الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً رحمه الله.
185 - ابْنُ بَهْتَةَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَهْتَةَ البَغْدَادِيُّ المنَاشرُ.
رَوَى عَنْ: أَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ حَدِيْثاً وَاحِداً، وَعَنْ جَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ الصَّائِغِ، وَلَهُ جُزءٌ مَعْرُوفٌ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ بُكَيْرٍ النَجَّارُ، وَغَيْرُهُ.
عَاشَ مائَةَ سَنَةٍ وَسنتينِ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ.
186 - النَّصْرَابَاذِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، القُدْوَةُ، الوَاعِظُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو القَاسِمِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَحْمَوَيْه الخُرَاسَانِيُّ النَّصْرَابَاذِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الزَّاهِدُ، وَنَصْرَ آباذَ: محلَّةٌ مِنْ نَيْسابُورَ.
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الوَارثِ العسَّالَ، وَيَحْيَى بنَ صَاعِدٍ، وَمَكْحُوْلاً البَيْرُوْتِيَّ، وَابنَ
(*) تاريخ بغداد: 11 / 257، الإكمال لابن ماكولا: 1 / 378، مشتبه النسبة: 1 / 96، تبصير المنتبه: 1 / 109.
(* *) طبقات الصوفية: 484 - 488، تاريخ بغداد: 6 / 169 - 170، الرسالة القشيرية: 30، المنتظم: 7 / 89، اللباب: 3 / 310 - 311، دول الإسلام: 1 / 227، العبر: 2 / 343، الوافي بالوفيات: 6 / 117 - 118، طبقات الأولياء: 26 - 28، العقد الثمين: 3 / - 239 237، النجوم الزاهرة: 4 / 129، طبقات الشعراني: 1 / 144، شذرات الذهب: 3 / 58 - 59، نتائج الافكار القدسية: 2 / 13 - 15.
جَوْصَا، وَعدداً كَثِيْراً بِخُرَاسَانَ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَالحِجَازِ، وَمِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَالسُّلَمِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ، وَأَبُو العَلَاءِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: كَانَ شَيْخَ الصُّوْفِيَّةِ بِنَيسَابُورَ، لَهُ لِسَانُ الإِشَارَةِ مقروناً بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَكَانَ يرجعُ إِلَى فُنُوْنٍ مِنْهَا حفظُ الحَدِيْثِ وَفهْمُهُ، وَعلمُ التَّارِيْخِ، وَعُلُوْمُ المعَاملَاتِ وَالإِشَارَةِ، لقيَ الشِّبْلِيَّ، وَأَبَا علِيٍّ الرُّوْذَبارِيُّ، قَالَ: وَمَعَ عظمِ محلِّهِ كمْ مِنْ مرَّةٍ قَدْ ضُربَ وَأُهينَ، وَكم حُبسَ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّك تَقُولُ: الرُّوحُ غَيْرُ مَخْلوقَةٍ، فَقَالَ: لَا أَقُولُ ذَا، وَلَا أَقُول إِنَّهَا مخلوقَةٌ بَلْ أَقُولُ: الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، فَجَهِدُوا بِهِ، فَقَالَ: مَا أَقُولُ إِلَاّ مَا قَالَ اللهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ هَفْوَةٌ، بَلْ لَا رَيْبَ فِي خَلْقِهَا، وَلَمْ يَكُنْ سُؤَالُ اليَهُوْدِ لِنَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم عَنْ خَلْقِهَا وَلَا قِدَمهَا، وَإِنَّمَا سَأَلُوا عَنْ مَاهيَّتِهَا وَكيْفِيَّتِهَا، قَالَ الله تعالَى:{اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزُّمُر:62] فَهُوَ مُبدعُ الأَشيَاءِ وَموجدُ كُلِّ فصيحٍ وَأَعجمٍ، ذَاتهِ وَحيَاتهِ وَروحهِ وَجسدِهِ، وَهُوَ الَّذِي خلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ وَالنُّفُوْسَ - سُبْحَانَهُ -.
ثُمَّ قَالَ السُّلَمِيُّ، وَقِيْلَ لَهُ: إِنَّكَ ذَهَبتَ إِلَى النَّاووسِ وَطُفتَ بِهِ، وَقُلْتُ: هَذَا طَوَافي فَتَنقَّصْتَ بِهَذَا الكَعْبَة!!
قَالَ: لَا، وَلكنَّهُمَا مخلوقَانِ، لَكِنْ بِهَا فضلٌ لَيْسَ هُنَا، وَهَذَا كَمَنْ يُكرِّمُ كلباً، لأَنَّهُ خَلْقُ اللهِ، فعوتِبَ فِي ذَلِكَ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: وَهَذِهِ وَرْطَةٌ أُخرَى. أَفتكُونُ قِبْلَةُ الإِسْلَامِ، كَقَبْرٍ وَيُطَافُ
بِهِ، فَقَدْ لَعَنَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنِ اتَّخَذَ قَبْراً مَسْجِداً (1) .
قَالَ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ جَدِّي يَقُوْلُ: مُنْذُ عرفتُ النَّصْرَابَاذِي مَا عرفتُ لَهُ جَاهليَّةً.
