الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفُقَهَاءِ خِلَافًا لِقَاعِدَةِ النُّحَاةِ أَنَّ مَا بَعْدَ الْكَافِ مُشَبَّهٌ بِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ لَيْلَةٍ هَلْ هُوَ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ الْمَطْلُوبِ صَوْمُهُ لِغَيْرِ الْحَاجِّ فَيُنْدَبُ أَنْ يُبَيِّتَ صَوْمَهُ بِنَاءً عَلَى اسْتِصْحَابِ الْحَالِ أَوْ صَبِيحَتَهَا الْعِيدُ فَيُكْرَهُ صَوْمُهُ مَخَافَةَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْذُورِ قَوْلَانِ وَنَصَّ الْمَازِرِيُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ شَكَّ فِي الثَّالِثَةِ فَفِي فِعْلِهَا نَقْلَا الْمَازِرِيِّ عَنْ الشُّيُوخِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ أَصْلِ الْعَدَمِ كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ وَتَرْجِيحًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ مَمْنُوعٍ عَلَى تَحْصِيلِ فَضِيلَةٍ وَخَرَّجَ عَلَيْهِمَا صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ فِي كَوْنِهِ عَاشِرًا اهـ. .
(فَصْلٌ) .
يَذْكُرُ فِيهِ آدَابَ قَاضِي الْحَاجَةِ وَمَا مَعَهُ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ عِبَادَةٌ مُنْفَرِدَةٌ يَجُوزُ تَفْرِقَتُهُ عَنْ الْوُضُوءِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَلَا يُعَدُّ فِي سُنَنِهِ وَلَا فِي فَرَائِضِهِ وَلَا فِي مُسْتَحَبَّاتِهِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ إنْقَاءُ الْمَحِلِّ مِنْ النَّجَاسَةِ خَاصَّةً لَكِنْ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوُضُوءِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ (ص) نُدِبَ لِقَاضِي الْحَاجَةِ جُلُوسٌ وَمُنِعَ بِرَخْوٍ نَجِسٍ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمُرِيدِ الْبَوْلِ إذَا كَانَ الْمَكَانُ رَخْوًا طَاهِرًا الْجُلُوسُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلسَّتْرِ وَيَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ إذَا أَمِنَ الِاطِّلَاعَ، وَإِنْ كَانَ رَخْوًا نَجِسًا مُنِعَ الْجُلُوسُ لِئَلَّا يُنَجِّسَ ثَوْبَهُ وَتَعَيَّنَ الْقِيَامُ حَيْثُ أَرَادَ الْبَوْلَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الصُّلْبِ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ وَقَوْلُنَا: لِمُرِيدِ الْبَوْلَ احْتِرَازٌ مِنْ مُرِيدِ الْغَائِطِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ.
(ص) وَاعْتِمَادٌ عَلَى رِجْلٍ وَاسْتِنْجَاءٌ بِيَدٍ يُسْرَيَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْآدَابِ أَنْ يَعْتَمِدَ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَأَنْ يَسْتَنْجِيَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، وَإِنَّمَا ثَنَّى الْيُسْرَيَيْنِ لِأَجْلِ ذَلِكَ أَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى خُرُوجِ الْحَدَثِ وَظَاهِرُهُ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ صَوْمُهُ) رَتَّبَهُ عَلَى كَوْنِ صَبِيحَتِهَا الْعِيدَ فَنَقُولُ: إنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ صَبِيحَتِهَا الْعِيدَ حُرْمَةُ الصَّوْمِ لَا كَرَاهَتُهُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ قَدْ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِ الْغَدِ الْعِيدَ فَقِيلَ يُكْرَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْغَدُ الْعِيدَ وَقِيلَ بِعَدَمِهَا لِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ فَالْمُوجِبُ لِلْكَرَاهَةِ احْتِمَالُ كَوْنِ الْغَدِ الْعِيدَ لَا كَوْنُهُ الْعِيدَ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ الْعِيدَ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ (قَوْلُهُ: فَفِي فِعْلِهَا) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ فَفِي فِعْلِهَا أَيْ فَفِي نَدْبِ فِعْلِهَا وَكَرَاهَتِهِ فَقَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَفِي فِعْلِهَا وَقَوْلُهُ وَتَرْجِيحًا رَاجِعٌ لِلْمَحْذُوفِ أَيْ الَّذِي هُوَ كَرَاهَةُ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَخَرَّجَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ خَرَّجَ الْمَازِرِيُّ هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ.
[فَصْلٌ آدَابَ قَاضِي الْحَاجَةِ]
(قَوْلُهُ: آدَابَ إلَخْ) جَمْعُ أَدَبٍ وَهُوَ مَا يُسْتَحْسَنُ التَّحَلِّي بِهِ إمَّا فِعْلٌ وُجُوبًا كَقَوْلِهِ وَوَجَبَ اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ وَنَدْبًا كَالِاعْتِمَادِ عَلَى الرِّجْلِ الْيُسْرَى وَجَوَازًا كَقَوْلِهِ وَجَازَ بِمَنْزِلٍ وَطْءٌ إلَخْ وَإِمَّا تَرْكٌ تَحْرِيمًا كَقَوْلِهِ لَا فِي الْفَضَاءِ وَقَوْلُهُ: وَمَا مَعَهُ أَيْ وَآدَابُ مَا مَعَهُ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الِاسْتِجْمَارُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِذَا تَأَمَّلْت تَجِدُ الِاسْتِنْجَاءَ وَمَا مَعَهُ دَاخِلًا فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ نُدِبَ لِقَاضِي إلَخْ، فَإِنَّهُ أَدْخَلَ فِيهِ الِاسْتِنْجَاءَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِنْجَاءُ وَمِثْلُهُ الِاسْتِجْمَارُ أَوْ مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ فَلَا يُعَدُّ مَرْفُوعٌ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ عِبَادَةٌ مُنْفَرِدَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَكَانِ عَطْفُ مَلْزُومٍ عَلَى لَازِمٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ التَّفْرِقَةِ فِي الْمَكَانِ التَّفْرِقَةُ فِي الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ إلَخْ) كَأَنَّهُ يَقُولُ فَلَا يُعَدُّ فِي السُّنَنِ إلَخْ أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ رَفْعَ الْمَنْعِ صِحَّةً وَكَمَا لَا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ اتِّقَاءُ الْمَحِلِّ وَفِيهِ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ هُوَ نَفْسُ اتِّقَاءِ الْمَحِلِّ (قَوْلُهُ: لِقَاضِي الْحَاجَةِ) فِيهِ مَجَازٌ أَيْ لِمُرِيدِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِمُرِيدِ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: رَخْوًا طَاهِرًا) كَرَمْلٍ أَوْ تُرَابٍ طَاهِرٍ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ) أَيْ إنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: مُنِعَ الْجُلُوسُ) أَيْ كُرِهَ (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ الْقِيَامُ) أَيْ نُدِبَ نَدْبًا مُؤَكَّدًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ الْقِيَامُ وَمِثْلُهُ بَوْلُ الْمَرْأَةِ وَالْخَصِيِّ وَالْخُنْثَى حَيْثُ بَالَ مِنْ الْفَرْجِ إلَّا أَنَّ ابْنَ نَاجِي فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَبَادِرَةُ فَقَالَ صَرَّحَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ أَيْ فِي الْغَائِطِ خَلِيلٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ اهـ.
وَبِمَا قَرَّرْتُهُ مِنْ حَمْلِ عَدَمِ الْجَوَازِ عَلَى الْكَرَاهَةِ يَحْصُلُ وِفَاقٌ وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي شَرْحِ شب أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْكَرَاهَةُ وَبِالتَّعَيُّنِ أَوْ اللُّزُومِ النَّدْبُ الْمُتَأَكِّدُ اهـ.
لَفْظُهُ (قَوْلُهُ: وَاعْتِمَادٌ عَلَى رِجْلٍ) وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ مُعْظَمَ قُوَّتِهِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَيَرْفَعَ عُرْقُوبَ رِجْلِهِ الْيُمْنَى عَلَى صَدْرِهَا، وَالِاسْتِحْبَابُ مَصَبُّهُ يُسْرَيَيْنِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِنْجَاءٌ) الْمُرَادُ بِهِ إزَالَةُ مَا فِي الْمَحَلِّ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ، فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ الْإِزَالَةَ بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ: يُسْرَيَيْنِ) نَعْتٌ لِيَدٍ وَرِجْلٍ وَيَتَعَيَّنُ قَطْعُهُ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ لِاخْتِلَافِ الْعَامِلِ وَلَا يُقَالُ نَعْتُ النَّكِرَةِ إذَا كَانَ وَاحِدًا لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهَا نَعْتٌ مُقَدَّرٌ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَمَا هُنَا إذْ التَّقْدِيرُ بِيَدٍ مِنْهُ وَرِجْلٍ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ نَعْتَهَا يُقْطَعُ، وَإِنْ اتَّحَدَ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ ذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ رُجُوعِهِ لِلْيَدِ وَالرِّجْلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَهْوَنُ فِي خُرُوجِ الْحَدَثِ، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعِدَةَ فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ، فَإِذَا اعْتَمَدَ عَلَى ذَلِكَ صَارَ الْمَحِلُّ كَالْمَزْلَقِ لِخُرُوجِ الْحَدَثِ فَهِيَ شَبَهُ الْإِنَاءِ الْمَلْآنِ الَّذِي أُقْعِدَ عَلَى جَنْبِهِ لِلتَّفْرِيغِ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أُقْعِدَ مُعْتَدِلًا وَمِنْ الْمَنْدُوبِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ الْمُعَدُّ لِلْحَاجَةِ جِهَتُهُ الْيُمْنَى أَعْلَى مِنْ الْجِهَةِ الْيُسْرَى شَيْئًا يَسِيرًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ إعَانَةٌ عَلَى خُرُوجِ الْحَدَثِ أَيْضًا وَاسْتُحِبَّ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيَدِ الْيُسْرَى تَكَرُّمَةً لِلْيُمْنَى، فَإِنْ فَعَلَ بِهَا كُرِهَ إلَّا لِقَطْعٍ أَوْ شَلَلٍ كَامْتِخَاطٍ وَغَسْلِ بَاطِنِ الْقَدَمَيْنِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا) جَالِسًا وَقَائِمًا عِنْدَ اللَّقَانِيِّ وَمُفَادُ عج أَنَّ ذَلِكَ فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ إذَا كَانَ جَالِسًا.
وَأَمَّا إذَا بَالَ قَائِمًا فَيُفَرِّجُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ وَيَعْتَمِدُهُمَا مَعًا وَسَكَتَ عَنْ الْغَائِطِ قَائِمًا وَكَلَامُ اللَّقَانِيِّ ظَاهِرٌ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعِلَّةِ
خِلَافُ قَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي الْغَائِطِ (ص) وَبَلُّهَا قَبْلَ لُقِيِّ الْأَذَى وَغَسْلُهَا بِكَتُرَابٍ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ بَلُّ بَاطِنِ الْيَدِ الْيُسْرَى قَبْلَ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ لِيَسْهُلَ إزَالَةُ مَا تَعَلَّقَ بِهَا مِنْ الرَّائِحَةِ لِأَنَّهَا إذَا لَاقَتْ النَّجَاسَةَ وَهِيَ جَافَّةٌ تَعَلَّقَتْ الرَّائِحَةُ بِالْيَدِ وَتَتَمَكَّنُ مِنْهَا وَيُنْدَبُ أَيْضًا غَسْلُ الْيَدِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِتُرَابٍ أَوْ رَمْلٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْلَعُ الرَّائِحَةَ، وَإِنَّمَا قَالَ وَبَلُّهَا وَلَمْ يَقُلْ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَيَغْسِلُ الْيُسْرَى لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْغَسْلِ بَلْ الْبَلُّ كَافٍ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ.
