المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الاستثناء فى الطلاق - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٢

[المرداوي]

الفصل: ‌باب الاستثناء فى الطلاق

‌بَابُ الِاستِثْنَاءِ فى الطَّلَاقِ

حُكِىَ عَنْ أَبِى بَكْرٍ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فى الطَّلَاقِ. وَالمَذْهَبُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُون النِّصْفِ، وَلا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ، وَفِى النِّصْفِ وَجْهَانِ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً. طَلُقَتِ اثْنَتَيْنِ،

ــ

بابُ الاسْتِثْناءِ فى الطَّلاقِ

قوله: حُكِىَ عن أَبى بكْرٍ، أنَّه لا يَصِحُّ الاسْتِثْناءُ فى الطَّلاقِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: قولُ أبى بَكْرٍ رِوايَةٌ مَنْصوصَةٌ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، ولكِنَّ أكثرَ أجْوِبَتِه كقَوْلِ الجُمْهورِ، ولا تفْرِيعَ عليه. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وأكثرُ الأصحابِ خصُّوا قولَ أبى بَكْرٍ بالاسْتِثْناءِ فى عَدَدِ الطَّلاقِ، دُونَ عَدَدِ المُطَلَّقاتِ، ومنهم مَنْ حكَى. عنه إبْطالَ الاسْتِثْناءِ فى الطَّلاقِ مُطْلَقًا.

ص: 369

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال: وهو ظاهِرٌ. انتهى. قلتُ: ويحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ هنا، وقطَع فى «الفُروعِ» بالأَوَّلِ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: لو قال: أرْبَعَتُكُنَّ طَوالِقُ إلَّا فُلانةَ. لم يصِحَّ على الأَشْبَهِ؛ لأنَّه صرَّح بالأَرْبَعِ، وأوْقَعَ عليْهِنَّ، ولو قال: أرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فلانَةَ طَوالِقُ. صحَّ الاسْتِثْناءُ. انتهى. قلتُ: وهو ضعيفٌ.

قوله: والمذهبُ على أنَّه يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ ما دُونَ النِّصْفِ. وهو المذهبُ كما قال بلا رَيْبٍ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به.

قوله: ولا يَصِحُّ فيما زاد عليه. وهو المذهبُ أيضًا كما قال المُصَنِّفُ، وعليه

ص: 370

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. قال صاحِبُ «الفُروعِ» فى «أُصُولِه»: واسْتِثْناءُ الأكثرِ باطِلٌ عندَ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وأصحابِه. وقيل: يصِحُّ. واخْتارَه أبو بَكْرٍ الخَلَّالُ.

فائدة: يصِحُّ الاسْتِثْناءُ فى الطَّلَقاتِ والمُطَلَّقاتِ، والأَقاريرِ، ونحوِ ذلك، إلَّا ما حُكِىَ عن أبى بَكْرٍ، وصاحبِ «التَّرْغيبِ» كما تقدَّم قريبًا.

قوله: وفى النِّصْفِ وَجْهَان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» ؛ أحدُهما، يصِحُّ. وهو المذهبُ. قال ابنُ هُبَيْرَةَ: الصِّحَّةُ ظاهِرُ المذهبِ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به فى «الإِرْشادِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» . وهو ظاهِرُ كلام ابنِ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ» فى الطَّلاقِ والإِقْرارِ، فإنَّه ذكَر فيهما، لا يصِحُّ اسْتِثْناءُ الأكثرِ. واقْتَصَرَ عليه. والوَجْهُ الثَّانى، لا يصِحُّ، قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ»: لا يصِحُّ اسْتِثْناءُ مثلٍ، على الأَظْهَرِ. قال النَّاظِمُ: الفَسادُ

ص: 371

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أجْوَدُ. ونقَله أبو الطَّيِّبِ الشَّافِعِىُّ (1) عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. قال الطُّوفِىُّ فى «مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ»: وهو الصَّحيحُ مِن مذهبنا. ونصَرَه شارِحُه الشَّيْخُ عَلاءُ الدِّينِ العَسْقَلانِىُّ (2)، و (3) مُخْتَصِرُ «مُخْتَصَرِ الطُّوفِىِّ» ، وهو صاحِبُ «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» . واخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ فى «فُصولِه» . ويأْتِى نظِيرُ ذلك فى بابِ الحُكْمِ فيما إذا وصَلَ بإقْرارِه ما يُغَيِّرُه.

