المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل حكم السهو وما يتعلق به] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ١

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌بَابِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصَلِّ بَيَانِ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ]

- ‌[فَصْلٌ إزَالَة النَّجَاسَة]

- ‌[فَصْلُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ آدَابَ قَاضِي الْحَاجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصَلِّ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمَسْح عَلَى الجبيرة]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحَيْض]

- ‌[بَاب الْوَقْت الْمُخْتَار]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوط الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَصِفَةِ السَّاتِرِ

- ‌[فَصَلِّ فِي الِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَصَلِّ فِي فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاة وَبَدَلِهِ وَمَرَاتِبِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَتَرْتِيبِهَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ سُجُودَ التِّلَاوَةِ]

الفصل: ‌[فصل حكم السهو وما يتعلق به]

لَا يَعْلَمُ الْأُولَى سَبْعًا وَأَرْبَعًا ثَمَانِيًا وَخَمْسًا تِسْعًا (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مَنْ جَهِلَ عَيْنَ مَنْسِيَّةٍ يُصَلِّي خَمْسًا وَمَنْسِيَّةً وَثَانِيَتَهَا يُصَلِّي سِتًّا وَكَانَ الضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنَّهُ كُلَّمَا زَادَ وَاحِدَةً زَادَهَا عَلَى الْخَمْسِ الثَّابِتَةِ لِلْوَاحِدَةِ فَإِذَا نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مُرَتَّبَةً أَيْ: مُتَوَالِيَةً مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَعْلَمُ الْأُولًى مِنْهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي سَبْعَ صَلَوَاتٍ مُرَتَّبَةً؛ لِأَنَّ لِلْوَاحِدَةِ الْمَجْهُولَةِ مِنْ الثَّلَاثِ خَمْسًا فَيَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَيَخْتِمُ بِالْعَصْرِ وَإِذَا نَسِيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ مُرَتَّبَةً أَيْ: مُتَوَالِيَةً مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَعْلَمُ الْأُولًى مِنْهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي ثَمَانِ صَلَوَاتٍ مُرَتَّبَةً؛ لِأَنَّ لِلْوَاحِدَةِ الْمَجْهُولَةِ مِنْ الْأَرْبَعِ خَمْسًا وَإِذَا نَسِيَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مُتَوَالِيَةً مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَعْلَمُ الْأُولًى مِنْهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي تِسْعَ صَلَوَاتٍ؛ لِأَنَّ لِلْوَاحِدَةِ الْمَجْهُولَةِ مِنْ الْخَمْسِ خَمْسًا فَقَوْلُهُ هُنَا مِنْ يَوْمٍ أَيْ وَلَيْلَةٍ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَعْلَمَ سَبْقَ اللَّيْلِ لِلْيَوْمِ وَعَكْسِهِ.

وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَعْلَمُ الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَعْيَانَ الصَّلَوَاتِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَقْرِيرٍ وَصَلَّى فِي ثَلَاثٍ مُرَتَّبَةٍ إلَخْ. مِنْ أَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ الثَّلَاثُ مِنْ النَّهَارِ أَوْ بَعْضُهَا مِنْ النَّهَارِ وَبَعْضُهَا مِنْ اللَّيْلِ وَلَا يَدْرِي هَلْ اللَّيْلُ سَابِقٌ أَوْ النَّهَارُ؟ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَهَا مِنْ النَّهَارِ وَبَعْضَهَا مِنْ اللَّيْلِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ تَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ حِينَئِذٍ بِسِتِّ صَلَوَاتٍ فَيَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَيَخْتِمُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةٌ مِنْ النَّهَارِ وَاثْنَتَانِ مِنْ اللَّيْلِ وَعَكْسِهِ فَيَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ هَذِهِ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَهَذَا عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ النَّهَارِ سَابِقًا عَلَى اللَّيْلِ، وَأَمَّا عَلَى احْتِمَالِ تَأَخُّرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ تَقَدُّمَ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ وَلَا عَكْسَهُ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ تَقَدُّمَ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِأَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِي الْمَوْضُوعِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّ بَعْضَهَا مِنْ النَّهَارِ وَبَعْضَهَا مِنْ اللَّيْلِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَدْرِي هَلْ كُلُّهَا مِنْ النَّهَارِ أَوْ بَعْضُهَا مِنْ النَّهَارِ وَبَعْضُهَا مِنْ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي خَمْسًا فَقَطْ اهـ.

ثُمَّ إنَّهُ يُصَلِّيهَا مُرَتَّبَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا قَصَدَهُ مِنْ أَحْكَامِ السَّهْوِ عَنْ الصَّلَاةِ كُلِّهَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى السَّهْوِ عَنْ بَعْضِهَا فَقَالَ:

{فَصْلٌ} يَذْكُرُ فِيهِ حُكْمَ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَالسَّهْوُ الذُّهُولُ عَنْ الشَّيْءِ تَقَدَّمَهُ ذِكْرٌ أَوْ لَا، وَأَمَّا النِّسْيَانُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ ذِكْرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ أَنَّ الْغَفْلَةَ تَكُونُ عَمَّا لَا يَكُونُ وَالسَّهْوُ يَكُونُ عَمَّا يَكُونُ تَقُولُ غَفَلْت عَنْ هَذَا الشَّيْءِ حَتَّى كَانَ وَلَا تَقُولُ سَهَوْت عَنْهُ حَتَّى كَانَ؛ لِأَنَّك إذَا سَهَوْت عَنْ الشَّيْءِ لَمْ يَكُنْ وَيَجُوزُ أَنْ تَغْفُلَ عَنْهُ وَيَكُونُ وَفَرْقٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْغَفْلَةَ تَكُونُ عَنْ فِعْلِ الْغَيْرِ تَقُولُ كُنْت غَافِلًا عَمَّا كَانَ مِنْ فُلَانٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْهَى عَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَأَرْبَعًا ثَمَانِيًا إلَخْ) قَالَ بَهْرَامُ أَرْبَعًا وَخَمْسًا مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ نَسِيَ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ نَسِيَ أَرْبَعًا أَيْ: حَالَ كَوْنِهَا كَذَلِكَ أَيْ مُرَتَّبَةً مِنْ يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ الْأُولَى صَلَّى ثَمَانِيًا وَإِنْ نَسِيَ خَمْسًا أَيْ: فِي حَالِ كَوْنِهَا كَذَلِكَ أَيْ: مُرَتَّبَةً مِنْ يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ الْأُولَى صَلَّى تِسْعًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرْبَعًا وَخَمْسًا مَنْصُوبَيْنِ عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِضِ أَيْ: وَفِي أَرْبَعٍ يُصَلِّي ثَمَانِيًا وَفِي خَمْسٍ يُصَلِّي تِسْعًا، قَالَ الْمُرَادِيُّ: وَشَذَّ صَرْفُ ثَمَانٍ تَشْبِيهًا لَهُ بِجَوَارٍ وَالْمَعْرُوفُ عَدَمُ الصَّرْفِ وَقِيلَ هُمَا لُغَتَانِ (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى حَذْفِ عَاطِفٍ وَمَعْطُوفٍ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ يَوْمٍ فَيَكُونُ أَرَادَ بِالْيَوْمِ النَّهَارَ فَقَطْ وَلَيْسَ هَذَا بِمُتَعَيِّنٍ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك إذْ قَدْ يُطْلَقُ الْيَوْمُ وَيُرَادُ بِهِ الْفَرْدُ الْكَامِلُ مِنْهُ وَهُوَ النَّهَارُ مَعَ اللَّيْلِ وَهُوَ دَوْرَةُ الْفَلَكِ لَيْلًا وَنَهَارًا (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْخُرُوجُ مِنْ الْعُهْدَةِ بِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِأَرْبَعِ صَلَوَاتٍ) فَإِذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ النَّهَارِ بَدَأَ بِالظُّهْرِ وَيَخْتِمُ بِالْعِشَاءِ وَأَمَّا إذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ اللَّيْلِ فَيَبْدَأُ بِالْمَغْرِبِ وَيَخْتِمُ بِالظُّهْرِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَدْرِي هَلْ كُلُّهَا إلَخْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَلِمَ تَقَدُّمَ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فَإِذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ النَّهَارِ فَيَبْدَأُ بِالصُّبْحِ وَيَخْتِمُ بِالْعِشَاءِ وَإِذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ اللَّيْلِ فَيَبْدَأُ بِالْمَغْرِبِ وَيَخْتِمُ بِالْعَصْرِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ يُصَلِّيهَا إلَخْ) لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ يُصَلِّي خَمْسًا صَادِقًا بِالْبُدَاءَةِ بِالظُّهْرِ الَّذِي عُهِدَ فِي الْبَابِ أَنَّهُ يُبْتَدَأُ بِهِ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ يُصَلِّيهَا مُرَتَّبَةً فَيَبْدَأُ بِالصُّبْحِ فِيمَا إذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ النَّهَارِ وَيَبْدَأُ بِالْمَغْرِبِ إذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ اللَّيْلِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ) لَعَلَّ مُقَابِلَ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَيَخْتِمُ بِالصُّبْحِ وَحَرِّرْ.

[فَصْلٌ حُكْمَ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

{فَصْلٌ سُجُودُ السَّهْوِ} .

(قَوْلُهُ حُكْمُ السَّهْوِ) أَيْ سُجُودِ السَّهْوِ أَوْ أَنَّ الْإِضَافَةَ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا النِّسْيَانُ إلَخْ) أَيْ فَيَتَقَرَّرُ بَيْنَهُمَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَرَّرُوا مِنْ أَنَّ السَّهْوَ زَوَالُ الْمَعْلُومِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ فَقَطْ وَالنِّسْيَانَ زَوَالُ الْمَعْلُومِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ وَالْحَافِظَةِ مَعًا.

(قَوْلُهُ عَمَّا لَا يَكُونُ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَا (قَوْلُهُ وَالسَّهْوُ يَكُونُ عَمَّا يَكُونُ) الْأَوْلَى إثْبَاتُهَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ تَقُولُ غَفَلْت إلَخْ) مِنْ بَابِ دَخَلَ فَهُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ عَنْ هَذَا الشَّيْءِ) أَيْ عَنْ فَسَادِ أَمْرٍ حَتَّى كَانَ أَيْ حَتَّى حَصَلَ فَلَمْ أَتَهَيَّأْ لِعَدَمِ حُصُولِهِ أَيْ فَالْغَفْلَةُ فِي الْحَقِيقَةِ عَنْ سَبَبِ عَدَمِ ذَلِكَ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّك إذَا سَهَوْت عَنْ الشَّيْءِ لَمْ يَكُنْ) أَيْ: لِأَنَّك إذَا سَهَوْت عَنْ أَمْرٍ لَمْ يَتَقَرَّرْ خَارِجًا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى فِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ سَهَا عَنْ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إذَا سَهَا عَنْ فِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ لَهُ لَا يَكُونُ أَيْ: بِوَصْفِ كَوْنِهِ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَكُونُ لَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّ الْغَفْلَةَ تَكُونُ عَنْ فِعْلِ الْغَيْرِ) أَيْ وَالسَّهْوُ عَنْ فِعْلِ النَّفْسِ بِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ مُلَازِمٌ لِلْفَرْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُوَ مُوَضِّحٌ لَهُ كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ تَقْرِيرِنَا وَيَظْهَرُ بِذَلِكَ التَّبَايُنُ بَيْنَ الْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ، وَأَمَّا بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالْغَفْلَةِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا التَّبَايُنُ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ يَكُونُ عَنْ فِعْلِ النَّفْسِ تَقُولُ: نَسِيت أَنْ أَفْعَلَ نَسِيت أَنْ آكُلَ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لِلْغَفْلَةِ لَا يَظْهَرُ يَرُدُّهُ مَا ذُكِرَ

ص: 307

فِعْلِ الْغَيْرِ وَقَدْ سَهَا عَنْ الشَّيْءِ فَهُوَ سَاهٍ وَلَمَّا وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ اخْتِلَافٌ فِي حُكْمِهِ قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ وَوُجُوبُ الْقَبْلِيِّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَسُنِّيَّتُهُ عَمَّا دُونَهَا وَكَانَ الرَّاجِحُ سُنِّيَّتَهُ بَعْدِيًّا أَوْ قَبْلِيًّا مُطْلَقًا عَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (ص) سُنَّ لِسَهْوٍ إلَخْ (ش) أَيْ: سُنَّ لِسَهْوٍ لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ سَجْدَتَانِ وَالْمُرَادُ بِالْمُنْفَرِدِ وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْمَسْبُوقَ إذَا قَامَ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي غَيْرِ الْمُسْتَنْكَحِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَفِي غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ شَكٍّ مُسْتَنْكَحٍ وَإِلَّا فَالسُّجُودُ لَهُ مُسْتَحَبٌّ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَأَمَّا السُّجُودُ الْبَعْدِيُّ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ وُجُوبِهِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ تَبِعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ التَّوْضِيحَ لَكِنَّهُ مُعْتَرَضٌ فَإِنَّ شِهَابَ الدِّينِ الْفِيشِيَّ الْكَبِيرَ نَقَلَ عَنْ الطِّرَازِ وَأَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ الْوُجُوبَ فِي السُّجُودِ الْبَعْدِيِّ.

وَلَمَّا كَانَ السَّهْوُ قَدْ يَتَكَرَّرُ مِنْ الْمُصَلِّي أَخَّرَ الشَّارِعُ سُجُودَهُ إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ أَنْ يُؤْتَى بِالْجَابِرِ عِنْدَ مَجْبُورِهِ لَكِنْ لَوْ أَتَى لِكُلِّ سَهْوٍ بِسُجُودِهِ عِنْدَهُ لَرُبَّمَا تَكَرَّرَ سَهْوُهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ فَخُفِّفَ عَنْهُ لُطْفًا بِهِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَكَرَّرَ أَيْ السَّهْوُ بِمَعْنَى مُوجِبِ السُّجُودِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ إجْمَاعًا أَوْ أَكْثَرَ كَنَقْصٍ وَزِيَادَةٍ وَقُلْنَا بِمَعْنَى مُوجِبِ السُّجُودِ لِيَشْمَلَ الطُّولَ بِالْمَحَلِّ الَّذِي لَمْ يُشْرَعْ الطُّولُ بِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لَهُ وَلَا سَهْوَ هُنَا بَلْ هُوَ عَمْدًا عَلَى مَا يَأْتِي وَهَذَا إذَا كَانَ التَّكْرَارُ قَبْلَ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ، أَمَّا إنْ كَانَ بَعْدَ السُّجُودِ فَإِنَّ السُّجُودَ يَتَكَرَّرُ كَمَا إذَا سَجَدَ الْمَسْبُوقُ مَعَ إمَامِهِ الْقَبْلِيِّ ثُمَّ سَهَا فِي قَضَائِهِ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَلَا يَجْتَزِئُ بِسُجُودِهِ السَّابِقِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ تَكَلَّمَ الْمُصَلِّي بَعْدَ سُجُودِهِ الْقَبْلِيِّ وَقَبْلَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ أَيْضًا كَمَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِسَهْوٍ لِلتَّعْلِيلِ مَعَ مُلَاحَظَةِ سَجْدَتَانِ؛ لِأَنَّهُ فِي نِيَّةِ التَّقْدِيمِ أَيْ: سُنَّ الْإِتْيَانُ بِسَجْدَتَيْنِ أَوْ طُلِبَ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ الْإِتْيَانُ بِسَجْدَتَيْنِ لِأَجْلِ جَبْرِ أَوْ دَفْعِ خَلَلِ سَهْوٍ أَوْ جَبْرِ أَوْ دَفْعِ خَلَلِ شَكٍّ فَتَغَلَّبَ هُنَا فِي السَّهْوِ فَجَعَلَهُ شَامِلًا لِلشَّكِّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ فَقَوْلُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مُبَالَغَةً فِي سَجْدَتَانِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ لَا فِي سُنَّ؛ لِأَنَّ السَّهْوَ الْمُكَرَّرَ لَا يُتَوَهَّمُ فِي أَصْلِ السُّجُودِ لَهُ حَتَّى يُبَالِغَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْمُتَوَهَّمُ السَّهْوُ الْمُنْفَرِدُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ خَفِيفٌ فَكَانَ يَقُولُ وَإِنْ انْفَرَدَ لَكِنْ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ سَجْدَتَانِ فِي نِيَّةِ التَّقْدِيمِ بَالَغَ عَلَيْهِ.

(ص) بِنَقْصِ سُنَّةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَفَلَ عَنْ ذَكَرِهِ الْغَافِلُونَ وَفِي الْقَامُوسِ مَا يُفِيدُ تَرَادُفُ الْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ فَإِنَّهُ قَالَ: غَفَلَ عَنْهُ سَهَا (قَوْلُهُ سَهَا عَنْ الشَّيْءِ) أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ عَنْ ثَلَاثٍ أَوْ أَقَلَّ (قَوْلُهُ لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ إلَخْ) لَعَلَّهُ أَيْ: أَصَالَةً وَإِلَّا فَالْمَأْمُومُ يُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ الْكَبِيرُ) وَهُوَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْفِيشِيُّ احْتِرَازًا عَنْ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْفِيشِيِّ شَارِحِ الْعِزِّيَّةِ وَدَأْبُهُمْ أَنَّ شِهَابَ الدِّينِ لَقَبٌ لِمَنْ اسْمُهُ أَحْمَدُ وَشَمْسُ الدِّينِ لَقَبٌ لِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ.

(قَوْلُهُ أَشَارَ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ وَهَلْ أَشَارَ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ أَشَارَ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى جَوَابِ لَمَّا وَهُوَ أَخَرَّ وَحَذَفَ الْعَاطِفَ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى مُوجِبِ السُّجُودِ إلَخْ) أَيْ: فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامُ ثُمَّ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ فِيهِ تَنَافٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلًا: يُفِيدُ أَنَّ عِلَّةَ السُّجُودِ السَّهْوُ حَيْثُ قَالَ لِسَهْوٍ، وَقَوْلُهُ " وَإِنْ تَكَرَّرَ " يُفِيدُ أَنَّ الْعِلَّةَ مَا هُوَ أَعَمُّ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِلسَّهْوِ وَيَكُونُ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ أَيْ: وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ سَهْوٌ فَتَارَةً يَسْجُدُ كَمَا إذَا طَوَّلَ إلَخْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ بِمَعْنَى مُوجِبِ السُّجُودِ تَفْسِيرٌ لِسَهْوٍ أَيْ: الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ سُنَّ لِسَهْوٍ (قَوْلُهُ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ) أَيْ: نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ إجْمَاعًا) هَكَذَا حَكَى الْبِسَاطِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ التَّعَدُّدِ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ كَنَقْصٍ وَزِيَادَةٍ) أَيْ: فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ، وَمُقَابَلَةُ مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَدَّدُ بِأَنْ يَسْجُدَ قَبْلُ وَبَعْدُ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لَهُ) أَيْ: لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَلْزِمَ تَرْكَ سُنَّةٍ كَالطُّولِ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ لَا إنْ اسْتَلْزَمَ تَرْكَ مُسْتَحَبٍّ كَتَطْوِيلِ الْجِلْسَةِ الْوُسْطَى (قَوْلُهُ كَمَا إذَا سَجَدَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَكَلَّمَ الْمُصَلِّي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ السَّبَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُسَبَّبِ وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَ السَّهْوَ الْمُتَكَرِّرَ سَبَبًا فِي سَجْدَتَيْنِ فَقَطْ فَتَكُونُ السَّجْدَتَانِ بَعْدَ السَّهْوِ الْمُتَكَرِّرِ، فَإِذَا طَرَأَ سَهْوٌ آخَرُ بَعْدَ السُّجُودِ فَلَهُ حُكْمٌ آخَرُ فَلَا يُقَالُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُقَيِّدُ بِكَذَا؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِكَذَا إنَّمَا يَكُونُ لَوْ كَانَ الْمُصَنِّفُ مُحْتَمِلًا لِغَيْرِ التَّقْيِيدِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ سَجَدَ لِنَقْصٍ قَبْلَ سَلَامِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَأَتَمَّهُ وَسَهَا فِيهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ ثَانِيًا.

(قَوْلُهُ لِلتَّعْلِيلِ) أَيْ: التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ سُنَّ (قَوْلُهُ مَعَ مُلَاحَظَةِ) أَيْ: فَالْمُعَلَّلُ لَيْسَ السُّنِّيَّةُ فَقَطْ بَلْ سَنَّ السَّجْدَتَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ طُلِبَ) هَذَا فِي الْمَعْنَى تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ أَيْ: طُلِبَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَجْهِ السُّنِّيَّةِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَفَائِدَتُهَا الْإِجْمَالُ ثُمَّ التَّفْصِيلُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ (قَوْلُهُ أَوْ دَفْعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ دَفْعَ خَلَلِ السَّهْوِ جَبْرٌ فَهُوَ تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِيرِ وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ فَتَغَلَّبَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ لَا يُنْتِجُ ذَلِكَ إنَّمَا يَنْتِجُ أَنَّ فِي الْمُصَنَّفِ حَذَفَ الْعَاطِفَ وَالْمَعْطُوفَ، ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يُبْقِيَ الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَوْلُهُ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ تَشْبِيهٌ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فِي أَصْلِ السُّجُودِ لَهُ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ عَدَمُهُ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ السُّجُودِ لَهُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ تَكَرَّرَ إلَخْ مِنْ نَوْعَيْنِ وَيَكُونُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ خَارِجِ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ بِأَنْ يَسْجُدَ قَبْلُ وَبَعْدُ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ.

(قَوْلُهُ بِنَقْصِ سُنَّةٍ) أَيْ: سَهْوٍ مُتَلَبِّسٍ بِنَقْصِ سُنَّةٍ وَتَلَبُّسُهُ بِنَقْصِ السُّنَّةِ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُ وَهُوَ مُسَبَّبٌ عَنْهُ كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيِّ وَإِضَافَةُ نَقْصٍ إلَى سُنَّةٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ

ص: 308

مُؤَكَّدَةٍ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ سَجْدَتَانِ قَبْلَ سَلَامِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا نَقَصَ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً دَاخِلَةً الصَّلَاةَ سَهْوًا كَالزَّائِدِ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ نَقَصَ سُنَّةً وَلَوْ خَفِيفَةً كَتَكْبِيرَةٍ مَعَ زِيَادَةٍ كَقِيَامِهِ مَعَ ذَلِكَ لِخَامِسَةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ سَلَامِهِ سَجْدَتَيْنِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ النَّقْصِ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّقْصِ مُحَقَّقًا أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ أَوْ مُتَرَدَّدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا تَيَقَّنَ مُوجِبَ السُّجُودِ وَتَرَدَّدَ فِيهِ هَلْ هُوَ قَبْلِيٌّ أَوْ بَعْدِيٌّ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى أَرْبَعًا أَوْ ثَلَاثًا انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فَيُغَلِّبُ جَانِبَ النَّقْصِ فَلَيْسَتْ زَائِدَةً عَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ.

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّقْصِ مَعَ الزِّيَادَةِ مُحَقَّقَيْنِ أَوْ مَشْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُحَقَّقًا وَالْآخَرُ مَشْكُوكًا فِيهِ فَفِي صُوَرِ الشَّكِّ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ تَحَقَّقَتْ الزِّيَادَةُ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَبَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي فَالصُّوَرُ تِسْعٌ بِصُورَةِ الْقَرَافِيِّ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهَا وَاحْتَرَزَ بِالسُّنَّةِ مِنْ الْفَرْضِ وَبِالْمُؤَكَّدَةِ مِنْ الْخَفِيفَةِ كَتَكْبِيرَةٍ وَتَسْمِيعَةٍ وَبِدَاخِلَةِ الصَّلَاةِ مِمَّا هُوَ خَارِجُهَا كَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَبِالسَّهْوِ عَمَّا إذَا كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا فَلَا سُجُودَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْفَرْضِ الْمَتْرُوكِ إنْ أَمْكَنَ التَّدَارُكُ بِأَنْ لَمْ يَعْقِدْ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَتَدَارَكَهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا، وَيَأْتِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ إذَا سَجَدَ لِسُنَّةٍ خَفِيفَةٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَجَدَ لِتَرْكِ مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْهَا وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ النَّقْصَ مَعَ الزِّيَادَةِ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ عَنْ نَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(ص) وَبِالْجَامِعِ فِي الْجُمُعَةِ (ش) أَيْ: وَيَسْجُدُ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ فِي الْجَامِعِ الْأَوَّلِ إذَا تَرَتَّبَ عَنْ نَقْصٍ فِي الْجُمُعَةِ

كَمَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَقَامَ لِلْقَضَاءِ فَسَهَا عَنْ السُّورَةِ مَثَلًا وَلَا يَسْجُدُهُ فِي غَيْرِهِ وَمُقْتَضَى سِيَاقِ هَذَا هُنَا أَنَّ السُّجُودَ قَبْلِيٌّ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْجَامِعِ لَا يُعَدُّ طُولًا وَإِنَّمَا الطُّولُ بِالْعُرْفِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا السُّجُودُ الْبَعْدِيُّ مِنْ الْجُمُعَةِ فَيَسْجُدُهُ فِي أَيِّ جَامِعٍ كَانَ.

ــ

[حاشية العدوي]

لِلْمَفْعُولِ أَيْ نَقْصِ الْمُصَلِّي سُنَّةً أَوْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا (قَوْلُهُ سَجْدَتَانِ) فَلَا تُجْزِئُ الْوَاحِدَةُ فَلَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً وَتَذَكَّرَ قَبْلَ السَّلَامِ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى فَإِنْ كَانَ سَلَّمَ سَجَدَ الْأُخْرَى وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَتُمْنَعُ الزِّيَادَةُ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَلَوْ سَجَدَ ثَلَاثًا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا وَخَالَفَ اللَّخْمِيُّ فِي الْقَبْلِيِّ فَقَالَ إنْ سَجَدَ ثَلَاثًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ.

(قَوْلُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ) أَيْ: وَبَعْدَ تَشَهُّدِهِ وَدُعَائِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ قَبْلَ التَّشَهُّدِ يَكْفِي وَيَكْفِيه لَهُ وَلِلصَّلَاةِ تَشَهُّدٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ مُؤَكَّدَةٍ) يَدْخُلُ فِي السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ الْفَاتِحَةُ فِي الْأَقَلِّ إذَا سَهَا عَنْهَا فِي أَقَلِّ الصَّلَاةِ وَأَتَى بِهَا فِي جُلِّهَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لَهَا وَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ لَهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ خَفِيفَةً) عَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ مَعْطُوفًا عَلَى مُؤَكَّدَةٍ أَيْ: أَوْ سُنَّةٍ مُطْلَقًا مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ) هَذَا حَيْثُ لَمْ يُصَلِّ خَلْفَ مَنْ يَرَى السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِلَّا فَلَا مُخَالَفَةَ فَإِنَّ الْخِلَافَ شَرٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ النَّقْصِ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَرَكَاتٍ مِنْ تَغْلِيبِهِ الزِّيَادَةَ وَأَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ أَوْ مُتَرَدَّدًا بَيْنَهُ) أَيْ: أَوْ النَّقْصِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ هَذَا مَعْنَاهُ وَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ فَلْيَرْجِعْ الضَّمِيرُ لِلنَّقْصِ لَا بِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ بَلْ بِمَعْنَى الْخَلَلِ، وَالْمَعْنَى أَوْ تَرَدَّدَ الْخَلَلُ بَيْنَ كَوْنِهِ نَقْصًا أَوْ زِيَادَةً أَيْ: تَيَقَّنَ حُصُولَ خَلَلٍ وَشَكَّ فِي كَوْنِهِ نَقْصًا أَوْ زِيَادَةً.

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ سَلَامَةَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ شَاكٌّ هَلْ زَادَ أَمْ لَا وَهَلْ نَقَصَ أَمْ لَا؟ فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ أَيْ: شَكَّ فِي كُلٍّ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ أَيْ: بِالْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَا أَيْ: هَلْ زَادَ أَمْ لَا وَهَلْ نَقَصَ أَوْ لَا؟ وَقَوْلُهُ فَلَيْسَتْ زَائِدَةً أَيْ: بَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِنَقْصِ سُنَّةٍ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مُتَيَقَّنًا أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا التَّمْثِيلَ لَا يُطَابِقُ الْمُمَثَّلَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُمَثَّلَ لَهُ تَيَقَّنَ مُوجِبَ السُّجُودِ أَيْ: تَيَقَّنَ حُصُولَ خَلَلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ الْخَلَلِ هَلْ هُوَ نَقْصٌ أَوْ زِيَادَةٌ؟ وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَفِي صُوَرِ الشَّكِّ) أَيْ: الشَّكِّ فِي النَّقْصِ أَوْ هُوَ مَعَ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ عَمَّا إذَا كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا) سَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ الْخِلَافَ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ إذَا سَجَدَ إلَخْ) أَيْ: إذَا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ مُتَعَمِّدًا لَا بَعْدَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ عَنْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ.

(قَوْلُهُ وَبِالْجَامِعِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: فِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَبِالْجَامِعِ وَحْدَهُ فِي الْجُمُعَةِ.

(قَوْلُهُ إذَا تَرَتَّبَ عَنْ نَقْصٍ فِي الْجُمُعَةِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْجُمُعَةِ فَيَسْجُدُهُ عِنْدَ طُلُوعِ شَمْسٍ وَغُرُوبِهَا وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلُ الصَّلَاةِ بَلْ وَلَوْ أَخَّرَهُ، وَكَذَلِكَ الْبَعْدِيُّ إنْ تَرَتَّبَ عَنْ صَلَاةِ فَرْضٍ وَاخْتُلِفَ إنْ تَرَتَّبَ عَنْ نَفْلٍ فَقِيلَ كَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ لَا وَاخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ تَفْسِيرًا لِلْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَسْجُدُهُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْجَامِعِ الْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ أَوَّلًا صَلَّى فِي الْجُمُعَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السُّجُودُ فِي الرَّحْبَةِ وَلَا فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ عج أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِي رِحَابِ الْمَسْجِدِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ ضِيقٌ وَلَا اتِّصَالُ صُفُوفٍ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ يَصِحُّ السُّجُودُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ فِيهِمَا فَأَوْلَى السُّجُودُ.

{تَنْبِيهٌ} : قَالَ عج لَوْ سَجَدَ سَجَدَ الْجُمُعَةَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ تَارِكِهِ فَيُفَصَّلُ فِيهِ إذَا طَالَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَنْ ثَلَاثٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فِي أَيِّ جَامِعٍ كَانَ) فَقَدْ نَصَّ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ بِقَوْلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الَّذِي صَلَّى فِيهِ اهـ.

وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكْفِي فِعْلُهُ فِي الزَّوَايَا الَّتِي تُقَامُ فِيهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ دُونَ الْجُمُعَةِ

ص: 309

ص) وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ (ش) أَيْ: وَأَعَادَ عَلَى الْمَشْهُورِ السَّاجِدُ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ تَشَهُّدَهُ اسْتِحْبَابًا لِيَقَعَ سَلَامُهُ عَقِبَ تَشَهُّدٍ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ يَكُونُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ التَّشَهُّدِ أَيْ: وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءِ وَمِنْ قَوْلِهِ أَعَادَ تَشَهُّدَهُ أَنَّهُ لَا يَدْعُو فِيهِ وَلَا يُطِيلهُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهَذَا أَحَدُ مَوَاضِعَ لَا يُطْلَبُ فِي تَشَهُّدِهَا الدُّعَاءُ وَمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ أَوْ خَرَجَ عَلَيْهِ الْخَطِيبُ وَهُوَ فِي تَشَهُّدِ نَافِلَةٍ وَمَنْ سَهَا عَنْ التَّشَهُّدِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ إعَادَةَ التَّشَهُّدِ لِلسُّجُودِ الْقَبْلِيِّ مُسْتَحَبٌّ تَبِعَنَا فِيهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي شَرْحِهِ، وَلَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَمِنْ صَنِيعِ حُلُولُو أَنَّ إعَادَتَهُ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ فَإِنَّهُ جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ بِالِاسْتِحْبَابِ مُقَابِلًا، وَأَمَّا التَّتَّائِيُّ فَقَدْ قَرَّرَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِالِاسْتِحْبَابِ قَالَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَانْظُرْ فِيهِ وَيُكَبِّرْ لِكُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ فَهِيَ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ التَّشَهُّدَ اسْمٌ لِلتَّحِيَّاتِ لِلَّهِ إلَى قَوْلِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

(ص) كَتَرْكِ جَهْرٍ وَسُورَةٍ بِفَرْضٍ وَتَشَهُّدَيْنِ (ش) هَذَا مِثَالٌ لِنَقْصِ السُّنَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلسُّجُودِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْجَهْرَ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ مَعَ السُّورَةِ وَأَبْدَلَهُ بِأَدْنَى السِّرِّ أَوْ تَرَكَ السُّورَةَ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا تَرَكَ حَتَّى انْحَنَى أَوْ تَرَكَ لَفْظَ التَّشَهُّدَيْنِ وَلَوْ فِي نَفْلٍ، فَإِنَّهُ يَسْجُدُ فِيمَا ذُكِرَ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَوْلُنَا مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ مَعَ السُّورَةِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ تَرَكَ الْجَهْرَ وَأَبْدَلَهُ بِأَقَلِّ السِّرِّ فِي السُّورَةِ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ فِي رَكْعَتَيْنِ.

وَقَوْلُنَا وَأَبْدَلَهُ بِأَقَلِّ السِّرِّ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا أَتَى بِأَعْلَى السِّرِّ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَسِيرُ جَهْرٍ أَوْ سِرٍّ إلَخْ وَقَوْلُهُ بَعْدُ أَوْ تَرْكُ سِرٍّ أَيْ: وَأَتَى بِأَعْلَى الْجَهْرِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَسُورَةٍ بِفَرْضٍ وَلَوْ مِنْ رَكْعَةٍ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَتَشَهُّدَيْنِ أَيْ: وَأَتَى بِالْجُلُوسِ يَشْمَلُ النَّفَلَ لِإِتْيَانِهِ بِهِ بَعْدَ الْقَيْدِ.

(ص) وَإِلَّا فَبَعْدَهُ (ش) أَيْ:

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَيْ: وَأَعَادَ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ إعَادَةِ التَّشَهُّدِ وَهُوَ لِمَالِكٍ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ أَيْ وَالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ) لَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَفْهُومًا مِنْ الْمُصَنِّفِ زَادَهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ قَوْلِهِ أَعَادَ تَشَهُّدَهُ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُطِيلُهُ) بِمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَمَنْ أُقِيمَتْ إلَخْ) أَيْ: وَكَذَا مَنْ أُقِيمَتْ إلَخْ الَّذِي هُوَ بَقِيَّةُ الْمَوَاضِعِ.

(قَوْلُهُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ التَّشَهُّدَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمِنْ قَوْلِهِ أَعَادَ تَشَهُّدَهُ أَنَّهُ لَا يَدْعُو فِيهِ وَلَا يُطِيلُهُ فَتَدَبَّرْ إلَّا أَنَّ فِي شَرْحِ شب خِلَافُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ التَّابِعُ فِيهِ لِلْحَطَّابِ وَنَصُّ شَرْحِ شب فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْعِلْمِيَّ الْجِنْسِيَّ الْفِقْهِيَّ فَهُوَ عَلَمٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْجَمِيعِ وَإِنْ أَرَادَ لَفْظَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَرَجَ التَّحِيَّاتُ اهـ. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ صِحَّةِ ذَلِكَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَهَلْ التَّشَهُّدُ وَالصَّلَاةُ؟ " إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ

(قَوْلُهُ حَتَّى انْحَنَى) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَيَأْتِي إلَّا لِتَرْكِ رُكُوعٍ فَبِالِانْحِنَاءِ كَسَرٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَبْدَلَهُ بِأَقَلِّ السِّرِّ) أَيْ: بِحَرَكَةِ لِسَانٍ (قَوْلُهُ بِأَعْلَى السِّرِّ) وَهُوَ سَمَاعُ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِقُرْبِ أَعْلَى السِّرِّ مِنْ الْجَهْرِ أَوْ؛ لِأَنَّ مَنْ أَتَى بِأَعْلَى السِّرِّ تَكُونُ قِرَاءَتُهُ جَهْرًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ يُسْمِعُ غَيْرَهُ أَوْ؛ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَقَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَاشْتَهَرَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ أَعْلَى الشَّيْءِ هُوَ الْوَجْهُ الْأَكْمَلُ مِنْهُ فَأَعْلَى السِّرِّ حَرَكَةُ اللِّسَانِ لِإِسْمَاعِ النَّفْسِ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ مُصْطَلَحٌ لَهُمْ وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الَّذِي يَأْتِي لَهُ أَنَّ يَسِيرَ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ حَالَةٌ وُسْطَى كَمَا يَتَبَيَّنُ (قَوْلُهُ أَيْ: وَأَتَى بِأَعْلَى الْجَهْرِ) وَهُوَ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَيَزِيدَ عَلَى سَمَاعِ مَنْ يَلِيه أَيْ: وَأَمَّا لَوْ أَبْدَلَهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَسِيرُ جَهْرٍ أَوْ سِرٍّ. (قَوْلُهُ وَسُورَةٍ بِفَرْضٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كَتَرْكِ جَهْرٍ أَوْ سُورَةٍ بِفَرْضٍ وَلَوْ مِنْ رَكْعَةٍ لِأَجْلِ إفَادَةِ أَنَّ تَرْكَ الْجَهْرِ مِنْ رَكْعَةٍ مُوجِبٌ لِلسُّجُودِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ لَهُ بَالٌ فَيُطْلَبُ بِالسُّجُودِ لَهُ وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَهْرَ جَمِيعُهُ فِي الصَّلَاةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ قَالَ عج فَالْحَقُّ أَنَّ السُّجُودَ لِبَعْضِ السُّنَّةِ أَيْ: لِتَرْكِهِ قَدْ يَكُونُ مَطْلُوبًا كَتَرْكِ الْجَهْرِ فِي الْفَاتِحَةِ مِنْ الْفَرِيضَةِ وَقَدْ يَكُونُ مُبْطِلًا كَالسُّجُودِ لِتَرْكِ تَكْبِيرَةٍ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّيْءَ يَعْظُمُ وَيَتَأَكَّدُ بِتَأَكُّدِ مَحَلِّهِ فَالْجَهْرُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ كَانَ بَعْضُ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ إلَّا أَنَّهُ شَرُفَ بِشَرَفِ الْفَاتِحَةِ فَتَقَوَّى عَلَى تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَدَبَّرْ وَحَاصِلُ مَا يُقَالُ أَنَّهُ لَوْ أَبْدَلَ السِّرَّ بِأَعْلَى الْجَهْرِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْفَاتِحَةِ وَلَوْ مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ فِي السُّورَةِ لَكِنْ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَكَذَا عَكْسُهُ لَوْ أَسَرَّ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ كَالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ مِنْ السُّورَةِ فَقَطْ مِنْ رَكْعَةٍ فَلَا سُجُودَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ.

(قَوْلُهُ وَتَشَهُّدَيْنِ) يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ حَيْثُ يَجْلِسُ ثَلَاثًا فِي مَسَائِلِ اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ كَمَنْ أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ وَفَاتَتْهُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ وَيَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ أَيْضًا ثُمَّ بِثَالِثَةٍ وَيَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ فَإِذَا نَسِيَ تَشَهُّدَيْنِ مِنْ هَذِهِ سَجَدَ وَيُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا يَأْتِي فِي النَّقْلِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَتَشَهُّدَيْنِ أَنَّ التَّشَهُّدَ الْوَاحِدَ لَا يَسْجُدُ لَهُ وَالْمُعْتَمَدُ السُّجُودُ لَهُ (قَوْلُهُ أَيْ: وَأَتَى بِالْجُلُوسِ) وَأَوْلَى إنْ تَرَكَ الْجُلُوسَ (قَوْلُهُ يَشْمَلُ النَّفَلَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ فِي النَّفْلِ تَرْكُ تَشَهُّدَيْنِ بِحَيْثُ يُطَالَبُ بِالسُّجُودِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يُصَلِّي النَّفَلَ أَرْبَعًا عِنْدَ مَنْ يَزِيدُهُ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَإِنْ سُنَّ فِي حَقِّهِ مُؤَكَّدًا تَشَهُّدُهُ بَعْدَ اثْنَتَيْنِ إلَّا أَنَّ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَهُ قَبْلَ فَوَاتِ مَحَلِّهِ فَيَفْعَلُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ التَّرْكَ عَلَى التَّرْكِ حَقِيقَةً وَالتَّرْكِ حُكْمًا وَذَلِكَ إذَا أَخَّرَ الثَّانِيَ عَنْ أَوَّلِ جُلُوسِهِ وَقَدْ تَرَكَ الْأَوَّلَ حَقِيقَةً نَعَمْ رَأَيْت

ص: 310

وَإِنْ انْتَفَى النَّقْصُ بِجَمِيعِ صُوَرِهِ مِنْ تَيَقُّنٍ أَوْ شَكٍّ انْفِرَادًا أَوْ اجْتِمَاعًا بَلْ تَمَحَّضَتْ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ وَتَحَقَّقَتْ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ الْوَاجِبِ أَوْ السُّنِّيِّ فَيَشْمَلُ تَسْلِيمَ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الزِّيَادَةَ بِالْيَسِيرَةِ احْتِرَازًا مِنْ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّهَا مُبْطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ أَقْوَالِ غَيْرِ الصَّلَاةِ كَالْكَلَامِ نِسْيَانًا وَيَطُولُ أَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مِثْلُ أَنْ يَنْسَى أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ أَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَالْكَثِيرَةُ مِنْهُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَقَوْلُنَا فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ مِنْ غَيْرِ أَقْوَالِ الصَّلَاةِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ أَقْوَالِهَا كَالسُّورَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَالسُّورَةِ مَعَ السُّورَةِ الَّتِي مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(ص) كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ (ش) هَذَا تَمْثِيلٌ لِلزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكَةِ فَأَحْرَى الْمُحَقَّقَةُ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْمُصَلِّي إذَا شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا وَلَمْ يَكُنْ مُوَسْوِسًا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ الْمُحَقَّقِ وَيَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ الْمَأْتِيِّ بِهِ.

وَسَيَأْتِي مَا إذَا كَانَ مُسْتَنْكَحًا وَمَوْضُوعُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ سَلَامَةَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ تَرْكِ قِرَاءَتِهِمَا وَالْجُلُوسِ بَعْدَهُمَا وَإِلَّا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ أَيْ: نَقْصِ السُّورَةِ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ خِلَافًا لِابْنِ لُبَابَةَ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ شَكَّ أَهُوَ بِهِ أَوْ بِوِتْرٍ فَيَشْمَلُ الْوَهْمَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَهْمَ مُعْتَبَرٌ فِي الْفَرَائِضِ دُونَ غَيْرِهَا فَإِذَا ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَمِلَ عَلَى الْوَهْمِ، وَإِذَا تَوَهَّمَ أَنَّهُ تَرَكَ تَكْبِيرَتَيْنِ لَمْ يَسْجُدْ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ لِشَكٍّ لَيْسَ ظَرْفًا لَغْوًا مُتَعَلِّقًا بِمُتِمٍّ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُتِمُّ شَكَّهُ أَيْ: يَزِيدُ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُتِمٍّ أَوْ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَإِتْمَامُهُ لِأَجْلِ دَفْعِ شَكٍّ أَوْ يُؤَوَّلُ شَكٌّ بِمَشْكُوكٍ أَيْ كَمُتِمٍّ لِفِعْلٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ عَلَى نَظَرٍ فِيهِ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ.

وَوَجْهُ تَنْظِيرِهِ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الرَّكْعَةُ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا الشَّكُّ وَالْإِتْمَامُ إنَّمَا هُوَ وَاقِعٌ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِمُتِمٍّ تَكُونُ اللَّامُ صِلَةً مُتَعَدِّيَةً لِمُتِمٍّ وَالْأَوْلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى مَعَ وَمِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ مَنْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ

ــ

[حاشية العدوي]

مَا يُفِيدُ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُ يَكُونُ سِتًّا وَيَكُونُ ثَمَانِيًا قَالَ عج وَأَشَارَ لَهُ بَعْضُ حُذَّاقِ أَشْيَاخِي بِقَوْلِهِ إنَّ تَأْخِيرَ الثَّانِي عَنْ مَحَلِّهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ تَرْكِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ السُّجُودَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ لِلنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ وَهِيَ تَأْخِيرُهُ عَنْ مَحَلِّهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى سَلَّمَ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا ذَكَرَ ذَلِكَ بِقُرْبِ السَّلَامِ رَجَعَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّلَامَ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ كَمَا قَالَ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ السَّلَامَ يَفُوتُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَانِعٌ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ سَلَّمَ عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ عَقِبَ السَّلَامِ أَوْ بِقُرْبِهِ وَلَا بُدَّ فِي هَذَا الْجَوَابِ مِنْ دَعْوَى أَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ حَتَّى يَكُونَ السُّجُودُ لِتَرْكِ تَشَهُّدَيْنِ وَإِلَّا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَزِيَادَةِ السَّلَامِ وَالتَّشَهُّدِ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ بَلْ تَمَحَّضَتْ الزِّيَادَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ وَإِلَّا فَالْمُصَنِّفُ صَادِقٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ السَّهْوُ بِنَقْصِ سُنَّةٍ غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ فَرْضٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ) أَيْ: جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَيْ: فَمَتَى جَمَعَ بَيْنَهُمَا سَهْوًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَنْفَعُهُ سُجُودُهُ، وَأَمَّا لَوْ فَعَلَ أَحَدَهُمَا نَاسِيًا فَيُجْبَرُ بِالسُّجُودِ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ وَفِيهَا إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ انْجَبَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يَسْجُدُ خُلَاصَتُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْقَوْلِيَّةَ إذَا وَقَعَتْ سَهْوًا لَا تُوجِبُ سُجُودًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(قَوْلُهُ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ) هَذَا إذَا شَكَّ قَبْلَ السَّلَامِ وَأَمَّا إذَا شَكَّ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ فَقَالَ الْهَوَّارِيُّ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ يَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يُؤَثِّرُ طُرُوُّ الشَّكِّ بَعْدَ السَّلَامِ وَقِيلَ يُؤَثِّرُ وَهُوَ الرَّاجِحُ.

(قَوْلُهُ مِنْ تُرْكِ قِرَاءَتِهِمَا) قُصُورٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَيَقُّنُ سَلَامَتِهِمَا مِنْ تَرْكِ قِرَاءَةِ وَمِنْ تَرْكِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَأَمَّا لَوْ تَيَقَّنَ السَّلَامَةَ كَمَا إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ سَهَا عَنْ سُجُودٍ الْأَوْلَى مَثَلًا أَوْ لَا فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تَرْجِعُ أُولَى وَالثَّالِثَةَ تَرْجِعُ ثَانِيَةً وَأَمَّا لَوْ تَيَقَّنَ سَلَامَتَهُمَا مِنْ تَرْكِ الْفَرْضِ إلَّا أَنَّهُ شَكَّ فِي تَرْكِ السُّورَةِ فَإِنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ إلَّا أَنَّهُ لَا انْقِلَابَ.

(قَوْلُهُ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ) ظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْنَا وَجْهُ الِانْقِلَابِ نَعَمْ الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ الْجُلُوسَ؛ لِأَنَّهُ لَا انْقِلَابَ مَعَ تَرْكِ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ هَذَا مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ لُبَابَةَ) أَيْ: فَلَا يَقُولُ بِذَلِكَ الْحَمْلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ لُبَابَةَ يَقُولُ يَسْجُدُ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ إلَّا إذَا صَلَّى وَشَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِخَبَرِ الْمُوَطَّأِ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ» اهـ. أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ تَحَقَّقَ سَلَامَةَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ عِنْدَهُ فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ مَعَ هَذِهِ الْحَالَةِ مَحْضُ تَعَبُّدٍ (قَوْلُهُ فِي الْفَرَائِضِ) أَيْ: فِي الْأَجْزَاءِ الْفَرَائِضِ.

(قَوْلُهُ أَيْ: يَزِيدُ فِيهِ) أَيْ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِإِتْمَامِهِ أَنَّ لَهُ حَدًّا مَخْصُوصًا وَقَدْ كَانَ نَقَصَ عَنْهُ فَيُطَالَبُ بِإِتْمَامِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَحْذُوفٍ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِتْمَامِهِ وَتَقْدِيرُ دَفْعٍ لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَّقْته بِمُتِمٍّ أَوْ بِإِتْمَامٍ (قَوْلُهُ وَعَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لَغْوٌ إلَخْ) أَيْ الْمَحْكُومُ بِصِحَّتِهِ بِتَأْوِيلِ شَكٍّ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ: أَنَّ الِاعْتِرَاضَ وَإِنْ انْدَفَعَ بِالتَّأْوِيلِ يَنْدَفِعُ بِكَوْنِ اللَّامِ بِمَعْنَى مَعَ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبَحْثِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ صِحَّةُ التَّعْلِيلِ بِدُونِ حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ: وَإِنَّ وُجُودَ الشَّكِّ وَتَحَقُّقَهُ مُوجِبٌ لِلْإِتْمَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ

ص: 311

فَإِنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ السُّورَةَ ثُمَّ شَكَّ فِي الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يَقْرَؤُهَا وَيُعِيدُ السُّورَةَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ.

