المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لَا الْمُصْحَفُ أَمَّا لَوْ قُصِدَ الْمُصْحَفُ فَقَطْ بِالْحَمْلِ أَوْ مَعَ - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ١

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌بَابِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصَلِّ بَيَانِ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ]

- ‌[فَصْلٌ إزَالَة النَّجَاسَة]

- ‌[فَصْلُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ آدَابَ قَاضِي الْحَاجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصَلِّ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمَسْح عَلَى الجبيرة]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحَيْض]

- ‌[بَاب الْوَقْت الْمُخْتَار]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوط الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَصِفَةِ السَّاتِرِ

- ‌[فَصَلِّ فِي الِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَصَلِّ فِي فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاة وَبَدَلِهِ وَمَرَاتِبِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَتَرْتِيبِهَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ سُجُودَ التِّلَاوَةِ]

الفصل: لَا الْمُصْحَفُ أَمَّا لَوْ قُصِدَ الْمُصْحَفُ فَقَطْ بِالْحَمْلِ أَوْ مَعَ

لَا الْمُصْحَفُ أَمَّا لَوْ قُصِدَ الْمُصْحَفُ فَقَطْ بِالْحَمْلِ أَوْ مَعَ الْأَمْتِعَةِ فَيُمْنَعُ حَمْلُهُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُرْتَضَى (ص) لَا دِرْهَمٍ وَتَفْسِيرٍ (ش) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ وَمَنَعَ حَدَثٌ كَذَا وَكَذَا لَا دِرْهَمٍ وَنَحْوِهِ مَكْتُوبٍ فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ فَيَجُوزُ مَسُّهُ وَلَوْ لِكَافِرٍ وَكَذَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ التَّفْسِيرِ وَلَوْ كَتَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْآيَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ.

(ص) وَلَوْحٍ لِمُعَلِّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ، وَإِنْ حَائِضًا (ش) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ مَسَّ لَوْحٍ لِمُعَلِّمٍ يُصْلِحُهُ وَمُتَعَلِّمٍ صَبِيٍّ أَوْ رَجُلٍ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، وَإِنْ امْرَأَةً حَائِضًا مِنْ مُعَلِّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُعَلِّمِ مَنْ يُرِيدُ إصْلَاحَ اللَّوْحِ كَانَ جَالِسًا لِلتَّعْلِيمِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ لِمُعَلِّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ أَيْ حَالَ التَّعَلُّمِ أَوْ التَّعْلِيمِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ (ص) وَجُزْءٍ لِمُتَعَلِّمٍ، وَإِنْ بَلَغَ (ش) أَيْ وَجَازَ مَسُّ جُزْءٍ لِمُتَعَلِّمٍ صَبِيٍّ بَلْ وَلَوْ بَلَغَ وَالْمُرَادُ بِالْجُزْءِ مَا قَابَلَ الْكَامِلَ لَكِنْ جُزْءٌ لَهُ بَالٌ ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ لِلْمُتَعَلِّمِ مَسَّ الْكَامِلِ لِأَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ مَسِّ الْكَامِلِ (ص) وَحِرْزٍ بِسَاتِرٍ، وَإِنْ لِحَائِضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحِرْزَ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ عَلَى الشَّخْصِ وَلَوْ بَالِغًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا حَامِلًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ جُنُبًا وَكَذَا عَلَى الْبَهِيمَةِ لِعَيْنٍ حَصَلَتْ لَهَا أَوْ لِخَوْفِ حُصُولِهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْحِرْزُ بِسَاتِرٍ يُكِنُّهُ وَيَقِيهِ مِنْ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ أَذًى قَالَ السَّنْهُورِيُّ وَلَا يَنْبَغِي مِنْ غَيْرِ سَاتِرٍ.

(فَصْلٌ) .

لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى مُوجِبَاتِ الْكُبْرَى أَيْ أَسْبَابِهَا الَّتِي تُوجِبُهَا وَوَاجِبَاتِهَا أَيْ فَرَائِضِهَا وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَهِيَ الْغُسْلُ بِالضَّمِّ لِلْفِعْلِ وَبِالْفَتْحِ لِلْمَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَبِالْكَسْرِ لِمَا يُغْتَسَلُ بِهِ مِنْ أُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يُعَرِّفْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ إيصَالُ الْمَاءِ لِجَمِيعِ الْجَسَدِ بِنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الدَّلْكِ وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ مُوجِبَ الْغُسْلِ بِقَوْلِهِ خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِلَذَّةٍ وَمَغِيبِ حَشَفَةِ غَيْرِ خُنْثَى أَوْ مِثْلِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَصَدَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِقَصْدِهِ فَقَطْ أَنْ يَكُونَ حَمْلُ الْأَمْتِعَةِ لِأَجْلِ حَمْلِهِ فَقَطْ وَلَوْلَا حَمْلُهُ مَا حَمَلَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُرْتَضَى) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ الْجَوَازِ حَيْثُ قُصِدَا مَعًا فَجَعَلَ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ: هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي قِرَاءَتَهُ بِالنَّصْبِ، وَالرَّسْمُ بِمَنْعِهِ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُصْحَفٍ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْآيَ) الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ قَصَدَ الْآيَ وَهَذَا الشَّرْطُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُبَالَغَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ كَتَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْحٍ إلَخْ) الْمُرَادُ جِنْسُ اللَّوْحِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعَلِّمِ وَالْوَاحِدُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَعَلِّمِ وَمِثْلُ الْمُتَعَلِّمِ الْمُعَلِّمُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَائِضًا) قَالَ فِي ك وَتَخْصِيصُ الْحَائِضِ بِالذِّكْرِ يُخْرِجُ الْجُنُبَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ رَفْعَ حَدَثِهِ بِيَدِهِ وَلَا يَشُقُّ كَالْوُضُوءِ وَقَالَ عج أَيْ وَلَوْ كَانَ حَائِضًا وَجُنُبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ انْتَهَى (أَقُولُ) : وَالْأَظْهَرُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي ك وَقَالَ أَيْضًا فِي ك وَمِثْلُ الْمُتَعَلِّمِ الْمُحْتَاجُ إلَى الْكَشْفِ عَنْ آيَةٍ تَوَقَّفَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) كَحَالِ الذَّهَابِ بِهِ إلَى وَضْعِهِ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَلَغَ)، وَإِنْ حَائِضًا (قَوْلُهُ: مَا قَابَلَ الْكَامِلَ) لِمَا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَشْمَلُ وَلَوْ تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ مَثَلًا وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَفَادَكَ أَنَّ الْمُرَادَ جَزْءٌ لَهُ بَالٌ عُرْفًا كَأَنْ يَكُونَ خَمْسَةَ أَحْزَابٍ مَثَلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ مَا قَابَلَ الْكَامِلَ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَحَدُ أَجْزَائِهِ ثَلَاثِينَ وَلَيْسَ مُرَادًا فَقَالَ مَا قَابَلَ الْكَامِلَ وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ شُمُولُهُ لِتِسْعَةِ أَعْشَارِهِ مَثَلًا قَالَ لَكِنْ جَزْءٌ لَهُ بَالٌ فِي الْعُرْفِ فَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ وَهَذَا كُلُّهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ جُزْءٍ وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ مَسُّ الْكَامِلِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) وَأَفَادَ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّ الْمُعَلِّمَ كَالْمُتَعَلِّمِ فِي جَوَازِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَسَّ الْكَامِلِ عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ) أَيْ فَأَقَلُّ مَرَاتِبِهِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحَ (قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرًا إلَخْ) نَقَلَهُ عج وَاعْتَرَضَهُ بِقَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِي النَّصِّ جَوَازُ تَعْلِيقِهِ عَلَى الْكَافِرِ بَلْ عَلَى الْبَهِيمَةِ وَالْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ عَلَى الْكَافِرِ يُؤَدِّي إلَى امْتِهَانِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مِنْ الْقُرْآنِ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ الْحِرْزُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَا فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَطْ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا كَانَ مَا فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَتُهُ لِلتَّعَوُّذِ كَذَا قَالَ بَعْضُ الْمُعَاصِرِينَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْبَغِي) أَيْ لَا يَجُوزُ.

[فَصَلِّ الْغُسْلُ]

(قَوْلُهُ: الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى) أَرَادَ بِالطَّهَارَةِ الصُّغْرَى مَا تَنْشَأُ عَنْهُ وَهُوَ الْوُضُوءُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الطَّهَارَةَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ عَلَى مُوجِبَاتِ الْكُبْرَى أَيْ مَا تَنْشَأُ عَنْهُ الْكُبْرَى أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا التَّطْهِيرُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهَرِ) مُقَابِلُ الْأَشْهَرِ قَوْلَانِ الْعَكْسُ وَالْفَتْحُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: أُشْنَانٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرُ لُغَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعَرِّفْهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ شَرْعًا وَأَمَّا تَعْرِيفُهُ لُغَةً فَهُوَ سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ مُطْلَقًا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ: إيصَالُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُعَانَاةٍ فِي الْوُصُولِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَالِسًا وَنَزَلَ عَلَيْهِ مَطَرٌ كَثِيرٌ وَتَدَلَّكَ لَا يَكْفِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَعَلَّهُ نَظَرَ لِلْغَالِبِ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِيصَالِ الْوُصُولَ إلَّا أَنَّهُ مَجَازٌ يَحْتَاجُ لِقَرِينَةٍ وَقَوْلُهُ: مَعَ الدَّلْكِ يُفِيدُ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ لَا لِلْإِيصَالِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَنْوِيَ فَرْضَ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ مُوجِبَ الْغُسْلِ) فَصَوَّرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ (قَوْلُهُ: خُرُوجُ الْمَنِيِّ إلَخْ) فَالْمَرْأَةُ لَا بُدَّ مِنْ بُرُوزِهِ إلَى خَارِجِ فَرْجِهَا وَالْمُرَادُ بِهِ وُصُولُهُ إلَى مَحَلِّ مَا تَغْسِلُهُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ مَا يَبْدُو مِنْهَا عِنْدَ الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: بِلَذَّةٍ) أَيْ بِسَبَبِ لَذَّةٍ أَيْ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَغِيبُ) أَيْ وَغَيْبُوبَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ مِثْلِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى حَشَفَةٍ

ص: 161

فِي دُبُرِ أَوْ قُبُلِ غَيْرِ خُنْثَى وَلَوْ مِنْ بَهِيمَةٍ مَاتَتْ عَلَى مَنْ هِيَ مِنْهُ أَوْ غَابَتْ فِيهِ وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ ذَاهِبًا عَقْلُهُ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: غَيْرِ خُنْثَى قَيْدٌ فِي الْقُبُلِ لَا فِي الدُّبُرِ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ اسْتِثْنَاءَ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ أَنَّ تَخْرِيجَهُمَا حَشَفَتَهُ وَفَرْجَهُ عَلَى الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ مِنْ إغَابَتِهَا مِنْهُ أَوْ فِيهِ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَنِيٍّ (ش) أَيْ يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِسَبَبِ خُرُوجِ أَيْ انْفِصَالِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَلَوْ لَمْ تُقَارِنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَقِيلَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغُسْلُ بِالْإِحْسَاسِ وَلَيْسَتْ كَالرَّجُلِ لِأَنَّ عَادَتَهُ يَنْعَكِسُ إلَى دَاخِلِ الرَّحِمِ لِيَتَخَلَّقَ مِنْهُ الْوَلَدُ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ لَا بَاءُ الْآلَةِ وَلَا بَاءُ الْمُصَاحَبَةِ وَلَا بَاءُ الْمُلَابَسَةِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى.

وَمَا قَالَهُ سَنَدٌ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَخِلَافُ ظَاهِرِ أَقْوَالِهِمْ أَيْ بِسَبَبِ خُرُوجِ مَنِيٍّ وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِهِ انْفِصَالُهُ عَنْ مَقَرِّهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يُعَدُّ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ خَارِجًا وَذَلِكَ بِانْفِصَالِهِ عَنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَبِإِحْسَاسِ الْمَرْأَةِ بِانْفِصَالِهِ إلَى دَاخِلٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي مَنِيِّ الْمَرْأَةِ إذَا الْتَذَّتْ فِي الْيَقَظَةِ أَمَّا إذَا الْتَذَّتْ فِي النَّوْمِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا حَتَّى يَبْرُزَ بِلَا خِلَافٍ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ عَلَيْهِ عليه الصلاة والسلام «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» ثُمَّ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَلِلْمَنِيِّ تَدَفُّقٌ وَرَائِحَةُ طَلْعٍ أَوْ عَجِينٍ هُنَا لِتَكُونَ الْعَلَامَةُ وَإِلَيْهِ لِصَاحِبِهَا إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ الْمُوجِبَاتِ عَلَى حِدَةٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ ثُمَّ يَتَخَلَّصُ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا (ص) ، وَإِنْ بِنَوْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِسَبَبِ خُرُوجِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ فِي حَالَةِ النَّوْمِ، فَإِنْ حَصَلَتْ اللَّذَّةُ فِي النَّوْمِ وَخَرَجَ الْمَنِيُّ مَعَهَا فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، وَإِنْ حَصَلَتْ اللَّذَّةُ فِي النَّوْمِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، فَإِنْ خَرَجَ الْمَنِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ الْوُجُوبُ، فَإِنْ وَجَدَ الْمَنِيَّ وَلَمْ يَذَّكَّرْ أَنَّهُ احْتَلَمَ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ قَوْلَانِ كَمَا نَقَلَهُمَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فِي دُبُرٍ) بِالتَّنْوِينِ أَيِّ دُبُرٍ كَانَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ الدُّبُرُ أَوْ الْقُبُلُ مِنْ بَهِيمَةٍ مَاتَتْ أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ بَهِيمَةٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ مِنْ بَهِيمَةٍ هَذَا إذَا كَانَتْ حَيَّةً بَلْ وَلَوْ مَاتَتْ وَقَوْلُهُ: غَيْرَ خُنْثَى سَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِدُخُولِ الذَّكَرِ فِي فَرْجِ الْخُنْثَى (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ هِيَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَتَقْدِيرُهُ وَهُوَ مُوجِبٌ أَيْ الْمَغِيبُ مُوجِبٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ مَغِيبٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ تَصْدِيقًا وَالتَّعْرِيفُ تَصَوُّرٌ وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ التَّعْرِيفِ أَوْ نُسَلِّمُ أَنَّهُ مِنْهُ وَلَكِنْ نَقُولُ تَصْدِيقٌ لَمْ يُقْصَدْ لِذَاتِهِ بَلْ قُصِدَ مِنْهُ التَّصَوُّرُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ هِيَ إلَخْ) أَيْ عَلَى إنْسَانٍ الْحَشَفَةُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَابَتْ فِيهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى هِيَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكْرَهًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا ذُكِرَ مِنْ الَّذِي هِيَ مِنْهُ أَوْ غَابَتْ فِيهِ مُكْرَهًا أَوْ ذَاهِبًا عَقْلُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ إغَابَتِهَا) أَيْ الْحَشَفَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا حَشَفَةَ الْخُنْثَى لِقَوْلِهِ أَوْ فِيهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: جَمِيعِ ظَاهِرِ إلَخْ) وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا الْمُضَافِ بِإِضَافَةِ ظَاهِرِ إلَى الِاسْمِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ؛ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَى الِاسْمِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يُفِيدُ الْعُمُومَ فَشَمِلَ أَصَابِعَ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأَرْجَحِ كَأَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَخْلِيلُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَمْ يَأْخُذْ الْعُمُومَ مِنْ أَلْ فِي الْجَسَدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ لَا الِاسْتِغْرَاقِ وَمَعْنَى الْعَهْدِ غَيْرُ مُرَادٍ وَلَيْسَ مِنْ الظَّاهِرِ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالْعَيْنِ، وَأَمَّا فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَمِنْهُ وَأَمَّا التَّكَامِيشُ الَّتِي فِي الدُّبُرِ، فَإِنَّهَا مِنْ الظَّاهِرِ هُنَا فَيَجِبُ عَلَى الْمُغْتَسِلِ أَنْ يَسْتَرْخِيَ (قَوْلُهُ: انْفِصَالُهُ) أَيْ انْفِصَالُهُ عَنْ مَحَلِّهِ، وَإِنْ رُبِطَ بِقَصَبَةِ الذَّكَرِ أَوْ تَعَسَّرَ بِكَحَصًى، وَأَمَّا إنْ وَصَلَ لِلْقَصَبَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ بِأَنْ انْقَطَعَ بِنَفْسِهِ فَلَا جَنَابَةَ قَالَهُ الْحَطَّابُ.

(قَوْلُهُ: بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ) وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَادَتَهُ إلَخْ) وَكَوْنُهَا تُحْمَلُ أَوْ لَا تُحْمَلُ شَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: لَا بَاءُ الْآلَةِ) ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بَاءُ الْمُلَابَسَةِ إلَخْ) الْمُصَاحَبَةُ تُفِيدُ الِاقْتِرَانَ بِأَنْ يَكُونَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مُقَارِنًا لِلْغُسْلِ بِخِلَافِ الْمُلَابَسَةِ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْمُصَاحَبَةِ لِتَحَقُّقِهَا وَلَوْ بَعْدَ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْمَعْنَى) ؛ لِأَنَّ الْمَنِيَّ لَيْسَ آلَةً وَلَا مُصَاحِبَةً لِلْغُسْلِ وَلَا مُلَابِسًا (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ سَنَدٌ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَخِلَافُ ظَاهِرِ أَقْوَالِهِمْ) أَيْ، فَإِنَّ ظَاهِرَ أَقْوَالِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ بُرُوزُهُ إلَى خَارِجِ الْفَرْجِ وَلَا يَكْفِي فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ الْإِحْسَاسُ، فَإِنْ قُلْت كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ كَلَامُ سَنَدٍ ظَاهِرٌ نَقُولُ مَعْنَاهُ ظَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَيْ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ عِلَّتُهُ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَوْلَ الْمَشْهُورَ لَا وَجْهَ لَهُ حَيْثُ كَانَ يُسَلِّمُ عِلَّةَ سَنَدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عِلَّةُ سَنَدٍ فَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِهِ إلَخْ) هَذَا آتٍ عَلَى كَلَامِ سَنَدٍ وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ أَنَّهَا إذَا حَمَلَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ إلَّا وَقَدْ انْفَصَلَ مِنْهَا عَنْ مَحَلِّهِ وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا عَلَى قَوْلِ سَنَدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ أَوْ أَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ مَا خَرَجَ لِتَخَلُّقِ الْوَلَدِ مِنْهُ أَوْ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْخَارِجِ لَوْلَا الْحَمْلُ فَأَوْجَبَ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ كَتَحَقُّقِهِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا الْمَاءُ إلَخْ) أَيْ إنَّمَا الْغُسْلُ بِالْمَاءِ مِنْ أَجْلِ الْمَاءِ أَيْ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ الْمَنِيُّ وَلَمْ يَذَّكَّرْ أَنَّهُ احْتَلَمَ) فَحِينَئِذٍ مَنْ رَأَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ فِي نَوْمٍ بِلَدْغَةِ عَقْرَبٍ أَوْ حَكٍّ لِجَرَبٍ وَنَزَلَ الْمَنِيُّ، فَإِنَّهُ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي النَّوْمِ وُجُودُ لَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ انْتَهَى.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ رَأَى فِي نَوْمِهِ أَنَّهُ لُدِغَ أَوْ حَكَّ لِجَرَبٍ أَوْ ضُرِبَ فَأَمْنَى يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ خِلَافًا لِلْحَطَّابِ وَالتَّتَّائِيِّ وَكَذَلِكَ إنْ رَأَى مَنِيًّا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا رَآهُ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ لُدِغَ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ ضُرِبَ فَلَمْ يَتَنَبَّهْ مِنْ نَوْمِهِ، وَإِنَّمَا أَشْعَرَ بِذَلِكَ كَالْحُلْمِ وَخَرَجَ مَنِيُّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ الضَّرْبَةِ وَاللَّدْغَةِ (قَوْلُهُ: فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْوُجُوبُ.

