المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌فاتحة:

- ‌المبحث الأول

- ‌المعجزة

- ‌الجدل والتحدي وآيات المعاجزة

- ‌وجوه الإعجاز والبيان القرآني

- ‌البلاغيون والإعجاز البياني

- ‌المبحث الثاني

- ‌فواتح السُّوَر وسِرُّ الحرف

- ‌دلالات الألفاظ وسر الكلمة

- ‌الأساليبُ وسرُّ التعبير

- ‌مسائل نافع بنِ الأزرق

- ‌اللهمَّ يسَّرْ وأَعِنْ

- ‌1 - {عِزِينَ}

- ‌2 - {الْوَسِيلَةَ} :

- ‌3 - {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}

- ‌4 - {وَيَنْعِهِ}

- ‌5 - {رِيشًا} :

- ‌6 - {كَبَدٍ}

- ‌7 - {سَنَا} :

- ‌8 - {حَفَدَةً} :

- ‌9 - {حَنَانًا}

- ‌10 - {يَيْأَسِ}

- ‌11 - {مَثْبُورًا}

- ‌12 - {فَأَجَاءَهَا}

- ‌13 - {نَدِيًّا}

- ‌15 - {قَاعًا صَفْصَفًا}

- ‌16 - {تَضْحَى}

- ‌18 - {وَلَا تَنِيَا}

- ‌19 - {الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}

- ‌20 - {مَشِيدٍ}

- ‌21 - {شُوَاظٌ}

- ‌23 - {يُؤَيِّدُ}

- ‌24 - {نُحَاسٌ}

- ‌25 - {أَمْشَاجٍ}

- ‌26 - {فُومِهَا}

- ‌27 - {سَامِدُونَ}

- ‌28 - {غَوْلٌ}

- ‌29 - {اتَّسَقَ}

- ‌30 - {خَالِدُونَ} :

- ‌31 - {الْجَوَابِى}

- ‌32 - {فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}

- ‌33 - {لَازِبٍ}

- ‌34 - {أَنْدَادًا}

- ‌35 - {شَوْبًا}

- ‌37 - {حَمَإٍ مَسْنُونٍ}

- ‌39 - {مَاءً غَدَقًا} :

- ‌40 - {بِشِهَابٍ قَبَسٍ} :

- ‌41 - {أَلِيمٌ} :

- ‌42 - {قَفَّيْنَا} :

- ‌43 - {تَرَدَّى}

- ‌44 - {نَهَرٍ}

- ‌45 - {الْأَنَامِ}

- ‌46 - {يَحُورَ} :

- ‌47 - {أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}

- ‌48 - {مُلِيمٌ}

- ‌49 - {تَحُسُّونَهُمْ}

- ‌50 - {أَلْفَيْنَا}

- ‌51 - {جَنَفًا}

- ‌52 - {الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ}

- ‌53 - {رَمْزًا}

- ‌54 - {فَازَ}

- ‌55 - {سَوَاءٍ}

- ‌59 - {الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}

- ‌57 - {زَنِيمٍ}

- ‌59 - {الْفَلَقِ}

- ‌60 - {خَلَاقٍ}

- ‌61 - {قَانِتُونَ}

- ‌61 - {جَدُّ رَبِّنَا}

- ‌64 - {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ}

- ‌65 - {أَكْدَى}

- ‌66 - {وَزَرَ}

- ‌67 - {نَحْبَهُ}

- ‌69 - {الْمُعْصِرَاتِ}

- ‌70 - {عَضُدَ}

- ‌72 - {لِكَيْلَا تَأْسَوْا}

- ‌73 - {يَصْدِفُونَ}

- ‌74 - {تُبْسَلَ}

- ‌75 - {أَفَلَتْ}

- ‌76 - {الصَّرِيمِ}

- ‌77 - {تَفْتَأُ}

- ‌78 - {إِمْلَاقٍ}

- ‌79 - {حَدَائِقَ}

- ‌80 - {مُقِيتًا}

- ‌81 - {لَا يَئُودُهُ}

- ‌82 - {سَرِيًّا}

- ‌83 - {دِهَاقًا}

- ‌84 - {كَنُودٌ}

- ‌85 - {يُنْغِضُونَ}

- ‌87 - {الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ}

- ‌88 - {تَتْبِيبٍ}

- ‌90 - {عَصِيبٌ}

- ‌91 - {مُؤْصَدَةٌ}

- ‌92 - {يَسْأَمُونَ}

- ‌93 - {أَبَابِيلَ}

- ‌94 - {ثَقِفْتُمُوهُمْ}

- ‌95 - {نَقْعًا}

- ‌97 - {مَخْضُودٍ}

- ‌98 - {هَضِيمٌ}

- ‌99 - {سَدِيدًا}

- ‌100 - {الإِلّ}

- ‌102 - {زُبَرَ الْحَدِيدِ}

- ‌103 - {سُحْقًا}

- ‌104 - {غُرُورٍ}

- ‌105 - {حَصُورًا}

- ‌106 - {عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}

- ‌107 - {يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}

- ‌108 - {إِيَابَهُمْ}

- ‌109 - {حُوبًا}

- ‌111 - {فَتِيلًا}

- ‌12 - {قِطْمِيرٍ}

- ‌113 - {أَرْكَسَهُمْ}

- ‌114 - {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}

- ‌115 - {يَفْتِنَكُمُ}

- ‌116 - {لَمْ يَغْنَوْا}

- ‌118 - {نَقِيرًا}

- ‌119 - {فَارِضٌ}

- ‌120 - {الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ} من {الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}

