الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«فصل» : في الكلام على نون الوقاية
.
«تلحق قبل ياء المتكلم» مفتوحة أو ساكنة أو محذوفة والكسر دليلها نحو: {ربي أكرمن} {ربي أهانن} يقرأ وصلًا فيهما بنون مكسورة. «أن نصب بغير صفة» فشمل الفعل ماضيًا كان نحو: أكرمني، أو مضارعًا نحو: يكرمني، أو أمرًا نحو: أكرمني، متصرفًا كما مثلنا أو غير متصرف نحو: هبني وعساني، واسم الفعل نحو: عليكني ورويدني، وإن وأخواتها نحو: إنني وكأنني، واحترز من أن ينصب بصفة نحو: الضاربي عند من يراه منصوبًا، فإن نون الوقاية لا تلحقه. «أو جر بـ (من) أو (عن)» نحو: مني وعني بإدغام النون الساكنة وفي نون الوقاية.
«أو قد» بمعنى حسب نحو: قدني. «أو قط» بمعنى حسب أيضًا نحو: قطني، وهذا تصريح بأن الياء مجرورة فتكون مضافًا إليها، وهذا مذهب الخليل وسيبويه، وسيأتي في باب أسماء الأفعال. «أو بجل» بمعنى حسب أيضًا والياء مجرورة، فتقول يجلني «أو لدن» نحو:{[قد] بلغت من لدني عذرا} . «نون» بالرفع فاعل تلحق. «مكسورة للوقاية» عن الكسر في الفعل واسمه ومشبهه، وعن مطلق عموم الحركة في المبنى على السكون. «وحذفها مع (لدن) وأخوات (ليت) جائز» أما لدن فكقوله تعالى: {قد
بلغت من لدني عذرا} قرئ بالتشديد وبه قرأ الأكثرون وبالتخفيف وبه قرأ نافع وأبو بكر.
قال المصنف: وزعم سيبويه أن عدم لحاقها لـ (لدن) من الضرورات وليس كذلك لقراءة نافع، ولا يجوز أن يكون الاسم في قراءته (لد) والنون للوقاية، لأن (لد) متحرك الآخر، والنون إنما أتي بها لتصون الآخر عن الحركة، وإنما يقال: - في (لد) مضافًا إلى الياء - لدي، نص عليه سيبويه.
وأما أخوات ليت فهي: إن وأن وكأن ولكن ولعل، فيجوز فيها حذف نون الوقاية وإثباتها، وكون المحذوف هو نون الوقاية من الأربعة الأول هو مذهب الكثيرين؛ لأنها طرف؛ ولتعينها في (لعلي)، وقيل: المحذوف النون الأولى، وقيل: الوسطى. «وهو مع (بجل) و (لعل) أعرف من الثبوت» في الصحاح وبجل بمعنى حسب، قال الأخفش: هي ساكنة أبدًا، يقال: بجلك، كما يقال: قطك، إلا أنهم لا يقولون: بجلني كما يقولون: قطني، ولكن يقولون: بجلي وبجلي أي حسبي.
قال لبيد:
فمتى أهلك فلن أحفله
…
يجلي الآن من العيش بجل
هذا نصه.
وأما إثبات النون مع لعل فكقوله:
فقلت أعيراني القدوم لعلني
…
أخط بها قبرًا لأبيض ماجد
وحذفها أعرف نحو: {لعلي أبلغ الأسباب} «ومع ليس وليت ومن وعن وقط وقد بالعكس» أي الإثبات معهن أعرف.
قال المصنف رحمه الله [تعالى]-: ولم يرد ليسي ولبتي إلا في نظم كقوله:
...................
…
إذ ذهب القوم الكرام ليسي
وقوله:
كمنية جابر إذ قال ليتي
…
أصادفه وأفقد جل مالي
ونص سيبويه على أن الحذف مع ليت ضرورة. وقال الفراء: ليتي وليتني جائز. وظاهره أنه يجوز في الاختيار.