(ص) وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ شَكَّ أَهُوَ بِهِ أَوْ بِوِتْرٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَدْرِ أَشَرَعَ فِي الْوَتْرِ أَوْ هُوَ فِي ثَانِيَةِ الشَّفْعِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا ثَانِيَةَ الشَّفْعِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَضَافَ رَكْعَةَ الْوَتْرِ إلَى الشَّفْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى الشَّفْعَ ثَلَاثًا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَقَوْلُهُ وَمُقْتَصِرٌ عَلَى شَفْعٍ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ وَالسُّجُودِ جَمِيعًا وَقَوْلُهُ شَكَّ أَهُوَ بِهِ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِمُضَافٍ مُقَدَّرٍ قَبْلَ مُقْتَصِرٍ تَقْدِيرُهُ وَكَشَكِّ مُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ وَصُورَةُ شَكِّهِ أَهُوَ بِهِ أَوْ بِوَتْرٍ وَقَوْلُهُ وَمُقْتَصِرٍ إلَخْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ إذَا فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الشَّاكَّ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ وَالنَّافِلَةُ فِي ذَلِكَ كَالْفَرِيضَةِ وَلَمَّا كَانَ هَذَا يَقْتَصِرُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ الْمُتَبَقِّيَتَيْنِ فَيُسَلِّمُ مِنْهُمَا عَلَى أَنَّهُمَا شَفْعَهُ وَمَا قَبْلَهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ بَلْ يَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ عَبَّرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا يُنَاسِبُ حُكْمَهُ فَحَصَلَ التَّقَابُلُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ.

(ص) أَوْ تَرْكُ سِرٍّ بِفَرْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَرَكَ السِّرَّ فِي الْفَرْضِ وَالْمَقْرُوءُ فَرْضٌ وَهُوَ الْفَاتِحَةُ أَوْ مَعَ السُّورَةِ وَأَبْدَلَهُ بِأَعْلَى الْجَهْرِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، أَمَّا لَوْ أَبْدَلَهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ فَلَا سُجُودَ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ أَنْ يَقُولَ أَوْ جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ بِفَرْضٍ قَصْدًا لِلِاخْتِصَارِ.

(ص) أَوْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَلَهَى عَنْهُ (ش) يَعْنِي وَكَذَا يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لَكِنْ اسْتِحْبَابًا إذَا اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ أَيْ: دَاخَلَهُ وَكَثُرَ مِنْهُ بِأَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وُضُوءٍ وَفِي كُلِّ صَلَاةٍ أَوْ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَإِنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي قَالَهَا الشَّارِحُ هِيَ عِبَارَةُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ بِالْحَرْفِ إلَى قَوْلِهِ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ بِإِدْخَالِ الْغَايَةِ.

أَقُولُ اُنْظُرْ كَيْفَ يَأْتِي هَذَا وَقَدْ تَقَدَّمَ لِشَارِحِنَا أَنَّ الزِّيَادَةَ الْقَوْلِيَّةَ لَا تُوجِبُ سُجُودًا أَيْ: الزِّيَادَةَ الْقَوْلِيَّةَ فِي السُّنَنِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ تَكْرِيرَ الْفَاتِحَةِ سَهْوًا يُوجِبُ السُّجُودَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ السُّورَةَ إلَخْ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ السُّجُودَ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْلَى لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ تَكَرَّرَتْ احْتِمَالًا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ عَلَّلَ بِعَدَمِ السُّجُودِ فَقَالَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ نِسْيَانِ الْفَاتِحَةِ فَتَكُونُ قِرَاءَةُ السُّورَةِ فِي مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ نَاسِيًا لِلْفَاتِحَةِ إلَخْ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ سَوَّى بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي عَدَمِ السُّجُودِ فَقَالَ: وَلَوْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ رَجَعَ لِأُمِّ الْقُرْآنِ وَأَعَادَ السُّورَةَ أَوْ شَكَّ فِي قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فَقَرَأَهَا وَأَعَادَ السُّورَةَ فَلَا سُجُودَ اهـ.

وَذَكَرَ عب الْحُكْمَ عِنْدَ تَقْدِيمِ السُّورَةِ بِالسُّجُودِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ مُسْتَشْكِلًا عَلَى كَوْنِ الزِّيَادَةِ الْقَوْلِيَّةِ لَا سُجُودَ فِيهَا فَلَعَلَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ بِالسُّجُودِ ضَعِيفٌ وَإِنْ اعْتَمَدَهُ عب.

(قَوْلُهُ أَشَرَعَ فِي الْوِتْرِ) أَيْ: جَوَابُ أَشَرَعَ فِي الْوَتْرِ إلَخْ هَذَا قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ شَكَّ فِي حَالِ الْقِيَامِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ عَامٌّ فِي حَالِ قِيَامِهِ أَوْ جُلُوسِهِ أَوْ سُجُودِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي وَتْرِهِ فَيَشْفَعَهُ بِسَجْدَتَيْنِ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» .

(قَوْلُهُ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ وَالسُّجُودِ جَمِيعًا) أَيْ: بَيَانٌ لِكَوْنِهِ يُطْلَبُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الشَّفْعِ أَيْ: بِجَعْلِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثَانِيَةَ الشَّفْعِ وَقَوْلُهُ وَالسُّجُودِ جَمِيعًا أَيْ: مِنْ حَيْثُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ مُتِمٍّ لِشَكِّ الَّذِي قَدْ جُعِلَ تَمْثِيلًا لِمَا يَسْجُدُ لَهُ بَعْدُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ تَفْسِيرٌ لِمُضَافٍ مُقَدَّرٍ) الظَّاهِرُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْمُضَافِ الْمُقَدَّرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُتِمَّ لِلشَّكِّ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ كَذَلِكَ هُنَا أَيْ الْمُقْتَصِرُ فَيُؤَوَّلُ بِالتَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ لِلتَّنَاسُبِ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَالنَّافِلَةُ) أَيْ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَمُقْتَصِرٌ إلَخْ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ النَّافِلَةَ كَالْفَرِيضَةِ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ هَذَا يَقْتَصِرُ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا جَوَابًا عَنْ قَوْلِهِ إنَّ قَوْلَهُ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ مُقْتَصِرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ عَبَّرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا يُنَاسِبُ) أَيْ: بِلَفْظٍ يُنَاسِبُ حُكْمَهُ فَعَبَّرَ فِي الثَّانِي بِلَفْظٍ مُقْتَصِرٍ الْمُنَاسِبِ لِحُكْمِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ يَقْتَصِرُ مِنْ مُنَاسَبَةِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ وَعَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ بِلَفْظِ مُتِمٍّ الْمُنَاسِبِ لِحُكْمِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ يُتِمُّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ) أَرَادَ الْجِنْسَ إذْ هُنَا عِبَارَتَانِ مُتِمُّ الشَّكِّ وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ أَوْ الْمَعْنَى أَوْجَزُ عِبَارَةٍ فِي كُلِّ هَذَا أَوْضَحُ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ أَبْدَلَهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ) بِأَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيه هَذَا مَا حَلَّ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ أَبْدَلَهُ بِحَالَةٍ وُسْطَى.

(قَوْلُهُ وَلَهَى عَنْهُ) أَيْ عَنْ مُقْتَضَاهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ اسْتِحْبَابًا) كَذَا قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ شب وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّ الْبَغْدَادِيِّينَ وَمِنْهُمْ عَبْدُ الْوَهَّابِ يُطْلِقُونَ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ فَلَيْسَ هَذَا جَارِيًا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبِّ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وُضُوءٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ انْضِمَامَ الشَّكِّ فِي الْوَسَائِلِ لِلشَّكِّ فِي الْمَقَاصِدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) لَمْ يُتَمِّمْ كَلَامَ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَتَمَامُهُ فَإِنْ لَمْ يَطْرَأْ لَهُ إلَّا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَلَيْسَ بِمُسْتَنْكِحٍ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَ عج فَقَوْلُهُ فِي كُلِّ ضَوْءٍ أَيْ: سَوَاءٌ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ إتْيَانِهِ فِيهِ كَأَنْ يَأْتِيه مَرَّةً فِي نِيَّتِهِ وَمَرَّةً فِي مَسْحِ رَأْسِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَمْ لَا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ صَلَاةٍ وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَطْرَأْ لَهُ إلَّا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ يُفِيدُ أَنَّ مَا أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ التَّالِي يَوْمَ انْقِطَاعِهِ أَوْ يَوْمَيْ انْقِطَاعِهِ أَوْ أَيَّامَ انْقِطَاعِهِ غَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَأَمَّا مَا أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ التَّالِي لِيَوْمِ إتْيَانِهِ فَهَلْ يَكُونُ مُسْتَنْكِحًا لِثُبُوتِهِ لَهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ أَوْ إنَّمَا يَكُونُ مُسْتَنْكِحًا فِي الْيَوْمِ التَّالِي لِيَوْمَيْ إتْيَانِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ يُحَرَّرْ قُلْت وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إذَا أَتَاهُ فِي يَوْمَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْهُمَا

ص: 312

وَأَضْرَبَ عَنْهُ وُجُوبًا أَيْ: لَا يُصْلِحُ وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ فَإِذَا شَكَّ فِيمَا صَلَّاهُ هَلْ اثْنَتَانِ أَمْ ثَلَاثٌ أَوْ ثَلَاثٌ أَمْ أَرْبَعٌ بَنَى عَلَى ثَلَاثٍ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ وَسَلَّمَ وَعَلَى أَرْبَعَةٍ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ فِيهِمَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ يُؤَدِّي إلَى الشَّكِّ فِي الْإِيمَانِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ، وَاسْتِنْكَاحُ الْوُضُوءِ كَالصَّلَاةِ سَوَاءٌ ابْنُ نَاجِي وَقَوْلُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الشَّكُّ فِي النُّقْصَانِ كَتَحَقُّقِهِ مَخْصُوصٌ بِهَذِهِ انْتَهَى فَقَوْلُهُ وَلَهَى عَنْهُ مُسْتَأْنَفٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَنْكَحٌ وَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَالسَّهْوُ كَذَلِكَ فَالشَّكُّ الْمُسْتَنْكَحُ هُوَ أَنْ يَعْتَرِيَ الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا بِأَنَّ الشَّكَّ هَلْ زَادَ أَوْ نَقَصَ وَلَا يَتَيَقَّنُ شَيْئًا يَبْنِي عَلَيْهِ حُكْمَهُ أَنَّهُ يَلْهُو عَنْهُ وَلَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ اسْتِحْبَابًا كَمَا فِي عِبَارَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ أَوْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَلَهَى عَنْهُ وَالشَّكُّ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ كَمَنْ شَكَّ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا وَحُكْمُهُ وَاضِحٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ إلَخْ.

وَالسَّهْوُ الْمُسْتَنْكِحُ هُوَ الَّذِي يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا وَهُوَ أَنْ يَسْهُوَ وَيَتَيَقَّنَ أَنَّهُ سَهَا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَيُصْلِحُ وَالسَّهْوُ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ هُوَ الَّذِي لَا يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُصْلِحُ وَيَسْجُدُ حَسْبَمَا سَهَا مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ سُنَّ لِسَهْوٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّهْوِ وَالشَّكِّ أَنَّ الْأَوَّلَ يَضْبِطُ مَا تَرَكَهُ بِخِلَافِ الثَّانِي.

(ص) كَطُولٍ بِمَحِلٍّ لَمْ يُشْرَعْ بِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) أَيْ: إذَا طَوَّلَ مُتَفَكِّرًا لِشَكٍّ حَصَلَ عِنْدَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاتِهِ فَإِنَّهُ إنْ طَوَّلَ بِمَحِلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ كَالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَمَنْ اسْتَوْفَرَ لِلْقِيَامِ عَلَى يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ طَوَّلَ بِمَحِلٍّ يُشْرَعُ فِيهِ التَّطْوِيلُ أَيْ: يَكُونُ التَّطْوِيلُ فِيهِ قُرْبَةً كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ حَدِّهِ فَلْيُسْجَدْ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا طَوَّلَ فِي الْجِلْسَةِ الْوُسْطَى لِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ التَّطْوِيلَ فِيهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ بَلْ يُكْرَهُ مَعَ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ الصَّوَابُ لَا سُجُودَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ

ــ

[حاشية العدوي]

مُسْتَنْكِحًا إنْ عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَيْضًا أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ أَنَّهُ لَا يَأْتِيه فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي غَيْرَ مُسْتَنْكِحٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ إتْيَانُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُسْتَنْكِحٌ كَالْيَوْمِ الثَّانِي فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ مَا جَرَى فِي مَسْأَلَةِ السَّلَسِ فَإِذَا زَادَ مِنْ إتْيَانِهِ عَلَى زَمَنِ عَدَمِ إتْيَانِهِ أَوْ تَسَاوَيَا فَهُوَ مُسْتَنْكِحٌ وَإِنْ قَلَّ زَمَنُ إتْيَانِهِ فَلَيْسَ بِمُسْتَنْكِحٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِزَمَنِ إتْيَانِهِ الْوَقْتُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ بَلْ جَمِيعُ الْيَوْمِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ يُعَدُّ يَوْمًا فَيَوْمُ انْقِطَاعِهِ هُوَ الَّذِي لَا يَحْصُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ فَإِذَا أَتَاهُ يَوْمًا أَوْ أَتَاهُ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَأْتِ يَوْمًا مُسْتَنْكِحٌ فَإِذَا أَتَاهُ يَوْمًا وَانْقَطَعَ عَنْهُ يَوْمَيْنِ فَلَيْسَ بِمُسْتَنْكِحٍ بَلْ الَّذِي تَقْتَضِيه الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسْتَنْكِحِ مَا يَشُقُّ مَعَهُ الْوُضُوءُ فِي الشَّكِّ فِي الْوُضُوءِ وَفِي الصَّلَاةِ مَا تَشُقُّ مَعَهُ الصَّلَاةُ.

(قَوْلُهُ وَأَضْرَبَ) تَفْسِيرٌ لِلَهِيَ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ هَذَا لُغَةُ جَمِيعِ الْعَرَبِ مَا عَدَا طَيِّئًا فَإِنَّهَا بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ وُجُوبًا) فَلَوْ خَالَفَ وَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ وَلَوْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ السُّجُودُ مُشْكِلٌ لِبِنَائِهِ عَلَى الْأَكْثَرِ فَلَا مُوجِبَ لِلسُّجُودِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا هُوَ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَضْرَبَ (قَوْلُهُ مَخْصُوصٌ بِهَذِهِ) أَيْ: بِسَبَبِ هَذِهِ أَيْ: قَصَرَ عَلَى مَا عَدَا هَذِهِ بِسَبَبِ إخْرَاجِ هَذِهِ (قَوْلُهُ كَثِيرًا) أَيْ: إتْيَانًا كَثِيرًا (قَوْلُهُ هَلْ زَادَ أَوْ نَقَصَ) مَسْأَلَتَانِ أَيْ: هَلْ زَادَ أَوْ لَا أَوْ هَلْ نَقَصَ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ كَطُولٍ) أَيْ: عَمْدًا؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ إنَّمَا اسْتَظْهَرَ ذَلِكَ فِي الْعَمْدِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا سَهْوًا فَهُوَ عَلَى الْقَاعِدَةِ أَيْ: أَنَّهُ يَسْجُدُ أَيْ: إذَا طَوَّلَ سَهْوًا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَسْتَظْهِرَهُ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ طَوَّلَ طُولًا زَائِدًا عَلَى طُمَأْنِينَةٍ وَاجِبَةٍ وَسُنَّةٍ وَمَحَلُّ السُّجُودِ فِي كَلَامِهِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى الطُّولِ تَرْكُ سُنَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ تَرْكُهُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَرْكُ مُسْتَحَبٍّ فَقَطْ كَتَطْوِيلٍ بِجِلْسَةٍ وُسْطَى فَتَرْكُهُ مُسْتَحَبٌّ فَإِنْ قُلْت حِينَئِذٍ كَانَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَنَاطَهُ الطُّولُ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَضَمَّنَ تَرْكَ سُنَّةٍ فَتَضَمُّنُ تَرْكِ سُنَّةٍ شَرْطٌ فِي كَوْنِ الطُّولِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَمْ يُشْرَعْ بِهِ مُقْتَضِيًا لِلسُّجُودِ أَفَادَهُ عب.

(قَوْلُهُ إذَا طَوَّلَ) فَلَوْ لَمْ يُطَوِّلْ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ يُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُ الْمُنْتَفِي مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَمَهَّلَ لِيَتَذَكَّرَ أَيْ: مَا سَهَا عَنْهُ فَإِنْ تَذَكَّرَ وَإِلَّا عَمِلَ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَنْكَحَ يَبْنِي عَلَى الْكَمَالِ وَغَيْرُهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ مَا لَمْ يُطِلْ فَإِنْ طَالَ فَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرَى عَلَيْهِ السُّجُودَ مُطْلَقًا وَسَحْنُونٌ يَرَى عَلَيْهِ السُّجُودَ مُطْلَقًا وَفَرَّقَ أَشْهَبُ فَرَأَى عَلَيْهِ السُّجُودَ حَيْثُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ لَا يُشْرَعُ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَعَدَمُهُ حَيْثُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ شُرِعَ فِيهِ التَّطْوِيلُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ.

(قَوْلُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاتِهِ) أَيْ فَتَفَكَّرَ فِيمَا يُزِيلُهُ، وَأَمَّا لَوْ طَوَّلَ فِيهِ عَبَثًا أَوْ لِلتَّذَكُّرِ فِي شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ صَلَاتِهِ فَانْظُرْ مَا حُكْمُهُ وَمِنْ الْعَبَثِ التَّفَكُّرُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالظَّاهِرُ لَا بُطْلَانَ بَلْ السُّجُودُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى مَا لَمْ يَخْرُجُ عَنْ الْحَدِّ وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ وَالْجُلُوسِ) أَيْ: الثَّانِي.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ حَدِّهِ) قَالَ عج: وَانْظُرْ مَا حَدُّهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ شُرِعَ بِهِ لِلتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَوْ طَوَّلَ فِيهِ عَبَثًا أَوْ لِتَذَكُّرِ شَيْءٍ فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ فَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ أَفَادَهُ عج.

قُلْت وَالظَّاهِرُ أَيْضًا لَا بُطْلَانَ بَلْ يَسْجُدُ وَحَرِّرْ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ سَحْنُونَ يَسْجُدُ

ص: 313

لِأَنَّ تَقْصِيرَهَا مُسْتَحَبٌّ وَلَا سُجُودَ فِي تَرْكِ مُسْتَحَبٍّ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ مِنْ كَلَامِهِ فَيَقُولُ لَمْ يُشْرَعْ بِهِ إلَّا الْجِلْسَةُ الْوُسْطَى عَلَى الْأَظْهَرِ (ص) وَإِنْ بَعْدَ شَهْرٍ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَبَعْدَهُ أَيْ: وَإِلَّا سَجَدَ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ سُجُودُهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَنُسْخَةُ حُلُولُو وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ لَكِنَّهُ تَبِعَ الْمُدَوَّنَةَ فِي التَّعْبِيرِ بِالشَّهْرِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الطُّولِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ.

فَإِنْ قُلْت: لِمَ أَمَرَ بِالسُّجُودِ بَعْدَ شَهْرٍ وَلَيْسَ هُوَ بِفَرْضٍ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النَّافِلَةَ لَا تُقْضَى؟ فَالْجَوَابُ: إنَّهُ لَمَّا كَانَ جَابِرًا لِلْفَرْضِ أُمِرَ بِهِ لِلتَّبَعِيَّةِ لَا لِنَفْسِهِ فَإِنْ قُلْت هَذَا الْجَوَابُ فِيهِ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ الْمَجْبُورَةُ فَرِيضَةً مَعَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ جَارٍ فِيمَا إذَا كَانَتْ نَافِلَةً وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ لَمَّا كَانَ جَابِرًا لِلْفَرْضِ إلَخْ شَامِلٌ؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ صَارَتْ فَرْضًا بِالشُّرُوعِ فِيهَا فَلَا إشْكَالَ وَإِنَّمَا كَانَ السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ الْمُتَرَتِّبُ عَنْ سُنَّتَيْنِ أَوْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ لَا يُؤْتَى بِهِ مَعَ الطُّولِ وَالْبَعْدِيُّ يُؤْتَى بِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ وَالْقَبْلِيُّ جَابِرٌ وَالتَّرْغِيمُ لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَانٍ بِخِلَافِ الْجَابِرِ وَلِأَنَّ السُّجُودَ الْبَعْدِيَّ آكَدُ مِنْ الْقَبْلِيِّ الْمَذْكُورِ وَلِذَا قِيلَ بِعَدَمِ السُّجُودِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ كَنَقْصِ تَكْبِيرَتَيْنِ.

(ص) بِإِحْرَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ جَهْرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ السُّجُودَ الْبَعْدِيَّ أَوْ الْقَبْلِيَّ إذَا أُخِّرَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إحْرَامٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْوِي بِتَكْبِيرَةِ الْهَوِيِّ الْإِحْرَامَ وَلَيْسَ لِلْإِحْرَامِ تَكْبِيرَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى تَكْبِيرَةِ الْهَوِيِّ، وَهَلْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ بِهَذَا الْإِحْرَامِ أَمْ لَا؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَإِلَى تَشَهُّدٍ وَإِلَى سَلَامٍ يَجْهَرُ بِهِ كَسَلَامِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ إذَا أَتَى بِهِ فِي مَحَلِّهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ إحْرَامٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ إنَّ السَّلَامَ فِي السُّجُودِ الْبَعْدِيِّ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ فَلَا تَبْطُلْ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ وَأَحْرَى أَنْ لَا تَبْطُلَ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَفِي الطِّرَازِ لَا خِلَافَ أَنَّ التَّشَهُّدَ لَهُمَا لَيْسَ شَرْطًا أَيْ: فَلَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ فَلَوْ تَرَكَ الثَّلَاثَةَ وَهِيَ الْإِحْرَامُ أَيْ: التَّكْبِيرُ وَالتَّشَهُّدُ وَالسَّلَامُ وَأَتَى بِنِيَّةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَرْكَ التَّطْوِيلِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ سُنَّةٌ وَكَذَا بَيْن السَّجْدَتَيْنِ وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ وَهُنَا أَمَرَانِ الْأَوَّلُ تَقَدَّمَ أَنَّ الزَّائِدِ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ سُنَّةٌ فَتَكُونُ السُّنَّةُ تَرْكَ التَّطْوِيلِ الزَّائِدِ عَلَى مَا هُوَ سُنَّةٌ وَلَمْ يُبَيِّنُوا حَدَّ الزَّائِدِ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ وَلَا حَدَّ التَّطْوِيلِ عَلَيْهِ الَّذِي يُوجِبُ السُّجُودَ وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّ هَذَا قَدْرُ التَّشَهُّدِ ثَانِيهِمَا إنْ تَرَكَ التَّطْوِيلَ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ أَوْ سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِ السُّجُودِ لَهُ وَلَا التَّطْوِيلُ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ الْمُنْضَمَّ لِلزِّيَادَةِ جَرَى خِلَافٌ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي مُؤَكَّدَةٍ أَمْ لَا كَذَا قَالَ عج.

وَأَقُولُ النَّقْصُ هُنَا لَمْ يُؤْخَذْ جُزْءًا بَلْ أُخِذَ شَرْطًا بَلْ قَدْ يُقَالُ التَّطْوِيلُ فِي ذَاتِهِ هُوَ تَرْكُ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَعْدَ شَهْرٍ) اُنْظُرْ مَا حُكْمُ تَأْخِيرِهِ مُدَّةً مَا عَنْ الصَّلَاةِ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَمْ لَا؟ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ مَتَى مَا ذَكَرَهُ إلَّا فِي صَلَاةٍ وَلَوْ تَرَتَّبَ فِي صَلَاةِ جُمُعَةٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ ذَكَرَ سُجُودًا بَعْدِيًّا مِنْ صَلَاةٍ قَدْ مَضَتْ وَهُوَ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ لَمْ تَفْسُدْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِذَا فَرَغَ مِمَّا هُوَ فِيهِ سَجَدَهُ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ كِنَايَةٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ كِنَايَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ) أَيْ بِالطُّولِ وَقَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ: لِمَا فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْمَطْلُوبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّافِلَةَ صَارَتْ فَرْضًا إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ مَتَى مَا ذَكَرَهُ وَلَوْ وَقْتَ نَهْيٍ وَلَوْ مُرَتَّبًا عَنْ نَافِلَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُهُمَا فِي وَقْتِ نَهْيٍ وَلَوْ كَانَ مُرَتَّبًا عَنْ فَرِيضَةٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ فَانْظُرْهُ فِي شَرْحِهِ لِلرِّسَالَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ إنْ تَرَتَّبَ عَنْ فَرْضٍ أَتَى بِهِ حَيْثُمَا ذَكَرَ وَعَنْ نَفْلٍ فَفِي الْوَقْتِ الْمُبَاحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِتَرْغِيمِ) وَكَوْنُهُ فِيهِ تَرْغِيمُ الشَّيْطَانِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ جَابِرًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْبَعْدِيِّ شَيْئَيْنِ كَوْنُهُ جَابِرًا وَمُرْغِمًا لِلشَّيْطَانِ فَرَاعَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ الْأَمْرَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَالْقَبْلِيُّ جَابِرٌ) وَالْجَابِرُ يَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْمَجْبُورِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْجَابِرِ) أَيْ: الْمَحْضِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تَرْغِيمٌ وَهُوَ الْقَبْلِيُّ فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ أَوَّلُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَبْرَ يَصِحُّ وَلَوْ مَعَ الْبُعْدِ وَالْآخَرُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا مَعَ الْقُرْبِ (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ: وَلِكَوْنِهَا آكَدُ (قَوْلُهُ قِيلَ بِعَدَمِ السُّجُودِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ) أَيْ: الْقَبْلِيِّ يُعَارِضُ هَذَا بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِبَعْضِ صُوَرِ تَرْكِ الْقَبْلِيِّ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ فَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَبْلِيَّ آكَدُ.

(قَوْلُهُ وَتَشَهُّدٍ) أَيْ: تَشَهُّدِ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ لِلْإِحْرَامِ لَا مُنَاسَبَةَ لَهُ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِالْإِحْرَامِ أَنْ يَنْوِيَ بِتَكْبِيرَةِ الْهَوِيِّ الْإِحْرَامَ فَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ عج حَيْثُ قَالَ الْمُرَادُ بِالْإِحْرَامِ الْمُعْتَبَرُ فِي الْبَعْدِيِّ النِّيَّةُ مَعَ تَكْبِيرَةِ السُّجُودِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَكْبِيرَةَ السُّجُودِ سُنَّةٌ أَمَّا النِّيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ.

(قَوْلُهُ وَإِلَى تَشَهُّدٍ) أَيْ: عَلَى طَرِيقِ السُّنَّةِ.

(قَوْلُهُ وَيَجْهَرُ بِهِ) أَيْ: سُنَّةً وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْجَهْرَ بِهِ سُنَّةٌ كَسَلَامِ الْفَرِيضَةِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ إحْرَامٍ) إضَافَةٌ لِلْبَيَانِ إنْ أُرِيدَ بِالْإِحْرَامِ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ النِّيَّةُ مَعَ التَّكْبِيرِ كَمَا هُوَ مُفَادُ عِبَارَةِ عج الْمُتَقَدِّمَةُ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ وَمَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا مِنْ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ مَنْقُولٌ عَنْ الْهَوَّارِيِّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ: فَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ مُنْسَحِبَةٌ عَلَيْهِ أَيْ: فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَتَى بِالسَّجْدَتَيْنِ ذَاهِلًا عَنْ كَوْنِهِ سَاجِدًا لِلسَّهْوِ لَصَحَّتَا إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ عب وَأَمَّا الْقَبْلِيُّ فَالسَّلَامُ لِلصَّلَاةِ وَيَحْتَاجُ لِتَكْبِيرَةِ هَوِيٍّ مَعَ نِيَّةٍ اهـ. لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ.

(قَوْلُهُ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ) الْمُنَاسِبُ السُّجُودُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالصَّلَاةِ السُّجُودَ لَا الصَّلَاةَ التَّابِعَ لَهَا السُّجُودُ.

(قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا) أَيْ فِي صِحَّةِ السُّجُودِ لَا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ التَّابِعِ لَهَا السُّجُودُ

ص: 314

فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَحِيحٌ.

(ص) وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ (ش) الضَّمِيرُ مُوَزَّعٌ إذْ الْمَعْنَى وَصَحَّ سُجُودُ السَّهْوِ إنْ قَدَّمَ بَعْدِيَّهُ وَلَوْ عَمْدًا رَعْيًا لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَوْ أَخَّرَ قَبْلِيَّهُ رَعْيًا لِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيُكْرَهُ ابْتِدَاءٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ إلَخْ أَيْ: عَمْدًا؛ لِأَنَّ فِعْلَ السَّاهِي لَا يَتَّصِفُ بِصِحَّةٍ وَلَا فَسَادٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ.

(ص) لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَيُصْلِحُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ أَيْ: كَثُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ أَبَدًا السَّهْوَ عَنْ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ أَوْ يَكُونَ عَادَتُهُ نِسْيَانَ السُّجُودِ ثُمَّ شَكَّ فِي تَرْكِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصْلِحُ صَلَاتَهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لَا إنْ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ بِنَقْصٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّقْصِ وَالتَّقْدِيرُ سُنَّ لِنَقْصٍ لَا لِاسْتِنْكَاحِ السَّهْوِ وَلَا لِفَرِيضَةٍ إلَخْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيُصْلِحُ أَيْ: يَأْتِي بِمَا سَهَا عَنْهُ أَيْ: يُصْلِحُ مَا يُمْكِنُهُ إصْلَاحُهُ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالْمُسْتَحَبَّات كَمَا إذَا تَرَكَ السُّورَةَ مَثَلًا ثُمَّ رَكَعَ وَلَمْ يُمَكِّنْ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، وَأَمَّا الْفَرْضُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ مَثَلًا وَلَمْ يُمْكِنْ الْإِتْيَانُ بِهَا فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَصَحَّ سُجُودُ السَّهْوِ إنْ قَدَّمَ بَعْدِيَّهُ) وَلَوْ كَانَ الْمُقَدِّمُ لَهُ الْمَأْمُومُ دُونَ إمَامِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مَأْمُومٌ لَا مَسْبُوقٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَخَّرَ قَبْلِيَّهُ) وَلَوْ الْمَأْمُومُ بِأَنْ سَجَدَ الْإِمَامُ الْقَبْلِيَّ فِي مَحَلِّهِ وَأَخَّرَهُ الْمَأْمُومُ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَخَّرَ الْإِمَامُ الْقَبْلِيَّ قِيلَ يُقَدِّمُ الْمَأْمُومُ وَقِيلَ يُؤَخِّرُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ السَّاهِي لَا يَتَّصِفُ بِصِحَّةٍ إلَخْ) ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيه مَا وَقَعَ مِنْ سُجُودِ سَهْوٍ وَيُطَالَبُ بِإِعَادَتِهِ.

أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَاهٍ عَنْ كَوْنِهِ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا مَعَ كَوْنِهِ قَاصِدًا فِعْلَهُ وَحَيْثُ إنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ السَّهْوَ تَعَلَّقَ بِتَقْدِيمِهِ لَا بِذَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ بِحَسَبِهَا.

(قَوْلُهُ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ إلَخْ) سَيَأْتِي يُبَيِّنُ الشَّارِحُ وَجْهَ عَطْفِهِ وَيَجُوزُ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ: وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ حَصَلَ مَا تَقَدَّمَ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَأَمَّا عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ فَفِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهُ مِمَّا فِيهِ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ لَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ السُّجُودِ بِالْكُلِّيَّةِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ لِاحْتِمَالِ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ هَذَا بَعِيدًا إذْ لَا نَقْصَ هُنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِمَا حَصَلَ مِنْ نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَزِيَادَةٍ عِنْدَ انْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ لِلْحَرَجِ اللَّاحِقِ (قَوْلُهُ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ أَبَدًا السَّهْوُ عَنْ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يُكْتَفَى مِنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً مِنْ صَلَاةٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ شَكَّ فِي تَرْكِ ذَلِكَ) كَذَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَنْكَحَ يَضْبِطُ مَا فَعَلَهُ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصْلِحُ صَلَاتَهُ) أَمَّا إصْلَاحُ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ إذَا لَمْ يُفَارِقْ أَوْ يُفَارِقْ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ الْخِلَافِ وَأَمَّا إصْلَاحُ الثَّانِي بِأَنْ يَتَذَكَّرَ تَرْكَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيَسْجُدُ (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ) وَانْظُرْ مَا حُكْمُ سُجُودِهِ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ قَبْلِيًّا وَالثَّانِي إنْ كَانَ بَعْدِيًّا كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ قَالَ عج فَلَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَيْثُ كَانَ مُتَعَمِّدًا أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالسُّجُودِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يَسْهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِسُجُودِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا أَصْلَحَ مَا سَهَا عَنْهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُصْلِحْ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ التَّارِكِ لَهُ وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَسْتَنْكِحْهُ السَّهْوُ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ اهـ. أَيْ: وَهُوَ السُّجُودُ فَقَوْلُهُمْ السَّاهِي الْمُسْتَنْكَحُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ مُقَيَّدٌ بِحَالَةِ الْإِصْلَاحِ هَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عج لَكِنَّ كَلَامَهُ بَعْدُ فِي التَّنْبِيهِ الرَّابِعِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَذَّرَ الْإِصْلَاحُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَمْكَنَهُ إصْلَاحٌ أَمْ لَا فَتَدَبَّرْ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فِيمَا نَظَرَ فِيهِ عج.

(قَوْلُهُ كَمَا إذَا تَرَكَ السُّورَةَ) مِثَالٌ لِتَرْكِ السُّنَّةِ وَتَرَكَ مِثَالَ مَا إذَا تَرَكَ الْمُسْتَحَبَّ وَأَمْكَنَهُ إصْلَاحُهُ وَنَقُولُ مِثَالُهُ مَا إذَا تَرَكَ الْقُنُوتَ حَتَّى انْحَنَى فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ إصْلَاحُهُ بِأَنْ يَقْنُتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ.

(قَوْلُ وَلَمْ يُمَكِّنْ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ) هَذَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَ الرُّكُوعِ عَلَى تَمْكِينِ الْيَدَيْنِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا سَدَلَ يَدَيْهِ يَصِحُّ رُكُوعُهُ، ثُمَّ كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: الْأُولَى: مَا إذَا انْحَنَى وَلَمْ يَضَعْ، الثَّانِيَةَ: أَنْ يَكُونَ وَضَعَ وَلَمْ يُمَكِّنْ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ السُّورَةَ تَفُوتُ بِالِانْحِنَاءِ وَمُخَالِفٌ لِقَوْلِ شب كَمَا إذَا تَرَكَ السُّورَةَ مَثَلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ تَمَامِ الِانْحِنَاءِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيَأْتِي بِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَوَاتِ بِالِانْحِنَاءِ إلَّا أَنَّ كَلَامَ شب بِحَسَبِ ظَاهِرِهِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَيَأْتِي إلَّا لِتَرْكِ رُكُوعٍ فَبِالِانْحِنَاءِ وَمُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ لِشَارِحِنَا، وَالتَّحْقِيقُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْفَوَاتَ يَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الِانْحِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُهُمْ.

(قَوْلُهُ كَمَا إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ) مِثَالٌ لِمَا إذَا تَرَكَ الْفَرْضَ وَقُلْنَا يَأْتِي بِهِ مَعَ أَنَّهُ هُنَا لَمْ يَأْتِ بِهِ بَلْ أَتَى بِالرَّكْعَةِ بِتَمَامِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمَقَامِ أَنْ يُمَثِّلَ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِالْفَاتِحَةِ، وَأَمَّا تَمْثِيلُهُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ بَلْ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانُ بِالرَّكْعَةِ بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْإِتْيَانُ بِهَا) أَيْ: فَإِذَا أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِهَا فَيَأْتِي بِهَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَعَلَ فِعْلًا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ سَاهٍ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ شَرْحٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ مِنْ أَنَّهُ يُصْلِحَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَيُجَابُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا بِأَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَحًا وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَنْكَحًا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ أَنَّ مَعَهُ زِيَادَةٌ وَهِيَ الرَّكْعَةُ الَّتِي فَاتَتْهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْإِتْيَانُ بِهَا وَأَتَى بِبَدَلِهَا وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْفَاتِحَةُ مِنْ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ حَتَّى لَا يَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ تَرْكُ السُّورَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهِمَا كَأَنْ تَكُونَ مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ لَكَانَ السُّجُودُ قَبْلِيًّا لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ فِي حَقِّهِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ هَذِهِ الرَّكْعَةَ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ مَا صَحَّ أَوَّلَ

ص: 315

وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيُصْلِحُ إذَا أَمْكَنَهُ بِأَنْ كَانَ بَاقِيًا كَمَا لَوْ سَهَا عَنْ الْجُلُوسِ وَالتَّكْبِيرَةِ لَهُ وَتَذَكَّرَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا سُجُودَ لِعَدَمِ خِطَابِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا يَفُوتُ بِمُفَارَقَتِهِ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَلَوْ اسْتَقَلَّ فَلَيْسَ هُوَ كَمَنْ لَمْ يَسْتَنْكِحْ يَفُوتُ بِذَلِكَ.

(ص) أَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا أَوْ سَلَّمَ؟ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَكَّ هَلْ سَهَا عَنْ شَيْءٍ أَمْ لَا فَتَفَكَّرَ قَلِيلًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْهَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إذَا شَكَّ هَلْ سَلَّمَ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَرِيبًا وَلَمْ يَنْحَرِفْ عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ فَإِنْ انْحَرَفَ عَنْهَا سَجَدَ أَوْ طَالَ جِدًّا بَطَلَتْ وَإِنْ تَوَسَّطَ أَوْ فَارَقَ مَكَانَهُ بَنَى بِإِحْرَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا يَأْتِي فِي نَاسِي السَّلَامِ، وَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ مُعَادِلَهُمَا تَقْدِيرُهُ هَلْ سَهَا أَوْ لَمْ يَسْهَ أَوْ سَلَّمَ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ.

(ص) أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً فِي شَكِّهِ فِيهِ هَلْ سَجَدَ اثْنَتَيْنِ (ش) يُرِيدُ إذَا شَكَّ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ هَلْ سَجَدَهُمَا أَوْ إنَّمَا سَجَدَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ أُخْرَى عَلَى الْمُحَقَّقِ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فِيهِ رَاجِعٌ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُمِرَ بِذَلِكَ لَأَمْكَنَ أَنْ يَشُكَّ أَيْضًا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ وَقَدْ يَشُكَّ أَيْضًا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ أَيْضًا فَيَتَسَلْسَلُ ذَلِكَ وَلَوْ سَجَدَ الْقَبْلِيَّ ثَلَاثًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِنْ كَانَ بَعْدِيًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ص) أَوْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ أَوْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ لِغَيْرِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ زَادَ سُورَةً فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَدَلَّ كَلَامُهُ بِطَرِيقِ الْأَحْرَوِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ زَادَهَا فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ أَيْضًا إذَا خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ إلَى غَيْرِهَا وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ كَمَا فِي الشَّارِحِ مَا لَمْ يَكُنْ افْتَتَحَ بِسُورَةٍ قَصِيرَةٍ فِي صَلَاةٍ شُرِعَ فِيهَا التَّطْوِيلُ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهَا إلَى سُورَةٍ طَوِيلَةٍ كَمَا فِي الْجَلَّابِ.

(ص) أَوْ قَاءَ غَلَبَةً أَوْ قَلَسَ (ش) أَيْ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ وَهَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَاهِرًا يَسِيرًا وَلَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَرَجَ غَلَبَةً، وَمِثْلُ الصَّلَاةِ الصِّيَامُ فَإِنْ ازْدَرَدَ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ عَمْدًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى طَرْحِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي فَسَادِ صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَإِنْ كَانَ نِسْيَانًا تَمَادَى فِي الصَّلَاةِ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ غَلَبَةً فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ.

(ص) وَلَا لِفَرِيضَةٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ اسْتَنْكَحَهُ وَلَا لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ أَيْ: وَلَا يَسْجُدُ لِاسْتِنْكَاحِ السَّهْوِ وَلَا لِفَرِيضَةٍ وَيَجُوزُ الْعَطْفُ عَلَى نَقْصٍ إلَخْ وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْفَاتِحَةِ تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَفْهُومُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إنَاطَةِ السُّجُودِ بِتَرْكِ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ.

(ص) أَوْ غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ كَتَشَهُّدٍ (ش) أَيْ: وَلَا يَسْجُدُ لِغَيْرِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ كَلَفْظِ تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ جَلَسَ لَهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ كَالطِّرَازِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ

ــ

[حاشية العدوي]

صَلَاتِهِ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَدَلِ إذَا كَانَتْ الْفَاتِحَةُ مِنْ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا سَهْوًا مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْ رَبَاعِيَةٍ تَنْجَبِرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى) التَّعْوِيلُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَلَا سُجُودَ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ.

(قَوْلُهُ بِإِنْ كَانَ بَاقِيًا) يُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ مَا إذَا فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ دُونَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ بِالْعَكْسِ لِأَجْلِ أَنْ يُنَاسِبَ قَوْلُهُ وَتَذَكَّرَهُ قَبْلَ مُفَارَقَةٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْإِصْلَاحِ بِمُفَارَقَةِ يَدَيْهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا يَفُوتُ) أَيْ: وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ هُوَ كَمَنْ لَمْ يُسْتَنْكَحْ يَفُوتُ بِذَلِكَ) هَذَا أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَجَعَ وَلَوْ اسْتَقَلَّ وَعَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِلَّا فَلَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَحًا فِي السَّهْوِ وَإِلَّا رَجَعَ لِلْإِصْلَاحِ.

(قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ حَيْثُ تَعَلَّقَ بِالْفَرَائِضِ مُطَلَّقُ التَّرَدُّدِ الشَّامِلِ لِلْوَهْمِ.

(قَوْلُهُ فَتَفَكَّرْ قَلِيلًا) بَلْ وَكَذَا لَوْ طَالَ التَّفَكُّرُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ بِانْفِرَادِهِ لَا يُوجِبُ سُجُودَ سَهْوٍ وَتَطْوِيلُ التَّفَكُّرِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ السُّجُودُ وَعَلَى ذَلِكَ تَدُلُّ أُصُولُ الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ لَكِنْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَحَلٍّ شُرِعَ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَأَمَّا بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ ذَلِكَ فَيَسْجُدُ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ أَيْ أَتَى بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ بِسَبَبِ شَكِّهِ فِيهِ هَلْ سَجَدَ اثْنَتَيْنِ وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: سَجَدَ اثْنَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ هَلْ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِشَكِّهِ أَيْ صُورَةُ شَكِّهِ فَقَوْلُهُ أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً بَيَانٌ لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ لَا صُورَةُ شَكِّهِ فَلَيْسَتْ الْوَاحِدَةُ هِيَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ أَيْ: أَنَّ الْحُكْمَ إذَا شَكَّ هَلْ سَجَدَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَاحِدَةً.

(قَوْلُهُ فَيَتَسَلْسَلُ) أَيْ فَتَحْصُلُ الْمَشَقَّةُ الْكُبْرَى وَلَا تَقُلْ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ؛ لِأَنَّ التَّسَلْسُلَ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَقْبَلِ لَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ) أَيْ: يُكْرَهُ فَقَدْ قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ ذَلِكَ لِتَغْيِيرِ نَظْمِ الْقُرْآنِ وَالتَّخْلِيطِ عَلَى الْمُسْتَمِعِ إنْ كَانَ وَكَلَامُ الشَّارِحِ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَحْمُولٌ عَلَى السَّهْوِ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ عب وَكَذَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ تَعَمُّدُ الْخُرُوجِ مِنْ رِوَايَةٍ كَانَ فِي آيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ يُؤْذَنُ لَهُ بِمَعْنَى يُنْدَبُ.

(قَوْلُهُ قَاءَ غَلَبَةً أَوْ قَلَسَ طَاهِرًا يَسِيرًا إلَخْ) فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا أَوْ نَجِسًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْعَطْفُ إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت تَجِدُهُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ سُنَّ لِسَهْوٍ سَجْدَتَانِ بِنَقْصِ فَرْضٍ وَلَا يَسْجُدُ لِفَرِيضَةٍ وَالْمُنَاسِبُ الْأَوَّلُ.

(قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ) وَعَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْكُلِّ صَادِقٌ بِالْوُجُوبِ فِي الْجُلِّ وَالْوُجُوبِ فِي رَكْعَةٍ وَتَقَدَّمَ مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ.

(قَوْلُهُ جَلَسَ لَهُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَأَمَّا لَوْ رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ مُكَبِّرًا وَبِمُجَرَّدِ أَنْ اطْمَأَنَّ بِالرَّفْعِ مِنْهُ سَلَّمَ لَكَانَ عَلَيْهِ السُّجُودُ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ لَفْظَ التَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسَ لَهُ

ص: 316

وَغَيْرُهُمَا مِنْ إيجَابِ السُّجُودِ وَجَعَلَهُ ابْنُ جُزَيٍّ وَغَيْرُهُ الْمَشْهُورُ وَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ الْمَوْصُوفَ وَهُوَ سُنَّةٌ كَمَا قَرَّرْنَا لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ فَوْقَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ أَيْ: بِانْفِرَادِهَا، وَأَمَّا مَعَ زِيَادَةٍ فَيَسْجُدُ.

(ص) وَيَسِيرُ جَهْرٍ أَوْ سِرٍّ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ عَلَى مَنْ اقْتَصَرَ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ عَلَى يَسِيرِ جَهْرٍ بِأَنْ لَا يُبَالِغَ فِيهِ بِأَنْ يَنْزِلَ عَنْ أَقَلِّ الْجَهْرِ بِأَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ لَا مَنْ يَلِيه وَيَرْتَفِعَ عَنْ أَعْلَى السِّرِّ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ أَوْ اقْتَصَرَ فِي الصَّلَاةِ السَّرِيَّةِ عَلَى يَسِيرِ سِرٍّ بِأَنْ لَا يُبَالِغَ فِيهِ بِأَنْ يَرْتَفِعَ عَنْ أَعْلَى السِّرِّ وَيَنْزِلَ عَنْ أَدْنَى الْجَهْرِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ السَّرِيَّةِ وَقَوْلُهُ (وَإِعْلَانٍ بِكَآيَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى تَشَهُّدٍ أَوْ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى إعْلَانٍ فَهِيَ مُؤَخَّرَةٌ مِنْ تَقْدِيمٍ فَيَدْخُلُ بِالْكَافِ الْإِسْرَارُ بِكَآيَةٍ فَلَا يَكُونُ سَاكِتًا عَنْهُ أَيْ: وَكَإِعْلَانٍ بِكَآيَةٍ فِي الصَّلَاةِ السَّرِيَّةِ وَكَإِسْرَارٍ بِكَآيَةٍ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الْإِعْلَانُ وَالْإِسْرَارُ بِكَآيَةٍ تَكْرَارًا مَعَ يَسِيرِ جَهْرٍ وَسِرٍّ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَهَذَا فِي بَعْضِهَا وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ مَا قِيلَ إنَّ الْمُؤَلِّفَ سَاكِتٌ عَنْ الْإِسْرَار بِنَحْوِ الْآيَةِ.

(ص) وَإِعَادَةِ سُورَةٍ فَقَطْ لَهُمَا (ش) أَيْ وَلَا سُجُودَ فِي إعَادَةِ السُّورَةِ لِأَجْلِ الْجَهْرِ أَوْ السِّرِّ حَيْثُ قَرَأَهَا عَلَى خِلَافِ سُنَّتِهَا وَتَذَكَّرَ ذَلِكَ قَبْلَ الِانْحِنَاءِ فَرَجَعَ وَأَتَى بِهَا عَلَى سُنَّتِهَا لِخِفَّةِ ذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ مِمَّا لَوْ أَعَادَ أُمَّ الْقُرْآنِ وَالسُّورَةَ أَوْ أُمَّ الْقُرْآنِ فَقَطْ لِلسِّرِّ حَيْثُ قَرَأَهَا جَهْرًا أَوْ لِلْجَهْرِ حَيْثُ قَرَأَهَا سِرًّا وَتَذَكَّرَ ذَلِكَ قَبْلَ الِانْحِنَاءِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ، وَلَوْ كَرَّرَ أُمَّ الْقُرْآنِ سَهْوًا سَجَدَ بِخِلَافِ السُّورَةِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ خِلَافٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ كَرَّرَ أُمَّ الْقُرْآنِ عَمْدًا.