(ص) وَسَتْرٌ إلَى مَحِلِّهِ وَإِعْدَادُ مُزِيلِهِ وَوِتْرِهِ، وَتَقْدِيمُ قُبُلِهِ وَتَفْرِيجُ فَخِذَيْهِ وَاسْتِرْخَاؤُهُ وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ وَعَدَمُ الْتِفَاتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْآدَابِ أَنْ يُدِيمَ السَّتْرَ إلَى مَحِلِّ خُرُوجِ الْأَذَى فَيُدِيمُهُ إلَى دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَى ثِيَابِهِ وَإِلَّا رَفَعَ قُبُلَهُ مَا لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ وَإِلَّا وَجَبَ السَّتْرُ وَمِنْ الْآدَابِ إعْدَادُ الْمُزِيلِ مِنْ مَائِعٍ أَوْ جَامِدٍ لِأَنَّهُ رُبَّمَا انْتَشَرَ الْخَارِجُ فَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ تَعَدَّتْ إلَى ثَوْبِهِ أَوْ جَسَدِهِ وَمِنْ الْآدَابِ كَوْنُ الْمُزِيلِ الْجَامِدِ وِتْرًا مِنْ ثَلَاثٍ إلَى سَبْعٍ ثُمَّ لَا يَطْلُبُ إلَّا الْإِنْقَاءَ وَيَحْصُلُ فَضْلُ الْإِيتَارِ بِحَجَرٍ لَهُ شُعَبٌ ثَلَاثٌ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ وَأَبِي الْفَرَجِ وَمِنْ الْآدَابِ تَقْدِيمُ إنْقَاءَ الْقُبُلِ اسْتِنْجَاءً وَاسْتِجْمَارًا عَلَى دُبُرِهِ خَوْفَ التَّلَوُّثِ لَوْ عَكَسَ إلَّا إنْ كَانَ بَوْلُهُ يَقْطُرُ عِنْدَ مُلَاقَاةِ الْمَاءِ لِدُبُرِهِ، فَإِنَّهُ يَغْسِلُهُ أَوَّلًا ثُمَّ الْقُبُلَ وَمِنْ الْآدَابِ تَفْرِيجُ فَخِذَيْهِ عِنْدَ الْبَوْلِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَالْإِسْهَالِ لِئَلَّا يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا يَشْعُرُ بِهِ وَمِنْ الْآدَابِ اسْتِرْخَاؤُهُ قَلِيلًا كَمَا قَالَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا ضِدُّ الِانْقِبَاضِ وَالتَّكَمُّشِ وَمِنْ الْآدَابِ تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ وَلَوْ بِكُمِّهِ خَوْفًا مِنْ عُلُوقِ الرَّائِحَةِ بِالشَّعْرِ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِخُرُوجِ الْحَدَثِ وَمِنْ الْآدَابِ عَدَمُ الْتِفَاتِهِ بَعْدَ قُعُودِهِ وَعَدَمُ نَظَرِهِ إلَى السَّمَاءِ وَالْعَبَثِ بِيَدِهِ، وَأَمَّا قَبْلَ قُعُودِهِ فَيُنْدَبُ الْتِفَاتُهُ يَمِينًا وَشِمَالًا خَوْفًا مِنْ شَيْءٍ يُؤْذِيهِ، وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ الِالْتِفَاتِ بَعْدَ قُعُودِهِ لِئَلَّا يَرَى مَا يُؤْذِيهِ فَيَقُومَ وَيَقْطَعَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ إذَا اسْتَجْمَرَ بِهَا ابْتِدَاءً ثُمَّ اسْتَنْجَى بِدُونِ اسْتِجْمَارٍ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ بَلِّهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا وَإِذَا اسْتَجْمَرَ ابْتِدَاءً بِحَجَرٍ وَنَحْوِهِ ثُمَّ اسْتَنْجَى فَلَا يُطْلَبُ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: إلَى مَحِلِّ خُرُوجِ الْأَذَى) أَيْ فَالضَّمِيرُ فِي مَحِلِّهِ فِي الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِخُرُوجِ الْأَذَى لَا لِقَاضِي الْحَاجَةِ فَيَكُونُ ظَاهِرًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إلَى مَحَلِّ مَا يُلْقَى فِيهِ الْأَذَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ خُرُوجِ الْأَذَى لِلدُّبُرِ وَالْمَقْصُودُ ظَاهِرٌ وَالْأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُرَادَ بِمَحَلِّهِ دُنُوُّهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى قَاضِي الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: فَيُدِيمُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقْصُودَ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنْ يُدِيمَهُ إلَى دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ وَاقِفًا عَلَى الْحُفْرَةِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ سِتْرٌ إلَى مَحَلِّ لُقِيِّ الْأَذَى (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَيْهِ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْكَنِيفِ الَّذِي عَلَيْهِ بَابٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْكَنِيفِ أَوْ فِيهَا إلَّا أَنَّهَا لَا بَابَ لَهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ الْإِسْبَالِ عِنْدَ الْقِيَامِ قَالَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصٍّ لِلْمَالِكِيَّةِ وَرَأَيْت عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إسْبَالُ الثَّوْبِ إذَا فَرَغَ قَبْلَ انْتِصَابِهِ قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَخَفْ تَنَجُّسَ ثَوْبِهِ، فَإِنْ خَافَهُ رَفَعَ قَدْرَ حَاجَتِهِ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رُبَّمَا انْتَشَرَ الْخَارِجُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعُدْ وَتَحَرَّكَ لِتَحْصِيلِ الْمُزِيلِ رُبَّمَا انْتَشَرَ الْخَارِجُ فَلَا يَكْفِيهِ إلَّا الْمَاءُ وَكَانَ فِي غَنِيَّةٍ عَنْ ذَلِكَ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ لَوْ أَعَدَّ حَجَرًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ تَعَدَّتْ فَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَلَاثٍ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُهُ أَوْ وِتْرًا أَيْ إعْدَادُ الْمُزِيلِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى الْجَامِدِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ لَا شِبْهُ اسْتِخْدَامٍ كَمَا فِي عب؛ لِأَنَّ شِبْهَ الِاسْتِخْدَامِ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِمَعْنًى ثُمَّ تَذْكُرَ الِاسْمَ الظَّاهِرَ بِمَعْنًى آخَرَ كَأَنْ تَقُولَ عِنْدِي عَيْنٌ فَأَنْفَقْت الْعَيْنَ حَيْثُ تُرِيدُ بِالْعَيْنِ الْأُولَى الْجَارِيَةَ وَتُرِيدُ بِالثَّانِيَةِ الذَّهَبَ وَمَحَلُّ نَدْبِ الْوِتْرِ حَيْثُ أَنْقَى بِالشَّفْعِ، فَإِنْ أَنْقَى بِالْوِتْرِ تَعَيَّنَ فَلَمْ يَتَأَتَّ النَّدْبُ وَأَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَيْسَ الْوَاحِدُ دَاخِلًا فِي الْوِتْرِ فَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ مِنْ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْوِتْرُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ وِتْرٌ (قَوْلُهُ: وَالْإِسْهَالِ) أَيْ انْطِلَاقِ الْبَطْنِ وَهُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: اسْتِرْخَاؤُهُ قَلِيلًا) أَيْ لِيَكُونَ أَقْرَبَ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الَّتِي فِي غُضُونِ الْمَحَلِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ ذُو غُضُونٍ تَنْقَبِضُ عِنْدَ حِسِّ الْمَاءِ عَلَى مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ فَإِذَا اسْتَرْخَى تَمَكَّنَ مِنْ الْإِنْقَاءِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ الِاسْتِجْمَارِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ وُجُوبُ الِاسْتِرْخَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حُصُولُ مَا ذُكِرَ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ أَفَادَهُ عج.
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا إلَخْ) قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالْقُلَّةِ فِي الْغُسْلِ بَلْ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي النَّجَاسَةِ فِي الْجَسَدِ أَشَدُّ مِنْ الظَّاهِرِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ الَّتِي بِدَاخِلِ الْفَمِ وَبِدَاخِلِ الْأَنْفِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْ هَذَا فِي الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ) أَيْ حَالَةَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَتَعَلُّقِهَا كَحَالِ الِاسْتِنْجَاءِ وَنَحْوِهِ لِلْحَطَّابِ بَلْ قَضَاءُ الْحَاجَةِ شَامِلٌ لِحَالِ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكُمِّهِ) أَيْ فَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَبِيِّ وَغَيْرِهِ فَيُكْرَهُ أَنْ يَذْهَبَ لِلْخَلَاءِ حَاسِرًا، وَأَمَّا فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ، فَإِنَّمَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ بِالسَّتْرِ حَيْثُ قَالَ وَهُوَ يَخْطُبُ أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ إذَا خَلَوْتُمْ إنِّي لَأَذْهَبُ إلَى حَاجَتِي فِي الْخَلَاءِ مُتَقَنِّعًا بِرِدَائِي حَيَاءً مِنْ رَبِّي اهـ.
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ رَأْسُهُ مَسْتُورًا (قَوْلُهُ: خَوْفًا مِنْ عُلُوقِ الرَّائِحَةِ بِالشَّعْرِ) أَيْ فَتَضُرُّهُ (أَقُولُ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَسْتُرَ لِحْيَتَهُ أَيْضًا مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِخُرُوجِ الْحَدَثِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُغَطِّ رَأْسَهُ أَصَابَهُ مَرَضٌ يُقَالُ لَهُ اللَّوَى يَمْنَعُ الْخَارِجَ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرَى مَا يُؤْذِيهِ) أَيْ غَيْرَ قَادِمٍ عَلَيْهِ يُؤْذِيهِ وَمِنْ الْآدَابِ عَدَمُ النَّظَرِ إلَى الْفَضْلَةِ وَأَنْ لَا يَشْتَغِلَ بِغَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ قِيلَ مَنْ أَدَامَ النَّظَرَ إلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ اُبْتُلِيَ بِصُفْرَةِ الْوَجْهِ
بَوْلَهُ فَيُنَجِّسَ ثَوْبَهُ.
(ص) وَذِكْرُ وِرْدٍ بَعْدَهُ وَقَبْلَهُ (ش) أَيْ وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَأْتِيَ بِالذِّكْرِ الْوَارِدِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِهِ كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «اللَّهُمَّ غُفْرَانَك أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَوَّغَنِيهِ طَيِّبًا وَأَخْرَجَهُ عَنِّي خَبِيثًا» وَفِي رِوَايَةٍ «الَّذِي رَزَقَنِي لَذَّتَهُ وَأَذْهَبَ عَنِّي مَشَقَّتَهُ وَأَبْقَى فِي جِسْمِي قُوَّتَهُ» وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَأْتِيَ بِالذِّكْرِ الْوَارِدِ قَبْلَهُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ قَوْلِهِ: عليه الصلاة والسلام إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ وَفِي رِوَايَةٍ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ وَفِي أُخْرَى الْكَنِيفَ «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» وَيَجْمَعُ مَعَ التَّعَوُّذِ دُخُولًا وَخُرُوجًا التَّسْمِيَةَ كَمَا مَرَّ وَحِكْمَةُ تَقْدِيمِ هَذَا الذِّكْرِ مَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «سِتْرُ أَيْ بِكَسْرِ السِّينِ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إذَا دَخَلَ الْكَنِيفَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ» وَخَصَّ هَذَا الْمَوْضِعَ بِالِاسْتِعَاذَةِ لِأَنَّهُ خَلَاءٌ وَلِلشَّيْطَانِ فِيهِ تَسَلُّطٌ وَقُدْرَةٌ لَيْسَ لَهُ فِي الْمَلَاءِ وَلِذَا قَالَ عليه الصلاة والسلام «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ» وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ قَذِرٍ يُنَزَّهُ عَنْهُ ذِكْرُ اللَّهِ فَيَغْتَنِمُ الشَّيْطَانُ عَدَمَ ذِكْرِهِ فَأَمَرَ بِالِاسْتِعَاذَةِ عِصْمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَتَّى يَخْرُجَ.
وَأَخَّرَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَقَبْلَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (ص) ، فَإِنْ فَاتَ فَفِيهِ إنْ لَمْ يُعَدَّ (ش) أَيْ، فَإِنْ فَاتَ الذِّكْرُ الْقَبْلِيُّ، فَإِنَّهُ يَذْكُرُهُ فِي الْمَحِلِّ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَمْ يَجْلِسْ لِلْحَدَثِ، فَإِنْ أُعِدَّ كَالْكَنِيفِ أَوْ جَلَسَ فِي غَيْرِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: غُفْرَانَك) بِالنَّصْبِ أَيْ أَسْأَلُك أَوْ اغْفِرْ غُفْرَانَك، وَالْوَجْهُ فِي سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ أَنَّهُ جَرَى مِنْهُ عليه الصلاة والسلام عَلَى عَادَتِهِ إذْ كَانَ مِنْ دَأْبِهِ الِاسْتِغْفَارُ فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ وَتَقَلُّبَاتِهِ حَتَّى إنَّهُ لَيُعَدُّ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةُ مَرَّةٍ وَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ خُرُوجُ الْأَخْبَثَيْنِ بِسَبَبِ خَطِيئَةِ آدَمَ وَمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ حَيْثُ جُعِلَ مُكْثُهُ فِي الْأَرْضِ وَمَا تَنَالُ ذُرِّيَّتُهُ فِيهَا عِظَةٌ لِلْعِبَادِ وَتَذْكِرَةٌ لِمَا تَئُولُ إلَيْهِ الْمَعَاصِي فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّهُ حِينَ وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ رِيحَ الْغَائِطِ قَالَ أَيْ رَبِّ مَا هَذَا فَقَالَ تَعَالَى هَذَا رِيحُ خَطِيئَتِك فَكَانَ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حِينَ خُرُوجِهِ مِنْ الْخَلَاءِ غُفْرَانَك» الْتِفَاتًا إلَى هَذَا الْأَصْلِ وَتَذْكِيرًا لِأُمَّتِهِ بِهَذِهِ الْعِظَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ وَالْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ (قَوْلُهُ: سَوَّغَنِيهِ طَيِّبًا) أَيْ أَدْخَلَهُ فِي جَوْفِي طَيِّبًا (قَوْلُهُ: وَأَخْرَجَهُ عَنِّي خَبِيثًا) الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ خُرُوجِهِ وَكَوْنِهِ خَبِيثًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ عَدَمِ خُرُوجِهِ وَمِنْ خُرُوجِهِ غَيْرَ خَبِيثٍ حَالَةٌ مُضِرَّةٌ (قَوْلُهُ: وَأَذْهَبَ عَنِّي مَشَقَّتَهُ) أَيْ الْمَشَقَّةَ الْحَاصِلَةَ بِسَبَبِ مُكْثِهِ (قَوْلُهُ: قُوَّتَهُ) أَيْ الْخَاصَّةَ الَّتِي تَقُومُ بِالْبَدَنِ وَلَا يَكُونُ الْخَارِجُ مِنْ الْإِنْسَانِ إلَّا الثِّقَلَ الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا رِوَايَاتٌ ثَلَاثٌ فَالْأَحْسَنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا (قَوْلُهُ: إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ) أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَالْخَلَاءُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالْمَدِّ الْمَكَانُ الَّذِي لَا أَحَدَ فِيهِ نَقْلٌ لِمَوْضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَبِالْقَصْرِ الرَّطْبُ مِنْ الْحَشِيشِ وَالْخِلَاءُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالْمَدِّ فِي النُّوقِ كَالْحُرُنِ فِي الْخَيْلِ
(قَوْلُهُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ» ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَيُرْوَى بِسُكُونِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْفَارَابِيُّ وَالْفَارِسِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَلَا يَصِحُّ إنْكَارُ الْخَطَّابِيِّ لَهُ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ، وَإِنَاثُهُمْ وَقِيلَ: الْخُبْثُ الْكُفْرُ وَالْخَبَائِثُ الشَّيَاطِينُ وَقِيلَ الْخُبْثُ الشَّرُّ وَالْخَبَائِثُ الْمَعَاصِي وَفِي الْمَدْخَلِ زِيَادَةُ: الرِّجْسُ النَّجِسُ الشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ، وَنَحْوِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَيُقْرَأُ النِّجْسُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ مُوَافَقَةً لِلرِّجْسِ زَادَ فِي الزَّاهِي بَعْدَ قَوْلِهِ الرِّجْسُ النَّجِسُ الضَّالُّ الْمُضِلُّ (قَوْلُهُ: وَيَجْمَعُ مَعَ التَّعَوُّذِ إلَخْ) قَالَ عج بَعْدَ كَلَامٍ فَاسْتُفِيدَ مِنْ جَعْلِ التَّسْمِيَةِ مُسْتَحَبًّا بِانْفِرَادِهَا أَنَّ الْآتِيَ بِهَا وَبِالذِّكْرِ أَوَّلًا آتٍ بِمُسْتَحَبَّيْنِ وَكَذَا ثَانِيًا ثُمَّ فِيهِ أَنَّ الْوَارِدَ إنَّمَا يَتَعَوَّذُ فِي الدُّخُولِ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي الْخُرُوجِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى بِسْمِ اللَّهِ وَيَأْتِي بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَحْوِ غُفْرَانَك إلَخْ قَالَ ح وَيَبْدَأُ بِالتَّسْمِيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَقَالَ: إنَّهُ فِي حَالِ تَقْدِمَتِهِ لِلرَّجُلِ الْيُسْرَى وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يُقَدِّمُ التَّعَوُّذَ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَ رِجْلَهُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الذَّخِيرَةِ وَيَقُولُ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِهِ إلَى مَوْضِعِ الْحَدَثِ أَوْ بَعْدَ وُصُولِهِ إنْ كَانَ الْمَوْضِعُ غَيْرَ مُعَدٍّ لِلْحَدَثِ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تُنْدَبُ فِي دُخُولِ الْخَلَاءِ وَلَا فِي الْخُرُوجِ مِنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْمَوَّاقِ وَذَكَرَ تت عِنْدَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَتُشْرَعُ فِي غُسْلٍ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهَا لَا تُنْدَبُ فِي الدُّخُولِ فَقَطْ وَالْحَطَّابُ يَقُولُ تُقَالُ عِنْدَ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا.
(قَوْلُهُ: سِتْرٌ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَقَوْلُهُ مَا بَيْنَ مَا زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) أَيْ وَالذِّكْرُ (قَوْلُهُ: الْمَلَاءِ) أَيْ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ) أَيْ ذُو شَيْطَانٍ أَيْ ذُو وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ يُوَسْوِسُ لَهُ أَوْ كَالشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تُحَدِّثُهُ نَفْسُهُ بِسُوءٍ وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَزْجُرُهُ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ أَيْ ذُو شَيْطَانَيْنِ أَيْ ذُو وَسْوَسَةِ شَيْطَانَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُوَسْوِسُ لَهُ شَيْطَانُهُ أَوْ كَالشَّيْطَانَيْنِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُحَدِّثُ كُلُّ وَاحِدٍ نَفْسَهُ بِفِعْلِ سُوءٍ فِي الْآخَرِ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ إذَا أَرَادَ أَحَدٌ سُوءًا بِصَاحِبِهِ رُبَّمَا زَجَرَهُ الثَّالِثُ فَقَوْلُهُ رَكْبٌ أَيْ جَمَاعَةٌ مَأْمُونَةٌ وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ مَا نَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ الِانْفِرَادَ وَالذَّهَابَ فِي الْأَرْضِ عَلَى سَبِيلِ الْوَحْدَةِ مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ أَيْ فِعْلٌ يَحْمِلُ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ وَكَذَا الرَّاكِبَانِ وَهُوَ حَثٌّ عَلَى اجْتِمَاعِ الرُّفْقَةِ فِي السَّفَرِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ.
(قَوْلُهُ: فَفِيهِ إنْ لَمْ يُعَدَّ) أَيْ فَيُذْكَرُ فِيهِ جَوَازًا قَالَهُ تت وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ النَّدْبُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت أَنَّ اللَّخْمِيَّ صَرَّحَ بِالِاسْتِحْبَابِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ مُرَادُ تت بِأَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: أَوْ جَلَسَ فِي غَيْرِهِ) كَذَا قَالَ الْحَطَّابُ وَنَصُّهُ، وَأَمَّا حَالَ الْجُلُوسِ فَلَا؛ لِأَنَّ الصَّمْتَ حِينَئِذٍ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّهِ اهـ.
(أَقُولُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْشِفْ عَوْرَتَهُ
فَلَا يَذْكُرُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ أُعِدَّ مُنِعَ أَيْ كُرِهَ وَهَذَا إذَا دَخَلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، فَإِنْ أَدْخَلَ رِجْلًا وَاحِدَةً فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.
(ص) وَسُكُوتٌ إلَّا لِمُهِمٍّ (ش) أَيْ وَمِنْ الْآدَابِ السُّكُوتُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ إلَّا لِأَمْرٍ مُهِمٍّ فَلَا يُنْدَبُ السُّكُوتُ حِينَئِذٍ فَيَجُوزُ لِتَعَوُّذٍ قَدْ يَجِبُ كَتَحْذِيرٍ مِنْ حَرْقٍ أَوْ أَعْمَى يَقَعُ أَوْ دَابَّةٍ وَمِنْ الْمُهِمِّ طَلَبُ مَا يُزِيلُ بِهِ الْأَذَى وَلِذَلِكَ طَلَبَ مِنْهُ إعْدَادَ الْمُزِيلِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا طُلِبَ السُّكُوتُ وَهُوَ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَحِلَّ مِمَّا يُطْلَبُ سَتْرُهُ وَإِخْفَاؤُهُ وَالْمُحَادَثَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ ذَلِكَ.
(ص) وَبِالْفَضَاءِ تَسَتُّرٌ وَبُعْدٌ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ فِي الْفَضَاءِ أَنْ يَسْتَتِرَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِكَشَجَرَةٍ وَأَنْ يَبْعُدَ حَتَّى لَا يُسْمَعَ لَهُ صَوْتٌ وَلَا يُرَى لَهُ عَوْرَةٌ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ «عليه الصلاة والسلام كَانَ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ بِمَكَّةَ يَخْرُجُ نَحْوَ الْمِيلَيْنِ مِنْ مَكَّةَ» مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ تَعْظِيمِ الْحَرَمِ لَا لِلسَّتْرِ.
(ص) وَاتِّقَاءُ حَجَرٍ وَرِيحٍ وَمَوْرِدٍ وَطَرِيقٍ وَظِلٍّ وَصُلْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْآدَابِ لِقَاضِي الْحَاجَةِ لَا بِقَيْدِ الْفَضَاءِ اتِّقَاءُ الشَّقِّ مُسْتَدِيرًا أَوْ مُسْتَطِيلًا خَوْفًا مِنْ خُرُوجِ الْهَوَامِّ الْمُؤْذِيَةِ مِنْهُ أَوْ لِكَوْنِهِ مَسَاكِنَ الْجِنِّ وَمِنْ الْآدَابِ اتِّقَاءُ مَهَابِّ الرِّيحِ وَلَوْ كَانَتْ سَاكِنَةً وَمِنْهُ الْمَرَاحِيضُ الَّتِي لَهَا مَنْفَذٌ يَدْخُلُ الْهَوَاءُ فِيهَا مِنْ مَوْضِعٍ وَيَخْرُجُ مِنْ آخَرَ مَخَافَةً مِنْ رَدِّ الرِّيحِ بَوْلَهُ عَلَيْهِ وَلْيَبُلْ فِي وِعَاءٍ وَيُفْرِغْهُ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْ الْمِرْحَاضِ وَيَسِيلُ إلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ زِيَادَةِ شَطٍّ إنْ فُسِّرَ الْمَوْرِدُ بِمَا يُمْكِنُ الْوُرُودُ مِنْهُ لَا بِمَا اُعْتِيدَ لِلْوُرُودِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمِنْ الْآدَابِ اتِّقَاءُ مَوْضِعِ وُرُودِ الْمَاءِ مِنْ الْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ وَالْعُيُونِ وَلَعَلَّهُ اُسْتُغْنِيَ بِهِ عَنْ الشَّطِّ وَهُوَ جَانِبُ النَّهْرِ وَكَذَا الْإِبَاحَةُ لِذِكْرِ الْمَاءِ الدَّائِمِ إذْ هُوَ أَحْرَى مِنْ الْمَوْرِدِ وَالشَّطِّ وَمِنْ الْآدَابِ
ــ
[حاشية العدوي]
فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنْ يَقُولَ فِي حَالَةِ قِيَامِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا فِي حَالَةِ جُلُوسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكْشِفْ (وَأَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقُولُ مَا لَمْ يَكْشِفْ عَوْرَتَهُ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ يَقُولُ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ الْحَدَثُ (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَشَفَ وَمَا قُلْنَا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ) وَهُوَ قَوْلُهُ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لِتَعَوُّذٍ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ بِاللَّامِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى الْكَافِ فَلَمْ تَتِمَّ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى فَيَجُوزُ التَّكَلُّمُ لِأَجْلِ تَعَوُّذٍ أَيْ تَحْصِينٍ أَيْ عِنْدَ الِارْتِيَاعِ (قَوْلُهُ: كَتَحْذِيرٍ مِنْ حَرْقٍ) أَوْ خَوْفِ تَلَفِ مَالٍ وَقَيَّدَهُ الْبِسَاطِيُّ بِكَوْنِهِ لَهُ بَالٌ قَالَ تت وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَ اللَّقَانِيِّ أَنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ مُهِمًّا إلَّا إذَا كَانَ لَهُ بَالٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إلَى مَا لَهُ بَالٌ فَالْقَيْدُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْمَى) أَيْ كَتَحْذِيرِ أَعْمَى.
(قَوْلُهُ: وَبِالْفَضَاءِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ عَامٍّ أَيْ نُدِبَ لِقَاضِي الْحَاجَةِ كَذَا وَكَذَا بِكُلِّ مَكَان وَنُدِبَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ بِالْفَضَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَتِرَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِكَشَجَرَةٍ) بِحَيْثُ لَا تُرَى جُثَّتُهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يُسْمَعَ لَهُ صَوْتٌ) فَيُنْظَرَ فِيهِ لِحَالِهِ، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ الْحَدِّ بِأَنْ كَانَ لَهُ رِيحٌ قَوِيٌّ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَيَبْعُدُ بِحِسَابِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَى لَهُ عَوْرَةٌ) إنْ قُلْت: إنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ قُلْت إنَّهُ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ فَالْمُرَادُ يَبْعُدُ بِحَيْثُ يَجْزِمُ بِأَنَّهُ لَا تُرَى عَوْرَتُهُ فَلَوْ أَنَّهُ جَلَسَ فِيمَا يَحْتَمِلُ أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ إلَّا إذَا رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ بِالْفِعْلِ فَظَهَرَ مَا قَالَهُ.
