بن أحمد، حدَّثنا محمد بن عيسى، حدَّثنا يحيى بن أيوب العَلَّاف، حدَّثنا محمد بن أبي السَّرِيّ العَسْقَلَاني، حدَّثنا الوليد بن مُسْلِم، عن شعيب، عن عطاء الخُرَاسَانِي، عن عِكْرِمة، عن ابن عبَّاس: "أنَّ عبد المُطَّلِب خَتَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يوم سابعه، وجعل له مأدُبة، وسمَّاه محمَّدًا صلى الله عليه وسلم".
قال يحيى بن أيوب: طلبت هذا الحديث فلم أجده عند أحدِ من أهل الحديث ممن لقيته إلَّا عند ابن أبي السَّرِيّ" انتهى.
أقول: في إسناده (محمد بن أبي السَّرِيّ العسقلاني الهاشمي) قال عنه
أبو حاتم: "ليِّن الحديث". وقال ابن عدي: "كثير الغلط". وقال ابن حَجَر: "صدوق عارف له أوهام كثيرة". وستأتي ترجمته في حديث (382).
كما أنَّ فيه (الوليد بن مُسْلِم) وهو من أكثر الرواة تدليسًا فاحشًا، وقد عَنْعَنَ ولم يصرِّح بالسماع.
وقد نقل الإِمام محمد بن يوسف الصَّالِحِي الشَّامي في "سبل الهدى والرشاد"(1/ 420) عن الحافظ أبي الفضل العِرَاقي قوله في هذا الخبر: "وسنده غير صحيح".
وقال الإِمام الصَّالحي الشَّامي في كتابه المذكور (1/ 420 - 421): "وقد جَزَمَ بأنَّه صلى الله عليه وسلم وُلِدَ مَخْتُونًا، جماعة من العلماء منهم: هشام بن محمد بن السَّائب في كتاب "الجامع"، وابن حبيب في "المُحَبَّر"، وابن دُرَيْد في "الوشاح"، وابن الجَوْزي في "العلل" و"التلقيح".".
ثم نقل قول الحاكم السابق وتعقُّب الذَّهَبِيّ له، وقال:"وأجيب باحتمال أن يكون أراد بتواتر الأخبار اشتهارها وكثرتها في السِّيَر، لا من طريق السند المصطلح عليه عند أئمة الحديث".
وقال بعد أن ذكر القول الثاني والثالث: قال الحافظ قطب الدين الخَيْضَري رحمه اللَّه تعالى في "الخصائص": وأرجحها عندي الأوَّل -يعني أنَّه وُلِدَ مَخْتُونًا مَسْرُورًا-، وأدلته مع ضعفها أمثل من أدلَّة غيره. قلت -القائل محمد بن يوسف الصَّالحي الشَّامي-: قد قدَّمنا أنَّ له طريقًا جيدة صحَّحها الحافظ الضياء. وقد قال الزَّرْكَشِيّ: إنَّ تصحيح الضياء أعلى مرتبةً من تصحيح الحاكم".
أقول: هذا الذي ذكره الإِمام الصَّالحي من أنَّ له طريقًا جيدة صحَّحها الضياء، مدفوع بما تقدَّم، ويرجح عندي قول من قال بعدم ثبوته. واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
87 -
أخبرني أبو القاسم الأَزْهَري قال: حدَّثنا عليّ بن عمر الخُتُّلِيّ قال: حدَّثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن فَضَالة المَرْوَزِيّ قال: حدَّثنا أحمد بن عليّ بن سلمان المَرْوَزِيّ قال: حدَّثنا محمد بن عَبْدَة قال: حدَّثنا خَارِجة، عن أيوب، عن نافع،
عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من كان له إمامٌ فقراءةُ الإِمامِ له قِرَاءةٌ".
(1/ 337) في ترجمة (محمد بن أحمد بن محمد بن فَضَالة المَرْوَزِيّ أبو جعفر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. وقد روي مَتْنُهُ من طرق كثيرة عن عدد من الصحابة لا تخلو من ضعف، يعضِّد بعضها بعضًا، ويكون بها حسنًا.
ففيه (خَارِجة) وهو (ابن مصعب بن خَارِجة الضُّبَعِي السَّرْخَسِيّ الخُرَاسَانِيّ أبو الحجَّاج) وهو متروك، وكان يدلِّس عن جماعة من الكذَّابين مثل غياث بن إبراهيم وغيره فكثرت المناكير في حديثه. وستأتي ترجمته في حديث (1964).
وفيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد المَرْوَزِيّ أبو جعفر) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
و (أيوب) هو (ابن كَيْسَان السَّخْتِيَاني البَصْري أبو بكر): إمام ثقة ثبت. وستأتي ترجمته في حديث (1256).
وشيخ الخطيب (أبو القاسم الأَزْهَرِي) هو (عبيد اللَّه بن أحمد بن عثمان الصَّيْرَفِيّ): ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (676).
التخريج:
حديث عبد اللَّه بن عمر روي عنه من طرق:
الأوَّل: من طريق خَارِجة بن مصعب، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا.
رواه الدَّارَقُطْنِيُّ في "سننه"(1/ 402)، والبيهقي في "القراءة خلف الإِمام" ص 179 و 180 رقم (390 و 391).
قال الدَّارَقُطْنِيُّ عقبه: "رَفْعُهُ وَهَمٌ، والصَّواب عن أيوب وعن ابن عُلَيَّة أيضًا". أي وقفه على ابن عمر. حيث رواه عقب قوله هذا من طريق إسماعيل بن عُلَيَّة، حدَّثنا أيوب، عن نافع وأنس بن سيرين أنهما حدَّثا عن ابن عمر أنَّه قال في القراءة خلف الإِمام: تكفيك قراءة الإِمام.
وقال البيهقي عقبه نقلًا عن أبي عبد اللَّه الحاكم: "ليس لرفعه أصل من حديث ابن عمر، ولا من حديث نافع، ولا من حديث أيوب السَّخْتِيَاني بوجه".
ونقل البيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 161) عن الإِمام عَبْدَان بن محمد الحافظ المَرْوَزِيّ
(1)
قوله: "حديث خَارِجة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "من كان له إمام" غلط، وإنما هو عن ابن عمر من قوله. على أنَّه قد روي عن ابن عمر خلافه".
الثاني: من طريق محمد بن الفضل بن عطيّة، عن أبيه، عن سالم بن عبد اللَّه، عن عبد اللَّه بن عمر مرفوعًا.
رواه الدَّارَقُطْنِيُّ في "سننه"(1/ 402)، وعنه البيهقي في "القراءة خلف الإِمام" ص 185 رقم (403).
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: "محمد بن الفضل متروك".
الثالث: من طريق سُوَيد بن نصر، عن أبي عِصْمة نوح بن أبي مَرْيَم، عن الفضل بن عطيّة، عن سالم، عن ابن عمر مرفوعًا.
(1)
في "القراءة خلف الإِمام" للبيهقي ص 180: "عبد اللَّه بن محمد الحافظ".
رواه البيهقي في "القراءة خلف الإِمام" ص 184 رقم (401 و 402)، وروى عن أبي عليّ الحافظ قوله:"هذا كذب باطل وأبو عِصْمة نوح بن أبي مريم كذَّاب".
الرابع: من طريق سُوَيْد بن سعيد، عن عليّ بن مُسْهِر، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا.
رواه البيهقي في "القراءة خلف الإِمام" ص 181 رقم (393)، وروى عن أبي عبد الرحمن التَّمِيمي قوله:"أستخير اللَّه تعالى أن أضرب على حديث سُوَيْد كلّه من أجل هذا الحديث الواحد في القراءة خلف الإِمام".
ونقل عن الإِمام أحمد قوله: "سُوَيْد بن سعيد تغيَّر في آخر عمره، وكثرت المناكير في حديثه، وهذا الحديث عند أصحاب عبيد اللَّه بن عمر موقُوف غير مرفوع".
وقد ذكر له البيهقي في "القراءة خلف الإِمام" ص 182 - 186 طرقًا أخرى عن ابن عمر، وأعلَّها كلّها، فانظرها.
والحديث رواه مالك في "الموطأ"(1/ 86) عن نافع أنَّ عبد اللَّه بن عُمَرَ كان إذا سُئِلَ: هَلْ يقرأُ أحدٌ خلفَ الإِمام؟ قال: إذا صلَّى أَحَدُكُمْ خَلْفَ الإِمام فَحَسْبُهُ قراءةُ الإِمام، وإذا صلَّى وحْدَهُ فليقرأْ. قال: وكان عبد اللَّه بنُ عُمَرَ لا يقرأُ خلفَ الإِمام.
وللحديث طرق كثيرة عن عدد من الصحابة، انظرها في:"شرح معاني الآثار" للطَّحَاوي (1/ 216 - 218)، و"القراءة خلف الإِمام" للبيهقي ص 147 - 202، و"السنن الكبرى" له (2/ 159 - 163)، و"تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق" لابن عبد الهادي (2/ 842 - 849)، و"نصب الراية" للزَّيْلَعِيّ (2/ 6 - 14)، و"مجمع الزوائد" للهيثمي (2/ 111)، و"الدِّراية في تخريج أحاديث الهداية" لابن حَجَر (1/ 162 - 164)، و"إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف
الإِمام" لمحمد عبد الحي اللَّكْنَوي ص 199 - 217، و"إعلاء السنن" لظفر أحمد العثماني التهانوي (4/ 42 - 90)، و"الهداية في تخريج أحاديث البداية" لأحمد الغُمَاري (3/ 237 - 246)، و"إرواء الغليل" للألباني (2/ 268 - 279).
قال الإِمام أبو البركات مجد الدِّين عبد السلام ابن تيمِيَّة في "مُنْتَقَى الأخبار"(2/ 228) بشرح "نيل الأوطار" عقب ذكره له من حديث عبد اللَّه بن شدَّاد مرفوعًا: "وقد روي مسندًا من طرق كلّها ضِعَاف، والصحيح أنَّه مرسل".
وقال الحافظ ابن حَجَر في "التلخيص الحَبِير"(1/ 232): "حديث: "من كان له إمام فقراءة الإِمام له قراءة" مشهور من حديث جابر، وله طرق عن جماعة من الصحابة، وكلّها معلولة".
وقال في "فتح الباري" -في كتاب الصلاة في باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر. . . - (2/ 242): "حديث ضعيف عند الحُفَّاظ، وقد استوعب طرقه وعلله الدَّارَقُطْنِيّ وغيره".
وقال العلَّامة اللَّكْنَوي في "إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف الإِمام" ص 217: "الحاصل أنَّ طرق الحديث. . . بعضها صحيح أو حسن، وبعضها ضعيف ينجبر ضعفه بغيرها من الطرق الكثيرة. فالقول بأنَّه حديث غير ثابت أو غير محتج به ونحو ذلك: غير معتدٍّ به".
وقال الشيخ الألباني في "إرواء الغليل"(2/ 268): "حسن".
وقال في "سلسلة الأحاديث الضعيفة"(2/ 58): "وهو حديث صحيح عندنا له طرق كثيرة جدًّا. . . وهي وإن كانت لا تخلو من ضعف، ولكنه ضعف منجبر، وقد صحَّ إسناده عن عبد اللَّه بن شدَّاد مُرْسَلًا، والمُرْسَلُ إذا جاء متصلًا. فهو حجَّة عند الإِمام الشَّافعي وغيره".
* * *
88 -
أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم بن سعيد الفقيه قال: نبأنا
محمد بن المُظَفَّر الحافظ -إملاءً- قال: نبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن بَخْتُوْيَه البَلْخِي قال: نبأنا أبو بكر أحمد بن محمد بن سهل القاضي قال: حدَّثني إبراهيم بن خُشَيْش البَصري قال: حدَّثني أبي خُشَيْش، عن شُعْبَة بن الحجّاج الوَاسِطِي، عن أبي إسحاق الهَمْدَاني، عن الحارث الأعور،
عن عليّ بن أبي طالب قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "ينبغي للعاقل أن لا يكون شاخصًا إلّا في ثلاث: طلب لمعاش، أو خطوة لمعاد، أو لذّة في غير محرَّم".
(1/ 338) في ترجمة (محمد بن أحمد بن محمد بن بَخْتُوْيَه البَلْخي أبو بكر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. وقال ابن الجَوْزي: "لا يصحُّ".
ففيه (الحارث بن عبد اللَّه الهَمْدَاني الأعور)، وقد كذَّبه الشَّعْبِيُّ وابن المَدِيني وغيرهما. وقال الذَّهَبِيُّ في "الميزان" (1/ 437):"الجمهور على توهين أمره مع روايتهم لحديثه في الأبواب، فهذا الشَّعْبِيُّ يكذِّبه، ثم يروي عنه. والظَّاهر أنَّه كان يكذب في لهجته وحكاياته. وأمَّا في الحديث النبوي فلا، وكان من أوعية العلم". وستأتي ترجمته في حديث (937).
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد البَلْخِي أبو بكر) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
و(أبو إسحاق الهَمْدَاني) هو (السَّبِيعي، عمرو بن عبد اللَّه): ثقة اختلط بأَخَرَةٍ. وستأتي ترجمته في حديث (174).
التخريج:
رواه الدَّيْلَمِيُّ في "مسند الفردوس" -كما في حاشية محقق "الفردوس"
(5/ 501 - 502) رقم (8888) - من طريق محمد بن المُظَفَّر، عن أبي بكر محمد بن أحمد البَلْخي، به.
ورواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(2/ 220) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، وقال:"هذا حديث لا يصحُّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إنَّما هو مذكور في حِكْمَةِ آل داود، والحارث الأعور كذَّاب وبعده جماعة مجهولون".
* * *
89 -
كتب إليّ أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان الدِّمَشْقِيّ، وحدَّثنيه عبد العزيز بن أحمد الكَتَّاني عنه، قال: نبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن عمرو البغدادي -إمام جُونِيَة
(1)
وخطيبها، في سنة إحدى وأربعين وثلثمائة- قال: نبأنا أبو بكر السَّرَّاج قال: نبأنا جُبَارَة بن المُغَلِّس، عن كثير -يعني ابن سُلَيْم-،
عن أنس، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"نِعْم الإدَامُ الخَلُّ".
قال الخطيب: "جُونِيَة من أعمال أَطْرَابُلُس".
(1/ 340) في ترجمة (محمد بن أحمد بن محمد بن عمرو البغدادي أبو الحسن).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والحديث صحيح من طرق أخرى.
وقد سبق الكلام على إسناده في حديث (84).
التخريج:
تقدَّم تخريجه في حديث (84).
* * *
(1)
قال في "مراصد الاطلاع"(1/ 961): "من أعمال طرابلس، من ساحل دمشق: مدينة".
90 -
أخبرنا محمد بن أحمد بن رِزْق قال: نبأنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد بن سهل النَّيْسَابُوريّ قال: نبأنا إبراهيم بن عبد اللَّه الكَجِّيّ قال: نبأنا الربيع بن يحيى قال: نبأنا عبد اللَّه بن وَاقِد، عن محمد بن مالك قال:
قال لي البَرَاءُ: بينما نحن مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذ أبصر جماعة من النَّاس فقال: "علام اجتمع هؤلاء"؟ قيل: على قبر يحفرونه. قال: ففزع النبيّ صلى الله عليه وسلم، فبدر بين يدي أصحابه مسرعًا حتى انتهى إلى القبر، فجثا عليه، واستقبلناه لنبصر ما يصنع، فبكى حتى بَلَّ الثَّرى من دموعه. قال ثم أقبل عليهم فقال:"إخواني لمثل هذا اليوم فَأَعِدُّوا".
(1/ 340 - 341) في ترجمة (محمد بن أحمد بن محمد بن سهل الصَّيْرَفِيّ النَّيْسَابُورِيّ أبو الفضل).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (محمد بن مالك الجُوْزَجَاني أبو المغيرة مولى البَرَاء بن عَازِب) وقد ترجم له في:
1 -
"التاريخ الكبير"(1/ 228 - 229) وقال: "خادم البَرَاء". ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
2 -
"الجرح والتعديل"(8/ 88) وقال: "روى عن البَرَاء بن عَازِب. . سمعت أبي يقول: لا بأس به".
3 -
"المجروحين"(2/ 259) وقال: "خادم البَرَاء بن عَازِب، يروي عن البَرَاء بن عَازِب إِنْ
(1)
سمع منه. . . يخطئ كثيرًا، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد لسلوكه غير مسلك الثقات في الأخبار".
(1)
في المطبوع: "أي". والتصويب من "التهذيب"(9/ 423) حيث ينقل عن ابن حِبَّان في "ثقاته" أنه لم يسمع من البراء.
4 -
"الكاشف"(3/ 82) وقال: "فيه لِيْنٌ".
5 -
"التهذيب"(9/ 422 - 423) وقال: "مولى البراء، ويقال: خادمه. . . ذكره ابن حِبَّان في "الثقات"
(1)
وقال: لم يسمع من البَرَاء شيئًا. وذكره في "الضعفاء" أيضًا. . . روي له أحمد في "مسنده"[4/ 294] قال: رأيت على البراء خاتمًا من ذهب. . . فذكر قصَّة. فهذا ينفي قول ابن حِبَّان أنه لم يسمع من البراء إلَّا أن يكون عنده غير صادق، فما كان ينبغي له أن يورده في كتاب "الثقات".".
6 -
"التقريب"(2/ 204) وقال: "صدوق يخطئ كثيرًا، من الرابعة"/ ق.
وباقي رجال الإسناد حديثهم حسن.
التخريج:
رواه بالتمام الذي عند الخطيب، أحمد في "المسند"(4/ 294)، من طريق أبي رجاء عبد اللَّه بن وَاقِد الهَرَوي، حدَّثنا محمد بن مالك، عنه، به.
ورواه مختصرًا، وببعض خلاف في السياق: ابن أبي شَيْبَة في "مصنَّفه"(13/ 226 - 227)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 229)، وابن ماجه في الزهد في باب الحزن والبكاء (2/ 1403) رقم (4195) -واللفظ له-، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 269)، من طريق أبي رجاء عبد اللَّه بن وَاقِد، عن محمد بن مالك، عن البَرَاء بن عَازِب قال:"كنَّا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في جِنَازة فجلس على شَفِير القبر، فبكي، حتى بَلَّ الثَّرَى. ثم قال: "يا إخواني لمثل هذا فأعِدُّوا".
وعندهم جميعًا عدا البُخَاري، أنَّ هذا منه صلى الله عليه وسلم كان في جِنَازة خرج فيها مع أصحابه.
(1)
أقول: لم أقف عليه في "الثقات" المطبوع، فاللَّه أعلم.
أمَّا رواية البُخَاري في "التاريخ" عن البَرَاء، فَلَفْظُهَا:"أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وقف على قبر فقال: إخواني لمثل هذا اليوم فأعِدُّوا".
وبسبب اختلاف السياق واختصار الرواية، اعتبرت الحديث من الزوائد.
والجزء المرفوع من الحديث: "إخواني لمثل هذا اليوم فأعِدَّوا" عزاه السيوطي في "الجامع الكبير"(1/ 28) إلى الخطيب وحده عن البراء! !
ومثله في "الفتح الكبير" للنبهاني (1/ 59)، وهو من زوائده على "الجامع الصغير".
وقد ذكره الشيخ الألباني حفظه المولى في "ضعيف الجامع"(1/ 114) رقم (245) معزوًا للخطيب وحده عن البراء وقال: "ضعيف". وعزا إلى "الضعيفة" رقم (2076).
ثم وجدته يذكره في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"(4/ 344 - 345) رقم (4751) بالتمام الذي عند أحمد والخطيب معزوًا إلى البُخَاري في "التاريخ"، وابن ماجه، وأحمد، وأبي بكر الشَّافِعِي في "مجلسان"، والرُّويَاني في "مسنده"، والخطيب، من الطريق المتقدِّم. مع أنَّ رواية البُخَاري في "التاريخ"، وابن ماجه، مختصرة مع خلاف في بعض السياق كما تقدَّم! ! وقال:"وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات غير محمد بن مالك. . . " وذكر قول أبي حاتم، واضطراب ابن حِبَّان فيه ممَّا تقدَّم.
أقول: وهذا منه مخالف لحكمه الأول في "ضعيف الجامع"! ! .
والحديث ذكره العلّامة البُوصِيري في "مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه"(4/ 234) وقال: "هذا إسناد فيه مقال". وذكر بعض ما تقدَّم في (محمد بن مالك). وعزاه لأبي يَعْلَى المَوْصلي في "مسنده" من الطريق المتقدِّم. ولم أقف عليه فيه، كما لم أقف عليه في "المطالب العالية"، واللَّه أعلم.
* * *
91 -
أخبرنا طلحة بن عليّ أبو القاسم الكَتَّاني قال: نبأنا أبو العبَّاس محمد بن أحمد بن قُرَيْش المُجَهِّز قال: نبأنا القاسم بن زكريا قال: نبأنا الوليد بن شُجَاع قال: نبأنا يحيى بن سعيد القَطَّان
(1)
، عن أبي عِمْرَان سعيد بن مَيْسَرَة،
عن أنس بن مالك، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا اشْتَكَى اقْتَمَحَ كَفًّا من شُونِيز، وشَرِبَ عليه ماءً وعَسَلًا.
(1/ 342) في ترجمة (محمد بن أحمد بن محمد البزَّار أبو العبَّاس).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه (سعيد بن مَيْسَرَة البَكْري البَصْري أبو عِمْرَان)، وقد كذَّبه يحيى بن سعيد القَطَّان. وقال البخاري:"منكر الحديث". وقال الحاكم: "روى عن أنس موضوعات". وقال ابن عدي: "عامّة ما يرويه عن أنس أحاديث ينفرد هو بها عنه، وما أقل ما يقع فيها ممَّا يرويها غيره، وهو مظلم الأمر". وستأتي ترجمته في حديث (623).
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(1/ 109) رقم (109)، من طريق وُهَيْب بن بَيَان المِصْريّ، حدَّثنا يحيى بن سعيد العطَّار، حدَّثنا أبو عِمْرَان سعيد بن مَيْسَرة، عنه، به. وقال:"لا يُروى هذا الحديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا بهذا الإسناد".
(1)
هكذا في المطبوع: "القطَّان". وهو كذلك في "العلل المتناهية"(2/ 396) عن الخطيب من طريقه. وفي "المعجم الأوسط" للطبراني (1/ 109): "العطَّار". و (يحيى بن سعيد العطَّار) هو الذي يروي عن سعيد بن مَيْسَرَة، ويروي عنه الوليد بن شُجَاع، كما في "تهذيب الكمال"(3/ 1500) -مخطوط-. ولم يذكر المِزِّيّ في "تهذيب الكمال"(3/ 1498 - 1499) في ترجمة (يحيى بن سعيد القطّان) روايةً له عن سعيد بن مَيْسَرَة، ولا رواية للوليد بن شُجَاع عنه، واللَّه أعلم.
قال الهيثمي في "المجمع"(5/ 87): "رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه يحيى بن سعيد العطَّار، وهو ضعيف".
أقول: أعلَّ الهيثمي الحديث بـ (يحيى بن سعيد العطَّار)، وفاته آفة الحديث:(سعيد بن مَيْسَرة) كما تقدَّم! !
وستأتي ترجمة (يحيى بن سعيد العطّار الأنصاري الشَّامي) في حديث (466)، وهو ضعيف كما قال الهيثمي.
ورواه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(2/ 396) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، وقال:"هذا حديث لا يصحُّ". وأعلّه بـ (سعيد بن مَيْسَرة)، وذكر بعض أقوال النقّاد فيه.
وذكره ابن طاهر المَقْدِسي -المعروف بابن القَيْسَرَاني- في كتابه "معرفة التذكرة في الأحاديث الموضوعة" ص 115 رقم (215)، وقال:"فيه سعيد بن مَيْسَرة البَكْري وهو كذَّاب".
وقال العلّامة المُنَاوي في "فيض القدير"(5/ 102) بعد عزوه للخطيب: "ورواه عنه أيضًا باللفظ المذكور الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: وفيه يحيى بن سعيد العطَّار
(1)
ضعيف. قال الحافظ العراقي: وفيه الوليد بن شُجَاع، قال أبو حاتم: لا يحتجُّ به".
أقول: ظاهر عبارة المُنَاوي تفيد أنَّ في إسناد الطبراني (الوليد بن شُجَاع)، والأمر ليس كذلك، فهو في إسناد الخطيب وحده، هذا أولًا.
وثانيًا: أنَّ الذي في "تخريج أحاديث الإحياء" للعِرَاقي (4/ 285): "وله في "الأوسط" من رواية سعيد بن مَيْسَرة وهو ضعيف عن أنس" وذكر الحديث. ولم يذكر (الوليد بن شُجَاع)، إلَّا أن يكون كلام العِرَاقي هذا في غير كتابه المتقدِّم.
(1)
تَصَحَّفَ في "الفيض" إلى "القطَّان". والتصويب من "المعجم الأوسط" و"المجمع".
وثالثًا: أنَّ (الوليد بن شُجَاع السَّكُوني الكوفي): ثقة. كما خلص إليه الحافظ الذَّهَبِيُّ في "المغني"(2/ 722) وفي "معرفة الرواة المتكلَّم فيهم بما لا يوجب الرَّدّ" ص 185 رقم (358)، والحافظ ابن حَجَر في "التقريب"(2/ 333). وانظر تفصيل الأقوال فيه في "التهذيب"(11/ 135 - 136).
وقد روى البخاري في "صحيحه" في كتاب الطب، باب الحبَّة السوداء (10/ 143) رقم (5688)، ومسلم في "صحيحه" في كتاب السلام، باب التداوي بالحبَّة السوداء (4/ 1735) رقم (2215)، عن أبي هريرة مرفوعًا:"في الحبَّةِ السَّوْدَاءِ شفاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، إلَّا السَّامَ". قال ابن شِهَاب: "والسَّامُ: الموتُ. والحبّة السوداء: الشُّونِيزُ".
غريب الحديث:
قوله: "اقْتَمَحَ": أي اسْتَفَّ. "النهاية"(4/ 107).
قوله: "الشُّونِيز": أي الحبَّة السَّوْدَاء. و (الشُّونِيز) هي لغة الفرس. وهي الكَمُّون الأسود، وتسمى الكَمُّون الهِنْدي. انظر:"زاد المعاد"(4/ 297)، و"فتح الباري"(10/ 145).
* * *
92 -
أخبرنا أبو الحسن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الكِلَابي الزاهد قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي صالح البغدادي -بِبَلْخ- قال: نبأنا أبو شعيب عبد اللَّه بن الحسن بن أحمد الحَرَّاني قال: نبأنا خَلَف بن هشام البزَّار قال: نبأنا حَزْم
(1)
بن أبي حَزْم القُطَعِيّ قال: سمعت الحسن يقول:
(1)
في المطبوع: "حزام". وعلّق المصحح عليه بقوله: "في الأصلين: حزم بن أبي حزم. وفي الخلاصة: حزام بن أبي حزم". أقول: ما في الأصلين الخطيين هو الصحيح، وهو الموافق لما في "التاريخ الكبير" للبخاري (3/ 111)، و"الجرح والتعديل"(3/ 294)، و"تهذيب الكمال"(5/ 588)، وغيرها من كتب الرجال.
سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أتدرون أيُّ القرآن أعظم"؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ" إلى آخر الآية [سورة البقرة: الآية 255].
(1/ 345 - 346) في ترجمة (محمد بن أحمد بن محمد بن أبي صالح البغدادي أبو بكر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والحديث صحيح من طرق أخرى.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن محمد بن أبي صالح البغدادي أبو بكر) نقل الحافظ الخطيب عن عبد العزيز النَّخْشَبِيّ قوله فيه: "كان واهيًا عند أهل بَلْخ، تكلَّم فيه أبو إسحاق المُسْتَمْلي وغيره".
وترجم له الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(3/ 457) فقال: "حدَّث عن أبي شعيب الحَرَّاني، متكلَّمٌ
(1)
فيه. واهٍ أتي بخبر منكر". ومثله في "اللسان" (5/ 38).
وباقي رجال الإسناد حديثهم حسن.
و (الحسن) هو (ابن أبي الحسن يَسَار البَصْري): الإمام التابعي الفقيه الثقة المشهور. وتقدَّمت ترجمته في حديث (86).
التخريج:
لم يروه غير الخطيب فيما وقفت عليه.
وعزاه في "الدُّرِّ المنثور"(2/ 6) إلى الخطيب وحده عن أنس.
ومَتْنُ الحديث صحيح، رواه عدد من الصحابة. انظر مروياتهم في:"فضائل القرآن" لابن الضُّرَيْس ص 53 وما بعد، و"شُعَب الإيمان" للبيهقي (5/ 323 -
(1)
صُحِّفَ في "الميزان" إلى: "فتكلّم فيه". والتصويب من "اللسان"(5/ 38).
333)، و"جامع الأصول"(8/ 474 - 475)، و"مجمع الزوائد"(6/ 321 - 323)، و"الدُّر المنثور"(2/ 4 - 8).
ومن ذلك ما رواه مسلم في صلاة المسافرين، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي (1/ 556) رقم (810) -واللفظ له-، وأبو داود في الصلاة، باب ما جاء في آية الكرسي (2/ 151) رقم (1460)، وأحمد في "المسند"(5/ 142)، وعبد الرزاق في "مصنفه"(3/ 370)، والطَّيَالسي في "مسنده" ص 74 رقم (550)، وعبد بن حُمَيْد في "المنتخب من مسنده"(1/ 199) رقم (178)، وابن الضُّرَيْس في "فضائل القرآن" ص 153 رقم (187)، والبيهقي في "شُعَب الإيمان"(5/ 323 - 324) رقم (2168 و 2169)، والحاكم في "المستدرك"(3/ 304)، والبَغَوي في "شرح السُّنَّة"(4/ 459) رقم (1195)، عن أُبيّ بن كعب قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا أبا المُنْذِرِ
(1)
! أتدري أيُّ آيةٍ من كتاب اللَّه معك أعظمُ؟ قال قلت: اللَّهُ ورسولُهُ أعلم. قال: يا أبا المنذر! أتدري أيُّ آيةٍ من كتاب اللَّه معك أعظمُ؟ قال قلت: اللَّهُ لا إلهَ إلّا هو الحيُّ القَيَّومُ. قال: فضرب في صدري وقال: واللَّه لِيَهْنِكَ
(2)
العِلْمُ أبا المنذر".
* * *
93 -
أخبرنا أبو نُعَيْم الحافظ قال: نبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد المُفِيد قال: نبأنا أحمد بن عبد الرحمن السَّقَطِيّ قال: نبأنا يزيد بن هارون قال: أنبأنا عاصم الأَحْوَل،
عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الموتُ كَفَّارَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ".
(1/ 347) في ترجمة (محمد بن أحمد بن محمد المُفيد البغدادي أبو بكر).
(1)
هي كنية أبيّ بن كعب رضي الله عنه.
(2)
أي ليكن العلم هنيئًا لك.
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. وللحديث طرق عدَّة معلولة كلّها.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن محمد المُفيد البغدادي أبو بكر) قال الذَّهَبِيُّ عنه في "المغني"(2/ 550): "محدِّثٌ مشهور، مُجْمَعٌ على ضعفه، واتُّهم". وستأتي ترجمته في حديث (1609).
كما أنَّ فيه (أحمد بن عبد الرحمن السَّقَطِيّ) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ بغداد"(4/ 244) وقال: "ليس بمعروف عند أهل النقل". وقال الخطيب أيضًا في "تاريخه"(1/ 346) في ترجمة (محمد بن أحمد المُفيد): والسَّقَطِيُّ مجهول. وقال في (1/ 347) منه: "لا أعلم أحدًا من البغداديين ولا غيرهم عرف أحمد بن عبد الرحمن السَّقَطِيّ هذا، ولا روى عنه سوى المُفيد".
2 -
"ميزان الاعتدال"(1/ 116) وقال: "شيخ لا يُعْرَفُ إلّا من جهة المُفيد، يروي عن يزيد بن هارون، عن حُمَيْد، عن أنس، فذكر حديثًا موضوعًا".
أقول: الحديث الموضوع الذي أشار إليه الذَّهَبِيُّ هو حديث الخطيب المتقدِّم، وقد ذكره ابن حَجَر في "اللسان" (1/ 211) عقب كلام الذَّهَبِيّ هذا. لكن وقع عند الذَّهَبِيّ قوله:"عن حميد"، والصواب:"عن عاصم". وقد جاء على الصواب في "اللسان".
3 -
"اللسان (1/ 211 - 212) وقال: "وجدت بِخَطِّ من يوثق به من المتأخرين: أنَّ الأَزْدِيّ وَهَّاهُ".
التخريج:
أقول: له عن أنس طرق:
الطريق الأول: عن أبي بكر محمد بن أحمد المُفيد، عن أحمد بن عبد الرحمن السَّقَطِيّ، عن يزيد بن هارون، به.
رواه أبو نُعَيْم في "الحِلْية"(3/ 121)، والبيهقي في "شُعَب الإيمان"(7/ 171) رقم (9886) -ط بيروت-.
وعن أبي نُعَيْم رواه الخطيب، وعن الخطيب ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(3/ 218).
ورواه ابن حَجَر في "اللسان"(1/ 211) في ترجمة (أحمد بن عبد الرحمن السَّقَطِيّ) عن أبي نُعَيْم من طريقه.
وهو إسناد تالف كما تقدَّم في مرتبة الحديث.
الطريق الثاني: عن مُفَرِّج بن شُجَاع، عن يزيد بن هارون، به.
رواه الدَّارَقُطْنِيُّ في "المُؤْتَلِف والمُخْتَلِف"(4/ 2173 - 2174)، والخطيب في "تاريخه"(1/ 347)، وعنه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(3/ 218)، والقُضَاعي في "مسند الشِّهَاب"(1/ 133 - 135) رقم (171 و 172).
وعزاه الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(1/ 211) من هذا الطريق إلى الدِّيْنَوَريّ في "المُجَالَسة" عن أبي عليّ بن الصَّوَّاف، عن يزيد، به. وذكر أنَّه في "فوائد أبي عليّ بن الصَّوَّاف" أيضًا.
أقول: في إسناد هذا الطريق (مُفَرِّج
(1)
بن شُجَاع المَوْصِليّ)؛ فقد نقل الخطيب عقب روايته له، عن أبي الفتح الأَزْدِيّ قوله فيه:"واهي الحديث". وقال الخطيب: "مُفَرِّج في عداد المجهولين، والحديث عن يزيد شاذ".
وترجم له الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(4/ 166) ونقل ما تقدَّم عن أبي الفتح والخطيب وقال: "حدَّث عنه بشر بن موسى بخبر باطل". إشارةً منه إلى هذا
(1)
تَصَحَّفَ في "اللسان"(6/ 80)، و"الموضوعات" لابن الجوزي (5/ 218 و 219)، و"تنزيه الشريعة"(2/ 364)، إلى "مفرح" بالحاء المهملة. والتصويب من "المؤتلف والمختلف" للدَّارَقُطْنِيّ (4/ 2173)، و"الميزان"(4/ 166).
الحديث. حيث إنَّ الخطيب والقُضَاعي قد روياه من طريق بشر بن موسى عن مُفَرِّج بن شُجَاع، به.
الطريق الثالث: عن داود بن المُحَبَّر، عن نصر بن جميل
(1)
، عن حفص بن عبد الرحمن، عن عاصم الأَحْوَل، عنه، به.
رواه العُقَيْلي في "الضعفاء"(4/ 299) في ترجمة (نصر بن جميل)، وعنه القُضَاعي في "مسند الشهاب"(2/ 135) رقم (173)، وابن الجَوْزي في "الموضوعات"(3/ 219).
قال العُقَيْلي: "نصر بن جميل عن حفص بن عبد الرحمن، مجهولين بالنقل حديثهما غير محفوظ". ثم ساق الحديث من طريقهما، وقال:"ولا يُتَابَعُ عليه إلّا من طريق فيه ضعف".
ولفظ الحديث عندهم: "الموت كفَّارة للمؤمن".
وقال الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(4/ 250) في ترجمة (نصر بن جميل): "لا يُعْرَفُ لا هو ولا شيخه".
أقول: فيه (داود بن المُحَبَّر الطَّائي الثَّقَفِي) وهو متروك. وقد كذَّبه أحمد وصالح جَزَرَة وابن حِبَّان. وستأتي ترجمته في حديث (1264).
الطريق الرابع: عن محمد بن صالح بن شُعَيْب اليَمَاني، عن نصر
(2)
بن عليّ الجَهْضَمِيّ، عن يزيد بن هارون، عن عاصم، عنه، به.
رواه أبو بكر الإسماعيلي في "معجمه" ص 78 رقم 140، وعنه البيهقي في "شُعَب الإيمان"(7/ 171) رقم (9885) -ط بيروت-. وبلفظ "الموت كفَّارة لكلِّ مؤمن".
(1)
تَصَحَّفَ في "الموضوعات" لابن الجَوْزي (3/ 219) إلى: "نصر بن حميد".
(2)
تَصَحَّفَ في "المعجم" للإسماعيلي ص 78 إلى "يحيى". والتصويب من "شُعَب الإيمان"(7/ 171)، و"اللسان"(5/ 201).
أقول: قال الحافظ الخطيب في "تاريخه"(1/ 437) بعد أن أشار إلى رواية نصر بن عليّ الجَهْضَمِيّ عن يزيد هذه: "وليس بثابت عنه".
وقال الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(5/ 201) في ترجمة (محمد بن صالح بن شُعَيْب اليَمَاني البَصْري أبو بكر) -وهو من زوائده على "الميزان"- عقب روايته له بإسناده إلى أبي بكر الإسماعيلي عن محمد بن صالح بن شُعَيْب اليَمَاني به: "رواته أثبات إلّا هذا -يعني شيخ أبي بكر الإسماعيلي: محمد بن صالح بن شُعَيْب اليَمَاني) - فما علمت حاله. وقال الخطيب: ليس بمحفوظ عن نصر بن عليّ".
الطريق الخامس: عن عَبْدَان بن أحمد، حدَّثنا محمد بن عيسى الأصبهاني، حدَّثنا أبو سعيد الجُعْفِي، وأبو مَعْمَر، قالا: حدَّثنا حفص بن غياث، عن عاصم الأَحْوَل، عنه، به.
رواه أبو نُعَيْم الأصبهاني في "تاريخ أصبهان"(2/ 231).
أقول: في إسناده (محمد بن عيسى الأصبهاني أبو جعفر)، ترجم له أبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان"(2/ 231) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا. ولم أقف على من ذكره بذلك.
وكذلك (عَبْدَان بن أحمد) لم أقف على من ذكره فيما رجعت إليه.
و(أبو سعيد الجُعْفِي) هو (يحيى بن سليمان الكوفي المُقرئ) ترجم له في "التهذيب"(11/ 227) وقال: "قال أبو حاتم: شيخ. وقال النَّسَائي: ليس بثقة. وذكره ابن حِبَّان في "الثقات" وقال: ربما أغرب. . . وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثقة. وقال مَسْلَمَة بن قاسم: لا بأس به. وكان عند العُقَيْلي ثقة. وله أحاديث مناكير". وقال في "التقريب"(1/ 349): "صدوق يخطئ، من العاشرة"/ خ ت. وقال الذَّهَبِيُّ في "الكاشف"(3/ 226): "صويلح".
و(أبو مَعْمَر) هو (إسماعيل بن إبراهيم بن مَعْمَر الهُذَلي القَطِيعي الهَرَوي): ترجم له في "التقريب"(1/ 65) وقال: "ثقة مأمون، من العاشرة"/ خ م د س.
وانظر ترجمته مطوَّلًا في "تهذيب الكمال"(3/ 19 - 23)، و"تهذيب التهذيب"(1/ 273 - 274).
و(حفص) و (عاصم): ثقتان.
الطريق السادس: عن حمَّاد بن قِيرَاط، عن أبي غياث، عن عاصم الأَحْوَل، عنه، به.
رواه أبو سعد المَالِيني في "مسند شيوخ الصوفية" -كما في "اللآلئ المصنوعة"(2/ 415) -.
أقول: فيه (أبو غياث) وهو (أَصْرَم بن غياث النَّيْسَابُورِيّ): منكر الحديث. وستأتي ترجمته في حديث (985).
وفيه (حَّماد بن قِيرَاط النَّيْسَابُورِيّ) ترجم له في "الميزان"(1/ 599) وقال: "كان أبو زُرْعَة يمرض القول فيه. وقال ابن حِبَّان: لا تجوز الرواية عنه، يجيء بالطَّامات. وقال ابن عدي: عامّة ما يرويه فيه نظر".
وترجم له في "اللسان"(2/ 352) وذكر أنّ أبا زُرْعَة قال فيه: "صدوق"، وأنّ ابن حِبَّان ذكره في "الثقات" وقال: يخطئ، وأنّ أبا حاتم قال:"مضطرب الحديث يُكْتَبُ حديثه".
وللحديث طريق آخر أشار إليه الحافظ الخطيب عقب روايته للحديث بقوله: "ورواه إسماعيل بن يحيى بن عبيد اللَّه التَّيْمِي، عن الحسن بن صالح، عن عاصم الأَحْوَل، وإسماعيل كان كذَّابًا".
أقول: وهذا الحديث ممّا اختلفت أقوال العلماء فيه:
حيث صحَّحه القاضي أبو بكر بن العَرَبي في كتابه "سراج المُرِيدين".
وحسَّنه الحافظ العراقي في رسالته التي ردَّ فيها على الصَّغَاني ما جاء في كتابه
"الدُّر الملتقط" مِنْ حُكْمِه على بعض الأحاديث التي رواها القُضَاعي في "مسند الشهاب" بالوضع -وهي مطبوعة في آخر "مسند الشِّهاب" للقُضَاعي (2/ 360) - فإنَّه قال بعد أَنْ ذَكَرَ حُكْمَ ابن الجَوْزي والصَّغَاني عليه بالوضع: "وقد رويناه من حديث جماعة من الصحابة يحصل من مجموعها أنَّه حديث حسن. . . ورواه القاضي أبو بكر بن العَرَبي في "سراج المُرِيدين" وقال عقبه: إنَّه حديث حسن صحيح. وقد جمعت طرقه في جزء مفرد".
وقال الزُّرْقَاني في "مختصر المقاصد الحسنة" ص 201 رقم (1106): "حسن".
وقال السَّخَاوِيُّ في "المقاصد الحسنة" ص 425: "قال شيخنا -يعني الحافظ ابن حَجَر-: إنَّه لا يتهيأ الحكم عليه بالوضع مع وجود هذه الطرق. قال: ومع ذلك ليس هو على ظاهره، بل هو محمول على موت مخصوص إنْ ثَبَتَ الحديثُ".
أقول: ويفهم من كلام السَّخَاوِيِّ أنَّ الحافظ ابن حَجَر رحمه الله يذهب إلى تضعيفه واللَّه أعلم.
وقال بوضعه: ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(3/ 219) حيث يقول: "هذا حديث لا يصحُّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
قال ابن حَجَر في "اللسان"(1/ 211) بعد أن ذكر حكم ابن الجَوْزي عليه بالوضع: "وسبقه إلى ذلك ابن طاهر فبالغ في إنكاره".
وقال السيوطي في "الدُّرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" ص 176: "وذكره ابن الجَوْزي في "الموضوعات" فأخطأ واللَّه أعلم".
كما تعقَّبه مطوَّلًا في "اللآلئ"(2/ 414 - 415)، ولخَّصه عنه ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة"(2/ 394).
وقال القَاري في "الموضوعات الكبرى" ص 246 رقم (976): "وذكره ابن الجَوْزي في "الموضوعات" ولم يُصب فيه".
كما قال بوضعه الإمام الصَّغَاني في "الدُّر الملتقط" ص 20 رقم (8)، وفي "الموضوعات" له ص 13 رقم (62).
وقد تقدَّم عن الحافظ الذَّهَبِيِّ قوله ببطلانه أيضًا.
أقول: الذي يظهر لي من مجموع ما تقدَّم أنَّ الحديث ضعيف، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
94 -
حدَّثنا القاضي أبو جعفر السِّمْنَاني -من حفظه، بعد أن كُفَّ بصره- قال: لَقَّنَنَا أبو القاسم نصر بن أحمد بن الخليل المَوْصِليّ المعروف بابن المَرْجي -بالمَوْصِل- قال: لَقَّنَنِي أبو يَعْلَى أحمد بن عليّ بن المثنَّى قال: لَقَّنَنِي شَيْبَان بن فَرُّوخ الأُبُلِّي قال: لَقَّنَنِي سعيد بن سُلَيْم قال:
لَقَّنَنِي أنس بن مالك، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"يقولُ اللَّه تعالى: إذا أخذتُ كَرِيَمَتَيْ العَبْدِ فصبرَ إيمانًا واحتسابًا لم أَرْضَ له ثوابًا دونَ الجنَّةِ". قبل يا رسول اللَّه: وإنْ كانت واحدةً؟ قال: "وإنْ كانت واحدةً".
(1/ 355) في ترجمة (محمد بن أحمد بن محمد السِّمْنَاني القاضي أبو جعفر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والحديث دون قوله: "وإن كانت واحدة" صحيح من حديث أنس وغيره. وهذه الزيادة منكرة.
ففي إسناده: (سعيد بن سُلَيْم الضَّبِّيّ -ويقال: الضُّبَعِي- أبو عثمان) وهو ضعيف. قال ابن عدي عنه في "الكامل"(3/ 1238): "من أصحاب أنس الذين
يروون عنه ممن ليس هم معروفين
(1)
، ولا حديثهم بالمعروف الذي يتابعه أحد عليه. وهو في عداد الضعفاء الذين يروون عن أنس". وستأتي ترجمته في حديث (971).
التخريج:
رواه أبو يَعْلَى المَوْصِلي في "مسنده"(7/ 233 - 234) رقم (4237). من الطريق التي رواها الخطيب عنه.
ورواه ابن عدي في "الكامل"(3/ 1238) في ترجمة (سعيد بن سُلَيْم الضُّبَعي)، عن أبي يَعْلَى وغيره، عن شَيْبَان، عن سعيد بن سُلَيْم، عنه، به.
ورواه الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(2/ 142 - 143) عن أبي يَعْلَى من طريقه أيضًا.
قال الهيثمي في "المجمع"(2/ 310): "رواه أبو يَعْلَى وفيه سعيد بن سُلَيْم الضَّبِّي ضعَّفه الأَزْدِيُّ، وذكره ابن حِبَّان في "الثقات" وقال: يخطئ".
وقال الحافظ ابن حَجَر في "المطالب العالية"(2/ 342) رقم (2427): "رواه البخاري من وجه آخر عن أنس دون قوله: وإن كانت واحدة إلى آخره. وهو زيادة منكرة. وسعيد فيه ضعف".
وقال البُوْصِيري -كما في حاشية محقق "المطالب العالية"-: "رواه أبو يَعْلَى بسند ضعيف".
أقول: والحديث عن أنسب من غير الزيادة المتقدِّمة، رواه البخاري في المرضى، باب فضل من ذهب بصره (10/ 116) رقم (5653)، والتِّرْمِذِيّ في الزهد، باب ما جاء في ذهاب البصر (4/ 602) رقم (2400)، وأحمد في
(1)
هكذا جاءت العبارة في "الكامل"! .
"المسند"(3/ 144 و 156 و 283)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(1/ 186) رقم (252).
وبدون تلك الزيادة روي عن عدد من الصحابة. انظر مروياتهم إن شئت في: "جامع الأصول"(6/ 433 - 434)، و"الترغيب والترهيب"(4/ 342 - 343)، و"مجمع الزوائد"(2/ 308 - 311)، و"المطالب العالية"(2/ 342 - 343). وسيأتي من حديث ابن عبَّاس برقم (2168).
غريب الحديث:
قوله: "كَرِيمَتَيْ العبد": "يريد عَيْنَيْهِ: أي جارحتيه الكَرِيمتين عليه. وكُلُّ شيء يَكْرُمُ عليك فهو كَرِيمُكَ وكَرِيمتكَ". "النهاية"(4/ 167).
* * *
95 -
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن عمر قال: أنبأنا أبو الفضل عبد اللَّه بن عبد الرحمن الزُّهْرِيّ، نبأنا جعفر بن محمد الفِرْيَابي، نبأنا قتيبة بن سعيد، نبأنا ابن لَهِيعة، عن مِشْرَح
(1)
بن هَاعَان،
عن عقبة بن عامر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أكثرُ مُنَافِقي أُمَّتي قُرَّاؤُها".
(1/ 357) في ترجمة (محمد بن أحمد بن محمد المُعَدَّل أبو جعفر).
مرتبة الحديث:
صحيح بمجموع طرقه.
وإسناد الخطيب رجاله كلُّهم ثقات عدا (عبد اللَّه بن لَهِيعة المِصْري) فإنَّه ضعيف إلّا إذا روى العَبَادِلَةُ عنه: ابن المُبَارك، وابن وَهْب، والمُقْرِئ، فإنّ
(1)
تَصَحَّفَ في المطبوع إلى "مشرع" بالعين المهملة. والتصويب من مصادر تخريج الحديث الآتية، ومن مصادر ترجمته المذكورة في مرتبة الحديث.
حديثهم عنه صحيح عند بعض النُّقَّاد كما سيأتي تفصيله في ترجمته في حديث رقم (196). وسيأتي في التخريج أنّ كلًّا من عبد اللَّه بن المبارك وعبد اللَّه بن يزيد المُقْرِئ قد تابعا قتيبة بن سعيد في روايته له عن ابن لَهِيعة. كما أنَّ ابن لَهِيعة نفسه قد توبع كما سيأتي.
وعدا (مِشْرَح بن هَاعَان المَعَافِري المِصْري أبو مصعب) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ الدَّارِمي عن ابن مَعِين" ص 204 رقم (755) وقال: "ثقة". قال عثمان الدَّارمي: "ومِشْرَح ليس بذاك، وهو صدوق".
2 -
"الجرح والتعديل"(8/ 431 - 432) وفيه عن أحمد بن حنبل: "معروف".
3 -
"الثقات" لابن حِبَّان (5/ 452) وقال: "يخطئ ويخالف".
4 -
"المجروحين"(3/ 28) وقال: "يروي عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير لا يُتَابَعُ عليها. . . والصواب في أمره ترك ما انفرد به من الروايات، والاعتبار بما وافق الثقات".
5 -
"الكامل"(6/ 2460) وقال: "أرجو أنَّه لا بأس به".
6 -
"الكاشف"(3/ 129) وقال: "ثقة".
7 -
"المغني"(2/ 659) وقال: "صدوق، لَيَّنَهُ ابن حِبَّان، ووثَّقه ابن مَعِين في رواية عثمان بن سعيد".
8 -
"التقريب"(2/ 250) وقال: "مقبول، من الرابعة"/ عخ د ت ق.
أقول: الظاهر أنَّه صدوق كما قال الذَّهَبِيُّ في "المغني". ولم يتفرَّد في روايته له عن (عقبة)، حيث تابعه (أبو عُشَّانَة حَيّ بن يُومِن) كما سيأتي.
التخريج: رواه أبو بكر الفِرْيَابي في "صفة المُنَافِق" ص 55 رقم (32)، وعنه ابن عدي في "الكامل"(4/ 1466) -في ترجمة (عبد اللَّه بن لَهِيعة) -، والذَّهَبِيُّ في "المعجم اللطيف" ص 20 رقم (2)، من الطريق التي رواها الخطيب عنه: قتيبة بن سعيد، عن ابن لَهِيعة، عن مِشْرَح، عنه، به.
وقال الذَّهَبِيُّ: "هذا حديث غاية في العُلِّو، لكنَّه ضعيف"! ! .
ورواه أحمد في "المسند"(4/ 155)، والفِرْيَابي في "صفة المنافق" ص 56 رقم (34)، وابن قُتَيْبَة في "غريب الحديث"(1/ 453)، من طريق عبد اللَّه بن يزيد المُقْرِئ أبي عبد الرحمن، عن ابن لَهِيعة، عن مِشْرَح، عنه، به.
ورواه الفِرْيَابي في "صفة المنافق" ص 55 - 56 رقم (33)، وعنه الذَّهَبِيُّ في "سِيَر أعلام النبلاء"(8/ 350 - 351)، من طريق عبد اللَّه بن المبارك، عن ابن لَهِيعة، عن مِشْرَح، عنه، به.
ورواه أحمد في "المسند"(4/ 151)، من طريق أبي سعيد عبد الرحمن بن عبد اللَّه البَصْري مولى بني هاشم، عن ابن لَهِيعة، عن مِشْرَح، عنه، به.
و(أبو سعيد عبد الرحمن البَصْري) قال عنه في "الكاشف"(2/ 152): "ثقة". وقال في "التقريب"(1/ 487): "صدوق ربما أخطأ، من التاسعة"/خ صد س ق. وانظر "التهذيب"(6/ 209 - 210).
ورواه تمَّام الرَّازي في "فوائده"(1/ 555) رقم (960)، من طريق منصور بن عمار، عن ابن لَهِيعة، عن مِشْرَح، عنه، به.
و(منصور بن عمَّار الواعظ الخُرَاسَاني أبو السَّرِيّ): منكر الحديث. وستأتي ترجمته في حديث (723).
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير"(17/ 305) رقم (841)، من طريق
أسد بن موسى، ويحيى بن إسحاق السَّيْلَحِيْنِي، وسعيد بن أبي مَرْيَم، قالوا: حدَّثنا ابن لَهِيعة، عن أبي عُشَّانَة، عن عقبة بن عامر به مرفوعًا.
و(أبو عُشَّانَة) هو (حَيّ بن يُومِن المَعَافِرِيّ): ثقة مشهور بكنيته. وستأتي ترجمته في حديث (196).
و(أسد بن موسى بن إبراهيم الأُمَوي) قال عنه في "التقريب"(1/ 63): "أَسَدُ السُّنَّة، صدوق يُغْرِب، وفيه نَصْب، من التاسعة، مات سنة اثنتي عشرة -يعني ومائتين-، وله ثمانون"/ خت د س. وانظر ترجمته مطوَّلًا في: "تهذيب الكمال"(2/ 512 - 514)، و"السِّيَر" (10/ 162 - 164) وقال:"الإِمام الحافظ الثقة".
و(يحيى بن إسحاق السَّيْلَحِيْنِي أبو زكريا -أو أبو بكر-) قال عنه في "التقريب"(2/ 342): "صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة عشر ومائتين"/ م 4. وانظر ترجمته مفصَّلًا في: "السِّيَر" للذَّهَبِيّ (11/ 505 - 507) وقال: "الحافظ الإِمام الثَّبْتُ"، و"التهذيب" (11/ 176 - 177).
و(سعيد بن أبي مَرْيَم) هو (سعيد بن الحكم الجُمَحِيّ المِصْريّ أبو محمد) قال عنه في "التقريب"(1/ 293): "ثقة ثَبْت فقيه، من كبار العاشرة، مات سنة أربع وعشرين -يعني ومائتين-، وله ثمانون سنة"/ ع. وانظر ترجمته مفصّلًا في: "تهذيب الكمال"(10/ 391 - 395)، و"السِّيَر"(1/ 327 - 330).
ورواه أحمد في "المسند"(4/ 155)، والبخاري في "خَلْق أفعال العباد" ص 194 - 195 رقم (614)، والفِرْيَابي في "صفة المنافق" ص 56 رقم (35)، والبيهقي في "شُعَب الإِيمان"(12/ 282) رقم (6561)، من طريق أبي سَلَمَة منصور بن سَلَمَة الخُزَاعي، عن الوليد بن المغيرة، عن مِشْرَح، عنه، به.
و(منصور بن سلمة الخُزَاعي) و (الوليد بن المغيرة) كلاهما ثقة. انظر "التقريب"(2/ 276) و (2/ 336)، و"التهذيب"(10/ 308) و (11/ 155).
قال الهيثمي في "المجمع"(6/ 229): "رواه أحمد والطبراني وأحد أسانيد أحمد ثقات أثبات".
أقول: وللحديث شواهد من حديث: عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وابن عباس، وعِصْمَة بن مالك رضي الله عنهم أجمعين.
أمَّا حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص:
فقد رواه عبد اللَّه بن المبارك في "الزهد" ص 152 رقم (451)، وعنه الفِرْيَابي في "صفة المنافق" ص 56 رقم (36)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 257)، والبيهقي في "شُعَب الإِيمان"(12/ 281) رقم (6560)، والبَغَوي في "شرح السُّنَّة"(1/ 75)، عن عبد الرحمن بن شُرَيْح المَعَافِرِيّ، عن شَرَاحيل بن يزيد، عن محمد بن هَدِيَّة
(1)
، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا.
ومن هذا الطريق: رواه أحمد في "المسند"(2/ 175)، وابن أبي شَيْبَة في "مصنفه"(13/ 228)، والبخاري في "خَلْق أفعال العباد" ص 194 رقم (613)، والفَسَويّ في "المعرفة والتاريخ"(2/ 528)، والبيهقي في "شُعَب الإِيمان"(12/ 281 - 282) رقم (6559).
أقول: إسناده حسن.
والعجيب أنَّ الشيخ الألباني حفظه المولى في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"(2/ 387) يقول: "هذا إسناد رجاله ثقات غير محمد بن هَدِيَّة، فلم أر من وثَّقه"! ! مع أنَّ العِجْلي ترجم له في "تاريخ الثقات" ص 415 رقم (1510) وقال: "مِصري تابعي ثقة". كما ترجم له ابن حِبَّان في "ثقاته"(5/ 381). وذكره الفَسَويّ في "المعرفة والتاريخ"(2/ 528) في جملة ثقات التابعين من أهل مِصر. وترجم له الحافظ ابن حَجَر في "التهذيب"(9/ 495)، و"التقريب" (2/ 214) وقال:"مقبول"! ! .
(1)
ضُبط في "صفة المنافق" بضم الهاء وفتح الدال، وهو خطأ. قال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب" (2/ 214):"بفتح الهاء وكسر المهملة وتشديد التحتانية".
قال الهيثمي في "المجمع"(6/ 230): "رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات، وكذلك رجال أحد إسنادي أحمد ثقات".
ورواه أحمد في "المسند"(2/ 175) من طريق ابن لَهِيعة، عن درَّاج، عن عبد الرحمن بن جُبَيْر، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا.
و(ابن لَهِيعة): ضعيف. و (دَرَّاج بن سَمْعَان السَّهْمِيّ أبو السَّمْح) فيه ضعف. وستأتي ترجمته في حديث (493).
وأما حديث عبد اللَّه بن عبَّاس:
فقد رواه العُقَيْلي في "الضعفاء الكبير"(1/ 274) في ترجمة (حفص بن عمر العَدَني)، من طريق حفص هذا، عن الحَكَم بن أَبَان، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاس مرفوعًا. وقال:"لا يُتَابَعُ على هذا أيضًا من حديث ابن عبَّاس. وقد رُوي عن عبد اللَّه بن عمرو عن النبيِّ عليه السلام بإسناد صالح".
أقول: (حفص بن عمر بن ميمون العَدَني): ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (784).
وأمَّا حديث عِصْمَة بن مالك:
فقد رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(17/ 179)، وابن عدي في "الكامل"(6/ 2041) في ترجمة (الفضل بن مختار البَصْري)، من طريق الفضل هذا، عن عبد اللَّه بن وهب، عن عِصْمَة بن مالك مرفوعًا.
قال ابن عدي: لا يُتَابَعُ عليه.
وقال الهيثمي في "المجمع"(6/ 230): "رواه الطبراني وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف".
وقد أورد الإِمام الشَّوْكَانيُّ حديث: "أكثر منافقي أُمَّتي قراؤها" في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" ص 288، وعزاه لأحمد والطبراني. ولم
يصب في إيراده له في كتاب "الموضوعات". وقد علَّق عليه محققه العلَّامة اليَمَاني رحمه الله بقوله: "بأسانيد في كلّ منها مَقَال". وقوله هذا موضع نظر كما يتبين من التخريج السابق.
