الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَخَيْمَاتُكِ اللَاّتِي بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى
…
بَلِيْنَ بِلَىً لَمْ تَبْلَهُنَّ رُبُوْعُ
وَقِيْلَ: إِنَّ قَوْمَهُ حَجُّوا بِهِ لِيَزُوْرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَيَدْعُو، حَتَّى إِذَا كَانَ بِمِنَىً سَمِعَ نِدَاءً: يَا لَيْلَى، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَبَكَى أَبُوْهُ، فَأَفَاقَ يَقُوْلُ:
وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالخَيْفِ مِنْ مِنَىً
…
فَهَيَّجَ أَطْرَابَ الفُؤَادِ وَلَمْ يَدْرِ (1)
دَعَا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا
…
أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِراً كَانَ فِي صَدْرِي (2)
وَجَزِعَتْ هِيَ لِفِرَاقِهِ وَضَنِيَتْ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَاهُ قَيَّدَهُ، فَبَقِيَ يَأْكُلُ لَحْمَ ذِرَاعَيْهِ، وَيَضْرِبُ بِنَفْسِهِ، فَأَطْلَقَهُ، فَهَامَ فِي الفَلَاةِ، فَوُجِدَ مَيْتاً، فَاحْتَمَلُوْهُ إِلَى الحَيِّ، وَغَسَّلُوْهُ، وَدَفَنُوْهُ، وَكَثُرَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَالشَّبَابِ عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ بُقُوْلِ الأَرْضِ، وَأَلِفَتْهُ الوَحْشُ، وَكَانَ يَكُوْنُ بِنَجْدٍ، فَسَاحَ حَتَّى حُدُوْدِ الشَّامِ.
وَشِعْرُهُ كَثِيْرٌ مِنْ أَرَقِّ شَيْءٍ وَأَعْذَبِهِ، وَكَانَ فِي دَوْلَةِ يَزِيْدَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ.
2 - أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ *
(م، 4)
الدَّارَانِيُّ، سَيِّدُ التَّابِعِيْنَ، وَزَاهِدُ العَصْرِ.
(1) رواية الديوان ص 144 والشعر والشعراء ص 163: " فهيج أحزان الفؤاد وما يدري ".
والخيف: موضع في منى، منه سمي مسجد الخيف.
والاطراب: جمع طرب وهو خفة تعتري المرء عند شدة الفرح أو شدة الحزن.
(2)
انظر الخبر مفصلا في الاغاني 2 / 21.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 448، طبقات خليفة ت 2888، تاريخ البخاري 5 / 58، المعرفة والتاريخ 2 / 308 و382، الحلية 2 / 22، الاستيعاب ت 1479، تاريخ ابن عساكر 9 / 12 ب، أسد الغابة 3 / 129، اللباب 1 / 395، تهذيب الكمال ص 170 و1654 تذكرة الحفاظ 1 / 46، تاريخ الإسلام 3 / 102، فوات الوفيات 1 / 209، البداية والنهاية 8 / 146، الإصابة ت 6302، تهذيب التهذيب 12 / 235، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 13، شذرات الذهب 1 / 70، تهذيب ابن عساكر 7 / 314.
اسْمُهُ عَلَى الأَصَحِّ: عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ.
وَقِيْلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ.
وَقِيْلَ: عَبْدُ اللهِ بنُ ثَوَابٍ (1) .
وَقِيْلَ: ابْنُ عُبَيْدٍ.
وَيُقَالُ: اسْمُهُ يَعْقُوْبُ بنُ عَوْفٍ.
قَدِمَ مِنَ اليَمَنِ، وَقَدْ أَسْلَمَ فِي أَيَّامِ النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ المَدِيْنَةَ فِي خِلَافَةِ الصِّدِّيْقِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلَانِيُّ، وَأَبُو العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ، وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَشُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ - وَمَا أَدْرَكَاهُ - وَعَطِيَّةُ بنُ قَيْسٍ، وَأَبُو قِلَابَةَ الجَرْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَعُمَيْرُ بنُ هَانِئ، وَيُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ، وَلَمْ يَلْحَقُوْهُ، لَكِنْ أَرْسَلُوا عَنْهُ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ، قَالَ:
أَتَى أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيُّ المَدِيْنَةَ، وَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ.
