المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌«فصل»: يذكر فيه الكلام على أي موصولة كانت أو غير موصولة - شرح التسهيل = تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد - ق ١ - جـ ٢

[بدر الدين الدماميني]

الفصل: ‌«فصل»: يذكر فيه الكلام على أي موصولة كانت أو غير موصولة

«فصل» : يذكر فيه الكلام على أي موصولة كانت أو غير موصولة

. «وتقع «أي» شرطية» نحو: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} «أيما الأجلين قضيت فلا عدوان على}. «واستفهامية» نحو: {أيكم زادته هذه إيمانًا} ، {فبأي حديث بعده يؤمنون} {فأي الفريقين أحق بالأم}. «وصفة لنكرة مذكورة» كقوله:

دعوت امرءًا أي امرئ فأجابني

فكنت وإياه ملاذا وموئلا

قال الفارسي في القصريات: إذا قلت [مررت] برجل أي رجل، فرجل الأول غير الثاني، لأن الأول واحد والثاني جنس، لأن أيًا بعض ما تضاف

ص: 261

إليه. «غالبًا» راجع إلى (مذكورة) واحترز به من النكرة الموصوفة المحذوفة، كقول الفرزدق:

إذا حارب الحجاج أي منافق

علاه بسيف كلما مر يقطع

أراد منافقًا أي منافق.

قال المصنف: وهذا في غاية الندور؛ لأن المقصود بالوصف [بأي] التعظيم، والحذف مناف لذلك. «وحالًا لمعرفة» كقوله:

فأومأت إيماء خفيًا لحبتر

فلله عينا حبتر أيما فتى

ص: 262

أنشده المصنف بنصب (أي) على الحال، وأنشده غير بالرفع، على أنه مبتدأ أو خبر مبتدأ، والتقدير: أي فتى هو، [أو هو أي فتى] و (أي) في هذين الوجهين - أعني كونها صفة، وكونها حالًا -دالة على معنى الكمال، باعتبار ما تضاف إليه: فإن أضيفت إلى مشتق - كما في قولك: مررت بفارس أي فارس - فهي للكمال في الفروسية، والثناء على الموصوف خاص بهذه الجهة. وإن أضيفت إلى غير مشتق - كما في قولك:[مررت] برجل أي رجل - فهي للكمال في الرجولية، والثناء على الموصوف عام في كل ما يمدح به الرجل، وإنما لم توصف بها المعرفة؛ لأنها لو أضيفت إلى معرفة كانت بعضًا مما تضاف إليه، وذلك لا يتصور في الصفة.

ص: 263

«ويلزمها» أي يلزم (أيًا)«في هذين الوجهين» وهما: وقوعها صفة، ووقوعها حالًا «الإضافة لفظًا ومعنى» بحيث لا يجوز الانفكاك عنها أصلًا. «إلى ما يماثل الموصوف لفظًا ومعنى» نحو: مررت برجل أي رجل - «أو معنى لا لفظًا» نحو: رأيت رجلًا أي إنسان، قيل وإنما قاله بمحض القياس، ولا يعلم له فيه سماع. يريدون: في حال كونها صفة.

قال ابن هشام: وهو قياس جيد، لأنها كالواقعة حالًا في المعنى، وتلك تضاف إلى مخالفة ذي الحال: كمررت بعبد الله أي رجل.

فإن قلت: قد قررت أن المراد بالوجهين: وقوعها صفة، ووقوعها حالًا، فكيف يلائم هذا قوله:(إلى ما يماثل الموصوف) وهذا خاص بوقوعها صفة! !

قلت: لم يرد بالموصوف المتبوع بتابع هو صفة، بل أراد ما علق به وصف، فهذا أعم من أن يكون ذا حال أو صفة تابعة، فشمل الوجهين، وحصلت الملاءمة.