معنى الحديث:
قال الإِمام البَغَوي في "شرح السُّنَّة"(1/ 77): "هو أن يعتاد ترك الإِخلاص في العمل، كما جاء: "التَّاجِرُ فَاجِرٌ"
(1)
، وأراد: إذا اعتاد التاجر الكذب في البيع والشراء، لا أنّ نفس التجارة فجور، بل هي أمر مأذون فيه، مباح في الشرع".
وقال الإِمام ابن الأثير في "النهاية"(4/ 31): "أي أنهم يحفظون القرآن نفيًا للتهمة عن أنفسهم، وهم معتقدون تضييعَهُ. وكان المنافقون في عصر النبيِّ صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة".
وقال الإِمام المُنَاوي في "فيض القدير"(2/ 80): "أي الذين يتأولونه على غير وجهه يضعونه في غير مواضعه، أو يحفظون القرآن تَقِيَّةً للتُّهْمَةِ عن أنفسهم وهم معتقدون خلافه، فكان المنافقون في عصر النبيّ صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة. ذكره ابن الأَثِير. وقال الزَّمَخْشَريُّ: أراد بالنفاق الرِّيَاء، لأنّ كلًّا منهما: إرادة ما في الظاهر خلاف ما في الباطن". ثم استفاض في ذكر تفصيل. ذلك نقلًا عن غيره، فانظره فإنه جيِّد.
* * *
96 -
أخبرنا أبو القاسم طلحة بن عليّ بن الصَّقْر الكَتَّاني قال: نبأنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشَّافِعِي قال: نبأنا محمد بن أحمد بن المهدي أبو عُمَارة قال: نبأنا أبو نافع أحمد بن كثير قال: نبأنا جعفر بن محمد العابد قال: نبأنا أبو يعقوب الأعمى، عن إسماعيل بن مَعْمَر، عن محمد بن عبد اللَّه الدَّغْشِيّ
(1)
قال محققا "شرح السُّنَّة" في تخريجهما له: "حديث حسن". وعزاه بنحوه مطوَّلًا إلى التِّرْمِذِيّ وابن ماجه وأحمد وابن حِبَّان والحاكم.
-قَبِيلٌ من اليمن- قال: سمعت مُجَالِد بن سعيد يقول: سمعت مَسْرُوقًا يقول:
سمعت عبد اللَّه بن مسعود يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "القرآنُ كلامُ اللَّه ليس بخَالِقٍ ولا مَخْلُوقٍ، فمن زَعَمَ غير ذلك فقد كَفَرَ بما أَنْزَلَ اللَّهُ على محمّدٍ صلى الله عليه وسلم".
(1/ 360 - 361) في ترجمة (محمد بن أحمد بن المهدي أبو عُمَارة).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن المهدي أبو عُمَارة) وقد ترجم له في:
1 -
"السنن" للدَّارَقُطْنِيّ (1/ 205) وقال: "ضعيف جدًّا".
2 -
"تاريخ بغداد"(1/ 360 - 361) وقال: "في حديثه مناكير وغرائب".
3 -
"الميزان"(3/ 456 - 457) وفيه عن الدَّارَقُطْنِيّ: "متروك". وساق الحديث في ترجمته وقال: "هو موضوع على مُجَالِد".
وفيه (مُجَالِد بن سعيد الهَمْدَاني الكوفي) وهو ليس بالقويّ، وقد تغيَّر بأَخَرَةٍ كما قال ابن حَجَر. وستأتي ترجمته في حديث (1023).
و(مسروق) هو (ابن الأَجْدَع الهَمْدَاني الوَادِعي): إمام ثقة مُخَضْرَم. وستأتي ترجمته في حديث (346).
قال الخطيب عقب روايته له: "هذا الحديث منكر جدًّا. وفي إسناده غير واحد
(1)
من المجهولين. وقد رواه أحمد بن بشير الكوفي عن مُجَالِد. عنه، وهما موقوفان". ثم ساق إسناده إلى ابن مسعود موقوفًا عليه.
(1)
قوله: "إسناده غير واحد" غير موجود في المطبوع، لأن محله بياض في الأصل. فأثبته من "الموضوعات" لابن الجَوْزي (1/ 108) حيث نقل نصّ كلام الخطيب.
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(1/ 108) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، ونقل قوله السابق.
وقال ابن الجوزي (1/ 109): "وقد رُوي في هذا الباب أحاديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليس فيها شيء يثبت عنه".
وذكره السيوطي في "اللالئ المصنوعة"(1/ 4).
وقال الشَّوْكَانِيُّ في "الفوائد المجموعة" ص 313: "وذَكَرَ له -يعني السيوطي- شواهد، وأطال في غير طائل. فالحديث موضوع، تَجَارَأ على وضعه من لا يستحي من اللَّه تعالى. . . . ".
وذكره ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة"(1/ 134 - 135)، وقال عقب نقله القول الذَّهَبِيِّ السابق:"هو موضوع على مُجَالِد": "يعني لأنَّ مُجَالِدًا روى له مسلم مقرونًا بغيره، واللَّه أعلم".
قال الحافظ السَّخَاويُّ في "المقاصد الحسنة" ص 304: إنَّه "من جميع طرقه باطل. . . ورُوي عن معاذ وابن مسعود وجابر مرفوعًا ولا يصحُّ شيء من ذلك، أسانيده مظلمة لا ينبغي أَنْ يُحْتَجَّ بشيء منها، ولا أَنْ يُسْتَشْهَدَ بها".
* * *
97 -
أخبرنا محمد بن الحسين القَطَّان قال: نبأنا عبد الباقي بن قَانِع قال: نبأنا محمد بن أحمد بن نصر التِّرْمِذِيّ قال: نبأنا إبراهيم بن المنذر قال: نبأنا سعيد بن محمد مولى بني هاشم قال: نبأنا محمد بن المُنْكَدِر،
عن جابر قال: جاء رجل إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يشكو إليه الفَاقَةَ فأمره أن يتزوَّج.
(1/ 365) في ترجمة (محمد بن أحمد بن نصر التِّرْمِذِيّ أبو جعفر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا.
ففيه (سعيد بن محمد بن أَبي موسى المَدِيني مولى بني هاشم أَبو عثمان) وقد ترجم له في:
1 -
"الجرح والتعديل"(4/ 58) وفيه عن أَبي حاتم: "ليس بشيء".
2 -
"المجروحين"(1/ 326) وقال: "يقلب الأخبار، روى عن ابن المُنْكَدِر بنسخة منها أشياء مستقيمة تشبه حديث الثقات، وأشياء مقلوبة لا تشبه حديث الأثبات. لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد".
3 -
"الميزان"(2/ 15) وذكر تضعيف أَبي حاتم وابن حِبَّان له فقط. ومثله في "اللسان"(3/ 41).
كما أنَّ فيه (عبد الباقي بن قَانِع الأُمَوي البغدادي أبو الحسين) وهو صدوق تغيَّر بأَخَرَةٍ. وستأتي ترجمته في حديث (176).
التخريج:
لم أقف على من رواه غير الخطيب.
وقد ذكره الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(2/ 156)، وابن حَجَر في "اللسان"(3/ 41) في ترجمة (سعيد بن محمد المَدِيني)، من الطريق المتقدِّم.
وقد روت السيدة عائشة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ، فإنهنَّ يَأْتينَ بالمَالِ".
والراجح إرساله كما قال الدَّارَقُطْنِيُّ. وسيأتي تخريجه في حديث (1363).
* * *
98 -
أخبرنا أبو سعد المَالِيني -قراءة- قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن يعقوب القُرَشي قال: نبأنا أَبو بكر محمد بن أحمد بن نصر العطَّار البغدادي قال: نبأنا محمد بن سِنَان القَزَّاز البصري قال: نبأنا مَرْدُوْيَه بن يزيد، عن الحسن بن أبي الحسن، أنَّه أخبرهم عن أبي العَالِية البَرَّاء،
عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من اتخذ قوسًا في بيته نَفَى اللَّه عنه الفَقْرَ أَربعينَ سنةً".
قال الخطيب: "كذا أخبرنا أبو سعد بهذا الحديث قال فيه: عن الحسن بن أبي الحسن، إنما هو ابن أبي الحسناء، بزيادة ألف". ثم ساق الإسناد من وجه آخر فيه ذكر الاسم على الصواب.
(1/ 366) في ترجمة (محمد بن أحمد بن نصر العطَّار أبو بكر).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه (أحمد بن يعقوب بن نُفَّاطة القُرَشي أَبو بكر) وقد ترجم له في:
1 -
"ميزان الاعتدال"(1/ 164) وقال: قال الحاكم: كان يضع الحديث، كاشَفْتُهُ ونَصَحْتُهُ واستحييت من فصاحته وبراعته".
2 -
"لسان الميزان"(1/ 326) وقال: "لعله الآتي" يعني (أحمد بن يعقوب بن عبد الجبَّار الأُمَوي المَرْوَاني الجُرْجَاني)، فقد ترجم له الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(1/ 165) عقب ترجمة السابق، ونقل عن البيهقي قوله:"روى أحاديث موضوعة، لا أستحل رواية شيء منها". وقال الحاكم: "هو أحمد بن يعقوب بن مقاطر القُرَشي أبو بكر الجُرْجَاني
(1)
: كان يضع الحديث ويحدِّثهم عن أَبي حَنيِفة،
(1)
أقول: ترجم له ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(2/ 282 - 283) -مخطوط-، وذكر نسبه كاملًا، وساق بعض أخباره، وبعض موضوعاته، ونقل في خاتمة ترجمته قول البيهقي السابق الذي نقله عنه الذَّهَبِيّ.
وعن مجاهد، قَصَدْتُهُ وكاشفْتُهُ، ونصحْتُهُ، فرأيت من فصاحته وبراعته ما منع من الزيادة في مكاشفته. مات بالطابَرَان سنة سبع وستين وثلاثمائة".
وفيه (محمد بن سِنَان بن يزيد القَزَّاز البَصْري أبو بكر). وقد ترجم له في:
1 -
"الجرح والتعديل"(7/ 279) وقال: "كتب عنه أبي بالبَصْرة وكان مستورًا في ذلك الوقت وأتيته أنا ببغداد". وفيه عن عبد الرحمن بن خِرَاش: "هو كذَّاب روى حديث وَالآن عن رَوْح بن عُبَادة
(1)
فذهب حديثه".
2 -
"سؤالات الحاكم للدَّارَقُطْنِيّ" ص 134 رقم (163) وقال: "لا بأس به".
3 -
"تاريخ بغداد"(5/ 343 - 346) وفيه عن الآجُرِّيّ: "وسمعته -يعني أبا داود السِّجِسْتَانِيّ- يتكلَّمُ في محمد بن سِنَان، يُطْلِقُ فيه الكذب". وفيه عن عبد الرحمن بن يوسف بن خِرَاش: "ليس عندي بثقة".
4 -
"المغني"(2/ 589) وقال: "مشهور، رَمَاه بالكذب أبو داود وابن خِرَاش".
5 -
"التهذيب"(9/ 206 - 207) وقال: "إنْ كانَ عُمْدَةُ مَنْ كَذَّبَهُ كونه ادَّعى سماع هذا الحديث -يعني حديثَ وَالآن العَدَويّ- من ابن عُبَادة، فهو جرح ليِّنٌ، لعله استجاز روايته عنه بالوِجَادَة". وقال مَسْلَمة في "الصِّلة": "ثقة".
6 -
"التقريب"(2/ 167) وقال: "ضعيف، من الحادية عشرة"/ تمييز.
كما أن في إسناده صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن نصر العطَّار أبو بكر) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
كما أنّ فيه (مَرْدُوْيَه بن يزيد) وهو (عبد الصمد بن يزيد، يعرف بَمرْدُويَه الصَّائغ أبو عبد اللَّه) وقد ترجم له في:
(1)
أقول: حديث والآن العَدَويّ، رواه الخطيب في "تاريخه"(5/ 342). وسيأتي برقم (796) و (797).
1 -
"الثقات" لابن حِبَّان (8/ 515).
2 -
"الكامل"(5/ 1973) وفيه عن أَبي يَعْلَى: "قال يحيى بن مَعِين لمَرْدُوْيَه: كيف سمعت كلام فضيل؟ قال: أطرافًا. قال: كنت تقول له: قلت كذا أو قلت كذا، أي ضعَّفه ابن مَعِين". وقال ابن عدي: "لا أعرف له مسندًا فأذكره".
3 -
"تاريخ بغداد"(11/ 40 - 41) وفيه عن ابن مَعِين -رواية ابن الجُنَيْد
(1)
-: "لا بأس به، ليس ممن يكذب".
وقال الحسين بن فَهْم: "كان ثقة من أهل السُّنَّةِ والورع، وقد كَتَبَ النَّاسُ عنه". وكانت وفاته سنة (235 هـ).
4 -
"ميزان الاعتدال"(2/ 621) وقال: "يروي حكايات".
5 -
"اللسان"(4/ 23 - 24) وقال بعد ذكره لما تقدَّم عن أَبي يَعْلَى مِنْ ظَنِّهِ أَنَّ ابنَ مَعِين ضعَّفه: وهذا الظن يخالف ما رواه ابن الجُنَيْد عن ابن مَعِين من قوله: "لا بأس به ليس ممن يكذب".
و(أَبو سعد المَالِيني) هو (أحمد بن محمد بن أحمد الأنصاري الهَرَوي)، ترجم له الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر" (17/ 301 - 303) وقال:"الإمام المحدِّث الصادق الزاهد الجَوَّال. . . له معرفة وفهم، جَمَعَ وصَنَّفَ. . . وكان ذا صدقٍ وورعٍ وإتقانٍ، حَصَّل المسانيد الكبار". وكانت وفاته سنة (412 هـ)، كما ترجم له تلميذه الخطيب في "تاريخه" (4/ 371 - 372) مِنْ قَبْلُ وقال:"كان ثقةً صدوقًا متقنًا خَيِّرًا صالحًا".
التخريج:
عزاه في "الكنز"(4/ 354) رقم (10864) إلى الشِّيرازي في "الألقاب"، والخطيب عن أنس.
(1)
لم أجد ترجمته في النسخة المطبوعة من "سؤالات ابن الجُنَيْد لابن مَعِين".
ولم أقف عليه في غيره في كُلِّ ما رجعت إليه، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
99 -
أخبرنا محمد بن عبد اللَّه بن شَهْرَيار الأصبهاني قال: نبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: نبأنا محمد بن أحمد بن الوليد البغدادي قال: نبأنا محمد بن أبي السَّرِيّ العَسْقَلانيّ قال: حدَّثني الوليد بن مسلم قال: حدَّثني محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد اللَّه
(1)
بن سَلَام، عن أبيه،
عن جَدِّه قال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى المِرْبَد، فرأى عثمان بن عفَّان يقود ناقة تحمل دَقِيقًا وسَمْنًا وعَسَلًا. فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أَنِخْ" فأَنَاخَ، فدعا بِبُرْمَةٍ فجعل فيها من السَّمْنِ والعَسَلِ والدَّقِيقِ، ثم أمر فأوقد تحتها حتى نضج. ثم قال:"كُلُوا"، فَأَكَلَ منه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"هذا شيءٌ يدعوه أهلُ فارس الخَبِيصَ".
(1/ 368 - 369) في ترجمة (محمد بن أحمد بن الوليد البغدادي).
مرتبة الحديث:
في إسناده صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن الوليد البغدادي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
كما أنَّ فيه (محمد بن أَبي السَّرِيّ العَسْقَلانيّ) قال الحافظ عنه في "التقريب"(2/ 204): "صدوق عارف له أوهام كثيرة". وقال الذَّهَبِيُّ في "الكاشف"(2/ 82): "وُثِّقَ، ولَيَّنَهُ أبو حاتم". وستأتي ترجمته في حديث (382).
و (حمزة بن يوسف بن عبد اللَّه بن سَلَام) ذكره ابن حِبَّان في "الثقات"(4/ 170) وقال: "يروي عن أبيه، روى عنه محمد بن حمزة". ولم يوثِّقه غيره.
(1)
في المطبوع: "عبيد اللَّه"، وهو تصحيف. والتصويب من مصادر التخريج الآتية، ومن مصادر ترجمته المذكورة في مرتبة الحديث.
ولذا قال الحافظ عنه في "التقريب"(1/ 201): "مقبول". لكنه قال في "التهذيب"(3/ 35): "له عند ابن ماجه حديث واحد في قصَّة إسلام زيد بن سَعْيَة مختصرًا. وقد رواه الطبراني بتمامه وهو حديث حسن مشهور في دلائل النبوة. قلت: -القائل ابن حَجَر- وقد أخرجه ابن حِبَّان في "صحيحه"، والحاكم".
وقد قال الإِمام المِزِّيّ في "تهذيب الكمال"(7/ 347) في ترجمة (حمزة) بعد أن روى حديث قصَّة إسلام زيد بن سَعْيَة عن الطبراني من طريق حمزة: "هذا حديث مشهور في دلائل النبوة".
فظاهر صنيعهما الاحتجاج بحديث (حمزة بن يوسف بن عبد اللَّه بن سَلَام)، واللَّه أعلم.
أمَّا جَدُّهُ (يوسف بن عبد اللَّه بن سَلَام) فإنَّه قال عنه في "التقريب"(2/ 381): "صحابي صغير، وقد ذكره العِجْلي في ثقات التابعين". وترجم له الحافظ في "الإصابة"(3/ 671) وقال: "رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو صغير وحفظ عنه".
وباقي رجال الإِسناد حديثهم حسن. والوليد بن مسلم -وهو مُدَلِّسٌ مشهور مكثر- قد صَرَّحَ بالتحديث هنا.
والحديث عَدَّهُ الطبراني والهيثمي والمُتَّقِي الهِنْدِي من "مسند عبد اللَّه بن سَلَام"، والظاهر أنَّه من مسند (يوسف بن عبد اللَّه بن سَلَام)، فإنَّ (حمزة بن يوسف بن عبد اللَّه بن سَلَام) لا رواية له عن جَدِّه (عبد اللَّه)، إنما روايته عن أبيه (يوسف) كما في "الثقات" لابن حِبَّان، و"تهذيب الكمال" (7/ 344) فإنه قال:"روى عن أبيه عن جَدِّه عبد اللَّه بن سَلَام".
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 24)، و"المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين"- للهيثمي (7/ 83 - 84) رقم
(4085)
، من الطريق التي رواها الخطيب عنه، وقال:"لا يُرْوى عن عبد اللَّه بن سَلَام إلّا بهذا الإِسناد. تفرَّد به الوليد بن مسلم".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 37 - 38): "رواه الطبراني في الثلاثة، ورجال الصغير والأوسط ثقات"! .
ولم أقف عليه في "المعجم الكبير" المطبوع، لفقدان مسند "عبد اللَّه بن سَلَام" من الأصل المخطوط الذي طبع عنه.
ورواه البيهقي في "شُعَب الإِيمان"(10/ 479) رقم (5533)، من طريق الوليد بن مسلم قال: "حدَّثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد اللَّه بن سَلَام، عن أبيه، عن جدِّه أو غيره، به مرفوعًا.
ورواه بنحوه الحاكم في "المستدرك"(4/ 109 - 110)، عن عليّ بن حَمْشَاذ العَدْل، حدَّثنا عبيد بن شَريك، حدَّثنا محمد بن عبد العزيز الرَّمْلي، حدَّثنا الوليد بن مسلم، عن محمد بن حمزة بن عبد اللَّه بن سَلَام، عن أبيه، عن جَدِّه. وقال:"هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يُخَرِّجَاه". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
أقول: قوله في الإسناد: "محمد بن حمزة بن عبد اللَّه بن سَلَام" موضع نظر. فإنَّ (حمزة) هو (ابن يوسف بن عبد اللَّه بن سَلَام)، بل إنَّه قيل كما في "تهذيب الكمال" (7/ 343 - 324):"حمزة بن محمد بن يوسف بن عبد اللَّه بن سَلَام"
كما أنَّ (الوليد بن مسلم) -وهو من هو تدليسًا وتسويةً- قد عَنْعَنَ ولم يُصَرِّح بالسماع، لكنه عند الخطيب وغيره قد صَرَّح بالسماع، واللَّه أعلم.
ورواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(2/ 177 - 178) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، وقال:"هذا حديث لا يصحُّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تفرد به الوليد، وكان يسقط الضعفاء من الإسناد ويدلِّس".
أقول: لكنه قد صَرَّحَ عند الخطيب وغيره بالتحديث عن (محمد بن حمزة).
والحديث عزاه المُتَّقِي الهِنْدي في "كنز العُمَّال"(15/ 279 - 280) رقم (40989) إلى الطبراني في الكبير، والحاكم، والبيهقي في "شُعَب الإيمان" عن عبد اللَّه بن سَلَام.
هذا وقد ذكر الحافظ ابن حَجَر في "المطالب العالية"(2/ 324) رقم (2382) عن عبيد اللَّه بن أَبي عبد اللَّه قال: "صنع عثمان بن عفَّان خَبِيصًا بالعَسَل والسَّمْن والبُرِّ، فأتي به في قَصْعَةٍ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ قال: هذا يا نبيَّ اللَّه شيء تصنعه الأعاجم من البُرِّ والعسل والسمن، تسميه الخَبِيص، قال: فأكل". وعزاه ابن حَجَر للحارث بن أبي أُسَامة في "مسنده". وعلَّق عليه محققه بقوله: "قال البُوصيري: رواه الحارث بإسناد منقطع".
غريب الحديث:
قوله: "المِرْبَد": هو "الموضع الذي تحبس فيه الإِبل والغنم، وبه سُمِّي مِرْبَدُ المدينة والبصرة، وهو بكسر الميم وفتح الباء، من ربد بالمكان: إذا أقام فيه. وَرَبَدَهُ إذا حَبَسَهُ". "النهاية"(2/ 182).
قوله: "بُرْمَة": "هي القِدْر مطلقًا، وجمعها بِرَام. وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن". "النهاية"(1/ 121).
* * *
100 -
أخبرني محمد بن عبد اللَّه بن شَهْرَيَار قال: أنبأنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن هشام السِّجْزِيّ -ببغداد- قال: نبأنا عبد اللَّه بن عمر بن أَبَان قال: نبأني حسين بن عليّ الجُعْفِي، عن زَائِدَة، عن هشام بن حسَّان، عن محمد بن سِيرين،
عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول اللَّه: هَلْ نَصِلُ إلى نِسَائِنَا في الجَنَّةِ؟ فقال: "إنَّ الرَّجُلَ لَيِصِلُ في اليوم إلى مائةِ عَذْرَاءَ".
(1/ 371) في ترجمة (محمد بن أحمد بن هشام السِّجْزِيّ).
مرتبة الحديث:
صحيح لغيره.
ورجال إسناده كلُّهم ثقات عدا صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن هشام السِّجْزيّ) فإنّ الخطيب لم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا، ولم أجد من ذكره بذلك، لكنه قد تُوبِعَ كما سيأتي.
و(زَائِدَة) هو (ابن قُدَامة الكوفي أبو الصَّلْت): ثقة ثَبْت. وستأتي ترجمته في حديث (1475).
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 12 - 13) من الطريق التي رواها الخطيب عنه، وقال:"لم يروه عن هشام إلّا زائدة، تَفَرَّدَ به الجُعْفِيّ".
ورواه أَبو نُعَيْم في كتاب "صفة الجنَّة"(3/ 213 - 214) رقم (373)، من الطريق المتقدِّم بإسنادين، أحدهما عن الطبراني.
ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(1/ 406 - 407) رقم (722)، عن أحمد بن علي الأبَّار، حدَّثنا أَبو هَمَّام الوليد بن شُجَاع، حدَّثنا حسين بن عليّ الجُعْفِيّ، به. وقال:"لم يرو هذا الحديث عن هشام إلّا زائدة".
أقول: إسناده صحيح.
والحديث ذكره ابن القَيِّم في "حادي الأرواح" ص 225 عن الطبراني من طريقَيْه، ونقل عن الإِمام محمد بن عبد الواحد المَقْدِسي قوله:"رجال هذا الحديث عندي على شرط الصحيح".
ونقله عن المَقدِسي أيضًا: ابن كثير في "الفتن والملاحم" ص 478.
وقال ابن القَيِّم في "حادي الأرواح" ص 229: "إسناده صحيح"
(1)
.
ورواه البزَّار في "مسنده"(4/ 198) رقم (3525) -من كشف الأستار-، عن محمد بن ثَوَاب، حدَّثنا حسين بن عليّ، به، وقال: "لا نعلم رواه عن هشام إلّا حسين
(2)
".
أقول: إسناد البزَّار حسن، فرجاله كلُّهم ثقات، عدا (محمد بن ثَوَاب بن سعيد الهَبَّاري الكوفي) فإنَّه صدوق كما قال الذَّهَبِيُّ في "الكاشف"(3/ 24)، وابن حَجَر في "التقريب"(2/ 149). وانظر "التهذيب"(9/ 86 - 87).
قال الهيثمي في "المجمع"(10/ 417) بعد عزوه له إلى البزَّار والطبراني في "الصغير" و"الأوسط": "رجال هذه الرواية رجال الصحيح غير محمد بن ثَوَاب وهو ثقة".
وللحديث شاهد من حديث ابن عبَّاس، رواه أبو يَعْلَى في "مسنده"(4/ 326) رقم (2436)، وهنَّاد بن السَّرِيّ في "الزهد"(1/ 87) رقم (88)، وعنه أَبو نُعَيْم في "صفة الجنَّة"(3/ 214 - 215) رقم (374)، والبيهقي في "البعث والنشور" ص 222 رقم (365)، من طريق هشام بن حسَّان، عن زيد بن الحَوَارِي، عن ابن عبَّاس مرفوعًا.
قال في "المجمع"(10/ 416): "رواه أبو يَعْلَى وفيه زيد بن الحَوَارِي وقد وُثِّقَ على ضَعْفٍ، وبقية رجاله ثقات".
(1)
وقد أعلَّه أبو حاتم في "العلل"(2/ 213) بأنَّ (حسينًا) أخطأ فيه، وإنما هو عن هشام عن زيد بن الحَوارِي عن ابن عبَّاس. أقول لا دليل على هذا الخطأ. فحسين موصوف بالإتقان. قال محمد بن عبد الرحمن الهَرَوي كما في "تهذيب الكمال" (6/ 451 - 452):"ما رأيتُ أتقنَ من حسين الجُعْفِيّ، رأيت في مجلسه أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين، وخَلَف بن سالم المَخْزُومي".
(2)
هكذا في المطبوع، والصواب:"إلَّا زائدة".
أقول: إسناده ضعيف لضعف (زيد بن الحَوَارِي العَمِّيّ البَصْري) وستأتي ترجمته في حديث (374).
* * *
101 -
أخبرنا محمد بن عبد اللَّه بن شَهْرَيَار قال: أنبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: نبأنا محمد بن أحمد بن يزيد النَّرْسِيّ البغدادي قال: نبأنا أَبو عمر حفص بن عمر الدُّوري المُقْرِئ، عن أَبي محمد اليَزِيدي، عن أبي عمرو بن العلاء، عن مجاهد،
عن ابن عبَّاس: أنَّه كان يُنْكِرُ على من يقرأ {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [سورة آل عمران: الآية 161]. ويقول: كيف لا يكون له أن يُغَلَّ وقد كان له أن يُقْتَلَ؟ قال اللَّه تعالى: {وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [سورة آل عمران: الآية 112]. ولكن المنافقين اتهموا النبيَّ صلى الله عليه وسلم في شيء من الغنيمة، فأنزل اللَّه:{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} .
(1/ 372 - 373) في ترجمة (محمد بن أحمد بن يزيد النَّرْسِيّ).
مرتبة الحديث:
رجال إسناده كلُّهم ثقات عدا شيخ الطبراني صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن يزيد النَّرسِيّ) فإنَّ الخطيب لم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا، ولم أقف على من ذكره بذلك.
و (أَبو محمد اليَزِيدي) هو (يحيى بن المبارك بن المغيرة العَدَوي البَصْري النَّحْوي أَبو محمد)، وقد ترجم له الخطيب في "تاريخه" (14/ 146 - 148) وقال:"كان اليَزِيدي: ثقة، وكان أحد القُرَّاء العظماء، عالمًا بلغات العرب. ." كما ترجم له الذَّهَبيُّ في "السِّيَر"(9/ 562 - 563) وقال: "شيخ القرَّاء. . . وقد أَدَّبَ المأمون، وعظم حاله، وكان ثقةً، عالمًا حُجَّةً في القراءة، لا يدري ما الحديث، لكنَّه أخباري، نَخْوي. . . ". وكانت وفاته سنة (202 هـ).
و (أبو عمرو بن العلاء المَازِني القارئ النَّحْوي): اختُلِفَ في اسمه، والأشهر أنه (زَبَّان)، وهو أحد الأئمة القرَّاء السبعة، ثقة، من علماء العربية، قليل الحديث. انظر ترجمته في:"سِيَر أعلام النبلاء"(6/ 407 - 410)، و"تهذيب التهذيب"(12/ 178 - 180)، و"التقريب"(2/ 454).
و(مجاهد) هو (ابن جَبْر المَكِّي): إمام في القراءة والتفسير، ثقة حجَّة. وستأتي ترجمته في حديث (399).
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 15) من الطريق التي رواها الخطيب عنه، وقال:"لم يروه عن أَبي عمرو بن العلاء إلّا اليَزِيدي، تفرَّد به أبو عمر الدُّوري".
أقول: والحديث بدون ذكر إنكار ابن عبَّاس قراءة (يُغَلَّ)، وبشيء من المغايرة في بعض اللفظ فيما تبقى، رواه أبو داود في "سننه" في الحروف والقراءات (4/ 280) رقم (3971)، والتِّرْمِذِيّ في تفسير القرآن، باب ومن سورة آل عمران (5/ 230) رقم (3009)، وابن جَرِير الطبري في "تفسيره"(7/ 348) رقم (8136)، من طريق عبد الواحد بن زياد، عن خُصَيْف، عن مِقْسَم، عن ابن عبَّاس قال:"نزلت هذه الآية: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} في قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ فُقِدَتْ يوم بَدْرٍ، فقال بعض النّاس: لعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخذها، فأنزل اللَّه عز وجل {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} إلى آخر الآية".
قال التِّرْمِذِيُّ: "هذا حديث حسن غريب".
أقول: إسناده ضعيف، ففيه (خُصَيْف بن عبد الرحمن الجَزَري أبو عون) وهو كما قال الحافظ في "التقريب" (1/ 224):"صدوق سيء الحفظ خلط بأَخَرَةٍ". وستأتي ترجمته في حديث (720).
قال الإمام ابن الجَوْزي في "زاد المَسِير"(1/ 491): "واختلف القُرَّاءُ في "يغلّ" فقرأ: ابن كثير وعاصم وأبو عمرو: بفتح الياء وضم الغين، ومعناها: يخون. وفي هذه الخيانة قولان. أحدهما: خيانة المال على قول الأكثرين. والثاني: خيانة الوحي على قول القُرَظِيّ وابن إسحاق. وقرأ الباقون: بضم الياء وفتح الغين، ولها وجهان: أحدهما: أن يكون المعنى يُخَان، قاله الحسن وابن قُتَيْبَة. والثاني: يُخَوَّن، قاله: الفرَّاء، وأجازه الزَّجَاج، ورَدَّه ابنُ قُتَيْبَة، فقال: لو أراد: يخون، لقال: يغلل، كما يقال: يفسق، ويخون، ويفجر".
وانظر لمزيد تفصيل حول القراءتين وتوجيههما: "تفسير ابن أبي حاتم"(2/ 636 - 640)، و"تفسير الطبري"(7/ 348 - 355)، و"تفسير ابن كثير"(1/ 430).
* * *
102 -
أخبرنا أبو نُعَيْم الحافظ قال: نبأنا أبو الطيِّب محمد بن أحمد بن يوسف بن جعفر المُقرئ البغدادي -قَدِمَ علينا- قال: نبأنا إدريس بن عبد الكريم الحدَّاد قال: قرأتُ على خَلَف فلما بلغت هذه الآية {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ} [سورة الحشر: الآية 21] قال: ضع يدك على رأسك، فإني قرأتُ على سليم فلما بلغت هذه الآية قال: ضع يدك على رأسك، فإني قرأت على حمزة فلما بلغت هذه الآية قال: ضع يدك على رأسك، فإني قرأت على الأَعْمَش فلما بلغت هذه الآية قال: ضع يدك على رأسك، فإني قرأت على عَلْقَمَة والأسود فلما بلغت هذه الآية قالا: ضع يدك على رأسك، فإنّا قرأنا على عبد اللَّه فلمّا بلغنا هذه الآية قال: ضَعَا أيديكما على رؤوسكما، فإني قرأت على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا بلغتُ هذه الآية قال لي:"ضع يدك على رأسك، فإنَّ جبريل لما نَزَلَ بها إليَّ، قال لي: ضَعْ يَدَكَ على رَأْسِكَ فإنّها شِفَاءٌ من كُلِّ دَاءٍ إلّا السَّامُ، والسَّام: الموتُ".
(1/ 377 - 378) في ترجمة (محمد بن أحمد بن يوسف المُقْرِئ أبو الطيِّب يعرف بغلام ابن شَنَبُوذ).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد بن يوسف المُقْرِئ أبو الطيِّب، غلام ابن شَنَيُوذ): لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا. وذكره الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(3/ 462) وقال: "زعم أنَّه قرأ على إدريس بن عبد الكريم، ورَوى عنه حديثًا باطلًا بإسناد ما فيهم مُتَّهَمٌ، فالآفة هو. روى عنه أبو نُعَيْم". قال ابن حَجَر في "اللسان"(5/ 52): "والحديث الذي أشار إليه أورده الخطيب في ترجمته". ثم ساقه ابن حَجَر عن الخطيب بتمامه. وقال ابن حَجَر قَبْلُ: "وقد كرره المؤلف -يعني الذَّهَبِيّ- سهوًا، وهو (محمد بن أحمد المُقْرِيء) المذكور قبل قليل".
أقول: قد ترجم الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(43/ 461 - 462) لـ (محمد بن أحمد بن إبراهيم المُقْرِئ أبو الفرج الشَّنبُوذِي غلام ابن شَنَبُوذ) وقال: "أساء الثناءَ عليه الدَّارَقُطْنِيُّ. وقال أَبو بكر الخطيب: تكلَّم النَّاس في رواياته. فحدَّثني أحمد بن سليمان الوَاسِطي المُقْرئ قال: كان الشَّنَبُوذي يذكر أنَّه قرأ على الأُشْنَاني فتكلَّموا فيه. فلت -القائل الذَّهَبِيّ-: مولده سنة ثلاثمائة. والأُشْنَاني فمات سنة سبع وثلاثمائة. . . ".
ونقل هذا عنه في "اللسان"(51/ 5) ثم قال: "وقال الخطيب في ترجمته: خرج من بغداد وتَغَرَّبَ
(1)
، وحدَّث بأَصْبَهَان عن إدريس بن عبد الكريم وأبي الحسن بن الشَّنَبُوذ .. . . ".
أقول: ما ذكره ابن حَجَر في "اللسان" نقلًا عن الخطيب، إنما قاله في ترجمة (محمد بن أحمد بن يوسف المُقْرِيء أبو الطيِّب غلام ابن شَنَبُوذ)، والذي ذكره الذَّهَبِيِّ هو في (محمد بن أحمد بن إبراهيم المُقْرِئ أبو الفرج الشَّنَبُوذي غلام ابن شَنَبُوذ). وقد ترجم له الخطيب في "تاريخه"(1/ 271 - 272) ترجمة مستقلة،
(1)
تَصَحَّفَ في "اللسان" إلى: "ويعرف"، والتصويب من "تاريخ بغداد"(1/ 377).
وذكر إساءة ثناء الدَّارَقُطْنِيِّ عليه، وقال الخطيب: تكلَّم النَّاس في رواياته". فالظاهر من ذلك أنهما عند الخطيب والذَّهَبِيِّ شخصان مختلفان. فاسم الجدِّ مختلف، والكُنية كذلك. بينما هما عند الحافظ ابن حَجَر شخص واحد، واللَّه أعلم.
التخريج:
رواه أبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان"(1/ 154) من الطريق التي رواها الخطيب عنه.
وذكره ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة المرفوعة"(1/ 295 - 296) -في الفصل الثالث، وهو ما زاده السيوطي على ابن الجَوْزي- فقال بعد أن ذكر ما تقدَّم عن الذَّهَبِيِّ من حكمه ببطلانه:"وأخرجه الدَّيْلَمي من طريقين عن حمزة عن الأَعْمَش. قلت -القائل أبن عَرَّاق-: وقع في أحدهما: عن الأَعْمَش فإني قرأت على عليّ بن أبي طالب إلى آخره. قال الدَّيْلَمِيُّ عقب إخراجه: قوله: (قرأت على عليّ بن أبي طالب) لا يصحّ. لأنه إنما قرأه علي يحيى بن وثَّاب، وهو قرأه على عَلْقَمَة، وهو قرأه على ابن مسعود، وهو قرأه على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. انتهى. ثم الراوي له عن حمزة في الطريق الأولى (عليّ بن الفضل) لم أقف له على ترجمة. وفي الطريق الثانية: سليمان بن عيسى، وأظنه السِّجْزِي الكذَّاب، واللَّه أعلم".
وذكره الشَّوْكَانِيُّ في "الفوائد المجموعة" ص 312 - 313، وذكر قول الذَّهَبِيّ ببطلانه، ورواية الدَّيْلَمِيّ له من طريقين، وقال:"ولم يعرف كيف حال رجالهما". فَعَلَّقَ المحقق العلَّامة اليَمَاني عليه بقوله: "قد ساقهما السيوطي في "الذَّيْل" -يعني "ذيل اللآلئ المصنوعة"-، وهما مُظْلِمَانِ، وفي النسخة تحريف وسقط".
وقد رواه العلَّامة محمد عبد الباقي الأيوبي في كتابه "المناهل السلسلة في
الأحاديث المسلسلة" ص 73 - 74 بإسناده من الطريق المتقدِّم، وقال: "المسلسل أورده أبو نُعَيْم وابن مَسْدِي
(1)
في مسلسلاتهما، وتبعهما من بعدهما". ثم ذكر قول الذَّهَبِيِّ ببطلانه وقال:"رواة الحديث المسلسل المذكور ثقات فلا أعلم وجه بطلانه"!!
أقول: قد بَيَّنَ الذَّهَبِيُّ فيما تقدَّم عنه وجه بطلانه. واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
103 -
أخبرنا محمد بن أحمد بن يوسف القاريء -في جامع المهدي- قال: نبأنا محمد بن المُظَفَّر الحافظ قال: نبأنا أبو عَرُوْبَة الحَرَّاني قال: نبأنا أحمد بن سليمان الرُّهَاوي قال: نبأنا أبو قَتَادة عبد اللَّه بن وَاقِد، عن سفيان الثَّوْري، عن مُطَرِّف، عن أَبي الجَهْم،
عن البَرَاء بن عَازِب قال: قَنَتَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الرُّكُوعِ، ثم كَبَّرَ وَرَكَعَ.
(1/ 678) في ترجمة (محمد بن أحمد بن يوسف البزَّار أبو منصور).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. وقد صَحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قَنَتَ قبل الركوع.
ففيه (عبد اللَّه بن وَاقِد الحَرَّاني أبو قَتَادة) وهو متروك. وستأتي ترجمته في حديث (1056).
و (أبو عَرْوبَة الحَرَّاني) هو (الحسين بن محمد بن أبي مَعْشَر السُّلَميّ
(1)
هو (محمد بن يوسف بن موسى بن يوسف بن مَسْدِي الأَزْدي المُهَلَّبي الأندلسي أبو بكر): حافظ علَّامة رحَّال، له تصانيف كثيرة وتوسع في العلوم وتفنن، وفيه تشيّع وبدعة، (ت 663 هـ). انظر ترجمته في "تذكرة الحفَّاظ"(4/ 1448 - 1450)، و"طبقات علماء الحديث" لابن عبد الهادي (4/ 234 - 235)، و"لسان الميزان"(5/ 437 - 438).
الجَزَريّ)، ترجم له الحافظ الذَّهَبِيُّ في "السير" (14/ 510 - 512) وقال:"الإمام الحافظ المُعَمَّر الصادق. . . . صاحب التصانيف". توفي عام (318 هـ).
و(أبو الجَهْم) هو (سليمان بن الجَهْم الأنصاري الجُوْزجَاني مولى البراء)، وقال عنه في "التقريب" (1/ 322):"ثقة، من الثالثة"/ د س ق. وانظر في ترجمته مفصَّلًا: "تهذيب الكمال"(11/ 381 - 382)، و"تهذيب التهذيب"(4/ 177).
و(مُطَرِّف) هو (ابن طَرِيف الحارثي الكوفي): ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (369).
وباقي رجال الإسناد حديثهم حسن.
التخريج:
لم يروه غير الخطيب فيما وقفت عليه.
ومسألة القنوت قبل الركوع وبعده مسألة خلافية، وقد وردت الآثار الكثيرة التي تدل لكلا القولين. انظر:"نصب الراية"(2/ 122 - 125)، و"التلخيص الحَبِير"(1/ 246 - 247)، و"تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (2/ 1086 - 1088)، و"جامع الأصول"(5/ 384) وما بعد، و"مجمع الزوائد"(2/ 138 - 139)، و"إرواء الغليل"(2/ 159 - 170).
ومن الأحاديث الواردة في قنوت النبيِّ صلى الله عليه وسلم قبل الركوع، ما رواه النَّسَائي في قيام الليل، باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر أُبَيّ بن كعب في الوتر (3/ 235)، وابن ماجه في إقامة الصلاة، باب ما جاء في القنوت قبل الركوع وبعده (1/ 374) رقم (1182) -واللفظ له- عن أُبَيّ بن كعب:"أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كانَ يُوتِرُ فَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ".
أقول: وإسناده صحيح.
* * *
104 -
أخبرنا ابن رِزْق قال: نبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يحيى بن زكريا بن الربيع -المعروف بابن الصَّوَّاف البزَّاز- قال: نبأنا أبو بكر محمد بن يحيى بن الحسين العَمِّيّ البَصْري -ببغداد- قال: نبأنا محمد بن مهدي قال: نبأنا مهدي بن هِلَال، عن عيسي بن المُطَّلِب الزُّهْرِيّ، عن الزُّهْرِيّ
(1)
، عن سعيد بن المسيَّب، عن عبد اللَّه بن عمرو، عن عثمان بن عفَّان،
عن أبي بكر الصديق قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "النجاةُ من هذا الأمر، ما أوصيتُ عليه عَمِّي أبا طالب عند الموت، شهادة أن لا إله إلَّا اللَّه".
(1/ 379) في ترجمة (محمد بن أحمد بن يحيى البزَّاز أَبو بكر يعرف بابن الصَّوَّاف).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. وقد ورد من طرق أخرى معلولة أيضًا.
ففيه (مهدي بن هلال البَصْري أبو عبد اللَّه) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(4/ 124) وقال: "كذَّاب".
2 -
"سؤالات محمد بن عثمان بن أَبي شَيْبَة لعليّ بن المَديِني" ص 168 رقم (345) وقال: "كان يُتَّهمُ بالكذب".
3 -
"التاريخ الكبير"(7/ 425) وفيه عن يحيى بن سعيد القَطاَّن: "غير ثقة".
4 -
"سؤالات الآجُرِّي لأبي داود السِّجِسْتَاني" ص 282 رقم (400) وقال: "كان كذَّابًا".
(1)
في المطبوع: "عن [ابن منهال] الزهري". ولا أدري من أين أقحم المصحح قوله: "ابن منهال". فقد رواه ابن عدي كما سيأتي من ذات الطريق، ولم يذكر:"ابن منهال". وقد أشار الخطيب من قبل في (1/ 273) من "تاريخ بغداد" أن عيسى بن المطلب المَدِيني يرويه عن الزُّهْرِيّ عن سعيد بن المسيَّب به.
5 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 227 رقم (592) وقال: "متروك الحديث".
6 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (4/ 227 - 228) وقال: "كان يرى القَدَر".
7 -
"الجرح والتعديل"(8/ 336 - 337) وفيه عن يحيى بن سعيد القَطَّان: "يكذب في الحديث".
8 -
"المجروحين"(3/ 30) وقال: "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، والمعضلات عن الثقات، حتى خرج عن حَدِّ الاحتجاج به بحال".
9 -
"الكامل"(6/ 3458 - 2459) وقال: "عامّة ما يرويه لا يُتَابَعُ عليه، وليس على حديثه ضوء ولا نور، لأنه كان يدعو النَّاس إلى رَأْيِهِ وبِدْعَتِهِ".
وفيه عن ابن مَعِين: "من المعروفين بالكذب ووضع الحديث: مهدي بن هلال".
10 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيّ ص 357 رقم (501) وقال: "يضع".
11 -
"اللسان"(6/ 106 - 107) وفيه أَنَّ النَّسَائي قال في "التمييز": "كذَّاب". وقال العِجْلي: "متروك الحديث، قَدَرِيٌّ". وعن أبي نُعَيْم الأصبهاني أنَّ أحمد بن حنبل كَذَّبَهُ.
كما أنَّ فيه: (عيسى بن المُطَّلِب الزُّهْرِيّ المَدِني أبو هارون) وقد ترجم له في:
1 -
"التاريخ الكبير"(6/ 398) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
2 -
"الجرح والتعديل"(6/ 289) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
3 -
"الثقات" لابن حِبَّان (8/ 490) وقال: "يروي المقاطيع".
4 -
"العلل" للدارقطني (1/ 171) وقال: ضعيف.
5 -
"اللسان"(4/ 406)، وقال:"وذكر -يعني الدَّارَقُطْنِيّ- في "غرائب مالك" أنَّه روي عن الزُّهْرِيّ حديثًا منكرًا".
كما أنّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد البزَّاز، ابن الصَّوَّاف) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
التخريج:
رواه ابن عدي في "الكامل"(6/ 2458) في ترجمة (مهدي بن هلال)، من طريق محمد بن مهدي بن هلال، عن مهدي بن هلال، به.
والحديث قد تقدَّم تخريجه موسعًا برقم (71).
* * *
105 -
أخبرني أحمد بن عمر بن رَوْح قال: أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن البزَّار قال: نبأنا أبو عبد اللَّه البُرْزَاطِي قال: نبأنا محمد بن عبد الملك بن زَنْجُوْيَه قال: نبأنا الجَارُود أبو الضَّحَّاك النَّيْسَابُوري، عن بَهْز، عن أبيه،
عن جدِّه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"أَتَرِعُونَ عَنْ ذِكْرِ الفَاجِرِ؟ اذْكُرُوه بما فيه يُحْذَرْهُ النَّاس".
(1/ 382) في ترجمة (محمد بن أحمد البُرْزَاطِيّ أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
منكر.
ففي إسناده (الجارود بن يزيد النَّيْسَابُوريّ العَامِريّ أبو الضَّحَّاك، وقيل: أَبو علي) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن معين"(2/ 76 - 77) وقال: "ليس بشيء".
2 -
"التاريخ الكبير"(2/ 237) وقال: "منكر الحديث. كان أبو أسامة يرميه -يعني بالكذب-".
3 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 72 رقم (102) وقال: "متروك الحديث".
4 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (1/ 202).
5 -
"الجرح والتعديل"(2/ 525) وفيه عن أَبي حاتم: "هو منكر الحديث، لا يُكْتَبُ حديثه، كذَّاب".
6 -
"المجروحين"(1/ 220 - 221) وقال: "يتفرّد بالمناكير عن المشاهير، ويروي عن الثقات ما، لا أصل له".
7 -
"الكامل"(2/ 595 - 596) وقال: "بَيِّنُ الأمر في الضِّعْفِ".
8 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيِّ ص 174 - 175 رقم (151) وقال: "متروك".
9 -
"تاريخ بغداد"(7/ 261 - 264) وفيه عن أبي داود: "غير ثقة".
وفيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد البُرْزَاطِيّ أبو عبد اللَّه) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا، ولم أقف على من ذكره بذلك.
وجَدُّ (بَهْز بن حَكِيم) هو الصحابي الجليل: معاوية بن حَيْدَة رضي الله عنه.
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 418) رقم (1010)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 21)، وفي "شُعَب الإيمان"(7/ 109) رقم (9666) و (9667) -ط بيروت-، وابن أَبي الدُّنْيَا في كتاب "الصَّمْت" ص 128، رقم (220)، وكتاب "الغِيبة والنَّمِيمة" ص 78 رقم (83)، والخطيب في "تاريخه"(3/ 188) و (7/ 261 - 262 و 268)، وفي "الكفاية في علم الرواية" ص 42 - ط الهند-، والعُقَيْلي في "الضعفاء"(1/ 202)، وابن حِبَّان في "المجروحين"(1/ 220)، وابن عدي في "الكامل"(2/ 595) -ثلاثتهم في ترجمة (الجارود بن يزيد) -، من طُرُقٍ، عن الجارود بن يزيد، عن بَهْزٍ، به.
ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(12/ 134) -مخطوط- من طريق أبي الحسن عليّ بن الحسن بن عبد المؤمن الخَوْلاني، عن محمد بن سليمان المِنْقَرِي، عن محمد بن يحيى النَّيْسَابُوري، عن عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن بَهْز بن حَكِيم، به.
أقول: (عليّ بن الحسن الخَوْلاني) و (محمد بن سليمان المِنْقَري)، لم أقف على من ترجم لهما فيما رجعت إليه.
ورواه الطبراني في "الصغير"(2/ 214 - 215)، و"الأوسط" -كما في "المقاصد الحسنة" ص 354 - ، من طريق عبد الوهاب بن همَّام -أخي عبد الرزاق الصَّنْعَاني-، عن مَعْمَر، عن بَهْز بن حَكِيم، به.
أقول: (عبد الوهاب بن هَمَّام الصَّنْعَاني) تُكُلِّمَ فيه. انظر "اللسان"(4/ 93 - 94). وقال السَّخَاويُّ في "المقاصد" ص 344: "كذَّاب"! . ولم يَذْكُرْ في "اللسان" تكذيبه عن أحد.
ورواه ابن عدي في "الكامل"(5/ 1784) في ترجمة (عمرو بن الأَزْهَر العَتَكي)، من طريق حسين بن سيَّار، عن عمرو بن الأَزْهَر، عن بَهْز بن حَكِيم، به.
وقال: "هذا يعرف بالجَارود بن يزيد. وقد رواه عمرو بن الأَزْهَر وغيره عن بَهْز بن حَكِيم، عن أبيه، عن جَدِّه. ورُوي عن الثَّوْري من رواية ضعيفٍ عنه. وكلُّ من روى هذا الحديث فهو ضعيف".
أقول: (عمرو بن الأَزْهَر العَتَكي الحدَّاد البَصْري): كذَّابٌ كما. قال أحمد وابن مَعِين وغيرهما. وستأتي ترجمته في حديث (740).
كما رواه ابن عدي في "الكامل"(3/ 1137) في ترجمة (سليمان بن عيسى السِّجْزِي)، من طريق سهل بن عمَّار، عن سليمان بن عيسى السِّجْزِي، عن سفيان الثوري، عن بَهْز بن حَكِيم، به.
وقال: "هذا عن الثَّوْري عن بَهْز: باطل. وإنما يروي هذا الحديث جارود بن يزيد، وقد سرقه من الجارود ضعفاء مثل عمرو بن الأَزْهَر وغيره".
قال العُقَيْلي في "الضعفاء الكبير"(1/ 202): "ليس له من حديث بَهْزٍ أصلًا، ولا من حديث غيره ولا يُتَابَعُ عليه".
وقال البيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 21): "هذا حديث يُعْرَفُ بالجارود بن يزيد النَّيْسَابُوري، وأنكره عليه أهل العلم بالحديث. سمعت أبا عبد اللَّه الحافظ يقول: سمعت أبا عبد اللَّه محمد بن يعقوب الحافظ غير مَرَّةٍ يقول: كان أبو بكر الجَارُودي إذا مرَّ بقبر جَدِّه في مقبرة الحسين بن معاذ يقول: يا أَبَتِ لو لم تحدِّث بحديث بَهْز بن حَكِيم لزرتك.
قال الشيخ: وقد سرقه عنه جماعة من الضعفاء، فرووه عن بَهْز بن حَكِيم، ولم يصحّ فيه شيء".
وقال البيهقي في "شُعَب الإِيمان"(7/ 109) -ط بيروت-: "هذا يُعَدُّ في أفراد الجارود بن يزيد عن بَهْز. وقد روي عن غيره، وليس بشيء. وهو إنَّ صحَّ فإنما أراد به فاجرًا مُعْلِنًا بفجوره، أو فاجرًا يأتي بشهادة، أو يعتمد عليه في أمانة، فيحتاج إلى بيان حاله لئلا يقع الاعتماد عليه. وباللَّه التوفيق".
ونقل ابن عدي في "الكامل"(2/ 595) عن أحمد بن حنبل قوله في الحديث: إنه منكر.
وروى الخطيب في "تاريخه"(7/ 262) عن أحمد بن حنبل أنه قيل له: رواه غيره -يعني الجارود-؟ فقال: ما علمت.
وقال الخطيب عقبه: "روي أيضًا عن سفيان الثَّوْري، والنَّضْر بن شُمَيْل، ويزيد بن أبي حَكِيم، عن بَهْز. ولا يثبت عن واحدٍ منهم ذلك. والمحفوظُ أنَّ الجارود تفرَّد برواية هذا الحديث".
وروى في (7/ 263) منه، عن عليّ بن المَدِيني وعمرو بن عليّ الفلَّاس قولهما في الحديث: إنه منكر.
ونقل المُنَاوي في "فيض القدير"(1/ 166) عن الدَّارَقُطْنِيِّ في "علله" قوله: "هو من وَضْع الجَارود، ثم سَرَقَهُ منه جَمْعٌ".
لكن نقل الإِمام الزَّرْكَشِي في "اللالئ المنثورة في الأحاديث المشهورة" ص 45 عن شيخ الإِسلام الهَرَوي قوله في كتابه "ذمّ الكلام": "هذا حديث حسن من حديث بَهْز بن حَكِيم. وزعم بعض النَّاس أنَّ الجارود تفرَّد به، وقد وهم".
قال الإمام السَّخَاوي في "المقاصد" ص 354 متعقبًا الإِمام الهَرَوي في قوله: "إنَّه حسن": "وليس كذلك".
وبما تقدَّم يُرَدُّ أيضًا على قول الهيثمي في "المجمع"(1/ 149): "رواه الطبراني في الثلاثة وإسناد "الأوسط" و"الصغير" حسن رجاله موثقون، واختلف في بعضهم اختلافًا لا يضره".
وقد أورد ابن طاهر المَقْدِسي الحديث في كتابه "معرفة التذكرة في الأحاديث الموضوعة" ص 85. وأعلَّه بـ (الجَارود).
أقول: وقد روى الطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 418) رقم (1011)، والقُضَاعي في "مسند الشِّهاب"(2/ 202) رقم (748)، وابن عدي في "الكامل"(5/ 1863) في ترجمة (العلاء بن بِشْر)، والخطيب في "الكفاية" ص 42 - ط الهند-، من طريق جُعْدُبَة بن يحيى اللَّيْثي، عن العلاء بن بِشْر، عن سفيان بن عُيَيْنَة، عن بَهْز بن حَكِيم، عن أبيه، عن جَدِّه مرفوعًا بلفظ:"ليس للفَاسِقِ غِيبَةٌ".
قال ابن عدي عقبه: "وهذا معروف بالعلاء بن بِشْر. ومنهم من قال: عن العلاء بن بِشْر، عن سفيان الثَّوْري، عن بَهْز بن حكِيم، وإنما هو: ابن عُيَيْنَة. فلو كان ما رواه الجارود بن يزيد عن بَهْز بن حَكِيم: "أَتَرِعُونَ عن ذِكْرِ الفَاجِرِ" لو كان حَقًّا لكنت أقول: إنَّ العلاء بن بِشْر في هذه الرواية أراد به حديث الجارود ولفظ حديث الجارود. والعلاء بن بِشْر. . . مقدار ما يرويه لا يُتَابَعُ عليه".
وقال السَّخَاويُّ في "المقاصد" ص 354 عقب نقله لكلام ابن عدي هذا مختصرًا: "وكذا قال الحاكم فيما نقله البيهقي في "الشُّعَب" عنه عقب إيراده له: إنه غير صحيح ولا معتمد. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وابن عُيَيْنَة لم يَسْمَع من بَهْز".
وقال ابن حِبَّان في "المجروحين"(1/ 221) بعد ذكره لرواية الجارود المتقدِّمة وبعض من رواه عن بَهْزٍ وبيان حالهم: "ورواه العلاء بن بِشْر لمَّا اتصل عن ابن عُيَيْنَة عن بَهْز وقَلَبَ مَتْنَهُ، ورواه شيخ من أهل الأُبُلة يقال له: نوح بن محمد، رأيته وكان غير حافظ للسانه عن أبي الأشعث عن مُعْتَمِر عن بَهْز. والخبر في أصله باطل، وهذه الطرق كلّها بواطيل لا أصل لها".
أقول: و (جُعْدُبَة بن يحيى) ترجم له الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(2/ 105 - 106)، ونقل عن الدَّارَقُطْنِيِّ قوله فيه:"متروك". وقال ابن حِبَّان في "الثقات"(8/ 504) في ترجمة (العلاء بن بِشْر): "روى عنه جُعْدُبَة
(1)
بن يحيى المناكير".
و(العلاء بن بِشْر العَبْشَمِيّ) ترجم له ابن عدي في "الكامل"(5/ 1863) وقال: "لا أعرف له تمام خمسة أحاديث، ومقدار ما يرويه لا يُتَابَعُ عليه". وترجم له ابن حِبَّان في "الثقات"(8/ 504) وقال: "شيخ، يروي عن ابن عُيَيْنَة، روى عنه جُعْدُبَة بن يحيى مناكير". كما ترجم له في "اللسان"(4/ 183) وفيه: "ضعَّفه أبو الفتح الأَزْدِيّ".
غريب الحديث:
قوله: (أَتَرِعُون) قال في "فيض القدير"(1/ 115): "بفتح همزة الاستفهام والمثناة فوق وكسر الراء: أي أَتَتَحرجُون وتكفُّون وتتورعون".
قال السَّخَاويُّ في "المقاصد" ص 355: "قال البيهقي: ولو صَحَّ فهو في
(1)
في "الثقات": "جعدية" بالياء. وفي اللسان، ومصادر التخريج:"جُعْدُبَة" بالباء.
الفاسق المُعْلِن بفسقه. وأخرج في "الشُّعَب" له، بسند جيِّد، عن الحسن أنه قال: ليس في أصحاب البدع غيبة. ومن طريق ابن عُيَيْنَة أنه قال: ثلاثة ليست لهم غِيبة: الإمام الجائر، والفاسق المُعْلِن بِفِسْقِهِ، والمُبْتَدعُ الذي يدعو النَّاس إلى بِدْعَتِهِ. ومن طريق زيد بن أسلم قال: إنما الغيبة لمن لم يعلن بالمعاصي. . . ".
وانظر في شرح الحديث: "فيض القدير"(1/ 115 - 116)، و"نوادر الأصول" للحكيم التِّرمِذِيّ ص 213.
* * *
106 -
أخبرنا الحسن بن أَبي طالب قال: نبأنا أحمد بن محمد بن عِمْران بن عُرْوَة قال: نبأنا أبو سعيد محمد بن أحمد الأصبهاني -صاحب عَضُد الدَّوْلَة، مِنْ حِفْظِهِ، ولم يكن عنده حديث غيره- قال: نبأنا أبو جعفر محمد بن عمر بن حفص الأصبهاني قال: نبأنا أبو هُدْبَة،
عن أنس بن مالك، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:"أَحَبُّكُم إلى اللَّه أَحَاسِنُكُم أخلاقًا، المُوَطَّؤونَ أَكْنَافًا، الذين يَأْلَفُونَ ويُؤْلَفُونَ، وإنَّ أَبْغَضَكُمْ إلى اللَّه المَشَّاؤونَ بالنَّمِيمَةِ، والمُفَرِّقُونَ بينَ الإِخوانِ، الملتمسونَ لهم العَثَرَاتِ".
