المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل سجود التلاوة] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ١

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌بَابِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصَلِّ بَيَانِ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ]

- ‌[فَصْلٌ إزَالَة النَّجَاسَة]

- ‌[فَصْلُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ آدَابَ قَاضِي الْحَاجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصَلِّ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمَسْح عَلَى الجبيرة]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحَيْض]

- ‌[بَاب الْوَقْت الْمُخْتَار]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوط الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَصِفَةِ السَّاتِرِ

- ‌[فَصَلِّ فِي الِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَصَلِّ فِي فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاة وَبَدَلِهِ وَمَرَاتِبِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَتَرْتِيبِهَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ سُجُودَ التِّلَاوَةِ]

الفصل: ‌[فصل سجود التلاوة]

الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى ذَلِكَ فَتُجْزِئُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَهَذَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ اتِّفَاقًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُشْكِلٌ إذْ لَيْسَ ثَمَّ قَوْلٌ بِعَدَمٍ الْإِجْزَاءِ سَوَاءٌ أَجْمَعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَحَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ: وَهَلْ تُجْزِئُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ قَوْلَانِ لَطَابَقَ الْمَنْقُولَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى نَفْي الْمُوجِبِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى نَفْيِهِ عَنْ إمَامِهِمْ وَهَذَا عَلَى مَا عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ ابْنُ غَازِيٍّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَاعِدَةِ كُلِّ سَهْوٍ لَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ عَمَّنْ خَلْفَهُ لَا يَكُونُ سَهْوُهُ عَنْهُ سَهْوًا لَهُمْ إذَا هُمْ فَعَلُوهُ، وَأَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلْمُؤَلِّفِ فِي مَسْأَلَةِ وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً الْمُخَالِفُ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَلِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ فَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِجَمْعِهِمْ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَعَنْ إمَامِهِمْ.

(ص) وَتَارِكُ سَجْدَةٍ مِنْ كَأُولَاهُ لَا تُجْزِئُهُ الْخَامِسَةُ إنْ تَعَمَّدَهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ رُكْنًا سَهْوًا نَحْوَ سَجْدَةٍ مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ مَثَلًا وَفَاتَ التَّدَارُكُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَاعْتَقَدَ كَمَالَ صَلَاتِهِ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ يَظُنُّهَا زَائِدَةً فَإِذَا عَلَيْهِ مِثْلُهَا لَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ الْخَامِسَةُ فِي رُبَاعِيَّةٍ أَوْ الرَّابِعَةُ فِي ثُلَاثِيَّةٍ إنْ تَعَمَّدَهَا عِنْدَ سَحْنُونَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ ابْنُ غَلَّابٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ لَاعِبٌ، أَمَّا لَوْ صَلَّى خَامِسَةً أَوْ رَابِعَةً سَاهِيًا وَذَكَرَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُجْزِئُهُ اهـ.

وَعُلِمَ مِنْ تَقْرِيرِنَا لِلْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَذَكَّرَ السَّجْدَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ كَأُولَاهُ بَعْدَ مَا عَقَدَ الرَّكْعَةَ الزَّائِدَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَأَمَّا إنْ تَذَكَّرَ مَا ذُكِرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مَا يَأْتِي بِهِ زَائِدًا؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَمَّا حَصَلَ فِيهِ الْخَلَلُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ سَوَاءٌ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَإِلَّا فَهُوَ الْفَرْعُ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَا مَفْهُومَ لِخَامِسَةٍ.

وَلَمَّا كَانَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ لَهُ شَبَهٌ بِسُجُودِ السَّهْوِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْمَحْدُودَةِ وَإِنْ تَفَارَقَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ أَتْبَعَهُ بِهِ مُعَبِّرًا بِجُمْلَةٍ لَفْظُهَا الْخَبَرُ وَمَعْنَاهَا الطَّلَبُ فَقَالَ (ص){فَصْلٌ سَجَدَ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ} (ش) فَاعِلُ سَجَدَ فِي كَلَامِهِ هُوَ قَارِئٌ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِشَرْطٍ وَبِلَا إحْرَامٍ مُتَعَلِّقَةٌ بِسَجَدَ وَالْأُولَى مِنْهُمَا تُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ أَوْ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْدِيَةِ وَالْمَعْنَى سَجَدَ الْقَارِئُ مَعَ حُصُولِ شَرْطِ الصَّلَاةِ لَهَا أَوْ بِسَبَبِ حُصُولِ شَرْطِهَا مِنْ طَهَارَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَنَحْوِهَا وَبِهَذَا شَابَهَتْ الصَّلَاةَ وَلَمَّا كَانَتْ مِنْ تَوَابِعِ الْقِرَاءَةِ كَانَ لَهَا بِهَا أَيْضًا شَبَهٌ وَهُوَ عَدَمُ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ فَلِذَا قَالَ (بِلَا إحْرَامٍ وَسَلَامٍ قَارِئٌ) أَيْ: وَبِلَا رَفْعِ يَدَيْنِ أَيْ: بِلَا إحْرَامٍ زَائِدٍ عَلَى تَكْبِيرِ الْهَوِيِّ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ الَّذِي هُوَ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ هَذَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ) أَيْ: إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالِاتِّفَاقِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُ الرَّكْعَةُ - اتِّفَاقًا فِي الصُّورَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ يَظُنُّهَا زَائِدَةً) أَيْ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا زَائِدَةً عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46] إلَخْ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ غَلَّابِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ: مَعَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْبُطْلَانُ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ وَبِتَعَمُّدِ كَسَجْدَةٍ أَيْ: مِنْ الْبُطْلَانِ فِيهَا، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَا هُنَا عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُمْ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ يُرَاعُونَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَفِي الْحَطَّابِ عَنْ الْهَوَّارِيِّ الْمَشْهُورُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْإِمَامِ وَالْفَذِّ، وَمَا لِابْنِ غَلَّابٍ عَلَى الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ لَهُ عُذْرًا فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُجْزِئُهُ) وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُجْزِئُ السَّاهِي وَلَعَلَّهُ لِفَقْدِ قَصْدِ الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ وَعَلَيْهِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ تَعَمَّدَهَا (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ مَا يَأْتِي زَائِدًا) فَإِنْ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ الْخَلَلَ قَبْلَ عَقْدِهَا لَا تَكُونُ خَامِسَةً، وَإِنَّمَا تَكُونُ رَابِعَةً إذْ قَدْ يَفْعَلُهَا بِنِيَّةِ أَنَّهَا خَامِسَةٌ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَفْعَلَهَا بِنِيَّةِ أَنَّهَا خَامِسَةٌ مَعَ عِلْمِهِ بِالْخَلَلِ قَبْلَ عَقْدِهَا وَإِنْ سُلِّمَ ذَلِكَ فَلَا تَضُرُّ هَذِهِ النِّيَّةُ كَنِيَّةِ الْإِمَامِ أَنْ لَا يَحْمِلَ عَنْ الْمَأْمُومِ مَا يَحْمِلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ) أَقُولُ بَلْ يُتَصَوَّرُ فِي الْمَسْبُوقِ أَيْضًا وَالْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ.

[فَصْلٌ سُجُودَ التِّلَاوَةِ]

{فَصْلٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ} (قَوْلُهُ وَإِنْ تَفَارَقَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ) وَذَلِكَ أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ وَبَعْضُ أَفْرَادِ سُجُودِ السَّهْوِ تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ سَجَدَ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ) أَيْ: الصَّلَاةِ النَّافِلَةِ إذْ يَجُوزُ أَنْ تُفْعَلَ عَلَى الدَّابَّةِ أَيْ: لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَفِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ الدَّوَرَانُ.

(قَوْلُهُ أَوْ لِلسَّبَبِيَّةِ) الْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ وَلَا تَظْهَرُ السَّبَبِيَّةُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الشَّرْطِ لَيْسَ سَبَبًا لِلسُّجُودِ وَإِنَّمَا سَبَبُ السُّجُودِ الْقِرَاءَةُ أَوْ السَّمَاعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ جَعْلَهَا لِلسَّبَبِيَّةِ يُنَافِي أَنَّ مَدْخُولَهَا شُرُوط (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْدِيَةِ) لَا يَظْهَرُ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا لِلْمُلَابَسَةِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ سَجَدَ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ) أَيْ: فَيَحْتَاجُ إلَى إحْرَامٍ وَسَلَامٍ وَرَفْعِ يَدَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلِّمٍ فِي الْكُلِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا يَرْفَعُهُمَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَكَمَا لَا يَحْتَاجُ هُنَا لِتَكْبِيرٍ زَائِدٍ عَلَى تَكْبِيرِ الْهَوِيِّ لَا يَحْتَاجُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ إلَى تَكْبِيرٍ زَائِدٍ عَلَى تَكْبِيرِ الْهَوِيِّ. نَعَمْ سُجُودُ السَّهْوِ يَحْتَاجُ لِسَلَامٍ بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، فَإِنْ قُلْت: يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِالْإِحْرَامِ النِّيَّةَ أَيْ: فَيَحْتَاجُ لَهَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَيْ: الْبَعْدِيِّ وَلَا يَحْتَاجُ لَهَا هُنَا؛ لِأَنَّ عج قَدْ قَالَ لَا تُطْلَبُ مِنْهُ النِّيَّةُ فِي سُجُودِهِ لَا نِيَّةُ الْفِعْلِ وَلَا نِيَّةُ التَّقَرُّبِ لِكَوْنِهَا تَابِعَةً لِمَا لَا نِيَّةَ فِيهِ

ص: 348

فَقَوْلُهُ سَجَدَ جُمْلَةً خَبَرِيَّةً لَفْظًا إنْشَائِيَّةً مَعْنًى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَهَلْ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ أَيْ طَلَبُ سُجُودِ قَارِئٍ وَمُسْتَمِعٍ أَوْ سَجَدَ عَلَى وَجْهِ الْمَطْلُوبِيَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِخْبَارُ عَنْ سُجُودِ قَارِئٍ وَمُسْتَمِعٍ فِيمَا مَضَى إذْ لَا مَعْنَى لَهُ وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذِهِ الْمَطْلُوبِيَّةَ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ أَوْ الْفَضِيلَةِ وَقَوْلُهُ سَجَدَ أَيْ: طُلِبَ مِنْهُ السُّجُودُ أَيْ: طُلِبَ مِنْهُ إيجَادُ هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ فِي أَقَلِّ أَفْرَادِهَا وَهُوَ وَاحِدٌ فَانْدَفَعَ مَا أُورِدَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ التَّعَرُّضُ لِقَيْدِ الْوَحْدَةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يَقُلْ سُجُودَ التِّلَاوَةِ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ مَثَلًا إشَارَةً إلَى أَنَّ الْفِعْلَ يَكْفِي فِي تَحَقُّقِ مَدْلُولِهِ وَاحِدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ؛ إذْ هُوَ عِنْدَهُمْ لَهُ حُكْمُ النَّكِرَاتِ فَفِي كَلَامِهِ تَعَرُّضٌ لِقَيْدِ الْوَاحِدَةِ.