- ‌121 - {شَرَوْا}

- ‌122 - {حُسْبَانًا}

- ‌123 - {عَنَتِ}

- ‌124 - {ضَنْكًا}

- ‌125 - {فَجٍّ}

- ‌126 - {الْحُبُكِ}

- ‌127 - {حَرَضًا}

- ‌128 - {يَدُعُّ}

- ‌129 - {مُنْفَطِرٌ}

- ‌130 - {يُوزَعُونَ}

- ‌131 - {خَبَتْ}

- ‌132 - {الْمُهْلِ}

- ‌133 - {وَبِيل}

- ‌134 - {نَقَّبُوا}

- ‌135 - {هَمْسًا}

- ‌136 - {مُقْمَحُونَ}

- ‌137 - {مَرِيجٍ}

- ‌138 - {حَتْمًا مَقْضِيًّا}

- ‌139 - {أَكْوَابٍ}

- ‌140 - {يُنْزَفُونَ}

- ‌141 - {كَانَ غَرَامًا} :

- ‌142 - {التَّرَائِبِ}

- ‌143 - {بُورًا}

- ‌145 - {أَلَدُّ الْخِصَامِ}

- ‌146 - {حَنِيذٍ}

- ‌147 - {الْأَجْدَاثِ}

- ‌148 - {هَلُوعًا}

- ‌149 - {لَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}

- ‌150 - {دُسُرٍ}

- ‌151 - {رِكْزًا}

- ‌152 - {بَاسِرَةٌ}

- ‌153 - {ضِيزَى}

- ‌154 - {لَمْ يَتَسَنَّهْ}

- ‌155 - {خَتَّارٍ}

- ‌156 - {الْقِطْرِ}

- ‌157 - {خَمْطٍ}

- ‌158 - {اشْمَأَزَّتْ} :

- ‌159 - {جُدَدٌ}

- ‌160 - {أَغْنَى، وَأَقْنَى}

- ‌161 - {لَا يَلِتْكُمْ}

- ‌162 - {أَبًّا}

- ‌163 - {السِرًّ}

- ‌164 - {تُسِيمُونَ}

- ‌165 - {لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}

- ‌166 - {مَتْرَبَةٍ}

- ‌167 - {مُهْطِعِينَ}

- ‌168 - {سَمِيًّا}

- ‌169 - (يُصْهَرُ)

- ‌170 - (لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ)

- ‌171 - (كُلَّ بَنَانٍ) :

- ‌172 - (إِعْصَارٌ)

- ‌173 - (مُرَاغَمًا) :

- ‌174 - (صَلْد) :

- ‌175 - (مَمْنُون) :

- ‌176 - (جَابُوا) :

- ‌177 - (جَمًّا) :

- ‌178 - (غَاسِقٍ) :

- ‌179 - (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) :

- ‌180 - (يَعْمَهُونَ) :

- ‌181 - (إِلَى بَارِئِكُمْ) :

- ‌182 - (رَيْبٍ) :

- ‌183 - (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ)

- ‌184 - (صَفْوَان) :

- ‌185 - (صِرٌّ) :

- ‌186 - (تُبَوِّئُ) :

- ‌187 (رِبِّيُّونَ) :

- ‌188 - (مَخْمَصَةٌ) :

- ‌189 - (يقترف) :

- ‌خاتمة

الفصل: ‌اللهم يسر وأعن

بسم الله الرحمن الرحيم

‌اللهمَّ يسَّرْ وأَعِنْ

في الطبعة الأولى من كتابي هذا، قدمت محاولة تطبيقية في دراسة قرآنية بيانية لمسائل نافع بن الأزرق لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما، في نحو مائتى كلمة من غريب القرآن مع شاهد من كلام العرب لتفسير كل مسألة.

المسائل معروفة لعلماء اللغة والشعر والقرآن، على خلاف بينهم في طرقهم إليها وأسانيدهم، وفي مساقها وعددها، وربما اختلفوا كذلك في المروي عن ابن عباس في تفسير بعضها وشواهده عليها.

ذكرها "المبرد - 285 هـ" جملة في خبر الخوارج من كتابه (الكامل) في سياق الكلام عن نافع بن الأزرق، أبي راشد الذهلي رأس الأزارقة (65 هـ) وما كان من حرصه على طلب العلم وتحريه فبه وغيرته عليه قبل أن يبتلى في الفتنة. وروى المبرد ثلاث مسائل منها، مما حدث به أبو عبيدة معملا بن لامثنى (110 - 210 هـ) عن أسامة بن زيد - الليثي مولاهم، 153 هـ - عن عكرمة ابن عباس (105 هـ) ومعها بضع مسائل دون العشر، "مما حدث به أبو عبيدة وغيره. . . " وعقب المبرد عليها بهذا الخبر:

"ويروى عن أبي عبيدة من غير وجه، أن ابن الأزرق أتى ابنَ عباس فجعل يسائله حتى أمَلَّه، جعل ابن عباس يظهر الضجر. وطلع "عمر بن أبي ربيعة" على ابن عباس وعمر يؤمئذ غلام، فسلم وجلس، فقال له لبن عباس: ألا تنشدنا شيئاً من شعرك، فأنشده:

أَمِن آلِ نُعْمٍ أنت غادٍ فمُبْكِرُ. . . غداةَ غدٍ أم رائح فمُهَجَّرُ

ص: 289

- ونقل المبرد أربعة عشر بيتاً من أول القصيدة إلى قوله: "رأت رجلاً * البيت - حتى أتمها عمر وهي ثمانون بيتاً. فقال ابن الأزرق: لله أنت يا ابن عباس، أنضرب إليك نسألك في الدين فتعرض، ويأتيك غلام من قريش فينشدك سفهاً فتسمعه؟ فقال: تا لله ما سمعت سفهاً. فقال ابن الأزرق: أما أنشدك:

رأتْ رجلا أما إذا الشمسُ عارضتْ. . . فيضحى، وأما بالعشىَّ فيخسر

فقال: ما هكذا قال، وإنما قال: * فيضحى وأما بالعشى فيخصَرَْ *

وبعد أن علق "المبرد" على البيت وشرحه، استأنس له بقوله تعالى:{وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} واتجهت عنايته إلى شرح الغريب والاستئهاد له. وسياق المسائل في كتابه، يأخذ صفة الأمالى الأدبية اللغوية، لا الدراسة القرآنية.

وسيأتي انفراد المبرد بهذا الخبر عن عمر ورائيته دون سائر الرواة لمسائل ابن الأزرق فيما وصل إلينا.

* * *

وأخرجها "أبو بكر ابن الأنباري" - ت 328 هـ - في مقدمات كتابه الجليل (إيضاح الوقف والابتداء من كتاب الله عز وجل) سماعاً من شيخه بشر بن أنس، قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال: حدثنا أبو صالح هدية بن مجاهد، قال: أخبرنا محمد بن شجاع قال: أخبرنا محمد بن زياد البشكرى - الميمونى - عن ميمون بن مهران قال:

"دخل نافع بن الأزرق إلى المسجد الحرام فإذا هو بابن عباس جالساً على حوض من حياض السقاية قد دلّضى رجليه في إناء، وإذا الناس قيام عليه يسألونه عن التفسير فإذا هو لا يحبسهم تفسيرَه. فقال نافع: تا للهِ ما رأيت رجلا أجرأ على ما تأتي به منك يا ابن عباس! فقال له ابن عباس: ثكلتْك أمُّك، أوَ لا أدلُّكَ على

ص: 290

من هو أجرأ مني؟ قال: ومن هو؟ قال: رجل تكلم بغير علم أو كتم علماً عنده. فقال نافع: يا ابن عباس، إني أريد أن أسألك عن أشياء فأخبرني بها: قال: سلْ ما شئت. قال: أخبرني عن قوله تعالى {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} قال: الخيط الأبيض ضوء النهار، والخيط الأسود سواد الليل. قال: فهل كانت العرب تعرف ذلك من قبل أن ينزل القرآن؟ قال نعم، قال أمية بن أبي الصلت:

الخيط الآبيض ضوءُ الصبح منبلج. . . والخيط الأسود لونُ الليل مكموم

وعلى هذا النسق مضى ابن الأنباري في رواية المسائل وعددها عنده، من طريق محمد بن زياد اليشكري الميموني عن ميمون بن مهران الرقَى الحافظ، خمسون مسألة. معها جملة غيرها مما سئل عنه علماء السلف في غريب القرآن فاستشهدوا لتفسيره بأبيات من الشعر احتجاجاً من ابن الأنباري للشعر وتفسير القرآن به قال:"وهذا كثير من الصحابة والتابعين، إلا أنا نجتزئ بما ذكرنا كراهية لتطويل الكتاب. وإنما دعانا إلى ذكر هذا أن جماعة لا علم لهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا معرفة لهم بلغة العرب، أنكروا على النحويين احتجاجهم على القرآن بالشعر.." وأورد أقوالهم، ورد عليها محتجاً في الرد بنصوص من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وعملهم، رضي الله عنهم.

* * *

وأخرجها "الطبراني"(260 - 360 هـ) في معجمه الكبير في سياق مناقب ابن عباس، رضي الله عنهما، وما روى من سعة علمه وفضله. تقدمةً لما في المعجم الكبير من حديث ابن عباس رضى عنهما. ومساقها عند الطبراني بهذا الإسناد:

ص: 291

حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي، ثنا أبو عبد الرحمن الحراني - وهو عثمان بن عبد الرحمن - ثنا عبيد الله موسى ابنا يزيد الحرانيان، قالا: ثنا جويبر عن الضحاك بن مزاحم الهلالي قال: "خرج نافع بن الأزرق ونجدة بن عويمر - الحرورى، قتل سنة 69 هـ في نفر من رءوس الخوارج (ينقرون) عن العلم ويطلبونه حتى قدموا مكة، فأذ هم بعبد الله بن عباس قاعداً قريباً من زمزم وعليه رداء له أحمر وقميص، وإذا ناس قيام يسألونه عن التفسير يقولون: يا ابن عباس ما تقول في كذا وكذا؟ فيقول: هو كذا وكذا. فقال له نافع بن الأزرق: ما أجرأك يا ابن عباس على ما (تخير به) منذ اليوم! فقال له ابن عباس: ثكلتك أمك يا نافع، وعَدمَتْك، ألا أخبرك من هو أجرأ مني؟ قال: من هو يا ابن عباس؟ قال: رجل تكلم بما ليس (له) به علم، ورجل كتم علماً عنده. قال: صدقت با ابن عباس، أتيتك لأسالك. وقال: هات يا اين الأزرق، فسلْ.."

