الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ، قَالَ:
لَمَّا سُيِّرَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: ابْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، شَيَّعَهُ إِخْوَانُهُ، وَكَانَ بِظَهْرِ المِرْبَدِ، فَقَالَ:
إِنِّي دَاعٍ فَأَمِّنُوا: اللَّهُمَّ مَنْ وَشَى بِي، وَكَذَبَ عَلَيَّ، وَأَخْرَجَنِي مِنْ مِصْرِي، وَفَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَانِي، فَأَكْثِرْ مَالَهُ، وَأَصِحَّ جِسْمَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ (1) .
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: بُعِثَ بِعَامِرِ بنِ عَبْدِ قَيْسٍ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي حَشَرَنِي رَاكِباً.
قَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا احْتُضِرَ عَامِرٌ، بَكَى.
فَقِيْلَ: مَا يُبْكِيْكَ؟
قَالَ: مَا أَبْكِي جَزَعاً مِنَ المَوْتِ، وَلَا حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى ظَمَأِ الهَوَاجِرِ، وَقِيَامِ اللَّيْلِ (2) .
وَرَوَى: عُثْمَانُ بنُ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ قَبْرَ عَامِرَ بنَ عَبْدِ قَيْسٍ بِبَيْتِ المَقْدِسِ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ.
5 - أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ أَبُو عَمْرٍو بنُ عَامِرِ بنِ جَزْءِ بنِ مَالِكٍ المُرَادِيُّ *
هُوَ القُدْوَةُ، الزَّاهِدُ، سَيِّدُ التَّابِعِيْنَ فِي زَمَانِهِ.
أَبُو عَمْرٍو، أُوَيْسُ بنُ عَامِرِ بنِ جَزْءِ بنِ مَالِكٍ القَرَنِيُّ، المُرَادِيُّ، اليَمَانِيُّ.
(1) الحلية 2 / 91 وتاريخ ابن عساكر ص 339 وتاريخ الإسلام 3 / 28.
(2)
في ابن عساكر ص 368 و369 بلفظ مخالف وطرق مختلفة وانظر تاريخ الإسلام 3 / 28.
(*) طبقات ابن سعد 6 / 161، طبقات خليفة ت 1044، تاريخ البخاري 2 / 55، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الأول 326، الحلية 2 / 79، أسد الغابة 1 / 151، تاريخ ابن عساكر 3 / 97 آ، وأخباره مستوعبة فيه، الإصابة ت 500، تهذيب التهذيب 1 / 386، لسان الميزان 1 / 471، شرح المقامات الحريرية 2 / 217، تاريخ الإسلام 2 / 173، مسالك الابصار 1 / 122، خلاصة تذهيب الكمال 41، تاج العروس مادة (أوس) ، تهذيب ابن عساكر 3 / 157.
وَقَرَنُ: بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ.
وَفَدَ عَلَى عُمَرَ، وَرَوَى قَلِيْلاً عَنْهُ، وَعَنْ عَلِيٍّ.
رَوَى عَنْهُ: يُسَيْرُ بنُ عَمْرِوٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو عَبْدِ رَبٍّ الدِّمَشْقِيُّ، وَغَيْرُهُم، حِكَايَاتٍ يَسِيْرَةً، مَا رَوَى شَيْئاً مُسْنَداً وَلَا تَهَيَّأَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِلِيْنٍ، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ المُتَّقِيْنَ، وَمِنْ عِبَادِهِ المُخْلَصِيْنَ.
عَفَّانُ (م) : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بنِ جَابِرٍ، قَالَ:
لَمَّا أَقْبَلَ أَهْلُ اليَمَنِ، جَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه يَسْتَقْرِئُ الرِّفَاقَ، فَيَقُوْلُ: هَلْ فِيْكُم أَحَدٌ مِنْ قَرَنَ؟
فَوَقَعَ زِمَامُ عُمَرَ - أَوْ زِمَامُ أُوَيْسٍ - فَنَاوَلَهُ - أَوْ نَاوَلَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ - فَعَرَفَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا اسْمُكَ؟
قَالَ: أَنَا أُوَيْسٌ.
قَالَ: هَلْ لَكَ وَالِدَةٌ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَهَلْ كَانَ بِكَ مِنَ البَيَاضِ شَيْءٌ؟
قَالَ: نَعَمْ، فَدَعَوْتُ اللهَ، فَأَذْهَبَهُ عَنِّي، إِلَاّ مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ مِنْ سُرَّتِي، لأَذْكُرَ بِهِ رَبِّي.
قَالَ لَهُ عُمَرُ: اسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي، أَنْتَ صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِيْنَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ، وَلَهُ وَالِدَةٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَدَعَا اللهَ، فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ، إِلَاّ مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ فِي سُرَّتِهِ) .
فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، ثُمَّ دَخَلَ فِي غِمَارِ النَّاسِ، فَلَمْ نَدْرِ أَيْنَ وَقَعَ.
قَالَ: فَقَدِمَ الكُوْفَةَ.
قَالَ: فَكُنَّا نَجْتَمِعُ فِي حَلْقَةٍ، فَنَذْكُرُ اللهَ، فَيَجْلِسُ مَعَنَا، فَكَانَ إِذَا ذَكَرَ هُوَ، وَقَعَ فِي قُلُوْبِنَا، لَا يَقَعُ حَدِيْثٌ غَيْرُهُ
…
، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
هَكَذَا اخْتَصَرَهُ (1) .