{فَائِدَةٌ} إنَّمَا قَالُوا سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَلَمْ يَقُولُوا سُجُودُ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ أَخَصُّ مِنْ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ لَا تَكُونُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْقِرَاءَةُ تَكُونُ فِيهَا تَقُولُ قَرَأَ فُلَانٌ اسْمَهُ وَلَا تَقُولُ تَلَا اسْمَهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ التِّلَاوَةِ مِنْ قَوْلِك تَلَا الشَّيْءَ يَتْلُوهُ إذَا تَبِعَهُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْكَلِمَةُ تَتْبَعُ أُخْتَهَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ فِيهَا التِّلَاوَةَ وَيَسْتَعْمِلُ فِيهَا الْقِرَاءَةَ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ اسْمٌ لِجِنْسِ هَذَا الْفِعْلِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ كُفْرِ مَنْ أَنْكَرَ مَشْرُوعِيَّةَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أَيْ: يَعْرِفُهُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ قَارِئٌ أَنَّهُ يُطْلَبُ بِهَا وَلَوْ مَاشِيًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَنْحَطُّ مِنْ قِيَامٍ وَلَا يَجْلِسُ لَهَا مِنْ قِيَامٍ وَارْتَضَى بَعْضٌ أَنَّ شَرْطَ سُجُودِ التَّالِي بُلُوغُهُ، وَكَذَا شَرْطُ سُجُودِ الْمُسْتَمِعِ إذْ لَا يُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ إلَّا الْبَالِغُ.

(ص) وَمُسْتَمِعٌ فَقَطْ إنْ جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ إنْ صَلَحَ لِيَؤُمَّ وَلَمْ يَجْلِسْ لِيَسْمَعَ (ش) مُسْتَمِعٌ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى قَارِئٍ الْمَهْمُوزِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَارٍ مَنْقُوصًا عُومِلَ مُعَامَلَةَ قَاضٍ بَعْدَ قَلْبِ هَمْزَتِهِ يَاءً فَهُوَ مَرْفُوعٌ بِضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْتَمِعَ يُخَاطَبُ بِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ كَمَا يُخَاطَبُ بِهَا الْقَارِئُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِسُجُودِ الْمُسْتَمِعِ شُرُوطُ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ مِنْ الْقَارِئِ الْقُرْآنَ أَوْ أَحْكَامَهُ مِنْ إدْغَامٍ وَإِظْهَارٍ وَنَحْوِهِمَا لَيَصُونَ قِرَاءَتَهُ عَنْ اللَّحْنِ فَلَا يَسْجُدُ جَالِسٌ لِمُجَرَّدِ ابْتِغَاءِ الثَّوَابِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَخَرَجَ بِمُسْتَمِعٍ وَهُوَ قَاصِدُ السَّمَاعِ السَّامِعُ الَّذِي طَرَقَ أُذُنَهُ السَّمَاعُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَمُخْتَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ السُّجُودَ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ لَا يُسْقِطُ مَطْلُوبِيَّةَ الْآخَرِ مِنْهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا فِيهَا فَيَتَّبِعُهُ عَلَى تَرْكِهِ بِلَا خِلَافٍ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِفِعْلِهَا دُونَ إمَامِهِ دُونَ الْعَكْسِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي.

وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ الَّذِي يَسْمَعُ الْمُسْتَمِعُ قِرَاءَتَهُ صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ يَكُونَ ذَكَرًا بَالِغًا مُحَقَّقًا عَاقِلًا غَيْرَ فَاسِقٍ فَلَا يَسْجُدُ مُسْتَمِعٌ قِرَاءَةَ أَضْدَادِهِمْ وَقَوْلُنَا فِي الْجُمْلَةِ لِيَدْخُلَ مَا إذَا كَانَ الْقَارِئُ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ سُجُودُ مُسْتَمِعِهِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَى مُسْتَمِعٍ غَيْرِ مُتَوَضِّئٍ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَالشَّاذِلِيُّ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْقَارِئُ جَلَسَ لِيُسْمِعَ النَّاسَ حُسْنَ قِرَاءَتِهِ وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ مِنْهُ لِمَا دَخَلَ قِرَاءَتَهُ مِنْ الرِّيَاءِ فَلَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اخْتِصَاصِ هَذَا الشَّرْطِ بِسُجُودِ الْمُسْتَمِعِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَعَلَيْهِ قَرَّرَ

ــ

[حاشية العدوي]

قُلْت يَبْعُدُ ذَلِكَ غَايَةَ الْبُعْدِ كَيْف يَعْمِدُ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةٍ أَوْ سُنَّةٍ بِدُونِ نِيَّةٍ خُصُوصًا وَقَدْ ذَكَرَ عج فِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ فَالصَّوَابُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ.

أَقُولُ وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَى ذَلِكَ.

{تَنْبِيهٌ} : قَوْلُهُ بِلَا إحْرَامٍ وَسَلَامٍ أَيْ: إلَّا لِقَصْدِ خُرُوجٍ مِنْ خِلَافٍ عَلَى أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْهَا كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ) أَيْ مَعْنَى صَحِيحٍ فَالْمَنْفِيُّ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ فِي أَقَلِّ أَفْرَادِهَا) أَيْ: لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ (قَوْلُهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْفِعْلَ إلَخْ) الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَكْفِي سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَكْفِي فِي تَحْقِيقِ مَدْلُولِهِ وَاحِدٌ فَيَسُوقُهُ مَسَاقَ التَّعْلِيلِ.

(قَوْلُهُ فَفِي كَلَامِهِ تَعَرُّضٌ لِقَيْدِ الْوَحْدَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا لَمْ يَنْظُرْ لِمَجْمُوعِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَفِيهِ التَّعَرُّضُ لِقَيْدِ الْوَحْدَةِ فَقَدْ قَالَ فِيمَا يَأْتِي: وَجَهْرُهَا وَتَكْرِيرُهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إذَا تَبِعَهُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ تَلَوْت الرَّجُلَ أَتْلُوهُ تِلْوًا إذَا تَبِعْته اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ إلَخْ) وَلِذَلِكَ سَيَأْتِي يَقُولُ وَاقْتِصَارٌ عَلَيْهَا إلَخْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ مَشْرُوعِيَّتِهَا (قَوْلُهُ إذْ لَا يُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ إلَّا الْبَالِغُ) أَيْ: بِحَسَبِ الْمَنْقُولِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ أَيْ: وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا يُخَاطَبُ نَدْبًا وَلَا سُنَّةً بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ هَذَا مَعْنَاهُ.

أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَيَأْتِي يَذْكُرُ أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِهَا عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الصِّبْيَانَ مُكَلَّفُونَ بِالْمَنْدُوبِ.

ن (قَوْلُهُ إنْ صَلَحَ لِيَؤُمَّ) أَيْ: فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَسْجُدُ مَنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ غَيْرِ بَالِغٍ (قَوْلُهُ الْقُرْآنَ) يَشْمَلُ أَوْجُهَ الْقِرَاءَةِ كَقِرَاءَةِ وَرْشٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَحْكَامَهُ) بَلْ وَمَا كَانَ جَائِزًا كَمَدِّ نَسْتَعِينُ وَقَصْرِهِ عِنْدَ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) عِبَارَةُ تت كَذَا فِي التَّوْضِيحِ عَلَى نَقْلِ الْأَكْثَرِ فَيُفْهَمُ أَنَّ الْمُرَادَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِمُسْتَمِعٍ إلَخْ) أَقُولُ إذًا لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فَقَطْ وَالْمُخْلِصُ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ فَقَطْ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ وَمُسْتَمِعٍ وَسَامِعٍ.

(قَوْلُهُ وَمُخْتَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ) فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَقَالَ عب فِي الْجُمْلَةِ لِإِدْخَالِ سُجُودِ مُسْتَمِعٍ غَيْرِ عَاجِزٍ مِنْ مُتَوَضِّئٍ عَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ وَمُسْتَمِعٍ مَكْرُوهِ الْإِمَامَةِ وَكَذَا مِنْ فَاسِقٍ بِجَارِحَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ غَيْرَ فَاسِقٍ أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ مِنْ الرِّيَاءِ) أَيْ بِحَسَبِ الْمَظِنَّةِ

ص: 349

الشَّارِحُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ السَّنْهُورِيُّ مِنْ جَعْلِهِ شَرْطًا فِي سُجُودِ الْقَارِئِ أَيْضًا وَقَدْ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَمْ يَجْلِسْ لِيَسْمَعَ شَرْطًا فِيهِمَا وَمَا قَبْلَهُ فِي الْمُسْتَمِعِ فَقَطْ وَفِيهِ بُعْدٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُسْتَمِعِ ثُمَّ لَوْ قَالَ وَصَلُحَ لِيَؤُمَّ لَكَانَ أَخَصْرَ وَقَالَ السَّنْهُورِيُّ فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ يَعْطِفْ صَلُحَ عَلَى جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ مَعَ أَنَّ كِلَيْهِمَا شَرْطٌ فِيهِ؟ قُلْت: يَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ رَأَى لَمَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَلِّقُ صَارَا لِذَلِكَ كَاَللَّذَيْنِ لَا اشْتَرَاكَ بَيْنَهُمَا فَتَرَكَ الْعَطْفَ لِذَلِكَ اهـ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: 34] .

