الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَإِذَا قَالَ: خَالَعْتُكِ بِأَلْفٍ. فَأْنْكَرَتْهُ وَقَالَتْ: إِنَّمَا خَالَعْتَ غَيْرِى. بَانَتْ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا فِى الْعِوَضِ. وَإِنْ قَالَتْ: نَعَمْ، لَكِنْ ضَمِنَهُ غَيْرِى. لَزِمَهَا الْأَلفُ.
وَإِنِ اخْتَلَفَا فِى قَدْرِ الْعِوَضِ، أَوْ عَيْنِهِ، أَوْ تَأْجِيلِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا. وَيَتَخَرَّجُ أنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَحَالَفَا فَيَرْجِعَا إِلَى الْمَهْرِ الْمُسَمَّى، أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى.
ــ
قوله: وإنِ اخْتَلَفا فى قَدْرِ العِوَضِ، أو عَيْنِه، أَوْ تأجِيلِه، فالقَوْلُ قَوْلُها، مع يمِينِها. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وصحَّحه فى «البُلْغَةِ» وغيرِه. ويتَخَرَّجُ أن القَوْلَ قولُ الزَّوْجِ. خرَّجه القاضى، وهو رِوايَة عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. حَكاها القاضى أيضًا. وقيل: القَوْلُ قولُ الزَّوْجِ، إنْ لم يُجاوِزْ مَهْرَها. ويَحْتَمِلُ أَنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يتَحالَفا، إنْ لم يكنْ بلَفْظِ طَلاقٍ، ويرْجِعَا إلى المَهْرِ المُسَمَّى، إنْ كان، وإلَّا فمَهْرُ المِثْلِ، إنْ لم يَكُنْ مُسَمًّى. وهو لأبى الخَطَّابِ.
وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِصِفَةٍ، ثُمَّ خَالَعَهَا فَوُجِدَتِ الصِّفَةُ، ثُمَّ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا، فَوُجِدَتِ الصِّفَةُ، طَلُقَتْ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا تَطْلُقَ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ فِى الْعِتْقِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَن التَّمِيمِىُّ. وَإِنْ لَمْ تُوجَدِ الصِّفَةُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ، عَادَتْ، رِوَايَةً وَاحِدَةً.
ــ
قوله: وإنْ عَلَّقَ طَلاقَها بصِفَةٍ، ثم خالَعَها -أو أبانَها بثَلاثٍ أو دُونِها- فوُجِدَتِ الصِّفَةُ، ثم عاد فتزَوَّجَها، فوُجِدَتِ الصِّفَةُ، طَلُقَتْ، نَصَّ عليه. وهو المذهبُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، و «إِدْراكِ الغايَةِ» ، وغيرِهم. ويتَخَرجُ أَنْ لا تَطْلُقَ؛ بِناءً على الرِّوايَةِ فى العِتْقِ. واخْتارَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أبو الحَسَنِ التَّمِيمِىُّ، وجزَم فى «الرَّوْضَةِ» بالتَّسْوِيَةِ بينَ العِتْقِ والطَّلاقِ. وقال أبو الخَطَّابِ- وتَبِعَه (1) فى «التَّرْغِيبِ»: الطَّلاقُ أوْلَى مِنَ العِتْقِ. وحَكاه ابنُ الجَوْزِىِّ رِوايَةً، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وحَكاه أيضًا قوْلًا. وجزَم به أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ فى كِتابِه «الطريقُ الأقْرَبُ فى العِتْقِ والطَّلاقِ» .
فائدة: وكذا الحُكْمُ لو قال: إنْ بِنْتِ مِنِّى، ثم تزَوَجْتُكِ، فأنْتِ طالِقٌ.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فبانَتْ، ثم تزَوَّجَها. قالَه فى «الفُروعِ». وقال فى «التَّعْليقِ» احْتِمالًا: لا يقَعُ، كتَعْليقِه بالمِلْكِ. قال الإِمامُ أحمدُ، رحمه الله، فى مَن طلَّق واحدةً، ثم قال: إنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
راجَعْتُكِ، فأنْتِ طالِقٌ ثلاثًا: إنْ كان هذا القَوْلُ تغْلِيظًا عليها فى أَنْ لا تعودَ إليه، فمتى عادَتْ إليه فى العِدَّةِ وبعدَها، طَلُقَتْ.