وَقَالَ الحَاكِمُ: هُوَ لِسَانُ أَهْلِ الحقَائِقِ فِي عَصْرِهِ، وَصَاحبُ الأَحوَالِ الصحيحَةِ، كَانَ جَمَّاعَةً للرِّوَايَاتِ مِنَ الرَّحَّالينَ فِي الحَدِيْثِ، وَكَانَ يُورِّقُ قديماً، ثُمَّ غَابَ عَنْ نَيْسَابُوْرَ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ يعظُ وَيذكِّرُ، وَجَاورَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، وَتعبَّدَ حَتَّى دُفِنَ بِمَكَّةَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ، وَدُفنَ عِنْدَ الفُضَيْلِ، وَبِيعَتْ كُتُبُهُ، فكشفَتْ تِلْكَ الكُتُبِ عَنْ أَحْوَالٍ وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ، وعوتِب فِي الرُّوحِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ بَعْد الصِّدِّيقينَ موحِّدٌ فَهُوَ الحلَاّجُ.
قُلْتُ: وَهَذِهِ وَرْطَةٌ أُخرَى، بَلْ قُتلَ الحلَاّجُ بسيفِ الشَّرعِ عَلَى الزَّنْدَقَةِ، وَقَدْ جَمعتُ بلَايَاهُ فِي جُزءينِ (2) ، وَقَدْ كَانَ النَّصْرَابَاذِي صَحِبَ الشِّبلِيَّ، وَمَشَى عَلَى حَذْوِهِ، فَوَاغَوثَاهُ بِاللهِ (3) .
وَمِنْ كلَامِهِ: نهَايَاتُ الأَوْلِيَاءِ بدَايَاتُ الأَنْبِيَاءِ.
وَقَالَ: إِذَا أَعطَاكُمْ حَبَاكُمْ، وَإِذَا منعَ حَمَاكُمْ، فَإِذَا حَبَاكَ شَغَلَكَ، وَإِذَا حَمَاكَ حَمَلَكَ.
وَقَالَ: أَصلُ التَّصوُّفِ ملَازمةُ الكتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَتركُ الأَهوَاءِ وَالبِدَعِ،
(1) انظر صحيح البخاري 3 / 163: باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، ومسلم (528) و (529) و (530) و (532) في المساجد: باب النهي عن بناء المساجد على القبور.
(2)
تقدمت ترجمة الحلاج مفصلة في الجزء الرابع عشر من " السير ".
(3)
ذكر السلمي بعض هذه الأقوال في " طبقاته " ص 488.
وَرؤيَةُ أَعذَارِ الخلقِ، وَالمدَاومَةُ عَلَى الأَورَادِ، وَتركُ الرُّخَصِ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ أَبُو القَاسِمِ يحملُ الدَّواةَ وَالوَرَقَ، فكُلَّمَا دَخَلنَا بَلَداً قَالَ لِي: قُمْ حَتَّى نَسْمَعَ، وَدخَلنَا بَغْدَادَ، فَأَتينَا القَطِيْعِيَّ، وَكَانَ لَهُ وَرَّاقٌ فَأَخْطَأَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَبُو القَاسِمِ يردُّ فَلَمَّا ردَّ عَلَيْهِ الثَّالِثَةَ، قَالَ: يَا رَجُلُ إِنْ كُنْتَ تُحسنُ تقرأُ فدونَكَ، فَقَامَ وَأَخذَ الجُزءَ، فَقَرَأَ قِرَاءةً تَحَيَّرَ مِنْهَا القَطِيْعِيُّ وَمَنْ حَوْلَهُ.
قَالَ: فسأَلَنِي الوَرَّاقُ: مَنْ هَذَا؟
قُلْتُ: الأُسْتَاذُ أَبُو القَاسِمِ النَّصْرَابَاذِي، فَقَامَ، وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا شَيْخُ خُرَاسَانَ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: وَخَرَجَ بِنَا نَسْتَسْقِي مرَّةً، فَعملَ طعَاماً كَثِيْراً، وَأَطعمَ الفُقَرَاءَ، فَجَاءَ المَطَرُ كَأَفوَاهِ القِرَبِ وَبقيتُ أَنَا وَهُوَ لَا نقدرُ عَلَى المضيِّ، فَأَوينَا إِلَى مَسْجِدٍ، فَكَانَ يكِفُ وَكُنَّا صيَاماً، فَقَالَ: تُرِيْدُ أَنْ أَطلبَ لَكَ مِنَ الأَبْوَابِ كسرَةً؟
قُلْتُ: مَعَاذَ اللهِ، وَكَانَ يترنَّم وَيَقُوْلُ:
خَرَجُوا لِيَسْتَسْقُوا فَقُلْتُ لَهُم قِفُوا
…
دَمْعِي يَنُوبُ لَكُمْ عَنِ الأَنْوَاءِ
قَالُوا صَدَقْتَ فَفِي دُمُوعِكَ مَقْنَعٌ
…
لكِنَّهَا ممْزُوجَةٌ بِدِمَاءِ (1)
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ عَسَاكِرٍ سَمَاعاً عَنِ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الأَسَعْدِ بنُ القُشَيْرِيِّ، قَالَ: أَلْبَسَنِي الخرقَةَ جَدِّي أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَلَبِسَهَا مِنَ الأُسْتَاذِ أَبِي عَلِيٍّ الدَّقَّاقِ، عَنْ أَبِي القَاسِمِ النَّصرَابَاذِي، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشِّبْلِيِّ، عَنِ الجُنَيْدِ، عَنْ سرِيٍّ السَّقَطِيِّ، عَنْ مَعْرُوفٍ الكَرْخِيِّ - رحمهُمُ اللهُ تعالَى -.
قُلْتُ: وَمَا بَعْدَ مَعْرُوفٍ فمُنْقَطِعٌ، زَعَمُوا أَنَّهُ أَخذَ عَنْ دَاوُدَ
(1) البيتان في " طبقات الأولياء " لابن الملقن: ص 28.