المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الطلاق فى الماضى والمستقبل - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٢

[المرداوي]

الفصل: ‌باب الطلاق فى الماضى والمستقبل

‌بَابُ الطَّلَاقِ فِى الْمَاضِى وَالْمُسْتَقْبَلِ

إِذَا قَالَ لِامْرأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ. أَوْ: قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَكِ. يَنْوِى الْإِيقَاعَ، وَقَعَ.

ــ

بابُ الطَّلاقِ فى الماضِى والمُسْتَقْبَلِ

قوله: إذا قال لامْرَأَتِه: أنْتِ طالِقٌ أمْسِ. أو: قبلَ أَنْ أَنْكِحَكِ. ينْوِى الإِيقاعَ، وقَع. هذا المذهبُ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وحَكاه القاضى عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعٍ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» . ووُقوعُ الطَّلاقِ بقَصْدِ وُقوعِه أمسِ مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وجَعَلَه القاضى وحَفِيدُه كمَسْألَةِ ما إذا لم ينْوِ إلَّا نِيَّةً. وعنه، يقَعُ إنْ كانتْ زوْجَتَه أمسِ. نقَل مُهَنَّا، إذا قال: أنتِ طالِقٌ أمسِ. وإنَّما تَزَوَّجَها اليومَ، فليسَ هذا بشئٍ. فمَفْهومُه أنَّها إنْ كانتْ زوْجَتَه بالأمْسِ،

ص: 389

وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، لَمْ يَقَعْ فِى ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: يَقَعُ.

ــ

طَلُقَتْ.

قوله: وإنْ لم ينْوِ، لم يقَعْ فى ظاهِرِ كَلامِه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ»: عليه الأكثرُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال القاضى: يقَعُ. وهو

ص: 390

وَحُكِىَ عَنْ أَبِى بَكْرٍ، لَا يَقَعُ إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ. وَيَقَعُ إِذَا قَالَ: قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَكِ.

فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أنَّ زَوْجًا قَبْلِى طَلَّقَهَا. أَوْ: طَلَّقْتُهَا أَنَا فِى نِكَاحٍ

ــ

رِوايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله؛ فيَلْغُو ذِكْرُ أمسِ. وحُكِىَ عن أبى بَكْرٍ، لا يقَعُ إذا قال: أنتِ طالِقٌ أمسِ. ويقَعُ إذا قال: قبْلَ أَنْ أَنْكِحَكِ. قال القاضى: رأَيْتُه بخَطِّ أبى بَكْرٍ فى جُزْءٍ مُفْرَدٍ. وحَمَلِ القاضى قوْلَ أبى بَكْرٍ، رحمه الله، على أنَّه يتَزَوَّجُها بعدَ ذلك ثانيًا فْيَبِينُ وُقوعُه الآنٍ. قال المُصَنِّفُ والشَّارِحُ فى تَعْليلِ قوْلِ أبى بَكْرٍ: لأَنَّ أمسِ لا يُمْكِنُ وُقوعُ الطَّلاقِ فيه، وقبلَ تزَوُّجِها مُتَصوَّرُ الوُجودِ؛ فإنَّه يُمْكِنُ أَنْ يتزَوَّجَها ثانيًا، وهذا الوَقْتُ قبلَه، فوقَعَ فى الحالِ، كما لو قال: أنتِ طالِقٌ قبلَ قدومِ زَيْدٍ.

قوله: فإنْ قال: أَرَدْتُ أَنَّ زَوْجًا قبلِى طلَّقَها. أَوْ: طلَّقْتُها أَنَا فى نِكاحٍ قبْلَ هذا. قُبِلَ منه إذا احْتَمَلَ الصِّدْقَ، فى ظاهِرِ كَلامِ الإِمامِ أَحمدَ. أمَّا فيما بينَه وبينَ

ص: 391

قَبْلَ هذَا. قُبِلَ مِنْهُ إِذَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ، فِى ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ.