(م) : حَدَّثَنَا ابْنُ مُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بنِ أَوْفَى، عَنْ أُسَيْرِ بنِ جَابِرٍ، قَالَ:
كَانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ اليَمَنِ سَأَلَهُم: أَفِيْكُم أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ؟
حَتَّى أَتَى عَلَى
(1) رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة برقم (2542) مع خلاف في اللفظ والسياق، وأورده المؤلف في تاريخ الإسلام 1 / 230، 231 و2 / 173، بروايات مختلفة ولفظ مخالف، وأقرب الروايات للنص عند الامام أحمد في مسنده 1 / 38.
أُوَيْسٍ، فَقَالَ: أَنْتَ أويس بنُ عَامِرٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ، فَبَرِأْتَ مِنْهُ إِلَاّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: أَلَكَ وَالِدَةٌ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (يَأْتِي عَلَيْكُم أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ اليَمَنِ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ، فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَاّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ، هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ، فَافْعَلْ) ، فَاسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيْدُ؟
قَالَ: الكُوْفَةَ.
قَالَ: أَلَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا.
قَالَ: أَكُوْنُ فِي غُبَّرَاتِ (1) النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ.
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِم، فَوَافَقَ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ، فَقَالَ: تَرَكْتُهُ رَثَّ الهَيْئَةِ (2) ، قَلِيْلَ المَتَاعِ.
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (يَأْتِي عَلَيْكُم أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ اليَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ، فَبِرَأَ مِنْهُ إِلَاّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ، هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ، فَافْعَلْ) .
فَأَتَى أُوَيْساً، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْداً بِسَفَرٍ صَالِحٍ، فَاسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: لَقِيْتَ عُمَرَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَاسْتَغْفَرْ لَهُ.
قَالَ: فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ.
قَالَ أُسَيْرٌ: وَكَسَوْتُهُ بُرْدَةً، وَكَانَ كُلُّ مَنْ رَآهُ قَالَ (3) : مِنْ أَيْنَ لأُوَيْسٍ هَذِهِ البُرْدَةُ؟ (4)
(م) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ
1) غبرات مفردها غبر، قال أبو عبيدة: الغبرات: البقايا، والمعنى: أراد أن يبقى مع البقايا المتأخرين لا المتقدمين المشهورين.
ولفظ مسلم غبراء " ومعناه قريب منه.
(2)
لفظ مسلم: " رث البيت ".
(3)
لفظ مسلم: " فكان كلما رآه إنسان قال ".
(4)
رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة رقم (2542) وما بين الحاصرتين منه.
الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِيْنَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ، وَلَهُ وَالِدَةٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَمُرُوْهُ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُم (1)) .
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: هَذَا حَدِيْثٌ بَصْرِيٌّ.
قُلْتُ: تَفَرَّدَ بِهِ أُسَيْرُ بنُ جَابِرٍ.
وَيُقَالُ: يُسَيْرُ بنُ عَمْرٍو أَبُو الخَبَّازِ: بَصْرِيٌّ، رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ قَيْسٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَأَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: أُسَيْرُ بنُ جَابِرٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: قَدِمَ أُسَيْرٌ البَصْرَةَ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُم، فَقَالُوا: هَذَا هَكَذَا، فَكَيْفَ النَّهْرُ الَّذِي شَرِبَ مِنْهُ؟ - يَعْنُوْنَ: ابْنَ مَسْعُوْدٍ -.
قَالَ عَلِيٌّ: وَأَهْلُ البَصْرَةِ يَقُوْلُوْنَ: أُسَيْرُ بنُ جَابِرٍ.
وَأَهْلُ الكُوْفَةِ يَقُوْلُوْنَ: ابْنُ عَمْرٍو.
وَيُقَالُ: يُسَيْرٌ (2) .
وَقَالَ العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ: وُلِدَ فِي مُهَاجَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ.
أَبُو النَّضْرِ (م) : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ (3) أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بنِ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ:
سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (خَيْرُ التَّابِعِيْنَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَدَعَا اللهَ، فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ، إِلَاّ مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ فِي سُرَّتِهِ، لَا يَدَعُ بِاليَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُم، فَمُرُوْهُ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُم) .
قَالَ عُمَرُ: فَقَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ، فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
قَالَ: مِنَ اليَمَنِ.
قُلْتُ: مَا اسْمُكَ؟
قَالَ: أُوَيْسٌ.
قُلْتُ: فَمَنْ تَرَكْتَ بِاليَمَنِ؟
قَالَ: أُمّاً لِي.
قُلْتُ: أَكَانَ بِكَ بَيَاضٌ، فَدَعَوْتَ اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْكَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَاسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: أَوَ يَسْتَغْفِرُ مِثْلِي لِمِثْلِكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟! قَالَ:
(1) رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة رقم (2542) .
(2)
انظر الخلاف حول اسمه في تهذيب التهذيب 11 / 378.
(3)
ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل.
فَاسْتَغْفَرَ لِي، وَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَخِي لَا تُفَارِقُنِي.
قَالَ: فَانْمَلَسَ مِنِّي (1) ، فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْكُمُ الكُوْفَةَ.
قَالَ: فَجَعَلَ رَجُلٌ كَانَ يَسْخَرُ بِأُوَيْسٍ بِالكُوْفَةِ وَيَحْقِرُهُ، يَقُوْلُ: مَا هَذَا مِنَّا وَلَا نَعْرِفُهُ.
قَالَ عُمَرُ: بَلَى، إِنَّهُ رَجُلٌ كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ - كَأَنَّهُ يَضَعُ شَأْنَهُ -: فِيْنَا رَجُلٌ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ.
فَقَالَ عُمَرُ: أَدْرِكْ، فَلَا أُرَاكَ تُدْرِكُهُ.
قَالَ: فَأَقْبَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُوَيْسٍ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ.