وساق المسائل والجواب عنها والشواهد عليها، وعددها عنده - من طريق "جويبر - بن سعيد الأزدي، أبي القاسم البلخي"، توفى بعد سنة 140 هـ - عن "الضحاك - بن مزاحم الهلااي، مولاهم، أبي القاسم الخراساني" التابعي المفسر (105 هـ) - إحدى وثلاثون مسألة.

وكذلك موضعها وعددها في زوائد الطبراني بمجمع الزوائد للحافظ نور الدين الهيثمي (807 هـ) : في كتاب المناقب، مناقب ابن عباس: باب جامع فيما جاء في علمه وما سئل عنه وفي كتاب التفسير: باب كيف يفسر القرآن.

وذكرها "البدر الزركشي" - 794 هـ - مجملة في كتابه (البرهان في علوم القرآن) : النوع الثامن عشر، معرفة غريبه. ومساقها عنده، أن معرفة هذا الفن للمفسر ضروري، وإلا فلا يحل له الإقدام على كتاب الله تعالى. ونقل أقوالاً في

ص: 292

ذلك، عن الإمام مالك ومجاهد وابن عباس، ثم قال:

"ومسائل نافع له عن مواضع من القرآن، واستشهاد ابن عباس في كل جواب ببيت، ذكرها الأنباري في كتاب (الوقف والابتداء) بإسناده، وقلا: "فيه دلالة على بطلان قول من أنكر على النحويين احتجاجهم على القرآن بالشعر وأنهم جعلوا الشعر أصلاً للقرآن، وليس كذلك.."

ونقل احتجاج ابن الأنباري للشعر وتفسير القرآن الكريم به، وبعده:"وهذا الباب عظيم الخطر، ومن هنا تهيب كثير من السلف تفسير القرآن وتركوا القول فيد حذراً أن يزلوا فيذهبوا عن المراد، وإن كانوا علماء باللسان فقهاء في الدين. وكان الأصمعي، وهو إمام اللغة، لا يفسر شيئاً من غريب القرآن، وحكى عنه أنه سئل عن قوله تعالى: {شَغَفَهَا حُبًّا} فسكت وقال: هذا في القرآن، ثم ذكر قولاً لبعض العرب في جارية لقوم أرادوا بيعها: أتبيعونها وهي لكم شغاف؟ ولم يزد على هذا. ولهذا حث النبي صلى الله عليه وسلم على تعلم إعراب القرآن وطلبِ معاني العربية"

وذكر تحرج أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما من تفسير كلمة الأبّ في قوله تعالى:{وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} قال: "وما ذاك بجهلٍ منهما معنى الأب، وإنما يحتمل والله أعلم، أن يكون من الألفاظ المشتركة في لغتهما أو في لغات فخشيا إن فسراه بمعنى من معانيه أن يكون المراد غيره. ولهذا اختلف المفسرون في معنى الأبَّ على سبعة أقوال. . . " وذكرها.

ولم ينقل الزركشي في هذا السياق مسائل مما في كتاب (الوقف والابتداء) وإن أورد عدداً منها في المسرد الخاص بغريب القرآن.

* * *

"الجلال السيوطي - 911 هـ - هو الذي جاء بأكبر مجموعة منها في كتابه

ص: 293

(الإتقان في علوم القرآن) . ذكرها أولاً في معرفة غريب القرآن، ثم أفرد لها فصلاًَ منه استهله بقوله:

"قال أبو يكر ابن الأنباري: قد جاء عن الصحابة والتابعين كثير من الاحتجاج على غريب القرآن ومشكله بالشعر. وأنكر جماعة لا علم لهم، على النحويين ذلك وقالوا: إذا فعلتم ذلك جعلتم الشعر أصلاً للقرآن. قالوا: وكيف يحوز أن يحتج بالشعر على القرآن، وهو مذموم في القرآن والحديث؟ قال: وليس الأمر كما زعموه من أنا جعلنا الشعر أصلاً للقرآن بل أردنا تبين الحرف الغريب من القرآن بالشعر، لأن الله تعالى قال: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} وقال: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} وقال ابن عباس: الشعر ديوان العرب. فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب، رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا معرفة ذلك منه. ثم أخرج - أبو بكر - من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر. . . "

قال السيوطي: "وأوعب ما رويناه عنه (مسائل نافع بن الأزرق) وقد أخرج بعضها ابن الأنباري في (كتاب الوقف) والطبراني في (معجمه الكبير) وقد رأيت أن أسوقها هنا بتمامها لتستفاد: أخبرني ابن هبة الله محمد بن علي الصالحي بقراءتى عليه، عن أبي إسحاق التنوخي، عن القاسم بن عساكر: أنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي أنا أبو المظفر محمد بن أسعد العراقي، أنا أبو علي محمد بن سعيد ابن نبهان الكاتب، أنا أبو علي بن شاذان:

حدثنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم المعروف بابن الطستي، حدثنا أبو سهل السري الجنديسابورى، حدثنا يحيى ابن أبي عبيدة (بحر بن فروخ السلمى) أنا سعيد بن أبي سعيد، أنا عيسى بن دأب عن حميد الأعرج وعبد الله بن أبي بكر بن محمد عن أبيه قال:

"بينا عبد الله بن عباس جالس بفناء الكعبة وقد اكتنفه الناس يسألونه عن

ص: 294

تفسير القرآن (والحلال والحرام) فقال نافع بن الأزرق لنجدة بن عويمر: قم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن والفتيا بما لا علم له به. فقاما إليه فقالا له: إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتب الله فتفسرها لنا وتأتينا بمصادِقه من كلام العرب، فإن الله إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين. فقال ابن عباس: سلاني عما بدا لكما".