قوله: وإنْ لم تُوجَدِ الصِّفَةُ حالَ البَيْنُونَةِ، عادَتْ، رِوايَةً واحِدَةً. هكذا قال الجُمْهورُ. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، رواية، أنَّ الصِّفَةَ لا تعُودُ مُطْلَقًا. يعْنِى سواءً وُجِدَتْ حالَ البَيْنُونَةِ أَوْ لا. قلتُ: وهو الصَّحيحُ فى «مِنْهاجِ» الشَّافِعِيَّةِ.
فوائد؛ الأُولَى، يَحْرُمُ الخُلْعُ حِيلَةً لإِسْقاطِ عَيْنِ طَلاقٍ، ولا يقَعُ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به ابنُ بَطَّةَ فى مُصَنَّفٍ له فى هذه المسْأَلَةِ، وذكَرَه عنِ الآجُرِّىِّ. وجزَم به فى «عُيونِ المَسائلِ» ، والقاضى فى «الخِلافِ» ، وأبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ» ، وقال: هو مُحَرَّمٌ عندَ أصحابِنا. وكذا قال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» (1): هذا يُفْعَلُ حِيلَةً على إبْطالِ الطَّلاقِ المُعَلَّقِ، والحِيَلُ خِداعٌ لا تُحِلُّ ما حرَّم اللَّهُ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: خُلْعُ الحِيلَةِ لا يصِحُّ على الأصحِّ، لا يصِحُّ. نِكاحُ المُحَلِّلِ؛ لأنَّه ليس (2) المَقْصودُ منه الفُرْقَةَ، وإنَّما
(1) 10/ 321.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُقْصَدُ به بَقاءُ المرْأَةِ مع زَوْجِها، فى نِكاحِ المُحَلِّلِ، والعَقْدُ لا يُقْصَدُ به نقِيضُ مَقْصُودِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يَحْرُمُ ويقَعُ. وقال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: ويَحْرُمُ الخُلْعُ حِيلَةً، ويقَعُ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. قال فى «الفُروعِ»: وشذَّ فى «الرِّعايَةِ» ، فذكَره. قلتُ: غالِبُ النَّاسِ واقِعٌ فى هذه المَسْأَلَةِ، ويسْتَعْمِلُها فى هذه الأزْمِنَةِ، ففى هذا القَوْلِ فَرَجٌ لهم. [واخْتارَه ابنُ القَيِّمِ فى «أعْلامِ المُوَقعِين»، ونَصَره مِن عشَرَةِ أَوْجُهٍ](1). وقال فى «الفُروعِ» : ويتَوَجَّهُ أنَّ هذه المَسْأَلةَ، وقَصْدَ المُحَلِّلِ التحْليلَ، وقَصْدَ أحَدِ المُتَعاقِدَيْن قَصْدًا مُحَرَّمًا -كبَيْعِ عَصِيرٍ مِمَّن يتَّخِذُه خَمْرًا- على حدٍّ واحدٍ؛ فيُقالُ فى كلِّ منهما ما قيلَ فى الأُخْرَى. الثَّانيةُ، لو اعْتقَدَ البَيْنُونَةَ بذلك، ثم فعَل ما حلَف عليه، فحُكْمُه حكْمُ مُطَلِّقِ أَجنَبِيَّةٍ فتَبَيَّنَ أنَّها امْرَأَتُه، على ما يأْتِى فى آخرِ بابِ الشَّكِّ فى الطَّلاقِ. ذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله. [فلو لَقِىَ امْرَأْتُه، فظَنَّها أَجْنَبِيَّةً، فقال لها: أنْتِ طالِقٌ. ففى وُقوعِ الطَّلاقِ رِوايَتان. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَيْن»، و «الفُروعِ»، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يقَعُ. قال ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه: العَمَلُ على أنَّه لا يصِحُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». واخْتارَه أبو بَكْرٍ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يقَعُ. جزَم به فى «تَذْكِرَةِ ابنِ عَقِيلٍ»، و «المُنَوِّرِ»، وغيرِهما. قال فى «تَذْكِرَةِ ابن عَبْدُوسٍ»: دُيِّنَ، ولم يُقْبَلْ حُكْمًا. انتهى](2). وقال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيةِ» : قال أبو العَبَّاسِ: لو خالَعَ وفعَل المَحْلوفَ عليه بعدَ الخُلْعِ مُعْتَقِدًا أنَّ الفِعْلَ بعدَ الخُلْعِ لم يتَناوَله
(1) سقط من: الأصل.
