المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل فرائض الوضوء] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ١

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌بَابِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصَلِّ بَيَانِ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ]

- ‌[فَصْلٌ إزَالَة النَّجَاسَة]

- ‌[فَصْلُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ آدَابَ قَاضِي الْحَاجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصَلِّ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمَسْح عَلَى الجبيرة]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحَيْض]

- ‌[بَاب الْوَقْت الْمُخْتَار]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوط الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَصِفَةِ السَّاتِرِ

- ‌[فَصَلِّ فِي الِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَصَلِّ فِي فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاة وَبَدَلِهِ وَمَرَاتِبِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَتَرْتِيبِهَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ سُجُودَ التِّلَاوَةِ]

الفصل: ‌[فصل فرائض الوضوء]

مُطْلَقٌ لِغَسْلٍ، وَهُوَ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ غُسْلًا سَبْعًا أَيْ ذَا سَبْعٍ أَيْ ذَا مَرَّاتٍ سَبْعٍ وَقَوْلُهُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ لَا خِنْزِيرٍ أَوْ سَبُعٍ فَلَا يُسْتَحَبُّ الْغَسْلُ وَلَوْ نَشَأَ وَلَدٌ مِنْ كَلْبٍ وَغَيْرِهِ فَالْأَحْوَطُ الْغَسْلُ وَلَا يَبْعُدُ تَبَعِيَّتُهُ لِلْأُمِّ لِقَوْلِهِ وَكُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا وَلَوْ لَعِقَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ مَاءٍ لَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ. (ص) عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ بِلَا نِيَّةٍ وَلَا تَتْرِيبٍ وَلَا يَتَعَدَّدُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ أَوْ كِلَابٍ (ش) أَيْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ الْإِنَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْأَكْثَرِ وَلِرِوَايَةِ عَبْدِ الْحَقِّ وَقِيلَ يُؤْمَرُ بِالْغَسْلِ بِفَوْرِ الْوُلُوغِ وَيَكْفِي الْغَسْلُ الْمَذْكُورُ بِلَا نِيَّةٍ وَلَا تَتْرِيبٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ أَوْ لِاضْطِرَابِ رِوَايَاتِهِ وَلَا يَتَعَدَّدُ الْغَسْلُ الْمَذْكُورُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ مَرَّاتٍ فِي الْإِنَاءِ أَوْ جَمَاعَةِ كِلَابٍ؛ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ إذَا تَسَاوَتْ مُوجِبَاتُهَا اُكْتُفِيَ بِوَاحِدٍ كَتَعَدُّدِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَلَوْ قَالَ بِوُلُوغِ كَلْبٍ فَأَكْثَرَ لَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا يَتَعَدَّدُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ أَوْ كِلَابٍ وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ أَوْ لِسَانَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ أَوْ سَقَطَ لُعَابُهُ فَلَا يُغْسَلُ.

وَلَمَّا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى وَسَائِلِ الطَّهَارَةِ الثَّلَاثِ الَّتِي هِيَ بَيَانُ الْمَاءِ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ وَبَيَانُ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ وَالنَّجِسَةِ، وَبَيَانُ حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَكَيْفِيَّةِ إزَالَتِهَا وَمَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْهَا أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى مَقَاصِدِ الطَّهَارَةِ وَهِيَ الْوُضُوءُ وَنَوَاقِضُهُ وَالْغُسْلُ وَنَوَاقِضُهُ وَمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْهُمَا وَهُوَ التَّيَمُّمُ أَوْ عَنْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ مَسْحُ الْخُفِّ وَالْجَبِيرَةِ وَإِنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ الْفُصُولُ الثَّلَاثَةُ وَسَائِلَ لِأَنَّ بِمَعْرِفَتِهَا يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَوَسِيلَةُ الشَّيْءِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَيْ ذَاتَ مَرَّاتِ سَبْعٍ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَيْ ذَا سَبْعٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ سَبْعٌ مِنْ الْغَسَلَاتِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ سَبْعٌ مِنْ الْغَرَفَاتِ وَقَدَّرَ قَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ ذَا سَبْعٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْغَسْلُ هُوَ نَفْسُ السَّبْعِ؛ لِأَنَّ السَّبْعَ اسْمٌ لِعَدَدٍ فَلَا يَكُونُ نَفْسَ الْفِعْلِ وَلَا يُعَدُّ مِنْ السَّبْعَةِ الْمَاءُ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ (قَوْلُهُ لَا خِنْزِيرٍ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى تَفْسِيرِ غَيْرِهِ فَالضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ عَائِدٌ عَلَى الْكَلْبِ وَيَصِحُّ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلْوُلُوغِ (قَوْلُهُ عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ إلَخْ) قَالَ عج الْمُرَادُ عِنْدَ اتِّصَالِ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ بِالِاسْتِعْمَالِ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ لَا عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ بِالِاسْتِعْمَالِ أَمْ لَا كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ وَلَا عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ وَقَصْدِ اتِّصَالِ الْغَسْلِ بِالِاسْتِعْمَالِ حَيْثُ لَمْ يَتَّصِلْ الْغَسْلُ بِالِاسْتِعْمَالِ وَلَا فَوْرًا عِنْدَ الْوُلُوغِ وَلَوْ لَمْ يُرِدْ اسْتِعْمَالَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلتَّرَاخِي إلَخْ (قَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي الْغَيْرِ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي النَّفْسِ فَيَفْتَقِرُ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيَكْفِي بِلَا نِيَّةٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَيَكْفِي وَتَعَلُّقُهُ بِنُدِبَ أَوْ بِغَسْلٍ غَيْرُ وَاضِحٍ لِاقْتِضَائِهِ اسْتِحْبَابَ عَدَمِ النِّيَّةِ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الِاشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ نَفْيِ الِاشْتِرَاطِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ الْعَدَمِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ عليه الصلاة والسلام «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ، ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَفِي لَفْظٍ آخَرَ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَكَذَا رِوَايَاتٌ أُخَرُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ عَدَمَ ثُبُوتِهِ فِي كُلِّهَا لَا يَقْتَضِي تَرْكَهُ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْعَدْلِ مَقْبُولَةٌ قَالَ بَهْرَامُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ قَبُولِ زِيَادَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الَّذِي لَمْ يَزِدْ أَوْثَقَ مِنْهُ وَاَلَّذِي لَمْ يَزِدْ أَوْثَقُ كَمَا بَيَّنَّهُ السُّيُوطِيّ عَنْ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ فَيَكُونُ خَالَفَهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ شَاذَّةً وَالشَّاذُّ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِاضْطِرَابِ رِوَايَاتِهِ) ؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِهَا إحْدَاهُنَّ وَبَعْضِهَا أُولَاهُنَّ وَبَعْضِهَا فِي أُخْرَاهُنَّ (قَوْلُهُ اكْتَفَى بِوَاحِدٍ) أَيْ مِنْ الْمُوجِبَاتِ أَوْ اكْتَفَى بِمُوجِبٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ كَتَعَدُّدِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ) أَيْ فَإِنَّ مُوجَبَهَا وَاحِدٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَهُوَ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَعَدَّدُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْكَلْبِ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ» إلَخْ لِلْجِنْسِ الْمُتَحَقَّقِ وَلَوْ فِي وَاحِدٍ.

[فَصْلُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ]

(قَوْلُهُ: وَسَائِلِ) سَيَأْتِي أَنَّ جَعْلَ هَذِهِ وَسَائِلَ بِاعْتِبَارِ مَعْرِفَتِهَا لِأَنَّ بِمَعْرِفَتِهَا يُتَوَصَّلُ إلَخْ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ مَعْرِفَةَ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ لَا تَكْفِي فِي مَعْرِفَةِ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ إلَّا مِنْ الْخَبَثِ لَا بِمَعْرِفَةِ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى شَيْءٍ آخَرَ مِنْ تَحْصِيلِ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عَلَى أَنَّهُ لَا دَخْلَ لِلْمَعْفُوَّاتِ فِي صِحَّةِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْخَبَثِ وَالْحَدَثِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْفُوَّ فِي حُكْمِ الطَّاهِرِ فَإِنْ قُلْت: وَكَذَا بَيَانُ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ وَالنَّجِسَةِ قُلْت لَا لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ وَالنَّجِسَةِ تُفِيدُ أَنَّ مَا تَغَيَّرَ بِهَا إمَّا طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ فَيُجْتَنَبُ الْأَوَّلُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالثَّانِي فِيهَا وَفِي الْعَادَاتِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ فِي عِبَارَتِهِ تَنَافِيًا لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى مَقَاصِدِ الطَّهَارَةِ وَهِيَ الْوُضُوءُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ طَهَارَةُ الْحَدَثِ فَقَطْ وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ لِأَنَّ بِمَعْرِفَتِهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ بَيَانُ الْمَاءِ أَيْ الَّتِي هِيَ الْمَاءُ الْمُبَيَّنُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ، وَقَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّةُ إزَالَتِهَا أَرَادَ بِهَا مَا أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ وَيُطَهِّرُ مَحِلَّ النَّجَسِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: مَقَاصِدِ الطَّهَارَةِ الْمَقَاصِدُ جَمْعُ مَقْصِدٍ أَيْ مَحِلٌّ يُقْصَدُ مِنْهُ الطَّهَارَةُ وَيَكُونُ سَبَبًا فِي حُصُولِهَا إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: وَهِيَ الْوُضُوءُ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَنَوَاقِضُهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ وَنَوَاقِضُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ سَبَبٌ فِيهَا إمَّا مِنْ حَيْثُ حُصُولُهَا أَوْ مِنْ حَيْثُ عَدَمُهَا (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ بَيَانُ الْمَاءِ) أَيْ الْمَاءِ الْمُبَيَّنِ الَّذِي يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ الطَّهَارَةُ أَيْ بِوَاسِطَةِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ هِيَ الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ الْمُعَرَّفَةُ بِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: إلَى مَعْرِفَةِ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ) أَيْ وَعَدَمِهَا بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَسِيلَةٌ لِلطَّهَارَةِ أَيْ لِتَحْصِيلِهَا إلَّا لِصِحَّتِهَا وَيُجَابُ بِجَعْلِهِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ

ص: 119

مَا يُوَصِّلُ إلَيْهِ وَبَدَأَ مِنْ الْمَقَاصِدِ بِالْوُضُوءِ لِتَكَرُّرِهِ وَلِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ لِكُلِّ صَلَاةٍ إمَّا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فَقَالَ (فَصْلُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ)(ش) فَرَائِضُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيَتَرَتَّبُ الْعِقَابُ عَلَى تَرْكِهِ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا فَرْضٌ وَيُجْمَعُ الْفَرْضُ عَلَى فُرُوضٍ فَإِنْ قِيلَ: فَرَائِضُ جَمْعُ كَثْرَةٍ لِلْعَشَرَةِ فَفَوْقُ مَعَ أَنَّ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ سَبْعَةٌ يُقَالُ اسْتَعْمَلَ جَمْعَ الْكَثْرَةِ فِي الْقِلَّةِ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَبْدَأَ جَمْعِ الْكَثْرَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَأَمَّا تَعْبِيرُهُ بِفَرَائِضِ الصَّلَاةِ فَصَحِيحٌ سَوَاءٌ قُلْنَا مَبْدَؤُهُ الْعَشَرَةُ أَوْ مَبْدَؤُهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُ تت فَرَائِضُ جَمْعُ فَرْضٍ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِعْلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فَعَائِلَ بَلْ هُوَ جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ وَالْوُضُوءُ بِضَمِّ الْوَاوِ الْفِعْلُ وَبِفَتْحِهِمَا الْمَاءُ عَلَى الْمَعْرُوفِ فِي اللُّغَةِ وَحُكِيَ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ فِيهِمَا وَهَلْ هُوَ اسْمٌ لِلْمَاءِ الْمُطْلَقِ أَوْ لَهُ بَعْدَ كَوْنِهِ مُعَدًّا لِلْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْعِبَادَاتِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَضَاءَةِ بِالْمَدِّ وَهِيَ النَّظَافَةُ بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحُسْنُ وَشَرْعًا لَمْ يَحُدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِرُجُوعِهِ لِلتَّطْهِيرِ وَهُوَ إزَالَةُ النَّجَسِ أَوْ هُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَيُقَالُ فِيهِ قُرْبَةٌ فِعْلِيَّةٌ ذَاتُ غُسْلٍ بِوَجْهٍ وَيَدٍ وَرِجْلٍ وَمَسْحِ رَأْسٍ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي عَدِّ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَمُحَصَّلُ ذَلِكَ أَنَّ مِنْهَا فَرْضًا بِإِجْمَاعٍ وَهِيَ الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَعَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ النِّيَّةُ وَالدَّلْكُ وَالْفَوْرُ وَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ فَإِنَّهُ شَرْطٌ كَمَا مَرَّ وَالتَّرْتِيبُ وَالْجَسَدُ الطَّاهِرُ لِقَوْلِهِمْ فِي بَابِ الْغُسْلِ إذَا غَسَلَ مَوَاضِعَ الْأَذَى بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَجْزَأَ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَلَمَّا أَرَادَ الْمُؤَلِّفُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لِتَكَرُّرِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّكَرُّرَ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ مَطْلُوبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ فَلَا يَكُونُ مِنْهُمَا تَعْلِيلًا مُسْتَقِلًّا وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَعْلِيلٌ مُسْتَقِلٌّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ نَظَرًا لِلتَّكَرُّرِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ تَكْرَارَ الْمُتَحَقِّقِ وَلَوْ مَعَ الطَّلَبِ الْوَاجِبِ بِخِلَافِ الثَّانِي لَمْ يُنْظَرْ لِذَلِكَ بَلْ نُظِرَ لِلطَّلَبِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ.

(فَصْلُ: فَرَائِضُ الْوُضُوءِ)(قَوْلُهُ: فَرَائِضُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مُطَابَقَةً وَهُوَ فَاسِدٌ هُنَا لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى كُلُّ فَرْضٍ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ غَسْلِ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ وَلَا صِحَّةَ لَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمَجْمُوعِ كَمَا هُنَا أَوْ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَيَتَرَتَّبُ الْعِقَابُ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ وَيُعَاقَبُ إشَارَةَ أَنَّ اللَّازِمَ لِلْفَرْضِ تَرَتُّبُ الْعِقَابِ عَلَى تَرْكِهِ وَيُطْلَقُ الْفَرْضُ عَلَى مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ إرَادَتُهُ هُنَا لِشُمُولِهِ وُضُوءَ الصَّبِيِّ وَالْوُضُوءَ قَبْلَ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَمْرِ الَّذِي يُثَابُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ فَرَائِضُ جَمْعُ كَثْرَةٍ لِلْعَشَرَةِ فَفَوْقُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِمَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ (قَوْلُهُ: اسْتَعْمَلَ جَمْعَ الْكَثْرَةِ) أَيْ صِيغَةَ جَمْعِ الْكَثْرَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْقِلَّةِ) أَيْ فِي نَفْسِ الْقِلَّةِ لَا فِي صِيغَتِهَا (قَوْلُهُ: بِنَاءً إلَخْ) وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَبْدَأِ وَإِنَّمَا اخْتِلَافُهُمَا فِي الِانْتِهَاءِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قُلْنَا مَبْدَؤُهُ الْعَشَرَةُ) الْأَوْلَى مَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِعْلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فَعَائِلَ) أَيْ قِيَاسًا فَلَا يُنَافِي جَمْعَهُ عَلَيْهِ شُذُوذًا (قَوْلُهُ: وَبِفَتْحِهَا الْمَاءُ) وَقِيلَ بِالْعَكْسِ حَكَاهُ تت (قَوْلُهُ: وَحُكِيَ الضَّمُّ إلَخْ) مُقَابِلُ الْمَعْرُوفِ فَهُوَ شَاذٌّ كَمَا أَفَادَهُ تت وَجَعَلَهُ لَهُ الْحَطَّابُ ضَعِيفًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْعِبَادَاتِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَوْ بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ أَيْ الْوُضُوءِ الَّذِي هُوَ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لِأَنَّ هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِاللُّغَةِ ثُمَّ ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ هَذِهِ احْتِمَالَاتٌ لَا أَقْوَالٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ النَّظَافَةُ) أَيْ الْوَضَاءَةُ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُشْتَقَّ مِنْ الْوَضَاءَةِ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا سَبَبًا فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَالْحُسْنُ) عَطْفُ مُسَبَّبٍ. (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا لَمْ يَجِدْهُ ابْنُ عَرَفَةَ) لَا شَكَّ أَنَّ الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ هُوَ مَا كَانَ بِالضَّمِّ فَالنَّقْلُ لَمْ يَكُنْ فِي الْفَتْحِ بَلْ فِي الضَّمِّ فَيَكُونُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ الْمَنْقُولُ عَنْهُ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ هُوَ الْفِعْلُ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ فِي اللُّغَةِ بِحَسَبِ مَذْهَبِنَا الصَّبُّ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ مَعَ الدَّلْكِ سَوَاءٌ كَانَ وُضُوءًا شَرْعِيًّا أَمْ لَا كَمَا فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «بَرَكَةُ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ» (قَوْلُهُ: لِرُجُوعِهِ لِلتَّطْهِيرِ) أَيْ مِنْ رُجُوعِ الْخَاصِّ لِلْعَامِّ أَيْ وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّطْهِيرَ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ بِصَدَدِ التَّعَارِيفِ الْمُمَيِّزَةِ لِمُعَرَّفَاتِهَا فَلَا يَكْفِي الرُّجُوعُ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَهُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ فِي غَيْرِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ وَمَوْجُودٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ إزَالَةُ النَّجَسِ أَوْ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ الطَّرَفَ الثَّانِيَ يُغْنِي عَنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ بَعْدُ فَيُقَالُ: إنَّ هَذَا الرُّجُوعَ مِنْ رُجُوعِ الْخَاصِّ لِلْعَامِّ فَيَكُونُ تَعْرِيفًا بِالْأَعَمِّ فَيَكُونُ غَيْرَ مَانِعٍ وَيُجَابُ بِجَوَازِهِ عِنْدَ الْأَقْدَمِينَ.

(قَوْلُهُ: وَيُقَالُ فِيهِ قُرْبَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ جَمِيعَ أَجْزَاءِ الْوُضُوءِ الْفَرْضِ وَلَا يَشْمَلُ السُّنَنَ فَهُوَ تَعْرِيفٌ نَاقِصٌ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي تَعْرِيفِهِ طَهَارَةٌ مَائِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِأَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ) أَيْ فِعْلُ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ غَسْلُ مَا عَدَا الرَّأْسَ وَمَسْحُ الرَّأْسِ.

(فَائِدَةٌ) خُصَّتْ الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَحِلُّ اكْتِسَابِ الْخَطَايَا أَوْ لِأَنَّ آدَمَ مَشَى إلَى الشَّجَرَةِ بِرِجْلَيْهِ وَتَنَاوَلَ مِنْهَا بِيَدِهِ وَأَكَلَ بِفَمِهِ وَمَسَّ رَأْسَهُ وَرَقُهَا وَاخْتَصَّ الرَّأْسُ بِالْمَسْحِ لِسَتْرِهِ غَالِبًا فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِأَدْنَى طَهَارَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَلَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ) خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ فَإِنَّهُ عَدَّ مِنْ فَرَائِضِهِ الْمَاءَ الْمُطْلَقَ وَرَّدَ بِأَنَّهُ خَارِجُ الْمَاهِيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ آلَةٌ يُفْعَلُ بِهِ الْوُضُوءُ وَشَرْطٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْتِيبُ) زَادَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا وَرَدَّ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: وَالْجَسَدُ الطَّاهِرُ) فَإِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ قَالَ بِأَنَّهُ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ نِيَّةَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ لَيْسَتْ شَرْطًا وَقَصْدُهُ أَنَّ وُجُودَ النِّيَّتَيْنِ لَا يَضُرُّ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ تَنَافِيهِمَا، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ طَهَارَةُ الْجَسَدِ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ

ص: 120

سُلُوكَ طَرِيقَةِ مَنْ عَدَّهَا سَبْعَةً بَدَأَ بِالْأَعْضَاءِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا النَّاصِّ عَلَيْهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مُرَتِّبًا لَهَا عَلَى تَرْتِيبِ الْآيَةِ بَادِئًا بِالْكَلَامِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ بِقَوْلِهِ (ص) غَسْلُ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ (ش) وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْوَجْهِ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ حَدِّهِ طُولًا وَعَرْضًا وَالْغَسْلُ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ مَعَ إمْرَارِ الْيَدِ بِالْمَاءِ مُصَاحِبًا أَوْ مُتَابِعًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ الْأُذُنَانِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ مِنْ الْأُذُنِ إلَى الْأُذُنِ لِاحْتِمَالِ دُخُولِ الْمَبْدَأِ وَالْغَايَةِ وَقَوْلُهُ غَسْلُ خَبَرُ فَرَائِضُ وَيُعْتَبَرُ الْعَطْفُ سَابِقًا عَلَى الْإِخْبَارِ فَلَمْ يَلْزَمْ الْإِخْبَارُ بِالْمُفْرَدِ عَنْ الْجَمْعِ وَغَسْلُ مَا مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ حُذِفَ فَاعِلُهُ أَيْ غَسْلُ مُرِيدِ الصَّلَاةِ أَوْ الْمُتَوَضِّئِ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وَلَا يُقَدَّرُ الْمُكَلَّفُ لِأَنَّهُ لَا يَنْطَبِقُ عَلَى وُضُوءِ الصَّبِيِّ.

ثُمَّ ذَكَرَ حَدَّ الْوَجْهِ طُولًا فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى الْأُذُنَيْنِ (وَ) غَسْلُ مَا بَيْنَ (مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ) إلَى مُنْتَهَى الذَّقَنِ فِي نِقْيِ الْخَدِّ وَإِلَى مُنْتَهَى اللِّحْيَةِ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ لِحْيَةٌ وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (وَالذَّقَنِ وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ) وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَوَجَبَ غَسْلُ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ مَعَ غَسْلِ الذَّقَنِ فِي حَقِّ مَنْ لَا لِحْيَةَ لَهُ وَغَسْلُ ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا فِيمَنْ لَهُ لِحْيَةٌ وَهِيَ مَا يَنْبُتُ مِنْ الشَّعْرِ عَلَى ظَاهِرِ اللَّحَى بِفَتْحِ اللَّامِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا فِي الْمُفْرَدِ وَالتَّثْنِيَةِ وَهُوَ فَكُّ الْحَنَكِ الْأَسْفَلِ وَالْمُرَادُ بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا إمْرَارُ الْيَدِ عَلَيْهَا مَعَ الْمَاءِ وَتَحْرِيكُهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الشَّعْرَ يَنْبُو بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ فَإِذَا حُرِّكَ يَحْصُلُ اسْتِيعَابُ جَمِيعِ ظَاهِرِهِ وَهَذَا التَّحْرِيكُ خِلَافُ التَّخْلِيلِ الْآتِي إذْ هُوَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ (ص) فَيَغْسِلُ الْوَتَرَةَ وَأَسَارِيرَ جَبْهَتِهِ وَظَاهِرَ شَفَتَيْهِ (ش) الْوَتَرَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَهِيَ الْحَاجِزُ بَيْنَ ثُقْبَتَيْ الْأَنْفِ وَالْأَسَارِيرُ جَمْعُ أَسِرَّةٍ وَهِيَ خُطُوطُ الْجَبْهَةِ وَالْكَفُّ الْوَاحِدُ سِرَرٌ بِوَزْنِ عِنَبٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ أَنْ يَغْسِلَ الْوَتَرَةَ

ــ

[حاشية العدوي]

لَمَا صَحَّتْ النِّيَّةُ مَعَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ صَادَفَتْ الْجَسَدَ غَيْرَ طَاهِرٍ مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا بِصِحَّةِ النِّيَّةِ مَعَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ.

(قَوْلُهُ: الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى فِعْلِهَا غَسْلًا وَمَسْحًا أَيْ عَلَى الْفِعْلِ فِيهَا الشَّامِلِ لَهُ (قَوْلُهُ: إفَاضَةُ الْمَاءِ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْإِفَاضَةِ كَغَمْسِ الْعُضْوِ فِي الْمَاءِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ مَغْمُوسًا ثُمَّ أَرَادَ الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ تَابِعًا (قَوْلُهُ الْأُذُنَانِ) أَيْ فَلَا يُغْسَلَانِ قَطْعًا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الصُّدْغَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ مَا بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ فَمَا فَوْقَ الْعَظْمِ النَّاتِئِ مِنْهُ مِنْ الرَّأْسِ يُمْسَحُ مَعَهَا وَمِنْ الْعَظْمِ النَّاتِئِ إلَى أَسْفَلَ يُغْسَلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَ الصُّدْغِ مِنْ الْوَجْهِ وَهُوَ مِنْ الْعَظْمِ النَّاتِئِ فَمَا دُونَهُ وَبَعْضَهُ مِنْ الرَّأْسِ وَهُوَ مَا فَوْقَهُ وَالْجَمِيعُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّ الصُّدْغِ لِأَنَّهُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ إلَّا أَنَّك بَعْدَ أَنْ عَلِمْت ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلصُّدْغَيْنِ إذْ هُمَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ فَيَكُونَانِ مِنْ الْمَغْسُولِ مَعَ أَنَّهُمَا مِنْ الْمَمْسُوحِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ مَا بَيْنَ وَتَدَيْ الْأُذُنَيْنِ وَبِأَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي تَحْدِيدِ الْوَجْهِ، وَأَمَّا أَنَّ بَعْضَ الْأَعْضَاءِ يَجِبُ غَسْلُهُ تَارَةً وَمَسْحُهُ أُخْرَى فَشَيْءٌ آخَرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا بَيْنَ شَعْرَيْ الصُّدْغَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ قَطْعًا وَشَعْرِ الصُّدْغَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ قَطْعًا وَمَا فَوْقَ الْوَتَدِ مِنْ الْبَيَاضِ كَذَلِكَ وَمِنْ الْوَتَدِ فَمَا تَحْتُ مِنْ الْوَجْهِ فَيُغْسَلُ وَدَخَلَ فِي الْوَجْهِ الْجَبِينَانِ وَهُمَا الْمُحِيطَانِ بِالْجَبْهَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ دُخُولِ الْمَبْدَأِ) الِاحْتِمَالُ إنَّمَا هُوَ فِي الْغَايَةِ، وَأَمَّا الْمَبْدَأُ فَهُوَ دَاخِلٌ قَطْعًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ الْمُتَوَضِّئِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مُرِيدِ الصَّلَاةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ مُرِيدِ الْوُضُوءِ.

(قَوْلُهُ: إلَى مُنْتَهَى الذَّقَنِ إلَخْ) مَقْصُودُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَمَنَابِتِ عَطْفٌ عَلَى الْأُذُنَيْنِ، وَالذَّقَنِ عَطْفٌ عَلَى مَنَابِتِ وَالتَّقْدِيرُ غَسْلُ مَا بَيْنَ مَنَابِتِ الذَّقَنِ وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ لَكِنْ مَعَ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مُنْتَهَى الذَّقَنِ وَمُنْتَهَى ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ فَإِذَنْ يَدْخُلُ الذَّقَنُ وَظَاهِرُ اللِّحْيَةِ فَيُغْسَلَانِ وَالْمُنَاسِبُ لِتَقْدِيرِ مَا بَيْنَ إلَخْ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِقَوْلِهِ إلَى مُنْتَهَى الذَّقَنِ وَإِلَى مُنْتَهَى اللِّحْيَةِ إلَخْ بَلْ يَقُولُ: إنَّ التَّقْدِيرَ مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ وَمُنْتَهَى الذَّقَنِ، وَأَمَّا غَسْلُ مَنَابِتِ الشَّعْرِ فَهُوَ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَأَرَادَ بِمُنْتَهَى الِانْتِهَاءِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الِانْتِهَاءَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ فَلَا يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ غَايَةً وَإِنْ جَعَلْت الِانْتِهَاءَ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ لَزِمَ عَلَيْهِ خُرُوجُ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِالِانْتِهَاءِ هُنَا مَا لَاصَقَ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ مِنْ الْفَرَاغِ.