ص: 162

ابْنُ رَاشِدٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَنَقْلُ الْقَرَافِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ فِيهِ نَظَرٌ مَعَ هَذَا، وَإِنَّمَا بَالَغَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى حَالَةِ النَّوْمِ لِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ النَّائِمَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فِي خُرُوجِ الْمَنِيِّ فِيهَا.

(ص) أَوْ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ بِلَا جِمَاعٍ وَلَمْ يَغْتَسِلْ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِنَوْمٍ أَيْ يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ مَنِيٍّ، وَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُ غَيْرَ مُقَارِنٍ لِلَّذَّةِ بَلْ حَصَلَ بَعْدَ ذَهَابِهَا لَكِنْ إنْ كَانَتْ اللَّذَّةُ نَاشِئَةً عَنْ غَيْرِ جِمَاعٍ بَلْ بِمُلَاعَبَةٍ فَيَجِبُ الْغُسْلُ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ سَوَاءٌ اغْتَسَلَ قَبْلَ خُرُوجِهِ أَمْ لَا لِأَنَّ غُسْلَهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا، وَإِنْ كَانَتْ اللَّذَّةُ نَاشِئَةً عَنْ جِمَاعِهِ بِأَنْ أَغَابَ الْحَشَفَةَ وَلَمْ يُنْزِلْ ثُمَّ أَنْزَلَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مَا لَمْ يَكُنْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الْإِنْزَالِ وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ مُوجِبِ الْغُسْلِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَلَمْ يَغْتَسِلْ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَلَوْ اغْتَسَلَ أَوْ لَا قَبْلَ الْخُرُوجِ وَمَفْهُومُ بِلَا جِمَاعٍ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَتْ اللَّذَّةُ بِجِمَاعٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ أَوَّلًا اغْتَسَلَ.

(ص) لَا بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ وَيَتَوَضَّأُ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ: بِمَنِيٍّ أَيْ يَجِبُ الْغُسْلُ بِسَبَبِ خُرُوجِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ لَا إنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ كَمَنْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَأَمْنَى أَوْ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ كَمَنْ حَكَّ لِجَرَبٍ أَوْ نَزَلَ فِي مَاءٍ حَارٍّ فَأَمْنَى، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ لِخُرُوجِ هَذَا الْمَنِيِّ يَتَوَضَّأُ لِأَنَّ لِذَلِكَ الْخَارِجِ تَأْثِيرًا فِي الْكُبْرَى فَلَا أَقَلَّ مِنْ الصُّغْرَى (فَائِدَةٌ) اللَّدْغَةُ مِنْ الْعَقْرَبِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَعَكْسُهُ مِنْ النَّارِ وَبِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ مَتْرُوكٌ (ص) كَمَنْ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَمْنَى (ش) مُشَبَّهٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ وَوُجُوبِ الْوُضُوءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَغَابَ حَشَفَتَهُ فَاغْتَسَلَ لِحُصُولِ سَبَبِهِ ثُمَّ أَمْنَى فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَا يَتَكَرَّرُ غُسْلُهَا وَلَكِنْ يَتَوَضَّأُ وَمِثْلُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةُ فِي أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ فَرْجِهَا مَاءُ الرَّجُلِ بَعْدَ الْغُسْلِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تَشْمَلُهُمَا (ص) وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ (ش) يَعْنِي لَوْ صَلَّى الْمُتَلَذِّذُ بِلَا جِمَاعٍ أَوْ بِهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَقَبْلَ خُرُوجِ مَنِيِّهِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بَالَ أَوْ لَا ثُمَّ خَرَجَ أَوْ بَقِيَّتُهُ وَقُلْنَا يَغْتَسِلُ الْأَوَّلُ وَيَتَوَضَّأُ الثَّانِي فَقَطْ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ السَّابِقَةَ وَاحِدٌ مِنْهَا.

(ص) وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ (ش) الْمُوجِبُ الثَّانِي لِلْغُسْلِ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَنِيٍّ أَيْ وَيَجِبُ الْغُسْلُ بِسَبَبِ مَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ عِيَاضٌ الْحَشَفَةُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْكَمَرَةُ وَهِيَ رَأْسُ الذَّكَرِ وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغُسْلُ بِذَكَرِ الْبَهِيمَةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مِنْ فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ بِمَغِيبِ جَمِيعِ حَشَفَةٍ إنْسِيٍّ حَيٍّ بَالِغٍ بِغَيْرِ حَائِلٍ كَثِيفٍ لَا صَغِيرٍ وَلَوْ رَاهَقَ وَلَا عَلَى مَوْطُوءَتِهِ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ لَا بَعْضِهَا وَلَوْ الثُّلُثَيْنِ وَلَا بِلِفَافَةٍ كَثِيفَةٍ وَلَا إنْ رَأَتْ إنْسِيَّةٌ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: عِنْدَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ) الْمُنَاسِبُ الْإِطْلَاقُ.

(قَوْلُهُ: بِلَا لَذَّةٍ) بَلْ سَلَسًا فَلَا يَجِبُ مِنْهُ غُسْلٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ بِتَزَوُّجٍ أَوْ تَسَرٍّ أَوْ بِصَوْمٍ لَا يَشُقُّ وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ عَنْ تت بِشَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ (أَقُولُ) مَنْ حَفِظَ حُجَّةً فَالظَّاهِرُ الْمَسِيرُ إلَى مَا قَالَهُ تت (قَوْلُهُ: الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ) الَّتِي هِيَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَالْمَوْصُوفُ هُوَ الْمَنِيُّ (قَوْلُهُ: كَمَنْ حَكَّ لِجَرَبٍ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ هَزَّتْهُ دَابَّةٌ فَأَمْنَى، فَإِنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَيُقَيَّدُ هَزُّ الدَّابَّةِ بِمَا إذَا لَمْ يُحِسَّ بِمُبَادِي اللَّذَّةِ وَيَسْتَدِيمُ وَإِلَّا فَيَجِبُ الْغُسْلُ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ مَنْ نَزَلَ فِي مَاءٍ حَارٍّ أَوْ حَكَّ لِجَرَبٍ، فَإِنْ أَحَسَّ بِهَا وَاسْتَدَامَ فَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ عج قِيَاسَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا أَقَلَّ) أَيْ أَيَنْتَفِي الْأَقَلُّ مِنْ التَّأْثِيرِ فِي الْكُبْرَى وَهُوَ التَّأْثِيرُ فِي الصُّغْرَى أَيْ لَا يَنْتَفِي فَظَهَرَ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى حَذْفِ الْهَمْزَةِ وَحَذْفِ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ مِنْ الصُّغْرَى بَيَانٌ لِلْأَقَلِّ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ: يَتَوَضَّأُ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَوْ فَارَقَ أَكْثَرَ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تَشْمَلُهَا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا تَشْمَلُهَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُعَدُّ بِخُرُوجِ مَنِيِّ الرَّجُلِ مُتَّصِفَةً بِخُرُوجِ مَنِيِّهَا قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَنْتَظِرَ بِالْغُسْلِ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ فَرْجِهَا؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ قَدْ تَمَّ حُكْمُهَا فَتَغْتَسِلُ فَلَوْ جُومِعَتْ خَارِجَهُ وَدَخَلَ مَاؤُهُ فِيهَا ثُمَّ خَرَجَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا وُضُوءٌ وَلَوْ سَاحَقَتْ أُخْرَى ثُمَّ دَخَلَ مَاءُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى وَاغْتَسَلَا لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمَا بِخُرُوجِهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ لَهُمَا ثُمَّ خَرَجَ مَاءُ إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ قِيَاسًا عَلَى جِمَاعِهَا بِفَرْجِهَا أَوْ لَا قِيَاسًا عَلَى جِمَاعِهَا دُونَهُ.

(قَوْلُهُ: وَبِمَغِيبِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمَغِيبُ فِي مَحَلِّ الِافْتِضَاضِ أَوْ الْبَوْلِ أَمَّا لَوْ غَيَّبَهَا بَيْنَ الشَّفْرَيْنِ وَلَمْ يُدْخِلْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ غَيَّبَهَا فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: حَشَفَةٍ) فَلَوْ كَانَ ذَكَرُهُ كُلُّهُ بِصِفَةِ الْحَشَفِيَّةِ فَهَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَغْيِيبِهَا كُلِّهَا أَوْ يُرَاعَى قَدْرُهَا مِنْ الْمُعْتَادِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: بَالِغٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْبُلُوغُ فِي دُخُولِ ذَكَرِ بَهِيمَةٍ كَحِمَارٍ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِانْتِشَارٍ أَمْ لَا طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا عَامِدًا أَمْ لَا وَشَمِلَ أَيْضًا الْوُجُوبَ عَلَى الْمَفْعُولِ الْبَالِغِ فَإِذَا أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ الْبَالِغَةُ ذَكَرَ نَائِمٍ بَالِغٍ وَأَدْخَلَتْهُ فِي فَرْجِهَا وَجَبَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: الْكَمَرَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ بِمَغِيبِ جَمِيعِ) لَا بَعْضِهَا وَلَوْ الثُّلُثَيْنِ وَالْمُبَالَغَةُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ تَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا غَيَّبَ أَكْثَرَ يَجِبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْسِيٍّ) التَّقْيِيدُ بِهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا رَأَتْ يَقِظَةً جِنِّيًّا يَطَؤُهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلِفَافَةٍ كَثِيفَةٍ) أَيْ فَيَجِبُ مَعَ الْخَفِيفَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مَا حَصَلَ مَعَهَا اللَّذَّةُ وَلَيْسَتْ الْجِلْدَةُ الَّتِي عَلَى الْحَشَفَةِ بِمَثَابَةِ الْخِرْقَةِ الْكَثِيفَةِ فَيَجِبُ مَعَهَا الْغُسْلُ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا لَذَّةٌ عَظْمِيَّةٌ بِخِلَافِ الْخِرْقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ رَأَتْ) قَالَ فِي ك وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الْفَلَاسِفَةِ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ حَقِيقَتِهِمْ، وَإِنَّمَا هُمْ تَخَيُّلَاتٌ لَا عَلَى مَذْهَبِ

ص: 163

مِنْ جِنِّيٍّ مَا تَرَاهُ مِنْ إنْسِيٍّ مِنْ الْوَطْءِ وَاللَّذَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّجُلَ كَذَلِكَ ثُمَّ إنَّ حَشَفَةَ الْبَالِغِ تُوجِبُ الْغُسْلَ وَلَوْ مِنْ خُنْثَى مُشْكِلٍ وَقَوْلُهُ فِي فَرْجٍ وَلَوْ مِنْ خُنْثَى كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ.

(ص) لَا مُرَاهِقٍ (ش) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلَا عَلَى مَوْطُوءَتِهِ كَمَا مَرَّ (ص) أَوْ قَدْرِهَا (ش) أَيْ وَكَذَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِمَغِيبِ قَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنْ مَقْطُوعِهَا أَوْ مِمَّنْ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ حَشَفَةٌ أَوْ مِمَّنْ خُلِقَتْ لَهُ وَلَمْ تُقْطَعْ وَثَنَّى ذَكَرَهُ وَأَدْخَلَ مِنْهُ قَدْرَهَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِيمَا إذَا أَدْخَلَ بَعْضَهُ مُثَنِّيًا طُولَهَا لَوْ انْفَرَدَ أَوْ طُولُهَا مُثَنِّيًا وَاسْتُظْهِرَ الْأَوَّلُ (ص) فِي فَرْجٍ، وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ وَمَيِّتٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَغِيبَ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا أَوْ مَا اسْتَعْمَلَتْهُ الْمَرْأَةُ مِنْ ذَكَرِ بَهِيمَةٍ فِي فَرْجٍ مِنْ قُبُلٍ وَلَوْ لِخُنْثَى مُشْكِلٍ أَوْ دُبُرٍ أَوْ فِي بَهِيمَةٍ أَوْ مَيِّتَةٍ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَلَا يُعَادُ غُسْلُ الْمَيْتَةِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ فَقَوْلُهُ فِي فَرْجٍ إلَخْ هُوَ الْمَغِيبُ فِيهِ، وَأَمَّا الْمَغِيبُ فَمِنْ بَهِيمَةٍ لَا مِنْ مَيِّتٍ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْمَغِيبِ فِيهِ، وَأَمَّا الْمَغِيبُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَقَوْلُهُ فِي فَرْجٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَغِيبٍ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجِنِّيُّ (ص) وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ كَصَغِيرَةٍ وَطِئَهَا بَالِغٌ (ش) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لِأَجْلِ وَطْءِ مُرَاهِقٍ فَيَشْمَلُ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَنُدِبَ الْغُسْلُ لِكُلٍّ مِنْ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهَا لِأَجْلِ وَطْءِ مُرَاهِقٍ كَنَدْبِهِ لِصَغِيرَةٍ تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ وَطِئَهَا بَالِغٌ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَشْهَبَ وَابْنِ سَحْنُونَ قَالَا: وَإِنْ صَلَّتْ بِغَيْرِ غُسْلٍ أَعَادَتْ وَعَنْ سَحْنُونَ تُعِيدُ بِالْقُرْبِ وَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ بَالِغَانِ بَالِغٌ وَصَغِيرَةٌ صَغِيرٌ وَكَبِيرَةٌ صَغِيرٌ إنْ شَمِلَ الْأَوَّلَيْنِ قَوْلُهُ وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ وَأَفَادَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَنَّ لَهُمْ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُمْ أَجْسَامٌ نَارِيَّةٌ لَهَا قُوَّةُ التَّشَكُّلِ وَلَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي بَابِ النِّكَاحِ مِنْ جَوَازِ نِكَاحِ الْجِنِّ لَكِنَّ النَّصَّ لَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ عج مُوَافِقًا لِلْبَدْرِ أَنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ وَهُوَ التَّحْقِيقُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ زَوْجَةً لِلْإِنْسِيِّ فَالْغُسْلُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ وَلَا خِلَافَ وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَصٌّ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا فَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ نَاجِي وَزَادَ الْحَطَّابُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الرَّجُلَ كَذَلِكَ وَاعْتَرَضَ الْبَدْرُ عَلَى ابْنِ نَاجِي بِأَنَّ قَوَاعِدَنَا لَا تُوَافِقُ مَذْهَبَ الْحَنِيفَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَنَا الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ يُوجِبُ الْغُسْلَ فَلَا نُسَاوِي الْحَنَفِيَّةَ وَارْتَضَى أَنَّ الظَّاهِرَ وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَقَوْلُهُ فِي ك لَكِنَّ النَّصَّ لَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا أَيْ نَصَّ ابْنِ نَاجِي الَّذِي قَالَهُ اسْتِظْهَارًا لَا أَنَّهُ نَصٌّ قَدِيمٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ) زَادَ فِي ك وَنَفْيُ الْوُجُوبِ لَا يُنَافِي النَّدْبَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْجُ الْمَغِيبُ فِيهِ مِنْ بَهِيمَةٍ مُطِيقَةٍ (قَوْلُهُ: فِي فَرْجٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَغِيبِ وَلَوْ لِخُنْثَى مُشْكِلٍ حَيْثُ غَيَّبَ حَشَفَتَهُ فِي فَرْجِ غَيْرِهِ، وَأَمَّا فِي فَرْجِ نَفْسِهِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَجُرْحٍ مَا لَمْ يُنْزِلْ (قَوْلُهُ: مِنْ قُبُلٍ) أَيْ بِشَرْطِ الْإِطَاقَةِ وَكَذَا الدُّبُرُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إطَاقَةٌ فَلَا غُسْلَ مَا لَمْ يُنْزِلْ (قَوْلُهُ: أَوْ دُبُرٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قُبُلٍ وَلَوْ دُبُرَ نَفْسِهِ وَيُعَزَّرُ وَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي بَهِيمَةٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ كَطِبْقِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ) ، فَإِنْ قُلْت هُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ حِينَ غُسْلِهِ أَوَّلًا قُلْت؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَغِيبُ) فَإِذَا كَانَ بَهِيمَةً لَوَجَبَ الْغُسْلُ عَلَى مَوْطُوءَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَيِّتًا أَيْ بِأَنْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ مَيِّتٍ فِي فَرْجِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ إلَّا أَنْ تُنْزِلَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ كَلَامُهُ فِي الْمَغِيبِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجِنِّيُّ) هَذَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ، وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الْبَدْرِ وَعِجْ فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَلَك أَنْ تَجْعَلَ قَوْلَهُ: وَإِنْ مُبَالَغَةً فِي حَشَفَةٍ وَفِي فَرْجٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَهِيمَةِ وَقَوْلُهُ: مَيِّتٍ مُبَالَغَةً فِي فَرْجٍ وَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ مَا اسْتَعْمَلَتْهُ الْمَرْأَةُ إشَارَةً لَهُ إلَّا أَنَّهُ يُنَافِي قَوْلَهُ آخِرًا يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْمَغِيبِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ) أَيْ أَوْ مَأْمُورٍ بِالصَّلَاةِ وَطِئَ كَبِيرَةً بَالِغَةً أَوْ مُرَاهِقَةً أَوْ مَأْمُورَةً بِالصَّلَاةِ أَوْ وَطِئَهُ غَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: كَصَغِيرَةٍ) تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ كَصَغِيرَةٍ أَيْ مُطِيقَةٍ فَيَجِبُ عَلَى الْبَالِغِ وَيُسْتَحَبُّ لَهَا إنْ كَانَتْ تُطِيقُ وَإِلَّا لَا شَيْءَ عَلَى الْبَالِغِ وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا شَأْنُهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ فَلَوْ ظَهَرَ بِمَنْ وَطِئَهَا الْمُرَاهِقُ حَمْلٌ فَتُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ وَتُعِيدُ الصَّلَاةَ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ لَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَطِئَهَا بَالِغٌ) عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُمِرَتْ بِالْوُضُوءِ لِيُسْرِهِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: أَعَادَتْ) ظَاهِرُهُ أَبَدًا وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى مَا قَالَهُ سَحْنُونَ فِي الْإِعَادَةِ بِالْقُرْبِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ نَقْلِ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: وَعَنْ سَحْنُونَ تُعِيدُ بِالْقُرْبِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَيْ مَا لَمْ يَطُلْ كَالْيَوْمِ كَمَا فِي مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ إلَخْ) قَالَ الْحَطَّابُ الصُّوَرُ الْعَقْلِيَّةُ أَرْبَعٌ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَا بَالِغَيْنِ فَلَا إشْكَالَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ الثَّانِي عَكْسُهُ أَنْ يَكُونَا غَيْرَ بَالِغَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْمُرَاهِقِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لَا غُسْلَ وَقَدْ يُؤْمَرَانِ بِهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْوَاطِئُ غَيْرَ بَالِغٍ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ تُنْزِلَ. الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ الْمَوْطُوءَةُ غَيْرَ بَالِغَةٍ وَهِيَ مِمَّنْ تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُمِرَتْ بِالْوُضُوءِ لِيُسْرِهِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَيْهَا اهـ. أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ يُخَالِفُ كَلَامَ شَارِحِنَا حَيْثُ قَالَ لِأَجْلِ وَطْءِ مُرَاهِقٍ فَيَشْمَلُ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ وَاعْتَمَدَ عج كَلَامَ الْحَطَّابِ وَهُوَ الْحَقُّ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ الْمَأْمُورَةِ بِالصَّلَاةِ يُنْدَبُ لَهَا الْغُسْلُ مِنْ وَطْءِ الْبَالِغِ دُونَ الْكَبِيرَةِ مِنْ وَطْءِ الْمُرَاهِقِ لَعَلَّهُ طَلَبُ تَمْرِينِ الصَّغِيرَةِ عَلَى الْغُسْلِ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ أَوْ أَمَةٌ هَكَذَا يُفْهَمُ مِنْ أَطْرَافِ عج (قَوْلُهُ: وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ) ، فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا غَيَّبَ حَشَفَةَ بَالِغٍ فِي بَالِغَةٍ أَوْ فِي صَغِيرَةٍ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَصَغِيرَةٍ وَطِئَهَا

