الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد حُكيَ لي أن فيها أزيد من ألف كتاب، ولَم ر منها إلا كتاب (العاقبة) لعبد الحق الإشبيلي.
21 - الْهنائية:
تأسست منذ أواخر القرن الثاني عشر على يد جد آل حسين، ثُم صارت تزداد على أيدي العلماء من أولاده وأحفاده، إلى أن زخرت بأنواع الكتب، وآخر من حافظ عليها الفقيه سيدي إبراهيم بن مُحمد، ولَم يتيسر لنا أن نراها.
22 - التَّغْرْغَرْتِيَّة:
كان المحدث سيدي عبد الرحيم متوجها للعلوم وجمع كل الكتب الممكنة له، فتأتى له أن يَجمع خزانة ذكرت لنا، وهي الآن في يد حفيده عثمان فقيه الأسرة، هي كلها أو بعضها.
23 - الوَحْمانِيَّة:
كانت للأسرة الوَحْمَانِيَّة هِمَّة علمية، فصارت تَجمع من الكتب ما في وسعها حتى وصلت يد القاضي الْحَاج إسْمَاعيل السكتاني الأديب الكبير، فأضاف إلى الكتب القديمة الكتب الجديدة، فصارت أفضل خزانة، وقد رأيت بعضها في داره بسكتانة، وذكر أن أكثر مِمَّا رأيت لا يزال في دار له أخرى.
هذه هي الخزائن التي أظن أنَّها متنوعة، وأنَّها من جهة كونِها قديمة أو شبه قديمة، تستحق الذكر، وأمَّا خزائن الأفراد؛ فمعلوم أن لكل عالِم من علماء تلك الجهة خزانة خاصة، بل قد يكون تَحت يد فرد من هؤلاء من الكتب ما قد يفوق ما في بعض تلك الخزائن؛ كخزانة سيدي أحمد الفقيه في قرية إيليغ في الفائجة فقد رأيت فيها بعض النوادر، وكالتي للقاضي سيدي موسى الروداني، وللأستاذ سيدي مَحمد الكثيري التملي، بل في تزنيت بقايا الْخزانة التي حبسها الطيفوريون على الْمَسجد الْجَامع بِهذه المدينة، وفي المدرسة الأدوزية كذلك بقايا من يد سيدة كرسيفة محبسة من كتب علماء أهلها، كما
في أچـرسيف بقايا خزانة أجدادهم، على أنني لَم أحاول الاستقصاء لأمثال هذه الْخَزائن، وإلا لَما أغفلت مثل خزانة آل الأعمش من مدينة تندوف إلا أنني أخاف أن تكون ضاعت بعد ما وقع لتندوف ما وقع، كما ضاعت الخزانة المالعينية العظيمة في تلك المعارك التي سخا فيها أولاد الشيخ بالنفس والنفيس في سبيل الله، وكما ضاعت خزانة السملاليين في الساحل المنهوبة في حرب (1).
وبعد فإن أكبر آفة على خزائن البادية أن الأحفاد الجهلة يغلقون عليها صيانة لَها فيما يزعمون حتى تضمحل بين الأرضة وبين وكف السقوف، فإن أنس لا أنس ما رأيته بين آثار الشيخ محمد بن إبراهيم التامانارتي حين أجد الأوراق متناثرة في تابوت علاه الغبار طبقا عن طبق، فأخذت من الأوراق ما وجدته أثرا قيما، وعهدي بالبقايا هناك، وكذلك مررت بدار آل تيسلجيت هناك في تامانارت، فأخبرني أحدهم أن خزانة جدهم قد أغلقوا عليها حتى صارت دقيقا، قال: فقمتُ -صيانة لِما فيها من أسْمَاء الله واحتراما لَها- فصرت أنقل فتاتَها في قفة، وألقيه في بعر صبيحة يوم.
على أنني لا أكذب القارئ ولا أغشه ولا أغره، فإن الأكثر من كتب تلك الناحية التي طفحت بِها خزائنها، قلما يكون فيها نصيب للتاريخ والأدب إلا في المطبوعات؛ ولِهذا يرجع بِخفي حنين من لا يرى الندور ولا الْجدة ولا الغربة ولا قرة العين إلا من أمثال كتب التاريخ والأدب، لا في كتب الحديث والتفسير والفنون الأخرى الإسلامية، كما وقع للأستاذ علوش الذي سافر إلى الخزانة الحسينية بأجلو، فآب يضحك بملء فيه من الْخزائن السوسية، ولو كان الأستاذ له بعض مشاركة؛ لَما آب إلا مثلوج الفؤاد، وهل يضير البدويين المقلين إن لَم يُمكن لَهم أن يتوسعوا في الكتب؟ وهل يكلف الله نفا إلا وسعها؟ ولقد صدق قائلهم، وهو الأديب محمد بن العربي الأدوزي، حين قال:
وما على أهل البوادي من ضرر
…
إن فقدوا بعض مَحاسن الْحَضر
(1) بعدما كتبت ما كتبت حول الخزائن وجدت في مذكرات الأستاذ المانوزي -وهي منشورة في جزء خاص في القسم الثاني من (المعسول) تتبع الخزائن السوسية، فوجدته ذكر أكثر مما ذكرت؛ لأنه يتتبع خزائن الأفراد، وأنا لخصت في ذلك ولا أريد التفيهق.