فَحَدَّثَنَا شُرَحْبِيْلُ: أَنَّ الأَسْوَدَ (2) تَنَبَّأَ بِاليَمَنِ، فَبَعَثَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، فَأَتَاهُ بِنَارٍ عَظِيْمَةٍ، ثُمَّ إِنَّهُ أَلْقَى أَبَا مُسْلِمٍ فِيْهَا، فَلَمْ تَضَرَّهُ.
فَقِيْلَ لِلأَسْوَدِ: إِنْ لَمْ تَنْفِ هَذَا عَنْكَ، أَفْسَدَ عَلَيْكَ مَنِ اتَّبَعَكَ.
فَأَمَرَهُ بِالرَّحِيْلِ، فَقَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، وَدَخَلَ المَسْجِدَ يُصَلِّي، فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَامَ
(1) زاد ابن عساكر 9 / 12 ب: ويقال: ابن أثوب، ويقال: ابن مسلم. وانظر تاريخ الإسلام 3 / 102.
(2)
هو الأسود العنسي، واسمه عيهلة وقيل: عبهلة بن كعب بن عوف، من مذحج.
متنبئ مشعوذ من أهل اليمن، أسلم كما أسلمت اليمن، وارتد في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أول من ارتد في الإسلام، ادعى النبوة، وضل به كثير من مذحج حتى اتسع سلطانه. اغتيل قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهر واحد.
اهـ مختصرا، الاعلام 5 / 299.
إِلَيْهِ، فَقَالَ: مِمَّنِ الرَّجُلُ؟
قَالَ: مِنَ اليَمَنِ.
قَالَ: مَا فَعَلَ الَّذِي حَرَّقَهُ الكَذَّابُ بِالنَّارِ؟
قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ.
قَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ، أَنْتَ هُوَ؟
قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
فَاعْتَنَقَهُ عُمَرُ، وَبَكَى، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدِّيْقِ، فَقَالَ:
الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَنْ صُنِعَ بِهِ كَمَا صُنِعَ بِإِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلِ.
رَوَاهُ: عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ نَجْدَةَ - وَهُوَ ثِقَةٌ - عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، لَكِنَّ شُرَحْبِيْلَ أَرْسَلَ الحِكَايَةَ (1) .
وَيُرْوَى عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ:
أَنَّ كَعْباً رَأَى أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيَّ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
قَالُوا: أَبُو مُسْلِمٍ.
فَقَالَ: هَذَا حَكِيْمُ هَذِهِ الأُمَّةِ (2) .
وَرَوَى: مَعْمَرٌ، عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَكَانَ يَتَنَاوَلُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقُلْتُ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، أَلَا أُحَدِّثُكَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانَ قَدْ أُوْتِيَ حِكْمَةً.
قَالَ: مَنْ هُوَ؟
قُلْتُ: أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيُّ، سَمِعَ أَهْلَ الشَّامِ يَنَالُوْنَ مِنْ عَائِشَةَ، فَقَالَ:
أَلَا أُخْبِرُكُم بِمَثَلِي وَمَثَلِ أُمِّكُمْ هَذِهِ؟ كَمَثَلِ عَيْنَيْنِ فِي رَأْسٍ تُؤْذِيَانِ صَاحِبَهُمَا، وَلَا يَسْتَطِيْعُ أَنْ يُعَاقِبَهُمَا إِلَاّ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُمَا، فَسَكَتَ.
فَقَالَ الزُهْرِيُّ: أَخْبَرَنِيْهِ أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلَانِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ (3) .
قَالَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاتِكَةِ: عَلَّقَ أَبُو مُسْلِمٍ سَوْطاً فِي المَسْجِدِ، فَكَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أَوْلَى بِالسَّوْطِ مِنَ البَهَائِمِ.
فَإِذَا فَتَرَ، مَشَقَ (4) سَاقَيْهِ سَوْطاً أَوْ سَوْطَيْنِ.