ثُمَّ لَوْ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ إنْ صَلُحَ لِيَؤُمَّ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ، أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الصَّلَاحِيَّةِ وَمَا بَعْدَهَا حَيْثُ تَرَكَ الْقَارِئُ وَصَلُحَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لِيُسْمِعَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَلِلْفَاعِلِ وَقَصَرَهُ تت عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ قُصُورٌ.

(ص) فِي إحْدَى عَشْرَةَ لَا ثَانِيَةَ الْحَجِّ وَالنَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَالْقَلَمِ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سَجَدَ أَيْ: سَجَدَ قَارِئٌ وَمُسْتَمِعٌ فِي إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ فِي مَا ضَرَّهُ؛ إذْ هُوَ مَفْعُولُ سَجَدَ الْمُتَعَدِّي وَلَعَلَّ فِي هُنَا لِلسَّبَبِيَّةِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ الْحَدِيثَ، وَإِلَّا فَالظَّرْفِيَّةُ فِيهِ مَجَازِيَّةٌ وَهِيَ الْعَزَائِمُ أَيْ: الْمَأْمُورَاتُ الَّتِي يَعْزِمُ النَّاسُ بِالسُّجُودِ فِيهَا، وَقِيلَ: هِيَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ خَالٍ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَلَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْإِحْدَى عَشْرَةَ هِيَ آخِرُ الْأَعْرَافِ وَالْآصَالِ فِي الرَّعْدِ وَيُؤْمَرُونَ فِي النَّحْلِ وَخُشُوعًا فِي سُبْحَانَ وَبُكِيًّا فِي مَرْيَمَ وَمَا يَشَاءُ فِي الْحَجِّ وَنُفُورًا فِي الْفُرْقَانِ وَالْعَظِيمِ فِي النَّمْلِ وَلَا يَسْتَكْبِرُونَ فِي السَّجْدَةِ وَأَنَابَ فِي ص وَتَعْبُدُونَ فِي حم السَّجْدَةَ.

وَمَا يُرْوَى زِيَادَةٌ عَلَى مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى النَّسْخِ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ مِنْ أَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام إحْدَى عَشْرَةَ وَزَادَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ حَبِيبٍ أَرْبَعًا رَدَّهَا الْمُؤَلِّفُ صَرِيحًا وَهُوَ أَنَّهُ لَا سُجُودَ فِي ثَانِيَةِ الْحَجِّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَلَا فِي النَّجْمِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62] وَإِنْ صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ عِنْدَهَا وَهِيَ أَوَّلُ سُورَةٍ أَعْلَنَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَرَمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَالْجِنُّ وَالْمُشْرِكُونَ غَيْرُ أَبِي لَهَبٍ رَفَعَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ إلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ يَكْفِي هَذَا إلَّا أَنَّ إجْمَاعَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَقُرَّائِهَا عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ فِيهَا مَعَ تَكْرَارِ الْقِرَاءَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ إذْ لَا يُجْمِعُونَ عَلَى تَرْكِ سُنَّةٍ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ أَبِي لَهَبٍ فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَلَا فِي الِانْشِقَاقِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] وَلَا فِي الْعَلَقِ عِنْدَ قَوْلِهِ {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] تَقْدِيمًا لِلْعَمَلِ عَلَى الْحَدِيثِ.

(ص) وَهَلْ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ (ش) هَذِهِ جُمْلَةٌ اسْتِئْنَافِيَّةٌ قَصَدَ بِهَا تَفْصِيلَ الْحُكْمِ الَّذِي أَجْمَلَهُ فِي قَوْلِهِ سَجَدَ أَيْ: طُلِبَ مِنْهُ السُّجُودُ وَهَلْ هَذَا الطَّلَبُ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ الْفَضِيلَةُ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيِّ وَابْنِ الْكَاتِبِ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَنْ قَاعِدَتُهُ تَشْهِيرُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَفِيهِ بُعْدٌ) أَيْ: مِنْ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَخَصْرَ) جَوَابُ ذَلِكَ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ اخْتَلَفَ الْمُتَعَلِّقُ) أَيْ: الْفَاعِلُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ اللَّهُ إلَخْ) أَيْ: فَلَمْ يَعْطِفْ إنْ كَانَ اللَّهُ عَلَى إنْ أَرَدْتُ لِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ وَصَلَحَ لِيَؤُمَّ فَيَحْذِفُ إنْ (أَقُولُ) فَإِذًا تَفُوتُ النُّكْتَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ.

(قَوْلُهُ لَا ثَانِيَةَ الْحَجِّ إلَخْ)

وَلَوْ سَجَدَ فِي ثَانِيَةِ الْحَجِّ وَمَا بَعْدَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِمَنْ يَسْجُدُهَا وَتَبِعَهُ فَلَا بُطْلَانَ فَلَوْ سَجَدَهَا دُونَ إمَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَرَكَ اتِّبَاعَهُ أَسَاءَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَقَالَ عج لَا ثَانِيَةَ الْحَجِّ أَنْ يُكْرَهَ وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ يُمْنَعُ مَعْنَاهُ يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ وَالنَّجْمَ مَعْطُوفٌ عَلَى ثَانِيَةِ أَيْ: وَلَا سَجْدَةَ النَّجْمِ كَذَا فِي ك.

(قَوْلُهُ إذْ هُوَ مَفْعُولُ سَجَدَ) يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ لَا ثَانِيَةَ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَسْجُدُ بِسَبَبِ قِرَاءَتِهِ ثَانِيَةَ الْحَجِّ فَالْمُنَاسِبُ كَوْنُ فِي لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ: سَجَدَ بِسَبَبِ قِرَاءَتِهِ آيَاتِ إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً (قَوْلُهُ يَعْزِمُ) أَيْ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالسُّجُودِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ هِيَ) أَيْ الْعَزَائِمُ مَا ثَبَتَ إلَخْ الْحَاصِلُ أَنَّ الْإِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً تُسَمَّى عَزَائِمُ فَقَدْ قَالَ عج وَسُمِّيَتْ الْإِحْدَى عَشْرَةَ عَزَائِمَ مُبَالَغَةً فِي فِعْلِ السُّجُودِ مَخَافَةَ أَنْ تَتْرُكَ اهـ.

وَاخْتُلِفَ فِي الْعَزَائِمِ فَقِيلَ هِيَ الْمَأْمُورَاتُ وَقِيلَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ إلَخْ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا عَدَا الْإِحْدَى عَشْرَةَ لَمْ يَخْلُ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ وَهُوَ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُشْرِكُونَ) أَيْ لِزَعْمِهِمْ أَنَّهُ مَدَحَ آلِهَتَهُمْ بِقَوْلِهِ {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: 19]{وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم: 20] وَأَلْقَى الشَّيْطَانُ صَوْتًا مِثْلَ صَوْتِهِ سَمِعُوهُ تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضًا رَدَّ هَذَا بِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَسَبَبُ سُجُودِ الْمُشْرِكِينَ مَعَهُ عليه الصلاة والسلام مَدْحُ آلِهَتِهِمْ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: 19]{وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم: 20]{أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى} [النجم: 21]{تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم: 22](قَوْلُهُ اُنْظُرْ وَجْهَهُ إلَخْ) قَالَ فِي ك لَكِنْ قَالَ هـ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الصَّوَابَ غَيْرُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بَدَلُ غَيْرِ أَبِي لَهَبٍ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ الْفَاعِلَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ.

(قَوْلُهُ تَفْصِيلَ) أَيْ: تَبْيِينَ لَا ذِكْرَ تَفَاصِيلَ.

(قَوْلُهُ وَهَلْ سُنَّةٌ) وَمُقْتَضَى ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِالْفَضِيلَةِ لَمْ يُشْهَر

ص: 350

مَا صُدِّرَ بِهِ خِلَافٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تُنَافِي الْفَضِيلَةَ وَالشَّيْءُ إنَّمَا يُقَابَلُ بِمَنَافِيهِ فَلَا يُقَالُ فِي الشَّيْءِ إنَّهُ وَاجِبٌ أَوْ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ يُجَامِعُ الْجَائِزَ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُخَاطَبُ بِهَا نَدْبًا وَمَا يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ إلَّا كَثْرَةُ الثَّوَابِ وَقِلَّتُهُ، وَأَمَّا السُّجُودُ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ مَطْلُوبٌ مُطْلَقًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ أَنَّهُ يَسْجُدُهَا فِي الْفَرْضِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا يَسْجُدُهَا فِيهِ فِيهِ نَظَرٌ.

(ص) وَكَبَّرَ لِخَفْضٍ وَرَفْعٍ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ (ش) قُلْ فِيهَا وَيُكَبِّرُ إذَا سَجَدَهَا وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهَا وَهَذَا فِي الصَّلَاةِ اتِّفَاقًا وَفِي غَيْرِهَا اخْتِلَافٌ وَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ التَّكْبِيرُ أَيْضًا ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ أَحْسَنُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ التَّكْبِيرِ السُّنِّيَّةُ كَتَكْبِيرِ الصَّلَوَاتِ، وَإِذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَا مِنْ أَنَّ التَّكْبِيرَ لِلسَّجْدَةِ رَفْعًا وَخَفْضًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ خَارِجُهَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمَوَّاقِ ظَهَرَ لَك صَوَابُ الْمُبَالَغَةِ وَبَطَلَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ لِلذِّهْنِ قَلْبُهَا.

(ص) وص وَأَنَابَ وَفُصِّلَتْ تَعْبُدُونَ (ش) أَيْ: وَمَحَلُّ سَجْدَةِ ص هَذَا الْمَوْضِعُ فَالْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ وَأَنَابَ هُوَ الْخَبَرُ وَلَمَّا كَانَتْ مَوَاضِعُ السُّجُودِ عَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقِسْمِ الَّذِي اُتُّفِقَ عَلَى مَحَلِّ السُّجُودِ فِيهِ وَذَكَرَ مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ سَجْدَةُ ص وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا عِنْدَ وَأَنَابَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] وَقِيلَ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 25] وَالثَّانِي سَجْدَةُ حم فُصِّلَتْ وَالْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] لَا عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ أَبَيْنُ لَا يُقَالُ: قَدْ وَقَعَ خِلَافٌ فِي سَجْدَةِ النَّمْلِ فَقِيلَ عِنْدَ قَوْلِهِ الْعَظِيمِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ عِنْدَ قَوْلِهِ {وَمَا يُعْلِنُونَ} [النمل: 74] فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُبَيِّنَ مَحَلَّهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ وَهَّمَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الثَّانِي فَقَالَ وَالْعَظِيمِ فِي النَّمْلِ وَنَقْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَحَلَّهَا مِنْهُ {وَمَا يُعْلِنُونَ} [النمل: 74] وَهْمُ.