(ص) وَتَكْبِيرَةٍ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ فِي تَرْكِ تَكْبِيرَةٍ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ تَكْبِيرِ الْعِيدِ وَإِلَّا سَجَدَ لِتَرْكِ وَاحِدَةٍ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.

(ص) وَفِي إبْدَالِهَا بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَعَكْسِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا أَبْدَلَ التَّكْبِيرَ بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ عِنْدَ الْخَفْضِ لِلرُّكُوعِ وَفَاتَ التَّدَارُكُ بِأَنْ تَلَبَّسَ بِالرُّكْنِ الَّذِي يَلِيه أَوْ أَبْدَلَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ عِنْدَ الرَّفْعِ بِالتَّكْبِيرِ وَفَاتَ التَّدَارُكُ فَفِي سُجُودِهِ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ ذِكْرًا وَزَادَ آخَرَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ مِنْ إيجَابِ السُّجُودِ) إمَّا؛ لِأَنَّهُ مُحْتَوٍ عَلَى سُنَّتَيْنِ وَكَوْنُهُ بِالْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ أَوْ أَنَّهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ ابْنُ جُزَيٍّ وَغَيْرُهُ الْمَشْهُورَ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ دَلَالَةٌ وَقَوْلُهُ فَوْقَ ذَلِكَ أَيْ إنَّ قَوْلَهُ بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ فَوْقَ قَوْلِهِ وَغَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ أَيْ: مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ حَذَفَ الْعَاطِفَ أَيْ: أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ أَيْ: وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ.

{تَنْبِيهٌ} : تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ سَجَدَ لِلسُّنَّةِ الْغَيْرِ الْمُؤَكَّدَةِ قِيلَ أَيْ: عَمْدًا وَيَلْزَمُ مِنْ الْبُطْلَانِ الْحُرْمَةُ.

(قَوْلُهُ وَيَرْتَفِعَ عَنْ أَعْلَى السِّرِّ إلَخْ) الَّذِي هُوَ سَمَاعُ نَفْسِهِ فَقَطْ حَاصِلُهُ أَنَّهَا حَالَةٌ وُسْطَى بَيْنَ أَعْلَى السِّرِّ وَهُوَ سَمَاعُ نَفْسِهِ وَأَدْنَى الْجَهْرِ وَهُوَ سَمَاعُ نَفْسِهِ وَمَنْ يَلِيه فَتَكُونُ تِلْكَ الْحَالَةُ وُسْطَى يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَيَزِيدُ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا أَيْ لَكِنْ لَا يُسْمِعُهَا مَنْ يَلِيهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يُبَالِغَ فِيهِ) أَيْ: السِّرِّ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَرْتَفِعَ عَنْ أَعْلَى السِّرِّ) الَّذِي هُوَ سَمَاعُ النَّفْسِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَيَنْزِلَ عَنْ أَدْنَى الْجَهْرِ الَّذِي هُوَ سَمَاعُ نَفْسِهِ وَمَنْ يَلِيهِ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى سَمَاعِ النَّفْسِ وَلَكِنْ لَا يَصِلُ لِسَمَاعِ مَنْ يَلِيهِ فَهِيَ حَالَةٌ وُسْطَى فَرَجَعَ يَسِيرُ الْجَهْرِ وَيَسِيرُ السِّرِّ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا قَالَ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَجَمِيعِ الصَّلَاةِ السَّرِيَّةِ لِأَجْلِ أَنْ يَفْتَرِقَ الْحَالُ مِنْ الَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ وَإِعْلَانٍ بِكَآيَةٍ عَلَى أَنَّ الْحَالَ مُفْتَرَقٌ بِنَفْسِ هَذَا التَّصْوِيرِ وَحَلَّ عب الْمُصَنِّفُ بِحَلٍّ آخَرَ فَقَالَ يَسِيرُ جَهْرٍ بِأَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَتَرَكَ الْمُبَالَغَةَ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَاقْتَصَرَ فِي السَّرِيَّةِ عَلَى يَسِيرِ سِرٍّ بِأَنْ حَرَّكَ لِسَانَهُ فَقَطْ وَلَمْ أَرَ فِيهِ فَيُسْمِعُ نَفْسَهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِتَقْرِيرِ شَارِحِنَا وَمُخَالِفٌ لِحَلِّ عج أَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ وَيَسِيرُ جَهْرٍ أَيْ فِي مَحَلِّ السِّرِّ أَيْ: لَا سُجُودَ عَلَى مَنْ أَتَى بِأَقَلِّ الْجَهْرِ فِي الصَّلَاةِ السَّرِيَّةِ، وَقَوْلُهُ يَسِيرُ سِرٍّ أَيْ: أَتَى بِأَعْلَى السِّرِّ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ فَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَيَلْحَقُ بِالْجَهْرِ بِالْآيَةِ وَنَحْوِهَا إذَا جَهَرَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ جَهْرًا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ جِدًّا أَوْ أَسَرَّ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ سِرَّا لَيْسَ بِالشَّدِيدِ جِدًّا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الْمُخْتَصَرِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ تَرْكُ سِرٍّ أَيْ: وَأَتَى بِأَعْلَى الْجَهْرِ لَا بِأَقَلِّهِ الَّذِي هُوَ سَمَاعُ النَّفْسِ وَمَنْ يَلِيهِ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى تَشَهُّدٍ) هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى تَشَهُّدٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَمْثِيلٌ لِلسُّنَّةِ الْغَيْرِ الْمُؤَكَّدَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ الْكَافَّ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ أَوْ وَيَقُولُ وَالْكَافُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْكَافَ إذَا كَانَتْ دَاخِلَةً عَلَى إعْلَانٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِعْلَانَ بِآيَتَيْنِ لَيْسَ كَالْإِعْلَانِ بِالْآيَةِ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مِثْلَ الْإِعْلَانِ بِالْآيَةِ الْإِتْيَانِ وَانْظُرْ هَلْ الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ تَكْرَارًا) أَقُولُ لَا يُتَوَهَّمُ تَكْرَارٌ بِدُونِ ذَلِكَ بَلْ التَّصْوِيرُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَيِّنٌ فِي نَفْسِهِ مُحَقِّقٌ لِلْمُغَايَرَةِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا تَعْلَمُ) أَيْ: بِقَوْلِنَا مُؤَخَّرَةً مِنْ تَقْدِيمِ.

(قَوْلُهُ أَيْ: وَلَا سُجُودَ فِي إعَادَةِ السُّورَةِ) أَيْ مَعَ طَلَبِهِ بِالْإِعَادَةِ لِأَجْلِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى سُنَّتِهَا (قَوْلُهُ وَتَذَكَّرَ ذَلِكَ قَبْلَ الِانْحِنَاءِ) قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ لِتَحْصِيلِ السِّرِّ أَوْ الْجَهْرِ إلَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الِانْحِنَاءِ فَإِنْ انْحَنَى فَاتَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَتَرْكِ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ فِيمَا يَفُوتُ بِالِانْحِنَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ) أَيْ: بَعْدَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ خِلَافٌ إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ.

(قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ لِتَرْكِ تَكْبِيرَةٍ) فَلَوْ سَجَدَ لَهَا قَبْلَ السَّلَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ

ص: 317

أَوْ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَلَمْ يَزِدْ مَا يُوجِبُ زِيَادَتُهُ السُّجُودَ كَمَنْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ تَأْوِيلَانِ وَلَوْ وَقَعَ الْإِبْدَالُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَعًا لَسَجَدَ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ لَمْ يَفُتْ التَّدَارُكُ وَأَتَى بِالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ الصَّوَابَ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ، وَعَكْسُهُ أَنْ يَكُونَ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ وَكَأَنَّ الْعُذْرَ لَهُ اتِّبَاعُ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ فِي الرِّوَايَةِ.

(ص) وَلَا لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ أَيْ: وَلَا سُجُودَ لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ إلَى يَمِينِهِ أَوْ خَلْفِهِ لِقَضِيَّةِ «ابْنِ عَبَّاسٍ حَيْثُ قَامَ عَنْ يَسَارِهِ صلى الله عليه وسلم فَأَدَارَهُ عَنْ يَمِينِهِ» لَكِنْ وَقَعَ وَفِي رِوَايَةٍ «فَأَخَذَ بِيَدِي أَوْ عَضُدِي» وَفِي رِوَايَةٍ بِرَأْسِي وَفِي رِوَايَةٍ بِأُذُنِي كُلُّهَا فِي الْبُخَارِيِّ.

(ص) وَإِصْلَاحِ رِدَاءٍ أَوْ سُتْرَةٍ سَقَطَتْ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ لِإِصْلَاحِ رِدَاءٍ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِهِ لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام ذَلِكَ أَوْ لِإِصْلَاحِ سُتْرَةٍ سَقَطَتْ سَنَدٌ هَذَا إذَا كَانَ جَالِسًا يَمُدُّ يَدَهُ فَيُقِيمُهَا، أَمَّا إنْ كَانَ قَائِمًا يَنْحَطُّ لِذَلِكَ فَثَقِيلٌ إلَّا أَنَّهُ يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ بِمَثَابَةِ انْحِطَاطِهِ لِأَجْلِ حَجَرٍ يَرْمِي بِهِ الْعَقْرَبَ.

(ص) أَوْ كَمَشْيِ صَفَّيْنِ لِسُتْرَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ أَوْ دَفْعِ مَارٍّ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ فِي مَشْيِ الْمُصَلِّي الصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لِأَجْلِ سُتْرَةٍ يَسْتَتِرُ بِهَا أَوْ لِأَجْلِ فُرْجَةٍ يَسُدُّهَا أَوْ لِأَجْلِ دَفْعِ مَارٍّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ بَعُدَ أَشَارَ إلَيْهِ فَالْكَافُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمُضَافِ وَهُوَ مَشْيٌ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فَتَدْخُلُ الثَّلَاثَةُ كَمَا ذَكَرْنَا وَيُحْتَمَلُ إبْقَاءُ الْكَافِ عَلَى الْمُضَافِ وَيَدْخُلُ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْفِعْلِ الْيَسِيرِ أَيْ: كَمَشْيٍ أَوْ غَمْزٍ أَوْ حَكٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ الشَّأْنُ فِي الصَّلَاةِ سَدُّ الْفُرَجِ فَإِذَا رَأَى وَهُوَ يُصَلِّي

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَوْ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ وَجِيهٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ الْإِبْدَالُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ) وَإِنْ أَبْدَلَ إحْدَى تَكْبِيرَتَيْ السُّجُودِ خَفْضًا أَوْ رَفْعًا بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَسْجُدْ فَإِنْ أَبْدَلَهُمَا مَعًا بِهَا سَجَدَ كَذَا يَنْبَغِي.

(قَوْلُهُ وَكَأَنَّ الْعُذْرَ لَهُ اتِّبَاعُ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ) أَيْ: لِأَنَّ الْوَاوَ الْأَكْثَرُ فِي رِوَايَةِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ رُوِيَتْ بِالْوَاوِ وَرُوِيَتْ بِأَوْ وَالْغَالِبُ رِوَايَةُ الْوَاوِ اعْلَمْ أَوَّلًا نَذْكُرُ لَك نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ لِتَطَّلِعَ بِهِ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ وَنَصُّهَا وَإِذَا جَعَلَ الْإِمَامُ أَوْ الْفَذُّ مَوْضِعَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ مَوْضِعَ اللَّهُ أَكْبَرُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَلْيَرْجِعْ وَيَقُولُ كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَمَضَى سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ كَمَا لَوْ أَسْقَطَهَا ابْنُ عَرَفَةَ رَوَاهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ بِأَوْ ورَوَاهَا الْأَكْثَرُ بِالْوَاوِ، ثُمَّ قَالَ الْمَوَّاقُ وَاخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِيمَنْ بَدَّلَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ خَاصَّةً فَقِيلَ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قُصَارَى مَا فِيهِ أَنَّهُ أَخَلَّ بِتَكْبِيرَةٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا وَلَا سُجُودَ لِذَلِكَ وَقِيلَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ مَا كَانَ مَأْمُورًا بِأَنْ يَقُولَ فَلَمْ يَفْعَلْ وَزَادَ الْقَوْلَ الَّذِي وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ اهـ.

(أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ زِيَادَةٌ قَوْلِيَّةٌ غَيْرُ رُكْنٍ وَلَيْسَ فِيهَا سُجُودٌ فَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ السُّجُودِ وَعَلِمْت مِنْ هَذَا النَّصِّ أَنَّ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِتَأْوِيلَانِ إنَّمَا هُوَ خِلَافٌ لَا تَأْوِيلَانِ وَعَلِمْت أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ عَبَّرَتْ بِالْوَاوِ فِي غَالِبِ رِوَايَاتِهَا وَعَلِمْت صِحَّةَ مَا قُلْنَاهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ) اعْلَمْ أَنَّ عج قَدْ قَالَ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَا لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ؛ مِنْهُ مَا هُوَ مَطْلُوبٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ وَلَا لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ إلَى قَوْلِهِ وَلَا لِجَائِزٍ وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَلَا لِجَائِزٍ إلَى قَوْلِهِ وَلَا لِتَبَسُّمٍ وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ وَلَا لِتَبَسُّمٍ.

(قَوْلُهُ فَأَدَارَهُ عَنْ يَسَارِهِ) أَيْ: بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ عَضُدِي) لِلشَّكِّ فِي الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ وَكُلُّهَا فِي الْبُخَارِيِّ) لَعَلَّ الْوَاقِعَةَ تَعَدَّدَتْ أَوْ أَنَّهَا وَاقِعَةٌ وَاحِدَةٌ وَاتَّفَقَ فِيهَا الْأَخْذُ بِالْكُلِّ وَظَهَرَ أَنَّهَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ.

(قَوْلُهُ إصْلَاحِ رِدَاءٍ) أَيْ: سَهْوًا؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ مَطْلُوبٌ وَمَا يُطْلَبُ عَمْدُهُ لَا يُسْجَدُ لِسَهْوِهِ وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي إدَارَةِ الْمُؤْتَمِّ وَسَدِّ الْفُرْجَةِ أَيْ: مَا يُطْلَبُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْفَرِيضَةِ حَتَّى لَا تَرِدَ الْفَاتِحَةُ فَإِنَّ عَمْدَهَا مَطْلُوبٌ وَيُتَصَوَّرُ فِي سَهْوِهَا السُّجُودُ كَمَا إذَا أَعَادَهَا سَهْوًا وَإِصْلَاحُ الرِّدَاءِ مُسْتَحَبٌّ إنْ خَفَّ إصْلَاحُهُ وَلَمْ يَنْحَطَّ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يُسْتَحَبُّ بَلْ يُنْهَى عَنْهُ وَلَكِنْ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ لِإِصْلَاحِ سُتْرَةٍ سَقَطَتْ) أَيْ: وَيُسْتَحَبُّ إصْلَاحُهَا إنْ خَفَّ وَلَمْ يَنْحَطَّ لَهَا مِنْ قِيَامٍ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ فَثَقِيلٌ) أَيْ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ) هَذَا إذَا كَانَ مَرَّةً فَإِنْ انْحَطَّ مَرَّتَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ كَثِيرٌ وَانْظُرْ هَلْ تَكْرَارُ الْإِدَارَةِ كَذَلِكَ أَمْ وَكَذَا النَّظَرُ فِيمَا بَعْدَهُ.

{تَنْبِيهٌ} : حَيْثُ كَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ يُطْلَبُ عَمْدُهَا لِكَوْنِهَا طَاعَةٌ فَلَا يُتَوَهَّمُ سُجُودٌ لَهَا حَالَةَ السَّهْوِ حَتَّى يَنُصَّ عَلَى نَفْيِهِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ بِمَثَابَةِ انْحِطَاطِهِ لِحَجَرٍ) سَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ الْعَقْرَبِ الَّتِي تُرِيدُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ انْحَطَّ فَيَكُونُ هَذَا بِمَثَابَتِهِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ السُّجُودِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا يُكْرَهُ بِشِدَّةٍ وَمَسْأَلَةُ الْعَقْرَبِ يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهَا حَيْثُ أَرَادَتْهُ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِطْلَاقِ.

(قَوْلُهُ لِسُتْرَةٍ) أَيْ: كَمَسْبُوقٍ سَلَّمَ إمَامُهُ فَقَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَيَنْحَازُ لِمَا قَرُبَ مِنْهُ مِنْ السَّوَارِي يَسْتَتِرُ بِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ جَعَلَ الْمَشْيَ لِكَصَفَّيْنِ فِي الْكُلِّ وَهُوَ إنَّمَا هُوَ وَارِدٌ فِي الْفُرْجَةِ فَقَطْ عَلَى الْخِلَافِ أَمَّا السُّتْرَةُ فَقَدْ حُدَّ الْقُرْبُ فِيهَا بِمَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَيْ: فَلَا يُحَدُّ بِالصَّفَّيْنِ وَلَا بِالثَّلَاثَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ فَسَّرَ الْعُرْفَ بِالثَّلَاثَةِ وَالْمُرَادُ كَصُفُوفِ الْجُمُعَةِ، وَأَمَّا دَفْعُ الْمَارِّ فَإِنَّمَا قَيَّدَ أَشْهَبُ فِيهَا كَمَا تَبَيَّنَ بِالْقُرْبِ وَكَذَا الْمُدَوَّنَةُ نَصَّتْ فِي الدَّابَّةِ بِالْقُرْبِ الَّذِي فَسَّرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي بِالْيَسَارَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ فَسَّرَ الْقُرْبَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لِأَجْلِ فُرْجَةٍ) بِضَمِّ الْفَاءِ لِفُرْجَةِ الْحَائِطِ وَأَمَّا لِلتَّفَصِّي مِنْ الْأَمْرِ فَمُثَلَّثُهَا ثُمَّ إنَّ تَقْيِيدَ الْمَشْيِ لِلْفُرْجَةِ بِالصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةِ غَيْرُ الصَّفِّ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ وَغَيْرُ الصَّفِّ الَّذِي فِيهِ الْفُرْجَةُ وَفِي عب وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا قَبْلَ الْفُرْجَةِ مِنْ الْمَسَائِلِ وَمَا بَعْدَهَا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ بَعُدَ أَشَارَ إلَيْهِ) كَذَا فِي نُسْخَةِ

ص: 318

فُرْجَةً أَمَامَهُ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ حَيْثُ يَجِدُ السَّبِيلَ إلَى سَدِّهَا فَلْيَتَقَدَّمْ إلَيْهَا يَسُدُّهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرِقَ إلَيْهَا صُفُوفًا رِفْقًا وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ مَنْ رَفَعَ مِنْ رُكُوعٍ فَرَأَى فُرْجَةً مَشَى لِيَسُدَّهَا إنْ قَرُبَتْ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ بَعُدَتْ صَبَرَ حَتَّى يَسْجُدَ وَيَقُومَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَشُقُّ إلَيْهَا إذَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ صَفَّانِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ سَدَّ فُرْجَةً فِي الصَّفِّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ دَرَجَةً وَبَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ بَيْتًا» .

(ص) أَوْ ذَهَابِ دَابَّتِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِسُتْرَةٍ أَيْ: وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِهِ لِدَابَّتِهِ يُرِيدُ إذَا كَانَ يَسِيرًا قَالَ فِيهَا فَإِنْ تَبَاعَدَتْ الدَّابَّةُ قَطَعَ الصَّلَاةَ وَطَلَبَهَا قَالَ فِي الْبَيَانِ هَذَا إذَا كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ وَإِلَّا تَمَادَى وَإِنْ ذَهَبَتْ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مَفَازَةٍ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ إنْ تَرَكَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ الضَّرُورِيُّ (ص) وَإِنْ بِجَنْبٍ أَوْ قَهْقَرَةٍ (ش) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ قَبْلَهُ كَمَا أَنَّ التَّحْدِيدَ بِالصَّفَّيْنِ فِيهَا جَمِيعًا وَالصَّوَابُ قَهْقَرَى بِأَلِفِ التَّأْنِيثِ لَا بِتَائِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي بَابِ الْحَجِّ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لِلْمُؤَلِّفِ تَدَارُكُ مَا يَقَعُ مِنْهُ مِنْ خَلَلٍ ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فِي اللَّفْظِ أَوْ فِي الْحُكْمِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ وَسَمِعَ بَعْضٌ أَنَّ ذَلِكَ لُغَةٌ.

(ص) وَفَتْحٍ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ عَلَى مُصَلٍّ فِي فَتْحٍ عَلَى إمَامِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَهُوَ جَائِزٌ إنْ وَقَفَ وَاسْتَطْعَمَ، وَأَمَّا إنْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ إلَى أُخْرَى فَيُكْرَهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ وَلَا تَفْسُدُ قَالَهُ الْجُزُولِيُّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَفَ أَيْ وَاسْتَطْعَمَ أَوْ تَرَدَّدَ فَيُطْلَبُ مِنْهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ لَهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، وَأَمَّا هِيَ فَيَجِبُ أَنْ يَفْتَحَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إذَا تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ.

(ص) وَسَدِّ فِيهِ لِتَثَاؤُبٍ وَنَفْثٍ

ــ

[حاشية العدوي]

شَيْخِنَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَشْهَبُ إنْ كَانَ قَرِيبًا مَشَى إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا أَشَارَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ صُفُوفًا) هَذَا جَمْعُ كَثْرَةٍ فَيُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ أَفْرَادِ الْقِلَّةِ ثَلَاثَةٍ وَأَوْلَى أَقَلُّ.

(قَوْلُهُ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ) هَذَا قَوْلٌ آخَرُ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَايَةُ مَا حَدَّدَ فِيهِ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالصَّفِّ وَلَا بِأَكْثَرَ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَوَّلَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ كَالْأُولَى إلَّا أَنْ يُفَسِّرَ الْقُرْبَ بِالصَّفِّ وَالْبُعْدَ بِالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ عج اغْتِفَارُ مَا إذَا حَصَلَ مَشْيٌ لِكُلٍّ مِنْ السُّتْرَةِ وَالْفُرْجَةِ كَمَسْبُوقٍ مَشَى لِفُرْجَةٍ ثُمَّ لِسُتْرَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي إصْلَاحِ الرِّدَاءِ مَعَ إصْلَاحِ السُّتْرَةِ اهـ.

وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اغْتِفَارِ أَزْيَدَ مِنْ اثْنَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مَطْلُوبًا لَا يَضُرُّ.

(قَوْلُهُ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ) يَرْجِعُ هَذَا لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ وَيَكُونُ ابْنُ يُونُسَ جَعَلَ الثَّلَاثَةَ مِثْلَ الِاثْنَيْنِ وَإِنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ صَفَّانِ مَعْنَاهُ أَيْ: أَوْ ثَلَاثَةٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ ذَهَابِ دَابَّتِهِ) وَمِثْلُ دَابَّتِهِ دَابَّةُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ يَسِيرًا) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي مَشَى إلَيْهَا فِيمَا قَرُبَ إنْ كَانَتْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَطَعَ إنْ بَعُدَتْ وَطَلَبَهَا اهـ فَأَنْتَ تَرَاهَا قَيَّدَتْ بِالْقُرْبِ وَلَا مَفْهُومَ لِدَابَّتِهِ بَلْ كَذَلِكَ دَابَّةُ غَيْرِهِ وَمِثْلُ الدَّابَّةِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ الْمَالُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الدَّابَّةِ.

(قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا أَيْ: يُضِرُّ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا إنْ قَلَّ ثَمَنُهَا فَلَا يَقْطَعُ اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَوْ ضَاقَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَثِيرًا فَيَقْطَعُ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَأَمَّا إذَا ضَاقَ فَلَا يَقْطَعُ وَأَمَّا إذَا كَانَ قَلِيلًا فَلَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ: هَلَاكًا أَوْ مَشَقَّةً شَدِيدَةً لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ اتَّسَعَ فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ وَالْمَالُ كَالدَّابَّةِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ.

(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ الضَّرُورِيُّ) الظَّاهِرُ مَا هُوَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا (قَوْلُهُ وَإِنْ بِجَنْبٍ أَوْ قَهْقَرَةٍ) رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعَةِ قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الِاسْتِدْبَارَ يَضُرُّ وَلَوْ لِعُذْرٍ وَفِي الرُّعَافِ لَا يَضُرُّ مَعَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا هُنَا أَوْلَى قَالَهُ عج قَالَ عب هُوَ ظَاهِرٌ فِي ذَهَابِ الدَّابَّةِ لِلضَّرُورَةِ فَيَسْتَدْبِرُ لَهَا فَقَطْ دُونَ السُّتْرَةِ وَالْفُرْجَةِ وَدَفْعِ الْمَارِّ اُنْظُرْهُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ بِجَنْبٍ أَيْ: يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَقَوْلُهُ أَوْ قَهْقَرَةٍ وَهِيَ الرُّجُوعُ إلَى خَلْفٍ وَوَجْهُهُ مُسْتَقْبِلٌ إمَامَهُ.

(قَوْلُهُ تَدَارُكُ) أَرَادَ بِهِ الْإِتْيَانَ بِالصَّوَابِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّدَارُكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الصَّوَابُ بَعْدُ.

(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ: فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ إمَامِهِ وَهَذَا نَاظِرٌ لِمَفْهُومِ مَا سَيَأْتِي وَالْمُعْتَمَدُ مَفْهُومُ مَا هُنَا وَإِنَّهُ إنْ فَتَحَ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَاعْتِبَارُ مَفْهُومِ مَا هُنَا ارْتَضَاهُ عج وَارْتَضَى الشَّيْخُ سَالِمٌ مَفْهُومَ مَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ وَهُوَ جَائِزٌ) أَيْ: مَأْذُونٌ فِيهِ فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ أَوْ السُّنَّةَ وَهَذَا فِي السُّورَةِ لِمَا يَأْتِي فِي الْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ.

(قَوْلُهُ وَاسْتَطْعَمَ) أَيْ: طَلَبَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ كَوْنِهِ اسْتَطْعَمَ بِقَرِينَةٍ فَلَوْ جَهِلَ الْأَمْرَ فَلَا يُفْتَحُ عَلَيْهِ إذْ لَعَلَّةُ فِي فِكْرِهِ فِيمَا يَقْرَأُ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَرَدَّدَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ وَقَفَ أَيْ: أَوْ لَمْ يَقِفْ بَلْ تَرَدَّدَ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا {أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157]{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 6]{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: 7] أَيْ: فَتَحَيَّرَ فَلَمْ يَدْرِ مَا هُوَ الَّذِي بَعْدَ الْمُفْلِحُونَ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَرَّرَ آيَةً.

(قَوْلُهُ فَيُطْلَبُ مِنْهُ الْفَتْحُ إلَخْ) لَمَّا لَمْ يَعْلَمْ طَلَبَ الْفَتْحِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَيُطْلَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُطْلَبُ) إمَّا سُنَّةٌ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى الْفَتْحِ حُصُولُ سُنَّةٍ أَوْ نَدْبٌ إنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ حُصُولُ مَنْدُوبٍ كَإِكْمَالِ السُّورَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ) أَيْ: بِأَنْ انْتَفَى الْوَقْفُ وَالتَّرَدُّدُ بِأَنْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ إلَى غَيْرِهَا أَوْ وَقَفَ وَلَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ الِاسْتِطْعَامَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: وَقَفَ أَوْ لَا بِأَنْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ إلَى غَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إذَا تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ فِي الْفَاتِحَةِ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَرَأَ لَهُ الْعَجْزُ عَنْ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَانْظُرْ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ ائْتَمَّ بِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ أَوْ لَا أَوْ يُفَصَّلُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْكُلِّ تَبْطُلُ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ وَسَدِّ فِيهِ لِتَثَاؤُبٍ) قَالَ عج السَّدُّ مَطْلُوبٌ

ص: 319

بِثَوْبٍ لِحَاجَةٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي سَدِّ فِيهِ لِأَجْلِ تَثَاؤُبٍ أَوْ نَفْثٍ بِثَوْبٍ لِحَاجَةٍ وَالنَّفْثُ رِيحٌ كَالنَّفْخِ بِغَيْرِ بُصَاقٍ كَنَافِثِ عَجَمِ الزَّبِيبِ وَالتَّفْلُ بِالْبُصَاقِ وَفِي عِبَارَةٍ النَّفْثُ هُوَ الْبُصَاقُ بِلَا صَوْتٍ كَمَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَوْ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَبْلُونٍ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَنَفَثَ بِثَوْبٍ، وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: النَّفْثُ نَفْخٌ لَطِيفٌ بِلَا رِيقٍ وَقِيلَ مَعَهُ رِيقٌ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ انْتَهَى. فَلَا يُنَاسِبُ مَا هُنَا إذْ النَّفْخُ بِالْفَمِ مُبْطِلٌ سَوَاءٌ لَطُفَ أَمْ لَا وَحُكْمُ النَّفْثِ الْجَوَازُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَبِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ الْبُصَاقِ «فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا، وَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ فِيهِ» دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْبُصَاقِ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَالنَّفْخِ الْيَسِيرِ إذَا لَمْ يَصْنَعْهُ عَبَثًا إذْ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْبُصَاقِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّنَحْنُحُ وَالتَّنَخُّمُ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِمَا انْتَهَى.

وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ: وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِتَثَاؤُبٍ أَنَّهُ لَوْ سَدَّهُ لِغَيْرِهِ لَكَانَ عَلَيْهِ السُّجُودُ مَعَ أَنَّ هَذَا فِعْلٌ خَفِيفٌ فَلَا سُجُودَ فِيهِ مَعَ السَّهْوِ ولَا بُطْلَانَ مَعَ الْعَمْدِ وَمَفْهُومُ لِحَاجَةٍ أَنَّ النَّفْثَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فِيهِ السُّجُودُ مَعَ السَّهْوِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ النَّفْخَ فَيَسْجُدُ بِسَبَبِهِ إنْ كَانَ سَهْوًا وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ إنْ كَانَ عَمْدًا انْتَهَى.

{تَنْبِيهٌ} : التَّثَاؤُبُ هُوَ النَّفْثُ الَّذِي يَنْفَتِحُ مِنْهُ الْفَمُ لِدَفْعِ الْبُخَارَاتِ الْمُحْتَقِنَةِ فِي عَضَلَاتِ الْفَكِّ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ امْتِلَاءِ الْمَعِدَةِ وَهُوَ يُورِثُ الْكَسَلَ وَثِقَلَ الْبَدَنِ وَسُوءَ الْفَهْمِ وَالْغَفْلَةَ قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ.

(ص) كَتَنَحْنُحٍ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْإِبْطَالِ بِهِ لِغَيْرِهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ التَّنَحْنُحَ لِحَاجَةٍ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا سُجُودَ فِيهِ ابْنُ بَشِيرٍ وَلَا خِلَافَ فِيهِ وَاخْتُلِفَ إذَا تَنَحْنَحَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ هَلْ يَكُونُ كَالْكَلَامِ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُخْتَصَرِ أَوْ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَلَا سُجُودَ فِي سَهْوِهِ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ عَائِدٌ عَلَى التَّنَحْنُحِ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِغَيْرِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ لِحَاجَةٍ، وَظَاهِرُ قَوْلُهُ لِغَيْرِهَا أَيْ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَوْ فَعَلَهُ عَبَثًا وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْحَطَّابِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ؛ إذْ فِعْلُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَهُوَ قَلِيلٌ لَا يُبْطِلُهَا وَبَعْضُهُمْ حَمَلَ قَوْلَهُ لِغَيْرِهَا أَيْ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعَبَثِ كَأَنْ يَفْعَلَهُ لِيُعْلِمَ النَّاسَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَإِنْ فَعَلَهُ عَبَثًا فَلَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ لَا يُفْسِدُ وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي شَرْحِهِ وَنَحْوُهُ فِي الزَّرْقَانِيِّ.

(ص) وَتَسْبِيحِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّسْبِيحَ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةٍ عَرَضَتْ فِي الصَّلَاةِ لَا سُجُودَ فِيهِ

ــ

[حاشية العدوي]

لِلتَّثَاؤُبِ وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَغَيْرُ مَطْلُوبٍ وَانْظُرْ هَلْ يُكْرَهُ تَعَمُّدُهُ أَمْ لَا وَلَا سُجُودَ فِي سَهْوِهِ اهـ. وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ وَسَدَّ بِيُمْنَى مُطْلَقًا بِظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا وَبِظَاهِرِ الْيُسْرَى لَا بِبَاطِنِهَا لِمُلَاقَاتِهَا الْأَنْجَاسِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَعَلَّ حُكْمَ السَّدِّ بِالْبَاطِنِ الْكَرَاهَةُ.

(قَوْلُهُ أَوْ نَفْثٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ بُصَاقٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالنَّفْثِ إلَخْ وَالتَّقْدِيرُ وَالنَّفْثُ رِيحٌ بِغَيْرِ بُصَاقٍ هَذَا التَّعْرِيفُ لِلشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ فَقَالَ النَّفْثُ بِغَيْرِ بُصَاقٍ كَنَافِثِ عَجَمِ الزَّبِيبِ وَالتُّفْلُ بِالْبُصَاقِ اهـ.

(قَوْلُهُ الْبُصَاقُ بِلَا صَوْتٍ) أَيْ: وَأَمَّا بِصَوْتٍ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ سَهْوًا فَيَسْجُدُ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا لَا مَأْمُومًا وَكَلَامُ أَبِي مُحَمَّدٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُفَادُ مِنْ عب وَمِمَّا كَتَبَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا.

(قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ بِالثَّوْبِ إلَّا الْبُصَاقَ أَيْ: مَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ الصَّادِقُ بِالْقَوْلَيْنِ فَظَهَرَ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ إنَّهُ وُفِّقَ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْفَرْضِ وَقَوْلُ ابْنِ شَبْلُونٍ فِي النَّفْلِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ) هَذَا قَوْلٌ رَابِعٌ مُحْتَوٍ عَلَى قَوْلَيْنِ فَالْأَقْوَالُ خَمْسَةٌ وَلَا تَقُلْ: قَوْلُ بَعْضِهِمْ هَذَا هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَوَّلُ لَمْ يُفَسِّرْهُ بِالنَّفْخِ بَلْ قَالَ رِيحٌ كَالنَّفْخِ بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ وَحُكْمُ النَّفْثِ الْجَوَازُ) أَيْ: فِي حَالَةِ الْعَمْدِ أَيْ حُكْمُ الْبُصَاقِ إذَا صَدَرَ عَمْدًا الْجَوَازُ.

(قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْبُصَاقِ) وَهُوَ «فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ أَيْ: فِي صَلَاتِهِ فَلِيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا» وَوَصَفَ الْقَاسِمُ فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ (قَوْلُهُ وَالنَّفْخِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى الْبُصَاقِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِمَّا يُقَوِّي قَوْلَ الْبَعْضِ أَنَّ النَّفْثَ نَفْخٌ لَطِيفٌ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَالَ لِحَاجَةٍ.

(قَوْلُهُ فَيَسْجُدُ بِسَبَبِهِ إنْ كَانَ سَهْوًا) أَيْ إنْ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا فَالْإِمَامُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا كَانَ عَمْدًا أَيْ: أَوْ جَهْلًا وَهَذَا إذَا كَانَ بِصَوْتٍ فَإِنْ كَانَ بِلَا صَوْتٍ بِغَيْرِ حَاجَةٍ سَهْوًا لَا سُجُودَ فِيهِ وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهِ مُتَعَمِّدًا وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ النَّفْثُ) أَيْ: الرِّيحُ (قَوْلُهُ الْبُخَارَاتِ إلَخْ) أَيْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَالدُّخَانِ (قَوْلُهُ الْمُحْتَقِنَةِ) أَيْ الْمُجْتَمِعَةِ فِي عَضَلَاتِ الْفَكِّ جَمْعُ عَضَلَةٍ وَالْعَضَلَةُ كُلُّ لَحْمَةٍ مُجْتَمِعَةٍ مُكْتَنِزَةٍ فِي عَصَبَةٍ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ.

(قَوْلُهُ الْفَكِّ) اللَّحْيُ (قَوْلُهُ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) أَيْ: التَّثَاوُبُ (قَوْلُهُ وَهُوَ يُورِثُ الْكَسَلَ) أَيْ: امْتِلَاءُ الْمَعِدَةِ.

(قَوْلُهُ الْكَرْمَانِيُّ) فِي اللُّبِّ الْكَرْمَانِيُّ بِالْكَسْرِ وَالسُّكُونِ نِسْبَةٌ إلَى كَرْمَانِ مَحَلَّةٌ بِنَيْسَابُورَ اهـ.

وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ سَمْعَانَ تَصْحِيحُ فَتْحِهَا قَالَ الْعَيْنِيُّ وَقَدْ ضُبِطَ بِالْوَجْهَيْنِ.

(قَوْلُهُ كَتَنَحْنُحٍ) وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَإِنْ كَانَ لِشَيْءٍ نَابَهُ فِي صَلَاتِهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ» فَإِنْ كَانَ التَّنَحْنُحُ لِأَجْلِ الْإِتْيَانِ بِالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَبُ وُجُوبًا حَيْثُ تَوَقَّفَتْ الْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ وَنَدْبًا أَوْ اسْتِنَانًا حَيْثُ تَوَقَّفَتْ الْقِرَاءَةُ الْغَيْرُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْحَطَّابِ عَنْ اللَّخْمِيِّ) فَقَدْ قَالَ عَنْ اللَّخْمِيِّ فَإِنْ فَعَلَ أَيْ: التَّنَحْنُحَ لِأَمْرٍ عَرَضَ لَهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ وَإِنْ تَنَحْنَحَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَقِيلَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَبِهِ أَخَذَ؛ إذْ لَيْسَ هَذَا كَلَامًا مَنْهِيًّا عَنْهُ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالرَّاجِحُ هُوَ مَا حَلَّ بِهِ الْحَطَّابُ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ قَلِيلٌ لَا يُبْطِلُهَا) أَيْ فَقَوْلُهُ وَلَوْ عَبَثًا يُقَيَّدُ بِمَا قَلَّ

ص: 320

كَانَتْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا أَوْ لَا وَإِنْ تَجَرَّدَ لِلتَّفْهِيمِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي وَذَكَرَ قَصْدَ التَّفْهِيمِ بِهِ بِمَحَلِّهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَى مَا عَدَا التَّسْبِيحَ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ بِالتَّسْبِيحِ فِي الصَّلَاةِ لِلْحَاجَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَضُعِّفَ أَمْرُ التَّصْفِيقِ بِحَدِيثِ التَّسْبِيحِ وَهُوَ قَوْلُهُ «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ» ؛ لِأَنَّ مَنْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَقَوْلُهُ: «إنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ عَلَى وَجْهِ التَّخْصِيصِ أَيْ: لِلَّفْظِ الْعَامِّ فَقَدَّمَ الظَّاهِرَ عَلَى الْمُحْتَمَلِ انْتَهَى، أَيْ: قَدَّمَ ظَاهِرَ مَنْ نَابَهُ إلَخْ عَلَى مَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُخَصِّصًا وَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَمًّا وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ الَّتِي هِيَ أَعَمُّ مِنْ الضَّرُورَةِ.

ثُمَّ الْمُرَادُ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْجِنْسُ وَلِذَا قَالَ (وَلَا يُصَفِّقْنَ) بِضَمِيرٍ جَمْعِ النِّسْوَةِ وَالْمُرَادُ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا (ص) وَكَلَامٍ لِإِصْلَاحِهَا بَعْدَ سَلَامٍ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ فِي كَلَامٍ قَلِيلٍ عَمْدًا لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ مِنْ مَأْمُومٍ لِإِمَامِهِ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَبْلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَإِمَامٍ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَفْقَهْ التَّسْبِيحَ فَكَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ فَسَأَلَ بَقِيَّتَهُمْ فَصَدَّقُوهُ أَوْ زَادَ أَوْ جَلَسَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَمْ يَفْقَهْ فَكَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ ابْنُ حَبِيبٍ كَمَنْ رَأَى فِي ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَاسَةً فَلْيَدْنُ مِنْهُ وَيُخْبِرْهُ كَلَامًا ابْنُ رُشْدٍ يَجُوزُ لِمَنْ اُسْتُخْلِفَ سَاعَةَ دُخُولِهِ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِمَا صَلَّى الْإِمَامُ السُّؤَالُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ وَمِنْ إمَامٍ بَعْدَ سَلَامٍ

ــ

[حاشية العدوي]

وَإِلَّا أَبْطَلَ إذْ فِعْلُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ يُبْطِلُهَا كَثِيرُهُ.

(قَوْلُهُ كَانَتْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا) كَقَوْلِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ لِيُنَبِّهَ إمَامَهُ عَلَى سَهْوِهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ: أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا كَإِنْذَارِهِ أَعْمَى خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ فِي حُفْرَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَجَرَّدَ لِلتَّفْهِيمِ) أَيْ: بِأَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ لِمَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ سُبْحَانَ اللَّهِ.

(قَوْلُهُ فَيُحْمَلُ إلَخْ) فَيُقَالُ قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ تَسْبِيحٌ (قَوْلُهُ وَضُعِّفَ أَمْرُ التَّصْفِيقِ) أَيْ: الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّقْ النِّسَاءُ» (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَضُعِّفَ وَفِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ لَا تَقْتَضِي التَّضْعِيفَ وَبِعِبَارَةٍ فَإِنْ قُلْت الْقَاعِدَةُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ فَالْقِيَاسُ إخْرَاجُ النِّسَاءِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَيُصَفِّقْنَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ أُجِيبَ بِأَنَّ مَالِكًا ضَعَّفَ الْعَمَلَ بِالتَّصْفِيقِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ التَّسْبِيحَ لِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْلَى فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ حَدِيثُ هَيْئَةِ التَّصْفِيقِ وَإِنْ كَانَ صَحَّحَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ غَيْرِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فِيهِ قَادِحٌ لَمْ يَرَهُ الْمُصَحِّحُ.

(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إنَّمَا التَّصْفِيقُ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ الَّذِي يَلْصِقِهِ الَّذِي فَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ عب فَقَالَ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ فِي قَوْلِهَا وَضَعَّفَ مَالِكٌ أَمْرَ التَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ بِحَدِيثِ التَّسْبِيحِ إلَخْ هُوَ «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» وَمَنْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ.

(قَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ) أَيْ ذَمِّ النِّسَاءِ بِارْتِكَابِهِنَّ التَّصْفِيقَ وَتَرْكِ التَّسْبِيحِ ثُمَّ إنَّ فِي هَذَا شَيْئًا وَهُوَ أَنَّ الرِّوَايَاتِ يُفَسِّرُ بَعْضَهَا بَعْضًا وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَلْيُصَفِّقْ النِّسَاءُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الذَّمَّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ إلَخْ) أَيْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ عَبَثًا لَا لِحَاجَةٍ لَهُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ وَكَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَصْلًا لَمْ يَضُرَّ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْجِنْسُ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَالْمُرَادُ بِالْمَرْأَةِ الْجِنْسُ كَذَلِكَ أَيْ الْمُتَحَقِّقُ فِي وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلِذَا قَالَ وَلَا يُصَفِّقْنَ بِضَمِيرِ جَمْعِ النِّسْوَةِ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ الْمُصَلِّي أَيْ: مِنْ النِّسَاءِ مُطْلَقًا وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرْأَةِ جِنْسُ الْمَرْأَةِ الْمُصَلِّيَةُ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا يُصَفِّقْنَ مُرَادًا مِنْهُ الْمُصَلِّيَةُ مِنْ النِّسَاءِ مُطْلَقًا وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَصِيغَةُ الْجَمْعِ لَمْ تَكُنْ مُسْتَعْمَلَةً فِي حَقِيقَتِهَا فَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَنَتَكَلَّمُ عَلَى الْحُكْمِ وَالْحُكْمُ أَنَّ التَّصْفِيقَ مَكْرُوهٌ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك، فَإِنْ قُلْت: إنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ عَلَى مَا فِيهِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ جَهْرِهَا بِالصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَبِالْإِقَامَةِ وَلَعَلَّهُ لِلضَّرُورَةِ هُنَا وَالْمُخْتَارُ فِي لَفْظِ التَّسْبِيحِ سُبْحَانَ اللَّهِ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ» وَصِفَةُ التَّصْفِيقِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ أَنْ تَضْرِبَ بِظُهْرِ أُصْبُعَيْنِ مِنْ يَمِينِهَا عَلَى بَاطِنِ كَفِّهَا الْيُسْرَى، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّسْبِيحَ مُسْتَحَبٌّ وَغَيْرَهُ مِنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ جَائِزٌ عج (قَوْلُهُ وَكَلَامٍ إلَخْ) أَيْ: مِنْ إمَامٍ أَوْ مَأْمُومٍ أَوْ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ فِي كَلَامٍ قَلِيلٍ عَمْدًا) لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّأْنَ فِي الْعَمْدِ عَدَمُ السُّجُودِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ السُّجُودُ نَعَمْ لَوْ قَالَ وَلَا خَلَلَ فِي كَلَامٍ قَلِيلٍ عَمْدًا غَيْرَ أَنَّ الْبَاعِثَ لَهُ رحمه الله عَلَى مَا قَالَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي نَفْيِ السُّجُودِ (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ) أَيْ وَقَبْلَ السَّلَامِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّف بَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ (قَوْلُهُ ابْنُ عَرَفَةَ) تَمْثِيلٌ لِمَا إذَا وَقَعَ الْكَلَامُ مِنْ الْمَأْمُومِ مَعَ أَنَّ هَذَا مُحْتَوٍ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَفْقَهْ التَّسْبِيحَ) أَيْ بِالتَّسْبِيحِ (قَوْلُهُ فَكَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ: وَلَمْ يُصَدِّقْهُ فَلِذَلِكَ قَالَ فَسَأَلَ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَفْقَهْ أَيْ فَسَبَّحُوا لَهُ وَلَمْ يَفْقَهْ بِهِ (قَوْلُهُ فَلْيَدْنُ مِنْهُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يُسَبِّحُ مَعَ أَنَّهُ شَرَطَ فِي عَدَمِ السُّجُودِ شُرُوطًا مِنْهَا أَنْ لَا يَفْهَمَ إلَّا بِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ طُولٌ بِتَرَاجُعِهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِإِرَاءَةِ النَّجَاسَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَخْفَى وَيُلْحَقُ مَا لَمْ يَخْفَ بِمَا خَفِيَ فَإِنْ قُلْت: هَلَّا اُكْتُفِيَ بِالْإِخْبَارِ بِدُونِ الدُّنُوِّ؟ قُلْت: إنَّهُ عِنْدَ الدُّنُوِّ لَا يُحْتَاجُ لِرَفْعِ صَوْتٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ السُّجُودِ شُرُوطٌ أَنْ لَا يُفْهَمَ إلَّا بِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ طُولٌ بِتَرَاجُعِهِ وَسَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ وَنَشَأَ شَكُّهُ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ لَا مِنْ نَفْسِهِ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ.

(قَوْلُهُ يَجُوزُ لِمَنْ اُسْتُخْلِفَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ مَأْمُومٌ بِحَسَبِ الْأَصَالَةِ (قَوْلُهُ فَيُكَلِّمُهُمْ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ: كَمْ صَلَّى؟ وَلَمْ يَقُلْ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ لَيْسَ بِمَحَلِّ تَسْبِيحٍ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ) أَيْ: إذَا أَشَارَ لَهُمْ فَأَشَارُوا إلَيْهِ وَلَمْ يَفْهَمْ

ص: 321

أَوْقَعَهُ مُعْتَقِدًا التَّمَامِ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَكٌّ بَعْدَهُ كَانَ سَلَامُهُ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَمَّا لَوْ سَلَّمَ عَلَى شَكٍّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ فَالْمَشْهُورُ مَنْعُ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الشَّكِّ مُخَاطَبٌ بِالْيَقِينِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ السُّؤَالُ حَيْثُ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ قَبْلَ سَلَامِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ مَا تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّتُهُ وَكَذَا مَنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ سَأَلَ بِالْكَلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ إنَّمَا نَصَّ عَلَى عَدَمِ السُّجُودِ فِي الْكَلَامِ لِإِصْلَاحِهَا بَعْدَ السَّلَامِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا قَبْلَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَمْدِ الَّذِي لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْكَلَامَ بَعْدَ السَّلَامِ لِإِصْلَاحِهَا لَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ وَأَنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ.

