المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: وَالْكِنَايَاتُ نَوْعَانِ؛ ظَاهِرَةٌ، وَهِىَ سَبْعَةٌ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ، وَبَائِنٌ، - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٢

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: وَالْكِنَايَاتُ نَوْعَانِ؛ ظَاهِرَةٌ، وَهِىَ سَبْعَةٌ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ، وَبَائِنٌ،

‌فَصْلٌ:

وَالْكِنَايَاتُ نَوْعَانِ؛ ظَاهِرَةٌ، وَهِىَ سَبْعَةٌ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ، وَبَائِنٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ، وَأَنْتِ حُرَّةٌ، وَأَنْتِ الْحَرَجُ.

ــ

قوله: والكِناياتُ نَوعان؛ ظاهِرَةٌ، وهى سَبْعَةٌ؛ أنتِ خَلِيَّةٌ، وبَرِيَّةٌ، وبائِنٌ، وبَتَّةٌ، وبَتْلَةٌ، وأنْتِ حُرَّةٌ، وأنتِ الحَرَجُ. هذا المذهبُ، أعْنِى أنَّها السَّبْعَةُ. وكذا أَعْتَقْتُكِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه، وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: أَبَنْتُكِ، كـ: أنْتِ بائِنٌ. وهو ظاهرُ كلامِه فى «المُسْتَوْعِبِ» ؛ فإنَّه قال: فإن قيلَ: أَبَنْتُكِ مثْلُ بائِنٍ، ويَحْتَمِلُ: أَظْهَرْتُكِ، كما يَحْتَمِلُ: خَلِيَّةً مِن حَيزِه. قُلْنا: قد وُجِدَ فى بعْضِ الأَلْفاظِ أَبَنْتُكِ؛ ولأنَّه أظْهَرُ فى الإِبانَةِ مِن خَلِية فاسْتَوَى تَصْرِيفُه. ولأننا قد بيَّنَّا أنّ فى: أطْلَقْتُكِ وَجْهَيْن، للمَعْنَيَيْن المُخْتَلِفَيْن، فإن وُجِدَ مثْلُه، جوَّزْناه. انتهى. وجعَل أبو بَكرٍ: لا حاجَةَ لى فِيكِ، وبابُ الدَّارِ لك مَفْتُوحٌ، كأنْتِ بائنٌ. وجعَل الشَّرِيفُ أبو جَعْفرٍ: أنْتِ

ص: 238

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُخَلَّاةٌ، كأنْتِ خَلِيَّةٌ. وفرَّق بينَهما ابنُ عَقِيلٍ، فقال: لأنَّ الرَّجْعيةَ يقَعُ عليها اسْمُ مُخَلَّاةٍ بطَلْقَةٍ، ويحْسُنُ أَنْ يُقالَ للزَّوْجِ: خَلِّها بطَلْقَةٍ. وأيضًا، فإن الخَلِيَّةَ هى الخالِيَةُ مِن زَوْحٍ، والرَّجْعِيةُ ليستْ خالِيَة. انتهى. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: فإنْ قيلَ: مُخَلَّاة، وخَلَّيْتُكِ، وخَلِيَّةٌ بمَعْنًى واحدٍ، فَلِمَ ألْحَقْتُموها بالخَفِيَّةِ؟

ص: 239

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قُلْنا: قد كان القِياسُ بقْتَضِى ذلك مثْلَ: مُطَلَّقَةٌ، وطَلَّقْتُكِ، وطالِقٌ، ولكِنْ ترَكْنَاه للتَّوْقيفِ الذى تقدَّم ذِكرُه، ولم نجِدْهم ذكَرُوا إلَّا خَلِيَّةً. انتهى. وقال ابنُ عَقِيلٍ: مِنَ الكِناياتِ الظَّاهرَةِ، أنت طالِق لا رَجْعَةَ لى عليكِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتوْعِبِ» ،

ص: 240

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الخُلاصةِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» . وقيل: هى (1) صريحةٌ فى طَلْقَةٍ،

(1) سقط من: الأصل.

ص: 241

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كِنايَةٌ ظاهِرَةٌ فيما زادَ. واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، وقال: هذه اللَّفْظَةُ صريحة فى الإيقاعِ، كِنايَةٌ فى العدَدِ، فهى مُرَكَّبَة مِن صَرِيح وكِنايَةٍ. انتهى. قلتُ: فيُعايَى بها. [وعنه، تقَعُ بها](1) طَلْقَةٌ بائنةٌ. وعنه، أنَّ قوْلَه: أنْتِ حُرَّة. ليستْ مِنَ الكِنايَاتِ الظَّاهرَةِ، بل مِنَ الخَفِيَّةِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وأَطْلَقهما فى

(1) سقط من: الأصل.

