المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في الأذان - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ١

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌بَابِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصَلِّ بَيَانِ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ]

- ‌[فَصْلٌ إزَالَة النَّجَاسَة]

- ‌[فَصْلُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ آدَابَ قَاضِي الْحَاجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصَلِّ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمَسْح عَلَى الجبيرة]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحَيْض]

- ‌[بَاب الْوَقْت الْمُخْتَار]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوط الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَصِفَةِ السَّاتِرِ

- ‌[فَصَلِّ فِي الِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَصَلِّ فِي فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاة وَبَدَلِهِ وَمَرَاتِبِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَتَرْتِيبِهَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ سُجُودَ التِّلَاوَةِ]

الفصل: ‌(فصل) في الأذان

الضَّمِيرِ الْمُقَدَّرِ مَعَ جَارِّهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَقَتْلُ أَيْ فِيهِ لَا فَائِتَةٍ وَنَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى فَرْضًا بِاعْتِبَارِ وَصْفِهِ أَيْ فَرْضًا حَاضِرًا لَا فَائِتَةً وَالدَّلِيلُ عَلَى تَقْدِيرِ حَاضِرًا قَوْلُهُ أَخَّرَ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ إلَخْ وَرَفَعَهُ عَطْفًا عَلَى الْمَعْنَى أَيْ الْفَرْضُ الْحَاضِرُ يُقْتَلُ تَارِكُهُ لَا فَائِتَةٌ فَلَا يُقْتَلُ تَارِكُهَا (ص) وَالْجَاحِدُ كَافِرٌ (ش) أَيْ وَالتَّارِكُ الْجَاحِدُ لِمَشْرُوعِيَّةِ الْفَرْضِ أَوْ مَشْرُوعِيَّةِ رُكُوعٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ وُضُوءٍ وَلَيْسَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ كَافِرٌ اتِّفَاقًا بَلْ إجْمَاعًا وَيُسْتَتَابُ كَالْمُرْتَدِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِ عَلَى أَرْجَحِ الرِّوَايَاتِ.

وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْوَقْتِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يُعْلَمُ بِهِ دُخُولُهُ فَقَالَ.

(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ

وَمَا يَتْبَعُهُ وَهُوَ لُغَةً الْإِعْلَامُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، مُشْتَقٌّ مِنْ الْأَذَنِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ أَوْ مِنْ الْأُذُنِ بِالضَّمِّ كَأَنَّهُ أَوْدَعَ مَا عَلِمَهُ أُذُنَ صَاحِبِهِ وَأَذَّنَ بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ أَعْلَمَ وَأَذِنَ بِفَتْحِ وَكَسْرٍ أَبَاحَ وَاسْتَمَعَ، وَمِنْهُ حَدِيثُ «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَإِذْنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ» وَفِي الْأَذَانِ لُغَةٌ ثَانِيَةٌ الْأَذِينُ.

(ص) سُنَّ الْأَذَانُ لِجَمَاعَةٍ طُلِبَتْ غَيْرُهَا فِي فَرْضٍ وَقْتِيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَذَانَ فِي الْمِصْرِ وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ سُنَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلْجَمَاعَةِ لَا لِلْفَذِّ الَّتِي تُطْلَبُ غَيْرُهَا فِي فَرْضٍ لَا غَيْرِهِ وَقْتِيٍّ أَدَائِيٍّ اخْتِيَارِيٍّ وَلَوْ حُكْمًا لَا يُخْشَى خُرُوجُهُ، فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْأَدَاءِ الْفَائِتَةُ فَيُكْرَهُ الْأَذَانُ لَهَا لَا بِالْوَقْتِيِّ إذْ هُوَ وَقْتِيٌّ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا وَقْتَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ» وَبِالِاخْتِيَارِيِّ الضَّرُورِيُّ فَلَا يُؤَذَّنُ فِيهِ وَكَذَا لَوْ خَشِيَ بِهِ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَدَخَلَ بِقَوْلِنَا وَلَوْ حُكْمًا الصَّلَاةُ الْمَجْمُوعَةُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فِي وَجْهِ النَّصْبِ عَطْفًا عَلَى فَرْضًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَصَبَهُ عَطْفًا عَلَى فَرْضًا بِاعْتِبَارِ وَصْفِهِ) أَيْ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى فَرْضًا بِاعْتِبَارِ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ حَاضِرًا، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ مَعْطُوفٌ عَلَى صِفَةٍ فَرْضًا أَيْ فَرْضًا حَاضِرًا (قَوْلُهُ: وَرَفَعَهُ عَطْفًا عَلَى الْمَعْنَى) أَيْ عَطْفَ جُمَلٍ وَفِيهِ أَنْ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ بَلْ الْمُفْرَدَاتِ (قَوْلُهُ: حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ) أَيْ حَدِيثَ عِلْمٍ بِالْإِنْصَافِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِإِسْلَامِهِ (قَوْلُهُ: كَالْمُرْتَدِّ) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَوْلُهُ كَالْمُرْتَدِّ أَيْ غَيْرِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَرْجَحِ الرِّوَايَاتِ) أَيْ عَنْ الْإِمَامِ ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْعَاطِفِ أَيْ وَعَلَى أَرْجَحِ الرِّوَايَاتِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ آتِيًا عَلَى أَرْجَحِ الرِّوَايَاتِ.

[فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ]

(فَصْلُ الْأَذَانِ) .

الْأَذَانُ اسْمُ مَصْدَرِ أَذَّنَ يُقَالُ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلَوَاتِ أَعْلَمَ بِهَا، وَالْفَعَالُ بِالْفَتْحِ يَأْتِي اسْمًا مِنْ فَعَّلَ بِالتَّشْدِيدِ مِثْلُ وَدَعَ وَدَاعًا وَسَلَّمَ سَلَامًا وَكَلَّمَ كَلَامًا وَزَوَّجَ زَوَاجًا وَجَهَّزَ جَهَازًا قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ (فَائِدَةٌ) الْأَذَانُ شُرِعَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ وَعَلَيْهِ مَشْرُوعِيَّتُهُ بِالْقُرْآنِ وَقِيلَ فِي مَكَّةَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ. (فَائِدَةٌ أُخْرَى) لَا يُقَالُ أَذَّنَ الْعَصْرَ بَلْ أَذَّنَ بِالْعَصْرِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَمَا يَتْبَعُهُ) أَيْ فِي الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ الْإِعْلَامُ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ اسْمُ الْمَصْدَرِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ) وَأَمَّا اصْطِلَاحًا فَهُوَ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ.

(فَائِدَةٌ) حَاصِلُ مَا ارْتَضَاهُ عج أَنَّ الْإِمَامَةَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَيَلِي الْإِمَامَةَ الْأَذَانُ ثُمَّ الْإِقَامَةُ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ أَيْ نِيَّةِ الْفِعْلِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ فَلَوْ بَدَأَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ ابْتَدَأَ التَّكْبِيرَ وَلَا يَبْنِي عَلَى التَّكْبِيرِ الْأَوَّلِ لِوُقُوعِهِ بِلَا نِيَّةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ.

(قَوْلُهُ مُشْتَقٌّ) أَرَادَ بِهِ الِاشْتِقَاقَ الْأَكْبَرَ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ أَوْدَعَ) تَوْجِيهٌ لِأَخْذِهِ مِنْ الْأُذُنِ وَلَمَّا كَانَ تَوْجِيهُ أَخْذِهِ مِنْ الِاسْتِمَاعِ ظَاهِرًا لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَذَّنَ بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ) أَيْ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْأَذَانِ (قَوْلُهُ وَأَذِنَ بِفَتْحٍ وَكَسْرٍ) قَصَدَ اسْتِيفَاءَ تَصَرُّفِ تِلْكَ الْمَادَّةِ (قَوْلُهُ أَبَاحَ) هَذَا مَعْنَى عَلَى حِدَتِهِ وَقَوْلُهُ وَاسْتَمَعَ مَعْنًى آخَرُ عَلَى حِدَتِهِ وَيَأْتِي أَيْضًا بِمَعْنَى عَلِمَ وَمِنْهُ {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279](قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ كَوْنِهِ بِمَعْنَى اسْتَمَعَ (قَوْلُهُ مَا أَذِنَ اللَّهُ) بِكَسْرِ الذَّالِ لِشَيْءٍ أَيْ مَا اسْتَمَعَ قَالَ الْهَرَوِيُّ مَعْنَاهُ مَا اسْتَمَعَ وَاَللَّهُ لَا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ أَرَادَ بِهِ لَازِمَهُ مِنْ الْقَبُولِ وَالرِّضَا (قَوْلُهُ كَإِذْنِهِ) بِفَتْحِ الذَّالِ (قَوْلُهُ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَعْنَاهُ تَحْرِيرُ الْقِرَاءَةِ وَتَرْقِيقُهَا وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالْأَلْحَانِ جَائِزَةٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا عِنْدَنَا فَيُكْرَهُ فَعَلَى مَذْهَبِنَا يُفَسَّرُ يَتَغَنَّى بِيَسْتَغْنِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ تَفْسِيرُ التَّغَنِّي بِالِاسْتِغْنَاءِ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» مَقْلُوبٌ أَيْ زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ (قَوْلُهُ الْأَذِينُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الذَّالِ (قَوْلُهُ وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ) تَلَاصَقَ الْمَسْجِدَانِ أَوْ تَقَارَبَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَسْجِدُ الَّذِي قَسَّمَهُ أَهْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ الْقَسْمُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ مِلْكَهُمْ قَدْ ارْتَفَعَ عَنْهُمْ بِالتَّحْبِيسِ.

(قَوْلُهُ سُنَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْبَلَدِ وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ سُنَّةٌ بِاعْتِبَارِ كُلِّ مَسْجِدٍ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَسَاجِدِ وَأَمَّا فِي الْمِصْرِ فَوَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ يُقَاتَلُونَ لِتَرْكِهِ (قَوْلُهُ لَا لِلْفَذِّ) فَيُكْرَهُ (قَوْلُهُ الَّتِي تُطْلَبُ غَيْرُهَا) فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَأَمَّا الَّتِي لَا تُطْلَبُ غَيْرُهَا فَيُكْرَهُ لَهَا الْأَذَانُ (قَوْلُهُ فِي فَرْضٍ) احْتَرَزَ بِهِ مِنْ السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ فَالْأَذَانُ لَهُمَا مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ وَقْتِيٌّ) خَرَجَتْ الْجِنَازَةُ فَيُكْرَهُ الْأَذَانُ لَهَا قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَذَانَ فِي الضَّرُورِيِّ كَالْأَذَانِ لِلْفَوَائِتِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْأَذَانُ فِي الْجَمْعِ كَانَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ أَوْ تَأْخِيرٍ فَإِنَّهُ أَذَانٌ فِي غَيْرِ اخْتِيَارِيٍّ مَعَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ بِأَنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ حُكْمًا (قَوْلُهُ إذْ هُوَ وَقْتِيٌّ) أَيْ إذْ الْفَرْضُ الْفَائِتُ وَقْتِيٌّ أَيْ ذُو وَقْتٍ وَهُوَ وَقْتُ ذِكْرِهَا (قَوْلُهُ فَلَا يُؤَذَّنُ) أَيْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ) بِأَنْ ظَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ بِهِ فَيَحْرُمُ بَقِيَ مَا إذَا شَكَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَفِي مَسَائِلِ الشَّيْخِ ابْنِ هِلَالٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ

ص: 228

تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا فَيُؤَذَّنُ لَهَا وَلَا يُؤَذَّنُ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَيْ يُكْرَهُ كَالْأَذَانِ لِلسُّنَّةِ كَمَا اُسْتُظْهِرَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ جُمُعَةً) إلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ فِيهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ.