(قَوْلُهُ: الشَّقِّ مُسْتَدِيرًا إلَخْ) هَذَا لَيْسَ مَعْنًى لُغَوِيًّا إذْ مَعْنَى الْجُحْرِ لُغَةً الْأَوَّلُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَيُقَالُ لَهُ سَرَبٌ قَالَ الْحَطَّابُ جُحْرٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَهُوَ الثُّقْبُ الْمُسْتَدِيرُ وَيَلْحَقُ بِهِ الْمُسْتَطِيلُ وَيُسَمَّى السَّرَبُ بِفَتْحٍ وَقَالَ فِي ك، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْجُحْرِ، وَإِنْ كَانَ السَّرَبُ كَذَلِكَ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَلِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يُعِدَّ مَا يَبُولُ فِيهِ لَيْلًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَبُولُ فِي مِرْحَاضٍ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَضْرِبَ بِرِجْلِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لِتَنْفِرَ الْهَوَامُّ مَخَافَةَ أَنْ تُؤْذِيَهُ أَوْ تُنَجِّسَهُ (قَوْلُهُ: خَوْفًا مِنْ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ النَّهْيِ فَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بَعْضُ الْهَوَامِّ فَيُشَوِّشُ عَلَيْهِ (فَإِنْ قُلْت) إنَّ الشَّيَاطِينَ يُحِبُّونَ النَّجَاسَاتِ (قُلْت) نَعَمْ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يُحِبُّونَ التَّلَطُّخَ بِهَا فَأَنْتَ تُحِبُّ الْعَسَلَ هَلْ تُحِبُّ أَنْ تَتَلَطَّخَ بِهِ (قَوْلُهُ: اتِّقَاءُ مَهَابِّ الرِّيحِ) عَامٌّ فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ الرَّقِيقِ قَالَ فِي ك وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنَّمَا يُطْلَبُ بِاتِّقَاءِ الرِّيحِ وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سَاكِنَةً لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ اتِّقَاءُ مَهَابِّهَا مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَدْخَلِ اتِّقَاءُ مَهَابِّهَا (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا وَقَعَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الشَّطَّ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ لِلْوُرُودِ وَلَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ يَجْتَنِبُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ خُصُوصًا إذَا لَمْ يَكُنْ بِقُرْبِ عِمَارَةٍ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت تت قَالَ مَا نَصُّهُ وَأُلْحِقَ بِهِ شَاطِئُ النَّهْرِ حَيْثُ يَقْصِدُهُ النَّاسُ اهـ.
(أَقُولُ) إذَا كَانَ يَقْصِدُهُ النَّاسُ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْرِدِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ اسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الشَّطِّ) أَيْ إنْ قُلْنَا الْمُرَادُ مَكَانُ الْوُرُودِ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ أَحْرَى مِنْ النَّهْرِ) فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ» قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هُوَ نَهْيُ كَرَاهَةٍ وَإِرْشَادٍ وَهُوَ فِي الْقَلِيلِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُهُ وَقِيلَ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَفْسُدُ لِتَكَرُّرِ الْبَائِلِينَ وَيَظُنُّ الْمَارُّ أَنَّهُ تَغَيَّرَ مِنْ قَرَارِهِ وَيَلْحَقُ بِالْبَوْلِ فِيهِ التَّغَوُّطُ فِيهِ وَصَبُّ النَّجَاسَةِ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ الْجَارِي عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ: إنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي الْقَلِيلِ إذْ قَدْ يَتَغَيَّرُ مِنْهُ فَيُظَنُّ أَنَّهُ مِنْ قَرَارِهِ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِبَعْضِهِمْ وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَعَلَى بَابِهَا قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَلَوْ قِيلَ بِالتَّحْرِيمِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَقَوْلُهُ الْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا أَيْ مَا لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا كَالْمُسْتَبْحِرِ كَمَا فِي التَّلْقِينِ وَصَرَّحُوا بِجَوَازِهِ فِي الْجَارِي ذَكَرَهُ فِي ك
اتِّقَاءُ طَرِيقٍ وَظِلٍّ يَسْتَظِلُّ بِهِ النَّاسُ وَيَتَّخِذُونَهُ مَقِيلًا وَمُنَاخًا عِيَاضٌ وَلَيْسَ كُلُّ ظِلٍّ يَحْرُمُ الْقُعُودُ عَنْهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَقَدْ قَضَاهَا عليه الصلاة والسلام تَحْتَ حَائِشٍ أَيْ نَخْلٍ مُلْتَفٍّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ لَهُ ظِلًّا وَمِنْ الْآدَابِ تَجَنُّبُ بِيَعِ الْيَهُودِ وَكَنَائِسِ النَّصَارَى خَوْفَ فِعْلِهِمْ ذَلِكَ بِمَسَاجِدِنَا وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي مَخَازِنِ الْغَلَّةِ وَفِي الْأَوَانِي النَّفِيسَةِ وَيَحْرُمُ فِي النَّقْدَيْنِ وَمِنْ الْآدَابِ اتِّقَاءُ الْمَوْضِعِ الصُّلْبِ النَّجِسِ، وَأَمَّا الطَّاهِرُ فَيَتَعَيَّنُ الْجُلُوسُ فِيهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ لَهُ وَالصُّلْبُ بِضَمِّ الصَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَوْ فَتْحِهَا مُشَدَّدَةً وَبِفَتْحِهِمَا الْمَوْضِعُ الشَّدِيدُ.
(ص) وَبِكَنِيفٍ نُحِّيَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقْدِيمُ يُسْرَاهُ دُخُولًا وَيُمْنَاهُ خُرُوجًا عَكْسُ مَسْجِدٍ وَالْمَنْزِلُ يُمْنَاهُ بِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ إرَادَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ أَنْ يُنَحِّيَ أَيْ يُبْعِدَ ذِكْرَ اللَّهِ الْكَائِنَ مَعَهُ بِوَرَقَةٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ خَاتَمٍ إنْ أَمْكَنَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَسْتُورًا وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ بِغَيْرِ الْمَسْتُورِ وَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَحَرَزَ بِسَاتِرِ مَا يُوَافِقُهُ وَمِنْ الْآدَابِ تَقْدِيمُ يُسْرَاهُ عِنْدَ الدُّخُولِ لِلْكَنِيفِ وَيُمْنَاهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ تَكْرِيمًا لَهَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: اتِّقَاءُ طَرِيقٍ) هُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْرِدَ طَرِيقُ النَّهْرِ وَطَرِيقُ الْعَيْنِ وَطَرِيقُ الْبِئْرِ وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَبَرُّكًا بِالْحَدِيثِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْغَائِطُ أَشَدَّ مِنْ الْبَوْلِ وَبَعْدَ أَنْ عَلِمْت هَذَا فَنَقُولُ: إنَّ قَوْلَ عِيَاضٍ يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ وَمِنْ الْآدَابِ إلَخْ وَيُنَافِي قَوْلَ النَّوَادِرِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَغَوَّطَ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ.
قَالَ عج وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ التَّحْرِيمُ وَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ إلَيْهِ إذْ فَاعِلُ الْمَكْرُوهِ لَا يُلْعَنُ وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَ الْبِرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ» وَالْبِرَازُ اسْتَصْوَبَ النَّوَوِيُّ كَسْرَ مُوَحَّدَتِهِ الْغَائِطُ وَالْمَلَاعِنُ عَنْ جَمْعِ مَلْعَنَةٍ وَهِيَ الْفَعْلَةُ الَّتِي يُلْعَنُ فَاعِلُهَا كَأَنَّهَا مَظِنَّةُ اللَّعْنِ وَمَحَلٌّ لَهُ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَكَانِ بِمَا يَقَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَأْتُونَ إلَيْهَا فَيَجِدُونَ الْعَذِرَةَ فَيَلْعَنُونَ فَاعِلَهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عُمُومُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَفِي الْحَدِيثِ تَخْصِيصُهُ بِالْغَائِطِ قَالَ سَيِّدِي زَرُّوقٌ وَمِثْلُ الظِّلِّ الشَّمْسُ أَيَّامَ الشِّتَاءِ أَيْ وَنَحْوُهَا كَالْقَمَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ نَخْلٍ مُلْتَفٍّ) قَالَ الْحَطَّابُ كَأَنَّهُ لِالْتِفَافِهِ يَحُوشُ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ (قَوْلُهُ: خَوْفَ فِعْلِهِمْ بِمَسْجِدِنَا) أَيْ لِاحْتِمَالِ، وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ فَيَجِبُ التَّرْكُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي مَخَازِنِ الْغَلَّةِ) أَيْ الَّتِي فِيهَا الْغَلَّةُ بِالْفِعْلِ أَوْ بِصَدَدِ الْوَضْعِ فِيهَا وَقَوْلُهُ: وَالْأَوَانِي النَّفِيسَةِ أَيْ كَالصِّينِيِّ، وَقَوْلُهُ: يَحْرُمُ فِي النَّقْدَيْنِ إمَّا لِإِهَانَةِ مَا أَعَزَّهُ اللَّهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُمَا وَهُوَ حَرَامٌ وَهَذَا أَظْهَرُ (قَوْلُهُ اتِّقَاءُ الْمَوْضِعِ الصُّلْبِ النَّجِسِ) أَيْ جُلُوسًا وَقِيَامًا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إنْ كَانَ صُلْبًا نَجِسًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَهُ وَيَقْصِدَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَامَ خَافَ أَنْ يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَلَسَ خَافَ أَنْ يَتَلَطَّخَ بِنَجَاسَةِ الْمَوْضِعِ اهـ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ صُلْبًا نَجِسًا لَا يَخْشَى التَّلَطُّخَ بِنَجَاسَةِ الْمَوْضِعِ إنَّمَا يَخْشَى مِنْ رَشَاشِ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الطَّاهِرُ فَيَتَعَيَّنُ الْجُلُوسُ فِيهِ) أَيْ يُنْدَبُ نَدْبًا أَكِيدًا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ؛ لِأَنَّهُ يَأْمَنُ مِنْ التَّلَطُّخِ بِالنَّجَاسَةِ إنْ جَلَسَ وَلَا يَأْمَنُ إنْ قَامَ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ.
(قَوْلُهُ: بِضَمِّ الصَّادِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فَتْحُ الصَّادِ وَسُكُونُ اللَّامِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ الصِّحَاحُ وَالْقَامُوسُ وَلَكِنَّ الْمَحْفُوظَ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فَتْحُ الصَّادِ وَسُكُونُ اللَّامِ وَبَيَّنَ فِي الْمِصْبَاحِ أَنَّ الصُّلْبَ الْمَوْضِعُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ.
(قَوْلُهُ: وَبِكَنِيفٍ إلَخْ) حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى وَرِقَةٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ خَاتَمٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ وَسَكَتَ عَنْ نَفْسِ الذِّكْرِ قِرَاءَةً وَالْقُرْآنُ كَتْبًا وَقِرَاءَةً بَعْضًا وَكُلًّا، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِبُ تَنْحِيَةُ الْقُرْآنِ وَيُنْدَبُ تَنْحِيَةُ غَيْرِهِ مِنْ الذِّكْرِ نُطْقًا بِأَنْ يَسْكُتَ لِحُرْمَةِ نُطْقِهِ فِيهِ بِقُرْآنٍ وَكَرَاهَتِهِ بِذِكْرٍ وَكَتْبًا وُجُوبًا فَيَجِبُ تَنْحِيَةُ كَامِلِ مُصْحَفٍ وَلَوْ مَسْتُورًا كَانَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْكَتْبِ حَالَ نُزُولِ خَبَثٍ وَاسْتِبْرَاءٍ وَبَعْدَهُمَا وَقَبْلَهُمَا وَمِنْ الْمُحَرَّمِ أَيْضًا مَا إذَا أَحْدَثَ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ مُعَدًّا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَلَمَّا تَمَّ حَاجَتَهُ أَرَادَ الْقِرَاءَةَ وَهَذَا مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ مِنْ ارْتِيَاعٍ أَوْ خَوْفِ ضَيَاعٍ فَيَجُوزُ وَيُكْرَهُ الدُّخُولُ فِي مَحَلِّ الْخَلَاءِ بِشَيْءٍ فِيهِ قُرْآنٌ أَوْ ذِكْرٌ غَيْرُ مَسْتُورٍ مَا لَمْ تَدْعُ إلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ غَيْرَ مَسْتُورٍ خِلَافًا لعب وَيَجُوزُ التَّحَرُّزُ بِبَعْضِ قُرْآنٍ مَسْتُورًا لَا بِجَمِيعِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَفِي شَرْحِ شب وَانْظُرْ لَوْ جَعَلَ الْمُصْحَفَ كَامِلًا حِرْزًا هَلْ يَجُوزُ دُخُولُ الْخَلَاءِ بِهِ بِالسَّاتِرِ أَمْ لَا وَرَجَّحَ الْحَطَّابُ الْكَرَاهَةَ بِاسْتِنْجَاءٍ بِيَدٍ فِيهَا خَاتَمٌ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ الْجَوَازِ وَأُنْكِرَ وَالتَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ (فَإِنْ قُلْت) سَيَأْتِي أَنَّهُ يَحْرُمُ الِاسْتِجْمَارُ بِالْمَكْتُوبِ وَهُوَ يُرَجِّحُ الْقَوْلَ بِحُرْمَةِ الِاسْتِجْمَارِ بِالْخَاتَمِ الْمَكْتُوبِ.
(قُلْت) : يُفَرَّقُ بِأَنَّ الِامْتِهَانَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ أَشَدُّ مِنْ الِامْتِهَانِ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الدُّخُولَ بِبَعْضِ قُرْآنٍ لَيْسَ كَالدُّخُولِ بِكُلِّهِ الظَّاهِرُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ صَحِيفَةٍ فِيهَا آيَاتٌ لَا مِثْلِ جَزْءٍ، فَإِنَّهُ يُعْطَى حُكْمَ كُلِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ.