ص: 164

الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ لَا مُرَاهِقٍ وَمِنْ قَيْدِ الْبَالِغِ يُفْهَمُ الرَّابِعُ وَهُوَ لَوْ وَطِئَهَا صَغِيرٌ مِثْلُهَا فَلَا غُسْلَ عَلَى مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ ابْنُ بَشِيرٍ يُؤْمَرَانِ بِهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ.

(ص) لَا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ وَلَوْ الْتَذَّتْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَا الْوُضُوءُ بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِفَرْجِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ الْتَذَّتْ إلَّا أَنْ تُنْزِلَ فَيَجِبُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ الْغُسْلُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُوجَبْ الْوُضُوءُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدَثٍ وَلَا سَبَبٍ وَلَا غَيْرِهِمَا مِمَّا يَنْقُضُهُ.

(ص) وَبِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ بِدَمٍ وَاسْتُحْسِنَ وَبِغَيْرِهِ لَا بِاسْتِحَاضَةٍ وَنُدِبَ لِانْقِطَاعِهِ (ش) الْمُوجِبُ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَهُمَا مَعْطُوفَانِ عَلَى بِمَنِيٍّ وَمُرَادُهُ أَنَّ الْحَيْضَ وَهُوَ دَمٌ خَرَجَ مِنْ قُبُلِ مُعْتَادٍ حَمْلُهَا، وَالنِّفَاسُ وَأَرَادَ بِهِ تَنَفُّسَ الرَّحِمِ بِالْوَلَدِ فَلِذَا قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ بِدَمٍ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ لِأَجْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ وَلَوْ أَرَادَ بِهِ الدَّمَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّقْيِيدِ بِمَا ذَكَرَ فَلَوْ خَرَجَ الْوَلَدُ جَافًّا لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ قَالَ لِأَنَّ اغْتِسَالَهَا لِلدَّمِ لَا لِلْوَلَدِ وَلَوْ اغْتَسَلَتْ لِخُرُوجِ الْوَلَدِ لَا لِلدَّمِ لَمْ يُجْزِهَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ بِالْوُجُوبِ وَاسْتَظْهَرَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَلِذَا قَالَ هُنَا وَاسْتُحْسِنَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفِ مِنْ رِوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ بِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَحَكَاهُمَا ابْنُ بَشِيرٍ قَوْلَيْنِ: وُجُوبُ الْغُسْلِ فِي حَالِ خُرُوجِ الْوَلَدِ بِلَا دَمٍ أَصْلًا بِنَاءً عَلَى إعْطَاءِ الصُّورَةِ النَّادِرَةِ حُكْمَ غَالِبِهَا وَأَنَّ النِّفَاسَ تَنَفُّسُ الرَّحِمِ وَقَدْ وُجِدَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْغُسْلِ هَلْ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ أَمْ لَا قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الرِّسَالَةِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ بِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ، وَأَمَّا انْقِطَاعُ دَمِهِمَا فَهُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْحَيْضِ فَيَتَّفِقُ كَلَامُهُ هُنَا مَعَ مَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ لَا بِاسْتِحَاضَةٍ مَفْهُومُ حَيْضٍ صَرَّحَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ غَيْرِ الشَّرْطِ وَاللَّامُ فِي لِانْقِطَاعِهِ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ بِمَعْنَى عِنْدَ وَالصَّوَابُ فِي تَعْلِيلِ نَدْبِ الْغُسْلِ عِنْدَ انْقِطَاعِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ أَنْ يُقَالَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خَالَطَ الِاسْتِحَاضَةَ حَيْضٌ وَلَا تَشْعُرُ.

(ص) وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِمَا ذُكِرَ وَصَحَّ قَبْلَهَا وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا الْإِسْلَامُ إلَّا لِعَجْزٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْكَافِرَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إذَا أَسْلَمَ وَتَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ إذَا تَقَدَّمَ لَهُ سَبَبٌ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْغُسْلِ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ إنْزَالٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لِلْمَرْأَةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ وَيُسْتَحَبُّ فَقَوْلُهُ بِمَا ذُكِرَ أَيْ بِسَبَبِ حُصُولِ مَا ذُكِرَ سَابِقًا مِنْ الْمُوجِبَاتِ فَلَوْ عَزَمَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَاغْتَسَلَ مِنْ مُوجِبٍ تَقَدَّمَ

ــ

[حاشية العدوي]

بَالِغٌ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَالِغِ يُفْهَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْطُوءَةِ إنَّمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَصَغِيرَةٍ (قَوْلُهُ: ابْنُ بَشِيرٍ يُؤْمَرَانِ بِهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ) قَالَ اللَّقَانِيِّ كَلَامُ ابْنِ بَشِيرٍ غَيْرُ مَنْقُولٍ، وَالْحَاصِلُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ عج أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ مُرَاهِقًا أَمْ لَا إذَا وَطِئَ مُرَاهِقَةً أَوْ بَالِغَةً أَوْ صَغِيرَةً تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ فَيُنْدَبُ لَهُ وَلَا يُنْدَبُ لَهَا خِلَافًا لِقَوْلِ شَارِحِنَا لِأَجْلِ مُرَاهِقَةٍ، وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ: فَلَا غُسْلَ عَلَى مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَيْ عَلَى الِاثْنَيْنِ مَعًا فَلَا يُنَافَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ لَا لَهَا فَالتَّضْعِيفُ الْمُتَعَلِّقُ بِكَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّغِيرَةِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ لَا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ) أَيْ مِنْ وَطْءٍ خَارِجَ الْفَرْجِ مَا لَمْ تُنْزِلْ أَوْ تَحْمِلْ، وَتُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ يَوْمِ وُصُولِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ إلَّا بَعْدَ انْفِصَالِ مَنِيِّهَا، وَأَمَّا لَوْ جَلَسَتْ عَلَى مَنِيِّ رَجُلٍ فِي حَمَّامٍ مَثَلًا فَشَرِبَهُ فَرْجُهَا فَحَمَلَتْ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ؛ لِأَنَّهَا لَذَّةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَاسْتُحْسِنَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ بِنِفَاسٍ بِدَمٍ وَبِغَيْرِهِ أَيْ فَالرُّجْحَانُ مُتَعَلِّقٌ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ) ضَعِيفٌ بَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهَا) أَيْ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَلَدِ جَافًّا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُوجِبَ الِانْقِطَاعُ ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: وَأَنَّ النِّفَاسَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ مُطْلَقًا وَيُرَادُ بِالنِّفَاسِ إمَّا الدَّمُ وَتُعْطَى الصُّورَةُ النَّادِرَةُ حُكْمَ غَالِبِهَا أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّفَاسِ تَنَفُّسُ الرَّحِمِ بِالْوَلَدِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ) وَنُدِبَ اتِّصَالُهُ بِالصَّلَاةِ إنْ حُمِلَ عَلَى انْقِطَاعٍ يَعُودُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَيَتَّفِقُ إلَخْ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَدَّرَ هُنَا مُضَافٌ وَالتَّقْدِيرُ وَبِانْقِطَاعِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَاشِيًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُوجِبَ الِانْقِطَاعُ (قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ فِي تَعْلِيلِ نَدْبِ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى جَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى عِنْدَ، وَأَمَّا عَلَى جَعْلِ اللَّامِ لِلتَّعْلِيلِ فَيَكُونُ مَا ذَكَرَهُ تَعْلِيلًا لِلْعِلِّيَّةِ وَلَعَلَّ مُقَابِلَ الصَّوَابِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ تت بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ خَارِجٌ مِنْ الْقُبُلِ وَالْغُسْلُ لَا يَزِيدُهَا إلَّا خَيْرًا.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ) وَلَمْ يَقُلْ وَغُسْلُ كَافِرٍ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ غُسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ عَطْفِهِ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ نُدِبَ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِيهِ بِالِاسْتِحْبَابِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِسَبَبِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ قَبْلَهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الشَّهَادَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ عَلَمًا عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: لَا الْإِسْلَامُ) مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي صَحَّ أَيْ لَا يَصِحُّ الْإِسْلَامُ قَبْلَ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ إلَّا لِعَجْزٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَزَمَ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَجْمَعَ الْمُفَادُ مِنْ النُّقُولِ الْمَذْكُورَةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ صَدَقَ بِقَلْبِهِ إلَّا أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَا أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى التَّصْدِيقِ وَنَاوٍ لَهُ بَلْ مُصَدِّقٌ بِالْفِعْلِ خِلَافًا لَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ عج أَنَّ الْمُرَادَ الْعَزْمُ عَلَى التَّصْدِيقِ وَلَمْ يَكُنْ حَاصِلًا بِالْفِعْلِ أَيْ فَلَوْ عَزَمَ عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَقَوْلُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ إظْهَارٌ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ

ص: 165

لَهُ أَجْزَأَهُ الْغُسْلُ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الْجَنَابَةَ أَوْ الْإِسْلَامَ لِأَنَّهُ نَوَى أَنْ يَكُونَ عَلَى طُهْرٍ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ مِنْهُ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ الْمَانِعِ، وَاعْتِقَادُ الْإِسْلَامِ يُصَحِّحُ الْقُرْبَةَ بِهِ وَتَيَمُّمُهُ لِلْإِسْلَامِ كَغُسْلِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ بَعْضِهِمْ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ نَوَى التَّنْظِيفَ وَزَوَالَ الْأَوْسَاخِ، فَإِنَّهُ نُظِرَ فِي قَوْلِ اللَّخْمِيِّ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي ذَلِكَ بِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِهِ بِعَزْمِهِ عَلَيْهِ دُونَ تَلَفُّظٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا عَنْ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِخَوْفٍ أَوْ خَرَسٍ فَيَصِحُّ إسْلَامُهُ وَيُصَدَّقُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَغَيْرِهِ إنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ قَامَتْ بِذَلِكَ قَرِينَةٌ لَا يُقَالُ هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ حَرَكَةِ لِسَانِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ الْخَوْفِ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ عُذْرًا لِأَنَّا نَقُولُ جَعْلُ الْخَوْفِ مِنْ الْعُذْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنْ يَرَى أَنَّ حَرَكَةَ اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ إسْمَاعٍ لَا تَنْفَعُ أَوْ يُقَالُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْإِسْلَامِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إجْرَاءُ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِإِسْمَاعِ الْغَيْرِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي قَوْلِهِ بِمَا ذُكِرَ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ يَقْتَضِي أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُبْطِلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ فِي فَصْلِ الْوُضُوءِ.

(ص) ، وَإِنْ شَكَّ أَمَذْيٌ أَمْ مَنِيٌّ اغْتَسَلَ (ش) أَيْ، وَإِنْ شَكَّ أَحَدٌ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ فِي الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ اغْتَسَلَ مَا لَمْ يَسْتَنْكِحْ أَوْ فِي شَيْءٍ رَآهُ فِي ثَوْبِهِ أَمَذْيٌ مَثَلًا أَمْ مَنِيٌّ وَلَمْ يَشُكَّ فِي ثَالِثٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَنَامُ فِيهِ أَوْ يَنَامُ فِيهِ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يَحْتَلِمُ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ كَانَ يَنَامُ دُونَ غَيْرِهِ اغْتَسَلَ وُجُوبًا وَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَجْزِمُ بِنِيَّتِهِ فَلَوْ نَوَى إنْ كَانَ أَجْنَبَ فَلَهُ لَمْ يُجْزِهِ لِعَدَمِ جَزْمِهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: سَوَاءٌ نَوَى الْجَنَابَةَ) أَيْ نَوَى رَفْعَ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَوَى بِهِ الْإِسْلَامَ) ؛ لِأَنَّهُ نَوَى أَنْ يَكُونَ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ نَوَيْت الْإِسْلَامَ الْكَامِلَ نَوَيْت أَنْ أَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ أَيْ نَزَاهَةٍ مِنْ كُلِّ قَذَرٍ كُنْت فِيهِ كَانَ قَذَرَ كُفْرٍ أَوْ جَنَابَةٍ. وَقَوْلُهُ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ نِيَّةٍ إلَخْ يَسْتَلْزِمُ نِيَّةَ ارْتِفَاعِ الْوَصْفِ وَهُوَ الْجَنَابَةُ الْمَانِعُ مِنْ قُرْبَانِ الصَّلَاةِ أَيْ مِنْ اسْتِلْزَامِ الْكُلِّ لِجُزْئِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ قَذَرٍ مِنْ الْأَقْذَارِ.

(قَوْلُهُ: وَاعْتِقَادَ الْإِسْلَامِ) أَيْ وَاعْتِقَادَهُ وَعَزْمَهُ عَلَى أَنَّهُ يَنْطِقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ (قَوْلُهُ: الْقُرْبَةِ بِهِ) أَيْ التَّقَرُّبِ بِهِ أَيْ بِذَلِكَ الْغُسْلِ الْمَنْوِيِّ وَإِلَّا فَالْقُرْبَةُ نَفْسُ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى التَّنْظِيفَ وَزَوَالَ الْأَوْسَاخِ) مَعَ نِيَّةِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ نَظَرَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْبَعْضِ الْحَطَّابُ وَنَصُّهُ الثَّانِي قَالَ اللَّخْمِيُّ لَوْ اغْتَسَلَ لِلْإِسْلَامِ وَلَمْ يَنْوِ جَنَابَةً، وَإِنَّمَا يَعْتَقِدُ التَّنْظِيفَ وَزَوَالَ الْأَوْسَاخِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ اهـ.

وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ إذَا اغْتَسَلَ نَوَى الْجَنَابَةَ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْجَنَابَةَ وَنَوَى بِهِ الْإِسْلَامَ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ الطُّهْرَ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ فِيهِ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِي السَّمَاعِ يَقْتَضِي الْإِجْزَاءَ حَيْثُ نَوَى الْإِسْلَامَ بِغُسْلِهِ وَلَوْ نَوَى مَعَهُ التَّنْظِيفَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ نَوَى الْإِسْلَامَ وَالتَّنْظِيفَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِعَزْمِهِ عَلَيْهِ) فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ فَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِسْلَامُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ الْقَائِمِ بِهِ الْمُقْتَضِي لِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَهُوَ الِانْقِيَادُ الظَّاهِرِيُّ وَالْبَاطِنِيُّ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِمُجَرَّدِ عَزْمِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ) فِي دَعْوَاهُ الْخَوْفَ وَقَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ أَيْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تُصَدِّقُ دَعْوَاهُ الْخَوْفَ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ قَامَتْ بِذَلِكَ قَرِينَةٌ لِلْقَاضِي أَوْ الشُّهُودِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّهُ كَانَ خَائِفًا بِأَنْ يَدَّعِيَ إرْثًا مِنْ أَبِيهِ الْمُسْلِمِ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ تَلَفُّظِهِ وَخُلَاصَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَوْ الشُّهُودِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْقَرَائِنِ وَيُحْكَمُ بِإِرْثِهِ هَذَا حَاصِلُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ نَاجِيًا عِنْدَ اللَّهِ بِمُجَرَّدِ التَّصْدِيقِ الْقَلْبِيِّ بَلْ وَلَا بِالنُّطْقِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ الْغَيْرُ وَهَذَا كُلُّهُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكُونُ نَاجِيًا عِنْدَ اللَّهِ بِمُجَرَّدِ التَّصْدِيقِ الْقَلْبِيِّ، وَأَمَّا النُّطْقُ فَهُوَ شَرْطٌ فِي إجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ فَالْمُنَاسِبُ الْجَوَابُ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْلَامِ جَرَيَانُ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ الْإِسْلَامُ أَيْ إجْرَاءُ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرِيَّةِ إلَّا لِعَجْزٍ عَنْ النُّطْقِ فَتَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الظَّاهِرِيَّةُ.

وَخُلَاصَتُهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَوَابِ أَنَّ غُسْلَهُ وَقَعَ فِي حَالِ إيمَانِهِ الَّذِي يُنْجِيهِ عِنْدَ اللَّهِ لَا فِي حَالِ إسْلَامِهِ الْمُقْتَضِي لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى التَّقْرِيرِ الْأَوَّلِ فَوَقَعَ فِي حَالِ كُفْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ وَالنُّطْقُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ الْمُنْجِي مِنْ نُطْقٍ وَإِسْمَاعِ الْغَيْرِ لَمْ نَرَهُ فِي كُتُبِ الْكَلَامِ فَالظَّاهِرُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُقَرَّرُ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ التَّصْدِيقَ الْقَلْبِيَّ لَا يَكْفِي فِي الْخَلَاصِ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ إلَّا لِعَجْزٍ (وَأَقُولُ) وَيُحْمَلُ الْعَجْزُ عَلَى خُصُوصِ الْخَرَسِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْدَفِعَ الْبَحْثُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَطَّابَ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ إلَّا أَنَّهُ صَدَّرَ بِذِكْرِ الْقَوْلِ بَابَ: الرِّدَّةُ لَا تُبْطِلُ الْغُسْلَ وَتَصْدِيرُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَرْجَحِيَّتُهُ إلَّا أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ) أَيْ أَنَّ مَنْ وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ الَّذِي يَنَامُ فِيهِ وَحْدَهُ بَلَلًا وَشَكَّ فِي كَوْنِهِ مَنِيًّا أَوْ مَذْيًا أَيْ تَرَدَّدَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَأَوْلَى لَوْ تَرَجَّحَ جَانِبُ كَوْنِهِ مَنِيًّا، وَأَمَّا لَوْ تَرَجَّحَ كَوْنُهُ مَذْيًا، فَإِنَّهُ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ بِنِيَّةٍ وَكَذَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ شَخْصَيْنِ لَبِسَا ثَوْبًا وَنَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ وَلَمْ يُحْتَمَلْ لُبْسُ غَيْرِهِمَا لِذَلِكَ الثَّوْبِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: فِي الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ) هَذِهِ صُورَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ حُكْمُهَا حُكْمُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ خُرُوجَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الشَّخْصَيْنِ إنْ اُحْتُمِلَ أَنَّ غَيْرَهُ يَلْبَسُهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى كُلٍّ كَمَا قَدَّمْنَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُتَعَلِّقٌ بِالطَّرَفَيْنِ قَوْلُهُ اغْتَسَلَ وُجُوبًا وَقَوْلُهُ وَاسْتَغْنَى وَمُقَابِلُ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ وَعِنْدَ ابْنِ زِيَادٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مُقَابِلَ الثَّانِي

ص: 166

وَسَوَاءٌ ذَكَرَ احْتِلَامًا أَمْ لَا وَعَنْ ابْنِ زِيَادٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْوُضُوءُ مَعَ غَسْلِ الذَّكَرِ وَأَخْرَجَ بِالشَّكِّ التَّجْوِيزَ الْمَرْجُوحَ فَلَا غُسْلَ وَلَوْ اغْتَسَلَ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ جَنَابَتَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَلَوْ شَكَّ فِي ثَالِثٍ بِأَنْ لَمْ يَدْرِ أَمَذْيٌ أَمْ مَاءٌ أَمْ مَنِيٌّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا مَنِيًّا كَمَا لَوْ شَكَّ أَمَذْيٌ أَمْ مَاءٌ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ ذَكَرِهِ بِنِيَّةٍ (ص) وَأَعَادَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ (ش) أَيْ وَأَعَادَ مِنْ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ مَا صَلَّى فِي الثَّوْبِ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فِيهِ إنْ صَلَّى بَعْدَ تِلْكَ النَّوْمَةِ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ يَنْزِعُهُ أَمْ لَا وَقِيلَ مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ فِيهَا وَقِيلَ بِالْفَرْقِ، وَشَكُّهَا فِي وَقْتِ حَيْضٍ رَأَتْهُ فِي ثَوْبِهَا كَشَكِّهَا فِي الْجَنَابَةِ فَتَغْتَسِلُ وَتُعِيدُ الصَّلَاةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالصَّوْمُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ صَامَتْ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُعِيدُ صَوْمَ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَانْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ (ص) كَتَحَقُّقِهِ (ش) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَنِيِّ الْأَقْرَبِ مَذْكُورٌ وَالتَّشْبِيهُ فِي الْإِعَادَةِ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ طَرِيًّا أَوْ يَابِسًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْغُسْلُ هُنَا اتِّفَاقًا.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ مُوجِبَاتِهِ شَرَعَ فِي وَاجِبَاتِهِ فَقَالَ (ص) وَوَاجِبُهُ نِيَّةٌ وَمُوَالَاةٌ كَالْوُضُوءِ (ش) أَيْ وَوَاجِبُ الْغُسْلِ أَرْبَعٌ اثْنَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا أَحَدُهُمَا تَعْمِيمُ الْجَسَدِ وَتَقَدَّمَ هَذَا أَوَّلَ الْبَابِ فِي قَوْلِهِ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ وَبَقِيَ لَهُ تَتِمَّةٌ تَأْتِي وَثَانِيهِمَا نِيَّةٌ وَخَرَجَ فِيهَا الْخِلَافُ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: سَوَاءٌ ذَكَرَ احْتِلَامًا) أَيْ اغْتَسَلَ وُجُوبًا وَسَوَاءٌ ذَكَرَ أَتَى بِذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَ ذَاكِرًا احْتِلَامًا (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ يَنْزِعُهُ) أَيْ فِي مُدَّةِ اللُّبْسِ السَّابِقَةِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالْفَرْقِ أَيْ بَيْنَ أَنْ يَسْتَمِرَّ لَابِسًا فَيُعِيدُ مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ وَبَيْنَ أَنْ يَنْزِعَهُ فَمِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ وَإِذَا تَأَمَّلْت فِي ذَلِكَ تَجِدُ الصَّوَابَ أَنْ يُقَالَ وَبَيْنَ أَنْ يَنْزِعَهُ فَمِنْ آخِرِ لُبْسَةٍ لَا مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ فِي تِلْكَ اللُّبْسَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ مُطْلَقًا أَيْ كَأَنْ يَنْزِعَهُ أَيَّامَ لُبْسِهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَالصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ صَامَتْ فِيهِ) قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ قُلْت وَالْفَرْقُ هُوَ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَتْ فِيمَا قَبْلُ حَائِضًا فَالصَّلَاةُ سَاقِطَةٌ عَنْهَا وَإِلَّا فَقَدْ صَلَّتْهَا وَالصَّوْمُ فِي ذِمَّةِ الْحَائِضِ قَضَاؤُهُ اهـ.

(أَقُولُ) إذَا عَلِمْت مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ مِنْ قَوْلِهِ: إذَا كَانَتْ فِيمَا قَبْلُ حَائِضًا فَالصَّلَاةُ سَاقِطَةٌ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ مَا قَبْلُ قَدْرَ أَيَّامِ عَادَتِهَا وَرَأَتْ دَمًا يَتَحَقَّقُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ عَادَتِهَا أَوْ رَأَتْ دَمًا قَلِيلًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَغْرِقَ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ فَالصَّلَاةُ سَاقِطَةٌ عَنْهَا وَقَوْلُهُ: وَالصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ صَامَتْ فِيهِ ظَاهِرُهُ أَيَّامُ عَادَتِهَا فَلَوْ اطَّلَعَتْ عَلَى ذَلِكَ أَثْنَاءَ الشَّهْرِ مَثَلًا وَكَانَتْ عِدَّتُهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ مُفَادَهُ أَنَّهَا تُعِيدُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ ذَلِكَ عَادَتَهَا أَنْ تُعِيدَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ لَكِنْ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ هَذَا الدَّمُ الَّذِي رَأَتْهُ يُجْزَمُ بِأَنَّهُ يَسْتَغْرِقُ أَيَّامَ عَادَتِهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ نُقْطَةً وَانْقَطَعَتْ مَكَانَهَا كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ مَا عَدَا ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ نُقْطَةُ الدَّمِ؛ لِأَنَّهَا صَائِمَةٌ فَالْمُنَاسِبُ مَا تَقْضِي إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا حَيْثُ كَانَتْ تُبَيِّتُ كُلَّ لَيْلَةٍ وَيُجَابُ بِحَمْلِ كَلَامِ الشَّيْخِ عَلَى مَا إذَا نَوَتْ نِيَّةً وَاحِدَةً أَيْ فَيَكُونُ صَوْمُهَا فِي يَوْمِ الْحَيْضِ بَاطِلًا لِوُجُودِ الْحَيْضِ وَفِيمَا بَعْدُ بَاطِلًا لِفَقْدِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تُعِيدُ صَوْمَ يَوْمٍ وَاحِدٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الدَّمَ انْقَطَعَ مَكَانُهُ وَلَوْ دَامَ لَمْ يَجِفَّ وَصَارَتْ كَالْجُنُبِ وَقِيلَ هُوَ أَقْيَسُ وَاعْتُرِضَ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ بِأَنَّ الْحَيْضَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَرَفْعَ النِّيَّةِ فَقَدْ صَامَتْ بِلَا نِيَّةٍ فَوَجَبَ إعَادَةُ الْجَمِيعِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَعْلَمْ بِهِ، فَإِنَّهَا عَلَى النِّيَّةِ الْأُولَى لَمْ تَرْفَعْهَا فَلَا تُبْطِلُ التَّتَابُعَ هَذَا مُحَصَّلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ وَشَكُّهَا فِي وَقْتِ حَيْضٍ رَأَتْهُ إلَخْ وَهُوَ تَابِعٌ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ.

فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ رَأَتْ بِثَوْبِهَا حَيْضًا لَا تَدْرِي وَقْتَ إصَابَتِهِ إنْ كَانَتْ لَا تَتْرُكُهُ وَيَلِي جَسَدَهَا أَعَادَتْ الصَّلَاةَ مُدَّةَ لُبْسِهِ، وَإِنْ نَزَعَتْهُ فَمُدَّةَ آخِرِهِ وَتُعِيدُ صَوْمَ مَا تُعِيدُ صَلَاتَهُ مَا لَمْ تُجَاوِزْ عَادَتَهَا اهـ. قَالَ عج ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِيمَا إذَا لَمْ تَنْزِعْهُ أَنَّهَا تُعِيدُ الصَّلَاةَ مُدَّةَ لُبْسِهِ وَفِيمَا إذَا نَزَعَتْهُ أَنَّهَا تُعِيدُ صَلَاتَهَا مُدَّةَ آخِرِ لُبْسِهِ شُمُولُ ذَلِكَ لِأَيَّامِ عَادَةِ حَيْضِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُهَا صَلَاةُ مَا فِيهِ حَيْضُهَا وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهَا لَا تُعِيدُ صَلَاةَ أَيَّامِ عَادَتِهَا (فَإِنْ قُلْت) : لَعَلَّ وَجْهَ إعَادَتِهَا صَلَاةَ أَيَّامِ عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ احْتِمَالُ أَنَّ الدَّمَ جَاءَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَانْقَطَعَ (قُلْت) فَحِينَئِذٍ يُقَالُ لِمَ لَزِمَهَا قَضَاءُ صَوْمِ أَيَّامِ عِدَّتِهَا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ احْتِيَاطٌ فِي الْبَابَيْنِ وَهُنَا أُمُورٌ: الْأَوَّلُ مَحَلُّ قَضَاءِ صَوْمِ أَيَّامِ عَادَتِهَا مِنْ الْحَيْضِ دُونَ غَيْرِهَا حَيْثُ كَانَتْ تُبَيِّتُ الصَّوْمَ كُلَّ لَيْلَةٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ صَوْمُ غَيْرِ أَيَّامِ عَادَتِهَا بِنِيَّةٍ صَحِيحِيَّةٍ، فَإِنْ لَمْ تَصُمْهَا كَذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاءُ مَا صَامَتْهُ لِبُطْلَانِ النِّيَّةِ بِانْقِطَاعِ التَّتَابُعِ بِالْحَيْضِ الثَّانِي إنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ تُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ يَوْمِ لُبْسِهِ حَيْثُ لَمْ تَنْزِعْهُ وَمَنْ وَجَدَ مَنِيًّا فِي ثَوْبِهِ الَّذِي لَا يَنْزِعُهُ يُعِيدُ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ رُبَّمَا يَحْصُلُ مِمَّا لَا تَشْعُرُ بِهِ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ الثَّالِثُ مَحَلُّ قَضَاءِ صَوْمِ أَيَّامِ عَادَتِهَا إذَا كَانَ الدَّمُ يُمْكِنُ حُصُولُهُ فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ إلَّا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهَا تَقْضِي يَوْمًا وَاحِدًا وَكَذَا يُقَالُ فِي سُقُوطِ صَلَاةِ أَيَّامِ عَادَتِهَا اهـ. كَلَامُ عج.

وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ حَيْثُ تُبَيِّتُ لَيْسَ بِلَازِمٍ التَّبْيِيتُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ مُنْسَحِبَةٌ حُكْمًا وَقَوْلُهُ وَكَذَا يُقَالُ إلَخْ لَا يَظْهَرُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ فِي جَزْءٍ مِنْ يَوْمٍ بِحَيْثُ لَا يَسْقُطُ عَنْهَا شَيْءٌ أَبَدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ طَرِيًّا أَوْ يَابِسًا عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَابِسًا فَمِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ هُنَا اتِّفَاقًا) وَيَجْزِي عَنْ الْوُضُوءِ اتِّفَاقًا فَحِينَئِذٍ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يُسْقِطَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الْغُسْلُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ مَعَ الشَّكِّ فَمَعَ التَّحَقُّقِ أَوْلَى وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا أُتِيَ بِهَذِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مَعَ التَّحَقُّقِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَبَقِيَ لَهُ تَتِمَّةٌ تَأْتِي) هِيَ قَوْلُهُ: وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ فِيهَا إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ فِيهَا خِلَافٌ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَجْرَى الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي الْغُسْلِ أَيْ أَنْ يَكُونَ

ص: 167

الْوُضُوءِ وَفُرِّقَ بِظُهُورِ التَّعَبُّدِ هُنَا لِتَعَلُّقِ الْغُسْلِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ وَالنَّظَافَةِ هُنَاكَ لِتَعَلُّقِهِ بِأَعْضَاءِ الْأَوْسَاخِ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِمَا أَحَدُهُمَا الْمُوَالَاةُ وَالثَّانِي الدَّلْكُ الْآتِي وَقَوْلُهُ كَالْوُضُوءِ وَيَرْجِعُ لِلنِّيَّةِ وَالْمُوَالَاةِ لَكِنَّ رُجُوعَهُ لِلْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ مِنْ كَوْنِهَا عِنْدَ أَوَّلِ وَاجِبٍ وَكَوْنِ الْمَنْوِيِّ رَفْعَ الْجَنَابَةِ أَوْ مَا يُغْسَلُ لَهُ كُلُّ الْجَسَدِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا أَوْ اسْتِبَاحَةَ كُلِّ مَوَانِعِهَا أَوْ بَعْضِهَا وَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُ بَعْضِ الْمُسْتَبَاحِ أَوْ نِسْيَانُ بَعْضِ الْأَحْدَاثِ وَيَضُرُّ إخْرَاجُهُ وَيَجْرِي فِي تَقَدُّمِهَا وَتَأَخُّرِهَا مَا مَرَّ عَنْهُ وَلَا يَكْفِي مُطْلَقُ الطَّهَارَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِيهِ وَلِلثَّانِي بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ وَالْحُكْمِ مِنْ سُنَّةٍ وَوُجُوبٍ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَالْبِنَاءِ مَعَ النِّسْيَانِ مُطْلَقًا أَوْ الْعَجْزِ بِشَرْطِ عَدَمِ الطَّوْلِ فَوَجْهُ الشَّبَهِ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ.

(ص) ، وَإِنْ نَوَتْ الْحَيْضَ وَالْجَنَابَةَ أَوْ أَحَدَهُمَا نَاسِيَةً لِلْآخَرِ أَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ أَوْ نِيَابَةً عَنْ الْجُمُعَةِ حَصَلَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحَائِضَ الْجُنُبَ تَقَدَّمَ الْحَيْضُ أَوْ تَأَخَّرَ إذَا نَوَتْهُمَا عِنْدَ غُسْلِهَا حَصَلَا مَعًا بِلَا إشْكَالٍ أَوْ نَوَتْ أَحَدَهُمَا إمَّا الْحَيْضُ نَاسِيَةً لِلْآخَرِ أَوْ الْجَنَابَةُ نَاسِيًا لِلْآخَرِ حَصَلَا أَيْضًا فِي الْأُولَى عَلَى الْمَنْصُوصِ لِابْنِ الْقَاسِمِ لِكَثْرَةِ مَوَانِعِ مَا نَوَتْ وَالْقَاعِدَةُ جَعْلُ مَا قَلَّ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ نَاسِيَةً بَلْ الذِّكْرُ لَا يَضُرُّ إذْ لَا يَضُرُّ إلَّا الْإِخْرَاجُ عَلَى مَا مَرَّ أَوْ نَوَى الشَّخْصُ الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ وَخَلَطَهُمَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ حَصَلَا لِأَنَّ مَبْنَى الطَّهَارَةِ عَلَى التَّدَاخُلِ أَوْ نَوَى الْوَاجِبَ مِنْهُمَا وَقَصَدَ نِيَابَتَهُ عَنْ الْجُمُعَةِ حَصَلَا، وَإِنْ نَوَى الْجُمُعَةَ وَنَسِيَ الْجَنَابَةَ أَوْ ذَكَرَهَا وَلَمْ يَنْوِهَا لَكِنْ قَصَدَ نِيَابَةَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ عَنْ الْجَنَابَةِ انْتَفَيَا أَيْ مَا نَوَاهُ وَمَا نَسِيَهُ وَالنَّائِبَ وَالْمَنُوبَ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(وَإِنْ نَسِيَ الْجَنَابَةَ أَوْ قَصَدَ نِيَابَةً عَنْهُ انْتَفَيَا) وَلَا مَفْهُومَ لِلْجُمُعَةِ بَلْ كُلُّ غُسْلٍ غَيْرِ وَاجِبٍ.