والحذف مع من وعن نادر، ونص بعضهم على أنه لا يجوز إلا للضرورة كقوله:
أيها السائل عنهم وعني
…
لست من قيس ولا قيس مني
وقطني وقدني أعرف من قطي وقدي، وظاهر كلام المصنف جواز الوجهين فيهما في الاختيار، وقد نص [قوم] على أن الحذف معهما ضرورة، وفي شرح الألفية لولد المصنف: قدي وقطي في كلامهم أكثر من قدني وقطني. وهو خلاف ما تقدم، وقد جمع الشاعر بينهما في قوله:
قدني من نصر الخبيبين قدي ......................
وفي الحديث: (قط قط بعزتك) يروى بسكون الطاء وكسرها مع ياء ودونها، ويروى:(قطني / قطني) و (قطٍ قطٍ) وهذا يدل على جواز الأمرين في غير الضرورة. هذا كله كلام ابن قاسم.
«وقد تلحق» أي نون الوقاية «مع اسم الفاعل، وأفعل التفضيل» حملًا على الفعل بطريق التشبيه وإلا فلم تحفظهما من كسر لا يستحقانه [ولا حفظت عليهما سكونًا يستحقانه] ، ولحوقها مع اسم الفاعل تارة يكون مع كونه ناصبًا، وتارة مع كونه خافضًا.
فالأول كقوله:
وليس الموافيني ليرفد خائبًا
…
....................
والثاني كقوله:
.......................
…
أمسلمني إلى قومي شراحي
وكان القياس في الأول: الموافي بتشديد الياء، وفي الثاني: أمسلمي بتخفيفها. وقال هشام: - في أمسلمني - إنما هذا تنوين لا نون وقاية، وكسر لالتقاء الساكنين، وأجاز على ذلك زيد ضاربني، والياء عنده منصوبة لا مجرورة، ويرده:
وليس الموافيني ...............
…
..................
إذ لا يجتمع التنوين مع (أل).
وأما لحاقها مع أفعل التفضيل فقد استدل عليه المصنف -[رحمه الله]- بقوله عليه الصلاة والسلام: (غير الدجال أخوفني عليكم).
وفيه ثلاثة أسئلة:
أحدها: في (أخوف) ، فإنه يقتضي أن غير الدجال خائف، فإن أصل أفعل أن يكون من الثلاثي المبني للفاعل وإنما المعنى أن غير الدجال مخوف منه.
والثاني: في الياء، فإن أفعل إنما يضاف إلى بعضه والياء لا تقبل ذلك.
والثالث: في لحاق النون، وجواب هذا الأخير: أن أفعل هذا مشبه به في التعجب.
وجواب الأول أن فعله إما خاف أو خيف أو أخاف، والجميع ممكن، أما
خيف فموافق للمعنى، ولكن يكون من باب: أشغل من ذات النحيين. ويكون الأصل أخوف مخوفاتي ثم حذف المضاف وبهذا التقرير اندفع السؤال الثاني. وأما خاف: فعلى أن يكون من وصف المعاني بما توصف به الذوات مثل: شعر شاعر، وموت مائت، وعجب عاجب. فالأصل: خاف خوفي، ثم قيل: خوفي [من] هذا الشيء أخوف من خوف غيره. وأصل الحديث: خوف غير الدجال أخوف خوفي. ثم حذف الخوفان وخلفهما غير والياء فصار غير الدجال أخوفني. وأما أخاف فعلى أن الأصل غير الدجال أخوف مخيفاتي، ثم حذف المضاف. وقد تضمن هذا الجواب الثاني الجواب عن السؤال الأول، وتبين على الأوجه الثلاثة أنه لابد من تقدير مضاف، وأما [في] الوجه الثاني فيحتاج إلى تقدير مضافين.
«وهي» أي نون الوقاية «الباقية في فليني» من قول الشاعر:
تراه كالثغام يعل مسكا
…
يسوء الفاليات إذا فليني
«لا الأولى» عطف على (هي) ، والمراد بالأولى نون الإناث. «وفاقًا لسيبويه» بناء على أنه إذا دار المحذوف بين كونه أولًا و [كونه] ثانيًا، فكونه ثانيُا أولى. ورجح المصنف هذا بأنها الباقية في نحو:{تأمروني} ، والصحيح أن المحذوف هو نون الوقاية؛ لأن النون الأخرى فاعل، والفاعل
لا يجوز حذفه وفي البسيط: إن كون المحذوف نون الوقاية أمر مجمع عليه والمصنف نقل الخلاف كما رأيت.