(ص) وَهُوَ مُثَنًّى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَذَانَ بِاعْتِبَارِ جُمَلِهِ السَّبْعَ عَشْرَةَ أَوْ التِّسْعَ عَشْرَةَ فِي الصُّبْحِ مُثَنًّى بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ مِنْ التَّثْنِيَةِ مَا عَدَا الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ فَإِنَّهَا مُفْرَدَةٌ لَا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَتَخْفِيفٍ الْمَعْدُولُ عَنْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ الزِّيَادَةَ عَلَى اثْنَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ لِجَمِيعِ الْكَلِمَاتِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (وَلَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) الْمَشْرُوعَةُ فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ خَاصَّةً فَيُثَنِّيهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ فِي إفْرَادِهَا وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى أَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهَا فِي الصُّبْحِ صَادِرٌ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه اجْعَلْهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ حِينَ جَاءَ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ إنْكَارٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا كَرِهَ مَالِكٌ التَّلْبِيَةَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ اهـ.

وَاتَّكَلَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى شُهْرَةِ اخْتِصَاصِهَا بِنِدَاءِ الصُّبْحِ فَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَلَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مُبْتَدَأُ وَخَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ مَحْكِيَّةٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفَةُ أَيْ وَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي يُثَنَّى هَذَا اللَّفْظَ.

(ص) مُرَجِّعُ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَرْفَعَ مِنْ صَوْتِهِ أَوَّلًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يُرَجِّعَ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَعْلَى مِنْ صَوْتِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ أَوَّلًا وَيَكُونُ صَوْتُهُ فِي التَّرْجِيعِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَجِّعَ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَعْلَى مِنْ صَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ فَقَوْلُهُ أَوَّلًا يَحْتَمِلُ لِلشَّهَادَتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ لِلتَّكْبِيرِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ صَوْتُهُ فِي التَّكْبِيرِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي الشَّهَادَتَيْنِ قَبْلَ التَّرْجِيعِ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ إسْمَاعِ النَّاسِ لَهُمَا إسْمَاعًا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ وَإِنَّمَا طُلِبَ التَّرْجِيعُ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهِ أَبَا مَحْذُورَةَ وَحِكْمَةُ ذَلِكَ إغَاظَةُ الْكُفَّارِ أَوْ؛ لِأَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ أَخْفَى صَوْتَهُ بِهِمَا حَيَاءً مِنْ قَوْمِهِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ

ــ

[حاشية العدوي]

لَا بَأْسَ بِالْأَذَانِ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ وَأَوَّلُ الْوَقْتِ أَوْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ كَمَا اُسْتُظْهِرَ) رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ أَيْ قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ وُجُوبِ الْأَذَانِ الثَّانِي فِعْلًا وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ مَشْرُوعِيَّةً فَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَذَانَيْنِ مَعًا غَيْرُ مُسَلَّمٍ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَذَانَ) أَيْ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ إذْ الْمُرَادُ بِهِ أَوَّلًا الْفِعْلُ وَتَرْجِيعُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْكَلِمَاتِ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ جَمَلِهِ) أَيْ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ كَلِمَاتِهِ فَهِيَ ثَمَانٍ وَسِتُّونَ كَلِمَةً فِي غَيْرِ الصُّبْحِ وَسِتٌّ وَسَبْعُونَ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ وَكَلِمَاتُهُ اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِكُلِّ كَلِمَاتِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا قَدْ ذُكِرَ مَرَّتَيْنِ فَهُوَ وِزَانُ قَوْلِك جَاءَ الرِّجَالُ مَثْنَى أَيْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي التَّرْبِيعَ لَوْ عَادَ الضَّمِيرُ عَلَى التَّكْبِيرِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَوْتَرَ الْأَذَانَ أَوْ شَفَعَ الْإِقَامَةَ وَلَوْ غَلَطًا لَمْ يَجْزِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وِتْرَ أَكْثَرِهِ كَوِتْرِ جَمِيعِهِ وَانْظُرْ لَوْ أَوْتَرَ نِصْفَهُ هَلْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يُغْتَفَرُ كَوِتْرِ أَقَلِّهِ وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي شَفْعِ الْإِقَامَةِ.

(قَوْلُهُ صَادِرٌ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم) أَيْ حَيْثُ قَالَهَا بِلَالٌ فَأَمَرَهُ بِجَعْلِهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ لَا مِنْ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الْمَشْرُوعِيَّةَ مِنْ عُمَرَ (قَوْلُهُ إنْكَارٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ) أَيْ لَا تَشْرِيعٌ لَهَا بِجَعْلِهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ بِحَيْثُ يَكُونُ هُوَ الْمُشَرِّعُ.

(قَوْلُهُ مُرْجَعُ إلَخْ) بِفَتْحِ الْجِيمِ خَبَرٌ ثَانٍ أَيْ وَهُوَ مُرْجَعُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا اسْمَ فَاعِلٍ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الْأَذَانِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِ سُنَّ الْأَذَانُ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْمُؤَذِّنِ مُرْجَعَ الشَّهَادَتَيْنِ أَيْ الْفَاعِلُ اللُّغَوِيُّ لَكِنْ فِي جَعْلِهِ حَالًا شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا فَيَقْتَضِي أَنَّ السُّنَّةَ مُقَيَّدَةٌ بِالتَّرْجِيعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قَالَ بَعْضٌ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّرْجِيعَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يُرَجِّعُ الْأُولَى قَبْلَ إتْيَانِهِ بِالثَّانِيَةِ ثُمَّ يُرَجِّعُ الثَّانِيَةَ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا (قَوْلُهُ بِأَرْفَعَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَرْفَعُ أَوَّلًا وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ دُونَ رَفْعِهِ بِالتَّكْبِيرِ وَمَعْنَى أَرْفَعَ أَعْلَى مِنْ الِارْتِفَاعِ وَهُوَ الْعُلُوُّ لَا مِنْ الرِّفْعَةِ وَهِيَ الرِّقَّةُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي خَفْضَ صَوْتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يُسَنُّ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَبْطُلُ الْأَذَانُ بِتَرْكِهِ فَقَوْلُ الْأَبِيِّ مُقْتَضَى مَذْهَبِنَا كَوْنُهُ رُكْنًا يَبْطُلُ الْأَذَانُ بِتَرْكِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ.

(قَوْلُهُ أَنْ يُرَجِّعَ إلَخْ) أَيْ إنَّ التَّرْجِيعَ سُنَّةٌ وَلَوْ مِنْ الْمُؤَذِّنِ الْمُنْفَرِدِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرْجِيعَ اسْمٌ لِلْعَوْدِ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَهُوَ صَرِيحُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ ظَاهِرٌ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَأْتِي بِهِ أَوْ لِلْمَجْمُوعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ صَوْتُهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَعْلَى أَيْ فَيَرْفَعُ أَوَّلًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ لِمُنْتَهَاهُ ثُمَّ يَخْفِضُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ دُونَ التَّكْبِيرِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ النَّاسَ ثُمَّ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِمَا بِحَيْثُ يُسَاوِي رَفْعَهُ بِالتَّكْبِيرِ أَوْ أَعْلَى كَمَا فِي ك.

(قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَجِّعَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ لَا قَوْلٌ وَقَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَوْلٌ وَهُوَ الْحَقُّ بَلْ هُمَا قَوْلَانِ يَحْتَمِلُهَا الْمُصَنِّفُ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورُ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ إسْمَاعِ النَّاسِ) أَيْ بِالشَّهَادَتَيْنِ قَبْلَ التَّرْجِيعِ.

(قَوْلُهُ يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ أَيْ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيعَ يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ حَقِيقَةِ الْأَذَانِ فَيَنُوبُ عَنْ الَّذِي أَخْفَاهُ أَوَّلًا فَلَا يَكُونُ آتِيًا بِسُنَّةِ التَّرْجِيعِ وَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ يَكْفِي مَعَ أَنَّهُ مُلَاحَظٌ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَصْلِ الْأَذَانِ بَلْ مِنْ كَمَالِهِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ لَا تَضُرُّ فِي كَوْنِهِ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَةِ الْأَذَانِ وَإِنَّمَا نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ: وَرُبَّمَا غَلِطَ بَعْضُ الْعَوَامّ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ فَيُخْفِي صَوْتَهُ حَتَّى لَا يُسْمَعُ وَهَذَا غَلَطٌ اهـ.

(قَوْلُهُ إغَاظَةُ الْكُفَّارِ) أَيْ بِإِظْهَارِ تَوْحِيدِ اللَّهِ

ص: 229

بُغْضِهِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَاهُ عليه الصلاة والسلام وَعَرَكَ أُذُنَهُ وَأَمَرَهُ بِالتَّرْجِيعِ وَلَا يَنْتَفِي هَذَا بِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ كَالرَّمَلِ فِي الْحَجِّ (ص) مَجْزُومٌ (ش) أَيْ مَوْقُوفُ الْجُمَلِ سَاكِنُهَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَزَمَ الْحَرْفَ أَسْكَنَهُ وَعَلَيْهِ سَكَتَ الْمَازِرِيُّ اخْتَارَ شُيُوخُ صِقِلِّيَةَ جَزْمَهُ وَشُيُوخُ الْقَرَوِيِّينَ إعْرَابَهُ وَالْجَمِيعُ جَائِزٌ اهـ. فَلَيْسَ الْجَزْمُ مِنْ الصِّفَاتِ الْوَاجِبَةِ مِثْلِ الصِّفَاتِ السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْأَذَانُ مَبْنِيًّا لِامْتِدَادِ الصَّوْتِ فِيهِ وَأُعْرِبَتْ الْإِقَامَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِرَفْعِ صَوْتٍ لِلِاجْتِمَاعِ عِنْدَهَا وَالسَّلَامَةُ مِنْ اللَّحْنِ فِي الْأَذَانِ مُسْتَحَبٌّ.

(ص) بِلَا فَصْلٍ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ يُخْرِجُهُ عَنْ نِظَامِهِ فَلَا يُفْصَلُ بَيْنَهَا بِسَلَامٍ وَلَا رَدٍّ وَلَا بِإِشَارَةٍ لِرَدِّ سَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْتِ الْمُؤَلِّفُ بِهَذَا الْوَصْفِ صَرِيحًا بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا مُتَّصِلًا عَلَى وَتِيرَةِ الْأَوْصَافِ قَبْلَهُ لِمُنَاسِبَةِ قَوْلِهِ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ أَوْ حَاجَةٍ أَيْ وَيَرُدُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ كَمَا يَرُدُّ الْمَسْبُوقُ عَلَى الْإِمَامِ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ حَاضِرًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ حَيْثُ أُبِيحَ لَهُ الرَّدُّ إشَارَةً فِي الصَّلَاةِ دُونَ الْأَذَانِ هُوَ أَنَّ الْأَذَانَ عِبَادَةٌ لَيْسَ لَهَا وَقْعٌ فِي النَّفْسِ فَلَوْ أُجِيزَ فِيهِ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ لَتَطَرَّقَ إلَى الْكَلَامِ لَفْظًا وَالصَّلَاةُ لِعِظَمِهَا فِي النُّفُوسِ لَا يَتَطَرَّقُ فِيهَا مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى الْكَلَامِ وَالْمُلَبِّي مُلْحَقٌ بِالْمُؤَذِّنِ.