(تَنْبِيهٌ) : وَصَفَ الشَّعْرَ بِقَوْلِهِ الْمُعْتَادِ لِيَدْخُلَ فِيمَا يَجِبُ غَسْلُهُ مَوْضِعُ شَعْرِ الْأَغَمِّ وَهُوَ نَبَاتُ الشَّعْرِ فِي الْوَجْهِ عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ الْمُعْتَادِ كَالْجَبْهَةِ يُقَالُ رَجُلٌ أَغَمُّ وَامْرَأَةٌ غَمَّاءُ وَالْعَرَبُ تَذُمُّ بِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْبَلَادَةِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَيَخْرُجُ مَوْضِعُ الصَّلَعِ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ خُلُوُّ النَّاصِيَةِ وَهِيَ مُقَدَّمُ الرَّأْسِ مِنْ الشَّعْرِ وَمَوْضِعُ النَّزَعِ وَهُوَ خُلُوُّ جَانِبِ الْجَبِينَيْنِ مِنْهُ وَيُقَالُ لَهُ الْجَلَحُ فَالنَّزَعَتَانِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَالْعَيْنِ تَثْنِيَةُ نَزَعَةٍ بِفَتْحِهِمَا وَهُمَا بَيَاضَانِ عَلَى جَنْبَيْ الْجَبِينَيْنِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ ذَاهِبَتَانِ عَلَى جَنْبَيْ الْيَافُوخِ وَمَا بَيْنَهُمَا إلَى الصُّدْغَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ)، وَأَمَّا بَاطِنُهَا فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَهُوَ مَا حَاذَى الصَّدْرَ مِنْ أَسْفَلِ اللِّحْيَةِ وَمَا كَانَ مِنْ أَسْفَلِهَا إلَى جِهَةِ الْقَفَا وَقَالَ سَيِّدِي زَرُّوقٌ رَأَيْت شَيْخَ الْمَالِكِيَّةِ نُورَ الدِّينِ السَّنْهُورِيَّ يَغْسِلُ مَا تَحْتَ الذَّقَنِ فَلَا أَدْرِي لِوَرَعٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ فَكُّ الْحَنَكِ الْأَسْفَلِ) أَيْ عَظْمُ الْحَنَكِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ وَهُوَ مِنْ الْإِنْسَانِ حَيْثُ يَنْبُتُ الشَّعْرُ وَهُوَ أَعْلَى وَأَسْفَلُ أَيْ الْفَكُّ أَعْلَى وَأَسْفَلُ أَوْ الْحَنَكُ أَعْلَى وَأَسْفَلُ وَإِضَافَةُ فَكٍّ لِلْبَيَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا سُمِّيَ فَكًّا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ مَفْكُوكٌ مِنْ صَاحِبِهِ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ: وَأَسَارِيرَ جَبْهَتِهِ) الْمُرَادُ بِالْجَبْهَةِ هُنَا مَا ارْتَفَعَ عَنْ الْحَاجِبَيْنِ إلَى مَبْدَأِ الرَّأْسِ فَيَشْمَلُ الْجَبِينَيْنِ لَا الْجَبْهَةَ الْآتِيَةَ فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ مُسْتَدِيرُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ إلَى النَّاصِيَةِ وَالْمُرَادُ بِظَاهِرِ الشَّفَتَيْنِ مَا يَبْدُو مِنْهُمَا عِنْدَ انْطِبَاقِهِمَا انْطِبَاقًا طَبِيعِيًّا (قَوْلُهُ: الْوَاحِدُ سِرَرٌ) أَيْ فَأَسَارِيرُ

ص: 121

لِأَنَّ الْمَاءَ يَنْحَدِرُ عَنْهَا مِنْ أَعْلَى الْأَنْفِ فَلَا يُصِيبُهَا قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَمَا تَحْتَ مَارِنِهِ وَهُوَ طَرَفُ الْأَنْفِ وَبِغَسْلِ مَا غَارَ مِنْ ظَاهِرِ أَجْفَانِهِ وَأَسَارِيرِ جَبْهَتِهِ وَظَاهِرِ شَفَتَيْهِ وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي تَحْدِيدِ الْوَجْهِ إلَّا أَنَّ الْمَاءَ يَنْبُو عَنْهَا فَنَبَّهَ عَلَيْهَا قَالَ الْجُزُولِيُّ فَيَلْزَمُ الْمُتَوَضِّئَ أَنْ يَتَحَفَّظَ عَلَيْهَا وَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا كَانَ كَمَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ فَنَبَّهَ عَلَى الْوَتَرَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ يَنْحَدِرُ عَنْهَا مِنْ أَعْلَى الْأَنْفِ فَلَا يُصِيبُهَا وَنَبَّهَ عَلَى ظَاهِرِ الشَّفَتَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُمَا مِنْ الْبَاطِنِ الَّذِي لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَدَاخِلِ الْأَنْفِ وَالْفَمِ.

(ص) بِتَخْلِيلِ شَعْرٍ تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ (ش) الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِغَسْلُ وَالتَّخْلِيلُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ مَعَ إيصَالِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ إنْ كَانَ الشَّعْرُ خَفِيفًا بِحَيْثُ تَتَبَيَّنُ الْبَشَرَةُ أَيْ الْجِلْدُ تَحْتَهُ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ لِقِلَّتِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ وَيُكْرَهُ تَخْلِيلُ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ يَجِبُ تَخْلِيلُ الْكَثِيفَةِ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ عِنْدَ الْمُوَاجَهَةِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ عِنْدَ التَّخَاطُبِ أَوْ عِنْدَ مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ يَقْتَضِي التَّفْصِيلَ فِيمَا تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ تَظْهَرُ إلَخْ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَجِبُ تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ الْكَثِيفَةِ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ.

(ص) لَا جُرْحًا بَرِئَ أَوْ خُلِقَ غَائِرًا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْوَتَرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْجُرْحِ إذَا بَرِئَ غَائِرًا وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ غَسْلُ مَا خُلِقَ مِنْ وَجْهِهِ غَائِرًا مِنْ أَجْفَانِهِ أَوْ غَيْرِهَا فَقَوْلُهُ غَائِرًا حَالٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ خُلِقَ فَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ لِفَاعِلِ بَرِئَ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ فِي الْحَالِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا جُرْحًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا لِأَنَّ مَحِلَّهَا نَصْبٌ أَيْ أَثَرَ جُرْحٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرَ لَهُ عَامِلٌ أَيْ لَا يَغْسِلُ جُرْحًا بَرِئَ وَلَا يُجْعَلُ مَعْطُوفًا عَلَى الْوَتَرَةِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَقْيِيدَهُ بِقَيْدِهَا وَهُوَ الْوَجْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ غَائِرًا رَاجِعٌ لَهُمَا وَقَوْلُهُ أَوْ خُلِقَ غَائِرًا لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَرِئَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى فَيُجْعَلُ مَعْطُوفًا عَلَى جُرْحًا وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَحِلًّا خُلِقَ غَائِرًا

ــ

[حاشية العدوي]

جَمْعُ الْجَمْعِ وَفِي الصِّحَاحِ جَمْعُ أَسْرَارٍ كَأَعْنَابٍ فَالْأَسَارِيرُ جَمْعُ الْجَمْعِ وَفِي الْمُفْرَدِ لُغَةٌ أُخْرَى وَهِيَ سِرَارٌ وَجَمْعُهُ أَسِرَّةٌ كَزِمَامٍ وَأَزِمَّةٍ قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ فِي كَوْنِ الْوَاحِدِ سِرَرًا إنْ كَانَ مَسْمُوعًا فَظَاهِرٌ لَكِنَّهُ يُقْتَصَرُ عَلَى مَا وَرَدَ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَقُولَ أَسَارِيرُ جَمْعُ أَسْرَارٍ بِوَزْنِ أَعْنَابٍ وَهُوَ جَمْعُ سِرَرٍ بِوَزْنِ عِنَبٍ وَكَذَا أَسَارِيرُ جَمْعُ أَسِرَّةٍ بِوَزْنِ أَزِمَّةٍ وَهُوَ جَمْعُ سِرَارٍ بِوَزْنِ زِمَامٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ) أَيْ وَنَبَّهَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا تَحْتَ مَارِنِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْوَتَرَةُ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ طَرَفُ الْأَنْفِ) تَفْسِيرُ الْمَارِنِ (قَوْلُهُ: وَيَغْسِلُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَغْسِلُ الْوَتَرَةَ وَقَوْلُهُ وَيَغْسِلُ مَا غَار مِنْ ظَاهِرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى قُصُورِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَنَبَّهَ عَلَى ظَاهِرِ) وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْضًا وَنَبَّهَ عَلَى أَسَارِيرِ الْجَبْهَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ لَا يُدَاخِلُهَا.

(قَوْلُهُ: شَعْرٍ) أَيْ مِنْ لِحْيَةٍ وَشَارِبٍ وَحَاجِبٍ وَعَنْفَقَةٍ وَهُدْبٍ (قَوْلُهُ: تَحْتَهُ) أَيْ الْكَائِنِ تَحْتَهُ فَالظَّرْفُ صِفَةٌ لِتَعْيِينِ الْمَقْصُودِ أَوْ حَالٌ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا كَائِنَةً تَحْتَهُ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْجِنْسِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ تَظْهَرُ إلَخْ لَوْ كَانَ بَعْضُهُ خَفِيفًا وَبَعْضُهُ كَثِيفًا لَكَانَ لِكُلٍّ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: إيصَالُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ) لَا إيصَالِ الْمَاءِ لِظَاهِرِ الشَّعْرِ الَّذِي هُوَ تَحْرِيكُ الْكَثِيفَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجِبُ تَخْلِيلُ الْكَثِيفَةِ أَيْضًا) وَهَلْ الْخِلَافُ فِي كَثِيفِ الْمَرْأَةِ كَمَا هُوَ فِي الرَّجُلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي وُجُوبِ تَخْلِيلِ الْخَفِيفَةِ دُونَ الْكَثِيفَةِ وَعَلَى وُجُوبِ تَخْلِيلِ الْكَثِيفَةِ أَوْ نَدْبِهِ وَإِنْ كَانَا ضَعِيفَيْنِ فَاخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّتِهِ فَقِيلَ لِدَاخِلِ الشَّعْرِ فَقَطْ وَقِيلَ بُلُوغُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي التَّفْصِيلَ إلَخْ) كَأَنْ تَقُولَ: إنْ ظَهَرَتْ عِنْدَ التَّخَاطُبِ أَوْ مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ الَّذِي هُوَ تَوْجِيهُ الْكَلَامِ إلَى حَاضِرٍ وَجَبَ تَخْلِيلُهَا وَإِنْ ظَهَرَتْ عِنْدَ غَيْرِ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ تَخَاطُبٌ وَلَا مَجْلِسُ تَخَاطُبٍ بَلْ مُجَرَّدُ مُوَاجَهَةٍ فَلَا يَجِبُ تَخْلِيلُهَا هَذَا مُرَادُهُ وَفِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا لَوْ فُرِضَ أَنَّهَا تَظْهَرُ عِنْدَ الْمُوَاجَهَةِ بِدُونِ تَخَاطُبٍ وَمَجْلِسِهِ تُغْسَلُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ظُهُورِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ ظُهُورُهَا عِنْدَ التَّخَاطُبِ أَوْ مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ فَالْحَقُّ أَنَّ عِبَارَةَ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ صَوَابٌ وَأَنَّهُ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ) غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحَرِّكَ الشَّعْرَ لِيَعُمَّ الْمَاءُ ظَاهِرَهُ وَهَذَا غَيْرُ الْقَوْلِ الَّذِي فِي الْكَثِيفَةِ الْقَائِلِ بِتَخْلِيلِهَا لِدَاخِلِ الشَّعْرِ

(قَوْلُهُ: هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْوَتَرَةِ) سَيَأْتِي رَدُّهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْمُكَلَّفِ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ فِي الْحَالِ) لَعَلَّهُ عَلَى طَرِيقَةٍ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا الِاصْطِلَاحِيُّ لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ أَنَّ الْمُهْمَلَ يَعْمَلُ فِي ضَمِيرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الضَّمِيرِ حَالًا وَهُوَ بَاطِلٌ لِتَعْرِيفِ الضَّمِيرِ وَلُزُومِ تَنْكِيرِ الْحَالِ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْجَوَازِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ضَمِيرَ النَّكِرَةِ نَكِرَةٌ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَثَرَ جَرْحٍ) يَقْتَضِي قِرَاءَةَ جَرْحٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَلَوْ قُرِئَ بِالضَّمِّ لَمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرَ لَهُ عَامِلٌ) أَيْ لِكَوْنِهِ أَظْهَرَ لِخَفَاءِ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَطْفٌ بِاعْتِبَارِ الْمَحِلِّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ عج أَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ بَرِئَ مِنْهُ جُرْحٌ غَائِرٌ وَمَا خُلِقَ كَذَلِكَ لَمْ يَنْبُتْ فِيهِ الشَّعْرُ وَنَبَتَ الشَّعْرُ حَوْلَهُ وَطَالَ بِحَيْثُ سَتَرَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ مَسْحُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ مَسْحُهُ وَلَا يَكْفِي مَسْحُ مَا حَوْلَهُ مِنْ الشَّعْرِ إلَّا أَنْ يَشُقَّ ذَلِكَ فَيُتْرَكَ مَسْحُهُ انْتَهَى لَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تُفْهَمُ مِمَّا هُنَا لَا أَنَّهَا مِنْ مَشْمُولَاتِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِهِ أَيْ لَا يَغْسِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لَهُمَا) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِمَا مَعًا فِي الْمَعْنَى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ أَوْ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ مِنْ أَحَدِهِمَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْمَعْنَى) لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى أَوْ جُرْحًا خُلِقَ وَالْوَاقِعُ لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْجُرْحُ إنَّمَا طَرَأَ وَلَمْ يُخْلَقْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَهُ فِي ك نَقْلًا عَنْ الزَّرْقَانِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ جَرْحًا بَرِئَ فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ وَضَمِيرُ خُلِقَ عَائِدٌ عَلَيْهِ أَيْ لَا مَحِلَّ جَرْحٍ بَرِئَ أَوْ خُلِقَ الْمَحِلُّ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَهُوَ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ (قَوْلُهُ فَيُجْعَلُ مَعْطُوفًا عَلَى جُرْحًا)

ص: 122

وَقَوْلُهُ لَا جُرْحًا أَيْ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ أَيْ دَلْكُهُ بِالْمَاءِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ نَقْلِ الْمَاءِ إلَى الْعُضْوِ وَلَا يَخْلُوَا إمَّا أَنْ يَكُونَ لِمَغْسُولٍ أَوْ مَمْسُوحٍ فَإِنْ كَانَ لِمَغْسُولٍ فَلَا يُشْتَرَطُ النَّقْلُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدَمُ النَّقْلِ يَقْتَضِي الْمَسْحَ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ وَإِنْ كَانَ لِمَمْسُوحٍ فَيُشْتَرَطُ النَّقْلُ إلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَكَمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِ مَسْحِ الرَّأْسِ.

(ص) وَيَدَيْهِ بِمِرْفَقَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَرِيضَةَ الثَّانِيَةَ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوْ الْأَيْدِي إنْ قَدَرَ مَعَ مِرْفَقَيْهِ تَثْنِيَةُ مِرْفَقٍ آخِرَ عَظْمِ الذِّرَاعِ الْمُتَّصِلِ بِالْعَضُدِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَّكِئَ يَرْتَفِقُ بِهِ إذَا أَخَذَ بِرَاحَتِهِ رَأْسَهُ مُتَّكِئًا عَلَى ذِرَاعِهِ وَدُخُولُ الْمِرْفَقَيْنِ فِي الْغَسْلِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ لِلِاحْتِيَاطِ عَلَى قَاعِدَةِ مَا لَا يُتَوَصَّلُ لِلْوَاجِبِ إلَّا بِهِ وَقَوْلُهُ وَيَدَيْهِ عَطْفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ غَسْلُ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ (ص) وَبَقِيَّةِ مِعْصَمٍ إنْ قُطِعَ (ش) هَذَا بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى يَدَيْهِ فَالْفَرْضُ إمَّا غَسْلُ الْيَدَيْنِ أَوْ غَسْلُ بَقِيَّةِ الْمِعْصَمِ إنْ سَقَطَ بَعْضُهُ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْفَرَائِضِ وَأَمَّا نَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى الْوَتَرَةِ فَغَيْرُ بَيِّنٍ لِعَدَمِ تَسَبُّبِ غَسْلِ بَقِيَّةِ الْمِعْصَمِ عَنْ قَوْلِهِ غَسَلَ إلَى ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِمِعْصَمٍ وَلَا لِقَطْعٍ بَلْ كُلُّ عُضْوٍ سَقَطَ بَعْضُهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِبَاقِيهِ غَسْلًا وَمَسْحًا (ص) كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ (ش) الْكَفُّ الْيَدُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَالْمَنْكِبُ مَجْمَعُ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ خُلِقَ لَهُ كَفٌّ فِي مَنْكِبِهِ وَلَمْ يُخْلَقْ لَهُ عَضُدٌ وَلَا سَاعِدٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ الْكَفِّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ كَكَفٍّ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ خُلِقَ لَهُ قِطْعَةُ لَحْمٍ بِمَنْكِبِهِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهَا فَلَوْ كُشِطَ جِلْدُ الذِّرَاعِ وَتَعَلَّقَ بِهِ أَوْ بِالْمِرْفَقِ غُسِلَ وَإِنْ جَاوَزَهُ إلَى الْعَضُدِ فَلَا لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ الذِّرَاعِ اعْتِبَارًا بِمَحِلِّهَا وَيَكُونُ لِلذِّرَاعِ جِلْدَةٌ أُخْرَى.

(ص) بِتَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ (ش) لَمَّا كَانَ فِي الْيَدِ مَا قَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ كَمَا فِي الْوَجْهِ نَبَّهَ عَلَى بَعْضِهِ بِهَذَا وَالْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ كَمَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلُ أَيْ الْفَرْضُ غَسْلُ يَدَيْهِ مَعَ مِرْفَقَيْهِ مَعَ تَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ وَكَأَنَّهُ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ بِالْوَاوِ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى غَسْلُ أَوْ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَعِيَّةِ أَيْ مَعَ تَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ يُرِيدُ وَمَعَ التَّحَفُّظِ أَيْضًا عَلَى عَقْدِ الْأَصَابِعِ مِنْ ظَاهِرِهَا بِأَنْ يَحْنِيَ الْمُتَوَضِّئُ أَصَابِعَهُ وَعَلَى بَاطِنِهَا وَرُءُوسِهَا بِأَنْ يَجْمَعَ رُءُوسَ الْأَصَابِعِ وَيَحُكَّهَا عَلَى الْكَفِّ (ص) لَا إجَالَةِ خَاتَمِهِ (ش) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى تَخْلِيلٍ أَيْ وَغَسْلُ يَدَيْهِ مَعَ تَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ لَا مَعَ إجَالَةِ أَيْ إدَارَةِ وَتَحْرِيكِ خَاتَمِهِ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْعَهْدِ أَيْ الْخَاتَمِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ سَوَاءٌ كَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَيُجْعَلُ صِفَةً لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى جُرْحٍ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ سَقَطَ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ النَّقْلُ إلَيْهِ) فَلَوْ نَزَلَ مَطَرٌ عَلَى عُضْوٍ فَغَسَلَهُ لَكَفَى (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ النَّقْلُ إلَيْهِ) أَيْ إذَا أَرَادَ الْمُتَوَضِّئُ مَسْحَهُ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ غَسْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ النَّقْلُ بَلْ يَجْزِي إنْ لَاقَى الْمَطَرَ أَوْ مِيزَابًا أَوْ نَحْوَهُمَا (قَوْلُهُ: مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قِيلَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّقْلِ فِي الْمَسْحِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي ك (أَقُولُ) هَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ.

(قَوْلُهُ: مِرْفَقَيْهِ) وَلَوْ تَقْدِيرًا فِيمَا لَوْ خُلِقَتْ يَدُهُ كَالْعَصَا (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَيْدِي إنْ قَدَرَ) أَيْ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ اقْتَصَرَ عَلَى يَدَيْهِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: تَثْنِيَةُ مِرْفَقٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَعَكْسُهُ قُرِئَ بِهِمَا (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِلِ) صِفَةٌ لِآخِرِ (قَوْلُهُ: مُتَّكِئًا عَلَى ذِرَاعِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُتَّكِئًا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مِرْفَقِهِ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَّةِ مِعْصَمٍ إنْ قُطِعَ) أَيْ بَعْضُهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَقِيَّةِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْقَطْعِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَقِيَّةِ لِأَنَّ مَا خُلِقَ فِيهِ نَاقِصًا لَا يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ وَمِعْصَمٍ وَإِنْ نَقَصَ لَشَمِلَ مَا خُلِقَ نَاقِصًا لَكَانَ أَحْسَنَ وَالْمِعْصَمُ فِي الْأَصْلِ مَوْضِعُ السِّوَارِ أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَرَادَ بِهِ السَّاعِدَ الَّذِي رَأْسُهُ الزَّنْدَانِ وَمُنْتَهَاهُ الْمِرْفَقُ فَهُوَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِاسْمِ الْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ فَيَجِبُ غَسْلُ بَاقِيهِ وَأَوْلَى لَوْ بَقِيَ وَقُطِعَ الْكُوعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ: إنْ قُطِعَ أَيْ بَعْضُهُ أَيْ بَعْضُ الْمِعْصَمِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ بِلَا كَفٍّ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مِعْصَمٌ ثُمَّ قُطِعَ بَعْضُهُ فَيَكُونُ صُورَةُ مَقْطُوعِ الْكَفِّ وَحْدَهُ مَفْهُومَةً أَوْلَى وَيُصَدَّقُ بِمَا إذَا كَانَ بِكَفٍّ ثُمَّ قُطِعَ الْكَفُّ مَعَ بَعْضِ الْمِعْصَمِ إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ الْأُولَى (قَوْلُهُ: كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ) فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَنْكِبٍ فَإِنْ كَانَ لَهَا مِرْفَقٌ غُسِلَتْ الْيَدُ مُطْلَقًا لِتَنَاوُلِ الْخِطَابِ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِرْفَقٌ فَإِنْ كَانَتْ بِالذِّرَاعِ أَوْ فِي الْعَضُدِ وَامْتَدَّتْ إلَى الذِّرَاعِ غُسِلَتْ وَإِنْ قَصُرَتْ عَنْهُ لَمْ تُغْسَلْ هَذَا مَا ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ عب مِنْ أَنَّهُ إذَا نَبَتَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مِرْفَقٌ لَا تُغْسَلُ وَلَوْ اتَّصَلَتْ وَالظَّاهِرُ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ يُغْسَلُ الْمُحَاذِي لِلْفَرْضِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْمِرْفَقِ غُسِلَ) أَيْ الْجِلْدُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ فِي الْمَحِلِّ الْوَاجِبِ.

(قَوْلُهُ: بِتَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ) شَامِلٌ لِلْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ أَحَسَّ بِهَا أَمْ لَا وَيُخَلِّلُ كُلَّ يَدٍ بِالْأُخْرَى وَالْأُولَى مِنْ ظَاهِرِهَا لِأَنَّهُ أَمْكَنَ لَا لِأَنَّهُ مِنْ بَاطِنِهَا تَشْبِيكٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ مِنْ أَسْفَلَ وَالتَّخْلِيلُ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ مِنْ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ حَتَّى تُعَدَّ الْمَرَّةُ غَسْلَةً (قَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى غَسْلُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ تَخْلِيلَ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فَرْضٌ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ مُسْتَقِلٌّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ التَّحَفُّظِ عَلَى عَقْدِ الْأَصَابِعِ) أَيْ وُجُوبًا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شَارِحُ الْوَغْلِيسِيَّةِ (قَوْلُهُ مِنْ ظَاهِرِهَا) مِنْ بِمَعْنَى عَلَى فَيَكُونُ هِيَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَعَلَى بَاطِنِهَا بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ عَقْدِ الْأَصَابِعِ وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْعُقَدِ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى وَالسُّفْلَى (قَوْلُهُ: وَتَحْرِيكِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ

ص: 123

وَاسِعًا أَوْ ضَيِّقًا فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ وَالْمُرَادُ بِالْخَاتَمِ الْجِنْسُ فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَلَعَلَّ مَنْ جَوَّزَ فِيهِ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ رَاعَى نُسْخَةَ الْبِسَاطِيِّ مِنْ رَفْعِ تَخْلِيلٍ وَنَصْبِهِ أَمَّا مَا لَا يُبَاحُ لُبْسُهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَنَقَصَ غَيْرُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ بِيَدِهِ (ص) وَنَقْصِ غَيْرِهِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ وَالضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ إلَى الْمِعْصَمِ أَيْ وَيَجِبُ غَسْلُ بَقِيَّةِ الْمِعْصَمِ كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ وَنَقْصِ غَيْرِهِ أَوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَنَقْصُ غَيْرِ الْمِعْصَمِ كَذَلِكَ أَيْ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْفَرْضِ وَجَبَ غَسْلُهُ وَإِلَّا سَقَطَ فَنَقْصُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ لَكِنْ هَذَا الضَّبْطُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّ الْعُضْوَ الْمَنْقُوصَ أَيْ السَّاقِطَ بِتَمَامِهِ لَا يُتَوَهَّمُ غَسْلُهُ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى النَّصِّ عَلَى عَدَمِ غَسْلِهِ وَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْغَسْلِ فِي السَّاقِطِ بَعْضُهُ لَا يَغْسِلُ بَقِيَّتَهُ إجْمَاعًا بَلْ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ أَوْ النَّائِبِ وَغَيْرِهِ مَنْصُوبٌ أَوْ مَرْفُوعٌ وَالضَّمِيرُ لِلْخَاتَمِ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ أُضِيفَ فَيَعُمُّ أَيْ وَنَقْضِ غَيْرِ الْخَاتَمِ مِنْ كُلّ حَائِلٍ مِنْ يَدٍ أَوْ غَيْرِهَا فَيَنْدَرِجُ فِيهِ مَا يَجْعَلُهُ الرُّمَاةُ وَغَيْرُهُمْ فِي أَصَابِعِهِمْ مِنْ عَظْمٍ وَنَحْوِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ نَزْعِهِ إنْ كَانَ ضَيِّقًا أَوْ إجَالَتِهِ إنْ كَانَ وَاسِعًا يَدْخُلُ الْمَاءُ تَحْتَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

(ص) وَمَسْحُ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى غَسْلُ أَيْ وَمِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ مَسْحُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَى الْجُمْجُمَةِ مِنْ جِلْدٍ أَوْ شَعْرٍ عَلَى أَنَّ عَلَى حَرْفُ جَرٍّ أَوْ مَا صَعِدَ وَارْتَفَعَ عَلَى الْجُمْجُمَةِ عَلَى أَنَّهَا فِعْلٌ مَاضٍ وَيُطْلَبُ أَنْ يَكُونَ مَسْحُ الرَّأْسِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَيُكْرَهُ بِغَيْرِهِ كَفِعْلِهِ بِبَلَلِ لِحْيَتِهِ لِأَنَّهُ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ فَيُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ وَهَذَا حَيْثُ وَجَدَ غَيْرَهُ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ وَإِذَا جَفَّتْ الْيَدُ قَبْلَ تَمَامِ الْمَسْحِ حُدِّدَ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَفَّتْ فِي الرَّدِّ فَلَا (ص) بِعَظْمِ صُدْغَيْهِ مَعَ الْمُسْتَرْخِي (ش) الْبَاءُ فِيهِ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ يَمْسَحُ رَأْسَهُ مُصَاحِبًا لِعَظْمِ صُدْغَيْهِ مَعَ الْمُسْتَرْخِي مِنْ الشَّعْرِ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ كَالدَّلَّالِينَ عَلَى الْمَشْهُورِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ كَالْحُكْمِ لِمَا خَرَجَ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ) أَيْ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ فِي ك وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ الْخَاتَمِ الذَّهَبِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ غَيْرُهُ مِنْ أَسَاوِرَ وَحَدَائِدَ فِي الْعُضْوِ فَلَا يَجِبُ إزَالَةُ ذَلِكَ فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ كَانَ ذَلِكَ مُبَاحًا لَهَا كَالْخَاتَمِ الذَّهَبِ أَمْ لَا فَيَجِبُ نَزْعُ ذَلِكَ وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَمْرُهُ أَخَفُّ مِنْ هَذَا كَمَا أَشَارَ لَهُ ز لَكِنْ قَالَ ق وَالتَّنْظِيرُ لَا مَحِلَّ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ فَهُوَ كَالْخَاتَمِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَأْذُونَ فِي اتِّخَاذِهِ لَا يَجِبُ إجَالَتُهُ كَانَ ضَيِّقًا أَوْ وَاسِعًا وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا نَزَعَهُ وَكَانَ ضَيِّقًا غَسْلُ مَا تَحْتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَغْسِلْهُ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ وُصُولَ الْمَاءِ تَحْتَهُ كَمَا أَفَادَهُ عج ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ كَيْفَ يَجْزِي مَعَ أَنَّ فِيهِ تَرْكَ الدَّلْكِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّلْكَ لَيْسَ وَاجِبًا فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ. الثَّانِي أَنَّ الدَّلْكَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مُبَاشَرَةُ الْيَدِ فَذَلِكَ مِنْ بَابِ الدَّلْكِ بِالْخِرْقَةِ الَّتِي فِي الْيَدِ كَمَا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ) لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ بِيَدِهِ وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَابِ يُقَالُ يَكْفِي تَحْرِيكُهُ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ دَلْكٍ بِيَدٍ عَلَيْهَا خِرْقَةٌ (قَوْلُهُ: وَالضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ إلَى الْمِعْصَمِ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَرْجِيعَ الضَّمِيرِ لِلْمِعْصَمِ يَقْضِي بِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَبَقِيَّةِ مِعْصَمٍ لَا بِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ (قَوْلُهُ: الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْمِعْصَمِ) هَذَا الْكَلَامُ لَا يَأْتِي إلَّا لَوْ فُرِضَ عَطْفُ قَوْلِهِ وَنَقْضُ غَيْرِهِ عَلَى إجَالَةِ خَاتَمِهِ، وَأَمَّا حَيْثُ عَطَفَهُ عَلَى قَوْلِهِ كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ لَا يَأْتِي هَذَا (قَوْلُهُ: وَنَقْصُ غَيْرِهِ) أَيْ وَالْعُضْوُ النَّاقِصُ غَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُتَوَهَّمُ) نَقُولُ لَهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَمَا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ خِلَافُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ) أَيْ لَفْظُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَيَنْدَرِجُ فِيهِ مَا يَجْعَلُهُ الرُّمَاةُ) أَيْ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ خَاتَمُ الذَّهَبِ وَخَاتَمُ الْفِضَّةِ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ فِي اتِّخَاذِهِ وَخَاتَمُ الْحَدِيدِ إلَخْ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَأْذُونَ فِي اتِّخَاذِهِ أَيْ الَّذِي نَدَبَ إلَيْهِ الشَّارِعُ لَا يُطْلَبُ بِنَزْعِهِ مُطْلَقًا ضَيِّقًا أَوْ وَاسِعًا، وَأَمَّا مَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ أَوْ يُبَاحُ كَخَاتَمِ الْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالْخَشَبِ فَيُنْزَعُ إنْ كَانَ ضَيِّقًا وَيَكْفِي تَحْرِيكُهُ إنْ كَانَ وَاسِعًا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ.

وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ كَخَاتَمِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ دِرْهَمَيْنِ مَثَلًا فَقَالَ عج إنَّهُ لَا بُدَّ مَنْ نَزْعِهِ وَلَوْ وَاسِعًا وَمُفَادُ نَقْلِ الْحَطَّابِ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ يَكْفِي تَحْرِيكُهُ إذَا كَانَ وَاسِعًا وَبَحَثَ فِيهِ عج بِأَنَّ مَا تَحْتَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْيَدِ مَعَ إمْكَانِهِ بِهَا وَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا كَالدَّلْكِ بِالْيَدِ مَجْعُولًا عَلَيْهَا خِرْقَةً (وَأَقُولُ) وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى مُفَادِ الْحَطَّابِ لِكَوْنِ النَّقْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ صَرِيحًا فِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُنَا ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَهُوَ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ الَّذِي هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَقَالَةِ عج.

(قَوْلُهُ: مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ) فَهُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى جَعْلِ عَلَا فِعْلًا وَبِالْجَرِّ عَلَى جَعْلِهَا حَرْفًا وَالْجُمْجُمَةُ عَظْمُ الرَّأْسِ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الدِّمَاغِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا عَلَى الْقَفَا مِنْ الشَّعْرِ فَلَا يَجِبُ مَسْحُهُ لِأَنَّهُ تَحْتَ الْجُمْجُمَةِ. انْتَهَى. وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الرَّأْسَ بِالْمَسْحِ لِسَتْرِهِ غَالِبًا فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِأَدْنَى طَهَارَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ إلَخْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ إلَخْ) وَمَحِلُّ كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ أَوْ جَوَازِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَكَانَ يَحْصُلُ بِهِ تَعْمِيمُ الْمَسْحِ وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ: بِعَظْمِ صُدْغَيْهِ) أَيْ مَسْحِ نَبْتِ عَظْمٍ وَمَحِلُّ النَّبْتِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ كَالنَّبْتِ كَمَا أَنَّ الصَّلَعَ فِي الرَّأْسِ كَالشَّعْرِ فِيهَا وَإِنَّمَا قُدِّرَ نَبْتٌ لِاقْتِضَائِهِ بِدُونِهِ أَنْ يَمْسَحَ الصُّدْغَ كُلَّهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَهُ عج وَالصُّدْغُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ وَدَالٍ سَاكِنَةٍ وَتُضَمُّ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِالْعَظْمِ الْأَعَمِّ مِنْ الشَّعْرِ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الْأُذُنِ وَشَعْرِ الرَّأْسِ مِنْ مُقَدَّمِ الْأُذُنِ وَمُحَاذِيهِ مِنْ خَلْفِهَا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فَمَنْ تَرَكَهُ فَقَدْ تَرَكَ جُزْءًا مِنْ الرَّأْسِ. انْتَهَى. نَقَلَهُ فِي ك

ص: 124

عَنْ الْحَرَمِ وَأَصْلُهُ فِيهِ بِحُكْمِ الْحَرَمِ فَلَا يُعَارَضُ بِصَيْدِ طَائِرٍ عَلَى فَرْعِ أَصْلِهِ بِالْحَرَمِ حَيْثُ لَمْ يُوجِبُوا فِيهِ جَزَاءً لِأَنَّ وِزَانَ مَا طَالَ مِنْ الشَّعْرِ طَرَفُ الْغُصْنِ لَا الطَّائِرُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ مَسْحُ الْمُسْتَرْخِي نَظَرًا إلَى أَنَّ شَعْرَ الرَّأْسِ لَيْسَ بِأَصْلٍ.

(ص) وَلَا يَنْقُضُ ضَفْرَهُ (ش) أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَى رَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ نَقْضُ مَضْفُورِهِمَا أَيْ شَعْرِهِمَا الْمَضْفُورِ بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ وَقَوْلُهُ (رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) رَاجِعٌ إلَى الْمَاسِحِ يَعْنِي وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَعْنِي مَسْحَ الْجَمِيعِ وَالصُّدْغَيْنِ وَالْمُسْتَرْخِي وَعَدَمَ نَقْضِ الضَّفْرِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ (ص) وَيُدْخِلَانِ يَدَيْهِمَا تَحْتَهُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ (ش) أَيْ إنَّ الرِّجَالَ وَالْمَرْأَةَ إذَا مَسَحَ كُلٌّ الشَّعْرَ الْمَسْدُولَ أَوْ الْمَضْفُورَ أَوْ الْمَعْقُوصَ فَإِنَّهُمَا يُدْخِلَانِ يَدَيْهِمَا تَحْتَهُ وُجُوبًا فِي رَدِّ الْمَسْحِ لِأَجْلِ مَا غَابَ عَنْهُمَا فَالْإِدْخَالُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّعْمِيمُ وَاجِبٌ كَمَا فِي الشَّعْرِ الطَّوِيلِ وَيُخَاطَبُ بِالسُّنَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ بَقِيَ بَلَلٌ مِنْ مَسْحِ الْفَرْضِ فَقَوْلُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الرَّدَّ سُنَّةٌ سَوَاءٌ طَالَ الشَّعْرُ أَوْ لَا يَعْنِي بَعْدَ حُصُولِ التَّعْمِيمِ إذْ قَبْلَهُ لَا يَتَأَتَّى الرَّدُّ وَاسْتَظْهَرَ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّ الرَّدَّ فِيمَا ذُكِرَ سُنَّةٌ لِأَنَّ مَا تَحْتَ الشَّعْرِ بِمَثَابَةِ الْبَاطِنِ وَالْبَاطِنُ لَا يَجِبُ مَسْحُهُ.

(ص) وَغَسْلُهُ مُجْزٍ (ش) أَيْ وَغَسْلُ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ فِي وُضُوءِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ الْوَاجِبِ مَسْحُهُ مُجْزٍ عَنْ مَسْحِهِ لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ وَهُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ (ص) وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ بِكَعْبَيْهِ النَّاتِئَيْنِ بِمَفْصِلَيْ السَّاقَيْنِ (ش) هَذِهِ هِيَ الْفَرِيضَةُ الرَّابِعَةُ مِنْ الْفَرَائِضِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا وَهِيَ غَسْلُ رِجْلَيْهِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ وَهُمَا الْمُرْتَفِعَانِ فِي مَفْصِلَيْ السَّاقَيْنِ تَثْنِيَةُ مَفْصِلٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَاحِدُ مَفَاصِلَ الْأَعْضَاءِ وَبِالْعَكْسِ اللِّسَانُ وَالْعُرْقُوبُ مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ وَالْعَقِبِ تَحْتَهُ وَإِنَّمَا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مَا ذُكِرَ لِأَخْذِهِمَا مِنْ التَّكَعُّبِ وَهُوَ الظُّهُورُ وَالِارْتِفَاعُ وَمِنْهُ الْكَعْبَةُ وَامْرَأَةٌ كَاعِبٌ إذَا ارْتَفَعَ ثَدْيُهَا وَإِيرَادُ بَعْضِهِمْ إنْ عُدَّ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فِي الْفَرَائِضِ مَعَ جَوَازِ تَرْكِهِ وَمَسْحِ الْخُفِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ الْفَرْضُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَا الْغُسْلُ عَلَى التَّعْيِينِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ مَسْحَ الْخُفَّيْنِ رُخْصَةٌ لَا وَاجِبٌ بَلْ الْوَاجِبُ الْغَسْلُ وَوُجُوبُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لَيْسَ بِأَصْلٍ) أَيْ فِي الْمَسْحِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْقُضُ ضَفْرَهُ) حَيْثُ كَانَ مَضْفُورًا بِنَفْسِهِ وَلَوْ اشْتَدَّ وَفِي الْغُسْلِ إنْ اشْتَدَّ نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ مَضْفُورًا بِخَيْطٍ أَوْ خَيْطَيْنِ، فَإِنْ اشْتَدَّ نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ مَضْفُورًا بِخُيُوطٍ كَثِيرَةٍ كَثَلَاثَةٍ فَمَا فَوْقُ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِهِ فِيهِمَا مُطْلَقًا اشْتَدَّ أَمْ لَا وَالضَّفْرُ فَتْلُ الشَّعْرِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَالْعَقْصُ مَا ضُفِّرَ قُرُونًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ أَيْ جَمْعُ مَا ضَفَرَ بِإِدْخَالِ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ حَتَّى يَصِيرَ كَمَا يُضْفَرُ مِنْ الْخُوصِ وَبِالْعِقَاصِ عَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالرِّسَالَةُ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ نَقْضِ الضَّفْرِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: نَقْضُ مَضْفُورِهِمَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ وَهُوَ ضَفْرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالنَّقْضِ إنَّمَا هُوَ الْمَضْفُورُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ نَقْضُهُ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْحِ التَّخْفِيفُ وَفِي نَقْضِ الشَّعْرِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَاسِحِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَاعِلُ مَسْحُ وَأَنَّهُ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَيَكُونُ فِي الْمَعْنَى مُتَقَدِّمًا وَيَكُونُ فَاعِلُ يَنْقُضُ ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى ذَلِكَ الْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَهَذَا بَعِيدٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَاعِلُ يَنْقُضُ إلَّا أَنْ يُقَالَ رَاجِعٌ فِي الْمَعْنَى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فَاعِلُ يَنْقُضُ (قَوْلُهُ أَوْ الْمَضْفُورِ إلَخْ) تَقَدَّمَ بَيَانُ الْمَضْفُورِ وَالْمَعْقُوصِ (قَوْلُهُ: وَيُخَاطَبُ بِالسُّنَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ) وَتَكُونُ بِمَرَّتَيْنِ بَدْءًا وَعَوْدًا (قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ إلَخْ) الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ز وَيُوَافِقُهُ ظَاهِرُ تَعْبِيرِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَتَأْوِيلُ شَارِحِنَا بَعِيدٌ فِي ظَاهِرِ اللَّفْظِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ) كَذَا قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَالْقَوْلَانِ بَقِيَّةُ الْأَقْوَالِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَالْكَرَاهَةُ فَصَارَ حَاصِلُ الْأَقْوَالِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ الْإِجْزَاءُ الثَّانِي عَدَمُ الْإِجْزَاءِ الثَّالِثُ الْكَرَاهَةُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تُنَافِي الْإِجْزَاءَ فَلَا تَظْهَرُ الْمُقَابَلَةُ إلَّا أَنَّهُ فِي ك أَفَادَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْإِجْزَاءِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ يَقُولُ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَعَلَيْهِ تَظْهَرُ الْمُقَابَلَةُ بِاعْتِبَارِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: تَثْنِيَةُ مَفْصِلٍ) أَيْ مَحَلُّ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْعَقِبِ وَقَوْلُهُ وَالْعُرْقُوبُ مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ أَيْ مَحَلُّ جَمْعِ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ أَيْ مَحَلُّ حُصُولِ جَمْعِ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَعَدُّدِ الْفَاصِلِ فَالْكَعْبَانِ وَإِنْ كَانَا فَاصِلَيْنِ السَّاقَ مِنْ الْعَقِبِ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ فَصْلُهُمَا عَنْ الْقَدَمِ كَذَلِكَ الْعُرْقُوبُ فَاصِلٌ أَيْضًا لِلسَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ (قَوْلُهُ: وَإِيرَادُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَدْفُوعٌ، وَأَمَّا خَبَرُ قَوْلِهِ: أَنَّ عَدَّ قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي وَالْفَاءُ زَائِدَةٌ وَضَمِنَ يَنْبَغِي مَعْنَى يَقْتَضِي.

(قَوْلُهُ: ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) أَيْ وَلَا يُكْتَرَثُ بِمَنْ يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ كَالرَّوَافِضِ فِي وُجُوبِ الْمَسْحِ وَابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ وَبِهِ قَالَ دَاوُد وَقِرَاءَةُ النَّصْبِ فِي الْآيَةِ ظَاهِرَةٌ فِيهِ بِأَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِمَسْحِ الرَّأْسِ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْجَرِّ فَظَاهِرُهَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْمَسْحِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ إلَّا الْغَسْلُ فَيُجَابُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَعْطُوفَةً عَلَى الرَّأْسِ وَإِنَّمَا هِيَ مَخْفُوضَةٌ عَلَى الْجُوَارِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ سِيبَوَيْهِ وَالْأَخْفَشُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمُحَقِّقُونَ وَرَأَوْا أَنَّ الْخَفْضَ عَلَى الْجُوَارِ لَا يَحْسُنُ فِي الْمَعْطُوفِ لِأَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ حَاجِزٌ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ وَمُبْطِلٌ لِلْمُجَاوَرَةِ وَرَأَوْا أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى ذَلِكَ حَمْلٌ عَلَى شَاذٍّ يَنْبَغِي صَرْفُ الْقُرْآنِ عَنْهُ وَقَالُوا: إنَّ الْخَفْضَ فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ بِالْعَطْفِ عَلَى لَفْظِ الرُّءُوسِ فَقِيلَ إلَّا رِجْلٍ مَغْسُولَةٍ لَا مَمْسُوحَةٍ فَأَجَابُوا بِجَوَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَسْحَ هُنَا هُوَ الْغَسْلُ كَمَا يُقَالُ تَمَسَّحْت

ص: 125

وَالْقِيَاسِ وَقِرَاءَةُ الْجَرِّ فِي الْآيَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ.

(ص) وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِهِمَا (ش) أَيْ وَنُدِبَ عَلَى الْمَشْهُورِ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ مِنْ أَسْفَلِهِمَا بِخِنْصَرِهِ وَوَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِالْمُسَبِّحَةِ بَادِئًا بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى خَاتِمًا بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالنَّحْرِ وَإِنَّمَا وَجَبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ دُونَ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ لِعَدَمِ شِدَّةِ اتِّصَالِ مَا بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فَأَشْبَهَ مَا بَيْنَهُمَا الْبَاطِنَ لِشِدَّةِ الِاتِّصَالِ فِيمَا بَيْنَهُمَا.

(ص) وَلَا يُعِيدُ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَفِي لِحْيَتِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا قَلَّمَ ظُفْرَهُ أَوْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ لَا يُعِيدُ غَسْلَ مَوْضِعِ الظُّفْرِ وَلَا مَسْحَ بَشَرَةِ الشَّعْرِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدْ سَقَطَ بِغَسْلِهِ أَوْ مَسْحِهِ فَلَا يَعُودُ بِزَوَالِهِ كَمَا إذَا مَسَحَ وَجْهَهُ فِي التَّيَمُّمِ أَوْ غَسَلَهُ فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ قُطِعَ أَنْفَهُ وَاخْتُلِفَ إذَا حَلَقَ الشَّخْصُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً لِحْيَتَهُ أَوْ شَارِبَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ سَقَطَتْ بِنَفْسِهَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ غَسْلِ مَوْضِعِهَا أَوْ لَا قَوْلَانِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ اللِّحْيَةُ خَفِيفَةً أَوْ كَثِيفَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْوُجُوبِ نَظَرَ إلَى سَتْرِ الشَّعْرِ لِلْمَحَلِّ وَقَدْ زَالَ فَيُغْسَلُ ذَلِكَ الْمَحَلُّ وَمِثْلُ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ مَنْ حَفَرَ عَلَى شَوْكَةٍ بَعْدَ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَحِلِّ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ نَقَلَهُمَا شَارِحُ الْوَغْلِيسِيَّةِ عَنْ بَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ زَوَالِ الْخُفِّ وَالْجَبِيرَةِ أَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ بَدَلٌ فَسَقَطَ عِنْدَ حُضُورِ مُبْدَلِهِ وَالْجَبِيرَةُ مَقْصُودَةُ الْمَسْحِ فَزَوَالُهَا زَوَالٌ لِمَا قُصِدَ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْفَرَائِضِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا أَتْبَعَهُ بِالْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَبَدَأَ مِنْهَا بِالدَّلْكِ فَقَالَ (وَالدَّلْكُ) أَيْ وَالْفَرِيضَةُ الْخَامِسَةُ الدَّلْكُ وَهُوَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِنَاءً عَلَى شَرْطِيَّتِهِ فِي حُصُولِ مُسَمَّى الْغَسْلِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِانْغِمَاسِ لُغَةً وَقِيلَ وَاجِبٌ لَا لِنَفْسِهِ بَلْ لِتَحَقُّقِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ أَوْ بِطُولِ الْمُكْثِ فِيهِ مَثَلًا وَقِيلَ بَلْ يُسَنُّ أَوْ يُسْتَحَبُّ وَالْخِلَافُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ سَوَاءٌ.

ــ

[حاشية العدوي]

لِلصَّلَاةِ وَيُرَادُ الْغَسْلُ وَخُصَّتْ الرِّجْلَانِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْمَغْسُولَاتِ بِاسْمِ الْمَسْحِ لِيُقْتَصَدَ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِمَا لِكَوْنِهِمَا مَظِنَّةً لِلْإِسْرَافِ وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا هُوَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَوْلُهُ النَّاتِئَيْنِ تَفْسِيرٌ لِلْكَعْبَيْنِ وَهُوَ بِالْهَمْزِ وَالْإِبْدَالِ يَاءً لِوُقُوعِهَا بَعْدَ كَسْرَةٍ الْمُرْتَفِعَيْنِ مِنْ نَتَأَ إذَا ارْتَفَعَ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِمَفْصِلٍ إلَخْ لِلظَّرْفِيَّةِ قَالَهُ فِي ك.

(قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسِ) يُقَالُ أَيُّ حَاجَةٍ لِلْقِيَاسِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ وَأَيْضًا قَدْ تَسَاوَى غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ فِي التَّنْصِيصِ عَلَى الْغَسْلِ فَجَعْلُ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ تَحَكُّمٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ لَمْ يَقَعْ فِيهِمَا خِلَافٌ مِنْ أَحَدٍ بِخِلَافِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فَقَدْ وَقَعَ فِيهِ خِلَافُ الرَّوَافِضِ إذْ قَدْ قَالُوا بِوُجُوبِ الْمَسْحِ فَصَحَّ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَاسَ الرِّجْلَانِ عَلَى الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَخْلِيلُ إلَخْ) فَلَوْ تَرَكَ التَّخْلِيلَ لَمْ يَضُرَّ إذَا وَصَلَ الْمَاءُ إلَى مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ انْتَهَى ك (قَوْلُهُ: أَيْ وَنُدِبَ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ وَقَدْ رُجِّحَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالنَّحْرِ) أَيْ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ يُسَمَّى بِالنَّحْرِ، وَأَمَّا تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فَيُسَمَّى بِالذَّبْحِ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ مَوْضِعَ الذَّبْحِ أَعْلَى وَمَوْضِعَ النَّحْرِ أَسْفَلَ فَلِذَلِكَ وَقَعَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْغُسْلِ فَقَوْلَانِ بِالنَّدْبِ وَالْوُجُوبِ وَهُوَ الرَّاجِحُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ قَلَّمَ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ مَعَ الْوَاحِدِ وَتَشْدِيدِهَا لِأَكْثَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَفِي لِحْيَتِهِ قَوْلَانِ) وَمِثْلُ اللِّحْيَةِ فِي الْخِلَافِ التَّحْذِيفُ الَّذِي يَفْعَلُهُ الْمَغَارِبَةُ فِي الْعَارِضَيْنِ وَالشَّوَارِبِ قَالَهُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْقُرْطُبِيَّةِ وَانْظُرْ هَلْ الْعَنْفَقَةُ كَالشَّوَارِبِ أَمْ لَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ: أَظْفَارِهِ) جَمْعُ ظُفُرٍ بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَالْفَاءِ عَلَى اللُّغَةِ الْفُصْحَى وَفِيهِ سُكُونُ الْفَاءِ مَعَ ضَمِّ الظَّاءِ وَكَسْرِهَا وَفِيهِ أُظْفُورٌ كَعُصْفُورٍ.

(تَنْبِيهٌ) : مَحِلُّ عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ مَوْضِعِ التَّقْلِيمِ مَا لَمْ يَطُلْ طُولًا مُتَفَاحِشًا بِحَيْثُ يَنْثَنِي عَلَى الْأَصَابِعِ، فَإِنَّهُ إذَا قَلَّمَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سَنَدٍ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَلْمُهُ وَلَوْ طَالَ وفِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَلْمُهُ إذَا طَالَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْثَنِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ إذَا حَلَقَ الشَّخْصُ) وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ الْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلتَّعْمِيمِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ خَفِيفَةً أَوْ كَثِيفَةً (قَوْلُهُ: بَدَلٌ) عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ فَسَقَطَ أَيْ مَسْحُ الرَّأْسِ عِنْدَ حُضُورِ أَيْ عِنْدَ ظُهُورِ مَحِلِّ بَدَلِهِ (قَوْلُهُ: مَقْصُودَةُ الْمَسْحِ) أَيْ مَقْصُودٌ مَسْحُهُمَا أَيْ إنَّ الْمَسْحَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لَا بِالْمَوْضِعِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَسْحُ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا لُوحِظَ أَنَّهُ مَسْحُ الْمَوْضِعِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلْمَسْحِ عِنْدَ سُقُوطِهَا.

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ مَالِكٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى شَرْطِيَّتِهِ فِي حُصُولِ مُسَمَّى الْغَسْلِ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى {فَاغْسِلُوا} [المائدة: 6] أَيْ فَلَا يُسَمَّى غَسْلًا إلَّا مَعَ وُجُودِهِ وَهُوَ إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْعُضْوِ وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ بَاطِنُ الْكَفِّ وَلَا يَسْقُطُ أَيْ الدَّلْكُ بِالنِّسْيَانِ وَيَكُونُ الْإِمْرَارُ مُقَارِنًا لِلصَّبِّ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَغَيْرَ مُقَارِنٍ قَبْلَ ذَهَابِ الْمَاءِ عَنْ الْعُضْوِ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْ قَبْلَ ذَهَابِ رُطُوبَةِ الْمَاءِ عَنْهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَاءِ بَاقِيًا بَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ بَقَاءُ الرُّطُوبَةِ فَقَطْ خِلَافًا لِلْقَابِسِيِّ فِي اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ وَهُوَ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ.

(تَنْبِيهٌ) : وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ أَنَّ الدَّلْكَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ فَلَا يَكْفِي الِانْغِمَاسُ أَوْ الصَّبُّ مُجَرَّدًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إمْرَارِ الْيَدِ إمْرَارًا مُتَوَسِّطًا وَلَوْ لَمْ تُزَلْ الْأَوْسَاخُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُتَجَسِّدَةً فَتَكُونَ حَائِلًا كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ: أَوْ بِطُولِ الْمُكْثِ) لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى بِهِ لِفَسَادِهِ وَكَأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَتَقْدِيرُهُ فَمَتَى تَحَقَّقَ إيصَالُ الْمَاءِ بِهِ أَوْ بِطُولِ الْمُكْثِ أَجْزَأَهُ (أَقُولُ) يَرِدُ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى الْغَسْلِ فَلَا حَاجَةَ إلَى عَدِّهِ فَرْضًا مُسْتَقِلًّا

ص: 126

(ص) وَهَلْ الْمُوَالَاةُ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ (ش) الْفَرِيضَةُ السَّادِسَةُ الْمُوَالَاةُ وَهِيَ حَقِيقَةٌ لُغَةً فِي الْمُجَاوَرَةِ فِي الْأَجْسَامِ وَالْأَمَاكِنِ مَجَازٌ فِي الْأَفْعَالِ وَمِنْهُ الْوَلَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ وَالتَّوَالِي وَشَرْعًا عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْيَانِ بِأَفْعَالِ الطَّهَارَةِ فِي زَمَنٍ مُتَّصِلٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ فَاحِشٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالْفَوْرِ وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى أَسَدُّ لِاقْتِضَائِهَا الْفَوْرِيَّةَ فِيمَا بَيْنَ الْأَعْضَاءِ خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِيَةُ تُعْطِي وُجُوبَ تَقْدِيمِ الْوُضُوءِ أَوَّلَ الْوَقْتِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْمُوَالَاةِ بِالسُّنِّيَّةِ وَسَيَأْتِي وَبِالْوُجُوبِ فِي الْمَغْسُولِ وَالْمَمْسُوخِ الْبَدَلِيِّ وَالْأَصْلِيِّ تَوَضَّأَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ ذَكَرَ وَقَدَّرَ سَاقِطَةً مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ كَمَا شَهَرَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: إنْ ذَكَرَ وَقَدَّرَ عَدَمَ الْوُجُوبِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا مَعَ أَنَّ الْعَاجِزَ يَبْنِي مَا لَمْ يُطِلْ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهَا فِي حَقِّهِ وَاجِبَةٌ وَإِلَّا كَانَ يَبْنِي أَيْضًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا لَمْ يَبْنِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ لِمَا عِنْدَهُ مِنْ التَّفْرِيطِ بِخِلَافِ النَّاسِي

(ص) وَبَنَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَجَزَ مَا لَمْ يُطِلْ بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ اعْتَدَلَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ لُمْعَةً مِنْهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى وُضُوئِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَيَغْسِلُ ذَلِكَ الْعُضْوَ أَوْ اللُّمْعَةَ وُجُوبًا طَالَ أَوْ لَمْ يُطِلْ يُرِيدُ وَيُعِيدُ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْعُضْوِ أَوْ تِلْكَ اللُّمْعَةِ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ مَفْرُوضَةً كَانَتْ أَوْ مَسْنُونَةً هَذَا إنْ ذَكَرَ بِالْقُرْبِ قَبْلَ جَفَافِ أَعْضَائِهِ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ الطُّولِ بِجَفَافِ أَعْضَائِهِ لَمْ يُعِدْ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْعُضْوِ وَلَا مَا بَعْدَ تِلْكَ اللُّمْعَةِ وَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ هَذَا التَّفْصِيلِ بِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْكَلَامِ مِنْ إعَادَةِ الْمُنَكِّسِ وَحْدَهُ إنْ بَعُدَ بِجَفَافٍ وَإِلَّا فَيُعِيدُ مَعَ تَابِعِهِ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُنَكِّسِ وَالْمَنْسِيِّ فِي الْإِعَادَةِ سَوَاءٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحُكْمَ إعَادَةِ مَا بَعْدَ الْمَنْسِيِّ السُّنِّيَّةُ لِأَنَّهُ لِأَجْلِ حُصُولِ التَّرْتِيبِ وَشَرْطُ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ بِنِيَّةِ هَذَا حُكْمُ النَّاسِي وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ إكْمَالِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فِي الْمُجَاوَرَةِ) أَيْ وَهِيَ حَقِيقَةٌ فِي الْمُجَاوَرَةِ لُغَةً (قَوْلُهُ: وَالْأَمَاكِنِ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَأَرَادَ بِهَا بُقَعَ الْأَرْضِ كَأَنْ تَقُولَ هَذِهِ الْبُقْعَةُ تَلِي هَذِهِ الْبُقْعَةَ وَيَبْعُدُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا الْأَمَاكِنَ عِنْدَ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ أَنَّهَا الْفَرَاغَاتُ الْمُتَوَهَّمَةُ (قَوْلُهُ: مَجَازٌ فِي الْأَفْعَالِ) أَيْ مَجَازُ اسْتِعَارَةٍ كَأَنْ تَقُولَ: هَذَا الْفِعْلُ يَلِي هَذَا الْفِعْلَ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ الْمُوَالَاةِ أُخِذَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ الْوَلَاءُ تَقُولُ: وَالَى بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ مُوَالَاةً وَوَلَاءً تَابَعَ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالَاهُ مُوَالَاةً وَوَلَاءً مِنْ بَابِ قَاتَلَ تَابَعَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّوَالِي) تَقُولُ تَوَالَى تَوَالِيًا أَيْ تَتَابَعَ فَالتَّوَالِي التَّتَابُعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّوَالِيَ فِعْلُهُ لَازِمٌ، وَأَمَّا الْوَلَاءُ فَفِعْلُهُ أُتِيَ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: مُتَّصِلٍ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ فَاحِشٍ أَيْ بِدُونِ تَفْرِيقٍ أَصْلًا أَوْ مَعَ تَفْرِيقٍ غَيْرِ مُتَفَاحِشٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ وَلَوْ عَمْدًا اتِّفَاقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَإِذَا لَمْ يَضُرَّ فَيُكْرَهُ وَقِيلَ يُمْنَعُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَا يُحَدُّ هَذَا الْيَسِيرُ هُنَا بِعَدَمِ الْجَفَافِ كَمَا فِي حَقِّ الْعَاجِزِ بَلْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ عُذْرِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ عَدَمِ الْبَيَانِ وَرَدَّهُ عج بِأَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الشُّيُوخِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الطُّولَ فِي حَقِّ الْعَامِدِ كَالْعَاجِزِ.

(قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهَا الْفَوْرِيَّةَ فِيمَا بَيْنَ الْأَعْضَاءِ) أَيْ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمُفَاعَلَةِ الْمُقْتَضِي لِتَوَالِي أُمُورٍ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْفِعْلِ الْأَوَّلِ) فِي كَوْنِهِ يُوَالِي غَيْرَهُ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِمْ مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ الْفَوْرِيَّةِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ بِفِعْلٍ فَوْرًا أَيْ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ عَمَّا قَبْلَهُ أَيْ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ يَبْنِي أَيْضًا) أَيْ مَعَ الطُّولِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ صُوَرِ الْعَجْزِ عَلَى مَا يَأْتِي مَا إذَا ظَنَّ أَنَّ الْمَاءَ يَكْفِيهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ أَوْ شَكَّ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّسَامُحِ إذْ لَا عَجْزَ حَقِيقَةً نَعَمْ مِنْ صُوَرِ الْعَجْزِ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مَا إذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ فَأُهْرِيقَ أَوْ أَهْرَاقَهُ غَيْرُهُ أَوْ غَصَبَهُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَفْرِيطٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا يُقَالُ عَجَزْت بِفَتْحِ الْجِيمِ أَعْجِزُ بِكَسْرِهَا هَذِهِ لُغَةُ الْقُرْآنِ وَيُقَالُ بِعَكْسِهِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْعَاجِزَ يَبْنِي بِنِيَّةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَبْنِي مَعَ الْقُرْبِ فَالنِّيَّةُ مُسْتَصْحَبَةٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِجَعْلِ الْوَاوِ لِلِاسْتِئْنَافِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ بَنَى وَالْبَاءُ فِي بِجَفَافِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ مَا لَمْ يَطُلْ طُولًا مُقَدَّرًا بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ وَكَذَا قَوْلُهُ بِزَمَنِ أَوْ أَنَّ بَاءَ بِجَفَافِ لِلْمُلَابَسَةِ وَقَوْلُهُ بِزَمَنٍ لِلظَّرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ التَّقْرِيرِ الْحَطَّابَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فِيهِ تَكْرَارٌ مَعَ مَا سَيَأْتِي وَيَفُوتُهُ الْكَلَامُ عَلَى تَرْكِ الْمُوَالَاةِ بَلْ صُورَةُ تَرْكِ الْمُوَالَاةِ كَمَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَحْصُلُ لَهُ نِسْيَانٌ فَيَتْرُكُ الْغَسْلَ فَيَبْنِي مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ عَاجِزًا فَيَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَبْنِي) أَيْ يُبَاحُ لَهُ الْبِنَاءُ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ وَقَرَّرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ السُّنِّيَّةَ وَرَدَّهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْإِبَاحَةُ فَلَا يُسَنُّ الْبِنَاءُ بَلْ وَلَا يُنْدَبُ.

(تَنْبِيهٌ) : اُخْتُلِفَ هَلْ يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ ثَانِيًا خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ وَأَنَّ مَنْ نَسِيَ ثَانِيًا حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَامِدِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا طَالَ تَبْطُلُ طَهَارَتُهُ (قَوْلُهُ: مَفْرُوضَةً) الْأَوْلَى مَفْرُوضًا أَيْ كَانَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْعُضْوِ مَفْرُوضًا أَوْ مَسْنُونًا لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِحُكْمِ التَّبَعِ لِلْوُضُوءِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ مُسْتَحَبٌّ وَأَنَّهُ لَا يُعِيدُ لِذَلِكَ وَحُكْمُهُ إعَادَةُ مَا بَعْدَ الْمَنْسِيِّ أَيْ مَرَّةً فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَاجِزُ) حَاصِلُ مَا فِي الشَّارِحِ أَنَّ النَّاسِيَ وَمِثْلَهُ الْمُكْرَهُ عَلَى التَّفْرِيقِ وَانْظُرْ بِمَاذَا يَكُونُ الْإِكْرَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ يَبْنِيَانِ مُطْلَقًا طَالَ أَمْ لَا وَمَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ قَطْعًا وَمِثْلُهُ ظَنًّا فَلَا يَبْنِي طَالَ أَمْ لَا وَمِثْلُهُمَا مَنْ تَعَمَّدَ التَّفْرِيقَ، وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَصُورَتَانِ

ص: 127

وُضُوئِهِ بِأَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ أَوْ أَهْرَاقَهُ هُوَ غَيْرُ مُتَعَمِّدٍ أَوْ غَصَبَهُ أَوْ ظَنَّ كِفَايَتَهُ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَقَصَرَ بِهِ فَإِنَّهُ يَبْنِي أَيْضًا عَلَى وُضُوئِهِ الْمُتَقَدِّمِ مَا لَمْ يُطِلْ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ الْبَاجِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَاسْتَظْهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَإِنْ كَانَ اللَّخْمِيُّ حَكَى الِاتِّفَاقَ وَغَيْرُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِنَاءَ فِيمَا إذَا أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ أَوْ أَهْرَاقَهُ هُوَ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ أَوْ غَصَبَهُ وَإِنْ طَالَ كَالنَّاسِي.

وَفَرَّقَ الْفَاكِهَانِيُّ بِأَنَّ النِّسْيَانَ يَتَعَذَّرُ الِانْفِكَاكُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْغَصْبِ وَالْإِهْرَاقِ فَإِنَّهُ نَادِرٌ وَأَمَّا مَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ قَطْعًا فَلَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْعَجْزِ فَلَا يَبْنِي طَالَ أَمْ لَا وَالطُّولُ الْمَذْكُورُ الْمَانِعُ فِي صُوَرِ الْعَجْزِ قِيلَ يُحَدُّ بِالْعُرْفِ وَقِيلَ بِجَفَافِ الْأَعْضَاءِ الْمُعْتَدِلَةِ فِي الزَّمَنِ الْمُعْتَدِلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَاعْتِدَالُ الْأَعْضَاءِ فِي الْمِزَاجِ لَا كَوْنُ الشَّخْصِ بَيْنَ الشَّبُوبَةِ وَالشُّيُوخَةِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ صُوَرِ اعْتِدَالِ الْمِزَاجِ غَالِبًا وَاعْتِدَالِ الزَّمَنِ بَيْنَ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ فَقِيَامُ الْبَلَلِ عِنْدَهُمْ دَلِيلُ بَقَاءِ أَثَرِ الْوُضُوءِ فَيَتَّصِلُ الْأَخِيرُ بِأَثَرِ الْغَسْلِ السَّابِقِ وَحُكْمُ الْإِكْرَاهِ عَلَى عَدَمِ الْمُوَالَاةِ كَحُكْمِ النِّسْيَانِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (أَوْ سُنَّةٌ) خِلَافٌ وَشَهَرَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَعَلَيْهِ إنْ فَرَّقَ نَاسِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ فَرَّقَ عَامِدًا فَقَوْلَانِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَابْنِ الْقَاسِمِ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَيْضًا أَبَدًا كَتَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِهَا عَمْدًا لِأَنَّهُ كَاللَّاعِبِ الْمُتَهَاوِنِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ الْوَاقِعَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَعْنَوِيٌّ لَا لَفْظِيٌّ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْحَطَّابِ.

(ص) وَنِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ

ــ

[حاشية العدوي]

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا عِنْدَهُ عَلَى عَدَمِ الْبِنَاءِ مَعَ الطُّولِ وَيَبْنِي مَعَ عَدَمِ الطُّولِ وَهُوَ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ يَكْفِيهِ أَوْ شَكَّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ وَثَلَاثُ صُوَرٍ مَحِلُّ خِلَافٍ فَقِيلَ يَبْنِي مُطْلَقًا كَالنَّاسِي وَقِيلَ يَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ أَيْ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ وَشَارِحُنَا رَجَّحَ الثَّانِيَ إلَّا أَنَّ الرَّاجِحَ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْبِنَاءُ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمِثْلُ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ مَا إذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَهُوَ كَالنَّاسِي ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ اعْتَمَدَ عج أَنَّ الْعَامِدَ كَالْعَاجِزِ يَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ وَالطُّولُ مُقَدَّرٌ بِالْجَفَافِ الْآتِي.

(تَنْبِيهٌ) : ذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَا حَاصِلُهُ أَنَّ تَجْدِيدَ النِّيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي النَّاسِي فَقَطْ لَا فِي غَيْرِهِ مِنْ صُوَرِ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْعَجْزِ) وَجَعَلَ عج مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا أَعَدَّ مَا ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ أَوْ شَكَّ فِي الْكِفَايَةِ فَلَا يَبْنِي مُطْلَقًا طَالَ أَمْ لَا، فَإِنْ قُلْت: إنَّ الْعَامِدَ قَدْ قُلْتُمْ إنَّهُ يَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَبْنِي وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا قَطَعَ بِعَدَمِ الْكِفَايَةِ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ فِي الْكِفَايَةِ فَنِيَّتُهُ مُتَزَلْزِلَةٌ بِخِلَافِ الْعَامِدِ أَيْ مُعْتَمِدِ التَّفْرِيقِ فَلَيْسَ عِنْدَهُ تَزَلْزُلٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ شَارِحَنَا ذَكَرَ أَنَّهُ فِي الشَّاكِّ يَبْنِي مَعَ عَدَمِ الطُّولِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِتَزَلْزُلِ النِّيَّةِ كَمَا قُلْنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْكِفَايَةِ أَوْ جَزَمَ بِذَلِكَ أَوْ شَكَّ، فَإِنَّهُ لَا يَبْنِي مُطْلَقًا وَعِبَارَةُ عب مُضْطَرِبَةٌ مُخَالِفَةٌ لِمَا قُلْنَا وَلَا تَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فِي الزَّمَنِ الْمُعْتَدِلِ) أَيْ وَالْمَكَانِ الْمُعْتَدِلِ (قَوْلُهُ: فِي الْمِزَاجِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ.

(قَوْلُهُ: لَا كَوْنُ الشَّخْصِ بَيْنَ الشَّبُوبَةِ وَالشُّيُوخَةِ) أَيْ إنَّ اعْتِدَالَ الْأَعْضَاءِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمِزَاجِ لَا كَوْنُهُ فِي السِّنِّ بَيْنَ الشُّيُوخَةِ وَالشَّبُوبَةِ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَيْ كَوْنُهُ بَيْنَ إلَخْ أَيْ كَوْنُهُ فِي هَذَا السِّنِّ مُتَّصِفًا بِالْحَالَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ أَيْ لَا حَارًّا وَلَا بَارِدًا إنَّمَا هُوَ مِنْ صُوَرِ اعْتِدَالِ الْمِزَاجِ غَالِبًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْتَدِلْ الْمِزَاحُ بِأَنْ غَلَبَتْ الْحَرَارَةُ أَوْ الْبُرُودَةُ فَلَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ: غَالِبًا يَقْتَضِي أَنَّ تِلْكَ الْحَالَةَ تُوجَدُ إذَا لَمْ يَعْتَدِلْ الْمِزَاجُ وَلَعَلَّهُ نَادِرًا أَوْ عَلَى طَرِيقِ الْفَرْضِ نَعَمْ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَعْضَاءُ الشَّابِّ الْمُعْتَدِلَةُ لَا تَكُونُ كَأَعْضَاءِ الشَّيْخِ الْمُعْتَدِلِ أَوْ الْكَهْلِ الْمُعْتَدِلِ فَاعْتِدَالُ كُلِّ شَخْصٍ بِحَسْبِهِ (قَوْلُهُ: فَقِيَامُ الْبَلَلِ) أَيْ فِي الْعُضْوِ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: أَثَرِ الْوُضُوءِ هُوَ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: فَيَتَّصِلُ الْأَخِيرُ بِأَثَرِ الْغَسْلِ السَّابِقِ) أَرَادَ بِالْأَخِيرِ مَا بَعْدَ الَّذِي كَانَ وَقَعَ بَعْدَهُ التَّرْكُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَا دَامَ الْبَلَلُ مَوْجُودًا يُغْتَفَرُ الْفَصْلُ فَلَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَحَصَلَ فَصْلٌ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ قَبْلَ جَفَافِ الْيَدَيْنِ وَبَعْدَ جَفَافِ الْوَجْهِ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ: كَتَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِهَا عَمْدًا) أَيْ وَسَيَأْتِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ عَمْدًا تَبْطُلُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَكَذَلِكَ هُنَا مَنْ تَرَكَ الْمُوَالَاةَ عَمْدًا يَبْطُلُ الْوُضُوءُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ هَذَا مَعْنَى الْعِبَارَةِ تَحْقِيقًا.

(قَوْلُهُ: مَعْنَوِيٌّ) أَيْ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ النَّاسِيَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ يَبْنِي وَالْبِنَاءُ هُوَ إعَادَةُ فِعْلِ مَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ الْمُخِلِّ بِالْمُوَالَاةِ وَحْدَهُ إنْ حَصَلَ التَّذَكُّرُ بَعْدَ الْجَفَافِ، وَإِنْ حَصَلَ قَبْلَهُ فَهُوَ إعَادَتُهُ وَإِعَادَةُ مَا بَعْدَهُ أَيْضًا وَأَيْضًا الْعَامِدُ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ فِي إعَادَتِهِ خِلَافٌ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فَيُعِيدُ أَبَدًا حَيْثُ حَصَلَ الطُّولُ اتِّفَاقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَأَيْضًا الْقَائِلُ بِالْوُجُوبِ يَقُولُ يَأْثَمُ الْعَامِدُ بِتَرْكِهِ فِعْلَ الْوَاجِبِ، وَأَمَّا الْقَائِلُ بِالسُّنِّيَّةِ، فَإِنَّمَا هُوَ لِتَهَاوُنِهِ بِهَا كَذَا ذَكَرَهُ عج وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ الْإِثْمَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ أَعْظَمُ مِنْ الْإِثْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَتَأَمَّلْ فِي قَوْلِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ الْوُضُوءَ وَلَا يَصِحُّ بَلْ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ وَلَوْ طَالَ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ: الْخُلْفُ لَفْظِيٌّ أَيْ إنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ حُكْمِ الْمُوَالَاةِ فَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْوُجُوبِ بِالشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالسُّنِّيَّةِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ) أَيْ بِالْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالْمُسْتَحَبَّات إلَّا أَنَّ نِيَّةَ الْفَرِيضَةِ تَرْفَعُ الْحَدَثَ أَيْ مَنْعَ الصِّحَّةِ أَيْ تَرْفَعُ مَنْعَ الصِّحَّةِ وَتُثْبِتُ الصِّحَّةَ وَنِيَّةُ غَيْرِهَا تَرْفَعُهُ أَيْ مَنْعَ الْكَمَالِ أَيْ تَرْفَعُ مَنْعَ الْكَمَالِ وَتُثْبِتُ الْكَمَالَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي وُضُوءِ الْمُحْدِثِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ فَرْضًا وَغَيْرَهُ، وَوُضُوءُ التَّجْدِيدِ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ مَا يَشْمَلُ مَنْعَ الصِّحَّةِ وَمَنْعَ الْكَمَالِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ نِيَّةُ الْوُضُوءِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ فَرْضًا وَسُنَّةً وَمَنْدُوبًا كَانَ الْوُضُوءُ فَرْضًا أَوْ مَنْدُوبًا وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ

ص: 128

عِنْدَ وَجْهِهِ أَوْ الْفَرْضِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ وَإِنْ مَعَ تَبَرُّدٍ (ش) هَذِهِ هِيَ الْفَرِيضَةُ السَّابِعَةُ النِّيَّةُ وَكَانَ حَقُّهَا التَّقْدِيمَ كَمَا فَعَلَ غَيْرُ الْمُؤَلِّفِ لَكِنْ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا وَلِكَثْرَةِ تَشَعُّبَاتِهَا أَخَّرَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا لِيَتَفَرَّغَ مِنْ غَيْرِهَا لَهَا وَهِيَ فَرْضٌ اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] وَفِي كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهُمَا أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ الثَّانِي أَنْ يَنْوِيَ أَدَاءَ الْفَرْضِ أَيْ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ وَتَدْخُلُ السُّنَنُ وَالنَّوَافِلُ بِالتَّبَعِيَّةِ ثَالِثُهَا أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ مَمْنُوعٍ مِمَّا لَا يُسْتَبَاحُ إلَّا بِالطَّهَارَةِ وَمَتَى خَطَرَ ذِكْرُ جَمِيعِ الثَّلَاثَةِ تَلَازَمَتْ وَإِنْ خَطَرَ بِبَالِهِ بَعْضُهَا أَجْزَأَ عَنْ جَمِيعِهَا مَا لَمْ يَقْصِدْ عَدَمَ حُصُولِ الْآخَرِ كَأَنْ يَقُولَ: أَرْفَعُ الْحَدَثَ لَا أَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ أَوْ الْعَكْسَ فَتَبْطُلُ النِّيَّةُ وَتَكُونُ عَدَمًا لِلتَّنَافِي وَلَوْ نَوَى الْوُضُوءَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ صَحَّ وَلَعَلَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ ثُمَّ إذَا نَوَى أَحَدَ هَذِهِ الْأَوْجُهِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ وَإِنْ أَشْرَكَهُ مَعَ نِيَّةِ تَعْلِيمٍ أَوْ تَبَرُّدٍ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَيْسَتْ مُضَادَّةً لِلْوُضُوءِ وَلَا مُؤَثِّرَةً فِي نِيَّةِ التَّطْهِيرِ مِنْ الْحَدَثِ وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى تَبَرُّدٍ لِيَشْمَلَ التَّدَفِّيَ وَالنَّظَافَةَ لَكَانَ أَحْسَنَ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ لِلْوُضُوءِ يَتَضَمَّنُ التَّبَرُّدَ فَإِذَا نَوَاهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُضَادًّا لِلْوُضُوءِ وَلَا مُؤَثِّرًا فِيهِ كَمَا مَرَّ وَتَكُونُ النِّيَّةُ الْمَذْكُورَةُ بِأَنْوَاعِهَا عِنْدَ أَوَّلِ فَرْضٍ وَهُوَ غَسْلُ وَجْهِهِ إنْ بَدَأَ بِهِ لَا عِنْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ إلَى الْكُوعَيْنِ وَإِنْ اسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِئَلَّا تَعْرَى السُّنَنُ السَّابِقَةُ لِلْوَجْهِ عَنْ نِيَّةٍ بَلْ عَلَى الْمَشْهُورِ يَنْوِي لَهَا نِيَّةً مُنْفَرِدَةً كَمَا سَيَأْتِي.

(ص) أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ الْمُسْتَبَاحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِوُضُوئِهِ الظُّهْرَ دُونَ الْعَصْرِ أَوْ يَمَسَّ بِهِ الْمُصْحَفَ دُونَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَيُبَاحُ لَهُ فِعْلُ الْمَنْوِيِّ وَغَيْرِهِ إذْ لَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ أَنْ يَقْطَعَ مُسَبَّبَاتِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ عَنْهَا كَقَوْلِهِ: أَتَزَوَّجُ وَلَا يَحِلُّ لِي الْوَطْءُ وَأَوْلَى لَوْ نَوَى شَيْئًا وَلَمْ يُخْرِجْ غَيْرَهُ (ص) أَوْ نَسِيَ حَدَثًا لَا أَخْرَجَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَحْدَثَ أَحْدَاثًا فَنَوَى حَدَثًا مِنْهَا نَاسِيًا غَيْرَهُ أَوْ ذَاكِرًا لَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَنْ يُرَادَ بِالْمَنْعِ مَا يَشْمَلُ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ وَخِلَافَ الْأَوْلَى وَالْمُرَادُ رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلَوْ نَوَى الْأَكْبَرَ مَنْ لَزِمَهُ رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ هَلْ يُجْزِئُهُ لِانْدِرَاجِ الْجُزْءِ تَحْتَ الْكُلِّ أَوْ لَا لِخُرُوجِهِ عَنْ سُنَنِ الشَّرْعِ وَإِفْسَادِهِ الْأَوْضَاعَ الشَّرْعِيَّةَ بِالْقَلْبِ وَالتَّغْيِيرِ فَصَارَ كَالْعَابِثِ مِنْ التَّوْضِيحِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَحُرِّرَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ الْفَرْضِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ رَفْعِ الْحَدَثِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَدَاءِ الْفَرْضِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ هُنَا أَحَدُ إطْلَاقَيْهِ وَهُوَ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ أَيْ أَصْلِهَا وَكَمَا لَهَا لَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَالْوُضُوءَ لِلسُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ وَوُضُوءَ الصَّبِيِّ وَالْمُجَدِّدِ، وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِهِ مَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ فَلَا يَشْمَلُ الْأَخِيرَ قَطْعًا إلَّا أَنْ تُعَمِّمَ فِي الْعِقَابِ بِحَيْثُ يَشْمَلُ التَّأْدِيبَ فِي الدُّنْيَا بِاعْتِبَارِ الصَّبِيِّ، وَكَذَا الْأَوَّلَانِ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْعِقَابُ أَنَّهُ لَوْ تَلَبَّسَ بِالْعِبَادَةِ بِدُونِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدًا مُعَيَّنًا لَصَحَّ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِأَنَّ كُلَّ مُكَلَّفٍ يَعْلَمُ أَنَّ صِحَّةَ الْعِبَادَةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُضُوءِ، وَأَمَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ مَعَ اتِّسَاعِهِ فَيَصِحُّ إرَادَةُ الْمَعْنَى الثَّانِي وَهُوَ مَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوُجُوبَ قَدْ حَصَلَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ اتِّسَاعٌ أَفَادَ ذَلِكَ عج رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ) أَيْ أَوْ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ كَمَالًا فَيَشْمَلُ الْوُضُوءَ الْمُجَدَّدَ أَوْ صِحَّةٍ فَيَشْمَلُ الْوُضُوءَ الْأَصْلِيَّ، وَالْمُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُتَوَضِّئِ دُونَ مَنْ يُوَضِّئُهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَعَ تَبَرُّدٍ) وَهُوَ وَاضِحٌ إذَا تَوَضَّأَ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّبَرُّدُ لَا حَارٍّ نَوَى بِهِ التَّبَرُّدَ أَوْ عَكْسِهِ لِتَلَاعُبِهِ لَكِنْ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَذَا فِي شَرْحِ عب ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَلَفَّظَ بِنِيَّتِهِ ثُمَّ كَلَامُهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّبَرُّدُ لِأَنَّ مَعَ تَدْخُلُ عَلَى الْمَتْبُوعِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ مَعَهُ كَتَبَرُّدٍ لَكَانَ أَحْسَنَ.

(قَوْلُهُ: وَلِكَثْرَةِ تَشَعُّبَاتِهَا) أَيْ تَفَرُّعَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ فَرْضٌ اتِّفَاقًا) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ (قَوْلُهُ: إلَخْ) أَيْ فَإِذَنْ يَكُونُ مَعْنَى مُخْلِصِينَ أَيْ نَاوِينَ الْعِبَادَةَ لَهُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ صَلَاةَ الْمُرَائِي بَاطِلَةٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ بِذَلِكَ الْمَعْنَى لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَقَدْ نَظَرَ فِي ذَلِكَ الْحَطَّابُ عَلَى الرِّسَالَةِ ثُمَّ ظَهَّرَ الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ: أَيْ امْتِثَالَ) أَيْ إطَاعَةَ أَمْرِ اللَّهِ لَا يَخْفَى أَيْ هَذَا لَيْسَ تَفْسِيرًا بِالْحَقِيقَةِ بَلْ التَّفْسِيرُ بِالْحَقِيقَةِ أَيْ يَنْوِي أَدَاءَ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَتَدْخُلُ السُّنَنُ أَيْ سُنَنُ الْوُضُوءِ، وَقَوْلُهُ: وَالنَّوَافِلُ أَيْ مُسْتَحَبَّاتُهُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى مَا فَسَّرْته بِهِ تَكُونُ دَاخِلَةً قَصْدًا لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِهَا (قَوْلُهُ: ذِكْرُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ " ذِكْرُ " أَيْ مَتَى خَطَرَتْ الثَّلَاثَةُ، وَقَوْلُهُ: تَلَازَمَتْ أَيْ صَارَ لَا يَنْفَكُّ أَحَدُهَا عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ عَدَمًا) قَالَ فِي كَبِيرِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: أَوْ نَسِيَ حَدَثًا لَا أَخْرَجَهُ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ عَامِدًا انْتَهَى (قَوْلُهُ: الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ) وَهُوَ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ نَفْسُ نِيَّةِ الْفَرْضِ بِالْمَعْنَى الَّذِي تَقَدَّمَ لَهُ جَزْمًا وَلَعَلَّهُ أَتَى بِالتَّرَجِّي تَحَرِّيًا لِلصِّدْقِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُؤَثِّرَةً) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَعْرَى) عِلَّةٌ لِاسْتَظْهَرَهُ (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَهُوَ أَنَّهُ يَنْوِي عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ وَعَلَى هَذَا فَلِلْوُضُوءِ نِيَّتَانِ لَا نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَحِينَئِذٍ فَيَقُولُ عِنْدَ شُرُوعِهِ نَوَيْت سُنَنَ الْوُضُوءِ.