فَقَالَ لَهُ أُوَيْسٌ: مَا هَذِهِ عَادَتُكَ! فَمَا بَدَا لَكَ؟
قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُوْلُ فِيْكَ كَذَا وَكَذَا، فَاسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: لَا أَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ أَنْ لَا تَسْخَرَ بِي فِيْمَا بَعْدُ، وَأَنْ لَا تَذْكُرَ مَا سَمِعْتَهُ مِنْ عُمَرَ لأَحَدٍ.
قَالَ: نَعَمْ.
فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.
قَالَ أُسَيْرٌ: فَمَا لَبِثْنَا أَنْ فَشَا أَمْرُهُ فِي الكُوْفَةِ.
قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَخِي! أَلَا أَرَاكَ العُجْبَ، وَنَحْنُ لَا نَشْعُرُ؟
فَقَالَ: مَا كَانَ فِي هَذَا مَا أَتَبَلَّغُ بِهِ فِي النَّاسِ، وَمَا يُجْزَى كُلُّ عَبْدٍ إِلَاّ بِعَمَلِهِ.
قَالَ: وَانْمَلَسَ مِنِّي، فَذَهَبَ (2) .
وَبِالإِسْنَادِ إِلَى أُسَيْرِ بنِ جَابِرٍ، قَالَ:
كَانَ بِالكُوْفَةِ رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ لَا أَسْمَعُ أَحَداً يَتَكَلَّمُ بِهِ، فَفَقَدْتُهُ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقَالُوا: ذَاكَ أُوَيْسٌ.
فَاسْتَدْلَلْتُ عَلَيْهِ، وَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا حَبَسَكَ عَنَّا؟
قَالَ: العُرْيُ.
قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَسْخَرُوْنَ بِهِ، وَيُؤْذُوْنَهُ.
قُلْتُ: هَذَا بُرْدٌ، فَخُذْهُ.
قَالَ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّهُم إِذاً يُؤْذُوْنَنِي.
فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى لَبِسَهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِم، فَقَالُوا: مَنْ تَرَوْنَ خَدَعَ عَنْ هَذَا البُرْدِ؟
قَالَ: فَجَاءَ، فَوَضَعَهُ.
فَأَتَيْتُ، فَقُلْتُ: مَا تُرِيْدُوْنَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَقَدْ آذَيْتُمُوْهُ؟ الرَّجُلُ يَعْرَى مَرَّةً، وَيَكْتَسِي أُخْرَى، وَآخَذْتُهُم بِلِسَانِي (3) .
(1) انملس: أفلت.
(2)
لم يرد الحديث عند مسلم بهذا السياق أو اللفظ، ولكنه يقاربه.
(3)
لفظ ابن سعد في الطبقات 6 / 162 وابن عساكر في تاريخه 3 / 99 ب: " فأخذتهم بلساني أخذا شديدا ".
فَقُضِيَ أَنَّ أَهْلَ الكُوْفَةِ وَفَدُوا عَلَى عُمَرَ، فَوَفَدَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَسْخَرُ بِهِ.
فَقَالَ عُمَرُ: مَا هَا هُنَا (1) رَجُلٌ مِنَ القَرَنِيِّيْنَ؟
فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عُمَرُ:
إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ رَجُلاً يَأْتِيْكُم مِنَ اليَمَنِ، يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ، لَا يَدَعُ بِاليَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ، قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَدَعَا اللهَ، فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ، إِلَاّ مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُم، فَمُرُوْهُ (2) ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُم) .
قَالَ عُمَرُ: فَقَدِمَ عَلَيْنَا هَا هُنَا، فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا أُوَيْسٌ.
قُلْتُ: مَنْ تَرَكْتَ بِاليَمَنِ؟
قَالَ: أُمّاً لِي.
قُلْتُ: هَلْ كَانَ بِكَ بَيَاضٌ، فَدَعَوْتَ اللهَ، فَأَذْهَبَهُ عَنْكَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! يَسْتَغْفِرُ مِثْلِي لِمِثْلِكَ؟!
قُلْتُ: أَنْتَ أَخِي، لَا تَفَارِقُنِي.
فَانْمَلَسَ مِنِّي، فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْكُمُ الكُوْفَةَ.
قَالَ: وَجَعَلَ الرَّجُل يُحَقِّرُهُ عَمَّا يَقُوْلُ فِيْهِ عُمَرُ، فَجَعَلَ يَقُوْلُ: مَاذَا فِيْنَا، وَلَا نَعْرِفُ هَذَا (3) .
قَالَ عُمَرُ: بَلَى، إِنَّهُ رَجُلٌ كَذَا.
فَجَعَلَ يَضَعُ (4) مِنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ عِنْدَنَا نَسْخَرُ بِهِ.
فَقَالَ لَهُ: أُوَيْسٌ؟
قَالَ: هُوَ هُوَ، أَدْرِكْ، وَلَا أُرَاكَ تُدْرِكُ.
فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ.
فَقَالَ أُوَيْسٌ: مَا كَانَتْ هَذِهِ عَادَتُكَ! فَمَا بَدَا لَكَ؟ أَنْشُدُكَ اللهَ.
قَالَ: لَقِيْتُ عُمَرَ، فَقَالَ كَذَا، وَقَالَ كَذَا، فَاسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: لَا أَسْتَغْفِرُ لَكَ حَتَّى تَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ أَنْ لَا تَسْخَرَ بِي، وَلَا تَذْكُرَ مَا سَمِعْتَ مِنْ عُمَرَ إِلَى أَحَدٍ.
قَالَ: لَكَ ذَاكَ.