(ص) وَبَنَى إنْ لَمْ يَطُلْ (ش) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِمَّا سَبَقَ أَوْ غَيْرُهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا بَنَى إنْ لَمْ يَطُلْ فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ الْأَذَانَ لِإِخْلَالِهِ بِنِظَامِ الْأَذَانِ وَتَخْلِيطِهِ عَلَى السَّامِعِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ غَيْرُ أَذَانٍ وَلَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَيْنُ الْحُكْمِ فِي فَصْلِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ مِنْ كَرَاهَةٍ أَوْ حُرْمَةٍ قَالَ سَنَدٌ أَمَّا كَلَامُهُ فَمَكْرُوهٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَانْظُرْ الْحُكْمَ فِي غَيْرِ الْكَلَامِ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ فِي الْعُمْدَةِ وَيُمْنَعُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْكَلَامُ وَرَدُّ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْمَنْعِ الْكَرَاهَةَ.

(ص) غَيْرَ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ إلَّا الصُّبْحَ فَبِسُدُسِ اللَّيْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ أَنْ لَا يَكُونَ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَقْتِ إجْمَاعًا لِفَوَاتِ فَائِدَتِهِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِهِ فَيُعَادُ بَعْدَهُ لِيَعْلَمَ مَنْ قَدْ صَلَّى مِنْ أَهْلِ الدُّورِ أَنَّ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ قَبْلَ الْوَقْتِ إلَّا الصُّبْحَ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ أَذَانِهَا بِسُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ كَمَا قَالَهُ الْجُزُولِيُّ وَقِيلَ إنَّ الْأَذَانَ الْمُقَدَّمَ هُوَ السُّنَّةُ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ سَنَدٍ وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ فَمُسْتَحَبٌّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ سَنَدٍ أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لَهَا أَذَانٌ ثَانٍ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَكَلَامُ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ يُفِيدُ أَنَّهُ يُطْلَبُ لَهَا أَذَانٌ ثَانٍ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بَلْ يُفِيدُ أَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَإِنَّمَا خَرَجَتْ الصُّبْحُ عَنْ أَصْلِ الْمَشْرُوعِيَّةِ لِلْأَذَانِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَانْفِرَادِهِ بِالْعُبُودِيَّةِ وَرِسَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ سَاكِنُهَا) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مَوْقُوفُ الْجَمَلِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ سَكَتَ) مِنْ عَطْفِ اللَّازِمِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَقْتَضِي السُّكُوتَ.

(قَوْلُهُ اخْتَارَ شُيُوخُ إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي جَمِيعِ جَمَلِهِ وَخَصَّ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ بِالتَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ قَالَ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ أَلْفَاظِهِ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ نَطَقَ بِهِ إلَّا مَوْقُوفًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْجَمِيعُ جَائِزٌ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْ الْإِعْرَابِ وَعَدَمِهِ جَائِزٌ أَيْ لَا يَخْتَلُّ بِتَرْكِهِ الْأَذَانُ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى كَوْنُ الْجَمَلِ فِي الْأَذَانِ سَاكِنَةً.

(قَوْلُهُ الْوَاجِبَةِ) أَيْ الَّتِي يَخْتَلُّ الْأَذَانُ بِتَرْكِهَا.

(قَوْلُهُ مِثْلِ الصِّفَاتِ السَّابِقَةِ) أَيْ جِنْسِ الصِّفَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَّا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ قَوْلُهُ مَثْنَى وَقَوْلُهُ وَاللَّاحِقَةِ كَقَوْلِهِ بِلَا فَصْلٍ إلَخْ عَلَى مَا بَيَّنَ.

(قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَ الْفَصْلُ وَبَطَلَ الْأَذَانُ أَيْ فَلَيْسَ الْأَذَانُ كَالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ فِي حُرْمَةِ قَطْعِهَا.

(قَوْلُهُ أَيْ وَيَرُدُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ) وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِمُ حَاضِرًا وَأُسْمِعَهُ إنْ حَضَرَ وَلَا يَكْتَفِي بِإِشَارَةٍ فِي حَالَةِ الْأَذَانِ وَالْمُلَبِّي كَالْمُؤَذِّنِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَمَا يَقُولُ الشَّارِحُ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الْفَصْلَ فِي الْأَذَانِ إذَا طَالَ يَبْطُلُ بِخِلَافِ التَّلْبِيَةِ وَأَيْضًا التَّلْبِيَةُ اسْتِمْرَارُهَا بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِخِلَافِ رَدِّ السَّلَامِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ اهـ.

وَتَأَمَّلْ وَلَا رَدَّ عَلَى قَاضِي حَاجَةٍ أَوْ مُجَامِعٍ وَلَوْ بَقِيَ الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ شَارَكَا الْمُلَبِّيَ وَالْمُؤَذِّنَ فِي كَرَاهَةِ السَّلَامِ عَلَيْهِمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا الرَّدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حَالَةٍ تُنَافِي الذِّكْرَ.

(قَوْلُهُ حَيْثُ أُبِيحَ الرَّدُّ) أَيْ أُذِنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَطْلُوبٌ (قَوْلُهُ لَيْسَ لَهَا وَقْعٌ فِي النَّفْسِ) أَيْ تَأْثِيرٌ فِي النَّفْسِ لِكَوْنِ قَطْعِهِ لَيْسَ بِحَرَامٍ.

(قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ إلَخْ) كَانَتْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا.

(قَوْلُهُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ غَيْرُ أَذَانٍ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الطُّولَ مَا يَحْصُلُ بِهِ لِلسَّامِعِ اعْتِقَادٌ أَنَّهُ غَيْرُ أَذَانٍ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ فَيَبْتَدِئُ غَيْرُهُ وَلَا يَبْنِي عَلَى أَذَانِ الْأَوَّلِ وَلَوْ قَرُبَ وَالْإِقَامَةُ مِثْلُ الْأَذَانِ أَفَادَ ذَلِكَ كُلَّهُ عج.

(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ) أَيْ يُكْرَهُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْفَصْلَ بِكُلٍّ مِنْ الْكَلَامِ أَوْ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ يُكْرَهُ وَلَا حُرْمَةَ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ أَعْمَى أَوْ دَابَّةٍ أَنْ يَقَعَ فِي بِئْرٍ وَشِبْهُهُ أَوْ خَشِيَ تَلَفَ مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَلْيَتَكَلَّمْ وَيَبْنِي إنْ قَرُبَ وَيَبْتَدِئُ إنْ بَعُدَ.

(قَوْلُهُ غَيْرُ مُقَدَّمٍ إلَخْ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ حَالٌ.

(قَوْلُهُ إلَّا الصُّبْحَ) يَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالنَّصْبُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَنْفِيٍّ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ إلَخْ) أَيْ فَفِعْلُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ عج.

(قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْجُزُولِيُّ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا إلَّا أَذَانٌ وَاحِدٌ قُدِّمَ عَلَى مَوْضِعِهِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ فَمُسْتَحَبٌّ) فِي الْعِبَارَةِ مُضَارَبَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ الْمُتَقَدِّمَ يُفِيدُ أَنَّ سَنَدًا يَقُولُ بِأَنَّ لَهَا أَذَانَيْنِ الْأَوَّلُ هُوَ السُّنَّةُ وَالثَّانِي مُسْتَحَبٌّ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ يُؤَذَّنُ بِأَنَّهُ أَذَانٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ تَقْدِيمَهُ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ

ص: 230

بِدَلِيلٍ فَبَقِيَ مَا عَدَاهَا عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهَا تُدْرِكُ النَّاسَ وَهُمْ نِيَامٌ فَيَحْتَاجُونَ إلَى التَّأَهُّبِ وَإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَفَضِيلَةِ التَّغْلِيسِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّهَا تُدْرِكُهُمْ مُتَصَرِّفِينَ فِي أَشْغَالِهِمْ فَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى أَكْثَرَ مِنْ الْإِعْلَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى صِفَةِ الْأَذَانِ الَّتِي يُخِلُّ عَدَمُهَا بِالصِّحَّةِ وَقَدْ لَا يُخِلُّ شَرَعَ فِي شُرُوطِهِ الَّتِي يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا الْعَدَمُ بِقَوْلِهِ (ص) وَصِحَّتُهُ بِإِسْلَامٍ وَعَقْلٍ وَذُكُورَةٍ وَبُلُوغٍ (ش) أَيْ وَشَرْطُ صِحَّةِ الْأَذَانِ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مُسْلِمًا مُسْتَمِرًّا عَاقِلًا ذَكَرًا مُحَقِّقًا بَالِغًا فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ إذْ لَا يُقْتَدَى بِخَبَرِهِ وَتَشَهُّدُهُ لَغْوٌ لَا يَكُونُ بِهِ مُسْلِمًا.

وَقَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ: يَكُونُ مُسْلِمًا وَارْتَضَاهُ بَعْضُهُمْ وَعَلَى أَنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا لَوْ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ يَكُونُ مُرْتَدًّا إنْ وَقَفَ عَلَى الدَّعَائِمِ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ مِنْ مَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ وَصَبِيٍّ لَا مَيْزَ لَهُمْ وَلَا يَصِحُّ مِنْ امْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ كَانَ مَعَ نِسَاءٍ وَفِي مَوْضِعٍ لَا يُوجَدُ غَيْرُهُ فِيهِ وَقِيلَ إنْ كَانَ ضَابِطًا وَأَذَّنَ تَبَعًا لِبَالِغٍ وَهَذَا الْأَخِيرُ عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلَّخْمِيِّ قَالَ الْحَطَّابُ قُلْت لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ اهـ.

وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْإِقَامَةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ

ــ

[حاشية العدوي]

يَقُولَ فِي السُّنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعِيَّةَ تَتَحَقَّقُ بِجَعْلِ الْأَوَّلِ سُنَّةً وَالثَّانِي مُسْتَحَبُّ بَلْ أَقُولُ كَلَامُ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ يُفِيدُ تَعَدُّدَ الْأَذَانِ فِي سُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ وَالسُّنَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْأَذَانِ أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي أَوْقَاتُهَا تَمْتَدُّ فَيُؤَذِّنُونَ فِي الظُّهْرِ مِنْ الْعَشَرَةِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ وَفِي الْعَصْرِ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَى الْخَمْسَةِ وَفِي الْعِشَاءِ كَذَلِكَ وَالصُّبْحُ يُؤَذَّنُ لَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ سُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ يُؤَذِّنُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ الْأَخِيرَ يُؤَذِّنُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ يُطْلَبُ لَهَا أَذَانٌ ثَانٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا عَلِمْت.

وَقَالَ عج: الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَذَانَيْنِ سُنَّةٌ كَمَا فِي أَذَانِ الْجُمُعَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الثَّانِيَ آكَدُ مِنْ الْأَوَّلِ.