ص: 242

وَالْخَفِيَّةُ نَحْوُ: اخْرُجِى، وَاذْهَبِى، وَذُوقِى، وَتَجَرَّعِى، وَخَلَّيْتُكِ، وَأَنْتِ مُخَلَّاةٌ، وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ، وَلَسْتِ لِى بِامْرَأَةٍ، وَاعْتَدِّى، وَاسْتَبْرِى، وَاعْتَزِلِى، وَمَا أَشْبَهَهُ.

ــ

«المُسْتَوْعِبِ» . وعنه، أنَّ أَعْتَقْتُكِ ليستْ مِنَ الكِنايَاتِ الظَّاهرَةِ. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» .

قوله: وخَفِيَّةٌ نحوُ؛ اخرُجى، واذْهَبِى، وذُوقِى، وتَجَرَّعِى، وخَلَّيْتُكِ، وأنتِ مُخَلَّاةٌ، وأنتِ واحِدَةٌ، ولستِ لى بامرَأةٍ، واعْتَدِّى، واسْتَبْرِئى، واعْتَزِلى، وما أشْبَهَه. كـ: لا حا جَةَ لى فِيكِ. و: ما بَقِىَ شئٌ. و: أَغْناكِ اللَّهُ. و: اللَّهُ قد أَراحَكِ مِنِّى. و: جَرَى القَلَمُ. ونحوِه. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وتقدَّم اختِيارُ أبى جَعفَرٍ فى: أنْتِ مُخَلَّاةٌ. وعنه، أنَّ اعْتَدِّى واسْتَبْرِئى، ليْستا مِنَ الكِنايَاتِ الخَفِيَّةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إذا قالتْ له: طَلِّقْنِى.

ص: 243

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقال: إنَّ اللَّهَ قد طَلَّقَكِ. هذا كِنايةٌ خفِيَّةٌ، أُسْنِدَتْ إلى دلالَتَى الحالِ، وهى ذِكْرُ الطَّلاقِ، وسُؤالُها إيَّاه. وقال ابنُ القَيِّمِ: الصَّوابُ أنَّه إن نوَى، وقع الطَّلاقُ، وإلَّا لم يقَعْ؛ لأنَّ قوْلَه: اللَّهُ قد طَلَّقَكِ. إن أرادَ به شرَعَ طَلاقَكِ وأباحَه، لم يقَعْ، وإن أراد أنَّ اللَّهَ أوْقعَ عليكِ الطَّلاقَ، وأرادَه وشاءَه، فهذا يكونُ طَلاقًا، فإذا احْتَمَلَ الأَمْرَيْن، لم يقَعْ إلَّا بالنِّيَّةِ. انتهى. ونقَل أبو داودَ، إذا قال: فرَّق اللَّهُ بينِى وبينَكِ فى الدُّنْيا والآخِرَةِ. قال: إنْ كان يريدُ أنه دُعاء يدعُو به، فأرْجُو أنَّه ليس بشئٍ. فلم يَجْعَلْه شيئًا مع نِيَّةِ الدُّعاءِ. قال فى «الفُروعِ»: فظاهِرُه أنَّه شئٌ مع

ص: 244

وَاخْتُلِفَ فِى قَوْلِهِ: الْحَقِى بِأَهْلِكِ، وَ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، وَ: تَزَوَّجِى مَنْ شِئْتِ، وَ: حَلَلْتِ لِلْأَزْوَاجِ، وَ: لَا سَبِيلَ لِى عَلَيْكِ، وَ: لَا سُلْطَانَ لِى عَلَيْكِ. هَلْ هِىَ ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنَ.

ــ

نِيَّةِ الطّلاقِ أو الإطْلاقِ؛ بِناءً على أنَّ الفِراقَ صريحٌ، أو للقَرِينَةِ. قال: ويُوافِقُ هذا ما قالَ شيْخُنا، يعْنِى به الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ فى: إنْ أبْرَأْتِنِى، فأَنتِ طالِقٌ. فقالتْ: أَبْرَأَكَ اللَّهُ ممَّا تدَّعِى النِّساءُ على الرِّجالِ. فظَنَّ أنَّه يَبْرَأُ، فطَلَّقَ. فقال: يَبْرأُ. فهذه المَسائلُ الثَّلاثُ، الحُكمُ فيها سواءٌ. وظهَر أنَّ فى كلِّ مسأَلَةٍ قوْلَيْن؛ هل يُعْمَلُ بالإِطْلاقِ للقَرينَةِ، وهى تدُلُّ على النِّيَّةِ، أم تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ؟ ونظِيرُ ذلك: إنَّ اللَّه قد باعَكَ، أو: قد أقَالَكَ. ونحوُ ذلك. انتهى.