(1/ 382) في ترجمة (محمد بن أحمد المَطْبَخِيّ الأَصْبَهَانيّ أبو سعيد).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. ولِمَتْنِهِ شواهد عدَّة يحسن بمجموعها.
ففيه (أبو هُدْبَة) وهو (إبراهيم بن هُدْبَة الفارسي البَصْري)، قال ابن حِبَّان عنه في "المجروحين" (1/ 114):"دجَّال من الدجاجلة، وكان رقَّاصًا بالبَصْرة يُدْعَى إلى الأعراس فيرقص فيها، فلمَّا كبر جعل يروي عن أنس ويضع عليه". وستأتي ترجمته في حديث (909).
وفيه صاحب الترجمة (محمد بن أحمد المَطْبَخِيّ الأَصْبَهَانيّ أبو سعيد) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
التخريج:
لم يروه من حديث أنس إلَّا الخطيب فيما وقفت عليه.
وقد عزاه في "كنز العُمَّال"(3/ 13) رقم (5198) إليه وحده.
لكن للحديث شواهد من حديث أبي هريرة، وعبد الرحمن بن غَنْم، وأسماء بنت يزيد، وعُبَادة بن الصَّامِت.
أمّا حديث أبي هريرة:
فقد رواه عنه بلفظ حديث أنس: الطبراني في "الصغير"(2/ 25)، و"الأوسط" -كما في "المجمع البحرين"(5/ 242) رقم (2994) -، وابن أبي الدُّنيا في "الصَّمْت"، ص 141 - 142 رقم (253)، و"الغِيبة والنَّمِيمة" ص 94 رقم (117)، وابن عدي في "الكامل"(4/ 1381). وإسناده ضعيف، لضعف (صالح بن بشير المُرِّي). وسيأتي من حديث أبي هريرة برقم (756).
وحديث عبد الرحمن بن غَنْم:
رواه أحمد في "المسند"(4/ 277)، عن سفيان، عن ابن أبي الحسين، عن شَهْر بن حَوْشب، عن عبد الرحمن بن غَنْم يبلغ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم:"خيار عباد اللَّه الذين إذا رُؤوا ذُكِرَ اللَّهُ، وشِرَارُ عبادِ اللَّهِ المشاؤون بالنَّمِيمة المفرِّقُونَ بينَ الأحِبَّة، البَاغُونَ البُرَآءَ العَنَتَ".
قال الهيثمي في "المجمع"(8/ 93) بعد أن عزاه له: "فيه شَهْر بن حَوْشب، وبقية رجاله رجال الصحيح".
وقال المُنْذِري في "الترغيب والترهيب"(3/ 499): "رواه أحمد عن شَهْرٍ عنه، وبقية إسناده محتج بهم في الصحيح".
أقول: (شَهْر بن حَوْشب) قال عنه في "التقريب"(1/ 355): "صدوق كثير الإِرسال والأوهام". وستأتي ترجمته في حديث (239).
وحديث أسماء بنت يزيد:
رواه أحمد في "المسند"(6/ 459)، والبخاري في "الأدب المفرد" ص 120 رقم (324)، وابن أبي الدُّنْيَا في "الصَّمْت" ص 142 رقم (255)، و"الغِيْبَة والنَّمِيْمَة" ص 95 رقم (119)، من طريق عبد اللَّه بن عثمان بن خُثَيْم، عن شَهْر بن حَوشب، عن أسماء بنت يزيد مرفوعًا بلفظ:"ألا أخبركم بخياركم؟ قالوا: بل يا رسول اللَّه. قال: الذين إذا رُؤوا ذكر اللَّهُ تعالى. ثم قال: ألا أخبركم بشراركم: المشاؤون بالنَّمِيمة، المفسدون بين الأحبَّة، البَاغُونَ للبُرَآءِ العَنَتَ".
والشطر الأول من الحديث ليس عند ابن أبي الدُّنْيَا في كتابَيْه.
قال الهيثمي في "المجمع"(8/ 93): "رواه أحمد، وفيه شَهْر بن حَوْشب، وقد وثَّقه غير واحد، وبقية رجال أحد أسانيده رجال الصحيح".
وعزاه المُنْذِري في "الترغيب والترهيب"(3/ 499 - 500) إلى ابن أبي شَيْبَة أيضًا وقال: "حديث عبد الرحمن -يعني (ابن غَنْم) المتقدِّم-: أصحّ. وقد قيل إنَّ له صُحْبَة"
(1)
.
وقال العِرَاقي في "تخريج أحاديث الإِحياء"(2/ 185): "رواه أحمد من حديث أسماء بنت يزيد بسند ضعيف".
وحديث عُبَادَة بن الصَّامِت:
رواه الطبراني في "المعجم الكبير" بنحو لفظ الشاهدين المتقدِّمين. قال في "المجمع"(8/ 93) بعد أن عزاه له: "وفيه يزيد بن ربيعة وهو متروك".
(1)
قال ابن حجر في "التقريب"(1/ 494) في ترجمة (عبد الرحمن بن غَنْم الأشعري): "مختلف في صحبته، وذكره العِجْلِي في كبار ثقات التابعين". وانظر: "الإِصابة"(2/ 417 - 418) وفيه: أن البخاري وابن يونس والليث بن سعد وابن لَهِيعة وعبد الرحمن بن الحارث قالوا بأنّ له صحبة. وهو ما مال إليه الحافظ ابن حَجَر رحمه الله.
أقول: (مسند عُبَادة بن الصامت) غير موجود في "المعجم الكبير" المطبوع لفقدانه من الأصل الخطي الذي طبع عنه.
والشطر الأول من حديث أنس: "أحبكم إلى اللَّه أحاسنكم أخلاقًا، الموطؤون أكنافًا، الذين يألفونَ ويُؤلفونَ". له شواهد عِدَّة من غير حديث أبي هريرة، انظرها في "مجمع الزوائد"(8/ 21)، و"الترغيب والترهيب"(3/ 406 و 407 و 408 و 412).
ومن هذه الشواهد، ما رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(1/ 218)، عن عبد اللَّه بن أبي داود السِّجِسْتَاني، حدَّثنا عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عبد الحكم، حدَّثنا يعقوب بن أبي عبَّاد القَلْزَمِيّ، حدَّثنا محمد بن عُيَيْنَة، عن محمد بن عمرو بن عَلْقَمَة، عن أبي سَلَمَة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخُدْري مرفوعًا:"أكمل المؤمنين إيمانًا أحاسنهم أخلاقًا، الموطؤون أكنافًا، الذي يألفون ويؤلفون، ولا خير فيمن لا يَأْلَفُ ولا يُؤْلَفُ".
وعن الطبراني رواه أبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان"(2/ 67).
قال الهيثمي في "المجمع"(8/ 21): "رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير". . . وفيه يعقوب بن أبي عبَّاد القَلْزَمِيّ ولم أعرفه".
أقول: إسناد الحديث حسن إن شاء اللَّه. و (يعقوب بن أبي عبَّاد القَلْزَمِيّ) هو: (يعقوب بن إسحاق بن أبي عبَّاد القَلْزَمِيّ العَبدي المَكِّي) ترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(9/ 203) وقال: "سألت أبي عنه، فقال: كان يسكن قَلْزَم، قدمت قَلْزَمَ وهو غائب فلم أكتب عنه، ومحلّه الصدق لا بأس به". كما ترجم له السَّمْعَاني في "الأنساب"(10/ 216 - 217) وقال: "كان ثقة، وبالقَلْزَمِ كانت وفاته، نحو سنة عشرين ومائتين".
و(محمد بن عُيَيْنَة) هو (ابن أبي عِمْران الهِلَالي -أخو سفيان-) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ الثقات" للعِجْلي ص 410 وقال: "كان صدوقًا
(1)
. وكان له فِقْهٌ".
2 -
"الجرح والتعديل"(8/ 42) وفيه عن أبي حاتم: "لا يحتجُّ بحديثه يأتي بالمناكير".
3 -
"الثقات" لابن حِبَّان (7/ 416) وقال: "كان من العُبَّادِ".
4 -
التقريب (2/ 199) وقال: "صدوق له أوهام، من الثامنة"/ تمييز.
غريب الحديث:
قوله: "المُوَطَّؤونَ أكنافًا" قال ابن الأثير في "النهاية"(5/ 201): "الأكناف: الجوانب. أراد الذين جوانبهم وطيئةٌ، يتمكن فيها من يصاحبهم ولا يتأذى".
* * *
107 -
حدَّثني عبد العزيز بن عليّ الورَّاق -لفظًا- قال: أنبأنا أبو موسى هارون بن عيسى بن المُطَّلِب بن إبراهيم بن عبد العزيز الخطيب الهاشمي قال: نبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الهاشمي قال: نبأنا أبي قال: نبأنا جَدِّي محمد بن إبراهيم الإِمام -[وساق قِصَّة]- عن عبد الصمد بن عليّ قال: حدَّثني أبي،
عن جَدِّي عبد اللَّه بن العبَّاس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"إنَّ البِرَّ والصِّلَةَ ليُطِيلانِ الأَعْمَارَ، ويُعْمِرَانِ الدِّيَارَ، ويُثْرِيَانِ الأموالَ، ولو كانَ القومُ فُجَّارًا".
(1/ 385 - 386) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن محمد بن عليّ الإِمام).
(1)
في "التهذيب"(9/ 395): "قال العِجْلي: ثقة".
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (عبد الصمد بن موسى الهاشمي) وهو ضعيف. قال الذَّهَبِيّ: "يروي مناكير عن جَدِّه محمد بن إبراهيم الإمام. وستأتي ترجمته في حديث (274).
وفيه أيضًا (عبد الصمد بن عليّ بن عبد اللَّه بن العبَّاس) وهو ضعيف كذلك. وستأتي ترجمته في حديث (274).
التخريج:
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(10/ 337) -مخطوط-، من طريق أبي الحسن عليّ بن معروف، عن إبراهيم بن عبد الصمد، عن أبيه، به.
ورواه الشَّجَري في "أماليه"(2/ 128)، من طريق عبد الصمد بن موسى، عن أبيه، به.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 192) إلى أبي الحسن بن معروف في "فضائل بني هاشم"، والدَّيْلَمِي، من الطريق المتقدِّم.
وذكره الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"(10/ 186) في ترجمة (عبد الصمد بن عليّ) من الطريق المتقدِّم، ولم يعزه لأحد.
* * *
108 -
حدَّثني عبد العزيز بن عليّ الورَّاق -لفظًا- قال: أنبأنا أبو موسى هارون بن عيسى بن المُطَّلِب بن إبراهيم بن عبد العزيز الخطيب الهاشمي قال: نبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإِمام الهاشمي قال: نبأنا أبي قال: أنبأنا جَدِّي محمد بن إبراهيم الإمام -[وساق قِصَّةً]-، عن عبد الصمد بن عليّ قال: حدَّثني أبي،
عن جدِّي عبد اللَّه بن العبَّاس قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ البِرَّ
والصِّلَةَ لَيُخَفِّفَانِ سُوءَ الحسابِ يومَ القيامة". ثم تلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} [سورة الرعد: الآية 21].
(1/ 386) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن محمد بن عليّ الإِمام).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (عبد الصمد بن موسى الهاشمي) وهو ضعيف. قال الذَّهَبِيُّ: "يروي مناكير عن جَدِّه محمد بن إبراهيم الإِمام". وستأتي ترجمته في حديث (274).
وفيه أيضًا (عبد الصمد بن عليّ بن عبد اللَّه بن العبَّاس) وهو ضعيف كذلك. وستأتي ترجمته في حديث (274).
التخريج:
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(10/ 337) -مخطوط-، من طريق أبي الحسن علي بن معروف، عن إبراهيم بن عبد الصمد، عن أبيه، به.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 192) إلى أبي الحسن بن معروف في "فضائل بني هاشم"، والدَّيْلَمِيّ، عن عبد الصمد، عن أبيه، عن جَدِّه.
وذكره الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"(10/ 186) في ترجمة (عبد الصمد بن عليّ) من الطريق المتقدِّم، ولم يعزه لأحد.
* * *
109 -
حدَّثني عبد العزيز بن عليّ الورَّاق -لفظًا- قال: أنبأنا أبو موسى هارون بن عيسى بن عبد المُطَّلِب بن إبراهيم بن عبد العزيز الخطيب الهاشمي قال: نبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإِمام الهاشمي قال: نبأنا أبي قال: نبأنا جَدِّي محمد بن إبراهيم الإِمام -[وساق قِصَّةً]- عن عبد الصمد بن عليّ قال: حدَّثني أبي،
عن جدَّي، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:"إنَّه كان في بني إسرائيل مَلِكَان أَخَوان على مدينتين، وكان أحدهما بارًّا بِرَحِمِهِ، عادلًا على رعيته. وكان الآخر عاقًّا بِرَحِمِهِ، جائرًا على رعيته، وكان في عصرهما نبيٌّ، فأوحى اللَّه تعالى إلى ذلك النبيِّ: أنه قد بقي من عُمُرِ هذا البارّ ثلاث سنين، وبقي من عُمُرِ هذا العَاقّ ثلاثون سنة. قال: فأخبر النبيّ رَعِيَّةَ هذا ورَعِيَّةَ هذا، فَأَخْزَنَ ذلك رَعِيَّةَ العادل، وأَخْزَنَ ذلك رَعِيَّةَ الجَائرِ. قال: ففرَّقوا بين الأطفال والأمهاتِ، وتركوا الطعام والشراب، وخرجوا إلى الصحراء يدعون اللَّه أن يمتعهم بالعادل، وأن يُزِيلَ عنهم أَمْرَ الجائر، فأقاموا ثلاثًا، فأوحى اللَّه إلى ذلك النبيّ: أَنْ أَخْبِرْ عبادي أنّي قد رحمتُهم وأَجَبْتُ دُعَاءَهُمْ، فجعلتُ ما بقيَ من عُمُرِ هذا البارِّ لذلك الجائر، وما بقي من عُمُرِ الجائر لهذا البارِّ. قال: فرجعوا إلى بيوتهم وماتَ العاقُّ لتمام ثلاث سنين، وبقي العادلُ فيهم ثلاثين سنةً. ثم تلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [سورة فاطر: الآية 11].".
(1/ 386) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن محمد بن عليّ الإِمام).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (عبد الصمد بن موسى الهاشمي) وهو ضعيف. قال الذَّهَبِيُّ: "يروي مناكير عن جَدِّه محمد بن إبراهيم الإِمام". وستأتي ترجمته في حديث (274).
كما أنَّ فيه (عبد الصمد بن عليّ بن عبد اللَّه بن العبَّاس) وهو ضعيف أيضًا. وستأتي ترجمته في حديث (274)
التخريج:
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(10/ 337) -مخطوط-، من طريق أبي الحسن عليّ بن معروف، عن إبراهيم بن عبد الصمد، عن أبيه، به.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 615) إلى أبي الحسن بن معروف، وابن عساكر، من الطريق المتقدِّم.
* * *
110 -
حدَّثني عبد العزيز بن علي الورَّاق -لفظًا- قال: أنبأنا أبو موسى هارون بن عيسى بن المُطَّلِب بن إبراهيم بن عبد العزيز الخطيب الهاشمي قال: نبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإِمام الهاشمي قال: نبأنا أبي قال: نبأنا جَدِّي محمد بن إبراهيم الإِمام -[وساق قِصَّةً]-، عن جعفر بن محمد قال: حدَّثني أبي، عن جَدِّي، عن أبيه،
عن عليّ بن أبي طالب قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما من مَلِكٍ يَصِلُ رَحِمَهُ وذا قَرَابَتِهِ، ويَعْدِلُ على
(1)
رعيته، إلّا شَدَّ اللَّهُ لهُ مُلْكَهُ، وأَجْزَلَ له ثَوَابَهُ، وأَكْرَمَ مآبَهُ، وخَفَّفَ حِسَابَهُ.
(1/ 386 - 387) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن محمد بن عليّ الإِمام).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (عبد الصمد بن موسى الهاشمي) وهو ضعيف. قال الذَّهَبِيُّ: "يروي مناكير عن جَدِّه محمد بن إبراهيم الإِمام". وستأتي ترجمته في حديث (274).
و (جعفر بن محمد) هو (جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب) وهو إمام ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (418).
التخريج:
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(10/ 337 - 338) -مخطوط-، من طريق أبي الحسن عليّ بن معروف، عن إبراهيم بن عبد الصمد، عن أبيه، به.
(1)
في "الفردوس"(4/ 30)، و"كنز العُمَّال" (6/ 78) رقم (14918):"ويعدل في رعيته".
ورواه الدَّيْلَمِيُّ في "مسند الفردوس" -كما في حاشية "الفردوس"(4/ 30) رقم (6092) - عن الخطيب من طريقه المتقدِّم.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 370) إلي الحسن بن معروف عن عليّ رضي الله عنه.
* * *
111 -
أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللَّه الهَمْدَاني الأَصْبَهَاني -بها- قال: نبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: نبأنا أحمد بن القاسم بن مُسَاوِر الجَوهَري قال: نبأنا محمد بن إبراهيم أخو أبي مَعْمَر قال: نبأنا سفيان بن عُيَيْنَة، عن إبراهيم بن مَيْسَرَة، عن طاوس،
عن ابن عبَّاس قال: أَرْسَلَ إلىَّ عمرُ بن الخطَّاب يدعوني إلى السَّحُورِ، وقال: إنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ الغَدَاءَ المُبَارَكَ.
(1/ 387) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن مَعْمَر الهُذَلي أبو بكر).
مرتبة الحديث:
رجال إسناده كلُّهم ثقات عدا شيخ الخطيب (أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الهَمْدَاني الأَصْبَهَاني) فإني لم أقف له على ترجمة فيما عدت إليه من المصادر.
وعدا صاحب الترجمة (محمد بن إبراهيم بن مَعْمَر الهُذَلي أبو بكر) فإنّه "صدوق لا بأس به" كما قال موسى بن هارون، ونقله عنه الخطيب في ترجمته.
وَمَتْنُهُ صحيح مروي من طرق عِدَّة.
التخريج:
رواه الطبراني في "الأوسط"(1/ 308) رقم (505) من الطريق التي رواها الخطيب عنه، وقال: "لا يُرْوَى هذا الحديث عن عمر إلّا من هذا الوجه، ولا نعلم
رواه عن ابن عُيَيْنَة إلّا محمد بن إبراهيم أخو أبي مَعْمَر عيسى بن السَّرِيّ الحَجْواني كوفي".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 151): "رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه محمد بن إبراهيم أخو أبي مَعْمَر. وهو محمد بن إبراهيم بن مَعْمَر بن الحسن أبو بكر الهُذَلي. قال موسى بن هارون الحمَّال: صدوق لا بأس به. وسئل ابن مَعِين عن أبي مَعْمَر فقال: مثلُ أبي مَعْمَر لا يُسْأَلُ عنه، وهو وأخوه من أهل الحديث. وبقية رجاله رجال الصحيح".
وعزاه في "كنز العُمَّال"(8/ 628) رقم (74456) إلى ابن أبي شَيْبَة، والدَّارَقُطْنِيّ في "الأفراد"، وسعيد بن منصور.
أقول: لم أجده في مظانه في "المصنَّف" لابن أبي شَيْبَة، واللَّه أعلم.
وللحديث شواهد عن عدد من الصحابة، انظرها في:"جامع الأصول"(6/ 363)، و"مجمع الزوائد"(3/ 151)، و"الترغيب والترهيب"(2/ 137 - 138)، و"المطالب العالية"(1/ 285 - 286)، و"المصنَّف" لابن أبي شَيْبَة (3/ 9).
ومن هذه الشواهد، ما رواه أحمد في "المسند"(4/ 132)، والنَّسَائي في الصوم، باب تسمية السحور غداء (4/ 146)، عن المِقْدَام بن مَعْدِ يَكْرِبَ مرفوعًا:"عليكم بغَدَاءِ السَّحُورِ فإنَّه هو الغَدَاءُ المُبَارَكُ".
وإسناده صحيح.
* * *
112 -
أخبرنا عليّ بن عبد العزيز الطَّاهِرِي قال: أنبأنا عيسى بن حامد بن بِشْر قال: نبأنا قاسم بن زكريا قال: نبأنا محمد بن إبراهيم بن قَحْطَبَة المؤدِّب قال: نبأنا إسحاق بن إبراهيم الحُنَيْنِيّ قال: نبأنا مالك، عن الزُّهْرِيّ،
عن أنس بن مالك قال: رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو مُتَوَجِّهٌ إلى خَيْبَرَ على حِمَارٍ يُصَلِّي يُومِيءُ إيماءً.
(1/ 389) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن محمد المؤدِّب القَحْطَبِيّ أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والحديث صحيح من طرق أخرى.
ففيه (إسحاق بن إبراهيم الحُنَيْنِيّ المَدَني أبو يعقوب) وقد ترجم له في:
1 -
"التاريخ الكبير"(1/ 379) وقال: "في حديثه نظره".
2 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 52 رقم (46) وقال: "ليس بثقة"
3 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (1/ 97 - 98).
4 -
"الجرح والتعديل"(2/ 208) وفيه عن أبي حاتم: "رأيت أحمد بن صالح لا يَرْضَى الحُنَيْنِيّ". وقال أبو زُرْعَة: "صالح".
5 -
"الثقات" لابن حِبَّان (8/ 115) وقال: "كان ممن يخطئ".
6 -
"الكامل"(1/ 334 - 335) وقال: "الحُنَيْنِيُّ مع ضعفه يُكْتَبُ حديثه".
7 -
"التهذيب"(1/ 222 - 223) وفيه عن أبي الفتح الأَزْدِيّ: "أخطأ في الحديث". وقال الحاكم أبو أحمد: "في حديثه بعض المناكير". وقال البزَّار: "كُفَّ بصره فاضطرب حديثه". وقال عبد اللَّه بن يوسف التِّنِّيسِيّ: "كان مالك يعظمه ويكرمه".
8 -
"التقريب"(1/ 55) وقال: "ضعيف. . من التاسعة"/ د ق.
وقال الحافظ الخطيب عقب روايته له: "روى هذا الحديث أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيّ عن أبي محمد بن السَّبِيْعِيّ عن قاسم. ويقال: إنَّ الحُنَيْنِيّ تفرَّد بروايته عن مالك، وتفرَّد به أيضًا القَحْطَبِيّ عنه. وقد تابعه عليّ بن زيد الفَرَائضي فرواه عن
الحُنَيْنِيّ كذلك، وهو وَهَمٌ. إنّما حَدَّت به مالك عن عمرو بن يحيى عن أبي الحُبَاب سعيد بن يَسَار عن ابن عمر. كذلك هو في "الموطأ".
التخريج:
رواه ابن عدي في "الكامل"(1/ 335) في ترجمة (إسحاق بن إبراهيم الحُنَيْنِيّ)، عن صالح بن أحمد بن يونس، عن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن قَحْطَبَة، عن إسحاق بن إبراهيم الحُنَيْنِيّ، به.
وقال: هذا الحديث لا يرويه عن مالك غير الحُنَيْنِيّ هذا.
وقال الحافظ ابن حَجَر في "فتح البار"(2/ 576) -في تقصير الصلاة، باب صلاة التطوع على الحمار-:"روى السرَّاج من طريق يحيى بن سعيد عن أنس أنَّه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي على حمار وهو ذاهب إلى خيبر. إسناده حسن".
وقد روى مالك في "الموطأ"(1/ 150 - 151)، وعنه مسلم في "صحيحه" في صلاة المسافرين، باب جواز صلاة النافلة على الدَّابة في السفر حيث توجهت به (1/ 487)، عن عمرو بن يحيى المَازِني، عن أبي الحُبَاب سعيد بن يَسَار، عن عبد اللَّه بن عمر أنّه قال:"رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وهو على حمارٍ، وهو مُتَوَجِّهٌ إلى خَيْيَرَ".
وروى مالك في "الموطأ"(1/ 151)، عن يحيى بن سعيد قال:"رأيت أنس بن مالك في السفر، وهو يُصَلِّي على حمار، وهو مُتَوَجِّهٌ إلى غير القِبْلَةِ، يركع ويسجد إيماءً، من غير أن يضع وجهه على شيء".
وقد رواه البخاري في تقصير الصلاة، باب صلاة التطوع على الحمار (2/ 576) رقم (1100)، ومسلم في صلاة المسافرين، باب جواز صلاة الناقلة على الدَّابة في السفر حيث توجهت (2/ 488) رقم (702)، من طريق هَمَّام، عن أنس بن سِيرين قال: "اسْتَقْبَلْنَا أنسًا حسين قدم من الشَّام، فلقيناه بعين
التمر
(1)
، فرأيته يُصَلِّي على حمارٍ ووجهه من ذا الجانب -يعني عن يسار القبلة- فقلت: رأيتك تُصَلِّي لغير القِبْلة، فقال: لولا أني رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فعله لم أَفْعَلْهُ".
وروى البخاري في تقصير الصلاة، باب الإِيماء على الدَّابة (2/ 574) رقم (1096)، عن عبد اللَّه بن دينار قال: كان عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما يُصَلِّي في السفر على راحلته أينما توجهت يوميء. وذكر عبد اللَّه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يفعله".
وانظر شواهد أخرى في: "جامع الأصول"(2/ 476 - 482)، و"التلخيص الحَبِير"(1/ 214)، و"مجمع الزوائد"(2/ 161 - 162).
* * *
113 -
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصَّلْت الأَهْوَازي -غير مرَّة- قال: نبأنا القاضي أبو عبد اللَّه الحسن بن إسماعيل المَحَامِلِيّ قال: نبأنا محمد بن إبراهيم الطَّرَسُوسِيّ قال: نبأنا إسحاق بن منصور السَّلُوليّ قال: نبأنا إسرائيل، عن جابر، عن ابن بُرَيْدَة،
عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما أُصِيَب عَبْدٌ بَعْدَ ذَهَابِ ديِنه بأشدَّ مِنْ ذَهَابِ بصرهِ، وما ذَهَبَ بَصَرُ عَبْدٍ فصبرَ إلّا دَخَلَ الجَنَّةَ".
(1/ 394) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن مسلم الطَّرَسُوسيّ البغدادي أبو أُمَيَّة).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (جابر) وهو (ابن يزيد بن الحارث الجُعْفِي الكوفي أبو عبد اللَّه) وقد ترجم له في:
(1)
بلدة في طريق العراق مما يلي الشام، في طرف البادية على غربي الفرات. انظر:"مراصد الاطلاع"(2/ 977)، و"فتح الباري"(2/ 576).
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 76) وفيه عن أبي حَنِيفة: "ما رأيت أحدًا أكذب من جابر الجُعْفي". وقال ابن مَعِين: "ليس بشيء". وقال مرَّةً: "كان كذَّبًا". وقال في أخرى: "لا يُكْتَبُ حديثه ولا كرامة". وفيه عن زائدة: "كان كذَّابًا يؤمن بالرَّجْعَةِ".
2 -
التاريخ الكبير" (2/ 210 - 211) وقال: "تركهـ عبد الرحمن بن مهدي". وفيه عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشَّعْبِيّ: "يا جابر لا تموت حتى تكذب على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال إسماعيل: فما مضت الأيام والليالي حتى اتُّهِمَ بالكذب".
3 -
"أحوال الرجال" ص 50 رقم (28) وقال: "كَذَّابٌ".
4 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 71 رقم (100) وقال: "متروك".
5 -
"الجرح والتعديل"(2/ 497 - 498) وفيه عن سفيان الثَّوْري: "كان جابر ورعًا في الحديث، ما رأيت أورع في الحديث من جابر". وقال شُعْبَة: "صدوق في الحديث". وقال أبو حاتم: "يُكْتَبُ حديثه على الاعتبار ولا يحتجُّ به". وقال أبو زُرْعَة: "لَيِّنٌ".
6 -
"المجروحين"(1/ 208 - 209) وقال: "كان سَبَئِيًا من أصحاب عبد اللَّه بن سَبَأ. وكان يقول: إنَّ عليًّا عليه السلام يرجع إلى الدنيا"! !
7 -
"الكامل"(2/ 537 - 543) وقال: "لم أر له أحاديث جاوزت المقدار في الإِنكار، وهو مع هذا كلِّه أقرب إلى الضَّعْفِ
(1)
منه إلى الصدق".
8 -
"الكاشف"(1/ 122) وقال: وثَّقَهُ شُعْبَةُ فَشَذَّ، وتَرَكَهُ الحُفَّاظُ".
9 -
"المغني"(1/ 126) وقال: "مشهور عالم، قد وثَّقه شُعْبَة والثَّوْري
(1)
قوله: "إلى الضعف" سقط من المطبوع. والاستدراك من "التهذيب"(2/ 48).
وغيرهما. وقال أبو داود: ليس عندي بالقويّ. وقال النَّسَائي: متروك. وكذَّبه بعضهم. وقال ابن مَعِين: لا يُكْتَبُ حديثه".
10 -
"التقريب"(1/ 123) وقال: "ضعيف رافضي، من الخامسة، مات سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين -يعني ومائة-"/ د ت ق.
وقد أعلَّ المُنَاوي في "فيض القدير"(5/ 423) الحديث بصاحب الترجمة (محمد بن إبراهيم الطَّرَسُوسيّ) وقال: "قال الحاكم: كثير الوَهَم. ورواه الدَّيْلَمِيّ أيضًا وفيه إبراهيم المذكور".
أقول: إعلال الحديث بـ (محمد بن إبراهيم الطَّرَسُوسيّ) موضع نظر، وإنما عِلَّة الحديث:(جابر الجُعْفي) كما قدَّمت، ولم يعلّه به المُنَاوي.
و(الطَّرَسُوسيّ) قد ترجم له في:
1 -
"الثقات" لابن حبَّان (9/ 137) وقال: "كان من الثقات، دخل مِصْرَ فحدَّثهم من حفظه من غير كتاب بأشياء أخطأ فيها، فلا يعجبني الاحتجاج بخبره، إلّا ما حَدَّثَ من كتابه".
2 -
"تاريخ بغداد"(1/ 394 - 396) وفيه عن أبي داود: "ثقة": وقال أبو بكر الخلَّال: "رجل رفيع القدر جدًا، كان إمامًا في الحديث مقدَّمًا في زمانه". وقال أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى: "حسن الحديث" وكانت وفاته (273 هـ).
3 -
"سِيَر أعلام النبلاء"(13/ 91 - 93) وقال: "الإمامُ الحافظُ، المُجَوِّدُ، الرَّحَّالُ".
4 -
"ميزان الاعتدال"(3/ 447) وقال: "محدِّث رحَّال ثقة. قال الحاكم: كثير الوَهَم. قلت -القائل الذَّهَبِيّ-: وثَّقَهُ أبو داود".
5 -
"المغني في الضعفاء"(2/ 545) وقال: "حافظ، ثقة. قال الحاكم: كثير الوَهَم".
6 -
"التهذيب"(9/ 15 - 16) وفيه عن الحاكم: صدوق كثير الوَهَم". وقال مَسْلَمَة بن قاسم: "أنكرت عليه أحاديث ولج فيها وحدَّث، فتكلَّم النَّاس فيه". وقال في موضع آخر: روى عنه غير واحد وهو ثقة".
7 -
"التقريب"(2/ 141) وقال: (صدوق، صاحب حديث، يهم، من الحادية عشرة"/ س.
و(ابن بُرَيْدة) هو (عبد اللَّه بن بُرَيْدة بن الحُصَيْب الأَسْلَمِي): ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (554).
و(إسرائيل) هو (ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعي): ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (737).
التخريج:
رواه البزَّار في "مسنده"(1/ 365 - 366) رقم (769) -من كشف الأستار-، عن الفضل بن سهل، والحسن بن يونس، عن إسحاق بن منصور، عن إسرائيل، عنه، به، بلفظ:"لن يُبْتَلى عبد بشيء أشدّ عليه من الشرك باللَّه، ولن يبتلي عبد بشيء بعد الشرك باللَّه أشدّ عليه من ذهاب بصره، ولن يبتلى عبد بذهاب بصره فيصبر إلّا غُفِرَ له".
قال الهيثمي في "المجمع"(2/ 308): "رواه البزَّار وفيه جابر الجُعْفي وفيه كلام كثير وقد وثِّق".
وذكره الدَّيْلَمِيُّ في "الفردوس"(4/ 122) رقم (6377) عن بُرَيْدة بلفظ الخطيب.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 692) إلى الخطيب والدَّيْلَمِيّ فحسب.
وله شاهد من حديث زيد بن أَرْقَم رواه البزَّار عقب حديث بُرَيْدَة رقم (770)، من طريق إسرائيل، عن جابر، عن خَيْثَمة، عن زيد بن أرقم مرفوعًا بنحوه. وإسناده ضعيف أيضًا لضعف (جابر الجُعْفي).
* * *
114 -
أخبرنا هلال بن محمد بن جعفر الحَفَّار قال: نبأنا إسماعيل بن عليّ بن عليّ أبو القاسم الخُزَاعي قال: نبأنا أبو عبد اللَّه محمد بن إبراهيم بن كثير الصَّيْرَفِي ببغداد -بباب الشَّام سنة ثلاث وسبعين ومائتين- قال: نبأنا أبو نُوَاس الحسن بن هانئ قال: نبأنا حمَّاد بن سَلَمَة، عن يزيد الرَّقَاشي،
عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يَمُوتَنَّ أحدُكُم حتى يُحْسِنَ ظَنَّهُ باللَّه، فإنَّ حُسْنَ الظَنِّ باللَّه ثمن الجَنَّةِ".
(1/ 396) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن كثير الصَّيْرَفي بالبَابَشَامِيّ أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. والشطر الأول منه: "لا يموتن أحدكم حتى يحسن ظنّه باللَّه"، صحيح من حديث جابر بن عبد اللَّه كما سيأتي.
ففيه (إسماعيل بن عليّ الخُزَاعي أبو القاسم) وهو مُتَّهَمٌ يأتي بأوابد كما قال الذَّهَبِيُّ. وستأتي ترجمته في حديث (939).
كما أن فيه (الحسن بن هانئ الحَكَمي أبو نُوَاس الشَّاعر، وقد ترجم له في:
1 -
"ميزان الاعتدال"(4/ 581) وقال: "شِعْرُهُ في الذروة، ولكن فسقه ظاهر، وتهتكه واضح، فليس بأهلٍ أن يُرْوَى عنه. له رواية عن حمَّاد بن سَلَمَة وغيره. توفي سنة نَيِّف وتسعين ومائة".
2 -
"اللسان"(7/ 115 - 116).
3 -
"السِّيَر"(9/ 279 - 281).
كما أنَّ فيه (يزيد بن أَبَان الرَّقَاشي البَصْري) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (416).
التخريج:
رواه ابن جُمَيْع الصَّيْدَاوي في "المعجم الشيوخ" ص 301 رقم (126)، وعنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(4/ 606) -مخطوط-، عن عبد اللَّه بن عليّ الخُزَاعي أبي القاسم، عن إبراهيم بن كثير، عن الحسن بن هانئ، عن حمَّاد بن سَلَمَة، عن ثابت البُنَاني، عن أنس مرفوعًا.
قال ابن عساكر عقبه: "أظن أنّ ابن جُمَيْع حفظ كنية الخُزَاعي، ولم يحفظ اسمه فسمَّاه (عبد اللَّه)، وهو عندي (إسماعيل بن عليّ). وقد ذكر أبو بكر الخطيب: أنّ ابن جُمَيْع روى عن إسماعيل هذا. فلعل الوهم ممن خرَّج المعجم لابن جُمَيع، لا منه، واللَّه أعلم".
وقال الحافظ ابن حَجَر في "التلخيص الكبير"(2/ 104) عند كلامه على حديث جابر مرفوعًا: "لا يموتن أحدكم إلّا وهو يحسن الظنَّ باللَّه". قال: "وفي الباب عن أنس رويناه في "الخِلَعيَّات"
(1)
بسند فيه نظر".
أقول: والشطر الأول من الحديث، رواه مسلم في صفة الجنَّة، باب الأمر بحسن الظن باللَّه تعالى عند الموت (4/ 2205) رقم (2877) -واللفظ له-، وأبو داود في الجنائز، باب ما يستحب من حسن الظن باللَّه عند الموت (3/ 484 - 485) رقم (3113)، وأحمد في "المسند"(3/ 293، 330) وغير موضع، وابن حِبَّان في "صحيحه"(2/ 15 - 16) رقم (635 و 636)، وأبو يعلى في "مسنده"
(1)
هي (عشرون) جزءًا حديثيًا للإِمام القاضي الفقيه مسند الديار المصرية أبي الحسن عليّ بن الحسن بن الحسين الخِلَعِي (ت 492 هـ)، جمعها وخرَّجها له أبو نصر أحمد بن الحسين الشيرازي وسمّاها (الخِلَعِيَّات). انظر "سِيَر أعلام النبلاء"(19/ 74)، و"الرسالة المستطرفة" ص 91 - 92.
رقم (1907 و 1942 و 2053)، وأبو داود الطيالسي في "مسنده" ص 246 رقم (1779)، وابن ماجه في الزهد، باب التوكل واليقين (2/ 1395) رقم (4167)، وابن سعد في" الطبقات الكبرى"(2/ 255)، وابن أبي الدُّنْيَا في كتاب "حسن الظن باللَّه عز وجل" ص 13 رقم (1)، والقُضَاعي في "مسند الشِّهاب"(2/ 86) رقم (938)، وابن المبارك في "الزهد" ص 366 رقم (1034)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 378)، وفي "شُعَب الإِيمان"(3/ 234) رقم (980)، وفي "الآداب" ص 469 رقم (1060)، وابن الجَعْد في مسنده (2/ 1070) رقم (3097)، وأبو نُعَيْم في "الحِلْية"(8/ 121)، عن جابر بن عبد اللَّه قال: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بثلاث يقول: "لا يَمُوتَنَّ أحدُكُمْ إلّا وهو يُحْسِنُ باللَّه الظَنَّ".
* * *
115 -
أخبرنا هلال بن محمد الحَفَّار قال: نبأنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البَخْتَرِيّ الرَّزَّاز -إملاءً- قال: نبأنا محمد بن إبراهيم الحُلْواني قال: نبأنا محمد بن إسماعيل بن عيَّاش قال: حدَّثني أبي قال: نبأنا ضَمْضَم بن زُرْعَة، عن شُرَيْح بن عُبَيْد
(1)
، عن عبد الرحمن بن عَائِذ، أَنَّ أبا بُرْدَة
(2)
بن أبي موسى حدَّثه،
عن أبيه، أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "رأيتُ رجالًا تُفْرَضُ جلودهم بمقاريض من نار، قلت: ما شأن هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الذين يتزينون إلى ما لا يحلّ لهم. ورأيت جُبًّا
(3)
خبيث الريح وفيه صياح، فقلت: ما هذا؟ قال: هُنَّ
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى "شريح عن عبيد". والتصويب من "تهذيب الكمال"(12/ 446)، وغيره.
(2)
صُحِّفَ في المطبوع إلى "أن أبا برزة". والتصويب من "تاريخ دمشق"(14/ 764) -مخطوط-، و"الجامع الكبير"(1/ 531)، و"الكنز"(14/ 543).
(3)
صُحِّفَ في المطبوع إلى "حبًا" بالحاء المهملة. والتصويب من "تاريخ دمشق"(14/ 764) -مخطوط-، و"الجامع الكبير"(1/ 531)، و"الكنز"(14/ 543). وقد صُحِّفَ في =
نساءٌ يتزيَّنَّ إلى ما لا يحلّ لهنَّ. ورايت قومًا اغتسلوا في ماء الحياة، قلت: ما هؤلاء؟ قال: هم قوم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا".
(1/ 389 - 399) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن عبد الحميد الحُلْواني أبو بكر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه انقطاع بين (محمد بن إسماعيل بن عيَّاش) وبين أبيه (إسماعيل)، فإنَّه لم يسمع منه. و (محمد بن إسماعيل) ووالده (إسماعيل) قد تُكَلِّم فيهما.
وقد ترجم لـ (محمد بن إسماعيل بن عيَّاش) في:
1 -
"الجرح والتعديل"(7/ 189 - 190) وفيه عن أبي حاتم: "لم يسمع من أبيه شيئًا، حملوه على أن يُحَدِّثَ عنه فَحَدَّثَ".
2 -
"ميزان الاعتدال"(3/ 481) وفيه: "قال أبو داود: لم يكن بذاك".
3 -
"التهذيب"(9/ 60 - 61) وفيه أنّ أبا داود سأل عمرو بن عثمان عنه: فذمَّه.
4 -
"التقريب"(2/ 145) وقال: "عابوا عليه أنّه حدَّث عن أبيه بغير سماع، من العاشرة"/ ق.
أمَّا والده (إسماعيل بن عيّاش بن سُلَيْم العَنْسِيّ الحِمْصِيّ أبو عُتْبَة) فقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 36) وقال: "ثقة".
2 -
"العلل" لأحمد -رواية المَرُّوْذِيّ وغيره- ص 141 رقم (249)
= "الدُّرِّ المنثور" للسيوطي (4/ 280) إلى: "خباء"! ! .
وقال: "حسن روايته عن الشَّاميين. وقال: هو عنهم أحسن حالًا عمَّا روي عن المَدَنيين وغيرهم".
3 -
"التاريخ الكبير"(1/ 369 - 370) وقال: "ما روي عن الشَّاميين فهو أصحُّ".
4 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 49 رقم (36) وقال: "ضعيف".
5 -
"الجرح والتعديل"(2/ 191 - 192) وفيه عن أبي حاتم: "هو لَيِّنٌ يُكْتَبُ حديثه لا أعلم أحدًا كفّ عنه إلّا أبو إسحاق الفَزَاري". وقال أبو زُرْعَة: "صدوق إلّا أنه غلط في حديث الحِجَازيين والعِرَاقيين". وقال أحمد: "وفي روايته عن أهل العراق وأهل الحِجَاز بعض الشيء، وروايته عن أهل الشَّام كأنه أثبت وأصحّ".
6 -
"المجروحين"(1/ 124 - 126) وقال: "كان من الحفَّاظ المتقنين في حَدَائته، فلما كبر تغيَّر حفظه. . . ".
7 -
"الكامل"(1/ 288 - 296) وقال: "ومن حديث العراقيين إذا رواه ابن عيَّاش عنهم فلا يخلو من غلط يغلط فيه، إمّا أن يكون حديثًا برأسه، أو مرسلًا يوصله، أو موقوفًا يرفعه. وحديثه عن الشَّاميين إذا روى عنه ثقة فهو مستقيم. وفي الجملة إسماعيل بن عيَّاش ممّن يُكْتَبُ حديثه، ويحتجُّ به في حديث الشَّاميين خاصة".
8 -
"المغني"(1/ 85) وقال: "صدوق في حديث أهل الشَّام، مضطرب جدًّا في حديث أهل الحِجَاز. . . ".
9 -
"التقريب"(1/ 73) وقال: "صدوق في روايته عن أهل بلده، مُخَلِّطٌ في غيرهم، من الثامنة، مات سنة إحدى -أو اثنتين- وثمانين -يعني ومائة-، وله بضع وسبعون سنة"/ ي 4.
أقول: وروايته هنا عن أهل بلده، حيث يروي الحديث عن (ضَمْضَم بن زُرْعَة بن ثُوَب الحَضْرَمِيّ الحِمْصِيّ).
وباقي رجال الإِسناد حديثهم حسن.
التخريج:
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(14/ 763 - 764) -مخطوط-، عن الخطيب من طريقه المتقدِّم.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 531)، و"الكنز"(14/ 543) رقم (39559) إلى ابن عساكر فقط.
وعزاه في "الدُّرِّ المنثور"(4/ 280) إلى الخطيب فحسب.
* * *
116 -
أخبرنا أبو الحسن عليّ بن يحيى بن جعفر الإِمام بأصبهان قال: نبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: نبأنا الحسن
(1)
بن عليّ المَعْمَرِيّ قال: نبأنا إبراهيم بن سعيد الجَوْهَري قال: نبأنا الأَحْوَص بن جَوَّاب قال: نبأنا سفيان، عن عاصم بن عبيد اللَّه، عن سالم،
عن ابن عمر قال: كُفِّنَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب: ثوبين سَحُوليين، وبُرْدٍ حِبَرَةٍ.
(1/ 401) في ترجمة (محمد بن إبراهيم الرَّفَّاء).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (عاصم بن عبيد اللَّه بن عاصم بن عمر بن الخطاب العَدَوي) وقد ترجم له في:
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى: "الحسين". والتصويب من "تاريخ بغداد"(7/ 369)، و"السِّيَر"(13/ 510 - 511).
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 283) وقال: "ضعيف".
2 -
"الضعفاء الصغير" للبخاري ص 180 رقم (281) وقال: "منكر الحديث".
3 -
"أحوال الرجال" ص 138 رقم (236) وقال: "ضعيف الحديث، غمز ابن عُيَيْنَة في حفظه".
4 -
"تاريخ الثقات" للعِجْلي ص 241 رقم (740) وقال: "لا بأس به".
5 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 181 رقم (461) وقال: "ضعيف".
6 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (3/ 333 - 334).
7 -
"الجرح والتعديل"(6/ 347 - 348) وفيه عن ابن عُيَيْنَة أنه كان لا يحمد حفظ عاصم. وقال أحمد: "ليس بذاك". وقال ابن مَعِين: "ضعيف لا يحتجُّ به". وقال أبو زُرْعَة: "منكر الحديث في الأصل، وهو مضطرب الحديث". وقال أبو حاتم: "منكر الحديث، مضطرب الحديث، ليس له حديث يعتمد عليه".
8 -
"المجروحين"(2/ 127 - 129) وقال: "كان سيء الحفظ، كثير الوَهَم، فاحش الخطأ، فَتُرِكَ من أجل كثرة خطئه".
9 -
"الكامل"(5/ 1866 - 1869) وفيه أنَّ عبد الرحمن بن مهدي كان ينكر حديث عاصم أشدَّ الإِنكار. وقال ابن عدي: "احتمله النَّاس، وهو مع ضعفه يُكْتَبُ حديثه".
10 -
"تهذيب الكمال"(13/ 500 - 506) وفيه عن يعقوب بن شَيْبَة: "قد حَمَلَ النَّاس عنه، وفي أحاديثه ضعف، وله أحاديث مناكير". وقال ابن خِرَاش وغير واحد: "ضعيف الحديث". وقال أبو بكر بن خُزَيْمَة: "لست أحتجُّ به لسوء حفظه". وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: "مَدِيني يترك، وهو مُغَفَّلٌ".
11 -
"التقريب"(1/ 384) وقال: "ضعيف، من الرابعة"/ عخ د ت سي ق.
التخريج:
لم أقف عليه من حديث ابن عمر في كُلِّ ما رجعت إليه، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
وهذه الرواية عن ابن عمر تخالف ما رواه عنه ابن ماجه في الجنائز باب ما جاء في كفن النبيِّ صلى الله عليه وسلم (1/ 472) رقم (1470)، من طريق حفص بن غَيْلان، عن سليمان بن موسى، عن نافع، عنه، أنَّه قال: "كُفِّنَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ثلاث رِيَاطٍ
(1)
بيضٍ سَحُوِليَّة".
قال البُوصيري في "مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه"(2/ 27): "هذا إسناد حسن. . . وأصله في "الصحيحين" من حديث عائشة وابن عبَّاس".
ورواه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 282) عن أنس بن عِيَاض، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر:"أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ في ثلاثة أثواب بيض يَمَانية".
وقد روى البخاري في الجنائز، باب الثياب البيض للكفن (3/ 135) رقم (1264)، ومسلم في الجنائز، باب في كفن الميت (2/ 649 - 650) رقم (941)، وغيرهما، عن السيدة عائشة: "أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ في ثلاثة أثواب يَمَانيةٍ بِيضٍ سَحُوليةٍ من كُرْسُفٍ
(2)
ليس فيهن قميصٌ ولا عِمَامةٌ".
زاد مسلم: "أمَّا الحُلَّةُ فإنما شُبِّهَ على النّاس فيها، أنها اشْتُرِيَتْ له ليُكَفَّنَ
(1)
قال في "النهاية"(2/ 289): "الرَّيْطَةُ: كلُّ مُلاءة ليست بلفقين. وقيل كلّ ثوبٍ رقيق ليّن. والجمع رَيْطٌ ورِياط".
(2)
"الكُرْسُفُ: "القُطْنُ. وقد جعله وصفًا للثياب وإن لم يكن مشتقًا". "النهاية" (4/ 163).
فيها، فَتُرِكَتِ الحُلَّةُ، وكُفِّنَ في ثلاثة أثوابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ. . . ".
ووقع عند النَّسَائي في الجنائز، باب كفن النبيِّ صلى الله عليه وسلم (2/ 36)، وأبي داود في الجنائز، باب في الكفن (3/ 507) رقم (3152):"فَذُكِرَ لعائشة قولهم: في ثوبين وبُرْدٍ من حِبَرَةٍ. فقالت: قد أُتي بالبُرْدِ، ولكنهم ردوه ولم يُكَفِّنُوهُ فيه".
قال التِّرْمِذِيُّ في الجنائز، باب ما جاء في كفن النبيِّ صلى الله عليه وسلم (3/ 313):"حديث عائشة حديث حسن صحيح. وقد روي في كفن النبيِّ صلى الله عليه وسلم روايات مختلفة. وحديث عائشة أصحُّ الأحاديث التي رويت في كفن النبيِّ صلى الله عليه وسلم".
وقال الشَّوْكَانيُّ في "نيل الأوطار"(4/ 41): "قال الحاكم: إنّها تواترت الأخبار عن عليّ وابن عبَّاس وابن عمر وعبد اللَّه بن مُغَفَّل وعائشة في تكفين النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عِمَامة".
أقول: وأمَّا ما ذكره الحافظ ابن حَجَر في "فتح الباري"(3/ 145) -في الجنائز، باب الثياب البيض للكفن- من أنّ أبا داود قد أخرج بإسناد حسن من حديث جابر:"أنَّه عليه الصلاة والسلام كُفِّنَ في ثوبين وبُرْدٍ حِبَرَةٍ". فإنَّه وهم من الحافظ رحمه الله، فإنِّي لم أجده في "سنن أبي داود"، ولم يذكره المزِّيُّ في "تحفة الأشراف"، ولا ابن الأثير في "جامع الأصول". وقد تابعه على وهمه هذا نقلًا عنه، الشَّوْكَاني في "نيل الأوطار"(4/ 40 - 41)، والتهانوي في "إعلاء السنن"(8/ 195)، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
وقد ذكر ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(2/ 284 - 285) بعض الأخبار المرسلة عن عدد من التابعين أنه صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ في ثوبين وبُرْدَة حِبَرَة. فانظرها إن شئت.
غريب الحديث:
قوله: "سَحُوليين". قال في "النهاية"(2/ 347): "يروى بفتح السين وضمها، فالفتح منسوب إلى السَّحُول، وهو القَصَّار، لأنه يَسْحَلُها: أي يغسِلُها. أو إلى سَحُول، وهي قرية باليمن. وأما الضم: فهو جمع سَحْل، وهو الثوب الأبيض النقي، ولا يكون إلّا من قُطْنٍ، وفيه شذوذ لأنه نسب إلى الجمع. وقيل: إنَّ اسم القرية بالضم أيضًا".
قوله: "بُرْد". قال في "النهاية"(1/ 116): "نوع من الثياب معروف، والجمع أَبْرَادٌ وبُرُود. والبُرْدَة: الشَّمْلَةُ المخططةُ. . .".
قوله: "حِبَرَة". قال في "النهاية"(1/ 328): "الجيِّد من البرود: ما كان مَوْشِيًّا مخططًا".
* * *
117 -
أخبرنا الحسن بن الحسين النِّعَالي قال: أنبأنا عمر بن محمد بن عبد اللَّه البُنْدَار المعروف بابن قَيُّوما المُعَدَّل -بالنَّهْرَوان- قال: نبأنا أبو نصر محمد بن إبراهيم السَّمَرْقَنْدِيّ قال: نبأنا أبو عبد اللَّه محمد بن أيوب -ببيت المَقْدِس- قال: نبأنا جعفر بن محمد قال: نبأنا سليمان بن عبد العزيز بن عِمْران
(1)
قال: حدَّثني أبي، عن محمد بن عبد اللَّه بن الحسن، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه،
أنَّ عليًّا قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "طَلَبُ العِلْمِ فريضةٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ".
(1/ 407 - 408) في ترجمة (محمد بن إبراهيم الكِسَائي السَّمَرْقَنْدِيّ أبو نصر).
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى: "مروان". والتصويب من "الجرح والتعديل"(5/ 390)، و"التهذيب"(6/ 350)، وغيرهما.
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. والحديث قد روي من طرق كثيرة جدًّا عن عدد من الصحابة، تدلُّ على أنَّ له أصلًا، وهو بمجموعها يبلغ رتبة الحسن، واللَّه أعلم.
ففيه (عبد العزيز بن عِمْرَان الزُّهْرِيّ المَدَني الأَعْرَج، يعرف بابن أبي ثابت) وهو متروك. وقد تقدَّمت ترجمته في حديث (63).
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن إبراهيم الكسائي السَّمَرْقَنْدِيّ أبو نصر) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ بغداد"(1/ 407 - 408) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
2 -
"العلل المتناهية"(1/ 62) وقال: "السَّمَرْقَنْدِيُّ يُحَدِّثُ بالمناكير".
3 -
"ميزان الاعتدال"(3/ 449) وقال: شيخ لأبي عمرو بن السَّمَّاك، حدَّث عنه بتلك الوصية المكذوبة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم لعليّ رضي الله عنه، فلعله هو الذي وضعها".
ومثله في "اللسان"(5/ 24)) ولم يضف شيئًا.
4 -
"المغني"(2/ 546) وقال: "طَيْرٌ غريب، لا يُدْرَي من هو". وفي حاشيته أنَّ الذَّهَبِيّ قال في "ذيل ديوان الضعفاء": "هالك".
كما أنَّ فيه (محمد بن أيوب أبو عبد اللَّه) و (جعفر بن محمد)، وقد قال عنهما ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية" (1/ 62):"هما في غاية الضعف". ولم أتبينهما.
أقول: وقد فات ابن الجَوْزي في "العلل"، إعلال الحديث بـ (عبد العزيز بن عِمْرَان الزُّهْرَيّ).
التخريج:
أقول: للحديث عن عليّ بن أبي طالب خمسة طرق فيما وقفت عليه.
الطريق الأول: طريق الخطيب المتقدِّم.
وقد رواه ابن الجوزي في "العلل"(1/ 54) عن الخطيب.
الطريق الثاني: عن عبَّاد بن يعقوب، عن عيسي بن عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب قال: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جَدِّه، عن عليّ مرفوعًا.
رواه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقِّه"(1/ 44)، وابن عدي في "الكامل"(5/ 1883) -في ترجمة (عيسي بن عبد اللَّه) -. وعن ابن عدي رواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 55).
ولفظه عند الخطيب وابن عدي: "طلب الفقه فريضة على كلّ مسلم". بينما هو عند ابن الجَوْزي بلفظ: لطلب العلم الفقه فريضة على كل مسلم"! ! .
أقول: وإسناد هذا الطريق تالف، ففيه (عيسي بن عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب) قال ابن حِبَّان فيه:"يروي عن أبيه عن آبائه أشياء موضوعة". وستأتي ترجمته في حديث (608).
وقد أَعَلَّ ابن الجَوْزي في "العلل"(1/ 62) هذا الطريق بـ (عبَّاد بن يعقوب) أيضًا، فقال:"قال ابن حِبَّان: يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك".
أقول: لا يصحُّ إعلال الحديث بـ (عبّاد بن يعقوب الأَسَدِي. الرَّواجِنيّ أبو سعيد الكوفي). فقد قال الحافظ ابن حَجَر عنه في "التقريب"(1/ 394 - 395): "صدوق رافضي، حديثه في البخاري مقرون، بالغ ابن حِبَّان فقال: يستحق الترك". وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال"(14/ 175 - 179)، و"المجروحين" لابن حبان (2/ 172).
الطريق الثالث: عن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه عليّ، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالب مرفوعًا به.
رواه ابن النَّجَّار في "تاريخه" -كما في "جزء فيه طرق حديث طلب العلم فريضة على كلّ مسلم" للسيوطي ص 30.
أقول: في إسناده (عليّ بن موسى الرضا) قال عنه ابن حِبَّان في "المجروحين"(2/ 106): "يروي عن أبيه العجائب. . . كأنه كان يهم ويخطئ". وقال السَّمْعَاني في "الأنساب"(6/ 134) عقب ذكره لكلام ابن حِبَّان السابق: "والخلل في رواياته من رواته، فإنَّه ما روى عنه ثقة إلا متروك. والمشهور من رواياته الصحيفة، وراويها عنه مطعون".
وقال الحافظ ابن حَجَر عنه في "التقريب"(2/ 44 - 45): "صدوق، والخلل ممن روى عنه". وانظر ترجمته موسعًا في: "سِيَر أعلام النبلاء"(9/ 387 - 393)، و"التهذيب"(7/ 387 - 389).
الطريق الرابع: عن إسحاق بن إبراهيم الحَرَازِيّ، حدَّثنا إبراهيم بن محمد المَقْدِسي، حدَّثنا محمد بن عبد الرحمن، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليّ مرفوعًا به.
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(12/ 438) -مخطوط-.
أقول: إسناده ضعيف، ففيه (إبراهيم بن محمد المَقْدِسي أبو إسحاق) وقد ترجم له في:
1 -
"التاريخ الكبير"(1/ 322) وفيه عن أبي حفص عمرو بن أبي سَلَمَة التِّنِّيسي: "ثقة".
2 -
"الجرح والتعديل"(2/ 128) وفيه عن أبي حاتم: "ضعيف الحديث، مجهول".
3 -
"الثقات" لابن حِبَّان (6/ 15).
4 -
"الميزان"(1/ 62) وقال: "شيخ روى عنه عبد اللَّه بن محمد المُسْنَدي. ضعَّفه أبو حاتم".
و (محمد بن عبد الرحمن) لم أعرفه.
الطريق الخامس: عن أبي رجاء محمد بن حَمْدُوْيَه، حدَّثنا محمد بن عَبيدة النَّافَقَاني، حَّدثنا الصبَّاح بن موسى، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن مكحول، عن سعيد بن المسيَّب، عن عليّ بن أبي طالب مرفوعًا.
رواه الخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه في الرسم"(1/ 106) رقم (152)، وفي "الفقيه والمتفقِّه"(1/ 43 - 44)، ولفظه فيهما:"طلب العلم فريضة على كلِّ مؤمن: أَنْ يعرف الصومَ والصَّلاةَ والحرَمّ والحدودَ والأحكامَ".
أقول: إسناده ضعيف. ففيه (الصَّبَّاح بن موسى) قال الذَّهَبِيُّ عنه في "الميزان"(2/ 306): "ليس بذاك القويّ، مشَّاه بعضهم".
كما أنَّ فيه (محمد بن عَبيدة المَرْوَزِي النَّافَقَاني) ترجم له ابن مَاكُولا في "الإكمال"(6/ 55 - 56) وقال: "صاحب مناكير". كما ترجم له في "اللسان"(5/ 277) و"الميزان"(3/ 640) ولم يذكرا في نسبته (النَّافَقَاني).
وقد ذكر الدَّيْلَمِيُّ في "الفردوس"(2/ 437) رقم (3908) الحديث عن عليّ بن أبي طالب مرفوعًا بلفظ: "طلب العلم فريضة على كلِّ مؤمن، فاغْدُ أيها العبد عالمًا أو متعلمًا ولا خير فيما بين ذلك".
وقد غزاه له السُّيُوطيُّ في "جزئه" المتقدِّم ص 28 - 29، ولم يذكر إسناده فيه.
أقول: حديث: "طلب العلم فريضة على كل مسلم". ممَّا اختلفت أنظار العلماء وأقوالهم في أمر قبوله وردِّه.
فَمِنْ قائلٍ: بعدم صحته:
ففي "العلل" لابن الجَوْزي: (1/ 66) عن الإمام أحمد: "لا يثبت عندنا في هذا الباب شيء".
وفي "المقاصد الحسنة" للسَّخَاوي ص 276 عن الإمام إسحاق بن رَاهُوْيَه: "إنَّه لم يصحّ".