(أَقُولُ) وَهُوَ يَرْجِعُ لِكَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي زِيَادَةٍ يَنْبَغِي إلَخْ وَقِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ مُسْتَحَبٌّ وَالثَّانِيَ هُوَ السُّنَّةُ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت أَنَّ الْأَوَّلَ وَهُوَ السُّنَّةُ فَقَطْ وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لَا سُنَّةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا سُنَّةً لَكَانَ أَذَانُ الصُّبْحِ حَاصِلًا فِي وَقْتِهَا كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ حَاصِلٌ فِي وَقْتِهِ وَلَمْ يَقُولُوا أَذَانُ الصُّبْحِ يُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِهَا مَعَ أَنَّهُمْ قَدْ قَالُوا ذَلِكَ وَلَكَانُوا نَبَّهُوا عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ فَإِذَنْ الْمَقَالَاتُ أَرْبَعَةٌ لَيْسَ لَهَا إلَّا أَذَانٌ وَاحِدٌ يُقَدَّمُ لَهَا أَذَانَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا سُنَّةٌ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالثَّانِي مُسْتَحَبٌّ وَعَكْسُهُ وَقَدْ عَلِمْت مَا ارْتَضَاهُ مُحَشِّي تت مِنْ كَوْنِ الْأَوَّلِ سُنَّةً وَالثَّانِي مُسْتَحَبًّا وَقَدْ عَزَاهُ بَعْضُهُمْ لِسَنَدٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ قُوَّتُهُ وَشَارِحُنَا عَزَا لَهُ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ سَنَدٍ إلَخْ تَبَعًا لِلَّقَانِيِّ وَاعْتَمَدَهُ.

(وَأَقُولُ) وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ سَنَدٍ خِلَافًا لِمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ بَلْ فِي شَارِحِنَا الْإِشَارَةُ إلَى الْأَمْرَيْنِ فَقَوْلُهُ إنَّ الْأَذَانَ الْمُتَقَدِّمَ إلَخْ الْمُفِيدُ أَنَّ لَهَا أَذَانًا ثَانِيًا يَأْتِي عَلَى فَهْمِ الْحَطَّابِ وَقَوْلُهُ وَمُقْتَضَى إلَخْ يَأْتِي عَلَى الْمُتَبَادَرِ مِنْ لَفْظِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ فَهْمُ اللَّقَانِيِّ وَوَرَدَ مَا يُفِيدُ مَشْرُوعِيَّةَ الْأَذَانَيْنِ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا كُلَّهُ فَالنَّفْسُ أَمْيَلُ لِمَا قَالَهُ مُحَشِّي تت فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ بِدَلِيلٍ) وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» .

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا تُدْرَكُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِدَلِيلٍ (قَوْلُهُ التَّأَهُّبِ) أَيْ الِاسْتِعْدَادِ.

(قَوْلُهُ وَفَضِيلَةِ التَّغْلِيسِ) أَيْ الظُّلْمَةِ أَيْ الصَّلَاةِ فِي الظُّلْمَةِ.

(قَوْلُهُ عَلَى صِفَةِ الْأَذَانِ إلَخْ) أَقُولُ هَلَّا أَدْرَجَ مَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِهِ بِأَنْ يَقُولَ وَصِحَّتُهُ بِعَدَمِ تَقَدُّمٍ عَلَى الْوَقْتِ وَكَذَا خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ فِيمَا تَقَدَّمَ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ مُسْتَمِرًّا إلَخْ) فَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْأَذَانِ فَإِنَّهُ يُعَادُ حَيْثُ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا إعَادَةَ نَعَمْ بَطَلَ ثَوَابُهُ كَذَا قَالَ عج.

(أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ ثَمَرَتَهُ حَصَلَتْ وَهِيَ الْإِعْلَامُ وَمُقَابِلُ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ النَّوَادِرِ مِنْ أَنَّهُمْ إنْ أَعَادُوا الْأَذَانَ فَحَسَنٌ وَإِنْ اجْتَزَءُوا بِذَلِكَ أَجْزَأَهُمْ اهـ. وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ نَقْلُ عج يُفِيدُ ضَعْفَهُ.

(قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ) هُوَ الرَّاجِحُ وَمُرْتَضَى عج قَائِلًا فَلَوْ أَذَّنَ الْكَافِرُ كَانَ بِأَذَانِهِ مُسْلِمًا عِنْدَ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الدَّعَائِمِ) أَيْ عَرَفَ أَرْكَانَ الْإِسْلَامِ مِنْ وُجُوبِ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَزَكَاةٍ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوقَفْ عَلَى الدَّعَائِمِ لَا يَكُونُ مُرْتَدًّا نَعَمْ إنْ ادَّعَى عُذْرًا وَقَامَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ قُبِلَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبٌ) الظَّاهِرُ حَذْفٌ الْوَاوِ وَيَكُونُ خَبَرُ عَدَمُ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ يَصِحُّ مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَ غَيْرُهُ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ مَعَ نِسَاءٍ وَفِي مَوْضِعٍ لَا يُوجَدُ غَيْرُهُ أَمْ لَا كَانَ ضَابِطًا أَمْ لَا أَذَّنَ تَبَعًا لِبَالِغٍ أَمْ لَا.

(فَإِنْ قُلْت) كَيْفَ يَصِحُّ أَذَانُهُ مَعَ عَدَمِ الضَّبْطِ وَمَعَ عَدَمِ تَبَعِيَّتِهِ لِأَذَانِ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْإِطْلَاقِ فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ؟

(قُلْت) لَعَلَّ الصِّحَّةَ لِكَوْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَابِطًا وَافَقَ مَا فِي نَفْسِ الْآمِرِ.

(أَقُولُ) لَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ وَلَفْظُ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي صِحَّتِهِ مِنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَكَانَ ضَابِطًا تَبَعًا لِبَالِغٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ ضَابِطًا) أَيْ لِلْأَوْقَاتِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ.

(أَقُولُ) اتَّفَقُوا عَلَى تِلْكَ الْعِبَارَةِ وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ كَوْنُهُ ضَابِطًا لِلْأَوْقَاتِ وَيُؤَذِّنُ تَبَعًا لِأَذَانِ بَالِغٍ.

(أَقُولُ) هُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَذَّنَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَعَلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ حَيْثُ لَمْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الْأَذَانِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ أَوْ أَذَّنَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ أَيْ تَبَعًا لِأَذَانِ بَالِغٍ غَيْرِهِ أَوْ تَابِعًا لِمِيقَاتِيٍّ آخَرَ.

(فَإِنْ قُلْت) الْحُكْمُ ظَاهِرٌ فِي الطَّرَفِ الثَّانِي وَهُوَ مَنْ كَانَ تَابِعًا لِبَالِغٍ وَأَمَّا الطَّرَفُ الْأَوَّلُ أَعْنِي كَوْنَهُ ضَابِطًا فَكَيْفَ يَصِحُّ تَقْلِيدُهُ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ بَالِغٍ (قُلْت)

ص: 231

وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَتَحَقَّقْ حُصُولُ الْأَذَانِ وَإِلَّا فَإِقَامَتُهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى إقَامَةِ مَنْ تُعْتَبَرُ إقَامَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ ضَابِطًا.

(ص) وَنُدِبَ مُتَطَهِّرٌ صَيِّتٌ مُرْتَفِعٌ قَائِمٌ إلَّا لِعُذْرٍ مُسْتَقْبِلٌ إلَّا لِإِسْمَاعٍ (ش) أَيْ وَيُنْدَبُ أَنْ يُؤَذِّنَ مُتَطَهِّرٌ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ؛ لِأَنَّهُ دَاعٍ إلَى الصَّلَاةِ فَيُبَادِرُ إلَيْهَا فَيَكُونُ كَالْعَالِمِ الْعَامِلِ إذَا تَكَلَّمَ انْتَفَعَ النَّاسُ بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ وَاسْتِحْبَابُ ذَلِكَ لِلْمُقِيمِ آكَدُ لَهَا وَيُكْرَهُ لَهُ تَرْكُهَا بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَيُكْرَهُ أَذَانُ الْجُنُبِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَالْكَرَاهَةُ لِلْمُقِيمِ أَشَدُّ.

وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ حُسْنُ الْهَيْئَةِ فَلَا يَفْعَلَانِ فِي ثِيَابٍ مِنْ شَعْرٍ كَمَا فِي الْحَطَّابِ أَوْ سَرَاوِيلَ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ شِدَّةِ الْكَرَاهَةِ فِي الْإِقَامَةِ مَعَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَكْرُوهَ لَا ثَوَابَ فِيهِ وَلَا عِقَابَ قُلْت لَعَلَّ فَائِدَتُهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا اشْتَدَّتْ كَرَاهَتُهُ يَكُونُ الثَّوَابُ فِي تَرْكِهِ أَكْثَرُ مِنْ الثَّوَابِ فِي تَرْكِ مَا لَمْ تَشْتَدَّ كَرَاهَةُ فِعْلِهِ أَوْ أَنَّ الْمُعَاتَبَةَ عَلَى مَا اشْتَدَّتْ كَرَاهَتُهُ آكَدُ مِنْ الْمُعَاتَبَةِ عَلَى مَا دُونَهُ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ صَيِّتًا أَيْ حَسَنَ الصَّوْتِ مُرْتَفِعَهُ لَكِنْ بِغَيْرِ تَطْرِيبٍ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِمُنَافَاتِهِ الْخُشُوعَ وَالْوَقَارَ ابْنُ رَاشِدٍ كَأَذَانِ مِصْرَ وَالْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ فَيَحْرُمُ التَّتَّائِيُّ وَانْظُرْ مَا حَدُّ التَّفَاحُشِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِيهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.

وَالتَّطْرِيبُ هُوَ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ وَتَرْعِيدُهُ أَصْلُهُ خِفَّةٌ تُصِيبُ الْمَرْءَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ وَالْحُزْنِ مِنْ الِاضْطِرَابِ أَوْ الطَّرَبَةِ كَمَا قَالَ سَنَدٌ.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَكُونَ لَحَّانًا وَكَوْنُهُ يَقُومُ بِأُمُورِ الْمَسْجِدِ وَيُرَاشِي الْغَرِيبَ وَلَا يَغْضَبُ عَلَى مَنْ أَذَّنَ مَوْضِعَهُ أَوْ جَلَسَ فِيهِ صَادِقَ الْقَوْلِ حَافِظًا لِحَلْقِهِ مِنْ ابْتِلَاعِ الْحَرَامِ مُحْتَسِبًا أَذَانَهُ. وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ مُرْتَفِعًا عَلَى مَحَلٍّ إنْ أَمْكَنَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ الْبُيُوتِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا إلَّا لِعُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا طُلِبَ الْقِيَامُ لِمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوَاضُعِ وَأَبْلَغُ فِي السَّمَاعِ وَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَذَانَ الرَّاكِبِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقَائِمِ بَلْ أَبْلَغُ فِي السَّمَاعِ.

وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَقَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ أَيْ فَيُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ أَذَانُ الْقَاعِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ لَا لِلنَّاسِ اهـ. وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَّا لِإِسْمَاعِ النَّاسِ فَيَدُورُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْفَرْضُ أَنَّهُ ضَابِطٌ وَعُلِمَ بِالصِّدْقِ فَلَا مَانِعَ حِينَئِذٍ مِنْ تَقْلِيدِهِ هَكَذَا ظَهَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

(قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَتَحَقَّقْ حُصُولُ الْأَذَانِ) أَيْ تَحَقَّقَ دُخُولُ الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ يَعْرِفُ الْوَقْتَ بِإِقَامَتِهِ ثُمَّ هَذَا مُشْكِلٌ وَهُوَ أَنَّ إقَامَةَ الصَّبِيِّ مُسْتَحَبَّةٌ وَإِقَامَةَ الْبَالِغِينَ سُنَّةٌ فَكَيْفَ يُجْزِئُ الْمُسْتَحَبُّ عَنْ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ ضَابِطًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَابِطًا حَيْثُ لَمْ يَأْتِ فِيهَا بِخَلَلٍ.