(تَنْبِيهٌ) : نَقَلَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ الْجَوْزِيِّ أَنَّ الذِّكْرَ فِي حَالَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالْجِمَاعِ لَا يُكْرَهُ بِالْقَلْبِ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ يُسْرَاهُ) وَبَدَلِهَا فِي حَقِّ الْأَقْطَعِ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَيَلْحَقُ بِهَا الْعَصَا عِنْدَ قَطْعِهَا وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْيُمْنَى يُوَرِّثُ الْفَقْرَ وَقَوْلُهُ دُخُولًا وَخُرُوجًا مَنْصُوبَانِ عَلَى التَّمْيِيزِ أَيْ يُقَدِّمُ دُخُولَ يُسْرَاهُ وَإِمَّا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ فِي الدُّخُولِ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي حَالَةِ الدُّخُولِ وَإِمَّا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ لِمُقَدَّرٍ أَيْ خَارَجَ خُرُوجًا وَدَاخَلَ دُخُولًا أَوْ عَلَى الْحَالِيَّةِ مُؤَوَّلَيْنِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ دَاخِلًا وَخَارِجًا وَإِعْرَابُهُ تَمْيِيزًا فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ وَالْخُرُوجَ لَيْسَ مَنْسُوبًا لِلْيُسْرَى وَالْيُمْنَى، وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوبٌ لِلشَّخْصِ (قَوْلُهُ: عَكْسَ مَسْجِدٍ) مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ عَكْسَ فِعْلِ مَسْجِدٍ أَوْ مَرْفُوعٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَذَلِكَ عَكْسُ فِعْلِ مَسْجِدٍ وَالْمَنْزِلُ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ وَالْمَنْزِلُ يُقَدِّمُ لَهُ يُمْنَاهُ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: مَا يُوَافِقُهُ) أَيْ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْقُرْطُبِيِّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الدُّخُولِ لِلْكَنِيفِ) قَالَ الْحَطَّابُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا الْأَدَبَ خَاصٌّ بِالْكَنِيفِ
وَمِثْلُ الْكَنِيفِ الْمَكَانُ الدَّنِيءُ كَالْحَمَّامِ وَمَوَاضِعِ الظُّلْمِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ فَيُقَدِّمُ الْيُمْنَى فِي الدُّخُولِ وَالْيُسْرَى فِي الْخُرُوجِ إلَّا أَنَّهُ يَضَعُ يُسْرَاهُ عَلَى ظَاهِرِ نَعْلِهِ لِيَلْبَسَ الْيُمْنَى قَبْلَهَا وَفِي الدُّخُولِ يَخْلَعُ يُسْرَاهُ قَبْلَ يُمْنَاهُ وَيَضَعَهَا عَلَى ظَاهِرِ نَعْلِهِ لِتَسْتَمْتِعَ يُمْنَاهُ بِاللُّبْسِ ثُمَّ يَخْلَعُ يُمْنَاهُ وَيُقَدِّمُهَا فِي الدُّخُولِ، وَأَمَّا الْمَنْزِلُ فَيُقَدِّمُ يُمْنَاهُ دُخُولًا وَخُرُوجًا إذْ لَا أَذَى وَلَا عِبَادَةَ.
(ص) وَجَازَ بِمَنْزِلٍ وَطْءٌ وَبَوْلٌ مُسْتَقْبِلَ قِبْلَةٍ وَمُسْتَدْبِرَهَا، وَإِنْ لَمْ يَلْجَأْ وَأَوَّلَ بِالسَّاتِرِ وَبِالْإِطْلَاقِ لَا فِي الْقَضَاءِ وَبِسَتْرٍ قَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا وَالْمُخْتَارُ التَّرْكُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحِلُّ فِي الْمَنَازِلِ مِنْ الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى الْوَطْءُ وَالْفَضْلَةُ مُسْتَقْبِلَ قِبْلَةٍ وَمُسْتَدْبِرًا سَوَاءٌ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ كَمَرَاحِيضِ الْمُدُنِ الَّتِي يَعْسُرُ التَّحَوُّلُ فِيهَا أَوْ أَمْكَنَ التَّحَوُّلُ كَفَضَاءِ الْمُدُنِ وَمَرَاحِيضِ السُّطُوحِ وَأَوَّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ حَالَ عَدَمِ الْإِلْجَاءِ وَإِمْكَانِ التَّحَوُّلِ بِالسَّاتِرِ كَمَا هُوَ رَأْيُ أَبِي الْحَسَنِ وَحَمَلَهَا عَبْدُ الْحَقِّ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ قَائِلًا لَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ عِنْدِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ سَطْحٍ مَسْتُورٍ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ لِأَبِي عِمْرَانَ، وَأَمَّا الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْوَطْءِ وَالْفَضْلَةِ بِغَيْرِ سَاتِرٍ فِي الْفَضَاءِ فَحَرَامٌ وَحُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَا عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَلْ الْعِلَّةُ طَلَبُ السِّتْرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الْمُصَلِّينَ وَصَالِحِي الْجِنِّ وَعَلَيْهَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاتِرٌ لَجَازَ لِوُجُودِ السِّتْرِ أَوْ تَعْظِيمًا لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَعَلَيْهَا فَالْمَنْعُ مُطْلَقٌ لِوُجُودِ الْقِبْلَةِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا الْمُدَوَّنَةُ وَالْمُخْتَارُ مِنْهُمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مَعَ السَّاتِرِ التَّرْكُ حَتَّى فِي فَضَاءِ الْمَنَازِلِ تَعْظِيمًا لِلْقِبْلَةِ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذْ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ مُخْتَصٌّ بِفَضَاءِ الصَّحَارِي وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَاعْتُرِضَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُخْتَارُ مِنْهُمَا التَّرْكُ بِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ جَارٍ فِي الْوَطْءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ فِي الْوَطْءِ الْجَوَازَ مَعَ السَّاتِرِ فِي الْفَضَاءِ وَغَيْرِهِ. الثَّانِي: ظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ مَعَ السَّاتِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ جَارٍ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مَا عَدَا الْمِرْحَاضَ، فَإِنَّهُ مَعَ السَّاتِرِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَمَعَ غَيْرِهِ فِيهِ طَرِيقَانِ وَلَيْسَ لِلَّخْمِيِّ فِيهِ اخْتِيَارٌ وَتَلْخِيصُ مَا فِي الْحَطَّابِ أَنَّ الصُّوَرَ كُلَّهَا جَائِزَةٌ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ إلَّا صُورَةً وَاحِدَةً وَهِيَ
ــ
[حاشية العدوي]
بَلْ صَرَّحَ بِهِ الْبِسَاطِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَهَذَا الْأَدَبُ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَيَانِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ بَلْ يُقَدِّمُ الْيُسْرَى إذَا بَلَغَ مَوْضِعَ جُلُوسِهِ مِنْ الصَّحْرَاءِ، فَإِذَا فَرَغَ قَدَّمَ الْيُمْنَى (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَنْزِلُ فَيُقَدِّمُ إلَخْ) هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مَنْزِلُهُ بِالْمَسْجِدِ فَيُقَدِّمُ يُسْرَاهُ دُخُولًا وَيُمْنَاهُ خُرُوجًا مُرَاعَاةً لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ وَيَظْهَرُ أَنَّ عِلَّةَ تَقْدِيمِ الْيُمْنَى فِي الْخُرُوجِ وَالدُّخُولِ تَكْرِمَتُهَا بِتَقَدُّمِهَا.
(قَوْلُهُ: وَبِالْإِطْلَاقِ) لَمْ يَقُلْ وَأُوِّلَ بِالسَّاتِرِ أَيْضًا إشَارَةً لِقُوَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ: وَبِسِتْرٍ قَوْلَانِ) السِّتْرُ بِكَسْرِ السِّينِ مَا يُسْتَتَرُ بِهِ وَبِفَتْحِهَا الْفِعْلُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَدَائِنِ) أَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ الْقَصْدُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: مَنْزِلٍ الْمَنْزِلَ الْمَعْرُوفَ بَلْ مَا قَابَلَ الْفَضَاءَ فَكَأَنَّهُ يَحُومُ عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَا اسْتِدْبَارُهَا لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ مُجَامَعَةٍ إلَّا فِي الْفَوَاتِ، وَأَمَّا فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى وَالْمَرَاحِيضِ الَّتِي عَلَى السُّطُوحِ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَلَيْسَتْ مِنْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِلتَّبْعِيضِ بَلْ بَيَانِيَّةٌ أَفَادَ ذَلِكَ مُحَشِّي تت - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أُلْجِئَ إلَى ذَلِكَ) بِأَنْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ إلَّا مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا وَيَعْسُرُ عَلَيْهِ التَّحَوُّلُ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: وَالْفَضْلَةُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ بَوْلٍ وَفَضْلَةٍ لِشُمُولِهَا لِلْغَائِطِ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ شُمُولِهِ لِكَوْنِهِ أَشَدَّ مِنْ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: كَفَضَاءِ الْمُدُنِ وَمَرَاحِيضِ السُّطُوحِ) بَلْ كَذَلِكَ السُّطُوحُ، فَإِنَّ ظَاهِرَ الْحَطَّابِ جَرَيَانُهَا فِي فِعْلِ مَا ذُكِرَ بِسَطْحٍ كَانَ فِيهِ مِرْحَاضٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَأَوَّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأُوِّلَ بِالسَّاتِرِ رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُلْجَأْ (قَوْلُهُ: طَلَبُ السَّتْرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الْمُصَلِّينَ وَصَالِحِي الْجِنِّ) أَيْ الْمُصَلِّينَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْلِيلِ الْحَدِيثِ فَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ يُصَلِّي فِي الصَّحَارِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ إلَيْهِمْ اهـ.
أَقُولُ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِي الْفَضَاءِ لِأَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ لِوُجُودِ ذَلِكَ فِيهَا مَعَ أَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ فِي خُصُوصِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالِاسْتِدْبَارِ فَإِذَنْ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعْظِيمًا لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ) أَقُولُ قَضِيَّتُهَا الْمَنْعُ وَلَوْ فِي فَضَاءِ الْمُدُنِ فَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ لَهُ وَجْهٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي ارْتَضَاهَا وَهِيَ تَعْظِيمُ الْقِبْلَةِ تَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ ذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ) أَيْ الصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) وَهُوَ فَضَاءُ الْمُدُنِ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ إنَّمَا هُمَا فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى فَقَطْ لَا فِي الصَّحْرَاءِ وَذَكَرَ مَا يَدُلُّ لَهُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ غَيْرِهِ فِيهِ طَرِيقَانِ) الْأُولَى لِلْمَازِرِيِّ فِي الْمُعَلِّمِ يَجُوزُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا قَالَ وَقَالَهُ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ وَالثَّانِيَةُ لِعَبْدِ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَالَ وَقَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِنَا لَا يَجُوزُ وَزَعْمُهُ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ مُوَافِقٌ لَهَا بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: إمَّا اتِّفَاقًا) قَطْعًا وَهِيَ صُورَةُ مَا إذَا كَانَ بِمِرْحَاضٍ وَمَعَهُ سَاتِرٌ أَوْ لَا قَطْعًا كَالصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ) فِي صُوَرٍ أَرْبَعٍ الْأُولَى مَا إذَا كَانَ بِمِرْحَاضٍ وَلَا سَاتِرَ فَالْجَوَازُ إمَّا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعَلِّمِ أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ الثَّانِيَةُ إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ بِهِ سَاتِرٌ وَهُوَ غَيْرُ مِرْحَاضٍ كَالْمُدُنِ وَالْقُرَى أَيْ شَوَارِعِهَا وَدَاخِلِ الْمَنْزِلِ أَوْ سَطْحِهِ الثَّالِثَةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِدُونِ سَاتِرٍ الرَّابِعَةُ فِي الْفَضَاءِ مَعَ السَّاتِرِ وَخُلَاصَةُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ إمَّا اتِّفَاقًا إمَّا قَطْعًا فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ بِمِرْحَاضٍ وَسَاتِرٍ أَوْ لَا قَطْعًا فِي صُورَةِ الْمِرْحَاضِ بِدُونِ سَاتِرٍ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ إمَّا قَطْعًا فِي الثَّلَاثَةِ صُوَرٍ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْأَرْبَعِ أَوْ لَا قَطْعًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْهَا وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ تَرْجِيحُ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ طَلَبُ السَّتْرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ صَالِحِي الْجِنِّ الْمُصَلِّينَ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مَا يَرِدُ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأُولَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ
الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فِي الْفَضَاءِ وَلَا سَاتِرَ فَمَمْنُوعَةٌ قَطْعًا وَلَوْ قَالَ وَجَازَ فِي غَيْرِ فَضَاءٍ اسْتِقْبَالٌ وَاسْتِدْبَارٌ بِوَطْءٍ وَفَضْلَةٍ كَبَّهُ بِسَاتِرٍ وَإِلَّا مُنِعَ لَوَفَّى بِهَذَا وَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ بِمَنْزِلٍ إلَى قَوْلِهِ التَّرْكُ (ص) لَا الْقَمَرَيْنِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ لَا فِي الْفَضَاءِ فَيَحْرُمُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ لِلْقِبْلَةِ لَا الْقَمَرَيْنِ فَلَا يَحْرُمُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِلَّا فَنَفْيُ الْحُرْمَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْكَرَاهَةِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَقْدُورَ يَحْرُمُ وَلَمْ نَجْعَلْهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ لَا لَا يُعْطَفُ بِهَا بَعْدَ النَّفْيِ وَمِثْلُ الْقَمَرَيْنِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قِبْلَةً فَلَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُ وَلَا اسْتِدْبَارُهُ بِوَطْءٍ أَوْ فَضْلَةٍ وَفِي قَوْلِهِ الْقَمَرَيْنِ تَغْلِيبٌ لِلْأَشْرَفِ لِأَنَّ الْقَمَرَ مُذَكَّرٌ وَلِلْخِفَّةِ.