وقال الإمام أبو عليّ الحسين بن عليّ النَّيْسَابُوريّ الحافظ: "إنَّه لم يصحّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيه إسناده".
وقال ابن حِبَّان في "المجروحين"(1/ 141): "ليس بصحيح".
وقال ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 62) بعد أن ساقه من طرق عن عليّ، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عبَّاس، وجابر، وأنس، وأبي سعيد، رضي الله عنهم:"هذه الأحاديث كلُّها لا تثبت".
وقال السَّخَاويُّ في "المقاصد" ص 276: "ومَثَّلَ به ابن الصلاح
(1)
للمشهور الذي ليس بصحيح، وتبع في ذلك أيضًا الحاكم
(2)
".
ومِنْ قائلٍ: بضعفه:
قال الزَّرْكَشِيُّ في "اللآلئ المنثورة" ص 43: "قال البزَّار في "مسنده": روي عن أنس بأسانيد واهية، وأحسنها: ما رواه إبراهيم بن سلام، عن حمَّاد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النَّخَعِي، عن أنس بن مالك".
وقال البيهقي في "شُعَب الايمان"(4/ 291) عقب روايته له من حديث أنس مرفوعًا بلفظ: "اطلبوا العلم ولو بالصين، فإنَّ طلب العلم فريضة على كُلِّ مسلم": "هذا حديث مَتْنُهُ مشهور، وإسناده ضعيف، وقد روي من أوجه كلُّها ضعيف".
وقال في "المَدْخَلِ إلى السنن الكبرى" ص 242: هذا حديث مَتْنُهُ مشهور، وأسانيده ضعيفة، لا أعرف له إسنادًا يثبت بمثله الحديث، واللَّه أعلم".
وقال ابن عبد البَرّ في "جامع بيان العلم وفضله"(1/ 9) عقب روايته عن
(1)
في كتابه "علوم الحديث" ص 239.
(2)
في كتابه "معرفة علوم الحديث" ص 92.
إسحاق بن رَاهُوْيَه أنّه قال: "طلب العلم واجب، ولم يصحّ فيه الخبر". قال: "يريد إسحاق، واللَّه أعلم أنَّ الحديث في وجوب طلب العلم في أسانيده مقال لأهل العلم بالنَّقْل، ولكن معناه صحيح عندهم".
وقال النووي في "فتاويه" ص 259: "هو حديث ضعيف، وإن كان معناهُ صحيحًا، رواه أبو يَعْلَى المَوْصِلي في "مسنده"
(1)
بإسناده عن أنس عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإسناده ضعيف، فيه حفص بن سليمان وهو ضعيف".
ومن قائل: بحُسْنِه:
قال السَّخَاويُّ في "المقاصد" ص 279: "قال ابن القَطَّان صاحب ابن ماجَهْ في كتاب "العمل" عقب إيراده له من جهة سلَّام الطويل عن أنس: إنَّه غريب حسن الإسناد".
وفي "اللآلئ المنثورة" للزَّرْكَشِيِّ ص 43: "قال الحافظ جمال الدين المِزِّيّ: هذا حديث روي من طرق تبلغ رتبة الحسن".
وقال الزَّرْكَشِيُّ في المصدر السابق ص 42: "في كلِّ طرقه مقال، وأجودها طريق قتادة وثابت عن أنس، وطريق مجاهد عن ابن عمر
(2)
. وقد أخرجه ابن ماجه في "سننه"
(3)
عن كَثير بن شِنْظِير عن محمد بن سِيرِين عن أنس بن مالك عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "طلب العلم فريضة على كُلِّ مسلم، وواضع العلم عند غير أهله كمقلِّد الخنزير الجواهر واللؤلؤ والذهب". وكَثير بن شِنْظِير مختلف فيه، فالحديث حسن"
(4)
.
(1)
(5/ 223) رقم (2837).
(2)
انظر هذه الطرق الثلاثة على التوالي في "تخريج أحاديث مشكلة الفقر" ص 49 و 51 و 57. وانظر طريق عاصم عن أنس في ص 54 - 55 منه، فإنه أحسن الطرق عن أنس.
(3)
في المقدِّمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم (1/ 81) رقم (224).
(4)
أقول: فات الإمام الزَّرْكَشِيّ أنّ حديث (كَثير بن شِنْظير) إنما يرويه عنه (حفص بن سليمان)، وهو متروك. وستأتي ترجمته في حديث (636).
وقال في ص 43 - 44: "وأخرجه ابن الجَوْزي في كتاب "منهاج القاصدين" من جهة أبي بكر بن أبي داود، حدَّثنا جعفر بن مسافر، حدَّثنا يحيى بن حسَّان، عن سليمان بن قَرْم
(1)
، عن ثابت البُنَاني، عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كُلِّ مسلم". ثم قال ابن أبي داود: "سمعت أبي
(2)
يقول: ليس في أنّ طلب العلم فريضة أصحّ من هذا الحديث".
وقال ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة"(1/ 258): "أخرجه الحافظ العراقي الشَّافِعي في "أماليه" من حديث أنس من غير طريق ابن ماجَه، ثم قال: حديث حسن غريب من هذا الوجه. قال: وهو مشهور من حديث أنس، رويناه من رواية عشرين رجلًا من التابعين عنه".
وقال ابن عَرَّاق في الموطن نفسه: "وفي "تلخيص الواهيات" للذَّهَبِيّ: روي عن عليّ، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عبَّاس، وجابر، وأنس، وأبي سعيد، وبعض طرقه أوهى من بعض، وبعضها صالح، واللَّه أعلم".
ونقل العَجْلُوني في "كشف الخفاء"(2/ 44) عن الحافظ ابن حَجَر في "اللآلئ" له: تحسينه.
ومِنْ قائلٍ: بصحته:
قال السَّخَاويُّ في "المقاصد الحسنة" ص 279: "قال العِرَاقي: قد صحَّح بعض الأئمة بعض طرقه كما بينته في تخريج الإحياء".
وقال السَّخَاويُّ رحمه الله في المصدر السابق ص 278: عقب ذكره له من طريق ابن مَاجَه المتقدِّم: "له شاهد عند ابن شاهين في "الأفراد"، ورويناه في ثاني
(1)
صُحِّف في "اللآلئ" إلى "قرة". والتصويب من "تهذيب الكمال"(12/ 51)، و"نظم: المتناثر" ص 26.
(2)
صُحِّف في "اللآلئ" إلى: "سمعت أبي يعقوب يقول". والتصويب من "المقاصد الحسنة": ص 279، و"الدُّرر المنتثرة" للسيوطي ص 130، وغيرهما.
السَّمْعُونِيَّات
(1)
من حديث موسى بن داود، حدَّثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن قَتَادة، عن أنس، به وقال ابن شاهين: إنه غريب. قلت: ورجاله ثقات".
وقال المُنَاوي في "فيض القدير"(4/ 267) نقلًا عن السيوطي: "جمعت له خمسين طريقًا، وحكمت بصحته لغيره، ولم أصحِّح حديثًا لم أُسْبَقْ لتصحيحه سواه".
وقال العلَّامة محمد بن جعفر الكَتَّاني رحمه الله في "نظم المتناثر من الحديث المتواتر" ص 27 حيث عدَّ هذا الحديث فيه من المتواتر: "وفي "التعليقة المنيفة" له -أعني السيوطي-: وعندي أنّه بلغ رتبة الصحيح، لأني رأيت له نحو خمسين طريقًا وقد جمعتها في جزء"
(2)
.
وقال -يعني السيوطي- في "تبييض الصحيفة". . . قال الحافظ جمال الدين المِزِّيّ: روي من طرق تبلغ رتبة الحسن. قلت -القائل السيوطي-: وعندي أنَّه بلغ رتبة الصحيح. . ." انتهي.
وممن حكم بصحته من المعاصرين: الشيخ أحمد الغُمَاري رحمه الله في كتابه "المُسْهِم في طرق حديث طلب العلم فريضة على كلِّ مسلم". انظر حاشية "المقاصد" ص 276.
وكذلك قال بصحته الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه المولى في "تخريج أحاديث مشكلة الفقر" ص 48، وفي "صحيح الجامع الصغير"(4/ 10) رقم (3808).
(1)
نسبة إلى الإمام (ابن سَمْعُون) وهو (محمد بن أحمد بن إسماعيل البغدادي أبو الحسين). ترجم له الذَّهَبِيّ في "السِّيَر"(16/ 505 - 511) وقال: الشيخ الإمام الواعظ الكبير المحدِّث. . . شيخ زمانه ببغداد. . . وسَمْعُون: هو لقب جدِّه: إسماعيل. سمع أبا بكر بن أبي داود وهو أعلى شيخ له، ومحمد بن مَخْلَد العطّار، ومحمد بن عمرو بن البَخْتَري، و. . . أملى عنهم عشرين مجلسًا، سمعناها عالية". وكانت وفاته عام (387 هـ).
(2)
وقد طبع هذا الجزء مؤخرًا بعنوان: "جزء فيه طرق حديث طلب العلم فريضة على كُلِّ مسلم" بتحقيق الأستاذ علي حسن عبد الحميد.
وثمَّة تنبيه مهم ذكره الحافظ السَّخَاويُّ في "المقاصد الحسنة" ص 277 في آخر كلامه على الحديث، فقال:"قد أَلْحَقَ بعض المصنِّفين بآخر هذا الحديث: "ومُسْلِمَة"، وليس لها ذكر في شيء من طرقه، وإن كان معناها صحيحًا".
وسيأتي تخريج الحديث من حديث أبي سعيد الخُدْري برقم (643)، ومن حديث الحسين بن عليّ برقم (746).
وانظر في شرح الحديث ومعناه: "المَدْخَل إلى السنن الكبرى" للبيهقي ص 242 - 243، و"جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البَرّ (1/ 9 - 13)، و"المقاصد الحسنة" ص 276، و"فيض القدير"(4/ 267).
* * *
118 -
أخبرنا أبو الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن بُرْهان البغدادي -بِصُوْر- قال: أنبانا محمد بن عبد اللَّه بن خلف بن بُخَيْت الدَّقَّاق قال: نبأنا أبو هشام محمد بن إبراهيم بن العبَّاس الطَّائي المَلَطي -بِعُكْبَرا- قال: نبأنا إبراهيم بن عبد اللَّه بن زاذ فَرُّوخ الفارسي قال: نبأنا يحيى بن شَبِيب السُّلَمي قال: نبأنا حُمَيْد الطويل،
عن أنس بن مالك قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "دخلت الجنَّة فتناولت تفاحةً وكسرتها، فخرج منها حوراء، أشْفَارُ عينيها كريش النسر، قلت لمن أنت؟ قالت: لعثمان بن عفَّان".
(1/ 409) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن العبَّاس الطَّائي المَلَطي أبو هشام).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه (يحيى بن شَبيب السُّلَمي اليَمَامي) وقد ترجم له في:
1 -
"المجروحين"(3/ 128 - 129)، وقال:"يروي عن الثَّوْري ما لم يحدِّث به قطّ، لا يجوز الاحتجاج به بحال".
2 -
"الضعفاء" لأبي نُعَيْم ص 136 رقم (278) وقال: "روي عن الثَّوْري الموضوعات".
3 -
"تاريخ بغداد"(4/ 206 - 207) وقال: "حدَّث بسُرَّ مَنْ رَأى عن حُمَيْد الطويل وسفيان الثَّوْري، روى عنه محمد بن السَّرِي بن سهل الدَّوري وعليّ بن محمد بن الفتح العَسْكَري وغيرهما أحاديث باطلة".
4 -
"ميزان الاعتدال"(4/ 385) وساق الحديث في ترجمته وقال: "هذا كذب". وأقَرَّه ابن حَجَر في "اللسان"(6/ 262).
5 -
"لسان الميزان"(6/ 261 - 262) وفيه: "قال الحاكم وأبو سعيد النَّقَّاش: يروي عن الثَّوْري وغيره أحاديث موضوعات".
وصاحب الترجمة (محمد بن إبراهيم الطَّائي المَلَطي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(1/ 330) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم.
كما رواه في (1/ 331) منه، بنحوه، من طريق محمد بن السَّرِيّ القَنْطَرِيّ، عن يحيى بن شَبيب، به، وقال:"هذا حديث لا يصحُّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم". وأعلَّه بـ (يحيى بن شَبِيب السُّلَمي).
وذكره ابن حِبَّان بنحوه في كتابه "المجروحين"(2/ 191) في ترجمة (العبَّاس بن محمد العَلَوي)، عنه، عن عمَّار بن هارون المُسْتَمْلي، عن حمَّاد بن سَلَمة، عن ثابت، عن أنس مرفوعًا.
وقال: "هذا شيء لا أصل له من كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولا من حديث أنس، ولا ثابت، ولا حمّاد بن سَلَمة".
ومن هذا الطريق ذكره ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(1/ 331) أيضًا.
وقد تعقَّب السيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 313 - 315) -ولخَّص تعقيبه ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة"(1/ 374 - 375) - ابن الجَوْزي في حكمه عليه بالوضع، بأنّ الحديث قد ورد من بعض الطرق مما ليس فيه مُتَّهم.
وردَّه الإمام الشَّوْكَانيُّ في "الفوائد المجموعة" ص 340 بقوله: "وقد ذكر له في "اللآلئ"، طرقًا كثيرة لا يصحُّ منها شيء".
وسيأتي برقم (772) من حديث ابن عمر، وبرقم (1459) من حديث عقبة بن عامر.
* * *
119 -
أخبرنا محمد بن أحمد بن رِزْق قال: نبأنا أبو العبَّاس محمد بن إبراهيم بن محمد المَرْوَزِيّ -يعرف بابن الشِّيْرَجي
(1)
- من لفظه وحفظه قال: نبأنا أبو بكر بن أبي داود السِّجِسْتَاني قال: حدَّثني أبي قال: قلت لأبي عبد اللَّه أحمد بن حنبل: تعرف لأبي العُشَرَاء الدَّارِمي حديثًا غير: "لو طَعَنْتَ في فَخِذِهَا لأَجْزَأَ عنك"؟ قال: لا!
فقلتُ: حدَّثنا محمد بن عمرو الرَّازي قال: حدَّثنا عبد الرحمن بن قيس قال: حدَّثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن أبي العُشَرَاء الدَّارِمي،
عن أبيه قال: ذُكِرَتِ العَتِيْرَةُ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَحَسَّنَهَا.
فقال لابنه: ما أحسنه! يشبه أن يكون صحيحًا لأنه من كلام الأعراب، وقال لابنه: هات الدواة والورقة، فكتبه عني.
(1/ 412 - 413) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن محمد أبو العبَّاس يعرف بابن الشِّيْرَجي).
(1)
قال السَّمْعَاني في "الأنساب"(7/ 454): "هذه النسبة إلى بيع دهن "الشِّيْرَج" وهو دهن السِّمْسِم".
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا.
ففيه (أبو العُشَرَاء الدَّارِمي) قال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب"(2/ 451): "قيل اسمه: أسامة بن مالك بن قَهْطَم، وقيل: عُطارد، وقيل يسار، وقيل: سنان بن بَرْز أو بَلْز، وقيل: اسمه: بلال بن يَسَار".
وقد ترجم له في:
1 -
"الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 254) وقال: "من بني تَميم واسمه أسامة بن مالك بن قَهْطَم. . . وكان أعرابيًا ينزل الحفر بطريق البَصْرة، وهو مجهول".
2 -
"التاريخ الكبير" للبخاري (1/ 21 - 22) وقال: "في حديثه واسمه وسماعه من أبيه نظر".
3 -
"المعرفة والتاريخ" للفَسَوي (2/ 152) وذكر الاختلاف في اسمه.
4 -
"الجرح والتعديل"(2/ 283) باسم (أسامة بن مالك بن قَهْطَم أبو العُشَرَاء الدَّارِمِي) وقال: "روي عن أبيه، ولأبيه صحبة". وذكر الاختلاف في اسمه. كما ذكره في (7/ 33) باسم (عُطارد بن بَرْز أبو العُشَرَاء الدَّارِمي). ولم يذكر في الموطنين جرحًا فيه أو تعديلًا.
5 -
"الثقات" لابن حِبَّان (5/ 189) وقال: "اسمه عامر بن أسامة بن مالك بن قَهْطَم، يروي عن أبيه، وله صحبة".
6 -
"الكاشف"(3/ 317) وقال: "لَيَّنَهُ البخاري. وقال أحمد: حديثه عندي غلط".
7 -
"الإصابة"(3/ 353) في ترجمة أبيه (مالك بن قَهْطَم التَّمِيميّ) وقال: "إنَّ أبا العُشَرَاء مختلف في اسمه، وفي اسم أبيه، والأشهر: أسامة بن مالك بن قَهْطَم، جزم بذلك أحمد بن حنبل".
8 -
"التقريب"(2/ 451) وقال: "أعرابي مجهول، من الرابعة"/ 4.
كما أنَّ فيه (عبد الرحمن بن قيس الضَّبِّيّ الزَّعْفَرَانيّ الوَاسِطِيّ أبو معاوية) وقد ترجم له في:
1 -
"التاريخ الكبير"(5/ 338) وقال: "ذهب حديثه".
2 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 159 رقم (383) وقال: "متروك الحديث".
3 -
"الجرح والتعديل"(5/ 278) وفيه عن أحمد بن حنبل: "ليس حديثه بشيء، متروك الحديث، حديثه حديث ضعيف". وقال أبو حاتم: "ذهب حديثه". وقال أبو زُرْعَة: "كان كذَّابًا".
4 -
"المجروحين"(2/ 59 - 60) وقال: "كان ممن يقلب الأسانيد، وينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، تركه أحمد بن حنبل".
5 -
"الكامل"(4/ 1600 - 1602) وقال: "عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه".
6 -
"تاريخ بغداد"(10/ 250 - 252) وفيه: "كان عبد الرحمن بن مهدي يكذِّبه". وقال مسلم بن الحجَّاج: "ذاهب الحديث". وقال السَّاجي: "ضعيف".
7 -
"تهذيب التهذيب"(6/ 258) وفيه عن الحاكم: "روى عن محمد بن عمرو وحمَّاد بن سَلَمة أحاديث منكرة، منها حديث: "من كرامة المؤمن على اللَّه أن يغفر لمشيعيه". قال: وهذا عندي موضوع، وليس الحَمْلُ فيه إلّا عليه"
(1)
.
8 -
"التقريب"(1/ 496) وقال: "متروك. كذَّبه أبو زُرْعَة وغيره، من التاسعة"/ تم.
(1)
من العجيب أنَّ الحافظ الذَّهَبِيّ في "الميزان"(2/ 583) في ترجمة (عبد الرحمن بن قيس) يقول: "وخرَّج له الحاكم في "المستدرك" - (1/ 507 - 508) - حديثًا منكرًا وصحَّحه". ثم ذكر الحديث وهو عن جابر مرفوعًا: "ما أنعم اللَّه على عبد نعمة فقال الحمد للَّه إلّا أدّى شكرها" الحديث.
التخريج:
رواه تمَّام الرَّازي في جزء "حديث أبي العُشَرَاء الدَّارِمي" ص 35 رقم (33)، عن أبيه قال: حدَّثنا أبو داود سليمان بن داود القطَّان الرَّازي، حدَّثنا أبو غسان محمد بن عمرو زُنَيْج الرَّازِي، عن عبد الرحمن بن قيس، به.
كما رواه عقبة في ص 36 رقم (34)، عن محمد بن عبد اللَّه الرَّبَعي، أنبأنا ابن
(1)
أبي داود، حدَّثنا أبي، به.
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير"(7/ 200) رقم (6722)، والخطيب في "تاريخه"(1/ 413)، من طريق أبي مسعود أحمد بن الفُرَات، عن عبد الرحمن بن قيس الضَّبِّي، به.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(4/ 28): "رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه عبد الرحمن بن قيس الضَّبِّي ولم أجد من ترجمه! ! وبقية رجاله ثقات".
أقول: تقدمت ترجمة (عبد الرحمن بن قيس الضَّبِّي) ومصادرها، وأنَّه متروك. وقد صُحِّف في "المجمع":"أبو العُشَرَاء" إلى "أبي المغراء"!
ورواه ابن عدي في "الكامل"(4/ 1601) في ترجمة (عبد الرحمن بن قيس الضَّبِّي)، من طريق أحمد بن الفُرَات، عن أبي معاوية، عن عبد الرحمن بن قيس، به، وقال:"هذا لا أعلم يرويه عن حمَّاد بن سَلَمَة غير عبد الرحمن بن قيس".
ورواه الذَّهَبِيُّ في "ميزان الاعتدال"(2/ 583) في ترجمة (عبد الرحمن بن قيس الزَّعْفَرَاني)، من طريق عبد الرحمن بن يحيى بن مَنْدَه، حدَّثنا أحمد بن
(1)
سقط لفظ "ابن" من المطبوع.
الفُرَات، حدَّثنا عبد الرحمن بن قيس، به، وقال:"رواه أبو داود في غير "سننه" عن زُنَيْج
(1)
، عن عبد الرحمن بن قيس. . .".
وقد أشار إليه الحافظ ابن حَجَر في "فتح الباري"(9/ 598) -في الذبائح والصيد، باب العَتِيرة- فقال:"وقد أخرج أبو داود من حديث أبي العُشَرَاء عن أبيه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سئل عن العَتِيرة فَحَسَّنَها".
أقول: كلام الحافظ رحمه الله يوهم بأنَّ أبا داود أخرجه في "سننه"، لأنه أطلق. والأمر ليس كذلك. وقد قال الحافظ نفسه رحمه الله في "التهذيب" (12/ 167) في ترجمة (أبي العُشَرَاء):"روى أبو داود في غير "السنن" عن محمد بن عمرو الرَّازي. . ." وذكر الحديث.
أمَّا الحديث الذي ذكره أبو داود في سياق سؤاله للإمام أحمد، وهو "لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك"، فقد رواه أحمد في "المسند"(4/ 334)، وأبو داود في "السنن" في الأضاحي، باب ما جاء في ذبيحة المتردية (3/ 250 - 251) رقم (2825)، والتِّرْمِذِي في الأطعمة، باب في الذَّكاة في الحَلْق واللَّبَّة، (4/ 75) رقم (1481)، والنَّسَائي في الضحايا، باب ذكر المتردية في البئر التي لا يوصل إلى حلقها (7/ 228)، وابن مَاجَهْ في الذبائح، باب زكاة النادِّ من البهائم (2/ 1063) رقم (3184)، والطبراني في "المعجم الكبير"(7/ 199 - 200) رقم (6719 و 6720 و 6721)، وتمَّام الرَّازي في "جزء حديث أبي العُشَرَاء الدَّارمي" ص 18 - 33 من رقم (1) وإلى رقم (29)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 246)، والدَّارِمي في "سننه"(2/ 82)، وأبو نُعَيْم في "حِلْية الأولياء". (2/ 257)، والخطيب في "تاريخه"(12/ 377).
(1)
صُحِّفَ في "الميزان" إلى: "زبَنَّج". والتصويب من "المؤتلف والمختلف" للدَّارَقُطْنيّ (2/ 1103)، و"التقريب" (2/ 195). وهو (محمد بن عمرو بن بكر الرَّازي أبو غسان). وقال الدَّارَقُطْنِيّ وابن حَجَر عنه:"ثقة".
ولفظ الحديث بتمامه كما عند أبي داود في "السنن": "عن أبي العُشَرَاء عن أبيه أنه قال: "يا رسول اللَّه، أما تكون الذَّكَاةُ إلّا من اللَّبَّة أو الحَلْقِ؟ قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لو طَعَنْتَ في فَخِذِهَا لأَجْزَأَ عنكَ".
قال أبو داود عقبه: "وهذا لا يصلح إلّا في المتردية والمتوحش".
وقال الخطَّابي في "معالم السنن"(4/ 117): "هذا في ذكاة غير المقدور عليه. فأمَّا المقدور عليه فلا يذكيه إلّا قطع المذابح، لا أعلم فيه خلافًا بين أهل العلم. وضعَّفوا هذا الحديث لأنَّ راويه مجهول. وأبو العُشَرَاء الدَّارمي لا يُدْرَى من أبوه؟ ولم يرو عنه غير حمَّاد بن سَلَمَة. . .".
وقال التِّرْمِذِيُّ: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من حديث حمَّاد بن سَلَمَة ولا نعرف لأبي العُشَرَاء عن أبيه غير هذا الحديث".
أقول: بل له غيره، وقد بلغت سبعة أحاديث كما في "جزء حديث أبي العُشَرَاء الدَّارِمي" لتمَّام الرَّازي.
وقال المُنْذِري في "مختصر سنن أبي داود"(4/ 117): "وقد وقع من حديثه عن أبيه عدة أحاديث جمعها الحافظ أبو موسى الأصْبَهَاني".
غريب الحديث:
قوله: "العَتِيرة": قال ابن الأثير في "النهاية"(3/ 178): "كان الرجل من العرب يَنْذُر النذر، يقول: إذا كان كذا وكذا، أو بلغ شاؤُه كذا، فعليه أن يذبح من كل عشرة منها في رجب كذا، وكانوا يسمونها العتائر. وقد عَتَرَ يَعْتِرُ عَتْرًا إذا ذبح العتيرة. وهكذا كان في صدر الإسلام وأوَّله، ثم نسخ. . . قال الخطّابي: العتيرة تفسيرها في الحديث: أنها شاة تذبح في رجب. وهذا هو الذي يشبه الحديث ويليق بحكم الدين. وأمَّا العتيرة التي كانت تَعْتِرُها الجاهلية فهي الذبيحة التي كانت تذبح للأصنام، فَيُصَبُّ دمها على رأسها".
* * *
120 -
أخبرنا عليّ بن أحمد بن عمر المُقرئ قال: حدَّثنا إبراهيم بن أحمد القِرْمِسِينيّ
(1)
قال: نبأنا عمر بن عبد اللَّه بن الحسن الأصبهاني المعدَّل قال: حدَّثنا أبو مسعود -يعني أحمد بن الفُرَات- قال: أخبرنا عبد الرحمن بن قيس، عن حمَّاد بن سَلَمَة، عن أبي العُشَرَاء الدَّارِمي،
عن أبيه قال: سُئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن العَتِيْرَةِ فَحَسَّنَهَا.
(1/ 413) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن محمد أبو العبَّاس، يعرف بابن الشِّيْرَجي).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا.
وقد سبق الكلام عليه في الحديث الذي قبله رقم (119).
التخريج:
تقدَّم تخريجه في الحديث السابق رقم (119).
* * *
121 -
أخبرنا أبو نُعَيْم قال: حدَّثنا محمد بن إبراهيم الفَرْوي قال: حدَّثنا أبو مسلم الكَجِّي قال: نبأنا مِسْوَر بن عيسى قال: حدَّثنا القاسم بن يحيى قال: حدَّثنا ياسين الزَّيَّات، عن أبي الزُّبَيْر،
عن جابر، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ مِنْ مَعَادِنِ التَّقْوى تَعَلُّمَكَ إلى ما قد عَلِمْتَ عِلْمَ ما لم تَعْلَمْ، والنَّقْصُ فيما قد عَلِمْتَ قِلَّةُ الزِّيَادَةِ فيه. وإنّما يُزَهِّدُ الرَّجُلَ في عِلْمِ ما لم يَعْلَمْ، قِلَّةُ الانتفاعِ بما قَدْ عَلِمَ".
(1/ 414) في ترجمة (محمد بن إبراهيم الفَرْوي).
(1)
قال السَّمْعَاني في "الأنساب"(10/ 110): "هذه النسبة إلى (قِرْميِسين) وهي بلدة بجبال العراق، على ثلاثين فرسخًا من هَمَذَان عند دِينَوَر".
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا.
ففيه (ياسين بن معاذ الزَّيَّات الكوفي أبو خَلَف) وهو متروك. وستأتي ترجمته في حديث (143).
و(أبو مسلم الكَجِّي) هو (إبراهيم بن عبد اللَّه بن مسلم البَصْري) ترجم له الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر"(13/ 423 - 425) وقال: "الشيخ، الإمام الحافظ، المعمَّر، شيخ العصر. . . صاحب السنن". وقال: "وثَّقه الدَّارَقُطْنِيّ وغيره". توفي عام (292 هـ).
و(أبو الزُّبَيْر) هو (محمد بن مسلم بن تَدْرُس الأَسَدي): ثقة مدلِّس. وستأتي ترجمته في حديث (309).
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(3/ 240) رقم (2513)، وابن عبد البَرّ في "جامع بيان العلم"(1/ 95)، وابن جُمَيْع الصَّيْدَاوي في "المعجم" ص 340، وابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 85 - 86) -عن الخطيب-، من طريق أبي مسلم الكَجِّي، عن مِسْوَر بن عيسى، به
(1)
.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي الزُّبَيْر إلّا ياسين".
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصحُّ، والمُتَّهَمُ به ياسين. قال يحيى: ليس حديثه بشيء. وقال النَّسَائي: متروك الحديث".
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 136): "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه ياسين الزَّيَّات، وهو منكر الحديث".
* * *
(1)
صُحِّف السند في "جامع بيان العلم" تصحيفًا فاحشًا في مواضع عدَّة.
122 -
أخبرنا الأَزْهَرِي، والقاضي أبو العلاء محمد بن عليّ، قالا: أنبأنا أبو الفتح محمد بن إبراهيم بن محمد بن يزيد الطَّرَسُوسي قال: نبأنا الحسن بن عبد الرحمن بن زُرَيْق -بِحِمْص- قال: نبأنا محمد بن سِنَان الشِّيْرَزِيّ قال: نبأنا إبراهيم بن حيَّان بن طلحة قال: نبأنا شُعْبَة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،
عن أبي الدَّرْدَاء قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "شفاعتي لأهل الذنوب من أُمَّتي". قال أبو الدَّرْدَاء: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "نعم، وإن زنى وإن سرق، على رَغْمِ أَنْفِ أبي الدَّرْدَاء".
(1/ 416) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن محمد بن يزيد البزَّاز الطَّرَسُوسي أبو الفتح، ويعرف بابن البَصْري).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. وقوله صلى الله عليه وسلم: "شفاعتي لأهل الذنوب من أُمَّتي" قد صَحَّ من طرق أخرى.
ففيه (محمد بن سِنَان الشِّيْرَزِيّ) وقد ترجم له في:
1 -
"الميزان"(3/ 575) وقال: "صاحب مناكير". وفيه: "الشيرازي" بدلًا من "الشِّيْرَزِيّ".
2 -
"اللسان"(5/ 193) مثله. وفيه: "الشيزري" بتقديم الزاي على الراء.
كما أنَّ فيه (إبراهيم بن حِبَّان بن طلحة) و (الحسن بن عبد الرحمن بن زُرَيْق الحِمْصِي) لم أقف لهما على ترجمة فيما عدت إليه من المصادر.
وفيه (القاضي أبو العلاء محمد بن عليّ الوَاسِطِي المُقْرِئ) وهو ضعيف مُخَلِّطٌ. وستأتي ترجمته في حديث (430). لكن قد تابعه الأزْهَرِي في نفس الإسناد.
و (الأَزْهَرِي) هو (عبيد اللَّه بن أحمد الصَّيْرَفي أبو القاسم): ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (676).
و(الحَكَمُ) هو (ابن عُتَيْبَة الكِنْدِي الكوفي أبو محمد): تابعي صغير ثقة فقيه. وستأتي ترجمته في حديث (261).
وبقية رجال الإسناد ثقات.
وقد أعلَّه المُنَاوي في "فيض القدير"(4/ 163) إلى جانب (محمد بن سِنَان) بـ (محمد بن إبراهيم الطَّرَسُوسي) وقال: "قال الحاكم: كثير الوَهَم".
أقول: (محمد بن إبراهيم الطَّرَسُوسي) الذي قال فيه الحاكم: "كثير الوَهَم"، هو غير الموجود في إسناد الخطيب. فالذي ضَعَّفَهُ الحاكم هو (محمد بن إبراهيم بن مسلم الطَّرَسُوسي أبو أُمَيَّة) وقد ترجمه الذَّهَبِيّ في "ميزانه" (3/ 447) ونقل قول الحاكم فيه. -أقول: وهو صدوق. وقد تقدَّمت ترجمته في حديث (113) -. أمّا الذي في إسناد الخطيب، فإنَّه صاحب الترجمة:(محمد بن إبراهيم بن محمد بن يزيد البزَّاز الطَّرَسُوسي أبو الفتح) وهو ثقة كما قاله الأزهري ونقله عنه الخطيب في آخر ترجمته.
التخريج:
لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث أبي الدَّرْدَاء في كُلِّ ما رجعت إليه.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 556) إلى الخطيب وحده.
ورواه البزَّار في "مسنده"(1/ 11) رقم (5) -من "كشف الأستار"-، والنَّسَائي في "عمل اليوم والليلة" ص 601 رقم (1124) -واللفظ له-، والبيهقي في "البعث والنشور" ص 70 رقم (29)، من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الحسن بن عبيد اللَّه، عن زيد بن وهب، عن أبي الدَّرْدَاء قال: قال رسول اللَّه
صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: من مات لا يشرك باللَّه شيئًا دخل الجنَّة. قلت: يا رسول اللَّه وإن زنى وإن سرق؟ قال: نعم، وإن زنى وإن سرق -مرتين أو ثلاثًا- وإن رغم أنف أبي الدَّرْداء".
أقول: إسناده صحيح.
ورواه أحمد مطوَّلًا في "المسند"(6/ 442)، عن الحسن، عن ابن لَهِيعة، عن واهِب بن عبد اللَّه، عن أبي الدَّرْدَاء مرفوعًا.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 16): رواه أحمد والبزَّار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وإسناد أحمد صحيح، وفيه ابن لَهِيعة وقد احتجَّ به غير واحد".
أقول: (ابن لَهِيعة) ليس في إسناد البزَّار كما تقدَّم، كما أنَّ تصحيح الهيثمي لإسناد أحمد مع وجود (عبد اللَّه بن لَهِيعة المِصْري) فيه، موضع نظر، وهو من تساهله المعروف به. فإنَّ (ابن لَهِيعة) كما قال الذَّهبِيُّ في "الكاشف" (1/ 109):"العمل على تضعيف حديثه". وستأتي ترجمته في حديث (196).
والشطر الأول من حديث أبي الدَّرْدَاء له شواهد عِدَّة، انظرها في:"جامع الأصول"(10/ 475 - 477)، و"مجمع الزوائد"(10/ 378)، و"المقاصد الحسنة" ص 252 - 253، و"السُّنَّة" لابن أبي عاصم (2/ 398 - 400)، و"الفتن والملاحم" لابن كثير ص 399 - 418.
ومن ذلك ما رواه البخاري في الدعوات، باب لكل نبي دعوة (11/ 96) رقم (6304)، ومسلم في الإيمان، باب اختباء النبيِّ صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته (1/ 189) رقم (199) -واللفظ له-، والتِّرْمِذِيّ في الدعوات (5/ 580) رقم (3602)، وابن ماجه في الزهد، باب ذكر الشفاعة (2/ 1440) رقم (4307) عن أبي هريرة مرفوعًا: "لِكُلِّ نبيٍّ دَعْوَةٌ مستجابةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نبيٍّ
دَعْوَتَهُ، وإني اختبأتُ دعوتي شفاعةً لأُمِّتي يومَ القيامةِ، فهي نَائِلَةٌ إنْ شاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا".
وروى أبو داود في السنة، باب في الشفاعة (5/ 106) رقم (4739)، والتِّرْمِذِيّ في صفة القيامة، باب ما جاء في الشفاعة (4/ 625) رقم (2435)، وابن خُزَيْمَة في "التوحيد" ص 270، وابن حِبَّان في "صحيحه"(8/ 132) رقم (6434)، وابن أبي عاصم في "السُّنَّة"(2/ 399) رقم (831)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 69)، عن أنس بن مالك مرفوعًا:"شفاعتي لأهل الكبائر من أُمَّتي".
قال التِّرْمِذِيُّ: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه".
وصحَّحه ابن خُزَيْمَة، وابن حِبَّان، والحاكم. وقال البيهقي: إنه إسناد صحيح. كما في "المقاصد" ص 595.
ورواه التِّرْمِذِيُّ في الموضع السابق رقم (2436) -وقال: "حسن غريب"-، وابن ماجه في الموضع السابق رقم (4310)، وابن حِبَّان في "صحيحه"(8/ 31) رقم (6433)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 69)، وابن خُزَيْمَة في "التوحيد" ص 271، عن جابر بن عبد اللَّه مرفوعًا بلفظ حديث أنس.
* * *
123 -
حدَّثنا أحمد بن موسى أبو بكر الحافظ قال: نبأنا أبو عمرو بن حكيم قال: نبأنا محمد بن يعقوب الفرجي قال: نبأنا محمد بن عبد الملك بن قُرَيْب الأَصْمَعي قال: نبأنا أبي، عن أبي مَعْشَر، عن أبي سعيد المَقْبُرِيّ،
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "السُّرْعَةُ في المشي تُذْهِبُ بَهَاءَ المُؤْمِنِ".
(1/ 417) في ترجمة (محمد بن إبراهيم بن عليّ العطَّار الأَصْبَهَاني أبو بكر).
مرتبة الحديث:
منكر.
ففي إسناده (محمد بن عبد الملك بن قُرَيْب الأَصْمَعِي)، قال الخطيب عقب روايته للحديث:"لم أسمع لمحمد بن الأَصْمَعِي ذكرًا إلَّا في هذا الحديث".
وترجم له الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(2/ 632) ونقل قول الخطيب السابق وقال: "حديث منكر جدًّا" ثم ذكره، وقال: وهذا غير صحيح".
كما أنَّ فيه (أبا مَعْشَر نَجِيح بن عبد الرحمن السِّنْدِي) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (789)
و(أبو سعيد المَقْبُرِيّ) هو (كَيْسَان، صاحب العَبَاء، مولى أُمِّ شَرِيك): ثقة كثير الحديث، روى له الستة، وكانت وفاته سنة (100 هـ). انظر ترجمته في:"الجرح والتعديل"(7/ 166)، و"التهذيب"(8/ 453 - 454)، و"التقريب"(2/ 137) -ووقع فيه تصحيف في غير موضع-.
التخريج:
رواه أبو نعيم في "حِلْيَة الأولياء"(10/ 290)، وابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(2/ 218 - 219) -عن الخطيب-، من طريق أبي عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حَكِيم، حدَّثنا محمد بن يعقوب الفَرَجي، به.
قال الحافظ ابن حَجَر في "الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف" ص 130: "إسناده ضعيف".
ورواه ابن عدي في "الكامل"(5/ 1727) -في ترجمة (عمَّار بن مطر العَنْبَري الرُّهَاوي) -، وعنه ابن الجَوْزي في "العلل"(2/ 219)، من طريق عبد اللَّه بن سالم، حدَّثنا عمَّار بن مَطَر الرُّهَاوي -وكان حافظًا للحديث- حدَّثنا ابن أبي ذِئْب، عن المَقْبُرِيّ، عنه، به.
أقول: وهذا طريق ضعيف جدًّا، من أجل (عمَّار بن مَطَر العَنْبَرِي الرُّهَاوي أبو عثمان) وقد ترجم له في:
1 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (/ 3/ 327 - 328) وقال: "يُحَدِّثُ عن الثقات بمناكير".
2 -
"الجرح والتعديل"(6/ 394) وفيه عن أبي حاتم: "كتبت عنه وكان يكذب".
3 -
"المجروحين"(2/ 196) وقال: "يسرق الحديث ويقلبه".
4 -
"الكامل"(5/ 1727 - 1728) وقال: "متروك الحديث". وقال أيضًا: "الضعف على رواياته بَيِّنٌ".
5 -
"الميزان"(3/ 169 - 170) وقال: "هالك، وثَّقه بعضهم، ومنهم من وصفه بالحفظ". وفيه عن الدَّارَقُطْنِيّ: "ضعيف".
وله طريق ثالث ذكره ابن عدي عقب روايته للطريق الثاني هذا، حيث يقول:"قال -يعني محمد بن حمدان- فكان الناس ينكرون هذا الحديث على عمَّار بن مطر، حتى حدَّثنا أبو شهاب عبد القدوس بن عبد القاهر سمعه من صَدَقَةَ بن أبي الليث الحِصْني -من حِصْنِ مَسْلَمَة، وكان من الثقات- عن ابن أبي ذِئْب، حدَّثه بمثل ذلك".
أقول: وهذا طريق تالف، فإنَّ فيه (عبد القدوس بن عبد القاهر أبو شهاب) وقد ترجم له الذَّهَبِيّ في "ميزانه" (2/ 643) وقال:"عن ابن أبي ذِئْب، لا يُعْرَفُ، والخبر باطل، بل له أكاذيب وضعها على عليّ بن عاصم تبينت ذلك".
كما ترجم له ابن حَجَر في "اللسان"(4/ 48) وذكر الحديث المتقدِّم من طريقه، وقال:"وهذا إنما يعرف برواية عمَّار بن مطر، عن ابن أبي ذِئْب. وكان النَّاس ينكرونه على عمَّار. وقد ظهر أنه لا يُرْوَى عن ابن أبي ذئب إلَّا بواسطة".
والحديث مروي أيضًا عن ابن عمر، وابن عبَّاس، وأنس، من طرق معلولة كذلك، انظرها والكلام عليها في:"العلل المتناهية" لابن الجَوْزِي (2/ 218 - 220) وقال: "هذا حديث لا يصحُّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم"، و"الكامل"(5/ 1673)، و"الجامع لأخلاق الراوي" للخطيب (1/ 58) و (2/ 40 - 41)، و"الكافي الشاف" ص 130 رقم (181)، و"سلسلة الأحاديث الضعيفة"(1/ 70 - 74).
أقول: ويردُّ هذا الحديث، مخالفته لحال النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهَدْيِهِ في المشي، فقد كان عليه الصلاة والسلام سريع المشي كما ثبت ذلك عنه. انظر الأحاديث الواردة في ذلك:"الشمائل المحمدية" للتِّرْمِذِيّ ص 115، و"الطبقات الكبرى" لابن سعد (1/ 379 - 380)، و"زاد المَعَاد في هدي خير العِبَاد" لابن قَيِّم الجَوْزِيَّة (1/ 167 - 380)، و"سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العِبَاد" للإمام محمد بن يوسف الصَّالِحي الشَّامي (2/ 123 - 124)، و"مجمع الزوائد"(8/ 281)، و"الخصائص الكبرى" للسيوطي (1/ 69).
ومن ذلك ما رواه أحمد في "المسند"(1/ 328) -واللفظ له-، والبزَّار في "مسنده"(3/ 124) رقم (2391) -من كشف الأستار-، عن ابن عبَّاس:"أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى مشى مُجْتَمِعًا ليس فيه كَسَلٌ".
وإسناده صحيح.
قال الهيثمي في "المجمع"(8/ 281): رواه أحمد والبزَّار وزاد: "لم يلتفت، يعرف في مشيه أنَّه غير كسل ولا وهن". ورجال أحمد رجال الصحيح. إلّا أنَّ التابعي غير مسمَّى. وقد سمَّاه البزَّار، وهو عِكْرِمة، وهو من رجال الصحيح أيضًا".
وقوله في الحديث: "مجتمعًا": "أي شديد الحركة، قوي الأعضاء، غير مُسْتَرْخٍ في المشي". قاله ابن الأثير في "النهاية"(1/ 297).
وسيأتي كذلك من حديث أبي هريرة برقم (1336).
وقال السَّخَاويُّ في "المقاصد الحسنة" ص 240: "في الطبقات" لابن سعد -[3/ 290]- من رواية سليمان بن أبي حَثْمَة قال: قالت الشِّفَاءُ ابنة عبد اللَّه وهي أُمُّ سليمان: كان عُمَرُ إذا مشى أسرع".
* * *
124 -
أخبرنا عليّ بن محمد بن الحسن المالكي، وأبو الحسن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر، قالا: نبأنا عمرو بن محمد بن عليّ النَّاقِد قال: نبأنا أحمد بن محمد بن عمر الحَرَّاني قال: نبأنا محمد بن إسماعيل بن مُحْرِز أبو جعفر البغدادي -في سكة قريش- قال: نباتا حفص بن غياث النَّخَعِي، عن لَيْث، عن أبي فَزَارَة، عن يزيد بن الأَصَمِّ،
عن ابن عبَّاس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ من كُنَّ -يعني فيه- فإنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ له ما سوى ذلك: مَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا، ولم يكن ساحرًا يَتَّبعُ السَّحَرَةَ، ولم يَحْقِدْ على أخيه".
(2/ 4) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن مُحْرِز البغدادي أبو جعفر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (ليث) وهو (ابن أبي سُلَيْم بن زُنَيْم القُرَشي) وقد ترجم له في:
1 -
"الطبقات الكبرى" لابن سعد (6/ 349) وقال: "كان رجلًا صالحًا عابدًا، وكان ضعيفًا في الحديث".
2 -
"سؤالات ابن الجُنَيْد لابن مَعِين" ص 483 رقم (859) وقال: "ليس بذاك القوي".
3 -
"أحوال الرجال" للجُوْزَجَانِيّ ص 91 رقم (132) وقال: "يُضَعَّفُ حديثه، ليس بثَبْت".
4 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 209 رقم (536) وقال: "ضعيف".
5 -
"الجرح والتعديل"(7/ 177 - 179) وفيه عن أحمد بن حنبل: "مضطرب الحديث، ولكن حَدَّثَ النّاس عنه". وقال ابن مَعِين: "ليس حديثه بذاك، ضعيف". وقال أبو حاتم: "يُكْتَبُ حديثه وهو ضعيف الحديث". وقال أبو حاتم وأبو زُرْعَة: "لا يُشْتَغَلُ به هو مضطرب الحديث".
6 -
"المجروحين"(2/ 231 - 234) وقال: كان من العُبَّاد، ولكن اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدِّث به، فكان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم".
7 -
"الكامل"(6/ 2105 - 2108) وقال: "مع الضعف الذي فيه يُكْتَبُ حديثه".
8 -
"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين ص 196 رقم (1188) وفيه عن عثمان بن أبي شَيْبَة: "ثقة صدوق، وليس بحجّة".
9 -
"الكاشف"(3/ 13) وقال: "فيه ضعف يسير من سوء حفظه. . وبعضهم احتجَّ به".
10 -
"التهذيب"(8/ 465 - 468) وفيه عن يحيى بن مَعِين: "لا بأس به". وقال البزَّار: "كان أحد العبَّاد إلّا أنَّه أصابه اختلاط فاضطرب حديثه وإنّما تَكَلَّمَ فيه أهل العلم بهذا، وإلّا فلا نعلم أحدًا ترك حديثه". وقال السَّاجِي: "صدوق فيه ضعف، كان سيء الحفظ، كثير الغلط، كان يحيى القطَّان بأَخَرَةِ لا يُحَدِّثُ عنه".
11 -
"التقريب"(2/ 138) وقال: "صدوق، اختلط أخيرًا، ولم يتميز حديثه فترك"/ خت م 4.
وصاحب الترجمة (محمد بن إسماعيل البغدادي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
و (أبو فَزَارة) هو (راشد بن كَيْسَان العَبْسِي): ثقة. انظر ترجمته في: "تهذيب الكمال"(9/ 13 - 16)، و"التقريب"(1/ 240).
التخريج:
رواه البخاري في "الأدب المفرد" ص 149 رقم (415)، وعبد بن حُمَيْد في "المنتخب من المسند"(1/ 581 - 582) رقم (684)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 243 - 244) رقم (13004)، و"المعجم الأوسط"(1/ 501) رقم (921)، وأبو نُعَيْم في "الحِلْية"(4/ 99 - 100)، من طريق أبي شهاب الحنَّاط عبد رَبِّه بن نافع، عن لَيْث
(1)
بن أبي سُلَيْم، عن أبي فَزَارة، به.
قال الطبراني في "الأوسط": "لم يرو هذا الحديث عن أبي فَزَارة إلّا ليثٌ، تفرَّد به أبو شهاب. ولا يُرْوَى عن ابن عبَّاس، إلَّا بهذا الإسناد".
أقول: لم يتفرَّد به أبو شهاب فقد تابعه (حفص بن غياث النَّخَعِي) -وهو ثقة- عند الخطيب.
وقال الهيثمي في "المجمع"(1/ 104): "رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وفيه ليث بن أبي سُلَيْم".
ورواه البيهقي في "شُعَب الإيمان"(12/ 17 - 18) رقم (6190) من ذات الطريق المتقدِّم، موقوفًا على ابن عباس من قوله.
* * *
125 -
أخبرنا أبو حازم العَبْدَوي قال: سمعت الحسن بن أحمد الزَّنْجوي يقول: سمعت أحمد بن حمدُون الحافظ يقول: كنَّا عند محمد بن إسماعيل
(1)
وقع في "الأدب المفرد": "عن كثير عن أبي فزارة". والذي يفهم من كلام المِزِّيّ في "تهذيب الكمال"(9/ 15) حيث روى الحديث، أنه عند البخاري كما عند من أخرجه:"عن ليث عن أبي فَزَارة". وقد صُحِّف في "الحِلْيَة" إلى: "عن ليث بن أبي فَزَارة".
البُخَاري -[وذكر قِصَّةً وقعت له مع مسلم بن الحجَّاج]- فقال: حدَّثنا موسى بن إسماعيل قال: نبأنا وُهَيْب قال: حدَّثني موسى بن عُقْبَة،
عن عَوْن بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كَفَّارَةُ المجلس".
(2/ 28 - 29) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجُعْفِي البُخَاري أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
مرسل. والحديث قد صَحَّ من طرق أخرى متصلًا.
فـ (عون بن عبد اللَّه بن عتبة الهُذَليّ): تابعي ثقة كثير الإرسال. انظر ترجمته في: "التهذيب"(8/ 171 - 173) و"التقريب"(2/ 90).
و(أبو حازم العَبْدَوي) هو (عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عَبْدَوْيَه الهُذَلِيّ المَسْعُوديّ النَيْسَابُوريّ)، ترجم له الخطيب في "تاريخه" (11/ 272 - 273) وقال:"كان ثقة صادقًا عارفًا حافظًا. . .". وانظر: "السِّيَر"(17/ 333 - 337).
و(وُهَيْب) هو (ابن خالد بن عَجْلان البَاهِلِي البَصْري أبو بكر)، قال الحافظ ابن حَجَر عنه في "التقريب" (2/ 339):"ثقة ثَبْت، لكنه تغيَّر قليلًا بأَخَرَةٍ، من السابعة". وانظر: "التهذيب"(11/ 169 - 170).
وبقية رجال الإسناد ثقات عدا (الحسن بن أحمد الزَّنْجَوي) فإنِّي لم أهتد إلى ترجمته.
التخريج:
رواه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 113 - 114، وفي "تاريخ نَيْسَابُور"، وعنه البيهقي في "المَدْخَل إلى السنن الكبرى" -كما في "هدي السَّاري" لابن حَجَر ص 488 - .
وعن البيهقي والخطيب، رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(15/ 85 - 86) -مخطوط-.
ورواه الخليلي في كتابه "الإرشاد"(3/ 959 - 961)، جميعهم من طريق البخاري، عن موسى بن إسماعيل، عن وُهَيْب، به، مرسلًا.
رووه ضمن سياق خبر بيان الإمام البخاري للإمام مسلم عن علَّة هذا الحديث من طريق ابن جُرَيج، عن موسى بن عُقْبَة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا. حيث رجح البخاري طريق وُهَيْب، عن موسى بن عُقْبَة، عن عون بن عبد اللَّه مرسلًا، على الطريق الأول، وقال:"هذا أولى، فإنَّه لا يُذْكَرُ لموسى سَماعٌ من سهيل".
والحديث من طريق ابن جُرَيْج، عن موسى بن عقبة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ:"مَنْ جَلَسَ في مجلس فَكَثُرَ فيه لَغَطُهُ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانكَ اللَّهُمَ وبِحَمْدِكَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا أنْتَ أستغْفِرُكَ وأتوبُ إليكَ، إلَّا غُفِرَ له ما كانَ في مَجْلِسِه ذلك": رواه التِّرْمِذِيّ في الدعوات، باب ما يقول الرجل إذا قام من مجلسه (5/ 494) رقم (3433)، والنَّسَائي في "عمل اليوم والليلة" ص 308 - 309 رقم (397)، وابن السُّنِّيّ في "عمل اليوم والليلة" ص 212 - 213 رقم (447)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 536 - 537)، وابن حِبَّان في "صحيحه"(1/ 398) رقم (593)، والطَّحَاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 289)، والبيهقي في "شُعَب الإيمان"(2/ 530 - 531) رقم (619)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي"(2/ 132) رقم (1401)، والبَغَويّ في "شرح السُّنَّة"(5/ 134) رقم (1340).
ومن طريق إسماعيل بن عيَّاش، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة: رواه أحمد في "المسند"(2/ 369) مختصرًا بلفظ: "كفَّارة المجلس أن يقول العبد سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك".
أقول: إسماعيل بن عيَّاش مُضَعَّفٌ في روايته عن غير الشَّاميين، وسهيل شيخه هنا مَدَني.
وقال التِّرْمِذِيُّ: "هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه".
وقد توسَّع الإمام الحافظ ابن حَجَر رحمه الله للغاية في بيان عِلَّةِ هذا الحديث من هذا الطريق في "نُكَتِهِ على مقدمة ابن الصلاح"(2/ 715 - 726) فانظره فإنَّ فيه الفوائد الغاليات. وقد ختم كلامه في بيان علله مؤيدًا ما ذهب إليه البخاري في ذلك، بقوله:"وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام الأئمة المتقدِّمين وشدة فحصهم، وقوة بحثهم، وصحة نظرهم، وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك، والتسليم لهم فيه. وكلُّ من حكم بصحة الحديث مع ذلك إنما مشى فيه. على ظاهر الإسناد: كالتِّرْمِذِيّ كما تقدَّم، وكأبي حاتم ابن حِبَّان، فإنّه أخرجه في "صحيحه"، وهو معروف بالتساهل في باب النقد، ولا سيما كون الحديث المذكور في فضائل الأعمال، واللَّه أعلم".
والحديث قد صَحَّ أمن طرق أخرى، فإنَّه رُوي من حديث خمسة عشر صحابيًا، استوفى تخريجها عنهم وبيان طرقها والكلام عليها، الإمام الحافظ ابن حَجَر رحمه الله في "نُكَتِهِ على مقدمة ابن الصلاح"(2/ 726 - 743)، واختصره في آخر كتابه "فتح الباري"(13/ 545 - 546)، وأشار إلى الموطن الأول فقال:"وقد استوعبت طرقها وبينت اختلاف أسانيدها وألفاظ متونها فيما علَّقته على "علوم الحديث" لابن الصلاح، في الكلام على الحديث المعلول".
كما ورد من مراسيل جماعة من التابعين منهم: الشَّعْبِيّ، ويزيد الفَقِير
(1)
، وجعفر أبو سلمة، ومجاهد، وعطاء، ويحيى بن جَعْدَة، وحسَّان بن عطية. وقد
(1)
هو (يزيد بن صهيب الكوفي أبو عثمان، المعروف بالفقير)، قيل له ذلك لأنه كان يشكو فَقَار ظهره، كما قاله الحافظ ابن حَجَر في "نزهة الألباب في الألقاب"(2/ 72)، وفي "التقريب"(2/ 366).
خرَّجها جميعها الحافظ رحمه الله في كتابيه السابقين في الموطنين المشار إليهما. وقال في "الفتح"(13/ 546): "وأسانيد هذه المراسيل جِيَادٌ".
وانظر كذلك في شواهده: "عمل اليوم والليلة" للنَّسَائي ص 308 - 310، و"الدُّعاء" للطبراني (3/ 1656 - 1661)، و"جامع الأصول"(4/ 276 - 278)، و"مجمع الزوائد"(10/ 141 - 142)، و"الأذكار" للنووي ص (468).
ومن شواهد الحديث، ما رواه أحمد في "المسند"(3/ 450)، والطبراني في "المعجم الكبير"(7/ 183) رقم (6673)، والطَّحَاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 289)، من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن الهَاد، عن إسماعيل بن عبد اللَّه بن جعفر قال: بلغني أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما من إنسانٍ يكون في مجلس فيقول حين يريد أن يقوم: سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلّا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلّا غُفِرَ له ما كان في ذلك المجلس".
قال يزيد بن الهّاد: "فحدَّثت بهذا الحديث يزيد بن خُصَيْفة فقال: حدَّثني السَّائب بن يزيد عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
قال الحافظ ابن حَجَر في "نُكَتِهِ على مقدمة ابن الصلاح"(2/ 732) -بعد أن زاد في عزوه إلى "فوائد سَمُّوْيَه
(1)
" -: "صحيح، والعجب أنَّ الحاكم لم يستدركهـ، مع احتياجه إلى مثله، وإخراجه لما هو دونه".
وقال في "فتح الباري"(13/ 545) بعد عزوه للطَّحَاوي والطبراني فقط: "إسناده صحيح".
أقول: وقد فات الحافظ رحمه الله في كلا الكتابين عزوه للإمام أحمد، كما فات محقق "النُّكَت" أيضًا.
(1)
هو الإمام الحافظ الثقة إسماعيل بن عبد اللَّه بن مسعود العبدي (ت 267 هـ). انظر ترجمته في "السِّيَر" للذَّهبي (13/ 10 - 12).
قال الهيثمي في "المجمع"(10/ 141): "رواه أحمد والطبراني ورجالهما: رجال الصحيح".
وسيأتي تخريجه من حديث أنس بن مالك مرفوعًا برقم (1693).
* * *
126 -
أخبرني محمد بن عليّ بن أحمد المُقْرِئ قال: أنبأنا محمد بن عبد اللَّه النَّيْسَابُوري الحافظ قال: نبأنا أبو بكر محمد بن أبي الهيثم المُطَّوِّعي -ببُخَارَى- قال: حدثنا محمد بن يوسف الفَرَبْرِيّ قال: سمعت أبا عبد اللَّه محمد بن إسماعيل يقول: أمّا أفعال العِبَاد فمخلوقة، فقد حدَّثنا عليّ بن عبد اللَّه قال: حدَّثنا مروان بن معاوية قال: حدَّثنا أبو مالك، عن رِبْعِيّ بن حِرَاش،
عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وصَنْعَتِهُ".
(2/ 30 - 31) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجُعْفِيّ البُخَاري أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
رجاله كلُّهم ثقات عدا شيخ الخطيب: (محمد بن عليّ بن أحمد الوَاسِطي المُقْرِئ أبو العلاء) فإنَّه ضعيف مُخَلِّطٌ. وستأتي ترجمته في حديث (430).
وعدا (أبي بكر محمد بن أبي الهيثم المُطَّوِّعي) فإنِّي لم أقف على ترجمته فيما رجعت إليه من المصادر.
و (أبو مالك) هو (سعد بن طارق بن أَشْيَم الأَشْجَعي): ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (1468).
والحديث صحيح من طرق أخرى.
التخريج:
رواه البخاري في "خَلْق أفعال العباد" ص 39 - 40 رقم (117)، من الطريق التي رواها الخطيب عنه. لكن عنده في آخره زيادة قوله:"وتلا بعضهم عند ذلك: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} -[سورة الصافات: الآية 96]-".
وإسناد البخاري صحيح.
وعن البخاري، رواه البيهقي في "الأسماء والصفات"(1/ 398).
ورواه الحاكم في "المستدرك"(1/ 31)، من طريق عثمان بن سعيد الدَّارِمي، عن عليّ بن المَدِيني، عن مروان بن معاوية، به. ولفظه عنده:"إنَّ اللَّه خالق كلّ صانع وصنعته".
وعن الحاكم، رواه البيهقي في "الأسماء والصفات"(2/ 129)، و"الاعتقاد والهداية" ص 93.
أقول: لفظه عند البيهقي في كتابيه كلفظ الخطيب، مع كونه يرويه عن الحاكم من طريقه السابق!