(قَوْلُهُ مُتَطَهِّرٌ) أَيْ تَطْهِيرُ مُتَطَهِّرٍ وَفِيهِ مَجَازُ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ فَيَكُونُ كَالْعَالِمِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ مُتَطَهِّرٌ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ انْتَفَعَ النَّاسُ بِعِلْمِهِ) أَيْ فَإِنْ تَطَهَّرَ مِنْ الْحَدَثَيْنِ وَأَذَّنَ تَبَادَرَ النَّاسُ إلَى الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَذَانِ) فَلَا يُكْرَهُ بَلْ ارْتَكَبَ خِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ فِي ثِيَابٍ مِنْ شَعْرٍ) الْأَوْلَى فِي تُبَّانٍ مِنْ شَعْرٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الْحَطَّابِ وَالتُّبَّانُ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ سِرْوَالٌ صَغِيرٌ مِقْدَارُ شِبْرٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ فَقَطْ يَكُونُ لِلْفَلَّاحِينَ مُخْتَارٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ سَرَاوِيلَ) مَعْطُوفٌ عَلَى تُبَّانٍ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِأَوْ.

(قَوْلُهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ) أَيْ فِي فِعْلِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا عِقَابَ فِيهِ أَيْ فِي فِعْلِهِ (قَوْلُهُ قُلْت لَعَلَّ فَائِدَتَهُ) تُرْجَى تَحَاشِيًا مِنْ الْجَزْمِ وَشِدَّةَ تَوَرُّعٍ وَإِلَّا لَوْ جَزَمَ بِذَلِكَ مَا ضَرَّهُ (قَوْلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَاللَّامُ زَائِدَةٌ أَيْ مَا تَقَرَّرَ.

(قَوْلُهُ أَيْ حَسَنَ الصَّوْتِ إلَخْ) جَعَلَ الشَّارِحُ صَيِّتًا مُفَسَّرًا بِأَمْرَيْنِ الْحُسْنِ وَالِارْتِفَاعِ وَقَصَرَهُ الْحَطَّابُ عَلَى الِارْتِفَاعِ وَجَعَلَ الْحُسْنَ زَائِدًا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

(فَرْعٌ) وَيَجُوزُ الْكَلَامُ وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ وَقَدْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ تَفْعَلُهُ نَقَلَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُرْجَعُ فِيهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ) إحَالَةٌ عَلَى جَهَالَةٍ.

(قَوْلُهُ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ) أَيْ تَمْدِيدُهُ وَتَمْطِيطُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ التَّطْرِيبُ مَدُّ الْمَقْصُورِ وَقَصْرُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَتَرْعِيدُهُ) أَيْ بِأَنْ يَحْصُلَ فِيهِ اضْطِرَابٌ (قَوْلُهُ أَصْلُهُ) أَيْ أَصْلُ التَّطْرِيبِ خِفَّةٌ أَيْ نَشَأَ مِنْ خِفَّةٍ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى الْأَصْلِيَّ لَهُ خِفَّةٌ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ طَرِبَ طَرَبًا فَهُوَ طَرِبٌ مِنْ بَاب تَعِبَ وَطَرُوبٌ مُبَالَغَةٌ وَهُوَ خِفَّةٌ تُصِيبُهُ لِشِدَّةِ حُزْنٍ أَوْ سُرُورٍ وَالْعَامَّةُ تَخُصُّهُ بِالسُّرُورِ وَطَرَّبَ فِي صَوْتِهِ رَجَّعَهُ وَمَدَّهُ (قَوْلُهُ مِنْ الِاضْطِرَابِ) أَيْ أَنَّ التَّطْرِيبَ مَأْخُوذٌ أَيْ مُشْتَقٌّ الِاشْتِقَاقَ الْأَكْبَرَ مِنْ الِاضْطِرَابِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى التَّطْرِيب (قَوْلُهُ أَوْ الطَّرَبَةُ) أَيْ أَوْ مَأْخُوذ مِنْ الطَّرَبَةِ كَأَنَّهُ مَصْدَرُ طَرِبَ مَبْنِيًّا عَلَى التَّاءِ لَا أَنَّهُ وَاحِدَةُ الْإِطْرَابِ.

(قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَكُونَ لَحَّانًا) اللَّحْنُ الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَحَّانٌ أَيْ يُخْطِئُ قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ فَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ الْمَعْنَى يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُلَحِّنَ فَلَيْسَتْ الْمُبَالَغَةُ مَقْصُودَةً حَتَّى يُفِيدَ أَنَّ النَّدْبَ مُنْصَبٌّ عَلَى عَدَمِ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ وَيُرَاشِي الْغَرِيبَ) أَصْلُ الْعِبَارَةِ لِيُوسُفَ بْنِ عُمَرَ وَنَقَلَهَا الْحَطَّابُ وَهِيَ وَيُؤَانِسُ الْغَرِيبَ مِنْ الْمُؤَانَسَةِ.

(قَوْلُهُ مُحْتَسِبًا أَذَانَهُ) أَيْ قَاصِدًا أَجْرَهُ عَلَى اللَّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ أَخْذُ أُجْرَةٍ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ لَمْ يُعْطَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْوَقْفِ لَا يَتْرُكُ الْأَذَانَ فَيَكُونُ الْمُحْتَرَزُ مِنْهُ أَخْذُ أُجْرَةٍ مِنْ الْمُصَلِّينَ أَوْ مِنْ الْوَقْفِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ إذَا لَمْ يُعْطِ مِنْ ذَلِكَ يَتْرُكُ الْأَذَانُ.

(قَوْلُهُ وَيَنْدُبُ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا) فَأَذَانُهُ جَالِسًا لِغَيْرِ عُذْرٍ مَكْرُوهٌ.

(قَوْلُهُ فِي السَّمَاعِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ فَأَرَادَ الْإِسْمَاعَ (قَوْلُهُ أَذَانُ الرَّاكِبِ) هَذَا يَكُونُ فِي السَّفَرِ.

(قَوْلُهُ إلَّا لِإِسْمَاعِ النَّاسِ فَيَدُورُ) أَيْ جَوَازًا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ اسْتِحْبَابُهُ لِقَوْلِهِ إنْ قَصَدَ بِهِ الْمُبَالَغَةَ فِي الْإِسْمَاعِ فَهُوَ مَشْرُوعٌ وَقَدْ يُقَالُ الْمَشْرُوعِيَّةُ تُسْتَعْمَلُ فِيمَا هُوَ

ص: 232

وَيُؤَذِّنُ كَيْفَ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهَا كَالْمُؤَلَّفِ جَوَازُ الدَّوَرَانِ حَالَةَ الْأَذَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقِيلَ بَعْدَ الْفَرَاغِ لِلْكَلِمَةِ وَثَالِثُهَا إنْ كَانَ لَمْ يُنْقِصْ مِنْ صَوْتِهِ فَالْأَوَّلُ وَإِلَّا فَالثَّانِي وَرَابِعُهَا لَا يَدُورُ إلَّا عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ قَالَ التُّونُسِيُّ وَجَائِزٌ أَنْ يَبْتَدِئَ الْأَذَانَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ.

(ص) وَحِكَايَتُهُ لِسَامِعِهِ لِمُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ (ش) أَيْ وَيُنْدَبُ حِكَايَةُ الْأَذَانِ لِسَامِعِهِ بِأَنْ يَقُولَ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ لِخَبَرِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» خَرَّجَهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَنَقَلَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ زَرْقُونٍ عِنْدَنَا لَكِنَّ الْقَرِينَةَ الصَّارِفَةَ عَنْهُ تَبَعِيَّةُ قَوْلِ الْحَاكِي لِلْقَوْلِ الْمَحْكِيِّ الَّذِي هُوَ الْأَذَانُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَيُتَابِعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمُنْتَهَى لَفْظِ الشَّهَادَتَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّشَهُّدَ لَفْظٌ هُوَ فِي عَيْنِهِ قُرْبَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَمْجِيدٌ وَتَوْحِيدٌ وَالْحَيْعَلَةُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ وَالسَّامِعُ لَيْسَ بِدَاعٍ إلَيْهَا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ طَلَبُ حِكَايَةِ الْأَذَانِ جَمِيعِهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِوُرُودِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَيُبْدِلُ عَنْ الْحَيْعَلَتَيْنِ الْحَوْقَلَةَ أَيْ يُعَوِّضُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ بِقَوْلِهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ زَادَ فِي تَوْضِيحِهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَيُكَرِّرُ الْحَوْقَلَةَ أَرْبَعًا عَلَى عَدَدِ الْحَيْعَلَةِ وَيَحْكِي مَا بَعْدَ ذَلِكَ.

وَالْحِكْمَةُ فِي الْإِبْدَالِ أَنَّ غَيْرَ الْحَيْعَلَتَيْنِ مِنْ أَلْفَاظِهِ ذِكْرٌ يُفِيدُ حَاكِيهِ الثَّوَابَ كَالْمُؤَذِّنِ، وَالْحَيْعَلَةُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ وَالْفَلَاحُ لَا يَحْصُلُ الْأَجْرُ فِيهِ إلَّا بِالْإِسْمَاعِ وَذَلِكَ لِلْمُؤَذِّنِ دُونَ الْحَاكِي فَأُمِرَ الْحَاكِي بِتَعْوِيضِهَا بِالْحَوْقَلَةِ الَّتِي يُؤْجَرُ قَائِلُهَا أَعْلَنَهَا أَوْ أَخْفَاهَا وَلِمُنَاسَبَتِهَا دُعَاءَ الْمُؤَذِّنِ فَإِنَّ مَعْنَاهَا التَّبَرِّي مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ عَلَى إتْيَانِ الصَّلَاةِ وَالْفَلَاحِ إلَّا بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ وَهِيَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام «أَنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ» أَيْ أَجْرُهَا مُدَّخَرٌ لِقَائِلِهَا كَمَا يُدَّخَرُ الْكَنْزُ وَفِي خَبَرٍ «إذَا قَالَهَا الْعَبْدُ قَالَ اللَّهُ أَسْلَمَ عَبْدِي وَاسْتَسْلَمَ» وَالْحَوْقَلَةُ مُؤَلَّفَةٌ مِنْهَا فَالْحَاءُ وَالْوَاوُ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقَافُ مِنْ الْقُوَّةِ وَاللَّامُ مِنْ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى (ص) مُثَنًّى (ش) أَيْ حَالَ كَوْنَ لَفْظِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَعَمُّ مِنْ الْمَطْلُوبِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ نَقَلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الَّذِي أَقُولُ: إنَّهُ إذَا كَانَ يَلْتَفِتُ لِلْإِسْمَاعِ يَكُونُ مَنْدُوبًا وَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّرَدُّدِ.

(قَوْلُهُ جَوَازُ الدَّوَرَانِ) الْمُرَادُ بِهِ الْإِذْنُ لِمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا الْقَوْلِ وَأَنَّ الَّذِي يَأْتِي بَعْدُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَجَائِزٌ أَنْ يَبْتَدِئَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَقَصَدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْأَذَانُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُسْتَقْبِلًا فَيَكُونُ قَصَدَ أَنَّ خِلَافَ ذَلِكَ الْمُسْتَحَبِّ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ.