(ص) وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ وَضِغْثُ مَضْفُورِهِ لَا نَقْضُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِسَبَبِ خُرُوجِ مَنِيٍّ مَعَ تَخْلِيلِ شَعْرٍ وَضَغْثِهِ حَيْثُ كَانَ مَضْفُورًا أَيْ ضَمِّهِ وَجَمْعِهِ وَتَحْرِيكِهِ وَلَا يُكَلَّفُ مُرِيدُ الْغُسْلِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً بِنَقْضِ الشَّعْرِ الْمَضْفُورِ حَيْثُ كَانَ مَرْخُوًّا يَدْخُلُ الْمَاءُ وَسَطَهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِّهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّخْلِيلَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ بِخِلَافِ التَّحْرِيكِ، فَإِنَّهُ جَسُّهُ عَلَى ظَاهِرِ الشَّعْرِ وَنَكَّرَهُ لِيَشْمَلَ شَعْرَ الرَّأْسِ وَغَيْرِهَا مِنْ حَاجِبٍ وَهُدْبٍ وَإِبِطٍ وَعَانَةٍ كَثِيفٍ أَوْ خَفِيفٍ

ــ

[حاشية العدوي]

فِي النِّيَّةِ فِي الْغُسْلِ كَالْخِلَافِ الَّذِي فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَفُرِّقَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا التَّخْرِيجُ بَلْ نَقُولُ إنَّ الْغُسْلَ تَجِبُ فِيهِ النِّيَّةُ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ رُجُوعُهُ لِلْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ) فَقَطْ أَيْ لِوُجُوبِ النِّيَّةِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَوَّلِ وَاجِبٍ) وَلَوْ مَمْسُوحًا كَمَنْ فَرْضُهُ مَسْحُ رَأْسِهِ لِعِلَّةٍ وَقَوْلُهُ: وَكَوْنِ الْمَنْوِيِّ إلَخْ وَيَجْرِي أَيْضًا وَفِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ خِلَافٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُغْسَلُ لَهُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْجَنَابَةِ، وَالتَّقْدِيرُ: رَفْعَ مَا يُغْسَلُ لِأَجْلِهِ كُلُّ الْجَسَدِ كَالْحَدَثِ الْأَكْبَرِ (قَوْلُهُ: كُلِّ مَوَانِعِهَا) أَيْ الْمَمْنُوعَاتِ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ سُنَّةٍ وَوُجُوبٍ) بَيَانٌ لِلْحُكْمِ وَقَوْلُهُ وَالْبِنَاءُ إلَخْ رَاجِعٌ لِلصِّفَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ) وَلَا يَضُرُّ تَقَدُّمُ نِيَّةِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَيْ مِنْ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَكُلِّ غُسْلٍ غَيْرِ وَاجِبٍ عَلَى نِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ عَنْ صَحَّا إلَى حَصَلَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الصِّحَّةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ بِخِلَافِ مَا قَالَ، وَأَمَّا عُدُولُهُ عَنْ بَطَلَا إلَى انْتَفَيَا لِمُقَابَلَتِهِ بِحَصَلَا ذَكَرَهُ فِي ك وَقَالَ اللَّقَانِيِّ أَيْ حَصَلَ ثَوَابُهُمَا وَيُخَصُّ هَذَا التَّقْدِيرُ بِقَوْلِهِ أَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ إلَخْ فَتَأَمَّلَ وَمِثْلُهُ نِيَّةُ الْجَنَابَةِ فِي هَذَا الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ.

(تَنْبِيهٌ) : يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ نِيَّةِ فَضْلِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَثَلًا مَعَ نِيَّةِ صَوْمِهِ قَضَاءً وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ وَيَقُومُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً نَاوِيًا بِهَا الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَإِنْ سَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً نَاوِيًا بِذَلِكَ الْفَرْضَ وَالرَّدَّ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ الْحَيْضُ أَوْ تَأَخَّرَ) مُفَادُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمَانِعَيْنِ حَصَلَا مِنْ الْمَرْأَةِ، فَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَنَوَتْ مِنْ الْآخَرِ نِسْيَانًا فَهَلْ يُجْزِئُ غَسْلُهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ وَرُبَّمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ وَوَاجِبُهُ نِيَّةٌ أَمْ لَا قَالَهُ عج، وَأَمَّا عَمْدًا فَمُتَلَاعِبَةٌ فَلَا يُجْزِئُ قَطْعًا كَذَا يَنْبَغِي وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ مَعَ قَوْلِهِ كَالْوُضُوءِ فَهُوَ إيضَاحٌ (قَوْلُهُ: لِكَثْرَةِ مَوَانِعِ مَا نَوَتْ) ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ مِنْ الصَّوْمِ وَالْوَطْءِ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ، فَإِنْ قُلْت الْجَنَابَةُ تَمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ قُلْت لَمَّا كَانَ رَفْعُ الْجَنَابَةِ مُمْكِنًا لَهُ فَتُمْكِنُهُ الْقِرَاءَةُ كَأَنَّ الْجَنَابَةَ لَمْ تَكُنْ مَانِعَةً (قَوْلُهُ: وَخَلَطَهُمَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ فِي قَلْبِهِ: نَوَيْت الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لَوْ أَفْرَدَ كُلًّا بِنِيَّةٍ وَلَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَ الْجَنَابَةَ مِنْهُمَا) أَيْ الْكَائِنَةَ مِنْ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا الْجَنَابَةُ وَالْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَ نِيَابَتَهُ عَنْ الْجُمُعَةِ) أَيْ جَعَلَ نِيَّةَ الْغُسْلِ خَاصَّةً بِالْجَنَابَةِ وَعَلَّقَ بِالْجُمُعَةِ نِيَّةً أُخْرَى وَهِيَ نِيَّةُ الْجَنَابَةِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَالنَّائِبُ وَالْمَنُوبُ) عَيَّنَ مَا قَبْلَهُ لَكِنْ اخْتَلَفَ بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ الْعُنْوَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِلْجُمُعَةِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ نِيَّةَ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ وَالْمَنْدُوبِ مَعًا أَوْ نِيَابَةَ مَسْنُونٍ عَنْ مَنْدُوبٍ يَحْصُلَانِ اُنْظُرْ الشُّرَّاحَ.

(قَوْلُهُ: مَعَ تَخْلِيلِ شَعْرٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى مَعَ فَهِيَ وَاوُ الْمَعِيَّةِ لَا وَاوُ الْعَطْفِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ تَخْلِيلَ الشَّعْرِ لَيْسَ مِنْ غَسْلِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَجَمْعِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ مَرْخُوًّا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِخُيُوطٍ كَثِيرَةٍ ثَلَاثَةٍ فَمَا فَوْقُ يُنْقَضُ مُطْلَقًا قَوِيَ الشَّدُّ أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِخَيْطٍ أَوْ خَيْطَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْوَ الشَّدُّ فَلَا يُنْقَضُ وَإِلَّا نُقِضَ

ص: 168

عَلَى الْأَشْهَرِ وَأَحْرَى الشُّقُوقُ وَمَا غَارَ مِنْ الْبَدَنِ مَا لَمْ يَشُقَّ فَيَعُمُّهُ بِالْمَاءِ وَيُدَلِّكُهُ، وَأَمَّا الْخَاتَمُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَحْرِيكُهُ كَالْوُضُوءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ.

(ص) وَذَلِكَ وَلَوْ بَعْدَ الْمَاءِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى نِيَّةٍ يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ لِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ أَنْ يُدَلِّكَ جَسَدَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهُ لِلْمَاءِ بَلْ يَكْفِي وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ قَبْلَ سَيَلَانِهِ وَانْفِصَالِهِ عَنْ الْبَدَنِ خِلَافًا لِلْقَابِسِيِّ فِي اشْتِرَاطِهِ الْمَعِيَّةَ وَفِيهِ حَرَجٌ وَهُوَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ وَيُعِيدُ تَارِكُهُ أَبَدًا وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ لِطُولِ مُكْثٍ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَفْهُومِ الْغُسْلِ فَيُغْنِي عَنْهُ وَذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ وُجُوبِهِ كَمَا رَوَاهُ مَرْوَانُ الظَّاهِرِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الدَّلْكِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بَلْ الْيَقِينُ إلَّا الْمُسْتَنْكِحِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ بِالْمُبَالَغَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْمُصَاحَبَةُ.

(ص) أَوْ بِخِرْقَةٍ أَوْ اسْتِنَابَةٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الظَّرْفِ أَيْ وَلَوْ كَانَ الدَّلْكُ بِخِرْقَةٍ أَوْ اسْتِنَابَةٍ، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الدَّلْكَ إذَا أَمْكَنَ بِالْيَدِ أَوْ بِالْخِرْقَةِ أَوْ بِالِاسْتِنَابَةِ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ وَلَا يَسْقُطُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَلْ هُوَ سَاكِتٌ عَنْ ذَلِكَ وَالْحُكْمُ فِيمَا إذَا اسْتَنَابَ مَعَ الْقُدْرَةِ بِالْيَدِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا تُجْزِئُ الِاسْتِنَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِالْخِرْقَةِ وَيَكْفِي الدَّلْكُ بِالْخِرْقَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّلْكِ بِالْيَدِ عَلَى الصَّحِيحِ وَتَنْظِيرُ الزَّرْقَانِيِّ فِي ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَمَعْنَى الدَّلْكِ بِالْخِرْقَةِ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُدَلِّكُ بِهِ كَفُوطَةٍ يَجْعَلُ طَرَفَهَا بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَالْآخَرَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى وَيُدَلِّكُ بِوَسَطِهَا، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ شَيْئًا بِيَدِهِ وَدَلَّك بِهِ كَكِيسٍ يُدْخِلُهُ فِي يَدِهِ وَيُدَلِّكُ بِهِ، فَإِنَّ الدَّلْكَ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ بِالْيَدِ.

(ص) ، وَإِنْ تَعَذَّرَ سَقَطَ (ش) أَيْ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الدَّلْكُ بِكُلِّ وَجْهٍ سَقَطَ وَيُكْثِرُ صَبَّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مِنْ التَّعَذُّرِ إمْكَانُهُ بِحَائِطٍ يَمْلِكُهُ الْمُغْتَسِلُ حَيْثُ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِالدَّلْكِ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ حَائِطَ حَمَّامٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ أَوْ مِلْكَهُ وَيَتَضَرَّرُ بِدَلْكِهِ أَوْ حَائِطَ حَمَّامٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَلْكُهُ بِغَيْرِهِ فَهُوَ مِنْ التَّعَذُّرِ.

(ص)

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهَرِ) أَيْ إنَّ تَخْلِيلَ مَا ذُكِرَ وَاجِبٌ عَلَى الْأَشْهَرِ وَمُقَابِلُ ذَلِكَ قَوْلَانِ النَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَشُقَّ) مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ وَأَحْرَى الشُّقُوقُ وَمَا غَارَ مِنْ الْبَدَنِ فَيَعُمُّهُ بِالْمَاءِ وَيُدَلِّكُهُ مَا لَمْ يَشُقَّ فَيَفْعَلُ الْمُتَيَسِّرَ مِنْ تَعْمِيمٍ بِدُونِ دَلْكٍ إنْ أَمْكَنَ التَّعْمِيمُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ تَحْرِيكُهُ كَالْوُضُوءِ) وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَنْزِلْ تَحْتَهُ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي إلَخْ) أَفَادَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ بَعْدَ مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ وَالتَّقْدِيرُ يَكْفِي وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ وَاحْتَاجَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الدَّلْكُ وَاجِبٌ هَذَا إذَا كَانَ مُقَارِنًا لِلصَّبِّ بَلْ وَلَوْ بَعْدَ الصَّبِّ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ: إنَّهُ بَعْدَ الصَّبِّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَنَفْيُ الْوُجُوبِ يُجَامِعُ الْإِجْزَاءَ مَعَ أَنَّ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ بِلَوْ قَائِلٌ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: وَانْفِصَالِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. عِبَارَةُ تت أَحْسَنُ وَنَصُّهُ وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ وَانْفِصَالِهِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ فَالْمَعِيَّةُ عِنْدَهُ غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ اهـ.

وَيَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي الدَّلْكُ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ انْغَمَسَ فِي الْحَوْضِ وَخَرَجَ مِنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ شَارِحِنَا أَنَّهُ إذَا انْغَمَسَ فِي الْحَوْضِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ فَصَارَ الْمَاءُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْجَسَدِ إلَّا أَنَّهُ مُبْتَلٌّ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي كَمَا يُفِيدُهُ عِبَارَةُ تت وَمَا ذَكَرُوهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ) هَذَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ سَيِّدِي أَحْمَدَ زَرُّوقٍ وَانْظُرْهُ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ إجْمَاعًا فَأَوْلَى الدَّلْكُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ بِالِاسْتِحْبَابِ وَالسُّنَّةِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ تَكْفِي، وَقَوْلُهُ: بَلْ الْيَقِينُ أَرَادَ بِهِ الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ لَا الْعِلْمَ الَّذِي هُوَ الْجَزْمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ عَنْ دَلِيلٍ الَّذِي هُوَ الْمَعْرِفَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ) أَيْ إنَّ الْمُسْتَنْكِحَ يَكْفِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُسْتَنْكِحَ مُتَحَيِّرٌ فَشَأْنُهُ التَّرَدُّدُ عَلَى السَّوَاءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَنْكِحَ لَا يَعْمَلُ عَلَى شَكِّهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ خِلَافَ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى شَكِّهِ الْمَذْكُورِ وَيُطَالَبُ بِالتَّدْلِيكِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّدْلِيكِ غَلَبَةُ الظَّنِّ لِمَا قُلْنَا وَأَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَنْكِحًا لَا يَعْمَلُ عَلَى التَّرَدُّدِ عَلَى السَّوَاءِ بَلْ يُلْغِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الدَّلْكُ بِخِرْقَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الدَّلْكُ بِيَدٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ الدَّلْكُ بِخِرْقَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَيُجْزِئُ (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ وَقَدْ نَقَلَهُ بَهْرَامُ عَنْ سَحْنُونَ وَاعْتَمَدَهُ عب وَرَدَّ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ ذَلِكَ الِاعْتِمَادَ (قَوْلُهُ: وَتَنْظِيرُ ز فِي ذَلِكَ قُصُورٌ) وَنَصُّهُ وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الدَّلْكِ بِالْيَدِ وَدَلَّكَ بِالْخِرْقَةِ هَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الدَّلْكَ إنَّمَا هُوَ بِالْيَدِ) وَقَيَّدَهُ عج بِمَا إذَا كَانَ خَفِيفًا (أَقُولُ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ الْقَيْدِ بَلْ وَلَوْ كَانَ كَثِيفًا؛ لِأَنَّ الْمُعَانَاةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِالْيَدِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ) أَيْ إنْ تَضَرَّرَ بِدَلْكِهِ بِهِ لَا إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّخْصِ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْ نَفْعِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ كَالِاسْتِظْلَالِ بِجِدَارِهِ وَاسْتِصْبَاحٍ أَوْ انْتِفَاعٍ بِنُورِ مِصْبَاحِهِ كَذَا فِي عب وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الضَّرَرِ.

(تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ الدَّلْكِ بِالْخِرْقَةِ وَالِاسْتِنَابَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ بِالْيَدِ هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ سَحْنُونَ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ضَعْفِ اسْتِظْهَارِهِ بِقَوْلِهِ قِيلَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الصَّوَابُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَالْأَشْبَهُ بِيُسْرِ الدِّينِ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَصَّارِ مَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ كَلَامِ سَحْنُونَ حَيْثُ قَالَ يَسْقُطُ كَمَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ عَنْ الْأَخْرَسِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ الصَّحَابَةِ اتِّخَاذُ خِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَشَاعَ مِنْ فِعْلِهِمْ اهـ.

ص: 169

وَسُنَنُهُ: غَسْلِ يَدَيْهِ أَوَّلًا وَصِمَاخِ أُذُنَيْهِ، وَمَضْمَضَةٌ، وَاسْتِنْشَاقٌ (ش) أَيْ وَسُنَنُ الْغُسْلِ أَرْبَعٌ غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ وَهَذَا مَصَبُّ السُّنِّيَّةِ، وَأَمَّا الْغُسْلُ فِي نَفْسِهِ فَوَاجِبٌ وَالثَّانِيَةُ مَسْحُ صِمَاخِ الْأُذُنَيْنِ وَهُوَ الثُّقْبُ الدَّاخِلُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ، وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مَرَّةً مَرَّةً كَمَا يَأْتِي وَسَكَتَ عَنْ الِاسْتِنْثَارِ وَهُوَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ لِاسْتِلْزَامِ الِاسْتِنْشَاقِ لَهُ أَوْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَطْلَقَ الِاسْتِنْشَاقَ عَلَى مَا يَشْمَلُ السُّنَّتَيْنِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الشُّيُوخِ، وَإِنْ لَمْ يَمْشِ عَلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى وَعَلَى هَذَا فَالِابْتِدَاءُ هُنَا حَقِيقِيٌّ وَفِي قَوْلِهِ: وَنُدِبَ بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الْأَذَى إضَافِيٌّ وَهَكَذَا حَلُّ السَّنْهُورِيِّ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَيَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْهِ ثُمَّ يُزِيلُ الْأَذَى ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ وُضُوءًا كَامِلًا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ كَامِلَةً مَرَّةً مَرَّةً وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ ظَهَرَ أَنَّ الْيَدَيْنِ يُغْسَلَانِ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَأَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَسُنَنُهُ) أَيْ الْغُسْلِ وَلَوْ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا) قَالَ فِي ك وَانْظُرْ هَلْ يُطْلَبُ بِتَخْلِيلِ يَدَيْهِ فِي غَسْلِهِمَا أَوْ لَا اهـ.

(أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطْلَبُ وَقَوْلُهُ وَصِمَاخُ أُذُنَيْهِ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى " غَسْلُ " بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ مَسْحُ صِمَاخِ أُذُنَيْهِ وَالْقَرِينَةُ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ أَنَّ هَذَا الثُّقْبَ لَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ فَهُوَ مِنْ الْبَاطِنِ هُنَا لَا أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَدَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْغُسْلِ مَسْحُ الصِّمَاخِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ مَسْحِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسَنَّ مَسْحُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ كَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُمَا يُغْسَلَانِ هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ) أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي فَرَائِضِ الْوُضُوءِ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَصَبُّ السُّنِّيَّةِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَنْوِي رَفْعَ حَدَثِ الْجَنَابَةِ عِنْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ أَوَّلًا بِحَيْثُ يَقَعُ غَسْلُهُمَا فَرْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ النِّيَّةُ بَعْدَ نَظِيرِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ الْوُضُوءِ بَعْدَ فِعْلِ السُّنَنِ وَأَنْ نِيَّةَ السُّنَّةِ سَابِقَةٌ عَلَى نِيَّةِ الْفَرْضِ قَالَ مُحَشِّي تت لِإِطْبَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ أَيْ تت مِنْ أَنَّ مَصَبَّ السُّنَّةِ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ لَقَالُوا تَقْدِيمُ غَسْلِهِمَا سُنَّةٌ وَذَكَرَ النَّصَّ بَعْدَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: مَسْحُ صِمَاخِ الْأُذُنَيْنِ) الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الثُّقْبِ الَّذِي فِي مُقَعَّرِ الْأُذُنَيْنِ وَهُوَ مَا يَدْخُلُ فِيهِ طَرَفُ الْإِصْبَعِ هَذَا هُوَ الَّذِي يُسَنُّ مَسْحُهُ لَا غَسْلُهُ وَلَا صَبُّ الْمَاءِ فِيهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ، وَأَمَّا مَا يَمَسُّهُ رَأْسُ الْإِصْبَعِ خَارِجًا عَنْ الثُّقْبِ الْمَذْكُورِ فَمِنْ الظَّاهِرِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ: مَرَّةً مَرَّةً) أَيْ يَتَمَضْمَضُ مَرَّةً وَيَسْتَنْشِقُ مَرَّةً (قَوْلُهُ: وَهُوَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِلْزَامِ الِاسْتِنْشَاقِ لَهُ) غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْشَاقَ لَا يَسْتَلْزِمُ الِاسْتِنْثَارَ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ الِاسْتِلْزَامَ عَادَةً أَيْ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنَّ مَنْ يَسْتَنْشِقُ يَسْتَنْثِرُ وَعَلَى فَرْضِ تَسْلِيمِ الِاسْتِلْزَامِ لَهُ نَقُولُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَلْزُومَ وَاللَّازِمَ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ عَلَى حِدَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ إلَخْ) أَيْ أَوْ يُقَالُ إنَّمَا سَكَتَ عَنْ الِاسْتِنْثَارِ وَالْحَالُ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ؛ لِأَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَطْلَقَ إلَخْ نَقُولُ لَهُ أَيْضًا وَهَذَا الْإِطْلَاقُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَجْمُوعَ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ مَعَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ: أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى هَذَا حَلٌّ آخَرُ مُغَايِرٌ لِلْحَلِّ الْأَوَّلِ الْمُصَدَّرِ بِهِ وَالتَّحْقِيقِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلْبَحْثِ مِنْ حَيْثِيَّةِ كَوْنِهِ ادَّعَى أَنَّ غَسْلَهُمَا وَاجِبٌ. الْمُفِيدُ تَقَدُّمُ النِّيَّةِ عِنْدَ غَسْلِهِمَا (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَوْلُك مَعْنًى أَوَّلًا قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى يُعَارِضُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْبَدْءُ بِإِزَالَةِ الْأَذَى وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ هُنَا أَوَّلِيَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَمَا سَيَأْتِي أَوَّلِيَّةٌ إضَافِيَّةٌ فَلَا تَعَارُضَ.

(قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّحْقِيقَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ «مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ أَدْنَيْت لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُسْلَهُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ» إلَخْ وَمُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِيَّةِ قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَكَوْنُنَا نَقُولُ مَعْنَاهُ أَيْ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى أَيْ وَقَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ بَعِيدٌ مِنْ اللَّفْظِ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ) أَيْ ثُمَّ يَأْخُذُ فِي مُقَدِّمَاتِ الْوُضُوءِ أَيْ مَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْ غَسْلِ الذَّكَرِ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فَفِي الْحَقِيقَةِ نِيَّةُ الْجَنَابَةِ سَابِقَةٌ عَلَى ذَلِكَ الْوُضُوءِ لَكِنْ هَذَا فِي وُضُوءٍ لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ لَصَحَّتْ الصَّلَاةُ، وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ عَلَى ذَكَرِهِ وَشَرَعَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَغَسَلَهَا بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ بَلْ أَوْ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْأَصْغَرِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فَالْغُسْلُ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ لِرُجُوعِهِ ثَانِيًا لِغَسْلِ ذَكَرِهِ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ نَعَمْ إنْ مَسَّهُ بِحَائِلٍ كَثِيفٍ يُصَلِّي بِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُنَا وُضُوءًا كَامِلًا مَرَّةً.

(قَوْلُهُ: يُغْسَلَانِ أَوَّلًا) أَيْ ثَلَاثًا وَثَانِيًا أَيْ مَرَّةً لِقَوْلِهِ وُضُوءًا كَامِلًا مَرَّةً بَلْ وَيُفِيدُ أَنَّهُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ فَقَدْ قَالَ فِي ك فِي الْقَوْلَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ إنَّ مَصَبَّ النَّدْبِ التَّكْمِيلُ غَسْلًا وَمَسْحًا تَكْرِيمًا لَهَا أَيْ لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَيَمْسَحُ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَغْسِلُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَيُقَدِّمُ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى تَأْخِيرِهِمَا فَفِي تَرْكِ مَسْحِ الرَّأْسِ رِوَايَتَانِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِالتَّرْكِ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْمَسْحِ؛ لِأَنَّهُ يُغْسَلُ حِينَئِذٍ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَخَرَجَتْ الرِّجْلَانِ بِدَلِيلٍ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُمَا عَلَى الْأَصْلِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِي الرِّجْلَيْنِ بِالْغُسْلِ الْوَاجِبِ، وَأَمَّا غُسْلُ الْجُمُعَةِ مَثَلًا فَيُقَدِّمُهُمَا قَطْعًا

ص: 170

إنَّمَا يُفْعَلَانِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ خَاصَّةً قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ يُزِيلَ الْأَذَى عَنْهُ ثُمَّ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ اهـ.

وَحَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا وَفِي شَامِلِهِ وَكَذَا ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّ سُنِّيَّةَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ كَسُنِّيَّةِ غَسْلِهِمَا فِي الْوُضُوءِ فَيَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُهَا عَلَى كَوْنِ الْغَسْلِ بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ وَكَوْنِهِ ثَلَاثًا وَكَوْنِهِ أَوَّلًا كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَاعْلَمْ أَنَّ جَعْلَ كُلٍّ مِنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَمَسْحَ صِمَاخِ الْأُذُنَيْنِ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ قَبْلَهُ الْوُضُوءَ الْمُسْتَحَبَّ، فَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَهُ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ لَا الْغُسْلِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ.

(ص) وَنُدِبَ بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الْأَذَى ثُمَّ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ كَامِلَةً مَرَّةً وَأَعْلَاهُ وَمَيَامِنِهِ وَتَثْلِيثِ رَأْسِهِ وَقِلَّةِ الْمَاءِ بِلَا حَدٍّ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي مَنْدُوبَاتِ الْغُسْلِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ مِنْهَا الْبُدَاءَةُ قَبْلَ هَذِهِ السُّنَنِ بِغَسْلِ يَدَيْهِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ ثُمَّ بِإِزَالَةِ الْأَذَى عَنْ مَحَلٍّ هُوَ فِيهِ لِيَقَعَ الْغُسْلُ عَلَى أَعْضَاءٍ طَاهِرَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ وَاجِبٌ وَالْغُسْلَ تَابِعٌ مَنْدُوبٌ فَيَكُونُ فَاصِلًا مُخِلًّا بِالْفَوْرِ وَقَطَعَ بِذَلِكَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِيهِ بَحْثٌ اهـ.

وَلَعَلَّ وَجْهَ الْبَحْثِ أَنَّ هَذَا فَصْلٌ خَفِيفٌ لَا إخْلَالٌ فِيهِ بِالْمُوَالَاةِ الْوَاجِبَةِ وَقَالَ عج وَاعْلَمْ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْغُسْلِ مَسْحُ صِمَاخِ الْأُذُنَيْنِ وَفِي الْوُضُوءِ مَسْحُ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَصِمَاخِهِمَا وَهَذَا فِي غَيْرِ وُضُوءِ الْجَنَابَةِ، وَأَمَّا فِيهِ فَهَلْ السُّنَّةُ مَسْحُ صِمَاخِ الْأُذُنَيْنِ الَّذِي هُوَ سُنَّةُ الْغُسْلِ لَوْ بَدَأَ بِهِ أَوْ السُّنَّةُ فِيهِ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَصِمَاخِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: ثُمَّ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ كَامِلَةً مَرَّةً وَقَدْ قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ لِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَوَضَّأَ وَأَتَى بِسُنَنِ الْوُضُوءِ انْدَرَجَ فِيهَا سُنَنُ الْغُسْلِ اهـ.

الْمُرَادُ مِنْهُ نَقَلْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ نَقِفَ عَلَى مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الصَّعْبِ ثُمَّ نَرْجِعُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ يُغْسَلَانِ أَوَّلًا وَثَانِيًا رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ غَسْلَ الْيَدَيْنِ فِي وُضُوءِ الْجَنَابَةِ لِجَعْلِهِمْ السُّنَّةَ غَسْلَهُمَا قَبْلَ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ بَعْدَ حُصُولِ السُّنَّةِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ لِتَقَدُّمِهِ وَلَا يَنْقُضُ غَسْلَهُمَا مَسُّ فَرْجِهِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْجَلَّابِ وَصِفَةُ غَسْلِ الْجَنَابَةِ أَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِ يَدَيْهِ ثُمَّ يُزِيلُ الْأَذَى إنْ كَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ كَامِلًا وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يُزِيلَ الْأَذَى عَنْهُ ثُمَّ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَقَوْلُهُ: وَسُنَنُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى وَيَغْسِلُ يَدَيْهِ ثَانِيًا لِلْوُضُوءِ وَلَا مُسَاعِدَ لَهُ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُفْعَلَانِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ خَاصَّةً) وَلَا يُعِيدُ فِعْلَهُمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْمَلُ إلَخْ) تَحْتَهُ صِفَةٌ كَامِلَةٌ لَا أَكْمَلُ يَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْهِ لِلْكُوعَيْنِ ثَلَاثًا وَيُزِيلُ الْأَذَى وَيَغْسِلُ الذَّكَرَ ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ وَيَمْسَحُ الصِّمَاخَيْنِ وَيَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا وَهَكَذَا، وَأَمَّا الصِّفَةُ النَّاقِصَةُ فَكَثِيرَةٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ) أَيْ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ) أَيْ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: فَيَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُهَا عَلَى كَوْنِ الْغَسْلِ بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ) أَيْ نِيَّةِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ سَابِقًا وَهَذَا مَصَبُّ السُّنِّيَّةِ إلَخْ غَيْرُ مُنَاسِبٍ (قَوْلُهُ: وَكَوْنِهِ ثَلَاثًا) وَلَا يُعَارِضُ سُنِّيَّةَ التَّثْلِيثِ هُنَا قَوْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ لَيْسَ شَيْءٌ فِي الْغُسْلِ يُنْدَبُ فِيهِ التَّكْرَارُ غَيْرَ الرَّأْسِ اهـ. أَيْ لِأَنَّهُ فِي الْمَنْدُوبِ كَمَا هُوَ صَرِيحُهُ وَالتَّثْلِيثُ هُنَا مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ مَسْحَ الصِّمَاخِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ أُذُنَيْهِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى مَسْحِ الصِّمَاخِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَرَدُّدُ عج فِي ذَلِكَ وَجَزَمَ الشَّارِحُ بِمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ قِطْعَةٌ مِنْ الْغُسْلِ فَهُوَ صُورَةُ وُضُوءٍ فَكَوْنُهَا مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ لَا يُنَافِي كَوْنَهَا مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ بِاعْتِبَارِ الْحَقِيقَةِ فَتَدَبَّرْ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شَارِحَ التَّلْقِينِ قَالَ مَا نَصُّهُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ هَذَا أَيْضًا إنَّمَا هُوَ بَعْضُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَالْفَضِيلَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الْبُدَاءَةِ بِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ لِشَرَفِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الْأَذَى) أَيْ النَّجَاسَةِ عَنْ جَسَدِهِ فَرْجِهِ أَوْ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَاءَ وَإِلَّا وَجَبَ الْبَدْءُ بِهِ وَإِلَّا كَانَ الْغُسْلُ بَاطِلًا كَذَا فِي عب وَيُبْحَثُ فِيهِ بِعَدَمِ تَسْلِيمِ الْوُجُوبِ بَلْ يُقَالُ يُطْلَبُ الْمَاءُ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَرَابِعًا حَتَّى لَا يَتَغَيَّرَ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى إزَالَةِ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ نُدِبَ بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الْأَذَى ثُمَّ يَغْسِلُ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ وَقُدِّرَ غَسْلُ تَغْلِيبًا لَهُ عَلَى الْمَسْحِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ أَكْثَرُ وَقَدْ تُقَدَّرُ طَهَارَةٌ فَلَا تَغْلِيبَ.

(تَنْبِيهٌ) : لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ تَقْدِيرِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذَا وُضُوءُ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِنِيَّةِ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ: مَرَّةً مَرَّةً) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُبَيِّنٌ لِلْعَدَدِ أَيْ وَيَمُرُّ مَرَّةً وَقَوْلُهُ وَأَعْلَاهُ هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى إزَالَةِ أَيْ يُنْدَبُ الْبَدْءُ بِذَلِكَ قَالَهُ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى نُسْخَةِ ك (قَوْلُهُ: عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ أَيْ فَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْمَنْدُوبَاتِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ الْمَنْدُوبَاتِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِ التَّسْمِيَةُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا هُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الْمَوْضِعِ الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُمْكِنُ جَرَيَانُهُ هُنَا وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَشَارَ بِالْكَثِيرِ لِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: هَذِهِ السُّنَنِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ سَابِقًا وَسُنَنُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا إلَخْ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ قَبْلَ بَقِيَّةِ السُّنَنِ؛ لِأَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ أَيْ أَنَّ الْبَدْءَ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الْإِدْخَالِ فِي الْإِنَاءِ مَنْدُوبٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ سُنَّةٌ وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فَمَنْدُوبٌ فَلَوْ أَخَذَ الْمَاءَ أَوَّلًا بِفِيهِ فَتَمَضْمَضَ ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتَى بِسُنَّةٍ إلَّا أَنَّهُ أَخَلَّ بِمَنْدُوبٍ وَهُوَ الْبُدَاءَةُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: هُوَ) أَيْ الْأَذَى فِيهِ

ص: 171

ثُمَّ يَغْسِلُ ذَلِكَ الْمَحِلَّ فَرْجًا أَوْ غَيْرَهُ بِنِيَّةِ غَسْلِ الْجَنَابَةِ لِيَأْمَنَ مِنْ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ ذَكَرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ غَسْلِ فَرْجِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ ثَانِيًا لِيَعُمَّ جَسَدَهُ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَتَفَطَّنُ لِذَلِكَ فَيَنْوِي بَعْدَ غَسْلِ فَرْجِهِ ثُمَّ لَا يَمَسُّهُ حِفْظًا لِلْوُضُوءِ فَيُؤَدِّي لَبُطْلَان الْغُسْلِ لِعُرُوِّ غَسْلِ الْفَرْجِ عَنْ نِيَّةٍ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ اللَّخْمِيُّ، وَإِنْ نَوَى رَفْعَ الْجَنَابَةِ فِي حِينِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ وَغَسَلَ غُسْلًا وَاحِدًا أَجْزَأَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ بَعْدَ إزَالَةِ الْأَذَى يَأْتِي بِالسُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْمِلَ الْمُرُورَ عَلَى أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ مَرَّةً مَرَّةً بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ عَنْهَا وَلَوْ نَوَى رَفْعَ الْأَصْغَرِ أَجْزَأَهُ وَلَوْ ذَاكِرًا لِلْأَكْبَرِ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ فَنِيَّةُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ التَّتَّائِيِّ وَمِنْهَا تَقْدِيمُ أَعْلَاهُ بِمَيَامِنِهِ وَمَيَاسِرِهِ وَتَقْدِيمُ مَيَامِنِهِ مِنْ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ عَلَى مَيَاسِرِهِ مِنْهُمَا وَالضَّمِيرُ فِي مَيَامِنِهِ لِلْمُغْتَسِلِ وَفِي أَعْلَاهُ لِجَانِبِ الْمُغْتَسِلِ وَمِنْهَا تَثْلِيثُ غَسْلِ رَأْسِهِ بِأَنْ يَعُمَّهَا بِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَمِنْهَا قِلَّةُ الْمَاءِ بِلَا حَدٍّ بِصَاعٍ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ وَيُغْتَفَرُ السَّرَفُ لِلْمُوَسْوِسِ مَا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِ لِابْتِلَائِهِ وَيَكْفِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ: وَقِلَّةُ مَاءٍ بِلَا حَدٍّ كَالْغُسْلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ لِيُشَبِّهَ بِهِ وَهَذَا بَابُهُ.

(ص) كَغَسْلِ فَرْجِ جُنُبٍ لِعَوْدِهِ بِالْجِمَاعِ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الِاسْتِحْبَابِ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ إلَى وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْوُضُوءِ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْجِمَاعَ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَفِي الْغَسْلِ فَوَائِدُ تَقْوِيَةُ الْعُضْوِ وَإِتْمَامُ اللَّذَّةِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِلْأُنْثَى غَسْلُ فَرْجِهَا كَالذَّكَرِ فَقَوْلُهُ كَغَسْلِ فَرْجِ جُنُبٍ أَيْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.