تنبيه: أكثرُ الأصحابِ حكَوُا الخِلافَ وجْهَيْن. وقال أبو الفَرَجِ، وصاحِبُ «الرَّوْضَةِ» ، و «الخُلاصَةِ»: هما رِوايَتان. وذكَر أبو الطِّيِّبِ الشَّافِعِىُّ، عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، رِوايةً بالمَنْعِ، كما تقدَّم.

(1) هو طاهر بن عبد اللَّه بن طاهر الطبرى الشافعى، القاضى أبو الطيب. شيخ الإسلام، كان ورعا عاقلا عارفا بالأصول والفروع محققا، توفى سنة خمسين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء 17/ 668.

(2)

هو على بن محمد بن عبد اللَّه بن أبى الفتح الكنانى العسقلانى، علاء الدين قاضى دمشق، كان فاضلا متواضعا عفيفا. توفى سنة ست وسبعين وسبعمائة. إنباء الغمر 1/ 88.

(3)

فى النسخ: «فى» . والمثبت من الفروع 5/ 407. وصاحب «التصحيح» هو أحمد بن إبراهيم بن نصر اللَّه ابن أبى الفتح العسقلانى المصرى، عز الدين أبو البركات. الإِمام العالم العامل المحقق، قاضى القضاة، له مختصر «المحرر» ، وتصحيحه، ونظمه. توفى سنة ست وسبعين وثمانمائة. شذرات الذهب 7/ 321، 322.

ص: 372

فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا. أَوْ: ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ. أَوْ: خَمْسًا إِلَّا ثَلَاثًا. أَوْ: ثَلَاثًا إِلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ. طَلُقَتْ ثَلَاثًا.

ــ

قوله: وَإِنْ قال: أنْتِ طالِقٌ ثَلاثًا إِلَّا اثنَتَيْن. أو: خَمْسًا إلَّا ثَلاثًا. طلُقَتْ ثَلاثًا. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ بِناءً على عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِثْناءِ الأكثرِ. وقيل: تَطْلُقُ اثْنَتَيْن؛ بِناءً على القَوْلِ الآخَرِ. وأَطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن» . قلتُ: لو قيل: تَطْلُقُ ثلاثًا فى قَوْلِه: خَمْسًا إلَّا ثلاثًا. وإنْ أوقَعْنا فى الأُولَى طَلْقَتَيْن، لَكانَ له وَجْهٌ؛ لأَنَّ لنا وَجْهًا أنَّ الاسْتِثْناءَ لا يعودُ إلَّا إلى ما يَمْلِكُه، وهو هنا لا يَمْلِكُ إلَّا ثلاثَ طَلَقاتٍ، وقد اسْتَثْناها، فلا يصِحُّ، فكأنَّه قد اسْتَثْنَى الجميعَ، كقَوْلِه: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا إلَّا ثلاثًا. بخِلافِ ما إذا اسْتَثْنَى اثْنَتَيْن مِن ثَلاثٍ.

قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالقٌ ثَلاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ. طلُقَتْ ثلاثًا. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به القاضى فى «الجامِعِ الكَبيرِ» ،

ص: 373

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً. فَعَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

وصاحِبُ «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ». قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: تطْلُقُ ثلاثًا فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وصحَّحه ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ» . وقيل: تَطْلُقُ طَلْقَتَيْن. اخْتارَه القاضى، نقَلَه عنه فى «الفُصولِ» . وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .

قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ طَلْقَتَيْن إلَّا واحِدَةً. فعلى وجْهَيْن. مَبْنِيَّيْن على

ص: 374

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً. فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوِ اثْنَتَيْنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ،

ــ

صِحَّةِ اسْتِثْناءِ النِّصْفِ وعَدَمِه. وقد تقدَّم المذهبُ فى ذلك.