(قَوْلُهُ لِسَامِعِهِ) أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةٍ كَأَنْ سَمِعَ الْحَاكِيَ لِلْأَذَانِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ السَّامِعِ لَا يُنْدَبُ لَهُ الْحِكَايَةُ وَإِنْ أُخْبِرَ بِالْأَذَانِ أَوْ رَأَى الْمُؤَذِّنَ وَعَلِمَ أَنَّهُ مُؤَذِّنٌ وَلَوْ كَانَ عَدَمُ سَمَاعِهِ لِعَارِضٍ كَصَمَمٍ وَإِذَا تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ فَإِنَّهُ يَحْكِي الْأَوَّلَ إنْ تَرَتَّبَ الْأَذَانُ وَإِلَّا حَكَى أَذَانَ وَاحِدٍ وَيُنْدَبُ لِلْحَاكِي مُتَابَعَةُ الْمُؤَذِّنِ فَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ أَتَى بِمُسْتَحَبٍّ وَهُوَ الْحِكَايَةُ وَتَرْكُ آخَرَ، وَقَوْلُهُ لِسَامِعِهِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْكِي أَذَانَ نَفْسِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَحْكِيهِ؛ لِأَنَّهُ سَمِعَ نَفْسَهُ وَهَلْ يَحْكِي الْمُؤَذِّنُ مُؤَذِّنًا آخَرَ سَمِعَهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَحْكِيهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ.

(قَوْلُهُ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ) ظَاهِرٌ فِي حِكَايَةِ كُلِّ الْأَذَانِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ تَصْدُقُ بِالشَّيْئَيْنِ عِنْدَ الْعَرَبِ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْكُلِّ وَفِي الْبَعْضِ فَالْمِثْلُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَذَانِ إنْ حُمِلَ عَلَى أَعْلَى الرُّتَبِ قَالَ مِثْلَ مَا يَقُولُ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ أَوْ عَلَى أَدْنَى الرُّتَبِ كَفَى التَّشَهُّدُ خَاصَّةً وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَفَادَهُ الْبَدْرُ.

(قَوْلُهُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ) الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

(قَوْلُهُ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّشَهُّدَ) أَيْ الْمُشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ أَشْهَدُ إلَخْ فَهُوَ تَهْلِيلٌ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَتَشْهَدُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ أَشْهَدُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَمْجِيدٌ) أَيْ تَعْظِيمٌ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ.

(قَوْلُهُ وَتَوْحِيدٌ) أَيْ إفْرَادُ الْإِلَهِ تَعَالَى بِالْوَحْدَانِيَّةِ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ.

(قَوْلُهُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ وَالْفَلَاحِ أَيْ وَدُعَاءٌ إلَى الْفَلَاحِ أَيْ الْفَوْزِ بِالْمَطَالِبِ فَكَانَ الدُّعَاءُ إلَى الصَّلَاةِ دُعَاءَ الْفَوْزِ بِجَمِيعِ الْمَطَالِبِ وَفِعْلُهَا عَلَى وَجْهِهَا سَبَبٌ فِي الْفَوْزِ بِجَمِيعِ الْمَآرِبِ.

(تَنْبِيهٌ) : أَقُولُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هَلْ تَرْكُ الْحِكَايَةِ فِي بَقِيَّتِهِ أَوْلَى أَوْ جَائِزَةٌ ذَكَرَ فِي ك مَا يُفِيدُ الْأَوَّلَ.

(قَوْلُهُ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ أَقِفْ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا يَقُولُهُ الْحَاكِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِيهِ قَوْلَيْنِ فَقَالَ يَقُولُ صَدَقْت وَبَرِرْت بِكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى، وَقِيلَ يَقُولُ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ.

(قَوْلُهُ زَادَ فِي تَوْضِيحِهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ) قَالَ الْحَطَّابُ قُلْت وَلَمْ أَرَ زِيَادَةَ قَوْلِهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فِي كَلَامِ أَحَدٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُحَوْقِلُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ.

(قَوْلُهُ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ) عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «كُنْت عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْت لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم تَدْرِي مَا تَفْسِيرُهَا قُلْت لَا قَالَ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبِي وَقَالَ هَكَذَا أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام» وَقِيلَ مَعْنَى الْحَوْلِ الْحَرَكَةُ أَيْ لَا حَرَكَةَ وَلَا اسْتِطَاعَةَ إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَكَذَا قَالَ ثَعْلَبٌ وَآخَرُونَ وَكَلَامُ شَارِحِنَا يُمْكِنُ إتْيَانُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

(قَوْلُهُ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ) قَالَ الْحَطَّابُ وَفِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ إشَارَةٌ إلَى عِظَمِ الثَّوَابِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهَا وَنَفَاسَتِهِ وَإِلَّا فَجَمِيعُ الثَّوَابِ مُدَّخَرٌ فِي الْآخِرَةِ.

(قُلْت) وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ أَجْرُهَا مُدَّخَرٌ لِقَائِلِهَا كَمَا يُدَّخَرُ الْكَنْزُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى عِظَمِ ذَلِكَ الْأَجْرِ.

(قَوْلُهُ أَسْلَمَ عَبْدِي) أَيْ انْقَادَ عَبْدِي وَسَلَّمَ لِي الْأَمْرَ وَقَوْلُهُ

ص: 233

الشَّهَادَتَيْنِ مُثَنًّى أَيْ لَا مُرَجِّعًا فَلَا يَحْكِي التَّرْجِيعَ فَيَصِيرُ بِذَلِكَ مُرَجِّعًا لِحُصُولِ الْمِثْلِيَّةِ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مِثْلَ مَا يَقُولُ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ» وَلِأَنَّ التَّرْجِيعَ إنَّمَا هُوَ لِلْإِسْمَاعِ وَالْحَاكِي غَيْرُ مُسْمِعٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ يَحْكِي فِي التَّرْجِيعِ وَفِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ (ص) وَلَوْ مُتَنَفِّلًا لَا مُفْتَرِضًا (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْحِكَايَةَ مُسْتَحَبَّةٌ لِمَنْ يُصَلِّي النَّافِلَةَ وَتُكْرَهُ لِمَنْ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّ الْمُصَلِّيَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا لَا يَحْكِيهِ وَلَا يَتَجَاوَزُ التَّشَهُّدَيْنِ فَإِنْ تَجَاوَزَهُمَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُبْدِلَ الْحَيْعَلَتَيْنِ بِالْحَوْقَلَتَيْنِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا سَهْوًا؛ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهَا بِمَا لَمْ يُشْرَعْ خَارِجَهَا فَأَحْرَى أَنْ لَا يُشْرَعَ فِيهَا، وَشَمِلَ قَوْلُهُ لَا مُفْتَرِضًا الْفَرْضَ الْأَصْلِيَّ وَالْمَنْذُورَ وَيَحْكِيهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ كَرَدِّ السَّلَامِ وَمُرَادُهُ بِالنَّفْلِ مَا قَابَلَ الْفَرْضَ.

(ص) وَأَذَانُ فَذٍّ إنْ سَافَرَ (ش) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِجَمَاعَةٍ طُلِبَتْ غَيْرُهَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنْدَبُ الْأَذَانُ لِلْفَذِّ إنْ سَافَرَ عَنْ الْحَاضِرَةِ أَيْ إنْ كَانَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّفَرِ السَّفَرَ الشَّرْعِيَّ بَلْ اللُّغَوِيَّ لِخَبَرِ الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدٍ بْن الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى بِأَرْضٍ فَلَاةٍ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ فَإِذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْفَذِّ وَكَذَا الْجَمَاعَةُ الَّتِي لَمْ تُطْلَبْ غَيْرُهَا فَيُنْدَبُ لَهُمْ الْأَذَانُ فِي السَّفَرِ وَأَمَّا إنْ طُلِبَتْ غَيْرُهَا فَيُسَنُّ فِي حَقِّهِمْ الْأَذَانُ (ص) لَا جَمَاعَةٌ لَمْ تُطْلَبْ غَيْرُهَا عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْحَاضِرِينَ الَّتِي لَمْ تُطْلَبْ غَيْرُهَا كَأَهْلِ الرُّبُطِ وَالزَّوَايَا لَا يُنْدَبُ فِي حَقِّهِمْ أَذَانٌ وَكَذَلِكَ الْفَذُّ الْحَاضِرُ عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ لِقَوْلِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لَا أُحِبُّ الْأَذَانَ لِلْفَذِّ الْحَاضِرِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُنْفَرِدَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَمُقَابِلُهُ الِاسْتِحْبَابُ لِقَوْلِ مَالِكٍ مَرَّةً أُخْرَى إنْ أَذَّنُوا فَحَسَنٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَشِيرٍ قَالَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ وَلَا يُنْهَى عَنْ الذِّكْرِ مَنْ أَرَادَهُ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ عَلَى مَعْنَى لَا يُؤْمَرُونَ بِهِ كَمَا تُؤْمَرُ بِهِ الْأَئِمَّةُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ اهـ.

وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ مُسَافِرَةً فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا الْأَذَانُ كَمَا اُسْتُحِبَّ لِلْفَذِّ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَجَازَ أَعْمَى (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِيمَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَذَانُ الرَّجُلِ الْأَعْمَى كَمَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ إذَا كَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا وَيَكُونُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ أَوْ لِمَعْرِفَةِ ثِقَةٍ وَفَضَّلَهُ أَشْهَبُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

وَاسْتَسْلَمَ فَسَّرَهُ فِي الْمُخْتَارِ بِانْقَادَ فَيَكُونُ بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُفَسِّرَهُ بِمَا هُوَ أَخَصُّ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى فِي الْجُمْلَةِ أَوْ؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ فِيهِ أَتَمُّ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَقَامِ بِأَنْ يُقَالَ وَزَادَ فِي الِانْقِيَادِ لِأَمْرِي.

(قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْمِثْلِيَّةِ) فِيهِ أَنَّ الْمِثْلِيَّةَ إنَّمَا هِيَ ظَاهِرَةٌ فِي حِكَايَةِ التَّرْجِيعِ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَا مُفْتَرِضًا) مَعْطُوفٌ عَلَى مُتَنَفِّلًا فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ إذْ الْخِلَافُ جَارٍ فِي الْقِسْمَيْنِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ خِلَافًا إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولُ وَخِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ يَحْكِي فِي الْفَرْضِ.

(فَإِنْ قُلْت) جَعْلُ لَا مُفْتَرِضًا دَاخِلًا فِي الْمُبَالَغَةِ يُورِثُ رِكَّةً ظَاهِرَةً كَمَا يَظْهَرُ.

(قُلْت) يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَتَجَاوَزُ الشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْحِكَايَةَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَذَكَرَ نُقُولًا تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَوْ هَلَّلَ أَوْ كَبَّرَ أَوْ حَمِدَ أَوْ شَكَرَ فِي صَلَاتِهِ لَا تَبْطُلُ وَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ تُبْت إلَى اللَّهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقِيلَ تَبْطُلُ اهـ. قَالَ فِي الطِّرَازِ وَهَلْ يَحْكِيهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ أَيْ الْفَرِيضَةِ الظَّاهِرُ أَنْ يَحْكِيَهُ كَمَا يَرُدُّ الْمُؤَذِّنُ السَّلَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِ اهـ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ نَاسِبًا لِلطِّرَازِ.

(قَوْلُهُ السَّفَرَ الشَّرْعِيَّ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَسَافَةُ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ.

(قَوْلُهُ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ) بِوَزْنِ حَصَاةٍ لَا مَاءَ فِيهَا وَالْجَمْعُ فَلًا كَحَصًى وَجَمْعُ الْجَمْعِ أَفْلَاءٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٌ.