(ص) وَوُضُوئِهِ لِنَوْمٍ لَا تَيَمُّمٍ (ش) أَيْ وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ وُضُوءُ الْجُنُبِ وَلَوْ أُنْثَى لِلنَّوْمِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لِيَأْمَنَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ ظَاهِرَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ فَرْجًا لَا غَيْرَهُ فَلَا تَنْطَبِقُ الْعِلَّةُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَغْسِلْهُ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَتَوَضَّأَ لَاحْتَاجَ إلَى أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ فَيُنْقَضُ وُضُوءُهُ إلَّا أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا بَاشَرَ ذَكَرَهُ بِيَدِهِ بِدُونِ حَائِلٍ وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ) وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ إزَالَةِ الْأَذَى إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ بَعْدَ غَسْلِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَرْجًا أَوْ غَيْرَهُ يَأْتِي بِالسُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي هِيَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَرَّةً عَلَى مَا قَالَ وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَعْدَ فَرْضِ أَنَّهُ نَوَى الْجَنَابَةَ عِنْدَ غَسْلِ ذَكَرِهِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْجَنَابَةَ عِنْدَ غَسْلِ ذَكَرِهِ لَكِنْ يَأْتِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: أَعْلَاهُ بِمَيَامِنِهِ وَمَيَاسِرِهِ) أَيْ يُقَدِّمُ أَعْلَاهُ الْمُلْتَبِسَ بِمَيَامِنِهِ وَمَيَاسِرِهِ أَيْ الْأَعْلَى الَّذِي فِي الْمَيَامِنِ وَالْمَيَاسِرِ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَسْفَلِ فِيهِمَا بِمَعْنَى أَنَّ أَعْلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ يُقَدَّمُ عَلَى أَسْفَلِ الْأَيْمَنِ وَأَعْلَى الشِّقِّ الْأَيْسَرِ يُقَدَّمُ عَلَى أَسْفَلِ الْأَيْسَرِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي أَعْلَاهُ لِجَانِبِ الْمُغْتَسِلِ) لَا لِلْمُغْتَسِلِ حَاصِلُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَعْلَاهُ لِجَانِبِ الْمُغْتَسِلِ وَفِي مَيَامِنِهِ لِلْمُغْتَسِلِ فَمُفَادُهُ أَنَّهُ يُقَدِّمُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ بِتَمَامِهِ عَلَى الْأَيْسَرِ بِتَمَامِهِ ثُمَّ يَلِيهِ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الظَّهْرَ ثُمَّ بَعْدَهُ الْبَطْنَ وَالصَّدْرَ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ وَمَا بَعْدَهُ الصَّدْرُ ثُمَّ الْبَطْنُ فَالصَّدْرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْبَطْنِ وَلَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلْمُغْتَسِلِ وَقُدِّرَ مُضَافٌ أَيْ جَانِبُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَكُونَ الضَّمَائِرُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَصَرَّحَ شب بِأَنَّ الْأَعْلَى يَنْتَهِي إلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَلَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ فِي أَعْلَاهُ لِلْمُغْتَسِلِ كَالضَّمِيرِ فِي مَيَامِنِهِ لَأَفَادَ أَنَّ الْأَعْلَى أَيْسَرُ وَأَيْمَنُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَسْفَلِ أَيْمَنَ وَأَيْسَرَ وَحِينَئِذٍ فَيَغْسِلُ أَوَّلًا الشِّقَّ الْأَيْمَنَ إلَى الرُّكْبَتَيْنِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلشِّقِّ الْأَيْسَرِ إلَى الرُّكْبَةِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلشِّقِّ الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُ مِنْ الرُّكْبَةِ لِلْأَسْفَلِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلشِّقِّ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُ مِنْ الرُّكْبَةِ لِلرِّجْلِ، وَالتَّقْرِيرُ الثَّانِي مِنْ تَرْجِيحِ الضَّمِيرِ لِلشَّخْصِ رَجَّحَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ فَيَغْسِلُ الْأَيْمَنَ بَطْنًا وَظَهْرًا إلَى الرُّكْبَتَيْنِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ ثُمَّ يَغْسِلُ مِنْ الرُّكْبَةِ الْيُمْنَى لِلْأَسْفَلِ ثُمَّ مِنْ الرُّكْبَةِ الْيُسْرَى لِلْأَسْفَلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَعُمَّهَا بِكُلِّ وَاحِدَةٍ) هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَبِهِ الْفَتْوَى فَتَكُونُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مُسْتَحَبًّا وَاحِدًا وَمُقَابِلُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ غُرْفَتَانِ لِشِقَّيْ الرَّأْسِ، وَالثَّالِثَةُ لِأَعْلَاهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ غَسَلَهُ ثَلَاثًا وَعَلَى الثَّانِي جَعَلَهَا أَثْلَاثًا.

(قَوْلُهُ: قِلَّةُ مَاءٍ) أَيْ تَقْلِيلُ مَاءٍ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ) يَقُولُ لَا يَكْفِي أَقَلُّ مِنْ صَاعٍ (قَوْلُهُ مَا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِ) أَيْ سَرَفًا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِ وَهِيَ حَالٌ بِحَسَبِ الْمَعْنَى أَيْ حَالَةَ كَوْنِ السَّرَفِ سَرَفًا لَا يُغْتَفَرُ لِغَيْرِهِ وَأَرَادَ بِهِ الْمُسْتَنْكِحَ، وَقَوْلُهُ: وَيَكْفِيهِ أَيْ الْمُوَسْوِسَ غَلَبَةُ الظَّنِّ هَذَا عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَنْكِحِ وَلِذَا قُلْنَا أَرَادَ بِهِ الْمُسْتَنْكِحَ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِيُشَبِّهَ بِهِ إلَخْ) هَذَا كَلَامٌ غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِكَوْنِ الْغُسْلِ مُشَبَّهًا بِهِ وَالْوُضُوءُ مُشَبَّهٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْغُسْلِ ذِكْرٌ (فَإِنْ قُلْت) حَالُهُ مَعْلُومٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ (قُلْت) وَحَالُ الْوُضُوءِ مَعْلُومٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ أَتَى بِالْغُسْلِ فِيمَا تَقَدَّمَ لِغَرَضِ أَنَّهُ كَالْوُضُوءِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي بَابِهِ لِكَوْنِهِ الْبَابَ الْمَفْهُومَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ: وَإِتْمَامُ اللَّذَّةِ) ثَمَرَةُ تَقْوِيَةِ الْعُضْوِ وَظَاهِرُهُ النَّدْبُ عَادَ لِلْمَوْطُوءَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِالْأُولَى، وَأَمَّا لِغَيْرِهَا فَيَجِبُ غَسْلُ فَرْجِهِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِيهَا نَجَاسَةُ الْغَيْرِ قَالَهُ عب وَهَذِهِ عِلَّةٌ ضَعِيفَةٌ إذْ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَلَطُّخُ الْغَيْرِ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَيْرِ إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِلْأُنْثَى) تَبِعَ فِيهِ الزَّرْقَانِيَّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَصَرُوهُ عَلَى الذَّكَرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْجِمَاعَ فَلْيَتَوَضَّأْ.

ص: 172

وَلَوْ نَهَارًا وَمِثْلُهُ الْحَائِضُ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا وَكَذَا غَيْرُ الْجُنُبِ مِنْ كُلِّ مُرِيدِ النَّوْمِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ نَامَ عَلَى طَهَارَةٍ سَجَدَتْ رُوحُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ» وَلَا يَتَيَمَّمُ الْجُنُبُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً أَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِلْجُنُبِ فَقِيلَ لِيَنَامَ عَلَى طَهَارَةٍ وَقِيلَ لِلنَّشَاطِ أَيْ لِلْعِلَّةِ يَحْصُلُ لَهُ نَشَاطٌ لِلْغُسْلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْأَوَّلُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ اللَّامَ فِي لِنَوْمٍ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ وَوُضُوئِهِ لِأَجْلِ نَوْمٍ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَنَامَ عَلَى طَهَارَةٍ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَتُهُ عَلَى الثَّانِي بِجَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى عِنْدَ أَيْ عِنْدَ نَوْمٍ، وَكَوْنُ الْعِلَّةِ النَّوْمَ عَلَى الطَّهَارَةِ أَوْ النَّشَاطَ شَيْءٌ آخَرُ وَقَوْلُهُ: لَا تَيَمُّمٍ مُفَرَّعٌ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ جَمِيعًا خِلَافًا لِمَنْ فَرَّعَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ لَا مُطَهِّرٌ.

(ص) وَلَمْ يَبْطُلْ إلَّا بِجِمَاعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ وُضُوءَ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ لَا يُبْطِلُهُ شَيْءٌ مِنْ مُبْطِلَاتِ الْوُضُوءِ إلَّا الْجِمَاعَ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ لِرَفْعِ حَدَثٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عِبَادَةٌ فَلَا يَنْقُضُهَا إلَّا مَا فُعِلَتْ لِأَجْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَلَمْ يُبْطِلْ أَجْرَ وُضُوءِ الْجُنُبِ إلَّا الْجِمَاعُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ مُبْطِلَاتِ وُضُوءِ غَيْرِهِ لِأَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ لَمْ يَرْفَعْ حَدَثًا حَتَّى يُقَالَ بَطَلَ حُكْمُهُ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَبْطُلْ لِلْأَجْرِ لَا لِلْوُضُوءِ، وَأَمَّا وُضُوءُ النَّوْمِ لِغَيْرِ الْجُنُبِ فَيُبْطِلُهُ كُلُّ مَا يُبْطِلُ غَيْرَهُ كَمَا قَالَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ عِيَاضٍ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ قُلْت وَهَذَا الْوُضُوءُ يَنْقُضُهُ الْحَدَثُ الْوَاقِعُ قَبْلَ الِاضْطِجَاعِ لَا الْوَاقِعُ بَعْدَهُ اهـ.

(ص) وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ وَالْقِرَاءَةَ إلَّا كَآيَةٍ لِتَعَوُّذٍ وَنَحْوِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَنَابَةَ تَمْنَعُ كُلَّ مَا يَمْنَعُهُ الْأَصْغَرُ مِنْ صَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَتَزِيدُ أَشْيَاءُ مِنْهَا الْقِرَاءَةُ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ إلَّا الْحَائِضَ كَمَا يَأْتِي وَمَحَلُّ مَنْعِ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا عَلَى وَجْهِ التَّعَوُّذِ عِنْدَ رَوْعٍ أَوْ نَوْمٍ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: مَنْ نَامَ عَلَى طَهَارَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ جُنُبًا أَوْ غَيْرَ جُنُبٍ فَإِذَنْ إذَا مَاتَ مَاتَ طَاهِرًا وَهَذِهِ طَهَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ أَمَرَ بِهَا الشَّرْعُ غَيْرُ الطَّهَارَةِ الْمُعَرَّفَةِ بِمَا تَقَدَّمَ فَيُجَابُ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ الْمُتَقَدِّمَ لِلطَّهَارَةِ تَعْرِيفٌ لِنَوْعٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِيَنَامَ عَلَى طَهَارَةٍ) وَعَلَيْهِ فَيُطْلَبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ حَيْثُ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي وُضُوءَهُ وَجَدَ مَاءً لِلْغُسْلِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِلنَّشَاطِ) أَيْ الْغُسْلُ الْآنَ لَا أَنَّ مُرَادَهُ يَغْتَسِلُ وَلَوْ آخِرَ اللَّيْلِ وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ لِغُسْلِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالتَّعْلِيلُ الثَّانِي وَهُوَ النَّشَاطُ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُنَاسِبُهُ إخْرَاجُ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّهَا عَلَيْهِ دَاخِلَةٌ فَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعِلَّةِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الْبَدْرُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ فَحِينَئِذٍ فَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ التَّعْلِيلِ بِالنَّوْمِ عَلَى طَهَارَةٍ وَإِخْرَاجِ الْحَائِضِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ تَمْشِيَتُهُ عَلَى الثَّانِي) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا جُعِلَتْ اللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ قَصْدُهُ إلَّا عَلَى مُلَاحَظَةِ عَدُوٍّ لَهُ عَنْ جَعْلِهَا لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: لَا مُطَهِّرٌ) ، فَإِنْ قُلْت تَعْرِيفُهُ بِأَنَّهُ طَهَارَةٌ تُرَابِيَّةٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُطَهِّرٌ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الطَّهَارَةَ تُطْلَقُ بِمَعْنًى أَعَمَّ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبْطُلْ إلَّا بِجِمَاعٍ) مُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَلَا يَظْهَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْجِمَاعِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَخُرُوجِ الْمَنِيِّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَمْ يَبْطُلْ إلَخْ) ظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّ أَجْرَ الْأَوَّلِ بَطَلَ أَصْلًا بِالْجِمَاعِ الثَّانِي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَبْطُلْ بَلْ يُطَالَبُ بِوُضُوءٍ آخَرَ يَتَرَتَّبُ الثَّوَابُ عَلَيْهِ وَاللَّوْمُ عَلَى تَرْكِهِ فَعَلَى تَقْدِيرِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِالْوُضُوءِ الثَّانِي ثَوَابُ الْأَوَّلِ بَاقٍ وَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ بُطْلَانِ الْوُضُوءِ مُرَادُهُ طَلَبُ وُضُوءٍ آخَرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْوُضُوءِ وَلَا حَذْفَ وَأَنْ يُقَالَ مَعْنَى بُطْلَانِهِ انْتِهَاءُ حُكْمِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُطَالَبُ بِوُضُوءٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُقَالَ بَطَلَ حُكْمُهُ) لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَالْحُكْمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ (قَوْلُهُ: لِلْأَجْرِ لَا لِلْوُضُوءِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَجْرَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْوُضُوءِ لَكِنْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَجْرِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: فَيُبْطِلُهُ كُلُّ مَا يُبْطِلُ غَيْرَهُ) أَيْ مِنْ كُلِّ نَاقِضٍ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْهُ مَعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَهُ أَنَّ قَوْلَ عِيَاضٍ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ بِكُلِّ نَاقِضٍ مَعَ أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِكُلِّ نَاقِضٍ فَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هِيَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مُفَادَ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِكُلِّ نَاقِضٍ فِي أَيِّ وَقْتٍ، وَمُفَادَ عِيَاضٍ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ بِكُلِّ نَاقِضٍ فِي أَيِّ وَقْتٍ بَلْ يُنْتَقَضُ بِكُلِّ نَاقِضٍ فِيمَا قَبْلَ الِاضْطِجَاعِ لَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: يَنْقُضُهُ الْحَدَثُ) أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ النَّاقِضِ أَوْ خُصُوصَ الْخَارِجِ الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ حِينَئِذٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ غَيْرَهُ مِثْلُهُ وَمَا قَالَهُ عِيَاضٌ ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ، وَأَمَّا وُضُوءُ غَيْرِ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ يَنْقُضُهُ الْحَدَثُ الْوَاقِعُ قَبْلَ الِاضْطِجَاعِ وَلَا يَنْقُضُهُ الْحَدَث الْوَاقِعُ بَعْدَ الِاضْطِجَاعِ (قَوْلُهُ: لَا الْوَاقِعُ بَعْدَهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّوْمِ عَلَى طَهَارَةٍ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عب أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالْحَدَثِ السَّابِقِ عَلَى الِاضْطِجَاعِ وَاللَّاحِقِ لَهُ.

(قَوْلُهُ: مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ) أَيْ مَمْنُوعَاتِ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ) وَأَوْلَى إذَا كَانَ يَسْمَعُ نَفْسَهُ فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ فَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ الْقَلْبُ أَيْ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِقَلْبِهِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَنْعِ الْقِرَاءَةِ إلَخْ) مَحَلُّ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إلَخْ خَبَرٌ أَيْ كَائِنٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ وَهُوَ الْآيَةُ الْوَاحِدَةُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَالْآيَةِ الثَّلَاثُ فَحِينَئِذٍ أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْآيَتَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ التَّعَوُّذِ) وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَصْدُ التِّلَاوَةِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ عَلَى وَجْهِ التَّعَوُّذِ أَيْ أَنَّ الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ وَنَحْوَهُمَا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعَوُّذِ فَلَا تَحْرُمُ قِرَاءَتُهُ هَذَا مُفَادُهُ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي حَالِ التَّعَوُّذِ يُعَدُّ قَارِئًا مَعَ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ قَارِئًا وَلِذَلِكَ ذَكَرَ فِي ك أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْمُصَنِّفِ مُنْقَطِعٌ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَا يُبَاحُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الْقِرَاءَةِ بَلْ عَلَى مَعْنَى التَّعَوُّذِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَنَحْوِهِ لِلْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ رَوْعٍ) أَيْ خَوْفٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوْمٍ إلَخْ) أَوْ مَانِعَةِ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ

ص: 173

أَوْ عَلَى وَجْهِ الرُّقَى وَالِاسْتِدْلَالُ لِمَشَقَّةِ الْمَنْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَا يُعَدُّ قَارِئًا وَلَا لَهُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بَحْثٌ إذْ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيِّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ مَعًا لِقَوْلِهِ يَقْرَأُ الْيَسِيرَ وَلَا حَدَّ فِيهِ تَعَوُّذًا بَلْ رُبَّمَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ قِرَاءَةَ {قُلْ أُوحِيَ} [الجن: 1] فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ إلَّا يَسِيرًا لِكَتَعَوُّذٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ.

(ص) وَدُخُولَ مَسْجِدٍ وَلَوْ مُجْتَازًا (ش) أَيْ وَكَذَا يُمْنَعُ الْجُنُبُ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ مَسْجِدَ بَيْتِهِ أَوْ مُسْتَأْجَرًا يَرْجِعُ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ حَانُوتًا وَلَوْ عَابِرًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَابِرُ السَّبِيلِ فِي الْآيَةِ الْمُسَافِرُ أَيْ {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] فَبِالتَّيَمُّمِ وَقِيلَ الْمُرَادُ لَا تَقْرَبُوا مَوَاضِعَ الصَّلَاةِ إلَّا مُجْتَازِينَ وَهُوَ وَجْهُ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ (ص) كَكَافِرٍ، وَإِنْ أَذِنَ مُسْلِمٌ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي مَنْعِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْكَافِرِ أَنْ يَدْخُلَ أَيَّ مَسْجِدٍ كَانَ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمُسْلِمُ فِيهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُسْقِطُهُ إذْنُهُ مَا لَمْ تَدَعُ ضَرُورَةٌ كَبِنَاءٍ وَاسْتُحِبَّ أَنْ يَدْخُلَ الْكَافِرُ لِلْعِمَارَةِ مِنْ جِهَةِ عَمَلِهِمْ.