ــ

اللَّهِ تعالَى فيُدَيَّنُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يُدَيَّنُ (1) باطِنًا. حَكاها الحَلْوانِىُّ، وابنُ عَقِيلٍ. وأمَّا فى الحُكْمِ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّه يُقْبَلُ أيضًا، وهو مُقَيَّدٌ بما إذا لم تُكَذِّبْه قرِينَةٌ؛ مِن غَضَبٍ، أو سُؤالِها الطَّلاقَ، ونحوِه، فلا يُقْبَلُ، قوْلًا واحِدًا. وكلامُ المُصَنِّفِ هو المذهبُ وإحْدَى الرِّوايتَيْن. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى»: قُبِلَ حُكْمًا، إلَّا أَنْ يعْلَمَ مِن غيرِ جِهَتِه. ولعَلَّه سَهْوٌ أو نَقْصٌ مِنَ الكاتِبِ، وإنَّما هذا الشَّرْطُ على التَّخْريجِ الآتِى. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُقْبَلُ. وقال فى «المُحَرَّرِ»: ويتَخَرَّجُ إذا قُلْنا: تَطْلُقُ بلا نِيَّةٍ. أَنْ لا يُقْبَلَ منه فى الحُكْمِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ مِن غيرِ جِهَتِه. وتَبِعَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، وأَطْلَقَ الرِّوايتَيْن فى «الفُروعِ» وغيرِه. وتقدَّم نظيرُ ذلك فى أوَّلِ بابِ صَرِيحِ الطَّلاقِ وكِنايَتِه، عندَ قوْلِه: وإنْ نوَى بقَوْلِه: أنتِ طالِقٌ مِن وَثاقٍ. أو: مُطَلَّقَةٌ مِن زَوْجٍ كان قبْلِى. وتقدَّم تحْريرُ ذلك، فَلْيُعاوَدْ؛ فإنَّ الأصحابَ ذَكَرُوا أنَّ الحُكْمَ فيهما واحدٌ.

تنبيه: ظاهِرُ (2) قوْلِه: قُبِلَ منه إذا احْتَمَلَ الصِّدْقَ. [أىْ وُجودَه](3)، أنَّه

(1) بعده فى أ: «فيهما» .

(2)

سقط من: ط.

(3)

سقط من: الأصل.

ص: 392

فَإنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ خَرِسَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِمُرَادِهِ، فَهَلْ تَطْلُقُ؟ عَلَى

ــ

[يُشْترَطُ أنْ يكونَ قد (1) وُجِدَ ذلك](2) منه أو مِنَ الزَّوْجِ الذي قبْلَه. هذا المذهبُ. واخْتارَه القاضي وغيرُه. قال في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوي» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم: إذا أمْكَنَ. قال في «المُسْتَوْعِبِ» : هذا قِياسُ المذهبِ. وقال القاضي: يُقْبَلُ مُطْلقًا. وقدَّمه في «الفُروعِ» . [وقيل: مَحَلُّه إذا وُجِدَ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ وغيره](3). [وهل يُشْترَطُ أيضًا ثُبوتُه عندَ الحاكِمِ، أو: إنْ تَداعَيَا عندَه، أوْ: لا مُطْلَقًا؟ أو: يُشْتَرطُ في الحُكْمِ دُونَ التَّدَيُّنِ باطِنًا، وهو الأَظْهَرُ؟ فيه خِلافٌ. لكنْ فَرْقٌ بينَ إمْكانِ الصَّوْتِ ولو لم يكُنْ وُجِدَ شيءٌ مُطْلَقًا، وبينَ الوُجودِ نفْسِه، سواءٌ اشْتُرِطَ ثبُوتُه في نفْسِ الأَمْرِ أو عندَ الحاكمِ للحُكْمِ أو للتَّدَيُّنِ مَثَلًا. فكُلٌّ مِن ذلك مَسْألةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بنَفْسِها، خِلافًا لمَن يجْعَلُ الخُلْفَ لَفظِيًّا في ذلك كلِّه](4).

قوله: فإنْ ماتَ أَوْ جُنَّ أَوْ خَرِسَ قبْلَ العِلْمِ بمُرادِه، فهل تَطْلُقُ؟ على وَجْهَين.

(1) زيادة من: ا.

(2)

سقط من: ط.

