الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأُمُوْرِ، وَسَاسَ الجَيْشَ، وَأَنفقَ فِيهِم مائَتَيْ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَأَحضَرَه تُوْرَانْشَاه، وَسَلطَنَه.
وَيُقَالُ: إِنْ تُوْرَانْشَاه هَمَّ بِقَتْلِهِ.
اتَّفَقَ (1) حَركَةُ الفِرَنْجِ وَتَأَخُّرُ العَسَاكِرِ، فَرَكِبَ فَخْرُ الدِّيْنِ فِي السَّحَرِ، وَبَعَثَ خَلفَ الأُمَرَاءِ لِيَركَبُوا، فَسَاقَ فِي طَلَبِه، فَدَهَمَهُ طُلب الدَّوَايَّةِ، فَحَملُوا عَلَيْهِ، فَتفلَّلَ عَنْهُ أَجنَادُه، وَطُعنَ وَقُتِلَ، وَنَهبتْ غِلمَانُه أَمْوَالَه وَخَيلَه، فَرَاحَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ.
قَالَ ابْنُ عَمِّهِ سَعْدُ الدِّيْنِ: كَانَ الضَّبَابُ شَدِيداً، فَطُعنَ، وَجَاءتْه ضَربَةُ سَيْفٍ فِي وَجْهِهِ، وَقُتِلَ مَعَهُ جَمْدَارُه وَعِدَّةٌ، وَتَرَاجَعَ المُسْلِمُوْنَ، فَأَوقَعُوا بِالفِرَنْجِ، وَقَتَلُوا مِنْهُم أَلْفاً وَسِتَّ مائَةِ فَارِسٍ، ثُمَّ خَنْدَقَتِ الفِرَنْجُ عَلَى نُفُوْسِهِم.
قَالَ: وَأُخربَتْ دَارُ فَخْرِ الدِّيْنِ لِيَوْمِهَا، وَبِالأَمسِ كَانَ يَصطفُّ عَلَى بَابِهَا عصَائِبُ سَبْعِيْنَ أَمِيْراً (2) .
قُتِلَ: فِي رَابِعِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
114 - المُعَظَّمُ تُوْرَانْشَاه بنُ أَيُّوْبَ ابْنِ الكَامِلِ ابْنِ العَادِلِ *
السُّلطَانُ، المَلِكُ، المُعَظَّمُ، غِيَاثُ الدِّيْنِ تُوْرَانْشَاه ابْنُ السُّلْطَانِ المَلِكِ الصَّالِحِ أَيُّوْبَ ابْنِ الكَامِلِ ابْنِ العَادِلِ.
(1) وانظر مرآة الزمان: 8 / 776 - 777.
(2)
قال السبط: " أخرجها الامراء الذين كانوا يركبون كل يوم إلى خدمته ويقفون على بابه، وهم أكثر من سبعين أميرا، كانوا يتمنون أن ينظر إلى أحد منهم فطرة، أخربوا داره بأيديهم، وحمل من المقياس إلى الشافعي فدفن عند والدته، وكان يوما مشهودا، وحمل على الاصابع، وبكى عليه الناس، وعمل له العزاء العظيم، وكان له يوم مات ست وثلاثون سنة (كذا)(مرآة 8 / 777) .
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 781 - 783، ذيل الروضتين لأبي شامة: 185 تاريخ مختصر الدول لابن العبري: 260، مفرج الكروب لابن واصل (في صفحات متفرقة من المطبوع: تلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي: ج 4 الترجمة 1761، والحوادث الجامعة المنسوب إليه خطأ: 246 - 247، المختصر في أخبار البشر لأبي الفدا: 3 / 181، كنز الدرر =
وُلِدَ بِمِصْرَ، وَعَمِلَ نِيَابَةَ أَبِيْهِ، ثُمَّ تَمَلَّكَ بِحِصنِ كَيْفَا وَآمدَ وَتِلْكَ البِلَادِ، وَكَانَ أَبُوْهُ لَا يَختَارُ أَنْ يَجِيْءَ لَمَّا مَلكَ مِصْرَ، كَانَ لَا يُعجبُه هَوَجُهُ وَلَا طَيشُه، سَارَ لإِقدَامِه الأَمِيْرُ الفَارِسُ أَقْطَاي، وَسَافَرَ بِهِ يَتحَايدُ مُلُوْكَ الأَطرَافِ فِي نَحْوٍ مِنْ خَمْسِيْنَ فَارِساً عَلَى الفُرَاتِ وَعَانَةَ، ثُمَّ عَلَى أَطرَافِ السَّمَاوَةِ، وَعَطِشُوا، فَدَخَلَ دِمَشْقَ، وَزُيِّنتْ لَهُ، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا بَعْدَ شَهرٍ، فَاتَّفَقتْ كَسرَةُ الفِرَنْجِ عِنْدَ وُصُوْلِه، وَتَيمَّنَ النَّاسُ بِهِ، فَبدَا مِنْهُ حَركَاتٌ مُنفِّرَةٌ، وَتَركَ بِحصنِ كَيْفَا ابْنَه الملكَ المُوَحِّدَ صَبِيّاً، فَطَالَ عُمُرُه، وَاسْتَولَتِ التَّتَارُ عَلَى الحصنِ، فَبقِيَ فِي مَمْلَكَةٍ صَغِيرَةٍ حَقِيرَةٍ مِنْ تَحْتِ يَدِ التَّتَارِ إِلَى بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَالَ لِي تَاجُ الدِّيْنِ الفَارِقِيُّ: عَاشَ إِلَى بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَهُ ابْنُه -يَعْنِي الملكَ الكَامِلَ ابْنَ المُوَحِّدِ- الَّذِي قَتلَه قَازَانُ سَنَةَ سَبْعِ مائَةٍ، وَأُقيمَ بَعْدَهُ ابْنُه الصَّالِحُ فِي رُتْبَةِ جُندِيٍّ، وَكَانَ السُّلْطَانُ يَقُوْلُ: تُوْرَانْشَاهُ مَا يَصلُحُ لِلمُلكِ.