(ص) وَلِلْمَنِيِّ تَدَفُّقٌ وَرَائِحَةُ طَلْعٍ أَوْ عَجِينٍ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي ذِكْرِ عَلَامَاتِ الْمَنِيِّ الْمُمَيِّزَةِ لَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنِيَّ إذَا كَانَ رَطْبًا مِنْ صَحِيحِ الْمِزَاجِ فَرَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفِيهِ لُغَةٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَوْ عَلَى وَجْهِ الرُّقِيِّ إلَخْ) قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ الرُّقِيِّ مَا يُقَالُ عِنْدَ رُكُوبِ الدَّابَّةِ مِمَّا يَدْفَعُ عَنْهَا مَشَقَّةَ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُقْصَدُ بِالرُّقْيَةِ اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَالِاسْتِدْلَالِ كَآيَةِ الدَّيْنِ لِمَنْ احْتَاجَ إلَى الْكَلَامِ فِي الدَّيْنِ وَهِيَ مِنْ يَا أَيُّهَا إلَى عَلِيمٌ.

(قَوْلُهُ: لِمَشَقَّةِ الْمَنْعِ) أَيْ مَحَلِّ الْمَنْعِ فِي كَذَا وَكَذَا الْمَشَقَّةُ الْمَنْعُ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَدُّ قَارِئًا) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ لَا يُعَدُّ قَارِئًا أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ لِأَجْلِ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا لَهُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ) عَلَّلَ عج كَوْنَهُ لَيْسَ لَهُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ بِأَنَّ الثَّوَابَ مَنُوطٌ بِالْقَصْدِ امْتِثَالًا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ التَّعَوُّذَ مَأْمُورٌ بِهِ فَيَحْصُلُ بِقَصْدِ الِامْتِثَالِ بِقِرَاءَتِهِ لِلتَّعَوُّذِ فَلَوْ قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ قَارِئًا لِمَا تَقَدَّمَ لَكَانَ أَحْسَنَ، فَإِذَنْ يَكُونُ لَهُ ثَوَابٌ عِنْدَ قَصْدِ التَّعَوُّذِ إذَا تَعَوَّذَ امْتِثَالًا، وَأَمَّا إذَا تَعَوَّذَ مُطْلَقًا فَهَلْ لَهُ ثَوَابُهُ مِنْ حَيْثُ أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَذَا يَفْتَحُ عَلَى إمَامٍ وَقَفَ فِي فَاتِحَةٍ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ وَهَلْ كَذَا يَفْتَحُ فِي سُورَةِ سُنَّةٍ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بَحْثٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَحْثَ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُبْتَكِرًا لِذَلِكَ الْمَعْنَى، وَأَمَّا إذَا كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ مِنْ الدَّوَاوِينِ فَلَا إلَّا أَنْ يُقَالَ تَوَجُّهُ الْبَحْثِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ ارْتِضَاؤُهُ (قَوْلُهُ: قِرَاءَةُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ الْمُحَصِّنَتَيْنِ أَيْ اللَّذَيْنِ هُمَا أَحَدَ عَشَرَ حَرْفًا (قَوْلُهُ: تَعَوُّذًا) أَيْ يَقْرَأُ لِأَجْلِ التَّعَوُّذِ (قَوْلُهُ: بَلْ رُبَّمَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ قِرَاءَةَ قُلْ أُوحِيَ) بِأَنْ يُرَادَ الْيَسَارَةُ النِّسْبِيَّةُ وَلَمَّا كَانَتْ الْيَسَارَةُ تَنْصَرِفُ لِلْيَسَارَةِ فِي النَّفْسِ أُتِيَ بِلَفْظِ رُبَّمَا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الشُّمُولِ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج وَلَا بُدَّ فِيمَا يُقْرَأُ لِلتَّعَوُّذِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُتَعَوَّذُ بِهِ لَا نَحْوَ آيَةِ الدَّيْنِ وَكَذَا يَجْرِي نَحْوُهُ فِيمَا يُرْقَى بِهِ أَوْ يُسْتَدَلُّ (قَوْلُهُ: إلَّا يَسِيرًا لِكَتَعَوُّذٍ إلَخْ) يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَافِ أَيْضًا التَّبَرُّكُ فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيُّ تَعَوُّذًا أَوْ تَبَرُّكًا وَلَهُ أَنْ يُكَرِّرَ عِنْدَ تَكَرُّرِ الرَّوْعِ وَالْخَوْفِ أَوْ الرُّقِيِّ أَوْ التَّبَرُّكِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ) الْأَخْصَرِيَّةُ ظَاهِرَةٌ لِكَوْنِهِ يُحْذَفُ وَنَحْوُهُ وَالْأَحْسَنِيَّةُ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِقِرَاءَةِ قُلْ أُوحِيَ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسْجِدَ بَيْتِهِ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ وَلَوْ مَغْصُوبًا لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَأْجَرًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ عَلَى جِهَةِ التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَابِرًا) أَيْ وَلَوْ مُجْتَازًا مُقَابِلُهُ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَابِرُ السَّبِيلِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْآيَةُ تُنَافِي مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْعَابِرَ يَجُوزُ لَهُ بِدُونِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا جُنُبًا إلَخْ) مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ أَيْ وَلَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ فِي حَالِ كَوْنِكُمْ جُنُبًا بِإِيلَاجٍ أَوْ إنْزَالٍ يُقَالُ رَجُلٌ جُنُبٌ وَامْرَأَةٌ جُنُبٌ وَرِجَالٌ وَنِسَاءٌ جُنُبٌ؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْمَصْدَرِ لَا أَنَّهُ مَصْدَرٌ بَلْ هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ حُرُوفَ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ أَجْنَبَ فَمَصْدَرُهُ إجْنَابًا لَا جُنُبًا وَأَصْلُ الْجَنَابَةِ الْبُعْدُ وَسُمِّيَ جُنُبًا؛ لِأَنَّهُ يَجْتَنِبُ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ أَوْ بِمُجَانَبَتِهِ النَّاسَ وَبُعْدَهُ عَنْهُمْ حَتَّى يَغْتَسِلَ (قَوْلُهُ: إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ فَبِالتَّيَمُّمِ) أَيْ إنَّ الْمُسَافِرَ إذَا كَانَ جُنُبًا يَسُوغُ لَهُ أَنْ يَتَلَبَّسَ بِالصَّلَاةِ لَكِنْ مَعَ التَّيَمُّمِ فَالسَّبِيلُ الطَّرِيقُ وَالْمُسَافِرُ عَابِرُهَا أَيْ مُجْتَازٌ فِيهَا وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ؛ لِأَنَّهُ غَيَّاهُ بِقَوْلِهِ حَتَّى تَغْتَسِلُوا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمُرَادُ إلَخْ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَوَافَقَهُ مِنْ أَئِمَّتِنَا ابْنُ مَسْلَمَةَ.

(تَنْبِيهٌ) : لَيْسَ لِلصَّحِيحِ الْحَاضِرِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَدْخُلَ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ الْمَاءَ إلَّا فِي جَوْفِهِ أَوْ يَلْتَجِئَ إلَى الْمَبِيتِ بِهِ أَوْ يَكُونَ بَيْتُهُ دَاخِلَهُ وَأَمَّا الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ فَلَهُمَا دُخُولُهُ بِالتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْكَافِرِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَبِنَاءٍ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُ الْكَافِرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الْكَافِرُ هُوَ الَّذِي يُحْسِنُ الْبِنَاءَ دُونَ الْمُسْلِمِ وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ يَأْخُذُ أُجْرَةً أَقَلَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِلَّةً خَفِيفَةً لَا يُبَاحُ لَا إنْ كَثُرَتْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَثْرَةَ تُعْتَبَرُ فِي نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ) هَكَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ اسْتَحَبَّ بِالتَّاءِ وَالْحَاءِ أَيْ نُدِبَ أَيْ فَلَيْسَ الدُّخُولُ مِنْ جِهَةِ عِلْمِهِمْ بِوَاجِبٍ.

(قَوْلُهُ: تَدَفُّقٌ) قَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ التَّدَفُّقَ فِيهِمَا وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ يَسِيلُ وَلَا يَتَدَفَّقُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَجِينٍ) قَالَ الْمَوَّاقُ وَيَقْرَبُ مِنْ رَائِحَةِ الطَّلْعِ وَالْعَجِينِ فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ تَقْدِيرٍ قَالَهُ عج أَيْ قَرِيبُ رَائِحَةِ طَلْعٍ إلَخْ وَعِبَارَةٌ أُخْرَى قَوْلُهُ أَوْ عَجِينٍ أَيْ فِي حَالِ رُطُوبَتِهِ وَإِذَا يَبِسَ كَانَ كَرَائِحَةِ الْبَيْضِ (قَوْلُهُ: مِنْ صَحِيحِ الْمِزَاجِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ

ص: 174

وَهُوَ أَوَّلُ حَمْلِ النَّخْلِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ غُبَارُهُ وَتَقْيِيدُنَا بِرَطْبًا احْتِرَازًا مِنْ الْيَابِسِ، فَإِنَّهُ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِفُصُوصِ الْبَيْضِ وَبِصَحِيحِ الْمِزَاجِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ مَرِيضًا، فَإِنَّهُ يَتَغَيَّرُ مَنِيُّهُ وَتَخْتَلِفُ رَائِحَتُهُ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ لَوْ انْتَبَهَ فَوَجَدَ بَلَلًا كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ عَلِمَ أَنَّهُ مَنِيٌّ، وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يُشْبِهُ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ فِي بِلَادِهِمْ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

(ص) وَيُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ جَنَابَتِهِ (ش) أَيْ وَتُجْزِئُ نِيَّةُ الْغُسْلِ الْأَكْبَرِ مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ عَنْ نِيَّةِ الْأَصْغَرِ إنْ كَانَ جُنُبًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ، وَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ اغْتِسَالِهِ عَدَمَ جَنَابَتِهِ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: فَإِنْ اقْتَصَرَ الْمُتَطَهِّرُ عَلَى الْغُسْلِ دُونَ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ وَهَذَا فِي الْغُسْلِ الْوَاجِبِ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْوُضُوءِ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ وَيُغْنِي عَنْ الْوُضُوءِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ الْوُضُوءُ وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي قَوْلِهِ ثُمَّ أَعْضَاءُ وُضُوئِهِ كَامِلَةً (ص) وَغَسْلُ الْوُضُوءِ عَنْ غَسْلِ مَحَلِّهِ وَلَوْ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ (ش) أَيْ وَيُجْزِئُ الْغُسْلُ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ عَنْ الْغُسْلِ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا غَسَلَ

ــ

[حاشية العدوي]

الطَّبِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ حَمْلِ النَّخْلِ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا رَائِحَةُ مَنِيِّ الرَّجُلِ كَرَائِحَةِ طَلْعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَالْأُنْثَى وَلَكِنَّ الْغُبَارَ إنَّمَا يَسْقُطُ عَنْ طَلْعِ الذَّكَرِ لَا عَنْ طَلْعِ الْأُنْثَى وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ طَلْعَ الذَّكَرِ يَنْشَأُ عَنْهُ غُبَارٌ أَيْ شَيْءٌ كَالدَّقِيقِ وَذَلِكَ الْغُبَارُ هُوَ الَّذِي يُطْرَحُ عَلَى الْأُنْثَى حَتَّى يَصِحَّ ثَمَرُهَا (قَوْلُهُ: أَشْبَهُ شَيْءٍ) أَيْ أَشْبَهُ بِفُصُوصِ الْبَيْضِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ وَأَنَّ الْمَعْنَى أَشْبَهُ شَيْءٍ مُبَيِّنًا ذَلِكَ الشَّيْءَ بِفُصُوصِ الْبَيْضِ أَيْ مِنْ فُصُوصِ الْبَيْضِ وَمِنْ بَيَانِيَّةٌ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ إنَّهُ إذَا طَارَ أَوْ أُزِيلَ عِنْدَ يُبْسِهِ يُشْبِهُ فَصَّ الْبَيْضِ أَيْ الْقِطْعَةَ مِنْ الْبَيَاضِ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ فَصَّ الْخَاتَمِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ فِي بِلَادِهِمْ) كَأَنَّهُ يَقُولُ: وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي بِلَادِ إمَامِهِمْ أَيْ الْمَدِينَةِ أَيْ أَكْثَرُ وُجُودًا ثُمَّ أَقُولُ هَذَا ظَاهِرٌ أَنْ لَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ تَدَفُّقٌ وَرَائِحَةُ طَلْعٍ أَوْ عَجِينٍ.

(فَائِدَةٌ) مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَاءٌ أَصْفَرُ رَقِيقٌ وَمَنِيُّ الرَّجُلِ أَبْيَضُ ثَخِينٌ وَمَاءُ الرَّجُلِ مُرٌّ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ مَالِحٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّ الْإِنْسَانَ يُشْبِهُ التَّمْرَةَ؛ لِأَنَّ لَهَا سَبْعَ دَرَجَاتٍ طَلْعٌ وَإِغْرِيضٌ وَبَلَحٌ وَزَهْوٌ وَبُسْرٌ وَرُطَبٌ وَتَمْرٌ وَالْإِنْسَانُ كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12] الْآيَةَ.

(قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ) ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ يُجْزِئُ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الشَّارِحِ أَجْزَأَتْ نِيَّةُ الْأَكْبَرِ عَنْ نِيَّةِ الْأَصْغَرِ عَكْسَ الْآتِيَةِ وَدَلَّ قَوْلُهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُعْتَقَدُ تَلَبُّسِهِ بِالْأَكْبَرِ فَنَوَاهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الْأَكْبَرِ وَنَوَاهُ بَدَلًا عَنْ نِيَّةِ الْأَصْغَرِ الَّذِي لَزِمَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ سُنَنِ الشَّرْعِ وَإِفْسَادِ الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْغُسْلِ دُونَ الْوُضُوءِ) أَيْ الْوُضُوءِ الْمُتَقَدِّمِ كَأَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ أَوَّلًا قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ يُزِيلَ الْأَذَى ثُمَّ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ بِنِيَّةٍ ثُمَّ يَتَمَضْمَضَ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ وَيَسْتَنْثِرَ ثُمَّ يَمْسَحَ صِمَاخَ أُذُنَيْهِ ثُمَّ يُفِيضَ الْمَاءَ إلَخْ وَلَمْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَلَا فِي آخِرِ غُسْلِهِ فَهَذَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْوُضُوءِ فَلَوْ انْتَقَضَ بَعْدَ فَرَاغِ غُسْلِهِ لَطُلِبَ بِالْوُضُوءِ قَطْعًا بِنِيَّةٍ فَلَوْ انْتَقَضَ فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ وَقَبْلَ فَرَاغِ غُسْلِهِ فَاتَّفَقَ الْقَابِسِيُّ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَمُرَّ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ إلَّا أَنَّهُ بَيْنَهُمَا فَرْقًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ ابْنَ أَبِي زَيْدٍ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَالْقَابِسِيُّ يَقُولُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْوُضُوءِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُضُوءِ الَّذِي وَصَفَ الْغُسْلَ بِكَوْنِهِ يُغْنِي عَنْهُ الْوُضُوءُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْغُسْلِ لَا أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ اغْتَسَلَ الْغُسْلَ الَّذِي يُصَلِّي بِهِ يُطْلَبُ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِوُضُوءٍ إذَا عَلِمْت هَذَا لَك أَنْ تَقُولَ لَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ وُضُوءٍ حَدَثَ بَعْدَ نِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نِيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ هِيَ نِيَّةُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَهُوَ إذَنْ قِطْعَةٌ مِنْ الْغُسْلِ فَلَا يَظْهَرُ مَعْنًى لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ الْمُتَقَدِّمِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اغْتَسَلَ لَا يُطَالَبُ بَعْدُ بِالْوُضُوءِ بَلْ يُصَلِّي بِهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَا رَفَعَ إلَّا الْجَنَابَةَ فَقَطْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ تَوَضَّأَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَا نَعَمْ مَا كَانَ يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ وُضُوءٌ حَقِيقَةً بِنِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَغَسْلُ الْوُضُوءِ) أَيْ وَغَسْلُ مَحَلِّ الْوُضُوءِ إلَخْ فِي الْأَصْغَرِ أَيْ بِنِيَّتِهِ عَنْ غَسْلِ مَحَلِّهِ فِي الْأَكْبَرِ أَيْ الْغَسْلِ الْأَصْلِيِّ احْتِرَازًا عَنْ غَسْلِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ غَسْلِ الرَّأْسِ فِي الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ فِي الْوُضُوءِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ إمَّا حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى فَلَمْ يَنُبْ وَاجِبٌ عَنْ وَاجِبٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ) أَيْ إذَا كَانَ عَالِمًا بِجَنَابَتِهِ بَلْ، وَإِنْ كَانَ وَمُبَالَغَتُهُ عَلَى النِّسْيَانِ تُفِيدُ أَنَّهُ عِنْدَ الْعِلْمِ أَوْلَوِيٌّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ بِحَدَثِ الْجَنَابَةِ كَأَنَّهُ نَاوَلَهَا مَعْنًى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَاوِيًا لَهَا حَقِيقَةً بِخِلَافِ صُورَةِ النِّسْيَانِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ قَاصِدًا فِيهَا غَسْلَ أَعْضَائِهِ لِلْجَنَابَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَعْنَى ذَلِكَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَغَسْلُ الْوُضُوءِ الْوُضُوءُ السَّابِقُ عَلَى الْغُسْلِ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ سَاكِتًا عَنْ الْوُضُوءِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْغُسْلِ مَعَ كَوْنِهِ يَكْفِي أَيْضًا فَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِهِمَا هُوَ أَعَمُّ وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَغْنِي عَنْ قَوْلِهِ كَلُمْعَةٍ مِنْهَا، وَإِنْ عَنْ جَبِيرَةٍ، فَإِنْ قُلْت مَا الْمُحْوِجُ لِجَعْلِهِ عَامًّا مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ قَوْلِهِ كَلُمْعَةٍ إلَخْ قُلْت لَوْ قَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ رحمه الله لَأَوْهَمَ. قَوْلُهُ: كَلُمْعَةٍ مِنْ حَيْثُ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْوُضُوءُ الْمُتَأَخِّرُ مَعَ أَنَّهُ يُجْزِئُ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ صَالِحَةٌ لِلصُّورَتَيْنِ، وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي الْوُضُوءِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا يَظْهَرُ فِي الْمُتَأَخِّرِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ التَّأَخُّرِ كَانَ قَدْ سَبَقَ لَهُ نِيَّةُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ فَكَيْفَ يُعْقَلُ هَذَا إذَا كَانَ مُعْتَمِدًا لِجَنَابَتِهِ

ص: 175