الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ردة الْعَرَب]
وَجَاء عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عمته عَائِشَة [رضي الله عنها]، قَالَت: لما قبض - تَعْنِي رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم]- ارْتَدَّت الْعَرَب قاطبة، واشرأب النِّفَاق، فَصَارَ أَصْحَاب مُحَمَّد [صلى الله عليه وسلم] كَأَنَّهُمْ معزى مطيرة فِي حفش. وَذكر الحَدِيث.
[أَحْوَال الصَّحَابَة بعد علمهمْ بوفاة النَّبِي [صلى الله عليه وسلم]]
وروى سيف بن عمر فِي الْفتُوح من حَدِيث كَعْب بن مَالك
[رضي الله عنه] قَالَ: بلغ من وجد / رجال من الْمُسلمين على رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] حَتَّى صَارُوا إِلَى أطوار من الوجد، فَأَما عمر [رضي الله عنه] ، فَإِنَّهُ كذب بِمَوْتِهِ، [فَقَالَ] : أَيهَا النَّاس كفوا أَلْسِنَتكُم عَن نَبِي الله [صلى الله عليه وسلم] وَسلم فَإِن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] لم يمت، وَلَكِن ربه عز وجل وعده كَمَا وَاعد مُوسَى، وَهُوَ آتيكم. وَالله / لَا أسمع أحدا يذكر أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] توفّي إِلَّا علوته بسيفي هَذَا. وَأما عُثْمَان [رضي الله عنه] فَإِنَّهُ بهت، فَلم يطق كلَاما. وَأما عَليّ [رضي الله عنه] فَإِنَّهُ أقعد. وَلم يكن أحد من الْمُسلمين فِي مثل حَال أبي بكر وَالْعَبَّاس [رضي الله عنهما] ، فَإِن الله [عز وجل] دلهما على التَّوْفِيق والسداد، وَإِن كَانَ النَّاس لم يرعوا إِلَّا لقَوْل أبي بكر، جَاءَ الْعَبَّاس قبله فَتكلم بِنَحْوِ من كَلَامه، فَمَا
انْتهى لَهُ أحد مِمَّن ابْتُلِيَ حَتَّى جَاءَ أَبُو بكر [رضي الله عنه] فَانْتهى النَّاس كلهم إِلَى قَوْله، وَتَفَرَّقُوا عَن كَلَامه.
وَخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق ابْن / لَهِيعَة عَن أبي الْأسود عَن عُرْوَة، قَالَ: وَقَامَ عمر بن الْخطاب [رضي الله عنه] يخْطب النَّاس ويوعد من قَالَ قد مَاتَ، بِالْقَتْلِ وَالْقطع. وَيَقُول إِن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فِي غشية لَو قد قَامَ قتل وَقطع، وَعَمْرو بن قيس بن زَائِدَة بن الْأَصَم بن أم مَكْتُوم قَائِم فِي مؤخرة الْمَسْجِد يقْرَأ:{وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول}
إِلَى {الشَّاكِرِينَ} ، وَالنَّاس فِي الْمَسْجِد قد ملأوه يَبْكُونَ ويموجون لَا يسمعُونَ. فَخرج عَبَّاس بن عبد الْمطلب على النَّاس، فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، هَل عِنْد أحد مِنْكُم من عهد رَسُول الله فِي وَفَاته؟ فليحدثنا. قَالُوا: لَا. قَالَ: هَل عنْدك يَا عمر من علم؟ قَالَ: لَا. قَالَ الْعَبَّاس: أشهد أَيهَا النَّاس أَن أحدا لَا يشْهد على النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] بِعَهْد عَهده إِلَيْهِ فِي وَفَاته. وَالله الَّذِي / لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لقد ذاق رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] الْمَوْت، قَالَ: وَأَقْبل أَبُو بكر [رضي الله عنه] من السنح / على دَابَّته حَتَّى نزل بِبَاب الْمَسْجِد، ثمَّ أقبل مكروباً حَزينًا، فَاسْتَأْذن فِي بَيت ابْنَته عَائِشَة رضي الله عنها] ، فَأَذنت لَهُ [رضي الله عنه] ، فَدخل] وَرَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] قد توفّي على الْفراش، والنسوة حوله، فخمرن وجوههن واستترن، إِلَّا مَا كَانَ من عَائِشَة
رَضِي الله عَنْهَا] فكشف عَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم]] فحنى عَلَيْهِ يقبله وَيَقُول: لَيْسَ مَا يَقُول ابْن الْخطاب بِشَيْء، توفّي رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم]- وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ - رَحْمَة الله عَلَيْك يَا رَسُول الله مَا أطيبك حَيا، وأطيبك مَيتا، ثمَّ غشاه بِالثَّوْبِ، ثمَّ خرج سَرِيعا إِلَى الْمَسْجِد يتوطأ رِقَاب النَّاس، حَتَّى أَتَى الْمِنْبَر، وَجلسَ عمر حِين رأى أَبَا بكر مُقبلا إِلَيْهِ، فَقَامَ أَبُو بكر إِلَى جَانب الْمِنْبَر، ثمَّ نَادَى النَّاس، فجلسوا، فَتشهد أَبُو بكر بِمَا علمه من التَّشَهُّد، وَقَالَ: إِن الله تَعَالَى نعى نَبِيكُم [صلى الله عليه وسلم] إِلَى نَفسه وَهُوَ حَيّ بَين أظْهركُم /، ونعاكم إِلَى أَنفسكُم وَهُوَ الْمَوْت حَتَّى لَا يبْقى أحد إِلَّا الله تَعَالَى. قَالَ الله تبارك وتعالى:{وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} إِلَى قَوْله {الشَّاكِرِينَ} . فَقَالَ عمر: هَذِه الْآيَة فِي الْقُرْآن؟ وَالله مَا علمت أَن هَذِه الْآيَة أنزلت قبل الْيَوْم. وَقَالَ: قَالَ الله عز وجل لمُحَمد / [صلى الله عليه وسلم] : {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} ، ثمَّ قَالَ: قَالَ الله تبارك وتعالى: (كل
شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه لَهُ الحكم وَإِلَيْهِ ترجعون} . وَقَالَ: {كل من عَلَيْهَا فان وَيبقى وَجه رَبك ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام} . وَقَالَ: {كل نفس ذائقة الْمَوْت وَإِنَّمَا توفون أجوركم يَوْم الْقِيَامَة} ثمَّ قَالَ: إِن الله تبارك وتعالى عمر مُحَمَّدًا [صلى الله عليه وسلم] وأبقاه، حَتَّى أَقَامَ دين الله، وَأظْهر أَمر الله، وَبلغ رِسَالَة الله، وجاهد فِي سَبِيل الله، ثمَّ توفاه الله على ذَلِك، فَمن كَانَ الله ربه فَإِن الله حَيّ لايموت، وَمن كَانَ يعبد مُحَمَّدًا وينزله إِلَهًا فقد هلك إلهه /. وَاتَّقوا الله أَيهَا النَّاس، واعتصموا بدينكم، وتوكلوا على ربكُم، فَإِن دين الله قَائِم، وَإِن كلمة الله تَامَّة، وَإِن الله نَاصِر من نَصره، ومعز دينه، وَإِن كتاب الله [عز وجل] بَين أظهرنَا، وَهُوَ النُّور والشفاء، وَبِه هدى الله مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، وَفِيه حَلَال الله وَحَرَامه، وَالله لَا نبالي من أجلب علينا من خلق الله، إِن سيوف الله لمسلولة، مَا وضعناها بعد، ولنجاهدن من