(3)

سقط من: الأصل، ا.

(4)

زيادة من: ش.

ص: 393

وَجْهَينِ. وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيدٍ بِشَهْرٍ.

فَقَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ، لَمْ تَطْلُقْ.

ــ

وأَطْلَقَهما في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ؛ أحدُهما، لا تَطْلُقُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. صحَّحه في «التَّصْحيحِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» . والوَجْهُ الثَّاني، تَطْلُقُ. والخِلافُ هُنا مَبْنِيٌّ على الخِلافِ المُتَقَدِّمِ في اشْتِراطِ النِّيَّةِ في أصْلِ المَسْألَةِ؛ فإنْ قيلَ: تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ هناك. وهو المذهبُ، لم تَطْلُقْ هنا؛ لأنَّ شَرْطَ وُقوعِ الطَّلاقِ النِّيَّةُ، ولم يَتَحَقَّقْ وُجودُها، وإنْ قيل: لا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ هناك. طَلُقَتْ هنا. قاله الأصحابُ؛ منهم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى، وغيرُهم.

قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ قبْلَ قُدُومِ زَيدٍ بشَهْرٍ. فقَدِمَ قبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ، لم تَطْلُقْ. وكذا إذا قَدِمَ مع الشَّهْرِ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، حتى قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ في المَسْألَةِ الأَولَى: لم تَطْلُقْ بغيرِ اخْتِلافٍ مِن أصحابِنا. وقيل: هما كقَوْلِه: أنتِ طالِقٌ أمسِ. وجزَم به الحَلْوانِيُّ.

فائدة: قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» في هذه المَسْألَةِ: جزَم بعضُ أصحابِنا

ص: 394

وَإنْ قَدِمَ بَعدَ شَهْرٍ وَجُزْءٍ يَقَعُ الطَّلاقُ فِيهِ، تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ فِيهِ.

ــ

بتَحْريمِ وَطْئِها مِن حينِ عَقْدِ الصِّفَةِ [إلى حينِ مَوْتِه](1). وقال في «المُسْتَوْعِبِ» : قال بعضُ أصحابِنا: يَحْرُمُ عليه وَطْؤُها مِن حينِ عَقْدِ هذه الصِّفَةِ إلى حينِ مَوْتِه؛ لأنَّ كلَّ شَهْرٍ يأْتِي يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ شَهْرَ وُقوعِ الطَّلاقِ فيه. ولم يذْكُرْ خِلافَه.

قوله: وإنْ قَدِمَ بعدَ شَهْرٍ وجُزءٍ يقَعُ الطَّلاقُ فيه، تَبيَّنَّا وُقوعَه فيه. بلا نِزاعٍ، وأنَّ وَطْأَة مُحَرَّمٌ، فإنْ كان وَطِيء، لَزِمَه المَهْرُ.

فوائد؛ الأُولَى، لها النَّفَقَةُ مِن حينِ التَّعْليقِ إلى أنْ يتَبَيَّنَ وُقوعُ

(1) زيادة من: ا.

ص: 395

وَإنْ خَالعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ بِيَوْمٍ، وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، ثُمَّ قَدِمَ زَيدٌ بَعْدَ الشَّهْرِ بِيَوْمَينِ، صَحَّ الْخُلْعُ وَبَطَلَ الطَّلَاقُ. وَإنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ، وَقَعَ الطَّلَاقُ دُونَ الْخُلْعِ.

ــ

الطَّلاقِ. قلتُ: فيُعايَى بها.

الثَّانيةُ، قوْلُه: وإن خالعَها بعدَ اليَمِينِ بيَوْمٍ، وكان الطَّلاقُ بائِنًا، ثُمَّ قَدِمَ زَيدٌ بعدَ الشَّهْرِ بيَوْمَين، صَحَّ الخُلْعُ وبَطَل الطَّلاقُ. وهذا صحيحٌ لا خِلافَ فيه؛ لأنَّ الطَّلاق لم يُصادِفْها إلّا بائِنًا، والبائِنُ لا يقَعُ عليها الطَّلاقُ.