قَالَ: فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.
قَالَ أُسَيْرٌ: فَمَا لَبِثَ أَنْ فَشَا حَدِيْثُهُ بِالكُوْفَةِ، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا أَخِي، أَلَا أَرَاكَ أَنْتَ العُجْبُ، وَكُنَّا لَا نَشْعُرُ.
قَالَ: مَا كَانَ فِي هَذَا مَا أَتَبَلَّغُ بِهِ إِلَى النَّاسِ، وَمَا يُجْزَى كُلُّ عَبْدٍ إِلَاّ بِعَمَلِهِ.
فَلَمَّا فَشَا الحَدِيْثُ، هَرَبَ، فَذَهَبَ (5) .
(1) في طبقات ابن سعد: " هل ها هنا ".
(2)
ما بين الحاصرتين من طبقات ابن سعد.
(3)
لفظ ابن سعد في الطبقات: " ما هذا فينا يا أمير المؤمنين وما نعرفه ".
(4)
في نسخة للمؤلف: " يصف ".
(5)
الخبر في طبقات ابن سعد 6 / 161 وما بعدها والحلية 2 / 79، 80 وتاريخ الإسلام 2 / 173.
وَرَوَاهُ: أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ.
وَفِي لَفْظٍ: أَوَ يُسْتَغْفَرُ لِمِثْلِكَ.
وَرَوَى نَحْواً مِنْ ذَلِكَ: عُثْمَانُ بنُ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، وَزَادَ فِيْهَا:
ثُمَّ إِنَّهُ غَزَا أَذْرَبِيْجَانَ، فَمَاتَ، فَتنَافَسَ أَصْحَابُهُ فِي حَفْرِ قَبْرِهِ (1) .
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو الأَصْفَرِ، عَنْ صَعْصَعَةَ بنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ:
كَانَ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ رَجُلاً مِنْ قَرَنٍ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ، وَكَانَ مِنَ التَّابِعِيْنَ، فَخَرَجَ بِهِ وَضَحٌ، فَدَعَا اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ، فَأَذْهَبَهُ اللهُ.
قَالَ: دَعْ فِي جَسَدِي مِنْهُ مَا أَذْكُرُ بِهِ نِعَمَكَ عَلَيَّ.
فَتَرَكَ لَهُ مَا يَذْكُرُ بِهِ نِعَمَهُ عَلَيْهِ.
وَكَانَ رَجُلٌ يَلْزَمُ المَسْجِدَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ يَلْزَمُ السُّلْطَانَ، يُوْلَعُ بِهِ، فَإِنْ رَآهُ مَعَ قَوْمٍ أَغْنِيَاءَ، قَالَ: مَا هُوَ إِلَاّ يَسْتَأْكِلُهُم.
وَإِنْ رَآهُ مَعَ قَوْمٍ فُقَرَاءَ، قَالَ: مَا هُوَ إِلَاّ يَخْدَعُهُم.
وَأُوَيْسٌ لَا يَقُوْلُ فِي ابْنِ عَمِّهِ إِلَاّ خَيْراً، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا مَرَّ بِهِ، اسْتَتَرَ مِنْهُ، مَخَافَةَ أَنْ يَأْثَمَ فِي سَبَبِهِ.
وَكَانَ عُمَرُ يَسْأَلُ الوُفُوْدَ إِذَا هُم قَدِمُوا عَلَيْهِ مِنَ الكُوْفَةِ: هَلْ تَعْرِفُوْنَ أُوَيْسَ بنَ عَامِرٍ القَرَنِيَّ؟
فَيَقُوْلُوْنَ: لَا.
فَقَدِمَ وَفْدٌ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فِيْهِمُ ابْنُ عَمِّهِ ذَاكَ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُوْنَ أُوَيْساً؟
قَالَ ابْنُ عَمِّهِ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! هُوَ ابْنُ عَمِّي، وَهُوَ رَجُلٌ نَذْلٌ فَاسِدٌ، لَمْ يَبْلُغْ مَا أَنْ تَعْرِفَهُ أَنْتَ.
قَالَ: وَيْلَكَ هَلَكْتَ! وَيْلَكَ هَلَكْتَ! إِذَا قَدِمْتَ، فَأَقْرِهِ مِنِّي السَّلَامَ، وَمُرْهُ فَلْيَفِدْ إِلَيَّ.
فَقَدِمَ الكُوْفَةَ، فَلَمْ يَضَعْ ثِيَابَ سَفَرِهِ عَنْهُ حَتَّى أَتَى المَسْجِدَ، فَرَأَى أُوَيْساً، فَلَمَّ بِهِ، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا ابْنَ عَمِّي.
قَالَ: غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا ابْنَ عَمِّ.
قَالَ: وَأَنْتَ فَغَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أُوَيْسُ، أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، قَالَ:
(1) هناك أخبار مختلفة حول موته والمكان الذي دفن فيه ذكرها أبو نعيم في الحلية 2 / 83 وابن عساكر في تاريخه 3 / 110 آوما بعدها
وَمَنْ ذَكَرَنِي لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ؟
قَالَ: هُوَ ذَكَرَكَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُبَلِّغَكَ (1) أَنْ تَفِدَ إِلَيْهِ.