(قَوْلُهُ: لَا أَخْرَجَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ نَوَى حَدَثًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ لَا أَخْرَجَهُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَحْدَثَ أَحْدَاثًا إلَخْ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ نَوَى نَفْسَ الْخَارِجِ وَقَوْلُهُ: الْأَفْرَادُ أَيْ أَفْرَادُ الْخَارِجِ، وَقَوْلُهُ: الْمَاهِيَّةُ أَيْ الْمَاهِيَّةُ الْكُلِّيَّةُ أَيْ مَاهِيَّةُ الْخَارِجِ الشَّامِلَةُ لِجَمِيعِ أَفْرَادِهَا مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالْحَدَثِ فِي الْمُصَنِّفِ الْمَنْعُ أَوْ الْوَصْفُ مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبُهُ عَلَى الْخَارِجِ الْمَخْصُوصِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَوْ نَوَى مَنْعًا أَوْ وَصْفًا يَتَرَتَّبُ عَلَى خُصُوصِ الْبَوْلِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: لَا أَخْرَجَهُ أَيْ بِأَنْ حَصَلَ مِنْهُ بَوْلٌ وَغَائِطٌ مَثَلًا

ص: 129

وَلَمْ يُخْرِجْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْوِيُّ هُوَ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ أَوَّلًا أَوْ آخِرًا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ إذَا كَانَ مُوجِبُهَا وَاحِدًا وَاجْتَمَعَتْ تَدَاخَلَ حُكْمُهَا وَنَابَ مُوجِبُ أَحَدِهَا عَنْ الْآخَرِ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ هُنَا الْأَفْرَادُ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تُوصَفُ بِالْإِخْرَاجِ بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ وَنِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَاهِيَّةُ وَلِذَا أَعَادَهُ نَكِرَةً بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهُ مَعْرِفَةً وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ أَوْ نَوَى حَدَثًا غَيْرَ مُخْرِجٍ سِوَاهُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ مَنْ نَسِيَ حَدَثًا وَذَكَرَ غَيْرَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ وَأَوَّلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَآخِرُهُ مُتَعَارِضَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومٌ آخِرَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا أُخْرِجُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَوْ نَسِيَ بَلْ لَوْ تَذَكَّرَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ.

(ص) أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا نَوَى بِطُهْرِهِ مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ الْأَعَمَّ مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فَلَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ صَرْفُ النِّيَّةِ لِلْخَبَثِ لَمْ يَرْتَفِعْ الْحَدَثُ أَمَّا إنْ قَصَدَ الطَّهَارَةَ لَا بِقَيْدِ الْأَعَمِّيَّةِ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ لِأَنَّ قَرِينَةَ فِعْلِهِ تَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَلِذَا قَالَ فِيهَا مَنْ تَوَضَّأَ لِيَكُونَ عَلَى طُهْرٍ أَجْزَأَهُ.

(ص) أَوْ اسْتِبَاحَةَ مَا نُدِبَتْ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ فِعْلِ مَا نُدِبَتْ لَهُ الطَّهَارَةُ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَوْ النَّوْمِ وَتَعْلِيمِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي قَصَدَ إلَيْهِ يَصِحُّ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَثِ فَلَمْ يَتَضَمَّنْ الْقَصْدُ إلَيْهِ الْقَصْدَ لِرَفْعِ الْحَادِثِ كَمَا تَضَمَّنَهُ الْقَصْدُ إلَى مَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ مِنْهُ وَلَا يُقَالُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ اسْتِبَاحَةً مُسَامَحَةً لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِيمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِدُونِ الطَّهَارَةِ وَمَا نُدِبَتْ لَهُ لَيْسَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِدُونِهَا لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ.

(ص) أَوْ قَالَ: إنْ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِئُ مَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ الْأَكْبَرِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ لَا تَرَدُّدَ فِيهَا فَتَطَهَّرَ وَعَلَّقَ نِيَّتَهُ وَلَمْ يَجْزِمْهَا وَقَالَ: إنْ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ هَذَا الطُّهْرُ فَلَا يُجْزِئُهُ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى اسْتِحْبَابِ وُضُوءِ الشَّاكِّ وَأَمَّا عَلَى وُجُوبِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَيُجْزِئُ لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِالنِّيَّةِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَنَوَى الْمَنْعَ أَوْ الْوَصْفَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْبَوْلِ وَأَخْرَجَ الْمَنْعَ أَوْ الْوَصْفَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْغَائِطِ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ بِأَنْ يُقَالَ: نَوَى حَدَثًا أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْوَصْفِ أَوْ الْمَنْعِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ، وَقَوْلُهُ: مُوجِبُ وَهُوَ وَاحِدٌ وَهُوَ الْوُضُوءُ وَقَوْلُهُ وَنَابَ مُوجِبُ إلَخْ تَفْسِيرٌ. (قَوْلُهُ: الْأَفْرَادُ) أَيْ أَفْرَادُ الْخَارِجِ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: الْمَاهِيَّةُ) أَيْ مَاهِيَّةُ الْخَارِجِ الْكُلِّيَّةُ أَيْ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَرَتَّبُ وَهُوَ الْمَنْعُ أَوْ الْوَصْفُ الْكُلِّيُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَاهِيَّةُ هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْفَرْضُ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَنْعِ أَوْ الْوَصْفِ الْجُزْئِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: نَسِيَ حَدَثًا وَذَكَرَ غَيْرَهُ) تَيَقَّنَ حُصُولَهُمَا أَوْ شَكَّ فِيهِمَا أَوْ تَيَقَّنَ حُصُولَ أَحَدِهِمَا وَشَكَّ فِي الْآخَرِ وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ حَصَلَ الْحَدَثَانِ دُفْعَةً أَوْ تَرَتَّبَا وَأَخْرَجَ الْأَوَّلَ، وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَ الَّذِي حَصَلَ ثَانِيًا فَوَجْهُ الْبُطْلَانِ مَعَ أَنَّ الْإِيجَابَ إنَّمَا هُوَ بِالْأَوَّلِ أَنَّهُ يَكُونُ مُوجِبًا بِتَقْدِيرِ أَنْ لَوْ حَصَلَ أَوَّلًا.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ الْأَعَمَّ) صِفَةٌ لِمُطْلَقَ أَيْ نَوَى هَذَا الْكُلِّيَّ الْمُتَحَقِّقَ فِي ذَلِكَ الْفَرْدِ وَذَاكَ الْفَرْدِ فَقَوْلُهُ: الْأَعَمَّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْوِيِّ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ نَوَى هَذَا الْكُلِّيَّ الْمُتَحَقِّقَ فِي أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ أَوْ الْخَبَثِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَمَّا إنْ قَصَدَ الطَّهَارَةَ إلَخْ فَلَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بَلْ خَطَرَ بِبَالِهِ خُصُوصُ الْأَمْرِ الْكُلِّيِّ لَا بِقَيْدِ تَحَقُّقِهِ فِي هَذَا أَوْ هَذَا وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَصَدَ الْأَمْرَ الْكُلِّيَّ مُلَاحِظًا تَحَقُّقَهُ فِي ضِمْنِ الْفَرْدَيْنِ أَوْ الْحَدَثَ فَإِذَنْ يَكُونُ الْمُضِرُّ هُوَ مُلَاحَظَةُ الْمَاهِيَّةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ أَوْ خُصُوصُ تَحَقُّقِهَا فِي الْخَبَثِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ صَرْفُ النِّيَّةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ جَارٍ فِي صُورَةِ الْإِجْزَاءِ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: إنْ أَمْكَنَ أَيْ إمْكَانًا وُقُوعِيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ التَّقْدِيرِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا) أَيْ بِدُونِ الْمُصْحَفِ نَعَمْ مَنْ نَوَى بِغُسْلِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ جَنَابَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ إلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ حَدَثِ الْجَنَابَةِ وَأَوْلَى مِنْهُ لَوْ نَوَى قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ (قَوْلُهُ: كَمَا تَضْمَنَّهُ) أَيْ تَضَمَّنَ رَفْعَ الْحَدَثِ وَقَوْلُهُ إلَى مَا تَجِبُ أَيْ إلَى اسْتِبَاحَةِ مَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ.

(قَوْلُهُ: وَوَجَبَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ) أَيْ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الشَّاكِّ الْوُضُوءُ فَالْحَدَثُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ أَوْ الْمَنْعِ قَامَ بِهِ تَحْقِيقًا فَلِذَلِكَ فَلَنَا وَجَبَ عَلَيْهِ الطُّهْرُ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ هَذَا الطُّهْرِ لَا يُجْزِئُهُ مُطْلَقًا مَبْنِيٌّ عَلَى اسْتِحْبَابِ وُضُوءِ الشَّاكِّ فَلَمْ يَقُمْ بِهِ الْمَنْعُ وَلَا الْوَصْفُ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى وُجُوبِهِ إلَخْ أَيْ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ أَوْ الْوَصْفَ يَقُومُ بِالشَّاكِّ تَحْقِيقًا، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: الشَّاكُّ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ الَّذِي هُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فَلَمْ يَقُمْ بِهِ الْمَنْعُ وَلَا الْوَصْفُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ لَمْ يَكُنْ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَلْ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ مَرْعِيٍّ لَا أَنَّهُ مَعْمُولٌ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ جَازِمَ النِّيَّةِ) لَا يَسْلَمُ أَنَّهُ جَازِمٌ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ أَيْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَحْدَثَ فَلَهُ هَذَا الْوُضُوءُ وَإِلَّا فَلَا فَحُكِمَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ لِلتَّرَدُّدِ الْحَاصِلِ فِي النِّيَّةِ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ وُضُوءُ الشَّاكِّ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ وُضُوءَهُ قَدْ بَطَلَ بِالشَّكِّ وَأَنَّهُ صَارَ مُحْدِثًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فَيَنْوِي حِينَئِذٍ رَفْعَ الْحَدَثِ جَزْمًا فَهَذَا يُجْزِئُهُ وُضُوءُهُ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَمْ لَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَيُجْزِئُ لَا يَسْلَمُ.

وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الشَّاكَّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ آتٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اسْتِحْبَابِ وُضُوءِ الشَّاكِّ وَوُجُوبِ وُضُوئِهِ هَذَا مُلَخَّصُ مَا قَرَّرَهُ الْحَطَّابُ إلَّا أَنَّ عج لَمْ يَرْتَضِهِ فَقَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاكَّ إنْ قَالَ إنَّ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ، فَإِنْ كَانَ حِينَ نِيَّتِهِ مُسْتَحْضِرًا أَنَّ

ص: 130

فَهَذَا مَشْهُورٌ وَمَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ أَحْدَثَ وَمَعَهُ ظَنُّ الطَّهَارَةِ فَالْوُضُوءُ الثَّانِي لَمْ يُصَادِفْ مَحِلًّا اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ.

(ص) أَوْ جَدَّدَ فَتَبَيَّنَ حَدَثُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ بِنِيَّةِ التَّجْدِيدِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْصِدْ بِوُضُوئِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ الْفَضِيلَةَ فَقَوْلُهُ فَتَبَيَّنَ حَدَثُهُ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا يُجْزِئُهُ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ لِتَرَدُّدِ نِيَّتِهِ.

(ص) أَوْ تَرَكَ لُمْعَةً فَانْغَسَلَتْ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ لُمْعَةً مِنْ مَغْسُولِ الْوُضُوءِ فِي الْغَسْلَةِ الْأُولًى فَانْغَسَلَتْ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ فَلَا يُجْزِئُ لِأَنَّ غَيْرَ الْوَاجِبِ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، فَإِنْ أَخَّرَ جَرَى عَلَى الْمُوَالَاةِ وَهَذَا إذَا أَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضْلِ وَإِلَّا فَيُجْزِئُ فَالْمُرَادُ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ النِّيَّةُ الَّتِي أَحْدَثَهَا عِنْدَ فِعْلِ الْفَضِيلَةِ لَا نِيَّةُ الْفَضْلِ الْمُنْدَرِجَةِ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فَانْغَسَلَتْ وَلَا لِقَوْلِهِ الْفَضْلِ إذْ مَنْ تَرَكَ لُمْعَةً مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ فَانْمَسَحَتْ بِنِيَّةِ السُّنِّيَّةِ كَذَلِكَ.

(ص) أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَالْأَظْهَرُ فِي الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ بِأَنْ خَصَّ كُلَّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ فَصُورَةُ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ أَنْ يَغْسِلَ وَجْهَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي إتْمَامِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ وَلَيْسَ صُورَتُهَا أَنَّهُ جَعَلَ رُبْعَ نِيَّتِهِ مَثَلًا لِوَجْهِهِ وَرُبْعَهَا لِيَدَيْهِ وَهَكَذَا فَإِنَّ هَذِهِ تَجْزِئَةٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَتَجَزَّأُ (ص) وَعُزُوبُهَا بَعْدَهُ وَرَفْضُهَا مُغْتَفَرٌ (ش) ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى مِنْهُمَا عُزُوبُ النِّيَّةِ وَهُوَ انْقِطَاعُهَا وَالذُّهُولُ عَنْهَا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ عَائِدٌ إلَى الْوَجْهِ فِي قَوْلِهِ عِنْدَ وَجْهِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الذُّهُولَ عَنْ النِّيَّةِ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا فِي مَحِلِّهَا عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ مُغْتَفَرٌ لِمَشَقَّةِ اسْتِصْحَابِهَا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلَ، وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ رَفْضُ النِّيَّةِ وَهُوَ لُغَةً التَّرْكُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا تَقْدِيرُ مَا وُجِدَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالنِّيَّةُ كَالْعَدَمِ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ مُغْتَفَرٌ أَيْضًا بَعْدَ كَمَالِ الْوُضُوءِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ إذَا رَجَعَ وَكَمَّلَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ بِالْقُرْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا إنْ لَمْ يُكْمِلْهُ أَوْ كَمَّلَهُ بِنِيَّةِ التَّبَرُّدِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ وَالْحَجُّ كَالْوُضُوءِ عَكْسُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَإِنَّ رَفْضَ النِّيَّةَ فِيهِمَا غَيْرُ مُغْتَفَرٍ وَالْفَرْقُ

ــ

[حاشية العدوي]

الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ نَاقِضٌ كَتَحَقُّقِهِ كَانَتْ نِيَّتُهُ جَازِمَةً لَا تَرَدُّدَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ دَالًّا عَلَى التَّرَدُّدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحْضِرٍ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَرَدِّدًا فِيهَا، فَإِنْ قُلْت: قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ وَإِنْ كَانَ جَازِمًا بِالنِّيَّةِ فَالْخَلَلُ إنَّمَا جَاءَهُ مِنْ عَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَهَارَتَهُ عَلَى حُصُولِ الْحَدَثِ وَلَمْ يَحْصُلْ وَإِنَّمَا حَصَلَ الشَّكُّ فِيهِ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ حَاصِلٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ النَّاقِضَ مُطْلَقًا وَهُوَ الظَّاهِرُ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَدَثَ الْمُقَابِلَ لِلسَّبَبِ فَهُوَ مَعَ بُعْدِ إرَادَتِهِ الشَّكُّ فِيهِ كَتَحَقُّقِهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ انْتَهَى (أَقُولُ) أَوْ يُرَادُ بِالْحَدَثِ الْوَصْفُ أَوْ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الشَّكِّ وَهُوَ حَاصِلٌ قَطْعًا فَقَدْ عَلَّقَ هَذَا الْوُضُوءَ عَلَيْهِ فَلَا تَرَدُّدَ فِي النِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا ظَاهِرِيًّا وَلَا ضَرَرَ فِيهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ ظَاهِرَةٌ كَمَا قُلْنَا وَمَا قَالَهُ عج وَمَا قُلْنَاهُ أَحْسَنُ مِمَّا قَالَهُ الْحَطَّابُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَشْهُورٌ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ إنْ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ اسْتِحْبَابُ وُضُوءِ الشَّاكِّ (قَوْلُهُ: فَالْوُضُوءُ الثَّانِي لَمْ يُصَادِفْ مَحِلًّا) وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَيَبْطُلُ الْوُضُوءُ وُجُوبًا.

(قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَكْمَلِ الْحَالَاتِ وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ رَفْعَ الْحَدَثِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ لُمْعَةً) اللُّمْعَةُ الْمَوْضِعُ لَا يُصِيبُهُ الْمَاءُ فِي الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ قَالَ عج وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ نِيَّةَ الْفَضْلِ يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ فِعْلِ الْغَسْلَةِ الْأُولَى، وَإِنْ لَمْ تَعُمَّ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ وَأَمَّا عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ سَنَدٍ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ الْفَضْلِ لَا يُعْمَلُ بِهَا إلَّا إذَا عَمَّتْ الْأُولَى فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَغْسِلَ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ (فَائِدَةٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا لَمْ يَسْبُغْ فِي الْأُولَى وَأَسْبَغَ فِي الثَّانِيَةِ كَانَ بَعْضُهَا فَرْضًا وَهُوَ إسْبَاغُ مَا عَجَزَتْ عَنْهُ الْأُولَى وَبَقِيَّتُهَا فَضِيلَةٌ وَهُوَ مَا تَكَرَّرَ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أُسْبِغَ أَوَّلًا وَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِرَابِعَةٍ يَخُصُّ بِهَا مَوْضِعَ عَجْزِ الْأُولَى وَلَا يَعُمُّ فَيَدْخُلُ فِي الْأُولَى وَيُعِيدُ اللُّمْعَةَ ثَلَاثًا وَمَا بَعْدَهَا إنْ قَرُبَ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَ مَا عَدَا الْعُضْوَ الْأَخِيرَ وَهُوَ رِجْلُهُ الْيُسْرَى بِنِيَّةٍ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا نِيَّةَ فِي إتْمَامِ الْوُضُوءِ) أَيْ بِأَنْ نَوَى عَدَمَ الْإِتْمَامِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى إتْمَامَ الْوُضُوءِ عَلَى الْفَوْرِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَيُكْمِلُ وُضُوءَهُ إلَّا بِالْجَمِيعِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا أَيْ بَلْ هَذَا مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ فَلَا يَضُرُّ فِعْلُهُ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّيَّةِ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ.

(تَنْبِيهٌ) : الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ هَلْ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ أَوْ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِتَمَامِ الطَّهَارَةِ فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّانِي وَالْقَوْلُ بِالْإِجْزَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَتَجَزَّأُ إلَخْ) أَشَارَ لِذَلِكَ تت اسْتِظْهَارًا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ عج وَقَدْ يُبْحَثُ فِيهِ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إخْرَاجِ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ عَنْ مَوْضُوعَاتِهَا (قَوْلُهُ: لِمَشَقَّةِ اسْتِصْحَابِهَا) قَالَ فِي ك وَتُسَمَّى حِينَئِذٍ نِيَّةٌ حُكْمِيَّةٌ مَا لَمْ يَحْصُلْ مُضَادٌّ لَهَا مِنْ نِيَّةِ الْفَضِيلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا أَتَى بِالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ أَوْ اعْتِقَادِ انْقِضَاءِ الطَّهَارَةِ وَكَمَالِهَا وَقَدْ تَرَكَ بَعْضَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ وَهُمَا إذَا كَانَ الرَّفْضُ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: وَالْحَجُّ كَالْوُضُوءِ إلَخْ) الرَّاجِحُ أَنَّ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ مُسْتَوِيَانِ فِي رَفْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْأَثْنَاءِ لَا بَعْدُ، وَأَمَّا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَلَا يَرْتَفِضَانِ مُطْلَقًا وَقَعَ الرَّفْضُ فِي أَثْنَائِهِمَا أَوْ بَعْدَهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ رَفْضَ النِّيَّةِ فِيهِمَا غَيْرُ مُغْتَفَرٍ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِمَا

ص: 131

أَنَّ الْوُضُوءَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى وَلِذَا قِيلَ بِعَدَمِ إيجَابِ النِّيَّةِ فِيهِ وَالْحَجُّ مُحْتَوٍ عَلَى عَمَلٍ مَالِيٍّ وَبَدَنِيٍّ فَلَمْ تَتَأَكَّدْ فِيهَا النِّيَّةُ وَدَفْعُ الْمَشَقَّةِ فِي الْحَجِّ عَلَى تَقْدِيرِ رَفْضِهِ وَلِاسْتِوَاءِ صَحِيحِهِ مَعَ فَاسِدِهِ فِي التَّمَادِي فِيهِ وَرَجَّعْنَا ضَمِيرَ بَعْدَهُ لِلْوَجْهِ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ وَرَجَّعَهُ لِبَعْضِهِمْ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوُضُوءِ وَأَنَّ الرَّفْضَ فِي الْأَثْنَاءِ مُضِرٌّ وَرَجَّحَهُ هـ.

(ص) وَفِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي النِّيَّةِ إذَا تَقَدَّمَتْ قَبْلَ مَحِلِّهَا بِيَسِيرٍ عَلَى قَوْلَيْنِ وَأَمَّا إنْ تَقَدَّمَتْ بِكَثِيرٍ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَكَذَا إنْ تَأَخَّرَتْ عَنْ مَحِلِّهَا لِخُلُوِّ الْمَفْعُولِ عَنْ النِّيَّةِ إلَّا عَلَى مَا رُوِيَ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ كَمَا مَرَّ وَحْدُ الْيَسِيرِ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْحَمَّامِ وَالْمُرَادُ بِالْحَمَّامِ حَمَّامُ مِثْلِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ فَالْمُرَادُ حَمَّامُ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ كَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ.

وَلَمَّا قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الْفَرَائِضِ وَبَدَأَ مِنْهَا بِالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَبَدَأَ مِنْ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ لِشَرَفِهِ بِالْحَوَاسِّ وَالنُّطْقِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ لِكَثْرَةِ مُزَاوَلَةِ أَعْمَالِ الطَّاعَاتِ بِهِمَا ثُمَّ الرَّأْسِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْقُوَى الْمُدْرِكَةِ وَالْحِكْمَةِ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ، وَأَكْمَلَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا بِذِكْرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مِنْهَا شَرَعَ فِي سُنَنِهِ وَعَدَّهَا ثَمَانِيًا بِقَوْلِهِ (ص) وَسُنَنُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا ثَلَاثًا تَعَبُّدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ غَسْلَ يَدَيْهِ الطَّاهِرَتَيْنِ وَلَوْ جُنُبًا أَوْ مُجَدِّدًا تَوَضَّأَ مِنْ نَهْرٍ أَوْ إنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ مُنْتَبِهًا مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَكُونُ الْغَسْلُ لِلْيَدَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْمَاءِ وَلَوْ عَلَى نَهْرٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا قَيْدٌ فِي سُنِّيَّةِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ ثَلَاثًا لِلْوُضُوءِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ أَوَّلًا مِنْ جُمْلَةِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ السُّنِّيَّةُ لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ إذْ لَا يُعْتَبَرُ فِي تَحَقُّقِهَا ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا أَوْ جَارِيًا مُطْلَقًا، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَالْمِهْرَاسِ وَنَحْوِهِ أَوْ قَدْرَ آنِيَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَأَمَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَقَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ التَّيَمُّمَ وَالِاعْتِكَافَ مِثْلُ الْوُضُوءِ فَيَرْتَفِضَانِ فِي الْأَثْنَاءِ لَا بَعْدَ الْفَرَاغِ.

(تَنْبِيهٌ) : يَجُوزُ رَفْضُ الْوُضُوءِ كَمَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى اللَّمْسِ وَإِخْرَاجِ الرِّيحِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَفِي الْحَجِّ نَظَرٌ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ فَلَا كَلَامَ فِي الْحُرْمَةِ وَبَعْضُ الشُّيُوخِ فَرَّقَ بَيْنَ الرَّفْضِ وَنَقْضِ الْوُضُوءِ {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَالْوُضُوءُ عَمَلٌ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ: إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْمَالِ الْمَقَاصِدُ لَا الْوَسَائِلُ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْوُضُوءَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى) أَيْ فَالْوُضُوءُ لِلنَّظَافَةِ (قَوْلُهُ: وَالْحَجَّ مُحْتَوٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْوُضُوءَ، وَقَوْلُهُ: وَدَفْعَ الْمَشَقَّةِ فِي الْحَجِّ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَنَّ الْحَجَّ مُحْتَوٍ عَلَى عَمَلٍ مَالِيٍّ إلَخْ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَجَّ وَالْفَرْقَ دَفْعُ الْمَشَقَّةِ فِي الْحَجِّ وَقَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِ رَفْضِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: الْمَشَقَّةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فَلَمْ تَتَأَكَّدْ فِيهِمَا النِّيَّةُ لِمَا ذُكِرَ وَلِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ فِي الْحَجِّ.

(قَوْلُهُ: إذَا تَقَدَّمَتْ قَبْلَ مَحِلِّهَا بِيَسِيرٍ) أَيْ وَذُهِلَ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْوُضُوءِ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ عِنْدَ الشُّرُوعِ أَيَّ شَيْءٍ تَفْعَلُهُ يَقُولُ لَا أَدْرِي وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَبْعُدُ وُقُوعُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلَيْنِ) أَيْ مَشْهُورَيْنِ وَالْقَوْلُ بِالْإِجْزَاءِ هُوَ الْأَصَحُّ فِي النَّظَرِ.

(قَوْلُهُ: لِشَرَفِهِ بِالْحَوَاسِّ) أَيْ حَاسَّةِ السَّمْعِ وَالذَّوْقِ وَالشَّمِّ وَالْبَصَرِ (قَوْلُهُ: أَعْمَالِ الطَّاعَاتِ) أَيْ أَعْمَالٍ هِيَ الطَّاعَاتُ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهَا مِنْ الْقُوَى الْمُدْرِكَةِ) أَيْ الَّتِي زَعَمَهَا الْحُكَمَاءُ وَهِيَ الْقُوَّةُ الْعَاقِلَةُ وَالْقُوَّةُ الْوَهْمِيَّةُ وَقُوَّةُ الْحِسِّ الْمُشْتَرَكِ وَالْقُوَّةُ الْمُفَكِّرَةُ، فَأَمَّا الْقُوَّةُ الْعَاقِلَةُ فَهِيَ الْمُدْرِكَةُ لِلْكُلِّيَّاتِ وَالْقُوَّةُ الْوَهْمِيَّةُ هِيَ الْمُدْرِكَةُ لِلْمَعَانِي الْجُزْئِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْمَحْسُوسَاتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَتَأَدَّى إلَيْهَا مِنْ طُرُقِ الْحَوَاسِّ كَإِدْرَاكِ الشَّاةِ مَعْنًى فِي الذِّئْبِ وَقُوَّةُ الْحِسِّ الْمُشْتَرَكِ هِيَ الْقُوَّةُ الَّتِي يَجْمَعُ فِيهَا صُورَةَ الْمَحْسُوسَاتِ وَتَبْقَى فِيهَا بَعْدَ غَيْبُوبَتِهَا عَنْ الْحِسِّ الْمُشْتَرَكِ وَهِيَ الْقُوَّةُ الَّتِي يَتَأَدَّى إلَيْهَا صُوَرُ الْمَحْسُوسَاتِ مِنْ طُرُقِ الْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ وَالْمُفَكِّرَةُ الْقُوَّةُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا التَّفْصِيلُ وَالتَّرْكِيبُ بَيْنَ الصُّوَرِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ الْحِسِّ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَعَانِي الْمُدْرَكَةِ بِالْوَهْمِ بَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ وَأَهْلُ السُّنَّةِ يُجَوِّزُونَ هَذَا التَّفْصِيلَ وَالتَّعَدُّدَ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ وَالْجَعْلِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى إلَى آخِرِ مَا ذَكَرُوا.