(ص) وَوَجَبَ اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ وَنَتْرٍ خَفَّا (ش) أَيْ وَوَجَبَ عَلَى قَاضِي الْحَاجَةِ اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ أَيْ اسْتِخْرَاجِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ وَيَجِبُ ذَلِكَ مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ أَيْ مَدِّهِ وَسَحْبِهِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ بَيْنَ سَبَّابَةِ وَإِبْهَامِ يُسْرَاهُ وَيُمِرَّهُمَا مِنْ أَصْلِهِ إلَى الْكَمَرَةِ وَنَتْرُ أَيْ جَذْبُ وَهُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ السَّاكِنَةِ وَالرَّاءِ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ السَّلْتِ وَالنَّتْرِ خَفِيفًا فَلَا يَسْلُتُهُ بِقُوَّةٍ لِأَنَّهُ كَالضَّرْعِ كُلَّمَا سَلَتَ أَعْطَى النَّدَاوَةَ فَيَتَسَبَّبُ عَدَمُ التَّنْظِيفِ وَلَا يَنْتُرُهُ بِقُوَّةٍ فَيُرْخِيَ الْمَثَانَةَ أَيْ مُسْتَقِرُّ الْبَوْلِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَيَزِيدُ إنْ احْتَاجَ أَوْ يُنْقِصُ إلَى حُصُولِ الظَّنِّ بِالنَّقَاءِ حَسَبَ عَادَتِهِ وَمِزَاجِهِ وَمَأْكَلِهِ وَزَمَنِهِ فَلَيْسَ أَكْلُ الْبِطِّيخِ كَأَكْلِ الْخُبْزِ وَلَا الشَّابُّ كَالشَّيْخِ وَلَا الْحَرُّ كَالْبَرْدِ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِاسْتِفْرَاغٍ بَاءُ الِاسْتِعَانَةِ كَمَا قَالَهُ التَّتَّائِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هِيَ بَاءُ التَّصْوِيرِ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا صُورَةُ الِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ صُورَتُهُ اسْتِفْرَاغُ أَخْبَثَيْهِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ أَوْ مُصَوَّرٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ أَوْ بَاءُ التَّجْرِيدِ كَأَنَّهُ جَرَّدَ مِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
يَنْبَغِي لِلشَّخْصِ أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرَهَا مُطْلَقًا إلَّا لِضَرُورَةٍ لِمَا فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ جَلَسَ يَبُولُ قُبَالَ الْقِبْلَةِ فَذَكَرَ فَتَحَرَّفَ عَنْهَا إجْلَالًا لَهَا لَمْ يَقُمْ مِنْ مَحَلِّهِ حَتَّى يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ» .
(تَتِمَّةٌ) ابْنُ نَاجِي لَمْ أَقِفْ عِنْدَنَا عَلَى مِقْدَارِ قَدْرِ السُّتْرَةِ وَلِلنَّوَوِيِّ هِيَ ثُلُثَا ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَمَا دُونَهَا، فَإِنْ زَادَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَلَى ذَلِكَ حَرُمَ قَالَ الْأَبِيُّ عَنْهُمْ وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ إذَا أَرْخَى ذَيْلَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ كَفَى (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ) أَيْ خِلَافُ الْأُولَى كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ الْمُعَلَّى وَالْجُزُولِيُّ (قَوْلُهُ: بَيْتِ الْمَقْدِسِ) الْمُرَادُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ الصَّخْرَةُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي كَانَتْ قِبْلَةً أَفَادَهُ تت (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَا لَا يُعْطَفُ بِهَا عِنْدَ النَّفْيِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِتَقْدِيرِهِ الَّذِي قَدَّرَهُ سَابِقًا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مُقَدَّرٌ وَهُوَ لِلْقِبْلَةِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ تَقْدِيرُ لَا يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ يَحْرُمُ (فَائِدَةٌ) ذَكَرَ السَّنُوسِيُّ فِي شَرْحِ عَقِيدَةِ الْجَزَائِرِيَّةِ أَنَّ جِرْمَ الشَّمْسِ وَحْدَهَا قَدْرُ الْأَرْضِ مِائَةَ مَرَّةٍ وَسِتًّا وَسِتِّينَ مَرَّةً وَثُلُثَ مَرَّةٍ وَفِي طَبَقَاتِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الشَّعْرَانِيِّ فِي تَرْجَمَةِ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَعَةُ الشَّمْسِ سَعَةُ الْأَرْضِ وَزِيَادَةُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَسَعَةُ الْقَمَرِ سَعَةُ الْأَرْضِ وَمَا ذَكَرَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ التَّتَّائِيُّ هُنَا، فَإِنَّهُ قَالَ وَالشَّمْسُ كَوْكَبٌ ذُو إشْرَاقٍ يَعْقُبُ الْإِصْبَاحَ وَهِيَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ظَهْرُهَا يَلِي سَمَاءَ الدُّنْيَا هِيَ قَدْرُ الدُّنْيَا مِائَةً وَعِشْرِينَ مَرَّةً وَالْقَمَرُ كَوْكَبٌ يُهْتَدَى بِهِ فِي تَمْيِيزِ الْأَشْهُرِ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَهُوَ قَدْرُ الدُّنْيَا مِائَةً وَعِشْرِينَ مَرَّةً (قَوْلُهُ: وَلِلْخِفَّةِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ شَمْسٌ أَخَفُّ لِسُكُونِ مِيمِهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ) أَيْ مِنْ الثُّقْبَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ ذَلِكَ مَعَ سَلْتِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ السَّلْتَ وَالنَّتْرَ وَاجِبَانِ قَالَ الْحَطَّابُ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ.
(تَنْبِيهٌ) : مَا ذُكِرَ مِنْ السَّلْتِ وَالنَّتْرِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ، فَإِنَّهَا تَضَعُ يَدَهَا عَلَى عَانَتِهَا وَيَقُومُ لَهَا ذَلِكَ مَقَامَ النَّتْرِ قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ، وَأَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَيَفْعَلُ مَا تَفْعَلُهُ الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ احْتِيَاطًا اهـ. وَهَلْ الْيَدُ الْيُسْرَى أَوْ وَلَوْ الْيُمْنَى وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْبَوْلِ، وَأَمَّا الْغَائِطُ فَيَكْفِي أَنْ يَحِسَّ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فِيهِ مِمَّا هُوَ بِصَدَدِ الْخُرُوجِ وَلَيْسَ لَهُ غَسْلُ مَا بَطَنَ مِنْ الْمَخْرَجِ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِشُبْهَةٍ بِاللِّوَاطِ (فَائِدَةٌ) إنَّمَا وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ الْخُلُوصُ مِنْ الْحَدَثِ الْمُنَافِي لِلطَّهَارَةِ مِنْهُ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ اتِّفَاقًا وَأَمَّا النَّجَاسَةُ، فَإِنَّهَا مُنَافِيَةٌ لِطَهَارَةِ الْخَبَثِ وَفِي وُجُوبِهَا الْمُقَيَّدِ بِالذَّكَرِ وَالْقُدْرَةِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْعَلَهُ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ) فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «إذَا بَال أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثًا وَيَجْعَلْهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ» قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَيْ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَصَابِعِ يُسْرَاهُ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ مُتَعَيَّنًا إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ الْأَسْهَلَ (قَوْلُهُ: وَيُمِرَّهُمَا) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ كُلُّ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّ النَّتْرَ يُوصَفُ بِكَوْنِهِ خَفِيفًا وَغَيْرَ خَفِيفٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ وَصْفُ النَّتْرِ بِالْخِفَّةِ مِنْ بَابِ الْوَصْفِ بِالصِّفَةِ الْكَاشِفَةِ فَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ النَّتْرُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ هُوَ جَذْبٌ بِخِفَّةٍ (قَوْلُهُ: الْمُثَانَةَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبَعْدَهَا ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ ثُمَّ أَلِفٌ ثُمَّ نُونٌ مُخَفَّفَةٌ ثُمَّ هَاءٌ (قَوْلُهُ: يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَى حُصُولِ الظَّنِّ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الظَّنِّ بِالنَّقَاءِ فَإِذَنْ لَا يُشْتَرَطُ التَّنَشُّفُ فَلَوْ مَكَثَ مُدَّةً بِحَيْثُ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُخْرِجُهُ السَّلْتُ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي، وَإِنْ لَمْ يَسْلُتْ أَوْ يَنْتُرْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ اسْتَحْدَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا أَنَّهُ عَرَبِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ مُصَوَّرٌ إلَخْ) تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِيرِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاءُ التَّجْرِيدِ) فِيهِ أَنَّ بَاءَ التَّجْرِيدِ هِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمُجَرَّدِ مِنْهُ كَمَا فِي قَوْلِك مَرَرْت بِزَيْدٍ أَسَدًا أَيْ جَرَّدْت مِنْ زَيْدٍ أَسَدًا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ جَرَّدَ مِنْ اسْتِفْرَاغِ الْأَخْبَثِينَ شَيْئًا وَسَمَّاهُ الِاسْتِبْرَاءَ
الِاسْتِبْرَاءِ شَيْئًا وَسَمَّاهُ بِاسْتِفْرَاغِ الْأَخْبَثَيْنِ عَلَى حَدٍّ قَوْله تَعَالَى {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} [فصلت: 28] إذْ هِيَ دَارُ الْخُلْدِ فَجَرَّدَ مِنْهَا دَارًا وَسَمَّاهَا بِذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلْآلَةِ وَلَا لِلسَّبَبِيَّةِ كَمَا لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِعَانَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَعَانَ بِهِ غَيْرُ الْمُسْتَعَانِ عَلَيْهِ وَالْآلَةُ غَيْرُ الْفِعْلِ وَالسَّبَبُ غَيْرُ الْمُسَبَّبِ وَهُنَا اسْتِفْرَاغُ الْأَخْبَثَيْنِ هُوَ الِاسْتِبْرَاءُ.
(ص) وَنُدِبَ جَمْعُ مَاءٍ وَحَجَرٍ ثُمَّ مَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُسْتَنْجِي الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَاءِ وَلَوْ عَذْبًا وَالْحَجَرِ لِإِزَالَتِهِمَا الْعَيْنَ وَالْأَثَرَ وَلِأَنَّ أَهْلَ قُبَاءَ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَهُمَا فَمَدَحَهُمْ اللَّهُ بِقَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] وَقَالَ تَعَالَى {رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالْمَاءُ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَجَرِ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَجَرِ أَجْزَأَهُ وَخَالَفَ الْأَفْضَلَ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تُجْزِئُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ وَخَصَّصَ مَا وَرَدَ بِالسَّفَرِ وَعَدَمَ مَاءٍ وَقَوْلُهُ وَنُدِبَ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِعْدَادُ مُزِيلِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْحَجَرِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ وَإِلَّا فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمَاءِ وَكُلِّ يَابِسٍ طَاهِرٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي كَافٍ فِي الِاسْتِحْبَابِ.
(ص) وَتَعَيَّنَ فِي مَنِيٍّ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا يَكْفِي فِيهَا الْأَحْجَارُ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْمَاءُ أَمَّا فِي الْمَنِيِّ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ لِعُذْرٍ أَوْ عَدَمِ مَا يَكْفِي غُسْلَهُ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ وَإِلَّا فَغَسْلُ الْبَدَنِ كُلِّهِ وَاجِبٌ مِنْ ذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ دُونَ الْحَجَرِ فِي مَنِيٍّ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ السَّلَسِ كَمَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ يَكْفِي غُسْلَهُ أَوْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَمْنَى كَمَا يَأْتِي وَيُصَوَّرُ بِالْأَوَّلَيْنِ قَوْلُهُ وَدَمُ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ، وَأَمَّا صَحِيحٌ وَجَبَ غَسْلُ جَمِيعِ بَدَنِهِ وَوَجَدَ الْمَاءَ الْكَافِيَ فَيَغْسِلُ الْجَمِيعَ وَلَوْ مَرَّةً يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَالْخَبَثَ وَمَنِيُّ صَاحِبِ السَّلَسِ يَكْفِيهِ الْحَجَرُ كَالْبَوْلِ وَالْحَصَى وَالدُّودِ وَلَوْ بِبِلَّةٍ ظَاهِرَةٍ، وَأَمَّا بِغَيْرِهَا فَلَا اسْتِنْجَاءَ كَالرِّيحِ وَيُعْفَى عَنْ خَفِيفِ الْبِلَّةِ كَأَثَرِ الِاسْتِجْمَارِ.