وقوله: وإنْ قَدِمَ بعدَ شَهْرٍ وساعَةٍ، وقَع الطَّلاقُ دُونَ الخُلْعِ. بلا خِلافٍ، لكن إذا لم يقَعِ الخُلْعُ، ترْجِعُ بالعِوَضِ.

وقوله: وكان الطَّلاقُ بائِنًا. احْتِرازًا مِنَ الطَّلاقِ الرَّجْعِيِّ؛ فإنَّه يصِحُّ الخُلْعُ

ص: 396

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي. طَلُقَتْ فِي الْحَالِ.

ــ

مُطْلَقًا. أَعْنِي قبْلَ وُقوعِ الطَّلاقِ وبعدَه، ما لم تَنْقَضِ عِدَّتُها.

الثَّالثةُ، وكذا الحُكْمُ لو قال: أنتِ طالِق قبْلَ مَوْتِي بشَهْرٍ. لكِنْ لا إرْثَ لبائنٍ، لعدَمِ التُّهْمَةِ. ولو قال: إذا مِتُّ، فأَنْتِ طالِقٌ قبْلَه بشَهْرٍ. لم يصِحُّ. ذكَرَه في «الانْتِصار» ؛ لأنَّه أوْقَعَه بعدَه، فلا يقَعُ قبْلَه لمُضيِّه.

قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ قبْلَ مَوْتِي. طَلُقَتْ في الحالِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال في «التَّبْصِرَةِ»: تَطْلُقُ في جُزْءٍ يَلِيه مَوْتُه، كقُبَيلِ مَوْتِي.

ص: 397

وَإنْ قَال: بَعْدَ مَوْتِي. أَوْ: مَعَ مَوْتِي. لَمْ تَطْلُقْ.

ــ

فوائد؛ إحْداها، قوْلُه: وإنْ قال: بعدَ مَوْتِي. أَو: مع مَوْتِي. لم تَطْلُقْ. بلا نِزاعٍ عندَ الأصحابِ، ونصَّ عليه. لكِنْ قال في «القَواعِدِ»: يَلْزَمُ على قَوْلِ ابنِ حامدٍ، الوُقوعُ هنا في قوْلِه: مع مَوْتِي. لأنَّه أوْقَعَ الطَّلاقَ مع الحُكْمِ بالبَينُونَةِ، فإيقاعُه مع سَبَبِ الحُكْمِ أوْلَى. انتهى. الثَّانيةُ، لو قال: أنتِ طالِق يَوْمَ مَوْتِي. ففي وُقوعِ الطَّلاقِ وَجْهان. وأَطْلَقَهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، تَطْلُقُ في أوَّلِه. وهو

ص: 398

وَإذَا تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ، ثُمَّ قَال: إِذَا مَاتَ أَبِي أَو اشْتَرَيتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَمَاتَ أَبُوهُ أَو اشْتَرَاها لَمْ تَطْلُقْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ.

ــ

الصَّوابُ. وصحَّحه في «النَّظْمِ» . وجزَم به في «المُنَوِّرِ» . والثَّاني، لا تَطْلُقُ. الثَّالثةُ، لو قال: أَطْوَلُكما حَياةً طالِقٌ. فبمَوْتِ إحْداهما يقَعُ الطَّلاقُ بالأُخْرَى إذَنْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: تَطْلُقُ وَقْتَ يَمِينِه.

قوله: وإنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيه، ثمَّ قال: إذا ماتَ أَبِي أَو اشْتَرَيتُكِ فأنْتِ طالِقٌ. فماتَ أَبُوه أو اشْتَراها لم تَطْلُقْ. وهو أحدُ الوَجْهَين. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ في «الفُصولِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «الكافِي» ، و «النَّظْمِ». قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»: هذا المذهبُ. ويَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ. وهو المذهبُ، وهو رِوايَةٌ في «التَّبْصِرَةِ». قال في «الشَّرْحِ»: وهذا أظْهَرُ. قال أبو الخَطَّابِ في «الهِدايَةِ» : وهذا الصَّحيحُ. قال في «الرِّعايتَين» : طَلُقَتْ في الأصحِّ. واخْتارَه القاضي في «الخِلافِ» ، و «الجامعِ» ، والشَّرِيفُ، وابنُ عَقِيلٍ في «عُمدِ الأَدِلَّةِ» ، وغيرُهم. وجزَم به في «المُنَوِّرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وقدَّمه في «الخُلاصةِ» ،

ص: 399

فَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً، فَمَاتَ أَبُوهُ، وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ مَعًا.

