الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأثناء على شواطىء كريت في انتظار النجدة تأتيه من الغرب. غير أن هذه النجدة لم تصل في حينها.
آ - معركة ليبانتي:
عند ذلك هب البابا وأعوانه لتدارك هذا الموقف بكل الوسائل الروحية والمادية. فأمر قداسته بقرع الأجراس والنواقيس، كل يوم ظهرا، لاجتماع الأتقياء في الكنائس والتضرع إليه تعالى أن ينقذ أوروبا من خطر المسلمين. وأرسل البابا سفراءه إلى كل مكان للتحريض على الحرب. وكللت نتيجة مساعيه بالنجاح، فتم عقد محالفة ثلاثية بين البندقية (فينيسيا) وإسبانيا والبابا سنة 1571 م. بهدف تدمير القدرة البحرية الإسلامية التي باتت تهدد البندقية بصورة خاصة والتي كانت تحتل كور فو وكريت (بالإضافة إلى قبرص التي تم انتزاعها منها). كما اندفعت إسبانيا إلى هذا الحلف على أمل التخلص من تهديد الأسطول الجزائري. واندفعت شعوب البلدان الكاثوليكية المتحالفة لدعم الجهد الحربي. وتطوع الأشراف والأمراء من كل أصقاع أوروبا حتى لم تبق أسرة من أشراف أوروبا ونبلائها إلا ولها من يمثلها في تلك الحملة الصليبية.
أرسل ملك إسبانيا (فيليب الثاني) أسطولا من (22) بارجة و (8) آلاف جندي وبحار بقيادة الأميرال (جان أوستريا). وأرسلت (جنوا) أسطولا بقيادة الأميرال (دوريا) كما أرسلت صقليا ونابولي أسطولا بقيادة الأميرال المركيز (سانت كروز)، وأرسل البابا بدوره أسطوله بقيادة أميراله (أنطونيو كولونيا). وأرسلت فينيسيا أكبر أسطول بقيادة الأميرال (بروفيدينور بربريجو). واجتمعت الأساطيل المتحالفة في مرفأ مسينا في شهر أيلول (سبتمبر)1571. وأسندت
معركة ليبانتي الكبرى
قيادة هذا الأسطول الموحد إلى ملك النمسا (دون جوان) حيث بلغ عدد بوارج هذا الأسطول (200) بارجة.
وكان الأسطول العثماني لا يقل في عدده عن الأسطول المتحالف، غير أن الأسطول الصليبي كان متفوقا في مدفعيته. وقد زادت قوته عندما انصم إليه أسطول الجزائر الذي كان يضم (40) قطعة حربية بقيادة أمير البحر الجزائري. فتوجه هذا الأسطول الإسلامي بمجموعة من الإغارات على سواحل كريت والجزر الإبونية. ودخل خليج (لبانتي - أوناوباقتوس القديمة) يوم 7 تشرين الأول - أكتوبر -. وتحرك الأسطول الصليبي. فمر بمضيق أتيكا وسينالونيا ورأس ماراتيا، حتى التقى بالأسطول العثماني في مياه (ليبنتو) الواقعة على الشط الشمالي من بر اليونان المحاذي لخليج (كورينث). كان من رأي قادة الأسطول الإسلامي الإفادة من تحصين الخليج وعدم الاشتباك بالأسطول الصليبي غير أن القائد العام (الأميرال علي باشا) صمم على الخروج للمعركة معتمدا على تفوقه (حيث كان عدد بوارجه 234 بارجة). ونظم (الأميرال علي باشا) قواته، فوضع بوارجه على نسق واحد - صف - من الشمال إلى الجنوب - بحيث كانت ميمنتها تستند إلى مرفأ ليبنتو، وميسرتها في عرض البحر. وقد قسمها الأميرال علي باشا إلى جناحين وقلب، فكان هو في القلب، وسيروكو في الجناح الأيمن وبقي الجناح الأيسر بقيادة أمير البحر الجزائري (علوش باشا).
ومقابل ذلك نظم الأميرال (دون جوان) قواته، فوضع بوارجه على صف (نسق) يقابل النسق الإسلامي. ووضع جناحه الأيمن بقيادة الأميرال دوريا في مقابل (علوش باشا). وأسند قيادة جناحه الأيسر إلى (بربريجو) وأسندت قيادة القلب إلى الأميرال القائد العام
(دون جوان) وترك أسطولا احتياطيا بقيادة الأميرال (سانت كروز). وما أن بدأت المعركة حتى أحاطت بوارج (سيروكو) العثماني بالجناح الأيسر للأسطول الصليبي. وأوغلت السفن الإسلامية بين بوارج الأسطول الصليبي. ودارت معركة قاسية أظهر فيها الطرفان عنادا كبيرا، غير أن المعركة انتهت بتدمير القسم الأكبر من الأسطول الإسلامي. وخسر المسلمون (20) ألف مقاتل في حين لم تتجاوز خسائر الصليبيين (8) ألاف قتيل. ودمر القسم الأكبر من الأسطول الإسلامي ونجح أمير البحر الجزائري (علوش باشا) في إنقاذ الجناح الأيسر وسفنه الأربعين، وعاد بها إلى الجزائر. غير أن (دون جوان) لم يستثمر هذا النصر، بل إنه لم يهاجم (ليبابني) ذاتها. على الرغم من أن السكان النصارى، في الداخل، كانوا يترقبون ذلك للانقضاض على العثمانيين. وأخيرا انسحب الأحلاف، حتى إذا كانت السنة التالية، صار في مقدور السلطان أن يوجه إلى المعركة أسطولا يكاد يضاهي أسطولهم منعة وقوة. وهكذا فت في عضد البنادقة الذين ظلوا مرابطين في دلماسبا دون أن يحسنوا مركزهم أو يعززوا قواهم، وزايلتهم الرغبة في مواصلة الصراع والنضال، فعقدوا مع العثمانيين معاهدة تنازلوا بموجبها عن قبرص (في آذار - مارس - 1573) وأفادت البحرية الإسلامية من تجربة (ليبانتي) فتم تطوير مدفعية الأسطول، حتى أصحت منافسة في عددها وقوتها للأساطيل المعادية (1).
(1) جاء في حرب الثلاثمائة سنة. أحمد توفيق المدني ص 398 - 399 ما يلي: (كان الأسطول الصليبي يضم 300 سفينة يقابلها 250 سفينة لدى الأسطول الإسلامي وكانت قوة الصليبيين (80) ألف مقاتل. ووقعت المعركة يوم 17 جادي الأول 979 هـ وانتهت بغرق 94 سفينة من سفن الأسطول الإسلامي وأخذ المسيحيون 130 سفينة عليها نحو (300) مدفع و (30) ألف أسير واستشهد في المعركة علي باشا قائد الأسطول =