(ص) وَبَوْلِ مَرْأَةٍ (ش) يَعْنِي وَمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ بَوْلُ الْمَرْأَةِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَالْخَصِيِّ لِتَعَدِّيهِ مِنْهُمَا مَخْرَجَهُ إلَى جِهَةِ الْمَقْعَدَةِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَبَوْلِ مَرْأَةٍ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ فَيَكْفِي فِيهِ الِاسْتِجْمَارُ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَاءُ (ص) وَمُنْتَشِرٍ عَنْ مَخْرَجٍ كَثِيرًا (ش) أَيْ وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي حَدَثٍ مُنْتَشِرٍ عَنْ مَخْرَجٍ كَثِيرًا مِنْ بَوْلٍ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلْآلَةِ إلَخْ) أَرَادَ بِالْآلَةِ هُنَا مَا يَكُونُ حُصُولُ الْفِعْلِ بِهِ وَهُوَ آلَةٌ لَهُ وَأَرَادَ بِالسَّبَبِ هُنَا مَا يَكُونُ سَبَبًا فِي حُصُولِ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ آلَةً (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِعَانَةِ) مُفَادُ كَلَامِهِمْ أَنَّ بَاءَ الْآلَةِ مِنْ جُمْلَةِ بَاءِ الِاسْتِعَانَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَذْبًا) أَفَادَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ يَقُولُ يُكْرَهُ الْمَاءُ الْعَذْبُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَطْعُومِ بَلْ قَالَ بَعْضٌ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَلَا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ؛ لِأَنَّهُ طَعَامٌ كَمَا لَا تُزَالُ النَّجَاسَةُ بِالطَّعَامِ (قَوْلُهُ: لِإِزَالَتِهِمَا الْعَيْنَ وَالْأَثَرَ) أَيْ الْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُمَا يَزُولَانِ بِالْمَاءِ فَلَا دَاعِيَ إلَى الْحَجَرِ (قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222] إلَخْ) أَيْ مِنْ الذُّنُوبِ وَالتَّوَّابُ الَّذِي كُلَّمَا أَذْنَبَ جَدَّدَ تَوْبَةً (قَوْلُهُ {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] أَيْ الَّذِينَ يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَقِيلَ الْمُتَطَهِّرِينَ مِنْ الشِّرْكِ وَقِيلَ هُمْ الَّذِينَ لَمْ يُصِيبُوا الذُّنُوبَ (قَوْلُهُ: وَقَالَ تَعَالَى) أَيْ فِي حَقِّ أَهْلِ قُبَاءَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَجَرِ أَجْزَأَهُ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ فَلَوْ عَرِقَ الْمَحَلُّ وَأَصَابَ الثَّوْبَ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ) أَنَّثَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْحَجَرِ آلَةً (قَوْلُهُ: كَافٍ فِي الِاسْتِحْبَابِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّسَاوِيَ بَلْ الْمَرَاتِبُ خَمْسٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ ثُمَّ الْمَاءِ وَالْجَامِدِ غَيْرِهِ ثُمَّ الْمَاءِ ثُمَّ الْحَجَرِ ثُمَّ غَيْرِهِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمَرَاتِبَ خَمْسٌ.
(قَوْلُهُ: فِي مَنِيٍّ) ثُمَّ حَيْثُ تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الْمَنِيِّ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الذَّكَرِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ كُلَّهُ إمَّا تَعَبُّدٌ أَوْ مُعَلَّلٌ بِقَطْعِ أَصْلِ الْمَذْيِ وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ فِي الْمَنِيِّ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ بَرَكَاتٌ الْحَطَّابُ عَنْ وَالِدِهِ مِنْ وُجُوبِ غَسْلِهِ كُلِّهِ بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْمَنِيِّ وَالْحَيْضِ) أَيْ، وَأَمَّا فِي بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ مِنْ الْبَوْلِ وَغَيْرِهِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَأَخْرَجَ) أَيْ أَوْ مَنْ خَرَجَ مَنِيُّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ خَرَجَ مَنِيُّهُ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ فَرْضُهُ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: وَمَنِيُّ صَاحِبِ السَّلَسِ يَكْفِيهِ الْحَجَرُ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَعِبَارَةُ سَنَدٍ أَمَّا مَنِيُّ صَاحِبِ السَّلَسِ، فَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْوُضُوءَ فَكَالْبَوْلِ يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ، وَإِنْ أَوْجَبَ تَعَيَّنَ فِيهِ الْمَاءُ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَحْتَاجُ لِغَسْلٍ أَيْضًا حَيْثُ لَازِمٌ كُلَّ يَوْمٍ نَقَضَ الْوُضُوءَ أَمْ لَا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُعْفَى عَنْ خَفِيفِ الْبِلَّةِ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِجْمَارِ (قَوْلُهُ: كَأَثَرِ الِاسْتِجْمَارِ) أَيْ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْ عَرَقِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: وَبَوْلِ مَرْأَةٍ إلَخْ) وَمِثْلُ بَوْلِ الْمَرْأَةِ مَنِيُّ الرَّجُلِ إذَا خَرَجَ مِنْ فَرْجِهَا بَعْدَ غَسْلِهَا؛ لِأَنَّهُ كَبَوْلِهَا فَلَا يَكْفِي فِيهِ الِاسْتِجْمَارُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ الْبَوْلُ الْخَارِجُ مِنْ الثُّقْبَةِ إنْ انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَشِرُ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ وَلَا يَكْفِي فِيهِ الْأَحْجَارُ وَأَفْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَوْلُ أَنَّ حُكْمَهَا فِي الْغَائِطِ حُكْمُ الرَّجُلِ وَتَغْسِلُ الْمَرْأَةُ كُلَّ مَا ظَهَرَ مِنْ فَرْجِهَا حَالَ جُلُوسِهَا وَالْبِكْرُ مَا دُونَ الْعَذِرَةِ كَالْحَيْضِ وَلَا تُدْخِلُ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا بَيْنَ شَفْرَتَيْهَا كَفِعْلِ اللَّاتِي لَا دِينَ لَهُمْ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ شِرَارِهِنَّ وَكَذَا يَحْرُمُ إدْخَالُ أُصْبُعٍ بِدُبُرٍ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَلَا يُقَالُ الْحُقْنَةُ مَكْرُوهَةٌ فَمَا الْفَرْقُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْحُقْنَةُ شَأْنُهَا أَنْ تَفْعَلَ التَّدَاوِيَ (قَوْلُهُ: وَالْخَصِيِّ) أَرَادَ بِهِ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ قُطِعَ أُنْثَيَاهُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَمُنْتَشِرٍ عَنْ مَخْرَجٍ كَثِيرًا) يَغْسِلُ الْكُلَّ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى غَسْلِ مَا جَاوَزَ الْمُعْتَادَ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَغْتَفِرُونَ الْيَسِيرَ مُنْفَرِدًا دُونَهُ مُجْتَمِعًا هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ عج
أَوْ غَائِطٍ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ وَبَوْلِ امْرَأَةٍ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ التَّنْصِيصُ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ، وَقَوْلُهُ: كَثِيرًا أَيْ انْتِشَارًا كَثِيرًا وَمِنْ حَدِّ الْيَسِيرِ وَهُوَ مَا حَوْلَ الْمَخْرَجِ وَمَا قَارَبَهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ يُعْلَمُ حَدُّ الْكَثِيرِ أَيْ وَمُتَجَاوِزٍ عَنْ مَخْرَجٍ تَجَاوُزًا كَثِيرًا أَيْ جَاوَزَ الْمَخْرَجَ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ بِأَنْ وَصَلَ إلَى الْأَلْيَتَيْنِ مَثَلًا.
(ص) وَمَذْيٍ بِغَسْلِ ذَكَرِهِ كُلِّهِ (ش) أَيْ وَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ أَيْضًا فِي مَذْيٍ بِالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ عِنْدَ اللَّذَّةِ بِالْإِنْعَاظِ عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ أَوْ التَّذْكَارِ مَعَ غَسْلِ ذَكَرِهِ وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ كُلِّهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَيُسْتَحَبُّ اتِّصَالُ الْغُسْلِ بِوُضُوئِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَعَبُّدًا أَشْبَهَ بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي الْمَذْيِ الْخَارِجِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَمَّا مَا خَرَجَ بِغَيْرِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى حُكْمِ الْمَنِيِّ الْخَارِجِ بِلَا لَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْوُضُوءَ كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ، وَإِنْ أَوْجَبَهُ تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِيهِ.
وَلَمَّا اُخْتُلِفَ فِي أَنَّ اسْتِيعَابَ الذَّكَرِ بِالْغَسْلِ هَلْ هُوَ تَعَبُّدٌ فَيَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ أَوْ مُعَلَّلٌ بِقَطْعِ مَادَّةِ الْمَذْيِ فَهُوَ كَغَسْلِ النَّجَاسَاتِ لَا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ (ص) فَفِي النِّيَّةِ وَبُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِهَا أَوْ تَارِكِ كُلِّهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ فِي غَسْلِ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ أَوْ لَا تَجِبُ فِيهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ لَوْ تَرَكَهَا وَغَسَلَهُ كُلَّهُ فَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ لَا وَكَذَا لَوْ تَرَكَ غَسْلَ ذَكَرِهِ كُلِّهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَحِلِّ الْأَذَى سَوَاءٌ غَسَلَهُ بِنِيَّةٍ أَمْ لَا فَقِيلَ: تَبْطُلُ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ مُرَاعَاةً لِلْعِرَاقِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِالِاكْتِفَاءِ بِغَسْلِ مَحَلِّ الْأَذَى وَعَلَيْهِ فَيُكْمِلُ غَسْلَ ذَكَرِهِ لِمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ الصَّلَوَاتِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِلْإِبْيَانِيِّ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَمُخَالِفُهُ فِي الْأَوَّلِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ، وَإِنَّمَا خَصَّ الذَّكَرَ بِالذِّكْرِ هُنَا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُشَارِكُ الرَّجُلَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَغْسِلُ مِنْهُ جَمِيعَ الذَّكَرِ وَالْمَرْأَةُ تَغْسِلُ مَحَلَّ الْأَذَى فَقَطْ ابْنُ حَبِيبٍ الْمَرْأَةُ لَهَا مَذْيٌ وَوَدْيٌ وَمَذْيُهَا بِلَّةٌ تَعْلُو فَرْجَهَا تَخْرُجُ عِنْدَ اللَّذَّةِ وَالظَّاهِرُ افْتِقَارُ غَسْلِ مَحَلِّ الْأَذَى بِالنِّسْبَةِ إلَى مَذْيِ الْمَرْأَةِ لِنِيَّةٍ.
(ص) وَلَا يَسْتَنْجِي مِنْ رِيحٍ (ش) هُوَ نَفْيٌ وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَيْسَ مِنَّا مَنْ اسْتَنْجَى مِنْ رِيحٍ» أَيْ لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا وَانْظُرْ هَلْ النَّهْيُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمَنْعِ وَالرِّيحُ طَاهِرٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَاجِيُّ (ص) وَجَازَ بِيَابِسٍ طَاهِرٍ مُنَمَّقٍ غَيْرِ مُؤْذٍ وَلَا مُحْتَرَمٍ (ش) أَيْ وَجَازَ الِاسْتِجْمَارُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَهَذَا يُغْنِي إلَخْ) وَجْهُ الْإِغْنَاءِ أَنَّ مِنْ أَفْرَادِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ الْمَخْرَجِ كَثِيرًا بَوْلَ الْمَرْأَةِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِغْنَاءِ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحُكْمِ ثَابِتٌ وُجِدَ فِيهِ انْتِشَارٌ أَمْ لَا وَلَوْ قُلْنَا بِالْإِغْنَاءِ لَاقْتَضَى أَنَّ بَوْلَ الْمَرْأَةِ يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ إذَا قُدِّرَ فِيهِ عَدَمُ الِانْتِشَارِ.