قوله: واخْتُلِفَ فى قَولِه: الْحَقِى بأهلِكِ، و: حبلك على غارِبكِ، و: تَزَوَّجِى مَن شِئْتِ، و: حَلَلتِ للأَزْواجِ، و: لا سَبِيلَ لى عليك. و: لا سُلطانَ

ص: 245

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لى عليك. هل هى ظاهِرَةٌ أو خَفِيّةٌ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «المُسْتَوْعِب» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى» . وأطْلَقَهما فى الخَمْسَةِ الأَخِيرةِ فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ». أمَّا: الْحَقِى بأَهْلِكِ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّها مِنَ الكِناياتِ الخَفِيَّةِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. قال فى «الفُروعِ»: خَفِيَّة على

ص: 246

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحِّ. [وهو ظاهرُ كلامِه فى «العُمْدَةِ»، فإنَّه لم يذْكُرْها فى الظَّاهِرَةِ](2). وهو ظاهرُ كلامِه فى «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِىِّ البَغْدادِىِّ». وقيل: هى كِنايةٌ ظاهرةٌ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وهو ظاهرُ ما جزَم به الخِرَقِى. وقطَع به الخِرَقِىُّ

ص: 247

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى «الجامعِ الصَّغِيرِ» ، و «المُبْهِجِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «إِدْراكِ الغايةِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشهورُ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، والمُختارُ لأكثرِ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الزُّبْدَةِ» ، وصحَّحه فى «تَصْحيح المُحَرَّرِ» . وأمَّا الخَمْسَةُ الباقِيَةُ، فإحْدَى الرِّوايتَيْن، أنها مِنَ الكِناياتِ الظَّاهرةِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، [و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»](1). وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه، وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، [و «الزُّبْدَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»](4). والرِّوايةُ الثَّانيةُ، هى خَفِيةْ، وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» . وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «منْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وقدَّمه فى «إِدْراكِ الغايةِ». واخْتارَ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» أنَّ: حَبْلُك على غَارِبِك. و: تَزَوَّجِى مَن شِئْتِ. و: حَلَلْتِ للأزْواجِ. مِنَ الكِناياتِ الظَّاهرةِ، وأنَّ قولَه: لا سَبِيلَ لى عليكِ. ولا سُلْطَانَ لى عليك. خَفِيَّةٌ.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 248

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: وكذا الحُكمُ خِلافًا ومذهبًا، فى قولِه: غَطِّ شَعرَكِ. و: تَقَنَّعِى. وفى الفِراقِ والسَّراحِ، وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» . يعْنِى، على القولِ بأنَّهما ليسا مِنَ الصَّرِيحِ؛ أحدُهما، هما مِنَ الكِناياتِ الظاهرةِ. جزَم به الزَّرْكَشِىُّ. والثانى، هما مِنَ الكِناياتِ الخَفِيَّةِ، وجزَم به فى «المُغْنِى» ،

ص: 249

وَمِنْ شَرْطِ وُقُوع، الطَّلَاقِ أَنْ يَنْوِىَ بِهَا الطَّلَاقَ،

ــ

و «الشَّرْحِ» .

قوله: ومِن شَرطِ وقُوعِ الطَّلاق، أَنْ ينْوِىَ بها الطَّلاقَ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، أنَّ مِن شَرْطِ وُقوعِ الطَّلاقِ بالكِناياتِ، أن ينْوِىَ بها الطَّلاقَ، إلَّا ما اسْتَثْنَى، على ما يأْتِى بعدَ ذلك قريبًا. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا قولُ جمهورِ الأصحابِ؛ القاضى، وأصحابِه، والشَّيْخَيْن،

ص: 250

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرِهم، ونصَّ عليه. انتهى. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، يقَعُ الطَّلاقُ بالظَّاهرةِ مِن غيرِ نِيَّةٍ. اختارَه أبو بَكرٍ. وذكَر القاضى، أنَّه ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وفى هذه الرِّوايةِ بُعْدٌ. فعلى المذهبِ، يُشْتَرَطُ أن تكونَ النِّيَّةُ مُقارِنَةً للفْظِ على الصَّحيحِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ، فقال: ولا يقَعُ بكِنايَةٍ إلَّا بِنيَّةٍ مُقارِنَةٍ للَّفْظِ. وقالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ». وقيل:

ص: 251

إِلَّا أَنْ يَأتِىَ بِهَا فِى حَالِ الْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

يُشْتَرَطُ أن يُقارِنَ أوَّلَ اللَّفْظِ. قال فى «تَجْريدِ العِنايةِ» : ومِن شَرْطِها مُقارَنَةُ أوَّلِ اللَّفْظِ فى الأصحِّ. وجزَم به الأدَمِىُّ البَغْدادِىُّ فى «مُنْتَخَبِه» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وقال فى «الرِّعايتَيْن»: ولا يَقَعُ بكِنايةٍ طَلاق إلَّا بِنيَّةٍ قبْلَه، أو مع أوَّلِ اللَّفْظِ، أو جُزْءٍ غيرِه. واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ، وجزَم به فى «الوَجيزِ» .

قوله: إلَّا أَنْ يأتِىَ به فى حالِ الخُصُومَةِ والغضَبِ، فعلى روايَتَيْنِ. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . إحْداهما، يقَعُ وإن لم يأْتِ بالنِّيَّةِ، وهو المذهبُ. اختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال الزَّرْكَشِىُّ: طَلُقَتْ على المَشْهورِ والمُختارِ لكثيرٍ مِنَ

ص: 252

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . والرِّوايةُ الثَّانيَةُ، لا يقَعُ إِلَّا بالنِّيَّةِ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». قال فى «الخُلاصةِ»: لم يقَعْ فى الأصحِّ، وجزَم به أبو الفَرَجِ وغيرُه. وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأَدَمِىِّ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقال الشَّارِحُ: ويَحْتَمِلُ أنَّ ما كان مِنَ الكِناياتِ لا يُسْتَعْمَلُ فى غيرِ الفُرْقَةِ إلَّا نادِرًا، نحوَ قولِه: أنتِ حُرَّةٌ لوَجْهِ اللَّهِ. أو: اعْتَدِّى. أو: اسْتَبْرِئى رَحِمَكِ. أو: حَبْلُكِ على غَارِبِك. أو: أنتِ بائِنٌ. وأشْباهُ ذلك، أنَّه يقَعُ فى حالِ الغَضَبِ. وجَوابُ

ص: 253

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

السُّؤالِ مِن غيرِ نِيَّةٍ، وما كَثُرَ استِعْمالُه لغيرِ ذلك، نحوَ: اخْرُجِى. و: اذْهَبِى. و: رُوحِى. و: تَقَنَّعِى. لا يقَعُ الطَّلاقُ به إِلَّا بنيَّةٍ. انتهى.

ص: 254

وَإِنْ جَاءَتْ جَوَابًا لِسُؤَالِهَا الطَّلاقَ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَقَعُ بِهَا الطَّلاقُ. وَالأَوْلَى فِى الأَلفَاظِ الَّتِى يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهَا لِغَيْرِ الطَّلاقِ، نَحْوَ: اخْرُجِى، وَاذْهَبِى، وَرُوحِى، أنَّهُ لَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ حَتَّى يَنْوِيَهُ.

ــ

قوله: وإن جاءت جَوابا لسُؤَالِها الطَّلاقَ، فقال أصحابُنا: يقعُ بها الطَّلاقُ. وهو المذهبُ مُطلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يقَعُ إلَّا بنِيَّةٍ. واختارَ المُصَنِّفُ الفَرْقَ، فقال: والأَوْلَى فى الأَلفاظِ التى يكثُرُ استِعْمالُها لغيرِ الطَّلاقِ، نحوَ: اخرُجِى،

ص: 255

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و: اذْهَبِى، و: رُوحِى. أنَّه لا يقَعُ بها طَلاقٌ حتى ينْوِيَه، ومالَ إليه الشَّارِحُ. فائدة: لو ادَّعَى أنَّه ما أراد الطَّلاقَ، أو أراد غيرَه، دُيِّنَ ولم يُقْبَلْ فى الحُكمِ مع سُؤالِها، أو خُصومَةٍ وغَضَبٍ. على أصحِّ الرِّوايتَيْن. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

ص: 256

وَمَتَى نَوَى بِالْكِنَايَةِ الطَّلاقَ، وَقَعَ بِالظَّاهِرَةِ ثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً.

ــ

قوله: ومتى نوَى بالكِنايَةِ الطَّلاقَ، وقَعَ بالظَّاهرَةِ ثَلَاثٌ، وإنْ نوَى واحِدَةً. وهذا المذهبُ بلا رَيْبٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم: هذا ظاهرُ المذهبِ. واختاره ابنُ أبى مُوسى، والقاضى، وغيرُهما. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، والمُختارُ لأكثرِ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وهو مِن مُفرَداتِ المذهبِ. وعنه، يَقَعُ ما نواه. اختاره أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» . وجزَم به فى

ص: 257

وَعَنْهُ، يَقَعُ مَا نَوَاهُ. وَعَنْهُ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَقَعُ بِهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً.