ــ

و «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» . وأَطْلَقَهما في «المُسْتَوْعِبِ» ، و «قَواعِدِ ابنِ رَجَبٍ» ، و «تَجْريدِ العِنايةِ» . [وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك في بابِ المُحَرَّماتِ في النِّكاحِ](1).

فائدة: لو قال: إذا مَلَكْتُكِ، فأَنْتِ طالِقٌ. فماتَ الأبُ، أو اشْتَراها، لم تَطْلُقْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: لا تَطْلُقُ في الأصحِّ. قال في «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوي الصَّغِير»: لم تَطْلقْ وَجْهًا واحِدًا. وجزَم به في «الرِّعايةِ الصُّغْرى» . قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» ، في «القاعِدَةِ السَّابِعَةِ والخَمْسِين»: لو قال زَوْجُ الأمَةِ لها: إنْ مَلَكْتُكِ، فأنتِ طالِقٌ. ثم ملَكَها، لم تَطْلُقْ. قاله الأصحابُ وَجْهًا واحِدًا. ولا يصِحُّ؛ لأنَّ ابنَ حامِدٍ يُلْزِمُه القَوْلَ هنا بالوُقوعِ؛ لاقْتِرانِه بالانْفِساخِ. انتهى. وقال في «الرِّعايةِ الكُبْرى»: ولو كان قال: إذا مَلَكْتُكِ، فأَنْتِ طالِقٌ. وقُلْنا: المِلْكُ في زَمَنِ الخِيارَين للمُشْتَرِي. لم تَطْلُقْ. واقْتَصَرَ عليه. وقيل: تَطْلُقُ. وفي «عُيونِ المَسائلِ» احتِمالٌ، يقَعُ الطَّلاقُ في مَسْألَةِ الشِّراءِ؛ بِناءً على أنَّ المِلْكَ هل ينْتَقِلُ زَمَنَ الخِيارِ؟؛ وفيه رِوايَتان.

تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: فإنْ كانَتْ مُدَبَّرَةً، فماتَ أَبُوه، وقَع الطَّلاقُ والعِتْقُ مَعًا.

ص: 400

فَصْلٌ: وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ لَأَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي في الْكُوزِ.

ــ

إذا كانتْ تخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ.

قوله: وإنْ قال: أنْتِ طَالِقٌ لأَشْرَبَنَّ الماءَ الَّذِي في الكُوزِ. ولا ماءَ فيه. أَوْ: لأَقْتُلَنَّ فُلانًا المَيِّتَ. أو: لأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ. أَوْ: لأَطِيرَنَّ. أوْ: إنْ لم أَصْعَدِ

ص: 401

وَلَا مَاءَ فِيهِ. أَوْ: لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ. أَوْ: لأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ. أَوْ: لَأطِيرَنَّ. أَوْ: إِنْ لَمْ أَصْعَدِ السَّمَاءَ. وَنَحْوَهُ. طَلُقَتْ فِي الْحَالِ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ فِي مَوْضِعٍ: لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ.

ــ

السَّمَاءَ. ونَحوَه، طَلُقَتْ في الحالِ. هذا تعْليق بعدَمِ وُجودِ المُسْتَحيلِ وعدَمِ فِعْلِه. ومِن جُمْلَةِ أمْثِلَتِه: إنْ لم أَشْرَبْ ماءَ الكُوزِ. ولا ماءَ فيه، أو: إنْ لم أَطِرْ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال أبو الخَطَّابِ في مَوْضِعٍ مِن كلامِه: لا تنْعَقِدُ يمِينُه. وحكَى في «الهِدايةِ» عن القاضي، أنَّها لا تَنْعَقِدُ،