قَالَ: وَكَانَ يَقُوْلُ: لَوْ رَأَيْتُ الجَنَّةَ عِيَاناً، أَوِ النَّارَ عِيَاناً مَا كَانَ عِنْدِي مُسْتَزَادٌ.
(1) أورده ابن عساكر في تاريخه 9 / 15 ب مطولا.
(2)
ابن عساكر 9 / 16 آ.
(3)
ابن عساكر 9 / 16 ب.
(4)
مشقه: ضربه بسرعة.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ شُرَحْبِيْلَ:
أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا أَبَا مُسْلِمٍ، فَلَمْ يَجِدَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَأَتَيَا المَسْجِدَ، فَوَجَدَاهُ يَرْكَعُ، فَانْتَظَرَاهُ، فَأَحْصَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَكَعَ ثَلَاثَ مائَةِ رَكْعَةٍ (1) .
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاتِكَةِ:
أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيَّ سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْل: سَبَقَ اليَوْمَ (2) فُلَانٌ.
فَقَالَ: أَنَا السَّابِقُ.
قَالُوا: وَكَيْفَ يَا أَبَا مُسْلِمٍ؟
قَالَ: أَدْلَجْتُ مِنْ دَارِيَّا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَكُمْ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ: عَنْ عَطِيَّةَ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
دَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ غَازٍ فِي أَرْضِ الرُّوْمِ، وَقَدِ احْتَفَرَ جُوْرَةً فِي فُسْطَاطِهِ (3) ، وَجَعَلَ فِيْهَا نِطْعاً، وَأَفْرَغَ فِيْهِ المَاءَ، وَهُوَ يَتَصَلَّقُ فِيْهِ (4) .
فَقَالُوا: مَا حَمَلَكَ عَلَى الصِّيَامِ وَأَنْتَ مُسَافِرٌ؟!
قَالَ: لَوْ حَضَرَ قِتَالٌ لأَفْطَرْتُ، وَلَتَهَيَّأْتُ لَهُ وَتَقَوَّيْتُ، إِنَّ الخَيْلَ لَا تَجْرِي الغَايَاتِ (5) وَهُنَّ بُدَّنٌ، إِنَّمَا تَجْرِي وَهُنَّ ضُمَّرٌ؛ أَلَا وَإِنَّ أَيَّامَنَا بَاقِيَةٌ جَائِيَةٌ، لَهَا نَعْمَلُ (6) .
وَقِيْلَ: كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيْرِ حَتَّى مَعَ الصِّبْيَانِ، وَيَقُوْلُ:
اذْكُرِ اللهَ حَتَّى يَرَى الجَاهِلُ أَنَّهُ مَجْنُوْنٌ (7) .
(1) زاد ابن عساكر في تاريخه 9 / 17 آما نصه: "..والآخر أربع مئة ركعة قبل أن ينصرف، فقالا له: يا أبا مسلم كنا قاعدين خلفك ننتظرك، فقال: إني لو عرفت مكانكما، لانصرفت إليكما أن تحفظا علي صلاتي، وأقسم لكما بالله، إن خير كثرة السجود ليوم القيامة ". اه.
وانظر تاريخ الإسلام 3 / 104.
(2)
ما بين الحاصرتين من تاريخ ابن عساكر.
(3)
الفسطاط: البيت من الشعر.
(4)
تصلق: تقلب وتلوى على جنبيه.
(5)
الغايات: النهايات، وفي الحديث: " أنه صلى الله عليه وسلم سبق بين الخيل وفضل القرح في الغاية.
(6)
في الحلية 2 / 127: " بين أيدينا أياما لها نعمل " وانظر تاريخ ابن عساكر 9 / 17 ب وتاريخ الإسلام 3 / 104.
(7)
رواية ابن عساكر في التاريخ 9 / 17 ب: " اذكر الله حتى يرى الجاهل أنك مجنون ".
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيِّ:
أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَزَا أَرْضَ الرُّوْمِ، فَمَرُّوا بِنَهَرٍ، فَقَالَ: أَجِيْزُوا بِسْمِ اللهِ.
وَيَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِيْهِم، فَيَمُرُّوْنَ بِالنَّهْرِ الغَمْرِ، فَرُبَّمَا لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الدَّوَابِّ إِلَاّ الرُّكَبُ، فَإِذَا جَازُوا قَالَ الرَّجُلُ: هَلْ ذَهَبَ لَكُم شَيْءٌ؟ فَمَنْ ذَهَبَ لَهُ شَيْءٌ، فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ.
فَأَلْقَى بَعْضُهُم مِخْلَاتِهِ عَمْداً، فَلَمَّا جَاوَزُوا، قَالَ الرَّجُلُ: مِخْلَاتِي وَقَعَتْ.
قَالَ: اتَّبِعْنِي.
فَاتَّبَعَهُ، فَإِذَا بِهَا مُعَلَّقَةٌ بِعُوْدٍ فِي النَّهْرِ، قَالَ: خُذْهَا (1) .
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ:
أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ أَتَى عَلَى دِجْلَةَ وَهِيَ تَرْمِي بِالخَشَبِ مِنْ مَدِّهَا، فَذَهَبَ (2) عَلَيْهَا، ثُمَّ حَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ مَسِيْرَ بَنِي إِسْرَائِيْلَ فِي البَحْرِ، ثُمَّ لَهَزَ (3) دَابَّتَهُ، فَخَاضَتِ المَاءَ، وَتَبِعَهُ النَّاسُ حَتَّى قَطَعُوْهَا، ثُمَّ قَالَ:
هَلْ فَقَدْتُمْ شَيْئاً مِنْ مَتَاعِكُمْ، فَأَدْعُوَ اللهَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيَّ (4) ؟
عَنْبَسَةُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ:
كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيُّ إِذَا اسْتَسْقَى سُقِي (5) .
وَرَوَى: بَقِيَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ:
أَنَّ امْرَأَةً خَبَّبَتْ عَلَيْهِ (6) امْرَأَتَهُ، فَدَعَا عَلَيْهَا، فَعَمِيَتْ، فَأَتَتْهُ، فَاعْتَرَفَتْ، وَتَابَتْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ صَادِقَةً، فَارْدُدْ بَصَرَهَا.
فَأَبْصَرَتْ (7) .
(1) تاريخ ابن عساكر 9 / 18 آوما بين الحاصرتين منه.
(2)
لفظ ابن عساكر: فوقف.
(3)
لهز: ضرب بجمع كفه.
(4)
تاريخ الإسلام 3 / 104 وما بين الحاصرتين منه.
(5)
لفظ ابن عساكر: سقانا.
(6)
يقال: خبب فلان على فلان صديقه، إذا أفسده عليه.
والخبر في الحلية 2 / 129 و130.
وفي ابن عساكر 9 / 19 آمطولا.
(7)
ابن عساكر 9 / 19 آوتاريخ الإسلام 3 / 105.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: عَنْ بِلَالِ بنِ كَعْبٍ:
أَنَّ الصِّبْيَانَ قَالُوا لأَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيِّ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَحْبِسَ عَلَيْنَا هَذَا الظَّبْيَ، فَنَأْخُذَهُ.
فَدَعَا اللهَ، فَحَبَسَهُ، فَأَخَذُوْهُ (1) .
وَعَنْ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ: أَنَّ امْرَأَةَ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَتْ: لَيْسَ لَنَا دَقِيْقٌ.
فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟
قَالَتْ: دِرْهَمٌ بِعْنَا بِهِ غَزْلاً.
قَالَ: ابْغِيْنِيْهِ، وَهَاتِي الجِرَابَ.
فَدَخَلَ السُّوْقَ، فَأَتَاهُ سَائِلٌ، وَأَلَحَّ، فَأَعْطَاهُ الدِّرْهَمَ، وَمَلأَ الجِرَابَ نُشَارَةً مِنْ تُرَابٍ، وَأَتَى وَقَلْبُهُ مَرْعُوْبٌ مِنْهَا، وَذَهَبَ، فَفَتَحَهُ، فَإِذَا بِهِ دَقِيْقٌ حُوَّارَى (2) ، فَعَجَنَتْ، وَخَبَزَتْ.
فَلَمَّا جَاءَ لَيْلاً، وَضَعَتْهُ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟
قَالَتْ: مِنَ الدَّقِيْقِ.
فَأَكَلَ، وَبَكَى (3) .