قَالَ: سَمْعاً وَطَاعَةً لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
فَوَفَدَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: أَنْتَ الَّذِي خَرَجَ بِكَ وَضَحٌ، فَدَعَوْتَ اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْكَ، فَأَذْهَبَهُ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ دَعْ لِي فِي جَسَدِي مِنْهُ مَا أَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ، فَتَرَكَ لَكَ فِي جَسَدِكَ مَا تَذْكُرُ بِهِ نِعَمَهُ عَلَيْكَ؟
قَالَ: وَمَا أَدْرَاكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟ فَوَاللهِ مَا اطَّلَعَ عَلَى هَذَا بَشَرٌ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَنَّهُ سَيَكُوْنُ فِي التَّابِعِيْنَ رَجُلٌ مِنْ قَرَنٍ، يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ، يَخْرُجُ بِهِ وَضَحٌ، فَيَدْعُو اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ، فَيُذْهِبَهُ، فَيَقُوْلُ: اللَّهُمَّ دَعْ لِي فِي جَسَدِي مَا أَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ.
فَيَدَعُ لَهُ مَا يَذْكُرُ بِهِ نِعَمَهُ عَلَيْهِ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُم، فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَهُ) ، فَاسْتَغْفِرْ لِي يَا أُوَيْسُ.
قَالَ: غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
قَالَ: وَأَنْتَ غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أُوَيْسَ بنَ عَامِرٍ.
قَالَ: فَلَمَّا سَمِعُوا عُمَرَ، قَالَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ رَجُلٌ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا أُوَيْسُ.
وَقَالَ آخَرُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا أُوَيْسُ.
فَلَمَّا كَثُرُوا عَلَيْهِ، انْسَابَ، فَذَهَبَ، فَمَا رُؤِيَ حَتَّى السَّاعَةِ.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
تَفَرَّدَ بِهِ: مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي الأَصْفَرِ.
وَأَبُو الأَصْفَرِ: لَيْسَ بِمَعْرُوْفٍ (2) .
مُعَلَّلُ بنُ نُفَيْلٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مِحْصَنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَا عُمَرُ، إِذَا رَأَيْتَ أُوَيْساً القَرَنِيَّ، فَقُلْ لَهُ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكَ، فَإِنَّهُ يُشَفَّعُ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي مِثْلِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرٍ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَلَامَةُ وَضَحٍ مِثْلُ الدِّرْهَمِ) .
(1) في الأصل: " نبلغك " وهو تصحيف، والصواب ما أثبتناه من ابن عساكر وابن حبان.
(2)
أورد الخبر ابن حبان بطوله في " المجروحين والضعفاء " 3 / 151 وقال عن أبي الاصفر هذا: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.
وأورده ابن عساكر في تاريخه 3 / 100 ب.
أَخْرَجَهُ: الإِسْمَاعِيْلِيُّ، فِي مُسْنَدِ عُمَرَ.
وَمُحَمَّدُ بنُ مِحْصَنٍ: هُوَ العُكَاشِيُّ، تَالِفٌ (1) .
أُنْبِئْتُ عَنْ أَبِي المَكَارِمِ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، قَالَ:
فَمِنَ الطَّبَقَةِ الأُوْلَى مِنَ التَّابِعِيْنَ: سَيِّدُ العُبَّادِ، وَعَلَمُ الأَصْفِيَاءِ مِنَ الزُّهَّادِ، أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ القَرَنِيُّ، بَشَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ، وَأَوْصَى بِهِ
…
، إِلَى أَنْ قَالَ فِي التَّرْجَمَةِ:
وَرَوَاهُ: الضَّحَّاكُ بنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِزِيَادَةِ أَلْفَاظٍ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا.
وَمَا رَوَاهُ أَحَدٌ سِوَى: مَخْلَدِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ نَوْفَلِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْهُ.
وَمِنْ أَلْفَاظِهِ:
فَقَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَمَا أُوَيْسٌ؟
قَالَ: (أَشْهَلُ، ذُوْ صُهُوْبَةٍ، بَعِيْدُ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، مُعْتَدِلُ القَامَةِ، آدَمُ، شَدِيْدُ الأُدْمَةِ، ضَارِبٌ بِذَقْنِهِ عَلَى صَدْرِهِ، رَامٍ بِبَصَرِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُوْدِهِ، وَاضِعٌ يَمِيْنَهُ عَلَى شِمَالِهِ، يَتْلُوْ القُرْآنَ، يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ، ذُوْ طِمْرَيْنِ، لَا يُؤْبَهُ لَهُ، يَتَّزِرُ بِإِزَارٍ صُوْفٍ، وَرِدَاءٍ صُوْفٍ، مَجْهُوْلٌ فِي أَهْلِ الأَرْضِ، مَعْرُوْفٌ فِي السَّمَاءِ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، أَلَا وَإِنَّ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الأَيْسَرِ لَمْعَةً بَيْضَاءَ، أَلَا وَإِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ، قِيْلَ لِلْعُبَّادِ: ادْخُلُوا الجَنَّةَ، وَيُقَالُ لأُوَيْسٍ: قِفْ، فَاشْفَعْ.
فَيُشَفِّعُهُ اللهُ فِي مِثْلِ عَدَدِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرٍ.
يَا عُمَرُ، وَيَا عَلِيٌّ، إِذَا رَأَيْتُمَاهُ، فَاطْلُبَا إِلَيْهِ يَسْتَغْفِرْ لَكُمَا، يَغْفِرِ اللهُ لَكُمَا) .
فَمَكَثَا يَطْلُبَانِهِ عَشْرَ سِنِيْنَ لَا يَقْدِرَانِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ السَّنَةِ الَّتِي هَلَكَ فِيْهَا عُمَرُ، قَامَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ:
يَا أَهْلَ الحَجِيْجِ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، أَفِيْكُم أُوَيْسٌ مِنْ مُرَادٍ؟
فَقَامَ شَيْخٌ كَبِيْرٌ، فَقَالَ: إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أُوَيْسٌ، وَلَكِنَّ ابْنَ أَخٍ لِي يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ، وَهُوَ أَخْمَلُ ذِكْراً، وَأَقَلُّ مَالاً، وَأَهْوَنُ أَمْراً مِنْ أَنْ نَرْفَعَهُ إِلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَيَرْعَى إِبِلَنَا بِأَرَاكِ عَرَفَاتٍ.