وعدد المسائل في (الإتقان) عن طريق "أبي الحسين عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم الطستي"(266 - 346 هـ) بإسناده عن عيسى ابن دأب، أبي الوليد بن يزيد بن أبي بكر الأخباري، عن حميد الأعرج، أبي صفوان المكي (- 130 هـ) وعبد الله بن أبي بكر بن محمد الأنصاري المدني (- 135 هـ) عن أبيه "أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني، أميرها وقاضيها النابعي الفقيه الحافظ القدوة (- 120 هـ) : مائة وتسعون مسألة قال السيوطي بعد أن ساقها:

"هذا آخر مسائل نافع بن الأزرق، وقد حذفت منها يسيراً، نحو بضعة عشر سؤالاً. وهي أسئلة أخرج الأئمة أفراداً منها بأسانيد مختلفة إلى ابن عباس. وأخرج أبو بكر بن الأنباري في (كتاب الوقف والابتداء) قطعة منها هي المعلم عليها بالحمرة وصورة (ك) - وذكر إسناد أبي بكر إلى ابن عباس - وخرج الطبراني في (معجمه الكبير) منه قطعة وهي المعلم عليها بحرف (ط) من طريق جويبر عن الضحاك بن مزاحم، قال: خرج نافع بن الأزرق. . . وذكره".

قلت: ولم تصل إلينا النسخة العتيقة المعلم بالحمرة وحرف كُ على المنقول من كتاب الوقف والابتداء، وبحرف (ط) على المنقول من معجم الطبراني الكبير.

وقد نبه الشيخ العلامة المحقق "نصر أبو الوفا" الهوريني - في تصحيحه نسخته من الإتقان - على أنه "مما تعسر الوصول إليه أن المؤلف - السيوطي - ذكر في آخر

ص: 295

صفحة 164 من الأول، أنه أشار بصورة ك حمراء على بعض مسائل نافع بن الأزرق. وما وجدت تلك الصورة إلا في نسخة عتيقة أتلف العرق معظم صفحاتها".

والذي في طبعتنا من الإتقان - وهي الطبعة المذكورة آنفاً - مما له نظير في (الوقف والابتداء) ست وعشرون مسألة، لا نملك الجزم بأنها المنقولة منه، لاحتمال أن يكون النقل من مصادر أخرى. ويقال مثل ذلك في ثماني عشرة مسألة بالإتقان، لها نظائرى في المعجم الكبير للطبراني، وليس في مطبوعة الإتقان علامة (ط) التي كانت بالحمرة في النسخة العتيقة.

* * *

وأجوبة ابن عباس، رضي الله عنهما، عن المسائل مبثوثة في كتب التفسير والكتب المفردة في غريب القرآن، ومعاني القرآن، والفصول والأبواب الخاصة بالغريب من الكتب الجامعة لعلوم القرآن. وأوردها، نقلاً من الإتقان، خادم القرآن والسنة "الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي" رضي الله عنه في (معجم غريب القرآن) مرتبة على حروف الهجاء لألفاظ الغريب في المسائل بالإتقان.

وتأخذ موضعها كذلك، في قضية الإسلام والشعر، وغالباً ما يئول المتأخرون في ذلك إلى "أبي بكر الأنباري" فيما قاله، بعد إيراد المسائل - من احتجاج للشعر - ثم نقله البدر الزركشي في (البرهان) والجلال السيوطي في (الإتقان) على ما ذكرنا آنفاً.

ومن طربق السيوطي نقله الفقيه الأديب "أبو العباس السلاوي. أحمد بن خالد" في (زهر الأفنان) شرحاً لقول الشاعر المغربي "أحمد بن محمد الونان" في منظومته الفريدة (الشمقمقية) تنويها بفضل الشعر بعد ذكر مكانته لدى النبي صلى الله عليه وسلم:

ص: 296

لو لم يكن له عند من مضى. . . فضل، على الكعبة لم يُعلَّقِ

لو لم يكن فيه بيانُ آيةٍ. . . ما فسَّرت مسائل ابن الأزرق

ما هو إلا كالكتابة وما. . . فضلهما إلا كشمس الأفق

وإنما نزه عنهما النبي. . . ليُدرَك الإعجاز بالتحقق

عقد شارحها "أبو العباس السلاوي" فصلين بعنوان (ذكر مسائل ابن الأزرق وما يتعلق بها، وذكر فضل الشعر والكتابة، وتنزية النبي صلى الله عليه وسلم عنهما) وفي أولهما ذكر الشارح ما روى من سؤال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن قةله تعالى:{أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} - النحل 47 - فسكت القوم إلا شيخاً من هذيل قال: في لغتنا التخوف التنقص. فسأله أمير المؤمنين: فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟ فأجاب: نعم، قال شاعرنا أبو كبير الهذلي:

تخوف الرجل منها تامكا قَرِداً. . . كما تخوف عودَ النبغة السَّفَنُ

وأضاف الشارح ما في إتقان السيوطي من احتجاج أبي بكر الأنباري للشعر في (الوقف والابتداء) ثم نقل من رواية السيوطي للمسائل الثلاث الأولى منها. وختم الفصل بقوله:

"ومضى السيوطي يذكرها مسألة مسألة حتى ملأ منها نحو الكراسة، فانظرها في كتابه الإتقان في علوم القرآن، والله الموفق"

وكذلك أضافها الزميل الأستاذ الدكتور محمد الراوندي من علماء القرويين، في دراسته الجامعية الجليلة (الصحابة الشعراء، رضي الله عنهم) إلى ملف الدراسات المعاصرة لقضية الإسلام والشعر.