ورواه البزَّار في "مسنده"(3/ 28) رقم (2160) -من كشف الأستار-، والبيهقي في "شُعَب الإيمان"(1/ 501 - 502) رقم (187)، وابن أبي عاصم في "السُّنَّة"(1/ 158) رقم (358)، واللَّالِكَائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة"(3/ 539) رقم (943)، من طرق، عن مروان بن معاوية، عن أبي مالك الأَشْجَعي، به.
قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 197): "رواه البزَّار، ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن عبد اللَّه أبو الحسين
(1)
بن الكردي، وهو ثقة".
ورواه الحاكم في "المستدرك"(1/ 31 - 32)، وابن أبي عاصم في "السُّنَّة"
(1)
أقول: "الذي في إسناد البزَّار: "أحمد بن عبد اللَّه بن الحسين".
(1/ 158) رقم (357)، وابن عدي في "الكامل"
(1)
(6/ 2046)، من طريق الفُضَيْل بن سليمان النُّمَيْري، عن أبي مالك الأَشْجَعي، به.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخَرِّجَاهُ". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
أقول: في إسناده (الفُضَيْل بن سليمان النُّمَيْرِي) ضَعَّفَهُ أبو حاتم وأبو زُرْعَة وابن مَعِين وغيرهم. وقال الحافظ ابن حَجَر عنه في "التقريب"(2/ 112): "صدوق له خطأ كثير". وستأتي ترجمته في حديث (540). وقد توبع كما تقدَّم.
* * *
127 -
أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن محمد الطِّرَازي -بنَيْسَابُور- قال: أنبأنا أبو حامد أحمد بن عليّ بن حَسْنُوْيَه المُقْرِئ قال: أنبأنا أبو جعفر الصَّايِغ البغدادي -واسمه محمد بن إسماعيل بن سالم- قال: نبأنا شَبَابَة بن سَوَّار قال: نبأنا شُعْبَة، عن سِمَاك،
عن عياض الأشعري قال: لما نزلت هذه الآية {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} -[سورة المائدة: الآية 54]- أومأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى أبي موسى الأشعري. فقال: "هُمْ قَوْمُ هذا".
(2/ 39) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن سالم الصَّايِغ أبو جعفر).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. والحديث صحيح من طرق أخرى.
ففيه (أبو حامد أحمد بن عليّ بن حَسْنُوْيَه المُقْرئ النَّيْسَابُوري) وقد ترجم له في:
(1)
حُرِّفَ متن الحديث في "الكامل" المطبوع تحريفًا فاحشًا. فقد جاء فيه هكذا: "إنَّ اللَّه يضع كل صنعة بصنعته"!!.
1 -
"سؤالات حمزة السَّهْمِي للدَّارَقُطْنِيّ وغيره من المشايخ" ص 150 رقم (153) قال حمزة: "سألت أبا زُرْعَة محمَّدًا بن يوسف الجُرْجَاني المعروف بالكَشِّي عن أحمد بن عليّ بن الحسن الحَسْنَوي المُقْرِيء حَدَّث بِجُرْجَان؟ فقال: هو كَذَّابٌ يحضرني".
2 -
"الأنساب"(4/ 144 - 147): وفيه عن الحاكم: "حَدَّث عن جماعة من أئمة المسلمين أَشْهَدُ باللَّه أنَّه لم يسمع منهم". وقال: "لا أعلم له حديثًا وضعه أو أدخل إسنادًا في إسناد، وإنما المنكر من حاله روايته عن قوم تقدم موتهم. . . وهو في الجملة غير محتجٍّ بحديثه، غير أنَّ النفس تأبي عن ترك مثله! واللَّه المستعان".
3 -
"تاريخ دمشق" لابن عساكر (2/ 20 - 22) -مخطوط-.
4 -
"ميزان الاعتدال"(1/ 121) وفيه عن الخطيب: "لم يكن بثقة".
5 -
"المغني"(1/ 48) وقال: "ساقط مُتَّهَمٌ".
6 -
"اللسان"(1/ 223 - 224) وقال: "أمَّا ابن حَزْم فقال في حديث جاء ذكره فيه: أحمد بن علي بن حَسْنُوْيَه: مجهول. وهذه عادته فيمن لا يعرف".
أقول: وتجهيل ابن حَزْم له هو في كتابه "المُحَلَّى"(9/ 296).
وشيخ الخطيب (عليّ بن محمد بن محمد الطِّرَازي البغدادي أبو الحسن) ترجم له في "السِّيَر"(17/ 409) وقال: "الشيخ الكبير مسند خُرَاسَان"، ولم ينقل فيه جرحًا أو تعديلًا. وكانت وفاته (422 هـ).
و(عياض بن عمرو الأشعري) اخْتُلِفَ في صُحْبَتِهِ. ففي "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6/ 407) عن أبيه أنَّه قال: "روى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا، أنه قرأ (فسوف يأتي اللَّه بقوم يحبهم ويحبونه). وهو تابعي. وروى عن أبي موسى الأشعري عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. روى بعضهم عن شعبة، عن
سِمَاك، عن عياض، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يروي عن شعبة، عن سِمَاك، عن عياض، عن أبي موسى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم" انتهى.
وقال الحافظ ابن حَجَر في ترجمته من "التهذيب"(8/ 202): "مختلف في صحبته". وقال بعد أن ذكر عن أبي حاتم عدم اعتباره من الصحابة: "جاء عنه حديث يقتضي التصريح بصحبته ذكره البَغَوي في "معجمه" وفي إسناده لين. واختلف على شَريك في اسمه. ثم قال البَغَوي: يشك في صحبته. وقال ابن حِبَّان: له صحبة".
وقال الخطيب البغدادي في ترجمته من "التاريخ"(1/ 207): وقد ذكره غير واحد من العلماء في جملة الصحابة، وأُخْرِجَ حديثه في المسند".
وقال الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر"(2/ 384) في ترجمة (أبي موسى الأشعري): "والأظهر أنَّ لعياض بن عمرو صحبة".
وقال ابن حَجَر في "التقريب"(2/ 96): "صحابي، له حديث واحد. وجزم أبو حاتم بأنَّ حديثه مرسل، وأنَّه رأى أبا عبيدة بن الجرَّاح، فيكون مُخَضْرَمًّا"/ م ق.
و(سِمَاك) هو (ابن حَرْب بن أَوْس الذُّهْلِي): ثقة ساء حفظه، ورواية شُعْبَة عنه قديمة قبل اختلاطه. انظر:"الكواكب النَّيِّرات" ص 240. وستأتي ترجمته في حديث (1312).
وباقي رجال الإسناد حديثهم حسن.
التخريج:
رواه ابن أبي شَيْبَة في "مصنَّفه"(12/ 123)، وابن سعد في "الطبقات"(4/ 107)، وابن جرير في "تفسيره"(10/ 414 - 415) رقم (12188 و 12191 و 12192)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 313)، والطبراني في "المعجم الكبير"
(17/ 371) رقم (1016)، وأبو نُعَيْم في "تاريخ أَصْبَهَان"(1/ 59)، من طرق، عن شُعْبَة، عن سِمَاك، عنه، به.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخَرِّجَاهُ". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
وقال الهيثمي في "المجمع"(7/ 16): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح".
وقال البُوصيري كما في حاشية محقق "المطالب العالية"(3/ 324) معزوًا لابن أبي شَيْبَة: "رواته ثقات".
ورواه الطبري في "تفسيره"(10/ 415) رقم (12189)، عن محمد بن المثنَّى قال: حدَّثنا أبو الوليد قال: حدَّثنا شُعْبَة، عن سِمَاك بن حَرْب قال: سمعت عياضًا يحدث عن أبي موسى: "أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: (فسوف يأتي اللَّه بقومٍ يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ)، قال يعني قوم أبي موسى".
أقول: رجال إسناده ثقات. و (أبو الوليد) هو (الطَّيَالسي، هشام بن عبد الملك): إمام حافظ ناقد حجَّة. توفي عام (227 هـ)، وحديثه في الكتب السنة. انظر ترجمته في "السِّيَر"(10/ 341 - 347)، و"التهذيب"(11/ 45 - 47)، و"التقريب"(2/ 319).
ولم يتكلَّم الشيخ أحمد شاكر رحمه الله، عليه في تخريجه لأحاديث تفسير الطبري.
ورواه البيهقي في "دلائل النبوة"(5/ 351)، من طريق عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، عن أبي مَعْمَر، عن عبد اللَّه بن إدريس، عن أبيه، عن سِمَاك بن حرب، عن عياض الأشعري، عن أبي موسى قال:"تلوت عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (فسوف يأتي اللَّه بقومٍ يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ). فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "هُمْ قَوْمُكَ يا أبا موسى أهل اليمن".".
وقد روى الطبري في "تفسيره"(10/ 416) رقم (12194)، عن شُرَيْح بن عبيد مرسلًا قال:"لما أنزل اللَّه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} إلى آخر الآية -[سورة المائدة: الآية 54]-، قال عمر: أنا وقومي هم يا رسول اللَّه؟ قال: لا بل هذا وقومه: يعني أبا موسى الأشعري".
* * *
128 -
أخبرنا عليّ بن محمد بن عبد اللَّه المُعَدَّل قال: أنبأنا محمد بن عمرو البَخْتَرِيّ الرَّزَّاز قال: حدَّثنا محمد بن إسماعيل السُّلَمِي.
وأخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصَّيْرَفي -بنَيْسَابُور، واللفظ له- قال: حدَّثنا أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه بن أحمد الصَّفَّار الأَصْبَهَاني قال: حدَّثنا محمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ قال: حدَّثنا محمد بن عبد اللَّه الأنصاري، عن هشام بن حسَّان، عن محمد بن سِيرين،
عن أبي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فأوتروا يا أَهْلَ القُرْآنِ".
(2/ 43 - 44) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن يوسف السُّلَميّ التِّرْمِذِيّ أبو إسماعيل).
مرتبة الحديث:
رجال الطريقين كلُّهم ثقات. وللحديث شواهد من حديث عليّ، وابن مسعود، وغيرهما، من طرق صَحَّ بعضها.
التخريج:
لم أجده بتمام لفظ الخطيب عن أبي هريرة عند أحدٍ في كُلِّ ما رجعت إليه.
وقد عزاه في "الجامع الكبير"(1/ 179) إلى الخطيب وحده عنه.
لكن الشطر الأول منه: "إنَّ اللَّه وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ". قد رواه عنه مطوَّلًا
البخاري في الدعوات، باب اللَّه عز وجل مائة اسم غير واحد (11/ 214) رقم (1410)، ومسلم في الذكر والدعاء، باب في أسماء اللَّه تعالى وفضل من أحصاها (4/ 2062) رقم (2677)، وابن ماجه في الدعاء، باب أسماء اللَّه عز وجل (2/ 1269) رقم (3861)، والطبراني في الدعاء (2/ 828) رقم (107 و 109 و 110 و 111).
ورواه عنه مختصرًا بذكر هذا الشطر وحده: عبد الرزاق في "مصنَّفه"(5/ 498) رقم (9801)، وأحمد في "المسند"(2/ 277 و 290 و 491)، وابن أبي شَيْبَة في "مصنَّفه"(2/ 297)، وابن خُزَيْمَة في "صحيحه"(2/ 138) رقم (1071)، وأبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان"(2/ 119 - 220).
وهو عند أحمد في الموضع الثاني والثالث، وعند ابن أبي شَيْبَة وأبي نُعَيْم وابن خُزَيْمَة، من طرق، عن هشام بن حسَّان، عن محمد بن سِيرين، عن أبي هريرة مرفوعًا.
وحديث الخطيب بتمامه له شواهد عِدَّة، انظرها في:"المصنَّف" لابن أبي شَيْبَة (2/ 297 - 298)، و"جامع الأصول"(6/ 43 - 44)، و"مجمع الزوائد"(2/ 240)، و"الترغيب والترهيب"(1/ 406).
ومن تلك الشواهد، ما رواه ابن خُزَيْمَة في "صحيحه"(2/ 136 - 137) رقم (1067)، وأحمد في "مسنده"(1/ 110) وغير موضع، وأبو داود في الصلاة، باب استحباب الوتر (2/ 127 - 128) رقم (1416)، والتِّرْمِذِيّ في الصلاة، باب ما جاء أنَّ الوتر ليس بِحَتْمٍ (2/ 316) رقم (453)، والنَّسَائي في قيام الليل، باب الأمر بالوتر (3/ 228 - 229)، وابن ماجه في إقامة الصلاة، باب في الوتر (1/ 370) رقم (1169)، وأبو داود الطَّيَالسي في "مسنده" ص 16 رقم (88)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 330)، والبَغَوي في "شرح السُّنَّة"(4/ 102) رقم (976)، عن عليّ بن أبي طالب مرفوعًا:"إنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فأوتروا يا أهلَ القرآنِ".
قال التِّرْمِذِيُّ: "حديث حسن".
وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند"(2/ 164) رقم (877): "إسناده صحيح".
* * *
129 -
أخبرنا أبو عمرو محمد بن محمد بن عليّ بن خُبَيْش التَّمَّار، وأبو الحسن محمد بن الحسين بن الفضل القَطَّان، قالا: نبأنا إسماعيل بن محمد الصَّفَّار -إملاءً- قال: وجدتُ في كتاب أبي بخطِّه أنَّ عاصم بن عليّ حدَّثهم قال: نبأنا أبو مَعْشَر.
قال إسماعيل: وحدَّثنا محمد بن عليّ الورَّاق قال: نبأنا عاصم بن عليّ قال: نبأنا أبو مَعْشَر، عن إبراهيم بن عبيد بن رِفَاعة بن رافع بن مالك بن العَجْلان الأنصاري، عن أبيه،
عن جَدِّه قال: أقبلنا من بَدْرٍ، ففقدنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ونادت الرفاق بعضها بعضًا: أفيكم رسول اللَّه؟ حتى جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومعه عليّ بن أبي طالب. فقالوا: يا رسول اللَّه فقدناك؟ فقال: "إنَّ أبا حسنٍ وجد مَغْصًا في بطنه فَتَخَلَّفْتُ عليه".
(2/ 44 - 45) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن صالح الصَّفَّار).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (أبو مَعْشَر نَجِيح بن عبد الرحمن السِّنْدِي) وهو ضعيف، وقد أَسَنَّ واختلط. وستأتي ترجمته في حديث (789).
والطريق الأول روي وِجَادَةَ، وهي طريقٌ ضعيفٌ من طرق التحمل. قال الحافظ العِرَاقي في "شرحه لألفيته" (2/ 113):"كلُّ ما ذُكِرَ من الرواية بالوِجَادَةِ منقطع، سواء وثق بأنَّه خطّ من وجده عنه أم لا".
وقال الإِمام ابن الصلاح في "علوم الحديث" ص 158: "هو من باب المنقطع والمرسل، غير أنّه أخذ شَوْبًا من الاتصال بقوله: وجدت بخطِّ فلان".
التخريج:
رواه الحاكم في "المستدرك"(3/ 232)، والطبراني في "الكبير"(5/ 30 - 40) رقم (4548)، من طريق عاصم بن عليّ، عن أبي مَعْشَر، به.
ولم يتكلَّم عليه الحاكم أو الذَّهَبِيّ في "تلخيص المستدرك" بشيء.
وقال الهيثمي في "المجمع"(6/ 69): "رواه الطبراني وفيه أبو مَعْشَر نَجِيح وهو ضعيف يُكْتَبُ حديثه".
وذكره العِرَاقي في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 366) وعزاه للحاكم فقط، ولم يتكلَّم عليه بشيء.
* * *
130 -
أخبرنا إبراهيم بن مَخْلَد بن جعفر قال: حدَّثني إسماعيل بن عليّ الخُطَبي قال: نبأنا محمد بن إسماعيل بن الغُصْن المَوْصِلي قال: نبأنا عبد الغفَّار بن عبد اللَّه بن الزُبَيْر المَوْصِلي قال: نبأنا عليّ بن مُسْهِر، عن مسلم الأعور، عن مجاهد،
عن ابن عبَّاس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ المَيِّتَ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِم حين يُوَلُّونَ عنه".
(2/ 46) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن الغُصْن المَوْصِلي).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والحديث صحيح من طرق أخرى.
ففيه (مسلم بن كَيْسَان الضَّبِّي المُلائي الأعور) وهو واه. وستأتي ترجمته في حديث (731).
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن إسماعيل بن الغُصْن المَوْصِلي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
و(مجاهد) هو (ابن جَبْر المَكِّي): إمام في القراءة والتفسير، حجَّة، وستأتي ترجمته في حديث (399).
التخريج:
رواه الطبراني في "الكبير"(11/ 87) رقم (11135)، وتمَّام الرَّازي في "فوائده"(2/ 804) رقم (1420)، من طريق مسلم الضَّبِّي، عن مجاهد، عنه، به.
قال الهيثمي في "المجمع"(3/ 54): "رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات"! ! .
وقال محقق "فوائد تمَّام" الدكتور عبد الغني التَّمِيمي: "إسناده صحيح"! ! .
أقول: في إسناده كما تقدَّم (مسلم بن كَيْسَان الضَّبِّي الأعور) وهو ضعيف، تركه أحمد بن حنبل ويحيى بن مَعِين وغيرهما، ولم أقف على توثيق لأحد فيه! ! وسيأتي بيان حاله تفصيلًا في حديث (731).
وللحديث شواهد عِدَّة، انظرها في:"جامع الأصول"(11/ 173 - 175 و 180)، و"مجمع الزوائد"(3/ 54)، و"الترغيب والترهيب"(4/ 363 - 365)، و"فتح الباري"(3/ 206).
ومن تلك الشواهد، ما رواه البخاري مطوَّلًا في الجنائز، باب الميت يسمع خفق النِّعَال (3/ 205) رقم (1338)، وباب ما جاء في عذاب القبر (3/ 232 - 233) رقم (1374)، ومسلم في الجنَّة، باب عرض مقعد الميت من الجنَّة أو النَّار عليه. . . (4/ 2200 - 2201) رقم (2870) -مطوَّلًا ومختصرًا-، وابن حِبَّان: في "صحيحه"(5/ 49) رقم (3110) -مطوَّلًا-، وغيرهم، عن أنس بن مالك
مرفوعًا: "إنَّ العبد إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ وتولَّى عنه أصحابه، إنَّه ليسمع قَرْعَ نعالهم".
وسيأتي من حديث أبي هريرة برقم (1691).
* * *
131 -
أخبرني الحسن بن عليّ التَّمِيميّ قال: نبأنا عليّ بن محمد بن لؤلؤ الورَّاق قال: نبأنا محمد بن إسماعيل الدَّقَّاق -جارنا- قال: نبأنا محمد بن يزيد أبو هشام الرِّفَاعي قال: نبأنا حَفْص -يعني ابن غِيَاث-، عن مُجَالِد، عن الشَّعْبِيِّ،
عن جابر قال: خَطَّ لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خَطًّا، فقال:"هكذا سبيلُ اللَّهِ". ثم خَطَّ خطوطًا، فقال:"هذه سُبُلُ الشيطان فما منها سبيلٌ إلَّا عليه شيطانٌ يدعو إليه. فاعتصموا بحبل اللَّه جميعًا ولا تَفَرَّقُوا".
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والحديث قد روي بنحوه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه بإسناد حسن.
ففيه (مُجَالِد بن سعيد الهَمْدَاني الكوفي أبو عمرو) وهو ضعيف وقد تغيَّر في آخر عمره. وستأتي ترجمته في حديث (1023).
وفيه صاحب الترجمة (محمد بن إسماعيل الدَّقَّاق) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
و (الشَّعْبِيّ) هو (عامر بن شَرَاحِيل): إمام ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (264).
التخريج:
رواه مختصرًا: أحمد في "المسند"(3/ 397)، وابن ماجه في المقدِّمة (1/ 6) رقم (11) -واللفظ له-، وابن أبي عاصم في "السُّنَّة"(1/ 13) رقم (16)، وعبد بن حُمَيْد في "المنتخب من المسند"(3/ 72 - 73) رقم (1139)،
والآجُرِّي في "الشريعة" ص 12، وأبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان"(2/ 66)، و"السُّنَّة" لمحمد بن نصر المَرْوَزِيّ ص 10 رقم (13)، من طرق، عن مُجَالِد بن سعيد، عن الشَّعْبِيّ، عن جابر قال:"كنَّا عند النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَخَطَّ خَطًّا، وخَطَّ خَطَّيْنِ عن يمينه، وخَطَّيْنِ عن يساره، ثم وضع يده في الخَطِّ الأوسط، فقال: هذا سبيلُ اللَّه. ثم تلا هذه الآية: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [سورة الأنعام: الآية 153].".
ولفظ أبي نُعَيْم: "خَطَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خَطًّا ثم شَعَّبَ منه شُعَبًا ثم قال: هذه سبيلُ اللَّه، وهذه سُبُلٌ فيها -أو منها- شياطين، فاعتصموا بحبل اللَّه جميعًا".
كما عزاه ابن كثير في "تفسيره"(2/ 198) إلى البزَّار، وابن مَرْدُوْيَه، من الطريق السابق
(1)
.
وعزاه في "الدُّرِّ المنثور"(3/ 385) إلى أحمد، وابن ماجه، وابن أبي حاتم، وابن مَرْدُوْيَه فقط.
وقد روى أحمد في "المسند"(1/ 435 و 465) -واللفظ له-، والدَّارِمي في "سننه"(1/ 67 - 68)، وابن حِبَّان في "صحيحه"(1/ 105) رقم (6 و 7)، وأبو داود الطَّيَالسي في "مسنده" ص 33، والطبري في "تفسيره"(12/ 230) رقم (14168)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 318)، والآجُرِّي في "الشَّريعة" ص 10، وابن أبي عاصم في "السُّنَّة"(1/ 13) رقم (17)، ومحمد بن نصر المَرْوَزِيّ في "السُّنَّة" ص 10 - 11 رقم (11)، والبزَّار في "مسنده"(3/ 49) رقم (2210) -من كشف الأستار-، والبَغَوي في "شرح السُّنَّة"(1/ 196 - 197) رقم (97)، كلُّهم -عدا الآجُرِّي
(2)
- من طريق عاصم بن بَهْدَلة، عن أبي وائل
(1)
وصُحِّف "مجالد" فيه إلى "مجاهد".
(2)
فإنَّه من طريق عاصم بن بَهْدَلة، عن زِرّ بن حُبَيْش، عن ابن مسعود مرفوعًا.
عن ابن مسعود قال: "خَطَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خَطًّا بيده، ثم قال: هذا سبيلُ اللَّه مستقيمًا. قال ثم خَطَّ عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السُّبُلُ ليس فيها سبيلٌ إلّا عليه شيطانٌ يدعو إليه، ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [سورة الأنعام: الآية 153].".
قال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يُخَرِّجاه. وشاهده لفظًا واحدًا حديث الشَّعْبِيِّ عن جابر من وجه غير معتمد". ووافقه الذَّهَبِيُّ.
أقول: إسناده حسن من أجل (عاصم بن بَهْدَلة -وهو ابن أبي النَّجُود-) فإنَّ حديثه لا يرتقي إلى الصحة. وستأتي ترجمته في حديث (592).
وقد اخْتُلِفَ فيه على عاصم، وذكر هذا الاختلاف وتوسع فيه ابن كثير في "تفسيره"(2/ 197 - 198)، وقال:"ولعل هذا الحديث عن عاصم بن أبي النَّجُود عن زِرّ، وعن أبي وائل شَقِيق بن سَلَمَة، كلاهما عن ابن مسعود، به، واللَّه أعلم".
وقد ذكر ابن كثير حديث جابر المتقدِّم وقال: "لكن العمدة على حديث ابن مسعود مع ما فيه من الاختلاف إنْ كان مؤثِّرًا، وقد رُوي موقوفًا عليه".
* * *
132 -
أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن محمد الرَّزَّاز -من أصل كتابه- قال: أنبأنا أبو الحسن محمد بن إسماعيل بن موسى الرَّازِيّ قال: نبأنا أبو عامر عمرو بن تَمِيم بن سيَّار الطبري قال: نبأنا هَوْذَة بن خَلِيفة البَكْرَاوي، عن ابن جُرَيْج، عن عطاء،
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنْ سَرَّكُمْ أَنْ تَزْكُو صَلَاتُكُمْ، فَقَدِّمُوا خِيَارَكُمْ".
(2/ 51) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن موسى الرَّازِيّ أبو الحسين).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. وقد روي من حديث مَرْثَد الغَنَوي بنحوه، وإسناده ضعيف.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن إسماعيل بن موسى الرَّازي المُكْتِب أبو الحسن) وقد ترجم له في:
1 -
"سؤالات السَّهْمِي للدَّارَقُطْنِيّ وغيره من المشايخ" ص 100 - 101 رقم (51) وقال: سمعت أبا محمد بن غلام الزُّهْرِيّ يقول: "ضعيف".
2 -
"تاريخ بغداد"(2/ 50 - 53) وقال: "كان غير ثقة". وفيه أنَّ أبا القاسم هِبَةَ اللَّه بن الحسن الطبري الحافظ قد كَذَّبه في روايته عن موسى بن نصر.
وقال الحافظ الخطيب عقب روايته للحديث: "هذا حديث منكر بهذا الإسناد، ورجاله كلُّهم ثقات، والحَمْلُ فيه على الرازي".
و(ابن جُرَيج) هو (عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيْج المَكِّي): إمام حافظ ثقة، شيخ الحَرَم، وأَوَّل من دَوَّنَ العلم بمكَّة، -ت 150 هـ-. انظر ترجمته في:"السِّيرَ"(6/ 325 - 336)، و"التهذيب"(6/ 402 - 406).
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 420 - 421) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، ونقل قوله السابق.
ورواه الدَّارَقُطْنِيّ في "سننه"(1/ 346)، وابن عدي في "الكامل"(3/ 912) -في ترجمة (خالد بن إسماعيل المَخْزُومي) -، من طريق خالد بن إسماعيل هذا، عن ابن جُرَيْج، عن عطاء، عنه، به.
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: "خالد بن إسماعيل ضعيف".
وقال ابن عدي: "هذا الحديث عن ابن جُرَيْج بهذا الإسناد منكر".
وقال عن خالد بن إسماعيل المَخْزُومي: "يضع الحديث على ثقات المسلمين". وستأتي ترجمته في حديث (970).
وللحديث شاهد ضعيف من حديث مَرْثَد بن أبي مَرْثَد الغَنَوي مرفوعًا بلفظ: "إن سَرَّكُمْ أَنْ تُقْبَلَ صَلَاتُكُمْ فَلْيَؤُمُّكُمْ خِيَارُكُمْ، فإنَّهم فيما بَيْنَكُم وبينَ رَبِّكُم عز وجل".
رواه الحاكم في "المستدرك"(3/ 222)، والدَّارَقُطْنِيُّ في "سننه"(2/ 88)، والطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 328) رقم (777).
وفي إسناده عندهم: (يحيى بن يَعْلَى الأَسْلَمِي)، قال عنه الحافظ ابن حَجَر في "التقريب" (2/ 361):"ضعيف".
كما أنَّ في إسناده عندهم: (عبد اللَّه بن موسى) وهو ضعيف أيضًا.
ولذا قال الدَّارَقُطْنِيُّ عقب روايته له: "إسناده غير ثابت، وعبد اللَّه بن موسى ضعيف".
وحديث مَرْثَد ذكره القَاري في "الموضوعات الكبرى" ص 148 وقال: "وللحاكم والطبراني بسند ضعيف" ثم ذكره.
وقال الشَّوْكَانيُّ في "الفوائد المجموعة" ص 32: لم يصحّ.
* * *
133 -
أخبرنا عليّ بن أحمد الرَّزَّاز قال: أنبأنا محمد بن إسماعيل الرَّازي قال: نبأنا أبو عبد اللَّه محمد بن أيوب بن يحيى بن الضُّرَيْس قال: أنبأنا هَوْذَة قال: نبأنا ابن جُرَيْج، عن عطاء،
عن ابن عبَّاس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من بلغه القرآنُ فكأنما شافهته". ثم قرأ: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [سورة الأنعام: الآية 19].
(2/ 71) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن موسى الرَّازِي المُكْتِب أبو الحسين).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن إسماعيل بن موسى الرَّازي) وهو مُتَّهَمٌ. وسبقت ترجمته في الحديث السابق رقم (132).
وقال الخطيب عقب روايته له: هذا الحديث بهذا الإِسناد باطل. على أنَّا لا نعلم أنَّ محمد بن أيوب روى عن هَوْذَة بن خَلِيفة شيئًا قطّ، ولا سمع منه. لأنَّ هَوْذَة مات في سنة ست عشرة ومائتين، وطَلَبَ محمد بن أيوب الحديثَ في سنة عشرين ومائتين.
و(هَوْذَة بن خَلِيفة بن عبد اللَّه الثَّقَفِي البَكْرَاوي أبو الأَشْهب)، قال الذَّهَبِيُّ عنه في "الكاشف":(3/ 200): "صدوق". ويمثل قوله قال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب"(2/ 322). وانظر لمزيد توسع في بيان حاله: "الميزان"(4/ 311)، و"التهذيب"(11/ 74 - 75).
و(ابن جُرَيْج) قد تقدَّمت ترجمته في الحديث السابق رقم (132).
التخريج:
عزاه السيوطي في "الدُّرِّ المنثور"(3/ 257) إلى ابن مَرْدُوْيَه، وأبي نُعَيْم، والخطيب، عن ابن عبَّاس، وقال:"وأخرج ابن أبي شَيْبَة، وابن الضُّرَيْس، وابن جَرِير، وابن المُنْذِر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القُرَظي في قوله تعالى {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} قال: من بلغة القرآن فكأنما رأى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. وفي لفظ: "من بلغة القرآن حتى يفهمه ويعقله كان كمن عاين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكلَّمه".
* * *
134 -
أخبرنا عليّ قال: أنبأنا محمد قال: نبأنا محمد بن أيوب قال: نبأنا هَوْذَة بن خَلِيفة قال: نبأنا ابن جُرَيْج، عن أبي صالح.
عن أبي هريرة قال: رأيت معاذ بن جَبَل يُديم النظر إلى عليّ بن أبي طالب، فقلت: مالك نديم النظر إلى عليٍّ كأنك لم تره؟ فقال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "النَّظَرُ إلى وَجْهِ عليٍّ عِبَادَةٌ".
(2/ 51) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن موسى الرَّازِيّ المُكْتِب أبو الحسين).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن إسماعيل الرَّازي) وهو مُتَّهَمٌ. وقد تقدَّمت ترجمته في حديث (132).
وقال الخطيب عقب روايته له: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل، على أنَّا لا نعلم أنَّ محمد بن أيوب روي عن هَوْذَة بِن خَلِيفة شيئًا قطّ، ولا سمع منه، لأنَّ هَوْذَة مات في سنة ست عشرة ومائتين، وطَلَب محمد بن أيوب الحديثَ في سنة عشرين ومائتين.
وشيخ الخطيب: (عليّ) هو (ابن أحمد الرَّزَّاز أبو الحسن)، ترجم له في "تاريخه" (11/ 330 - 331) وقال:"إلى الصدق ما هو". وستأتي ترجمته في حديث (639).
و (محمد بن أيوب) هو (ابن الضُّرَيْس): إمام حافظ ثقة مُعَمَّر. وسبقت ترجمته في حديث (83).
و (ابن جُرَيْج) تقدَّمت ترجمته في حديث (132).
و (أبو صالح) هو (ذَكْوان السَّمَّان الزَّيَّات المَدَني): ثقة ثَبْت. وستأتي ترجمته في حديث (174).
وقال الذَّهَبِيُّ في "ميزان الاعتدال"(3/ 485) بعد أن روى الحديث عن الخطيب من طريقه المتقدِّم: "المُتَّهَمُ بوضعه الرَّازي، ثم إنَّ محمد بن أيوب بن الضُّرَيْس لم يدرك هَوْذَة ولا ابن جُرَيْج ولا أبا صالح"
(1)
.
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(1/ 359) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم. وأعلَّه بقوله في (1/ 362) منه: "فيه محمد بن أيوب، ولا يُعْرَفُ أنَّه سمع من هَوْذَة ولا روى عنه. قال ابن حِبَّان: يروي الموضوع لا يحلّ الاحتجاج به"! ! .
أقول: عِلَّةُ الحديث (محمد بن إسماعيل الرَّازِيّ) كما تقدَّم، و (محمد بن أيوب -ابن الضُّرَيْس-): إمام ثقة، كما تقدَّم أيضًا. وما نقله ابن الجَوْزي عن ابن حِبَّان من قوله فيه:"يروي الموضوع لا يحلّ الاحتجاج به"، وَهَمٌ من ابن الجَوْزي، فإنّ ابن حِبَّان لم يقل ذلك فيه! ! وقوله هذا إنَّما قاله في (محمد بن أيوب بن سُوَيد الرَّمْلِي) كما في "المجروحين"(2/ 299) له.
والحديث له طرق كثيرة عن عدد من الصحابة، ذكرها ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(1/ 358 - 363) وأعلَّها كلَّها، وقال: هذا حديث لا يصحُّ من جميع طرقه".
وقال الإِمام ابن كثير في "البداية والنهاية"(7/ 358) بعد أن ذكر أسماء من
(1)
هكذا في "الميزان" و"اللسان"(5/ 81): "ولا ابن جُرَيْج ولا أبا صالح". وأظن أنَّ العبارة هكذا: "ولا ابن جُرَيْج، أبا صالح"، إلَّا أنَّه يرد على ذلك أن (أبا صالح ذكوان) قد توفي سنة (101 هـ) كما في "التقريب"(1/ 238)، ووفاة (ابن جُرَيْج عبد الملك بن عبد العزيز) كانت سنة (150 هـ) أو بعدها وقد جاوز السبعين، وقيل: جاوز المائة، ولم يثبت كما قاله الحافظ في "التقريب"(1/ 520). وهذا يعني أن (ابن جُرَيْج) قد أدرك (أبا صالح)، بغض النظر عن تحمله عنه أو عدمه.
رواه من الصحابة: "ولكن لا يصحُّ شيء منها. فإنَّه لا يخلو كل سَنَدٍ منها عن كذَّاب أو مجهول لا يُعْرَفُ حاله. وهو شيعي".
وقد ذهب الحاكم إلى صحته، فقد قال بعد روايته له في "المستدرك" (3/ 141) من حديث عِمْرَان بن حُصَيْن مرفوعًا:"هذا حديث صحيح الإسناد، وشواهده عن عبد اللَّه بن مسعود صحيحة". فتعقَّبه الذَّهَبِيُّ بقوله: "ذا موضوع".
ورواه عقبه من طريقين من حديث ابن مسعود. وقال الذَّهَبِيُّ عنه (2/ 142): "وذا موضوع".
كما أنَّ السُّيُوطِيُّ في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 342 - 346) تعقَّب ابن الجَوْزي في الحكم عليه بالوضع، ولخَّص تعقيبه ابن عَرَّاق في "تنزيه الشَّريعة" (1/ 382 - 383) وقال في نهايته:"والحديث المنكر إذا تعددت طرقه ارتقى إلى درجة الضعيف القريب، بل ربما يرتقي إلى الحسن، وهذا الحديث ورد من رواية أحد عشر صحابيًا بعدة طرق، وتلك عدة التواتر في رأي قوم! ! قلت -القائل ابن عَرَّاق-: وقال الحافظ العَلَائي الشَّافِعي، بعد أن حكى عن بعضهم إبطال الحديث: الحكم عليه بالبطلان فيه بُعْدٌ، ولكنَّه كما قال الخطيب: غريب".
وقد مَالَ الشَّوْكَانِيُّ في "الفوائد المجموعة" ص 361 إلى جعله من الحسن لغيره، فقال بعد أن ذكر طرقه على سبيل الاختصار:"فظهر بهذا أنَّ الحديث من قسم الحسن لغيره، لا صحيحًا كما قال الحاكم، ولا موضوعًا كما قال ابن الجَوْزي".
وعلَّق عليه العلّامة اليماني رحمه الله في حاشيته على الكتاب بقوله: "خفي على المؤلف حال بعض الروايات، فظنها قوية، والأمر على خلاف ذلك، كما رأيت".
وكان الشيخ اليَمَاني رحمه الله قد أبان عن علل بعض الطرق مما خفي على الشَّوْكَانِيُّ. انظر ص 359 - 361 منه.
أقول: والصواب فيه ما قاله ابن كثير واليَمَاني رحمهما المولى تعالى، ومن قبلهما أبن الجَوْزي، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
135 -
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المُعَدَّل، وأحمد بن أبي جعفر القَطِيْعِيّ، قالا: نبأنا الحسين بن محمد بن إسحاق السَّوْطي قال: نبأنا أبو الحسين محمد بن إسماعيل بن هارون الرَّازي قال: نبأنا أبو حاتم محمد بن إدريس قال: نبأنا أبو نُعَيْم قال: نبأنا الأَعْمَش، عن حُمَيْد،
عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّما الأَمَلُ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ لأُمَّتي، لولا الأَمَلُ ما أَرْضَعَتْ أُمٌّ وَلَدًا، ولا غَرَسَ غَارِسٌ شَجَرًا".
(2/ 51 - 52) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن موسى الرَّازي المُكْتِب أبو الحسين).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن إسماعيل الرَّازي) وهو مُتَّهَمٌ. وقد تقدَّمت ترجمته في حديث (132).
وقال الخطيب عقبه: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل، لا أعلم جاء به إلَّا محمد بن إسماعيل الرَّازي.
وقال الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(3/ 484) في ترجمة (محمد بن إسماعيل الرَّازي): "عن أبي حاتم بحديث باطل".
و (حُمَيْد) هو (ابن أبي حُمَيْد الطويل): ثقة مدلِّس. وستأتي ترجمته في حديث (265).
و (الأَعْمَش) هو (سليمان بن مِهْران الكَاهِلي الأَسَدي أبو محمد): إمامٌ ثقة حافظ. وستأتي ترجمته في حديث (190).
و (أبو نُعَيْم) هو (الفضل بن دُكَيْن): ثقة ثَبْت. وستأتي ترجمته في حديث (437).
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(2/ 330) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم. ونقل قول الخطيب السابق.
وذكره الدَّيْلَمِيّ في "الفردوس"(1/ 342 - 343) رقم (1369) عن أنس.
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 295) إلى ابن النَّجَّار أيضًا.
* * *
136 -
أخبرنا أحمد بن جعفر قال: نبأنا الحسين بن محمد السَّوْطي قال: نبأنا محمد بن إسماعيل الرَّازي قال: نبأنا أبو حاتم محمد بن إدريس قال: نبأنا أبو نُعَيْم قال: نبأنا الأَعْمَش، عن حُمَيْد،
عن أنس، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"من تظاهرت عليه النِّعَمُ فليكثر الحمد للَّه، ومن كثرت همومه فعليه بالاستغفار، ومن أَلَحَّ عليه الفَقْرُ فليكثر من قول: لا حول ولا قوَّة إلَّا باللَّه".
(2/ 52) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن موسى الرَّازي المُكْتِب أبو الحسين).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن إسماعيل الرَّازي) وهو مُتَّهَمٌ. وقد تقدَّمت ترجمته في حديث (132).
وقال الخطيب عقبه: هذا الحديث بهذا الإِسناد باطل، لا أعلم جاء به إلَّا محمد بن إسماعيل الرَّازي.
و (أبو نُعَيْم)، و (الأَعْمَش)، و (حُمَيْد)، قد تقدَّم الكلام عليهم في حديث (135).
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(2/ 100) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، ونقل قوله السابق.
والحديث عزاه في "الجامع الكبير"(1/ 764) إلى الخطيب فقط.
* * *
137 -
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: نبأنا الحسين بن محمد السَّوْطي: قال: نبأنا محمد بن إسماعيل الرَّازي قال: نبأنا أبو حاتم محمد بن إدريس قال: نبأنا أبو نُعَيْم قال: نبأنا الأَعْمَش، عن حُمَيْد،
عن أنس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ما نُزِعَت الرَّحْمَةُ إلَّا من شَقِيٍّ".
(2/ 52) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن موسى الرَّازي المُكْتِب أبو الحسين).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. وهو حسن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن إسماعيل الرَّازي) وهو مُتَّهَمٌ. وتقدَّمت ترجمته في حديث (132).
وقال الخطيب عقبه: هذا الحديث بهذا الإِسناد باطل، لا أعلم: جاء به إلَّا محمد بن إسماعيل الرَّازي.
و (أبو نُعَيْم)، و (الأَعْمَش)، و (محمد)، قد تقدَّم الكلام عليهم في حديث (135).
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(2/ 245) عن الخطيب من طريقه
السابق، ونقل قوله المتقدِّم. وقال:"قد رُوي لنا بإسنادٍ صالحٍ من حديث أبي هريرة قد ذكرته في شرح الشهاب".
والحديث قد روي عن أبي هريرة مرفوعًا، أخرجه أحمد في "المسند"(2/ 301 و 442 و 461 و 539)، وأبو داود في الأدب، باب في الرحمة (5/ 232) رقم (4942)، والتِّرْمِذِيّ في البر والصلة، باب ما جاء في رحمة المسلمين (4/ 323) رقم (1923)، وابن أبي شَيْبَة في "المصنَّف"(8/ 339)، والبخاري في كتابه "الأدب المفرد" ص 136 رقم (376)، وابن حِبَّان في "صحيحه"(1/ 343 - 344) رقم (463 و 465)، والحاكم في "المستدرك"(4/ 248 - 249)، وأبو داود الطَّيالسي في "مسنده" ص 330 رقم (2529)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 161)، والبَغَوي في "شرح السُّنَّة"(13/ 37 - 38) رقم (3450)، والدُّولابي في "الكُنَى"(1/ 3)، والقُضَاعي في "مسند الشهاب"(2/ 6) رقم (772)، والخطيب البغدادي في "تاريخه"(6/ 171) و (7/ 183).
قال التِّرْمِذِيّ: "هذا حديث حسن".
وقال المنذري في "الترغيب والترهيب"(3/ 203) عقب نقله لتحسين التِّرْمِذِيّ: "وفي بعض النسخ: حسن صحيح".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد" ووافقه الذَّهَبِيُّ.
ولفظ أوله عند أكثرهم: "لا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ. . . "
* * *
138 -
أخبرنا محمد بن أحمد بن رِزْق قال: نبأنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن محمد القاضي قال: نبأنا الحسن بن الطيِّب بن حمزة قال: نبأنا محمد بن يحيى الحَجَرِيّ القاضي قال: نبأنا عبد اللَّه بن الأَجْلَح الكِنْدِيّ، عن أبيه، عن عِكْرِمة،
عن ابن عبَّاس قال: جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى العبَّاس يعوده،
فدخل عليه والعبَّاس على سريرٍ له، فأخذ بيد النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأقعده في مكانه. فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"رَفَعَكَ اللَّهُ يا عَمِّ".
(2/ 53) في ترجمة (محمد بن إسماعيل بن محمد القاضي أبو بكر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (محمد بن يحيى الحَجَرِيّ القاضي) وهو ضعيف، وستأتي ترجمته في حديث (868).
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن إسماعيل القاضي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
التخريج:
سيأتي تخريجه موسعًا في حديث (868).
* * *
139 -
أخبرنا أبو نُعَيْم الحافظ قال: نبأنا عبد اللَّه بن جعفر بن أحمد بن فارس قال: نبأنا يونس بن حَبِيب قال: نبأنا أبو داود قال: نبأنا جعفر بن سليمان، عن النَّضْر بن حُمَيْد
(1)
الكِنْدي -أو العَبْدِي-، عن الجارود، عن أبي الأَحْوَص.
عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تَسُبُّوا قُرَيْشًا، فإنَّ عالِمَهَا يملأُ الأرضَ عِلْمًا. اللَّهُمَّ إنَّك أَذَقْتَ أَوَّلَهَا عذابًا، أو وَبَالًا، فَأَذِقْ آخرها نَوالًا".
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى: "سعيد". وصُحِّفَ في "مسند أبي داود الطَّيالسي"، و"الحِلْية"، و"تاريخ دمشق" إلى:"معبد". والتصويب من "الجرح والتعديل"(8/ 476)، و"الضعفاء" للعُقَيْلِي (4/ 289)، و"مناقب الشَّافِعِي"(1/ 26).
(2/ 60) في ترجمة (محمد بن إدريس بن العبَّاس الشَّافِعِي الإِمام أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. والشطر الثاني من الحديث "اللَّهُمَّ إنَّك أذقت أوَّلها. . . " حديث حسن، ورد من حديث ابن عبَّاس.
ففيه (النَّضْر بن حُمَيْد الكِنْدِي) وقد ترجم له في:
1 -
"الضعفاء" للعُقَيْلِي (4/ 289) وفيه عن البخاري: "منكر الحديث".
2 -
"الجرح والتعديل"(8/ 476 - 477) وسمَّاه: "النضر بن حُمَيْد أبو الجارود". وفيه عن أبي حاتم: "متروك الحديث".
3 -
"الميزان"(4/ 256) وقال: "النَّضْر بن حُمَيْد، أبو الجارود. . . . وهو النَّضْر بن حُمَيْد الكِنْدي". وذكر قول البخاري وأبي حاتم فيه، وساق الحديث في ترجمته. وتابعه الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(6/ 195 - 160).
و(الجارود) لم أعرفه. وقال الحافظ السَّخَاويُّ في "المقاصد الحسنة" ص 28: "الجارود: مجهول". لكنَّه قال: "والرَّاوي عنه مختلف فيه".
أقول: ليس مختلفًا فيه كما تقدَّم، ولم يُذْكَرْ توثيقه عن أحد.
و(أبو داود) هو (الطَّيَالسي سليمان بن داود البَصْري): إمام حافظ ثقة، صاحب "المسند". وستأتي ترجمته في حديث (2039).
و(أبو الأَحْوَص) هو (عَوْف بن مالك بن نَضْلَة الجُشَمي): ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (305).
و(عبد اللَّه) هو (ابن مسعود) رضي الله عنه.
التخريج:
رواه أبو داود الطَّيَالسي في "مسنده" ص 39 - 40 رقم (309)، وعنه أبو نُعَيْم في "الحِلْية"(6/ 295) و (9/ 65).
وعن أبي نُعَيْم، رواه الخطيب، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(14/ 817) -مخطوط-، من طريق جعفر بن سليمان، عن النَّضْر بن حُمَيْد، به.
ومن هذا الطريق رواه العُقَيْلي في "الضعفاء"(4/ 289) مطوَّلًا بزيادة في آخره -في ترجمة (النَّضْر بن حُمَيْد الكِنْدي) -، والبيهقي في "مناقب الشَّافِعِي"(1/ 26).
وقال العُقَيْلي: "لا يُتَابَعُ عليه إلَّا من طريق يقاربه".
وقال الإِمام ابن كثير في "البداية والنهاية"(10/ 253) بعد أن ذكره من الطريق المتقدِّم: "وهذا غريب من هذا الوجه".
والشطر الثاني من الحديث: "اللَّهُمَّ إنك أذقت أوَّلها عذابًا. . . "، رواه أحمد في "المسند"(1/ 242)، والتِّرْمِذِيّ في المناقب في فضل الأنصار وقريش (5/ 315) رقم (3908)، وغيرهما، من طريق طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاس مرفوعًا بلفظ:"اللَّهُمَّ أذقتَ أَوَّلَ قريشٍ نَكَالًا، فَأَذِقْ آخِرَهُمْ نَوالًا".
وقال التِّرْمِذِيّ: "هذا حديث حسن صحيح غريب".
وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند"(4/ 28) رقم (2170): "إسناده صحيح".
أقول: الظَّاهر أنَّ إسناده حسن. فإنَّ (طارق بن عبد الرحمن البَجَليّ الأَحْمَسي الكوفي)، ترجم له الذَّهَبِيُّ في "الكاشف" (2/ 36) وقال:"وثَّقوه. وقال أحمد: ليس حديثه بذاك". وقال الحافظ ابن حَجَر في "التقريب"(1/ 376): "صدوق له أوهام، من الخامسة"/ ع.
* * *
140 -
أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن عليّ الإِسْترابَاذِيّ قال: نبأنا أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه الحافظ -بنَيْسَابُور- قال: نبأنا محمد بن إبراهيم المؤذِّن قال: نبأنا عبد الملك بن محمد -هو أبو نُعَيْم- قال: نبأنا محمد بن عوف قال: نبأنا الحَكَم بن نافع قال: نبأنا ابن عيَّاش، عن عبد العزيز بن عبيد اللَّه، عن وَهْب بن كَيْسَان،
عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"اللَّهُمَّ اهد قريشًا، فإنَّ عَالِمَهَا يملأُ طباق الأرض عِلْمًا. اللَّهُمَّ كما أذقتهم عذابًا فأذقهم نَوَالًا -دعا بها ثلاث مرات-".
(2/ 60 - 61) في ترجمة (محمد بن إدريس بن العبَّاس الشَّافِعِي الإِمام أبو عبد اللَّه).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والشطر الثاني من الحديث: "اللَّهُمَّ كما أذقتهم عذابًا فأذقهم نَوَالًا" حديث حسن، ورد من حديث ابن عبَّاس.
ففيه (عبد العزيز بن عبيد اللَّه بن حمزة بن صهيب الحِمْصِيّ) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(4/ 429) وقال: ضعيف لم يحدِّث عنه إلَّا إسماعيل بن عيَّاش.
2 -
"أحوال الرجال" ص 171 رقم (306) وقال: "غير محمود الحديث".
3 -
"الضعفاء" للعُقَيْلِي (3/ 21 - 22).
4 -
"الجرح والتعديل"(5/ 387 - 388) وفيه عن أبي حاتم: "لم يرو عنه غير إسماعيل بن عيَّاش، وهو عندي عجيب، ضعيف الحديث، منكر الحديث، يُكْتَبُ حديثه، يروي أحاديث مناكير، ويروي أحاديث حسانًا". وقال أبو زُرْعَة: "مضطرب الحديث، واهي الحديث".
5 -
"الكامل"(5/ 1923 - 1924) وقال بعد أن ذكر له بعض حديثه: "وهذه الأحاديث التي ذكرتها لعبد العزيز هذا مناكير كلّها، وما رأيت أحدًا يحدِّث عنه غير إسماعيل بن عيَّاش".
6 -
"سنن الدَّارَقُطْنِيّ"(1/ 349) وقال: "ليس بالقويّ". و (4/ 268) وقال: "ضعيف لا يحتجُّ به".
7 -
"الكاشف"(2/ 177) وقال: "واهٍ".
8 -
"التهذيب"(6/ 348 - 349) وفيه عن أبي داود: "ليس بشيء". وقال النَّسَائي: "ليس بثقة ولا يُكْتَبُ حديثه". وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: "متروك".
9 -
"التقريب"(1/ 511) وقال: "ضعيف، لم يرو عنه إلَّا إسماعيل بن عيَّاش، من السابعة"/ ق.
التخريج:
رواه البيهقي في "مناقب الشَّافِعِي"(1/ 27)، عن أبي عبد اللَّه الحافظ، عن محمد بن إبراهيم المؤذِّن، به.
وذكره ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(14/ 817) -مخطوط-، عن الخطيب من الطريق المتقدِّم دون أن يرويه عنه. فقال: قال الخطيب أنبأنا أبو سعد إسماعيل. . . ".
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 382) إلى الخطيب وابن عساكر عنه. وقد تقدَّمت الإشارة إلى أن ابن عساكر ذكره عن الخطيب ولم يروه عنه.
وبلفظ حديث أبي هريرة، رواه ابن عدي في "الكامل"(1/ 281) -في ترجمة (إسماعيل بن مسلم المَكِّي) -، وأبو نُعَيْم في "الحِلْيَة"(9/ 65)، من طريق إسماعيل بن مسلم المَكِّي، عن عطاء، عن ابن عبَّاس مرفوعًا.
أقول: (إسماعيل بن مسلم المَكِّي) قال الحافظ عنه في "التقريب"(1/ 74): "ضعيف الحديث".
وقال الذَّهَبِيُّ عنه في "المغني"(1/ 87): "ساقط الحديث متروك قاله النَّسَائي". وستأتي ترجمته في حديث (362).
أمَّا الشطر الثاني من الحديث: "اللَّهُمَّ كما أذقتهم عذابًا فأذقهم نَوَالًا"، فإنَّه حديث حسن وقد تقدَّم تخريجه في الحديث السابق (139).
* * *
141 -
أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد اللَّه بن مهدي قال: نبأنا محمد بن مَخْلَد العَطَّار قال: نبأنا أبو حاتم الرَّازي محمد بن إدريس قال: نبأنا عبد العزيز بن الخطَّاب، عن قيس بن الربيع، عن شُعْبَة، عن عمرو بن دينار، عن رجل من الأنصار،
عن أبيه قال: وُلِدَ لي غلام فأتيت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقلت: ولد لي غلام فما أسميه؟ قال: "سَمِّه بأحبِّ النَّاس إليَّ: حمزة".
(2/ 73 - 74) في ترجمة (محمد بن إدريس بن المنذر الحَنْظَلي الرَّازي أبو حاتم).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه جهالة من حدَّث عنه عمرو بن دينار.
كما أنَّ فيه (قيس بن الربيع الأَسَدي الكوفي أبو محمد) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 490) وقال: "ليس بشيء". وقال مرَّةً: "لا يُساوي شيئًا".
2 -
"التاريخ الكبير"(7/ 156 - 157) وقال: قال عليّ: كان وكيع يضعِّفه".
3 -
"أحوال الرجال" ص 66 رقم (73) وقال: "ساقط".
4 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 202 رقم (524) وقال: "متروك الحديث".
5 -
"الضعفاء" للعُقَيْلِي (3/ 469 - 472).
6 -
"الجرح والتعديل"(7/ 96 - 98) وفيه عن أبي حاتم: "محلُّه الصدق وليس بقوي، يُكْتَبُ حديثه ولا يُحْتَجُّ به". وقال أبو زُرْعَة: "فيه لِينٌ".
7 -
"المجروحين"(2/ 216 - 219) وقال: "اختلف فيه أئمتنا، فأمَّا شُعْبَة فَحَسَّن القول فيه وحثَّ عليه، وضعَّفه وكيع، وأمَّا ابن المبارك ففَجَّعَ القول فيه، وتركهـ يحيى القطَّان، وأمَّا يحيى بن مَعِين فكذَّبه، وحدَّث عنه عبد الرحمن بن مهدي ثم ضرب على حديثه، وإني سأجمع بين قدح هؤلاء فيه وضد الجرح منهم فيه إن شاء اللَّه" فقال: "قد سَبَرْتُ أخبار قيس بن الربيع من رواية القدماء والمتأخرين وتتبعتها فرأيته صدوقًا مأمونًا حيث كان شابًا، فلما كبر ساء حفظه، وامتحن بابن سُوء فكان يُدْخِلُ عليه الحديث فيجيب فيه، ثقةً منه بابنه، فلما غلب المناكير على صحيح حديثه ولم يتميز أستحق مجانيته عند الاحتجاج، فكلّ من مدحه من أئمتنا وحثَّ عليه كان ذلك منهم لما نظروا إلى الأشياء المستقيمة التي حدَّث بها عن سماعه، وكلُّ من وهَّاه منهم فكان ذلك لما علموا مما في حديثه من المناكير التي أَدْخَلَ عليه ابنه وغيره".
8 -
"الكامل"(6/ 2063 - 2070) وفيه عن أحمد: "كان يتشيَّع، وكان كثير الخطأ في الحديث". وقال ابن المبارك: "في حديثه خطأ". وقال ابن عدي: والقول فيه ما قاله شُعْبَة وأنَّه لا بأس به".
9 -
تاريخ بغداد" (12/ 456 - 462) وفيه عن عفَّان بن مُسْلِم: "كان قيس ثقة، يُوَثِّقُهُ الثَّوْري وشُعْبَة". وفيه أنَّ عليّ بن المَدِيني قد ضعَّفه جدًا.
10 -
"المغني"(2/ 526 - 527) وقال: "صدوق سيء الحفظ".
11 -
"التقريب"(2/ 128) وقال: "صدوق، تغيَّر لما كبر، أَدْخَلَ عليه ابنه
ما ليس من حديثه فَحَدَّثَ به، من السابعة، مات سنة بضع وستين -يعني ومائة -"/ د ت ق.
وباقي رجال الإسناد ثقات.
التخريج:
رواه الحاكم في "المستدرك"(3/ 196)، من طريق يعقوب بن حُمَيْد بن كَاسِب، حدَّثنا سفيان بن عُيَيْنَة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال:"وُلِدَ لرجلٍ منّا غلام، فقالوا: ما نسمِّيه فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: سمُّوه بأحبِّ الأسماء إليَّ: حمزة بن عبد المطلب".
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يُخَرِّجَاه". وتعقَّبه الذَّهَبِيُّ بقوله: "يعقوب ضعيف".
ثم رواه الحاكم، من طريق يوسف بن سلمان المازني، حدَّثنا سفيان بن عُيَيْنَة، عن عمرو بن دينار سمع رجلًا بالمدينة يقول: جاء جدِّي بأبي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: هذا ولدي فما أسمِّيه؟ قال: "سمِّه بأحبِّ النَّاس إليَّ: حمزة بن عبد المطلب".
قال الحاكم: "قد قصر هذا الراوي المجهول برواية الحديث عن ابن عُيَيْنَة. والقول فيه قول يعقوب بن حُمَيْد. وقد كان أبو أحمد الحافظ يناظرني: أنَّ البخاري قد روى عنه في "الجامع الصحيح"، وكنت آبي عليه".
ولم يتكلَّم الذَّهَبِيُّ عليه بشيء في "تلخيص المستدرك".
أقول: في إسناده (يعقوب بن حُمَيْد بن كَاسِب المَدَني) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 681) وقال: "ليس بشيء".
2 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 245 رقم (645) وقال: "ليس بشيء".
3 -
"الضعفاء" للعُقَيْلِي (4/ 446 - 447) وفيه عن زكريا بن يحيى
الحُلْوَاني: "قال: رأيت أبا داود السِّجِسْتَانِيّ -صاحب أحمد بن حنبل-، قد ظاهر بحديث ابن كاسب وجعله وقايات على ظهور كتبه
(1)
، فسألته عنه فقال: رأينا في مسنده أحاديث أنكرناها فطالبناه بالأصول فدافعها ثم أخرجها بعد، فوجدنا الأحاديث في الأصول مُغَيَّرَةً بخط طَرِيّ، كانت مراسيل فأسندها وزاد فيها".
4 -
"الجرح والتعديل"(9/ 206) وفيه عن أبي حاتم: "ضعيف الحديث". وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زُرْعَة عن يعقوب بن كاسب، فحرَّك رأسه. قلت: كان صدوقًا في الحديث؟ قال: هذا شروط
(2)
. وقال في حديث رواه يعقوب: قلبي لا يسكن على ابن كاسب". وفيه عن أبي بكر بن أبي خَيْثَمَة: "سمعت يحيى بن مَعِين يقول وذكر ابن كاسب، فقال: ليس بثقة. قلت: من أين قلت ذاك؟ قال: لأنه محدود. قلت: أليس هو في سماعه ثقة؟ قال: بلي".
5 -
"الثقات" لابن حِبَّان (9/ 285) وقال: كان ممن يحفظ، من جمع وصنَّف
(3)
، واعتمد على حفظه، فربما أخطأ في الشيء بعد الشيء، وليس خطأ الإنسان في شيء بهم فيه بما لم يفحش ذلك منه بِمُخْرِجِهِ عن الثقات إذا تقدَّمت عدالته".
6 -
"الكامل"(7/ 2608 - 2609) وقال: "لا بأس به وبرواياته، وهو كثير الحديث، كثير
(4)
الغرائب".
7 -
"ميزان الاعتدال"(4/ 450 - 451) وفيه عن البخاري: "لم نر
(1)
صُحِّفَ في الضعفاء" إلى: "ركبته"! ! والتصويب من "ميزان الاعتدال" (4/ 451)، و"هدي الساري" ص (454)، و"التهذيب" (11/ 384). وقد وقع تصحيف أيضًا في قول الحُلْواني في "التهذيب" في غير موضع.
(2)
في "التهذيب"(11/ 383): "لهذا شروط".
(3)
هكذا العبارة في "الثقات". ولعل صوابها "ممن جمع وصنف". ففي "هدي الساري" لابن حَجَر ص 454: "قال ابن حبَّان: كان ممن يحفظ ويصنف، وربما أخطأ".