(قَوْلُهُ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا الْحَافِظَانِ وَأَنَّ ذَلِكَ مَكَانَهُمَا مِنْ الْمُكَلَّفِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ مُخْتَصٌّ بِالْمَلَائِكَةِ وَحُكْمُ الْآدَمِيِّينَ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّى مَعَهُ رَجُلَانِ قَامَا وَرَاءَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ إلَخْ أَنَّ الْمَلَكَيْنِ وَرَاءَهُ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا مَائِلٌ لِجِهَةِ الْيَمِينِ وَالْآخَرَ لِجِهَةِ الْيَسَارِ وَفِي السُّيُوطِيّ هَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ وَقَدْ وَرَدَ مَوْصُولًا وَمَرْفُوعًا فَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي أَرْضٍ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ صَلَّى خَلْفَهُ مَلَكَانِ فَإِذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مَا لَا يَرَاهُ طَرَفَاهُ يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ» ذَكَرَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّأِ.

(قَوْلُهُ لَا جَمَاعَةٌ لَمْ تُطْلَبْ غَيْرُهَا) قَالَ الْحَطَّابُ هَلْ مَكْرُوهٌ أَوْ مُبَاحٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا الْفَذُّ الْحَاضِرُ إلَخْ) فَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ إلَخْ) أَيْ حَتَّى لَا يَحْصُلَ تَعَارُضٌ بَيْنَ كَلَامَيْ الْإِمَامِ الْمُوجِبِ لِلتَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ لَا يُؤْمَرُونَ إلَخْ) أَيْ عَلَى طَرِيقِ السُّنَّةِ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ أَعْمَى) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ أَذَانُ الْبَصِيرِ عَلَى الْأَعْمَى.

(قَوْلُهُ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ آتِيًا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ أَيْ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ وَذَلِكَ أَنَّ الصِّحَّةَ تَتَحَقَّقُ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ الْجَوَازِ فَبِالِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ الْجَائِزُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ مَرْتَبَةٌ فَوْقَ الصِّحَّةِ وَتَحْتَ الْكَمَالِ أَيْ فَوْقَ الصِّحَّةِ لَا مُطْلَقًا بَلْ الصِّحَّةُ الْمُجَامِعَةُ لِلْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ وَخِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ إذَا كَانَ ثِقَةً) أَيْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ بِحَيْثُ إذَا سَمِعَ الْأَذَانَ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ أَخْبَرَهُ أَحَدٌ بِالْوَقْتِ يَضْبِطُهُ أَيْ يَتَيَقَّنُهُ فِي صَدْرِهِ وَلَا يَتَشَكَّكُ.

(قَوْلُهُ وَيَكُونُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ) بِأَنْ يَسْمَعَ أَذَانَ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ لِمَعْرِفَةِ ثِقَةٍ) أَيْ بِالْوَقْتِ بِأَنْ يُخْبِرَهُ إنْسَانٌ بِأَنَّ الْوَقْتَ دَخَلَ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ

ص: 234

الْعَبْدِ ثُمَّ الْعَبْدُ الرَّضِيُّ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ ثُمَّ هُوَ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا.

(ص) وَتَعَدُّدُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَدُّدُ الْمُؤَذِّنِ فِي الْمَكَانِ الْوَاحِدِ مَسْجِدًا أَوْ مَرْكَبًا أَوْ مَحْرَسًا بَحْرًا أَوْ بَرًّا سَفَرًا أَوْ حَضَرًا فَإِنْ قِيلَ الْمَسْجِدُ لَا يَتَأَتَّى فِي السَّفَرِ وَلَا فِي الْبَحْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُعَدُّ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَيَتَأَتَّى فِيمَا ذُكِرَ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ تَعَدُّدُهُ مِنْ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ مَرَّاتٍ فِي الْمَسْجِدِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ لَكِنْ نَصَّ سَنَدٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ ضَمِيرِ تَعَدُّدُهُ لِلْأَذَانِ أَيْ وَجَازَ تَعَدُّدُ الْأَذَانِ فِي الْبَلَدِ بِعَدَدِ مَسَاجِدِهِ الْمُتَبَاعِدَةِ أَوْ الْمُتَقَارِبَةِ وَالْمُتَرَاكِبَةِ بِالْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ وَيُرَجِّحُ الْحَمْلَ الْأَوَّلَ.

قَوْلُهُ (وَتَرَتُّبُهُمْ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ جَازَ تَرَتُّبُهُمْ فِيهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ جَمْعِهِمْ الْآتِي وَيَكُونُ عَلَى حَسَبِ سِعَةِ الْوَقْتِ مِنْ الْخَمْسَةِ إلَى الْعَشَرَةِ فِي الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ وَفِي الْعَصْرِ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَى الْخَمْسَةِ (إلَّا الْمَغْرِبَ) فَلَا يُؤَذِّنُ لَهَا إلَّا وَاحِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ وَلَوْ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِهَا احْتِيَاطًا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا لَوْ خِيفَ بِالتَّرْتِيبِ خُرُوجُ وَقْتِ غَيْرِهَا الْفَاضِلِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَيُسْتَحَبُّ فِي الْمَغْرِبِ وَصْلُ الْإِقَامَةِ بِالْأَذَانِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْهُ فِي غَيْرِهَا لِانْتِظَارِ النَّاسِ وَمِنْ بَرَكَةِ التَّرْتِيبِ وَحِكْمَتِهِ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ إدْرَاكُ حِكَايَةِ الْمُؤَذِّنِ الثَّانِي مَثَلًا لِمَنْ فَاتَهُ الْأَوَّلُ لِعُذْرٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَيَحْصُلُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْمُؤَذِّنِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ إذْ لَوْ كَانَ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً دَفْعَةً فَاتَهُ ذَلِكَ (ص) وَجَمْعُهُمْ كُلٌّ عَلَى أَذَانِهِ (ش) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعُوا فِي الْأَذَانِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى أَذَانِ نَفْسِهِ وَإِلَّا كُرِهَ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَقْطِيعِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ اسْمِ نَبِيِّهِ وَإِلَّا مُنِعَ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْكِي وَلَا يُكْرَهُ لِلْجَالِسِ عِنْدَهُ التَّنَفُّلُ وَهَلْ كَذَلِكَ إذَا كُرِهَ أَمْ لَا وَفِي الْمَدْخَلِ مَا يَقَعُ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ الْآنَ لَا يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ السُّنَّةِ وَلَا يَحْكِي أَذَانَهُمْ مَنْ سَمِعَهُ وَرُبَّمَا يَمْتَنِعُ فَإِنَّهُ قَالَ وَالسُّنَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْأَذَانِ أَنْ يُؤَذِّنُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَ وَأَذَانُهُمْ جَمَاعَةً عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ مِنْ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ وَالِاتِّبَاعُ فِي الْأَذَانِ وَغَيْرِهِ مُتَعَيِّنٌ وَفِي الْأَذَانِ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ أَعْلَامِ الدِّينِ وَفِي الْأَذَانِ جَمَاعَةً مَفَاسِدُ مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ صَيِّتًا حَسَنَ الصَّوْتِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فِي الْأَذَانِ خَفِيَ أَمْرُهُ فَلَا يَسْمَعُ وَلَا يَفْهَمُ السَّامِعُ مَا يَقُولُونَ وَالْغَالِبُ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالْأَذَانِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَنَفَّسَ فَيَجِدَ غَيْرَهُ قَدْ سَبَقَهُ فَيَحْتَاجَ إلَى أَنْ يَبْنِيَ عَلَى صَوْتِ مَنْ تَقَدَّمَهُ فَيَتْرُكَ مَا فَاتَهُ وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ جَمَاعَةً هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ.

اهـ.

(ص) وَإِقَامَةُ غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ (ش) أَيْ يَجُوزُ لَكِنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ هُوَ الَّذِي يُقِيمُ.

(ص) وَحِكَايَتُهُ قَبْلَهُ (ش) أَيْ يَجُوزُ لِسَامِعِ الْأَذَانِ إذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ ابْتِدَاءً أَنْ يَحْكِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْطِقَ بِبَاقِي كَلِمَاتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الذِّكْرُ وَالتَّحْمِيدُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِسَبْقِهِ وَالْعَمَلُ يُقَوِّيهِ فَقَوْلُهُ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْأَذَانِ أَيْ قَبْلَ النُّطْقِ بِمَا بَعْدَ التَّكْبِيرِ أَوْ قَبْلَ الْمُؤَذِّنِ أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

شَارِحِنَا وَيَكُونُ تَابِعًا إلَخْ مَا نَصُّهُ كَانَ شَيْخُنَا يَحْكِي أَنَّهُ كَانَ بِجَامِعِ الْقَيْرَوَانِ صَاحِبُ الْوَقْتِ أَعْمَى وَكَانَ لَا يُخْطِئُ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ يَشُمُّ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ رَائِحَةً اهـ.

(أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ عَادَةً فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ الْعَبْدِ الرَّضِيِّ) أَيْ ذُو الْأَخْلَاقِ الْمَرْضِيَّةِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ هُوَ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا) أَيْ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ يُقَدَّمُ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا أَيْ إذَا كَانَ الْأَعْرَابِيُّ رَضِيًّا كَمَا هُوَ مُقَيَّدٌ فِي كَلَامِ أَشْهَبَ.

(قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ تَعَدُّدُهُ إلَخْ) لَا يَدْخُلُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ وَاسِعًا وَأَذَّنَ فِي بَعْضِ جِهَاتِهِ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ فِي جِهَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ أَيْ وَجَازَ تَعَدُّدُ الْأَذَانِ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ سُنَّةٌ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ أَفْضَلُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَنْدُوبًا مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْجَائِزِ لَا فِي الْمَنْدُوبِ بَلْ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّرْتِيبَ وَالْجَمْعَ مُسْتَوِيَانِ.

(قَوْلُهُ مِنْ الْخَمْسَةِ إلَى الْعَشَرَةِ) قَصَرَ الْعَدَدَ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ نَظَرًا لِكَوْنِهِ لَا يُخِلُّ بِكَوْنِهِ يُؤَدِّي لِلْخُرُوجِ عَنْ الْوَقْتِ الْأَفْضَلِ وَهُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ إلَّا الْمَغْرِبَ فَلَا يُؤَذِّنُ لَهَا إلَّا وَاحِدٌ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ تَرَتُّبُهُمْ إنْ أَدَّى لِخُرُوجِ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ وَمِثْلُ الْمَغْرِبِ غَيْرُهَا إذَا خَافَ خُرُوجَ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُؤَدِّ التَّرْتِيبُ إلَى خُرُوجِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ تَرَتُّبُ الْأَذَانِ فِي غَيْرِهَا إذَا أَدَّى إلَى تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ هُوَ الْمُشَارُ لَهُ فِي الْحَدِيثِ أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَانْظُرْ مَا قَدْرُهُ مِنْ الْوَقْتِ قَالَهُ عج.

(تَنْبِيهٌ) : إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَذَانِ فِي الْمَغْرِبِ أَوْ غَيْرِهَا قُدِّمَ الْأَوْرَعُ ثُمَّ حَسَنُ الصَّوْتِ فَإِنْ اسْتَوَوْا اقْتَرَعُوا ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ.