* * *

ص: 297

من (إتقان السيوطي) نقلتها في الطبعة الأولى من كتابي هذا، حيث لم تتجه العناية إلى غير الدراية القرآنية لألفاظ الغريب في مسائل ابن الأزرق، دون بيان لطرق أسانيدها رواتها وتحقيق متونها وتخريج شواهدها، فكذلك كان علماء الغريب من سلفنا الصالح، يوجهون العناية إلى معاني الألفاظ، على ما هو واضح في (مفردات القرآن للراغب الأصبهاني) - 502 هـ - وفي (كتاب الغربيين لأبي عبيد الهروي) 401 هـ؛ ذكره "ابن الأثير الجزري، المجد أبو السعادات" في خطبة كتابه (النهاية في غريب الحديث والأثر) فيمن سبقوه إلى التصنيف فيه، قال:

"فلما كان زمن أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي - 401 هـ صاحب الإمام أبي منصور الأزهري - 370 هـ -. . . صنف كتابه المشهور السائر، في الجمع بين غريبى القرآن العزيز والحديث. ورتبه مُقَفَّى على حروف المعجم، على وضع لم يُسبق في غريب القرآن والحديث إليه، فاستخرج الكلمات اللغوية الغريبة من أماكنها وأثبتها في حروفها وذكر معانيها، إذ كان الغرض والقصد من هذا التصنيف معرفة الكلمات الغريبة لغة وإعراباً ومعنى، لا معرفة متون الأحاديث والآثار وطرق أسانيدها وأسماء رواتها، فإن ذلك علم مستقل بنفسه مشهور بين أهله".

وأعددت هذه الطبعة الجديدة وقد أتيح لي الظفر بثلاث نسخ خطية من (مسائل ابن الأزرق) في أجزاء مفردة مستقلة لم تكن بيد يدي أثناء إعداد الطبعة الأولى:

- نسخة الظاهرية (ظ)

في المجموع لرقم 3849م. الأوراق من (108 وجه - 119 ظهر) من وقف الشيخ موفق الدين رضي الله عنه "

- ونسختا دار الكتب بالقاهرة:

ص: 298

في المجموع رقم 166 م (132 و - 143 ظ) ورمزها: ك

- طلعت، في المجموع رقم 266 م (1 - 33) ورمزها: ط

أما نسخة الظاهرية بدمشق فأصل عتيق، من رواية "أبي بكر أحمد بن جعفر ابن محمد بن سَلْم الخُتَّلى" من مخضرمي القرنين الثالث والرابع (278 - 365 هـ) .

سماعه من ابن عمار أبي العباس أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمار الثقفى، بإسناده إلى جويبر عن الضحاك بن مزاحم الهلالي، قال:

"خرج نافع بن الأزرق ونجدة بن عويمر في نفر من رءوس الخوارج ينقرون عن العلم ويطلبونه حتى قدموا مكة فإذا هم بعبد الله بن عباس قاعداً إاى جنب زمزم عليه رداء له أحمر وقميص أبيض، وإذا الناس قيام يسألونه عن التفسير ويقولون: يا ابن عباس يا ابن عباس، ما تقول في كذا؟ فيقول: كذا وكذا. فقال له نافع ابن الأزرق: ما أجرأك يا ابن عباس على ما تجئ به منذ اليوم؟ فقال له ابن عباس: ثكلتك أمك يا نافع، أفلا أخبرك عمن هو أجرأ مني؟ قال: ومن هو يا ابن عباس؟ قال: هو رجل تكلم بما ليس له به علم، ورجل كتم علماً عنده. قال: صدقت. ثم قال: إني أتيتك لأسألك. قال هات يا ابن الأزرق" وذكر المسائل وعددها في رواية ابن عمار الثقفي من طريق جويبر عن الضحاك، خمسون مسألة (108 ظ - 112 ظ)

بعدها (من ص 112 ظ) إسناد آخر من رواية أبي شهاب الحناط عبد ربه بن نافع (171 هـ) عن أبي بكر الهذلي (167 هـ) عن عكرمة مولى ابن عباس (105 هـ) قال: خرج نافع بن الأزرق ونجدة.." فذكر الخبر بنحو ما في رواية أبي بكر الختلي عن ابن عمار الثقفي من طريق جويبر عن الضحاك. ثم في صفحة (115 و) بعنوان مسائل ابن الأزرق، رواية ثالثة لها من طريق عثمان

ص: 299

ابن عبد الرحمن الحراني - لعله الطرائفي ت 203 هـ - أسنده عن جويبر عن الضحاك كذلك، قال: خرج نافع بن الأزرق ونجدة بن عويمر في نفر من رءوس الخوارج ينقرون عن العلم ويطلبونه حتى قدموا مكة فإذا هم بابن عباس قاعدا إلى جنب زمزم عليه قميص أبيض ورداء أحمر والناس قيام يسألونه عن التفسير فيجيبهم. . . " فذكر الخبر والمسائل، وعددها خمسون مسألة كذلك، مع تحويل الإسناد في السؤال عن قوله تعالى:(مكاء وتصديه) إلى الكلبي - 117 ووالنِسخة في هذا الأصل العتيق دقيقة الخط صعبة القراءة، لا يؤمن فيها التباس حرف بآخر، واشتباه اسم وطمس كلمة من قدم وبلى. على أنها في المقروء منها، وهو جملتها، غاية في الضبط والتوثيق. وعلى وجه المخطوط بأعلى الصفحة الأولى توقيعات سماع بخطوط علماء أئمة:

- سماع أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي.