(2)
زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يمينُه، أو فعَل المَحْلوفَ عليه مُعْتَقِدًا زَوالَ النِّكاحِ ولم يكُنْ كذلك، فهو كما لو حلَف على شئٍ يظُنُّه فبانَ بخِلافِه. وفيه رِوايَتان يأْتِيان فى كتابِ الأيْمانِ. وقد جزَم المُصَنِّفُ هناك، أنَّه لا يَحْنَثُ. [قلتُ: وممَّا يُشابِهُ أصْلَ هذا ما قالَه الأصحابُ فى الصَّوْمِ لو أكَل ناسِيًا واعْتقَدَ الفِطْرَ به ثم جامَعَ، فإنَّهم قالوا: حُكْمُه حكمُ النَّاسِى. وقد اخْتارَ جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، فى هذه المَسْأَلةِ، أنَّه لا يُكَفَّرُ؛ منهم ابنُ بَطَّةَ، والآجُرِّىُّ، وأبو محمدٍ الجَوْزِىُّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وصاحِبُ «الفائقِ» ، بل قالوا عن غيرِ ابنِ بَطَّةَ: إنَّه لا يقْضِى أيضًا. واللَّهُ أعلمُ] (1). وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا، رحمه الله: خُلْعُ اليَمِينِ هل يقَعُ رَجْعِيًّا، أو لَغْوًا وهو أَقْوَى؟ فيه نِزاعٌ، لأَنَّ قصْدَه ضِدُّه كالمُحَلِّلِ. [الثَّالثةُ: قال ابنُ نَصْرِ. اللَّهِ فى حَواشِيه على «الفُروعِ» : قال فى «المُغْنِى» (2)، فى الكِتابةِ قبلَ مسْأَلةِ ما لو قبَض مِن نُجومِ كِتابته شيئًا، اسْتَقْبَلَ به حوْلًا، فقال: فصْل، وإذا دفَع إليه مالَ كِتابَتِه ظاهِرًا، فقال له السَّيِّدُ: أنْتَ حُرٌّ. أو قال: هذا حُرٌّ. ثم بانَ العِوَضُ مُسْتَحَقًا، لم يَعْتِقْ بذلك؛ لأَنَّ ظاهِرَه الإخْبارُ عمَّا حصَل له بالأداءِ، ولو ادَّعَى المُكاتَبُ أن سيَّدَه قصَد بذلك عِتْقَه، وأنْكَرَ السَّيِّدُ، فالقَوْلُ قولُ السَّيِّدِ مع يَمِينِه؛ لأَنَّ الظَّاهِرَ معه، وهو أخْبَرُ بما نَوَى. انتهى] (3). الرَّابعةُ (4) لو أشْهَدَ على نفسِه بطَلاقٍ ثلاثٍ، ثم اسْتَفْتَى (5)، فأُفْتِىَ بأنَّه لا شئَ عليه، لم يُؤاخَذْ بإقْرارِه؛
(1) سقط من: الأصل.
(2)
14/ 515.
(3)
زيادة من: ش
(4)
فى النسخ: «الثالثة» .
(5)
فى الأصل: «استثنى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِه، ويُقْبَلُ قوْلُه (1) بيَمِينِه أنَّ مُسْتَنَدَه فى إقْرارِه ذلك ممَّا يجْهَلُه مِثْلُه (1). [لأَنَّ حَلِفَه على المُسْتَنَدِ دُونَ الطَّلاقِ، ولم يُسلمْ ضِمْنًا، فهو وَسِيلَةٌ له يُغْتَفرُ فيه ما لا يُغْتفَرُ فى المَقْصودِ؛ لأنَّه دُونَه وإنْ كان سبَبًا له، بمَعْنَى توَقُّفِه عليه لا أنَّه مُؤَثِّرٌ فيه بنَفْسِه، وإلَّا لكانَ عِلَّةً فاعِليَّةً لا سَببِيَّةً ووَسِيلَةً، ودَلِيلُه قِصَّةُ بانَتْ سُعادُ (2)؛ حيثُ أقَرَّ بذلك كَعْبُ بنُ زُهَيْر، رضي الله عنه؛ لاعْتِقادِه أنَّها بانَتْ منه بإسْلامِه دُونَها، فأَخْبَرَه النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم والصَّحابَةُ بأنَّها لم تَبِنْ، وأنَّ ذلك لا يَضُرُّه؛ تَغْلِيبًا لحَق اللَّهِ تعالَى على حقِّها، وهو قريبُ عَهْدٍ بالإِسْلام، وذلك قَرِينَةُ جَهْلِه بحُكْمِه فى ذلك، ولم يقْصِدْ به إنْشاءَه، وإلَّا لما ندِم عليه مُتَّصِلًا به، وإنَّما ندِم على ما أقَرَّ به؛ لتَوَهُّمِه صِحَّةَ وُقوعِه. وقِياسُه