(قَوْلُهُ: بِالْإِنْعَاظِ) أَيْ بِسَبَبِ الْإِنْعَاظِ مَعَ اللَّذَّةِ وَقَوْلُهُ: عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِنْعَاظِ فَافْهَمْ وَالْإِنْعَاظُ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى خُرُوجِهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مَعَهَا إنْعَاظٌ (قَوْلُهُ: كُلِّهِ) يَتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَائِدٌ عَلَى غَسْلِ الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَغْسِلُ مَحَلَّ الْأَذَى فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا خَرَجَ بِغَيْرِهَا) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَحْثِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ مَتَى جَاءَ كُلَّ يَوْمٍ فَلَا يُطْلَبُ حَجَرٌ وَلَا مَاءٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَغَسْلِ النَّجَاسَاتِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا) حَاصِلُهُ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِغَسْلِهِ كُلِّهِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ تَعَبُّدٌ فَيُحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لِقَطْعِ مَادَّةِ الْأَذَى فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ هَذَا حَاصِلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ كُلِّهِ لَا يَقْطَعُ مَادَّةَ الْأَذَى الَّذِي فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ فَالْمُنَاسِبُ أَنَّ الَّذِي ذَهَبَ إلَى غَسْلِهِ كُلِّهِ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَلَامُ الشَّارِحِ هُوَ مَا فِي نَصِّ الذَّخِيرَةِ وَنَصُّهَا فَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِوُجُوبِ غَسْلِ الذَّكَرِ كُلِّهِ تَجِبُ النِّيَّةِ فِي الْغَسْلِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لِتَعْدِيَةِ الْغَسْلِ مَحَلَّ الْأَذَى وَقِيلَ لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَتَعْدِيَةُ مَحَلِّهِ مُعَلَّلٌ بِقَطْعِ أَصْلِ الْمَذْيِ اهـ. وَهُوَ مُشْكِلٌ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: فَفِي النِّيَّةِ قَوْلَانِ) أَيْ فَفِي وُجُوبِ النِّيَّةِ وَعَدَمِ وُجُوبِهَا وَالصَّحِيحُ الْوُجُوبُ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَبُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِهَا) الرَّاجِحُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ لَا تَبْطُلُ، وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً مُرَاعَاةً لِعَدَمِ وُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ تَرَكَ) هَاتَانِ صُورَتَانِ غَسَلَ بَعْضَهُ بِنِيَّةِ غَسْلِ بَعْضِهِ بِلَا نِيَّةٍ قَوْلَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَحَلِّ الْأَذَى) ؛ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ ظَاهِرَةٌ فِي سَلْبِ الْعُمُومِ لَا فِي عُمُومِ السَّلْبِ (قَوْلُهُ: مُرَاعَاةً لِلْعِرَاقِيِّينَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَائِلِينَ بِغَسْلِهِ كُلِّهِ وُجُوبًا اخْتَلَفُوا فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَعْضِ وَاَلَّذِينَ قَالُوا بِالصِّحَّةِ رَاعَوْا مَنْ يَقُولُ بِغَسْلِ الْبَعْضِ وَفِي التَّوْضِيحِ وَأَجْرَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ غَسْلَ الْجَمِيعِ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ.
(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ فِيمَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ وَفِيمَنْ غَسَلَ بَعْضَهُ سَوَاءٌ كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعَبُّدِ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ قَوْلُهُ: كُلِّهِ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَكُلُّ مَا كَانَ تَعَبُّدًا فِي النَّفْسِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ وَهُنَا كَذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُ قَوْلِهِ فَفِي النِّيَّةِ قَوْلَانِ بَعْدَ قَوْلِهِ كُلِّهِ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ الْجَارِي عَلَى قَوْلِهِ كُلِّهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَيُكْمِلُ غَسْلَ ذَكَرِهِ لِمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ الصَّلَوَاتِ) وَهَلْ يُعِيدُ صَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ قَوْلَانِ، فَإِنْ لَمْ يَغْسِلْهُ لِمَا يَسْتَقْبِلُ وَصَلَّى أَيْضًا فَفِيهِ قَوْلَانِ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ عج خِلَافُهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَغْسِلُ مَحَلَّ الْأَذَى فَقَطْ فَلَيْسَ فِيهِ شَائِبَةُ تَعَبُّدٍ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا)، فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَمَا النُّكْتَةُ فِي التَّعْبِيرِ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُوهِمِ قُلْنَا النُّكْتَةُ هِيَ التَّنْفِيرُ عَنْ التَّلَبُّسِ بِتِلْكَ الْحَالَةِ فَكَأَنَّهُ يُلْتَفَتُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى السُّنَّةِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: أَيْ وَجَازَ الِاسْتِجْمَارُ) أَوْ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ يُطْلَقُ عَلَى إزَالَةِ مَا فِي الْمَحَلِّ بِالْمَاءِ أَوْ بِالْأَحْجَارِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الثَّانِي
الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَنُدِبَ جَمْعُ مَاءٍ وَحَجَرٍ بِمَا ذُكِرَ وَالْمُرَادُ بِالْيَابِسِ هُنَا الْجَافُّ لَا مَا فِيهِ صَلَابَةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِجْمَارِ وَالتَّيَمُّمِ فِي اخْتِصَاصِهِ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ دُونَ غَيْرِهِ أَنَّ الِاسْتِجْمَارَ رُخْصَةٌ وَهِيَ تَعُمُّ وَالتَّيَمُّمُ طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَلَا تَعُمُّ وَأَيْضًا الْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِجْمَارِ إزَالَةُ الْعَيْنِ وَهِيَ تُزَالُ بِكُلِّ جَامِدٍ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ طَهَارَةٌ وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِطَهُورٍ وَجِنْسُ الْأَرْضِ مُطَهِّرٌ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» .
وَلَمَّا لَمْ يَعْتَبِرْ الْمُؤَلِّفُ مَفْهُومَ غَيْرِ الشَّرْطِ لُزُومًا أَخْرَجَ مَفَاهِيمَ الْأَوْصَافِ مِنْ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَيَصْدُقُ حُكْمُ الْمُخْرَجِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَبَيَّنَهُ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا فَقَالَ (ص) لَا مُبْتَلٍّ وَنَجِسٍ وَأَمْلَسَ وَمُحَدَّدٍ وَمُحْتَرَمٍ مِنْ مَطْعُومٍ وَمَكْتُوبٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجِدَارٍ وَرَوْثٍ وَعَظْمٍ (ش) أَيْ لَا يَسْتَجْمِرُ بِالْمُبْتَلِّ لِنَشْرِهِ النَّجَاسَةَ وَأَحْرَى الْمَائِعُ، وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الْمَحَلِّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَاءِ، وَإِنْ صَلَّى عَامِدًا قَبْلَ غَسْلِهِ أَعَادَ أَبَدًا وَمَا قِيلَ فِي الْمُبْتَلِّ يُقَالُ فِي النَّجِسِ وَكَذَا لَا يَسْتَجْمِرُ بِالْأَمْلَسِ كَالزُّجَاجِ الَّذِي لَيْسَ بِمُحَرَّفٍ، وَأَمَّا الْمُحَرَّفُ مِنْهُ وَمِنْ الْقَصَبِ فَيَدْخُلُ فِي الْمُحَدَّدِ وَكَذَا لَا يَسْتَجْمِرُ بِالْمُحْتَرَمِ إمَّا لِطَعْمِهِ أَوْ لِشَرَفِهِ أَوْ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَالْأَوَّلُ كَالْمَطْعُومِ وَلَوْ مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَالْعَقَاقِيرِ وَغَيْرِ الْخَالِصِ مِنْ النُّخَالَةِ وَالْمِلْحِ وَالْوَرَقِ الْمُنَشَّى وَالثَّانِي كَالْمَكْتُوبِ لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ وَلَوْ بَاطِلًا كَالسِّحْرِ وَلَوْ تَوْرَاةً، وَإِنْجِيلًا مُبَدَّلَةً لِمَا فِيهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْمَاؤُهُ لَا تُبَدَّلُ إنَّمَا الْبَاطِلُ مَا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ تَحْرِيفٍ وَكَذَا لَا يَسْتَجْمِرُ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجَوْهَرٍ لِلسَّرَفِ وَكَذَا لَا يَسْتَجْمِرُ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ أَوْ وَقْفٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ وَيُكْرَهُ بِمِلْكِهِ لِإِهَانَةِ الْمَسْجِدِ وَالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَجْمِرَ فِي حَائِطٍ يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْزِلُ الْمَطَرُ عَلَيْهِ أَوْ يُصِيبُهُ بَلَلٌ فَيَلْتَصِقُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِجِدَارِهِ بَعْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ عَلَيْهِ فَتُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ وَخَوْفًا مِنْ إذَايَةِ عَقْرَبٍ بِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ الِاسْتِجْمَارُ بِرَوْثٍ وَعَظْمٍ طَاهِرَيْنِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَلَفُ دَوَابِّ الْجِنِّ وَالثَّانِي طَعَامُهُمْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَهِيَ تَعُمُّ) فِيهِ أَنَّ الرُّخْصَةَ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ رُخْصَةٌ فِي الْفِعْلِ لَا فِي الْمَفْعُولِ بِهِ وَحَيْثُ كَانَتْ رُخْصَةً فِي الْفِعْلِ فَتَعُمُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَصْبَغَ يَخُصُّ الِاسْتِجْمَارَ بِالْأَحْجَارِ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَوَلَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ» فَقَصَرَ الِاسْتِجْمَارَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ لَا يَتَعَدَّى بِهَا مَا وَرَدَ وَقَاسَ الْمَشْهُورَ غَيْرَهَا مِنْ كُلِّ جَامِدٍ عَلَى الصِّفَةِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِي الْفِعْلِ لَا فِي الْمَفْعُولِ بِهِ أَيْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهِيَ تَعُمُّ أَيْ الرُّخْصَةُ حَيْثُ كَانَتْ فِي الْفِعْلِ لَا فِي الْمَفْعُولِ بِهِ فَهِيَ تَعُمُّ حِينَئِذٍ فَتَدَبَّرَ أَيْ وَقَوْلُهُ: الْأَحْجَارُ مَفْهُومُهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأَحْجَارَ لِكَوْنِهَا أَكْثَرَ وُجُودًا (قَوْلُهُ: ضَرُورِيَّةٌ) أَيْ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَيْ فَهِيَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَلَا يُعْدَلُ عَمَّا وَرَدَتْ فِيهِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَيْسَ رُخْصَةً بَلْ عَزِيمَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ أَنَّ الِاسْتِجْمَارَ، وَإِنْ كَانَ رُخْصَةً إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ ضَرُورِيَّةً فَلِذَلِكَ تُوُسِّعَ فِيهِ بِكُلِّ شَيْءٍ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ رُخْصَةً إلَّا أَنَّهُ ضَرُورِيَّةٌ فَلَمْ يُتَوَسَّعْ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَجِنْسُ الْأَرْضِ مُطَهِّرٌ) أَيْ لَا غَيْرُهُ (فَإِنْ قُلْت) قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: الْأَرْضُ فِي قَوْلِهِ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ لَقَبٌ وَمَفْهُومُهُ لَا يُعْتَبَرُ (قُلْت) يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَتَى عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ كَمَا هُنَا لَكِنْ يُقَالُ إنَّ الِاسْتِجْمَارَ أَيْضًا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لُزُومًا) أَفَادَ أَنَّهُ قَدْ يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ غَيْرِ الشَّرْطِ لَكِنْ لَا لُزُومًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاسْتِجْمَارِ فَيَكُونَ مَنْدُوبًا أَوْ مُرَادُهُ الِاقْتِصَارَ فَيَكُونَ خِلَافَ الْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَالْعَقَاقِيرِ) جَمْعُ عَقَّارٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ وَهُوَ عَطْفُ مُغَايِرٍ إنْ أُرِيدَ بِالْأَدْوِيَةِ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ تِلْكَ الْعَقَاقِيرِ وَمِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ) قَالَ اللَّقَانِيِّ إذَا كَانَتْ مَكْتُوبَةً بِالْعَرَبِيِّ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ لَهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَقَالَ عج سَوَاءٌ كَانَ الْكَتْبُ بِالْخَطِّ الْعَرَبِيِّ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَطَّابِ وَفَتْوَى النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الدَّمَامِينِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ اخْتِصَاصُ الْحُرْمَةِ بِمَا فِيهِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ مَا فِيهِ اسْمُ نَبِيٍّ كَذَلِكَ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا هِيَ لِأَسْمَاءِ اللَّهِ فَيُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ آخِرَ الْعِبَارَةِ مَيْلٌ لِكَلَامِ الدَّمَامِينِيِّ وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ نَعَمْ لَوْ قَالَ وَلِمَا فِيهِمَا لِتُنَاسِبَ الْكَلَامَ (قَوْلُهُ: وَأَسْمَاؤُهُ لَا تُبَدَّلُ) أَيْ إنَّ شَأْنَهُمْ لَا يُبَدِّلُونَ أَسْمَاءَ اللَّهِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا الْبَاطِلُ مَا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ تَحْرِيفٍ) أَيْ إنَّ مَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْبَاطِلِ مَا حَرَّفُوهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِشَأْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(فَرْعٌ) اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ تِلْمِسَانَ فِي الْوَرَقِ الَّذِي يَجْعَلُهُ السَّفَّارُونَ فِي الْجُلُودِ هَلْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صِيَانَةٌ لَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْآلَةِ فَهُوَ امْتِهَانٌ انْتَهَى (أَقُولُ) وَالثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: لِلسَّرَفِ) بِالسِّينِ (قَوْلُهُ: فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ أَوْ وَقْفٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ) كَانَ مِنْ دَاخِلٍ أَوْ مِنْ خَارِجٍ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ بِمِلْكِهِ) ظَاهِرُهُ مِنْ دَاخِلٍ أَوْ خَارِجٍ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ قَصَرَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ دَاخِلٍ وَإِلَّا حَرُمَ (وَأَقُولُ) يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْتِصَاقُ النَّاسِ بِهِ فَيَحْرُمُ وَإِلَّا كُرِهَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ) قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْكَافِي مَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَيُكْرَهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ) أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ لَا لِلتَّرَدُّدِ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْحَطَّابُ أَوْ يُمْنَعُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَلَفُ دِرَابِ الْجِنِّ) فَيَصِيرُ الرَّوْثُ شَعِيرًا أَوْ تِبْنًا أَوْ عَلَفًا (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي طَعَامُهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ يُعَادُ بِأَوْفَرِ مَا كَانَ أَيْ يُعَادُ أَعْظَمَ مَا كَانَ مِنْ اللَّحْمِ ثُمَّ مِنْ