المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الحادي عشر«باب المعرف بالأداة» - شرح التسهيل = تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد - ق ١ - جـ ٢

[بدر الدين الدماميني]

الفصل: ‌الباب الحادي عشر«باب المعرف بالأداة»

‌الباب الحادي عشر

«باب المعرف بالأداة»

«وهي «أل» فيكون حرفًا ثنائي الوضع كـ (هل)، والتعبير عنها - حينئذ - بذلك أولى من قولهم:(الألف واللام) ، لسلامته من التطويل، لجريانه على المعهود في نظائره، نحو: هل حرف استفهام، وقد حرف تحقيق.

ولا يخفى أن كلام المصنف يقتضي أن المفيد للتعريف هو (أل) بكمالها.

«لا اللام وحدها» وليس للألف مدخل في أصل الوضع. «وفاقًا للخليل وسيبويه» فإنهما جميعًا قائلان بأن أداة التعريف هي مجموع (أل).

«وقد تخلفها «أم» في لغة حمير ونفر من طيئ، وفي الحديث: (ليس من

ص: 351

امبر امصيام في امسفر) كذا رواه النمر بن تولب رضي الله عنه، وهذه اللغة فاشية إلى الآن بكثير من بلاد اليمن

«وليست الهمزة زائدة، خلافًا لسيبويه» فإنه - مع كونه يوافق

ص: 352

الخليل في أن حرف التعريف وضع أولًا مجموع حرفين - يدعي أن الحرف الأول منهما زائد، وهي همزة وصل، ومع زيادتها فهي معتدبها في الوضع كهمزة (استمع) ، ولذا لم يعد رباعيًا فيضم أول مضارعه، فقد استبان أن المصنف نقل في أداة التعريف ثلاثة مذاهب:

المختار منها عنده أنها (أل) بكمالها، فهمزتها همزة قطع وصلت في الدرج، لكثرة الاستعمال.

الثاني - أنها اللام وحدها، والهمزة - عند هذا القائل - مجتلبة في الابتداء بعد أن لم تكن موجودة في أصل الوضع، ليتمكن بها من الابتداء بالساكن، فإذا قلت: قام القوم، فحرف التعريف على أصله، ولم تكن معه همزة [وصل] حتى يقال: حذفت. وإذا قلت: القوم قاموا، فقد زدت همزة متحركة على آلة التعريف لا وجود لها في أصل الوضع، ليتوصل بها إلى النطق بالساكن.

الثالث - أن حرف التعريف هو (أل) مع أن الهمزة زائدة معتد بها في الوضع كما سبق، وهو قول سيبويه فيما نقله المصنف، وقد خولف في ذلك فنقل غير واحد عن سيبويه أن مذهبه هو القول الثاني، وهو، / أن حرف التعريف هو اللام وحدها، والهمزة للوصل، لكنها فتحت - مع أن أصل همزات الوصل الكسر - لكثرة الاستعمال، واستدل لهذا القول بتخطي العامل الضعيف إياها، نحو: بالرجل، وذلك آية امتزاجها بالكلمة، وصيرورتها كجزء منها، ولو كانت على حرفين لكان لها نوع استقلال، فلم يتخطها كجزء منها،

ص: 353

ولو كانت على حرفين لكان لها نوع استقلال، فلم يتخطها العامل [الضعيف]، والاعتراض - بنحو:(إن لا تفعل) ، و (بلا مال) - يندفع بجعلهم (لا) - خاصة من بين ما هو على حرفين - كجزء الكلمة، وأما نحو:(فبما رحمة من الله) ، فالفاصل - لما لم يغير معنى ما قبله ولا ما بعده - عد الفصل [به] كلا فصل.