ــ

«العُمْدَةِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . فيُدَيَّن فيه. فعليها، إن لم ينْوِ شيئًا، وقَع واحدةً، وفى قَبُولِه فى الحُكمِ رِوايَتان. وأَطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ». قلتُ: الصَّوابُ أنَّه يُقبَلُ فى الحُكمِ، ويكونُ رَجْعِيًّا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ما يدُلُّ على أنَّه يقَعُ بها واحِدَةً بائِنَةً. وهُنَّ أوْجُهٌ مُطْلَقَةٌ فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» . وتقدَّم رِواية اختارَها أبو بَكرٍ، أنَّه لا تُشْترَطُ النِّيَّةُ فى وُقوعِ الطَّلاقِ بالكِناياتِ الظَّاهرةِ.

فوائد؛ الأُولَى، وكذلك الرِّواياتُ الثَّلاثُ فى قولِه: أنْتِ طالِقٌ بائِنٌ. أو: طالِقٌ الْبَتةَ. أو: أنْتِ طالِقٌ بلا رَجْعَة. قالَه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وتقدَّم الكلامُ أيضًا على قولِه: أنْتِ طالِقٌ بلا رَجْعَةٍ. فى الكِناياتِ الظاهرةِ. الثَّانيةُ، لو قال: أنْتِ طالِقٌ واحدةً بائنَةً. أو: واحِدَةً بَتَّةً. وقَعَ رَجْعِيًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، يقَعُ طَلْقَةً بائنَةً. وعنه، يقَعُ ثلاثًا. وقدَّم فى «الرِّعايتَيْن» ، أنَّه إذا قال: أنْتِ طالِقٌ طَلْقَةً بائنَةً. أنَّها تقَعُ بائنَةً (1)، ثم قال: وعنه، رَجْعِيَّةً. الثَّالثةُ، لو قال: أنتِ طالِقٌ واحدَةً ثلاثًا. وقَع ثلاثًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى «الفُصولِ»

(1) سقط من: ط، أ.

ص: 258

وَيَقَعُ بِالْخَفِيَّةِ مَا نَوَاهُ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا، وَقَعَ وَاحِدَةً.

ــ

عن أبى بَكْرٍ فى قولِه: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا واحِدَة. يقَعُ واحدةً؛ لأنَّه وصَفَ الواحِدَةً بالثَّلاثِ. قال فى «الفُروعِ» :، ليسَ بصَحيحٍ؛ لأنَّه إنَّما وصَفَ الثَّلاثَ بالواحدةِ، فوَقعَتِ الثَّلاثُ، ولَغَى الوَصْفُ. وهو أصحُّ. الرَّابِعَةُ، كَرِهَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، أَنْ يُفْتِىَ فى الكناياتِ الظاهرةِ، وتوَقَّف؛ وإنَّما توَقَّفَ لاخْتِلافِ الصَّحابةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، فى ذلك.

قوله: ويقَعُ بالخَفِيَّةِ ما نواه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «الخُلاصةِ» ، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: لا نِزاعَ عندَهم أنَّ الخَفِيَّةَ يقَعُ بها ما نواه، وليس كما قال. وقدَّمه فى «الهِدايةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. وقال: النَّاظمُ:

وتَطْلِيقَةٌ رجْعِيَّةٌ فى المُجَرَّدِ

واسْتَثْنَى القاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ قوْلَه: أنتِ واحدةٌ. فإنَّه لا يقَعُ بها إِلَّا واحدةً وإنْ نوَى ثلاثًا. وعندَ ابنِ أبى مُوسى، يقَعُ بالخَفِيَّةِ ثلاثًا وإنْ نَوَى واحدةً. ذكَرَه عنه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» .

تنبيه: قولُه: فإن لم ينْوِ عَدَدًا، وقَعَ واحِدَةً. يعْنِى رَجْعِيَّةً، إنْ كان مدْخُولًا

ص: 259

وَأَمَّا مَا لَا يَدُلُّ عَلَى الطَّلَاقِ، نَحْوَ: كُلِى، وَ: اشْرَبِى، وَ: اقْعُدِى، وَ: اقْرُبِى، وَ: بَارَكَ اللَّه عَلَيْكِ، وَ: أَنْتِ مَلِيحَةٌ، أَوْ: قَبِيحَة، فَلَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَى.