(1) هو محمد بن إسحاق بن إبراهيم ينسب إلى جده محصن فيقال: محمد بن محصن قال عنه البخاري: منكر الحديث.
وقال ابن معين: كذاب.
وقال الدارقطني: يضع الحديث.
اه " الميزان " للمؤلف 3 / 476 و4 / 25.
فَذَكَرَ اجْتِمَاعَ عُمَرَ بِهِ وَهُوَ يَرْعَى، فَسَأَلَهُ الاسْتِغْفَارَ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ مَالاً، فَأَبَى.
وَهَذَا سِيَاقٌ مُنْكَرٌ، لَعَلَّهُ مَوْضُوْعٌ (1) .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا حَبِيْبُ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ العُمَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، قَالَ:
انْتَهَى الزُّهْدُ إِلَى ثَمَانِيَةٍ: عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ قَيْسٍ، وَأُوَيْسٍ القَرَنِيِّ، وَهَرِمِ بنِ حَيَّانَ، وَالرَّبِيْعِ بنِ خُثَيْمٍ، وَمَسْرُوْقِ بنِ الأَجْدَعِ، وَالأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ أَبِي الحَسَنِ (2) .
وَرُوِيَ عَنْ هَرِمِ بنِ حَيَّانَ، قَالَ:
قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، فَلَمْ يَكُنْ لِي هَمٌّ إِلَاّ أُوَيْسٌ أَسْأَلُ عَنْهُ، فَدُفِعْتُ إِلَيْهِ بِشَاطِئ الفُرَاتِ، يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ، فَعَرَفْتُهُ بِالنَّعْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، مَحْلُوْقُ الرَّأْسِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَهِيْبُ المَنْظَرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَمَدَدْتُ إِلَيْهِ يَدِي لأُصَافِحَهُ، فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي، فَخَنَقَتْنِي العَبْرَةُ لَمَّا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أُوَيْسُ، كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي؟
قَالَ: وَأَنْتَ فَحَيَّاكَ الله يَا هَرِمُ، مَنْ دَلَّكَ عَلَيَّ؟
قُلْتُ: اللهُ عز وجل.
قَالَ: {سُبْحَانَ رَبِّنَا، إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُوْلاً} [الإِسْرَاءُ: 108] .
قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَ اسْمِي، وَاسْمَ أَبِي؟! فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُكَ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتَنِي؟
قَالَ: عَرَفَتْ رُوْحِي رُوْحَكَ، حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ، لأَنَّ الأَرْوَاحَ لَهَا أُنْسٌ كَأُنْسِ الأَجْسَادِ (3) ، وَإِنَّ المُؤْمِنِيْنَ يَتَعَارَفُوْنَ بِرُوْحِ اللهِ، وَإِنْ نَأَتْ
(1) الحلية 2 / 81 وما بين الحاصرتين منه.
(2)
الحلية 2 / 87 وما بين الحاصرتين منه.
(3)
لفظ أبي نعيم في الحلية: أنفس كأنفس الاجساد.
بِهِمُ الدَّارُ، وَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ المَنَازِلُ.
قُلْتُ: حَدِّثْنِي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيْثٍ أَحْفَظُهُ عَنْكَ، فَبَكَى، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:
إِنِّي لَمْ أُدْرِكْ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَعَلَّهُ قَدْ رَأَيْتُ مَنْ رَآهُ؛ عُمَرَ وَغَيْرَهُ، وَلَسْتُ أُحِبُّ أَنَّ أَفْتَحَ هَذَا البَابَ عَلَى نَفْسِي، لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُوْنَ قَاصّاً (1) أَوْ مُفْتِياً.
ثُمَّ سَأَلَهُ هَرِمٌ أَنْ يَتْلُوَ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ، فَتَلَا عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى:{إِنَّ يَوْمَ الفَصْلِ مِيْقَاتُهُمْ أَجْمَعِيْنَ، يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلَىً عَنْ مَوْلَىً شَيْئاً، وَلَا هُمْ يُنْصَرُوْنَ، إِلَاّ مَنْ رَحِمَ اللهُ، إِنَّهُ هُوَ العَزِيْزُ الرَّحِيْمُ} [الدُّخَانُ: 40 - 42] .
ثُمَّ قَالَ: يَا هَرِمَ بنَ حَيَّانَ، مَاتَ أَبُوْكَ، وَيُوْشِكُ أَنْ تَمُوْتَ، فَإِمَّا إِلَى جَنَّةٍ، وَإِمَّا إِلَى نَارٍ.
وَمَاتَ آدَمُ وَمَاتَتْ حَوَّاءُ، وَمَاتَ إِبْرَاهِيْمُ وَمُوْسَى وَمُحَمَّدٌ عليهم السلام وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيْفَةُ المُسْلِمِيْنَ، وَمَاتَ أَخِي وَصَدِيْقِي وَصَفِيِّي عُمَرُ، وَاعُمَرَاهُ، وَاعُمَرَاهُ.
قَالَ: وَذَلِكَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ.
قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَمُتْ.
قَالَ: بَلَى، إِنَّ رَبِّي قَدْ نَعَاهُ لِي، وَقَدْ عَلِمْتُ مَا قُلْتُ، وَأَنَا وَأَنْتَ غَداً فِي المَوْتَى.
