الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأويلها. ومعه مما روى الطبري من اختلاف أهل التأويل: أنه نهر عيسى، عن ابن عباس. وعنه أيضاً: الذي كان تحت مريم حين ولدته عليهما السلام. وهو نهر بالسريانية عن مجاهد والضحاك، والجدول الصغير بالقبطية عن سعيد بن جبير.
وقيل: هو عيسى نفسه، عن الحسن وغيره. قالوا: لو كان النهر لكان إمما يكون إلى جنبها، لا: من تحتها. والقولان في (مفردات الراغب، وجامع القرطبي والبحر لأبي حيان) ولعلهما من اختلاف القراء الأئمة في قراءة الآية.
والشواهد من الشعر، صريحة في معنى النهر أو الجدول. وكون النهر من تحتها، فيه ملحظ الخفاء في استعمال القرآن. والعربية، للسُّرى والإسراء. وقد يؤنس إلى دلالة السرى، بمعنى النهر الصغير والجدول، أن دُلَّت عليه مريمُ عليها السلام، من حيث لم تتوقع، مع سياق الآيات في الأكل من رطب النخلة، والشرب. قال تعالى:{فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا}
ولعل ملحظ الخفاء، هو الفرق الدقيق بين سرى، لم تأت غير مرة واحدة، والنهر والأنهار، وقد جاءا في القرآن الكريم خمس مرة. والله أعلم.
* * *
83 - {دِهَاقًا}
قال: فأخبرني عن قول الله عز وجل: {وَكَأْسًا دِهَاقًا}
قال ابن عباس: ممتلئة. قال: وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت بقول خِداش بن زهير:
أتانا عامرّ يرجو قِرَانا. . . فأتْرعنا له كأساًَ دِهاقاً
(ظ، في الروايتين، وفي (تق) : ملاء وفي (ك، ط) : الكأس الخمر، والدهاق الملآن
= الكلمة من آية النبأ 34:
وحيدة في القرآن. صيغة ومادة.
وتفسير دهاق بممتلئة، كما عند الجمهرة من اللغويين والمفسرين، أو مفعمة كما قال "الراغب" في (المفردات) مترعة كما في (الكشاف) على ما يبدو من قربه، يُلحظ معه أن البيان القرآني خصَّ {كَأْسًا دِهَاقًا} بذلك المقام في نعيم المتقين بدار الخلد، على كثرة استعماله لمادة ملأ: فعلاً سبع مرات، ومصدراً مرة، واسم فاعل للجمع مرتين.
ويغلب أن تأتي على اختلاف صيغها في سياق خاصّ، كآية الكهف 18 {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}
والوعيد كآية آل عمران 91:
أو النذير بعذاب المجرمين في جهنم، وما يملئون به بطونهم من طلع شجرة الزقوم، بصريح آيات:
الأعراف 17: خطاباً لإبليس: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ}
ومعها آيات: هود 119، السجدة 13، ص 85