(قَوْلُهُ: وَالْحِكْمَةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ فِي الرَّأْسِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ فِي الْقَلْبِ (قَوْلُهُ: غَسْلُ يَدَيْهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ أَيْ الشَّارِعِ فِي الْوُضُوءِ أَوْ الَّذِي يُرِيدُ الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ: تَوَضَّأَ مِنْ نَهْرٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ غَسْلَهُمَا قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي النَّهْرِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّحَيُّلِ وَلِذَا قَرَّرَ عج خِلَافَهُ وَهُوَ مَا فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ وَتَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مِنْ سُنَنِ أَيْ غَسْلُ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا قِيلَ: إنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَزَادَ بَعْضُهُمْ ثَالِثًا وَهُوَ إنْ كَانَ عَهْدُهُ بِالْمَاءِ قَرِيبًا فَمُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَسُنَّةٌ أَوْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكُرِهَ أَيْ وَكُرِهَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الْغَسْلُ لِلْيَدَيْنِ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَلَّ إعْرَابٍ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ: أَوَّلًا خَبَرٌ لِكَانَ مَحْذُوفٌ أَيْ وَيَكُونُ الْغَسْلُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالسُّنِّيَّةِ أَوَّلًا أَيْ لَا تَحْصُلُ السُّنِّيَّةُ إلَّا بِالْغَسْلِ قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ وَبِتَفْسِيرِ أَوَّلًا بِقَبْلَ الْإِدْخَالِ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ يُجْعَلُ أَوَّلًا مِمَّا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ السُّنَّةُ مَعَ جَعْلِ تَرْتِيبِ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ مُسْتَحَبًّا، فَإِذَا تَمَضْمَضَ أَوَّلًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ فَغَايَةُ مَا حَصَلَ مِنْهُ التَّنْكِيسُ وَهُوَ خِلَافُ الْمُسْتَحَبِّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مُرَادَهُ بِأَوَّلًا قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ جَعْلَهُ أَوَّلَ مَا يَغْسِلُ يَدَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ فَمَنْ غَسَلَ يَدَيْهِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ فَقَدْ أَتَى بِالسُّنَّةِ سَوَاءٌ جَعَلَ ذَلِكَ أَوَّلَ فِعْلِهِ أَوْ قَدَّمَ عَلَيْهِ الْمَضْمَضَةَ لَكِنْ إذَا قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ عَلَى غَسْلِ يَدَيْهِ فَقَدْ أَتَى بِالسُّنَّةِ وَتَرَكَ فَضِيلَةَ التَّرْتِيبِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ جَارِيًا مُطْلَقًا) أَيْ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: كَالْمِهْرَاسِ) هُوَ الْحَوْضُ الصَّغِيرُ وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ فِي الْعِبَارَةِ أَيْ، فَإِنْ كَانَ ظَرْفُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ كَحُفْرَةٍ فِيهَا مَاءٌ قَلِيلٌ

ص: 132

الْوُضُوءِ أَوْ الْغَسْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُدْخِلُ يَدَيْهِ إنْ كَانَتَا طَاهِرَتَيْنِ أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَتَا نَجِسَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَتَنَجَّسُ بِدُخُولِهِمَا فِيهِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى الْمَاءِ بِغَيْرِ إدْخَالِهِمَا فِيهِ فَعَلَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَتْرُكُهُ وَيَتَيَمَّمُ كَعَادِمِ الْمَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَنَجَّسُ، فَإِنَّهُ يُدْخِلُهُمَا فِيهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: ثَلَاثًا أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ السُّنَّةُ تَحْصُلُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مُسْتَحَبٌّ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَشَفْعَ غَسْلَهُ وَتَثْلِيثَهُ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ، وَقَوْلُهُ: تَعَبُّدًا مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ رَاجِعٌ لِلْغَسْلِ (ص) بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ وَلَوْ نَظِيفَتَيْنِ أَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ مُتَفَرِّقَيْنِ (ش) هَذَا مِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِ الْغَسْلِ تَعَبُّدًا وَالْمَعْنَى أَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ مَعَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَلَوْ كَانَتَا نَظِيفَتَيْنِ عِنْدَ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ فَيَغْسِلُهُمَا أَيْضًا بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِيهِمَا وَمِنْ شَأْنِ التَّعَبُّدِ أَيْضًا أَنْ يَغْسِلَهُمَا مُفْتَرِقَيْنِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ.

(ص) وَمَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ السُّنَنِ الْمَضْمَضَةُ وَهِيَ لُغَةً التَّحْرِيكُ وَشَرْعًا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هِيَ إدْخَالُ الْمَاءِ فَاهُ فَيُخَضْخِضُهُ وَيَمُجُّهُ ثَلَاثًا قَالَ شَارِحُهُ لَفْظُ الْإِدْخَالِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ فِي إدْخَالِهِ، وَإِنْ دَخَلَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَاعِلٍ فَلَا يُعَدُّ مَضْمَضَةً وَكَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ الْمَجِّ وَالْخَضْخَضَةِ، وَإِنْ عُدِمَ وَاحِدٌ فَلَمْ تَتَقَرَّرْ السُّنَّةُ فِي الْمَضْمَضَةِ انْتَهَى وَمِنْ السُّنَنِ الِاسْتِنْشَاقُ مِنْ التَّنَشُّقِ وَهُوَ لُغَةً الشَّمُّ وَشَرْعًا جَذْبُ الْمَاءِ إلَى الْأَنْفِ بِالنَّفَسِ، وَالنُّشُوقُ الدَّوَاءُ الَّذِي يُصَبُّ فِي الْأَنْفِ وَلَا بُدَّ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مِنْ النِّيَّةِ بِخِلَافِ رَدِّ مَسْحِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ فَلَا يَفْتَقِرَانِ إلَيْهَا وَنِيَّةُ الْفَرْضِ تَتَضَمَّنُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ) ، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ فَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ إلَّا إذَا غَسَلَهُمَا خَارِجَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُدْخِلُ يَدَيْهِ) أَيْ وَيَغْسِلُهُمَا فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ) أَيْ بِأَنْ يَتَحَيَّلَ بِفِيهِ أَوْ بِثَوْبٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُدْخِلُهُمَا فِيهِ) أَيْ وَهَلْ وَلَوْ أَمْكَنَهُ التَّحَيُّلُ عَلَى الْمَاءِ بِفَمِهِ أَوْ كُمِّهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْبَاجِيِّ أَوْ مَعَ عَدَمِ إمْكَانِ التَّحَيُّلِ وَإِلَّا قَدَّمَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا لِلْبَاجِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْت: إذَا حُمِلَ كَلَامُ الْبَاجِيِّ عَلَى ظَاهِرِهِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مَكْرُوهًا إذَا كَانَ قَدْرَ آنِيَةِ الْغُسْلِ قُلْنَا إنَّمَا يَكُونُ مَكْرُوهًا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: ثَلَاثًا إلَخْ) وَقَالَ عج وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُ السُّنَّةِ عَلَى تَثْلِيثِ غَسْلِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: تَعَبُّدًا) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْغُسْلَ مُعَلَّلٌ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام، «فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» وَالتَّعَبُّدُ هُوَ الَّذِي لَمْ تُعْرَفْ عِلَّتُهُ وَحُمِلَتْ حَالَةُ غَيْرِ النَّوْمِ عَلَى حَالَةِ النَّوْمِ وَانْظُرْ لِمَ حَمَلُوا الْغَسْلَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى السُّنَّةِ دُونَ الْوُجُوبِ، فَإِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شَكَّ هَلْ أَصَابَهَا شَيْءٌ أَمْ لَا فَكَانَ الْوَاجِبُ الْغَسْلُ أَوْ النَّضْحُ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَهَلْ الْجَسَدُ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: سُنِّيَّةُ الْغَسْلِ مُرَاعًى فِيهَا الْقَوْلُ بِالتَّعَبُّدِ.

(فَائِدَةٌ) ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ التَّعَبُّدَاتِ الْأَحْكَامُ الَّتِي لَا عِلَّةَ لَهَا بِحَالٍ وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ فَهِيَ الْأَحْكَامُ الَّتِي لَمْ يَقُمْ عَلَى إدْرَاكِ عِلَّتِهَا دَلِيلٌ لَا الَّتِي لَا عِلَّةَ لَهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ كُلُّ حُكْمٍ لَهُ عِلَّةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ارْتَبَطَ بِهَا شَرْعًا تَفَضُّلًا لَا عَقْلًا وَلَا وُجُوبًا (قَوْلُهُ: مَعَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ) أَيْ سُنَّةِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحْدَثَ) مَعْطُوفٌ عَلَى كَانَ الْمَحْذُوفَةِ مَعَ اسْمِهَا بَعْدَ لَوْ فَلَيْسَ فِيهِ عَطْفُ فِعْلٍ عَلَى اسْمٍ لَا يُشْبِهُ الْفِعْلَ وَهُوَ نَظِيفَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ نَظِيفَتَيْنِ وَمَسْأَلَةِ أَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ أَيْ فَيَقُولُ إذَا كَانَتَا نَظِيفَتَيْنِ لَا يَغْسِلُ وَكَذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ كَمَا أَفَادَهُ تت إلَّا أَنَّهُ يُبْحَثُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَذَلِكَ أَنَّهُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَنَّ لِتَنْظِيفِ الْيَدِ الْغَسْلُ وَلَوْ كَانَتْ نَظِيفَةً كَمَا فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ شُرِعَ أَوَّلًا لِلنَّظَافَةِ مَعَ أَنَّا نَأْمُرُ بِهِ نَظِيفَ الْجَسَدِ فَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ شَأْنِ التَّعَبُّدِ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا: لِلنَّظَافَةِ فَيَغْسِلُهُمَا مُجْتَمِعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ، وَصِفَةُ التَّفْرِيقِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ فَيُفْرِغَهُ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وَيَغْسِلَهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يُفْرِغَ ثَانِيًا ثُمَّ ثَالِثًا ثُمَّ الْيُسْرَى كَذَلِكَ وَيَغْسِلَهَا بِالْيُمْنَى ثَلَاثًا.

(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُفْتَرِقَيْنِ لَيْسَ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ بَلْ مُسْتَحَبٌّ إلَّا أَنَّ هَذَا الِاسْتِحْبَابَ تَعَبُّدٌ لَا مُعَلَّلٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ) قَالَ الْمَازِرِيُّ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ صِفَةُ غَسْلِهِمَا فَعَلَى التَّعَبُّدِ يَغْسِلُ كُلَّ يَدٍ عَلَى حِدَتِهَا؛ لِأَنَّهُ صِفَةُ التَّعَبُّدِ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَعَلَى التَّنْظِيفِ يَغْسِلُهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِأَنَّ الْغَسْلَ تَعَبُّدٌ وَهُوَ نَصُّ الْحَطَّابِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت مَا يُفِيدُ صِحَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ خَالَفَ أَصْلَهُ.

(قَوْلُهُ: قَالَ عِيَاضٌ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لِابْنِ عَرَفَةَ إلَّا أَنَّهُ قَالَ قَالَ الْقَاضِي إدْخَالُ الْمَاءِ فَاهُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مُرَادِ ابْنِ عَرَفَةَ بِالْقَاضِي فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَقَلُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَشَارِحُنَا ذَهَبَ لِطَرِيقَةِ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ: قَالَ شَارِحُهُ) أَيْ شَارِحُ التَّعْرِيفِ وَهُوَ الرَّصَّاعُ شَارِحُ تَعَارِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ وَضَمِيرُ فَاهُ يَعُودُ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ الْمَجِّ) فَلَوْ ابْتَلَعَهُ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَكَذَا لَوْ فَتَحَ فَاهُ حَتَّى نَزَلَ الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ مَجٍّ وَلَا فَرْقَ فِي الْمَضْمَضَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بِقُوَّةِ الْفَمِ أَوْ بِالْأُصْبُعِ لَكِنْ اسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ إذَا كَانَتْ بِالْإِصْبَعِ أَنْ تَكُونَ الْيُمْنَى لَا الشِّمَالَ؛ لِأَنَّهَا مَسَّتْ الْأَذَى وَقَالَ الْحَطَّابُ بَعْدَ كَلَامٍ تَقَدَّمَ لَهُ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُ الْخَضْخَضَةِ كَمَا قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَلَيْسَ ثَمَّ مَا يُعَارِضُهُ إلَّا مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ إلَى مَذْهَبِنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الشَّمُّ) تَقُولُ اسْتَنْشَقْت الشَّيْءَ إذَا شَمَمْته (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا جَذْبُ الْمَاءِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إدْخَالُ الْمَاءِ فِي الْأَنْفِ وَأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ الْمَاءُ فِي الْأَنْفِ ثُمَّ جَذَبَهُ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي (قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ الْفَرْضِ)

ص: 133

نِيَّتَهُمَا كَنِيَّةِ بَاقِي السُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ ثُمَّ إنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ كَالْيَدَيْنِ يَجْرِي فِيهِمَا وَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ وَيَأْتِي فِيهِمَا وَفِي الْيَدَيْنِ وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ، وَإِنَّ كُلًّا مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مُسْتَحَبَّةٌ.

(ص) وَبَالَغَ مُفْطِرٌ (ش) أَيْ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْمُبَالَغَةُ وَهِيَ إدَارَةُ الْمَاءِ فِي أَقَاصِي الْحَلْقِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ جَذْبُهُ لِأَقْصَى الْأَنْفِ وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ لِلصَّائِمِ خِيفَةَ أَنْ يَغْلِبَهُ الْمَاءُ فَيَدْخُلَ جَوْفَهُ، فَإِنْ وَقَعَ وَسَبَقَهُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ تَعَمَّدَ كَفَّرَ (ص) وَفِعْلُهُمَا بِسِتٍّ أَفْضَلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ فِعْلَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ عَلَى فَوْرٍ بِيُمْنَاهُ وَبِسِتِّ غَرَفَاتٍ أَفْضَلُ بِأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِثَلَاثٍ عَلَى الْوَلَاءِ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ كَذَلِكَ (ص) وَجَازَ أَوْ إحْدَاهُمَا بِغَرْفَةٍ (ش) أَيْ وَجَازَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا عَلَى الْوَلَاءِ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ كَذَلِكَ أَوْ يَتَمَضْمَضَ وَاحِدَةً وَيَسْتَنْشِقَ أُخْرَى وَهَكَذَا أَوْ يَتَمَضْمَضَ بِغَرْفَةٍ ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقَ بِغَرْفَةٍ ثَلَاثًا وَبَقِيَ صِفَةٌ أُخْرَى الظَّاهِرُ جَوَازُهَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ ذَكَرَهَا وَهِيَ تَمَضْمُضُهُ مِنْ غَرْفَةٍ مَرَّتَيْنِ وَالثَّالِثَةِ مِنْ ثَانِيَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا مَرَّةً ثُمَّ اثْنَتَيْنِ مِنْ ثَالِثَةٍ ثُمَّ إنَّهُ أَنَّثَ فِي قَوْلِهِ أَوْ إحْدَاهُمَا رَعْيًا إلَى السُّنَّتَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ جَازَتَا لِأَنَّهُ رَاعَى فِي ذَلِكَ كَوْنَهُمَا عُضْوَيْنِ وَالْغَرْفَةُ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا وَقِيلَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ وَبِالضَّمِّ اسْمٌ لِلْمَغْرُوفِ (ص) وَاسْتِنْثَارٌ (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ الِاسْتِنْثَارُ وَهُوَ نَثْرُ الْمَاءِ أَيْ طَرْحُهُ مِنْ أَنْفِهِ بِنَفْسِهِ بِالسَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ مِنْ الْيَدِ الْيُسْرَى مَاسِكًا لَهُ مِنْ أَعْلَاهُ يَمُرُّ بِهِمَا عَلَيْهِ لِآخِرِهِ وَيُكْرَهُ دُونَ الْيَدِ كَفِعْلِ الْحِمَارِ مَأْخُوذٌ مِنْ تَحْرِيكِ النَّثْرَةِ وَهِيَ طَرَفُ الْأَنْفِ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ أُصْبُعَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ وَلَا خَرَجَ بِرِيحِ الْأَنْفِ، وَإِنَّمَا نَزَلَ بِنَفْسِهِ فَلَا يُسَمَّى هَذَا اسْتِنْثَارٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْأُصْبُعَيْنِ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى أَخْذِهِ فِي تَعْرِيفِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّاذِلِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ.

(ص) وَمَسْحُ وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ مَسْحُ ظَاهِرِ كُلِّ أُذُنٍ وَبَاطِنِهَا وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ فَفِيهِ تَغْلِيبُ الْوَجْهِ عَلَى الْبَاطِنِ وَذِكْرُ كُلِّ لِئَلَّا

ــ

[حاشية العدوي]

الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ مُبَايِنَةً لِنِيَّةِ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبِّ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ تِلْكَ السُّنَنُ أَوْ الْمُسْتَحَبَّاتُ فِي خِلَالِ الْفَرَائِضِ صَارَتْ النِّيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْفَرَائِضِ مُتَعَلِّقَةً بِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ نِيَّةَ الْفَرْضِ بِنِيَّةِ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ وَهُوَ يَشْمَلُ السُّنَنَ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ (قَوْلُهُ: بَاقِي السُّنَنِ) لَمْ يَبْقَ مِنْ السُّنَنِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا التَّجْدِيدَ وَالتَّرْتِيبَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّ كُلًّا مِنْ الثَّانِيَةِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَهَلْ تُكْرَهُ إلَخْ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ) أَفَادَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَبَالَغَ مُفْطِرٌ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا تَبَعًا لِبَهْرَامَ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالِاسْتِنْشَاقِ وَمِثْلُ هَذَيْنِ لَا يُعْدَلُ عَنْهُمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ هُوَ الرَّاجِحَ (قَوْلُهُ: أَيْ إدَارَةُ الْمَاءِ) أَيْ جَعْلُ الْمَاءِ دَائِرًا فِي أَقَاصِي الْحَلْقِ جَعْلُ أَقْصَى الْحَلْقِ مُتَعَدِّدًا فَهُوَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ ثُمَّ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: إدَارَةُ الْمَاءِ فِي أَقَاصِي الْفَمِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ إدَارَةُ الْمَاءِ فِي أَقَاصِي الْفَمِ وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْقُرْطُبِيَّةِ يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ الْمُبَالَغَةُ بِرَدِّ الْمَاءِ إلَى الْغَلْصَمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ خَوْفًا مِمَّا يَصِلُ إلَى حَلْقِهِ، فَإِنْ وَقَعَ وَسَبَقَهُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ تَعَمَّدْ كَفَّرَ اهـ إلَّا أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَيْ فِي أَقَاصِي مُجَاوِرِ الْحَلْقِ وَهُوَ الْفَمُ، وَقَوْلُهُ: بَعْدُ فَيَدْخُلُ جَوْفَهُ أَيْ فَيَدْخُلُ مُجَاوِرَ جَوْفِهِ وَهُوَ حَلْقُهُ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِنْشَاقِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: جَذْبُهُ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَجَذْبُهُ مَعْطُوفًا عَلَى إدَارَةُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَمَضْمَضَ إلَخْ) أَيْ أَوْ يَتَمَضْمَضَ بِغَرْفَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى وَهَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَقِفْ عَلَى ذِكْرِهِمْ لِلثَّانِيَةِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأُولَى وَقَالَ اللَّقَانِيِّ كَلَامُهُمْ يَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا فَاضِلَةٌ وَأُخْرَى مَفْضُولَةٌ وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُمَا فَاضِلَتَانِ اهـ.

وَصَادِقٌ بِأَزْيَدَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ شب.

(تَنْبِيهٌ) : ذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّ الَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهُمَا بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ يَفْعَلُهُمَا بِكُلِّ غَرْفَةٍ مِنْهَا، وَإِنْ فَعَلَهُمَا بِسِتٍّ مِنْ الصُّوَرِ الْجَائِزَةِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأُولَى لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَالْأَفْضَلُ، فَإِنَّ الْجَوَازَ مَتَى قُوبِلَ بِالْأَفْضَلِ فَالْمُرَادُ بِهِ خِلَافُ الْأُولَى وَعِبَارَةُ عب غَيْرُ حَسَنَةٍ (قَوْلُهُ: كَوْنَهُمَا عُضْوَيْنِ) أَيْ مُتَعَلِّقَيْ عُضْوَيْنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِعْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِالضَّمِّ اسْمٌ لِلْمَغْرُوفِ) وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ: بِالسَّبَّابَةِ) أَيْ مُسْتَعِينًا عَلَى ذَلِكَ بِالسَّبَّابَةِ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ حَذَفَ الْعَاطِفَ وَعِبَارَةُ تت بِأَنْ يَنْثُرَ الْمَاءَ بِنَفْسِهِ وَأُصْبُعَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ طَرَفُ الْأَنْفِ) وَيُقَالُ لَهَا أَرْنَبَةٌ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يُدْخِلَ أُصْبُعَهُ الْمَذْكُورَ فِي الْأَنْفِ لِيُزِيلَ مَا بِهِ مِنْ الْمُخَاطِ وَالْوَسَخِ (قَوْلُهُ وَلَا خَرَجَ بِرِيحِ الْأَنْفِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ خَرَجَ بِرِيحِ الْأَنْفِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ) وَعَلَيْهِ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ مُتَمَسِّكًا بِعِبَارَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ وَضْعَ أُصْبُعَيْهِ أَيْ فِي الِاسْتِنْثَارِ تَرَكَ مُسْتَحَبًّا وَكَوْنُ الْمَوْضُوعِ أَصَابِعَ الْيُسْرَى مُسْتَحَبٌّ وَكَذَا كَوْنُهُ بِالسَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَذَا كَوْنُهُ مِنْ أَعْلَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَمَسْحُ وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ) وَلَمْ يَذْكُرْ مَسْحَ الصِّمَاخَيْنِ مَعَ أَنَّهُ سُنَّةٌ اتِّفَاقًا إلَّا أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ أَنَّ مَسْحَ الصِّمَاخَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ لَا أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ وَصِفَةُ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ أَنْ يَجْعَلَ بَاطِنَ الْإِبْهَامَيْنِ عَلَى ظَاهِرِ الشَّحْمَتَيْنِ وَآخِرَ السَّبَّابَتَيْنِ فِي الصِّمَاخَيْنِ وَهُمَا ثُقْبَا الْأُذُنِ وَوَسَطُهُمَا مُلَاقِيًا لِلْبَاطِنِ دَائِرَيْنِ مَعَ الْإِبْهَامَيْنِ لِلْآخَرِ وَكُرِهَ تَتَبُّعُ غُضُونِهِمَا (قَوْلُهُ: مَسْحُ ظَاهِرِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْوَجْهِ مَا كَانَ ظَاهِرًا وَاخْتُلِفَ فَقِيلَ الظَّاهِرُ مَا يَلِي الرَّأْسَ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ: مَا يُوَاجِهُ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إلَى ابْتِدَاءِ الْخَلْقِ وَهِيَ أَنَّهَا كَالْوَرْدَةِ فَانْفَتَحَتْ وَإِلَى الْحَالِ إذْ الظَّاهِرُ الْآنَ كَانَ بَاطِنًا وَالْبَاطِنُ ظَاهِرًا

ص: 134

يَتَوَالَى تَثْنِيَتَانِ لَوْ قَالَ وَجْهَيْ أُذُنَيْنِ (ص) وَتَجْدِيدُ مَائِهِمَا (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ تَجْدِيدُ الْمَاءِ لِلْأُذُنَيْنِ فَإِذَا مَسَحَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدٍ أَتَى بِسُنَّةِ الْمَسْحِ وَتَرَكَ الْأُخْرَى وَهُوَ التَّجْدِيدُ.

(ص) وَرَدَّ مَسْحَ رَأْسِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ رَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ مِنْ حَيْثُ بَدَأَ مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى الْمُقَدَّمِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ مِنْ أَحَدِ الْفَوْدَيْنِ وَيُكْرَهُ تَكْرِيرُ الْمَاءِ لِلرَّدِّ وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَهُ حَتَّى أَخَذَ الْمَاءَ لِرِجْلَيْهِ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ الرَّدُّ فَضِيلَةً كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ لِلشَّعْرِ وَجْهَيْنِ فَالْمَمْسُوحُ ثَانِيًا غَيْرُهُ أَوْ لَا غَالِبًا وَمَنْ لَا شَعْرَ لَهُ تَبَعٌ لِمَنْ لَهُ انْتَهَى وَهَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ سُنَّةٌ حَتَّى فِي الْمُسْتَرْخِي وَبِعِبَارَةٍ وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ سُنَّةٌ وَلَوْ طَالَ الشَّعْرُ بَعْدَ تَعْمِيمِهِ بِالْمَسْحِ فَمَنْ طَالَ شَعْرُهُ بِحَيْثُ لَا يَعُمُّ مَسْحُهُ إلَّا بِإِدْخَالِ يَدَيْهِ تَحْتَهُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ يُسَنُّ فِي حَقِّهِ إذَا عَمَّ الْمَسْحُ أَنْ يَرُدَّ وَهَذَا مُرَادُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِأَنَّ الرَّدَّ سُنَّةٌ وَلَوْ فِي الشَّعْرِ الطَّوِيلِ أَيْ بَعْدَ التَّعْمِيمِ إذْ لَا يَسَعُ أَحَدًا مِمَّنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الرَّدَّ قَبْلَ التَّعْمِيمِ سُنَّةٌ.

(ص) وَتَرْتِيبُ فَرَائِضِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ تَرْتِيبُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ مِنْ غَسْلِ وَجْهِهِ قَبْلَ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسْحِ رَأْسِهِ قَبْلَ رِجْلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَدَلَ عَنْ حَرْفَيْ التَّرْتِيبِ إلَى الْوَاوِ الَّتِي لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ وَلِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه لَا أُبَالِي إذَا أَتْمَمْت وُضُوئِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْت (ص) فَيُعَادُ الْمُنَكِّسُ وَحْدَهُ إنْ بَعُدَ بِجَفَافٍ وَإِلَّا مَعَ تَابِعِهِ (ش) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَرْتِيبُ فَرَائِضِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَكَّسَ وُضُوءَهُ وَقَدْ طَالَ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْوُضُوءِ بِأَنْ جَفَّتْ الْأَعْضَاءُ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْمُنَكِّسَ وَحْدَهُ بِدُونِ تَابِعِهِ إنْ كَانَ التَّفْرِيقُ سَاهِيًا، وَإِنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ بَلْ ذَكَرَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ أَعَادَ الْمُنَكَّسَ وَمَا بَعْدَهُ شَرْعًا لَا فِعْلًا فَإِذَا بَدَأَ بِذِرَاعَيْهِ ثُمَّ بِوَجْهِهِ ثُمَّ بِرَأْسِهِ ثُمَّ بِرِجْلَيْهِ وَبَعُدَ الْأَمْرُ أَعَادَ ذِرَاعَيْهِ فَقَطْ لِيَقَعَا بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ الْأَمْرُ أَعَادَ ذِرَاعَيْهِ مَعَ مَا بَعْدَهُمَا شَرْعًا وَهُوَ مَسْحُ الرَّأْسِ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فَقَوْلُهُ الْمُنَكَّسَ أَيْ الْفَرْضَ الْمُنَكَّسَ لَا السُّنَّةَ، وَقَوْلُهُ: إنْ بَعُدَ أَيْ بَعُدَ زَمَنُ تَرْكِهِ مِنْ زَمَنِ تَذَكُّرِهِ أَيْ إنْ طَالَ مَا بَيْنَ تَرْكِهِ وَتَذَكُّرِهِ وَقَوْلُهُ بِجَفَافٍ تَفْسِيرٌ لِلْبُعْدِ أَيْ إنْ بَعُدَ بُعْدًا مُقَدَّرًا بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ اعْتَدَلَا أَيْ مَعَ اعْتِدَالِ الْمَكَانِ كَمَا مَرَّ وَتَقَدَّمَ فِي الْمُوَالَاةِ أَنَّ التَّفْرِيقَ عَمْدًا لَا يُحَدُّ بِالْجَفَافِ بَلْ بِدُونِهِ فَيَنْبَغِي هُنَا ذَلِكَ أَيْ فَالْجَفَافُ هُنَا فِي حَقِّ مَنْ نَكَّسَ نَاسِيًا وَحُكْمُ إعَادَةِ الْمُنَكِّسِ السُّنِّيَّةُ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا مَعَ تَابِعِهِ، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومَ شَرْطٍ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ إلَّا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا مَعْلُومًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلِذَا صَرَّحَ بِهِ.

(ص) وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أَتَى بِهِ وَبِالصَّلَاةِ أَوْ سُنَّةً فَلَعَلَّهَا لِمَا يَسْتَقْبِلُ (ش) لَمَّا كَانَ حُكْمُ الْمَنْسِيِّ عِنْدَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَتَجْدِيدُ مَائِهِمَا) أَيْ فَلَا يَكْفِي مَسْحُهُمَا بِمَا بَقِيَ مِنْ بَلَلٍ بَعْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ مُسْتَقِلَّانِ لَا مِنْ الرَّأْسِ وَلَا مِنْ الْجَسَدِ كَمَا أَفَادَهُ تت (قَوْلُهُ: مَائِهِمَا) أَيْ مَاءٍ لَهُمَا فَهُوَ عَلَى حَذْفِ الْجَارِّ.