(ص) وَكُرِهَ سُجُودُ شُكْرٍ أَوْ زَلْزَلَةٍ (ش) أَيْ: وَكُرِهَ عَلَى الْمَشْهُورِ سُجُودُ شُكْرٍ عِنْدَ بِشَارَةٍ بِمَسَرَّةٍ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ لِلْعَمَلِ وَلِذَلِكَ أَنْكَرَ مَالِكٌ قَوْلَهُمْ سَجَدَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَ الْيَمَامَةِ حِينَ بُشِّرَ بِقَتْلِ مُسَيْلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ قَائِلًا مَا سَمِعْته قَطُّ وَأَرَاهُمْ كَذَبُوا عَلَيْهِ، وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ فَمَا سَمِعْت أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ سَجَدَ وَكَذَا يُكْرَهُ لِزَلْزَلَةٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ رِيحٍ شَدِيدَةٍ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُكْرَهُ بَلْ تُطْلَبُ.

(ص) وَجَهْرٌ بِهَا بِمَسْجِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ إظْهَارُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ بِمَعْنَى إشْهَارِهَا وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا خَوْفَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا، وَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ الْآنَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعَوَامّ فَيُؤَوَّلُ جَهْرٌ بِإِظْهَارٍ وَإِشْهَارٍ وَمُدَاوَمَةٍ كَمَا أَشَارَ تت.

وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْجَهْرُ بِالسَّجْدَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا مَنْصُوصًا لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ مُؤَخَّرًا عَنْ قَوْلِهِ وَقِرَاءَةٍ بِتَلْحِينٍ لَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِهَا عَائِدًا عَلَى الْقِرَاءَةِ إلَخْ وَفِي حَمْلِ كَلَامِهِ عَلَيْهِ بُعْدٌ مِنْ وُجُوهٍ لَا تَخْفَى وَهُوَ التَّكْرَارُ مَعَ قَوْلِهِ وَأُقِيمَ الْقَارِئُ فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ وَمَعَ مَا يَأْتِي لَهُ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ لَا تُنَافِي الْفَضِيلَةَ إلَخْ) بَلْ تُنَافِي؛ لِأَنَّ طَرِيقَةَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا تُرَادِفُ الْمُسْتَحَبَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَاجِبَ يُجَامِعُ الْجَائِزَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَائِزَ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْمَأْذُونِ وَبِمَعْنَى مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَبِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى فَالْمُجَامَعَةُ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ لَا مُطْلَقًا كَمَا يُوهِمُهُ لَفْظُهُ (قَوْلُهُ إلَّا كَثْرَةُ الثَّوَابِ وَقِلَّتُهُ) أَيْ: لَا مَا قَالَهُ الْبَعْضُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ وَبَطَلَ مَا قِيلَ الْمُتَبَادَرُ لِلذِّهْنِ قَلْبُهَا) وَجْهُ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ فِي الذِّهْنِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي صَلَاةٍ فَلَا تَفْتَقِرُ لِلتَّكْبِيرِ الَّذِي يُقَرِّبُهَا مِنْ الصَّلَاةِ فَيَسْجُدُ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَتَفْتَقِرُ إلَى التَّكْبِيرِ الَّذِي يُقَرِّبُهَا بِهَا حَتَّى يَسْجُدَ لَهَا هَذَا غَايَةُ مَا يُفْهَمُ فَبَيَّنَ الشَّارِحُ بِالنَّقْلِ أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ الصَّوَابُ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ وَهِمَ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ إنَّ التَّوْهِيمَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ اعْتَمَدَهُ وَرَجَّحَهُ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَنْقُولًا فِي الْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ عَلَى الْمَشْهُورِ سُجُودُ شُكْرٍ إلَخْ) أَيْ وَمُقَابِلُهُ الْجَوَازُ كَمَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ كُرِهَ سُجُودُ شُكْرٍ) أَيْ: وَكَذَا صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ بِمَسَرَّةٍ) أَيْ مَا يُسَرُّ بِهِ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْيَمَامَةِ) أَيْ: يَوْمَ وَقْعَةِ الْيَمَامَةِ وَهِيَ بِلَادٌ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الطَّهَارَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالْجِنَازَةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ (قَوْلُهُ شَدِيدَةٍ) رَاجِعٌ لِلرِّيحِ وَالظُّلْمَةِ.

(قَوْلُهُ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ إلَخْ) أَيْ: لِلزَّلْزَلَةِ وَنَحْوِهَا أَيْ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الصَّلَاةُ لِدَفْعِ الْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ مِنْ أَجْلِ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ شَهَادَةٌ لِغَيْرِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ الْبَدْرُ فَلَا يُكْرَهُ فَيُصَلُّونَ أَفْذَاذًا أَوْ جَمَاعَةً إذَا لَمْ يَجْمَعْهُمْ الْإِمَامُ أَوْ يَحْمِلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَهَلْ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَكْعَتَانِ وَلَمْ أَرَهُ اهـ.

وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْوُجُوبُ إذَا جَمَعَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا شُرِعَتْ الصَّلَاةُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يُخَافُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ وَدَلَّ كَلَامُهُ إلَخْ) لَا دَلَالَةَ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ لَا يُعْتَبَرُ.

(قَوْلُهُ إشْهَارِهَا وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَعَمُّدِهَا بِفَرِيضَةٍ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْجَهْرُ بِالسَّجْدَةِ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ: فِعْلُهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى تَرْجِيحِ الضَّمِيرِ لِلْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ لَا تَخْفَى) إلَى هُنَا انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْوُجُوهِ التَّكْرَارُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّكْرَارُ إلَّا أَنَّهُ مُتَعَدِّدٌ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْوُجُوهِ مِنْ حَيْثُ تَعَدُّدُ التَّكْرَارِ وَأَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَيَظْهَرُ وَجْهُ التَّعَدُّدِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الضَّمِيرِ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا عَلَى مُتَقَدِّمٍ وَتَرْجِيعُهُ لِمُتَأَخِّرٍ خِلَافُ الْأَصْلِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ

ص: 351

مِنْ كَرَاهَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ بِالْقُرْآنِ فَعَلَى جَوَابِ تت فِيهِ تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَهْرِ الْإِظْهَارُ وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ.

(ص) وَقِرَاءَةٌ بِتَلْحِينِ (ش) أَيْ: وَكُرِهَ قِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ أَيْ: تَطْرِيبِ الصَّوْتِ أَيْ تَرْجِيعِهِ تَرْجِيعًا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْقُرْآنِ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَدِّ الْمَقْصُورِ وَفَكِّ الْمُدْغَمِ وَعَكْسِهِمَا.

(ص) كَجَمَاعَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ ابْنُ يُونُسَ وَكَرِهَ مَالِكٌ اجْتِمَاعَ الْقُرَّاءِ يَقْرَءُونَ فِي سُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَرَآهَا بِدْعَةً وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ الْوَاقِفُ وَإِلَّا وَجَبَ فِعْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْكَرَاهَةُ وَلَوْ بَنَى كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى قِرَاءَةِ نَفْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَذَانِ وَمِنْ الْمَكْرُوهِ قِرَاءَةُ السُّبْعِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ.

(ص) وَجُلُوسٌ لَهَا لَا لِتَعْلِيمٍ (ش) أَيْ: وَكُرِهَ جُلُوسٌ لِلسَّجْدَةِ فَقَطْ أَيْ: لَيْسَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الْجُلُوسِ إلَّا السَّجْدَةُ أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يَسْجُدَهَا فَقَطْ لَا لِتَعْلِيمٍ يُرِيدُ وَلَا لِثَوَابٍ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ.

(ص) وَأُقِيمَ الْقَارِئُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ غَيْرَهُ (ش) أَيْ: أَنَّ الْقَارِئَ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ خَمِيسٍ وَغَيْرِهِ يُقَامُ نَدْبًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ بِهَا وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الدَّوَامِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ قَصْدُ الدُّنْيَا بِذَلِكَ وَهَذَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ ذَلِكَ فَيَجِبُ فِعْلُهُ.

(ص) وَفِي كُرْهِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاحِدِ رِوَايَتَانِ (ش) أَيْ: وَفِي كُرْهِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ أَيْ: مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ دَفْعَةً عَلَى الْوَاحِدِ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَفُوتُهُ مَا يَقْرَأُ بَعْضُهُمْ بِالْإِصْغَاءِ إلَى غَيْرِهِ فَقَدْ يُخْطِئُ فِي ذَلِكَ الْحِينِ وَيَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَهُ فَيَحْمِلُ عَنْهُ الْخَطَأَ وَيَظُنُّهُ مَذْهَبًا لَهُ وَعَدَمُ كَرَاهَتِهَا لِلْمَشَقَّةِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْقُرَّاءِ بِانْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ إذْ قَدْ يَكْثُرُونَ فَلَا يَعُمُّهُمْ فَجَمْعُهُمْ أَحْسَنُ مِنْ الْقَطْعِ بِبَعْضِهِمْ رِوَايَتَانِ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ وَلَا يَرَاهُ صَوَابًا ثُمَّ رَجَعَ وَخَفَّفَهُ.