ــ

بها، وإلَّا بائنَةً.

قوله: فأمَّا ما لا يَدُلُّ على الطَّلاقِ، نحْوَ: كُلِى، و: اشْرَبِى، و: اقْعُدِى، و: اقْرُبى، و: بارَكَ اللَّهُ عليكِ، و: أَنْتِ مَلِيحَةٌ، أو: قَبِيحَةٌ، فلا يقَعُ بها طَلاقٌ

ص: 260

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإن نواه. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: هو كِنايَةٌ فى كُلِى، واشْرَبِى. وتقدَّم إذا قال لها: لسْتِ لى بامْرَأَةٍ. أو:

ص: 261

وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنَا طَالِقٌ. فَإِنْ قَالَ: أنَا مِنْكِ طَالِقٌ. فَكَذَلِكَ. وَيَحْتَمِل أنَّهُ كِنَايَةٌ.

ــ

ليست لى امْرَأَةٌ. عندَ قوْلِه: ولو قيلَ له: أَلَكَ امْرأَةٌ؟ فقال: لا.

قوله: وكذا قَوْلُه: أَنا طالِقٌ -يعْنِى، لا يقَعُ به طَلاقٌ، وإن نوَاه- فإن زاد، فقال: أنا منْك طالِقٌ فكذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيره. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واختارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. ويَحْتَمِلُ أنَّه كِنايةٌ، وهو لأبى الخَطَّابِ. قال

ص: 262

وَإِنْ قَالَ: أَنَا مِنْكِ بَائِنٌ. أَوْ: حَرَامٌ. فَهَلْ هُوَ كِنَايَةٌ، أَوْ لَا؟ عَلى وَجْهَيْنِ.

ــ

فى «الرِّعايَةِ» عن هذا الاحْتِمالِ: فَيَقَعُ إذَنْ. ثم قال: قلتُ: إن نوى إيقاعَه، وقَع، وإلَّا فلا.

قوله: وإن قال: أنا منكِ بائِنٌ. أو: حرامٌ. فهل هو كِنايَةٌ أَوْ لا؟ على

ص: 263

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَجْهَيْن. وكذا قولُه: أنا منكِ بَرِئٌ. وأَطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «ابنِ رَزِينٍ» ؛ أحدُهما، هو لَغْوٌ. صححه فى «التَّصْحيحِ» ، وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» فى قولِه: أنا مِنْكِ بَرِئٌ. والوجهُ الثَّانى، هو كِنايةٌ. صحَّحه فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايةِ الصُّغْرى» فى الجميعِ، وقدَّمه فى «الكُبْرى» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، فى الأُولَتَيْنِ. وأصْلُ الخِلافِ فى ذلك، أنَّ الإمامَ أحمدَ، رحمه الله، سُئِلَ عن ذلك، فتوَقَّفَ.

فائدة: لو أسْقَط لَفْظَ «مِنْكِ» فقال: أنا بائِنٌ. أو: حَرامٌ. فخرَّج المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ مِن كلامِ القاضى فيها وَجْهَيْن، هل هما كِنايَةٌ، أو لَغْوٌ؟ قال

ص: 264

فَإنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَىَّ كَظَهْرِ أُمِّى. يَنْوِى بهِ الطَّلاقَ، لَمْ يَقَعْ، وَكَانَ ظِهَارًا. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَىَّ حَرَامٌ. أَوْ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَىَّ حَرَامٌ. فَفِيهِ ثَلَاثُ

ــ

فى «الفُروعِ» : وكذا مع حَذْفِه «منك» بالنِّيَّةِ فى احْتِمالٍ. ذكَرَه فى «الانْتِصارِ» انتهى. قلتُ: ظاهرُ كلامِ الأصحابِ، أنَّه لَغْوٌ.

قوله: وإنْ قال: أنتِ علىَّ حَرامٌ. أو: ما أحَلَّ اللَّهُ علىَّ حَرامٌ. فَفِيهِ ثَلاثُ رِواياتٍ. وكذا قوْلُه: الحِلُّ علىَّ حَرامٌ. إحْداهُنَّ، أَنَّه ظِهَارٌ، وهو المذهبُ فى الجُمْلَةِ. قال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ»:

ص: 265

رِوَايَاتٍ؛ إِحْدَاهُنَّ، أَنَّهُ ظِهَارٌ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ. اخْتَارَهُ الْخِرَقِىُّ. وَالثَّانِيَةُ، كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ. وَالثَّالِثَةُ، هُوَ يَمِينٌ.