- والد الشيخ الموفق (- 558 هـ)

- مفروغ: أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني نسخاً وسماعاً - هو الحافظ أبو طاهر السلفي (- 576 هـ)

- فرغ منه الساجي سماعاً وانتقاء - هو الحافظ أبو نصر المؤتمن بن أحمد البغدادي (- 507 هـ)

وعلى هذه الصفحة ألأولى، تصحيح سماع لطبقات من الأعلام والحفاظ الأئمة، منها سماع الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي (- 500 هـ) على أبي طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف العلاف، عن أبي بكر ابن مسلم الختلي عن ابن عمار. ثم توالت تقييدات السماع للجزء كله. على الشيخ الجليل أبي الحسين المبارك، منها:

- سمعه عليه الشيخ أبو منصور موهوب بن أحمد الجواليقي (- 540 هـ) بقراءة عبد الخالق بن عبد القادر بن يوسف محدث بغداد (- 548 هـ)

وأبو الفضل محمد بن الحسن بن محمد الإسكاف، بقراءة محمد بن ناصر

ص: 300

ابن محمد، أبي الفصل البغدادي محدث العراق (- 550 هـ) وذلك يوم الاثنين الثالث والعشرين من المحرم سنة اثنتين وتسعين وأربع مائة.

ثم سماع الآخرين عليه، في شهر رمضان في سنة أربع وتسعين، وفي شهر ربيع الأول من سنة ست وتسعين وأربع ماية (108 و)

وعلى الصفحة الأخيرة، تصحيح سماع طبقة قبل هؤلاء، لجميع الجزء، من الشيخ أبي طاهر محمد بن علي بن محمد، بكتابه، عن أبي بكر أحمد بن جعفر ابن مسلم الختلي، بقراءة محمد بن عبد الملك بن علي بن عيسى بن النحوي - أبي سعيد البغدادي - سمعه:

أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصورى الحافظ (- 442 هـ) وأبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، في آخرين من الطبقة، وذلك في جمادى الآخرة من سنة 438 هـ

وتعاقب السامعون للجزء على الشيخ أبس الحسين المبارك. سمعه عليه بقراءة أبي نصر المؤتمن بن أحمد بن علي الساجي (- 507 هـ) :

ابن أخيه أبو منصور محمد، والقاضي الأجل أبو نصر محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازي، والشيخ الأجل أبو الفضل عبد الملك بن علي بن عبد الملك ابن يوسف، وأبو الفضل ناصر بن محمد بن علي، وأبو منصور موهوب بن أحمد ابن محمد بن الخضر الجواليقى، وأبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة، وأبو العباس أحمد بن محمد بن أبي القاسم، الاصبهانيان، وأبو طالب مهلهل بن علي بن الخضر المعمر الهمدانى، وهزارست بن عوض بن الحسن الهروي.

وذلك بتاريخ شهر رمضان من سنة 494 والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله.

يليه سماع عدد من الشيوخ لهذا الجزء، على الشيخ الصالح أبي الحسين المبارك ابن عبد الجبار الصيرفي "أيده الله" بقراءة الشيخ أبي البركات عبد الوهاب

ص: 301

ابن المبارك بن أحمد بن الحسن الأنماطي (538 هـ) .

في ذي الحجة سنة أربع وتسعين وأربع مائة، 494 هـ.

* * *

وأما نسختا دار الكتب بالقاهرة بالمجموعتين:

166م، 226 م طلعت، بعنوان (سؤالات نافع بن الأزرق لابن عباس رضي الله عنه) فالراجح أنهما منقولتان من أصل واحد من القرن الرابع للهجرة، ويحتمل كذلك أن إحداهما نسخت من الأخرى. فتكون ط هي المنقولة، ترجيحاً، من (ك) لوجود نقص في موضعين من ط، يختل به السياق.

والنسختان، كلتلهما، عاريتان على أي حال، من تقييد سماع أو توقيع ناسخ وتاريخ نسخ.

ويبدأ المخطوط فيهما بهذا الإسناد:

حدثنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم المعروف بابن الطّستي، قراءة عليه من لفظه في مسجده بدرب زباج يوم الخميس لعشرٍ خلون من ربيع الآخر من سنة أربع وأربعين وثلثماية؛ قال: نا أبو سهل السري بن سهل بن حربان الجنديسابورى بجنديسابور قراءة عليه سنة ثمان وثمانين ومائتين، قال: نا يحيى بن أبي عبيدة المُسْلى - واسم أبي عبيدة بحر بن فروخ - قال: أخبرنا سعيد بن أبي سعيد، قال: أنا عيسى بن دأب عن حميد الأعرج وعبد الله بن أبي بكر بن محمد عن أبيه، قال: بينا عبد الله بن عباس جالس بفناء الكعبة قد أسدل رجله في حوض زمزم إذ الناس قد اكتنفوه من كل ناحية يسألونه عن تفسير القرآن وعن الحلال والحرام، وإذا هو لا يتعايا بشيء مما يسألونه عنه، فقال نافع بن الأزرق لنجدة بن عويمر: قم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن والفتيا بما لا علم له به. فقالا: يا ابن عباس، ما يحملك على تفسير القرآن والفتيا بما لا علم لك به؟ أشيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم هذا منك تخرصا؟ فإن كل هذا منك تخرصا فهذه والله الجرأةُ على الله عز وجل. فقال ابن