واستدل لمذهب الخليل بفتح الهمزة، وقد تقدم الاعتذار عنه، وبأنها يوقف عليها عند التذكر نحو: أل، فإذا تذكرت ما فيه (أل) كالكتاب، وبفصلها عن الكلمة، والوقف عليها عند الضرورة كقوله:

يا خليلي أربعا واستخبرا الـ

منزل الدارس من أهل الحلال

وذلك كالوقف على قد في نحو قوله:

ص: 354

أزف الترحل غير أن ركابنا

لما تزل برحالنا وكأن قد

«فإن عهد مدلول مصحوبها» أي مسمى الاسم الذي صحبته «بحضور حسي» بصريًا كان كما تقول: - لشاتم رجل تشاهده بحضرتك - لا تشتم الرجل. أو سمعيًا [نحو]: {كما أرسلنا إلى فرعون رسولًا، فعصى فرعون الرسول} .

ص: 355

«أو» حضور «علمي» نحو: {إذ هما في الغار} [إذ يبايعونك تحت الشجرة} «فهي عهدية» وأنواعها عنده ثلاثة كما رأيت.

«وإلا» يعهد مدلول مصحوبها بشيء مما تقدم «فجنسية» وتقسيم (أل) المعرفة إلى عهدية وجنسية هو قول الجمهور.

وزعم ابن معزوز، أنها للعهد الذهني [لا غير] ، وهو رأي السكاكي على ما هو مقرر في محله، ثم الجنسية - على ظاهر كلام المصنف - قسمان:

«فإن خلفها (كل) دون تجوز فهو للشمول» والاستغراق، نحو:(عالم الغيب والشهادة) ، أي كل غيب وشهادة «مطلقًا» ، أي حالة كونه مطلقًا، وهو شمول الأفراد، فإنه المراد من الشمول إذا استعمل مطلقًا،

ص: 356

وأما إذا استعمل مصاحبًا لقرينة تدل على إرادة الخصائص، فليس المراد منه شمول الأفراد، ضرورة وجود المانع من إرادته، وإنما [هو] شمول الخصائص الذي قامت القرينة عليه، وتنزيل كلام المصنف على هذا حسن، لولا أنه فسره بأن المراد بالإطلاق ما هو باعتبار الأفراد والخصائص، أي فهي للشمول، سواء تعلق بالأفراد أو بالخصائص، وهو غير جيد، فتأمله.

«ويستثنى من مصحوبها» نحو: {إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} الآية.

«وإذا أفرد» مصحوبها، وهي لشمول الأفراد «فاعتبار لفظه فيما له [من] نعت» نحو:{والجار ذي القربى والجار الجنب} ، {لا يصلاها إلا الأشقى، الذي كذب وتولى} ، وقد يقال: إن (أل) في ذلك ليست للشمول، وإنما هي لتعريف الماهية، كما ستعرفه. «وغيره» أي وغير نعت،

ص: 357

نحو: {وخلق الإنسان ضعيفًا} ، أي كل إنسان، فاعتبر لفظه في الحال الواقعة منه، فأفرد «أولى» من اعتبار معناه:

أما في النعت فكقولهم: - فيما حكاه الأخفش - أهلك الناس الدينار الصفر، والدرهم البيض. كذا مثل [له] بعضهم وفيه نظر، إذ ليس المراد: أهلك الناس كل دينار وكل درهم، ولا دلالة في قوله تعالى:{أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء} على ذلك، لأن الطفل يستعمل بأصل الوضع للجمع.

وأما في غير النعت فكقوله تعالى: {يا أيها الإنسان إنك كادح} ثم قال: {لتركبن [طبقًا]} بفتح الباء على خطاب الإنسان، وبالضم على خطاب الجنس كذا في / الزمخشري، فقد اعتبر المعنى في غير النعت، فأتى بضمير الجمع.

ص: 358

«فإن خلفها» أي الأداة (كل)«تجوزًا» لا حقيقة، نحو: زيد الرجل علما. «فهي لشمول خصائص الجنس على سبيل المبالغة» وهذا يصدق على الاستغراق العرفي نحو: جمع الأمير الصاغة، أي صاغة بلده، أو صاغة مملكته، فإن (كلا) تخلف الأداة فيه بتجوز، وليست لشمول الخصائص، بل لشمول بعض ما يصلح له اللفظ وهو صاغة بلد الأمير، أو صاغة مملكته دون من عداهم، وهنا أمران:

أحدهما -[أن] تخصيص المصنف القسم السابق بذكر الاستثناء من مصحوب الأداة يعطي أن هذا القسم بخلافه، ولا مانع من أن يقال: زيد الرجل إلا في الشجاعة - مثلًا - كما لا يمتنع: زيد الكامل إلا في ذلك.