(ص) وَرَجَعَ إمَامٌ فَقَطْ لِعَدْلَيْنِ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ لَا غَيْرَهُ مِنْ فَذٍّ وَمَأْمُومٍ إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ مِنْ مَأْمُومِيهِ بِالْإِتْمَامِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْكَمَالِ الَّذِي أَخْبَرَاهُ بِهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِهِمَا إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ كَذِبَهُمَا فِيمَا أَخْبَرَاهُ بِهِ مِنْ التَّمَامِ فَإِنْ تَيَقَّنَ كَذِبَهُمَا فِيهِ رَجَعَ لِيَقِينِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ لَهُمَا وَلَا وَلِأَكْثَرَ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَيَتْرُكُ يَقِينَهُ وَيَرْجِعُ لَهُمْ فِيمَا أَخْبَرُوهُ بِهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ كَمَالٍ.

وَتَقْرِيرُنَا صَدْرَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا أَخْبَرَهُ الْعَدْلَانِ بِالتَّمَامِ هُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَخْبَرَاهُ بِالنَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَيَقُّنِهِ خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ مِنْ النَّقْصِ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَارَ شَاكًّا فِي النَّقْصِ بِسَبَبِ الْإِخْبَارِ وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ أَوْ لَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ مِنْ نَفْسِهِ بِلَا إخْبَارِ أَحَدٍ أَصْلًا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي خَبَرِ مَنْ بَلَغَ هَذَا الْمِقْدَارَ عَدَالَةٌ وَلَا أَنْ يَكُونُوا مَأْمُومِينَ حِينَئِذٍ.

(ص) وَلَا لِحَمْدِ عَاطِسٍ أَوْ مُبَشَّرٍ وَنُدِبَ تَرْكُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا حَمِدَ لِعُطَاسِهِ أَوْ بِشَارَةٍ بُشِّرَ بِهَا أَوْ اسْتَرْجَعَ مِنْ مُصِيبَةٍ أُخْبِرَ بِهَا لَا سُجُودَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العدوي]

بِالْإِشَارَةِ هَذَا إذَا قُرِئَ يَفْهَمُ مَنْ فَهِمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَأَ إذَا لَمْ يُفْهِمْ مِنْ أَفْهَمَ أَيْ: إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إفْهَامُهُمْ السُّؤَالَ عَنْ عَدَدِ مَا صَلَّى (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَكٌّ بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ) مِنْ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ أَيْ: فَيَسْأَلُ غَيْرَهُمْ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ مَأْمُومِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْضِهِمْ أَيْ: يَسْأَلُ بَقِيَّتَهُمْ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَرَجَعَ إمَامٌ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلرَّدِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّدَّ عَلَى مَنْ ذُكِرَ لَا يَكُونُ بِنَفْيِ السُّجُودِ إنَّمَا يَكُونُ بِإِثْبَاتِ الْجَوَازِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَأَنَّ حَدِيثَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ الْكَلَامَ وَالْحَدِيثُ هُوَ «أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ» .

(قَوْلُهُ مِنْ فَذٍّ وَمَأْمُومٍ) فَالْفَذُّ وَالْمَأْمُومُ يَعْمَلَانِ عَلَى مَا قَامَ عِنْدَهُمَا كَانَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَنْظُرَانِ لِقَوْلِ غَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ فَيَرْجِعُ لَهُ وَيَتْرُكُ يَقِينَهُ (قَوْلُهُ مِنْ مَأْمُومِيهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُشَارِكَ فِي الصَّلَاةِ أَضْبَطُ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ وَارْتَضَاهُ س فِي شَرْحِهِ وَكَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَظَاهِرُ صَنِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمْ مَأْمُومِيهِ أَمْ لَا وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الرَّاجِحُ قَالَ فِي ك وَعَلَيْهِ يَنْظُرُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ اهـ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْكَمَالِ الَّذِي أَخْبَرَاهُ بِهِ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَنْكَحٍ وَكَذَا يَرْجِعُ لَهُمَا إنْ أَخْبَرَاهُ بِنَقْصٍ وَهُوَ مُسْتَنْكَحٌ يَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ كَذِبَهُمَا) أَيْ: بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّيَقُّنِ هُنَا الْجَزْمُ لَا الْعِلْمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ فَالْأَوْضَحُ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ بَيَانًا لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ كَذِبَهُمَا (قَوْلُهُ رَجَعَ لِيَقِينِهِ) فَإِنْ عَمِلَ عَلَى كَلَامِهِمَا وَكَلَامِ نَحْوِهِمَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ثُمَّ إذَا عَمِلَ عَلَى يَقِينِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ لِقَوْلِهِمَا فَإِنْ كَانَا أَخْبَرَاهُ بِالنَّقْصِ فَعَلَا مَعَهُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَيَا بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ أَفْذَاذًا أَوْ بِإِمَامٍ وَإِنْ كَانَا أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ فَكَإِمَامٍ لِخَامِسَةٍ فَيَأْتِي فِيهَا تَفْصِيلُهُ (قَوْلُهُ مِنْ نَقْصٍ أَوْ كَمَالٍ) هَذَا التَّعْمِيمُ مُحَقَّقٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إذَا كَثُرُوا جِدًّا فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمْ أَخْبَرُو بِالتَّمَامِ أَوْ أَخْبَرُوا بِالنَّقْصِ مُسْتَنْكَحًا أَمْ لَا كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ تَيَقَّنَ خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ أَوْ شَكَّ.

(قَوْلُهُ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ إلَخْ) فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا مِنْ حَيْثُ تَعْدَادُ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ وَهِيَ أَنَّك تَقُولُ: إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ خِلَافَ خَبَرِهِمَا بَلْ شَكَّ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا فَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِمَا أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ أَوْ بِالنَّقْصِ مُسْتَنْكَحًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ أَخْبَرَاهُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ فَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِمَا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.

(قَوْلُهُ مُنْقَطِعٌ) وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ تَيَقَّنَ لَمْ يَرْجِعْ لِعَدْلَيْنِ وَلَا لِأَكْثَرَ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا.

(قَوْلُهُ لِعُطَاسِهِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ فَهُوَ مَصْدَرٌ كَمَا هُوَ مُفَادُهُ فَهُوَ أَحَدُ الْمَصْدَرَيْنِ لِعَطَسَ وَالثَّانِي عَطْسٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الطَّاءِ إلَّا أَنَّهُ سَيَأْتِي يَقُولُ وَالْعُطَاسُ بُخَارٌ فَيُنَافِي ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ بُخَارٌ أَيْ: ذُو بُخَارٍ (قَوْلُهُ أَوْ بِشَارَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِعُطَاسِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي كَوْنِ الْحَمْدِ وَاقِعًا مِنْ الْمُبَشَّرِ بِفَتْحِ الشِّينِ وَبِشَارَةٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَالْفِعْلُ بَشَّرَ وَالْمَصْدَرُ التَّبْشِيرُ، وَقَوْلُهُ بُشِّرَ بِهَا أَيْ: بِمُتَعَلِّقِهَا أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامًا أَطْلَقَ الْبِشَارَةَ أَوَّلًا بِمَعْنَى التَّبْشِيرِ، ثُمَّ رَجَعَ الضَّمِيرُ لَهَا بِمَعْنَى الْمُبَشَّرِ بِهِ، ثُمَّ إنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةً إلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ أَيْ بِعِلِّيَّةِ الْمَأْخَذِ الَّذِي هُوَ

ص: 322

لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ تَرْكُ الْحَمْدِ سِرًّا وَجَهْرًا؛ لِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ أَهَمُّ بِالِاشْتِغَالِ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقْرَأَ مُبَشَّرٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ فَيَكُونُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْبِشَارَةُ لِلْحَامِدِ فَقَطْ وَلَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هَلْ الْحَمْدُ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي وَالْعُطَاسُ بُخَارٌ يَطْلُعُ بِسُرْعَةٍ مِنْ الْخَيْشُومِ يَنْدَفِعُ بِهِ مَضَرَّةٌ.

(ص) وَلَا لِجَائِزٍ كَإِنْصَاتٍ قَلَّ لِمُخْبِرٍ وَتَرْوِيحِ رِجْلَيْهِ وَقَتْلِ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ وَإِشَارَةٍ لِسَلَامٍ أَوْ حَاجَةٍ (ش) يَعْنِي وَلَا سُجُودَ فِي ارْتِكَابِ جَائِزٍ فِعْلُهُ فِي الصَّلَاةِ لِنَفْسِهِ لَا لِإِصْلَاحِهَا فَمِنْ ذَلِكَ الْإِنْصَاتُ الْيَسِيرُ لِسَمَاعِ مُخْبِرٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ بَشِيرٍ وَإِنْ طَالَ الْإِنْصَاتُ جِدًّا أَبْطَلَ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَغَلَ عَنْ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ أَيْ إنْ كَانَ سَهْوًا وَالطُّولُ وَالْقِلَّةُ وَالتَّوَسُّطُ بِالْعُرْفِ كَذَا يَنْبَغِي وَمِنْ ذَلِكَ تَرْوِيحُ الرِّجْلَيْنِ وَلَمَّا فَسَّرَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ الِاعْتِمَادُ عَلَى رِجْلٍ وَرَفْعُ الْأُخْرَى احْتَاجَ لِمَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّهُ طُولٌ إذْ هُوَ مَعَ انْتِفَاءِ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ الِاعْتِمَادُ عَلَى إحْدَى الرِّجْلَيْنِ مَعَ عَدَمِ رَفْعِ الْأُخْرَى وَمِنْ ذَلِكَ قَتْلُ مَا يُحَاذِرُ مِنْ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ فَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ كُرِهَ قَتْلُهُ لَهَا وَفِي سُجُودِهِ قَوْلَانِ وَيُكْرَهُ قَتْلُ مَا عَدَا الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ مِنْ طَيْرٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ ذَرَّةٍ أَوْ نَحْلَةٍ أَوْ بَعُوضَةٍ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِمَا فِيهِ شُغْلٌ كَثِيرٌ ثُمَّ الْمُرَادُ بِإِرَادَةِ الْعَقْرَبِ لَهُ أَنْ تَأْتِيَ مِنْ جِهَتِهِ؛ لِأَنَّهَا عَمْيَاءُ لَا تَقْصِدُ أَحَدًا وَلِأَنَّ الْإِرَادَةَ مِنْ صِفَاتِ الْعُقَلَاءِ وَمِنْ ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِيَدٍ أَوْ رَأْسٍ لِسَلَامٍ رَدًّا وَابْتِدَاءً قَالَهُ سَنَدٌ وَصَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِوُجُوبِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلْيَرُدَّ اهـ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِشَارَةٍ لِسَلَامٍ أَيْ لِرَدِّ سَلَامٍ لَا ابْتِدَائِهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ الْقَائِلِ بِجَوَازِهِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَتَرْكُهُ عِنْدِي صَوَابٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْجَائِزِ اهـ وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ الْإِشَارَةِ لِلْحَاجَةِ رَدًّا وَطَلَبًا ثُمَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقْرَأَ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ لِمُخْبِرٍ بِالْكَسْرِ اسْمُ فَاعِلٍ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْإِنْصَاتُ مِنْ الْمُخْبَرِ بِالْفَتْحِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ قُرِئَ بِالْفَتْحِ فَلَا يَشْمَلُ الثَّانِيَ وَقَيَّدْنَا الْجَائِزَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِقَوْلِنَا فِي

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَصْدَرُ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي عُطَاسٍ وَأَمَّا بِشَارَةٌ فَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ؛ لِأَنَّ مَصْدَرَ بَشَّرَ التَّبْشِيرُ وَيُجَابُ بِأَنَّ اسْمَ الْمَصْدَرِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ تَرْكُ الْحَمْدِ) وَكَذَا تَرْكُ الِاسْتِرْجَاعِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أُخْبِرَ فِي الصَّلَاةِ بِمَا يَسُرُّهُ فَحَمِدَ اللَّهَ أَوْ بِمُصِيبَةٍ فَاسْتَرْجَعَ أَوْ بِشَيْءٍ فَيَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَوْ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ فَلَا يُعْجِبنِي وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ.

(قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقْرَأَ مُبَشِّرٌ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ يُحْتَمَلُ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا حَلٌّ آخَرُ غَيْرُ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بِشَارَةٍ بُشِّرَ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ عَيْنُهُ فَالْأَوْضَحُ لِقَوْلِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقْرَأَ أَنْ يَقُولَ أَوَّلًا بَدَلَ قَوْلِهِ بِشَارَةٍ إلَخْ أَوْ بِشَارَةِ مُبَشِّرٍ بِكَسْرِ الشِّينِ كَانَتْ الْبِشَارَةُ لِلْحَامِدِ أَوْ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي) قَوْلُهُ لِخَبَرٍ سَمِعَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ أَوْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَجْهُهُ أَنَّ نَفْيَ الْعَجَبِ يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَالْحُرْمَةَ وَهِيَ لَا تُتَوَهَّمُ فَأَقَلُّ مَا هُنَاكَ الْكَرَاهَةُ.

(فَإِنْ قُلْت) مَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى (قُلْت) إنَّ أَلْفَاظَ الْإِمَامِ أَوْ تَابِعِهِ بِمَنْزِلَةِ أَلْفَاظِ الشَّارِعِ وَالنَّفْيُ بِمَنْزِلَةِ النَّهْيِ وَخِلَافُ الْأَوْلَى لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِالنَّهْيِ بَلْ إنَّمَا أَخَذَ مِنْ لَفْظِ الْأَوَامِرِ بِالْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ الْخَيْشُومِ) أَقْصَى الْأَنْفِ.

(قَوْلُهُ وَإِشَارَةٍ لِرَدِّ سَلَامٍ) أَيْ وَأَمَّا الرَّدُّ بِاللَّفْظِ فَيُبْطِلُ عَمْدًا وَجَهْلًا لَا سَهْوًا فَيَسْجُدُ (قَوْلُهُ لَا لِإِصْلَاحِهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِنَفْسِهِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ جَائِزٌ لِفِعْلِهِ لِأَجْلِ حَاجَةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ طَالَ الْإِنْصَاتُ جِدًّا أَبْطَلَ صَلَاتَهُ) أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ) أَيْ: إنْ كَانَ سَهْوًا وَأَمَّا عَمْدًا فَتَبْطُلُ (قَوْلُهُ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ الِاعْتِمَادُ إلَخْ) أَيْ: وَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْيِيدِهِ بِالطُّولِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ مِنْ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ) الْحَيَّةُ تَكُونُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْهَاءُ لِلْإِفْرَادِ كَبَغْلَةٍ وَدَجَاجَةٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ الْعَرَبِ رَأَيْت حَيًّا عَلَى حَيَّةٍ أَيْ ذَكَرًا عَلَى أُنْثَى قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ وَالْعَقْرَبُ يُقَالُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْغَالِبُ عَلَيْهَا التَّأْنِيثُ وَالْأُنْثَى عَقْرَبَةٌ وَعَقْرَبَاءُ مَفْتُوحٌ مَمْدُودٌ غَيْرُ مَصْرُوفٍ وَالذَّكَرُ عُقْرُبَانٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ.

(قَوْلُهُ وَفِي سُجُودِهِ قَوْلَانِ) مَعْنَاهُ إذَا كَانَ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ كَمَا يُفِيدُهُ عج وَتَبِعَهُ عب وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ السُّجُودُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ عَلَى سُنَنٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالْخِلَافُ مَعَ السَّهْوِ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ إبْقَاءُ اللَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَوَجَبَ فِعْلُهُ بِقَتْلِ حَيَّةٍ أَرَادَتْهُ وَلَمْ يَسْجُدْ وَإِذَا كَرِهَ قَتْلَهَا وَلَمْ تُرِدْهُ فَفِي سُجُودِهِ قَوْلَانِ اهـ. فَهَذَا ظَاهِرٌ ظُهُورًا قَوِيًّا فِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي السُّجُودِ فِي حَالَةِ الْكَرَاهَةِ وَلَا تُوجَدُ الْكَرَاهَةُ إلَّا مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ بِأَنَّ السَّهْوَ هُوَ الْمُوجِبُ لِلسُّجُودِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مِثْلُ الطُّولِ فِي مَحَلٍّ لَا يُطْلَبُ فِيهِ التَّطْوِيلُ بَلْ فَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ عَمْدًا فِيهِ السُّجُودُ.

(قَوْلُهُ أَوْ ذَرَّةٍ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الذَّرُّ جَمْعُ ذَرَّةٍ وَهِيَ أَصْغَرُ النَّمْلِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْلَةٍ) الْوَاحِدَةُ مِنْ النَّحْلِ.

(قَوْلُهُ أَوْ بَعُوضَةٍ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ وَالْبَعُوضُ الْبَقُّ الْوَاحِدَةُ بَعُوضَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِرَادَةَ مِنْ صِفَاتِ الْعُقَلَاءِ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الْعُقَلَاءَ مُطْبِقُونَ عَلَى وَصْفِ الْحَيَوَانِ بِأَنَّهُ الْمُتَحَرِّكُ بِالْإِرَادَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ إنْسَانًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ بِوُجُوبِهِ) أَيْ: الرَّدِّ وَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ الْإِشَارَةِ لِلْحَاجَةِ رَدًّا وَطَلَبًا) إلَّا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَيَّدَ ذَلِكَ بِالْخَفِيفِ (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْإِنْصَاتُ إلَخْ) أَيْ: وَتُجْعَلُ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ قُرِئَ بِالْفَتْحِ إلَخْ) وَاللَّامُ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ وَإِنْصَاتٍ وَاقِعٍ مِنْ مُخْبَرٍ أَوْ ثَابِتٍ لِمُخْبِرٍ مِنْ حَيْثُ وُقُوعُهُ مِنْهُ

ص: 323

أَوَّلِ حَلِّهَا لِنَفْسِهِ لَا لِإِصْلَاحِهَا احْتِرَازًا عَمَّا سَبَقَ مِنْ الْجَائِزِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ لِلْإِصْلَاحِ كَالْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ وَالتَّسْبِيحِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِجَوَابِ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَلَا لِجَائِزٍ يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ مَعَ الْجَائِزِ مِنْ أَنَّ بَعْضَهُ جَائِزٌ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَائِزِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ وَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ هَذَا مَطْلُوبٌ كَمَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا لِتَبَسُّمٍ إلَخْ مَكْرُوهٌ.

(ص) لَا عَلَى مُشَمِّتٍ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ الْجَوَازِ أَيْ: لَا الرَّدِّ عَلَى مُشَمِّتٍ فَلَا يَجُوزُ أَيْ: يُكْرَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْ: إشَارَةٍ لِرَدِّ سَلَامٍ لَا إشَارَةٍ لِلرَّدِّ عَلَى مُشَمِّتٍ أَيْ: فَلَيْسَ مِنْ الْجَائِزِ بَلْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ شَمَّتَهُ إشَارَةً كَانَ فِي فَرْضٍ أَوْ نَافِلَةٍ اهـ الْوَانُّوغِيُّ وَفِي تَصْوِيرِ التَّشْمِيتِ عَلَى الْمَشْهُورِ عُسْرٌ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ سَمَاعِ الْحَمْدِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَحْمَدُ فَكَيْفَ يَرُدُّ قُلْت يُمْكِنُ فَرْضُهُ إذَا عَطَسَ وَحَمِدَ جَهْرًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ أَحْرَمَ فَشَمَّتَهُ صَدَقَ حِينَئِذٍ أَنْ لَا يَرُدَّ اهـ. فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ كَرِهْتُمْ الْإِشَارَةَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشَمِّتِ فِي النَّافِلَةِ وَأَجَزْتُمْ حِكَايَةَ الْأَذَانِ فِيهَا قِيلَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ هُنَا فِي مَعْنَى الْمُحَادَثَةِ وَالتَّشْمِيتُ قَوْلُ مَنْ سَمِعَ حَمْدَ الْعَاطِسِ لَهُ يَرْحَمُك اللَّهُ بِالْمُهْمَلَةِ مِنْ السَّمْتِ وَهُوَ الْهُدَى أَيْ: جَعَلَك اللَّهُ عَلَى هُدًى وَسَمْتٍ حَسَنٍ وَبِالْمُعْجَمَةِ مَعْنَاهُ أَبْعَدَ اللَّهُ عَنْك الشَّمَاتَةَ {فَائِدَةٌ} أَوَّلُ مَنْ عَطَسَ آدَم وَهُوَ مِنْ اللَّهِ وَالتَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ بِمُثَنَّاتَيْنِ مِنْ فَوْقٍ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزِ مُخَفَّفًا عَلَى وَزْنِ تَفَاعُلٍ وَلَا يُقَالُ تَثَاوُبٌ بِالْوَاوِ قَالَهُ الْجَوَاهِرِيُّ وَقَالَ عِيَاضٌ يُقَالُ تَثَاوَبَ بِالْوَاوِ تَثَاوُبًا وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ التَّثَاؤُبُ بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ يُقَالُ تَثَاءَبَ تَثَاؤُبًا إذَا فَتَحَ فَاهُ وَأَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ تَتَوَّبَ إذَا أَصَابَهُ الْكَسَلُ وَهُوَ شَيْءٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ أَوْ يَشْرَبُهُ فَيُصِيبُهُ مِنْهُ فَتْرَةً كَفَتْرَةِ النُّعَاسِ.

وَقَالَ سَيِّدِي زَرُّوقٌ قِيلَ إنَّ الْعُطَاسَ مِنْ اللَّهِ وَمَعْنَاهُ مِنْ حَيِّزِ الْخَيْرِ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ يُخَفِّفُ الدِّمَاغَ وَيُسَهِّلُ بَعْضَ الْعِبَادَاتِ وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْفَالِجِ وَالسُّعَالُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْبَرَصِ وَالزُّكَامُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْجُذَامِ وَالرَّمَدُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْعَمَى» وَيُرْوَى أَنَّ مَنْ سَمِعَ عَاطِسًا فَسَبَقَهُ بِالْحَمْدِ كَانَ آمِنًا مِنْ الشَّوْصِ وَرَأَيْت فِي جِدَارِ زَمْزَمَ مَكْتُوبًا مَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ عِنْدَ عُطَاسِهِ أَمِنَ مِنْ قَلْعِ أَضْرَاسِهِ وَفِي الْحَدِيثِ إنَّ «الدُّعَاءَ عِنْدَ الْعُطَاسِ مُسْتَجَابٌ» وَقَدْ شَرَدَ عَنِّي مَحَلُّ نَقْلِهِ فَابْحَثْ عَنْهُ اهـ قُلْت

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ جَائِزٌ) أَيْ: الَّذِي هُوَ الْإِصْلَاحُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ جَائِزٌ أَيْ: بَعْضُ الَّذِي تَقَدَّمَ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ لِلْإِصْلَاحِ لَا يَخْفَى أَنَّ كُلَّ مَا تَقَدَّمَ جَائِزٌ بِمَعْنَى الْمَأْذُونِ فِيهِ لَا بَعْضُهُ (قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَائِزِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ) يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْجَوَابِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ: إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْجَائِزِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ مَعَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ مُرَادٌ بِهِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ حَيْثِيَّةُ الِاسْتِوَاءِ لَيْسَتْ مُرَادَةً الثَّانِي أَنَّهُ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ بِأَنَّهُ يَجِبُ قَتْلُ الْعَقْرَبِ إذَا أَرَادَتْهُ.

(قَوْلُهُ هَذَا مُخْرَجٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ التَّسَامُحِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ شَيْءٍ مِنْ أَمْرٍ يَقْتَضِي دُخُولَ الشَّيْءِ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ مَعَ أَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْمُشَمَّتِ لَمْ يَدْخُلْ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَإِنْصَاتٍ قَلَّ لِمُخْبِرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ احْتِمَالًا مَنْظُورًا فِيهِ لِلظَّاهِرِ بَقِيَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: مُخْرَجٍ مِنْ ذِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ بَعْضُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ التَّسَامُحِ فَإِنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ هُوَ الْإِشَارَةُ (قَوْلُهُ فِي تَصْوِيرِ) الْمُرَادُ بِهِ التَّصْدِيقُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ الْحَمْدُ قِيلَ سِرًّا وَجَهْرًا.

(قَوْلُهُ عُسْرٌ) أَرَادَ بِهِ التَّعَذُّرَ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ قُلْت يُمْكِنُ فَرْضُهُ إلَخْ) جَوَابٌ بِالتَّسْلِيمِ وَإِنْ عَدِمَ التَّعَسُّرَ بِالنِّسْبَةِ لِحَالَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ قُلْت يُمْكِنُ فَرْضُهُ) فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ فَرْضُهُ إذَا ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَحَمِدَ قُلْنَا: إنَّ حَمْدَ الْعَاطِسِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَهُوَ مَعْدُومٌ شَرْعًا وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا فَتَشْمِيتُهُ عَدَمٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ رَدًّا وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ رَدِّ السَّلَامِ وَالرَّدِّ (قَوْلُهُ فِي مَعْنَى الْمُحَادَثَةِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ: مِنْ قَبِيلِ الْمُحَادَثَةِ.

(قَوْله وَسَمْتٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالسَّمْتُ هُوَ الْهَيْئَةُ فَإِنْ قُلْت أَيُّ مُنَاسَبَةٍ فِي الدُّعَاءِ بِذَلِكَ قُلْنَا: إنَّ الْعَاطِسَ حِينَ عُطَاسِهِ تَتَغَيَّرُ هَيْئَتُهُ (قَوْلُهُ الشَّمَاتَةَ) أَيْ: فَرَحَ الْأَعْدَاءِ بِبَقَاءِ تَغَيُّرِ هَيْئَتِك الْحَاصِلَةِ عِنْدَ الْعَاطِسِ.

{تَنْبِيهٌ} : قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الشَّيْنُ الْمُعْجَمَةُ أَعْلَى فِي كَلَامِهِمْ وَأَكْثَرُ (قَوْلُهُ أَوَّلُ مَنْ عَطَسَ آدَم) بِفَتْحِ الطَّاءِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُسْتَقْبِلِ (قَوْلُهُ وَالتَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ) أَيْ أَنَّهُ مِنْ حَيِّزِ الشَّرِّ أَوْ أَصْلُ سَبَبِهِ مِنْ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى كَثْرَةِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ بِمُثَنَّاتَيْنِ مِنْ فَوْقُ) الَّذِي فِي الْقَامُوسِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ (قَوْلُهُ وَأَصْلُ هَذِهِ) أَيْ: وَأَخْذُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ (قَوْلُهُ فَتْرَةٌ) هِيَ الِانْكِسَارُ وَالضَّعْفُ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مِنْ حَيِّزِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَيُسَهِّلُ) عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ (قَوْلُهُ بَعْضَ الْعِبَادَاتِ) مَصْدُوقُ الْبَعْضِ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَتَوَقَّفُ عَلَى فِكْرَةٍ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَا نَحْوُ الصَّوْمِ.

(قَوْلُهُ عِرْقَ الْفَالِجِ) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِعِرْقِ الْفَالِجِ مُدَّةً فِي الْعِرْقِ يَنْشَأُ مِنْهَا هَذَا الْفَالِجُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْفَالِجُ مَرَضٌ يَحْدُثُ فِي أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا فَيُبْطِلُ إحْسَاسَهُ وَحَرَكَتَهُ وَرُبَّمَا كَانَ فِي الشِّقَّيْنِ وَيَحْدُثُ بَغْتَةً اهـ.

(قَوْلُهُ «وَالرَّمَدُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْعَمَى» ) وَكَانَ الْعَمَى الَّذِي يَحْصُلُ عِنْدَ حُصُولِ الرَّمَدِ لِأُمُورٍ تَعْرِضُ إذْ ذَاكَ وَإِلَّا فَالرَّمَدُ سَبَبٌ فِي جَلَاءِ الْبَصَرِ حَسْبَ مَا قَالَ (قَوْلُهُ وَقَدْ شَرَدَ عَنِّي مَحَلُّ نَقْلِهِ) شَرَدَ مِنْ بَابِ دَخَلَ قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَصْلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْمَذْكُورُ ثَلَاثٌ أَوَّلُهَا وَيُرْوَى أَنَّ مَنْ سَمِعَ إلَخْ الثَّانِي وَرَأَيْت فِي جِدَارِ زَمْزَمَ الثَّالِثُ قَوْلُهُ وَفِي الْحَدِيثِ إنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَ الْعُطَاسِ مُسْتَجَابٌ إلَخْ

ص: 324

حَدِيثُ اللَّوْصِ رَوَاهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ بِلَفْظٍ «مَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ أَمِنَ مِنْ الشَّوْصِ وَاللَّوْصِ وَالْعِلَّوْصِ» وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَجَعُ الضِّرْسِ وَقِيلَ وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ وَالثَّانِي وَجَعُ الْأُذُنِ وَقِيلَ وَجَعُ الْمُخِّ وَالثَّالِثُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ الثَّقِيلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ مِنْ التُّخَمَةِ وَحَدِيثُ الْعَاطِسِ خَرَّجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَادِ وَأَبُو عَلِيٍّ وَلَفْظُهُ «مَنْ حَدَّثَ حَدِيثًا فَعَطَسَ عِنْدَهُ فَهُوَ حَقٌّ» وَخَرَّجَهُ الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ إنَّهُ مُنْكَرٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَهُ أَصْلٌ أَصِيلٌ وَلَهُ شَوَاهِدُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مَرْفُوعًا «أَصْدَقُ الْحَدِيثِ مَا عُطِسَ عِنْدَهُ» وَفِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ وَمُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ «مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ الْعُطَاسُ عِنْدَ الدُّعَاءِ» قَالَهُ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ.

(ص) كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ السُّجُودِ لَا فِي الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ هَذَا وَقَعَ مِنْهُ غَلَبَةً فَلَا يَتَّصِفُ بِجَوَازٍ وَلَا غَيْرِهِ فَلِذَا حَسَنُ التَّشْبِيهُ مِنْ الْمُؤَلِّفِ دُونَ الْعَطْفِ فَفِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نَظَرٌ، وَأَمَّا الْبُكَاءُ الْمَسْمُوعُ إذَا كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَالْخُشُوعِ يُلْحَقُ بِالْكَلَامِ فَيُبْطِلُ عَمْدُهُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْخُشُوعِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَانَ غَلَبَةً وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ.

(وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ وَإِلَّا فَكَالْكَلَامِ) وَالْمُرَادُ بِالتَّخَشُّعِ الْخُشُوعُ فَلَيْسَ التَّفَعُّلُ عَلَى بَابِهِ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ إظْهَارُ التَّخَشُّعِ فِي الصَّلَاةِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ بِالْغَلَبَةِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الْأَنِينِ وَالْبُكَاءِ أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ أَنَّ لِغَيْرِ وَجَعٍ أَوْ بَكَى لِغَيْرِ الْخُشُوعِ كَمُصِيبَةٍ أَوْ وَجَعٍ فَكَالْكَلَامِ يُفَرَّقُ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ وَكَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ.

(ص) كَسَلَامٍ عَلَى مُفْتَرِضٍ (ش) أَيْ: وَلَا يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُصَلِّي فِي فَرْضٍ وَلَا نَافِلَةٍ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ لَا فِي الْجَوَازِ الْمَنْفِيِّ عَنْهُ السُّجُودُ؛ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِمُصَلٍّ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَلِذَا كَانَ الْمُنَاسِبُ مَا سَلَكَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ تَرْكِ الْعَاطِفِ وَلَوْ قَالَ عَلَى مُصَلٍّ بَدَلَ مُفْتَرِضٍ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَخْصَرَ.

(ص) وَلَا لِتَبَسُّمٍ (ش) أَيْ: لَا سُجُودَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا غَيْرَ أَنَّ الْعَمْدَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ التَّبَسُّمَ حَرَكَةُ الشَّفَتَيْنِ فَهُوَ كَحَرَكَةِ الْأَجْفَانِ وَالْقَدَمَيْنِ وَعَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ انْبِسَاطُ الْوَجْهِ وَاتِّسَاعُهُ مَعَ ظُهُورِ الْبُشْرَى مِنْ غَيْرِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ حَدِيثُ اللَّوْصِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ حَدِيثُ الشَّوْصِ؛ لِأَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ «كَانَ آمِنًا مِنْ الشَّوْصِ» .

(قَوْلُهُ فِي الْبَطْنِ) أَيْ: وَإِذَا كَانَ الْوَجَعُ فِي الْبَطْنِ فَالْبَطْنُ مَوْجُوعَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ التُّخَمَةِ) مَرَضٌ يَنْشَأُ عَنْ كَثْرَةِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَحَدِيثُ الْعُطَاسِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ شَأْنَ مَا كَانَ الْحَدِيثُ الَّذِي يَتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ حَقًّا أَنْ يُسْتَحَبَّ عِنْدَهُ الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ الْأَفْرَادِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ فَرْدٍ (قَوْلُهُ أَصِيلٌ) تَأْكِيدٌ لِأَصْلٍ أَيْ: أَصْلٍ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الْقُوَّةِ (قَوْلُهُ وَلَهُ شَوَاهِدُ) جَمْعُ شَاهِدٍ وَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُوَافِقُ فِي الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ شَوَاهِدَ جَمْعٌ وَهَذَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْجِنْسَ (قَوْلُهُ عُطِسَ عِنْدَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَذَا ضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَفِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ) اسْمُ كِتَابٍ.

(قَوْلُهُ كَأَنِينٍ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِالْأَنِينِ بِقَيْدِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْأَصْوَاتِ الْمُلْحَقَةِ بِالْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ فَفِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نَظَرٌ) عِبَارَتُهُ صَوَابُهُ وَكَأَنِينٍ بِالْوَاوِ عَطْفًا عَلَى كَإِنْصَاتٍ إذْ هُوَ مِمَّا انْدَرَجَ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَا لِجَائِزٍ اهـ.

وَحَاصِلُ رَدِّ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْجَائِزِ، وَاَلَّذِي أَقُولُ إنَّ هَذَا الْأَنِينَ الَّذِي يَقَعُ مِنْ الْمَرِيضِ تَارَةً يَصِلُ إلَى حَدِّ الْغَلَبَةِ بِحَيْثُ يَصِيرُ كَالْمَلْجَأِ الِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ وَتَارَةً يَكُونُ لَهُ اخْتِيَارٌ فِيهِ أَيْ: بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَالْخُشُوعِ) أَيْ: لَا يَتَعَلَّقُ بِالْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْخُشُوعِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَنْطُوقَ يَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ بِأَنْ كَانَ لِمُصِيبَةٍ أَوْ وَجَعٍ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَانَ غَلَبَةً) وَأَمَّا إذَا كَانَ اخْتِيَارًا فَيُبْطِلُ وَسَكَتَ عَنْ السَّهْوِ فَهَلْ كَالْغَلَبَةِ لَا سُجُودَ فِيهِ أَوْ فِيهِ السُّجُودُ وَهُوَ الظَّاهِرُ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ) أَيْ: فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَلَبَةً وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالْكَلَامِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لِمُصِيبَةٍ أَوْ وَجَعٍ فَكَالْكَلَامِ كَانَ اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ كَانَ لِتَخَشُّعٍ وَكَانَ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ بِالْغَلَبَةِ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ (قَوْلُهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ) أَيْ: فَإِذَا كَانَ عَمْدًا فَتَبْطُلُ وَكَذَا إنْ كَانَ غَلَبَةً (قَوْلُهُ وَكَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ) أَيْ: وَكَثِيرُ السَّهْوِ وَقَلِيلُهُ فَإِذَا كَانَ كَثِيرُ السَّهْوِ فَيُبْطِلُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلُهُ لَا يُبْطِلُ.

{تَنْبِيهٌ} : هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْبُكَاءُ بِصَوْتٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا صَوْتَ فِيهِ لَا يُبْطِلُ اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً تَخَشُّعًا أَمْ لَا وَيَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الِاخْتِيَارِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبُكَاءَ إنْ حَصَلَ بِلَا صَوْتٍ لَا يُبْطِلُ مُطْلَقًا اخْتِيَارِيًّا أَوْ غَلَبَةً تَخَشُّعًا أَمْ لَا مَا لَمْ يَكْثُرْ ذَلِكَ فِي الِاخْتِيَارِيِّ، وَأَمَّا بِصَوْتٍ فَإِنْ كَانَ اخْتِيَارِيًّا أَبْطَلَ مُطْلَقًا كَانَ لِتَخَشُّعٍ أَمْ لَا بِأَنْ كَانَ لِمُصِيبَةٍ وَإِنْ كَانَ غَلَبَةً إنْ كَانَ لِتَخَشُّعٍ لَمْ يُبْطِلْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَثُرَ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ أَبْطَلَ شَرْحُ عب وَسَكَتَ عَنْ السَّهْوِ وَقَدْ عَلِمْت حُكْمَهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ السَّلَامُ إلَخْ) صَادِقٌ بِالسُّنَّةِ وَالْجَوَازِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَلَا يُقَالُ إنَّ السَّلَامَ عَلَيْهِ سُنَّةٌ كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إشْغَالًا. .

(قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الْعَمْدَ مَكْرُوهٌ) وَيَنْبَغِي إلَّا أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْيَسِيرِ عَلَى مَا يَنْبَغِي فَإِنْ كَثُرَ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ وَلَوْ كَانَ سَهْوًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ حَيْثُ كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ كَانَ لَهَا فَلَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك فَإِنْ تَوَسَّطَ سَجَدَ فِي سَهْوِهِ كَمَا يَنْبَغِي وَانْظُرْ إذَا كَانَ عَمْدًا كَمَا فِي ك وَالشَّأْنُ أَنَّ مَا كَانَ السُّجُودُ فِي سَهْوِهِ فَالْبُطْلَانُ فِي عَمْدِهِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شَيْخَنَا عَبْدَ اللَّهِ كَتَبَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّ الظَّاهِرَ الْبُطْلَانُ مُعَلِّلًا بِتِلْكَ الْعِلَّةِ (قَوْله بِأَنَّهُ انْبِسَاطٌ إلَخْ) لَيْسَ هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ بَلْ لَازِمٌ لَهُ (قَوْلُهُ مَعَ ظُهُورِ الْبُشْرَى) كَأَنَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ

ص: 325

صَوْتٍ وَقِيلَ هُوَ أَوَّلُ الضَّحِكِ وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا} [النمل: 19] فَتَبَسَّمَ سُلَيْمَانُ ابْتِدَاءً ضَاحِكًا انْتِهَاءً مِنْ قَوْلِهَا أَيْ النَّمْلَةِ {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ} [النمل: 18] إلَخْ.

(ص) وَفَرْقَعَةِ أَصَابِعَ وَالْتِفَاتٍ بِلَا حَاجَةٍ (ش) أَيْ: فَلَا سُجُودَ فِي فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ سَهْوًا وَتَقَدَّمَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ وَمَفْهُومُ بِلَا حَاجَةٍ الْجَوَازُ مَعَهَا.

(ص) وَتَعَمُّدِ بَلْعِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ فِي ذَلِكَ قَالَ فِيهَا إنْ ابْتَلَعَ حَبَّةً بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَيُحْتَمَلُ الْإِبَاحَةُ وَالْكَرَاهَةُ وَهُوَ أَقْرَبُ وَلِذَلِكَ طُولِبَ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ خَشْيَةَ التَّشْوِيشِ عَلَى الْمُصَلِّي بِمَا يَبْقَى بَيْنَ أَسْنَانِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَمِثْلُ الصَّلَاةِ الصَّوْمُ وَفِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ مَا يُفِيدُ أَنَّ مَضْغَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ كَبَلْعِهِ بِلَا مَضْغٍ، وَأَمَّا لَوْ ابْتَلَعَ حَبَّةً مِنْ الْأَرْضِ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَضُرُّ عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِي وَكَذَا فِي الصَّوْمِ عَلَى مَا بَحَثَ ابْنُ يُونُسَ لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ نَاجِي أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي الصَّوْمِ فِي فِعْلِ ذَلِكَ سَهْوًا وَهُوَ الْكَفَّارَةُ فِي فِعْلِهِ عَمْدًا.

(ص) وَحَكِّ جَسَدِهِ (ش) أَيْ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَهَذَا إذَا كَانَ يَسِيرًا جِدًّا وَفَوْقَهُ يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَالْكَثِيرُ جِدًّا يُبْطِلُ مُطْلَقًا.

(ص) وَذِكْرٍ قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ بِمَحَلِّهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا قَصَدَ بِالذِّكْرِ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ التَّفْهِيمَ بِهِ بِمَحَلِّهِ كَاسْتِئْذَانٍ عَلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] فَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ لِقَصْدِ الْإِذْنِ لَهُ أَوْ رَفَعَهُ بِتَكْبِيرٍ أَوْ تَحْمِيدٍ أَوْ غَيْرِهِ مَا عَدَا التَّسْبِيحَ لِلْإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لِيُوقِفَ الْمُسْتَأْذِنَ أَوْ قَصَدَ أَمْرًا غَيْرَهُ كَأَخْذِهِ كِتَابًا وَهُوَ يَقْرَأُ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12] فَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ لَيُنَبِّهَ عَلَى مُرَادِهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَجَرَّدَ لِلتَّفْهِيمِ بَطَلَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُحَادَثَةِ وَهَذَا فِي غَيْرِ التَّسْبِيحِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَعْنَى تَجَرُّدِهِ لِلتَّفْهِيمِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْرَأْ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ اهـ زَادَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ وَافَقَ اسْتِئْذَانَ الْمُسْتَأْذِنِ عَلَى الْمُصَلِّي فَرَاغَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ فَشَرَعَ يَقْرَأُ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] قَاصِدًا بِهِ التَّفْهِيمَ أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ قَصَدَ قِرَاءَةَ هَذِهِ الْآيَةِ أَمْ لَا فَالْمُوَافِقُ لِهَذَا أَنْ يُفَسِّرَ قَوْلَهُ بِمَحَلِّهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ أَوْ يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَتِهِ وَغَيْرِ مَحَلِّهِ بِأَنْ يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ وَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ إلَخْ، ثُمَّ إنَّ الْبَاءَ فِي بِهِ لِلسَّبِيبَةِ وَفِي بِمَحَلِّهِ لِلظَّرْفِيَّةِ وَالضَّمِيرُ فِيهِمَا رَاجِعٌ لِلذِّكْرِ.

(ص) كَفَتْحٍ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْبُطْلَانِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مِثَالٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الذِّكْرِ الَّذِي قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَيْسَ تَشْبِيهًا وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ إنْ كَانَ هُوَ الْإِمَامُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَفْتَحُ عَلَيْهِ وَقَدْ يَجِبُ وَمَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ هُوَ غَيْرُ الْإِمَامِ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُصَلِّيًا أَوْ تَالِيًا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَقِيلَ هُوَ أَوَّلُ الضَّحِكِ) أَيْ: قَبْلَ الضَّحِكِ (فَإِنْ قُلْت) مَا الْمَانِعُ لَك مِنْ أَنْ تَقُولَ قَوْلُهُ أَوَّلُ الضَّحِكِ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الضَّحِكِ (قُلْت) الْمَانِعُ لَهُ قَوْلُهُ وَمَعْنَى إلَخْ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ فَلَا سُجُودَ فِي فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ) أَقُولُ لَا يُتَوَهَّمُ السُّجُودُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَرْقَعَةَ وَالِالْتِفَاتَ إنْ كَثُرَ أَبْطَلَ مُطْلَقًا وَإِذَا تَوَسَّطَ أَبْطَلَ عَمْدُهُ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْيَسِيرِ.

(قَوْلُهُ وَتَعَمُّدِ بَلْعِ) وَمِثْلُ بَلْعِ مَا بَيْنَهَا بَلْعُ تِينَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ لُقْمَةٍ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِفَمِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ شَيْخُنَا وَأَمَّا مَضْغُ التِّينَةِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا؛ لِأَنَّ الْمَضْغَ لَا يُغْتَفَرُ إلَّا إذَا كَانَ يَسِيرًا كَمَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ.

(قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي تَعَمُّدِ بَلْعِ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ فِيهِ أَنَّ الْعَمْدَ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ السُّجُودُ حَتَّى يُنْفَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَعَمُّدُهُ فِي ذَاتِهِ مَعَ كَوْنِهِ نَاسِيًا أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ اللَّفْظِ أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ لَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ عَمْدَهُ مِثْلُ الطُّولِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِعَمْدِهِ نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ يَحْمِلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى السَّهْوِ وَإِذَا تَغَيَّرَ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ مِنْ دَمِ اللِّثَةِ فَلَا يَجُوزُ بَلْعُهُ.

(قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ طُولِبَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَعَمُّدَ بَلْعِ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ لَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَالْأَكْلِ يُتَوَهَّمُ الْبُطْلَانُ فِي عَمْدِهِ وَالسُّجُودُ فِي سَهْوِهِ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا سُجُودَ، وَطَلَبُ السِّوَاكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ خَشْيَةُ التَّشْوِيشِ عَلَى الْمُصَلِّي بِمَا يَبْقَى بَيْنَ الْأَسْنَانِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْقُوَّةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَمِنْ حَيْثُ الْمَلَكُ الَّذِي يَضَعُ فَاهُ عَلَى فَمِ قَارِئِ الْقُرْآنِ.

(قَوْلُهُ يَسِيرًا جِدًّا) الْأَوْلَى حَذْفُ جِدًّا (قَوْلُهُ وَفَوْقَهُ يُبْطِلُ عَمْدُهُ) أَيْ: وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ (قَوْلُهُ وَالْكَثِيرُ جِدًّا يُبْطِلُ مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لِضَرُورَةٍ كَمَا فِي عب.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ إلَخْ) لَا يَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّفْهِيمَ بِهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهَا لَا تُبْطِلُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ تَسْبِيحًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ مَا عَدَا التَّسْبِيحَ) أَيْ: لِأَنَّ التَّسْبِيحَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَحَلٍّ مَخْصُوصٍ بَلْ مَحَلُّهُ جَمِيعُ الصَّلَاةِ وَمِثْلُ التَّسْبِيحِ إبْدَالُهُ بِحَوْقَلَةٍ أَوْ تَهْلِيلٍ كَمَا لِابْنِ حَبِيبٍ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ تَفْهِيمٍ لِحَاجَةٍ وَالصَّلَاةُ كُلُّهَا مَحَلٌّ لَهُ فَإِنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ لَا لِحَاجَةٍ بَلْ عَبَثًا بَطَلَتْ فِي الْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ تَجَرَّدَ لِلتَّفْهِيمِ بَطَلَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) مُقَابِلُ ذَلِكَ الصِّحَّةِ مَعَ كَرَاهَةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَتِهِ) أَيْ: بِقِرَاءَةِ الْمَحَلِّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ دَاخِلَةٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُتَلَبِّسًا بِشَيْءٍ أَصْلًا أَوْ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَةِ الْمَحَلِّ أَوْ مُتَلَبِّسًا بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ يُكَمِّلُهَا ثُمَّ يَقُولُ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ} [الحجر: 46] وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ الْمَحَلِّ قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِطَرْدِ الْهِرِّ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ الْمَحَلِّ إعَادَةُ اُدْخُلُوهَا إلَخْ إذَا كَانَ قَرَأَهَا ثُمَّ طَرَقَ الْبَابَ طَارِقٌ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِيمَا بَعْدَهَا فَلَوْ شَرَعَ فِيمَا بَعْدَهَا فَاتَ مَحَلُّهَا (قَوْلُهُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَحَلِّ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ

ص: 326

وَلَا إشْكَالَ فِي الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمُكَالَمَةِ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ فَتْحُهُ عَلَى الْإِمَامِ لِمَا وَرَدَ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ كَانَ الْمَفْتُوحُ عَلَيْهِ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ مَأْمُومٌ فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي أَبْطَلُوا فِيهِ صَلَاتَهُ إذَا فَتَحَ عَلَى مَنْ هُوَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى مَوْجُودٌ هُنَا كَمَا أَشَارَ لِهَذَا الْبَرْمُونِيُّ فَاعْتُبِرَ مَفْهُومُ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ وَفَتَحَ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَفْتَحُ أَحَدٌ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مُصَلٍّ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ اهـ. وَارْتَضَاهُ هـ فِي شَرْحِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّا شَرْحَنَا أَوَّلًا عَلَى اعْتِبَارِ مَفْهُومِ مَا هُنَا تَبَعًا لِ س فِي شَرْحِهِ.