(قَوْلُهُ: وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ) وَمَحِلُّ كَوْنِ الرَّدِّ سُنَّةً حَيْثُ بَقِيَ بِيَدِهِ بَلَلٌ مِنْ الْمَسْحِ الْوَاجِبِ وَإِلَّا لَمْ يُسَنَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ بِيَدِهِ بَلَلٌ يَكْفِي بَعْضَ الرَّدِّ أَنَّهُ يُسَنُّ بِقَدْرِ الْبَلَلِ فَقَطْ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ بِمَا اسْتَطَعْتُمْ» (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ) أَيْ مِنْ مُقَابِلِ جِهَةِ الْبَدْءِ وَأَنَّ مِنْ بِمَعْنَى إلَى قَالَ الْحَطَّابُ رَدُّ الْيَدَيْنِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: الْفَوْدَيْنِ) تَثْنِيَةُ فَوْدٍ جَانِبِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: فَالْمَمْسُوحُ ثَانِيًا غَيْرُهُ أَوَّلًا) هَذِهِ الْعِلَّةُ ضَعِيفَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُنْتِجُ وُجُوبَ الرَّدِّ وَقَدْ يُقَالُ تَعْلِيلُهُمْ بِهَذَا مَعَ الْحُكْمِ بِسُنِّيَّةِ الرَّدِّ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَأَنَّ الْفَرْضَ إنَّمَا هُوَ الْأَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُمْسَحُ فِي الرَّدِّ غَيْرَ الَّذِي يُمْسَحُ فِي الْبَدْءِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَبْقَى كَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَلَا يُؤَوَّلُ كَمَا أَوَّلَهُ عج وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَرُدَّ وَهَذَا مُرَادُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ الرَّدُّ فَضِيلَةً إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ اللَّهَ) تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ مِنْ لَوَازِمِ السُّنَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ السُّنَّةِ لِاحْتِمَالِ الِاسْتِحْبَابِ، فَإِنْ قُلْت: بَلْ يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ قُلْت: التَّرْتِيبُ اللَّفْظِيُّ لَا يَخْلُو عَنْ حِكْمَةٍ وَأَقَلُّ مَا هُنَاكَ الِاسْتِحْبَابُ وَقَدْ يُقَالُ: السَّنَدُ فِي السُّنَّةِ فِعْلُ النَّبِيِّ الْمُدَاوِمُ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُسْتَفَادًا مِنْ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: فَيُعَادُ الْمُنَكِّسُ) أَيْ الْفَرْضُ الْمُنَكِّسُ هُوَ الْمُقَدَّمُ عَلَى مَوْضِعِهِ الْمَشْرُوعِ لَهُ عَادَةً فَيُعِيدُهُ مَعَ الْبُعْدِ مَرَّةً عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ أَيْ إذَا كَانَ نَاسِيًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَعَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بُعْدٌ بَلْ بِالْقُرْبِ فَيُعِيدُ الْمُنَكَّسَ ثَلَاثًا اسْتِنَانًا مَعَ تَابِعِهِ نَدْبًا مَرَّةً مَرَّةً لِيَسَارَةِ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْنَ النَّاسِي وَغَيْرِهِ هَكَذَا قَرَّرَهُ عج وَتَبِعَهُ تَلَامِذَتُهُ وَاَلَّذِي فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَالطِّخِّيخِيِّ يُعَادُ الْمُنَكَّسُ مَرَّةً مَرَّةً وَاعْتَمَدَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ) أَيْ لَا الصَّلَاةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُعِيدُهُ وَلَا الصَّلَاةَ وَقِيلَ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا أَيْ نَدْبًا فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْأَوَّلِ لِقَبُولِ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ، وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ أَنَّ إعَادَةَ الْوُضُوءِ مُرَغَّبٌ فِيهَا بِدَلِيلِ الْأَمْرِ بِالتَّجْدِيدِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا تُصَلُّوا فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» ، وَإِنْ نَصَّ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى ضَعْفِهِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ، وَقَوْلُهُ: بَلْ بِدُونِهِ صَاحِبُ ذَلِكَ الْقَوْلِ لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ الدُّونَ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ التَّفْرِيقَ فِي الْعَامِدِ وَالْعَاجِزِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحَدُّ بِالْجَفَافِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ) فِيهِ أَنَّهُ مُتَعَيَّنٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ وَحْدَهُ عِنْدَ الْجَفَافِ يُعْلَمُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْجَفَافِ يُعِيدُ مَعَ تَابِعِهِ وَكَوْنُهُ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ إعَادَتِهِ أَصْلًا لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُعِيدُ مَعَ تَابِعِهِ وَمَعَ بَعْضِ تَابِعِهِ فَأَفَادَ أَنَّهُ يُعِيدُ مَعَ تَابِعِهِ أَيْ مَعَ كُلِّ تَابِعِهِ.

(قَوْلُهُ: أَتَى بِهِ) وُجُوبًا بِنِيَّةِ إكْمَالِ الْوُضُوءِ إنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا مُطْلَقًا كَعَامِدٍ أَوْ جَاهِلٍ أَوْ عَاجِزٍ لَمْ يَطُلْ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فِيهِمَا، فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ

ص: 135

ابْنِ الْقَاسِمِ حُكْمَ الْمُنَكَّسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَتْبَعَهُ بِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ غَيْرَ النِّيَّةِ يَقِينًا أَوْ شَكًّا غَيْرَ مُسْتَنْكِحٍ مَغْسُولًا أَوْ مَمْسُوحًا عُضْوًا أَوْ لُمْعَةً عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَتَى بِهِ ثَلَاثًا إنْ كَانَ مَغْسُولًا وَيَأْتِي بِالصَّلَاةِ الَّتِي كَانَ صَلَّاهَا بِذَلِكَ الْوُضُوءِ كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا وَفِي اسْتِئْنَافِهِ الْوُضُوءَ فِي الْعَمْدِ وَبِنَائِهِ فِي السَّهْوِ وَابْتِنَائِهِ بِنِيَّةٍ وَمَا فَعَلَ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُكْمِ الْمُوَالَاةِ وَالتَّنْكِيسِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ وَلِهَذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ تَرَكَ سُنَّةً يَقِينًا أَوْ شَكًّا مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ وَلَمْ يُعَوِّضْ مَحَلَّهَا وَلَا يُوقِعُ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي مَكْرُوهٍ وَهِيَ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ وَالتَّرْتِيبُ وَتَجْدِيدُ مَائِهِمَا فِي الْوُضُوءِ وَمَسْحُ صِمَاخِهِمَا فِي الْغُسْلِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، فَإِنَّهُ يَفْعَلُهَا إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ بِدُونِ الْوُضُوءِ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَلَوْ قَرِيبًا لِمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّى فِي وَقْتٍ وَلَا بَعْدَهُ اتِّفَاقًا فِي السَّهْوِ عَلَى الْمَعْرُوفِ فِي الْعَمْدِ لِضَعْفِ أَمْرِ الْوُضُوءِ وَلِكَوْنِهِ وَسِيلَةً عَنْ أَمْرِ الصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا مَقْصِدًا، وَأَمَّا مَا عَوَّضَ عَنْهُ كَغَسْلِ الْيَدَيْنِ إلَى الْكُوعَيْنِ أَوْ أَوْقَعَ إعَادَتُهُ فِي مَكْرُوهٍ كَرَدِّ مَسْحِ الرَّأْسِ بَعْدَ أَخْذِ الْمَاءِ لِرِجْلَيْهِ وَالِاسْتِنْثَارِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ الِاسْتِنْشَاقِ فَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْهَا فَهَذَا مَا يُفْعَلُ مِنْ السُّنَنِ وَمَا لَا يُفْعَلُ عَلَى مَا لِابْنِ بَشِيرٍ خِلَافًا لِطَرِيقَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْقَائِلِ بِالْإِتْيَانِ بِالسُّنَّةِ أَتَى مَحَلَّهَا بِعِوَضٍ أَمْ لَا ثُمَّ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ قَرِينَةٌ تَحْمِلُ التَّرْكَ عَلَى السَّهْوِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فَهُوَ خِلَافٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ فِيهَا إنْ تَرَكَ الْفَرْضَ عَمْدًا أَعَادَ الْوُضُوءَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ أَتَى بِهِ أَيْ بِالْفَرْضِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ وَإِذَا تَرَكَهُ عَمْدًا وَأَتَى بِالْوُضُوءِ فَقَدْ صَدَقَ أَنَّهُ أَتَى بِهِ أَيْ بِالْفَرْضِ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ.

(تَنْبِيهٌ) :

ــ

[حاشية العدوي]

الْوُضُوءَ كَمَا إذَا طَالَ تَذَكُّرُهُ بَعْدَ نِسْيَانِهِ وَنُدِبَ إتْيَانُهُ بِمَا بَعْدَهُ فِي الْأَحْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ إنْ كَانَ عَنْ قُرْبٍ، فَإِنْ بَعُدَ أَتَى بِهِ وَحْدَهُ فِي النِّسْيَانِ وَبَطَلَ فِيمَا سِوَاهُ وَيَأْتِي بِهِ هُوَ فِيمَا لَا بُطْلَانَ فِيهِ ثَلَاثًا وَبِمَا بَعْدَهُ مَرَّةً مَرَّةً إنْ كَانَ قَدْ فَعَلَهُ أَوْ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَإِلَّا فِيمَا يُكْمِلُ الثَّلَاثَ وَلَا يُقَالُ: إذَا كَانَ فَعَلَ مَا بَعْدَهُ ثَلَاثًا فَفِعْلُهُ الْآنَ مَرَّةً يَدْخُلُ فِي وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَا يُطْلَبُ بِهَا لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ وَهَذَا طَلَبٌ بِهَا لِأَجْلِهِ.

(تَنْبِيهٌ) : حُكْمُ إعَادَةِ مَا بَعُدَ مَعَ الْقُرْبِ النَّدْبُ ذَكَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ (قَوْلُهُ: غَيْرَ النِّيَّةِ) أَمَّا النِّيَّةُ، فَإِنْ تَرَكَهَا أَوْ شَكَّ فِي تَرْكِهَا أَعَادَ الْوُضُوءَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَوْ شَكًّا غَيْرَ مُسْتَنْكِحٍ) قَابَلَ الشَّكَّ بِالْيَقِينِ فَيَدْخُلُ فِيهِ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَالظَّنُّ خِلَافًا لِمَا فِي عب (قَوْلُهُ: أَتَى بِهِ ثَلَاثًا) سَوَاءٌ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمُنَكِّسِ، فَإِنَّهُ قَدْ فَعَلَ (قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِئْنَافِهِ الْوُضُوءَ فِي الْعَمْدِ) أَيْ إذَا طَالَ بِحَيْثُ جَفَّتْ الْأَعْضَاءُ، وَقَوْلُهُ: وَبِنَائِهِ فِي السَّهْوِ طَالَ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَابْتِنَائِهِ بِنِيَّةٍ أَيْ فِي السَّهْوِ، وَأَمَّا الْعَمْدُ وَالْعَجْزُ عِنْدَ الْبِنَاءِ فَلَا نِيَّةَ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْأُولَى مُنْسَحِبَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَمَا فَعَلَ بَعْدَهُ) مَا مُقَدَّمَةٌ مِنْ تَأْخِيرٍ وَالتَّقْدِيرُ وَفَعَلَ مَا بَعْدَهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَتَقْدِيرٍ فِي الْعِبَارَةِ حَتَّى يَتَّضِحَ مَعْنَاهَا وَالتَّقْدِيرُ وَيَأْتِي هُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُكْمِ الْمُوَالَاةِ وَالتَّنْكِيسِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ مِنْ اسْتِئْنَافِهِ الْوُضُوءَ فِي الْعَمْدِ إلَخْ فَقَوْلُهُ وَفِي بِمَعْنَى مِنْ بَيَانٌ قُدِّمَ عَلَى مُبَيِّنِهِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ مِنْ حُكْمِ الْمُوَالَاةِ (قَوْلُهُ: يَقِينًا أَوْ شَكًّا) يُقَيَّدُ الشَّكُّ بِغَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْتِيبُ) سُنَّةُ التَّرْتِيبِ قَدَّمَهَا الْمُصَنِّفُ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِإِعَادَةِ مَا بَعْدَهَا فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ هُنَا خِلَافًا لِابْنِ فُجْلَةَ وَإِيَّاهُ تَبِعَ الشَّارِحَ وَسُنَّةُ تَجْدِيدِ الْمَاءِ لِلْأُذُنَيْنِ مِمَّا يُوقِعُ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي مَكْرُوهٍ فَلَا يَنْبَغِي ذِكْرُهَا أَيْضًا وَلَكِنَّهُ تَابِعٌ فِي ذِكْرِهَا لِابْنِ فُجْلَةَ أَيْضًا وَهُوَ خِلَافُ مَا عِنْدَ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَفْعَلُهَا إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ) أَيْ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بَعْدُ لِمَا يَسْتَقْبِلُ وَهَذَا الْفِعْلُ قِيلَ سُنَّةً وَقِيلَ نَدْبًا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَيْرَهَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ بَلْ أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى طَهَارَةٍ وَلَوْ أَرَادَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا وَأَوْلَى إذَا أَرَادَ النَّقْضَ، فَإِنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالْإِعَادَةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ الطَّوْلِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَ الْقُرْبِ أَيْ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَفْعَلُهَا إذَا أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى الطَّهَارَةِ أَرَادَ الصَّلَاةَ أَمْ لَا لَا إنْ أَرَادَ النَّقْضَ وَمَا يُفْهَمُ مِنْ عب مِنْ أَنَّ الطَّوْلَ هُوَ تَمَامُ الْوُضُوءِ وَعَدَمَهُ عَدَمُ تَمَامِ الْوُضُوءِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا كَتَبْنَاهُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ تَرَكَ التَّرْتِيبَ فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يُعَادُ الْمُنَكَّسُ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا أَرَادَ بَقَاءَ الطَّهَارَةِ سَوَاءٌ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ بِهَا قُرْبَةً أَوْ الْبَقَاءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ نَقْضَهَا عَقِبَ فِعْلِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِعَوْدِ مَا ذُكِرَ ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَرِيبًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ انْتِقَالٌ لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ مَعَ عَدَمِ الْقُرْبِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: لِمَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ الصَّلَوَاتِ) أَيْ يَفْعَلُهَا لِمَا يَسْتَقْبِلُ إنْ كَانَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَعْرُوفِ فِي الْعَمْدِ) وَقِيلَ يُعِيدُ فِي الْعَمْدِ فِي الْوَقْتِ وَرُجِّحَ (قَوْلُهُ بَعْدَ أَخْذِ الْمَاءِ لِرِجْلَيْهِ) الْأَنْسَبُ لِأُذُنَيْهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرَّدِّ بِمَاءٍ جَدِيدٍ مَعَ أَنَّ الرَّدَّ لَا يَكُونُ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَدَلَ لِذَلِكَ لِكَوْنِهِ اللَّازِمَ؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ سُنَّةٌ ثُمَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ رَدَّ مَسْحِ الرَّأْسِ مِمَّا عُوِّضَ عَنْهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ: قُلْتُمَا هُوَ الْمَكْرُوهُ قُلْت التَّجْدِيدُ لِلرَّدِّ وَقَوْلُهُ إذْ لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ إلَخْ أَيْ فَيُؤَدِّي لِتَكَرُّرِ الِاسْتِنْشَاقِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ خِلَافٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) وَجْهُهُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ حَكَمَتْ بِأَنَّهُ فِي الْفَرْضِ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالْمُصَنِّفُ حَكَمَ بِأَنَّهُ يُعِيدُ الْفَرْضَ الْمَتْرُوكَ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ جَوَابٌ عَنْ ذَلِكَ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: أَتَى بِهِ) أَيْ بِالْفَرْضِ وَحْدَهُ كَلَامُهُ فِي الْإِتْيَانِ الْوَاجِبِ لَا فِي الْإِتْيَانِ الْمُسْتَحَبِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ يَأْتِي بِمَا بَعْدَ الْمَتْرُوكِ مَعَ الْقُرْبِ وَالصُّوَرُ الثَّلَاثُ هِيَ صُورَةُ النِّسْيَانِ وَالْعَمْدِ وَالْعَجْزِ مَعَ الْقُرْبِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا تَرَكَهُ عَمْدًا وَأَتَى بِالْوُضُوءِ) الْأَوْلَى أَنْ

ص: 136

وَلَا يُعِيدُ مَا بَعْدَ السُّنَّةِ الْمَتْرُوكَةِ مَعَ الْقُرْبِ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ السُّنَنِ أَوْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَرَائِضِ مُسْتَحَبٌّ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَغْسُولَاتِ تُكْرَهُ وَقِيلَ: تَحْرُمُ، وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِعْلُهَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ أَعَادَهَا، وَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْعَوْدَ لَيْسَ لَهُ ابْتِدَاءٌ وَلَا سَبْقٌ لِحَدِيثِ الْجَهَنَّمِيِّينَ عَادُوا حِمَمًا وَلَمْ يَكُونُوا قَبْلَ ذَلِكَ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى السُّنَنِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى الْفَضَائِلِ جَمْعُ فَضِيلَةٍ وَهِيَ مَا فِي فِعْلِهِ أَجْرٌ وَلَا إثْمَ فِي تَرْكِهِ فَقَالَ (ص) : وَفَضَائِلُهُ مَوْضِعٌ طَاهِرٌ وَقِلَّةُ مَاءٍ بِلَا حَدٍّ كَالْغُسْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ فَضَائِلَ الْوُضُوءِ أَيْ خِصَالَهُ وَأَحْوَالَهُ الْفَاضِلَةَ الَّتِي يُثَابُ عَلَى فِعْلِهَا وَلَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَوْضِعٌ طَاهِرٌ فَلَا يُوقِعُ فِي مَوْضِعِ الْخَلَاءِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ النَّجِسَةِ خَوْفَ الْوَسْوَسَةِ وَمِنْهَا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَمِنْهَا اسْتِشْعَارُ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِهِ وَمِنْهَا الْجُلُوسُ الْمُتَمَكِّنُ وَمِنْهَا الِارْتِفَاعُ عَنْ الْأَرْضِ لِئَلَّا يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ مَا يَنْزِلُ عَلَى الْأَرْضِ وَمِنْهَا قِلَّةُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ مَعَ الْأَحْكَامِ وَالتَّعْمِيمُ بِلَا حَدٍّ بِسَيَلَانٍ أَوْ تَقْطِيرٍ عَنْ الْعُضْوِ لَا الْمَاءِ الْمُعَدِّ لِلْوُضُوءِ وَإِلَّا كَانَ تَارِكًا لِلْفَضِيلَةِ إذَا تَوَضَّأَ مِنْ بَحْرٍ مَثَلًا وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَالْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ فِي اسْتِحْبَابِ كَوْنِهِ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ وَتَقْلِيلِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْقَرَوِيِّينَ وَنَقَلَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

(ص) وَتَيَمُّنُ أَعْضَاءٍ، وَإِنَاءٍ إنْ فَتَحَ وَبَدْءٌ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَشَفْعِ غَسْلِهِ وَتَثْلِيثِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ فَضَائِلِ الْوُضُوءِ الْبَدْءُ بِيَمِينِ أَعْضَائِهِ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْجَنْبَيْنِ فِي الْغَسْلِ دُونَ الْأُذُنَيْنِ وَالْخَدَّيْنِ وَالصُّدْغَيْنِ وَالْفَوْدَيْنِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ تَثْنِيَةُ فَوْدٍ جَانِبَا الرَّأْسِ لِاسْتِوَاءِ مَا ذُكِرَ فِي الْمَنَافِعِ فَلَمْ تُقَدَّمْ الْيُمْنَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى يُسْرَاهُ وَمِنْ الْفَضَائِلِ أَنْ يَكُونَ الْإِنَاءُ عَلَى يَمِينِ الْمُتَوَضِّئِ إنْ كَانَ مَفْتُوحًا بِحَيْثُ يَتَّسِعُ بِإِدْخَالِ الْيَدِ فِيهِ كَالطَّشْتِ لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ، وَأَمَّا مَا كَانَ كَالْإِبْرِيقِ فَيُجْعَلُ عَلَى الْيَسَارِ لِيَصُبَّ الْمَاءَ بِيَسَارِهِ عَلَى يَمِينِهِ وَمِنْ الْفَضَائِلِ أَنْ يَبْدَأَ الْمُتَوَضِّئُ فِي مَسْحِ رَأْسِهِ بِمُقَدَّمِهِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّأْسِ بِهَذَا الْحُكْمِ بَلْ جَمِيعِ أَعْضَائِهِ فَلَوْ بَدَأَ بِمُؤَخَّرِهِ أَوْ الذَّقَنِ أَوْ الْمِرْفَقَيْنِ أَوْ الْكَعْبَيْنِ وُعِظَ وَقُبِّحَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَالِمًا وَعَلِمَ الْجَاهِلُ وَلَوْ قَالَ وَبَدْءٌ بِأَوَّلِ أَعْضَائِهِ كَانَ أَشْمَلَ وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الْأَوَّلُ عُرْفًا فَأَوَّلُ الْيَدَيْنِ عُرْفًا

ــ

[حاشية العدوي]

يَقُولُ: وَإِذَا أَتَى بِالْفَرْضِ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ فَقَدْ أَتَى بِالْوُضُوءِ.

(تَنْبِيهٌ) : إذَا غَسَلَ وَجْهَهُ وَقَدْ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا قِيلَ يَتَمَادَى فَيَفْعَلُهُمَا بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ وَقِيلَ يَرْجِعُ لِفِعْلِهَا وَلَا يُعِيدُ غَسْلَ الْوَجْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَامِدًا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِفِعْلِهَا وَلَا يُعِيدُ غَسْلَ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْقُرْبِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ ح (قَوْلُهُ: حِمَمًا إلَخْ) مُفْرَدُهُ حُمَمَةٌ وِزَانُ رُطَبَةٍ مَا أُحْرِقَ مِنْ خَشَبٍ وَنَحْوِهِ.

(قَوْلُهُ: الَّتِي يُثَابُ عَلَى فِعْلِهَا) هَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرُ مَانِعٍ لِشُمُولِهِ السُّنَّةَ فَهُوَ تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْأَقْدَمِينَ، وَأَمَّا لَوْ عَرَّفَ تَعْرِيفًا مُسَاوِيًا لَقَالَ وَهِيَ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ وَخَفَّفَ أَمْرَهُ وَلَمْ يُؤَكِّدْهُ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَهِيَ مَا أُكِّدَ أَمْرُهُ وَأُعْظِمَ قَدْرُهُ (قَوْلُهُ: مَوْضِعٌ طَاهِرٌ إلَخْ) أَيْ إيقَاعُهُ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ أَيْ طَاهِرٍ بِالْفِعْلِ وَشَأْنُهُ الطَّهَارَةُ فَيَخْرُجُ مَحَلُّ الْخَلَاءِ فَيُكْرَهُ الْوُضُوءُ فِيهِ وَلَوْ طَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَقِلَّةُ) أَيْ وَتَقْلِيلُ (قَوْلُهُ: الْجُلُوسُ الْمُتَمَكِّنُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَوَصْفُ الْجُلُوسِ بِالْمُتَمَكِّنِ مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَكِّنَ مِنْ صِفَاتِ الشَّخْصِ (قَوْلُهُ: بِلَا حَدٍّ بِسَيَلَانٍ) أَيْ عَنْ الْعُضْوِ، وَأَمَّا السَّيَلَانُ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إيعَابِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ وَإِلَّا كَانَ مَسْحًا وَيُسَامَحُ لِلْمُوَسْوِسِ زِيَادَةً عَلَى عَادَةِ أَمْثَالِهِ وَلَيْسَ النَّاسُ فِي التَّقْلِيلِ سَوَاءً لِاخْتِلَافِ عَادَتِهِمْ إذْ مِنْهُمْ عَظِيمُ الْجِسْمِ الْكَثِيرُ الشَّعْرِ الْيَابِسُ الْبَشَرَةِ وَمِنْهُمْ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ فَاَلَّذِي يَكْفِي الثَّانِيَ لَا يَكْفِي الْأَوَّلَ وَقَوْلُهُ أَوْ تَقْطِيرٍ عَطْفٌ مُغَايِرٍ؛ لِأَنَّ التَّقْطِيرَ أَنْ يَنْزِلَ عَنْ الْعُضْوِ قَطْرَةً قَطْرَةً، وَأَمَّا السَّيَلَانُ عَنْهُ فَهُوَ أَنْ يَنْزِلَ عَنْ الْعُضْوِ كَالْخَيْطِ وَأَتَى بِذَلِكَ رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ لَا بُدَّ أَنْ يَسِيلَ الْمَاءُ أَوْ يَقْطُرَ عَنْ الْعُضْوِ ذَكَرَهُ شب (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ) أَيْ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْغُسْلَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَاءٍ إنْ فَتَحَ) لَا مَفْهُومَ لِإِنَاءٍ مَعَ قَيْدِ الِانْفِتَاحِ إذْ الْبَحْرُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَشَفَعَ غَسْلُهُ) وَلَا بُدَّ مِنْ تَخْلِيلٍ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالْمُسْتَحَبِّ وَيَنْوِي بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الْفَضِيلَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَعْدَ أَنْ يَنْوِيَ بِالْأُولَى فَرْضَهُ وَقِيلَ: لَا يَنْوِي شَيْئًا مُعَيَّنًا وَيُصَمَّمُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِمُسْبَغَةٍ فَهُوَ فَضِيلَةٌ وَاسْتَظْهَرَهُ سَنَدٌ وَصَحَّحَهُ الْقَرَافِيُّ وَأَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: دُونَ الْأُذُنَيْنِ) أَيْ فَالتَّنْوِينُ فِي أَعْضَاءٍ لِلتَّعْظِيمِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} [طه: 20] أَيْ الْأَعْضَاءُ الْعَظِيمَةُ الْمُحْتَاجُ لَهَا فِي التَّصَرُّفِ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِمَا فِي الْيَدِ الْيُمْنَى مِنْ الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ وَوُفُورِ الْخَلْقِ وَالصَّلَاحِيَّةِ لِلْأَعْمَالِ مَا لَيْسَ فِي الْيَسَارِ وَذَلِكَ أَنَّ الْخَاتَمَ يَضِيقُ فِيهَا وَيَتَّسِعُ فِي الْيَسَارِ (قَوْلُهُ: فَوْدٍ) بِلَا هَمْزٍ (قَوْلُهُ: لِاسْتِوَاءِ مَا ذُكِرَ) مُفَادُهُ أَنَّ الْجَنِينَ لَيْسَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ فَيَحْمِلُ عَلَى الْجَنْبِ الْأَيْمَنِ مَا لَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْأَيْسَرِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَفْتُوحًا) بِحَيْثُ يَتَّسِعُ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِالْمَفْتُوحِ الْوَاسِعُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَإِنَاءٍ إنْ وَسِعَ وَإِلَّا فَالْإِبْرِيقُ مَفْتُوحٌ وَفِي تَفْسِيرِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ فَتَحَ الْمَعْنَى عَلَى الْمُضِيِّ لَا الْمُسْتَقْبَلِ الْمُشْعِرِ بِهِ أَنَّ هَذَا فِي الْمُعْتَادِ أَوْ الْأَضْبَطِ أَمَّا الْأَعْسَرُ فَيَضَعُهُ عَلَى يَسَارِهِ.

(قَوْلُهُ: بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ) وَمُؤَخَّرِهِ بِفَتْحِ ثَانِيهِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ وَالْخَاءِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى مُقْدِمُ وَمُؤْخِرُ مُخَفَّفٌ وَالثَّالِثُ مَكْسُورٌ نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّأْسِ) قَالَ فِي ك إنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الرَّأْسَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَخْفَى مُقَدَّمُهَا أَوْ لِأَجْلِ الْخِلَافِ فَفِي الْمَذْهَبِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ (قَوْلُهُ: وَقُبِّحَ عَلَيْهِ) أَيْ لِيمَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ عُرْفًا) أَيْ لَا لُغَةً (قَوْلُهُ: فَأَوَّلُ الْيَدَيْنِ عُرْفًا) الظَّاهِرُ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ يُوَافِقُونَ عَلَى ذَلِكَ

ص: 137

رُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَمِنْ الْفَضَائِلِ الْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ كِلَاهُمَا سُنَّةٌ وَقِيلَ الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ وَالثَّالِثَةُ فَضِيلَةٌ وَنَقَلَ الزَّنَاتِيُّ عَنْ أَشْهَبَ فَرْضِيَّةَ الثَّانِيَةِ (ص) وَهَلْ الرَّجُلَانِ كَذَلِكَ أَوْ الْمَطْلُوبُ الْإِنْقَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الرِّجْلَيْنِ غَيْرِ النَّقِيَّتَيْنِ هَلْ هُمَا كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ الْمَغْسُولَةِ فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيهِمَا الشَّفْعُ وَالتَّثْلِيثُ بَعْدَ إحْكَامِ الْأُولَى كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَالرِّسَالَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ الْمَطْلُوبُ فِيهِمَا الْإِنْقَاءُ لِكَوْنِهِمَا مَحِلَّ الْأَوْسَاخِ غَالِبًا وَالْأَقْذَارِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَشَهَرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ ابْنِ رَاشِدٍ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ أَمَّا إذَا كَانَتَا نَقِيَّتَيْنِ فَكَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ اتِّفَاقًا وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُؤَلِّفِ بِالْإِنْقَاءِ.