الثاني - أنه بقي عليه قسم أسقطه، وهو ما إذا لم يخلفها (كل) ، لا حقيقة ولا مجازًا، وهذا الذي يقال فيه إنها لتعريف الحقيقة، ولتعريف الماهية، ولا يصح الاستثناء من هذا قطعًا، وذلك أنك إذا قلت: الرجل خير من المرأة، فالنظر فيه إلى الحقيقة والماهية، من حيث هي، فلا يصح أن تقول: إلا فلانة، لأنك لم تحكم أولًا على الأفراد حتى تخرج منها فردًا، فتأمله.

«وقد تعرض» بكسر الراء وضمها «زيادتها في علم» كقوله:

باعد أم العمرو من أسيرها

حراس أبواب على قصورها.

ص: 359

«و» في «حال» نحو: مررت بهم الجماء الغفير. والجماء: من الجم، وهو الكثير. والغفير: من الغفر، وهو الستر. أي مررت بهم [في] حال كونهم جماعة كثيرين ساترين - لكثرتهم - وجه الأرض، وحذفت التاء من الغفير حملًا للفعيل بمعنى الفاعل على الفعيل بمعنى المفعول، وهو صفة لـ (الجماء) ، أي الجماعة [الكثيرة] الساترة، فـ (أل) هنا زائدة، وقد سمع حذفها، يقال: مررت بهم جماء غفيرًا.

«و» في «تمييز» ، كما سمع من كلامهم: الأحد عشر الدرهم. «و» في «مضاف إليه تمييز» كقوله:

إلى ردح من الشيزى ملاء

لباب البر يلبك بالشهاد

ص: 360

«وربما زيدت فلزمت» كالتي في الأسماء الموصولة، على القول بأن تعريفها بالصلة، نحو: الذي ومتصرفاته، وكالتي في (الآن) على الصحيح.

«والبدلية - في نحو: «ما يحسن بالرجل خير منك» أن يفعل كذا «أولى من النعت» على نية الألف واللام، كما هو مذهب الخليل، وإنما جرأهم على ذلك اجتماع شيئين: كون التعريف في الموصوف لفظيًا لا معنى تحته، ولذا لم يجز في العلم، نحو: أيحسن بعبد الله خير منك.

وكون الوصف مما يمتنع جعله مطابقًا للموصوف بإدخال (أل) عليه، ولذا لم يجز ما يحسن بالرجل شبيه بك، لأنك تقدر فيه على إدخال (أل)، فتقول: بالرجل الشبيه بك، وإذا جعلناه بدلًا لم تكن بنا حاجة إلى مثل هذا الاعتذار، فلذلك اختار المصنف إعرابه بدلًا على إعرابه نعتًا.

«وقد تقوم» (أل)«في غير الصلة مقام ضمير» رابط أو غيره: فالأول -[نحو]: {فإن الجنة هي المأوى} ، أي مأواه.

ص: 361

والثاني - نحو: {واشتعل الرأس شيبًا} ، أي رأسي. وعلى هذا فالضمير أعلم من ضمير الغائب وضمير الحاضر، وقيد المصنف المسئلة بغير الصلة، فخرج نحو:[زيد] الذي ضربت الظهر والبطن، أي ظهره وبطنه، وكثير لم يتعرض إلى ذلك.

وقيد المصنف [أيضًا ما تقوم (أل) مقامه بكونه] ضميرًا، فخرج الاسم الظاهر، وفي الكشاف: أنها تأتي خلفًا من المضاف إليه، ولو كان ظاهرًا نحو:{وعلم آدم الأسماء كلها} وأن الأصل أسماء المسميات.

تم الجزء الثاني بحمد الله

ص: 362