(قَوْلُهُ وَهَلْ كَذَلِكَ إذَا كُرِهَ) أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عب قَالَ مَا نَصُّهُ وَحِكَايَتُهُ أَيْ الْأَذَانِ الْوَاجِبِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْمَنْدُوبِ لَا الْمَكْرُوهِ وَالْحَرَامِ فَلَا يُحْكَى وَانْظُرْ مَا حُكْمُ النَّهْيِ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْمَدْخَلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ التَّرْتِيبِ وَالْجَمْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ الْمُخَالَفَةُ لِمَا ذَكَرُوا أَنَّ الْجَمْعَ مَكْرُوهٌ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَحْكِي أَذَانَهُمْ مَنْ سَمِعَهُ) لَمْ يَقُلْهَا صَاحِبُ الْمَدْخَلِ.

(قَوْلُهُ وَرُبَّمَا يَمْتَنِعُ) أَيْ الْأَذَانُ.

(قَوْلُهُ وَالِاتِّبَاعُ) أَيْ اتِّبَاعُ السَّلَفِ الصَّالِحِ.

(قَوْلُهُ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ) هَذِهِ مَفْسَدَةٌ أُولَى.

(قَوْلُهُ وَمَنْ كَانَ إلَخْ) مَفْسَدَةٌ ثَانِيَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَفْهَمُ السَّامِعُ مَا يَقُولُونَ) مَفْسَدَةٌ ثَالِثَةٌ (قَوْلُهُ وَالْغَالِبُ عَلَى بَعْضِهِمْ) مَفْسَدَةٌ رَابِعَةٌ.

. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمَطْلُوبَ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَحِكَايَتُهُ قَبْلَهُ) أَيْ يَجُوزُ لِسَامِعِ الْأَذَانِ حِكَايَتُهُ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى إذْ الْمُتَابَعَةُ مُسْتَحَبَّةٌ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِمَّا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ كَانَ ذَلِكَ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا) كَانَ الْمُؤَذِّنُ بَطِيئًا فِي أَذَانِهِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ وَالْعَمَلُ يُقَوِّيهِ) أَيْ الْجَوَازَ أَيْ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِيمَا يَظْهَرُ

ص: 235

قَبْلَ نُطْقِ الْمُؤَذِّنِ بِبَاقِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِ الْمُؤَذِّنِ بِهِ عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ وَإِطْلَاقُ الْحِكَايَةِ عَلَى مَا لَمْ يَأْتِ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ مَا لِلْجُزْءِ لِلْكُلِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ مَحْكِيٌّ.

(ص) وَأُجْرَةٌ عَلَيْهِ أَوْ مَعَ صَلَاةِ (ش) أَيْ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْأَذَانِ وَحْدَهُ أَوْ عَلَى الْإِقَامَةِ وَحْدَهَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا مَعَ الصَّلَاةِ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ أَوْ مِنْ آحَادِ النَّاسِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَنَعَهَا ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ آحَادِ النَّاسِ عَلَى الْأَذَانِ.

(ص) وَكُرِهَ عَلَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ إمَامَتِهَا مُفْرَدَةً فَرْضًا أَوْ نَفْلًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ فِي الْمَكْتُوبَةِ عِنْدِي أَشَدُّ كَرَاهِيَةً وَإِنْ وَقَعَتْ صَحَّتْ وَحُكِمَ بِهَا كَالْإِجَارَةِ عَلَى الْحَجِّ وَأَجَازَهَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَنَعَهُمَا ابْنُ حَبِيبٍ كَالْأَذَانِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ مَنْ يَأْخُذُ الْأُجْرَةَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ تُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَلِّينَ، وَأَمَّا إذَا أُخِذَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ فَلَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِعَانَةِ لَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(ص) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ كَمُلَبٍّ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُلَبِّي وَالْمُؤَذِّنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى رَدِّهِ بِخِلَافِ السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي فَلَا يُكْرَهُ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَإِقَامَةُ رَاكِبٍ (ش) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُؤَذِّنُ رَاكِبًا وَلَا يُقِيمُ إلَّا نَازِلًا وَإِنَّمَا كُرِهَ لِنُزُولِهِ بَعْدَهَا وَعَقْلُ دَابَّتِهِ وَهُوَ طُولٌ وَالسُّنَّةُ اتِّصَالُ الْإِقَامَةِ بِالصَّلَاةِ فَإِنْ فَعَلَ وَأَحْرَمَ مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ شُغْلٍ أَجْزَأَهُ (ص) أَوْ مُعِيدٍ لِصَلَاتِهِ كَأَذَانِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ إقَامَةُ الْمُعِيدِ لِصَلَاتِهِ وَكَذَلِكَ أَذَانُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّ مَنْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْ صَلَاةٍ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ لَهَا أَوْ يُؤَذِّنَ لَهَا سَوَاءٌ أَذَّنَ لَهَا أَوْ لَا، أَمَّا لَوْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ لَهَا الْإِقَامَةَ وَلَوْ قَرُبَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَيَجُوزُ أَذَانُهُ وَكَذَا لَوْ أَذَّنَ لَهَا وَلَمْ يُصَلِّهَا.

(ص) وَتُسَنُّ إقَامَةٌ مُفْرَدَةٌ وَثُنِّيَ تَكْبِيرُهَا لِفَرْضٍ وَإِنْ قَضَاءً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِقَامَةَ لِلْفَرْضِ وَلَوْ قَضَاءً سُنَّةٌ لِلْجَمَاعَةِ وَالْمُنْفَرِدِ وَتَكُونُ مُفْرَدَةً إلَّا التَّكْبِيرَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ فَيُثَنَّى لَكِنْ لِلْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ عَلَى وَجْهِ الْكِفَايَةِ وَلِلْمُنْفَرِدِ عَلَى وَجْهِ الْعَيْنِيَّةِ فَلَوْ شَفَعَهَا غَلَطًا لَمْ تَجْزِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ قَلِيلًا بَعْدَ الْإِقَامَةِ بِقَدْرِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا فِقْهُ الْإِمَامِ وَالثَّانِيَةُ خَطْفُهُ الْإِحْرَامَ وَالسَّلَامَ أَيْ إسْرَاعُهُ بِهِمَا لِئَلَّا يُشَارِكَهُ الْمَأْمُومُ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا وَالثَّالِثَةُ تَقْصِيرُ الْجِلْسَةِ الْوُسْطَى.

(ص) وَصَحَّتْ وَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا (ش) أَيْ وَصَحَّتْ صَلَاةُ مَنْ تَرَكَ الْإِقَامَةَ وَلَوْ عَمْدًا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُنْفَصِلَةٌ لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِفَسَادِهَا فَكَذَلِكَ بِتَرْكِهَا وَلِأَنَّ مَا لَا يُوجِبُ سَهْوُهُ سُجُودًا لَا يُوجِبُ عَمْدُهُ إعَادَةً وَمُقَابِلُهُ يُعِيدُ أَبَدًا وَقِيلَ فِي الْوَقْتِ وَلَمَّا قَوِيَ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِ الْإِقَامَةِ اعْتَنَى الْمُؤَلِّفُ بِرَدِّهِ بِلَوْ وَلَمْ يَفْعَلْ مِثْلَهُ فِي الْأَذَانِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْبُطْلَانِ لِتَرْكِهِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الْمَذْهَبِ وَإِنْ كَانَ مَرْوِيًّا عَنْ مَالِكٍ.

(ص) وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ سِرًّا فَحَسَنٌ (ش) أَيْ وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ سِرًّا حَالَ انْفِرَادِهَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِ الْمُؤَذِّنِ بِهِ إلَخْ) وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بمَنْدُوبِيَّتِها فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي عب.

(تَنْبِيهٌ) : لَا تَفُوتُ الْحِكَايَةُ بِفَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ فَيَحْكِي وَلَوْ انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ.

(قَوْلُهُ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ مَا لِلْجُزْءِ) أَيْ أَوْ مِنْ بَابِ مَجَازِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْإِقَامَةِ وَحْدَهَا) أَيْ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا مَعَ الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ هُمَا مَعًا مَعَ الصَّلَاةِ أَيْ وَكَانَ الْأَجْرُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْقِيَامِ بِالْمَسْجِدِ لَا عَلَى الصَّلَاةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ فِي الْمَكْتُوبَةِ عِنْدِي أَشَدُّ كَرَاهَةً) وَوَجَّهَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ الْفَرِيضَةَ وَإِنْ كَانَتْ تَلْزَمُهُ لَا فِي مَسْجِدٍ بِعَيْنِهِ فَيَلْزَمُهُ مِنْ مُرَاعَاةِ أَوْقَاتِهَا وَحُدُودِهَا مَا يَخْشَى أَنْ يَكُونَ لَوْلَا الْأُجْرَةُ لَقَصَّرَ فِي بَعْضِهَا وَالنَّافِلَةُ لَا تَلْزَمُهُ أَصْلًا وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهَا أَخَفَّ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى فِعْلِ مَا لَا يَلْزَمُ الْأَجِيرَ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ قُرْبَةٌ (قَوْلُهُ وَمَنَعَهَا ابْنُ حَبِيبٍ) أَيْ مَنَعَ الْأُجْرَةَ عَلَى الصَّلَاةِ كَالْأَذَانِ قَالَ الْحَطَّابُ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْمَنْعَ عَلَى التَّحْرِيمِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ يُرِيدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُلَبِّي) أَيْ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَمُلَبٍّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُلَبِّي وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَيْ كَمَا يُكْرَهُ سَلَامُ مُلَبٍّ فَالْمُلَبِّي يُكْرَهُ السَّلَامُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ ذَرِيعَةٌ إلَى رَدِّهِ) أَيْ فِي الْأَذَانِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي فَلَا يُكْرَهُ وَمِثْلُهُ الْمُتَطَهِّرُ وَالْمُتَوَضِّئُ.

(قَوْلُهُ وَعَقْلُ دَابَّتِهِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ فَلَا يَرُدُّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ خَادِمٌ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهَا أَمْ لَا) أَيْ وَقَعَ إذْنٌ لَهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَا وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولَ وَسَوَاءٌ أَرَادَ إعَادَتَهَا أَمْ لَا أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَيَكُونُ هُوَ مَحَطُّ الْفَائِدَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْمُعِيدِ مَنْ يُطْلَبُ بِالْإِعَادَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْ صَلَاةٍ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لَهَا أَوْ يُقِيمَ سَوَاءٌ أَرَادَ إعَادَتَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَذَانُهُ) أَيْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ أَذَّنَ لَهَا فِيهِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَذَّنَ لَهَا أَيْ فَيُؤَذِّنُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ لِفَرْضٍ) أَيْ عَيْنِيٍّ لَا كِفَائِيٌّ وَلَا السُّنَّةُ وَلَوْ رَاتِبَةً كَالْوِتْرِ وَالْعِيدَيْنِ (قَوْلُهُ وَلِلْمُنْفَرِدِ) أَيْ الْمُنْفَرِدِ عَنْ جَمَاعَةِ الرِّجَالِ فَيَصْدُقُ بِالْمُصَلِّي وَحْدَهُ وَمَنْ يَؤُمُّ النِّسَاءَ فَقَطْ وَلَوْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا لَسُنَّتْ فِي حَقِّ الرِّجَالِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا) أَيْ هَذَا إذَا تُرِكَتْ سَهْوًا اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا.

(قَوْلُهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَكِنْ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَامِدُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يُحْرَمُ التَّقَرُّبَ بِالطَّاعَاتِ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى ذُنُوبٍ سَلَفَتْ مِنْهُ وَيُعَانُ عَلَيْهَا بِطَاعَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا سُنَّةٌ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ.

ص: 236