(4)
سقطت هذه الكلمة من المطبوع، وهي مستدركة من "التهذيب"(11/ 384).
إلَّا خيرًا، هو في الأصل صدوق". وقال الذَّهَبِيُّ:"كان من علماء الحديث، لكنّه له مناكير وغرائب، وحديثه في "صحيح البخاري" في موضعين: في الصلح، وفيمن شهد بدرًا".
8 -
"تغليق التعليق" لابن حَجَر (2/ 23) وقال: "ضُعِّفَ".
9 -
"التهذيب" لابن حَجَر (11/ 383 - 385) وحقق فيه مسألة رواية البخاري عنه من عدمها، ورَجَّحَ أنَّه روى عنه في الموضعين السابقين المشار إليهما في كلام الذَّهَبِيّ، وقد توبع عليهما. وانظر:"هدي الساري" ص 453 - 454، و"المغني"(2/ 758).
10 -
"التقريب"(2/ 375) وقال: "صدوق ربما وهم، من العاشرة"/ عخ ق.
* * *
142 -
أخبرنا عليّ بن عبد العزيز الظَّاهِري قال: نبأنا أبو الفضل عبيد اللَّه بن عبد الرحمن الزُّهْرِيّ قال: نبأنا محمد بن هارون بن حُمَيْد بن المُجَدِّر قال: نبأنا محمد بن أَبَان البَلْخِي قال: نبأنا عبد الرزاق، عن سفيان الثَّوْري، عن محمد بن المُنْكَدِر، عن مُحَرَّرَ بن أبي هريرة،
عن أبيه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ما أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ إلَّا آبت الشمسُ بذنوبه".
(2/ 79) في ترجمة (محمد بن أَبَان بن وزير البَلْخِي أبو بكر، مُسْتَمْلِي وكيع).
مرتبة الحديث:
رجال إسناده كلُّهم ثقات عدا (مُحَرَّر بن أبي هريرة الدَّوْسِيّ) فإنَّه لم يوثِّقه غير ابن حِبَّان. انظر "الثقات" له (5/ 460).
وترجم له البخاري في "التاريخ الكبير"(8/ 22) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
وقال ابن حَجَر في "التقريب"(2/ 231): "مقبول". يعني حيث يتابع.
وقال الخطيب عقب روايته له: "تفرَّد بروايته محمد بن أَبَان عن عبد الرزاق عن الثَّوْري، وخالفه الحسن بن أبي الربيع الجُرْجَاني، فرواه عن عبد الرزاق عن ياسين الزَّيَّات عن ابن المُنْكَدِر". ثم ساقه من هذا الطريق، وهو الحديث التالي. وإسناده ضعيف جدًّا من أجل (ياسين الزَّيَّات).
التخريج:
رواه البيهقي في "شُعَبِ الإِيمان"(7/ 580 - 581) رقم (3740)، من طريق أبي بكر الإسماعيلي، عن محمد بن هارون بن حُمَيْد بن المُجَدَّر، به.
والحديث رواه الطبراني في "الأوسط" -كما في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين"(3/ 217 - 218) رقم (1706) -، من طريق زيد بن عمر بن عاصم، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ:"ما أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ إلَّا بُشِّرَ، ولا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قَطُّ إلَّا بُشِّرَ. قيل يا رسول اللَّه: بالجنَّة؟ قال: نعم".
ورواه عقبه برقم (1707)، من طريق عبيد اللَّه بن عمر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا بنحوه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 224): "رواه الطبراني في "الأوسط" بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح".
ومثل قول الهيثمي قال المنذري مِنْ قَبْلُ في "الترغيب والترهيب"(2/ 189)، إلَّا أنَّه وقع في المطبوع:"رواه الطبراني في "الأوسط" بإسنادين رجال الصحيح"! .
* * *
143 -
أخبرنا ابن رَبَاح البَصْري قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن إسماعيل المُهَنْدِس -بِمِصْر- قال: نبأنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر القَزْويني قال: حدَّثني الحسن بن أبي الربيع قال: أنبأنا عبد الرزاق قال: حدَّثنا ياسين، عن محمد بن المُنْكَدِر، عن مُحَرَّر بن أبي هريرة،
عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما أَهَلَّ مُهِلٌّ إلَّا آبت الشمسُ بذنوبه".
(2/ 79) في ترجمة (محمد بن أَبَان بن وزير البَلْخِي أبو بكر، مُسْتَمْلِي وكيع).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا.
وقد تقدَّم في الحديث الذي قبله بإسناد رجاله كلّهم ثقات عدا (مُحَرَّر بن أبي هريرة) فإنَّه لم يوثِّقه غير ابن حِبَّان.
وفي إسناده هنا (ياسين بن معاذ الزَّيَّات الكوفي أبو خَلَف) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 639) وقال: "ضعيف". وقال مرَّةً: "ليس حديثه بشيء".
2 -
"التاريخ الكبير"(8/ 429) وقال: "يتكلَّمون فيه، منكر الحديث".
3 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 256 رقم (683) وقال: "متروك الحديث".
4 -
"الجرح والتعديل"(9/ 312 - 313) وفيه عن أبي حاتم: "كان رجلًا صالحًا لا يَعْقِلُ ما يحدِّث به، ليس بقوي، منكر الحديث". وقال أبو زُرْعَة: "ضعيف الحديث".
5 -
"المجروحين"(3/ 142 - 143) وقال: "كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات، ويتفرَّد بالمعضلات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به بحال".
6 -
"الكامل"(7/ 2641 - 2642) وقال: "كلُّ رواياته أو عامّتها غير محفوظة".
7 -
"الإِرشاد" للخَلِيلي (1/ 352 - 353) وقال: "ضعيف جدًّا".
8 -
"السنن" للدَّارَقُطْنِيّ (2/ 11) وقال: "ضعيف".
التخريج:
تقدَّم تخريجه في الحديث السابق رقم (142).
* * *
144 -
أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال: أنبأنا أبو بكر الإسماعيلي قال: نبأنا أحمد بن حفص: السَّعْدِي -إملاءً- قال: نبأنا محمد بن أَبَان المُخَرِّمي قال: نبأنا داود بن مِهْران قال: نبأنا سَيْف بن محمد، عن سفيان، عن سَلَمَة بن كُهَيْل، عن الأَغَرّ،
عن سلمان، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"أوَّلكم واردةً على الحوض، أوَّلكم إسلامًا: عليّ بن أبي طالب".
(2/ 81) في ترجمة "محمد بن أَبَان المُخَرِّمي".
مرتبة الحديث.
إسناده تالف.
ففيه (سَيْف بن محمد ابن أخت سفيان الثَّوْري) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ يحيى بن مَعِين"(2/ 246) وقال: "ليس بثقة". وقال مرَّةً: "ضعيف".
2 -
"تاريخ الدَّارمي عن ابن مَعِين" ص 118 - 119 رقم (367) وقال: "وكان شيخًا هاهنا كذَّابًا خبيثًا".
3 -
"العلل" لأحمد بن حنبل (1/ 88) وقال: "لا يُكْتَبُ حديث سيف. . .
ليس سيف بشيء، وكان سيف يضع الحديث".
4 -
"التاريخ الكبير"(4/ 172) وقال: "ضعَّفه أحمد".
5 -
"أحوال الرجال" ص 87 رقم (121) وقال: ليس بالقويِّ في الحديث ولا قريب.
6 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 123 رقم (270) وقال: "ليس بثقة ولا مأمون، متروك".
7 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (2/ 172 - 173).
8 -
"الجرح والتعديل"(4/ 277) وفيه عن أبي حاتم: "ضعيف، لا يُكْتَبُ حديثه، ذاهب الحديث".
9 -
"المجروحين"(1/ 346 - 347) وقال: "كان شيخًا صالحًا مُتعبِّدًا إلّا أنَّه يأتي عن المشاهير بالمناكير، كان ممن يُدخَلُ عليه فيجيب، إذا سمع المرء حديثه شهد عليه بالوضع".
10 -
"الكامل"(3/ 1267 - 1271) وقال: "هو بَيِّنُ الضعف جدًّا".
11 -
"الضعفاء" للدارقطني ص 241 - 242 رقم (281) وقال: "كوفي ضعيف متروك".
12 -
"تاريخ بغداد"(9/ 226 - 227) وفيه عن عمرو بن عليّ الفَلَّاس: "ضعيف". وقال أبو داود: "كذَّاب". وقال زكريا السَّاجي: "يضع الحديث".
13 -
"الكاشف"(1/ 333) وقال: "كذاب، والعجب من التِّرْمِذِيّ يُحَسِّنُ له".
14 -
"التقريب"(1/ 344) وقال: "كذَّبوه، من صغار الثامنة"/ ت.
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن أَبَان المُخَرِّمي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
و (الأغرّ) الظاهر أنَّه (سلمان الأَغَرّ المَدَني) وهو ثقة. انظر "تهذيب الكمال"(11/ 256 - 258).
التخريج:
رواه الحاكم في "المستدرك"(3/ 136)، من طريق سَيْف بن محمد، حدَّثنا سفيان الثَّوْري، عن سَلَمة بن كُهَيْل، عن أبي صادق، عن الأَغَرّ، عن سلمان، به. ولم يتكلَّم الحاكم أو الذَّهَبِيُّ في "تلخيص المستدرك" عليه بشيء.
ورواه ابن عدي في "الكامل"(4/ 1601) -في ترجمة (عبد الرحمن بن قيس الضَّبِّي أبو معاوية الزَّعْفَرَاني) -، وعنه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(1/ 346 - 347)، من طريق إسماعيل بن عبد اللَّه بن ميمون، عن أبي معاوية الزَّعْفَرَاني عبد الرحمن بن قيس، عن سفيان الثَّوْري، عن سَلَمة بن كُهَيْل، عن أبي صادق، عن سلمان
(1)
مرفوعًا.
وقال عقبه: "وهذا يرويه أبو معاوية الزَّعْفَراني عن سفيان الثَّوْري. ورواه مع أبي معاوية: سَيْف بن محمد ابن أخت الزُّهْرِيّ، وسيفٌ لعلّه أشرُّ من أبي معاوية الزَّعْفَرَاني".
وقال ابن الجَوْزي: "هذا حديث لا يصحُّ". وأعلَّه بأبي معاوية الزَّعْفَرَاني، ثم نقل قول ابن عدي السابق.
أقول: (أبو معاوية الزَّعْفَرَاني عبد الرحمن بن قيس الضَّبِّي): كذَّبه أبو زُرْعَة وابن مهدي وصالح جَزَرَة. وتقدَّمت ترجمته في حديث (119).
ورواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 207)، عن أبي بكر بن مَرْدُوْيَه، عن أحمد بن القاسم بن صَدَقَة المِصْري، عن محمد بن أحمد الوَاسِطي،
(1)
هكذا في المطبوع من "الكامل"، و"الموضوعات":"عن أبي صادق عن سلمان". وفي "اللآلئ" للسيوطي (1/ 326): ذكر بينهما (عُلَيْم الكِنْدي).
عن إسحاق بن الضَّيف
(1)
، عن محمد بن يحيى المَأْرِبي، عن سفيان الثَّوْري، عن قيس بن مسلم الجَدَلي، عن عُلَيْم الكِنْدي، عن سلمان مرفوعًا.
قال ابن الجَوْزي عقبه: "محمد بن يحيى: منكر الحديث وأحاديثه مظلمة منكرة".
وقال العلَّامة عبد الرحمن المُعَلِّمِي اليَمَاني رحمه الله في تعليقه على "الفوائد المجموعة" للشَّوْكَاني ص 347: "وأمَّا خبر ابن مَرْدُوْيَه ففي سنده محمد بن أحمد الوَاسِطي، أراه المذكور في "لسان الميزان" (5/ 53) رقم (179) وهو تالف، هو صاحب حديث: "النظر في مِرْآة الحَجَّام دَنَاءة"، رواه عن إسحاق بن الضَّيْق وهو صدوق يخطئ، عن محمد بن يحيى المَأْرِبي وثقه الدَّارَقُطنِيّ، وقال ابن عدي: "أحاديثه مظلمة منكرة". . . ثم مَدَارُ الخبر على (عُلَيْم الكِنْدي) وهو مجهول لم يرو عنه إلّا زَاذَان، وَذِكْرُ ابن حِبَّان له في "الثقات" - (5/ 286) - لا ينفي الجَهَالَةَ، لما عُرِفَ من قاعدة ابن حِبَّان -يعني في توثيقه للمجاهيل-".
ورواه الحارث بن أبي أُسامة في "مسنده"، من طريق يحيى بن هاشم السِّمْسَار، عن سفيان الثَّوْري، به. كما في "اللآلئ"(1/ 326).
و(يحيى بن هاشم السِّمْسَار الغَسَّاني أبو زكريا): كذَّاب. وستأتي ترجمته في حديث (643).
وحديث الحارث ذكره معزوًا له: الحافظ ابن حَجَر في "المطالب العالية"(4/ 57) رقم (3952).
ورواه الحافظ عبد الغني بن سعيد في "إيضاح الإشكال"، من طريق أبي الهيثم السِّنْدي، عن عمر بن أبي قيس، عن شعيب بن خالد، عن سَلَمة بن كُهَيْل، عن أبي صادق الأَسَدي قال: سمعت عليًّا قال: قال سلمان: "إنَّ أوَّل هذه
(1)
صُحِّفَ في "العلل" إلى: "الصيف" بالصاد المهملة. والتصويب من "تهذيب الكمال"(2/ 437)، و"التقريب"(1/ 58) حيث نص ابن حَجَر فيه على أنه بالضاد المعجمة.
الأُمَّة ورودًا على نبيها الحوض أوَّلها إيمانًا: عليّ بن أبي طالب". كما في "اللآلئ" (1/ 327).
قال العلَّامة اليَمَاني في تعليقه على "الفوائد المجموعة" ص 347: "في سنده: السِّنْدي بن عَبْدُويَه: مجهول الحال. وذكره ابن حِبَّان في "الثقات" - (8/ 304) -، ثم نقض ذلك بقوله: "يغرب". وهو أيضًا عن سلمان من قوله".
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير"(16/ 325) رقم (6174)، عن إبراهيم بن محمد بن بَرَّة الصَّنْعَاني، والحسن بن عبد الأعلى البَوْسي، قالا: أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا الثَّوْري، عن سَلَمة بن كُهَيْل، عن أبي صادق، عن عُلَيْم، عن سلمان موقوفًا عليه من قوله.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 102): "رواه الطبراني ورجاله ثقات".
وتعقَّبه محقق "المعجم الكبير" الشيخ حمدي السَّلَفِي بقوله: "إنَّ إبراهيم والحسن من الرواة عن عبد الرزاق بعد اختلاطه".
أقول: في إسناده (عُلَيْم الكِنْدي) وهو مجهول لم يرو عنه إلّا زَاذَان كما تقدَّم. ولم يوثِّقه غير ابن حِبَّان. وستأتي ترجمته في حديث (2032).
أما كونه روي موقوفًا على سلمان رضي الله عنه، فقد قال السيوطي في "اللآلئ" (1/ 326):"ولا يضر إيراده بصيغة الوقف لأنَّ له حكم الرفع".
وقد ردَّ العلّامة اليَمَاني في تعليقه على "الفوائد المجموعة" ص 347 على ذلك فقال: "قول السيوطي: إنَّ له حكم الرفع، مردود. إذ لا مانع أن يستشعر سلمان أنَّ السَّبْقَ إلى الإسلام يقتضي السَّبْقَ في الورود".
أقول: في هذا التأويل بعض بُعدٍ كما لا يخفى. والأولى إعلاله بما تقدَّم، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم
* * *
145 -
أخبرنا محمد بن أسد قال: أنبأنا أحمد بن سلمان النَّجَّاد قال: قُريء على أبي جعفر بن الخليل البُرجُلاني -وأنا أسمع- قال: نبأنا محمد بن عمر الوَاقِدِي قال: أنبأنا أبو بكر بن أبي سَبْرة، عن خالد بن رَبَاح، عن المُطَّلِب بن عبد اللَّه بن حَنْطَب، عن ابن مرسا قال:
سمعت العبَّاس بن عبد المُطَّلِب يقول: كَسَا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم البيت الحِبَرَات.
(2/ 83) في ترجمة (محمد بن أسد بن عليّ الكاتب المُقْرئ أبو الحسن).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف.
ففيه (محمد بن عمر بن واقِد الأَسْلَمي الوَاقِدِي) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 532) وقال: "ليس بشيء".
2 -
"التاريخ الكبير"(1/ 178) وقال: "سكتوا عنه، تركه أحمد وابن نُمَيْر".
3 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 217 رقم (557) وقال: "متروك الحديث".
4 -
"الجرح والتعديل"(8/ 20 - 21) وفيه عن الشَّافِعِي: "كُتُبُ الوَاقِدِيِّ كَذِبٌ". وقال أحمد: "يقلب الأحاديث". وقال إسحاق بن رَاهُوْيَه: "عندي ممن يضع الحديث". وقال أبو حاتم: "متروك الحديث". وقال أبو زُرْعَة: "ضعيف".
5 -
"المجروحين"(2/ 290 - 291) وقال: "كان ممن يحفظ أيام النَّاس
وسيرهم، وكان يروي عن الثقات المقلوبات، وعن الأثبات المعضلات، حتى ربما سبق إلى القلب أنه كان المتعمد لذلك. وكان أحمد بن حنبل يكذِّبه".
6 -
"الكامل"(6/ 2245 - 2247) وقال: "من يروي عنه الوَاقِدِي من الثقات فتلك الأحاديث غير محفوظة عنهم، إلّا من رواية الوَاقِدِي، والبلاء منه، ومتون أخبار الوَاقِدِي غير محفوظة، وهو بَيِّنُ الضعف".
7 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيّ ص 347 رقم (477) وقال: "مُختَلَفٌ فيه، فيه ضعف بَيِّنٌ على حديثه".
8 -
"تاريخ بغداد"(3/ 3 - 21) وفيه عن مصعب الزُّبَيْري: "ثقة مأمون". وقال المُسَيَّبيّ: "ثقة مأمون". وبمثل قولهما قال أبو يحيى الزُّهْرِيّ. وقال: يزيد بن هارون: "ثقة". وقال عليّ بن المَدِيني: "عن الوَاقِدِي عشرون ألف حديث لم يُسْمَعْ بها". وقال أيضًا: "ليس بموضع للرواية ولا يُرْوىَ عنه" وَضعَّفَهُ. وقال بُنْدَار بن بشَّار: "ما رأيتُ أَكْذَبَ شَفَتَيْنِ من الوَاقِدِيّ". وقال البُخَاري: "متروك الحديث". وقال زكريا السَّاجي: "مُتَّهَمٌ".
9 -
"ميزان الاعتدال"(3/ 662 - 666) وفيه عن عليّ بن المَدِيني: "يضع الحديث". وقال الذَّهَبِيُّ: "استقر الإجماع على وهن الوَاقِدِي".
10 -
"المغني"(2/ 619) وقال: "مجمعٌ على تركهـ".
11 -
"التقريب"(2/ 194) وقال: "متروك مع سَعَةِ عِلْمِهِ، من التاسعة، مات سنة سبع ومائتين، وله ثمان وسبعون"/ ق.
كما أنَّ فيه (أبو بكر بن عبد اللَّه بن محمد بن أبي سَبْرَة القُرَشي العَامِرِي -وقد اختلف في اسمه فقيل: عبد اللَّه، وقيل: محمد، وقد ينسب إلى جدِّه-) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 695) وقال: "ليس حديثه بشيء". وقال مَرَّةً: "ليس بشيء".
2 -
"التاريخ الكبير"(8/ 9) -الكُنَى- وقال: "ضعيف".
3 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 262 رقم (697) وقال: "متروك الحديث".
4 -
"المجروحين"(3/ 147) وقال: "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحلُّ كتابة حديثه ولا الاحتجاج به بحال. كان أحمد بن حنبل يكذِّبه".
5 -
"الكامل"(7/ 2750 - 2752) وفيه عن أحمد بن حنبل: "ليس بشيء، كان يضع الحديث ويكذب". وقال البخاري: "منكر الحديث". وقال ابن عدي: "عامَّة ما يرويه غير محفوظ. . . وهو في جملة من يضع الحديث".
6 -
"الكاشف"(3/ 275) وقال: "عالم مكثر لكنه متروك".
7 -
"التهذيب"(12/ 27 - 28) وفيه عن ابن المَدِيني: "كان ضعيفًا في الحديث". وقال مرَّةً: "كان منكر الحديث". وقال الجُوزَجَانِيّ: "يُضَعَّفُ حديثه". وقال الحاكم أبو عبد اللَّه: "يروي الموضوعات عن الأثبات مثل هشام بن غُرْوَة وغيره".
8 -
"التقريب"(2/ 397) وقال: "رموه بالوضع، وقال مصعب الزُّبَيْرِيّ: كان عالمًا، من السابعة، مات سنة اثنتين وستين -يعني ومائة-"/ ق.
و(ابن مرسا) لم أعرفه.
التخريج:
لم أقف عليه في كل ما رجعت إليه من المصادر.
وقد روى الأَزْرَقي في "أخبار مكة"(1/ 253)، عن محمد بن يحيى، عن الوَاقِدِي، عن إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حَبِيبة، عن أبيه قال: "كُسي البيت في الجاهلية الأنطاع
(1)
، ثم كَسَاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الثياب اليمانية. . . . "
(1)
النَّطْعُ، والنِّطَعُ: بِسَاطٌ من الجلد. انظر "المعجم الوسيط" مادة (نطع) ص 930، =
وروى عبد الرزاق في "مصنَّفه"(5/ 89)، عن ابن جُرَيْج قال: "أُخْبِرْتُ أنَّ عمر بن الخطَّاب كان يكسوها القَبَاطِيّ
(1)
. قال: وأخبرني غير واحد أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَسَاهَا القَبَاطِيّ والحِبَرَات، وأبو بكر، وعمر، وعثمان. . . . ".
وانظر في أمر كِسْوَةِ الكعبة: "أخبار مكَّة"(1/ 252 - 257)، و"المصنَّف" لعبد الرزاق (5/ 88 - 89)، و"فتح الباري"(3/ 458 - 460) -في كتاب الحج، باب كسوة الكعبة-.
غريب الحديث:
قوله: "الحِبَرَات": جمع حِبَرَة، وهي ضرب من بُرود اليمن مُنَمَّر. والحبير من البُرود: ما كان مَوشيًّا مُخَطًّا. انظر "النهاية"(1/ 328)، و"لسان العرب" مادة (حبر)(4/ 159).
* * *
146 -
أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عبد اللَّه الواعظ قال: أنبأنا أبو عليّ أحمد بن الفضل بن العبَّاس بن خُزَيْمَة قال: نبأنا أبو جعفر محمد بن الأَزْهَر الكاتب قال: نبأنا سليمان الشَّاذَكُوني قال: نبأنا عليّ بن هاشم بن البَرِيد ويونُس بن بُكَيْر، قالا: نبأنا عليّ بن الحَزَوَّر، عن أبي مريم قال:
سمعت عمَّار بن ياسر يقول لأبي موسى الأشعري: أما علمت أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"؟ قال: نعم".
(2/ 83 - 84) في ترجمة (محمد بن أزهر الكاتب أبو جعفر).
= و"القاموس المحيط" ذات المادة ص 991.
(1)
القُبْطِيَّة: الثوب من ثياب مِصْر رقيقة بيضاء. وكأنه منسوب إلى القِبْط وهم أهل مِصر. وضم القاف من تغيير النَّسب. وهذا في الثياب، فأمَّا في النَّاس فَقِبْطِيٌ بالكسر. "النهاية"(4/ 6).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا، ومَتْنُهُ متواتر.
ففيه (عليّ بن الحَزَوَّر الكوفي -وهو: عليّ بن أبي فاطمة-): متروك. وستأتي ترجمته في حديث (1331).
كما أن فيه (أبو مريم) وهو (قيس الثَّقَفِيّ المَدَائني): مجهول. وستأتي ترجمته في حديث (2042).
التخريج:
رواه أبو يعلى في "مسنده"(3/ 203 - 204) رقم (1636) -مطوَّلًا-، والطبراني في "جزء طرق حديث من كذب عليّ" ص 65 رقم (49)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(1/ 168)، والقُضَاعي في "مسند الشهاب"(1/ 327) رقم (555)، وابن عدي في "الكامل"(5/ 1832) مطوّلًا، في ترجمة (عليّ بن الحَزَوَّر)، وابن الجَوْزي في "الموضوعات"(1/ 66 - 67) -من طريقين، أحدهما عن الخطيب مختصرًا-، من طريق عليّ بن الحَزَوَّر، عن أبي مريم، عنه، به.
وذكره البخاري في "التاريخ الكبير"(6/ 292) من الطريق المتقدِّم.
وعزاه الهيثمي في "المجمع"(1/ 146) للطبراني في "الكبير"، وأعلَّه بـ (عليّ بن الحَزَّور). ولم أجده في "المعجم الكبير" المطبوع؛ لفقدان (مسند عمَّار) من النسخة الخطية التي طبع عنها.
وقد وقع عندهم في آخره: "فسكت أبو موسى ولم يقل شيئًا".
والحديث متواتر. وانظر في طرق الحديث والكلام عليه: "جزء طرق حديث من كذب عليَّ متعمِّدًا" للطبراني، حيث رواه عن (60) من الصحابة، و"الموضوعات" لابن الجَوْزي (1/ 55 - 92)، و"الأسرار المرفوعة" لعليّ القَاري ص 12 - 28، و"الأزهار المتناثرة" للسيوطي ص 23 - 27، و"لقط اللآلئ
المتناثرة" للزَّبِيْدِي ص 261 - 282، و"نظم المتناثر" للكَتَّاني، ص 20 - 24.
وسيأتي تخريجه عن عدد من الصحابة. انظر حديث (1166) و (1259) و (1285) و (1539)، وغيرها.
غريب الحديث:
قوله: "فَلْيَتَبَوَّأ": قال الحافظ ابن حَجَر في "فتح الباري"(1/ 201) -كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبيّ صلى الله عليه وسلم:"أي: فليتخذ لنفسه مَنْزِلًا. يقال: تَبَوَّأَ الرجل المكان: إذا اتخذه سَكَنًا، وهو أمرٌ بمعنى الخبر أيضًا، أو بمعنى التهديد، أو بمعنى التهكم، أو دعاء على فاعل ذلك، أي: بوأه اللَّه ذلك. . . وَأَوَّلُهَا أَوْلاهَا، فقد رواه أحمد بإسناد صحيح عن ابن عمر بلفظ: "بُني له بيتٌ في النَّار".".
* * *
147 -
أخبرني عبد العزيز بن عليّ الورَّاق قال: نبأنا محمد بن إسماعيل الورَّاق -إملاءً- قال: نبأنا أبو الحسن محمد بن الأشعث بن أحمد بن محمد بن العبَّاس الطَّائي المَروَزِيّ -قَدِمَ علينا للحَجِّ- قال: نبأنا الحسين بن محمد بن مصعب السَّبَخي قال: نبأنا عليّ بن المثنَّى الطُّهَوي قال: نبأنا عبيد اللَّه بن موسى قال: حدَّثني مَطَر بن أبي مَطَر،
عن أنس بن مالك قال: كنت عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فرأى عليًّا مُقبِلًا، فقال:"أنا وهذا حجَّة على أُمَّتي يوم القيامة".
(2/ 88) في ترجمة (محمد بن الأشعث بن أحمد الطَّائي المَرْوَزِيّ أبو الحسن).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه (مَطَر بن أبي مَطَر) وهو: (مَطَر بن ميمون المحَارِبي الإسْكَاف أبو خالد) وقد ترجم له في:
1 -
"التاريخ الكبير"(7/ 401 - 402) وقال: "منكر الحديث".
2 -
"المعرفة والتاريخ" للفَسَوي (3/ 140) وقال: "ضعيف. . شيعي، وإن قال قائل: رافضي، لم أُنكِرْ عليه. وهو منكر الحديث".
3 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (4/ 219 - 220).
4 -
"الجرح والتعديل"(3/ 5) وفيه عن أبي حاتم: "منكر الحديث".
5 -
"المجروحين"(3/ 5) وقال: "كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، يروي عن أنس ما ليس من حديثه في فضل عليّ بن أبي طالب وغيره. لا تحلُّ الرواية عنه".
6 -
"الكامل"(6/ 2393 - 2394) وقال: "هو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق".
7 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيّ ص 372 رقم (530).
8 -
"الضعفاء" لأبي نُعَيْم ص 148 رقم (241) وقال: "وضَّاعٌ للأحاديث في الفضائل".
9 -
"الميزان"(4/ 127 - 128) واتَّهَمَهُ.
10 -
"التهذيب"(10/ 170) وفيه عن أبي نُعَيْم والحاكم: "روى عن أنس الموضوعات". وقال النَّسَائي: "ليس بثقة". وقال مَرَّةً: "منكر الحديث".
11 -
"التقريب"(2/ 253) وقال: "متروك، من الخامسة"/ ق.
وفيه صاحب الترجمة (محمد بن الأشعث الطَّائي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
التخريج:
رواه ابن عدي في "الكامل"(6/ 2393) في ترجمة (مطر بن ميمون المُحَارِبي)، من طريق عليّ بن المثنَّى، عن عبيد اللَّه بن موسى، عن مطر، عنه، به.
ورواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(1/ 382 - 383)، عن الخطيب من طريقه، وقال:"هذا حديث موضوع، والمُتَّهَمُ بوضعه مطر". ونقل بعض قول ابن حِبَّان السابق.
وأقرَّه السيوطي في "اللآلئ"(1/ 366)، وتابعه ابن عراق في "تنزيه الشريعة"(1/ 360).
وذكره الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(4/ 126) في ترجمة (مطر بن ميمون)، من طريق عبد الرحمن بن سراج، حدَّثنا عبد اللَّه بن موسى، عن مطر، عنه، به.
وقال: المُتَّهَمُ به (مطر)، فإنَّ عبيد اللَّه: ثقة شيعي، ولكنّه أثم برواية هذا الإِفك.
وروى الذَّهَبِيُّ قبله في (4/ 125) منه، من طريق عليّ بن المثنَّى، حدَّثنا عبيد اللَّه بن موسى، حدَّثني مطر، عن أنس قال: كنت عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم فرأى عليًّا مقبلًا، فقال:"يا أنس، هذا حُجَّتي على أُمَّتي يوم القيامة".
قال الذَّهَبِيُّ عقبه: "وهذا باطل".
* * *
148 -
أخبرنا أبو القاسم طلحة بن عليّ بن الصَّقْر الكَتَّاني قال: "نبأنا أبو سليمان محمد بن الحسين بن عليّ الحَرَّاني قال: نبأنا النُّعْمَان بن مُدْرِك -برأس العَيْن- قال: نبأنا محمد بن بِشْر البغدادي قال: نبأنا إسحاق بن نَجِيح، عن عطاء،
عن ابن عبَّاس قال: كَتَبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جَبَل وهو والٍ باليمن: "من محمَّدٍ رسول اللَّه إلى معاذ بن جَبَل: سلامٌ عليك، إنّي أحمدُ إليك اللَّهَ الذي لا إلهَ إلّا هو. أمَّا بعد: فإنّ ابنكَ فلانًا قد تُوفي في يوم كذا وكذا، فَأَعْظَمَ اللَّهُ لكَ الأجرَ، وأَلْهَمَكَ الصَّبْرَ، وَرَزَقَكَ الصَّبْرَ عند البلاءِ، والشُّكْرَ عند الرَّخَاءِ، أَنْفُسُنَا وأموالُنَا وأَهْلُونَا من مواهب اللَّه الهنيةِ، وعَوَارِيهِ المُسْتَودَعَةِ، يُمَتِّعُنَا
بها إلى أجلٍ معدودٍ، ويقضيها لوقتٍ معلومٍ، وحقّه علينا هناك إذا أبلانا الصبر. فعليك بتقوى اللَّه وحسن العَزَاء، فإنَّ الحزنَ لا يَرُدُّ مَيْتًا، ولا يؤخِّر أَجَلًا، وإنَّ الأسفَ لا يَرُدُّ ما هو نازلٌ بالعِبَادِ".
(2/ 89) في ترجمة (محمد بن بِشْر البغدادي).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففي إسناده (إسحاق بن نَجِيح المَلَطي أبو صالح -ويقال أبو يزيد-) وقد ترجم له في:
1 -
"العلل" لأحمد بن حنبل (1/ 243) وقال: "هو من أكذب الناس، يحدِّث عن البَتِّي عن ابن سِيرين برأي أبي حنِيفة"
(1)
.
2 -
"التاريخ" لابن مَعِين (2/ 27) قال الدُّوري: "سمعت يحيى وَذَكَرَ إسحاق بن نَجِيح المَلَطي فضعَّفه. قال: لا رحمه الله".
3 -
"التاريخ الكبير" للبخاري (1/ 404) وقال: "منكر الحديث".
4 -
"أحوال الرجال" للجُوْزَجَانيّ ص 178 رقم (320) وقال: "غير ثقة ولا من أوعية الأمانة".
5 -
"المعرفة والتاريخ" للفَسَوي (2/ 451) وقال: "لا يُكتَبُ حديثه".
6 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 53 رقم (50) وقال: "متروك الحديث".
7 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (1/ 105).
(1)
هكذا العبارة في "العلل". وفي "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2/ 235) عن الإمام أحمد: "من أكذب الناس، يحدِّث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم برأي أبي حَنِيفة". وذكر العبارة عنه الخطيب في "تاريخه"(6/ 323) كما هو مثبت في "العلل" له.
8 -
"الجرح والتعديل"(2/ 235 - 236) وفيه عن ابن مَعِين: "ليس بشيء".
9 -
"المجروحين"(1/ 134) وقال: "دجَّالٌ من الدجاجلة، كان يضع الحديث على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صراحًا".
10 -
"الكامل"(1/ 323 - 325)، وقال:"هو ممن يضع الحديث".
11 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطنِيّ ص 143 رقم (93) وقال: "متروك".
12 -
"تاريخ بغداد"(6/ 321 - 324) وفيه عن صالح جَزرَة: "كان يضع الحديث". وقال ابن مَعِين: "كَذَّابٌ". وفيه أنّ عليّ بن المَدِيني قد ضَعَّفَهُ. وقال عمرو بن عليّ الفلَّاس: "كذَّاب كان يضع الحديث".
13 -
"التقريب"(1/ 62) وقال: "كذَّبوه، من التاسعة"/ تمييز.
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن بِشْر البغدادي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
و(عطاء) هو (ابن أبي مسلم الخُرَاساني): صدوق، وروايته عن ابن عبَّاس مرسلة. انظر: التهذيب (7/ 212 - 215)، و"المراسيل" لابن أبي حاتم ص 130، و"المغني"(2/ 434). وستأتي ترجمته في حديث (1321).
التخريج:
ذكره ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(3/ 242)، والسيوطي في "اللآلئ"(2/ 426)، من طريق إسحاق بن نَجِيح، عن عطاء، عنه، به. وأَعَلَّاهُ بـ (إسحاق).
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 848) إلى الخطيب وحده من حديث ابن عبَّاس.
والحديث رواه بنحوه: الطبراني في "الدعاء"(3/ 1369 - 1370) رقم (1215)، و"المعجم الكبير"(20/ 155 - 156) رقم (324)، و"المعجم الأوسط"(1/ 92) رقم (83)، والحاكم في "المستدرك"(3/ 273)، وأبو نُعَيْم في "الحِلْيَة"(1/ 243)، من طريق مُجَاشع بن عمرو الأَسَدي، عن الليث بن سعد، عن عاصم بن عمر بن قَتَادة، عن محمود بن لَبِيد، عن معاذ بن جَبَل.
قال الطبراني في "الأوسط": "لا يُرْوَى هذا الحديث عن معاذ إلّا بهذا الإسناد، تفرّد به مُجَاشِع".
وقال الحاكم: "غريب حسن، إلّا أنَّ مُجَاشِع بن عمرو ليس من شرط هذا الكتاب". وتعقَّبه الذَّهَبِيُّ بقوله: "ذا من وضع مُجَاشِع".
أقول: "مُجَاشِع بن عمرو الأَسَدي": مُتَّهَمٌ. وستأتي ترجمته في حديث (1728).
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 2): "رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وفيه مُجَاشِع بن عمرو وهو ضعيف".
ورواه بنحوه: أبو نُعَيْم في "الحِلْية"(1/ 242 - 243)، وابن الجَوْزي في "الموضوعات"(3/ 241 - 242)، من طريق عبد اللَّه بن عبد الرحمن القُرَشي، عن محمد بن سعيد، عن عُبَادة بن نُسَيّ، عن عبد الرحمن بن غَنْم قال: شهدت معاذ بن جَبَل رضي اللَّه تعالى عنه حين أُصيب بولده واشتد وَجْدُهُ عليه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فكتب إليه. وذكر كِتَابَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بنحو ما في حديث ابن عبّاس، وبذكر زيادات ليست فيه.
قال أبو نُعَيْم: "وروي من حديث ابن جُرَيْج، عن أبي الزُّبَيْر، عن جابر نحوه. . . وكلُّ هذه الروايات ضعيفة لا تثبت، فإنّ وفاة ابن معاذ كانت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لسنين، وإنما كَتَبَ إليه بعض الصحابة، فوهم الراوي
فنسبها إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم. . . وليس محمد بن سعيد ولا مُجَاشِع، ممن يعتمد على روايتهما ومفاريدهما".
وقال ابن الجَوْزي: "هذا حديث موضوع. ومحمد بن سعيد هو الكذَّاب الذي صُلِبَ في الزَّنْدَقَة. . . وكلُّ هذه الروايات باطلة، وإنما كانت وفاة ابن معاذ في سنة الطاعون، سنة ثمان عشرة، بعد موت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بسبع سنين، وإنما كتب إليه بعض الصحابة يُعَزِّيه".
* * *
149 -
أخبرنا عثمان بن محمد بن يوسف العلَّاف قال: أنبأنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشَّافِعِي قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن بكر القَصِير قال: نبأنا أبي قال: نبأنا يعقوب بن داود، عن ابن بليدان
(1)
، عن القاسم،
عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "هاجروا تُوَرِّثوا أبناءكم مَجْدًا".
(2/ 94) في ترجمة (محمد بن بكر بن خالد القصير أبو جعفر -كاتب أبي يوسف القاضي-).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (ابن بليدان) وهو (موسى بن أبي بكر)، ترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8/ 138) وفيه عن أبي حاتم: روى عن القاسم بن محمد، روى عنه أبو عبيدة الحدَّاد وأبو نُعَيْم". وقال أبو حاتم:"هو شيخ"
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى: "تليدان" بالتاء المثناة. والتصويب من "الجرح والتعديل"(8/ 138)، و"الثقات" لابن حِبَّان (7/ 450). وقد صُحِّفَ في حاشية محقق "الفردوس"(4/ 325) إلى "ابن تليد".
وترجم له ابن حِبَّان في "الثقات"(7/ 450) وقال: "موسى بن بليدان، يروي عن القاسم بن محمد، روى عنه عبد الحميد بن واصل".
أقول: هكذا في "الثقات": "روى عنه عبد الحميد بن واصل". وأظن أن الصواب: "عبد الواحد بن واصل". فإنَّ (أبا عبيدة الحدَّاد) الذي ذكره أبو حاتم بأنَّه يروي عن (موسى بن أبي بكر) هو (عبد الواحد بن واصل) كما في "التهذيب"(6/ 440). أما قول مصحح "الجرح والتعديل"(8/ 138): "وعبد الحميد بن واصل هو أبو عبيدة الحدَّاد، فإنَّه موضع نظر، صوابه "عبد الواحد" كما قدَّمت، واللَّه أعلم.
و(يعقوب بن داود) لم أتبينه.
و(القاسم) هو (ابن محمد بن أبي بكر الصِّدِّيق): إمام ثقة حُجَّة قدوة، أحد فقهاء المدينة السبعة، توفي عام (106) للهجرة على الصحيح، وحديثه مخرَّج في الكتب الستة. انظر ترجمته في:"السِّيَر"(5/ 53 - 60)، و"التهذيب"(8/ 333 - 335).
و(محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشَّافِعِي البزَّار أبو بكر): ترجم له الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر"(16/ 39 - 44) وقال: "الإمام المحدِّث المتقن الحُجَّةُ الفقيه مُسْنِدُ العراق". وهو من شيوخ الدَّارَقُطْنِيّ، وكانت وفاته سنة (354) للهجرة. وانظر ترجمته أيضًا في:"تاريخ بغداد"(5/ 456 - 458)، و"سؤالات السَّهمي للدَّارَقُطْنِيّ وغيره من المشايخ" ص 276 رقم (403)، و"تذكرة الحُفَّاظ"(3/ 880 - 881).
وشيخ الخطيب (عثمان بن محمد بن يوسف العلَّاف) ترجم له في "تاريخه"(11/ 314) وقال: "كان صدوقًا". توفي عام (428 هـ).
وصاحب الترجمة (محمد بن بكر القَصِير) قال عنه الخطيب: "ثقة".
وولده (أحمد) ترجم له في "تاريخه"(4/ 399 - 400) وقال: "ثقة".
التخريج:
رواه الدَّيْلَمِيّ في "مسند الفردوس" عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، كما في "زهر الفردوس"(4/ 133) لابن حَجَر، ونقله عنه محقق "الفردوس"(4/ 325).
وذكره السيوطي في "الجامع الصغير"(6/ 351) بشرح "فيض القدير"، وعزاه للخطيب عن عائشة فقط، ورمز إلى ضعفه. ولم يتكلَّم المُنَاوي في "الفيض" عليه بشيء.
وذكره في "كنز العمال"(16/ 296) رقم (44564) وعزاه للخطيب فحسب.
* * *
150 -
أخبرنا أبو العلاء محمد بن الحسن بن محمد الورَّاق. قال: نبأنا إسماعيل بن محمد الصفَّار -إملاءً- قال: نبأنا محمد بن إسحاق الصَّاغَاني قال: حدَّثنا محمد بن بُكَير الحَضْرَمي قال: نبأنا شَرِيك، عن عاصم بن أبي النَّجُود، وعطاء بن السَّائب، عن أبي عبد الرحمن،
عن عبد اللَّه -رفعه-: "خَيْرُكُمْ مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ وأَقْرَأَهُ".
(2/ 95 - 96) في ترجمة (محمد بن بُكَيْر بن واصل الحَضْرَمي أبو الحسين).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والحديث صحيح من طرق أخرى.
ففيه (شَرِيك بن عبد اللَّه النَّخَعِيّ الكوفي) وهو صدوق يخطئ كثيرًا، وقد اختلط. والراوي عنه (محمد بن بُكَيْر الحَضْرَمي) لم يُذْكَرْ فيمن روى عنه قبل اختلاطه. انظر "الكواكب النَّيِّرات" ص 250 - 257، وستأتي ترجمته في حديث (672).
وقد خالف رواية جماعةٍ من الثقات في روايتهم له عن أبي عبد الرحمن عن عثمان بن عفَّان كما سيأتي.
و(عاصم بن أبي النَّجُود -وهو عاصم بن بَهْدَلة الأَسَدِيّ المُقْرئ-): صدوق له أوهام. وستأتي ترجمته في حديث (592).
(عطاء بن السائب الثَّقَفِيّ): ثقة اختلط بأَخَرَةٍ. انظر ترجمته في: "التهذيب"(7/ 203 - 207)، و"الكواكب النَّيِّرات" ص 319 - 334، و"الكاشف"(2/ 232).
و(أبو عبد الرحمن) هو (عبد اللَّه بن حبيب بن ربيعة السُّلَمِي الكوفي): إمام مُقْرِئ ثقة ثَبْتٌ، مشهور بكنيته، ولأبيه صُحْبَةٌ. وستأتي ترجمته في حديث (1398).
و(عبد اللَّه) هو (ابن مسعود) كما صُرِّحَ به عند ابن الضُّرَيْس في "فضائل القرآن" ص 133.
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(10/ 200) رقم (10325)، و"المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" للهيثمي (6/ 119) رقم (3473) -، وابن الضُّرَيْس في "فضائل القرآن" ص 33 رقم (138)، من طريق شَرِيك، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن، عنه، به.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(7/ 166): "رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وإسناده فيه شَرِيك وعاصم، وكلاهما ثقة وفيهما ضعف".
والحديث من هذا الطريق ذكره الدَّارَقُطْنِيّ في "العلل"(5/ 333) رقم (925) بلفظ: "خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه". وقال: "يرويه شَرِيك، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد اللَّه. وخالفه حفص بن سليمان فرواه عن عاصم، عن
أبي عبد الرحمن، عن عثمان. وكذلك رواه سعد بن عبيدة، وعَلْقَمة بن مَرْثَد، والحسن بن عبيد اللَّه، وعطاء بن السَّائب، وسَلَمَة بن كُهَيْل، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمِيّ، عن عثمان، وهو الصواب".
أقول: وهؤلاء الذين رووه عن أبي عبد الرحمن السُّلَمِيّ عن عثمان على الوجه، كلُّهم ثقات، عدا (حفص بن سليمان الأَسَدِي) فإنَّه ضعيف جدًّا. وستأتي ترجمته في حديث (636).
وقد تقدَّمت الإشارة إلى أنَّ (عطاء بن السَّائب): ثقة اختلط بأَخَرَةٍ.
وعزاه الحافظ ابن حَجَر في "فتح الباري"(9/ 75) -في فضائل القرآن، باب خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه- إلى ابن أبي داود من الطريق المتقدِّم.
ويغلب على ظني أنَّ ابن أبي داود قد رواه في كتابه "شريعة المقارئ". حيث ذكر الحافظ ابن حَجَر في "الفتح"(9/ 74 و 75) أنَّ أبا العلاء العطَّار قد أطنب في تخريج طرقه في كتابه "الهادي في القرآن". كما أنَّ أبا بكر بن أبي داود أكثر من تخريج طرقه في أول كتابه "الشريعة".
والكتاب باسم "شريعة المقارئ" ذكره الذَّهَبِيُّ في ترجمته من "السِّيَر"(13/ 223).
وعزاه في "الجامع الكبير" للسيوطي (1/ 519) إلى ابن مَرْدُوْيَه في كتاب "أولاد المحدِّثين"، وابن النَّجَّار، من حديث ابن مسعود.
والحديث قد روي عن عدد من الصحابة، انظر مروياتهم في:"فضائل القرآن" لابن الضُّرَيْس ص 132 - 134، و"شُعَبِ الإيمان" للبيهقي (4/ 489 - 493)، و"مسند الشِّهَاب" للقُضَاعي (2/ 226 - 227)، و"جامع الأصول"(8/ 507 - 508)، و"مجمع الزوائد"(7/ 166 - 167)، و"الجامع الكبير"(1/ 519).
وقد رواه البخاري في فضائل القرآن، باب خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه (9/ 74) رقم (5027)، وأحمد في "المسند"(1/ 57 و 58 و 69) -وغير موضع-، وأبو داود في الصلاة، باب في ثواب قراءة القرآن (2/ 147) رقم (1452)، والترمذي في ثواب القرآن، باب ما جاء في تعليم القرآن (5/ 173 - 174) رقم (2907 و 2908 و 2909)، والنَّسَائي في كتابه "فضائل القرآن" ص 87 - 88 رقم (61 و 62 و 63)، وابن ماجه في المقدِّمة، باب فضل من تعلم القرآن وعلمه (1/ 76 - 77) رقم (211 و 212)، وغيرهم، عن عثمان بن عفَّان مرفوعًا بلفظ:"خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القرآنَ وعَلَّمَهُ". وعند بعضهم: أفضلكم"
* * *
151 -
أخبرني الحسين بن عليّ الصَّيْمَرِيّ قال: نبأنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه الحُلْوَاني قال: نبأنا أبو العبَّاس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدَّثني أحمد بن يوسف بن يعقوب قال: نبأنا محمد بن بَيَان -وهو ابن جمرَان المَدَائني- قال: نبأنا أبي، ومروان بن شُجَاع، وسعيد بن مَسْلَمَة، عن أبي حَنِيفة، عن محمد بن المُنْكَدِر، عن عثمان بن محمد،
عن طلحة بن عبيد اللَّه قال: تذاكرنا لَحْمَ الصَّيْدِ يأكله المُحْرِمُ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم نائم، فارتفعت أصواتنا، فاستيقظ فقال:"فيم تنازعون؟ " قلنا في لحم الصَّيْدِ. فأمرنا بأكله.
قال: وحدَّثنا أبي قال: نبأنا ابن جُرَيْج، وسفيان الثَّوْري، عن ابن المُنْكَدِر، عن عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد اللَّه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مثله.
(2/ 96 - 97) في ترجمة (محمد بن بَيَان بن حُمْرَان المَدَايني).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. وقد صَحَّ عنه صلى الله عليه وسلم من طرق أخرى إباحته
للمُحْرِمِ أكل صيد غير المُحْرِمِ.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن بَيَان بن حُمْرَان المَدَايني) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا. وترجم له الذَّهَبِيُّ في "ميزانه"(3/ 494) وقال: "عن حمَّاد بن زيد ومروان بن شُجَاع، وعنه أحمد بن يوسف بن يعقوب الجُعْفِيّ وحده، بخبر منكر في أكل المُحَرِمِ لحم الصيد". وأقرَّه الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(5/ 97) وزاد: "أورده الخطيب في ترجمته".
وأبوه (بَيَان بن حُمْرَان المَدَائني) ترجم له الخطيب في "تاريخه"(7/ 111) ولم يذكر فيه جرجًا أو تعديلًا، ولم أقف على من ذكره بذلك.
و(عثمان بن محمد) ترجم له الحافظ ابن حَجَر في "تعجيل المنفعة" ص 188 باسم (عثمان بن محمد بن أبي سُوَيد) وذكر عن الحُسَيني قوله: "عن طلحة بن عبيد اللَّه رضي الله عنه، وعنه الزُّهْرِيّ ومحمد بن المُنكَدِر، ليس بمشهور. قلت -القائل ابن حَجَر-: ذكره ابن حِبَّان في التابعين من "الثقات"، وقال: يروي المراسيل".
بينما قال الحافظ ابن حَجَر في "الإيثار بمعرفة رواة الآثار" -يعني كتاب "الآثار" لمحمد بن الحسن الشَّيْبَاني- ص 18 رقم (165): "عثمان بن محمد عن طلحة بن عبيد اللَّه في الصيد، وعنه ابن المُنْكَدِر. كذا فيه -يعني كتاب "الآثار" للإمام محمد، وسيأتي-. وإنما رواه ابن المُنْكَدِر عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان التَّيْمِيّ، عن أبيه، عن طلحة. هكذا هو عند مسلم على الصواب، وزعم الحُسَيني في رجال العشرة أنَّه عثمان بن محمد بن أبي سُوَيد، الذي روى قصة إسلام غَيْلان بن سَلَمَة الثَّقَفِي وتحته عشرة نِشوة، وروى عنه الزُّهْرِيّ، وقال الحُسَيْني: روى عن طلحة بن عبيد اللَّه، وعنه الزُّهْرِيّ ومحمد بن المُنْكَدِر، فإنَّ ابن أبي سُوَيد لا يعرف إلّا في رواية الزُّهْرِيّ هذه، واختلف عليه فيه اختلافًا كثيرًا، واللَّه أعلم.
أقول: ترجم الإمام البخاري في "التاريخ الكبير"(6/ 248 - 249) لـ (عثمان بن محمد بن أبي سُوَيد) وذكر رواية ابن شِهَاب الزُّهْرِيّ عنه فقال: "عن ابن شِهَاب بلغنا عن عثمان بن محمد أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لغَيْلان بن سَلَمَة الثَّقَفِيّ حين أسلم وتحته عشر نِسْوة. . ." ثم ذكر الاختلاف فيه عليه. ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
وباسم (عثمان بن محمد بن أبي سُوَيْد) ترجم له ابن حِبَّان في "ثقاته"(5/ 158) وقال: "يروي المراسيل، روى عنه الزُّهْرِيّ".
التخريج:
رواه الإمام أبو حَنِيفة النُّعْمَان في "مسنده" ص 212 بشرح عليّ القَاري، من الطريق التي رواها الخطيب عنه.
ورواه محمد بن الحسن الشَّيْبَاني في "الآثار" ص 74 رقم (361)، عن أبي حنيفة من الطريق المتقدِّم، وقال:"وبهذا نأخذ إذا ذَبَحَ الحلال الصيد فلا بأس بأن يأكله مُحْرِمٌ، وإن كان ذبحه من أجله، وهو قول أبي حَنيفة رحمه اللَّه تعالى. قال محمد: وأراهم في هذا الحديث قد تنازعوا في الفقه، فارتفعت أصواتهم، فاستيقظ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لذلك، فلم يعبه عليهم".
وقال الإمام مُلّا عليّ القَاري في شرحه لـ "مسند أبي حنيفة" ص 213: "وأخرجه أبو نُعَيْم عن محمد بن المُنْكدِر قال: حدَّثنا شيخ لنا، عن طلحة بن عبد اللَّه قال: سألنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن لحم صيد صاده حلال لا يأكله المُحْرِمُ؟ قال: لا بأس به، أو قال نعم".
وقد عزا السُّيُوطيُّ في "الجامع الكبير"(2/ 224) هذه الرواية التي ذكرها القَاري، إلى ابن جَرِير الطبري.
وقد روى مسلم في الحجِّ، باب تحريم الصيد للمُحْرِمِ (2/ 885) رقم
(1197)
، والنَّسَائي في الحجّ، باب ما يجوز للمُحْرِمِ أكله من الصيد (5/ 182)، وأحمد في "المسند"(1/ 161 و 162)، وعنه أبو نُعَيْم في "الحِلْية"(8/ 384)، من طريق يحيى بن سعيد، عن ابن جُرَيْج، عن محمد بن المُنْكَدِر، عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان التَّيمِيّ، عن أبيه قال: كنّا مع طلحة بن عبيد اللَّه ونحن حُرُمٌ، فَأُهْدِيَ له طَيْرٌ، وطلحةُ راقدٌ، فمنّا من أكل، ومنّا من تَوَرَّعَ. فلما استيقظ طلحةُ وَفَّقَ
(1)
من أكله، وقال: أكلناه مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وقد صَحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من حديث عدد من الصحابة إباحته لأكل الصيد للمُحْرِمِ إذا اصطاده غير المُحْرِمِ. انظر: "جامع الأصول"(3/ 55 - 60 و 65 - 67)، و"مجمع الزوائد"(3/ 229 - 231)، و"التلخيص الحَبِير"(2/ 276 - 278)، و"فتح الباري"(4/ 26 - 34).
* * *
152 -
أخبرني أبو القاسم الأَزْهَرِي قال: حدَّثنا محمد بن عبيد اللَّه بن الشَّخِّير قال: حدَّثنا أبو العبَّاس محمد بن بَيَان بن مسلم الثَّقَفِيّ -المعروف بابن البَخْتَرِيّ في مجلس ابن أبي داود، سنة ست عشرة. قال ابن الشِّخِّير: وكان ثقة. أملي علينا من أصله- قال: حدَّثنا الحسن بن عَرَفَة قال: حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك بن أنس، عن الزُّهْرِيّ،
عن أنس قال: لما نزلت سورة (التِّين) على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَرِحَ لها فَرَحًا شديدًا، حتى بَانَ لنا شدّة فَرَحِهِ. فسألنا ابن عبَّاس بعد ذلك عن تفسيرها فقال:
أما قول اللَّه تعالى: {وَالتِّينِ} : فبلاد الشَّام.
{وَالزَّيْتُونِ} : فبلاد فِلَسْطِين.
{وَطُورِ سِينِينَ} : فَطُورُ سِينا الذي كَلَّمَ اللَّه عليه موسى.
(1)
أي صوبه. كما في "شرح النووي على صحيح مسلم"(8/ 113).
{وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} : فبلد مَكَّة.
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} : محمد صلى الله عليه وسلم.
{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} : عبَّاد اللَّات والعُزَّى.
{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} : أبو بكر وعمر.
{فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} : عثمان بن عفَّان.
{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} : عليّ بن أبي طالب.
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} : بعثك فيهم نبيًا وجمعكم
(1)
على التقوى يا محمد.
(2/ 97) في ترجمة (محمد بن بَيَان بن مسلم الثَّقَفِي أبو العبَّاس).
مرتبة الحديث:
موضوع.
قال الخطيب عقب روايته له: هذا الحديث بهذا الإسناد باطلٌ لا أصل له يصحُّ فيما نعلم، والرجال المذكورون في إسناده كلُّهم أئمة مشهورون غير محمد بن بَيَان، ونرى العلَّة من جهته، وتوثيق ابن الشِّخِّير له ليس بشيء، لأنَّ من أورد مثل هذا الحديث بهذا الإسناد قد أغنى أهل العلم عن أن ينظروا في حاله، ويبحثوا عن أمره. ولعلَّه كان يتظاهر بالصلاح فأحسن ابن الشِّخِّير به الظن وأثنى عليه لذلك. وقد قال يحيى بن سعيد القطَّان: ما رأيت الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث".
وقد ترجم لـ (محمد بن بَيَان بن مسلم الثَّقَفِي) في "الميزان"(3/ 493 - 494)، و"اللسان"(5/ 96 - 97)، وأوردا الحديث في ترجمته مع حُكْمِ الخطيب عليه بالوضع. وقال ابن حَجَر في آخر ترجمته من "اللسان":"وأبوه ضبطه ابن مَاكُولا بنونين".
(1)
هكذا في المطبوع. وفي "الموضوعات" لابن الجَوْزي، و"اللآلئ"، و"الدُّر المنثور" للسيوطي، و"تنزيه الشريعة" لابن عَرَّاق:"وجمعك"، معزوًا للخطيب.
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(1/ 249) عن الخطيب، من طريقه المتقدِّم، وقال:"هذا حديث موضوع، بارد الوضع، بعيد عن الصواب. فالحَمْلُ فيه على ابن بَيَان الثَّقَفِي، فكأنه قد تلاعب بالقرآن". ثم ذكر خلاصة قول الخطيب المتقدِّم.
وأقرَّه السيوطي في "اللآلئ"(1/ 236 - 237)، وابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة (1/ 286 - 287).
وقد ذكره السيوطي في "الدُّرِّ المنثور"(8/ 554)، وعزاه للخطيب، وابن عساكر، وقال:"بسند فيه مجهول عن الزُّهْرِي عن أنس".
أقول: ليس في إسناده مجهول كما تقدَّم، بل فيه (محمد بن بَيَان الثَّقَفِي) وهو آفة الحديث، واللَّه أعلم.
* * *
153 -
أخبرنا أبو عبد اللَّه أحمد بن محمد بن عليّ بن عثمان الأَنْمَاطِيّ قال: نبأنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم الشَّافِعِي -إملاءً-. قال: نبأنا أحمد بن زَنْجُويَه القَطَّان قال: نبأنا محمد بن بشير الكِنْدِي الدَّعَّا، قال: نبأنا قُرَّان بن تَمَّام، عن أبي طاهر مولى الحسن بن عليّ،
عن أنس بن مالك، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنّ اللَّه اختارني، واختارَ لي أصحابًا، واختارَ لي منهم أصهارًا وأنصارًا، فمن حَفِظَنِي فيهم حَفِظَهُ اللَّهُ، ومن آذاني فيهم آذاهُ اللَّهُ عز وجل".
(2/ 99) في ترجمة (محمد بن بشير بن مروان الكندي أبو جعفر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن بشير بن مروان الكِنْدِي القَاصّ الواعظ أبو جعفر، المعروف بابن الدَّعَّا) وقد ترجم له في:
1 -
"سؤالات ابن الجُنَيْد لابن مَعِين" ص 353 رقم (327) وقال: "ليس بثقة".
2 -
"تاريخ بغداد"(2/ 98 - 99) وفيه عن عبد اللَّه بن محمد البَغَوي: "صدوق". وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: "ليس بالقويِّ في حديثه". وكانت وفاته سنة (236 هـ).
3 -
"المغني"(2/ 559) وقال: "ضُعِّف".