قوله: وإنْ قال: أنتِ طالِقٌ ثَلاثًا إلَّا اثْنَتَيْن إلَّا واحِدَةً. فهل تطْلُقُ ثَلاثًا أو اثْنَتَيْن؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، أحدُهما، تَطْلُقُ اثْنَتَيْن. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، وغيرِهم؛ لأَنَّ الاسْتِثْناءَ مِنَ الاسْتِثْناءِ عندَنا صحيحٌ، واسْتِثْناءُ النِّصْفِ صحيحٌ على المذهبِ كما تقدَّم. والوجهُ الثَّانى، تَطْلُقُ ثلاثًا. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: لا يصِحُّ الاسْتِثْناءُ مِنَ الاسْتِثْناءِ فى الطَّلاقِ إلَّا فى هذه المَسْألَةِ، فإنَّه يصِحُّ إذا أجَزْنا النِّصْفَ، وإنْ قُلْنا: لا يصِحُّ. وقَع الثَّلاثُ.

فائدة: لو قال: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا إلَّا واحِدَةً إلَّا واحدةً. طَلُقَتِ اثْنَتَيْن. على

ص: 375

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلاثًا إِلَّا وَاحِدَةً.

ــ

الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأنَّه اسْتَثْنَى مِنَ الواحدةِ المُسْتَثْناةِ واحدةً؛ فيَلْغُو الاسْتِثْناءُ الثَّانى، ويصِحُّ الأَوَّلُ. جزَم به ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه». وقيل: تَطْلُقُ ثلاثًا؛ لأَنَّ الاسْتِثْناءَ الثَّانِىَ مَعْناه إثْباتُ طَلْقَةٍ فى حقِّها؛ لكَوْنِ الاسْتِثْناءِ مِنَ النَّفْى إثْباتًا، فيقَعُ، فيُقْبَلُ ذلك فى إيقاعِ طَلاقِه، وإنْ لم يُقْبَلْ فى نَفْيِه. وأَطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» .

قوله: وإن قال: أنتِ طالِقٌ ثَلاثًا إلَّا ثَلاثًا إلَّا واحِدَةً. أو: طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ

ص: 376

أَوْ: طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إِلَّا وَاحِدَةً. أَوْ: طَلْقَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إِلَّا وَاحِدَةً. أَوْ: طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إِلَّا وَاحِدَةً. طَلُقَتْ ثَلَاثًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَقَعَ طَلْقَتَانِ.

ــ

إلَّا واحِدَةً. أو: طلْقَتَيْن وواحِدَةً إلَّا واحِدَةً، أو: طَلْقَتَيْن ونِصْفًا إِلَّا طَلْقَةً. طلُقَتْ ثَلاثًا. وهو المذهبُ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» : هذا المذهبُ. وقدَّمه فى «النَّظْمِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، فى: أنتِ طالِقٌ طلْقَتَيْن وواحدَةً [إلَّا واحدَةً. أو: طَلْقَتَيْن ونِصْفًا إلَّا طَلْقَةً. طَلُقَتْ ثَلاثًا. وهو المذهبُ](1). ويَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ طَلْقَتَين. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، فى الجميعِ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ،

(1) زيادة من: ش.

