الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوسف التملي الناشئ في الْحَمراء، وموسى بن أحمد التدماوي، وموسى بن إبراهيم، وعلي بن أبي بكر التيزختي، ومُحمد بن إبراهيم أعجلي، وأحمد أتجَّار، ومُحمد الضحاكي، وأحمد بن مَحمود، ومُحمد بن الْحُسين الماسيان، والطاهر البعاريري أستاذ سيدي الزوين الحوزي، وعشرات فعشرات ممن وقفنا على أسمائهم، وعرفناهم أساطين القراءات، إمَّا تعليما وتأليفا، وإمَّا تعليما فقط.
كان هذا الفن معتَنَى به قبل الأجيال الأخيرة اعتناء كثيرا، وكان غالب العلماء مُلمين به أو متقنيه، ثُمَّ تناقص ذلك حتى كان في جهة، وأرباب العلم والفهم في جهة أخرى، فتحسب مئات من العلماء قلما تَجد منهم مَنْ يتقنه، كما تَحسب عشرات من متقنيه، ثُم لا تراهم إلا من حفظة القرآن فقط، بلا علم ولا فهم، وهذا هو السبب حتى تناقصت أهميته شيئا فشيئا، بعد ما كان في الأوج، وبعد ما كان له في سوس شأن يرتحل إلى أخذه عن أساتذته، مثل ما فعل ابن عبد السلام الفاسي في آخر القرن الثاني عشر، فينزل في آيت صواب، فيفيد الفنون العلمية التي عنده، ويأخذ هذا الفن (1)، ذلك ما كان أمس، وأمَّا اليوم فقد دخل هذا الفن في خبر كان، ولَم يبق من أربابه إلا الأقلون، هُم هامة اليوم أو الغد.
2 - التفسير:
فن التفسير لكلام الله والاعتناء به اشتهر في سوس من قديم إلى العصر الذي أدركناه، وأول من نعرفه من الْمُتصفين بِهذا الفن والبراعة فيه، كما يقوله المعرفون به؛ هو: أبو يَحيَى الكرسيفي من أهل القرن السابع، المتخرج من الأندلس، ثُمَّ لَم يزل يذكر في مدارس التدريس، وإن كان قليل الالتفات إليه حول مناضد المؤلفين إلى هذا الجيل الذي أدركناه، وقد عرفنا من بنات الأقلام حوله كتاب (الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة) لِحسين الشوشاوي، وكتاب التفسير (2) مقترحا على بعضهم من بعض قضاة الجماعة في إيليغ، في العصر الذهبي للعلوم العربية بسوس، كما سمعنا كتابا يذكر حول (مشكلات القرآن) لبعض العلماء الجراريين، ولكن إن لَم يعتن كثير الاعتناء بالإمعان في هذا الفن من هذه الناحية، (أي: التفسير للمعاني)
(1) أخبرني ثقة أنه رأى كتاب الجعبري في القراءات بخط ابن عبد السلام هذا كتبه حين كان في سوس.
(2)
رأينا أوائله في ورقات متلاشية لا ينتفع بها، وضعنا بعضها في كتاب (مترعات الكؤوس).
فإنه معتنى به جدّا من ناحية الإعراب، فقديما في القرن العاشر ألف سملالي في (إعراب أوائل الأحزاب) ثُم ألَّف أبو زيد الجشتيمي مُجلدين في (إعراب القرآن) كله، وقد أدركنا من عوائد الطلبة بالْمَدارس أن يُحلقوا حَول أساتذتِهم صباحا أو مساء فيعربون مقدار الوقف الأول من الْحِزب الراتب، ثُم لا يذرون من الاستشهاد من المتون كل شيء؛ ومقصودهم بذلك التمرين على إعراب الكلمات، وعلى استحضار الأدلة من المتون.
هذا وكان التفسير يُدرس في كل أدوار سوس العلمية، ولَم ينقطع قط، وقد كان الجشتيميون والأدوزيون والبونعمانيون والأقاريضيون والتيمكدشتون وغيرهم يُدرسونه أنصبة يومية، حتى ليتعالى إلى ذلك من لَم يكن يظن به إتقان كل العلوم التي يحتاج إليها من يتصدى لذلك.
دخلت على الأستاذ أحمد العيني في مَسجد المعدر سنة (1332هـ) فوجدته يُدرس التفسير دراسة حسنة، بلا تعمق فيها، ولكنها مبينة مفيدة، ولروجان هذا الفن وللمواظبة عليه حافظ ظاهر، وهو أن السوسي شلحي غير عربي، لا يُمكن أن يَهتدي لِمعاني الآيات إلا بالتفسير لكلماته، يتلقاه عن أربابه؛ ولذلك شاع عندهم، ثُمَّ لَم ينقطع كما انقطع في جل دراسات (1) المغرب إلى الجيل الأخير، حتى الصوفية يتدارسونه، فقد كان الشيخ الإلغي يُدرسه لِمريديه بتتبع، وينهى فقهاءهم عن الاشتغال بالأبْحَاث اللفظية لئلا يتعدوا المعنى المقصود، ومِمَّن نتذكرهم ممعنين في هذا الفن في التاريخ السوسي -مِمَّن استحضرتهم الآن- حسين بن داود الرسْمُوكي، والْحَسن بن علي التازروالتي دفين باب دكالة بِمراكش، الذي يَحفظ بعض التفاسير حفظا، فيورد كلامها أثناء تدريسه ويقول: انتهى كلام فلان بلفظه، ثم يورد كلام غيره كذلك، وفي مشيخة التامانارتي كثيرون من هؤلاء، وكان الحضيكي مِمَّن يعتني (2) بِهذا الفن تدريسا دائما، كما وجدته منبها عليها بِخط بعض أصحابه، وعبد العزيز التيزختي، ومُحمد بن زكرياء الولتي البارع في التفسير وغيره، وكذلك أبو زيد الجشتيمي، ثُم ولده سيدي الحاج أحمد، وسيدي محمد
(1) كانت قراءة التفسير ممنوعة في مراكش فلما تصدى لذلك العلامة الأفراني صاحب (الصفوة) قامت القيامة عليه فمنع وذلك في عهد مولاي إسماعيل (رحلة الوافد) مخطوطة.
(2)
فلا عجب حينئذ أن رأينا من تلميذه الجلالي السباعي النابغة في التفسير ما رأينا حتى أنه ليستظهر من كلام بعض التفاسير الطوال وكان آية في الحفظ. انظر (فهرس الفهارس).