(ص) وَاجْتِمَاعٌ لِدُعَاءٍ يَوْمَ عَرَفَةَ (ش) أَيْ وَيُكْرَهُ الِاجْتِمَاعُ يَوْمَ عَرَفَةَ لِدُعَاءٍ أَيْ: بِأَيِّ دُعَاءٍ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَقَامُ الرَّجُلِ فِي مَنْزِلِهِ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ الْمُحْدَثَةِ الَّتِي لَمْ تَرِدْ عَنْ السَّلَفِ فَقَوْلُهُ لِدُعَاءٍ بِالتَّنْوِينِ لَا بِالْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ لَهُ دُعَاءً خَاصًّا وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الِاجْتِمَاعُ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَّا لِلدُّعَاءِ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ تَخُصَّ كَرَاهَةَ الِاجْتِمَاعِ الْمَذْكُورِ بِمَنْ يَفْعَلُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهُ لَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُكْرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ

ــ

[حاشية العدوي]

الَّذِي يُوصَفُ بِأَنَّهُ تَكْرَارٌ مَعَ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَازِمُهُ وَهُوَ أَنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ فِيهِ تَجَوُّزٌ) أَيْ: مَجَازُ اسْتِعَارَةٍ شَبَّهَ الْإِشْهَارَ وَالْمُدَاوَمَةَ بِالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ بِجَامِعِ اطِّلَاعِ الْغَيْرِ عَلَى ذَلِكَ وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ) فِيهِ أَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ مُؤَخَّرًا لَأَمْكَنَ وَعَلَى تَقْدِيرِ لَوْ حَمَلَ عَلَى ذَلِكَ لَكَانَ فِيهِ بُعْدٌ مِنْ وُجُوهٍ.

(قَوْلُهُ وَقِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى جَوَازِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بَلْ قَالَ إنَّهُ سُنَّةٌ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ اسْتَحْسَنَهُ وَسَمَاعُهُ يَزِيدُ غِبْطَةً بِالْقِرَاءَةِ وَإِيمَانًا وَيُكْسِبُ الْقُلُوبَ خَشْيَةً.

(قَوْلُهُ مِنْ الْمَكْرُوهِ قِرَاءَةُ السُّبْعِ) أَيْ: وَمِنْ أَفْرَادِ مَا حُكِمَ بِكَرَاهَتِهِ الَّذِي هُوَ قِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ لَا مِنْ مُطْلَقِ الْمَكْرُوهِ قِرَاءَةُ السُّبْعِ وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صُورَةً أُخْرَى فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَهُوَ أَنْ يَقْرَأَ وَاحِدٌ رُبْعَ حِزْبٍ ثُمَّ الثَّانِي كَذَلِكَ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْمُدَارَسَةِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ جَوَازَهَا وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَاقِفٌ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ أَوْ بِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ وَاقِفِهِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ الزَّائِدَةِ مَا لَمْ يَقْرَأْ كُلُّ وَاحِدٍ سُورَةً مُسْتَقِلَّةً وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ لِلْفَصْلِ بِالسُّوَرِ كَمَا لَا نَكْرَهُ الْمُدَارَسَةَ بِالْمَعْنَى الَّذِي كَانَ يُدَارِسُ بِهِ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِرَمَضَانَ مِنْ قِرَاءَتِهِ وَإِعَادَةِ النَّبِيِّ عَيْنَ مَا قَرَأَهُ جِبْرِيلُ.

(قَوْلُهُ لَا لِتَعْلِيمٍ) أَطْلَقَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ إفَادَةُ الْغَيْرِ وَمَجَازُهُ وَهُوَ التَّعَلُّمُ الَّذِي هُوَ الْإِفَادَةُ مِنْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ يُرِيدُ وَلَا لِثَوَابٍ) وَهَذَا عَلَى خِلَافِ قَوْلِ الْأَكْثَرِ.

(قَوْلُهُ يُقَامُ نَدْبًا) هَذَا إذَا قَرَأَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَإِلَّا وَجَبَتْ إقَامَتُهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ وَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ) فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ مَحَلَّ الْإِقَامَةِ إذَا رَفَعَ صَوْتَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَامُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِشَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ وَأَنْ يَقْصِدَ دَوَامَ ذَلِكَ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَوْ قَرِينَةٍ وَفِعْلُ ذَلِكَ لَا عَلَى الدَّوَامِ مَكْرُوهٌ أَيْضًا لَكِنْ لَا يُقَامُ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَيُؤْمَرُ بِالسُّكُوتِ أَوْ الْقِرَاءَةِ سِرًّا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ قَصْدُ الدُّنْيَا) هَذَا التَّعْلِيلُ يُنْتِجُ الْإِقَامَةَ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الدَّوَامَ.

(قَوْلُهُ وَعَدَمُ كَرَاهَتِهَا لِلْمَشَقَّةِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْقُرَّاءِ بِانْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ إذْ قَدْ يَكْثُرُونَ فَلَا يَعُمُّهُمْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ إذْ قَدْ يَكْثُرُونَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ لِلْمَشَقَّةِ أَيْ: لِمَظِنَّةِ الْمَشَقَّةِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ مُطْلَقًا وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ مَحَلَّ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا كَانَ يَحْصُلُ بِقِرَاءَةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ مَشَقَّةٌ وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ بِاتِّفَاقٍ اهـ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَ وَخَفَّفَهُ) أَيْ: تَخْفِيفًا وَصَلَ إلَى دَرَجَةِ الرَّاجِحِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَحْسَنُ (فَإِنْ قُلْت) حَيْثُ رَجَعَ وَخَفَّفَهُ كَانَ الْوَاجِبُ عَدَمَ ذِكْرِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ بِمَثَابَةِ النَّسْخِ قُلْت: الْمَرْجُوعُ عَنْهُ لَمَّا كَانَ غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ قَوَاعِدِهِ لَمْ يَلِغْ أَصْلًا كَمَا ذَكَرُوا.

(قَوْلُهُ وَاجْتِمَاعٍ لِدُعَاءِ يَوْمِ عَرَفَةَ) وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الذِّكْرُ (قَوْلُهُ وَمَقَامٍ) بِمَعْنَى وَإِقَامَةٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ: لَيْسَ لَهُ دُعَاءٌ خَاصٌّ وَالْكَرَاهَةُ لَا تَتَقَيَّدُ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ هَذَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم عَشِيَّةَ عَرَفَةَ اللَّهُمَّ إنَّك تَرَى مَكَانِي وَتَسْمَعُ كَلَامِي إلَى آخَرِ مَا هُوَ حَاشِيَةُ عب، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى الْمَجْمُوعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ لَهُ دُعَاءٌ خَاصٌّ أَيْ: مُتَحَتِّمٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ دُعَاءً خَاصًّا أَوْلَوِيًّا وَهُوَ مَا فِي الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ) أَيْ: فَإِنَّهُ يُكْرَهُ إذَا فَعَلَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ التَّضْحِيَةِ، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ

ص: 352

فِي نَحْوِ قَوْلِ الْمُضَحِّي اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمَوَّاقِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَتَسْبِيحٌ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ ثُمَّ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ وَمِنْهُ مَا يُفْعَلُ بِمَسَاجِدِ الْقَرَافَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْمَسَاجِدِ.

(ص) وَمُجَاوَزَتُهَا لِمُتَطَهِّرٍ وَقْتَ جَوَازٍ وَإِلَّا فَهَلْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهَا أَوْ الْآيَةَ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ أَنَّهُ يُكْرَهُ مُجَاوَزَتُهَا أَيْ: تَعَدِّي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِمَنْ قَرَأَ مَحَلَّهَا فِي وَقْتِ جَوَازِ لَهَا وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ وَأَمَّا مَنْ تَرَكَهُ فَلَيْسَ بِمُجَاوِزٍ لَهَا وَقَدْ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْكَرَاهَةُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ عَدَمُ تَوَالِي آيَاتِ الْقُرْآنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا أَوْ كَانَ الْوَقْتُ لَيْسَ وَقْتَ جَوَازٍ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا وَلَا الْوَقْتُ وَقْتَ جَوَازِ لَهَا فَهَلْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهَا فَقَطْ فَيُجَاوِزُ {مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] فِي الْحَجِّ {وَأَنَابَ} [ص: 24] فِي ص وَهَكَذَا أَوْ يُجَاوِزُ الْآيَةَ كُلَّهَا تَأْوِيلَانِ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ فَجَعَلَ فِيهِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ: مَحَلُّ ذِكْرِهَا أَيْ السَّجْدَةِ وَيَأْتِي بِمَحَلِّ فِعْلِهَا وَفِيهِ بَحْثٌ اُنْظُرْ شَرَحْنَا الْكَبِيرَ فَإِنَّ فِيهِ كَلَامًا نَفِيسًا.

(ص) وَاقْتِصَارٌ عَلَيْهَا وَأَوَّلَ بِالْكَلِمَةِ وَالْآيَةِ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ حَيْثُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يَسْجُدَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَإِنَّمَا كُرِهَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ السَّجْدَةَ لَا التِّلَاوَةَ وَهُوَ خِلَافُ الْعَمَلِ قَالَهُ أَشْهَبُ اهـ.

وَعَلَيْهِ فَلَا يَسْجُدُ حَيْثُ فَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُكْرَهُ لَهُ قِرَاءَتُهَا خَاصَّةً لَا قَبْلَهَا شَيْءٌ وَلَا بَعْدَهَا شَيْءٌ ثُمَّ يَسْجُدُهَا فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مَخْصُوصَةٌ بِمَا إذَا قَرَأَ مَوْضِعَ السَّجْدَةِ مِثْلَ {وَاسْجُدُوا} [فصلت: 37] لَا الْآيَةَ بِجُمْلَتِهَا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ تَالِيًا لِذَلِكَ وَحَكَى فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ قِرَاءَةُ جُمْلَةِ الْآيَةِ مِثْلَ {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] ؛ لِأَنَّ حُكْمَ التِّلَاوَةِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ لِمَنْ يَسْتَمِرُّ عَلَى قِرَاءَةِ الْآيَاتِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ مِنْك) أَيْ: مِنْ إحْسَانِك وَقَوْلُهُ وَإِلَيْك أَيْ: وَمُتَقَرَّبٌ بِهِ إلَيْك.

(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمَوَّاقِ) أَيْ: فِي قَوْلِ الْمُصَلِّي فِي السُّجُودِ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَفِي الرُّكُوعِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا جَعَلَ ذَلِكَ أَمْرًا لَازِمًا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ.