ــ

هذا المَشْهورُ فى المذهبِ. وقطَع به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ» وغيرُهم. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وهو مِن

ص: 266

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُفرداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، هو كِنايةٌ ظاهرةٌ. حتى نقَل حَنْبَلٌ، والأَثْرَمُ، الحرامُ ثَلاثٌ، حتى لو وجَدْتُ رجُلًا حرَّمَ امْرَأَتَه عليه، وهو يرَى أنَّها واحدةٌ، فرَّقْتُ بينَهما. قال فى «الفُروعِ»: مع أنَّ أكثرَ الرِّواياتِ كراهةُ الفُتْيا بالكِناياتِ الظَّاهرةِ، قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: لاخْتِلافِ الصَّحابَةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، كما تقدَّم. قال الزَّرْكَشِىُّ: الرِّوايةُ الثَّانيةُ، أنَّه ظاهِرٌ فى الظِّهارِ، فعندَ الإطْلاقِ ينْصَرِفُ إليه، [وإنْ نوى يمينًا، أو طَلاقًا، انْصَرَفَ إليه؛ لاحْتِمالِه لذلك. انتهى. والرِّوايةُ الثَّالِثةُ، هو يَمِينٌ. قال الزَّرْكَشِىُّ: الثَّالثةُ، أنَّه ظاهرٌ فى اليَمِينِ، فعندَ الإِطْلاقِ ينْصَرِفُ إليه](1)، وإن نوى الطَّلاقَ، أو الظِّهارَ، انْصَرَفَ إلى ذلك. انتهى. وأطْلَقَهُنَّ فى «الكافِى» . وعنه رِوايَةٌ رابِعَةٌ، أنَّه كِنايَةٌ خَفِيَّةٌ.

تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: إحْداهُنَّ، أَنَّه ظِهَارٌ وإِن نوى الطَّلاق. هذا الأَشْهَرُ فى

(1) سقط من الأصل.

ص: 267

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبِ، ونقَلَه الجماعَةُ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم. قال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَب» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِهم: هذا المَشْهورُ فى

ص: 268

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبِ. وقطَع به الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ البَغْدادِىِّ» ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وعنه، يقَعُ ما نواه، وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» . واختارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وأطْلَقَهما فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ». ويأْتِى أيضًا فى كلامِ المُصَنِّفِ: إذا قال: أنْتِ علىَّ حَرامٌ. فى بابِ الظِّهارِ.

فائدتان؛ إحْداهما، لو قال لها: أنْتِ علىَّ حَرامٌ. ونوى فى حُرْمَتِكِ على غيرِى، فكطَلاقٍ. قالَه فى «التَّرْغيب» وغيرِه، واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ» .

ص: 269

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثَّانيةُ، لو قال: علىَّ الحَرامُ. أو: يَلْزَمُنِى الحَرامُ. أو: الحَرامُ يَلْزَمُنِى. فهو لَغْوٌ، لا شئَ فيه مع الإطْلاقِ. وفيه مع قَرينَةٍ أو نِيَّةٍ وَجْهان. وأَطْلَقهما [فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الفُروعِ». قلت: الصَّوابُ أنَّه مع النِّيَّةِ أو القَرِينَةِ كقوْلِه: أنْتِ علىَّ حَرامٌ. ثم وَجَدْتُ ابنَ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» قدَّمه. وقال](1) فى «الفُروعِ» (2): ويتَوَجَّهُ الوَجْهان، إن نوى به طَلاقًا، وأنَّ العُرْفَ

(1) سقط من: الأصل.

(2)

بعده فى الأصل: «وقال» .

ص: 270

وَإِنْ قَالَ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَىَّ حَرَامٌ، أَعْنِى بِهِ الطَّلاقَ. فَقَالَ أحْمَدُ: تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ ثَلَاثًا. وَإِنْ قَالَ: أَعْنِى بِهِ طَلَاقًا. طَلُقَتْ وَاحِدَةً. وَعَنْهُ، أَنَّهُ ظِهَارٌ فِيهِمَا.

ــ

قرِينَةٌ. ذكَره فى أوَّلِ بابِ الظِّهارِ. قلتُ: الصَّوابُ أنَّه مع النِّيَّةِ أو القرينَةِ كقوْله: أنْتِ علىَّ حَرامٌ.