ص: 377

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الفُروعِ» ، لكِنْ صاحِبُ «الرِّعايتَيْن» قدَّم، أنَّ الاسْتِثْناءَ بعدَ العَطْفِ بالواوِ يعودُ إلى الكُلِّ. وقطَع فى «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصةِ» ، أنَّ الاسْتِثْناءَ بعدَ العَطْفِ لا يعودُ إلَّا إلى الأخيرَةِ، فإذا قال: أنتِ طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ إلَّا واحدةً. طَلُقَتْ ثلاثًا. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، وصحَّحه فى «المُغْنِى». قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وما قالَه فى «المُغْنِى» ليسَ بجارٍ على قَواعِدِ المذهبِ. وقطَع القاضى أبو يَعْلَى بوُقوعِ طَلْقَتَيْن فى قوْلِه: أنتِ طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ إلَّا واحِدةً. كما قدَّمه ابنُ حَمْدانَ، وقطَع به [ابنُ عَقِيلٍ](1) فى «الفُصولِ» أيضًا. لكِنْ ذكَر فى «المُسْتَوْعِبِ» عن القاضى، أنَّها تَطْلُقُ ثلاثًا فى هذه، وفى الجميعِ. واخْتارَ الشَّارِحُ وُقوعَ الثَّلاثِ فى الأُولَى، وأَطْلقَ الخِلافَ فى الباقِى، وأَطْلَقَ الخِلافَ فى «المُذْهَبِ» فى الأُولَى وفى قوْلِه: طَلْقَتَيْن ونِصْفًا إلَّا طَلْقَةً. فإذا قُلْنا: تَطْلُقُ ثلاثًا فى قوْلِه: طالِقٌ وطالِقٌ وطالِقٌ إلَّا واحِدةً. لو أرادَ اسْتِثْناءً مِنَ المَجْموعِ، دُيِّنَ، وفى الحُكْمِ وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» . وظاهِرُ كلامِه فى «المُنَوِّرِ» ، أنَّه لا يُقْبَلُ فى الحُكْمِ، فإنَّه قال: دُيِّنَ. واقْتَصَرَ عليه. [قال ابنُ رَزِينٍ فى «التَّهْذيبِ»: كلُّ مَوْضِعٍ فسر قوْلَه فيه بما يَحْتَمِلُه، فإنَّه يُدَينُ فيه فيما بينَه وبينَ اللَّهِ، دُونَ الحُكْمِ. انتهى. ونقَله أيضًا عنه فى «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» وغيرِه](2). قلتُ: الصَّوابُ قَبُولُه. [قال الشَّيْخُ فى مُخْتَصَرِه «هِدايَةِ أبى الخَطَّابِ»: فإنْ قال: أرَدْتُ اسْتِثْناءَ الواحِدَةِ مِنَ الثَّلاثِ. قُبِلَ. وهذا الجَزْمُ مِنَ](2)

(1) سقط من: ط.

(2)

زيادة من: ش.

ص: 378

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشَّيْخِ المُوَفَّقِ مع إطْلاقِ أبى الخَطَّابِ للخِلافِ، على ما نقَله المُؤَلِّفُ، أحْسَنُ ما يُسْتَنَدُ إليه فى تَصْحيحِ الوَجْهِ الثَّانى، وهو القَبُولُ. واللَّهُ أعلمُ](1).

فائدة: لو قال: أنتِ طالِقٌ اثْنَتَيْن واثْنَتَيْن، إلَّا اثْنَتَيْن. طَلُقَتْ ثلاثًا. جزَم به القاضى فى «الجامعِ الكَبِيرِ» وغيرُه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» . ويَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ اثْنَتَيْن. قال ابنُ رَزِينٍ فى

(1) زيادة من: ش.

ص: 379

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«شَرْحِه» : هذا أقْيَسُ. وإنْ قال: اثْنَثَيْن واثْنَتَيْن، إلَّا واحدةً. فالذى جزَم به القاضى فى «الجامِعِ الكَبِيرِ» ، أنَّها تَطْلُقُ اثْنَتَيْن؛ بِناءً على قاعِدَتِه. وقاعِدَةُ المذهبِ، أنَّ الاسْتِثْناءَ يرْجِعُ إلى ما يمْلِكُه، وأنَّ العَطْفَ بالواوِ يُصَيِّرُ الجُمْلَتيْن جملةً واحِدةً. وأبْدَى المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» احْتِمالَيْن؛ أحدُهما، ما قالَه القاضى. والثَّانى، لا يصِحُّ الاسْتِثْناءُ. وإنْ فرَّقَ بينَ المُسْتَثْنَى والمُسْتَثْنَى

ص: 380

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِق ثَلاثًا. وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ: إِلَّا وَاحِدَةً. وَقَعَتِ

ــ

منه، فقال: أنتِ طالِقٌ واحِدَةً وواحِدةً وواحِدةً، إلَّا واحِدَةً وواحِدَةً وواحِدَةً. قال فى «التَّرْغيبِ»: وَقَعَتِ الثَّلاثُ على الوَجْهَيْن.

قوله: وإن قال: أنت طالِقٌ ثَلاثًا. واسْتَثْنَى بقَلْبِه: إلَّا واحِدَةً، وقَعَتِ الثَّلاثُ. أمَّا فى الحُكْمِ، فلا يُقْبَلُ، قوْلًا واحدًا. وأمَّا فى الباطِنِ، فالصَّحيحُ مِنَ

ص: 381

الثَّلَاثُ، وَإِنْ قَالَ: نِسَائِى طَوَالِقُ. واسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ لَمْ تَطْلُقْ.