(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْيِيدَ الْكَرَاهَةِ بِكَوْنِهِ إذَا فَعَلَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ يُفِيدُ الْكَرَاهَةَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُكْرَهُ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْمَسَاجِدِ) لَعَلَّ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مُعَدٌّ لِدَفْنِ الْأَمْوَاتِ، وَاعْلَمْ أَنَّ أَشْهَبَ كَانَ يَقُولُ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقَدُ أَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَكَانَ يَفْعَلُهُ بِجَامِعِ مِصْرَ قَالَ سَحْنُونَ فَحَضَرْتُهُ وَكَانَ يُصَلِّي النَّافِلَةَ جَالِسًا وَفِي جَانِبِهِ صُرَّةٌ يُعْطِي مِنْهَا السُّؤَالَ فَإِذَا بِهِ أَعْطَى سَائِلًا دِينَارًا فَذَكَرْته لَهُ فَقَالَ أَوْ مَا كُنَّا نَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَكَانَ بِيَدِهِ خَرَاجُ مِصْرَ وَمَرَّ يَوْمًا عَلَى بَغْلَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} [الفرقان: 20] ثُمَّ رَضِيَ بِالْحَالِ قَالَهُ عِيَاضٌ.

(قَوْلُهُ وَقْتَ جَوَازٍ) أَيْ: وَقْتَ جَوَازِ السَّجْدَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَجُوزُ وَلَا تَجُوزُ النَّافِلَةُ كَبَعْدِ الْفَجْرِ إلَى الْإِسْفَارِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ إلَى الِاصْفِرَارِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ مَا لَمْ يَقْرَأْ بِصَلَاةِ الْفَرْضِ وَقْتَ نَهْيٍ وَإِلَّا سَجَدَهَا (قَوْلُهُ عَدَمُ تَوَالِي آيَاتِ الْقُرْآنِ) أَيْ: فَعَدَمُ تَوَالِي آيَاتِ الْقُرْآنِ مَكْرُوهٌ وَعَدَمُ تَوَالِي الْكَلِمَاتِ حَرَامٌ (قَوْلُهُ أَوْ يُجَاوِزُ الْآيَةَ كُلَّهَا) ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الصَّوَابُ لِئَلَّا يُغَيِّرَ الْمَعْنَى اهـ. ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ تَغَيُّرُ الْمَعْنَى لَكِنَّهُ لَيْسَ ظَاهِرًا فِي مِثْلِ تَرْكِ آخِرِ الْأَعْرَافِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ.

{تَنْبِيهٌ} : إذَا قُلْنَا بِالتَّأْوِيلَيْنِ فَلَا يَرْجِعُ لِقِرَاءَتِهَا إذَا تَطَهَّرَ أَوْ زَالَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ لِنَصِّ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ مِنْ شِعَارِ الْفَرَائِضِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِلْجَلَّابِ وَكَذَا الْقَوْلَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَجَاوَزْهَا بِوَقْتِ نَهْيٍ وَفَعَلَهَا فِيهِ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ أَيْ: مَحَلَّ ذِكْرِهَا أَيْ السَّجْدَةِ) وَيَأْتِي بِمَحَلِّ فِعْلِهَا أَيْ: فَيَسْقُطُ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَيَأْتِي بِقَوْلِهِ {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37](قَوْلُهُ اُنْظُرْ شَرَحْنَا الْكَبِيرَ) عِبَارَتُهُ فِي ك وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُجَاوِزُ مَحَلَّ ذِكْرِهَا وَيَأْتِي بِمَحَلِّ فِعْلِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَوْضِعُ ذِكْرِ السَّجْدَةِ غَيْرَ مَوْضِعِ فِعْلِهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ لَفْظَ {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ} [فصلت: 37] وَيَقْرَأُ {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَتَجَاوَزُ مَحَلَّ السُّجُودِ وَهُوَ تَعْبُدُونَ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ حَمْلَ الْبَعْضِ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَزَادَ غَيْرُهُ فِي بَيَانِ النَّظَرِ أَنَّ ظَاهِرَهُ وَلَوْ كَانَ حَذْفُ مَحَلِّ ذِكْرِهَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَيَّدَهُ سَنَدٌ بِأَنْ لَا يُغَيِّرَ الْمَعْنَى وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ كَأَنْ يَقْرَأَ فِي الْحَجِّ {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ} [الحج: 18] وَيَصِلُهُ بِقَوْلِهِ {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} [الحج: 18] وَيَحْذِفُ {يَسْجُدُ لَهُ} [الحج: 18] .

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ) أَيْ: بِالْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ السَّجْدَةَ أَيْ: بِأَنْ قَصَدَ ثَوَابَ الْقِرَاءَةِ فَلَا كَرَاهَةَ ظَاهِرُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَصْدَهُ السَّجْدَةَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَعُودُ بِالتَّعْكِيرِ عَلَى قَوْلِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَسْجُدَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ هُنَاكَ حَالَةً وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَسْجُدَ يَقْتَضِي حَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَمَلِ) أَيْ: قَصْدُ السَّجْدَةِ لَا التِّلَاوَةِ خِلَافُ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ حَيْثُ فَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ) أَيْ: مَا يُكْرَهُ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ السَّجْدَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ (قَوْلُهُ مِثْلُ وَاسْجُدُوا) فِيهِ أَنَّ مَوْضِعَ السَّجْدَةِ هُوَ قَوْلُهُ {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] لَا قَوْلُهُ وَاسْجُدُوا وَنَصُّ الْمَوَّاقِ يُرِيدُ مَوْضِعَ السَّجْدَةِ فَقَطْ لَا آيَتَهَا الْمَازِرِيُّ وَقِيلَ آيَتُهَا اهـ.

وَكَذَا فِي بَهْرَامَ فَلَمْ يَقَع مِنْهُ التَّمْثِيلُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَمَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا تَبِعَ فِيهِ اللَّقَانِيِّ مِنْ تَقْرِيرِهِ الَّذِي كَتَبَهُ الْفِيشِيُّ (قَوْلُهُ وَحَكَى) أَيْ: عَبْدُ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ تَهْذِيبَ الطَّالِبِ لِعَبْدِ الْحَقِّ تَحْقِيقًا

ص: 353

الْكَثِيرَةِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَلِمَاتِ السَّجْدَةِ أَوْ جُمْلَةِ الْآيَةِ وَذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ عَبْدُ الْحَقِّ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا خِلَافًا وَإِنَّمَا هُوَ فَهْمٌ لِشُيُوخِهَا أَتَى بِلَفْظِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَا مِنْ خِلَافٍ حَقِيقِيٍّ قَالَهُ تت أَيْ: فَتَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ز وَهُوَ مُخْتَارٌ مِنْ الْخِلَافِ فَلَوْ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ عَلَى الْمَقُولِ كَانَ مُنَاسِبًا لِاصْطِلَاحِهِ انْتَهَى. وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْآيَةِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا لَا يَسْجُدُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَسْجُدُ وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْكَلِمَةِ لَا يَسْجُدُ بِاتِّفَاقِهِمَا.

(ص) وَتَعَمُّدِهَا بِفَرِيضَةٍ أَوْ خُطْبَةٍ لَا نَفْلٌ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ تَعَمُّدُ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ فِي الْفَرِيضَةِ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْجُدْ دَخَلَ فِي الْوَعِيدِ، وَإِنْ سَجَدَ زَادَ فِي أَعْدَادِ سُجُودِهَا، وَكَذَا يُكْرَهُ تَعَمُّدُهَا فِي الْخُطْبَةِ لِإِخْلَالِهِ بِنِظَامِهَا وَلَعَلَّ نُزُولَهُ عليه الصلاة والسلام وَسُجُودَهُ اتِّفَاقِيٌّ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَتَرْكٌ لِمَا لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ وَلَا يُكْرَهُ تَعَمُّدُهَا فِي النَّفْلِ فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ جَهْرًا أَوْ سِرًّا فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ مُتَأَكِّدًا أَوْ غَيْرَ مُتَأَكِّدٍ خَشِيَ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ التَّخْلِيطَ أَمْ لَا.

(ص) وَإِنْ قَرَأَهَا فِي فَرْضٍ سَجَدَ لَا خُطْبَةٍ وَجَهَرَ إمَامُ السَّرِيَّةِ وَإِلَّا اتَّبَعَ (ش) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ السَّجْدَةَ تُكْرَهُ قِرَاءَتُهَا فِي الْفَرِيضَةِ وَالْخُطْبَةِ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْحُكْمَ بِالنِّسْبَةِ إلَى السُّجُودِ وَعَدَمِهِ مُسْتَوٍ فَذَكَرَ أَنَّ قَارِئَهَا فِي الْفَرِيضَةِ يَسْجُدُ لَا خُطْبَةً وَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ وَإِذَا وَقَعَ وَسَجَدَ فَهَلْ تَبْطُلُ الْخُطْبَةُ لِزَوَالِ نِظَامِهَا أَمْ لَا؟ وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَسَجَدَ وَلَوْ فِي وَقْتِ حُرْمَةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلصَّلَاةِ كَسُجُودِ السَّهْوِ الْقَبْلِيِّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَمَّدَ قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَقَالَ تت يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ أَيْ: فِي وَقْتِ النَّهْيِ تَأَمَّلْ وَإِذَا قُلْنَا يَسْجُدُ فِي الْفَرِيضَةِ فَإِنْ كَانَ إمَامًا وَالصَّلَاةُ سِرِّيَّةٌ جَهَرَ نَدْبًا لِيُعْلِمَ الْمَأْمُومِينَ وَلَوْ نَفْلًا، وَإِنْ لَمْ يَجْهَرْ وَسَجَدَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُتَّبَعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّهْوِ وَقَالَ سَحْنُونَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَتَّبِعُوهُ لِاحْتِمَالِ سَهْوِهِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَوْ لَمْ يَتَّبِعُوهُ فَصَلَاتُهُمْ صَحِيحَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ.

(ص) وَمُجَاوِزُهَا بِيَسِيرٍ يَسْجُدُ وَبِكَثِيرٍ يُعِيدُهَا بِالْفَرْضِ مَا لَمْ يَنْحَنِ وَبِالنَّفَلِ فِي ثَانِيَتِهِ فَفِي فِعْلِهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ قَارِئَ السَّجْدَةِ إذَا جَاوَزَهَا بِيَسِيرٍ كَالْآيَةِ وَنَحْوِهَا يَسْجُدُهَا مِنْ غَيْرِ عَوْدٍ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَتَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ؛ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ أَيْ: الْمَازِرِيُّ اخْتَارَهُ فَهُوَ قَطْعًا اخْتِيَارٌ مِنْ خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْخِلَافُ اخْتِلَافًا فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ لَا خِلَافًا خَارِجِيًّا.