4 -
"الميزان"(3/ 491) وقال: "تُكُلِّمَ فيه".
و (قُرَّان بن تَمَّام الأَسَدي الكوفي) قال الحافظ ابن حَجَر عنه في "التقريب"(2/ 124): "صدوق ربما أخطأ". وستأتي ترجمته في حديث (1915).
وقال الخطيب عقبه: رواه غيره عن قُرَّان عن أبي عياض مولى الحسن بن علي عن أنس".
أقول: وهو في الإسناد: (عن ابي طاهر مولى الحسن بن عليّ)، ولم أتبينه.
التخريج:
سيأتي تخريجه من حديث أنس مطوَّلًا برقم (1186).
وبلفظه هنا عزاه في "الجامع الكبير"(1/ 159) إلى الخطيب وحده.
* * *
154 -
أخبرنا أبو بكر البَرْقَاني قال: أنبأنا عمر بن بِشْرَان، ومحمد بن خَلَف بن جَيَّان الخلَّال.
وأخبرنا القاضيان: أبو العلاء محمد بن عليّ الوَاسِطي، وعليّ بن المُحَسِّن
أبو القاسم التَّنُوخِيّ، قالا: نبأنا محمد بن خَلَف بن جَيَّان قال: نبأنا أبو عبيد اللَّه محمد بن بابِشَاذ البَصْري -زاد ابن بِشْران: مولى أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب. وقال القاضيان في حديثهما: ببغداد-.
وحدَّثنا أبو طالب يحيى بن عليّ بن الطيِّب الدَّسْكَريّ -لفظًا بحُلْوان- قال: أنبأنا أبو بكر بن المُقْرِئ -بأَصْبَهَان- قال: نبأنا محمد بن بابِشَاذ -أخو سهل الجُبَّائي، ببغداد- قال: نبأنا الحسن بن الحسين الأَسْوَاري قال: نبأنا سفيان بن سعيد الثَّوْري
(1)
، عن آدم بن عليّ،
عن ابن عمر قال: كنت عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر الصِّدِّيق، عليه عَبَاءة قد خَلَّها على صدره بخلال. فنزل عليه جبريل فقال: ما لي أرى أبا بكر عليه عَبَاءة قد خَلَّها على صدره بخلال. قال: "أنفق ماله عليَّ قبل الفتح". قال: فأقرئه عن اللَّه السلام، وقل له: يقول لك ربك: يا أبا بكر أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ قال: فالتفت النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر هذا جبريل يقرئك عن اللَّه السلام ويقول لك: أراضٍ أنت عني في فقرك أم ساخط"؟ قال: فبكى أبو بكر وقال: أعلى ربي أسخط! ! أنا عن ربي راض، أنا عن ربي راض، أنا عن ربي راض.
وأخبرنا التَّنُوخِيّ قال: حدَّثنا محمد بن خَلَف بن جَيَّان قال: حدَّثنا محمد بن بابِشَاذ قال: حدَّثنا عمر بن حفص بن صَبِيح اليَمَاني الشَّيْبَاني قال: حدَّثنا العلاء بن عمرو الحَنَفِي قال: نبأنا الأَشْجَعِي، عن الثَّوْري، عن آدم بن عليّ، عن ابن عمر، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمثله.
قال الشيخ أبو بكر - (يعني الخطيب) - رواه أيضًا محمد بن الحسين الحُنَيْنِيّ، وغيره، عن العلاء بن عمرو الشَّيْبَاني، عن أبي إسحاق الفَزَاري، عن الثَّوْري.
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى: "التوزي".
(2/ 105 - 106) في ترجمة (محمد بن بابِشَاذ البَصْري أبو عبيد اللَّه).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففي إسناده صاحب الترجمة (محمد بن بابِشَاذ البَصْري أبو عبيد اللَّه) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ بغداد"(2/ 105 - 107) وقال: "في حديثه غرائب ومناكير". وكانت وفاته سنة (306 هـ).
2 -
"الميزان"(3/ 488 - 489) وقال: "وثقه الدَّارَقُطْنِيّ، ولكنَّه أتى بطامة لا تتطيب". ثم ساق من طريقه حديثًا في فضل أبي بكر غير حديث ابن عمر هذا وقال: "الظاهر أنَّه دُسَّ على ابن بابِشَاذ هذا فروى حديثًا موضوعًا راج عليه ولم يهتد".
3 -
"لسان الميزان"(5/ 88 - 89) وأقرَّ الذَّهَبِيَّ فيما تقدَّم عنه، وزاد بذكر قول الخطيب السابق فيه.
و(الحسن بن الحسين الأَسْوَاري) لم أقف على ترجمته.
و(آدم بن عليّ) هو (العِجْلي الشَّيْبَاني): ثقة، خرج له البخاري، والنَّسائي. انظر ترجمته في: تهذيب الكمال" (2/ 308 - 309)، و"الكاشف" (1/ 55)، و"التقريب" (1/ 30).
كما أن في إسناده من الطريق الآخر (العلاء بن عمرو الحَنَفِي الكوفي) قال الذَّهَبِيُّ عنه في "الميزان"(3/ 103): "متروك". وستأتي ترجمته في حديث (1204).
التخريج:
رواه أبو نُعَيْم في "الحِلْية"(7/ 105) من طريقين:
الأول: عن محمد بن عمر بن سَلْم، حدَّثنا محمد بن نَهْشَل عبد الواحد البَصْري -وما سمعته إلّا منه-، حدَّثنا الحسن بن الحسين أبو عليّ الأَسْوَاري، عن الثَّوْري، به.
والثاني: من طريق عمر بن حفص الشَّيْبَاني، عن العلاء بن عمرو، عن أبي إسحاق الفَزَاري، عن الثَّوْري، به.
وقال: "غريب من حديث الثَّوْري لم نكتبه إلّا من حديث الفَزَاري. وحديث الأَسْوَاري لم نكتبه إلّا عن محمد بن عمر بن سَلْم".
ورواه ابن حِبَّان في "المجروحين"(2/ 185) في ترجمة (العلاء بن عمرو)، من طريق عمر بن حفص الشَّيْبَاني، عن العلاء بن عمرو، عن أبي إسحاق الفَزَاري، عن الثَّوْري، به.
وقال عن (العلاء): "شيخ يروي عن أبي إسحاق الفَزَاري العجائب، لا يجوز الاحتجاج به بحال".
وقد ذكره الذَّهَبِيُّ في ترجمته من "الميزان"(3/ 103)، من هذا الطريق، وقال:"هو كذب". وأقرَّه ابن حَجَر في "اللسان"(4/ 185).
كما ذكره العِرَاقي في "تخريج أحاديث إحياء علوم الدِّين"(2/ 166) وقال: "أخرجه ابن حِبَّان والعُقَيْلي في "الضعفاء". قال الذَّهَبِيُّ في "الميزان": هو كذب".
وقد عزاه في "الكنز"(12/ 509) رقم (35658) إلى أبي نُعَيْم في "فضائل الصحابة" عن ابن عمر فقط.
وبنحو حديث ابن عمر ذكره في "الكنز"(12/ 505) رقم (35649)، من حديث أبي هريرة. وعزاه إلى أبي نُعَيْم في "فضائل الصحابة" وقال: "قال ابن كثير: فيه غرابة شديدة. وشيخ الطبراني عبد الرحمن بن معاوية العُتْبِي، وشيخه
محمد بن نصر الفارسي، لا أعرفهما، ولم أر أحدًا ذكرهما".
غريب الحديث:
قوله: "قد خَلَّها على صدره بخلال": "أي جمع بين طرفيه بخلال من عود أو حديد". "النهاية"(2/ 73).
* * *
155 -
قرأت في كتاب أبي الحسن بن الفُرَات -بخطِّه-، أخبرنا محمد بن الحسين الأَزْدِيّ قال: حدَّثنا أبو بكر محمد بن ثُمَامة بن وكيع السرَّاج -ببغداد- قال: حدَّثنا محمد بن سعيد الأَيْلِي قال: حدَّثنا سعيد بن سَلَّام العَطَّار.
وأخبرنا عليّ بن يحيى بن جعفر الأَصْبَهَاني قال: نبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب اللَّخْمِي
(1)
قال: نبأنا محمد بن الحسن بن كَيْسَان المِصِّيْصِيّ قال: نبأنا سعيد بن سلَّام العطَّار قال: نبأنا سفيان الثَّوْري، عن الأَعْمَش، عن إبراهيم، عن عَابِس بن ربيعة قال:
سمعت عمر بن الخطَّاب يقول: يا أيها النَّاس تواضعوا، فإنِّي سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:
"من تواضع للَّه رفعه اللَّه". وقال: "انْتَعِشْ رفعك
(2)
اللَّه، فهو في نَفْسِه صغيرٌ، وفي أَعْيُنِ النّاس عظيمٌ، ومَنْ تَكَبَّرَ خَفَضَهُ اللَّهُ". وقال:"اخسأ خفضك اللَّه فهو في أعين النّاس صغيرٌ وفي نَفْسِهِ كَبِيرٌ، حتى يكونَ أهون عليهم من كلب". "لفظ حديث ابن كَيْسَان".
(1)
هو الطبراني.
(2)
هكذا في المطبوع: "انتعش رفعك اللَّه". وهو موافق لما في "الحِلْية" و"العلل". وفي "مجمع البحرين"(5/ 308)، و"مجمع الزوائد"(8/ 82)، و"الترغيب والترهيب" (3/ 560):"انتعش نعشك اللَّه". وجاء في حاشية محقق "الترغيب" شرحه بقوله: "أي ارتفع وانهض من عثرتك".
(2/ 110) في ترجمة (محمد بن ثُمَامة بن وكيع السرَّاج أبو بكر).
مرتبة الحديث:
موضوع. والشطر الأول منه: "من تواضع للَّه رفعه اللَّه"، صحيح من طرق أخرى.
ففي إسناده (سعيد بن سلَّام بن سعيد العطَّار البَصْري أبو الحسن) وهو متروك، وكذَّبه أحمد وابن نُمَيْر. وقال البخاري:"يُذْكَرُ بوضع الحديث". وستأتي ترجمته في حديث (363).
والطريق الأول فضلًا عن وجود (سعيد بن سلَّام) فيه، فإنّه قد روي وِجَادَةً، وفيه كذلك (محمد بن الحسين الأَزْدِيّ المَوْصِلِي أبو الفتح) وهو ضعيف، وفي حديثه غرائب ومناكير. وستأتي ترجمته في حديث (282).
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" للهيثمي (5/ 307 - 308) رقم (3119) -، من طريق إبراهيم بن المُسْتَمِرّ العُرُوقي، عن سعيد بن سلَّام العطار، به، وقال:"لم يروه عن الأَعْمَش إلَّا الثَّوْري، تفرَّد به سعيد".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 82) بعد أن عزاه له: "في إسناده سعيد بن سلَّام العطَّار وهو كذَّاب".
وعن الطبراني من طريقه الذي رواه عنه الخطيب، رواه أبو نُعَيْم في "الحِلْية" (7/ 129) وقال: غريب من حديث الثَّوْري، تفرَّد به سعيد بن سلَّام".
وبمثل قوله هذا قال الخطيب عقب روايته له.
وعن الخطيب، رواه ابن الجَوْزي في "العلل"(2/ 325 - 326)، ونقل قول الخطيب المشار إليه، وأعلَّه بـ (سعيد).
ورواه القُضَاعي في "مسند الشِّهاب"(2/ 219 - 220) رقم (335)، عن أبي سعيد أحمد المَالِيني، حدَّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدَّثنا محمد بن يونس بن موسى، حدَّثنا سعيد بن سلَّام العطَّار، به، وبزيادة ونقص يسيرين في متنه.
والشطر الأول من الحديث: "من تواضع للَّه رفعه اللَّه"، رواه أحمد في "المسند"(1/ 44)، والبزَّار في "مسنده"(4/ 222 - 223) رقم (3580) -من كشف الأستار-، من طريق يزيد بن هارون، عن عاصم بن محمد بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر، عن عمر -لا أعلمه إلّا رفعه- قال:"قال اللَّه عز وجل: من تواضع لي هكذا -وأشار بباطن كَفِّهِ إلى الأرض- رفعته كذا -وأشار بباطن كَفِّهِ إلى السماء-".
قال البزَّار: "لا يُرْوى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلّا عن عمر بهذا الإسناد، وليس عن عمر بهذا الإسناد إلّا هذا الحديث".
وقال الهيثمي في "المجمع"(8/ 82): "رواه أحمد والبزَّار. ورجال أحمد والبزَّار رجال الصحيح".
وروى مسلم في البرّ والصِّلة، باب استحباب العفو والتواضع (4/ 2001) رقم (2588)، ومالك في "الموطأ"(2/ 1000)، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في التواضع (4/ 376) رقم (2029)، عن أبي هريرة مرفوعًا -وفيه-:"وما تواضع أحدٌ للَّه إلّا رَفَعَهُ اللَّهُ".
وانظر شواهد أخرى للشطر الأول هذا في: "فتح الباري"(11/ 347) -في الرِّقاق في آخر باب التواضع-، و"الترغيب والترهيب"(3/ 560 - 561) و (4/ 197)، و"المجمع"(8/ 82 - 83).
* * *
156 -
أخبرنا عليّ بن محمد بن عبد اللَّه المُعَدَّل قال: أنبأنا إسماعيل بن
محمد الصفَّار قال: نبأنا عبَّاس بن محمد الدُّوري قال: نبأنا محمد بن جعفر أبو جعفر المَدَائني قال: نبأنا مسلم بن سعيد، عن منصور بن زَاذَان، عن معاوية بن قُرَّة،
عن مَعْقِل بن يَسَار قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "العَمَلُ في الهَرْجِ كالهِجْرَةِ إليَّ".
(2/ 116) في ترجمة (محمد بن جعفر المَدَائني أبو جعفر).
مرتبة الحديث:
في إسناده (مسلم بن سعيد) وهو (الوَاسِطِي ابن أخت منصور بن زَاذَان)
(1)
، لم أقف على من ترجم له.
كما أنَّ في إسناده صاحب الترجمة (محمد بن جعفر الثَّقَفِي البزَّاز المَدَائني) وهو صدوق فيه لين. وستأتي ترجمته في حديث (1028).
وباقي رجال الإسناد كلُّهم ثقات.
والحديث في "الصحيح" للإمام مسلم بلفظ: "العبادة" بدلًا من "العمل".
التخريج:
رواه أحمد في "المسند"(5/ 25)، عن أبي كامل
(2)
، حدَّثنا حمَّاد بن زيد، حدَّثنا المعلَّى بن زياد القُرْدُوسي، عن معاوية بن قُرَّة، عنه، به.
وهذا إسناد حسن من أجل (المعلَّي بن زياد) فإنَّه صدوق كما قال ابن حَجَر في "التقريب"(2/ 265): وقال الذَّهَبِيُّ في "الكاشف"(3/ 144): "وثَّقُوه". وانظر "التهذيب"(10/ 237 - 238).
(1)
انظر: "تاريخ وَاسِط" للإمام بَحْشَل ص 83، و"التهذيب"(10/ 360).
(2)
هو (فضيل بن حسين الجَحْدَري البَصْري): ثقة. حديثه مخرَّج في "الصحيحين": انظر "التهذيب"(8/ 290 - 291).
ورواه الطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 58)، من طريق أيوب بن سُوَيْد، عن الفُرَات بن سليمان، عن الأَعْمَش، عن معاوية بن قُرَّة، عنه، به. ولفظه عنده:"العمل في الهرج والفتنة كالهجرة إليَّ".
وقال: "لم يروه عن الفرات إلّا أيوب، ولا رواه عن الأَعْمَش إلّا الفرات وسعد بن الصَّلْت".
والحديث قد رواه مسلم في الفتن، باب فضل العبادة في الهَرْج (4/ 2268) رقم (2948)، والتِّرْمِذِيّ في الفتن، باب ما جاء في الهَرْج والعبادة فيه (4/ 489) رقم (2201)، من طريق حمَّاد بن زيد، عن معلَّى بن زياد، عن معاوية، عن مَعْقِل مرفوعًا بلفظ:"العِبَادَةُ في الهَرْجِ كهجرةٍ إليَّ".
وقال مسلم: "وحدَّثنيه أبو كامل، حدَّثنا حمَّاد بهذا الإسناد نَحْوَهُ".
وبلفظ مسلم، رواه ابن ماجه في الفتن، باب الوقوف عند الشبهات (2/ 1319) رقم (3985)، من طريق جعفر بن سليمان، عن المعلَّى بن زياد، عن معاوية، به.
وبلفظ: "العبادة" أيضًا، رواه أحمد في "المسند"(5/ 27)، من طريق مسلم بن سعيد الثَّقَفِيّ، عن منصور بن زَاذَان، عن معاوية، به.
أقول: (مسلم بن سعيد الثَّقَفِي) عند أحمد في إسناده المتقدِّم، هو (مسلم بن سعيد) عند الخطيب. وذكرتُ أنَّه (الوَاسِطي ابن أخت منصور بن زَاذَان) ولم أقف على من ترجم له. ولم يذكره الحافظ في "تعجيل المنفعة" مع أنَّه على شرطه.
وممّا يلاحظ أنَّ كلا اللفظين: "العبادة" و"العمل"، قد رُويا من طريق حمَّاد بن زيد، عن المعلَّى، عن معاوية، عن مَعْقِل. وأنَّ لكلِّ واحدٍ من اللفظين متابع أيضًا. فلا أدري إن كان ذلك من تصرف الرواة، أو أنَّ كلًّا منهما محفوظ، واللَّه أعلم.
والحديث لم يذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" مع أنَّه على شرطه.
غريب الحديث:
قوله: "الهَرْج": الفتنة في آخر الزمان. وأصل الهَرْج: الكثرة في الشيء والاتساع. انظر: "اللسان" مادة (هرج)(2/ 389)، و"النهاية"(5/ 257).
* * *
157 -
أخبرنا محمد بن أحمد بن رِزْق، ومحمد بن أحمد بن الرُّوزبهاني، قالا: نبأنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق قال: نبأنا إسحاق بن إبراهيم الخُتُّلِيّ قال: حدَّثني محمد بن جعفر البغدادي قال: نبأنا داود بن صَغِير قال: حدَّثني كَثِير النَّوَّا،
عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قلت: لجبريل حين أُسري بي إلى السماء با جبريل: أعلى أُمَّتي حساب؟ قال: كلُّ أُمّتك عليها حساب، ما خلا أبا بكر الصديق، فإذا كان يوم القيامة قيل: يا أبا بكر ادخل الجنّة. قال: ما أدخل حتى أُدْخِلَ معي من كان يُحِبُّنِي في الدُّنْيَا.
(2/ 118) في ترجمة (محمد بن جعفر البغدادي أبو جعفر).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه (داود بن صَغِير بن شَبِيب البُخَاري) وهو ضعيف. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: "منكر الحديث". وستأتي ترجمته في حديث (1255).
كما أنَّ فيه (كَثِير النَّوَّا) وهو (كَثِير بن إسماعيل النَّوَّا التَّيْمِيّ الكوفي أبو إسماعيل) وقد ترجم له في:
1 -
"التاريخ الكبير"(7/ 215) وقال: "مولى بني تَيْم اللَّه، كوفي". ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
2 -
"أحوال الرجال" ص 50 رقم (27) وقال: "زائغ".
3 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 206 رقم (532) وقال: "ضعيف".
4 -
"الجرح والتعديل"(7/ 159 - 160) وقال: "وفيه عن أبي حاتم: ضعيف الحديث بَابَة سعد بن طَرِيف".
5 -
"الثقات" لابن حِبَّان (7/ 159 - 160) كثير بن قَارَوَند أبو إسماعيل النَّوَّاء من أهل الكوفة".
6 -
"الكامل"(6/ 2086 - 2087) وقال: "كان غاليًا في التَّشَيُّع مُفْرِطًا فيه".
7 -
"موضِّح أوهام الجمع والتفريق" للخطيب (2/ 332 - 333) وذكر أنه هو (كثير بن قَارَوَنْدا)، وهو (كَثِير أبو إسماعيل الكوفي).
8 -
"الكاشف" وقال: (3/ 3) وقال: "شِيعِيٌّ جَلْدٌ، ضَعَّفُوهُ، ومشَّاهُ ابن حِبَّان".
9 -
"التهذيب"(8/ 411) وفيه عن العِجْلي: "لا بأس به".
10 -
"التقريب"(2/ 131) وقال: "ضعيف، من السادسة"/ ت.
أقول: لكن يُشْكِلُ هنا، أنَّ الخطيب قد ساق في "تاريخه"(8/ 367) حديثًا من طريق داود بن صَغِير، عن أبي عبد الرحمن النَّوَّا الشَّامي، عن أنس. و (كَثير النَّوَّا) تقدَّم أنَّ كُنْيَتَهُ (أبو إسماعيل) وهو (تَيْمي كوفي). بينما يُكْنِيه هنا بـ (أبي عبد الرحمن) ويجعله (شَامِيًّا). وظاهر صنيع ابن الجَوْزي فيما سيأتي وفي (1/ 36) من كتابه "العلل": أنهما واحد، واللَّه أعلم. ولم أقف على من ترجم (لأبي عبد الرحمن النَّوَّا الشَّامي).
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن جعفر البغدادي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا. وقد ترجم له الذَّهَبِيُّ في "ميزانه"(3/ 500) وقال: "عن داود بن صَغِير بخير كذب، عن كَثِير النَّوَّاء". ثم ذكر الحديث وقال: "ثم إنَّ داود:
واه". وأقرَّه في "اللسان" (5/ 105 - 106) وقال: وكذا شيخه -يعني كَثير النَّوَّا-، لم يصل إلى محمد بن جعفر إلّا على لسان ضعيفين، فما ذنبه! وحدَّث به إسحاق الحبلي
(1)
وهو ضعيف أيضًا".
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 185 - 186)، عن الخطيب من طريقه المتقدِّم.
كما رواه عن الخطيب من طريقه الآخر في "تاريخ بغداد"(8/ 367) -وسيأتي برقم (1267) - عن داود، عن أبي عبد الرحمن النَّوَّاء الشَّامي، عن أنس. وقال:"هذا حديث لا يصحُّ". وأعلَّه بـ (داود) و (كَثِير) وقال: "والعجب كيف روى هذا، ولا أحسب البلاء إلّا من داود".
والحديث ذكره ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة"(1/ 388) -في القسم الثالث، وهو من الزيادات على ابن الجَوْزي-، وعزاه للخطيب من الطريق المتقدِّم وقال:"وأورده ابن الجَوْزي في "الواهيات" -يعني في كتابه "العلل"- وقال: (كَثِير) ضعيف. ولا أحسب البلاء إلّا من داود. قلت -القائل ابن عَرَّاق-: مَرَّ في الفصل الذي قبله أن (كَثيرًا) وثِّق، و (داود) لم أرهم اتَّهموه، وإنّما قال الخطيب: ضعيف. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: منكر الحديث. فالحق أنَّ الحديث من الواهيات لا من الموضوعات، واللَّه أعلم".
أقول: إسناد الحديث وإن لم يكن فيه مُتَّهم، إلّا أنَّ نَكَارَة مَتْنِه لا تَخْفَى، ومن ثَمَّ قال الحافظ الذَّهَبِيُّ:"كذب" كما تقدَّم عنه، واللَّه أعلم.
* * *
158 -
أخبرنا أبو بكر البَرْقَاني قال: أنبأنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المُزَكِّي قال: نبأنا محمد بن إسحاق بن خُزَيْمَة قال: نبأنا محمد بن جعفر بن
(1)
هكذا في "اللسان". وصوابه فيما يظهر لي "الخُتُّلي" واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
الحارث الخزَّاز -بقَنْطَرَةِ بَرَدَان- قال: نبأنا خالد بن عمرو القُرَشي قال: نبأنا سهل بن يوسف بن سهل بن مالك، عن أبيه،
عن جَدِّه قال: لما رجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من حَجَّة الوداع إلى المدينة، صعد المنبر فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: "يا أيها النَّاس: إنَّ أبا بكر لم بسؤني قطّ فاعرفوا له ذلك.
يا أيها النَّاس: إني راضٍ عن عمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزُّبَيْر، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقَّاص، والمُهَاجِرين الأولين، فاعرفوا ذلك لهم.
يا أيها النَّاس: إنّ اللَّه قد غفر لأهل بَدْرٍ والحُدَيْبِيَة.
يا أيها النَّاس: لا تتبعون
(1)
في أصحابي وأَخْتَاني وأصهاري.
يا أيها النَّاس: لا يطلبنكم اللَّه بمظلمة أحد منهم، فإنَّها ممَّا لا يُوهب.
يا أيها النَّاس: ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين، وإذا مات الرجل منهم فقولوا خيرًا.
(2/ 118 - 119) في ترجمة (محمد بن جعفر بن الحارث الخزَّاز القنْطَري).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففي إسناده (خالد بن عمرو بن محمد القُرَشي الأُمَوي السَّعِيديّ الكوفي أبو سعيد) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 114) وقال: "ليس حديثه بشيء".
(1)
وفي "المعجم الكبير" للطبراني (6/ 126): "أحفظوني".
2 -
"التاريخ الكبير"(3/ 164) وقال: "منكر الحديث".
2 -
"الضعفاء" لأبي زُرْعَة (2/ 434) وقال: "واهي الحديث".
4 -
"سؤالات الآجُرِّي لأبي داود" ص 112 وقال: "ليس بشيء".
5 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 95 رقم (174) وقال: "ليس بثقة".
6 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (2/ 10 - 11) وفيه عن أحمد: "ليس بثقة، يروي أحاديث بواطل".
7 -
"الجرح والتعديل"(3/ 343 - 344) وفيه عن أحمد: "منكر الحديث". وعن أبي زُرْعَة: "منكر الحديث". وقال أبو حاتم: "متروك الحديث ضعيف".
8 -
"المجروحين"(1/ 283) وقال: "كان ممن ينفرد عن الثقات بالموضوعات لا يحلُّ الاحتجاج بخبره. تركهـ يحيى بن مَعِين".
9 -
"الكامل"(3/ 900 - 903) وقال: " [أحاديثه] كلُّها أو عامّتها موضوعة، وهو بيِّن الأمر في الضعفاء".
10 -
"الضعفاء" للدَّارَقُطْنِيّ ص 199 رقم (201).
11 -
"تاريخ بغداد"(8/ 299 - 300) وفيه عن ابن مَعِين: "كان كذَّابًا يكذب، حدَّث عن شُعْبَة أحاديث موضوعة". وقال أبو عليّ صالح جَزَرَة: "كان يضع الحديث". وقال زكريا السَّاجِيّ: "منكر الحديث".
12 -
"الكاشف"(1/ 206) وقال: "تركوه".
13 -
"التقريب"(1/ 261) وقال: "رماه ابن مَعِين بالكذب، ونسبه صالح جَزَرَة وغيره إلى الوضع، من التاسعة"/ د ق.
كما أنَّ فيه (سهل بن يوسف بن سهل بن مالك الأنصاري) ترجم له ابن حَجَر
في "اللسان"(3/ 122 - 123) وقال: "مجهول الحال. قال ابن عبد البَرّ: لا يُعْرَفُ، ولا أبوه".
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن جعفر بن الحارث الخزَّاز القَنْطَري) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(6/ 126) رقم (5640)، من طريق محمد بن عمر بن علي المُقَدَّمي، حدَّثنا عليّ بن محمد بن يوسف بن سِنَان بن مالك بن مِسْمَع، حدَّثنا سهل بن يوسف بن سهل، عن أبيه، عن جَدِّه مرفوعًا به.
وليس عنده قوله: "يا أيها النَّاس إن اللَّه قد غفر لأهل بَدْرٍ والحُدَيْبِيَة".
قال الحافظ ابن حَجَر في "الإِصابة"(2/ 90): "وقع للطبراني فيه وَهَمٌ، فإنَّه أخرجه من طريق المُقَدَّمي، عن عليّ بن محمد بن يوسف
(1)
، عن سهل بن يوسف. واغتر الضياء المقدسي بهذه الطريق، فأخرج الحديث في "المُخْتَارة". وهو وَهَمٌ لأنه سقط من الإِسناد رجلان: فإنَّ عليّ بن محمد بن يوسف إنّما سمعه من قَنَان بن أبي أيوب
(2)
، عن خالد بن عمرو عن سهل. وقد جزم الدَّارَقُطْنِيُّ في "الأفراد": بأنَّ خالد بن عمرو تفرَّد به عن سهل. لكن طريق سيف بن عمر ترد عليه".
وقال الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(3/ 122) بعد أن ساقه من طريقين: الأول: عن الطبراني من طريقه المتقدِّم، والثاني: من الطريق الذي صوَّبه في "الإِصابة" بزيادة راويين بين (عليّ) و (سهل): "هكذا أخرجه سيف بن عمر في
(1)
في "الإِصابة": "عن عليّ بن يوسف بن محمد". والتصويب من "المعجم الكبير"(6/ 126).
(2)
هكذا في "الإِصابة". وفي "الضعفاء" للعُقَيْلي (4/ 148)، و"اللسان" (3/ 123):"قَنَان بن أبي ثَوَاب". لكن صُحِّفَ (قَنَان) في "اللسان" إلى "منان".
"الفتوح" عن سهل بن يوسف. وهو أولى من السند الذي قبله".
أقول: لم يذكر الحافظ مَتْنَ الحديث عند سياقه للطريق الأول، وعِنْدَ سِيَاقِهِ لِلْمَتْنِ من الطريق الثاني ذَكَرَهُ مختصرًا.
وقال الهيثمي في "المجمع"(9/ 157): "رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم".
ورواه العُقَيْلي في "الضعفاء"(4/ 147 - 148) في ترجمة (محمد بن يوسف المِسْمَعِيّ)، مختصرًا، عن إبراهيم بن يوسف، حدَّثنا محمد بن عمر المُقَدَّمي، حدَّثنا محمد بن يوسف، عن محمد بن شَيْبَان بن مالك بن سميع
(1)
، حدَّثنا قَنَان بن أبي ثَوَاب بن عمر المُخَرِّمي، أخبرنا خالد بن سعيد الأُمَوي، به.
وقال العُقَيْلي: "إسناده مجهول، ولا يُتَابَعُ عليه من جهة، ولا يُعْرَفُ إلّا به".
وقال الحافظ ابن عبد البَرّ في "الاستيعاب"(2/ 99): "منكر موضوع. . . وفي إسناد حديثه مجهولون ضعفاء معروفون، يدور على سهل بن يوسف بن مالك بن سهل عن أبيه عن جَدِّه، وكلُّهم لا يُعْرَفُ".
وقد ذكره الحافظ ابن حَجَر في "الإِصابة"(2/ 90) في ترجمة (سهل بن مالك بن كعب الأنصاري -أخو كعب بن مالك الشاعر المشهور-) وعزاه إلى ابن شاهين، وأبي نُعَيْم من طريق سهل بطوله. وإلى ابن مَنْدَه من طريق خالد بن عمرو الأُمَوي عن سهل به، وقال:"غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه".
* * *
(1)
هكذا سياق الإِسناد في المطبوع، وفيه تحريف يعلم من مقابلته بما تقدَّم، فضلًا عن تسمية (المِسْمَعِي) هنا (محمد بن يوسف)، وهو عند من تقدَّم (علي بن محمد بن يوسف). ثم وجدت الحافظ ابن حَجَر في "اللسان" (3/ 123) في ترجمة (سهل بن يوسف الأنصاري) يقول بعد عزوه للعُقَيْلي في ترجمة (محمد بن يوسف):"وقد ظهر من رواية غيره أن الرواية لـ (علي) ولده". وانظر "اللسان"(5/ 435) كذلك.
159 -
أخبرنا أبو الفرج محمد بن عبد اللَّه بن أحمد بن شَهْرَيَار الأَصْبَهَاني قال: أنبأنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: نبأنا محمد بن جعفر الرَّازي -ببغداد- قال: نبأنا الوليد بن شُجَاع بن الوليد قال: نبأنا عَوْبَد
(1)
بن أبي عِمْرَان الجَوْني، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن الصَّامت،
عن أبي ذَرٍّ قال: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا سُئلتَ أيّ الأجلين قضى موسى عليه السلام؟ فقل: خَيْرَهُمَا وَأَبَرَّهُمَا. وإن سُئلتَ أيّ المرأتين تَزَوَّجَ؟ فقل: الصُّغْرَى منهما، وهي التي جاءت فقالت: يا أبتِ استأجره إنَّ خير من استأجرتَ القَويُّ الأمينُ. فقال: ما رأيتِ من قُوَّتِهِ؟ قالت: أخذَ حَجَرًا ثقيلًا فألقاه عن البئر. قال: وما الذي رأيتِ من أمانته؟ قالت: قال لي: امشي خَلْفِي ولا تمشي أمامي".
(2/ 128) في ترجمة (محمد بن جعفر بن محمد، يعرف بابن الرَّازي).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا.
ففيه (عَوْبَد
(2)
بن أبي عِمْرَان الجَوْني البَصْري) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن معين"(2/ 460) وقال: "ليس بشيء".
2 -
"التاريخ الكبير"(7/ 92) وقال: "منكر الحديث".
3 -
"أحوال الرجال" ص 107 رقم (167) وقال: "آية من الآيات".
4 -
"سؤالات الآجري لأبي داود" ص 332 رقم (525) وقال: "عَوْبَد أحاديثه البواطيل"
(3)
.
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى "عويد" بالياء. والتصويب من "التاريخ" لابن مَعِين (2/ 460)، و"الجرح والتعديل"(7/ 45)، وغيرهما.
(2)
ذُكِرَ في بعض المصادر التي ترجمت له باسم "عويد" بالياء، وفي بعضها "عوبذ" بالباء والذال. والصواب والأكثر على أنه بالباء والدَّال المُهْمَلَة.
(3)
هكذا جاء النصُّ في المصدر المذكور! وجاء في "اللسان"(4/ 387) نقلًا عنه: "حديثُهُ شِبْهُ البواطيل".
5 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 182 رقم (465) وقال: "متروك الحديث".
6 -
"الضعفاء" للعُقَيلي (3/ 423 - 424) وذكر له حديثًا وقال: "لا يُتَابَعُ عليه".
7 -
"الجرح والتعديل"(7/ 45) وفيه عن أبي حاتم وأبي زُرْعَة: "ضعيف الحديث". وزاد أبو حاتم: "منكر الحديث".
8 -
"المجروحين"(2/ 191 - 192) وقال: "كان ممن ينفرد عن أبيه بما ليس من حديثه توهمًا، على قلّة روايته، فبطل الاحتجاج بخبره".
أقول: وقد ترجم له ابن حِبَّان في "الثقات"(8/ 526) بقلَّة توفيق كما قال ابن حَجَر في "اللسان"(4/ 387).
9 -
"الكامل"(5/ 2018 - 2019) وقال: "وعَوْبَدُ بَيِّنٌ على حديثه الضعف".
10 -
"الضعفاء" لأبي نُعَيْم ص 126 رقم (185) وقال: "أحاديثه منكرة قاله البُخَاري".
11 -
"اللسان"(4/ 386 - 387).
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 19)، و"المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" للهيثمي (6/ 207) رقم (3597) -، من الطريق التي رواها الخطيب عنه، وقال في "الصغير":"لم يروه عن أبي عِمْرَان إلّا ابنه".
ورواه مختصرًا البزَّار في "مسنده"(3/ 63) رقم (2244) -من كشف الأستار- من طريق إسحاق بن إدريس، عن عَوْبَد، به، وقال:"لا نعلمه يُرْوَى عن أبي ذَرٍّ إلّا بهذا الإِسناد".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 203 - 204): "رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، والبزَّار باختصار. وفي إسناد الطبراني: عَوْبَد بن أبي عِمْرَان الجَوْني ضَعَّفَهُ ابن مَعِين وغيره، ووثَّقه ابن حِبَّان، وبقية رجال الطبراني ثقات".
وقال في (7/ 88) منه بعد ذكر رواية البزَّار المختصرة: "فيه إسحاق بن إدريس وهو متروك، ورواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" أطول من هذا، وإسناده حسن"!!.
أقول: هذا الذي قاله الهيثمي موضع نظر كما لا يخفى. فإنَّ في إسناد الطبراني والبزَّار معًا (عَوْبَد)، لا في إسناد الطبراني وحده كما قال، هذا أولًا.
وثانيًا: إنّ ابن حِبَّان تناقض فيه كما تقدَّم، فإنَّه ذكره في "المجروحين" وقال:"بطل الاحتجاج بخبره".
وثالثًا: من أين لإسناده الحُسْنُ، وفيه (عَوْبَد) وهو متروك كما تقدَّم!!
والشطر الأول من الحديث المتعلِّق بأبر الأجلين قضاءً من موسى عليه السلام، له شواهد عِدَّة انظرها في:"المستدرك"(2/ 407 - 408)، و"مجمع الزوائد"(8/ 204) و (7/ 87 - 88)، و"كشف الأستار"(3/ 63)، و"الدُّر المنثور"(1/ 409 - 410)، و"تفسير ابن كثير"(3/ 397 - 398) -في تفسير سورة (القصص) الآيات 25 و 26 و 27 و 28 - .
وقال ابن كثير في "التفسير"(3/ 398) بعد ذكره لرواية البزَّار المختصرة، "وقد رواه ابن أبي حاتم من حديث عَوْبَد بن أبي عِمْرَان وهو ضعيف".
* * *
160 -
أخبرنا محمد بن عبد اللَّه بن شَهْرَيَار قال: أنبأنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: نبأنا محمد بن جعفر بن أَعْيَن البغدادي -بِمصر- قال: نبأنا
عاصم بن عليّ قال: نبأنا عبد الحكيم بن منصور الوَاسِطي، عن عبد الملك بن عُمَيْر، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،
عن معاذ بن جَبَل قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّي أخافُ عليكم ثلاثًا وهنّ كائنات: زَلَّةُ عَالِمٍ، وجِدَالُ مُنَافِقٍ، ودُنْيَا تُفْتَحُ عليكم".
(2/ 129) في ترجمة (محمد بن جعفر بن محمد بن أَعْيَن البغدادي أبو بكر).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. وقد صَحَّ بعض الحديث من طرق أخرى.
ففيه (عبد الحكيم
(1)
بن منصور الوَاسِطي الخُزَاعي أبو سهل -أو أبو سفيان-) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 341) وقال: "كذَّاب". وقال مَرَّةً: "ليس حديثه بشيء".
2 -
"التاريخ الكبير"(6/ 125) وقال: "كذَّبه بعضهم، فيه نظر".
3 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 1700 رقم (420) وقال: "متروك الحديث".
4 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (3/ 104).
5 -
"الجرح والتعديل"(6/ 35) وفيه عن أبي حاتم: "لا يُكْتَبُ حديثه".
6 -
"المجروحين"(2/ 144) وقال: "كان شيخًا مغفَّلًا يحدِّث بما لا يَعْلَمُ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد".
7 -
"الكامل"(5/ 1972) وقال: "ولعبد الحكيم أحاديث لا يتابعه الثقات عليها".
(1)
صُحِّفَ في "الكامل"، و"التقريب" إلى:"عبد الحكم".
8 -
"التهذيب"(6/ 108) وفيه عن أبي داود: "ضعيف". وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: "متروك". وقال الحاكم أبو أحمد: "ذاهب الحديث". وذكره السَّاجِيُّ في "الضعفاء".
9 -
"التقريب"(1/ 466) وقال: "متروك، كذَّبه ابن مَعِين، من السابعة"/ ت.
كما أنَّ فيه انقطاعًا بين (عبد الرحمن بن أبي ليلى) وبين (معاذ بن جَبَل). ففي "التهذيب"(6/ 262) في ترجمة (عبد الرحمن بن أبي ليلى): "قال ابن المَدِيني: ولم يسمع من معاذ بن جَبَل. وكذا قال التِّرْمِذِيُّ في "العلل الكبير"، وابن خُزَيْمَة".
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الصغير"(2/ 85)، و"المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" للهيثمي (1/ 240 - 241) رقم (269) -، من الطريق التي رواها الخطيب عنه، وقال: "لم يروه عن عبد الملك إلَّا عبد الحكيم
(1)
بن منصور. ولا يُرْوَى عن معاذ إلَّا بهذا الإِسناد".
ورواه في "المعجم الكبير"(20/ 138 - 139) رقم (282) عن عليّ بن أحمد الأَزْدِيّ، عن عاصم بن عليّ، به.
وفيه: "وجِدَالُ منافق بالقرآن".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 186): "رواه الطبراني في الثلاثة، وفيه عبد الحكيم بن منصور وهو متروك الحديث".
والحديث ذكره الدَّارَقُطْنِيُّ في "العدل"(6/ 81) رقم (992)، عن عبد اللَّه بن
(1)
صُحِّفَ في "المعجم الصغير" إلى: "عبد الحليم".
سِلَمَة، عن معاذ مرفوعًا بلفظ: "أخوف ما أخاف عليكم ثلاث: جِدَالُ منافقٍ بالقرآن، وزَلَّةُ عالِمٍ، ودُنْيَا
(1)
تَقْطَعُ أعناقكم".
وقال: "يرويه عمرو بن مُرَّة، عن عبد اللَّه بن سَلِمَة عن معاذ. ورواه الأَعْمَشُ عن عمرو بن مُرَّة مرفوعًا، تفرّد به عنه مَعْمَرُ بن زائدة
(2)
وكان قائدًا الأَعْمَش عنه. وَوَقَفَهُ شُعْبَة وغيره عن عمرو بن مُرَّة عن ابن سَلِمَة
(3)
عن معاذ، والموقوف هو الصحيح".
وذكره ابن الجَوْزي في "العلل المتناهية"(1/ 131 - 132) عن الدَّارَقُطْنِيّ وذكر قوله الأخير.
ورواه الطبراني في "الأوسط" -كما في "مجمع البحرين"(1/ 242) رقم (271) -، من طريق عبد اللَّه بن صالح، عن الليث، عن يحيى بن سعيد، عن أبي حازم، عن عمرو بن مُرَّة، عن معاذ مرفوعًا بلفظ:"إياكم وثلاثة: زَلَّةُ عَالِمٍ، وجِدَالُ منافقٍ بالقرآن، ودُنْيَا تَقْطَعُ أعناقكم. فأمَّا زلَّة عالم: فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم، وإن زَلَّ فلا تقطعوا عنه آمالكم. وأمَّا جدال منافق بالقرآن: فإنّ للقرآن منارًا كمنار الطريق، فما عرفتم فخذوه، وما أنكرتم فردوه إلى عالمه. وأمَّا دنيا وتقطع أعناقكم: فمن جعل اللَّه في قلبه غنى فهو الغنيُّ".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 187) بعد أن ذكره معزوًا له: "وعمرو بن مُرَّة لم يسمع من معاذ. وعبد اللَّه بن صالح كاتب الليث، وثَّقه عبد الملك بن شعيب بن الليث ويحيى في رواية عنه، وضعَّفه أحمد وجماعة".
(1)
في "العلل" للدَّارَقُطْنِيّ: "ودينًا". وفي "العلل" لابن الجَوْزي -وهو يذكره عن الدَّارَقُطْنِيّ-: "ودينار"! ! .
(2)
ترجم له العُقْيَلي في "الضعفاء"(4/ 206) وقال: "عن الأعمش ولا يتابع على حديثه".
(3)
أقول: (عبد اللَّه بن سَلِمَة المُرَادي): صدوق، لكنه تغيَّر بأَخَرَةٍ. وستأتي ترجمته في حديث (1416).
أقول: وللشطر الأول من الحديث شواهد تُكُلِّمَ فيها، فقد روى الطبراني في "الكبير"(17/ 17) رقم (14)، والبزَّار في "مسنده"(1/ 103) رقم (182) -من كشف الأستار- من طريق كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف المُزَني، عن أبيه، عن جَدِّه مرفوعًا:"إني أخاف على أُمَّتي من ثلاثٍ: مِنْ زَلَّةِ عَالِمٍ، ومِنْ هَوًى مُتَّبَعٍ، ومِنْ حُكْمِ جَائِرٍ".
قال المُنْذِري في "الترغيب والترهيب"(1/ 86): "رواه البزَّار والطبراني من طريق كثير بن عبد اللَّه، وهو واهٍ، وقد حَسَّنَها التِّرْمِذِيّ في مواضع، وصحَّحها في موضع، فَأُنْكِرَ عليه. واحتجَّ بها ابن خُزَيْمَة في "صحيحه"."
وقال الهيثمي في "المجمع"(1/ 187): "رواه البزار وفيه كثير بن عبد اللَّه بن عوف وهو متروك. وقد حَسَّنَ له التِّرْمِذِيّ".
وقال في (5/ 239) منه: رواه الطبراني وفيه كثير بن عبد اللَّه المُزَني وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات".
أقول: قال الحافظ ابن حَجَر عن كثير في "التقريب"(2/ 132): "ضعيف، أفرط من نسبه إلى الكذب".
وقال الحافظ الذَّهَبِيُّ في "الكاشف"(3/ 5): "واهٍ. قال أبو داود: كذَّاب".
وله شاهد أيضًا من حديث أبي الدَّرْدَاء مرفوعًا بلفظ: "أخاف على أُمَّتي ثلاثًا: زَلَّةُ عالِمٍ، وجِدَالُ منافقٍ بالقرآن، والتكذيب بالقَدَر".
قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 203): "رواه الطبراني وفيه معاوية بن يحيى الصَّدَفِيّ وهو ضعيف"
(1)
.
أمَّا قوله صلى الله عليه وسلم: "وجدال منافق، ودنيا تفتح عليكم". فلكل من الصفتين شواهد عدّة تُثْبِتُ صحتهما. فانظر في الصفة الأولى: "وجدال
(1)
وستأتي ترجمته في حديث (469).
منافق": "صحيح ابن حِبَّان" (1/ 148) رقم (80)، و"مجمع الزوائد" (1/ 186 - 187). وانظر في الصفة الثانية: "ودنيا تفتح عليكم": "جامع الأصول" (4/ 501)، و"الترغيب والترهيب" (4/ 180 - 184).
* * *
161 -
أخبرنا الحسن بن الحسين بن العبَّاس النِّعَالي قال: أنبأنا أحمد بن نصر بن عبد اللَّه الذِّارِع قال: نبأنا أبو جعفر محمد بن جعفر الرَّاشِدِي قال: نبأنا عبد الأعلى بن حماد النَّرْسّي قال: نبأنا مسلم بن خالد، عن عبيد اللَّه، عن نافع،
عن ابن عمر: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِرُعَاةِ الإِبل أن يَرْمُوا بالليل.
(2/ 131) في ترجمة (محمد بن جعفر بن عبد اللَّه الرَّاشِدِي أبو جعفر).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف.
ففيه شيخ الخطيب (الحسين بن الحسين النِّعَالي)، وقد ترجم له في "تاريخه" (7/ 300 - 301) وقال:"كتبنا عنه وكان كثير السماع إلّا أنَّه أفسد أمره بأن ألحق لنفسه السماع في أشياء لم تكن سماعه".
كما أنَّ فيه (أحمد بن نصر بن عبد اللَّه الذَّارِع) وهو مُتَّهَمٌ. وستأتي ترجمته في حديث (298).
وفيه أيضًا (مسلم بن خالد المخزومي الزَّنْجِيّ) قال الحافظ ابن حَجَر عنه في "التقريب"(2/ 245): "صدوق كثير الأوهام". وقال الحافظ الذَّهَبِيُّ في "الكاشف"(3/ 123 - 124): "وثِّق، وضعَّفه أبو داود لكثرة غلطه". وستأتي ترجمته في حديث (874).
التخريج:
رواه البزَّار في "مسنده"(2/ 32) رقم (1139) -من كشف الأستار-، والبيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 151)، من طريق عبد الأعلى بن حمَّاد، عن مسلم بن خالد، به.
وقال البزَّار: "لا نعلمه عن ابن عمر إلّا من هذا الوجه. تفرَّد به مسلم بن خالد".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 260): "رواه البزَّار وفيه مسلم بن خالد الزَّنْجِيّ وهو ضعيف وقد وثِّق".
وقال الحافظ الزَّيْلَعِيُّ في "نصب الراية"(3/ 86) عقب ذكره له عن البزَّار من الطريق المتقدِّم: "قال ابن القَطَّان: ومسلم بن خالد الزَّنْجِيّ شيخ الشَّافِعِي، ضعَّفه قوم ووثَّقه آخرون. قال البُخاري وأبو حاتم: منكر الحديث".
ومع ذلك نجد الحافظ ابن حَجَر في "التلخيص الحَبِير"(2/ 263) يقول: "رواه البزَّار بإسناد حسن، والحاكم والبيهقي".
ولم أقف على الحديث في مظانِّه من "مستدرك" الحاكم.
وللحديث شاهد من حديث ابن عبَّاس، رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(11/ 166) رقم (11379)، من طريق إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فَرْوَة، عن عطاء، عن ابن عبَّاس: "أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ للرعاة أن يرموا ليلًا.
أقول: إسناده ضعيف جدًّا، ففيه (إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فَرْوة الأُمَوي) وهو متروك. وستأتي ترجمته في حديث (794).
ورواه عنه البيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 151) من طريق عمر بن قيس، عن عطاء، عن ابن عبَّاس مرفوعًا بلفظ:"الرَّاعي يرمي بالليل ويَرْعى بالنهار".
أقول: وإسناده ضعيف جدًّا أيضًا، ففيه (عمر بن قيس المَكِّي) وهو متروك. وستأتي ترجمته في حديث (1940).
ورواه البيهقي في "السنن الكبرى"(5/ 151) من حديث عطاء، وأبي سَلَمَة بن عبد الرحمن مُرْسَلًا.
وله شاهد من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، رواه الدَّارَقُطْنِيُّ في "سننه"(2/ 276)، من طريق بكر بن بكَّار، عن إبراهيم بن يزيد، عن سليمان الأَحْوَل، عن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جَدِّه:"أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ للرُّعَاء أن يَرْمُوا بالليل، وأي ساعة من النهار شاءوا".
قال الزَّيْلَعِيُّ في "نصب الراية"(3/ 86): "قال ابن القَطَّان في "كتابه": وإبراهيم بن يزيد هذا إن كان هو الخُوزِيّ فهو ضعيف، وإن كان غيره فلا يُدْرَى من هو؟ وبكر بن بكَّار قال فيه ابن مَعِين: ليس بالقويّ".
وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحَبِير"(2/ 263): "رواه الدَّارَقُطْنِيُّ وإسناده ضعيف".
وانظر "المصنَّف" لابن أبي شَيْبَة (4/ 29 - 30) في آثار أخرى في ذلك.
* * *
162 -
أخبرنا أبو سعد المَالِيني -قراءةً- قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن المُفيد قال: نبأنا محمد بن جعفر البغدادي -بحلب، إملاء من كتابه- قال: نبأنا مجاهد بن موسى قال: نبأنا معن بن عيسى قال: نبأنا مالك، عن نافع،
عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدُكم إلى مجلسٍ فَأُوسِعَ له فَلْيَجْلِس، فإنّها كَرَامَةٌ أكرمَهُ اللَّهُ بها وأخوهُ المسلمُ، فإن لم يُوَسَّعْ له فلينظر أَوْسَعَها مكانًا فليجلس فيه".
(2/ 133) في ترجمة (محمد بن جعفر البزَّاز).
مرتبة الحديث:
إسناده تالف. والحديث ضعيف.
ففي إسناده صاحب الترجمة (محمد بن جعفر البزَّاز البغدادي) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ بغداد"(2/ 133) وقال: "روى عنه أبو بكر المفيد حديثًا منكرًا أخبرنيه أبو سعد المَالِيني قراءة". ثم ساق الحديث المتقدِّم.
2 -
"ميزان الاعتدال"(3/ 501) وقال: "لا يُعْرَفُ. روى عنه المُفيد خبرًا موضوعًا" ثم ذكره. وأقرَّه الحافظ ابن حجر في "اللسان"(5/ 108).
ثم وجدتُ الحافظ ابن حَجَر في "اللسان"(1/ 144 - 145) يترجم له باسم (أحمد بن جعفر بن محمد أبو بكر البزَّاز) ويقول: "نزيل حَلَب، روى الدَّارَقُطْنِيّ في "غرائب مالك" من طريقة حديثًا مَتْنُهُ: "إذا جاء أحدكم إلى القوم فأوسع له فليجلس" الحديث. رواه عن مجاهد بن موسى، عن معن بن عيسى، عن مالك. قال: وهذا غير محفوظ. وقيل لي: إنَّ هذا الشيخ لم يكن به بأس. فلعله شُبِّه عليه". ثم ذكر ابن حَجَر بعض من روى عنهم، وبعض من روى عنه، وقال:"ذكره الخطيب في "تاريخه" فلم ينقل فيه جرحًا أو تعديلًا".
أقول: ترجم له الخطيب في "تاريخه"(4/ 62 - 63) بنفس الاسم الذي ترجم له ابن حَجَر، وساق له حديثًا من طريق أبي بكر بن المُقْرئ عنه، وسمَّاه فيه (أحمد بن جعفر الوزَّان البغدادي -نزيل حَلَب-).
وبَيِّنٌ ممَّا تقدَّم أنهما واحد. والعجيب أنَّ الخطيب وابن حَجَر لم يشيرا إلى ذلك عند ترجمتهما لهما بأحد الاسمين المتقدمين، فالحمد للَّه على توفيقه.
كما أنَّ فيه (أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب المُفيد) وهو مُجْمَعٌ على ضَعْفِهِ، واتُّهم. وستأتي ترجمته في حديث (1609).
و(مالك) هو (ابن أنس).
و (نافع) هو (مولى ابن عمر).
التخريج:
رواه الدَّارَقُطْنِيُّ في "غرائب مالك" من الطريق المتقدَّم، وقال:"هذا غير محفوظ". كما تقدَّم عن "اللسان"(1/ 144).
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 52) إلى الخطيب وحده عن ابن عمر.
وللحديث شاهد، رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(7/ 360) رقم (7197)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(8/ 153) -مخطوط-، من طريق محمد بن سليمان لُوَيْن، عن سفيان بن عُيَيْنَة، عن عبد اللَّه بن زُرَارَة، عن مصعب بن شَيْبَة، عن أبيه مرفوعًا بلفظ:"إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فإن وُسِّعَ له فليجلس، وإلّا فلينظر إلى أوسع مكان يرى فليجلس".
قال الهيثمي في "المجمع"(8/ 59): "رواه الطبراني وإسناده حسن".
أقول: بل هو ضعيف. فإنَّ فيه (مصعب بن شَيْبَة بن جُبَيْر بن شَيْبَة بن عثمان بن أبي طلحة العَبْدَرِي المَكِّي الحَجَبِي)، وقد ترجم له ابن حَجَر في "التهذيب" (10/ 162) وفيه عن أحمد:"روى أحاديث مناكير". وقال ابن مَعِين: "ثقة". وقال أبو حاتم: "لا يحمدونه وليس بقوي". وقال النَّسَائي: "منكر الحديث". وقال مَرَّةً: "في حديثه شيء". وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: "ليس بالقويّ ولا بالحافظ". وقال ابن عدي: "تكلَّموا في حفظه". وقال العِجْلي: "ثقة".
وقال ابن حَجَر في "التقريب"(2/ 251): "لَيِّنُ الحديث، من الخامسة".
وقال الذَّهَبِيُّ في "الكاشف"(3/ 130 - 131): "فيه ضعف".
كما أنَّ فيه عِلّةً أخرى لم ينتبه لها الهيثمي وهي الإِرسال. فإنَّ (مصعبًا) يرويه عن أبيه. وأبوه هو (شَيْبَة بن جُبَيْر بن شَيْبَة بن عثمان بن أبي طلحة)، ولم أقف
على من ترجم له. وقد تُرْجِمَ لجدِّه الأعلى (شَيْبَة بن عثمان بن أبي طلحة)، فقد ترجم له في "التقريب" (1/ 357) وقال:"من مُسْلِمَةِ الفتح، وله صحبة وأحاديث، مات سنة تسع وخمسين".
لكن يَرِدُ على ذلك أنَّه في "تاريخ دمشق" لابن عساكر (8/ 152) -مخطوط-، و"تهذيب الكمال" للمِزِّيّ (12/ 605)، و"التهذيب"(4/ 376)، وفي "الإِصابة" (2/ 161) في ترجمة (شَيْبَة بن عثمان بن أبي طلحة) قد ذكروا أنَّ ممن روى عنه: ابنه (مصعب بن شَيْبَة)! ! .
وتجد في "التهذيب"(10/ 162) في ترجمة (مصعب بن شَيْبَة بن جُبَيْر بن شَيْبَة بن عثمان) قوله: "روى عن أبيه. . . وعنه ابنه زُرَارَة، وحفيده عبد اللَّه بن زُرَارَة. . "! ! .
وقد حسَّن الشيخ الألباني حفظه اللَّه في "صحيح الجامع الصغير"(1/ 185 - 186) رقم (475) و (476) الحديث، من طريق ابن عمر معزوًا للخطيب، ومن طريق مصعب بن شَيْبَة معزوًا للبخاري في "التاريخ الكبير"، والبيهقي في "شُعَب الإِيمان"! ! .
وقد ذَكَرَ الحديثَ في "سلسلته الصحيحة"(3/ 312 - 314) رقم (1321)، وذكر ضعف إسناد حديث مصعب بن شَيْبَة، وكذا ضعف إسناد حديث ابن عمر، ونقل حكم الذَّهَبِيّ عليه بالوضع وقول الخطيب أنَّه منكر، وقال:"ولست أرى ما ذهبا إليه من أنَّ الحديث موضوع، لأنَّ له شاهدًا من حديث مصعب بن شَيْبَة كما تقدَّم، وهو وإن كان ضعيف الإسناد فإنّه كان في إبعاد حكم الوضع عليه، واللَّه أعلم. ثم رأيت له شاهدًا آخر يقويه، ويأخذ بعضده، وقد قوَّاه الذَّهَبِيُّ نفسه! أخرجه الحارث بن أبي أُسامة عن أبي شَيْبَة الخُدْري مرفوعًا به كما في "الجامع الصغير"، وقال شارحه المُنَاوي: قال الذَّهَبِيُّ: حديث جَيّد، ورمز المؤلف لحسنه".
فهو يذهب إلى حُسْنِهِ لذلك، بل يعتبر حديث الحارث بن أبي أُسامة صالحًا بنفسه ناقلًا كلام المُنَاوي مقرًّا له. وهذا كلُّه موضع نظر عندي.
فالشاهد الذي اعتبره أنّه يقوِّيه ويأخذ بعضده، وهو حديث الحارث بن أبي أُسامة عن أبي شَيْبَة الخُدْري، ما هو في حقيقة الأمر إلَّا حديث مصعب بن شَيْبَة المتقدِّم! ! .
وقد ذكره الحافظ ابن حَجَر في "المطالب العالية"(3/ 33) رقم (2805) ونصُّه فيه: "ابن أبي شَيْبَة أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم إلى القوم فأوسع له فليجلس، فإنما هي كرامة من اللَّه أكرمه بها أخوه المسلم، فإن لم يوسع له فلينظر أوسعها مكانًا فليجلس فيه". للحارث".
أقول: قوله "ابن أبي شَيْبَة" خطأ. ففي "العلل" للدَّارَقُطْنِيِّ (7/ 38 - 39): "وسُئل عن حديث أبي شَيْبَة -وقال بعضهم: ابن شَيْبَة- عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتى أحدكم القوم فوسَّع له أخوه فليقعد فإنها كرامة أكرمه اللَّه بها، وفيه: ثلاث يصفين لك، ودّ أخيك". فقال -يعني الدَّارَقُطْنِيّ-: يرويه حمَّاد بن سَلَمَة، عن عبد الملك بن عُمَيْر عنه. ورواه موسى بن عبد الملك بن عُمَيْر عن أبيه فقال: عن شَيْبَة الحَجَبي عن عَمِّه. قاله أبو المُطَرِّف بن أبي الوزير، عن موسى بن عبد الملك. فإن كان حفظه فقد وصل إسناده وأغرب به، واللَّه أعلم".