وَكَانَ حُسَامُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي عَلِيٍّ يَلحُّ عَلَيْهِ فِي إِحضَارِه، فَيَقُوْلُ: أُحضِرُه لِيَقتلُوْهُ، فَكَانَ كَمَا قَالَ.
قَالَ ابْنُ حَمُّوَيْه سَعْدُ الدِّيْنِ: لَمَّا قَدِمَ، طَالَ لِسَانُ كُلُّ خَامِلٍ،
= وجامع الغرر (الدرر المطلوب في اخبار بني أيوب) للداوداري (تحقيق عاشور - القاهرة 1972) 7 / 381، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 86 - 87 وحواشيهما، دول الإسلام للذهبي: 2 / 116، العبر للذهبي: 5 / 199 - 200، تاريخ ابن الوردي: 2 / 262، الوافي بالوفيات: 10 / 441 - 443 الترجمة 4933، فوات الوفيات لابن شاكر: 1 / 263 - 265 الترجمة 91، طبقات السبكي 8 / 134 - 136 الترجمة 1123، البداية والنهاية: 13 / 180، العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني: 576، السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي: 1 / 359، النجوم الزاهرة: 6 / 364 - 372، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب لأحمد بن إبراهيم الحنبلي: 426 - 431، الترجمة 125، حسن المحاضرة للسيوطي: 2 / 35 - 36، شذرات الذهب 5 / 241 - 242.
وَوجدُوْهُ خَفِيفَ العَقْلِ، سَيِّئَ التَّدْبِيْرِ، وَقَعَ بِخُبزِ فَخْرِ الدِّيْنِ لِلَالَاهُ جَوْهَرٍ (1) ، وَتطلَّع الأُمَرَاء إِلَى أَنْ يُنفق فِيهِم كَمَا فَعلَ بِدِمَشْقَ، فَمَا أَعْطَاهُم شَيْئاً، وَكَانَ لَا يَزَالُ يَتحرَّكُ كتفُه الأَيْمَنُ مَعَ نِصْفِ وَجهِه، وَيُكثر الولَعَ بِلِحيتِهِ، وَمتَى سَكِرَ ضَرَبَ الشُّموعَ بِالسَّيْفِ، وَيَقُوْلُ: هَكَذَا أَفْعَلُ بِمَمَالِيْكِ أَبِي.
وَيَتَهَدَّدُ الأُمَرَاءَ بِالقَتلِ، فَتَنكَّرُوا لَهُ، وَكَانَ ذَكيّاً، قَوِيَّ المُشَاركَةِ، يَبحثُ، وَيَنْقلُ.
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (2) : كَانَ يَكُوْنُ (3) عَلَى السِّمَاطِ بِدِمَشْقَ، فَإِذَا سَمِعَ فَقِيْهاً يَنقلُ مَسْأَلَةً، صَاحَ: لَا نُسَلِّمْ.
وَاحتجبَ عَنْ أُمُوْرِ النَّاسِ، وَانْهَمَكَ فِي الفَسَادِ بِالغِلمَانِ، وَمَا كَانَ أَبُوْهُ كَذَلِكَ.
وَيُقَالُ: تَعرَّضَ لِسرَارِي أَبِيْهِ، وَقَدَّمَ أَرذَال (4) ، وَوعد أَقطَاي بِالإِمْرَةِ، فَمَا أَمَّرَه، فَغَضِبَ، وَكَانَتْ شَجَرُ الدُّرِّ قَدْ ذَهَبتْ مِنَ المَنْصُوْرَةِ إِلَى القَاهِرَةِ، فَمَا (5) وَصلَ بَقِيَ يَتهدَّدُهَا، وَيُطَالبُهَا بِالأَمْوَالِ، فَعَامَلتْ عَلَيْهِ.
وَلَمَّا كَانَ فِي المُحَرَّمِ (6)، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ: وَثَبَ عَلَيْهِ بَعْضُ البَحرِيَّةِ عَلَى السِّمَاطِ، فَضَرَبَه عَلَى يَدِه، فَقطعَ أَصَابعَه، فَقَامَ إِلَى البُرْجِ الخَشَبِ، وَصَاحَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟
قَالُوا: إِسْمَاعِيْلِيٌّ.
قَالَ: لَا وَاللهِ، بَلْ مِنَ البَحْرِيَّةِ، وَاللهِ لأُفْنِيَنَّهُم.
وَخَاطَ المُزَيِّنُ يَدَه، فَقَالُوا: بُتُّوهُ (7) ، وَإِلَاّ رُحنَا.
فَشدُّوا عَلَيْهِ، فَطَلَعَ إِلَى أَعْلَى البُرجِ، فَرَمَوُا البُرجَ بِالنفطِ وَبِالنشَابِ،
(1) يعني: اصدر توقيعا باعطاء مربيه جوهر واردات فخر الدين ابن شيخ الشيوخ. واللاله: المربي أو الخادم الخاص.
(2)
مرآة الزمان: 8 / 782 - 782.
(3)
في مرآة الزمان: كان يجلس.
(4)
في مرآة الزمان: وقدم الاراذل.
(5)
هكذا في الأصل، وفي تاريخ الإسلام: فجاء هو إلى المنصورة وارسل يتهددها.. (6) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام وسبط ابن الجوزي والملك الأشرف ان ذلك كان في السابع والعشرين من المحرم.
(7)
في تاريخ الإسلام: " تمموه ".