قوله: وإنْ قال: ما أحَلَّ اللَّهُ علىَّ حرامٌ، أعْنى به الطَّلاقَ. فقال الإِمامُ أحمدُ،

ص: 271

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رَحِمَه. اللَّهُ: تَطْلُقُ امْرأَتُه ثَلاثًا. وعنه، أَنَّهُ ظِهارٌ. [الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ ذلك طلاقٌ، وعليه عامَّةُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: والمذهبُ أنَّه طلاقٌ بالإنشاءِ. وعنه، أنَّه ظِهارٌ](1). فعلى المذهبِ، قطَع المُصَنِّفُ هنا بما قالَ الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله؛ أنَّها تَطْلُقُ ثلاثًا مُطْلَقًا، وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. وقدَّمه فى

ص: 272

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، وقال: إنْ حَرُمَتِ الرَّجْعِيَّةُ. وقالَه ابنُ عَقِيلٍ. ذكرَه عنه فى «المُسْتَوْعِبِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، أنَّها تَطْلُقُ واحدةً، إن لم يَنْو أكثرَ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وأطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» .

قوله: وإن قال: أعْنِى به طَلاقًا. طَلُقَتْ واحِدةً. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ» : والمذهبُ أنَّه طَلاقٌ بالإِنْشاءِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وعنه، أنَّه ظِهارٌ.

فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: أنتِ علىَّ حَرامٌ، أعْنِى به الطَّلاقَ. وقُلْنا: الحَرامُ صريحٌ فى الظِّهارِ. فقال فى «القاعِدَةِ الثَّانيةِ والثَّلاِثينَ» : فهل يَلْغُو تفْسِيرُه ويكون ظِهارًا، أو يصِحُّ ويكونُ طَلاقًا؟ على رِوايتَيْن. انتهى. قلتُ: الذى يظْهَرُ أنَّه طلاقٌ؛ قِياسًا على نَطيرَتِها المُتَقَدِّمَةِ. الثَّانيةُ، لو قال: فِراشِى علىَّ حَرامٌ. فإن نوى امْرأتَه، فظِهارٌ، وإن نوى فِراشَه، فيَمِينٌ. نقَله ابنُ هانِئٍ، واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ» .

ص: 273

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَىَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمَ. وَقَعَ مَا نَوَاهُ مِنَ الطَّلاقِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَهَلْ يَكُونُ ظِهَارًا أَوْ يَمِينًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

قوله: وإن قال: أنتِ علىَّ كالمَيْتَةِ والدَّمَ. وقَعَ ما نواه مِنَ الطَّلاقِ والظِّهارِ واليَمِينِ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، يقَعُ ما نواه سِوى الظِّهارِ. جزَم به فى «عُيونِ المَسائلِ» . وقال فى

ص: 274

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم: وإنْ نوى به الظِّهارَ، احْتَمَلَ أَنْ يكونَ ظِهارًا، كما قُلْنا فى قولِه: أنْتِ علىَّ حَرامٌ. واحْتَمَلَ أَنْ لا يكونَ ظِهارًا، كما لو قال: أنْتِ علىَّ كظَهْرِ البَهِيمَةِ. أو: كظَهْرِ أبِى. انتهيا.

فائدة: لو نوى الطَّلاقَ، ولم ينْوِ عَدَدًا، وَقَعَتْ واحدَةٌ. قطَع به المُصَنِّفُ، فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ، وقالا: لأنَّه مِنَ الكِناياتِ الخَفِيَّةِ.

قوله: وإنْ لم ينْوِ شَيْئًا، فهل يكونُ ظِهارًا أوَ يمِينًا؟ على وجْهَيْن. وهما رِوايَتانِ. وأطْلَقهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم؛ أحدُهما، يكونُ ظِهارًا. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» .

ص: 275

وَإِنْ قَالَ: حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ. وَكَذَبَ، لَزِمَهُ إِقْرَارُهُ فِى الْحُكمِ، وَلَا يَلْزَمُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.

ــ

قال فى «الرِّعايتَيْن» : هذه أشْهَرُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . والثَّانى: يكونُ يمِينًا. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الخُلاصةِ» .

قوله: فإنْ قال: حَلَفْتُ بالطَّلاقِ. وكَذَبَ، لَزِمَه إقْرارُه فى الحُكْمِ. هذا المذهبُ. قال فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الفُروعِ»: لَزِمَه حُكْمًا. على الأصحِّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ،

ص: 276

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى، وأبو الخَطَّابِ، وغيرُهما. وعنه، لا يَلْزَمُه إقْرارُه فى الحُكْمِ. ويأْتِى نظيرُ ذلك فى «كتابِ الأَيْمانِ» ، قُبَيْلَ حُكْمِ الكفَّارَةِ.

قوله: ولَا يَلْزَمُه فيما بيْنَه وبينَ اللَّهِ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .

ص: 277