(ص) وَبَطَلَتْ بِقَهْقَهَةٍ وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِسَبَبِ الْقَهْقَهَةِ وَهِيَ تَقَلُّصُ الشَّفَتَيْنِ مَعَ التَّكَشُّرِ عَنْ الْأَسْنَانِ عِنْدَ الْإِعْجَابِ مَعَ الصَّوْتِ وَإِلَّا فَهُوَ الضَّحِكُ سَوَاءٌ وَقَعَتْ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا لِكَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَلَبَةً فَذًّا كَانَ الْمُصَلِّي أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا لَكِنْ إنْ كَانَ فَذًّا قَطَعَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ إمَامًا قَطَعَ أَيْضًا وَيَقْطَعُ مَنْ خَلْفَهُ أَيْضًا وَلَا يَسْتَخْلِفُ، وَوَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَنَحْوِهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْإِمَامَ يَسْتَخْلِفُ فِي النِّسْيَانِ وَالْغَلَبَةِ وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اهـ فِي شَرْحِهِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا قَطَعَ إنْ تَعَمَّدَهَا وَإِنْ نَسِيَ أَوْ غَلَبَهُ تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ وَيُعِيدُ أَبَدًا هَذَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ، وَأَمَّا الَّذِي يَضْحَكُ مُخْتَارًا وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُ أَمْسَكَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ أَبْطَلَ عَلَى نَفْسِهِ صَلَاتَهُ وَصَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ إنْ كَانَ إمَامًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ حَصَلَ لَهُ الضَّحِكُ أَوَّلًا غَلَبَةً ثُمَّ تَمَادَى عَلَيْهِ وَأَمْكَنَهُ تَرْكُهُ بَعْدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ تَمَادَى الْمَأْمُومُ الْوُجُوبُ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ لِلتَّمَادِي، وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ وَمَحَلُّ التَّمَادِي فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا قَطَعَ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ لِئَلَّا تَفُوتَهُ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ فِي الَّتِي بَعْدَهَا وَهَذِهِ يَنْبَغِي قِيَاسُهَا عَلَى تِلْكَ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَرْمُونِيُّ.

(ص) كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ وَذِكْرِ فَائِتَةٍ (ش) لَمَّا كَانَ لِلْمَأْمُومِ الْمُقَهْقِهِ حُكْمَانِ: الْبُطْلَانُ وَوُجُوبُ التَّمَادِي شَبَّهَ فِي الثَّانِي مِنْ الْحُكْمَيْنِ وَهُوَ التَّمَادِي مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى الْمَأْمُومُ إذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فِي أَيِّ رَكْعَةٍ أَدْرَكَ

ــ

[حاشية العدوي]

الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ بَهْرَامُ.

(قَوْلُهُ لِمَا وَرَدَ فِيهِ كَمَا مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ تت فَقَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَتْحٌ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ إلَخْ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فَلُبِّسَ عَلَيْهِ فَقَالَ لِأَبِي أَصْلَيْت مَعَنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا مَنَعَك» .

(قَوْلُهُ أَبْطَلُوا فِيهِ) هَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِفِي الظَّرْفِيَّةِ وَهِيَ بِمَعْنَى بَاءَ السَّبَبِيَّةِ أَيْ: أَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي أَبْطَلُوا بِسَبَبِهِ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمُكَالَمَةِ وَالْمُحَادَثَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ: ظَاهِرُ قَوْلِهَا وَلَا مُصَلٍّ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ فَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا فَتَحَ مَأْمُومٌ عَلَى مَأْمُومٍ مَعَهُ فِي صَلَاةِ.

(قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ بِقَهْقَهَةٍ) وَلَوْ كَانَتْ سُرُورًا بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ فِي الْجَنَّةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ) مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ تَقَلَّصَ) أَيْ: تَبَاعَدَ (قَوْلُهُ مَعَ التَّكَشُّرِ) أَيْ بُدُوِّ الْأَسْنَانِ وَهُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الْقَهْقَهَةُ كُلَّمَا صَلَّى فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَالَتِهِ وَلَا يُؤَخِّرُ وَلَا يُقَدِّمُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ تُلَازِمُ فِي إحْدَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ أَوْ يُؤَخِّرُ أَشَارَ لَهُ عج وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ كُلٍّ مَنْ إذَا صَامَ عَطِشَ أَوْ جَاعَ بِحَيْثُ لَا يَصْبِرُ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ الضَّحِكُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الضَّحِكَ لَيْسَ مَعَهُ صَوْتٌ فَيَكُونُ التَّبَسُّمُ عَيْنَ الضَّحِكِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُزُولِيُّ فَقَدْ قَالَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: التَّبَسُّمُ هُوَ الضَّحِكُ وَانْشِرَاحُ الْوَجْهِ وَإِظْهَارُ الْفَرَحِ اهـ.

وَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِهَا الضَّحِكُ عَلَى وَجْهَيْنِ بِغَيْرِ صَوْتٍ وَهُوَ التَّبَسُّمُ وَبِصَوْتٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الرِّسَالَةِ وَمَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ أَعَادَهَا وَلَمْ يَعُدْ الْوُضُوءُ اهـ. وَمَا تَقَدَّمَ لَهُ يُفِيدُ الْمُبَايَنَةَ بَيْنَ التَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ.

(قَوْلُهُ قَطَعَ مُطْلَقًا) أَيْ: عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا) وَأَعَادَ أَبَدًا وَهَلْ يُعِيدُ مَأْمُومُهُ أَيْ: فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا) رَعْيًا لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ فِي الْغَلَبَةِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ هَذَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَخْ) أَيْ: فِي الْمُدَّةِ الَّتِي ضَحِكَ فِيهَا لَا فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَأَنْ ضَحِكَ فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ وَانْقَطَعَ الضَّحِكُ فَالْمَعْنَى وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِأَنْ كَانَ الضَّحِكُ فِيهَا غَلَبَةً مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَكَذَا فَاعِلُهُ نِسْيَانًا فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّرْكِ أَوَّلَ الْمُدَّةِ أَوْ آخِرَهَا قَطَعَ وَابْتَدَأَ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ ثُمَّ نَقُولُ إنَّهُ اعْتَمَدَ فِي الْوُجُوبِ لِلظَّاهِرِ لَا لِنَصٍّ مَعَ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ فَقَالَ الزَّنَاتِيُّ تَمَادَى وُجُوبًا وَأَعَادَ اسْتِحْبَابًا.

وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: تَمَادَى اسْتِحْبَابًا وَأَعَادَ وُجُوبًا قَالَ مُحَشِّي تت وَقَوْلُ الزَّنَاتِيِّ بَعِيدٌ اهـ. عَلَى أَنَّ مُرَاعَاةَ الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ يَتَمَادَى وُجُوبًا إلَّا بِضَمِيمَةِ أَنَّهُ مِنْ مَسَاجِينِ الْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ وَمَحَلُّ التَّمَادِي فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) وَيُقَيِّدُ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ بِتَمَادِيهِ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَإِلَّا قَطَعَ وَبِمَا إذَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَى بَقَائِهِ ضَحِكُ الْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ وَإِلَّا قَطَعَ وَلَوْ بِظَنِّ ذَلِكَ فَمَجْمُوعُ الْقُيُودِ أَرْبَعَةٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا وَاحِدًا وَالشَّارِحُ وَاحِدًا وَذَكَرْنَا الْبَقِيَّةَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَهْقَهَةِ نَاسِيًا وَالْكَلَامِ أَنَّ الْقَهْقَهَةَ لَمْ يُشْرَعْ جِنْسُهَا فِي الصَّلَاةِ فَمُنَافَاتُهَا أَشَدُّ وَالْكَلَامُ مَشْرُوعٌ جِنْسُهُ فِيهَا كَالْكَلَامِ لِإِصْلَاحِهَا (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ لِئَلَّا تَفُوتُهُ.

(قَوْلُهُ شَبَّهَ فِي الثَّانِي مِنْ الْحُكْمَيْنِ وَهُوَ التَّمَادِي) أَيْ: وُجُوبُ التَّمَادِي أَيْ: بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ وَذِكْرِ فَائِتَةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ تَشْبِيهٌ

ص: 327

فِيهَا الْإِمَامَ أُولَى أَوْ غَيْرِهَا نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ، الثَّانِيَةُ مَنْ ذَكَرَ فِي صَلَاتِهِ صَلَاةً فَائِتَةً أَوْ حَاضِرَةً مُشَارِكَةً لِمَا هُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَتَمَادَى لَكِنَّ التَّمَادِيَ فِي ذِكْرِ الْفَائِتَةِ فِي الْحَاضِرَةِ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ، وَأَمَّا فِي ذِكْرِ الْحَاضِرَةِ فِي الْحَاضِرَةِ فَعَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَصْدَ الْمُؤَلِّفِ التَّشْبِيهُ فِي التَّمَادِي لَا فِي الْبُطْلَانِ كَوْنُهُ لَمْ يَعْطِفْهُمَا عَلَى قَوْلِهِ بِقَهْقَهَةٍ بَلْ قَرَنَ الْأُولَى بِكَافِ التَّشْبِيهِ وَجَرَّدَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْبَاءِ فَلَمَّا رَجَعَ لِلْعَطْفِ عَلَى الْقَهْقَهَةِ كَرَّرَ الْبَاءَ فَقَالَ وَبِحَدَثٍ إلَخْ، وَأَمَّا الْبُطْلَانُ وَعَدَمُهُ فِيهِمَا فَقَدْ أَتْقَنَ كُلًّا فِي مَحَلِّهِ بِكَلَامٍ شَافٍ فَقَالَ فِي الْأُولَى فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ: وَإِنْ كَبَّرَ لِرُكُوعٍ وَنَوَى بِهِ الْعَقْدَ أَوْ نَوَاهُمَا أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ نَاسِيًا لَهُ تَمَادَى الْمَأْمُومُ فَقَطْ وَفِي الثَّانِيَةِ فِي فَصْلِ الْفَوَائِتِ وَمَعَ ذِكْرِ تَرْتِيبِ حَاضِرَتَيْنِ شَرْطًا إلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ فَذٌّ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ وَإِمَامٌ وَمَأْمُومُهُ لَا مُؤْتَمٌّ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ جُمُعَةً، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَرَّرَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ التَّمَادِي فِيهِ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ اُنْظُرْ شَرَحْنَا الْكَبِيرَ.

(ص) وَبِحَدَثٍ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بِقَهْقَهَةٍ أَيْ: وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِاتِّصَافِ الْمُصَلِّي بِالْحَدَثِ فِيهَا أَعَمُّ مِنْ حُصُولِهِ فِيهَا أَوْ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَتَذَكَّرَ فِيهَا.

(ص) وَبِسُجُودِهِ لِفَضِيلَةٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ فَضِيلَةٍ وَلَوْ كَثُرَتْ كَقُنُوتٍ وَتَسْبِيحِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ أَعَادَ أَبَدًا أَيْ: إذَا فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَلَمْ يَقْتَدِ بِمَنْ يَسْجُدُ لِذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَيَسْجُدُ مَعَهُ.

(ص) أَوْ لِتَكْبِيرَةٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ سُنَّةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ لِتَرْكِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ الصَّلَاةِ كَالْإِقَامَةِ أَعَادَ أَبَدًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ لِكَتَكْبِيرَةٍ لَكِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ سُنَّتَيْنِ تَبْطُلُ وَلَيْسَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالرَّافِعُ لِهَذَا قَوْلُهُ قَبْلُ وَتَشَهُّدَيْنِ إذْ هُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ؛ إذْ الْمَعْنَى كَتَشَهُّدَيْنِ وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِمِثْلِ التَّكْبِيرَةِ التَّحْمِيدَةَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام وَالتَّشَهُّدَ فَلَا إشْكَالَ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْفَرْعِ لَأَغْنَاهُ عَنْ ذِكْرِ الْبُطْلَانِ بِسُجُودِ الْفَضِيلَةِ لِفَهْمِ ذَلِكَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى لَكِنْ فِيهِ خِلَافٌ فَنَصَّ عَلَيْهِ لِذَلِكَ.

(ص) وَبِمُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ وَعَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

فِي الْحُكْمَيْنِ مَعًا الْبُطْلَانُ وَوُجُوبُ التَّمَادِي فَلَا يُنَافِي آخِرَ الْعِبَارَةِ ثَمَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِ الْحُكْمِ فِي قَوْلِهِ كَتَكْبِيرِهِ إلَخْ وُجُوبُ التَّمَادِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ الِاسْتِحْبَابُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَلَّابِ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ.

(قَوْلُهُ نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ) حَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ احْتِمَالَيْنِ: أَوَّلُهُمَا إذَا كَبَّرَ بِقَصْدِ الرُّكُوعِ ذَاهِلًا عَنْ نِيَّةِ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ وَلَمْ تَقَعْ مِنْهُ أَصْلًا فَإِنَّهُ يَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ أَيْ: وَإِنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُ عَنْهُ نِيَّةَ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ هَذَا مَعْنَى عِبَارَتِهِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ أَنَّ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ ثُمَّ كَبَّرَ قَاصِدًا الرُّكُوعَ غَافِلًا عَنْ النِّيَّةِ فَقَدْ حَصَلَ مِنْهُ التَّكْبِيرُ لِلرُّكُوعِ وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ مَعْنَاهُ أَيْ: نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ وَإِذَا حُكِمَ بِالصِّحَّةِ فِي الثَّانِي لِهَذَا الْمَعْنَى فَلْيَكُنْ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ ذَاهِلًا عَنْ النِّيَّةِ رَأْسًا هَذَا خُلَاصَةُ مَا يُفْهَمُ مِنْ شَارِحِنَا هُنَا وَفِي ك وَمُعْتَمَدُ عج الِاحْتِمَالُ الثَّانِي وَلَكِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ النُّقُولِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَتَكْبِيرِهِ إلَخْ أَنَّهُ نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ إلَّا أَنَّهُ كَبَّرَ قَاصِدًا الرُّكُوعَ غَافِلًا عَنْ النِّيَّةِ الَّذِي هُوَ عَيْنُ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فِي كَلَامِ شَارِحِنَا الَّذِي حَكَمَ فِيهِ بِالصِّحَّةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ بَاطِلَةٌ وَيَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ فَاتَّبِعْ الْحَقَّ وَاطَّلِعْ تَعْلَمُ صِحَّةَ مَا قُلْنَا وَلِذَلِكَ أَفَادَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ نَاقِلًا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ مَا نَصُّهُ وَلَا يُقَالُ هَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي عَيْنُ الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ صَدَّرَ بِأَنَّ التَّمَادِيَ لَا يُفِيدُ الْبُطْلَانَ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّيْخُ حَفِظَهُ اللَّهُ فِي الشَّرْحِ إنَّمَا قَصْدُ النَّصِّ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي هَذَا الْفَرْعِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّمَادِي بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ الصَّلَاةِ صَحِيحَةً أَوْ بَاطِلَةً إذْ مَعْرِفَةُ هَذَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ تَفْصِيلُهُ اهـ.، وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ الشُّرَّاحِ فَرَضُوا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَأْمُومِ مَعَ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي الْمُنْفَرِدِ فِيمَا إذَا كَانَ مِمَّنْ سَقَطَتْ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ لِكَوْنِهِ لَا يَجِدُ مَنْ يُعَلِّمُهُ أَوْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ أَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ لِلْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَفَادَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَيْ وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ) لَمَّا كَانَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِحَدَثٍ أَنَّ الْمُرَادَ وَبِوُجُودِ حَدَثٍ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ أَوَّلَ الشَّارِحُ الْعِبَارَةَ فَقَالَ أَيْ: وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِاتِّصَافِ الْمُصَلِّي بِالْحَدَثِ، وَنَصَّ عَلَى هَذَا مَعَ عَدَمِ تَوَهُّمِ الصِّحَّةِ رَدًّا عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ مِنْ صَلَاتِهِ كَالرُّعَافِ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْتَدِ إلَخْ) أَيْ: وَإِلَّا وَجَبَ اتِّبَاعُهُ فِي السُّجُودِ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَإِنْ خَالَفَهُ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ قَالَ بَهْرَامُ فِي وَسَطِهِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِذِكْرِ الْحَدَثِ أَوْ حُصُولِهِ.

(قَوْلُهُ إذْ الْمَعْنَى كَتَشَهُّدَيْنِ) أَيْ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ جَلَسَ لَهُمَا وَذَهَبْنَا إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَخْصُوصَ مُسْتَحَبٌّ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ أَنَّهُ تَرَكَ أَرْبَعَ سُنَنٍ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ التَّشَهُّدِ مُسْتَحَبًّا أَوْ سِتَّ سُنَنٍ إنْ قُلْنَا: إنَّ لَفْظَ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ أَيْ: اللَّفْظَ الْمَخْصُوصَ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِيهِ خِلَافٌ) أَيْ فِي السُّجُودِ لِلْفَضِيلَةِ خِلَافٌ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَصَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ فَضِيلَةٍ أَعَادَ أَبَدًا، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْمَشْهُورِ إذَا سَجَدَ لِلتَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ أَيْ لِتَرْكِ التَّكْبِيرَةِ.

ص: 328

بِقَهْقَهَةٍ أَيْ: وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِمُلَابَسَةٍ مُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ كَحَقْنٍ أَيْ: مَحْصُورٍ بِبَوْلٍ أَوْ قَرْقَرَةٍ أَوْ غَثَيَانٍ مَنَعَهُ مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا هُوَ فَرْضٌ وَإِنْ أَشْغَلَهُ عَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ عَلَى مَا يَظْهَرُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ وَهَذَا فِي الْفَرْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّفَلَ الْمَحْدُودَ الَّذِي لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَذَلِكَ.

وَأَمَّا مَا لَا وَقْتَ لَهُ مُعَيَّنٌ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ هَذَا وَإِنْ أَشْغَلَهُ عَنْ فَضِيلَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَعَنْ سُنَّةٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ وَإِنْ أَشْغَلَهُ عَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدِّرَ لَفْظَ بِمُشْغِلٍ مُتَعَلِّقًا بِيُعِيدُ وَقَوْلُهُ وَعَنْ سُنَّةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُشْغِلٍ الْمُقَدَّرُ وَالتَّقْدِيرُ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ بِمُشْغِلٍ عَنْ سُنَّةٍ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَكُلُّ هَذَا هُرُوبٌ مِنْ عَطْفٍ عَنْ سُنَّةٍ عَلَى عَنْ فَرْضٍ الْمُتَسَلِّطُ عَلَيْهِ الْبُطْلَانُ فَيَتَنَاقَضُ الْكَلَامُ، وَمُشْغِلٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَشْغَلَ رُبَاعِيًّا وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَالْفَصِيحُ شَاغِلٌ لَكِنْ نَقَلَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَصَدَّرَ بِأَنَّهُ لُغَةٌ جَيِّدَةٌ وَثَنَّى بِالْقَوْلِ بِأَنَّهَا لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَثَلَّثَ لُغَةٌ بِأَنَّهَا رَدِيئَةٌ.

(ص) وَبِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ كَرَكْعَتَيْنِ فِي الثُّنَائِيَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرُّبَاعِيَّةَ لَا يُبْطِلُهَا إلَّا زِيَادَةُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مُتَيَقَّنَةٍ سَهْوًا كَالثُّلَاثِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا أَقَلَّ فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَمَّا الثُّنَائِيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ كَالصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ بِخِلَافِ الْمَقْصُورَةِ رَعْيًا لِأَصْلِهَا فَلَا يُبْطِلُهَا إلَّا زِيَادَةُ أَرْبَعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرُّبَاعِيَّةَ هِيَ الْأَصْلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْجُمُعَةَ يُبْطِلُهَا رَكْعَتَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا وَعَلَى مُقَابِلِهِ فَلَا يُبْطِلُهَا إلَّا زِيَادَةُ أَرْبَعٍ وَالْقَوْلَانِ مَشْهُورَانِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْيَقِينِ مَا لَوْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَأَمَّا النَّافِلَةُ الْمَحْدُودَةُ كَالْفَجْرِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهُ بِرَكْعَتَيْنِ، وَأَمَّا الْوِتْرُ فَلَا يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ.

(ص) وَبِتَعَمُّدِ كَسَجْدَةٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ سَجْدَةً عَمْدًا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ بِمُلَابَسَةِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْمُبْطِلَ إنَّمَا هُوَ مُلَابَسَةُ الْمُشْغِلِ عَنْ الْفَرْضِ لَا ذَاتُهُ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَلَا تُفْهَمُ أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي بِمُشْغِلٍ لِلْمُلَابَسَةِ لَا لِلسَّبَبِيَّةِ (قَوْلُهُ مُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ) أَيْ بِحَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَصْلًا أَوْ أَتَى بِهِ عَلَى حَالَةٍ غَيْرِ مُرْضِيَةٍ بِأَنْ يَضُمَّ وِرْكَيْهِ أَوْ فَخِذَيْهِ وَلَا يَأْتِي بِالصَّلَاةِ إلَّا بِصُعُوبَةٍ شَدِيدَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ بُطْلَانِهَا بِالْمُشْغِلِ إذَا دَامَ وَأَمَّا إذَا حَصَلَ ثُمَّ زَالَ فَلَا إعَادَةَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ.

(قَوْلُهُ أَيْ مَحْصُورٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْأَوْلَى أَيْ: حُصِرَ، وَأَمَّا مَحْصُورٌ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْحَاقِنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَاقِنَ هُوَ الْمَحْصُورُ بِالْبَوْلِ وَالْحَاقِبُ هُوَ الْمَحْصُورُ بِالْغَائِطِ وَالْمَحْصُورُ بِهِمَا يُقَالُ لَهُ حَاقِمٌ وَأَمَّا الْمَحْصُورُ بِالرِّيحِ فَيُقَالُ لَهُ حَازِقٌ كَذَا فِي الْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحَازِقَ هُوَ الَّذِي ضَاقَ خُفُّهُ فَخَرَجَ قَدَمُهُ وَإِنَّمَا يُقَالُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالرِّيحِ حَافِزٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَالزَّايِ.

(قَوْلُهُ أَوْ غَثَيَانٍ) هُوَ ثَوَرَانُ النَّفْسِ وَانْدِفَاعُ الْأَمْعَاءِ إلَى خَارِجٍ فَيَصِيرُ مُشْرِفًا عَلَى التَّقَايُؤِ وَلَا يَتَقَايَأُ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ فِيهِ) ضَرُورِيًّا كَانَ أَوْ اخْتِيَارِيًّا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ) كَذَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ تَرْكِ السُّنَّةِ عَمْدًا الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَا دَاخِلٌ عَلَى إتْيَانِهِ بِالسُّنَّةِ قَالَهُ الْبَدْرُ وَقَالَ الْبَدْرُ أَيْضًا وَبِمُشْغِلٍ عَنْ سُنَّةٍ أَيْ: بَعْدَ الْوُقُوعِ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَاطَبٌ كَمَا فِي س بِالْقَطْعِ وَخَرَجَتْ الْفَضِيلَةُ.

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدِّرَ لَفْظَ بِمُشْغِلٍ مُتَعَلِّقًا بِيُعِيدُ) أَيْ: يُقَدِّرُ لَفْظَ بِمُشْغِلٍ وَذَلِكَ الْمُقَدَّرُ مُتَعَلِّقٌ بِيُعِيدُ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ إلَخْ) أَيْ: مُشْغِلٌ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْفَصِيحُ شَاغِلٌ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ: فِي مُشْغِلٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ كَلَامِهِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مُشْغِلٍ كَوْنُهُ مِنْ أَشْغَلَ اسْمُ فَاعِلٍ قِيَاسًا فَكَيْفَ يَقُولُ إنَّهُ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الْقَامُوسَ جَعَلَ اللُّغَاتِ ثَلَاثًا فِي أَشْغَلَ وَنَصُّهُ وَأَشْغَلَهُ لُغَةٌ جَيِّدَةٌ أَوْ قَلِيلَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (أَقُولُ) ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَوْ فِي كَلَامِ الْقَامُوسِ إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ كَالثُّلَاثِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِزِيَادَةِ اثْنَتَيْنِ قَالَ فِي ك وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ الْمَغْرِبُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهَا بَلْ بِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ كَالرُّبَاعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ وَبِكَوْنِهَا لَا تُعَادُ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَقَوِيَ أَمْرُهَا بِهَذَا الْمُوجِبِ قَالَ عب وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ هُنَا رَفْعُ الرَّأْسِ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فِي ثَامِنَةٍ فِي رُبَاعِيَّةٍ أَوْ سَابِعَةٍ فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ فِي رَابِعَةٍ فِي ثُنَائِيَّةٍ بَطَلَتْ.

(قَوْلُهُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ) أَيْ: مُقَابِلِ فَرْضِ يَوْمِهَا وَهُوَ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلَانِ مَشْهُورَانِ) أَيْ: كَوْنُهَا فَرْضُ يَوْمِهَا وَمُقَابِلُهُ قَوْلُهُ مَا لَوْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّهُ يَجْرِي إلَخْ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُفَارِقُ الشَّكُّ الْيَقِينَ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ إذَا شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ أَجْزَأَهُ سُجُودُ السَّهْوِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ تَيَقُّنِهَا وَإِذَا كَثُرَ الشَّكُّ لَهِيَ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهُ بِرَكْعَتَيْنِ) وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صِفَةِ الْكُسُوفِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَمَّا النَّافِلَةُ غَيْرُ الْمَحْدُودَةِ فَلَا يَبْطُلُ عَقْدُهُ بِرَكْعَتَيْنِ بِزِيَادَةِ مِثْلِهَا سَهْوًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْخَامِسَةِ مُطْلَقًا، وَكَذَا قَوْلُ الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ فِي نَافِلَةٍ رَجَعَ وَلَا يُكْمِلُهُ سَادِسَةً وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَادَّةُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي النَّافِلَةِ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ الْخَامِسَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ. مِنْ عب وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ عج وَسَنُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يَتِمُّ بِهِ الْمُرَادُ فِي حَاشِيَةِ عب (قَوْلُهُ فَلَا يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ النَّفَلَ الْمَحْدُودَ يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كَوْنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً وَاحِدَةً أَمْرٌ غَيْرُ غَالِبٍ وَالْكَثِيرُ إمَّا رَكْعَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَلَمَّا زَادَ فِي الْوَتْرِ وَاحِدَةً رَجَعَ لِمَا هُوَ الْغَالِبُ وَالرَّكْعَتَانِ هُمَا مِنْ الْغَالِبِ فَيُبْطِلُهُمَا مِنْ الزِّيَادَةِ مَا يُبْطِلُ غَيْرَهُمَا مِنْ الْغَالِبِ حِينَئِذٍ وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ.

(قَوْلُهُ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ عَمْدًا) أَيْ: أَوْ جَهْلًا وَهَذَا فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ الْمَحْدُودِ كَالشَّفْعِ وَانْظُرْ

ص: 329

فَإِنَّهَا تَبْطُلُ فَقَوْلُهُ كَسَجْدَةٍ أَيْ: مِنْ كُلِّ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا مَدْخُولَ الْكَافِ رُكْنًا فِعْلِيًّا لَا مُطْلَقَ فِعْلٍ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ قَوْلُهُ أَوْ نَفْخٍ إلَخْ مَعَهُ وَخَرَجَ بِتَمْثِيلِهِ بِالرُّكْنِ الْفِعْلِيِّ الْقَوْلِيُّ كَتَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ وَالظَّاهِرُ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الذِّكْرِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافٌ وَاعْتَمَدَ (هـ) فِي شَرْحِهِ عَدَمَ الْبُطْلَانِ أَيْضًا.

(ص) أَوْ نَفْخٍ (ش) أَيْ: وَكَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَعَمُّدِ النَّفْخِ مِنْ الْفَمِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا مِنْ الْأَنْفِ قَالَ السَّنْهُورِيُّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِبْطَالِ بِالنَّفْخِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ حَرْفٌ كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا وَالْمُخَالِفُ اهـ وَكَأَنَّ مُرَادُهُ بِبَعْضِ عُلَمَائِنَا ابْنُ قَدَّاحٍ؛ لِأَنَّ الْأَبِيَّ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّ النَّفْخَ الَّذِي هُوَ كَالْكَلَامِ مَا نَطَقَ فِيهِ بِأَلْفٍ وَفَاءٍ اهـ.

(ص) وَبِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ قَيْءٍ (ش) أَيْ وَكَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَعَمُّدِ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَوْ إخْرَاجِ الْقَيْءِ أَوْ الْقَلْسِ لِتَلَاعُبِهِ.

(ص) أَوْ كَلَامٍ وَإِنْ بِكُرْهٍ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَلَامَ أَيْ: الصَّوْتَ سَوَاءٌ اشْتَمَلَ عَلَى حَرْفٍ فَأَكْثَرَ أَمْ لَا مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ إذَا وَقَعَ عَمْدًا وَإِنْ قَلَّ أَوْ وَقَعَ مِنْهُ مُكْرَهًا اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَمْ لَا أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِتَخْلِيصِ أَعْمَى وَنَحْوِهِ مِنْ مَهْوَاةٍ أَوْ لِإِجَابَتِهِ عليه الصلاة والسلام عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

(ص) إلَّا لِإِصْلَاحِهَا فَبِكَثِيرِهِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كَلَامٍ لَا مِنْ خُصُوصِ قَوْلِهِ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ تَعَمُّدُ الْكَلَامِ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ لِإِصْلَاحِهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ التَّسْبِيحِ فَلَا يُبْطِلُ ذَلِكَ الصَّلَاةَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُعْرِضٌ عَنْ الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْإِصْلَاحِ وَتَوَقَّفَ عَلَيْهِ.

(ص) وَبِسَلَامٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَفِيهَا إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ انْجَبَرَ وَهَلْ اخْتِلَافٌ أَوْ لَا لِلسَّلَامِ فِي الْأُولَى أَوْ الْجَمْعِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِوُقُوعِ السَّلَامِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ سَهْوًا وَرُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَوْ الشُّرْبِ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي هَكَذَا وَقَعَ لِمَالِكٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ، وَوَقَعَ لِمَالِكٍ أَيْضًا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي إنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ بَلْ تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ الْبَعْدِيِّ فَهَلْ مَا فِي أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مُنَاقِضٌ لِمَا فِي الْآخَرِ مِنْهَا إذْ الْمُنَافِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ حَاصِلٌ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعَدُّدِهِ وَاتِّحَادِهِ فَالْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ دُونَ الْآخَرِ

ــ

[حاشية العدوي]

غَيْرَهُ هَذَا مُلَخَّصُ عج (قَوْلُهُ مَدْخُولَ الْكَافِ) أَيْ: مَا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ.

(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافٌ) ظَاهِرُهُ تَقَدَّمَ فِي مُطْلَقِ الذِّكْرِ خِلَافٌ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ إنَّمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي خُصُوصِ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ أَيْضًا) لَفْظُ أَيْضًا مُرْتَبِطٌ بِفَاعِلِ اعْتَمَدَ أَيْ وَاعْتَمَدَ أَيْضًا كَمَا اعْتَمَدْنَا فِي قَوْلِنَا وَالظَّاهِرُ لَا تَبْطُلُ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ النَّفْخَ فِيهِ حُرُوفٌ هِيَ كَالْكَلَامِ (قَوْلُهُ لَا مِنْ الْأَنْفِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرُوفَ فِيهِ.

(فَإِنْ قُلْت) مَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَنْفِ قَدْ يَشْتَمِلُ عَلَى أَلِفٍ وَفَاءٍ قُلْت مَا خَرَجَ مِنْ الْأَنْفِ لَيْسَ بِحَرْفٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ؛ لِأَنَّ الْمَخَارِجَ الَّتِي لِلْحُرُوفِ لَيْسَ هِيَ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا فِي الْأَنْفِ.

(فَإِنْ قُلْت) الصَّوْتُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْحَرْفِ يُبْطِلُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ كَلَامٍ قُلْت الصَّوْتُ خَارِجٌ مِنْ مَحَلِّ الْكَلَامِ بِحُرُوفٍ بِخِلَافِ مَا خَرَجَ مِنْ الْأَنْفِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الْأَنْفِ بِغَيْرِ الْعَبَثِ فَإِنْ عَبِثَ جَرَى عَلَى الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ اهـ. قَالَهُ عج (قَوْلُهُ وَالْمُخَالِفُ) أَيْ: خَارِجُ الْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ أَوْ شُرْبٍ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ أَنْفٍ مَا لَمْ يَكُنْ غَلَبَةً قَالَهُ عج وَتَبْطُلُ إذَا وَجَبَ أَكْلُهُ أَوْ شُرْبُهُ لِإِنْقَاذِ نَفْسِهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَلَوْ خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ أَيْ: الصَّوْتَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُرِدْ بِالْكَلَامِ حَقِيقَتَهُ بَلْ مُطْلَقَ الصَّوْتِ سَوَاءٌ اشْتَمَلَ عَلَى حَرْفٍ فَأَكْثَرَ أَمْ لَا فَإِذَا نَهَقَ كَالْحِمَارِ أَوْ نَعَقَ كَالْغُرَابِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَفِي إلْحَاقِ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ بِهِ ثَالِثُهَا إنْ قَصَدَ الْكَلَامَ (قَوْلُهُ أَوْ وَقَعَ مِنْهُ مُكْرَهًا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ وَالْإِكْرَاهِ عَلَى تَرْكِ الرُّكْنِ الْفِعْلِيِّ أَنَّ مَا يَتْرُكُ مِنْهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا عَجَزَ عَنْهُ وَيُؤْتِي بِبَدَلِهِ بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْكَلَامِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ وَنِسْيَانِهِ أَنَّ النَّاسِيَ لَا شُعُورَ عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ: نَحْوِ الْأَعْمَى أَيْ: مِنْ صَغِيرٍ وَمُصْحَفٍ وَمَالٍ وَدَابَّةٍ كَمَا فِي ك فَلَوْ أَدْخَلَ الْمُصَنِّفُ الْكَافَ عَلَى قَوْلِهِ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى لَشَمِلَ ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ الْكَلَامُ لِتَلَفِ الْمَالِ مُطْلَقًا حَيْثُ خَشِيَ بِتَلَفِهِ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ أَوْ الْمَشَقَّةَ الشَّدِيدَةَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ فَإِنْ كَثُرَ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّمَادِي فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّمَادِي وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْكَلَامُ وَلَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ مِنْ مَهْوَاةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ حُفْرَةٍ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ دِيَةَ خَطَأٍ كَذَا وَجَدْت وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِإِجَابَتِهِ عليه الصلاة والسلام عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ) أَيْ: كَمَا كَانَ يَقَعُ لِلْمُرْسِي مِنْ اجْتِمَاعِهِ بِهِ فِي الْيَقِظَةِ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَا تَبْطُلُ أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ لَا مِنْ خُصُوصِ قَوْلِهِ أَوْ وَجَبَ لِإِنْفَاذِ أَعْمَى) لَعَلَّ عَطْفَهُ عَلَى ذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا وَاجِبٌ، وَأَمَّا جَعْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَكَلَامٍ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ) وَأَوْلَى بِكَثِيرٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا.

وَأَقُولُ بَلْ وَلَوْ قَلِيلًا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ وَكَذَا كَثِيرُ فِعْلِ جَوَارِحٍ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا كَفِعْلِ قَلْبٍ حَيْثُ لَا يَدْرِي مَعَهُ قَدْرَ مَا صَلَّى مِنْ عب.

(قَوْلُهُ وَبِسَلَامٍ) أَيْ: مِنْ صَلَاتِهِ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِيهَا وَإِنْ قَصَدَ النُّطْقَ بِهِ (قَوْلُهُ وَرُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَوْ الشُّرْبِ) أَيْ: مَعَ السَّلَامِ (وَقَوْلُهُ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي) أَيْ: تَعَدُّدِهِ ثَلَاثَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ لِأَجْلِ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ (قَوْلُهُ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ) أَيْ: وَالسَّلَامِ (قَوْلُهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعَدُّدِهِ وَاتِّحَادِهِ) أَيْ: فَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا تَبْطُلُ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَيْ: وَلَا بِالْأَكْلِ مَعَ الشُّرْبِ وَالسَّلَامُ وَأَوْلَى وُجُودُ أَمْرَيْنِ بَلْ يُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَتَبْطُلُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالسَّلَامِ أَيْ: أَوْ السَّلَامِ أَيْ: وَبِالْأَكْلِ وَحْدَهُ وَبِالشُّرْبِ وَحْدَهُ

ص: 330

اخْتِلَافٌ أَوْ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ وَإِنَّمَا جَاءَ الْبُطْلَانُ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ لِوُجُودِ السَّلَامِ مَعَ أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ الْمُنَافِي لِلصَّلَاةِ وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ وَأَوْ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ سَلَامٌ لَاسْتَوَى الْجَوَابُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ أَوْ إنَّمَا جَاءَ الْبُطْلَانُ فِي الْأَوَّلِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ الثَّانِي ذَلِكَ وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ فَقَطْ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ جَعَلَ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ خِلَافًا نَظَرَ إلَى حُصُولِ الْمُنَافِي بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعَدُّدِهِ وَاتِّحَادِهِ فَفِي مَحَلٍّ قَالَ: إنَّ حُصُولَ الْمُنَافِي الْمَخْصُوصِ سَوَاءٌ كَانَ سَلَامًا وَأَكْلًا وَشُرْبًا أَوْ أَحَدُهَا فَقَطْ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا مُبْطِلٌ وَعَلَى هَذَا فَالْخِلَافُ جَارٍ فِي حُصُولِ الْأَكْلِ وَحْدَهُ أَوْ الشُّرْبِ وَحْدَهُ أَوْ السَّلَامِ وَحْدَهُ أَوْ السَّلَامِ مَعَ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَوْ فِي الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا مَنْ وَفَّقَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ سَلَامٌ فَعِنْدَهُ أَنَّ الْبُطْلَانَ حَيْثُ حَصَلَ السَّلَامُ مَعَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا وَلَا يَحْصُلُ بِالسَّلَامِ وَحْدَهُ وَلَا بِحُصُولِ الْأَكْلِ مَعَ الشُّرْبِ وَمَنْ وَفَّقَ بِالْجَمْعِ أَيْ: بِجَمْعِ الْأَكْلِ مَعَ الشُّرْبِ فَيَقُولُ بِبُطْلَانِهَا بِالسَّلَامِ مَعَ أَحَدِهِمَا بِالْأَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ أَشَدُّ مُنَافَاةً مِنْ الْأَكْلِ وَحْدَهُ أَوْ الشُّرْبِ وَحْدَهُ فَإِذَا حَصَلَ الثَّلَاثَةُ اتَّفَقَ الْمُوَفِّقَانِ عَلَى الْبُطْلَانِ، وَكَذَا إذَا حَصَلَ السَّلَامُ مَعَ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ وَإِذَا حَصَلَ الْأَكْلُ وَحْدَهُ أَوْ الشُّرْبُ وَحْدَهُ أَوْ السَّلَامُ وَحْدَهُ اتَّفَقَا عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِذَا حَصَلَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِلَا سَلَامٍ اخْتَلَفَ الْمُوَفِّقَانِ فَمَنْ أَنَاطَ الْبُطْلَانَ بِالسَّلَامِ يَقُولُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ، وَمَنْ أَنَاطَهُ بِالْجَمْعِ قَالَ بِالْبُطْلَانِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِي الْإِمَامِ وَالْفَذِّ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَالْإِمَامُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ.

(ص) وَبِانْصِرَافٍ لِحَدَثٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ نَفْيُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ فَانْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ عَلَيْهِ لِتَفْرِيطِهِ وَالْمُرَادُ بِالِانْصِرَافِ الْإِعْرَاضُ بِالنِّيَّةِ وَلَوْ لَمْ يَزُلْ عَنْ مَكَانِهِ.

(ص) كَمُسَلِّمٍ شَكَّ فِي الْإِتْمَامِ ثُمَّ ظَهَرَ الْكَمَالُ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَلَّمَ وَهُوَ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ الْإِتْمَامَ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ الْكَمَالُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ لِمُخَالَفَتِهِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَأَوْلَى لَوْ ظَهَرَ النُّقْصَانُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ فِي السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلسَّلَامِ وَهُوَ يَضُرُّ وَمُقَابِلُهُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الْمَانِعِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ.

(ص) وَبِسُجُودِ الْمَسْبُوقِ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدِيًّا أَوْ قَبْلِيًّا إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا لَمْ يَلْحَقْ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً وَسَجَدَ مَعَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لِسَهْوٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ سَوَاءٌ كَانَ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُومٍ حَقِيقَةً وَلِذَا لَا يَسْجُدُ بَعْدَ تَمَامِ صَلَاتِهِ أَيْضًا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ وَبِسُجُودِ إلَخْ هُوَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَبِالسَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِيَ مَوْجُودٌ (قَوْلُهُ مَعَ أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ) مَفْهُومُ لَقَبِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ مَوْجُودٌ مَعَ الْفِعْلَيْنِ (قَوْلُهُ الْمُنَافِي لِلصَّلَاةِ) صِفَةٌ لِأَحَدِ الْفِعْلَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ سَلَامٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ أَشَدُّ مُنَافَاةً مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَتْ ذَاتُهُ عَلَامَةً عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَوْ وُجِدَ أَكْلٌ وَشُرْبٌ مَعًا فَلَا بُطْلَانَ أَقُولُ هَذَا التَّأْوِيلُ غَفْلَةٌ عَنْ تَعْلِيلِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَعْلِيلَ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ الْخِلَافِ وَتَرْجِيحِ الْوِفَاقِ بِالْجَمْعِ (قَوْلُهُ وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ فَقَطْ) وَسَكَتَ عَنْ رِوَايَةِ أَوْ وَعَلَى هَذَا أَقُولُ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ إنَّمَا حَكَمَ بِالْبُطْلَانِ فِي الْأُولَى لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ أَيْ: بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَصْدُقُ بِجَمْعِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ أَوْ أَكْلٍ وَسَلَامٍ أَوْ شُرْبٍ مَعَ سَلَامٍ وَأَوْلَى اجْتِمَاعُ الثَّلَاثَةِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِتَعْلِيلِ الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ إلَخْ) هَذَا كَالْحَاصِلِ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَفِي مَحَلٍّ قَالَ) أَيْ: فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ أَيْ: عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ وَأَوْ (قَوْلُهُ أَيْ: بِجَمْعِ الْأَكْلِ مَعَ الشُّرْبِ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ.

(أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: وَأَمَّا مَنْ وَفَّقَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فَكَمَا أَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي السَّلَامِ مَعَ كُلٍّ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مَوْجُودٌ مَعَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ فَيَبْطُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَمَا يَبْطُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ السَّلَامِ وَالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ أَشَدُّ مُنَافَاةً مِنْ الْأَكْلِ وَحْدَهُ أَوْ الشُّرْبِ) وَوَجْهُ كَوْنِهِ أَشَدَّ مُنَافَاةً أَنَّهُ جُعِلَ عَلَمًا عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ فَإِذَا حَصَلَ الثَّلَاثَةُ اتَّفَقَ الْمُوَفِّقَانِ عَلَى الْبُطْلَانِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ السَّلَامَ وُجِدَ مَعَ الْوَاحِدِ وَمَعَ الِاثْنَيْنِ وَلِوُجُودِ الْجَمْعِ بَيْنَ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ فَمَنْ أَنَاطَ الْبُطْلَانَ بِالسَّلَامِ) أَيْ: مَعَ غَيْرِهِ لَا وَحْدَهُ (قَوْلُهُ فَالْإِمَامُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ) أَيْ: فِيمَا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهِ وَأَمَّا مَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهِ كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ مَثَلًا فَالْإِمَامُ لَا يَحْمِلُهُ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ وَبِانْصِرَافٍ لِحَدَثٍ إلَخْ) قَالَ عج وَهَذِهِ تُفْهَمُ مِنْ مَسْأَلَةِ الرُّعَافِ بِالْأَوْلَى فَلَوْ تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ لِفَهْمِهَا مِنْ مَسْأَلَةِ الرُّعَافِ مَا ضَرَّهُ (قَوْلُهُ تَبَيَّنَ نَفْيُهُ) وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ كَمُسَلِّمٍ) مِنْ صَلَاتِهِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَأَمَّا سَهْوًا فَإِنْ تَذَكَّرَ عَنْ قُرْبٍ أَصْلَحَ بِأَنْ يُعِيدَ السَّلَامَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَإِنْ تَذَكَّرَ عَنْ بُعْدٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ عَدَمُ الْيَقِينِ وَأَوْلَى لَوْ سَلَّمَ مُعْتَقِدًا عَدَمَ التَّمَامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الْمَانِعِ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ السَّبَبَ الْمُبِيحَ هُوَ الْإِتْمَامُ وَالْمَانِعُ هُنَا عَدَمُ الْإِتْمَامِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ السَّبَبِ لَا يُعَدُّ مَانِعًا فَالْمَانِعُ هُوَ الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ، فَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يَقُولُ: إنَّهَا جَائِزَةٌ كَمُتَزَوِّجٍ بِامْرَأَةٍ لَا يَدْرِي أَزَوْجُهَا حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ؟ ثُمَّ انْكَشَفَ مَوْتُهُ وَانْقِضَاءُ عِدَّتِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَفَرَّقَ بِأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ يَتَّبِعُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِهِ الْقَبْلِيِّ لَا الْبَعْدِيِّ وَقَالَ سُفْيَانُ يَتَّبِعُهُ فِيهِمَا اهـ.

ص: 331

قَوْلُهُ وَبِتَعَمُّدِ كَسَجْدَةٍ لَكِنْ أَعَادَهَا إمَّا؛ لِأَنَّ هَذَا التَّصْوِيرَ لَا يُفْهَمُ مِمَّا سَبَقَ وَإِمَّا لِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَإِلَّا سَجَدَ وَقَوْلُهُ مَعَ الْإِمَامِ أَيْ: أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ صِحَّةُ صَلَاتِهِ بِالتَّبَعِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً قَيْدٌ فِي الْقَبْلِيِّ، وَأَمَّا الْبَعْدِيُّ فَتَبْطُلُ بِسُجُودِهِ وَلَوْ لَحِقَ رَكْعَةً كَمَا قَالَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ. (ص) وَإِلَّا سَجَدَ وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ مُوجِبَهُ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَحِقَ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ السُّجُودُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى إمَامِهِ قَبْلِيًّا سَجَدَهُ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ السُّجُودَ لَهُ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ سَهْوَ إمَامِهِ بِأَنْ كَانَ سَهْوُهُ فِي الرَّكْعَةِ الْفَائِتَةِ أَوْ الرَّكَعَاتِ الْفَائِتَاتِ، وَإِنْ كَانَ السُّجُودُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْإِمَامِ بَعْدِيًّا فَلَا يَسْجُدُهُ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ بَلْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِمَا عَلَيْهِ وَسَلَامِهِ فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِيمَا يَقْضِي سَهْوٌ بِنَقْصٍ سَجَدَ لِزِيَادَةِ الْإِمَامِ وَنَقْصِ نَفْسِهِ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ سَهَا بِزِيَادَةٍ سَجَدَ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ وَلَوْ قَدَّمَ الْبَعْدِيَّ عَمْدًا بَطَلَتْ وَجَهْلًا لَمْ تَبْطُلْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَالنَّاسِي وَقَالَ عِيسَى: تَبْطُلُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي صَلَاتِهِ مَا لَيْسَ مِنْهَا وَعَذَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْجَهْلِ فَحَكَمَ لَهُ بِحُكْمِ النَّاسِي مُرَاعَاةً لِلْقَائِلِ بِوُجُوبِ سُجُودِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ.

وَلَوْ أَخَّرَ الْإِمَامُ الْقَبْلِيَّ وَسَجَدَهُ بَعْدَ السَّلَامِ هَلْ يَفْعَلُهُ الْمَأْمُومُ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ إتْمَامِ صَلَاةِ نَفْسِهِ؟ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبُرْزُلِيُّ وَمَا صَدَّرَ بِهِ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ أَوْ قَبْلَ قِيَامِهِ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُسْتَخْلَفِ وَعَجُزِ كَلَامِ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ أَوْ إنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَالثَّانِي وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي وَارْتَضَاهُ هُوَ وَبَعْضُ مَنْ لَقِيَهُ وَشَيْخُهُ أَبُو مَهْدِيٍّ وَانْظُرْ تَحْقِيقَ ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) وَلَا سَهْوَ عَلَى مُؤْتَمٍّ حَالَةَ الْقُدْوَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا سُجُودَ سَهْوٍ عَلَى مَأْمُومٍ وَلَوْ عَنْ سُنَنٍ كَثِيرَةٍ حَيْثُ وَقَعَ مِنْهُ السَّهْوُ فِي حَالِ اقْتِدَائِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَبِتَعَمُّدٍ إلَخْ) أَيْ: مِنْ أَفْرَادِهِ وَهَذَا بَعِيدٌ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا نَصَّ إلَخْ أَقُولُ لَمْ يَقْصِدْ الْمُصَنِّفُ الْمَعِيَّةَ عَلَى حَقِيقَتِهَا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ وَافَقَهُ فِي السُّجُودِ إمَّا قَبْلُ أَوْ بَعْدُ لَا خُصُوصُ الْمُقَارَنَةِ.