ص: 402

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فلا يقَعُ به الطَّلاقُ. وقيل: تَطْلُقُ في المُسْتَحيلِ لذاتِه، وفي المُسْتَحيلِ عادَةً، تَطْلُقُ في آخرِ حَياتِه. وقيل: إنْ وَقَّتَه، كقَوْلِه: لأَطِيرَنَّ اليومَ (1). ونحوه، طَلُقَتْ في آخِرِ وَقْتِه. وذكَرَه أبو الخَطَّابِ اتِّفاقًا. وإنْ أَطْلَقَ، طَلُقَتْ في الحالِ. وقيل: إنْ عَلِمَ مَوْتَه، حَنِثَ، وإلَّا فلا؛ لتَوَهُّمِ عَوْدِ الحياة الفانِيَةِ.

فائدة: لو قال: لا طَلَعَتِ الشَّمْسُ. فهو كقَوْلِه: لأَصْعَدَنَّ السَّماءَ.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 403

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا شَرِبْتِ مَاءَ الْكُوزِ. وَلَا مَاءَ فِيهِ. أَوْ: صَعِدْتِ السَّمَاءَ. أَوْ: شَاءَ الْمَيِّتُ أَو الْبَهِيمَةُ. لَمْ تَطْلُقْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ، وَتَطْلُقُ فِي الْآخَرِ.

ــ

قوله: وإنْ قال: أنْتِ طالِقٌ إنْ شَرِبْتِ ماءَ الكُوزِ. ولا ماءَ فيه.

ص: 404

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَوْ: صَعِدْتِ السَّماءَ. أَوْ: شاءَ المَيِّتُ أو البَهِيمَةُ. هذا تعْليقٌ بوُجودِ مُسْتَحيلٍ وفِعْلِه، وهو قِسْمان؛ مُسْتَحِيلٌ عادةً، ومُسْتَحِيلٌ لذاتِه؛ فالمُسْتَحِيلُ عادة، كما مثَّل المُصَنِّفُ. ومِن جُمْلَةِ أمْثِلَتِه: أنتِ طالِقٌ لا طِرْتِ. أو: إنْ طِرْتِ. أو: لا شَرِبْتِ ماءَ الكُوزِ. ولا ماءَ فيه. أو: إنْ قَلَبْتِ الحَجَرَ ذهَبًا. ونحوُه. والمُسْتَحِيلُ لذاتِه، كقَوْلِه: أنتِ طالِقٌ إنْ رَدَدْتِ أمسِ. أو: جَمَعْتِ بينَ الضِّدَّين. أو:

ص: 405

وَإنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ اليَوْمَ إِذَا جَاءَ غَدٌ. فَعَلَى وَجْهَينِ. وَقَال

ــ

شَرِبْتِ الماءَ الذي في هذا الكُوزِ. ولا ماءَ فيه، ونحوه، فهذان القِسْمان لا تَطْلُقُ بهما في أحَدِ الوَجْهَين. وهو المذهبُ. صحَّحه في «المُغْنِي» ، و «الشَّرْحِ» ، و «التَّصْحيحِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ». وتَطْلُقُ في الآخَرِ. وأَطْلَقَهما ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه». وقيل: تَطْلُقُ في المُسْتَحِيلِ لذاتِه، لا في المُحالِ في العادَةِ.

فائدة: حُكْمُ العِتْقِ والحَرامِ والظِّهارِ والنَّذْرِ، حُكْمُ الطَّلاقِ في ذلك، وأمَّا اليَمِينُ باللهِ تعالى فكذلك، على أصحِّ الوَجْهَين. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» ، وغيرِهم. وأَطْلَقَهما في «الفُروعِ» . ويأَتِي الكلامُ عليه في كلامِ المُصَنِّفِ في كتابِ الأَيمانِ في الفَصْلِ الثَّاني.

قوله: وإنْ قال: أَنْتِ طالِقٌ اليَوْمَ إذا جاءَ غَدٌ. فعلى الوَجْهَين. يعْنِي المُتَقَدِّمَين قبْلَه. وأَطْلَقَهما في «الشَّرْحِ» ؛ أحدُهما، لا تَطْلُقُ مُطْلَقًا، بل هو لَغْوٌ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَبْدُوسٍ في

ص: 406

الْقَاضِي: لَا تَطْلُقُ.