أَبُو مُسْهِرٍ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ:
أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ اسْتَبْطَأَ خَبَرَ جَيْشٍ كَانَ بِأَرْضِ الرُّوْمِ، فَدَخَلَ طَائِرٌ، فَوَقَعَ، فَقَالَ: أَنَا رُتْبَابِيْلُ (4) مُسْلِي الحُزْنِ مِنْ صُدُوْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ الجَيْشِ، فَقَالَ: مَا جِئْتَ حَتَّى اسْتَبْطَأْتُكَ؟
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَرْتَجِزُ يَوْمَ صِفِّيْنَ (5)، وَيَقُوْلُ:
مَا عِلَّتِي مَا عِلَّتِي
…
وَقَدْ لَبِسْتُ دِرْعَتِي
أَمُوْتُ عِنْدَ طَاعَتِي
…
(6)
(1) المصدر السابق.
(2)
الدقيق الحوارى: الابيض.
(3)
ابن عساكر 9 / 19 ب.
(4)
كذا في الأصل، وعند ابن عساكر: اردياليل.
(5)
صفين: موضع بقرب الرقة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي بين الرقة وبالس.
فيه كانت واقعة صفين بين علي رضي الله عنه ومعاوية سنة 37 هـ في غرة صفر.
معجم البلدان 3 / 414.
وانظر أخبارها في تاريخ الإسلام 2 / 166 ولنصر بن مزاحم المنقري المتوفى 212 مؤلف مطبوع سماه " وقعة صفين ".
(6)
ابن عساكر 9 / 21 آوتاريخ الإسلام 3 / 105.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ قَامَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَوَعَظَهُ، وَقَالَ:
إِيَّاكَ أَنْ تَمِيْلَ عَلَى قَبِيْلَةٍ، فَيَذْهَبَ حَيْفُكَ بِعَدْلِكَ (1) .
وَرَوَى: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَامَ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الأَجِيْرُ.
فَقَالَوا: مَهْ.
قَالَ: دَعُوْهُ، فَهُوَ أَعْرَفُ بِمَا يَقُوْلُ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ.
ثُمَّ وَعَظَهُ، وَحَثَّهُ عَلَى العَدْلِ (2) .
وَقَالَ شُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ: كَانَ الوُلَاةُ يَتَيَمَّنُوْنَ بِأَبِي مُسْلِمٍ، وَيُؤَمِّرُوْنَهُ عَلَى المُقَدِّمَاتِ (3) .
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَاتَ أَبُو مُسْلِمٍ بِأَرْضِ الرُّوْمِ، وَكَانَ شَتَا مَعَ بُسْرِ بنِ أَبِي أَرْطَاةَ، فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ، فَعَادَهُ بُسْرٌ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو مُسْلِمٍ: يَا بُسْرُ، اعْقِدْ لِي عَلَى مَنْ مَاتَ فِي هَذِهِ الغَزَاةِ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ بِهِم يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى لِوَائِهِم (4) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حُدِّثْنَا عَنْ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ بَعْضِ المَشْيَخَةِ، قَالَ:
أَقْبَلْنَا مِنْ أَرْضِ الرُّوْمِ، فَمَرَرْنَا بِالعُمَيْرِ، عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ حِمْصَ، فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَاطَّلَعَ رَاهِبٌ مِنْ صَوْمَعَةٍ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُوْنَ أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيَّ؟
قُلْنَا: نَعَمْ.
قَالَ: إِذَا أَتَيْتُمُوْهُ، فَأَقْرِؤُوْهُ السَّلَامَ، فَإِنَّا نَجِدُهُ فِي الكُتُبِ رَفِيْقَ عِيْسَى ابْنِ مَرْيَمَ، أَمَا إِنَّكُم لَا تَجِدُوْنَهُ حَيّاً.
قَالَ: فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الغُوْطَةِ، بَلَغَنَا مَوْتُهُ.
(1) أورده ابن عساكر 9 / 21 ب مطولا.
(2)
تاريخ ابن عساكر 9 / 22 آ.
(3)
المصدر السابق 9 / 23 ب.
(4)
المصدر السابق وما بين الحاصرتين منه.