(قَوْلُهُ قَيْدٌ فِي الْقَبْلِيِّ) الْأَوْلَى رُجُوعُ الشَّرْطِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ الْوُجُوبُ وَالْأَصْلُ فِي مُخَالَفَةِ الْوَاجِبِ الْبُطْلَانُ فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ بُطْلَانُ صَلَاةِ مَنْ سَجَدَ الْبَعْدِيَّ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً وَأَوْلَى إذَا لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً، وَأَمَّا تَرْجِيحُ الشَّرْطِ لِلثَّانِيَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ الْبَعْدِيِّ إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ أَيْ: الْبَعْدِيَّ الْمُتَقَدِّمَ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا لَحِقَ رَكْعَةً أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ السُّجُودَ) أَيْ عَمْدًا أَوْ رَأْيًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ يَسْجُدُ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ) فَإِنْ أَخَّرَهُ لِتَمَامِ صَلَاةِ نَفْسِهِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِمَامِ فِي الْأَفْعَالِ لَا سَهْوًا فَلَا تَبْطُلْ قَدَّمَهُ حِينَئِذٍ قَبْلَ سَلَامِهِ أَوْ أَخَّرَهُ كَذَا ذَكَرَهُ عب وَفِي شَرْحِ شب وَلَوْ خَالَفَ فِي الْقَبْلِيِّ وَأَخَّرَهُ إلَى إتْمَامِ صَلَاتِهِ فَسَجَدَهُ صَحَّتْ فَهُوَ مُخَالِفٌ عب (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ السُّجُودَ لَهُ) وَكَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَحَّتْ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ الْفَاعِلِ وَتُزَادُ هَذِهِ عَلَى قَاعِدَةِ كُلُّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ إلَّا فِي سَبْقِ الْحَدَثِ وَنِسْيَانِهِ.

{تَنْبِيهٌ} : كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا سَجَدَ الْإِمَامُ فِي مَحَلِّهِ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فَقَطْ كَشَافِعِيٍّ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ قُنُوتٍ فَيَتَّبِعُهُ الْمَالِكِيُّ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُ السُّجُودِ مَعَهُ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ السُّجُودُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْإِمَامِ بَعْدِيًّا فَلَا يَسْجُدُهُ قَبْلَ قِيَامِهِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ) وَالْمُرَادُ بَعْدِيٌّ وَلَوْ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ بَعْدِيًّا أَصَالَةً وَقَدَّمَهُ الْإِمَامُ وَهُوَ مِمَّنْ يَرَى السُّجُودَ تَارَةً قَبْلَ السَّلَامِ وَتَارَةً بَعْدُ فَهَلْ يَسْجُدُهُ مَعَهُ الْمَأْمُومُ نَظَرًا لِفِعْلِهِ أَوْ لَا يَسْجُدُهُ مَعَهُ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِسُجُودِهِ مَعَ الْإِمَامِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يَرَى السُّجُودَ دَائِمًا قَبْلَ السَّلَامِ كَالشَّافِعِيِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَهُ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ.

(قَوْلُهُ وَعَذَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْجَهْلِ) وَحَلُّ عب يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَلَكِنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ قَوْلَ عِيسَى مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ هَلْ يَفْعَلُهُ الْمَأْمُومُ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ إتْمَامِ صَلَاةِ نَفْسِهِ) أَيْ: قَبْلَ سَلَامِ نَفْسِهِ أَوْ بَعْدَهُ لِانْقِطَاعِ قُدْوَتِهِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَلِأَنَّ تَأَخُّرَ السُّجُودِ عَنْ مَحَلِّهِ أَضْعَفَ تَأَكُّدَهُ وَأَلْحَقَهُ بِالْبَعْدِيِّ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ قَدَّمَهُ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِذَلِكَ أَمْ لَا كَذَا نَظَرَ عج وَأَقُولُ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ.

(قَوْلُهُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبُرْزُلِيِّ) وَفِيهِ أَنَّهُ اخْتَارَهُ فَلَا يُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِأَفَادَهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ قِيَامِهِ) أَيْ: سَوَاءٌ فَعَلَهُ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَلَى هَذَا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُسْتَخْلِفِ) أَيْ: وَلِأَنَّهُ عَنْ نَقْصٍ وَلَا يَضُرُّهُ تَأْخِيرُ الْإِمَامِ لَهُ إذْ هُوَ مِنْهُمَا حَقِيقَةً وَمُرَادُهُ الْمُسْتَخْلَفَ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَى أَصْلِهِ سُجُودٌ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ إكْمَالِ صَلَاةِ أَصْلِهِ وَقَبْلَ إكْمَالِ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَمَّا نَابَ عَنْ الْإِمَامِ كَانَ بِمَنْزِلَتِهِ فِيمَا يَفْعَلُهُ وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَتُنَا هَذِهِ (قَوْلُهُ فَالثَّانِي) أَيْ: لِأَنَّ الَّذِي تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ كَجُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ سَجْدَةٍ مِنْهَا فَعَلَهَا الْإِمَامُ فَيَتَّبِعُهُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ أَقُولُ وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَلَا سَهْوَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَحْمِلُ عَنْهُ نَقْصَ السُّنَنِ عَمْدًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ حَالَةَ الْقَدْوَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ فَقَطْ وَذَلِكَ أَنَّ مُثَلَّثَ الْقَافِ هُوَ الشَّخْصُ الْمُقْتَدَى بِهِ وَالْمُصَنِّفُ أَرَادَ الْمَصْدَرَ بِمَعْنَى الِاقْتِدَاءِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ الشَّخْصُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ خَلْفَ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ حَيْثُ وَقَعَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ حَالَةَ الْقَدْوَةِ مَنْصُوبٌ بِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ أَشْعَرَ بِهِ الْكَلَامُ تَقْدِيرُهُ إذَا عَرَضَ لَهُ سَبَبٌ وَمُوجِبٌ حَالَةَ الْقَدْوَةِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلَا

ص: 332

بِالْإِمَامِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَوَى الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا يَحْمِلُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلِخَبَرِ «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» أَيْ لِلْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ لَا بِالذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ زَيْدٍ لَا تُجْزِئُ عَنْ عَمْرٍو إجْمَاعًا أَمَّا بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ الْإِمَامَ فَلَا يَحْمِلُ سَهْوَهُ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ وَصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا فَالْمَنْفِيُّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ السُّجُودُ لَا السَّهْوُ؛ لِأَنَّهُ سَاهٍ.

(ص) وَبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ لَا أَقَلَّ فَلَا سُجُودَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ الَّذِي قَبْلَ السَّلَامِ إذَا كَانَ عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ قَوْلِيَّةً كَثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ مَعَ تَسْمِيعَةٍ أَوْ فِعْلِيَّةٍ كَتَرْكِ الْجُلُوسِ غَيْرِ الْأَخِيرِ كَمَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْجُلُوسَ قَوْلِيٌّ وَفِعْلِيٌّ أَوْ قَوْلِيَّةٌ وَفِعْلِيَّةٌ كَتَرْكِ السُّورَةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى نَفْسِهَا وَالْقِيَامِ لَهَا وَصِفَتِهَا مِنْ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ فِي هَذِهِ لَا إنْ كَانَ عَنْ نَقْصٍ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَلَا تَبْطُلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَا سُجُودَ حِينَئِذٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالطُّولُ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ عِنْدَ أَشْهَبَ فَإِنْ صَلَّى عِنْدَهُ فِي الصَّحْرَاءِ يَسْجُدُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مِنْ الصُّفُوفِ مَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ بِصَلَاتِهِمْ وَمِثْلُ الطُّولِ مَا إذَا حَصَلَ مَانِعٌ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ قَالَ ابْنُ هَارُونَ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ لَابَسَ نَجَاسَةً أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ عَامِدًا انْتَهَى.

(ص) وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي صَلَاةٍ وَبَطَلَتْ فَكَذَا كُرْهًا (ش) اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ سُجُودِ سَهْوٍ قَبْلِيٍّ أَوْ بَعْدِيٍّ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ لَا يَقْطَعُ ذَاكِرُهُ فِي صَلَاةٍ دَخَلَ فِيهَا مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ بَلْ يَتَمَادَى ثُمَّ يَأْتِي بِالْبَعْدِيِّ وَيَسْقُطُ الْقَبْلِيُّ وَلَا يُفْسِدُ ذِكْرُهُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَاحِدَةً مِنْهُمَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَأَمَّا ذِكْرُهُ الْقَبْلِيَّ الْمُبْطِلَ تَرْكُهُ وَهُوَ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ذَكَرَهُ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْجُدْ سُجُودَ السَّهْوِ الْقَبْلِيَّ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ حَتَّى أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ أُخْرَى فَذَكَرَهُ فِيهَا وَقَدْ حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْأُولَى بِأَنْ طَالَ مَا بَيْنَ الْخُرُوجِ مِنْهَا وَالذِّكْرِ فَكَذَاكِرِ صَلَاةٍ فِي أُخْرَى، وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ فِي الْفَوَائِتِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ فَذٌّ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ وَإِمَامٌ وَمَأْمُومُهُ لَا مُؤْتَمٌّ إلَخْ.

وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ الْمُتَرَتِّبِ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ لَا عَنْ أَقَلَّ تَفْرِيعُهُ الْبُطْلَانَ عَلَى الطُّولِ أَوْ الرُّكُوعِ وَعَدَمَهُ عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ وَمَا كَانَ عَنْ أَقَلَّ مُنْتَفٍ فِيهِ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَالْوَاوُ فِي وَبَطَلَتْ وَاوُ الْحَالِ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ الْأُولَى بَطَلَتْ أَيْ: حُكِمَ بِبُطْلَانِهَا لِلطُّولِ وَالطُّولُ فِي هَذِهِ خَارِجُ الصَّلَاةِ وَفِي الْآتِيَةِ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَالضَّمِيرُ الْمُؤَنَّثُ فِي قَوْلِهِ فَكَذَا كُرْهًا عَائِدٌ عَلَى الصَّلَاةِ مُطْلَقًا لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا هِيَ الْمَذْكُورُ فِيهَا فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمُقَيَّدِ دُونَ قَيْدِهِ (ص) وَإِلَّا فَكَبَعْضٍ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِبُطْلَانِ الْأُولَى لِسَهْوٍ وَانْتِفَاءِ طُولٍ وَحَدَثٍ فَهُوَ كَذَاكِرِ بَعْضِ صَلَاةٍ كَرُكُوعٍ أَوْ رَكْعَةٍ وَنَحْوِهِمَا فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ وَذَلِكَ أَنَّ الْأُولَى لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً وَالثَّانِيَةَ كَذَلِكَ فَأَشَارَ إلَى كَوْنِ الْأُولَى

ــ

[حاشية العدوي]

سُجُودَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْجُدُهُ بَعْدَ حَالَةِ الْقُدْوَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِلْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ) أَيْ: سُجُودِ سَهْوِ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ لَا بِالذِّمَّةِ) أَرَادَ بِالذِّمَّةِ أَيْ: بِحَيْثُ يَحْمِلُ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ فِي الْأَرْكَانِ وَلَوْ قَالَ لَا لِلْأَرْكَانِ لَكَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلِيٍّ أَنَّ الْبَعْدِيَّ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ يَسْجُدُهُ مَتَى ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ وَطَالَ) إنْ تَرَكَهُ سَهْوًا، وَأَمَّا عَمْدًا فَتَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ قَطْعًا فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ شَامِلٌ لِلتَّرْكِ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا لَكِنَّ التَّرْكَ سَهْوًا مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ وَطَالَ دُونَ الْعَمْدِ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: لَا فَرْقَ فِي التَّرْكِ بَيْنَ كَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْجُلُوسَ قَوْلِيٌّ) وَهُوَ التَّشَهُّدُ وَالْمُرَادُ أَنَّ تَرْكَ الْجُلُوسِ مُحْتَوٍ عَلَى قَوْلِيٍّ وَهُوَ التَّشَهُّدُ وَفِعْلِيٍّ وَهُوَ ذَاتُهُ فَذَاتُهُ سُنَّةٌ وَالتَّشَهُّدُ فِي ذَاتِهِ سُنَّةٌ وَكَوْنُهُ بِاللَّفْظِ الْمَخْصُوصِ سُنَّةٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ فِي هَذِهِ) أَيْ: فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْقِيَامَ لَهَا وَسِرَّهَا أَوْ جَهْرَهَا مِنْ صِفَتِهَا فَإِذَا تَرَكَهَا مَعَ الْقِيَامِ لَهَا فَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا سُنَّةً وَاحِدَةً فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ السُّجُودِ لَهَا وَلَوْ كَانَتْ مُؤَكَّدَةً وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الْقِيَامُ لَهَا سُنَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى السُّورَةِ وَالسِّرُّ أَوْ الْجَهْرُ كَذَلِكَ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ السُّجُودِ حَيْثُ تَرَكَ الْجَمِيعَ وَكَلَامُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ رُبَّمَا يُؤْذِنُ بِتَرْجِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ) لَمْ يَقُلْ فَلَا سُجُودَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إشَارَةً إلَى الْبَحْثِ مَعَهُ إذْ لَا مُلَاءَمَةَ بَيْنَ عَدَمِ الْبُطْلَانِ وَتَرْكِ السُّجُودِ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْوَاوِ كَانَ أَحْسَنَ أَيْ: لَا أَقُلْ فَلَا بُطْلَانَ وَلَا سُجُودَ وَلَا تَبْطُلُ بِتَرْكِ الْبَعْدِيِّ وَلَوْ طَالَ وَسَجَدَهُ مَتَى ذَكَرَهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ حِينَئِذٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ مُرْتَبِطَةٌ بِالصَّلَاةِ وَتَابِعَةٌ وَمِنْ حُكْمِ التَّابِعِ أَنْ يُعْطَى حُكْمَ الْمَتْبُوعِ بِالْقُرْبِ فَإِذَا بَعُدَ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَسْجُدُ وَإِنْ طَالَ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مِنْ الصُّفُوفِ مَا لَا) أَيْ: صُفُوفًا لَا يَنْبَغِي أَيْ: لَا يَصِحُّ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَكَانٍ يَلِي مَكَانَ صَلَاتِهِمْ أَيْ: الصُّفُوفَ جَمْعُ صَفٍّ عِبَارَةٌ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْمُصْطَفَّةِ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ وَالْمُرَادُ الصُّفُوفُ وَلَوْ مُقَدَّرَةً وَلَوْ قَالَ مَا لَمْ يَأْتِ مَكَانًا لَا يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ بِالْإِمَامِ لَكَانَ أَحْسَنَ.

(قَوْلُهُ عَامِدًا) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَتَبِعَهُ فِي ك وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَيْدَ الْعَمْدِ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ اهـ. أَيْ: الَّتِي هِيَ التَّكَلُّمُ وَمُلَابَسَةُ النَّجَاسَةِ وَاسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ.

(قَوْلُهُ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ) صِفَةٌ مُخَصِّصَةٌ بِالنَّظَرِ لِلْقَبْلِيِّ وَكَاشِفَةٌ بِالنَّظَرِ لِلْبَعْدِيِّ (قَوْلُهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) أَيْ: لَا مِنْ الْمَذْكُورِ مِنْهَا وَلَا بُدَّ مِنْ الْمَذْكُورِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَقَدْ حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْأُولَى) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَطَلَتْ حَالٌ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ وَبَطَلَتْ أَيْ: الْمَذْكُورُ فِيهَا مَعَ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْمَذْكُورِ مِنْهَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُبْرِزَ وَيَقُولَ وَبَطَلَتْ هِيَ (قَوْلُهُ تَفْرِيعُهُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَطَلَتْ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا هِيَ الْمَذْكُورُ فِيهَا) فِيهِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ أَيْ الصَّلَاةُ الْمَتْرُوكُ مِنْهَا السُّجُودُ فَلَيْسَ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ فَكَذَا كُرْهًا

ص: 333

فَرِيضَةً وَتَحْتَهُ وَجْهَانِ بِقَوْلِهِ.

(ص) فَمِنْ فَرْضٍ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ بَطَلَتْ وَأَتَمَّ النَّفَلَ وَقَطَعَ غَيْرُهُ وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأُولَى إذَا كَانَتْ فَرِيضَةً وَتَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ الْقَبْلِيِّ مِنْهَا فَذَكَرَهُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى كَانَتْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالطُّولِ أَوْ بَعْدَ الِانْحِنَاءِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ كَمَأْمُومٍ أَوْ أُمِّيٍّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَ مِنْهَا وَهِيَ الْأُولَى تَبْطُلُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ إلَخْ، مَعَ كَوْنِ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا طُولَ؛ لِأَنَّ الطُّولَ الْمُنْتَفِيَ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ السَّابِقُ الْخَارِجُ عَنْ الصَّلَاةِ وَالطُّولُ الْمَذْكُورُ هُوَ الْحَاصِلُ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِهَا.

ثُمَّ حَيْثُ بَطَلَتْ الْأُولَى لِوُجُودِ الطُّولِ أَوْ الِانْحِنَاءِ فِي الْمَشْرُوعِ فِيهَا لَا تَخْلُو الثَّانِيَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فَإِنْ كَانَتْ نَفْلًا أَتَمَّهَا إنْ كَانَتْ فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ رَكَعَ أَمْ لَا فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ قَطَعَ إنْ لَمْ يَرْكَعْ وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا قَطَعَ بِسَلَامٍ لَكِنْ يُنْدَبُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ شَفْعٍ وَهَذَا فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ لَا الْمَأْمُومِ فَلَا يَقْطَعُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْفَوَائِتِ لَا يُقَالُ يُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ هُنَا وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ إلَخْ بِقَوْلِهِ فِي الْفَوَائِتِ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ يُنْدَبُ فَبَيَّنَ الْحُكْمَ هُنَا الَّذِي لَا يُفْهَمُ مِنْ هُنَاكَ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْإِشْفَاعُ، وَأَمَّا عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَالْمَحَلَّانِ مُفْتَرِقَانِ وَلَا إشْكَالَ وَعَقَدَ الرَّكْعَةَ هُنَا بِإِتْمَامِهَا بِسَجْدَتَيْهَا وَمَحَلُّ الْإِشْفَاعِ حَيْثُ اتَّسَعَ الْوَقْتُ قَالَهُ حُلُولُو.

(ص) وَإِلَّا رَجَعَ بِلَا سَلَامٍ (ش) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ طُولٌ وَلَا انْحِنَاءٌ رَجَعَ لِإِصْلَاحِ الْأُولَى وَلَوْ مَأْمُومًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ السَّلَامِ مِمَّا هُوَ فِيهِ لِئَلَّا يُدْخِلَ عَلَى نَفْسِهِ بِالسَّلَامِ زِيَادَةً وَلِانْسِحَابِ حُكْمِ الصَّلَاةِ الْأُولَى عَلَيْهِ وَلِهَذَا رَجَعَ هُنَا وَلَوْ مَأْمُومًا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، وَإِذَا أَصْلَحَ الْأُولَى سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْبِسَاطِيِّ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ بِلَا سَلَامٍ مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى سَلَامٍ فِيهِ نَظَرٌ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ بِالسَّلَامِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ الْبُطْلَانُ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا رَجَعَ بِالسَّلَامِ حَيْثُ كَانَ الْمَتْرُوكُ غَيْرَ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ لَا يَمْنَعُ مِنْ سُجُودِهِ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ.

(ص) وَمِنْ نَفَلٍ فِي فَرْضٍ تَمَادَى كَفِي نَفْلٍ إنْ أَطَالَهَا أَوْ رَكَعَ (ش) أَشَارَ إلَى الْوَجْهَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى نَفْلًا وَالثَّانِيَةُ الْمَشْرُوعُ فِيهَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الْقَبْلِيَّ الْمُبْطِلَ تَرَكَهُ أَوْ الْبَعْضَ كَرُكُوعٍ وَنَحْوِهِ مِنْ نَفْلٍ وَقَدْ دَخَلَ فِي فَرْضٍ تَمَادَى فِيهِ طَالَ أَوْ عَقَدَ رَكْعَةً أَوْ لَا مَأْمُومًا أَوْ غَيْرَهُ لِحُرْمَةِ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ، ثُمَّ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ إبْطَالَهُ، كَمَا يَتَمَادَى أَيْضًا إذَا ذَكَرَهُ فِي نَفْلٍ مِثْلِ الْأَوَّلِ لَكِنَّ مَحَلَّ التَّمَادِي هُنَا إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ وَإِلَّا رَجَعَ لِإِصْلَاحِ النَّفْلِ الْأَوَّلِ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَابْتَدَأَ النَّافِلَةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا إنْ شَاءَ، وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا سَلَّمَ أَوْ ظَنَّ السَّلَامَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَلَا ظَنَّهُ فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ وَلَا يَتَمَادَى فِي الثَّانِي وَلَوْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَرْضِ كَمَا أَشَارَ لَهُ (هـ) فِي شَرْحِهِ.

(ص) وَهَلْ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ أَوْ لَا؟ وَلَا سُجُودَ خِلَافٌ (ش) أَيْ: وَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ سُنَّةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

لِلصَّلَاةِ الْمَذْكُورِ فِيهَا رَاجِحًا حَتَّى يَدْفَعَهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ فَمِنْ فَرْضٍ إلَخْ) الْفَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى شَرْطٍ مُقَدَّرٍ جَوَابُهُ بَطَلَتْ وَقَوْلُهُ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ شَرْطٌ فِي الْجَوَابِ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي فَرْضٍ بَطَلَتْ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ (قَوْلُهُ بَطَلَتْ) هَذَا إذَا كَانَ قَدْ سَلَّمَ مِنْهَا أَوْ ظَنَّ السَّلَامَ وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ وَيَرْجِعُ لِإِتْمَامِهَا وَيَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ فِي الْمَذْكُورِ فِيهَا وَيَجْعَلُهُ لِإِصْلَاحِ الْأُولَى وَهَذَا فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَكَبَعْضٍ وَلَا يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْمُشَبَّهِ وَهُوَ نَقْصُ قَبْلِيٍّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَلَمْ يَحْصُلْ طُولٌ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا حَصَلَ بَعْدَهُ وَلَمْ يُسَلِّمْ مِنْ الْأُولَى وَلَا ظَنَّهُ (قَوْلُهُ وَأَتَمَّ النَّفَلَ) أَيْ: الْمُقَابِلَ لِلْفَرْضِ فَيَشْمَلُ السُّنَّةَ وَالْمَنْدُوبَ (قَوْلُهُ وَقَطَعَ غَيْرَهُ) أَيْ بِسَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَغْرِبُ فَلَا يَشْفَعُهَا وَالصُّبْحُ وَالْجُمُعَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا كَمَّلَ مِنْ كُلٍّ رَكْعَةً أَتَمَّهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَشْفَعُهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَلَا يُسْتَثْنَيَانِ. وَانْظُرْ هَلْ النَّفَلُ الْمَنْذُورُ كَالْفَرْضِ أَوْ كَالنَّفْلِ؟

(قَوْلُهُ لَا الْمَأْمُومُ فَلَا يَقْطَعُ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَلَ التَّذَكُّرُ قَبْلَ الْبُطْلَانِ فِي الْأُولَى فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُسَاوِي الْفَذَّ وَالْإِمَامَ فِي الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَلَيْسَ مِنْ مَسَاجِينِهِ (قَوْلُهُ فَالْمَحَلَّانِ مُفْتَرَقَانِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ صَارَ الْمَحَلُّ وَاحِدًا كَمَا أَفَادَهُ عج فَالْحَقُّ أَنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا لِلتَّصْرِيحِ بِالْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ فَمِنْ فَرْضٍ إلَخْ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا طَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ انْحَنَى بَطَلَتْ الْأُولَى وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ ذَكَرَ صَلَاةً فِي صَلَاةٍ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ وَلَوْ جُمُعَةً قَطَعَ إلَى أَنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا مُؤْتَمٌّ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ يَكُونُ عَلَى قِسْمَيْنِ إنْ ذَكَرَ فَائِتَةً مِنْ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ يَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ وَإِنْ ذَكَرَ حَاضِرَةً فِي حَاضِرٍ تَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَلَمَّا كَانَ الْمُصَلِّي هُنَا مَأْمُورًا بِالتَّلَافِي أُمِرَ بِالرُّجُوعِ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ وَمِنْ نَفْلٍ) وَلَوْ مُؤَكَّدًا وَقَوْلُهُ كَفِي نَفْلٍ أَيْ وَلَوْ دُونَ الْمَذْكُورِ مِنْهُ (قَوْلُهُ إذَا سَلَّمَ أَوْ ظَنَّ السَّلَامَ) أَيْ: مِنْ النَّفْلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ) أَيْ: إذَا كَانَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ مِنْ جِنْسِ الْمَتْرُوكِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ فِي هَذِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ سُجُودَ سَهْوٍ قَبْلِيٍّ فَلَا يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ رَكْعَةٍ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ) أَيْ: فِي النَّفْلِ الثَّانِي لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ نَفْلًا وَالثَّانِي فَرْضًا وَلَمْ يُسَلِّمْ مِنْ

ص: 334

مُؤَكَّدَةٍ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَشَهَّرَهُ فِي الْبَيَانِ لِتَلَاعُبِهِ أَوْ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِكَوْنِ الْعِبَادَةِ قَدْ حُوفِظَ عَلَى أَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا هُوَ لِلسَّهْوِ خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَحْتَمِلُ وَحْدَةَ السُّنَّةِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدَّمَاتِ، وَأَمَّا إنْ كَثُرَتْ بَطَلَتْ وَيَحْتَمِلُ الْجِنْسَ فَيَتَنَاوَلُ السُّنَّةَ وَلَوْ كَثُرَتْ كَمَا ذَكَرَ سَنَدٌ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ تَرَكَ السُّورَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَمْدًا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ انْتَهَى وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا ق وَزَادَ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تُشْهَرْ فَرْضِيَّتُهَا وَإِلَّا فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَعَمُّدِ تَرْكِهَا اتِّفَاقًا كَالْفَاتِحَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْجُلِّ أَيْ: وَسُنَّةٌ فِي الْأَقَلِّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْفَذِّ وَالْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ تَرَكَ جَمِيعَ السُّنَنِ عَمْدًا قَالَهُ فِي الْإِرْشَادِ انْتَهَى وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَا سُجُودَ مَعَ أَنَّهُ لَا نِسْيَانَ هُنَا رَدًّا لِلْقَوْلِ بِالسُّجُودِ الَّذِي صَحَّحَهُ الْجَلَّابُ وَالْخِلَافُ خَاصٌّ بِسُنَنِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا سُنَنُ الْوُضُوءِ فَلَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَوْ تَرَكَهَا كُلَّهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ سُنَنَ الْوُضُوءِ وَسِيلَةٌ وَسُنَنَ الصَّلَاةِ مَقْصِدٌ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْوَسِيلَةِ.

(ص) وَبِتَرْكِ رُكْنٍ وَطَالَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الصَّلَاةِ سَهْوًا وَطَالَ بِحَيْثُ لَا يَتَدَارَكُهُ إمَّا بِالْعُرْفِ أَوْ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا يَأْتِي فَإِنَّهَا تَبْطُلُ، وَأَمَّا مَعَ الْعَمْدِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالطُّولِ.

(ص) كَشَرْطٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْبُطْلَانِ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ أَيْ: وَكَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي أَبْوَابِ الشُّرُوطِ مِنْ تَرْكِهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا مَعَ الْقُدْرَةِ أَوْ مَعَ الْعَجْزِ وَمِنْ كَوْنِ الشَّرْطِ الْمَتْرُوكِ طَهَارَةَ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ أَوْ سِتْرًا أَوْ اسْتِقْبَالًا فَرَاجِعْهُ.

(ص) وَتَدَارَكَهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا (ش) هَذَا بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَطَالَ كَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يُطِلْ فَإِنَّهُ يَتَدَارَكُهُ سَيَأْتِي كَيْفِيَّةُ التَّدَارُكِ فِي قَوْلِهِ وَتَارِكِ رُكُوعٍ إلَخْ فَمَعْنَى تَدَارُكِهِ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ رَكْعَةٍ فَإِنْ كَانَ الرُّكْنُ الْمَتْرُوكُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ أَتَى بِهِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ التَّارِكُ نَفْسُهُ، فَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ سَجْدَةً مِنْ الرَّابِعَةِ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُطَّرِفٍ وَأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَقِيلَ سَلَامُ الْإِمَامِ حَائِلٌ فَلَا يَسْجُدُ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ أَنَّهُ إنْ سَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَقِدٌ الْإِتْمَامَ فَاتَ تَدَارُكُهُ، وَيَسْتَأْنِفُ رَكْعَةً إنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَهُوَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ هُنَا وَإِنْ كَانَ الرُّكْنُ الْمَتْرُوكُ مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ أَتَى بِهِ إنْ لَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا مِنْ رَكْعَةٍ أَصْلِيَّةٍ تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ فَإِنْ عَقَدَهُ أَلْغَى رَكْعَةَ النَّقْصِ وَقَامَتْ الْمَعْقُودَةُ مَقَامَهَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى بِبُطْلَانِهَا، وَعَقْدُ الْإِمَامِ يُفَوِّتُ تَلَافِيَ مَأْمُومِهِ وَفِي الْبَرْمُونِيِّ وَلَمْ يَعْقِدْ التَّارِكُ لِلرُّكْنِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْأَوَّلِ وَلَا ظَنَّهُ فَيُكْمِلُ النَّفَلَ بِالْفَرْضِ.

(قَوْلُهُ أَوْ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ) كَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا ق) أَيْ: عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَتْ تَبْطُلُ بِتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ الْقَبْلِيِّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَأَحْرَى أَنْ تَبْطُلَ بِتَرْكِ الثَّلَاثِ سُنَنٍ عَمْدًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُنْزِلُ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ مَنْزِلَةَ الْفَرْضِ وَقَالَ الْبَدْرُ: إنَّ فِي تَرْكِ السُّجُودِ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ تَرْكُ أَمْرَيْنِ: السُّجُودُ وَمُوجِبُهُ بِخِلَافِ الْعَمْدِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ أَرْبَعَةَ قُيُودٍ: وَهُوَ أَنَّ الْمَتْرُوكَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَلَمْ تُشَهَّرْ فَرْضِيَّتُهَا وَالْمُصَلِّي فَذٌّ أَوْ إمَامٌ وَهُنَاكَ قَيْدٌ خَامِسٌ هُوَ أَنْ تَكُونَ السُّنَّةُ دَاخِلَةً فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ: لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَهُوَ آثِمٌ كَذَا قِيلَ وَيُفِيدُهُ الْحَطَّابُ.

(قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ رُكْنٍ) أَيْ: بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمَاهِيَّةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُفِيدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ دَخَلَ الصَّلَاةَ وَطَرَأَ عَلَيْهِ نَقْصٌ.

(قَوْلُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ) أَيْ: أَنَّ قَوْلَنَا لَا بِقَيْدِ الطُّولِ لَا يُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ.

(قَوْلُهُ وَتَدَارَكَهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ رُكْنٌ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ كَالنِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُصَلٍّ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ: أَصْلًا أَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَلَطًا فَيَأْتِي بِهِ كَسَجْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَيُعِيدُ التَّشَهُّدَ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الرُّكْنُ الْمَتْرُوكُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ أَتَى بِهِ) أَيَّ أَخِيرَةٍ وَلَوْ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ الرَّابِعَةِ أَيْ: مَثَلًا لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ مَا إذَا سَلَّمَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مُعْتَقِدًا الْإِتْمَامَ وَقَدْ فَاتَتْهُ سَجْدَةٌ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَفُوتُ تَدَارُكُهُ لِذَلِكَ بِتَسْلِيمِهِ مُعْتَقِدًا الْإِتْمَامَ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ سَلَامُ الْإِمَامِ حَائِلٌ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُعْتَقِدٌ الْإِتْمَامَ) تَقَدَّمَ مُحْتَرَزُهُ (قَوْلُهُ فَاتَ تَدَارُكُهُ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجُلُوسُ بِقَدْرِ السَّلَامِ بِأَنْ يُسَلِّمَ سَهْوًا وَهُوَ رَافِعٌ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ فَلَا يُفِيتُهُ السَّلَامُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيَجْلِسُ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدُ لِسَهْوِهِ إنْ قَرُبَ تَذَكُّرُهُ فَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ (قَوْلُهُ رَكْعَةً أَصْلِيَّةً) خَرَجَ بِقَيْدِ الْأَصْلِيَّةِ عَقْدُهُ لِخَامِسَةٍ سَهْوًا تَلِي الرَّكْعَةَ الَّتِي نَقَصَ مِنْهَا فَلَا يَمْنَعُ عَقْدُ رُكُوعِهَا تَدَارُكَ مَا تَرَكَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَهَا حُرْمَةٌ فَيَرْجِعُ يُكْمِلُ رَكْعَةَ النَّقْصِ وَقَبْلَ عَقْدِهَا يُمْنَعُ كَالْأَصْلِيَّةِ فَتَبْطُلُ الرَّابِعَةُ وَهَلْ يَقْضِيهَا أَوْ تَكُونُ الْخَامِسَةُ قَضَاءً قَوْلَانِ.

(قَوْلُهُ عَقْدُ الْإِمَامِ يُفَوِّتُ إلَخْ) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَكَذَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فَيُقَيِّدُ اعْتِمَادَهُ وَنَصُّهُ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَكَذَلِكَ الْمَأْمُومُ إذَا كَانَ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ فَذَكَرَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى أَوْ شَكَّ فِيهَا فَلْيَرْجِعْ جَالِسًا ثُمَّ يَسْجُدُهَا إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ فَيَتَّبِعْهُ فِيهَا وَيَقْضِي رَكْعَةً اهـ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْبَرْمُونِيِّ وَلَمْ يَعْقِدْ التَّارِكُ لِلرُّكْنِ) هَذَا خِلَافُ مَا قَبْلَهُ إلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ فَقَالَ أَيْ: وَلَمْ يَعْقِدْ التَّارِكُ رُكُوعًا احْتِرَازًا مِمَّا

ص: 335

وَأَمَّا عَقْدُ الْإِمَامِ فَيُفَوِّتُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا فَوَّتَ الْأُولَى فَقَطْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ نَعَسٍ أَوْ نَحْوِهِ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى اهـ.

(ص) وَهُوَ رَفْعُ رَأْسٍ إلَّا لِتَرْكِ الرُّكُوعِ فَبِالِانْحِنَاءِ كَسِرٍّ وَتَكْبِيرِ عِيدٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَذِكْرِ بَعْضٍ وَإِقَامَةِ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ الْمُفِيتَ لِتَدَارُكِ الرُّكْنِ الْمُوجِبِ لِبُطْلَانِ رَكْعَتِهِ رَفْعُ الرَّأْسِ مِنْ الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ لِرَكْعَةِ النَّقْصِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ إلَّا فِي عَشْرِ مَسَائِلَ يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا يَقُولُ أَشْهَبُ مِنْهَا إذَا نَسِيَ الرُّكُوعَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا فِي رُكُوعِهِ مِنْ الَّتِي تَلِيهَا وَمِنْهَا مَنْ تَرَكَ السِّرَّ أَوْ الْجَهْرَ أَوْ السُّورَةَ أَوْ التَّنْكِيسَ بِأَنْ يُقَدِّمَ السُّورَةَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ فَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهَا إذَا نَسِيَ تَكْبِيرَ الْعِيدِ أَوْ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لَكِنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ تَفُوتُ بِالِانْحِنَاءِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَرَأَهَا فِيهَا كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا لَكِنْ يَأْتِي بِهَا فِي النَّافِلَةِ فَقَطْ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهَا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَمُجَاوِزُهَا بِيَسِيرٍ يَسْجُدُ وَبِكَثِيرِ يُعِيدُهَا بِالْفَرْضِ مَا لَمْ يَنْحَنِ وَبِالنَّفَلِ فِي ثَانِيَتِهِ فَفِي فِعْلِهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ قَوْلَانِ.

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَرْكِ جُمْلَةِ تَكْبِيرِ الْعِيدِ أَوْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ كَمَا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَمِنْهَا إذَا ذَكَرَ بَعْضًا مِنْ صَلَاةٍ أُخْرَى

ــ

[حاشية العدوي]

إذَا عَقَدَهُ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ لَا يُفِيتُهُ التَّدَارُكُ إلَى إنْ قَالَ وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ وَمَنْ نَعَسَ خَلْفَ الْإِمَامِ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ وَانْقَضَتْ صَلَاتُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُصْلِحَ الَّتِي نَعَسَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ الْإِمَامُ وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إصْلَاحِهَا وَذَهَبَ عب وشب إلَى كَلَامِ الْبَرْمُونِيِّ.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ) بِأَنْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ الرُّكُوعَ وَقَالَ لَا أَفْعَلُ أَيْ: لَا أَرْكَعُ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّ عَقْدَ الْإِمَامِ يُفِيتُ تَدَارُكَ ذَلِكَ الرُّكْنَ وَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ مَعَ الْعَمْدِ هَكَذَا مُرَادُهُ أَيْ: وَالرَّكْعَةُ بَاطِلَةٌ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عج وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عج أَنَّهَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ وَهُوَ الظَّاهِرُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوَّتَ إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ يَفُوتُ الْأَوْلَى كَمَا إذَا زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِ الْأُولَى حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُفِيتُ تَدَارُكُهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ أَوْلَى فَلَا يَكُونُ عَقْدُ الرُّكُوعِ وَهُوَ الرَّفْعُ مِنْ الرُّكُوعِ مُفَوِّتًا بَلْ لَا يُفَوِّتُ إلَّا الرَّفْعُ مِنْ سُجُودِهَا (قَوْلُهُ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى) أَيْ فَعَلَ كَفِعْلِهِ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى أَيْ: وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا يَتَّبِعُهُ أَيْ: فَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا وَبَطَلَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ.

{تَنْبِيهٌ} : لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ أَيْ: كَلَامَ الْبَرْمُونِيِّ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَذَلِكَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ، وَأَمَّا هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا عَقْدُ الْإِمَامِ فَيُفَوِّتُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي رَكْعَةِ النَّقْصِ لَا فِي الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ لِرَكْعَةِ النَّقْصِ فَتَدَبَّرَ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ رَفْعُ رَأْسٍ) أَيْ: مُطْمَئِنًّا مُعْتَدِلًا فَإِذَا رَفَعَ دُونَهُمَا يَكُونُ كَمَنْ لَمْ يَرْفَعْ لَا مُجَرَّدَ انْحِنَاءٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ.

(قَوْلُهُ إلَّا لِتَرْكِ رُكُوعٍ) وَتَرْكُ الرُّكُوعِ يَسْتَلْزِمُ الرَّفْعَ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ فَقَطْ فَيَدْخُلُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا يُفِيتُهُ الِانْحِنَاءُ وَإِنَّمَا يُفِيتُهُ رَفْعُ رَأْسِهِ مِنْ الَّتِي تَلِي مَا تَرَكَهُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ فَبِالِانْحِنَاءِ) عِبَارَةُ عج فَبِالِانْحِنَاءِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ تَبِعَهُ عب وَإِنَّمَا كَانَ تَرْكُهُ يُفِيتُهُ الِانْحِنَاءُ؛ لِأَنَّهُ إنْ رَجَعَ لِلْأَوَّلِ فَقَدْ أَبْطَلَ هَذَا وَإِنْ اعْتَدَّ بِهَذَا بَطَلَ الْأَوَّلُ فَلَا بُدَّ مِنْ إبْطَالِ أَحَدِ الرُّكُوعَيْنِ وَإِبْقَاءُ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِهِ انْتَهَى إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يُنَافِيه قَوْلُ الشَّارِحِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْوَضْعَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَعِبَارَتُهُ فِي ك ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَفُوتُ التَّدَارُكُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِمُجَرَّدِ الِانْحِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يُمَكِّنْ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَالْأَنْسَبُ حَلُّهُ بِكَلَامِ التَّوْضِيحِ وَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَشْهَبَ فِي انْعِقَادِ الرَّكْعَةِ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ فِي مَسَائِلَ بَلْ فِي عِبَارَتِهِ فِي التَّوْضِيحِ فَائِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ لَا عَلَى خُصُوصِ الرُّكْبَتَيْنِ حَيْثُ قَالَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فَأَفَادَ أَنَّهُ إنْ طَلَعَ إلَى فَوْقِ الرُّكْبَتَيْنِ يَسِيرًا أَوْ نَزَلَ عَنْهُمَا كَذَلِكَ كَفَى فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ وَكَانَ مُفَوِّتًا لِلنَّدْبِ فَقَطْ اهـ.

وَعِبَارَةُ تت بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَبِالِانْحِنَاءِ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَعِبَارَةُ الْبِسَاطِيِّ ابْنِ يُونُسَ جَعَلَ مَالِكٌ عَقْدَ الرَّكْعَةِ إمْكَانَ الْيَدَيْنِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ فِي الَّذِي نَسِيَ تَكْبِيرَ الْعِيدِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَاَلَّذِي نَسِيَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَاَلَّذِي ذَكَرَ سُجُودَ سَهْوٍ قَبْلَ السَّلَامِ مِنْ فَرِيضَةٍ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ وَاَلَّذِي نَسِيَ السُّورَةَ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فَذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَالَ فِي ك وَلَوْ رَجَعَ لِهَذِهِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ تَلَبَّسَ بِالْفَرْضِ إلَى السُّنَّةِ وَلَا يُعَارِضُهُ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ رَجَعَ لِتَرْكِ الْجُلُوسِ بَعْدَ أَنْ اسْتَقَلَّ قَائِمًا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ التَّلَبُّسُ بِالرُّكْنِ إنَّمَا يَكُونُ بِتَمَامِ الْقِرَاءَةِ لِلْفَاتِحَةِ.

(أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ مِنْ نُقُولِهِمْ الْمُصَرِّحَةِ بِالْوَضْعِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِانْحِنَاءِ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ الِانْحِنَاءَ وَظَاهِرُ شب فِيمَا تَقَدَّمَ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الِانْحِنَاءِ (قَوْلُهُ كَسِرٍّ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَلَا يَلْزَمُ اسْتِيعَابُ جَمِيعِ الْمَسَائِلِ وَأَمَّا جَعْلُهَا لِلتَّمْثِيلِ لِلتَّرْكِ الْمُطْلَقِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ كَالْمَلْغِيِّ الَّذِي هُوَ رُكُوعٌ فَهُوَ فِي غَايَةِ التَّكَلُّفِ.

(قَوْلُهُ عَشْرِ مَسَائِلَ) أَيْ فَالتَّرْكُ لِلسِّرِّ صُورَةٌ وَلِلْجَهْرِ صُورَةٌ وَلِلسُّورَةِ صُورَةٌ وَالتَّنْكِيسُ كَذَلِكَ وَيَكُونُ عَدُّ ذِكْرِ الْبَعْضِ صُورَتَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَسُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ أَوْ التَّنْكِيسَ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ تَرْكُ السُّورَةِ فَهُوَ يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ حَتَّى وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ وَمِنْهَا إذَا ذَكَرَ بَعْضًا مِنْ صَلَاةٍ أُخْرَى) أَيْ: بَعْدَ أَنْ رَكَعَ بِالِانْحِنَاءِ إنْ كَانَ لَا يَقْرَأُ لِكَوْنِهِ أُمِّيًّا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ أَطَالَ بِأَنْ كَانَ فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ إنْ كَانَ يَقْرَأُ؛ لِأَنَّ طُولَ الْقِرَاءَةِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الرُّكُوعِ فِي

ص: 336

كَرَكْعَةٍ وَنَحْوِهَا وَيَشْمَلُ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَمِنْهَا إذَا أُقِيمَتْ الْمَغْرِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ مَكَّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ هَذَا هُوَ النَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّ الِانْحِنَاءَ الْمَذْكُورَ يُفِيتُ الْقَطْعَ وَالدُّخُولَ مَعَ الْإِمَامِ وَمَا فِي الشَّارِحِ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ وَقَدْ مَكَّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَصَوَابُهُ الثَّالِثَةُ وَقَوْلُنَا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ صَلَاتَيْنِ مَعًا إنَّمَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِي مَسْأَلَةِ إقَامَةِ الْمَغْرِبِ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا هُوَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَالْمَجْمُوعَةِ لَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهَا أَنَّهُ يَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ إلَّا أَنْ يُتِمَّ رَكْعَتَيْنِ بِسَجْدَتَيْهِمَا فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا حِينَئِذٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تُفَوِّتُ بِالِانْحِنَاءِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الرَّكْعَتَيْنِ مُفَوِّتٌ لِلْقَطْعِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ لِلثَّالِثَةِ وَإِنَّمَا مَشَى الْمُؤَلِّفُ فِي هَذِهِ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ قَصْدًا لِجَمْعِ النَّظَائِرِ وَهُوَ لِأَجْلِهِ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ ضَبَطَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ وَإِقَامَةِ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ بَعْضٌ إقَامَةَ مَغْرِبٍ عَلَى أَنَّ ذَكَرَ فِعْلٌ مَاضٍ وَبَعْضٌ فَاعِلُهُ وَإِقَامَةً مَفْعُولُهُ وَهُوَ تَكَلُّفٌ مُنْقِصٌ لِفَرْدٍ مِنْ النَّظَائِرِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَغْرِبِ فَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَهُ فِيمَا يَأْتِي فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ وَإِلَّا أَتَمَّ النَّافِلَةَ أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا وَإِلَّا انْصَرَفَ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ شَفْعٍ كَالْأُولَى إنْ عَقَدَهَا.

(ص) وَبَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ كَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ سَلَّمَ بَنَى إنْ قَرُبَ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أَوْلَى إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يَتَدَارَكُ مَا فَاتَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ سَلَامٌ إنْ كَانَ النَّقْصُ مِنْ الْأَخِيرَةِ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ سَلَامٌ فَاتَ التَّدَارُكُ لِلْأَبْعَاضِ وَيَبْنِي عَلَى مَا مَعَهُ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَأَلْغَى رَكْعَةَ النَّقْصِ إنْ قَرُبَتْ مُفَارَقَتُهُ لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ عَلَى مَا يَأْتِي فَإِنْ انْضَمَّ إلَى سَلَامِهِ بُعْدٌ أَوْ خُرُوجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ لِحُصُولِ الْإِعْرَاضِ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ، ثُمَّ إنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ إمَّا لِلْعَطْفِ التَّفْسِيرِيِّ، وَضَابِطُهُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ حَرْفِ التَّفْسِيرِ عَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَيْ: الْقُرْبُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ تَارِكًا لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ إنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ وَأَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ أَيْ: وَبَنَى إنْ قَرُبَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ أَمْ لَا وَالْقُرْبُ مَحْدُودٌ بِالْعُرْفِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَفِي حَدِّ الْبِنَاءِ قَوْلَانِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ عِنْدَ أَشْهَبَ الْمَحَلُّ الْمَحْصُورُ فَإِنْ صَلَّى فِي غَيْرِ مَحَلٍّ مَحْصُورٍ كَالصَّحْرَاءِ مَثَلًا فَبِأَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَحَلٍّ لَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَسْجِدِ طُولٌ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ صَغِيرًا أَوْ صَلَّى بِإِزَاءِ الْبَابِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ مَا لَمْ يَحْصُلْ فِي الْمَسْجِدِ طُولٌ جِدًّا بِالْعُرْفِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ.

(ص) بِإِحْرَامٍ وَلَمْ تَبْطُلْ بِتَرْكِهِ (ش) هَذَا بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْبِنَاءِ يَعْنِي إذَا بَنَى مَعَ الْقُرْبِ وَلَوْ جِدًّا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ أَيْ: بِتَكْبِيرٍ وَنِيَّةٍ وَيُنْدَبُ لَهُ رَفْعُ الْيَدَيْنِ حِينَ شُرُوعِهِ فَلَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ أَيْ: نِيَّةِ إتْمَامِ مَا بَقِيَ وَلَوْ قَرُبَ جِدًّا اتِّفَاقًا وَإِذَا قِيلَ بِالْإِحْرَامِ فَهَلْ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ لِتَحْصُلَ لَهُ النَّهْضَةُ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عِنْدَ الْبَاجِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ صَاحِبِ اللُّبَابِ وَغَيْرِهِمْ أَوْ لَا يَجْلِسُ وَيَتَمَادَى عَلَى حَالِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ إلَى الرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ أَمْ لَا وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ.

ص (وَجَلَسَ لَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) ش أَيْ:

ــ

[حاشية العدوي]

فَوَاتِ التَّلَافِي كَمَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فَمِنْ فَرْضٍ.

{تَنْبِيهٌ} : يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَذَكَرَ بَعْضٌ سِتَّ صُوَرٍ وَهِيَ مِنْ فَرْضٍ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ مِنْ نَفْلٍ فِي نَفْلٍ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ وَفِي السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ الْمُتَرَتِّبِ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ ثَلَاثٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَمِنْهَا إذَا أُقِيمَتْ الْمَغْرِبُ) إشَارَةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِقَامَةُ مَغْرِبٍ أَيْ: وَمُقْتَضَى إقَامَةُ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا مِنْ الْقَطْعِ وَالدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَقْطَعُ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ فَسَقَطَ تَحَيُّرُ بَعْضِهِمْ فِي عَطْفِهِ عَلَى مَاذَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْحَنِ فَلَا يَفُوتُ مَا يَقْتَضِيه إقَامَتُهَا عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا فَيَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ ضَبَطَ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَيَدَّعِي أَنَّ الْوَاوَ الدَّاخِلَةَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِقَامَةُ مَغْرِبٍ زَائِدَةٌ أَوْ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي نُسْخَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ) الْمُرَادُ بِالْخُرُوجِ مَا يُعَدُّ خُرُوجًا عُرْفًا فَالْخَارِجُ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ لَا يُعَدُّ خُرُوجًا عُرْفًا وَهَذَا إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ فَسَيَأْتِي الشَّارِحُ يُنَبِّهُ عَلَيْهِ آخِرَ الْعِبَارَةِ.