ــ

«تَذْكِرَتِه» . وجزَم به في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي» ، و «الفُروعِ» . وصحَّحه في «التَّصْحيحِ» . والثَّاني، تَطْلُقُ في الحالِ. اخْتارَه القاضي أيضًا، ذكَرَه الشَّارِحُ. قال في «الوَجيزِ»: طَلُقَتْ. انتهى. وقيل: تَطْلُقُ في غَدٍ.

تنبيه: قال ابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه» : وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، فيما حكاه عن القاضي، أنَّ الطَّلاقَ لا يقَعُ هنا، مع قَطْعِ النَّظَرِ عن تخْريجِه على تَعْليقِ الطَّلاقِ بشَرْطٍ مُسْتَحِيلٍ. قال المُصَنِّفُ في «المُغْنِي» (1): اخْتِيارُ القاضي أن الطَّلاقَ يقَعُ في الحالِ. انتهى. قلتُ: قد ذكَر الشَّارِحُ عن القاضي قَوْلَين؛ عَدَمُ الطَّلاقِ مُطْلَقًا، ووُقوعُ الطَّلاقِ في الحالِ، كما ذكَرْتُه عنه.

فائدتان؛ إحْداهما، لو قال: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا على مذهبِ السُّنَّةِ، والشِّيعَةِ، واليَهُودِ، والنَّصارَى. فقال القاضي في الدَّعاوَى مِن «حَواشِي التَّعْليقِ»: تَطْلُقُ

(1) 10/ 416.

ص: 407

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثلاثًا؛ لاسْتِحالةِ الصِّفَةِ؛ لأنَّه لا مذهبَ لهم، ولقَصْدِه التَّأْكِيدَ. انتهى. قلتُ: ويقْرُبُ مِن ذلك قوْلُه: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا (1) على سائرِ المذاهب. لاسْتِحالةِ الصِّفَةِ. والظَّاهِرُ أنَّه أرادَ التَّأْكِيدَ، بل هذه أوْلَى مِنَ التي قبلَها، ولم أَرَها للأصحابِ. وقال أبو نَصْرِ بنُ الصَّبَّاغِ (2)، والدَّامَغَانِيُّ (3) مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: تَطْلُقُ في الحالِ. قال أبو مَنْصُورِ بنُ الصَّبَّاغِ (4): وسمِعْتُ مِن رَجُل فقِيهٍ كان يحْضُرُ عندَ أبي الطَّيِّبِ، أنَّ القاضيَ قال: لا يقعُ، لأنَّه لا يكون قد أوْقَع ذلك على المذاهبِ كلِّها. قال أبو مَنْصُورٍ: ولا بَأْسَ بهذا القوْلِ.

(1) سقط من: الأصل.

(2)

هو عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد، ابن الصباغ البغدادي، أبو نصر شيخ الشافعية، وكان ثَبْتا حجة دينًا خيرًا، درّس بالنظامية، وكف بصره في آخر عمره، توفي سنة سبع وسبعين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء 18/ 464.

(3)

هو عبد الكريم بن محمد بن أبي منصور الرماني الدامغاني، أبو القاسم، الشافعي، كان عالما فاضلا، فقيها، حسن السيرة، تفقه بأبي المعالي الجويني. توفي سنة خمس وأربعين وخمسمائة. التحبير في المعجم الكبير، للسمعاني 1/ 480، 481.

(4)

هو أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الواحد، ابن الصباغ البغدادي، أبو منصور إمام عالم جليل القدر تفقه على القاضي أبي الطيب الطبري، وروى الحديث عن كثير من العلماء وروى عنه الكثير. وكان ينوب عن القاضي أبي محمد بن الدامغاني في القضاء، وولي الحسبة بالجانب الغربي ببغداد، وله مصنفات ومجموعات حسنة، توفي سنة أربع وتسعين وأربعمائة. طبقات الشافعية 4/ 85، 86.

ص: 408