ثُمَّ دَعَا بِدَعَوَاتٍ خَفِيَّةٍ (2)
…
، وَذَكَرَ القِصَّةَ.
أَوْرَدَهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي (الحِلْيَةِ (3)) ، وَلَمْ تَصِحَّ، وَفِيْهَا مَا يُنْكَرُ.
عَنْ أَصْبَغَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
إِنَّمَا مَنَعَ أُوَيْساً أَنْ يَقْدَمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرُّهُ بِأُمِّهِ (4) .
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الأَشْعَثِ بنِ سَوَّارٍ، عَنْ مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَا يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَأْتِيَ
(1) لفظ أبي نعيم في الحلية: قاضيا.
(2)
لفظ أبي نعيم في الحلية: خفاف.
(3)
2 / 84 وما بعدها.
(4)
الحلية 2 / 87.
مَسْجِدَهُ أَوْ مُصَلَاّهُ مِنَ العُرْيِ، يَحْجُزُهُ إِيْمَانُهُ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ، مِنْهُم أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ، وَفُرَاتُ بنُ حَيَّانَ) (1) .
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ:
إِنْ كَانَ أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ لَيَتَصَدَّقُ بِثِيَابِهِ، حَتَّى يَجْلِسَ عُرْيَاناً، لَا يَجِدُ مَا يَرُوْحُ فِيْهِ إِلَى الجُمُعَةِ (2) .
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنْ أَصْبَغَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
كَانَ أُوَيْسٌ إِذَا أَمْسَى، يَقُوْلُ: هَذِهِ لَيْلَةُ الرُّكُوْعِ، فَيَرْكَعُ حَتَّى يُصْبِحَ.
وَكَانَ إِذَا أَمْسَى يَقُوْلُ: هَذِهِ لَيْلَةُ السُّجُوْدِ، فَيَسْجُدُ حَتَّى يُصْبِحَ.
وَكَانَ إِذَا أَمْسَى، تَصَدَّقَ بِمَا فِي بَيْتِهِ مِنَ الفَضْلِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ (3)، ثُمَّ قَالَ:
اللَّهُمَّ مَنْ مَاتَ جُوْعاً، فَلَا تُؤَاخِذْنِي بِهِ، وَمَنْ مَاتَ عُرْياً، فَلَا تُؤَاخِذْنِي بِهِ (4) .
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَرِيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا زَافِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَرِيْكٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
مَرَّ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ عَلَى أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟
قَالَ: أَصْبَحْتُ أَحْمَدُ اللهَ عز وجل.
قَالَ: كَيْفَ الزَّمَانُ عَلَيْكَ؟
قَالَ: كَيْفَ الزَّمَانُ عَلَى رَجُلٍ إِنْ أَصْبَحَ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُمْسِي، وَإِنْ أَمْسَى ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُصْبِحُ، فَمُبَشَّرٌ بِالجَنَّةِ أَوْ مُبَشَّرٌ بِالنَّارِ.
يَا أَخَا مُرَادٍ، إِنَّ المَوْتَ وَذِكْرَهُ لَمْ يَتْرُكْ لِمُؤْمِنٍ فَرَحاً، وَإِنَّ عِلْمَهُ بِحُقُوْقِ اللهِ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ فِي مَالِهِ فِضَّةً وَلَا ذَهَباً، وَإِنَّ قِيَامَهُ للهِ بِالحَقِّ لَمْ يَتْرُك لَهُ صَدِيْقاً (5) .
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية 2 / 84، وعبد الله بن الاشعث بن سوار لايعرف، ومحارب ابن دثار تابعي فالحديث منقطع.
(2)
الحلية 2 / 84.
(3)
لفظ أبي نعيم في الحلية: الثياب بدل الشراب.
(4)
الحلية 2 / 87.
(5)
الحلية 2 / 83.
شَرِيْكٌ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
نَادَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَ صِفِّيْنَ: أَفِيْكُم أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ؟
قُلْنَا: نَعَمْ، وَمَا تُرِيْدُ مِنْهُ.
قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ خَيْرُ التَّابِعِيْنَ بِإِحْسَانٍ (1)) .
وَعَطَفَ دَابَّتَهُ، فَدَخَلَ مَعَ أَصْحَابِ عَلِيٍّ رضي الله عنه (2) -.
رَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حَكِيْمٍ الأَوْدِيِّ، أَنْبَأَنَا شَرِيْكٌ.
وَزَادَ بَعْضُ الثِّقَاتِ فِيْهِ: عَنْ يَزِيْدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: فَوُجِدَ فِي قَتْلَى صِفِّيْنَ.
أَنْبَأَنَا وَخُبِّرْنَا عَنْ أَبِي المَكَارِمِ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ الهُذَيْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ العَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو - شَيْخٌ كُوْفِيٌّ - عَنْ أَبِي سِنَانٍ، سَمِعْتُ حُمَيْدَ بنَ صَالِحٍ، سَمِعْتُ أُوَيْساً القَرَنِيَّ يَقُوْلُ:
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (احْفَظُوْنِي فِي أَصْحَابِي، فَإِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يَلْعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَقَعُ المَقْتُ عَلَى الأَرْضِ وَأَهْلِهَا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ، فَلْيَضَعْ سَيْفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، ثُمَّ لِيَلْقَ رَبَّهُ -تَعَالَى- شَهِيْداً، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَلَا يَلُوْمَنَّ إِلَاّ نَفْسَهُ (3)) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ جِدّاً، وَإِسْنَادُهُ مُظْلِمٌ، وَأَحْمَدُ بنُ مُعَاوِيَةَ: تَالِفٌ.
وَيُرْوَى عَنْ: عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ أُوَيْسٍ مِثْلُ رَبِيْعَةَ وَمُضَرٍ)(4) .