(قَوْلُهُ فَبِأَنْ يَنْتَهِيَ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَرَى أَفْعَالَ الْإِمَامِ وَلَا الْمَأْمُومِينَ وَلَا يَسْمَعُ قَوْلَهُ وَلَا قَوْلَهُمْ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ يَحْصُلُ بِرُؤْيَةِ فِعْلِ الْإِمَامِ أَوْ سَمَاعِ قَوْلِهِ أَوْ بِرُؤْيَةِ فِعْلِ الْمَأْمُومِينَ أَوْ سَمَاعِ قَوْلِهِمْ.

(قَوْلُهُ أَوْ صَلَّى بِإِزَاءِ الْبَابِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَوْ صَلَّى بِأَوْ وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْهَمْزَةِ بِأَنْ يَقُولَ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ صَغِيرًا وَصَلَّى بِإِزَاءِ الْبَابِ وَغَيْرُ ذَلِكَ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ فَلَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ) إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِتَرْكِهِ فِيهِ اسْتِخْدَامٌ حَيْثُ ذَكَرَ الْإِحْرَامَ أَوَّلًا بِمَعْنًى وَهُوَ النِّيَّةُ وَالتَّكْبِيرُ وَرَجَعَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ التَّكْبِيرُ وَحُكْمُ التَّكْبِيرِ وَحْدَهُ إمَّا الْوُجُوبُ أَوْ السُّنِّيَّةُ كَذَا يُفِيدُهُ شَرْحُ شب وَالظَّاهِرُ السُّنِّيَّةُ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَوَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ النَّهْضَةُ) أَيْ: الْقِيَامُ نَهَضَ قَامَ وَبَابُهُ قَطَعَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ) أَيْ التَّحَرُّكَ لِلرُّكْنِ وَهُوَ الْقِيَامُ مَقْصُودٌ أَيْ: التَّحَرُّكُ لِلْقِيَامِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رُكْنًا لِلصَّلَاةِ مَقْصُودٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقِيَامُ مَقْصُودًا لِلصَّلَاةِ ابْتِدَاءً.

(قَوْلُهُ وَجَلَسَ) أَيْ: وُجُوبًا عَلَى الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِوَاجِبٍ وَالْوَسِيلَةُ تُعْطَى حُكْمَ

ص: 337

وَجَلَسَ مَنْ تَذَكَّرَ قَائِمًا لِلْإِحْرَامِ أَيْ: لِيَأْتِيَ بِهِ مِنْ جُلُوسٍ؛ لِأَنَّهُ الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَ مِنْهَا الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ نَهْضَتَهُ قَبْلُ لَمْ تَكُنْ لَهَا قَالَهُ ابْنُ شَبْلُونٍ وَابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سَلَامُهُ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ مَنْ قَالَ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ يَجْلِسُ؛ لِأَنَّ نَهْضَتَهُ لَمْ تَكُنْ لِلصَّلَاةِ انْتَهَى وَهَذَا فِيمَنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ وَقَامَ، وَأَمَّا مَنْ تَذَكَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ كَذَلِكَ، وَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْقِيَامُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُ وَجَلَسَ لَهُ أَيْ: لِيَأْتِيَ بِهِ مِنْ جُلُوسٍ لَا جَلَسَ لَهُ بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ قِيَامٍ خِلَافًا لِلشَّارِحِ.

(ص) وَأَعَادَ تَارِكُ السَّلَامِ التَّشَهُّدَ وَسَجَدَ إنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ (ش) لِمَا قُدِّمَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الْأَخِيرَةِ يَتَدَارَكُهُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ وَأَنَّ السَّلَامَ يُفِيتُ التَّدَارُكَ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ حَصَلَ بَعْدَ رَكْعَةِ السَّهْوِ فَأَشْبَهَ عَقْدَ مَا بَعْدَهَا كَانَ مَظِنَّةَ سُؤَالٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ فَلَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ هُوَ السَّلَامُ نَفْسُهُ الَّذِي لَا رُكْنَ بَعْدَهُ فَمَا الَّذِي يَفُوتُ تَدَارُكُهُ فَأَجَابَ مُشِيرًا إلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ بِقَوْلِهِ وَأَعَادَ إلَخْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ السَّلَامَ سَهْوًا وَطَالَ طُولًا مُتَوَسِّطًا أَوْ فَارَقَ مَوْضِعَهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ بَعْدَ أَنْ يَرْجِعَ بِإِحْرَامٍ مِنْ جُلُوسٍ لِيَقَعَ سَلَامُهُ عَقِبَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ طَالَ جِدًّا بَطَلَتْ وَإِنْ قَرُبَ جِدًّا لَكِنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ طُولٍ وَلَا مُفَارَقَةِ مَوْضِعِهِ فَإِنَّهُ يَعْتَدِلُ إلَى الْقِبْلَةِ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ وَلَا يَحْتَاجُ هَذَا إلَى تَكْبِيرٍ وَلَا إعَادَةِ تَشَهُّدٍ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْحَرِفْ فِي هَذَا الْقِسْمِ عَنْ الْقِبْلَةِ سَلَّمَ فَقَطْ وَلَا سُجُودَ لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهِ فَقَوْلُهُ وَأَعَادَ إلَخْ هَذَا إذَا طَالَ طُولًا مُتَوَسِّطًا أَوْ فَارَقَ مَوْضِعَهُ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ عَوْدِهِ بِإِحْرَامٍ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ اتِّكَالًا عَلَى الْعُمُومِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ بِإِحْرَامٍ وَسَكَتَ عَنْ سُجُودِهِ لِوُضُوحِ الزِّيَادَةِ، وَدَلِيلُ أَنَّ مُرَادَهُ هَذَانِ الْقِسْمَانِ دُونَ قِسْمِ الطُّولِ جِدًّا الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ وَبِتَرْكِ رُكْنٍ وَطَالَ وَدُونَ قِسْمِ الْقُرْبِ جِدًّا الَّذِي لَا إحْرَامَ فِيهِ وَلَا تَشَهُّدَ قَوْلُهُ وَسَجَدَ إنْ انْحَرَفَ إلَخْ.

(ص) وَرَجَعَ تَارِكُ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَلَا سُجُودَ وَإِلَّا فَلَا (ش) لَمَّا ذَكَرَ السُّنَنَ الَّتِي يَفُوتُ تَدَارُكُهَا بِالرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ عَقَدَ بَعْدَهَا وَكَانَ مِنْ السُّنَنِ الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ وَالرُّكْنُ بَعْدَهُ الْقِيَامُ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَفُوتُهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَجَعَ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْجُلُوسَ الْأَوَّلَ سَهْوًا فَذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ دُونَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ بِرُكْبَتَيْهِ دُونَ يَدَيْهِ أَوْ فَارَقَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِرُكْبَتَيْهِ وَيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ وَرُكْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَبْقَى فِي الْأَرْضِ إحْدَى الْيَدَيْنِ فَقَطْ أَوْ إحْدَى الرُّكْبَتَيْنِ فَقَطْ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيمَا ذُكِرَ الرُّجُوعُ لِيَأْتِيَ بِهِ مَعَ التَّشَهُّدِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي تَزَحْزُحِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّزَحْزُحَ الْمَذْكُورَ لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ.

وَمَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ لَا سُجُودَ فِي سَهْوِهِ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَإِنْ تَمَادَى وَلَمْ يَرْجِعْ لَمْ تَبْطُلْ فِي السَّهْوِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيَجْرِي الْعَامِدُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ مُتَعَمِّدًا وَالْمَشْهُورُ إلْحَاقُ الْجَاهِلِ بِالْعَامِدِ انْتَهَى فَإِنْ فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ مَعًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَلَا يَرْجِعُ إنْ اسْتَقَلَّ اتِّفَاقًا وَكَذَا إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الرُّجُوعِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَرَجَعَ تَارِكُ الْجُلُوسِ إلَخْ السُّنِّيَّةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ تَعَمُّدَ تَرْكِ الْجُلُوسِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَعَلَى مُقَابِلِهِ الْوُجُوبُ وَقَوْلُهُ الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ أَوْ التَّشَهُّدُ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ غَيْرُ جُلُوسِ السَّلَامِ لِيَشْمَلَ الْأَوَّلَ وَغَيْرَهُ مَا عَدَا جُلُوسَ السَّلَامِ، وَقَوْلُهُ الْأَرْضُ أَوْ السَّرِيرُ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ص (وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَجَعَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَقْصِدِ فَلَوْ خَالَفَ وَأَحْرَمَ مِنْ قِيَامٍ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ يُحْرِمُ قَائِمًا.

{تَنْبِيهٌ} : لَا يُكَبِّرُ لِجُلُوسِهِ لِلْإِحْرَامِ وَإِنَّمَا يَجْلِسُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ فَإِذَا جَلَسَ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ يَقُومُ بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي يَفْعَلُهُ مَنْ فَارَقَ الصَّلَاةَ مِنْ اثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ) هَذَا الظَّاهِرُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ مِنْ ثَلَاثٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى حَالِ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ وَيُحْرِمُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهَا الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَهَا فِيهَا وَلَا يَجْلِسُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ تَذَكَّرَ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ تَذَكَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ تَذَكَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى مَا قَرَّرْنَا مِنْ الْمُعْتَمَدِ يُرَادُ بِالْجُلُوسِ مَا عَدَا الْقِيَامَ فَيَشْمَلُ حَالَةَ الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ فِي الْوَاحِدَةِ وَالثَّالِثَةِ وَإِلَّا أَشْكَلَ حِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ.

(قَوْلُهُ وَأَعَادَ تَارِكُ السَّلَامِ التَّشَهُّدَ) أَيْ: عَلَى طَرِيقِ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ: الْمَقُولَ فِي مَقَامِ ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ) بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِالْخُرُوجِ بِكُلِّ مُنَافٍ وَمِنْ جُمْلَتِهِ الطُّولُ الْمُتَوَسِّطُ وَمُفَارَقَةُ الْمَوْضِعِ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ) أَيْ: كَثِيرًا الَّذِي يُبْطِلُ عَمْدُهُ؛ لِأَنَّ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، وَأَمَّا يَسِيرًا فَلَا كَمَنْ لَمْ يَنْحَرِفْ فَلَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ (قَوْلُهُ اتِّكَالًا عَلَى الْعُمُومِ السَّابِقِ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْإِحْرَامَ فِيمَا إذَا تَرَكَ رُكْنًا يَعْقُبُهُ سَلَامٌ وَحَمْلُهُ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ بُعْدٌ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) وَهَلْ يَحْرُمُ وَرُبَّمَا يَقْتَضِيه نَقْلُ الْمَوَّاقِ أَوْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَأَبْقَى فِي الْأَرْضِ إحْدَى الْيَدَيْنِ فَقَطْ) هَذَا فِيمَا إذَا فَارَقَ بِرُكْبَتَيْهِ وَيَدٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ إحْدَى الرُّكْبَتَيْنِ) هَذَا فِيمَا إذَا فَارَقَ بِيَدَيْهِ وَإِحْدَى رُكْبَتَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ وَرُكْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَدْ تَرَكَ فِيهِ يَدًا وَاحِدَةً وَرُكْبَةً وَاحِدَةً مَعًا.

(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) بَلْ الظَّاهِرُ السُّنَّةُ مُطْلَقًا وَبَعْدَ ذَلِكَ يَجْرِي عَلَى قَاعِدَةِ الْبَابِ هَلْ تَرْكُ السُّنَّةِ عَمْدًا مُبْطِلٌ أَمْ لَا خِلَافٌ وَالْوَسِيلَةُ تُعْطِي حُكْمَ مَقْصِدِهَا.

{تَنْبِيهٌ} : إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ لِلسُّورَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الرُّكُوعِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ بِخِلَافِ قِيَامِهِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ لِلْفَاتِحَةِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا بِكُلِّ رَكْعَةٍ

ص: 338

وَلَوْ اسْتَقَلَّ) ش تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَإِلَّا فَلَا أَيْ: فَإِنْ خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ التَّمَادِي وَرَجَعَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ وَلَوْ عَمْدًا اتِّفَاقًا وَكَذَا إنْ رَجَعَ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ سَهْوًا، وَأَمَّا عَمْدًا فَالْمَشْهُورُ الصِّحَّةُ خِلَافًا لَلْفَاكِهَانِيِّ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ وَالْجَاهِلُ كَالْعَامِدِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِخَطَأِ فِعْلِهِ خِلَافًا لِسَنَدٍ وَإِذَا رَجَعَ فَلَا يَنْهَضُ حَتَّى يَتَشَهَّدَ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ مُعْتَدٌّ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِهَذَا يَنْقَلِبُ السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ بَعْدِيًّا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ.

(ص) وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ وَسَجَدَ بَعْدَهُ (ش) أَيْ: وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ فِي قِيَامِهِ وَرُجُوعِهِ كَانَ رُجُوعُهُ مَشْرُوعًا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ انْتَصَبَ الْمَأْمُومُ دُونَ الْإِمَامِ أَوْ الْعَكْسِ وَإِذَا اعْتَدَّ بِرُجُوعِهِ فَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ وَهِيَ قِيَامُهُ سَهْوًا فَلِذَا يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَالَ أَشْهَبُ رُجُوعُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فَهُوَ لَمْ يَأْتِ بِمَا طُلِبَ مِنْهُ مِنْ الْجُلُوسِ وَالتَّشَهُّدِ إذْ مَا فَعَلَهُ مِنْهُمَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فَمَعَهُ نَقْصُ التَّشَهُّدِ وَزِيَادَةٌ، وَهُوَ الْقِيَامُ ابْنُ حَبِيبٍ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِينَ أَنْ يُسَبِّحُوا قَبْلَ اتِّبَاعِهِ مَا لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا وَإِلَّا فَلَا يَفْعَلُوا قَالَهُ الْمَوَّاقُ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِوَاءِ قَائِمًا مُفَارَقَةُ الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ.

(ص) كَنَفْلٍ لَمْ يَعْقِدْ ثَالِثَتَهُ وَإِلَّا كَمَّلَ أَرْبَعًا وَفِي الْخَامِسَةِ مُطْلَقًا وَسَجَدَ قَبْلَهُ فِيهِمَا (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ وَالسُّجُودِ بَعْدَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَافِلَةً ثُمَّ قَامَ سَاهِيًا إلَى ثَالِثَةٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَإِلَّا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِرُجُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ مِنْهُ التَّزَحْزُحُ وَهُوَ لَا يُسْجَدُ لَهُ كَمَا مَرَّ هَذَا إنْ لَمْ يَعْقِدْ الثَّالِثَةَ فَإِنْ عَقَدَهَا بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا فَإِنَّهُ يُكْمِلُ مَا هُوَ فِيهِ أَرْبَعًا فِي غَيْرِ الْفَجْرِ، فَإِنْ صَلَّى النَّافِلَةَ أَرْبَعًا وَقَامَ لِخَامِسَةٍ سَاهِيًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ عَقَدَهَا أَمْ لَا وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ سَجْدَتَيْنِ فِي الصُّورَتَيْنِ لِنَقْصِهِ السَّلَامَ، وَالزِّيَادَةُ وَاضِحَةٌ وَانْظُرْ الرَّدَّ وَالْجَوَابَ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ

ــ

[حاشية العدوي]

بَلْ فِيهِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَقَلَّ) بَلْ لَوْ قَرَأَ إلَّا أَنْ يُتِمَّهَا كَمَا فِي طخ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِتَمَامِهَا هَلْ الْفَاتِحَةُ فَقَطْ أَوْ هِيَ وَالسُّورَةُ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ فَقَدْ يَكُونُ قِرَاءَةُ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِي التَّشَهُّدَ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ كَذَا فِي عب وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ الْفَاتِحَةُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا اللَّازِمَةُ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ رَجَعَ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ سَهْوًا) هَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَجَعَ حِينَ تَذَكَّرَ وَقُلْنَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ قَدْ يَتَذَكَّرُ وَيَتَمَادَى ثُمَّ يَنْسَى فَيَرْجِعُ ثُمَّ إذَا رَجَعَ فَنَسِيَ التَّشَهُّدَ فَقَامَ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهَا إنْ رَجَعَ ثَانِيًا لِعَدَمِ اغْتِفَارِهِمْ النِّسْيَانَ الثَّانِي كَذَا فِي عب وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ) مُنَافٍ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَرْجِعُ إنْ اسْتَقَلَّ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ اتِّفَاقُ طَرِيقَةٍ.

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا) أَيْ: الْجَاهِلُ هَذَا مَدْلُولُ اللَّفْظِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَكُونُ عَالِمًا بِخَطَأِ فِعْلِهِ هُوَ الْمُتَعَمِّدُ وَالْعَامِدُ فِيهِ الْخِلَافُ بِالْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ وَسَنَدٌ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْبُطْلَانِ وَنَصُّ سَنَدٍ وَإِنْ رَجَعَ غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ بِأَنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ خَطَأٌ وَيَفْعَلُهُ فَهَذَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِلَا رَيْبٍ اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا يَنْهَضُ حَتَّى يَتَشَهَّدَ) فَإِنْ قَامَ عَمْدًا قَبْلَ التَّشَهُّدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَعَلَّهُ بِنَاءً عَلَى بُطْلَانِهَا بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ خِلَافُ قَوْلِ أَشْهَبَ.

(قَوْلُهُ أَيْ: وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ) أَيْ وُجُوبًا فَإِنْ لَمْ يَتَّبِعْهُ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ لَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا (قَوْلُهُ كَانَ رُجُوعُهُ) أَيْ الْإِمَامِ مَشْرُوعًا كَمَا إذَا كَانَ لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) بِأَنْ فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ انْتَصَبَ الْمَأْمُومُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرُّجُوعَ عِنْدَ الِانْتِصَابِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَأَمَّا دُونَهُ فَقَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ كَمَا إذَا فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَقَدْ يَكُونُ مَشْرُوعًا كَمَا إذَا لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ إنَّمَا قَصَدَ بِهِ تَوْضِيحَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتَّبِعُ إمَامَهُ وَلَوْ خَالَفَ فِعْلُهُ فِعْلَ إمَامِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِاَلَّذِي قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ قِيَامُهُ سَهْوًا) سَكَتَ عَنْ رُجُوعِهِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سَهْوًا كَمَا يَكُونُ عَمْدًا وَلَعَلَّهُ لَمَّا كَانَ وَسِيلَةً لِفِعْلِ السُّنَّةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ سُجُودٌ (قَوْلُهُ رُجُوعُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ رُجُوعُهُ غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ لَا يَكُونُ مُطَالَبًا بِالتَّشَهُّدِ فَيَكُونُ زِيَادَةً عَبَثًا غَيْرَ مُبْطِلَةٍ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا السُّجُودُ وَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ السُّجُودُ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ التَّقَارِيرِ عَلَى تت الْكَبِيرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَزِيَادَةٌ وَهُوَ الْقِيَامُ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ زِيَادَةً غَيْرَ الْقِيَامِ وَهِيَ الرُّجُوعُ.

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِوَاءِ قَائِمًا) جَوَابٌ عَمَّا يَقُولُ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا صَادِقٌ بِمَا إذَا فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ قَائِمًا مَعَ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يُسَبِّحُونَ لَهُ فَأَجَابَ بِمَا ذُكِرَ وَقَائِمًا حَالٌ مُؤَسَّسَةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِوَاءَ يَتَحَقَّقُ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ وَحَالَةِ الْقِيَامِ فَأَفَادَك أَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِوَاءُ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ قَائِمًا.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا كَمَّلَ أَرْبَعًا) ظَاهِرُ الْمَنْقُولِ عَنْ مَالِكٍ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ وَفِي الْخَامِسَةِ مُطْلَقًا) فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالْفَرِيضَةُ كَالنَّافِلَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ مَا هُوَ فِيهِ) هَذَا إنْ قَامَ لِلثَّالِثَةِ سَاهِيًا وَأَمَّا لَوْ قَامَ عَمْدًا فِي ثَالِثَةِ النَّفْلِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِتَعَمُّدٍ كَسَجْدَةٍ.

(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْفَجْرِ) اعْلَمْ أَنَّ الْعِيدَ وَالْكُسُوفَ وَالِاسْتِسْقَاءَ كَالْفَجْرِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ مِثْلِهَا يُبْطِلُهَا بَلْ فِي الطِّرَازِ إذَا صَلَّى الْفَجْرَ ثَلَاثًا اُخْتُلِفَ فِي بُطْلَانِهِ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ حَدَّهُ بِاثْنَتَيْنِ فَفِعْلُهُ أَرْبَعًا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ لِنَقْصِهِ السَّلَامَ) أَيْ: فِي الصُّورَتَيْنِ وَالزِّيَادَةُ وَاضِحَةٌ أَيْ: فِي الْأَخِيرَةِ.

(قَوْلُهُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ) أَيْ: الرَّدِّ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ حَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إنَّمَا يَسْجُدُ قَبْلُ لِنَقْصِهِ السَّلَامَ عَنْ مَحَلِّهِ الْأَصْلِيِّ وَنَقَضَهُ اللَّخْمِيُّ بِلُزُومِهِ فِيمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَقَدْ نَقَصَهُ فِي مَحَلِّهِ وَفَعَلَهُ بَعْدَ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّ التَّأْخِيرَ نَقْصٌ مَعَ أَنَّهُ يَسْجُدُ فِي هَذِهِ بَعْدُ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِاسْتِقْلَالِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي النَّفْلِ أَيْ: بِالسَّلَامِ وَنَفْيِهِ فِي خَامِسَةِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ خَامِسَةَ الظُّهْرِ مُتَّفَقٌ عَلَى نَفْيِهَا فَهِيَ مَحْضُ زِيَادَةٍ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فِي

ص: 339

فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ عَقَدَ الْخَامِسَةَ أَمْ لَا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَدْخُلَ الْفَرْضَ فِي الْإِطْلَاقِ لِئَلَّا يُنَافِيَهُ، قَوْلُهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ إذْ الْفَرْضُ إذَا رَجَعَ بَعْدَ قِيَامِهِ لِلْخَامِسَةِ فَإِنَّمَا يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِلزِّيَادَةِ الْمَحْضَةِ فَضَمِيرُ فِيهِمَا يَرْجِعُ لِلنَّفْلِ الْمُكَمِّلِ أَرْبَعًا وَلِمَنْ رَجَعَ فِيهِ مِنْ الْخَامِسَةِ عَقَدَهَا أَمْ لَا وَلَك أَنْ تُعَمِّمَ فِي الْإِطْلَاقِ وَتُخَصِّصَ، قَوْلُهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ فِيهِمَا أَيْ: فِي مَسْأَلَتَيْ النَّفْلِ فَقَطْ دُونَ الْفَرْضِ.

(ص) وَتَارِكِ رُكُوعٍ يَرْجِعُ قَائِمًا وَنُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ الرُّكُوعَ فِي صَلَاةٍ فَلَمْ يَذْكُرْهُ سَجَدَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهُ قَائِمًا لِيَنْحَطَّ لَهُ مِنْ قِيَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ مُحْدَوْدِبًا وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَ انْحِطَاطِهِ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ فَاتِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ شَأْنَ الرُّكُوعِ أَنْ يَعْقُبَ قِرَاءَةً فَإِنْ رَجَعَ مُحْدَوْدِبًا - لَمْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمَثَابَةِ مَنْ أَتَى بِالسَّجْدَتَيْنِ مِنْ جُلُوسٍ كَمَا ذَكَرَهُ ح، وَأَمَّا لَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَرْجِعُ إلَى الرُّكُوعِ مُحْدَوْدِبًا ثُمَّ يَرْفَعُ وَلَوْ رَجَعَ إلَى الْقِيَامِ مُعْتَدِلًا لَأَبْطَلَ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ قَائِمًا كَالرُّكُوعِ وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ رَفْعِ الرُّكُوعِ أَنْ يَنْحَطَّ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ فَإِذَا رَجَعَ قَائِمًا وَانْحَطَّ لِلسُّجُودِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ انْتَهَى وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَقْرَأُ فَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ يَرَى رَأْيَ ابْنِ حَبِيبٍ فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الرُّكُوعِ عَنْ ذِكْرِ الرَّفْعِ.

(ص) وَسَجْدَةً يَجْلِسُ لَا سَجْدَتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَسِيَ سَجْدَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَجْلِسُ لِيَأْتِيَ بِهَا مِنْ جُلُوسٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ بِخِلَافِ لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ قِيَامِهِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِمَا مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ بَلْ يَنْحَطُّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ كَمَنْ لَمْ يَنْسَهُمَا وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَجْلِسُ لِتَرْكِ سَجْدَةٍ وَلَوْ كَانَ جَلَسَ أَوَّلًا وَتَقْيِيدُ التَّوْضِيحِ إنَّمَا يَأْتِي

ــ

[حاشية العدوي]

النَّفْلِ فَثَمَّ مَنْ يَقُولُ فِي النَّفْلِ أَرْبَعٌ وَعِنْدَنَا اثْنَتَانِ فَهُوَ نَقْصُ السَّلَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ عِنْدَنَا حَالَ تَكْمِيلِهِ أَرْبَعًا وَلَا يُنْقَضُ بِأَنَّ السَّلَامَ فَرْضٌ وَلَا يَنْجَبِرُ بِالسُّجُودِ؛ لِأَنَّ رَعْيَ كَوْنِ النَّفْلِ أَرْبَعًا يَصِيرُ بِسَلَامِ الرَّكْعَتَيْنِ كَسُنَّةٍ وَأَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَتَى بِنَقْصٍ وَزِيَادَةٍ وَالنَّقْصُ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَالزِّيَادَةُ وَاضِحَةٌ.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ عَقَدَ الْخَامِسَةَ أَمْ لَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاعَى مِنْ الْخِلَافِ إلَّا مَا قَوِيَ وَاشْتَهَرَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَرْبَعِ قَوِيٌّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ تَارِكُ رُكُوعٍ) يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ انْحِطَاطُهُ بِنِيَّةِ الرُّكُوعِ وَنَسِيَ الرُّكُوعَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ فَاتِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) الصَّوَابُ أَنْ لَا يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ بَلْ يَقْرَأُ غَيْرَهَا لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ تَكْرِيرُ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ وَهُوَ لَا يُكَرِّرُ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْحَطَّابِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ النَّقْلَ فَقَالَ مَا نَصُّهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَا يُنْدَبُ لَهُ إعَادَةُ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. أَقُولُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا مَحَلَّ سُورَةٍ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ رَجَعَ مُحْدَوْدِبًا) أَيْ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ رَجَعَ إلَى الْقِيَامِ مُعْتَدِلًا لَأَبْطَلَ) وَجْهُهُ أَنَّهُ رَأَى أَنَّ الرَّفْعَ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ رَأَيْت فِي عب مَا نَصُّهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ هَذَا أَتَى بِزِيَادَةٍ بِخِلَافِ مَنْ رَجَعَ مُحْدَوْدِبًا فِي تَرْكِ الرُّكُوعِ وَحَاصِلُ مَا يُقَالُ أَنَّهُ يَخُصُّ قَوْلَهُ عَلَى هَذَا وَنُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ بِالصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ وَبِأُولَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ بَعْدَ الِانْتِصَابِ قَائِمًا يَرْكَعُ ثُمَّ يَرْفَعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ رَأَى إلَخْ وَلِذَلِكَ كَتَبَ شَيْخُنَا مَا نَصُّهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَقْرَأُ وَكَذَلِكَ لَا يَقْرَأُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي أَنَّهُ يَرْجِعُ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ يَنْحَطُّ مِنْ قِيَامٍ لِلسُّجُودِ وَإِنَّمَا الْقِرَاءَةُ لِمَنْ تَرَكَ الرُّكُوعَ اهـ.

وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِهَذَا رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ.

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ يَخِرُّ سَاجِدًا بَعْدَ الرَّفْعِ لَا أَنَّهُ بَعْدُ يَرْكَعُ (قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَقْرَأُ) بَلْ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يَقْرَأُ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الرُّكُوعِ عَنْ ذِكْرِ الرَّفْعِ) أَيْ: فَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَتَارِكُ الرُّكُوعِ مَا يَشْمَلُ تَارِكَ الرَّفْعِ مِنْهُ وَيَخُصُّ قَوْلَهُ وَنُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ بِحَالَةِ الرُّكُوعِ.

(قَوْلُهُ وَسَجْدَةٍ) عُطِفَ عَلَى رُكُوعٍ وَقَوْلُهُ يَجْلِسُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَرْجِعُ الْوَاقِعُ خَبَرًا عَنْ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ تَارِكُ فَقَدْ عَطَفَتْ الْوَاوُ شَيْئَيْنِ وَصَحَّ هَذَا الْعَطْفُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَتَارِكُ أَيْ: وَمُصَلٍّ تَارِكٌ وَهُوَ شَامِلٌ لِكُلِّ مُصَلٍّ كَذَلِكَ إذْ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مُخْتَلِفًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّغَايُرَ بِالِاعْتِبَارِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ التَّغَايُرِ بِالذَّاتِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ بَاقِيًا عَلَى جَرِّهِ وَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُوفَ الْمَعْطُوفَ لَفْظُ تَارِكٍ وَهُنَا الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ لَفْظُ تَارِكٍ.

(قَوْلُهُ نَسِيَ سَجْدَةً) أَيْ: تَذَكَّرَهَا وَلَمْ يَعْقِدْ الَّتِي تَلِيَهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ لِيَأْتِيَ بِهَا مِنْ جُلُوسٍ) فَلَوْ لَمْ يَجْلِسْ فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرْضٌ كَذَا فِي ك.

(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ) أَرَادَ بِالرُّكْنِ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَصْدَ الثَّانِيَةِ يَتَحَقَّقُ وَلَوْ أَتَى بِهَا مِنْ قِيَامٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَصْدَ الثَّانِيَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا ثَانِيَةً إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِقَصْدِ الْإِتْيَانِ بِهَا مِنْ جُلُوسٍ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَتَيْنِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ لَوْ ذَكَرَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِنَّهُ يَقُومُ لِيَأْتِيَ بِالسَّجْدَتَيْنِ مُنْحَطًّا لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَجَدَهُمَا مِنْ جُلُوسٍ سَهْوًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ الِانْحِطَاطِ لَهُمَا فَالِانْحِطَاطُ لَهُمَا غَيْرُ وَاجِبٍ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ ذَلِكَ أَقُولُ كَوْنُهُ يُكْرَهُ التَّعَمُّدُ وَفِي حَالَةِ السَّهْوِ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ إنَّمَا يَكُونُ لِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ وَتَرْكُهَا عَمْدًا يُؤْثِمُ لَا يُكْرَهُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الْقَائِلِ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُ التَّوْضِيحِ) أَيْ: أَنَّهُ قَيَّدَ فِي تَوْضِيحِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ جَلَسَ أَوَّلًا وَإِلَّا لَخَرَّ بِغَيْرِ جُلُوسٍ اتِّفَاقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ يُقَالُ لَا فَائِدَةَ فِي الْجُلُوسِ أَوَّلًا وَلَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ وَلَا لِحِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ

ص: 340

بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةِ.

(ص) وَلَا يُجْبَرُ رُكُوعٌ أَوْلَاهُ بِسُجُودِ ثَانِيَتِهِ (ش) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْ الْأُولَى سُجُودَهَا كُلَّهُ فَالْأَنْسَبُ بِهِ حَلُّ حُلُولُو لَا الْمَوَّاقِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ هُنَا لِسُجُودِ السَّهْوِ هَلْ هُوَ قَبْلِيٌّ أَوْ بَعْدِيٌّ أَوْ التَّفْصِيلُ قَالَ حُلُولُو فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا نَسِيَ السُّجُودَ مِنْ الْأُولَى وَالرُّكُوعَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجَدَ فَيَسْجُدُ لِلْأُولَى وَيَبْنِي عَلَيْهَا وَلَا يُضِيفُ إلَيْهَا مِنْ سُجُودِ الثَّانِيَةِ شَيْئًا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ هَذَا نَصُّ التَّهْذِيبِ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي الْأُمِّ السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ: وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ كَمَا هُوَ فَقَدْ نَقَصَ النُّهُوضَ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ قَامَ لِيَأْتِيَ بِالسُّجُودِ مِنْ الْقِيَامِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَجَدَ بَعْدُ وَلِهَذَا يُتَعَقَّبُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ انْتَهَى فَالْمُؤَلِّفُ مَاشٍ عَلَى مَا فِي الْأُمِّ أَيْ فَيَجْرِي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَإِنَّمَا أُمِرَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالسُّجُودِ لِيُصْلِحَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ التَّدَارُكَ لَمْ يَفُتْ إلَّا بِرُكُوعٍ وَلَا رُكُوعَ هُنَا، وَفِي عَكْسِ صُورَةِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ أَنْ يَنْسَى مِنْ الْأُولَى الرُّكُوعَ وَمِنْ الثَّانِيَةِ السُّجُودَ لَا جَبْرَ لِسُجُودِ الْأُولَى بِرُكُوعِ الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا فَالْوُجُوبُ تَرْتِيبُ الْأَدَاءِ إجْمَاعًا فَالْمُؤَلِّفُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الصُّورَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ الْمَفْعُولَ بَعْدَ رُكُوعٍ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَجْبُرُهُ.

(ص) وَبَطَلَ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الْأُوَلُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ أَيْ: مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَةً مِنْ الرَّبَاعِيَةِ فَإِنَّ الثَّلَاثَ رَكَعَاتٍ الْأُوَلَ تَبْطُلُ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ تَدَارُكِ إصْلَاحِ كُلِّ رَكْعَةٍ بِعَقْدِ مَا بَعْدَهَا فَتَصِيرُ الرَّابِعَةُ أُولَى ثُمَّ يَأْتِي بِثَانِيَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ ثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةً وَهِيَ إلْغَاءُ الْأَوَّلِ وَنَقْصًا وَهِيَ السُّورَةُ مِنْ الرَّابِعَةِ الَّتِي صَارَتْ أُولَى وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الثَّمَانِ سَجَدَاتٍ أَصْلَحَ رُكُوعَ الرَّابِعَةِ بِسَجْدَتَيْنِ وَبَنَى عَلَيْهَا، وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِيهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ بِالسَّلَامِ فَاتَ تَدَارُكُ الْأَخِيرَةِ.

(ص) وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى بِبُطْلَانِهَا لِفَذٍّ وَإِمَامٍ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ سَابِقًا وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا أَيْ: فَإِنْ عَقَدَ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ بَطَلَتْ الْأُولَى وَرَجَعَتْ هَذِهِ الثَّانِيَةُ أُولَى وَتَنْقَلِبُ الرَّكَعَاتُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَأْمُومُهُ تَبَعٌ لَهُ وَقِيلَ لَا انْقِلَابَ فَعَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ رُكُوعُ أَوَّلَاهُ بِسُجُودِ ثَانِيَتِهِ) أَيْ الرُّكُوعِ الْحَاصِلِ مِنْهُ أَوَّلًا لَا يُضَمُّ إلَيْهِ سُجُودُ ثَانِيَتِهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَجْمُوعُ كُلُّهُ رَكْعَةً فَأَرَادَ بِالْجَبْرِ الضَّمَّ.

(قَوْلُهُ لَا الْمَوَّاقِ) وَنَصَّ الْمَوَّاقُ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى وَالرُّكُوعَ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجَدَ لَهَا فَلْيَأْتِ بِسَجْدَةٍ يُصْلِحُ بِهَا الْأُولَى وَيَبْنِي عَلَيْهَا وَلَا يُضِيفُ إلَيْهَا مِنْ سُجُودِ الثَّانِيَةِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ فِي هَذَا السُّجُودِ إنَّمَا كَانَ لِرَكْعَةٍ ثَانِيَةٍ فَلَا يُجْزِئُهُ لِرَكْعَتِهِ الْأُولَى اهـ.

وَدَأْبُهُ يَحِلُّ الْمُصَنِّفُ بِالنُّقُولِ.

(قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ) فَإِنْ قُلْت لِمَ تَرَتَّبَ السُّجُودُ هُنَا مَعَ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَمْدٌ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الزِّيَادَةُ غَيْرَ مَشْرُوعَةٍ أَشْبَهَتْ السَّهْوَ فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ سُنَّ لِسَهْوٍ أَيْ: حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا هُنَا كَذَا فِي ك.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي الْأُمِّ) كَذَا بِوَاوِ الْجَمْعِ فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ الْوَاوِ أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْ سَحْنُونَ فِي الْأُمِّ الَّتِي هِيَ الْمُدَوَّنَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ سَحْنُونًا لِعِظَمِ شَأْنِهِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ جَمَاعَةٍ وَأَمَّا التَّهْذِيبُ فَهُوَ لِلْبَرَادِعِيِّ وَهُوَ مُخْتَصَرُهَا (قَوْلُهُ فَسَجَدَ كَمَا هُوَ إلَخْ) أَيْ: كَمَا هُوَ جَالِسٌ لِنَقْصِ النُّهُوضِ أَيْ: فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ إنْ تَرَكَ ذَلِكَ سَهْوًا وَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ قَائِمٌ) أَيْ مِنْ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ قَامَ أَيْ: أَوْ ذَكَرَ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ قَامَ لِيَأْتِيَ بِالسَّجْدَتَيْنِ مِنْ قِيَامٍ وَقَوْلُهُ سَجَدَ بَعْدُ أَيْ لِمَا مَعَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَهِيَ السَّجْدَتَانِ الْوَاقِعَتَانِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا يُتَعَقَّبُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ) أَيْ: الَّذِي هُوَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ.

{تَنْبِيهٌ} : إذَا ذَكَرَ وَهُوَ جَالِسٌ أَوْ سَاجِدٌ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْ الْأُولَى السُّجُودَ وَمِنْ الثَّانِيَةِ الرُّكُوعَ وَقُلْنَا بِعَدَمِ الْجَبْرِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ لِلْقِيَامِ لِيَأْتِيَ بِالسَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ مُنْحَطٌّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَسَجَدَهُمَا فَقَدْ نَقَصَ الِانْحِطَاطَ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ) وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الثَّمَانِ سَجَدَاتٍ أَصْلَحَ رُكُوعَ الرَّابِعَةِ بِسَجْدَتَيْنِ وَبَنَى عَلَيْهَا وَلَا مَفْهُومَ لِسَجَدَاتٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَالرَّكَعَاتُ وَالْقِيَامَاتُ كَذَلِكَ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْبِنَاءُ وَقَوْلُهُ بِأَرْبَعٍ أَيْ: بِتَرْكِ أَرْبَعٍ وَلَا مَفْهُومَ لِلْأَرْبَعِ وَلَا لِلْأُوَلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ بِالسَّلَامِ فَاتَ التَّدَارُكُ) قَالَ الْحَطَّابُ وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زَادَ أَرْبَعًا سَهْوًا وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ السَّلَامَ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ الْبِنَاءِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَبْنِي هُنَا وَلَوْ سَلَّمَ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَبْنِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زَادَ أَرْبَعًا سَهْوًا.

(قَوْلُهُ وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى) وَكَذَا لَوْ بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وَرَجَعَتْ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً ثُمَّ مَحَلُّ انْقِلَابِ رَكَعَاتِ الْإِمَامِ إنْ وَافَقَهُ بَعْضُ مَأْمُومِيهِ عَلَى السَّهْوِ وَإِلَّا لَمْ تَنْقَلِبْ بِبُطْلَانِ الْأُولَى مِنْ صَلَاتِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إنْ يُتَمِّمْ لِأَجْلِ يَقِينِهِ وَعَدَمِ انْقِلَابِ رَكَعَاتِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْتُونَ بِالسَّجْدَةِ لِمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يُوَافِقُوهُ لَمْ تَنْقَلِبْ بَلْ يَصِيرُ قَاضِيًا وَعِنْدَ الِانْقِلَابِ يَصِيرُ بَانِيًا فَهُوَ عَلَى كُلِّ حَالٍ آتٍ بِرَكْعَةٍ زَائِدَةٍ لَكِنْ هَلْ هِيَ بِنَاءٌ أَوْ قَضَاءٌ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكْثُرْ وَاجِدًا وَإِلَّا فَلَا بِنَاءَ وَلَا قَضَاءَ.

(قَوْلُهُ بِبُطْلَانِهَا) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَقَوْلُهُ لِفَذٍّ وَإِمَامٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَنَازَعَهُ قَوْلُهُ رَجَعَتْ وَقَوْلُهُ بِبُطْلَانِهَا وَأُعْمِلَ الثَّانِي وَحُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ أَيْ: وَرَجَعَتْ لِفَذٍّ وَإِمَامٍ.

(قَوْلُهُ وَتَنْقَلِبُ الرَّكَعَاتُ بِالْمَنْسِيَّةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ) أَيْ: وَإِذَا انْقَلَبَتْ رَكَعَاتُ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ إنْ حَصَلَ مِنْهُ نَقْصٌ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ وَإِلَّا فَبَعْدَهُ.

{تَنْبِيهٌ} : إنَّمَا أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَرَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْقِدْ

ص: 341

الْمَشْهُورِ الرَّكْعَةُ الَّتِي يَأْتِي بِهَا فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بِنَاءً يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي بِمَا قَبْلَهَا أَيْضًا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَعَلَى الشَّاذِّ الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ قَضَاءٌ عَنْ الْأُولَى يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَمَفْهُومُهُ لِفَذٍّ وَإِمَامٍ أَنَّ رَكَعَاتِ الْمَأْمُومِ لَا تَنْقَلِبُ حَيْثُ لَمْ تَنْقَلِبْ رَكَعَاتُ إمَامِهِ بَلْ تَبْقَى عَلَى حَالِهَا فَيَأْتِي بِبَدَلِ مَا بَطَلَ عَلَى صِفَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا الْخَلَلُ يَأْتِي بِبَدَلِهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا إنْ كَانَتْ جَهْرِيَّةً وَسِرًّا إنْ كَانَتْ سِرِّيَّةً.

(ص) وَإِنْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ لَمْ يَدْرِ مَحَلَّهَا سَجَدَهَا وَفِي الْأَخِيرَةِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَقِيَامِ ثَالِثَتِهِ بِثَلَاثٍ وَرَابِعَتِهِ بِرَكْعَتَيْنِ وَتَشَهُّدٍ (ش) لَمَّا كَانَتْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الشَّكَّ فِي النُّقْصَانِ كَتَحَقُّقِهِ فَرَّعَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا ذُكِرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا شَكَّ فِي سَجْدَةٍ لَمْ يَدْرِ هَلْ أَتَى بِهَا أَمْ لَا وَعَلَى تَقْدِيرِ تَرْكِهَا لَمْ يَدْرِ تَعْيِينَ مَحِلِّهَا الْمَتْرُوكَةِ مِنْهُ أَيْضًا أَيَّ: رَكْعَةٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِالسَّجْدَةِ الْآنَ عَلَى أَيِّ حَالٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَحْرَى لَوْ تَيَقَّنَ تَرْكَهَا وَشَكَّ فِي مَحَلِّهَا فَقَطْ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهَا الْآنَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ الَّذِي هُوَ فِيهِ مَحَلُّهَا وَمَتَى أَمْكَنَ وَضْعُ الرُّكْنِ فِي مَحَلِّهِ تَعَيَّنَ فَبِالْإِتْيَانِ بِهَا فِي مَحَلِّ ذِكْرِهَا تَيَقَّنَ سَلَامَتَهَا فَصَارَ الشَّكُّ فِيمَا قَبْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ الشَّكِّ عَنْهُ أَيْضًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ.

فَإِنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ فِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الرَّابِعَةَ الَّتِي لَمْ يَفُتْ تَدَارُكُهَا الْمُحْتَمَلُ كَوْنُ السَّجْدَةِ مِنْهَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ السَّجْدَةُ مِنْ إحْدَى الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَلَا يَتَشَهَّدُ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِالرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُحَقَّقَ لَهُ ثَلَاثٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّشَهُّدِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامُ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي قِيَامِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ إذَا شَكَّ سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الثَّانِيَةَ الَّتِي لَمْ يَفُتْ تَدَارُكُهَا الْمُحْتَمَلُ كَوْنُ السَّجْدَةِ مِنْهَا يَأْتِي بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَيَبْنِي عَلَى رَكْعَةٍ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ السَّجْدَةِ مِنْ الْأُولَى وَقَدْ بَطَلَتْ بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ فَيَقْرَأُ فِي الَّتِي قَامَ لَهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَتَشَهَّدُ بَعْدَهَا ثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَمِثْلُ هَذِهِ السُّورَةِ سَوَاءٌ لَوْ تَذَكَّرَ فِي تَشَهُّدِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ فِي قِيَامِ رَابِعَتِهِ فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الثَّالِثَةَ الْمُحْتَمَلَ كَوْنُ السَّجْدَةِ مِنْهَا يَتَشَهَّدُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ بِتَمَامِهَا ثَبَتَ لَهُ رَكْعَتَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ مُحَقَّقٌ الْآنَ سِوَى رَكْعَتَيْنِ وَيَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ بِرَكْعَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ السَّجْدَةُ مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ فَقَوْلُهُ لَمْ يَدْرِ مَحَلَّهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ شَكَّ فِي مَحَلِّهَا فَالشَّكُّ مَعَ كَوْنِ التَّرْكِ مُحَقَّقًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِسَجْدَةٍ أَيْ: شَكَّ فِي سَجْدَةٍ مَجْهُولَةِ الْمَحَلِّ فَهُوَ شَاكٌّ فِي السَّجْدَةِ وَفِي مَحَلِّهَا وَحُكْمُ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ.

وَقَالَ زَ قَوْلُهُ وَفِي الْأَخِيرَةِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ أَيْ: بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ فِي حَقِّهِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا أَتَى بِهَا بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ السَّجْدَةُ مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ مَعَ كَوْنِ الرَّكَعَاتِ لَا تَنْقَلِبُ فِي حَقِّهِ

ــ

[حاشية العدوي]

رُكُوعًا مَعَ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَفْهُومِهِ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ هَذَا رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ إلَخْ لِيُنَاسِبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ هُنَا وَبَطَلَ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الْأُوَلُ كَأَنْ قَائِلًا قَالَ لَهُ وَمَا وَرَاءُ ذَلِكَ فَقَالَ تَرْجِعُ الرَّابِعَةُ أُولَى كَمَا أَنَّهُ إذَا بَطَلَتْ الْأُولَى تَرْجِعُ الثَّانِيَةُ أُولَى أَيْ: فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ الِانْقِلَابُ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِمَا قَبْلَهُ بِلَصْقِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ فِي الَّتِي قَبْلَهَا بِبُطْلَانِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ فَكَيْفَ يُقَالُ رَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى.

(قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ) إلَى قَوْلِهِ سَجَدَهَا هُنَا تَمَّ الْكَلَامُ وَهُوَ بَيَانٌ لِقَاعِدَةٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْأَخِيرَةِ تَفْصِيلٌ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا قَصَدَ بِهِ إيضَاحَ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا لَا حَالٌ وَقَوْلُهُ سَجَدَهَا فَإِنْ تَرَكَ الْإِتْيَانَ بِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ إبْطَالَ رَكْعَةٍ أَمْكَنَهُ تَلَافِيهَا وَإِنْ تَحَقَّقَ تَمَامَهَا لَمْ يَسْجُدْ (قَوْلُهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) يَتَبَيَّنُ لَك الْمُقَابِلُ بِمَا يَأْتِي عِنْدَ تَبَيُّنِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ فَإِنْ حَصَلَ لَهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فَفِي الْأَخِيرَةِ بِالْفَاءِ التَّفْصِيلِيَّةِ.