الخُلْعُ، وبقِيَّةُ حُقوقِ اللَّهِ تعالَى المَحْضَةِ، أو الغالِبُ له فيها حقٌّ على حقِّ غيرِه تعالَى؛ لأَنَّ حقَّه مَبْنِىٌّ على المُسامحَةِ، وحقُّ غيرِه على المُشاحَحَةِ، بدَليلِ مُسامَحةِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم له بهَجْوِه له قبلَ إسْلامِه، وهو حَرْبِىٌّ، وهو الشَّاعِرُ الصَّحابِىُّ كَعْبُ بنُ زُهَيْرِ، فأمَر النبِىُّ صلى الله عليه وسلم بقَتْلِه قبلَه، فبلَغ ذلك أخاه مالِكَ بنَ زُهَيْرٍ، فأَتى إليه فأَخْبرَه بذلك، فأَسْلَمَ، فأتَى به النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وهو مُسْلِمٌ معه، فامْتَدَحَه بالبُرْدَةِ المذْكُورَةِ فى القِصَّةِ، وحقُّه، عليه الصلاة والسلام، مِن حقِّ اللَّهِ؛ بدَليلِ سَهْمِ خُمْسِ الخُمْسِ والفَىْءِ والغَنِيمَةِ، وكَسْبِهما أو أحَدِهما](3). ذكَره الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، واقْتَصرَ عليه
(1) سقط من: الأصل.
(2)
أخرج قصة كعب البيهقى، فى: باب من شبب فلم يسم أحدا، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى 10/ 243.
وانظر أبيات القصيدة فى ديوانه 6 - 25.
(3)
زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى «الفُروعِ» . ذكرَه فى أواخِرِ بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه. قلتُ: ويؤيِّدُ ذلك ويُقَوِّيه ما قالَه الشَّيْخُ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم: إنَّ السَّيِّدَ إذا أخذَ حقَّه مِنَ المُكاتَبِ ظاهِرًا، ثم قال: هو حرٌّ. ثم بانَ مُسْتَحَقًّا، أنَّه لا يَعْتِقُ، كما تقدَّم نقْلُه فى بابِ الكِتابَةِ. الخامسةُ (1): ذكَر ابنُ عَقِيلٍ فى «واضِحِه» ، أنَّه يُسْتَحَبُّ إعْلامُ المُسْتَفْتِى بمذهبِ غيرِه، إنْ كان أهْلًا للرُّخْصةِ، كطالِبِ التَّخَلُّصِ مِن الرِّبَا، فيدُلُّه على مَن يرَى التَّحَيُّلَ للخَلاصِ منه، والخُلْعَ بعَدَمِ وُقوعِ الطَّلاقِ. انتهى. ونقَل القاضى أبو الحُسَيْنِ فى «فُروعِه» فى كتابِ الطَّهارَةِ، عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، أنَّهم جاءُوه بفَتْوَى، فلم تكُنْ على مذهَبِه، فقال: عليْكم بحَلْقَةِ المَدَنِيِّين. ففى هذا دَليلٌ على أنَّ المُفْتِىَ إذا جاءَه المُسْتَفْتِى، ولم يكُنْ له عندَه رُخْصةً، فله أَنْ يدُلَّه على صاحبِ مذهبٍ له فيه رُخْصَةٌ. وذكَر فى «طَبقاتِه» ، قال الفَضْلُ بنُ زِيادٍ: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ اللَّهِ، وسُئِلَ عن الرَّجُلِ يسْأَلُ عنِ الشَّئِ فى المَسائلِ، فهل عليه شئٌ مِن ذلك؟ فقال: إذا كان الرَّجُلُ مُتَّبِعًا أرْشَدَه إليه، فلا بأْسَ. قيل له: فيُفْتِى بقَوْلِ مالكٍ، وهؤلاءِ؟ قال: لا، إلَّا بسُنَّةِ رسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وآثارِه، وما رُوِىَ عنِ الصَّحابَةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، فإنْ لم يكُنْ، فعَنِ التَّابِعينَ. انتهى. ويأْتِى التَّنْبِيهُ على ذلك فى أواخِرِ كتابِ القَضاءِ، فى أحْكامِ المُفْتِى. واللَّه سبحانه وتعالى أعلمُ بالصَّوابِ.
(1) فى الأصل، ط:«الرابعة» .