وبقي على المصنف أن يقول: ووصلة لنداء ما فيه (أل) فيلزمها حرف التنبيه. والاعتذار عن ذلك بأنه ذكره في باب النداء، معارض بأنه قد ذكر وقوع (أي) الشرطية في باب الشرط، فهلا استغنى بذلك هنا! ! وإنما هذا مقام استيفاء أقسام الشيء، فلا ينبغي أن يغادر منها شيء. «وقد يستغنى في الشرط والاستفهام بمعنى الإضافة، إن علم المضاف إليه» نحو: {أيا

ص: 264

ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} هذا في الشرط، وفي حديث ابن مسعود: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة لوقتها. قال: قلت ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. فهذه في الاستفهام.

«وأي فيهما» أي في الشرط والاستفهام «بمنزلة كل مع النكرة، وبمنزلة بعض مع المعرفة» ولهذا تقول: أي غلامين أتيا؟ وأي غلمان أتوا؟ برعاية حال المضاف إليه، كما إذا صرح بلفظ كل مضافًا إلى النكرة.

وتقول: أي الغلامين أتى؟ (وأي الغلمان أتى؟ ) ، كما تقول ذلك عند التصريح بلفظ بعض. وكذا في الشرطية، تقول أي رجل تضرب

ص: 265

أضربه، وأي رجلين تضرب أضربهما، وأي رجال تضرب أضربهم، وأي الرجلين تضرب أضربه، وأي الرجال تضرب أضربه.

«ولا تقع» أي «نكرة موصوفة، خلافًا للأخفش» فإنه أجاز وقوعها كذلك نحو: مررت بأيٍ معجب لك، وهذا هو الذي جزم به ابن الحاجب.

وأخرج المصنف بقوله: (نكرة) نحو: يا أيها الرجل، فإن (أيًا) هنا موصوفة، ولكنها معرفة. «وقد يحذف ثالثها في الاستفهام» كقول الفرزدق:

تنظرت نصرًا والسماكين أيهما

عليّ من الغيث استهلت مواطره

«وتضاف فيه» أي في الاستفهام «إلى نكرة بلا شرط» نحو: أي رجل عندك؟ .

«وإلى المعرفة بشرط تثنية» نحو: أي الرجلين عندك؟ أو أيهما

ص: 266

عندك؟ . «أو جمع» نحو: أي الرجال عندك؟ أو أيهم عندك؟ «أو قصد أجزاء» نحو: أي زيد أحسن؟ ، إذ المعنى: أي أجزائه أحسن؟ ، ولهذا يقال: - في البدل - أوجهه أو عينه؟ وفي الجواب: وجهه أو عينه أو نحو ذلك من أجزائه. «أو تكريرها» أي تكرير (أي)«عطفًا بالواو» أي حالة كونها معطوفة، أو ذات عطف، أو تكرير عطف، كقوله:

فلئن لقيتك خاليين لتعلمن

أيي وأيك فارس الأحزاب

وفي شرح ابن اقسم: قيل ونقصه أن يقصد به الجنس، نحو: أي الدينار دينارك؟ وأي البعير بعيرك؟ وأن يعطف عليه بالواو نحو: أي زيد وعمرو وجعفر قام؟ ويمكن اندراج هذين تحت قوله: (أو جمع)، وقد عرفت أن الضمير من قوله:(وتضاف فيه) عائد على الاستفهام، فتخرج الموصولة، والموصوف به، وهو حق، لأن الموصولة لا تضاف إلى نكرة، والموصوف بها لا تضاف إلى معرفة، لكن يلزم خروج (أي) الشرطية، وهو مشكل لأنها مساوية للاستفهامية فيما ذكر، فتضاف إلى النكرة بلا شرط نحو: أي رجل تضرب أكرمه، وإلى المعرفة بشرط إفهام تثنية، نحو: أي الغلامين جاءك فأكرمه، قال تعالى:{أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي} أو جمع، نحو: أي

ص: 267

الرجال جاءك فأكرمه؟ أو قصد أجزاء، نحو: أي زيد رأيت أعجبني؟ تقديره: أي أجزائه. وتأتي فيها أيضًا مسألة التكرير، نحو: أن يقال أي زيد وأي عمرو جاءك فأكرمه وعلى هذا ففي كلامه نقص فتأمله.

ص: 268