(قَوْلُهُ فِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْأَخِيرَةِ أَيْ: وَفِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الرَّابِعَةَ) أَيْ: الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُخَالِفُهُ أَصْبَغُ وَأَشْهَبُ فَقَالَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إنَّمَا هُوَ رَفْعُ الشَّكِّ بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ وَكُلُّ مَا زَادَ عَلَى مَا يَرْتَفِعُ بِهِ الشَّكُّ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الصَّلَاةِ يَجِبُ إطْرَاحُهُ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) وَقَابَلَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّهُ وَافَقَهُ عَلَى كُلِّ مَا قَالَهُ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ فَزَادَ التَّشَهُّدَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّ سُجُودَهُ إنَّمَا هُوَ مُصَحِّحٌ لِلرَّابِعَةِ وَالتَّشَهُّدُ مِنْ تَمَامِهَا وَرَأْيُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُحَقَّقَ لَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّشَهُّدِ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ (قَوْلُهُ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ) هَذَا مَا قَالَهُ سَحْنُونَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْتِي بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الثَّانِيَةَ) أَيْ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُخَالِفُ لَهُ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ فَقَالَا إنَّهُ يَبْنِي عَلَى رَكْعَةٍ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الثَّالِثَةَ) أَيْ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ وَأَصْبَغَ مِنْ كَوْنِهِ يَبْنِي عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَيَأْتِي بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّهُ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الَّتِي يَجْبُرُ بِهَا الثَّالِثَةَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ عَرَفْت مُقَابِلَهُ هَذَا مَا فَهِمَهُ تت وَبَهْرَامُ.

(قَوْلُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ شَكَّ فِي مَحَلِّهَا) بَدَلَ كُلٍّ لَا بَدَلَ اشْتِمَالٍ وَالْأَوْلَى أَنْ

ص: 342

بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَأْتِيُّ بِهَا بَعْدَ السَّلَامِ زَائِدَةً، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ فِي الْأَخِيرَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِيَأْتِي وَيَحْتَمِلُ عَطْفَهُ عَلَى فِي سَجْدَةٍ وَقَوْلُهُ وَقِيَامُ ثَالِثَتِهِ بِثَلَاثٍ أَيْ: فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ ثَمَّ بِالرَّكْعَتَيْنِ وَهَذَا إذَا كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِهِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ بِمَثَابَةِ مَنْ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ فَلَا يَسْجُدُ لِفَوَاتِ التَّدَارُكِ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ وَالْجُلُوسِ فِي مَحَلِّهِ مَعَ الزِّيَادَةِ وَقَوْلُهُ وَفِي قِيَامِ رَابِعَتِهِ بِرَكْعَتَيْنِ وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَ السَّجْدَةِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَهَذَا أَيْضًا فِي حَقِّ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ فَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ عَقِبَ الْإِتْيَانِ بِالسَّجْدَةِ وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.

(ص) وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً لَمْ يُتَّبَعْ وَسَبَّحَ بِهِ فَإِذَا خِيفَ عَقْدُهُ قَامُوا فَإِذَا جَلَسَ قَامُوا كَقُعُودٍ بِثَالِثَةٍ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَوْا بِرَكْعَةٍ وَأَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَسَجَدُوا قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَتَرَكَ الْأُخْرَى وَقَامَ سَهْوًا سَوَاءٌ انْفَرَدَ بِالسَّهْوِ أَوْ شَارَكَهُ فِيهِ بَعْضٌ فَلَا يَتَّبِعُهُ الْمَأْمُومُ الْعَالِمُ بِسَهْوِهِ فِي قِيَامِهِ وَتَرَكَ السَّجْدَةَ وَيُسَبَّحُ بِهِ، فَإِذَا رَجَعَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَخَافُوا أَنْ يَعْقِدَ الرَّكْعَةَ الَّتِي تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ قَامُوا مَعَهُ وَكَانَتْ أُولَى لَهُمْ وَلَا يَسْجُدُوا لِأَنْفُسِهِمْ السَّجْدَةَ وَإِنْ سَجَدُوهَا لَمْ تُجْزِهِمْ نَصَّ عَلَيْهِ سَحْنُونَ لَكِنْ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ وَلَعَلَّهُ لِأَجْلِ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ رَجَعَ إلَيْهَا الْإِمَامُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ عِنْدَهُ سُجُودُهَا مَعَهُ، فَإِذَا جَلَسَ بَعْدَ هَذِهِ الرَّكْعَةِ الَّتِي يَظُنُّهَا ثَانِيَتَهُ كَانَ كَإِمَامٍ جَلَسَ بَعْدَ الْأُولَى فَلَا يُتَّبَعُ وَيَقُومُونَ وَلَا يُسَاعِدُوهُ عَلَى جُلُوسٍ أَخْطَأَ فِيهِ وَكَمَا أَنَّهُمْ لَا يَتَّبِعُونَهُ فِي هَذَا الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ لِخَطَئِهِ فِيهِ لَا يَتَّبِعُونَهُ فِي الْأَخِيرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا ثَالِثَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَقُعُودِهِ بِثَالِثَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَظُنُّهَا رَابِعَةً فَإِذَا تَذَكَّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ سَلَامِهِ أَتَى بِرَكْعَةٍ يُتَابِعُهُ فِيهَا الْقَوْمُ، فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَسَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ طَالَ وَأَتَوْا بِرَكْعَةٍ فَوْرًا لِأَنْفُسِهِمْ أَفْذَاذًا إنْ شَاءُوا وَصَحَّتْ لَهُمْ وَإِنْ شَاءُوا أَمَّهُمْ فِيهَا أَحَدُهُمْ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

يَقُولَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ) هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَفِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ تَفْصِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا شَكَّ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ تَعَذَّرَ تَلَافِي الثَّانِيَةِ تَشَهَّدَ عَقِبَ الثَّالِثَةِ وَتَصِيرُ لَهُ ثَانِيَةً مَعَ أَنَّهَا بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ، فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِنَقْصِ السُّورَةِ مَعَ الزِّيَادَةِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْجُلُوسُ فِي مَحَلِّهِ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ إلَّا أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّنَا قَدْ أَمَرْنَاهُ بِطَلَبِهِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ الَّتِي صَارَتْ ثَانِيَةً فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ) أَقُولُ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِعَدَمِ التَّشَهُّدِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً إلَخْ) فَرَضَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا تَرَكَهَا مِنْ الْأُولَى فِي الرُّبَاعِيَّةِ لِيَتَأَتَّى لَهُ هَذَا الْعَمَلُ وَلَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ بَلْ إذَا سَجَدَ سَجْدَةً وَتَرَكَ الْأُخْرَى مِنْ أَيِّ رَكْعَةٍ كَانَتْ الْأُولَى وَقَامَ لِلثَّانِيَةِ أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ وَقَامَ لِلثَّالِثَةِ أَوْ مِنْ الثَّالِثَةِ وَقَامَ لِلرَّابِعَةِ لَمْ يُتَّبَعْ وَسُبِّحَ لَهُ (قَوْلُهُ وَسُبِّحَ بِهِ) الْمُرَادُ التَّسْبِيحُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّنْبِيهُ غَالِبًا أَوْ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا سُبِّحَ لِأَجْلِ أَنْ يَرْجِعَ فَإِنْ رَجَعَ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ فَإِنْ تَرَكُوا التَّسْبِيحَ بَطَلَتْ وَيُكْتَفَى بِهِ وَلَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ: لَهُ؛ لِأَنَّ التَّسْبِيحَ لَهُ لَا بِهِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَدَلَ عَنْ لَهُ إلَى بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ تَنْزِيهُهُ يُقَالُ سَبَّحَ لَهُ إذَا نَزَّهَهُ أَيْ: تَنْزِيهُ الْإِمَامِ مِمَّا لَا يَلِيقُ مِنْ النَّقْصِ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ عِنْدَهُ سُجُودُهَا) أَيْ: وَلَا يَعْتَدُّونَ بِسُجُودِهِمْ لَهَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُسَاعِدُوهُ عَلَى جُلُوسٍ أَخْطَأَ فِيهِ) زَادَ فِي ك لَكِنْ اُنْظُرْ هَلْ يُسَبِّحُونَ لَهُ كَإِمَامٍ جَلَسَ فِي أُولَاهُ وَتَرَكَ جُلُوسَ ثَانِيَتِهِ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُمْ لَا يُكَلِّمُونَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لِسَحْنُونٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ مُفْسِدٌ وَقَالَ عب وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمْ لَا يُعِيدُونَ التَّسْبِيحَ مَرَّةً أُخْرَى وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَنْقُولِ عَنْ سَحْنُونَ وَلَعَلَّهُ إذَا لَمْ يَتَنَبَّهْ بِالتَّسْبِيحِ الْحَاصِلِ عَقِبَ التَّرْكِ فَلَا يَتَنَبَّهُ بِالْوَاقِعِ بَعْدَ طُولٍ اهـ.

وَانْظُرْ لَوْ أَعَادُوا التَّسْبِيحَ هَلْ تَبْطُلُ وَالظَّاهِرُ لَا تَبْطُلُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَقُعُودِهِ إلَخْ) وَسَكَتَ عَمَّا إذَا تَرَكَ الْقُعُودَ فِي ثَانِيَتِهِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَهُ فِي قِيَامِهِ ك (قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ طَالَ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ فِي هَذِهِ عِنْدَ سَحْنُونَ بِمَنْزِلَةِ الْحَدَثِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا طَالَ الْأَمْرُ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَمَّا بِالْقُرْبِ فَيَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ وَبَنَى إنْ قَرُبَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَتَوْا بِرَكْعَةٍ إلَخْ) أَيْ: وَلَا يَنْتَظِرُونَهُ بِمِقْدَارِ مَا يَرْجِعُ وَيَبْنِي لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ سَلَامَهُ عِنْدَ سَحْنُونَ بِمَنْزِلَةِ الْحَدَثِ وَتَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ أَنَّهُ إذَا سَهَا الْإِمَامُ عَنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَقَامَ وَسَبَّحُوا بِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ قِيلَ يَسْجُدُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَتُجْزِيِهِمْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ وَلَا يَتَّبِعُونَ الْإِمَامَ فِيهَا إذَا رَجَعَ فَسَجَدَهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا نَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ أَيْ: إعَادَةُ الصَّلَاةِ وَمَذْهَبُ سَحْنُونَ أَنَّهُمْ لَا يَسْجُدُونَ وَلَوْ سَجَدُوهَا لَمْ يَعْتَدُّوا بِهَا وَإِذَا سَجَدَهَا الْإِمَامُ اتَّبَعُوهُ فِيهَا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ تَعَمُّدَهُمْ لِسُجُودِهَا لَا يَضُرُّهُمْ وَكَأَنَّهُ لِلِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ الِاخْتِلَافُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَهَا الْإِمَامُ عَنْهَا وَحْدَهُ أَوْ هُوَ وَبَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَعَلَيْهِ فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا سَهَا عَنْهَا الْإِمَامُ وَبَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ، وَأَمَّا إذَا سَهَا وَحْدَهُ فَلَا يَتَّبِعُونَهُ فِيهَا وَيَسْجُدُونَهَا وَتُجْزِيهِمْ وَإِنْ اتَّبَعُوا الْإِمَامَ فِي تَرْكِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ بِاتِّفَاقِهِمْ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَشَى عَلَى

ص: 343

سَلَامَهُ كَحَدَثِهِ أَيْ: فِي جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الْمَأْتِيَّ بِهَا بِنَاءً؛ لِأَنَّ الْأُولَى حِينَ بَطَلَتْ رَجَعَتْ الثَّانِيَةُ عِوَضًا عَنْهَا وَلِذَا سَجَدُوا قَبْلَ السَّلَامِ لِتَحَقُّقِ النُّقْصَانِ فِي السُّورَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ وَالْجِلْسَةِ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّ الْأُولَى لَمَّا بَطَلَتْ رَجَعَتْ الثَّانِيَةُ عِوَضًا عَنْهَا فَكَأَنَّ الْإِمَامَ أَسْقَطَ الْجُلُوسَ الْوَسَطَ نَاسِيًا عَقِبَ الثَّالِثَةِ الَّتِي صَارَتْ ثَانِيَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَالسُّورَةُ مِنْ الَّتِي رَجَعَتْ ثَانِيَةً وَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ مِنْ الْإِمَامِ يُوجِبُ السُّجُودَ سَوَاءٌ وَافَقَهُ الْمَأْمُومُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا.

(ص) وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ نَعَسٍ أَوْ نَحْوُهُ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا زُوحِمَ عَنْ الرُّكُوعِ مَعَ إمَامِهِ أَوْ نَعَسَ أَوْ سَهَا أَوْ غَفَلَ أَوْ اشْتَغَلَ بِحَلِّ أَزْرَارِهِ وَشِبْهِهِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ مَا فَاتَهُ بِسَبَبِ مَا ذُكِرَ وَقَضَاهُ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ إنْ وَقَعَ لَهُ هَذَا فِي رُكُوعِ ثَانِيَتِهِ أَوْ ثَالِثَتِهِ أَوْ رَابِعَتِهِ مُدَّةَ كَوْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، فَقَوْلُهُ اتَّبَعَهُ أَيْ: فَعَلَ مَا سَبَقَهُ بِهِ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ الْأُولَى أَيْ أَوْلَى الْمَأْمُومِ لَا الْإِمَامِ، وَأَمَّا إنْ فَوَّتَهُ مَا ذُكِرَ رُكُوعَ أُولَاهُ فَلَا يُبَاحُ لَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ بَلْ يَخِرُّ فِيهَا سَاجِدًا وَلَا يَرْكَعُ وَيُلْغِي هَذِهِ الرَّكْعَةَ فَقَوْلُهُ وَإِنْ زُوحِمَ أَيْ: بِوَعْدٍ فَعَدَّاهُ بِعَنْ؛ لِأَنَّ زُوحِمَ يَتَعَدَّى بِعَلَى يُقَالُ ازْدَحَمُوا عَلَى الْمَاءِ وَقَوْلُهُ مُؤْتَمٌّ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ وَقَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَوْ حَصَلَ نَحْوُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْطَفُ الِاسْمُ عَلَى الْفِعْلِ إلَّا إذَا أَشْبَهَهُ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: أَوْ فَعَلَ نَحْوَهُ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَقَوْلُهُ اتَّبَعَهُ أَيْ فَعَلَ مَا فَعَلَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اتَّبَعَهُ وَتَرَكَ مَا فَعَلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ لَوْ زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَهُ فَإِنَّهُ يُتَابِعُهُ فِي السُّجُودِ وَيَصِيرُ كَمَسْبُوقٍ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ وَلَا يَفْعَلُ مَا زُوحِمَ عَنْهُ وَلَا بِتَقَيُّدِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِذِي الْعُذْرِ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذِي الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّ ذَا الْعُذْرِ لَا يَأْثَمُ وَيَأْثَمُ غَيْرُهُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لَكِنْ سَبْقُهُ مَمْنُوعٌ وَانْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ فَإِنَّ فِيهِ فَوَائِدَ نَفِيسَةً.

(ص) أَوْ سَجْدَةٍ فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ تَمَادَى

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلِ سَحْنُونَ وَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالرَّاجِحُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا سَهَا مَعَ الْإِمَامِ غَيْرُهُ، وَأَمَّا لَوْ انْفَرَدَ بِالسَّهْوِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْجُدُوا السَّجْدَةَ الَّتِي تَرَكَهَا الْإِمَامُ وَيَجْلِسُونَ مَعَهُ حَيْثُ جَلَسَ وَلَا يَقُومُونَ لِحِكَايَةِ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ فَأَقَلُّ مَرَاتِبِهِ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ عج خِلَافُ مَذْهَبِ سَحْنُونَ وَأَنَّهُمْ إذَا خَافُوا عَقْدَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُمْ يَسْجُدُونَ السَّجْدَةَ الَّتِي سَهَا الْإِمَامُ وَيَعْتَدُّونَ بِهَا وَإِنَّهُ إذَا تَذَكَّرَهَا وَعَادَ لِسُجُودِهَا فَلَا يُعِيدُونَهَا مَعَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَافِقَهُ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ فِي السَّهْوِ عَنْ السَّجْدَةِ أَمْ لَا وَلَكِنْ تَنْقَلِبُ رَكْعَةُ الْإِمَامِ وَلَا تَنْقَلِبُ رَكَعَاتُهُمْ، قَالَ عج: وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ إنَّمَا تَضُرُّ الْمُخَالَفَةُ بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ ثُمَّ قَالَ أَيْضًا إنَّمَا يَسْجُدُونَ السَّجْدَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَعْدَ تَسْبِيحِهِمْ وَخَوْفِ عَقْدِ الْإِمَامِ كَمَا فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ.

(أَقُولُ) وَظَاهِرُ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ عج أَنَّهُمْ لَا يُكَلِّمُونَهُ عَلَى هَذَا الْمُعْتَمَدِ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ سَحْنُونَ فَانْظُرْهُ وَقَالَ عج وَإِذَا تَرَكَ الْمَأْمُومُ التَّسْبِيحَ بَطَلَتْ صَلَاةُ جَمِيعِهِمْ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَرَكُوهُ سَهْوًا لَكِنَّ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ نِسْيَانًا كَمَا سَيَذْكُرُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سُبِّحَ وَالتَّعْلِيلُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا أَمْكَنَهُ رَدُّ إمَامِهِ عَنْهُ وَلَمْ يَفْعَلْ كَانَ مُتَسَبِّبًا فِيهِ.

(قَوْلُهُ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى) لِانْسِحَابِ حُكْمِ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ بِإِدْرَاكِهِ الْأُولَى فَلَوْ لَمْ يَتَّبِعْهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِهَا) ظَاهِرُ سُجُودِهَا كُلِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ سُجُودُهَا مُفْرَدٌ مُضَافٌ إلَى مَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ السَّجْدَتَيْنِ مَعًا عُمُومًا شُمُولِيًّا فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ كُلِّ سُجُودِهَا وَأَعَادَ الضَّمِيرَ مُؤَنَّثًا مَعَ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ لِكَوْنِ الْغَيْرِ وَاقِعًا عَلَى الرَّكْعَةِ فَرَاعَى الْمَعْنَى أَوْ اكْتَسَبَ لَفْظَ غَيْرِ التَّأْنِيثِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ.

وَالْمُرَادُ مُدَّةُ غَلَبَةِ ظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ مِنْ تَمَامِ سُجُودِهَا بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ مَا لَمْ يَرْفَعْ إنْ جُعِلَ ظَرْفًا لِابْتِدَاءِ الِاتِّبَاعِ أَشْكَلَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَرَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ يَأْتِي بِالسَّجْدَتَيْنِ لِكَوْنِهِ فِي ابْتِدَاءِ الِاتِّبَاعِ لَمْ يَكُنْ رَافِعًا رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ مَعَ أَنَّ الْبَرْمُونِيِّ قَالَ: فَلَوْ اتَّبَعَهُ بِأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ مِنْ الرَّكْعَةِ وَأَرَادَ أَنْ يَخِرَّ سَاجِدًا فَرَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ هَلْ يَخِرُّ سَاجِدًا وَيَسْجُدُ السَّجْدَتَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَلْحَقْ الْإِمَامَ، أَوْ يَلْحَقُ الْإِمَامَ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَيَتْرُكُ السَّجْدَتَيْنِ لَا أَحْفَظُ فِيهَا نَصًّا وَإِنْ جُعِلَ ظَرْفًا لِانْتِهَاءِ الِاتِّبَاعِ أَشْكَلَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا كَانَ يُدْرِكُهُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ وَيَفْعَلُ الثَّانِيَةَ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا يَتَّبِعُهُ مَعَ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلنَّقْلِ أَنَّهُ يَتَّبِعُهُ فَإِذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ لَمْ يَفْعَلْ مَا زُوحِمَ عَنْهُ وَقَضَى رَكْعَةً فَإِنْ خَالَفَ وَأَدْرَكَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَمَلًا بِمَا تَبَيَّنَ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فَإِذَا فَعَلَ مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ وَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ أَلْغَى مَا فَعَلَهُ مِنْ التَّكْمِيلِ وَقَضَى رَكْعَةً فَإِنْ قُلْت تَدَارُكُهُ لِمَا ذُكِرَ قَضَاءٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ قُلْت خَفَّفَ ذَلِكَ فِعْلُ الْإِمَامِ لَهُ بَعْدَ إحْرَامِ الْمَأْمُومِ مَعَهُ وَالْقَضَاءُ الَّذِي لَا يَقْضِيه إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ هُوَ مَا سَبَقَهُ بِهِ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ مَعَهُ ك.

(قَوْلُهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِذِي الْعُذْرِ) أَيْ وَلِذَلِكَ قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ اشْتَغَلَ بِحَلِّ أَزْرَارِهِ فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ عُذْرًا إذَا كَانَ عَمْدًا كَذَا قَالَ بَعْضٌ، وَنَازَعَهُ عج بِأَنَّ كَلِمَةَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اتَّفَقَتْ كَالْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ تَفْصِيلَ الْمَذْكُورِ هُنَا فِي ذِي الْعُذْرِ وَهُوَ يَقْتَضِي بُطْلَانَ صَلَاةِ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ) قَدَّمَ النَّفْيَ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فَإِنْ طَمِعَ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ سَجَدَهَا وَإِلَّا تَمَادَى وَقَضَى رَكْعَةً وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ تَيَقَّنَ لَكَانَ مُسَاوِيًا

ص: 344

وَقَضَى رَكْعَةً وَإِلَّا سَجَدَهَا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ تَيَقَّنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ زُوحِمَ أَوْ نَعَسَ أَوْ نَحْوَهُ عَنْ سَجْدَةٍ مَعَ الْإِمَامِ يُرِيدُ وَكَذَلِكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ بَابِ أَوْلَى حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ لِمَا يَلِيهَا فَإِنْ لَمْ يَقْوَ رَجَاؤُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا أَوْ بِهِمَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِ مَا يَلِيَهَا تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَتَرَكَ السَّجْدَةَ أَوْ الِاثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِهَا أَوْ بِهِمَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ سِوَى رَكْعَةٍ مَعَ وُقُوعِهِ فِي مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ فَأُمِرَ بِالتَّمَادِي لِيَسْلَمَ مِنْ الْمُخَالَفَةِ مَعَ حُصُولِ رَكْعَةِ الْإِمَامِ لَهُ وَيَقْضِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ رَكْعَةً بَدَلَ رَكْعَةِ النَّقْصِ يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأُولَى إذَا بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ لَمْ تَنْقَلِبْ الثَّانِيَةُ أُولَى كَالْإِمَامِ وَالْفَذِّ بَلْ تَبْقَى عَلَى حَالِهَا أُولَى، وَيَجْهَرُ فِيهَا إنْ كَانَتْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِزِيَادَةِ رَكْعَةِ النَّقْصِ إنْ تَيَقَّنَ تَرْكَ السَّجْدَةِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي حُكْمِ الْإِمَامِ يَحْمِلُهَا عَنْهُ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ تَرْكِهَا يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ تَمَامِ صَلَاتِهِ فَالرَّكْعَةُ الْمَأْتِيُّ بِهَا بَعْدَ الْإِمَامِ زِيَادَةٌ لَيْسَتْ فِي حُكْمِهِ وَلَا يُقَالُ: إنَّهَا عَمْدٌ وَلَا سُجُودَ فِي الْعَمْدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ كَمَنْ لَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَإِنْ قَوِيَ رَجَاؤُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ فِي الْإِتْيَانِ بِالسَّجْدَةِ أَوْ السَّجْدَتَيْنِ قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ وَهُوَ رَفْعُ رَأْسَهُ سَجَدَهَا أَوْ سَجَدَهُمَا سَوَاءٌ كَانَتْ أُولَى صَلَاتِهِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يَفْصِلُ بَيْنَ الْأُولَى وَغَيْرِهَا كَمُزَاحَمَتِهِ عَنْ الرُّكُوعِ وَقَوْلُهُ أَوْ سَجْدَةً إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى رُكُوعٍ وَفِيهِ الْعَطْفُ عَلَى الْجُمْلَةِ قَبْلَ كَمَالِهَا وَانْظُرْ وَجْهَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ فَمُتَيَقِّنٌ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا يَجْلِسُ وَإِلَّا اتَّبَعَهُ فَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا بَطَلَتْ فِيهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَامَ لِزَائِدَةٍ كَخَامِسَةٍ فِي رُبَاعِيَّةٍ أَوْ رَابِعَةٍ فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ ثَالِثَةٍ فِي ثُنَائِيَّةٍ رَجَعَ مَتَى عَلِمَ وَإِنْ تَمَادَى بَعْدَ عِلْمِهِ أَبْطَلَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَمَأْمُومُهُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ تَوْضِيحِهِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: مُتَيَقِّنٌ انْتِفَاءَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَمُتَيَقِّنٌ مُوجِبَهَا لِعِلْمِهِ بُطْلَانَ إحْدَى الْأَرْبَعِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبُطْلَانِ وَظَانٌّ الْمُوجِبَ وَظَانٌّ عَدَمَهُ وَشَاكٌّ فِي الْمُوجِبِ فَمُتَيَقِّنُ انْتِفَاءِ الْمُوجِبِ بِالِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ لِكَمَالِ صَلَاتِهِ وَصَلَاةِ إمَامِهِ يَجْلِسُ وُجُوبًا وَيُسَبِّحُ فَإِنْ لَمْ يَفْقَهْ كَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَأَمَّا مَنْ تَيَقَّنَ ثُبُوتَ الْمُوجِبِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ تَوَهَّمَهُ أَوْ شَكَّ

ــ

[حاشية العدوي]

لِمَا فَعَلَهُ مَعَ التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ هُوَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ تَيَقَّنَ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ إذْ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ لِتَرْكِ السَّجْدَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْأَعَمِّيَّةِ تَقْيِيدُهُ هُنَا بِقَوْلِهِ إنْ تَيَقَّنَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرِدْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ كَانَ يَقُولُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إذْ التَّيَقُّنُ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَالطَّمَعُ هُوَ الرَّجَاءُ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الظَّنِّ كَذَا فِي ك (قَوْلُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) تَفْسِيرٌ لِقُوَّةِ الرَّجَاءِ فَحِينَئِذٍ تَصْدُقُ بِمَا إذَا تَيَقَّنَ عَدَمَ الْإِتْيَانِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ الْإِتْيَانَ فَإِذًا يَكُونُ مُخَالِفًا فِي ك الْمُتَقَدِّمِ وَلَعَلَّ مَا فِي ك أَحْسَنُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ إضَافَةَ غَلَبَةٍ إلَى الظَّنِّ إضَافَةٌ لِلْبَيَانِ وَيُرَادُ بِالرَّجَاءِ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ، وَوُجِدَ فِي نَصِّ الْمَوَّاقِ التَّعْبِيرُ تَارَةً بِالْعِلْمِ وَتَارَةً بِالظَّنِّ وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى عج تَفْسِيرُ الطَّمَعِ بِالظَّنِّ وَأَوْلَى الْعِلْمُ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّمَعَ هُوَ الرَّجَاءُ وَهُوَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ أَوْلَى إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُزَاحَمَةِ عَنْ السَّجْدَةِ وَعَنْ الرُّكُوعِ أَنَّ السَّجْدَةَ حَصَّلَتْ لَهُ أَحْكَامَ الْمَأْمُومِيَّةِ بِمُجَرَّدِ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالْمُزَاحَمَةُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ يُفَصَّلُ) فَيُقَالُ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى مَا لَمْ يَعْقِدْ رُكُوعَهَا، وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا يَتَّبِعُهُ حَيْثُ زُوحِمَ عَنْ السُّجُودِ مَعَهُ.

(قَوْلُهُ وَفِيهِ الْعَطْفُ عَلَى الْجُمْلَةِ قَبْلَ كَمَالِهَا) أَيْ: فَإِنَّهُ عَطَفَ أَوْ نَعَسَ عَلَى زُوحِمَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِقَوْلِهِ أَوْ سَجْدَةً؛ لِأَنَّهُ أَعْنِي سَجْدَةً مَعْطُوفٌ عَلَى رُكُوعٍ وَالرُّكُوعُ مَعْمُولٌ لِزُوحِمَ وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْمَعْمُولِ مَعْمُولٌ فَلَزِمَ الْعَطْفُ عَلَى الْجُمْلَةِ قَبْلَ كَمَالِهَا.

{تَتِمَّةٌ} لَوْ زُوحِمَ أَوْ حَصَلَ لَهُ نُعَاسٌ عَنْ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَهَلْ هُوَ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْ السَّجْدَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْبَيِّنُ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ.

(قَوْلُهُ فَمُتَيَقِّنٌ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا) أَيْ: عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ إمَامِهِ أَيْ: جَازِمٌ بِانْتِفَاءِ مُوجِبِهَا وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ سَحْنُونَ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمِ الْمُوَافِقِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ كُلُّ سَهْوٍ لَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ عَمَّنْ خَلْفَهُ فَلَا يَكُونُ سَهْوُهُ عَنْهُ سَهْوًا لَهُمْ إذَا هُمْ فَعَلُوهُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فَمُتَيَقِّنٌ انْتِفَاءُ مُوجِبِهَا يَجْلِسُ أَيْ: عَنْ نَفْسِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظِيرِهِ فِي الْأَقْسَامِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا اتَّبَعَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي سَهْوِ الْإِمَامِ فِي الْأَرْكَانِ هَلْ يَسْرِي لِلْمَأْمُومِ فَلَا يَخْلُصُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِفِعْلِهِ أَمْ لَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ يَتَفَرَّعُ كُلُّ سَهْوٍ لَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ اتَّبَعَهُ) وُجُوبًا ثُمَّ إنْ ظَهَرَ لَهُ قِيَامُ إمَامِهِ لِمُوجِبٍ فَوَاضِحٌ وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخَامِسَةِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ سَلَامِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ لِمُوجِبٍ وَإِنَّمَا قَامَ سَهْوًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُتَّبِعُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا) أَيْ: وَلَوْ حُكْمًا كَجَهْلِ غَيْرِ مُتَأَوِّلٍ (قَوْلُهُ بِالِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ) تَصْوِيرٌ لِتَيَقُّنِ انْتِفَاءِ الْمُوجِبِ.

(قَوْلُهُ يَجْلِسُ وُجُوبًا وَيُسَبِّحُ) لَا يَخْفَى أَنَّ صِحَّةَ صَلَاتِهِ مَشْرُوطَةٌ بِأَمْرَيْنِ أَنْ يُسَبِّحَ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ خَلَلٌ فِي صَلَاتِهِ وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ إنْ سَبَّحَ وَعَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ إلَخْ فَإِنْ لَمْ يُسَبِّحْ بَطَلَتْ.

(قَوْلُهُ كَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ: وَإِذَا كَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ فَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِمْ إنْ تَيَقَّنَ صِحَّتَهُ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فِي التَّيَقُّنِ وَكَذَا فِي الشَّكِّ إنْ أَجْمَعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ فَإِنْ تَيَقَّنَ خِلَافَ خَبَرِهِمْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا جِدًّا بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَيَجِبُ رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّ تَيَقُّنَهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الشَّكِّ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكْثُرُوا جِدًّا فَهَلْ يُسَلِّمُونَ قَبْلَهُ أَوْ يَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ

ص: 345

فِيهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ أَنْ يَتَّبِعَهُ فِي قِيَامِهِ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ إنَّمَا يُعْتَدُّ مِنْ صَلَاتِهِ بِمَا تَيَقَّنَ أَدَاءَهُ فَإِنْ خَالَفَ مَنْ أُمِرَ بِالْجُلُوسِ وَتَبِعَهُ عَمْدًا أَوْ جَلَسَ مَنْ أُمِرَ بِالْقِيَامِ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاةُ كُلٍّ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ مَا فَعَلُوهُ مِنْ الْمُخَالَفَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمَّا إنْ تَبَيَّنَ لِمَنْ حُكْمُهُ الْقِيَامُ فَجَلَسَ مُوَافَقَةَ فِعْلِهِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ تَبَيَّنَ لَهُ وَلِلْإِمَامِ عَدَمُ الْمُوجِبِ وَزِيَادَةُ تِلْكَ الرَّكْعَةِ فَقَالَ ح الظَّاهِرُ صِحَّةُ صَلَاتِهِ وَلَا تَضُرُّهُ الْمُخَالَفَةُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا انْتَهَى، وَأَمَّا مَنْ حُكْمُهُ الْجُلُوسُ فَقَامَ عَمْدًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ قَامَ لِمُوجِبٍ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَصِحُّ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلَمْ يَتَّبِعْ مِنْ قَوْلِهِ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَمْ يَتَّبِعْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَاتَّبَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْبُطْلَانَ وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَهَلْ تَنُوبُ لَهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ عَنْ رَكْعَةِ الْخَلَلِ وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ الْآتِيَةِ أَوْ يَقْضِيهَا قَوْلَانِ وَثَانِيهِمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَتَارِكُ سَجْدَةٍ مِنْ كَأُولَاهُ لَا تُجْزِئُهُ الْخَامِسَةُ إنْ تَعَمَّدَهَا.

(ص) لَا سَهْوًا فَيَأْتِي الْجَالِسُ بِرَكْعَةٍ وَيُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ (ش) أَيْ: فَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ حُكْمُهُ الْجُلُوسُ فَقَامَ سَهْوًا وَلَا صَلَاةُ مَنْ حُكْمُهُ الْقِيَامُ فَجَلَسَ سَهْوًا لَكِنْ يَأْتِي الْجَالِسُ سَهْوًا عَمَّا أُمِرَ بِهِ مِنْ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى اعْتِقَادِهِ ذَلِكَ وَيُعِيدُ الرَّكْعَةَ الْمُتَّبِعَ لِلْإِمَامِ فِيهَا سَهْوًا عَمَّا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْجُلُوسِ لِتَيَقُّنِهِ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ خَطَأُ يَقِينِهِ وَلَا تُجْزِئُهُ رَكْعَةُ السَّهْوِ عَلَى أَصْلِ الْمَشْهُورِ وَقِيلَ تُجْزِئُهُ وَهُوَ الْجَارِي مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي لَا تُجْزِئُهُ الْخَامِسَةُ إنْ تَعَمَّدَهَا قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَأَوِّلًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَمُتَّبِعٍ تَأَوَّلَ وُجُوبَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ فَإِنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ خَالَفَ أَيْ: أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ وَقَوْلُهُ عَمْدًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَنْ خَالَفَ جَهْلًا فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْعَامِدِ، ثُمَّ الْأَفْصَحُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ خَالَفَا؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ فَالْأَفْصَحُ الْمُطَابَقَةُ وَتَقَدَّمَ تَقْيِيدُ الْبُطْلَانِ فِيهِمَا بِمَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ مَا فَعَلَهُ كُلٌّ مِنْ الْمُخَالَفَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَوْلُهُ بَطَلَتْ أَيْ: تَهَيَّأَتْ لِلْبُطْلَانِ لَا بَطَلَتْ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا لَوَرَدَ عَلَيْهِ صُورَةُ الصِّحَّةِ.

(ص) وَإِنْ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ صَحَّتْ لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ وَتَبِعَهُ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ اللَّازِمِ لِلْمَأْمُومَيْنِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ جُلُوسٍ وَاتِّبَاعٍ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَنْ خَالَفَ شَيْئًا مِمَّا أُمِرَ بِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِهِمْ بَعْدَ السَّلَامِ فَقَالَ وَإِنْ قَالَ إلَخْ الْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ بَعْدَ السَّلَامِ لِمَنْ اتَّبَعَهُ فِي الْخَامِسَةِ وَلِمَنْ جَلَسَ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ: إنَّمَا قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنِّي أَسْقَطْتُ الْفَاتِحَةَ وَنَحْوَهَا وَلَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ سَهْوًا فَإِنَّ الْحُكْمَ يَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ الْمَأْمُومِينَ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مَنْ يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ وَتَبِعَهُ كَمَا مَرَّ يُرِيدُ أَوْ جَلَسَ سَهْوًا لَكِنْ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ كَمَا مَرَّ وَمُقَابِلُهُ وَهُوَ مَنْ تَيَقَّنَ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ وَجَلَسَ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُمَا مَعًا، لَكِنَّ صِحَّةَ صَلَاةِ مَنْ جَلَسَ لِتَيَقُّنِ انْتِفَاءِ الْمُوجِبِ مَشْرُوطَةٌ بِأَنْ يُسَبَّحَ لِلْإِمَامِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَيُعِيدُ أَبَدًا وَيُزَادُ شَرْطٌ عَلَى التَّسْبِيحِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ يَقِينُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَخْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ عَلَى يَقِينِهِ وَتَكْذِيبِ الْإِمَامِ وَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَوَّازِ فَإِنْ تَغَيَّرَ يَقِينُهُ فَهُوَ قَوْلُهُ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ إلَخْ فَقَوْلُهُ إنْ سُبِّحَ قَيْدٌ فِي مُقَابِلِهِ فَقَطْ خِلَافًا لتت.

(ص) كَمُتَّبِعٍ تَأَوَّلَ وُجُوبَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) لَمَا قُدِّمَ أَنَّ مَنْ خَالَفَ

ــ

[حاشية العدوي]

لِسَهْوِهِ قَوْلَانِ.

{تَنْبِيهٌ} : مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ يُكَلِّمُهُ بَعْضُهُمْ اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ يُشِيرُونَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِهِ كَلَّمُوهُ فَمَرْتَبَةُ الْكَلَامِ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاةُ كُلٍّ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ) بِهَذَا يُفْهَمُ أَنَّ قَوْلَهُ بَطَلَتْ أَيْ تَهَيَّأَتْ لِلْبُطْلَانِ.

(قَوْلُهُ فَيَأْتِي الْجَالِسُ بِرَكْعَةٍ) قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ أَمْ لَا أَيْ: لَمْ يَعْرِفْ مَا عِنْدَهُ، أَمَّا إذَا قَالَ الْإِمَامُ بَعْدَ ذَلِكَ قُمْت لِغَيْرِ مُوجِبٍ أَيْ: عَلِمَ عَدَمَ الْمُوجِبَ لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَيُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ) أَيْ: إذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِتْيَانَ لِمُوجِبٍ وَمِثْلُهُ الشَّكُّ لَا إنْ عَلِمَ عَدَمَ الْمُوجِبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا أَيْ: أَوْ جَهْلًا غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ فِي الْجَاهِلِ إلَخْ.

. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ إلَخْ) قَالَ عج اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ هَذَا يَجِبُ فِيهِ تَأْخِيرُ الْوَاوِ عَنْ مَحَلِّهَا وَإِدْخَالُهَا عَلَى صَحَّتْ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ كَلَامُهُ هَكَذَا وَيُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ إنْ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ أَيْ: وَتَغَيَّرَ اعْتِقَادُهُ عَمَّا كَانَ أَوَّلًا وَصَحَّتْ لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ وَتَبِعَهُ،

وَأَمَّا إبْقَاءُ الْكَلَامِ عَلَى مَا هُوَ فَفِيهِ خَلَلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ وَتَبِعَهُ حَيْثُ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَهَذَا إنْ وَافَقَ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ ابْنِ هَارُونَ وَهُوَ الْمُرْتَضَى الثَّانِي أَنَّهُ يُفِيدُ أَوْ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ فِيمَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ؛ إذْ الْمُتَبَادَرُ عَطْفُهُ عَلَى مَعْمُولِ جَوَابِ الشَّرْطِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ سَبَّحَ هَذَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ أَمْ لَا ك وَيُفِيدُهُ عج، وَانْظُرْ هَلْ يَكْفِي أَنْ يُسَبِّحَ الْبَعْضُ كَذَا فِي ك إلَّا أَنَّ فِي عب فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّهُ يَكْفِي تَسْبِيحُ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَيُعِيدُ أَبَدًا) أَيْ: إذَا تَرَكَهُ عَمْدًا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ يَقِينُهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ قُمْتُ لِمُوجِبٍ أَمْ لَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ سَوَاءٌ قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ أَمْ لَا وَبَعْضُ مَنْ كَتَبَ يَقُولُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ قُمْت لِمُوجِبٍ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُؤَثِّرُ وُجُودُ الْمُوجِبِ وَلَوْ وَهْمًا كَانَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَإِنْ أَتَى بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ عِنْدَ الْمَأْمُومِ مَا ذُكِرَ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي حَقٍّ مُتَيَقِّنٍ انْتِفَائِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ كَمُتَّبِعٍ تَأَوَّلَ وُجُوبَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ أَمْ لَا كَمَا عَلَيْهِ الْحَطَّابُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ

ص: 346

مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْجُلُوسِ وَقَامَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَكَانَ بِظَاهِرِهِ يَشْمَلُ الْعَامِدَ وَالْجَاهِلَ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ إلْحَاقِ الْجَاهِلِ بِالْعَامِدِ أَفَادَ أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ فِيهِ الصِّحَّةَ فَشَبَّهَ بِقَوْلِهِ صَحَّتْ إلَخْ قَوْلُهُ كَمُتَّبِعٍ إلَخْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ وَتَبِعَهُ جَهْلًا مُتَأَوِّلًا وُجُوبَ الِاتِّبَاعِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فَقَوْلُهُ كَمُتَّبِعٍ أَيْ: كَصِحَّةِ صَلَاةِ مُتَّبِعٍ فَقَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُضَافِ الْأَوَّلِ.

(ص) لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَمْ يَتَّبِعْ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ صَحَّتْ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ جَلَسَ مُتَيَقِّنًا أَيْ: مُعْتَقِدًا انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ ثُمَّ لَمْ يَصْدُقْ ظَنُّهُ وَتَبَيَّنَ لَهُ خَطَأُ نَفْسِهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ فَبِهَذَا يُفَارِقُ قَوْلُهُ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سُبِّحَ أَيْ: وَلَمْ يَتَغَيَّرْ تَيَقُّنُهُ وَهَذَا تَغَيَّرَ عَمَّا كَانَ أَوَّلًا يَعْتَقِدُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِالظَّاهِرِ تَارَةً وَبِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أُخْرَى.

(ص) وَلَمْ تُجِزْ مَسْبُوقًا عَلِمَ بِخَامِسِيَّتِهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ بِرَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ إذَا اتَّبَعَ الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا سَاهِيًا وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهَا خَامِسَةٌ لِإِمَامِهِ لَمْ تَنُبْ لَهُ عَنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي سَبَقَهُ بِهَا هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ وَقَالَ ز ضَمِيرُ تُجِزْ عَائِدٌ عَلَى الرَّكْعَةِ لَا الصَّلَاةِ أَيْ: وَلَمْ تُجِزْ الرَّكْعَةُ مَسْبُوقًا عَلِمَ بِكَوْنِهَا خَامِسَةً لِاعْتِقَادِهِ الْكَمَالَ بِحُضُورِهِ الْإِمَامَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَسَمَاعِهِ قِرَاءَةَ السَّرِيَّةِ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ وَقَامَ عَامِدًا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ قَطْعًا وَقَامَ عَالِمًا بِهَا فَكَأَنَّهُ قَامَ لَهَا فَلِذَلِكَ اُغْتُفِرَ فِي حَقِّهِ الْقِيَامُ بِخِلَافِ مَنْ قَامَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَطْعًا فَإِنَّهُ بِمَثَابَةِ مَنْ تَعَمَّدَ الزِّيَادَةَ فِي الصَّلَاةِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا عُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ السَّابِقَ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْمَسْبُوقِ فَيُقَيَّدُ أَوَّلُ كَلَامِهِ بِآخِرِهِ وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِمَا إذَا اتَّبَعَ مُتَأَوِّلًا كَمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ السَّنْهُورِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ الْإِطْلَاقُ وَالْمُلْجِئُ لِلْحَمْلِ الْمَذْكُورِ الْمُعَارَضَةُ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ عَلِمْت الْجَوَابَ عَنْهَا.

(ص) وَهَلْ كَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ تُجْزِئُ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ قَوْلَانِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا تَبِعَ الْإِمَامَ فِي الْخَامِسَةِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِذَلِكَ فَهَلْ لَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ عَمَّا سَبَقَ بِهِ سَوَاءٌ أَجْمَعَ الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ أَمْ لَا؟ أَوْ تُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي أَجْزَائِهَا وَعَدَمِهِ حَيْثُ أَجْمَعَ

ــ

[حاشية العدوي]

خَاصٌّ بِمَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ وَعَلَيْهِ شَيْخُ عج وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى تَيَقُّنِ انْتِفَاءِ الْمُوجِبِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ عِنْدَهُ قَوْلُ الْإِمَامِ قُمْتُ لِمُوجِبٍ أَيْ لِسَبَبٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا بِأَنْ أَثَّرَ قَوْلُ الْإِمَامِ ظَنًّا أَوْ شَكًّا فَعَلَى أَنَّ السَّاهِيَ يُعِيدُ فَالْمُعْتَمَدُ أَوْلَى وَعَلَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُ فَيَجْرِي فِي الْمُتَأَوِّلِ الْقَوْلَانِ هَلْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ تَنُوبُ عَنْ رَكْعَةِ الْخَلَلِ أَوْ يَقْضِيهَا.

{تَنْبِيهٌ} : يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ حُلُولُو أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْوِيلِ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا يَظُنُّ أَنَّ عَلَيْهِ اتِّبَاعَهُ وَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ حَدِيثُ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَنَحْوُهُ.

(قَوْلُهُ كَصِحَّةِ صَلَاةٍ) لَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ صِحَّةِ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ هِيَ مُفَادُ التَّشْبِيهِ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَّبِعْ) أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلِهِ هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ صَحَّتْ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فَرْعُ الدُّخُولِ بَلْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ هُوَ مُحْتَرَزُهُ وَالتَّقْدِيرُ وَصَحَّتْ لِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ اعْتِقَادُهُ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا إنْ تَغَيَّرَ اعْتِقَادُهُ.

(قَوْلُهُ أَيْ مُعْتَقِدًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْيَقِينِ الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ الْمُطَابِقَ لِلْحَقِّ عَنْ دَلِيلٍ بَلْ الْمُرَادُ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ تُجِزْ مَسْبُوقًا عَلِمَ إلَخْ) هَذَا حُكْمٌ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا الْقُدُومُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَرَامًا (قَوْلُهُ بِخَامِسِيَّتِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْمَ إذَا زِيدَ فِيهِ يَاءُ النِّسْبَةِ وَتَاءُ التَّأْنِيثِ صَارَ مَصْدَرًا دَالًّا عَلَى الْحَدَثِ أَيْ بِكَوْنِهَا خَامِسَةً وَلَوْ قَالَ بِخَامِسِهَا أَوْ بِخَامِسَتِهَا لَمْ يُسْتَفَدْ هَذَا الْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ قَامَ لَهَا سَاهِيًا) أَيْ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ لَمْ تَنُبْ لَهُ عَنْ الرَّكْعَةِ) أَيْ: فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ أُخْرَى وَيُفْرَضُ ذَلِكَ بِأَنْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُوجِبَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى الَّتِي فَاتَتْ الْمَسْبُوقَ فَلَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ الْمَسْبُوقُ بِهَا وَاَلَّتِي حَصَلَ فِيهَا الْخَلَلُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الرَّكَعَاتِ الَّتِي حَصَّلَهَا مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ) ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ عَنْ مَالِكٍ بُطْلَانُ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ كُلُّ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ شَيْئًا.

(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْفَرْقِ وَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ قَالَ: قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَالْبُطْلَانُ فِيمَا سَبَقَ لَمْ يَقُلْ الْإِمَامُ فِيهِ قُمْتُ لِمُوجِبٍ أَيْ: فَلَمْ يَتَغَيَّرْ اعْتِقَادُ الْمَأْمُومِ الْمَذْكُورِ فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الْكَلَامِ الْآتِي حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَالْمُلْجِئُ لِلْحَمْلِ الْمَذْكُورِ) وَهُوَ حَمْلُ السَّنْهُوريِّ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت الْجَوَابَ عَنْهَا) أَيْ: بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ.

(قَوْلُهُ فَهَلْ لَا تُجْزِئُهُ إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ رحمه الله بِزِيَادَةِ لَا (قَوْلُهُ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَلَا يَأْتِي إلَّا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ فَهَلْ تُجْزِئُهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ عَمَّا سُبِقَ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَصْدُهُ بِذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يَسْتَقِيمُ، وَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَهَلْ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ تُجْزِئُ مُطْلَقًا أَوْ تُجْزِئُ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ إلَخْ. وَانْظُرْ لِمَ جَرَى خِلَافٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَطْلَقَ الْقَوْلَ فِيهَا وَالْقِيَاسُ خِلَافُهُ لِمَا سَبَقَ فِي الْخَامِسَةِ مِنْ أَنَّ الْمَأْمُومِينَ إذَا كَثُرُوا جِدًّا يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَإِنَّ الْإِمَامَ يُلْغِي نَفْسَهُ وَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِمْ، وَقِيَاسُ هَذَا لَا تُجْزِئُهُ الرَّكْعَةُ حَيْثُ كَثُرُوا جِدًّا وَسَبَقَ أَيْضًا أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكْثُرُوا جِدًّا مَعَ تَيَقُّنِهِ خِلَافَ قَوْلِهِمْ وَعَدَمِ شَكِّهِ مِنْهُ فَلَا يَرْجِعُ وَقِيَاسُ هَذَا أَنْ تَكُونَ الرَّكْعَةُ صَحِيحَةً لِقَوْلِ الْإِمَامِ قُمْتُ لِمُوجِبِ

ص: 347