(قَوْلُهُ دَخَلَ فِي الْوَعِيدِ) الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] .

(أَقُولُ) إلَّا أَنَّهُ وَعِيدٌ بِالنَّظَرِ لِتَرْكِ السَّجْدَةِ وَعِيدُ تَلَوُّمٍ (قَوْلُهُ زَادَ فِي أَعْدَادِ سُجُودِهَا) فِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةِ مَوْجُودَةٌ فِي النَّافِلَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ السُّجُودَ لَمَّا كَانَ نَافِلَةً وَالصَّلَاةُ نَافِلَةً صَارَ كَأَنَّهُ لَيْسَ زَائِدًا بِخِلَافِ الْفَرْضِ ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى الزِّيَادَةِ فِي الْفَرْضِ الْبُطْلَانُ فَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا طَلَبَهَا مِنْ كُلِّ قَارِئٍ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ مَحْضَةٍ خُصُوصًا وَهِيَ جَائِزَةٌ فِي النَّفْلِ.

(قَوْلُهُ لِإِخْلَالِهِ بِنِظَامِهَا) أَيْ إخْلَالًا يُؤَدِّي لِلْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ اتِّفَاقِيٌّ) أَيْ: لَمْ يَقْصِدْ تَشْرِيعًا ثُمَّ أَقُولُ هَذَا لَا مَعْنًى لَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِالِاقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى التَّخْصِيصِ (قَوْلُهُ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ) أَيْ: لِبَيَانِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ أَقُولُ لَا يَخْفَى بُعْدَ هَذَا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى دَلِيلٍ.

(قَوْلُهُ وَتَرْكٌ لِمَا لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ) أَقُولُ إذَا كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ وَتَرْكٍ لِمَا لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ تَعَمُّدُهَا فِي النَّفْلِ) قَالَ فِي ك وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالنَّفْلِ الَّذِي يَجُوزُ عَمْدُهَا فِيهِ هَلْ مَا قَابَلَ الْفَرِيضَةَ فَيَشْمَلُ السُّنَّةَ أَوْ الْمُطْلَقَ، وَأَمَّا الْخُطْبَةُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ خُطْبَةَ جُمُعَةٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ خَشِيَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْخَشْيَةَ تُؤَدِّي إلَى اخْتِلَالِ الْعِبَادَةِ فَكَيْفَ يَرْتَكِبُ أَمْرًا غَيْرَ وَاجِبٍ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَالِهَا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَرَأَهَا) أَيْ: وَإِنْ اقْتَحَمَ النَّهْيَ وَهَلْ سُجُودُهُ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ وَهَذَا إذَا كَانَ الْفَرْضُ غَيْرَ جِنَازَةٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ جِنَازَةً فَلَا يَسْجُدُهَا فِيهَا فَإِنْ فَعَلَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِي سَجْدَةِ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ) الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ وَحِينَئِذٍ لَا بُطْلَانَ.

(قَوْلُهُ الْقَبْلِيِّ) اُنْظُرْ التَّقْيِيدَ بِالْقَبْلِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ مَا تَقَدَّمَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ أَيْ: وَفِي وَقْتِ النَّهْيِ) هَذَا تَفْسِيرُ الشَّارِحِ لَا مِنْ كَلَامِ تت وَقَوْلُهُ تَأَمَّلْ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَأَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ أَيْ: فِي وَجْهِ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ تَعَمُّدِهِ يُعَامَلُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِمَثَابَةِ مَنْ زَادَ وَقَوْلُهُ نَدْبًا فِيهِ أَنَّ مُقْتَضَى الْإِعْلَامِ السُّنِّيَّةُ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ السُّجُودَ سُنَّةٌ فَيَكُونُ وَسِيلَتُهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُتَّبَعُ) فِي ك الظَّاهِرُ الْوُجُوبُ فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ الِاتِّبَاعُ وَاجِبًا مَا جَازَ لَهُمْ التَّرْكُ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِرَعْيِ الْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ يُعِيدُهَا) أَيْ يُعِيدُ مَحَلَّ السُّجُودِ أَيْ الْآيَةِ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ (قَوْلُهُ وَبِالنَّفَلِ فِي ثَانِيَتِهِ) أَيْ: وَيَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا فِي ثَانِيَتِهِ اُنْظُرْ مَا حُكْمَ إعَادَةِ قِرَاءَتِهَا فِي ثَانِيَةِ النَّفْلِ هَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ أَوْ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ ابْتِدَاءً هَكَذَا نَظَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ إلَّا أَنَّ شَارِحَنَا حَكَمَ بِالنَّدْبِ وَقَوْلُهُ فَفِي فِعْلِهَا أَيْ: السَّجْدَةِ مَعَ الْإِتْيَانِ بِآيَتِهَا.

(قَوْلُهُ فَفِي فِعْلِهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ) وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَخَّرَهَا حَتَّى قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فَعَلَهَا بَعْدَهَا بَلْ وَكَذَا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ الِانْحِنَاءِ وَعَلَى الثَّانِي لَوْ قَدَّمَهَا فَهَلْ يَكْتَفِي بِهَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يُعِيدُهَا فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى عَقَدَ الثَّانِيَةَ فَاتَتْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إذَا جَاوَزَهَا) أَيْ: مَحَلَّهَا أَيْ: مَحَلَّ السَّجْدَةِ (قَوْلُهُ كَالْآيَةِ وَنَحْوِهَا) نَحْوُ الْآيَةِ الْآيَتَانِ

ص: 354

لِقِرَاءَتِهَا فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنْ جَاوَزَهَا بِكَثِيرٍ رَجَعَ إلَيْهَا فَقَرَأَهَا وَسَجَدَهَا ثُمَّ عَادَ إلَى حَيْثُ انْتَهَى فِي الْقِرَاءَةِ وَسَوَاءٌ مَنْ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَكِنَّ مَنْ فِي صَلَاةٍ يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا بِالْفَرْضِ وَالنَّفَلِ مَا لَمْ يَنْحَنِ لِلرُّكُوعِ فَإِنْ انْحَنَى فَاتَتْهُ فَلَا يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا فِي ثَانِيَةِ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ كَابْتِدَاءِ قِرَاءَتِهَا فِيهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَبِالنَّفَلِ يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا فِي ثَانِيَتِهِ اسْتِحْبَابًا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ هَلْ يَسْجُدُهَا قَبْلَ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا أَوْ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَمَشْرُوعِيَّتهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ السُّورَةَ قَوْلَانِ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ فَقَوْلُهُ بِكَثِيرٍ مُتَعَلِّقٌ بِيُعِيدُ وَتَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ بِالْفَرْضِ مُتَعَلِّقٌ بِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ مُمَاثِلٍ لِلْمَذْكُورِ أَيْ: وَيُعِيدُ بِالْفَرْضِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ مَاذَا يَفْعَلُ إذَا جَاوَزَهَا بِكَثِيرٍ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَقَوْلُهُ بِالنَّفْلِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْفَرْضِ فَالْمَوْضُوعُ وَاحِدٌ وَهُوَ مُجَاوَزَتُهَا بِكَثِيرٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ مُتَعَلِّقًا بِيُعِيدُهَا الْمَذْكُورُ لِاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ عَدَمَ الْإِعَادَةِ فِي مَسْأَلَةِ مُجَاوَزَتِهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ.

(ص) وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَكَعَ سَهْوًا اعْتَدَّ بِهِ وَلَا سَهْوَ (ش) أَيْ: إذَا انْحَطَّ بِنِيَّةِ السَّجْدَةِ فَلَمَّا وَصَلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ ذَهِلَ عَنْهَا وَنَوَى الرُّكُوعَ فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ فَيَرْفَعُ لَهُ وَفَاتَتْ السَّجْدَةُ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَلَا يُعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ يَخِرُّ سَاجِدًا، فَإِنْ اطْمَأَنَّ مُنْحَنِيًا أَوْ رَفَعَ أَوْ أَتَمَّ الرَّكْعَةَ أَلْغَاهَا وَيَسْجُدُ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ.

(ص) بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا أَوْ سُجُودٍ قَبْلَهَا سَهْوًا (ش) قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ سَجَدَ السَّجْدَةَ ثُمَّ سَجَدَ مَعَهَا ثَانِيَةً سَهْوًا فَلْيَسْجُدْ بَعْدَ السَّلَامِ قَالَ: وَلَوْ سَجَدَ فِي آيَةٍ قَبْلَهَا يَظُنُّ أَنَّهَا السَّجْدَةَ فَلْيَقْرَأْ السَّجْدَةَ فِي بَاقِي صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُهَا ثُمَّ يَسْجُدْ بَعْدَ السَّلَامِ.

(ص) قَالَ وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ تَكْرِيرُهَا إنْ كَرَّرَ حِزْبًا إلَّا الْمُعَلِّمَ وَالْمُتَعَلِّمَ فَأَوَّلُ مَرَّةٍ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَالَ عَائِدٌ عَلَى الْمَازِرِيِّ قَالَ فِي الْقَارِئِ إذَا قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ بَعْدَ مَا سَجَدَ فِيهَا أَنَّهُ يَسْجُدُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ قَالَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته مِنْ تَكْرَارِ السُّجُودِ هُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ مِمَّنْ يَتَكَرَّرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ فَفِيهِ قَوْلَانِ إذَا كَانَا بَالِغَيْنِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَسْجُدَانِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا سُجُودَ عَلَيْهِمَا وَلَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَأَمَّا قَارِئُ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ جَمِيعَ سَجَدَاتِهِ انْتَهَى الشَّارِحُ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا الْمُعَلِّمَ إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِ الْمَازِرِيِّ فَيَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْلِهِ وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ إلَخْ مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ قَدْ عَزَا هَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ: فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عَلَى الْمَقُولِ وَالْمُرَادُ بِالْحِزْبِ الْوَرْدُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ لَا الْحِزْبُ الْمَعْلُومُ الَّذِي مِنْ تَجْزِئَةِ سِتِّينَ.