(ص) وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ تُكْرَهُ الْغَسْلَةُ الرَّابِعَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِ الْمُوعِبَةِ لِأَنَّهَا مِنْ نَاحِيَةِ السَّرَفِ فِي الْمَاءِ وَهُوَ نَقْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ تُمْنَعُ وَهُوَ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ خِلَافٌ فَقَوْلُهُ خِلَافٌ رَاجِعٌ لَهُمَا حُذِفَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ وَالْأَنْسَبُ لَوْ عَبَّرَ فِي الثَّانِيَةِ بِتَرَدُّدٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ الْمَذْكُورِينَ نَقَلَ مَا ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَشَهَرَ مِنْهُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ وَلَوْ قَالَ الزِّيَادَةُ عِوَضُ الرَّابِعَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ لِمَا زَادَ عَلَى الرَّابِعَةِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي الِاخْتِصَارِ وَمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّجْدِيدَ بَعْدَ صَلَاةِ نَفْلٍ بِهِ مَمْنُوعٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ بِقَصْدِ التَّعَبُّدِ أَمَّا لَوْ قَصَدَ إزَالَةَ الْأَوْسَاخِ لَجَازَ.

(ص) وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ الْفَضَائِلِ تَرْتِيبُ سُنَنِ الْوُضُوءِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِأَنْ يُقَدِّمَ غَسْلَ الْيَدَيْنِ إلَى الْكُوعَيْنِ عَلَى الْمَضْمَضَةِ وَهِيَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ وَهُوَ عَلَى الِاسْتِنْثَارِ وَهُوَ عَلَى مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَمِنْ الْفَضَائِلِ تَرْتِيبُ سُنَنِهِ مَعَ فَرَائِضِهِ بِأَنْ يُقَدِّمَ السُّنَنَ الْأُوَلَ عَلَى الْوَجْهِ وَالْفَرَائِضَ الثَّلَاثَ عَلَى الْأُذُنَيْنِ فَلَوْ ذَكَرَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ فَهُوَ كَمَنْ تَرَكَ الْجُلُوسَ الْوَسَطَ حَتَّى فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَيَتَمَادَى وَيَفْعَلُهُمَا بَعْدَ فَرَاغِهِ، وَأَمَّا تَرْتِيبُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ فِيمَا بَيْنَهَا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ سُنَّةٌ فَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ حَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ مَعَ أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَمَعَ فَرَائِضِهِ بِإِسْقَاطِ هَمْزَةِ أَوْ كَانَ أَحْسَنَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ تَرْتِيبَ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْفَرَائِضِ مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ بِانْفِرَادِهِ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْعَطْفِ بِأَوْ.

(ص) وَسِوَاكٌ (ش) أَيْ وَمِنْ الْفَضَائِلِ السِّوَاكُ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ لِتَذْهَبَ الصُّفْرَةُ عَنْهَا وَيَسْتَاكُ بِالْيُمْنَى وَيَكُونُ قَبْلَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَمِنْ الْفَضَائِلِ الْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالِاسْتِحْبَابِ كُلٌّ مِنْ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَا الْمَجْمُوعُ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ أَوْ الْأُولَيَيْنِ وَالثَّالِثَةِ كَمَا يُوهِمُهُ وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَشَفْعَ غَسْلِهِ أَيْ الْوُضُوءُ وَفُهِمَ مِنْ إضَافَةِ شَفْعَ لِلْغَسْلِ أَنَّ تَكْرَارَ الْمَمْسُوحِ كَالْأُذُنَيْنِ لَيْسَ بِفَضِيلَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْحِ التَّخْفِيفُ، وَالتَّكْرَارُ يُخْرِجُهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ وَيُكْرَهُ تَتَبُّعُ غُضُونَاتِ الْأُذُنَيْنِ (قَوْلُهُ: فَرْضِيَّةَ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَسُنِّيَّةَ الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الرِّجْلَانِ كَذَلِكَ) وَهُوَ الصَّحِيحُ فَالْوَاجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي قَوْلِهِ: فِي الثَّانِي وَشَهَرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَطْلُوبُ الِاتِّقَاءُ) أَيْ مِنْ الْقَاذُورَاتِ الْغَيْرِ الْمُتَجَسِّدَةِ، وَأَمَّا الْمُتَجَسِّدَةُ الَّتِي تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ فَهِيَ مِمَّا تَجِبُ إزَالَتُهَا.

(قَوْلُهُ: وَالْأَقْذَارِ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ: وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ) قَالَ فِي ك وَنَقْلُ الْإِجْمَاعِ طَرِيقَةٌ اهـ. أَيْ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحَ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ بِالْأَوَّلِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَالصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَصَلَ بِالْمُجَدَّدِ تَمَامُ تَثْلِيثِ الْأَوَّلِ فَلَا مَنْعَ وَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: نَاحِيَةِ السَّرَفِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ، وَإِذَا حَقَّقْت النَّظَرَ تَجِدُ الْقَوْلَ بِالْكَرَاهَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدَ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ فَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ وَسِيلَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَنْعِ عَلَى الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ صَلَاةِ نَفْلٍ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَالْمُنَاسِبُ قَبْلُ لِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَتَجْدِيدُ وُضُوءٍ إنْ صَلَّى بِهِ قَالَ الشَّارِحُ وَلَوْ نَافِلَةً (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ التَّعَبُّدِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ الْقَصْدِ رَأْسًا كَقَصْدِ التَّعَبُّدِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَصَدَ إزَالَةَ الْأَوْسَاخِ) وَمِثْلُ قَصْدِ إزَالَةِ الْأَوْسَاخِ قَصْدُ التَّبَرُّدِ أَوْ التَّعْلِيمِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى الِاسْتِنْثَارِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ هُنَا غَيْرُ مُمْكِنٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ اسْتِنْثَارٌ قَبْلَ اسْتِنْشَاقٍ (قَوْلُهُ: وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ) فَلَوْ حَصَلَ مِنْهُ تَنْكِيسٌ بَيْنَ السُّنَنِ أَوْ بَيْنَ السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ لَمْ تُطْلَبْ الْإِعَادَةُ لِلتَّرْتِيبِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ: فَلَوْ ذَكَرَ الْمَضْمَضَةَ) صَرِيحٌ فِي النَّاسِي وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْعَامِدِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ ذَلِكَ الْقَائِلِ صَحِيحٌ وَذَلِكَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِأَوْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ فَالتَّصْوِيبُ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مُسْتَحَبَّاتٍ قَصَدَ بَيَانَهَا مَعْطُوفًا بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِالْوَاوِ فَقَوْلُهُ وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ أَيْ مَعَ بَعْضِهَا إشَارَةً لِصُورَةٍ وَعَطَفَ عَلَيْهَا الثَّانِيَةَ وَهِيَ تَرْتِيبُ السُّنَنِ مَعَ الْفَرَائِضِ بِقَوْلِهِ أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ السِّوَاكَ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرُ أَيْ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْآلَةُ كَمَا أَفَادَهُ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ فَأَرَادَ بِهِ هُنَا الْمَصْدَرَ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ سَاكَ أَيْ دَلَّكَ أَوْ تَمَايَلَ مِنْ قَوْلِهِمْ جَاءَتْ الْإِبِلُ تُسَاوِكُ أَيْ تَتَمَايَلُ فِي الْمَشْيِ مِنْ ضَعْفِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ)

ص: 138

الْوُضُوءِ وَيَتَمَضْمَضُ بَعْدَهُ وَالْأَرَاكُ أَفْضَلُ وَهُوَ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ وَالْأَخْضَرُ لِلْمُفْطِرِ وَيَحْصُلُ بِكُلِّ عُودٍ وَأَفْضَلُهُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الشِّدَّةِ وَالرَّخْوَةِ وَكَرِهَهُ ابْنُ حَبِيبٍ بِعُودِ الرُّمَّانِ وَالرَّيْحَانِ لِتَحْرِيكِهِمَا عِرْقَ الْجُذَامِ وَلَا يَسْتَاكُ بِعُودٍ مَجْهُولٍ وَلَا بِالْحَلْفَاءِ وَقَصَبِ الشَّعِيرِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْأَكَلَةَ وَالْبَرَصَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِالسِّوَاكِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ عَرْضًا فِي الْأَسْنَانِ وَطُولًا فِي اللِّسَانِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَسِوَاكٌ الْفِعْلُ وَهُوَ الِاسْتِيَاكُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِنْ بِأُصْبُعٍ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا قَالَ الْأَبِيُّ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ سِوَاكًا فَأُصْبُعُهُ تُجْزِئُهُ، فَإِنْ اسْتَاكَ بِهَا فَلَا يُدْخِلُهَا الْإِنَاءَ خَوْفَ إضَافَةِ الْمَاءِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بِالْيَمِينِ وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ بِالشِّمَالِ لِأَنَّهَا مَسَّتْ الْأَذَى انْتَهَى وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْآلَةَ لَقَالَ: وَإِنْ أُصْبُعًا أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ الْآلَةُ أُصْبُعًا وَفِي كَلَامِ التَّتَّائِيِّ نَظَرٌ (ص) كَصَلَاةٍ بَعُدَتْ مِنْهُ (ش) أَيْ كَاسْتِحْبَابِهِ لِصَلَاةٍ بَعُدَتْ مِنْ السِّوَاكِ بِمَعْنَى الِاسْتِيَاكِ لَا مِنْ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ سِوَاكٍ.

(ص) وَتَسْمِيَةٌ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهَا مِنْ الْفَضَائِلِ وَرُوِيَ الْإِنْكَارُ وَالْإِبَاحَةُ وَمِنْ الْفَضَائِلِ الدُّعَاءُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ بِأَنْ «يَقُولَ وَهُوَ رَافِعٌ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ» وَمَا يُقَالُ عِنْدَ فِعْلِ كُلِّ عُضْوٍ فَحَدِيثٌ ضَعِيفٌ جِدًّا وَلَا يُعْمَلُ بِهِ وَقَوْلُ الْأَقْفَهْسِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيهِ نَظَرٌ.

(ص) وَتُشْرَعُ فِي غُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذَكَاةٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَسَفِينَةٍ وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ لِمَنْزِلٍ وَمَسْجِدٍ وَلُبْسٍ وَغَلْقِ بَابٍ وَإِطْفَاءِ مِصْبَاحٍ وَوَطْءٍ وَصُعُودِ خَطِيبٍ مِنْبَرًا وَتَغْمِيضِ مَيِّتٍ وَلَحْدِهِ (ش) أَيْ وَكَمَا تُشْرَعُ التَّسْمِيَةُ نَدْبًا فِي الْوُضُوءِ تُشْرَعُ نَدْبًا أَيْضًا فِي غُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَيَزِيدُ وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا، وَإِنْ كَانَ لَبَنًا قَالَ وَزِدْنَا مِنْهُ وَيَجْهَرُ بِهَا لِيَتَذَكَّرَ الْغَافِلُ وَيَعْلَمَ الْجَاهِلُ، وَإِنْ نَسِيَهَا فِي أَوَّلِهِ قَالَ فِي الْأَثْنَاءِ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى فَرَغَ قَرَأَ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَقَايَأُ مَا أَكَلَهُ وَتُشْرَعُ وُجُوبًا مَعَ الذِّكْرِ فِي ذَكَاةٍ بِأَنْوَاعِهَا

ــ

[حاشية العدوي]

كَقِطْعَةِ جُبَّةٍ (قَوْلُهُ: وَيَتَمَضْمَضُ) الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَالْأَرَاكُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْوَاحِدَةُ أَرَاكَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَخْضَرُ) كَأَنَّهُ يَقُولُ وَأَفْضَلُ السِّوَاكِ الْأَرَاكُ أَخْضَرَ أَوْ يَابِسًا وَلَكِنَّ الْأَخْضَرَ الَّذِي يَجِدُ لَهُ طَعْمًا أَفْضَلَ لِلْمُفْطِرِ لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ فِي الْإِنْقَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ شب لَا الصَّائِمِ فَيُكْرَهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْأَوْلَى الْأَرَاكُ ثُمَّ جَرِيدُ النَّخْلِ ثُمَّ الزَّيْتُونُ ثُمَّ غَيْرُهُ مِمَّا لَهُ رِيحٌ طَيِّبٌ ثُمَّ غَيْرُ الْعِيدَانِ إلَى آخِرِ مَا قَالُوا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَذْهَبَنَا لَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَكَرِهَهُ ابْنُ حَبِيبٍ إلَخْ) سَوْقُهُمْ كَلَامَ ابْنِ حَبِيبٍ يُفِيدُ أَنَّهُ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَكَأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مَا تَعَرَّضَ لِهَذَا الْحُكْمِ إلَّا ابْنُ حَبِيبٍ فَلْيُتَّبَعْ (قَوْلُهُ: بِعُودٍ مَجْهُولٍ) أَيْ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُحَذَّرِ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: يُورِثُ الْأَكْلَةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ دَاءٌ فِي الْعُضْوِ يَأْتَكِلُ مِنْهُ أَيْ يَتَحَتَّتُ مِنْهُ الْعُضْوُ (قَوْلُهُ: عَرْضًا فِي الْأَسْنَانِ) أَيْ لِسَلَامَةِ اللِّثَةِ مِنْ التَّقَطُّعِ وَالْإِدْمَاءِ وَلِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَاكُ فِيهَا طُولًا وَكَذَا مَنْ لَا سِنَّ لَهُ يُطْلَبُ مِنْهُ الِاسْتِيَاكُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِأُصْبُعٍ) أَيْ مَعَ الْمَضْمَضَةِ لِيَكُونَ ذَلِكَ كَالدَّلْكِ قَالَ فِي ك وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُصْبُعُ لَيِّنَةً أَوْ خَشِنَةً وَيَنْبَغِي بِالْأُصْبُعِ السَّبَّابَةِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرِّسَالَةِ الْأُصْبُعَيْنِ وَيَعْنِي بِذَلِكَ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُدْخِلُهَا الْإِنَاءَ) أَيْ لِغَسْلِهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا يَدُلُّ) أَيْ قَوْلُهُ فَلَا يُدْخِلُهَا الْإِنَاءَ وَذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الدُّخُولِ فَرْعٌ عَنْ صِحَّةِ الدُّخُولِ وَوُقُوعِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْيُمْنَى (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الِاسْتِيَاكَ بِالْيُمْنَى أَيْ بِأُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيُمْنَى (قَوْلُهُ: وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ بِالشِّمَالِ) أَيْ بِأُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الشِّمَالِ كَمَا نُدِبَ مَسْكُ السِّوَاكِ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ لَا بِالشِّمَالِ؛ لِأَنَّهَا مَسَّتْ الْأَذَى (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ) أَيْ حَيْثُ يُفِيدُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالسِّوَاكِ الْآلَةَ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَفِعْلُ سِوَاكٍ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ بِأُصْبُعٍ (قَوْلُهُ: كَاسْتِحْبَابِهِ لِصَلَاةٍ بَعُدَتْ مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَطَهِّرًا بِمَاءٍ أَوْ تُرَابٍ أَوْ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ كَمَنْ لَا يَجِدُ مَاءً وَلَا تُرَابًا أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّي.

(قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةٌ) وَهَلْ يَزِيدُ " الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: وَرُوِيَ الْإِنْكَارُ) أَيْ فَلَيْسَتْ بِمَشْرُوعَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ مَكْرُوهَةً (قَوْلُهُ: وَالْإِبَاحَةُ) اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ تَصَوَّرَ الْإِبَاحَةَ مَعَ رُجْحَانِ الذِّكْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُبَاحَ وُقُوعُ الذِّكْرِ الْخَاصِّ فِي أَوَّلِ الْعِبَادَاتِ الْخَاصَّةِ أَمَّا نَفْسُ الذِّكْرِ فَرَاجِحُ الْفِعْلِ فَمَحَلُّ الْإِبَاحَةِ غَيْرُ مَحَلِّ النَّدْبِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَكَذَا رِوَايَةُ الْإِنْكَارِ لَا تَتَوَجَّهُ لِلذِّكْرِ بَلْ لِاعْتِقَادِ رُجْحَانِهِ فِي هَذَا الْمَحِلِّ الْخَاصِّ (قَوْلُهُمْ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ إلَخْ) التَّوَّابُ هُوَ الَّذِي يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ وَالْمُتَطَهِّرُ مَنْ لَمْ يُذْنِبْ فَيَكُونُ الْمَعْنَى اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ هَؤُلَاءِ أَوْ هَؤُلَاءِ وَلَا تُخْرِجْنِي عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: فَحَدِيثٌ ضَعِيفٌ جِدًّا) أَيْ وَإِذَا كَانَ ضَعِيفًا جِدًّا فَلَا يُعْمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ إنَّمَا يَكُونُ بِالضَّعِيفِ إذَا لَمْ يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ.

(قَوْلُهُ: وَتُشْرَعُ فِي غُسْلٍ) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ غُسْلٍ وَلَوْ مِنْ حَرَامٍ (قَوْلُهُ: فِي أَكْلٍ وَشُرْبٍ) هِيَ سُنَّةٌ عَلَى الرَّاجِحِ فِي الشُّرْبِ وَالْأَكْلِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فِي الْأَكْلِ وَقِيلَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ، وَأَمَّا فِي الشُّرْبِ فَهِيَ عَيْنٌ اتِّفَاقًا وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تُشْرَعُ؛ لِأَنَّهَا فِي بَعْضِ مَا ذُكِرَ وَاجِبَةٌ كَعِنْدَ الذَّبْحِ وَسُنَّةٌ كَالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَبَعْضُهَا مُسْتَحَبٌّ كَالْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَلُبْسٍ) لِثَوْبٍ إزَارٍ أَوْ عِمَامَةٍ أَوْ رِدَاءٍ (قَوْلُهُ: وَلَحْدِهِ) أَيْ إلْحَادِهِ فِي قَبْرِهِ أَيْ إرْقَادِهِ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ وَبَارِكْ) الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ وَيَزِيدُ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا وَزِدْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَبَنًا قَالَ وَزِدْنَا مِنْهُ» أَيْ وَلَا يَقُولُ: خَيْرًا مِنْهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خَيْرَ مِنْ اللَّبَنِ مَعَ أَنَّ الْوَارِدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَفْضَلَ الْأَطْعِمَةِ اللَّحْمُ وَيَلِيهِ اللَّبَنُ وَيَلِيهِ الزَّيْتُ وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ مَعَ مَا وَرَدَ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ غَيْرِهِ وَغَيْرُهُ لَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ) لَعَلَّ الْفَائِدَةَ فِي ذَلِكَ لُحُوقُ بَرَكَتِهِ لِلْآكِلِ فِيمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْأَكْلِ (قَوْلُهُ: يَتَقَايَأُ مَا أَكَلَهُ) أَيْ

ص: 139

الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ النَّحْرُ وَالذَّبْحُ وَالْعَقْرُ وَمَا يَمُوتُ بِهِ كَقَطْعِ جَنَاحٍ لِنَحْوِ جَرَادٍ كَمَا يَأْتِي وَتُشْرَعُ نَدْبًا فِي رُكُوبِ دَابَّةٍ وَتُشْرَعُ أَيْضًا نَدْبًا فِي رُكُوبِ سَفِينَةٍ وَعِنْدَ دُخُولٍ وَخُرُوجٍ لِمَنْزِلٍ وَتُشْرَعُ أَيْضًا نَدْبًا فِي دُخُولِ مَسْجِدٍ وَخُرُوجٍ مِنْهُ وَعِنْدَ لُبْسٍ وَعِنْدَ النَّزْعِ وَعِنْدَ غَلْقِ بَابٍ وَعِنْدَ إطْفَاءِ مِصْبَاحٍ وَفَتْحِ الْبَابِ وَوَقِيدِ الْمِصْبَاحِ كَذَلِكَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الزَّرْقَانِيُّ وَتُشْرَعُ أَيْضًا نَدْبًا فِي وَطْءٍ مُبَاحٍ، وَأَمَّا الْوَطْءُ الْحَرَامُ وَالْمَكْرُوهُ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَقِيلَ تُكْرَهُ فِيهِمَا وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقِيلَ تَحْرُمُ وَقِيلَ تُكْرَهُ فِي الْمَكْرُوهِ وَتَحْرُمُ فِي الْمُحَرَّمِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْوَطْءِ الْمَكْرُوهِ وَطْءُ الْجُنُبِ ثَانِيًا قَبْلَ غَسْلِ فَرْجِهِ وَوَطْؤُهُ الْمُؤَدِّي إلَى انْتِقَالِهِ إلَى التَّيَمُّمِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَمُنِعَ مَعَ عَدَمِ مَاءٍ تَقْبِيلُ مُتَوَضِّئٍ وَجِمَاعِ مُغْتَسِلٍ إلَّا لِطَوْلٍ وَتُشْرَعُ أَيْضًا نَدْبًا عِنْدَ صُعُودِ خَطِيبٍ مِنْبَرًا وَتَغْمِيضِ مَيِّتٍ وَلَحْدِهِ وَتُشْرَعُ أَيْضًا نَدْبًا عِنْدَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَعِنْدَ النَّوْمِ وَابْتِدَاءِ صَلَاةِ نَافِلَةٍ وَطَوَافٍ وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ لِخَلَاءٍ وَعِنْدَ السِّوَاكِ وَلَا تُشْرَعُ فِي حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَأَذَانٍ وَذِكْرِ صَلَاةٍ وَدُعَاءٍ وَتُكْرَهُ فِي الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ وَلِلْقَرَافِيِّ تَحْرُمُ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا قَالَ وَتُشْرَعُ أَيْ وَتُطْلَبُ شَرْعًا وَلَمْ يَقُلْ وَتُنْدَبُ لِيَشْمَلَ الْوَاجِبَ وَالْمَسْنُونَ وَالْمُسْتَحَبَّ وَبَعْضُهُمْ رَجَّحَ سُنِّيَّةَ التَّسْمِيَةِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَيْنًا وَقِيلَ كِفَايَةً فِي الْأَكْلِ.

(ص) وَلَا تُنْدَبُ إطَالَةُ الْغُرَّةِ (ش) الْمُرَادُ بِإِطَالَةِ الْغُرَّةِ الزِّيَادَةُ فِي الْمَغْسُولِ عَلَى مَحِلِّ الْفَرْضِ أَيْ وَلَا تُنْدَبُ الزِّيَادَةُ عَلَى غَسْلِ مَحِلِّ الْفَرْضِ وَلَا يُقَالُ قَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي صِفَةِ وُضُوئِهِ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ زَادَ فِي مَغْسُولِ الْوُضُوءِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ وَصَفَ وُضُوءَ الرَّسُولِ غَيْرُهُ وَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ أَوْ بَلَغَهُ وَلَكِنْ عَمِلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْغُرَّةِ فِي الْحَدِيثِ إدَامَةُ الْوُضُوءِ أَيْ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُدِيمَ وُضُوءَهُ فَلْيَفْعَلْ.

(ص) وَمَسْحُ الرَّقَبَةِ وَتَرْكُ مَسْحِ الْأَعْضَاءِ (ش) أَيْ وَلَا يُنْدَبُ أَيْضًا مَسْحُ الرَّقَبَةِ بِالْمَاءِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ فِي وُضُوئِهِ عليه الصلاة والسلام وَلَا يُنْدَبُ تَرْكُ مَسْحِ الْأَعْضَاءِ أَيْ تَنْشِيفُهَا بِخِرْقَةٍ مَثَلًا بَلْ يُبَاحُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فِي اسْتِحْبَابِهِمْ تَرْكَ ذَلِكَ أَوْ كَرَاهَتِهِمْ لَهُ (ص) ، وَإِنْ شَكَّ فِي ثَالِثَةٍ فَفِي كَرَاهَتِهَا قَوْلَانِ (ش) أَيْ، وَإِنْ شَكَّ مُرِيدُ الْإِتْيَانِ بِغَسْلَةٍ فِي كَوْنِهَا ثَالِثَةً أَوْ رَابِعَةً فَفِي كَرَاهَةِ الْإِتْيَانِ بِهَا تَرْجِيحًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عَلَى تَحْصِيلِ الْفَضِيلَةِ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاسْتِحْبَابُ الْإِتْيَانِ بِهَا اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ إذْ الْمُحَقَّقُ اثْنَتَانِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْمَازِرِيُّ عَنْ الشُّيُوخِ وَالْخِلَافُ عَامٌّ فِي السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مُسْتَحَبَّةٌ فِيهِمَا (ص) قَالَ كَشَكِّهِ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ هَلْ هُوَ الْعِيدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَازِرِيَّ خَرَّجَ قَوْلَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ

ــ

[حاشية العدوي]

خَارِجَ الْإِنَاءِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ غَلْقِ بَابٍ) وَسِرُّهَا دَفْعُ وَسْوَسَةِ مَنْ يُرِيدُ فَتْحَهُ مِنْ السُّرَّاقِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ: وَابْتِدَاءِ صَلَاةِ نَافِلَةٍ) أَيْ جَائِزَةٌ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَجَازَتْ كَتَعَوُّذٍ بِنَفْلٍ إلَخْ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْمَشْرُوعِ مَا يَشْمَلُ الْجَائِزَ (قَوْلُهُ: وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ) أَيْ فَالدُّخُولُ لِلْكَنِيفِ مِنْ حَيْثُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ أَمْرٌ ذُو بَالٍ فَطُلِبَتْ التَّسْمِيَةُ وَمِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ غَيْرُ ذِي بَالٍ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَدَّمَ الدُّخُولَ بِالْيُسْرَى فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَتَقُولُهَا عِنْدَ إرَادَةِ دُخُولِ الْخَلَاءِ وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا تُشْرَعُ فِي حَجّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَيْ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَعِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَعِنْدَ الذِّكْرِ وَعِنْدَ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَعِنْدَ الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: وَصَلَاةٍ) أَيْ فَرْضٍ؛ لِأَنَّهَا تُكْرَهُ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: الزِّيَادَةُ فِي الْمَغْسُولِ عَلَى مَحِلِّ الْفَرْضِ) هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذْ الْيَدُ مِنْ الْأَصَابِعِ لِلْمَنْكِبِ وَالرِّجْلُ مِنْهَا إلَى الْفَخِذِ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي مِثْلِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُمَا مَحْدُودَانِ هَذَا مَا قُرِّرَ وَنَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حَدِّهِمَا عَدَمُ كَوْنِ الْغُرَّةِ تَزِيدُ عَلَى حَدِّهِمَا فَهُمَا، وَإِنْ كَانَا مَحْدُودَيْنِ تُفْعَلُ الزِّيَادَةُ خَارِجَةً عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ) أَيْ وَلَوْ بَلَغَهُ لَعَمِلَ بِهِ فَيَرِدُ أَنْ يُقَالَ كَيْفَ يُرَجَّحُ قَوْلُ الْإِمَامِ عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَهَذَا مُشْكِلُ الْغَايَةِ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ هَذَا الْجَوَابِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُرَادُ بِالْغُرَّةِ) أَيْ بِإِطَالَةِ الْغُرَّةِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْغُرَّةَ هِيَ الْوُضُوءُ وَإِطَالَتُهَا عَلَيْهِ إدَامَتُهُ عَلَى الْوُضُوءِ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ الْحُكْمِ وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ.

(قَوْلُهُ: وَمَسْحُ الرَّقَبَةِ) مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: أَوْ كَرَاهَتِهِمْ) أَيْ فَلَهُمْ قَوْلَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ مَكْرُوهًا لِجَوَازِ كَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَقُولُ يُكْرَهُ الْمَسْحُ (قَوْلُهُ: فَفِي كَرَاهَةِ) قَالَ ابْنُ نَاجِي وَهُوَ الْحَقُّ (قَوْلُهُ: قَالَ كَشَكِّهِ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ) قَالَ ق إنَّمَا ذَكَرَ الصَّوْمَ، وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ إنَّمَا هُوَ فِي الْيَوْمِ؛ لِأَنَّ لَا فَائِدَةَ فِي الشَّكِّ فِي الْيَوْمِ إلَّا بِاعْتِبَارِ الصَّوْمِ فِيهِ وَعَدَمِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ صَوْمِ (قَوْلُهُ: قَالَ كَشَكِّهِ) هُوَ هُنَا لِمُجَرَّدِ الْحِكَايَةِ لَا لِلتَّرْجِيحِ أَيْ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ الْكَرَاهَةُ وَالنَّدْبُ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ أَنَّ صَوْمَهُ مَنْدُوبٌ فَيَكُونُ الْمُرَجَّحُ عِنْدَهُ فِي السَّابِقَةِ النَّدْبَ (قَوْلُهُ: يَوْمِ عَرَفَةَ) احْتِمَالًا (قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ الْعِيدُ) بَدَلٌ مِنْ شَكَّ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَيْهِ

ص: 140