وقد علَّق محقق "المطالب العالية" الشيخ الأعظمي رحمه الله على قوله: "ابن أبي شَيْبَة": "كذا في الأصلين، والصواب عن ابن شَيْبَة كذا رواه حمَّاد بن سَلَمَة". وذَكَرَ ما تقدَّم عن الدَّارَقُطْنِيّ نقلًا عن الحافظ ابن حَجَر في "الإِصابة"(4/ 104) الذي أورده.
وممَّا يؤكِّد أنَّ حديث الحارث بن أبي أُسامة عن ابن شَيْبَة، هو ذات حديث (مصعب بن شَيْبَة) المتقدِّم، أنَّ الإِمام البُخَاري في "التاريخ الكبير" (7/ 352) في ترجمة (مصعب بن شَيْبَة بن جُبَيْر بن شَيْبَة بن عثمان القُرَشي الحَجَبي) قال: "قال
موسى، حدَّثنا حماد بن سَلَمَة، عن عبد الملك بن عُمَيْر، عن ابن شَيْبَة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:"إذا جاء أحدكم فأوسع له أخوه فإنما هي كرامة أكرمه اللَّه بها". وعن أبي عَوَانة، عن عبد الملك، عن مصعب -خازن البيت- نحوه. وقال لي عبد اللَّه بن محمد، حدَّثنا محمد بن أبي الوزير البَصْري سمع موسى بن عبد الملك بن عُمَير، عن أبيه، عن شَيْبَة الحَجَبي، عن عَمِّه عثمان بن طلحة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاث يصفين لك ودّ أخيك: فسلِّم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه"." انتهى.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(2/ 261 - 262): "سألت أبي عن حديث رواه محمد بن أبي الوزير، عن موسى بن عبد الملك بن عُمَيْر، عن أبيه، عن شَيْبَة الحَجَبي عن عَمِّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يصفين لك ودّ أخيك: تسلِّم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه". قال أبي: هذا حديث منكر، وموسى ضعيف الحديث".
أقول: و (عبد الملك بن عُمَيْر القُرَشي) وإن كان ثقةً إلّا أنَّ حفظه قد تغيَّر بأَخَرَةٍ. انظر "التهذيب"(6/ 411 - 413) و"التقريب"(1/ 521).
أمَّا ما جاء في "الجامع الصغير"(1/ 338) بشرح "فيض القدير" من عزوه للحارث عن أبي شَيْبَة الخُدْري، ومتابعة المُنَاوي والألباني له، فإنّه خطأ لما تقدَّم، فضلًا عن أنَّ (أبا شَيْبَة الخُدْري) هذا، قد ترجم له ابن حَجَر في "الإِصابة" (4/ 104) وقال نقلًا عن ابن السَّكَن:"له حديث واحد ولا يعرف اسمه". ثم ذكر الحديث وهو: "من شهد أن لا إله إلّا اللَّه مخلصًا بها قلبه دخل الجنَّة".
وأمَّا ما نقله المُنَاوي في "فيض القدير"(1/ 338) عن الذَّهَبِيِّ من قوله: "حديث جيد"، وأنَّ السيوطي رمز لحسنه، وإقرار الشيخ الألباني لهم، فإنَّه غير جيِّد، وقد علمت ما فيه من العلل.
ثم وجدت الإِمام السُّيُوطيُّ في "الجامع الكبير"(1/ 57)، بَعْدُ، يذكر
الحديث ويعزوه إلى الحارث عن أبي شَيْبَة الخُدْري ويقول: "ورواته ثقات"!!.
وممَّا تقدَّم يُعْلَمُ أنَّ الحديث ضعيف، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم، وله الحمد والمِنَّة على ما يسَّر ووفَّق.
وقد يَسَّرَ اللَّه بعد أن كتبتُ ما تقدَّم، الوقوف على كتاب "بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث بن أبي أسامة" للإِمام الهيثمي، فتأكَّد لي ما قد وصلت إليه وسجَّلته آنفًا.
ففي (4/ 1110) رقم (901) منه، قال الحارث بن أبي أُسامة:"حدَّثنا يزيد -يعني ابن هارون- حدَّثنا حمَّاد بن سَلَمة، عن عبد الملك بن عُمَيْر، عن ابن شَيْبَة أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدكم إلى القوم. . . " وذكر الحديث كما في "المطالب العالية".
وقد سرى الوهم إلى محققه أيضًا تبعًا لمن سبقه، علمًا أنه ذكر كلام الدَّارَقُطْنِيّ السابق نقلًا عن ابن حَجَر. وأتبعه بكلام البُوصيري في "الإِتحاف" (4/ 20):"هذا الإِسناد رواته ثقات"!! ثم نقل كلام السيوطي والمُنَاوي والذَّهَبِيّ السابق وسكت عنه!.
* * *
163 -
أخبرني عبد الغَفَّار بن محمد بن جعفر المُكْتِب قال: أنبأنا محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم قال: حدَّثنا محمد بن جعفر بن أبي داود الأَنْبَاري قال: حدَّثني يوسف بن يعقوب الخُوَارِزْمِيّ -بدالية مالك بن طوق- قال: حدَّثنا عفَّان قال: حدَّثنا حمَّاد، عن عاصم،
عن أنس قال: حدَّثني ابناي عني، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: كانَ يَكْرَهُ أن يُجْعَلَ فَصُّ الخَاتَمِ ممّا سواه.
(2/ 134)(محمد بن جعفر بن أبي داود الأَنْبَاري).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه شيخ الخطيب (عبد الغفَّار بن محمد المُؤدِّب المُكْتِب) وهو ضعيف. وقد تقدَّمت ترجمته في حديث (84).
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن جعفر الأَنْبَاري) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا، ولم أقف على من ذكره بذلك.
كما أنَّ فيه (يوسف بن يعقوب الخُوَارِزْمِيّ) لم أقف على من ترجم له.
و(عفَّان) هو (ابن مسلم البَاهِلِي الصَّفَّار): ثقة ثَبْت. وستأتي ترجمته في حديث (1029).
و(حمَّاد) هو (ابن زيد الجَهْضَمي البَصْري أبو إسماعيل): إمام فقيه ثقة ثَبْت، توفي عام (179 هـ)، وحديثه مخرَّج في الكتب الستة. انظر ترجمته في:"تهذيب الكمال"(7/ 239 - 252)، و"السِّيَر"(7/ 456 - 466)، و"التهذيب"(3/ 9 - 11)
و(عاصم) هو (ابن سليمان الأَحْوَل): ثقة. وستأتي ترجمته في حديث (1344).
و(محمد بن عبد اللَّه بن إبراهيم) هو (الشَّافِعِي أبو بكر): إمام حجَّة. وتقدَّمت ترجمته في حديث (149).
التخريج:
لم يروه غير الخطيب فيما وقفت عليه.
وقد ذكره الإِمام ابن رَجَب الحَنْبَلي في كتابه "أحكام الخواتيم" ص 52 بإسناد الخطيب المتقدِّم معزوًا له وحده. وقال: "ورواه -يعني الخطيب- من حديث عن الحسن بن أبي طالب، حدَّثنا محمد بن عبد اللَّه الشَّيْبَاني، حدَّثنا
محمد بن جعفر بن ملاس
(1)
، حدَّثنا إبراهيم بن يعقوب الجُوْزَجَاني، حدَّثني عفَّان، عن
(2)
حمَّاد، عن عليّ بن زيد
(3)
، عن أنس قال: حدَّثني ابني عني أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كره أن يُجْعَلَ فَصُّ الخَاتَم من غيره. قال -يعني الخطيب-: كذبٌ. رواه هذا عن عفَّان، عن حمَّاد، عن عليّ بن زيد (3) لا عن عاصم، فاللَّه أعلم".
أقول: (عليّ بن زيد) هو (ابن جُدْعان التَّيْمِيّ البَصْري) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (241).
ولم أقف على هذه الرواية في النسخة المطبوعة من "تاريخ بغداد". فلعل الخطيب قد رواها في كتاب آخر له، واللَّه أعلم.
وقد روى الإِمام البخاري في اللباس، باب فصِّ الخَاتَم (10/ 322) رقم (5870) عن أنس رضي الله عنه:"أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان خَاتَمُهُ من فِضَّةٍ، وكان فَصُّهُ منه".
قال الحافظ ابن حَجَر في "فتح الباري"(10/ 322): "لا يعارضه ما أخرجه مسلم وأصحاب السنن من طريق ابن وَهْب، عن يونس، عن ابن شِهَاب، عن أنس: كان خَاتَمُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من وَرِقٍ وكان فَصُّهُ حَبَشِيًا. لأنَّه إمّا أَنْ يُحْمَلَ على التعدد، وحينئذٍ فمعنى قوله "حبشي": أي كان حَجَرًا من بلاد الحَبَشَة،
(1)
صُحِّفَ في المطبوع إلى: "ملاسن" بالنون. والتصويب من "تهذيب الكمال"(2/ 248)، وذكر اسمه كاملًا، وهو (محمد بن جعفر بن هشام بن ملاس النُّمَيْري).
(2)
صُحِّفَ في المطبوع إلى: "عفَّان بن حمّاد".
(3)
صُحِّفَ في المطبوع إلى: "يزيد". والصواب ما أثبت، فإن (عليّ بن زيد بن جُدْعان) هو من يروي عن أنس، ويروي عنه عفّان. انظر:"تهذيب الكمال"(7/ 241)، و"تهذيب التهذيب"(7/ 322).
أو على لون الحبشة، أو كان جَزْعًا
(1)
أو عقيقًا، لأنَّ ذلك قد يؤتى به من بلاد الحبشة، ويحتمل أن يكون هو الذي فصّه منه، ونسب إلى الحبشة لصفة فيه إمَّا الصياغة وإمَّا النقش".
* * *
164 -
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المُعَدَّل قال: نبأنا محمد بن أحمد بن عِمْرَان الجُشَمِيّ قال: نبأنا أبو نُعَيْم محمد بن جعفر بن محمد -بالرَّمْلَة-.
وأخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن عليّ الوَاسِطي قال: نبأنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن إبراهيم بن ثابت الحافظ الرَّازي -ببغداد- قال: أنبأنا أبو نُعَيْم محمد بن جعفر بن محمد الحافظ -بالرَّمْلَة، وما سمعته إلّا منه- قال: أنبأنا محمد بن غالب قال: نبأنا نوح بن ميمون المَضْرُوب قال: نبأنا سفيان الثَّوْري قال: أخبرني وكيع بن الجرَّاح، عن داود بن عبد اللَّه، عن ابن جُدْعَان، عن جَدَّته،
عن أُمِّ سَلَمَةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دعا وصيفةً له فأبطأت عليه فقال: "لولا مخافةُ القِصَاص لأوجَعْتُكِ بِهذا السِّوَاكِ".
(2/ 140 - 141) في ترجمة (محمد بن جعفر بن محمد البغدادي ابو نُعَيْم).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه جَهَالَةُ جَدَّةِ ابن جُدْعَان.
كما أنّ فيه: (داود بن عبد اللَّه) وهو (مولى بني هاشم) وقد ترجم له في:
1 -
"العلل الكبير" للتِّرْمِذِيّ (2/ 978) وفيه عن البُخَاري: "مُقَارِبُ الحديث".
(1)
"الجَزْعُ": "ضرب من العقيق يعرف بخطوطٍ متوازية مستديرة مختلفة الألوان، والحجر في جملته بلون الظُّفْر". "المعجم الوسيط" مادة (جزع) ص 121.
2 -
"الثقات" لابن حِبَّان (6/ 283).
3 -
"تهذيب الكمال"(8/ 412 - 413) وقد أشار محققه الفاضل الدكتور بشَّار عوَّاد معروف، إلى قول البخاري فيه، فجزاه اللَّه خيرًا.
4 -
"التهذيب"(3/ 191) ولم يذكر سوى توثيق ابن حِبَّان له.
5 -
"الكاشف"(1/ 222) وقال: "وثِّق".
6 -
"التقريب"(1/ 233) وقال: "مقبول، من السابعة"/ بخ ت.
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن جعفر البغدادي أبو نُعَيْم) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا، ولم أقف على من ذكره بذلك.
و(ابن جُدْعَان) هو (عبد الرحمن بن محمد) كما صُرِّح به عند البخاري في "الأدب المفرد" ص 76، وعند أبي يَعْلَى في "المسند" (12/ 373) -لكن وقع عنده: محمد بن عبد الرحمن)! -.
وقد ترجم له ابن حِبَّان في "الثقات"(5/ 102)، ومن قبله البخاري في "التاريخ الكبير"(5/ 345 - 346) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
وترجم له الحافظ ابن حَجَر في "التهذيب"(6/ 267 - 268) وقال: "وثَّقه: النَّسَائي وابن حِبَّان". وترجم له في "التقريب"(1/ 497) وقال: "عبد الرحمن بن محمد، عن جَدَّته، عن أُمِّ سَلَمَة. وعنه داود بن أبي عبد اللَّه مولى بني هاشم، كذا وقع في رواية البخاري، وبيَّن في "التاريخ" أنه عبد الرحمن بن محمد بن زيد بن جُدْعَان. وعند التِّرْمِذِيّ عن ابن جُدْعان، فنسبه إلى جَدِّ أبيه. وثَّقه النَّسَائي، من الرابعة"/ بخ ت.
وقد وَهِمَ الشيخ الألباني حفظه المولى في "غاية المرام" ص 155 عندما قال: "وهذا سند ضعيف، داود هذا مجهول الحال لم يوثِّقه غير ابن حِبَّان. وابن جُدْعان هو عليّ بن زيد وهو ضعيف". فإنَّ (داود) كما تقدَّم قد قال البخاري فيه: "مقاربُ الحديث".
وأمَّا (ابن جُدْعَان) فإنّه (عبد الرحمن بن محمد) وهو ثقة كما تقدَّم، وليس (عليّ بن زيد) -الضعيف- كما قال الشيخ. ومرد وهمه في الموطن الثاني أنّه عندما خَرَّجَ الحديث، عزاه لابن سعد، وإلى الطبراني نقلًا عن المنذري فقط. وفاته ذكر جماعة من الأئمة خَرَّجُوه ونَصَّ بعضهم في طرقهم على أنَّه (عبد الرحمن بن محمد).
وقد وقع محقق "مسند أبي يعلى" الأستاذ حسين الأسد، في ذات ما وقع فيه الشيخ الألباني من قوله: بأنّ (ابن جُدْعَان) هو (عليّ بن زيد)، وضَعَّفَ إسناد الحديث من أجله، كما في (12/ 329 و 360) رقم (6901 و 6928) منه. مع أنَّ أبا يعلى قد صَرَّحَ في "مسنده"(12/ 373) رقم (6944) بأنه (محمد بن عبد الرحمن بن جُدْعَان القرشي)! ! والعجيب أنه قد أحال على الموضعين السابقين.
التخريج:
رواه البخاري في "الأدب المفرد" ص 76 رقم (184)، وابن سعد في "الطبقات"(1/ 382)، وأبو يَعْلَى في "مسنده" رقم (6901) و (6944)، والطبراني في "المعجم الكبير"(8/ 376) رقم (889)، وأبو نُعَيْم في "الحِلْية"(8/ 378)، من طريق داود بن أبي عبد اللَّه، عن ابن جُدْعَان، عن جَدَّتِهِ، عن أُمِّ سَلَمَة، به.
وأتمُّ السِّيَاقات، سياقة البخاري، وأبي يَعْلَى برقم (6944)، ولفظها عنده:"عن أُمِّ سَلَمَة زَوْجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بيتي وكان بيده سِوَاكٌ فَدَعَا وصيفةً له -أو: لها- حتى استأثر الغضبُ في وجهه، فخرجت أُمُّ سَلَمَة إلى الحُجُرَاتِ، فوجدت الوصيفةَ وهي تلعبُ بهيمةٍ، فقالت: ألا أَرَاكِ تلعبينَ بهذه البهيمةِ ورسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَدْعُوكِ؟ فقالت: لا والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ ما سَمِعْتُكَ. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لولا خشيةُ القَوَدِ لأوجَعْتُكِ بهذا السِّوَاكِ".".
ولفظه عند أبي نُعَيْم: "لولا مخافة اللوم يوم القيامة لأوجعتك بهذا السِّوَاكِ".
وفي لفظٍ عند أبي يَعْلَى برقم (6901): "لأوجعتكِ بهذا السَّوْطِ".
وقال أبو نُعَيْم: "داود هو أخو شقيق بن أبي عبد اللَّه. و (ابن جُدْعَان): عبد الرحمن بن زيد بن جُدْعَان، تفرَّد به عند داود".
وقد ذكره ابن حَجَر في "المطالب العالية"(2/ 124 - 125) رقم (1834 و 1835)، وعزا الأول إلى أبي بكر بن أبي شَيْبَة، والثاني لأبي يَعْلَى. وفي حاشية محققة نقلًا عن البُوصيري:"رواه ابن أبي شَيْبَة وأبو يَعْلَى والطبراني بسند ضعيف لجهالة التابعي".
قال المنذري في "الترغيب والترهيب"(4/ 403): "رواه أبو يعلى بأسانيد أحدها جيِّد".
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 353): إسناده جيِّد عند أبي يَعْلَى والطبراني".
أقول: قولهما بجودة إسناده موضع نظر لما تقدَّم.
وقد قال الحافظ العِرَاقي في "تخريج أحاديث إحياء علوم الدِّين"(3/ 173): "أخرجه أبو يَعْلَى من حديث أُمِّ سَلَمَة بسند ضعيف".
أمَّا قول المُنْذِري في "الترغيب"(3/ 217): "رواه أحمد بأسانيد أحدها جيِّد، واللفظ له، ورواه الطبراني بنحوه".
فالغالب أنه سبق ذهن من الحافظ المنذري، فبدلًا من أن يقول:"رواه: أبو يَعْلَى" قال: "رواه أحمد". يدل عليه قوله السابق من عزوه له لأبي يَعْلى دون أحمد. كما أنَّ الهيثمي لم يعزه لأحمد كذلك. ولم أقف عليه في مسند أُمِّ سَلَمَة عند أحمد، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
165 -
أخبرنا أبو معاذ عبد الغالب بن جعفر الضَّرَّاب قال: نبأنا محمد بن إسماعيل الورَّاق قال: حدَّثني محمد بن جعفر بن محمد بن الحسن بن جعفر العَلَوي قال: أنبأنا سليمان بن عليّ الكاتب قال: حدَّثني القاسم بن جعفر بن محمد بن عبد اللَّه بن عمر بن عليّ بن أبي طالب قال: حدَّثني أبي، عن أبيه، عن جَدِّه محمد بن عمر، عن أبيه عمر بن عليّ،
عن أبيه عليّ بن أبي طالب قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "شفاعتي لأُمَّتي مَنْ أَحَبَّ أَهْلَ بَيْتي وهم شِيعتي".
(2/ 146) في ترجمة (محمد بن جعفر بن محمد العَلَوي أبو الحسن، يعرف بأبي قيراط).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف.
ففيه (القاسم بن جعفر بن محمد بن عبد اللَّه بن محمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ بغداد"(12/ 443 - 444) وقال: "قدم بغداد وحَدَّثَ بها عن أبيه عن جَدِّه عن آبائه نسخة أكثرها مناكير".
2 -
"ميزان الاعتدال"(3/ 369) وقال: "روى عن آبائه نسخة أكثرها مناكير".
كما أنَّ فيه (محمد بن إسماعيل بن العبَّاس الورَّاق المُسْتَمْلِي أبو بكر)، وهو حافظٌ إلا أنَّه ليِّنٌ في الرواية كما قال الأَزْهَرِي ووافقه الخطيب. وستأتي ترجمته في حديث (1061).
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن جعفر العَلَوي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
و (سليمان بن عليّ الكاتب) لم أقف على من ترجم له.
التخريج:
لم يروه غير الخطيب فيما وقفت عليه.
وعزاه السيوطي في "الجامع الكبير"(1/ 556) إليه وحده. وكذلك فعل في "الجامع الصغير"(1/ 556) بشرح "فيض القدير".
ولم يتكلَّم عليه المُنَاوي في "الفيض" بشيء. لكنه في "التيسير بشرح الجامع الصغير"(2/ 78) بعد أن عزاه للخطيب قال: إسناده ضعيف.
* * *
166 -
أخبرنا بُشْرَى بن عبد اللَّه الرُّومي قال: نبأنا أبو بكر محمد بن جعفر الفَامِي -المعروف بغُنْدَر، مولى فَاتِن المُقْتَدِرِي، في سنة ستين وثلثمائة- قال: قُرِئ على أبي شاكر مسرَّة بن عبد اللَّه -مولى المتوكِّل على اللَّه- قال: نبأنا الحسن بن يزيد قال: نبأنا عبد اللَّه بن المُبَارَك قال: نبأنا سليمان بن مِهْران، قال إبراهيم بن جعفر الأنصاري -المعروف بالرَّاهب-،
عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّه إذا أراد أن يجعل عبدًا للخلافة مَسَحَ بده على جبهته".
(2/ 150) في ترجمة (محمد بن جعفر القاضي أبو بكر، يعرف بغُنْدَر).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه (مسرَّة بن عبد اللَّه الخادم أبو شاكر مولى المتوكِّل على اللَّه) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ بغداد"(13/ 271 - 272) واتَّهمه الخطيب بالوضع، وقال:"كان غير ثقة". وفيه عن أبي الفتح عبيد اللَّه بن أحمد النَّحْوي: "كان يُضَعَّفُ".
وقال الخطيب عقب روايته للحديث: "مسرَّة بن عبد اللَّه: ذَاهِبُ الحديث".
2 -
"الميزان"(4/ 96) ونقل قول الخطيب السابق: "ليس بثقة". وقال: "من موضوعاته" ثم ساق له حديثًا الحَمْلُ فيه عليه.
3 -
"اللسان"(6/ 20) وأقرَّ الذَّهَبِيَّ، ثم ساق له حديثًا آخر من موضوعاته وقال:"هذا مَتْنٌ باطلٌ وإسنادٌ مُخْتَلَقٌ".
4 -
"تنزيه الشريعة المرفوعة"(1/ 117) وقال: "كان يضع الحديث".
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (محمد بن جعفر القاضي) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
التخريج:
رواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(3/ 97)، عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، وقال:"هذا حديث لا يصحُّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم". وأعلَّه بـ (مسرَّة).
كما رواه ابن الجَوْزي من حديث أبي هريرة، وكعب بن مالك، وأعلَّهما.
وتعقَّبه السيوطي في "اللآلئ"(1/ 154) بأنَّ له من الشواهد ما يَدْفَعُ عنه الحكم عليه بالوضع، ثم ذكرها. ولا يسلم له تعقبه، فهي شواهد واهية، مِثْلُهَا لا يُسْمِنُ ولا يُغْنِي. وانظر في حال هذه الشواهد:"تنزيه الشريعة"(1/ 208)، و"الفوائد المجموعة" ص 488 - 489.
وقد عزاه في "الجامع الكبير"(1/ 160) إلى الخطيب وحده من حديث أنس وضَعَّفَهُ! .
أقول: روى الحاكم في "المستدرك"(3/ 331) عن ابن عبَّاس مرفوعًا: "إنَّ اللَّه إذا أراد أن يخلق خَلْقًا للخِلافِة مَسَحَ يده على ناصيته، فلا تقع عليه عينٌ إلّا أحبَّته".
قال الحاكم: "رواة هذا الحديث عن آخرهم كلُّهم هاشميون معروفون بشرف الأصل". وتعقَّبه الذَّهَبِيُّ بقوله: "ليسوا بمعتمدين".
أقول: في إسناد الحاكم: (محمد بن هارون بن عيسى الهاشمي، ويعرف بابن بُرْيَه)، ترجم له الخطيب في "تاريخه" (3/ 356) وقال:"في حديثه مناكير كثيرة". وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: "لا شيء". وقال الخطيب في "تاريخه"(7/ 403) عنه: "ذَاهِبث الحديث يُتَّهَمُ بالوضع". كما اتَّهمه ابن عساكر بالوضع أيضًا كما في "اللسان"(5/ 409). وستأتي ترجمته في حديث (416).
وسيأتي برقم (1504) من حديث أبي هريرة بإسناد تالف.
* * *
167 -
أخبرنا أبو نُعَيْم الحافظ قال: نبأنا أبو بكر محمد بن جعفر بن الحسين بن محمد بن زكريا غُنْدَر الورَّاق البغدادي -قَدِم علينا- قال: حدَّثني محمد بن سعيد بن عبد الرحمن أبو عليّ الحافظ قال: نبأنا عبد اللَّه بن محمد بن سعيد بن عَيْشُون قال: نبأنا محمد بن سليمان بن أبي داود قال: نبأنا داود بن الزِّبْرِقَان، عن مَطَر الوراَّق، عن هارون بن عَنْتَرَة، عن عبد اللَّه بن السَّائب، عن زَاذَان،
عن عبد اللَّه بن مسعود، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ذهابُ البصرِ مغفرةٌ للذنوبِ، وذهابُ السَّمْعِ مغفرةٌ للذنوبِ، وما نَقَصَ من الجَسَدِ فعلى قَدْرِ ذلك".
(2/ 152) في ترجمة (محمد بن جعفر بن الحسين الورَّاق أبو بكر).
مرتبة الحديث:
موضوع.
ففيه (داود بن الزِّبْرْقَان الرَّقَاشي البَصْري أبو عمرو) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 152) وقال: "ليس بشيء". وقال مَرَّةً: "ليس حديثه بشيء".
2 -
"التاريخ الكبير"(3/ 243) ولم يذكر فيه جرحًا أو تعديلًا.
3 -
"أحوال الرجال" ص 111 رقم (176) وقال: "كذَّاب".
4 -
"سوالات الآجُرِّيّ لأبي داود" ص 167 رقم (158) وقال: "ضعيف".
5 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 99 رقم (189) وقال: "ليس بثقة".
6 -
"الجرح والتعديل"(3/ 412 - 413) وفيه عن أبي حاتم: "ضعيف الحديث ذاهب الحديث".
7 -
"المجروحين"(1/ 292) وقال: "كان شيخًا صالحًا يحفظ الحديث ويذاكر به، ولكنَّه كان يهم في المذاكرة ويغلط في الرواية إذا حدَّث من حفظه، ويأتي عن الثقات بما ليس من أحاديثهم. . . وداود بن الزِّبْرِقَان عندي صدوق فيما وافق الثقات إلّا أنَّه لا يحتج به إذا انفرد". وقال: "اختلف فيه الشيخان: أمَّا أحمد فحسَّن القول فيه، ويحيى وهَّاه".
8 -
"الكامل"(3/ 961 - 965) وقال: "عامّة ما يرويه عن كلِّ من روى عنه ممّا لا يتابعه أحد عليه، وهو في جملة الضعفاء الذين يُكْتَبُ حديثهم". وفيه عن البُخَاري: "مُقَارِبُ الحديث".
9 -
"تاريخ بغداد"(8/ 357 - 359) وفيه أنَّ عليّ بن المَدِيني ضعَّفه جدًّا. وقال أبو زُرْعَة ويعقوب بن شَيْبَة: "متروك الحديث". وقال أبو داود: "تُرِكَ حديثه". وقال يعقوب بن سفيان الفَسَويّ: "ضعيف". وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خِرَاش: "ضعيف الحديث".
10 -
"التقريب"(1/ 231) وقال: "متروك، كذَّبه الأَزْدِيُّ، من الثامنة"/ د ق.
كما أنَّ فيه (مَطَر بن طَهْمَان الورَّاق)، وهو صدوق كثير الخطأ كما قال الحافظ
عنه في "التقريب"(2/ 252). وستأتي ترجمته في حديث (430).
و(زَاذَان) هو (الكِنْدِي البرَّاز الكوفي الضَّرير، أبو عمر، ويُكْنَى أبا عبد اللَّه أيضًا): تابعي ثقة يُرْسِلُ، وكان كثير الحديث، توفي عام (82 هـ)، وخرَّج له مسلم والأربعة. انظر ترجمته في:"تهذيب الكمال"(9/ 263 - 265)، و"التهذيب"(3/ 302 - 303)، و"الكاشف"(1/ 246)، و"التقريب"(1/ 258).
التخريج:
رواه أبو نُعَيْم في "تاريخ أصبهان"(2/ 296) من الطريق التي رواها الخطيب عنه.
ورواه ابن عدي في "الكامل"(3/ 963) -في ترجمة (داود بن الزِّبْرِقَان) -، من طريق محمد بن سليمان بن أبي داود، عن داود بن الزِّبْرِقَان، به، وقال:"هذا منكر المتن والإِسناد".
ورواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(3/ 203 - 204) عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، ونقل قول ابن عدي السابق. وأعلَّه بـ (داود بن الزِّبْرِقَان) و (هارون بن عَنْتَرَة) ونقل عن ابن حِبَّان قوله فيه:"لا يجوز الاحتجاج به".
أقول: آفةُ الحديث (داود بن الزِّبْرِقَان). أمَّا (هارون بن عَنْتَرَة بن عبد الرحمن الشَّيْبَاني) فقد قال عنه الحافظ في "التقريب"(2 - 312): "لا بأس به". وقال الذَّهَبِيُّ في "الكاشف"(3/ 189): "وثَّقوه"، وانظر "التهذيب"(11/ 9 - 10).
وأقرَّ السُّيُوطيُّ في: "اللآلئ"(2/ 402)، ابن الجَوْزِيِّ في الحُكْمِ عليه بالوضع. وتابعه ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة" (2/ 352) وقال:"هارون: من رجال أبي داود والنَّسَائي، ووثَّقه أحمد وابن مَعِين. . . وقد أورد الحافظ الذَّهَبِيُّ في "طبقات الحفَّاظ" هذا الحديث من جهة الخطيب وقال: غريبٌ جدًّا".
وذكره الدَّيْلَمِيُّ في "الفردوس"(2/ 246) رقم (3161) عن ابن مسعود، دون قوله:"وما نَقَصَ مِنَ الجَسَدِ فعلى قَدْرِ ذلك".
* * *
168 -
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المعدَّل قال: نبأنا أبو الفرج محمد بن جعفر بن الحسن بن سليمان بن عليّ -صاحب المصلَّى، مِنْ حِفْظِه- قال: نبأنا محمد بن محمد بن سليمان البَاغَنْدِيّ قال: نبأنا أبو نُعَيْم عبيد بن هشام الحَلَبِي قال: نبأنا مالك بن أنس، عن الزُّهْرِيّ،
عن أنس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"انْتِظَارُ الفَرَجِ عِبَادَةٌ".
(2/ 154 - 155) في ترجمة (محمد بن جعفر بن الحسن صاحب المصلَّى أبو الفرج).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. وله شواهد عدَّة معلولة كلّها.
ففي إسناده صاحب الترجمة (محمد بن جعفر بن الحسن أبو الفرج صاحب المصلَّى) وقد ترجم له في:
1 -
"سؤالات السَّهْمِيّ للدَّارَقُطْنِيّ وغيره من المشايخ" ص 95 - 96 رقم (42). قال السَّهْمِيّ: "ضعيف لا يحتجُّ بحديثه، ما رأيت له أصلًا جيِّدًا، ولا رأيت أحدًا يُثني عليه خيرًا. سمعت جماعةً يحكون أنَّه غَضَبَ كُتُبَ أبي مسلم بن مِهْرَان البغدادي وحدَّث بها ولم يكن له بها سماع". وسمَّاه السَّهْمِيُّ: (أبو الفرج محمد بن صالح بن جعفر البغدادي).
2 -
"تاريخ بغداد"(2/ 154 - 156) وقال: "حدَّثنا أبو الحسن النُّعَيْمِيّ والقاضي أبو القاسم التَّنُوخي أحاديثُ تدلُّ على سوء ضبطه وضَعْفِ حاله". ونقل قول السَّهْمِيّ السابق.
3 -
"ميزان الاعتدال"(3/ 501) وقال: "ضَعَّفَهُ حمزة السَّهْمِيّ جدًّا. وقال الخطيب: ضعيف".
وترجم له في "الميزان"(3/ 500) باسم (محمد بن جعفر بن صالح) وقال: "تُكُلِّمَ فيه. وقيل: محمد بن صالح بن جعفر، وفيه جَهَالَةٌ".
4 -
"اللسان"(5/ 104 و 203).
وقال الخطيب عقب روايته له: "وَهِمَ هذا الشيخ على البَاغَنْدِيّ وعلى من فوقه في هذا الحديث وهمًا قبيحًا. لأنَّه لا يُعْرَفُ إلّا من رواية سليمان بن سَلَمَة الخَبَائِري، عن بقيَّة بن الوليد، عن مالك. وكذلك حَدَّثَ به البَاغَنْدِيّ". وساق الحديث من هذا الطريق، وهو الحديث الآتي برقم (169)، وقال نقلًا عن أبي بكر البَاغَنْدِيّ:"أنكرته عليه أشدَّ الإِنكار وقلت: ليس من هذا شيء البتة. وكان أمر سليمان هذا شيئًا عجيبًا، اللَّه أعلم به. وقد رواه شيخ كذَّابٌ كان بعسكر مُكْرَم عن عيسى بن أحمد العَسْقَلاني عن بقيَّة، وأفحش في الجرأة على ذلك لأنَّه معروف أنَّ الخَبَائِري تفرَّد به، واللَّه أعلم".
أقول: (سليمان بن سَلَمَة الخَبَائِري) متروك، وكذَّبه عليّ بن الحسين بن الجُنَيْد. وستأتي ترجمته في الحديث الآتي رقم (169).
التخريج:
رواه البزَّار في "مسنده"(4/ 38) رقم (3138) -من كشف الأستار-، وابن عدي في "الكامل"(2/ 508) -في ترجمة (بقيَّة بن الوليد الحِمْصِي) -، و (3/ 1141) -في ترجمة (سليمان بن سَلَمَة الخَبَائِري) -، وعنه البيهقي في "شُعَب الإِيمان"(7/ 205) رقم (10006) -ط بيروت-، والقُضَاعي في "مسند الشِّهاب"(2/ 245) رقم (797)، والخطيب في "تاريخه"(2/ 155)، وابن الجَوْزي في "العلل"(2/ 381)، من طريق سليمان بن سَلَمَة الخَبَائِري الحِمْصِي أبو أيوب، عن بقيَّة بن الوليد، عن مالك بن أنس، عن الزُّهْرِيّ، عنه، به.
وقد صرَّح (بقيَّة) بالإِخبار عند ابن عدي في الموضع الأول، والخطيب. لكن لا قيمة لذلك لأنَّه من طريق (الخَبَائِريّ) التالف.
ولفظه عند البزَّار: "إنّ أفضل العِبَادة، انتظار الفرج من اللَّه".
ولفظ القُضَاعي: "أفضل العِبَادة انتظار الفرج".
ولفظ الخطيب: "العِبَادة انتظار الفرج من اللَّه".
قال البزَّار: "إنّما يُعْرَفُ عن غير مالك عن الزَّهْرِيّ، ولم يروه هكذا إلّا بقيَّة، ولعلَّه سمعه من غير ثقة عن مالك، فأسقط الضعيف".
وقال ابن عدي في الموضع الأول: "هذا حديث باطل عن مالك بهذا الإِسناد، لا يُرْوَى عن غير بقيَّة".
وقال في الموضع الثاني: "لا أعلم يرويه عن بقيَّة غير سليمان، وهو منكر من حديث مالك".
وقال ابن الجَوْزي: "هذا حديث لا يثبت". وأعلَّه بـ (سليمان الخَبَائِري)، وقال:"ثم قد اختلف عن (بقيَّة) فرواه نُعَيْم بن حمَّاد -وهو مجروحٌ أيضًا- عن بقيَّة، عن مالك، عن الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ولا يصحُّ هذا عن مالكٍ بوجهه".
وقال الإِمام الخَلِيلي في "الإِرشاد"(1/ 451 - 452): "حديث بقيَّة، عن مالك، عن الزُّهْرِيّ، عن أنس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "انتظار الفرج عِبَادة". لم يروه غير بقيَّة، وأسنده ابن سَلَمَة عنه. ورواه أبو حاتم، عن نُعَيْم بن حمَّاد، عن بقيَّة، عن مالك، عن الزُّهْرِيِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا، وهو أشبهه".
أقول: طريق أبي حاتم الرازي، عن نُعَيْم بن حمّاد، عن بقيَّة، عن مالك بن أنس، عن الزُّهْرِيّ مرسلًا، وبلفظ "انتظار الفرج من اللَّه عز وجل عبادة"، رواه
البيهقي في "شُعَب الإِيمان"(7/ 204) رقم (10005) -ط بيروت-، وقال:"هذا مرسل". وقال: "أسنده سليمان بن سَلَمَة الخَبَائِري، والأوَّل: بالإِرسال أَوْلَى".
والعجيب أنه في المطبوع قد جُعل متصلًا عن الزُّهْرِيّ عن أنس! ولم يتنبه محققه لذلك، مع قول البيهقي السابق عقبه:"هذا مرسل"!!.
وقال الهيثمي في "المجمع"(10/ 147): "رواه البزَّار، وفيه من لم أعرفه".
وقال الذَّهَبِيُّ في "الميزان"(2/ 210) في ترجمة (سليمان بن سَلَمَة: الخَبَائِري): "سمع منه البَاغَنْدِيّ حديثًا فأنكره عليه". ثم ساق هذا الحديث.
أقول: والحديث روي من حديث ابن عمر، وابن مسعود، وابن عبَّاس، وعليّ بن أبي طالب أيضًا، من طرق ضعيفة يغلب عليها الوهن الشديد، والتلف. انظر في ذلك:"سنن التِّرْمِذِيّ" في الدعوات، باب في انتظار الفرج وغير ذلك (5/ 575 - 566) رقم (3571)، و"المعجم الكبير"(10/ 124 - 125) رقم (10088)، و"مسند الشِّهاب"(1/ 62 - 63)، و"تخريج أحاديث الإِحياء" للعِرَاقي وقال:"كلُّها ضعيفة"، و"المقاصد الحسنة" ص 99، و"سلسلة الأحاديث الضعيفة"(4/ 72 - 75)، و"كشف الخفاء"(1/ 206 - 207).
* * *
169 -
أخبرني أبو القاسم الأَزْهَرِيّ -من أصل كتابه- قال: أنبأنا محمد بن المُظَفَّر قال: أنبأنا محمد بن محمد بن سليمان أبو بكر الوَاسِطي قال: حدَّثنا سليمان بن سَلَمَة الخَبَائِري قال: نبأنا بقيَّة بن الوليد قال: نبأنا مالك بن أنس الأَصْبَحِيّ المَدِينيّ قال: أخبرني ابن شِهَاب الزُّهْرِيّ،
عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "العِبَادَةُ انتظارُ الفَرَجِ مِنَ اللَّهِ".
(2/ 155) في ترجمة (محمد بن جعفر بن الحسن صاحب المصلَّى أبو الفرج).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا.
ففيه (سليمان بن سَلَمَة الخَبَائِري الحِمْصِي أبو أيوب) وقد ترجم له في:
1 -
"الضعفاء" للنَّسَائي ص 122 رقم (268) وقال: "ليس بشيء".
2 -
"الجرح والتعديل"(4/ 121 - 122) وفيه عن أبي حاتم: "متروك الحديث لا يُشْتَغَلُ به". وقال عليّ بن الحسين بن الجُنَيْد: "كان يكذب، ولا أُحَدِّثُ عنه بعد هذا".
3 -
"الكامل"(3/ 1140 - 1141) وقال: "ولسليمان بن سَلَمَة أحاديث صالحة غير ما ذكرته عن محمد بن حرب وبقيَّة وغيرهما، وله عن ابن حرب عن الزُّبَيْدِيِّ غير حديث أُنْكِرَتْ عليه".
4 -
"اللسان"(3/ 93 - 94).
التخريج:
تقدَّم تخريجه في الحديث السابق (168).
* * *
170 -
أخبرنا عليّ بن أبي عليّ قال: نبأنا محمد بن جعفر الصَّالِحِي قال: نبأنا أحمد بن محمد بن بشَّار بن أبي العَجُوز قال: نبأنا الحسن بن هارون بن عَقَّار قال: نبأنا جَرِير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عُمَيْر،
عن جابر بن سَمُرَة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا يُمْلِي مَصَاحِفَنَا إلَّا غِلْمَانُ بني هاشم".
(2/ 155) في ترجمة (محمد بن جعفر بن الحسن صاحب المصلَّى أبو الفرج).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا. والمحفوظُ وقْفُهُ على عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه مِنْ قوله.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن جعفر بن الحسن صاحب المصلَّى، أبو الفرج) وهو ضعيف جدًّا. وقد تقدمت ترجمته في حديث (168).
وقد وَهِمَ مع ضعفه الشديد في مَتْنِهِ أيضًا. قال الحافظ الخطيب عقب روايته له: "وقد وهم الصَّالِحِي أيضًا في مَتْنِ هذا الحديث. وصوابه عن ابن أبي العَجُوز [ما] أخبرنا أبو طاهر عبد الغفَّار بن محمد بن جعفر المؤدِّب قال: أنبأنا أبو الفتح محمد بن الحسين الأَزْدي قال: نبأنا أحمد بن محمد بن أبي العَجُوز -ببغداد، وما كتبناه إلَّا عنه- قال: نبأنا الحسن بن هارون -ابن أخي سَلَمَة بن عَقَّار- قال: نبأنا جَرِير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عُمَيْر، عن جابر بن سَمُرَة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يُمْلِيَنَّ مَصَاحِفَنَا إلَّا غِلْمَانُ قُرَيْشٍ، أو غِلْمَانُ ثَقِيفٍ". وهكذا رواه محمد بن المُظَفَّر، عن ابن أبي العَجُوز. وهذا الحديث تفرَّد برفعه ابن أبي العَجُوز، وهو محفوظٌ من قول عمر بن الخطَّاب".
وقال رحمه الله في "تاريخه"(7/ 449 - 450) في ترجمة (الحسن بن هارون بن عَقَّار
(1)
ابن أخي سَلَمَة بن عَقَّار (1)) بعد أَنْ ساق الحديث المتقدِّم من طريقه: "هكذا رواه الحسن بن هارون، عن جَرِير، عن عبد الملك بن عُمَيْر، عن جابر بن سَمُرَة مرفوعًا. ورواه سعيد بن منصور، عن جَرِيِر، عن عبد الملك، عن جابر بن سَمُرَة، عن عمر بن الخطَّاب قوله. وخالفه جَرِير بن حازم فرواه عن
(1)
صُحِّفَ في "التاريخ" إلى "عفان" بالفاء والنون. والتصويب من "المؤتلف والمختلف" للدَّارَقُطْنِيّ (3/ 1531 - 1532)، و"تاريخ بغداد"(2/ 155)، و"تصحيفات المحدِّثين" لأبي أحمد العَسْكَري (3/ 2/ 1065)، و"الثقات" لابن حِبَّان (8/ 174).
عبد الملك بن عُمَيْر، عن عبد اللَّه بن مَعْقِل، عن عمر بن الخطَّاب".
ثم ساق رحمه الله حديث سعيد بن منصور بإسناده، وأعقبه بسوق حديث جَرير بن حازم، عن عبد الملك بن عُمَيْر، عن عبد اللَّه بن مَعْقِل، عن عمر موقوفًا عليه
(1)
بإسناده كذلك.
وصاحب الترجمة (الحسن بن هارون ابن أخي سَلَمَة بن عَقَّار) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا. وترجم له ابن حِبَّان في "ثقاته"(8/ 174) وقال: "يروي عن أبي خالد الأحمر الغرائب". ولم أر من وثَّقه غيره.
وشيخ الخطيب (عليّ بن أبي عليّ) هو (عليّ بن المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخيّ أبو القاسم) وكان صدوقًا. وستأتي ترجمته في حديث (1115).
وباقي رجال الإسناد ثقات؛ إلّا أنَّ (عبد الملك بن عُمَيْر القُرَشي) قد تغيَّر حفظه كما في "التقريب"(1/ 521). وانظر: "التهذيب"(6/ 411 - 413).
التخريج:
عزاه في "كنز العُمَّال"(14/ 77) رقم (37983) إلى أبي نُعَيْم عن جابر بن سَمْرَة مرفوعًا بلفظ: "لا يُملي مصاحفنا إلَّا غِلْمانُ قُرَيْشٍ وغِلْمَانُ ثَقِيفٍ".
ولم أقف عليه في أطراف أحاديث كتابي أبي نُعَيْم: "الحِلْية" و"تاريخ أصبهان".
ورواه الإِمام أبو بكر عبد اللَّه بن أبي داود السِّجِسْتَانِيّ في كتابه "المصاحف"
(1)
حُرِّفَ في "التاريخ" المطبوع إلى: "عن عبد اللَّه بن معقل قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . ". والصواب ما أثبت إن شاء اللَّه. يدل عليه قول الخطيب نفسه قبل: "وخالفه جرير بن حازم فرواه عن عبد الملك بن عُمَيْر، عن عبد اللَّه بن مَعْقِل، عن عمر بن الخطَّاب. وثانيًا: إنَّ الخطيب يرويه عن الإِمام أبي بكر بن أبي داود من طريقه في كتابه "المصاحف" ص 17. وهو فيه على الصواب الذي أثبت.
ص 17 عن عبد اللَّه بن محمد الزُّهْرِيّ قال: حدَّثنا وهب بن جَرِير بن حازم قال: حدَّثنا أبي قال: سمعت عبد الملك بن عُمَيْر يحدِّث عن عبد اللَّه بن مَعْقِل قال: قال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: "لا يُمْلِيَنَّ في مَصَاحِفَنَا إلَّا غِلْمانُ قُرَيْشٍ وثَقِيفٍ".
ثم قال: "حدَّثَنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا سليمان قال: حدَّثنا جَرِيرٌ بهذا".
ثم رواه في ص 17 - 18 عن عبد اللَّه بن محمد بن خَلَّاد قال: حدَّثنا يزيد قال: أخبرنا شَيْبَان، عن عبد الملك بن عُمَيْر، عن جابر بن سَمُرَة قال: سمعت عمر بن الخطَّاب يقول: "لا يُمْلِيَنَّ في مَصَاحِفِنَا هذه إلّا غِلْمانُ قُرَيشٍ أو غِلْمَان ثَقِيفٍ".
* * *
171 -
أخبرنا أبو طاهر عبد الغفَّار بن محمد بن جعفر المؤدِّب قال: أنبأنا أبو الفتح محمد بن الحسين الأَزدِيّ قال: نبأنا أحمد بن محمد بن أبي العَجُوز -ببغداد، وما كتبناه إلَّا عنه- قال: نبأنا الحسن بن هارون -ابن أخي سَلَمَة بن عَقَّار- قال: نبأنا جَرِير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عُمَيْر،
عن جابر بن سَمُرَة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يُمْلِيَنَّ مَصَاحِفَنَا إلّا غِلْمَانُ قُرَيْشٍ، أو غِلْمَانُ ثَقِيفٍ".
(2/ 155 - 156) في ترجمة (محمد بن جعفر بن الحسن صاحب المصلَّى أبو الفرج).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. والمحفوظُ وَقْفُهُ على عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه من قوله.
ففيه (أبو الفتح محمد بن الحسين الأَزْدِيّ المَوْصِلي) وهو ضعيف. وستأتي ترجمته في حديث (282).
كما أنَّ فيه شيخ الخطيب (عبد الغفَّار بن محمد المؤدِّب المُكْتِب أبو طاهر) وهو ضعيف أيضًا. وقد سبقت ترجمته في حديث (84).
و (الحسن بن هارون بن عَقَّار) لم يوثِّقه غير ابن حِبَّان. وقد تقدَّمت ترجمته في الحديث السابق رقم (170).
وقد سبق في الحديث الذي قبله رقم (170) الكلام عليه وبيان أنَّ المحفوظ وقفه على عمر رضي الله عنه.
التخريج:
تقدَّم تخريجه في الحديث السابق برقم (170).
* * *
172 -
حدثنا عبد الغفَّار بن محمد -مِنْ حِفْظِهِ- قال: نبأنا أبي: أبو الطَّيِّب محمد بن جعفر المُكْتِب قال: نبأنا عبد اللَّه بن محمد البَغَوي قال: نبأنا طَالُوت بن عبَّاد قال: نبأنا فَضَّال بن جُبَيْر،
عن أبي أُمَامَة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"أَوَّلُ الآياتِ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا".
(2/ 156) في ترجمة (محمد بن جعفر بن زيد المُكْتِب أبو الطَّيِّب).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف. وقد صَحَّ من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
ففيه شيخ الخطيب (عبد الغفَّار بن محمد بن جعفر المُكْتِب) وهو ضعيف. وقد تقدَّمت ترجمته في حديث (84).
كما أنَّ فيه (فَضَّال بن جُبَيْر البَصْري الغُدَاني أبو المُهَنَّد) وقد ترجم له في:
1 -
"المجروحين"(2/ 204) وقال: "شيخ من أهل البَصْرة، كان يزعم أنّه
سمع أبا أُمَامَة، روى عنه البَصْريون، يروي عن أبي أُمَامة ما ليس من حديثه، لا يحلُّ الاحتجاج به بحال".
2 -
"الكامل"(6/ 2047) وقال: "ولفَضَّال بن جُبَيْر عن أبي أُمَامَة قَدْرَ عشرة أحاديث كلُّها غير محفوظة". وعَدَّ منها حديثه هذا.
3 -
"الميزان"(3/ 347 - 348) وقال: "وروى الكَتَّاني عن أبي حاتم الرَّازي قال: ضعيف الحديث".
أقول: وليس له ترجمة في "الجرح والتعديل" لابنه.
4 -
"اللسان"(4/ 434) وقال: "أخرج الحاكم في "مستدركهـ" حديثًا له في الشواهد".
كما أنَّ فيه صاحب الترجمة (أبو الطيب محمد بن جعفر المُكْتِب) لم يذكر الخطيب فيه جرحًا أو تعديلًا.
التخريج:
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(8/ 315) رقم (8022)، وابن حِبَّان في "المجروحين"(2/ 204)، وابن عدي في "الكامل"(6/ 2047) -كلاهما في ترجمة (فَضَّال بن جُبَيْر) - من طريق طَالُوت بن عبَّاد، عن فَضَّال بن جُبَيْر، عنه، به.
قال الهيثمي في "المجمع"(8/ 9): "رواه الطبراني في "الكبير"
(1)
وفيه فَضَّال
(2)
بن جُبَيْر وهو ضعيف، وأُنْكِرَ هذا الحديث".
وعزاه في "الجامع الكبير"(1/ 339) إلى البَغَوي وابن النَّجَّار أيضًا.
(1)
في "المجمع": رواه الطبراني في "الأوسط". وهو خطأ، اللَّه أعلم مصدره، ويؤكده أنَّ الهيثمي لم يذكره في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" -الصغير والأوسط-.
(2)
تَصَحَّفَ في المطبوع إلى: "فضالة". والتصويب من مصادر ترجمته المذكورة في مرتبة الحديث.
والحديث صحيح من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص. رواه عنه مسلم في الفتن، باب خروج الدَّجَّال ومكثه في الأرض. . . (4/ 2260) رقم (2941)، وأحمد في "المسند"(2/ 201)، وأبو داود في الملاحم، باب أمارات الساعة (4/ 490 - 491) رقم (4310)، وابن أبي شَيْبَة في "مصنَّفه"(14/ 124 - 125)، وابن ماجه في الفتن، باب طلوع الشمس من مغربها (2/ 1353) رقم (4069).
* * *
173 -
أخبرنا الحسن بن الحسين النِّعَالي قال: نبأنا محمد بن الخَضِر بن زكريا الدَّقَّاق قال: نبأنا أبو بكر أحمد بن محمد بن شَبِيب قال: نبأنا أبو عبد اللَّه محمد بن هشام المَرْوَرُّذِيّ قال: نبأنا محمد بن الحسن الهَمْدَاني، عن عَائِذ المُكْتِب، عن عطاء بن أبي رَبَاح،
عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ ماتَ في هذا الوَجْهِ مِنْ حَاجٍّ أو مُعْتَمِرٍ، لم يُعْرَضْ ولم يُحَاسَبْ، وقيل له: ادْخُلِ الجَنَّةَ".
(2/ 170) في ترجمة (محمد بن الحسن بن أبي زيد الهَمْدَاني المِعْشَارِيّ أبو الحسن).
مرتبة الحديث:
إسناده ضعيف جدًّا.
ففيه صاحب الترجمة (محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهَمْدَاني المِعْشَارِيّ أبو الحسن) وهو متروك. وكذَّبه ابن مَعِين في رواية، وأبو داود. وستأتي ترجمته في حديث (743).
كما أنَّ في إسناده (عائذ بن نُسَيْر المُكْتِب العِجْلِي) وقد ترجم له في:
1 -
"تاريخ ابن مَعِين"(2/ 291) وقال: "ليس به بأس، ولكنه روى أحاديث مناكير".
2 -
"تاريخ الدَّارِميّ عن ابن مَعِين" ص 168 رقم (602) وقال: "ضعيف".
3 -
"الضعفاء" للعُقَيْلي (3/ 410) وقال: "منكر الحديث".
4 -
"المجروحين"(2/ 194) وقال: "كثير الخطأ على قِلَّتِهِ، بطل الاحتجاج بما انفرد لمّا غلب على صحيح حديثه الخطأ".
5 -
"الكامل"
(1)
(5/ 1992 - 1993) وسرد بعض مناكيره.
6 -
"اللسان"(1)(3/ 226).
كما أنَّ في إسناده أيضًا شيخ الخطيب (الحسن بن الحسين بن العبَّاس النِّعَالي)، وقد سَمَّعَ لِنَفْسِهِ ما لم يَسْمَعْ. وستأتي ترجمته في حديث (1346).
التخريج:
رواه أبو يَعْلَى في "مسنده"(8/ 79) رقم (4608)، وأبو نُعَيْم في "الحِلْيَة"(8/ 215 - 216)، والبيهقي في "شُعَبِ الإِيمان"(8/ 43 - 44 و 45) رقم (3803 و 3804)، والعُقَيْلي في "الضعفاء الكبير"(3/ 410)، وابن حِبَّان في "المجروحين"(2/ 194)، وابن عدي في "الكامل"(5/ 1992) -في ترجمة (عائذ بن نُسَيْر) - من طرق، عن عَائِذ، عن عطاء، عنها، به.
ورواية العُقَيْلي، وابن عدي، وأبي نُعَيْم، والبيهقي الثانية، فيها بعض اختصار، وأوَّلُ الحديث عندهم:"من مات في طريق مَكَّة".
ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط" -كما في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين"(3/ 187) رقم (1653) -، من طريق محمد بن صالح العَدَوي، عن
(1)
تَصَحَّفَ فيه "نُسَيْر" إلى "بشير". والتصويب من "الإِكمال" لابن مَاكُولا (1/ 302)، و"تبصير المنتبه" لابن حَجَر (1/ 92).
حسين بن عليّ الجُعْفِي، عن جعفر بن بُرْقَان، عن الزُّهْرِيّ، عن عُرْوَة، عن عائشة مرفوعًا به. وأوَّله عنده:"من خرج في هذا الوجه لحجٍّ أو عمرة فمات. . . ".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/ 208): "رواه أبو يَعْلَى والطبراني في "الأوسط"، وفي إسناد الطبراني محمد بن صالح العَدَوي ولم أجد من ذكره، وبقيَّة رجاله رجال الصحيح، وإسناد أبي يَعْلَى فيه عائِذ بن نُسَيْر
(1)
، وهو ضعيف".
ورواه البيهقي في "شُعَب الإِيمان"(8/ 42 - 43) رقم (3802)، والخطيب في "تاريخه"(5/ 369)، من طريق محمد بن صَبِيح بن السَّمَّاك، عن عَائِذ العِجْلي، عن محمد بن عبد اللَّه البَصْري، عن عطاء، عنها، به. بَيْدَ أنَّ الخطيب لم يسق لفظه.
أقول: في إسناده إلى جانب (عَائِذ): (محمد بن عبد اللَّه بن زياد البَصْري الأنصاري أبو سَلَمَة) وقد كُذِّب. وستأتي ترجمته في حديث (519).
ورواه البيهقي في "شُعَب الإِيمان"(8/ 44) مُرْسَلًا، من طريق حسين الجُعْفي، عن سفيان بن عُيَيْنَة، عن رجل، عن عطاء، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مثله.
ورواه العُقَيْلي في "الضعفاء"(3/ 410) -في ترجمة (عائذ بن نُسَيْر) - مُرْسَلًا، من طريق مَنْدَل، عن عَائِذ، عن محمد البَصْري، عن عطاء قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من مات في هذا الوجه ذاهبٌ أو جائي، بعثه اللَّه فلم يحاسبه وأدخله الجنَّة".
قال العُقَيْلي: "هذا أولى". يعني الرواية المُرْسَلَة.
(1)
تَصَحَّفَ فيه "نُسَيْر" إلى "بشير"، والتصويب من "الإكمال" لابن مَاكُولا (1/ 302)، و"تبصير المنتبه" لابن حَجَر (1/ 92).
وللحديث شاهد من حديث جابر بن عبد اللَّه مرفوعًا بلفظ: "من مات في طريق مكَّة لم يعرضه اللَّه عز وجل يوم القيامة ولم يحاسبه". رواه ابن عدي في "الكامل"(1/ 336) -في ترجمة (إسحاق بن بِشْر الكَاهِلي) - من طريقه، وقال عنه:"هو في عِدَادِ من يضع الحديث". وستأتي ترجمته في حديث (949).
وعن ابن عدي من طريقه، رواه ابن الجَوْزي في "الموضوعات"(2/ 217 - 218)، وقال:"هذا حديث لا يصحُّ، والمُتَّهَمُ به إسحاق بن بِشْر. . . وقد روى هذا الحديث عائذ بن نُسَيْر، عن عطاء، عن عائشة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم"
(1)
. ثم ذكر بعض أقوال الأئمة السابقة في (عَائِذ).
وتَعَقَّبَ السُّيُوطيُّ في "اللآلئ"(2/ 128 - 129) ابنَ الجَوْزِيِّ في حُكْمِهِ عليه بالوضع، ولخَّص تعقيبه ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة"(2/ 172 - 173)، وملخصه: أنَّ (عائذًا) لم يُتَّهَمْ، وهو ضعيف، بل إنَّ ابن مَعِين قال فيه:"ليس به بأس". وأنَّ له شاهدًا من حديث جابر أخرجه الحارث في "مسنده" إلّا أنَّ فيه داود بن المُحَبَّر
(2)
، وله شاهد آخر من حديث ابن عمر أخرجه أبو عبد اللَّه بن مَنْدَه في "تاريخ أصبهان" لكن فيه عليّ بن قَرِين وهو مُتَّهَمٌ. وأنَّ الطبراني رواه في "الأوسط" من طريق جعفر بن بُرْقَان، عن الزُّهْرِيّ، عن عروة، عن عائشة، وقال الطبراني:"لم يروه عن الزُّهْرِيّ إلّا جعفر، تفرَّد به حسين بن عليّ الجُعْفِي". أقول: لم يتكلَّم ابن عَرَّاق عن طريق الطبراني هذا، ولم أقف على ذكر هذا الطريق في كلام السيوطي في تعقبه في "اللآلئ" المطبوع. وعلى كلِّ فإنَّ فيه (محمد بن صالح العَدَوي) قال الهيثمي فيما تقدَّم عنه:"لم أجد من ذكره". أقول: وفي إسناده أيضًا: (جعفر بن بُرْقَان الكِلَابي الرَّقِّي) وهو صدوق يهم في حديث
(1)
وقع تصحيف وتحريف كثير في المطبوع، قوّمته مما سبق.
(2)
وهو متروك، وكذَّبه ابن مَعِين وصالح جَزَرَة وابن حِبَّان. وستأتي ترجمته في حديث (1264).
الزُّهْرِيّ كما قال ابن حَجَر في "التقريب"(1/ 129). وستأتي ترجمته في الحديث التالي برقم (174).
وقد ذكره المنذري في "الترغيب"(2/ 179) عن جابر مرفوعًا، وعزاه للأصبهاني، بصيغة التضعيف.
كما ذكره الدَّيْلَمِيُّ في "الفردوس"(3/ 504) رقم (5560) عن جابرٍ أيضًا.
بعون اللَّه، تمَّ المجلد الأول