(1) إسناده ضعيف، لضعف شريك ويزيد بن أبي زياد، وهو في المستدرك 3 / 402.
(2)
الحلية 2 / 86.
(3)
الحلية 2 / 87، وهو خبر باطل كما قال المصنف رحمه الله.
(4)
لم نقف عليه وانظر ما يأتي قريبا، ففيه حديث صحيح بنحوه إلا أن الرجل الذي يشفع مبهم.
فُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ: حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ السَّدُوْسِيُّ (1) ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
نَادَى عُمَرُ بِمِنَىً عَلَى المِنْبَرِ: يَا أَهْلَ قَرَنٍ.
فَقَامَ مَشَايِخٌ، فَقَالَ: أَفِيْكُم مَنِ اسْمُهُ أُوَيْسٌ؟
فَقَالَ شَيْخٌ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، ذَاكَ مَجْنُوْنٌ يَسْكُنُ القِفَارَ، لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ.
قَالَ: ذَاكَ الَّذِي أَعْنِيْهِ، فَإِذَا عُدْتُمْ، فَاطْلُبُوْهُ، وَبَلِّغُوْهُ سَلَامِي وَسَلَامَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ: فَقَالَ: عَرَّفَنِي أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، وَشَهَّرَ بِاسْمِي، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ، السَّلَامُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ.
ثُمَّ هَامَ عَلَى وَجْهِهِ، فَلَمْ يُوْقَفْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَثَرٍ دَهْراً، ثُمَّ عَادَ فِي أَيَّامِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَاسْتُشْهِدَ مَعَهُ بِصِفِّيْنَ، فَنَظَرُوا، فَإِذَا عَلَيْهِ نَيِّفٌ وَأَرْبَعُوْنَ جِرَاحَةً (2) .
وَرَوَى: هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ أُوَيْسٍ أَكْثَرُ مِنْ رَبِيْعَةَ وَمُضَرٍ.
وَرَوَى: خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الجَدْعَاءِ:
سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (يَدْخُلُ الجَنَّةَ (3) بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ بَنِي تَمِيْمٍ (4)) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي (الكَامِلِ) : أُوَيْسٌ ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ، وَمَالِكٌ
(1) لم نقف له على ترجمة، وكذا ضبط في الأصل، ولعله أبو قرة الأسدي الذي يروي عن سعيد بن المسيب.
(2)
تاريخ الإسلام، 2 / 174 و175.
(3)
ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل.
(4)
أخرجه الترمذي (2440) في صفة القيامة والدارمي 2 / 328 وابن ماجه 4316 وأحمد 3 / 469، 470، من حديث عبد الله بن جدعاء، وسنده قوي، وقال الترمذي: حسن صحيح، وأخرجه أحمد 5 / 366 من حديث خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وانظر مجمع الزوائد 10 / 381 و382.
يُنْكِرُ أُوَيْساً، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَجُوْزُ أَنَّ يُشَكَّ فِيْهِ.
أَخْبَارُ أُوَيْسٍ مُسْتَوْعَبَةٌ فِي (تَارِيْخِ الحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ ابْنِ عَسَاكِرَ (1)) .
الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ (2)) : مَنْ طَرِيْقِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرٍو البَجَلِيِّ، عَنْ حِبَّانَ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ سَعْدِ بنِ طَرِيْفٍ، عَنْ أَصْبَغَ بنِ نُبَاتَةَ:
شَهِدْتُ عَلِيّاً يَوْم صِفِّيْنَ يَقُوْلُ: مَنْ يُبَايِعُنِي عَلَى المَوْتِ؟
فَبَايَعَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُوْنَ، فَقَالَ: أَيْنَ التَّمَامُ؟
فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَى أَطْمَارِ صُوْفٍ، مَحْلُوْقُ الرَّأْسِ، فَبَايَعَ.
فَقِيْلَ: هَذَا أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ.
فَمَا زَالَ يُحَارِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى قُتِلَ.
سَنَدُهُ ضَعِيْفٌ.
أَبُو الأَحْوَصِ سَلَاّمُ بنُ سُلَيْمٍ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ، فَقَالَ لَهُ أُوَيْسٌ: يَا أَخَا مُرَادٍ، إِنَّ المَوْتَ لَمْ يُبْقِ لِمُؤْمِنٍ فَرَحاً، وَإِنَّ عِرْفَانَ المُؤْمِنِ بِحَقِّ اللهِ لَمْ يُبْقِ لَهُ فِضَّةً وَلَا ذَهَباً، وَلَمْ يُبْقِ لَهُ صَدِيْقاً.
وَعَنْ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: قِيْلَ لأُوَيْسٍ: أَمَا حَجَجْتَ؟
فَسَكَتَ، فَأَعْطَوْهُ نَفَقَةً وَرَاحِلَةً، فَحَجَّ.
أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ المَقْبُرِيِّ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوْعاً:(يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ مُضَرٍ وَتَمِيْمٍ) .
قِيْلَ: مَنْ هُوَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ.
تَفَرَّدَ بِهِ: الأَعَيْنُ (3) ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
(1) 3 / 97 آ.
(2)
3 / 402 و403.
(3)
هو محمد بن أبي عتاب البغدادي، نقل عبد الخالق بن منصور عن ابن معين قوله: ليس هو من أصحاب الحديث.
قال الخطيب: يعني لم يكن بالحافظ للطرق والعلل، وأما الصدق والضبط فلم يكن مدفوعا عنه، وعلة الحديث شيخ الاعين أبو صالح واسمه عبد الله بن صالح وهو ضعيف لكثرة غلطه.