ــ

المذهبِ أنَّه لا يُدَينُ، كما هو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّف، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به السَّامَرِّىُّ فى «فُروقِه» ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ،

ص: 382

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم. واخْتارَه المَجْدُ فى «مُحَرَّرِه» وغيرُه. وقال أبو الخَطَّابِ: يُدَيَّنُ. واخْتارَه الحَلْوانِىُّ. قال فى «عُيونِ المَسائلِ» : لأنَّه لا اعْتِبارَ فى صَريحِ النُّطْقِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .

قوله: وإنْ قال: نِسائِى طَوالِقُ. واسْتَثْنَى واحِدَةً بقَلْبِه، لم تَطْلُقْ. فيُقْبَلُ فيما بينَه وبينَ اللَّهِ تعالَى، قوْلًا واحِدًا. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه يُقْبَلُ فى الحُكْمِ أيضًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ الرِّوايتَيْن، والمذهبُ منهما. اخْتارَه الشَّارِحُ، وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . وظاهِرُ ما جزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، واخْتارَه القاضى. وجزَم به الزَّرْكَشِىُّ، و «المُنَوِّرِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .

ص: 383

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: نِسائِى الأرْبَعُ طَوالِقُ. واسْتَثْنى واحدةً بقَلْبِه، طَلُقَتْ فى الحُكْمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقطَع به الأكثرُ. ولم تَطْلُقْ فى الباطِنِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: تَطْلُقُ أيضًا. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به الزَّرْكَشِىُّ، والخِرَقِىُّ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: لو قال: أرْبَعَتُكُنَّ طَوالِقُ إلَّا فُلانَةَ. لم يصِحَّ على الأَشْبَهِ؛ لأنَّه صرح وأوْقَعَ. ويصِحُّ: أرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلانَةَ طَوالِقُ. وتقدَّم ذلك فى أوَّلِ البابِ.

الثَّانيةُ، يُعْتَبَرُ للاسْتِثْناءِ والشَّرْطِ ونحوِهما، اتِّصالٌ مُعْتادٌ لَفْظًا وحُكْمًا، كانْقِطاعِه بتَنَفُّسٍ ونحوِه. قالَه القاضى وغيرُه. واخْتارَه فى «التَّرْغيبِ» . وقطَع به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِير» ، و «الوَجيزِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. ويُعْتَبَرُ أيضًا نِيَّتُه قبلَ تَكْمِيل ما أَلحَقَه به. [قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: وهو المذهبُ] (1). [وقيل: يصِحُّ بعدَ تَكْميلِ ما أَلْحَقَه به](2). قطَع به فى «المُبْهِجِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». قال فى «التَّرْغيبِ»: هو ظاهِرُ كلامِ أصحابِنا. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، وقال: دَلَّ عليه كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وعليه مُتَقَدِّمُو أصحابِه. وقال: لا يضُرُّ فَصْلٌ

(1) سقط من: ط.

(2)

زيادة من: ش.

ص: 384

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يسِيرٌ بالنَّيِّةِ وبالاسْتِثْناءِ. انتهى. وقيل: محَلُّه فى أوَّلِ الكلامِ. قالَه فى «التَّرْغيبِ» توْجِيهًا مِن عندِه. وسألَه أبو داودَ عمَّن تزَوَّجَ امْرَأةً، فقيلَ له: ألَكَ امْرَأَةٌ سِوى هذه؟ فقال: كلُّ امْرأةٍ لى طالِقٌ. فسكَتَ، فقيل: إِلَّا فُلانَةَ؟ قال: إلَّا فُلانَةَ، فإنِّى لم أَعْنِها. فأبَى أَنْ يُفْتِىَ فيه. ويأَتِى فى تَعْليقِ الطَّلاقِ، إذا علَّقَه

ص: 385

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بمَشِيئَةِ اللَّهِ تعالَى (1).

(1) نهاية السقط من: الأصل.

ص: 386