ص: 302

عباس لنافع بن الأزرق: لا والله، ما هذا مني تخرصا لكنه علم علمنيه الله. ولكني سأدلك على من هو أجرأ مني يا ابن أم الأزرق. قال: دلني عليه؟ قال: رجل تكلم بما لا علم له به، أو رجل كتم الناس علماً علمه الله عز وجل. فذاك أجرأ مني يا ابن أم الأزرق. وقال نجدة: فإنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله عز وجل فتفسره لنا وتأتينا بمصداقة من كلام العرب، فإن الله عز وجل، إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين. قال ابن عباس: سلاني عما بدا لكما تجدا علمه عندي حاضرا إن شاء الله تعالى. . . "

وساق المسائل، فبلغت من هذا الطريق في النسختين مائتين وخمسا وخمسين مسألة، ختامها فيهما:

(تمت مسائل ابن الأزرق لابن عباس)

رضي الله عنه، والحمد لله وحده، وصلى الله على من لا نبي بعده) .

* * *

ص: 303

بمقابلة هذه الأجزاء المخطوطة الجامعة لمسائل ابن الأرزق، بعضها على بعض، وعلى ما فيها (كامل المبرد، وإيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري، والمعجم الكبير للطبراني - ومعه مجمع الزوائد للهيثمي - وإتقان السيوطي) تبين لنا:

أن "المبرد" انفرد بذكر الخبر عن عمر بن أبي ربيعة وإنشاده رائيته عبدَ الله بن عباس، في الحرم المكي.

وأن نسخة الظاهرية (ظ) أصل عتيق، تتفق مع (المعجم الكبير للطبراني) مساقاً ومتنا، وعدد المسائل في كل منهما إحدى وثلاثون. ويلتقي الإسناد فيهما عند عثمان ابن عبد الرحمن الحراني. عن عبيد الله عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم الهلالي.

وأن نسختى دار الكتب بالقاهرة (ك، ط) تتفقان مع ما في إتقان السيوطي مساقا ومتنا، مع زيادة فيهما. لما صرح السيوطي بأنه اختصره من المسائل. ويلتقي إسناده معهما عند |"أبي الحسين عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم، ابن الطسني" من طريق عيسى بن دأب، أبي الوليد بن يزيد بن بكر الأخباري، عن حميد الأعرج وعبد الله بن أبي بكر بن محمد، عن أبيه أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن جزم الأنصاري، التابعي الفقيه الحافظ.

مع إثبات تاريخ السماع ومكانه، عن أبي الحسين ابن الطستي، في النسختين الخطيتين.

وبذلك يكون لدينا لرواية أبي القاسم الطبراني في طبعه معجمه الكبير، مرجعان للمقابلة والتصحيح: مخطوطة الظاهرية وزوائد الطبراني في مجمع الزوائد لنور الدين الهيثمي.

ولرواية السيوطي في (الإتقان) ما له نظائر في مصدريه اللذين نص عليهما: (الوقف والابتداء، والمعجم الكبير) مع نسختى دار الكتب المصرية (ك، ط) .

* * *

ص: 304

ما اجتمع لي من المسائل من مختلف الطرق في أصولها خطية ومطبوعة، يسعف على ما لم يكن متاحاً لي من قبل، من توثيقها وإخراجها على سعة من الوقت في نص محقق إذا يسر الله تعالى وأعان. وإنما أقتصر هنا على الانتفاع بهذه النسخ في المقابلات والمراجعات، استكمالاً لنقص وترميماً لخرم وضبطا لسياق وتصحيحاً لتصحيف أو تحريف. إذ القصد من إيراد المسائل هنا، كما ذكرتُ من قبل، خدمة قضية الإعجاز البياني، بما روى عن ابن عباس، رضي الله عنهما، حبر هذه الأمة وترجمان القرآن، من تفسيرٍ لكلمات قرآنية في مسائل ابن الأزرق، وما يكون لعلماء العربية والقرآن من أقوال في تفسيرها، وعرض هذا التفسير على الدلالة القرآنية التي يهدى إليها التدبر والاستقراء، وصولا إلى إدراك فوتها جهدَ المحاولة لتفسيرها بغير لفظها في البيان المعحز، إلا على وجه الشلرح والتقريب.

"وعلى الله قصد السبيل"

ص: 305

المسائل

نص، ودراسة

في الكتب المطبوعة

(وق) كتاب إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل،

لأبي بكر ابن الأنباري: ط دمشق 1390 هـ - 1971 م.

(ط ب) المعجم الكبير للطبراني: ط وزارة الأوقاف ببغداد

(تق) الإتقان في علوم القرآن، للجلال السيوطي.

ط الموسوية بالقاهرة 1278 هـ.

النسخ الخطية

(ظ) الخزانة الظاهرية بدمشق (3849) مجموع.

(ك) دار الكتب المصرية (166م) مجاميع.

(ط) دار الكتب المصرية: طلعت (266) مجاميع.

ص: 307