(ص) وَنُدِبَ لِسَاجِدِ الْأَعْرَافِ قِرَاءَةً قَبْلَ رُكُوعِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْأَعْرَافِ أَوْ غَيْرَهَا وَسَجَدَ سَجَدْتَهَا أَنْ يَقْرَأَ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ الْأَنْفَالِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا بَعْدَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَلَا يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا) أَيْ: يُكْرَهُ فَإِنْ سَجَدَهَا فِي ثَانِيَةِ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَتِهَا لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا وَيُحْتَمَلُ الْبُطْلَانُ لِانْقِطَاعِ السَّبَبِ بِالِانْحِنَاءِ وَفِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ هَلْ يَسْجُدُهَا) أَيْ: هَلْ يَقْرَأُ آيَتَهَا فَيَسْجُدُهَا (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِيُعِيدُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَمُجَاوِزُهَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ ذَهَلَ عَنْهَا) ذَهَلَ عَنْ الشَّيْءِ نَسِيَهُ وَغَفَلَ عَنْهُ مِنْ بَابِ قَطَعَ وَذَهِلَ أَيْضًا بِالْكَسْرِ ذُهُولًا مُخْتَارٌ وَقَوْلُهُ أَوْ رَفَعَ أَوْ أَتَمَّ الرَّكْعَةَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُهَا فِي ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا تَفُوتُ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ أَلْغَاهَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا إلَّا بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ أَتَمَّ الرَّكْعَةَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا) أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا فَمَنْ شَكَّ هَلْ سَجَدَهَا أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُهَا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الزِّيَادَةِ كَتَحَقُّقِهَا.

(قَوْلُهُ سَهْوًا) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَأَمَّا عَمْدًا فَتَبْطُلُ وَإِضَافَةُ تَكْرِيرٍ لِمَا بَعْدَهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ تَكْرِيرُ الْمُكَلَّفِ إيَّاهَا وَالتَّعْبِيرُ بِالتَّكَرُّرِ أَخْصَرُ وَيَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ لَكِنْ لَمَّا أَسْنَدَ الْفِعْلَ فِيمَا تَقَدَّمَ لِلشَّخْصِ نَاسَبَ أَنْ يُسْنِدَ لَهُ فَيَكُونُ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ فَلْيَقْرَأْ السَّجْدَةَ فِي بَاقِي صَلَاتِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَظَاهِرُهُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا مَعَ أَنَّ تَعَمُّدَهَا بِالْفَرْضِ مَكْرُوهٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا اتَّفَقَ أَنَّهُ قَرَأَ الْآيَةَ قَبْلَهَا فَلْيُؤْمَرْ بِقِرَاءَةِ مَا يَلِيهَا وَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ قِرَاءَةِ غَيْرِهِ وَعِبَارَةُ عج كَمَا لَوْ سَجَدَهَا فِي آيَةٍ قَبْلَهَا يَظُنُّ أَنَّهَا مَحَلُّهَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ سَوَاءٌ سَجَدَهَا عِنْدَ قِرَاءَةِ مَحَلِّهَا أَمْ لَا اهـ.

(قَوْلُهُ كَالْمُعَلِّمِ) أَيْ بِسَمَاعِهِ وَالْمُتَعَلِّمِ بِقِرَاءَتِهِ عَلَى السَّامِعِ الْمَذْكُورِ الْبَالِغِينَ إذَا قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ بِتَمَامِهِ مَثَلًا أَوْ كَرَّرَ سُورَةً سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ كَذَا قَالَ عب، ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ كَتَبَ مُوَافِقًا لِصَدْرِ عِبَارَةِ عب فَقَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعَلِّمَ أَوْ الْمُتَعَلِّمَ إذَا كَرَّرَا سُورَةً وَاحِدَةً مِرَارًا لِلْحِفْظِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَسْجُدَانِ لِلتَّكْرَارِ وَإِنَّمَا يَسْجُدَانِ الْمَرَّةَ الْأُولَى وَكَذَلِكَ إذَا قَرَأَ الْمُتَعَلِّمُ سُوَرًا مُتَعَدِّدَةً فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ لَا يَسْجُدُ إلَّا عِنْدَ سَجْدَةِ السُّورَةِ الْأُولَى وَكَذَلِكَ الْمُعَلِّمُ أَيْضًا مُسْتَدِلًّا بِكَلَامِ عج.

أَقُولُ بَلْ الَّذِي يَتَعَيَّنُ أَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ يَسْجُدُ الْمُعَلِّمُ وَالْمُتَعَلِّمُ عِنْدَ كُلِّ سَجْدَةٍ حَيْثُ كَانَا قَارِئِينَ لِتِلْكَ السُّورَةِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارِهَا كَمَا هُوَ نَصُّ شَارِحِنَا وَقَوْلُهُ انْتَهَى الشَّارِحُ أَيْ: مِنْ الشَّارِحِ ثُمَّ إنَّهُ يُرَدُّ أَنَّ الْمُعَلِّمَ سَامِعٌ وَالسَّامِعُ لَا يَسْجُدُ إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَلِّمًا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُعَلِّمَ يَسْجُدُ مَعَ كَوْنِهِ سَامِعًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ إنْ جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ: أَوْ لِيُعَلِّم فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى عب فِي قَوْلِهِ إلَّا الْمُعَلِّمُ بِسَمَاعِهِ.

(قَوْلُهُ أَيْ: فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عَلَى الْمَقُولِ) أَيْ: لِكَوْنِ الْمَازِرِيِّ اخْتَارَهُ مِنْ خِلَافٍ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ صَدْرَ الْعِبَارَةِ بِقَوْلِ لَيْسَ مُخْتَارًا مِنْ خِلَافٍ فَنَاسَبَ التَّعْبِيرَ فِيهِ بِالْفِعْلِ وَآخِرُهَا مُخْتَارٌ مِنْ خِلَافٍ فَالْمُنَاسِبُ فِيهِ التَّعْبِيرُ بِالِاسْمِ.

(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهَا) أَيْ: مِمَّا يَلِيَهَا عَلَى نَظْمِ الْمُصْحَفِ لَا مَا يَشْمَلُ قَبْلَهَا وَإِلَّا كَانَ تَنْكِيسًا مَكْرُوهًا

ص: 355

قِيَامِهِ مِنْهَا وَقَبْلَ رُكُوعِهِ لِيَكُونَ الرُّكُوعُ وَاقِعًا عَلَى سُنَّتِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ بَعْدَ قِرَاءَةٍ وَإِنَّمَا خَصَّ الْأَعْرَافَ بِالذِّكْرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِي الْأَعْرَافِ عَدَمُ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْقِرَاءَةِ عَدَمَ الِاقْتِصَارِ عَلَى سُورَةٍ مَعَ أَنَّ الْأَفْضَلَ الِاقْتِصَارُ عَلَى سُورَةٍ وَعَلَى هَذَا يُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ ذَاكَ وَقَدْ يُقَالُ لَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ قِرَاءَةً لِسُنَّةِ الصَّلَاةِ.

(ص) وَلَا يَكْفِي عَنْهَا رُكُوعٌ (ش) أَيْ: وَلَا يَكْفِي عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ رُكُوعٌ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَرْكَعُ بِهَا فِي صَلَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا أَيْ: لَا يَرْكَعُ بَدَلَهَا فِي صَلَاةٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ: لَا يُجْعَلُ الرُّكُوعُ عِوَضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِهِ الرُّكُوعَ فَلَمْ يَسْجُدْهَا وَإِنْ قَصَدَ بِهِ السَّجْدَةَ فَقَدْ أَحَالَهَا عَنْ صِفَتِهَا وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.

(ص) وَإِنْ تَرَكَهَا وَقَصَدَهُ صَحَّ وَكُرِهَ (ش) أَيْ: وَإِنْ تَرَكَ السَّجْدَةَ عَمْدًا أَوْ قَصَدَ جَعْلَ الرُّكُوعِ عِوَضًا عَنْهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِبَيَانِ أَنَّ الرُّكُوعَ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي عَنْهَا رُكُوعٌ صَحِيحٌ مُعْتَدٌّ بِهِ وَفِي كَلَامِ ز إشَارَةٌ إلَى هَذَا وَيُفْهَمُ مِنْهُ حُكْمُ مَا إذَا تَرَكَهَا وَقَصَدَ الرُّكُوعَ وَلَمْ يَقْصِدْ جَعْلَهُ عِوَضًا عَنْهَا أَنَّهُ صَحِيحٌ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فَقَوْلُهُ صَحَّ أَيْ: صَحَّ رُكُوعُهُ وَكُرِهَ فِعْلُهُ الْمَذْكُورُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَعْنَى قَصْدِهِ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ قَصْدُ الرُّكُوعِ وَيَأْتِي نَصُّهُ.

(ص) وَسَهْوًا اعْتَدَّا بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ (ش) أَيْ: وَإِنْ تَرَكَ السَّجْدَةَ سَهْوًا وَرَكَعَ بِنِيَّةِ الرُّكُوعِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا حِينَ وَصَلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ اعْتَدَّ بِالرُّكُوعِ وَيَمْضِي عَلَى رَكْعَتِهِ وَيَرْفَعُ لِرَكْعَتِهِ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَخِرُّ سَاجِدًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَبْتَدِئُ الرَّكْعَةَ فَيَقْرَأُ شَيْئًا وَيَرْكَعُ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ طَالَ فِي انْحِنَائِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (فَيَسْجُدُ إنْ اطْمَأَنَّ بِهِ)

وَكَذَا لَوْ رَفَعَ مِنْهُ بَلْ هُوَ أَحْرَى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى أَتَمَّ الرَّكْعَةَ أَلْغَاهَا وَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَكَعَ سَهْوًا اعْتَدَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ انْحَطَّ لِلسَّجْدَةِ وَهُنَا لِلرُّكُوعِ سَاهِيًا عَنْهَا لَكِنَّ الَّذِي صَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ الْخِلَافَ يَجْرِي فِيهِمَا وَاقْتِصَارُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي تِلْكَ وَتَقْدِيمُهُ لَهُ فِي هَذِهِ يُشْعِرُ بِرُجْحَانِيَّتِهِ وَإِلَّا لَقَالَ خِلَافٌ أَوْ قَوْلَانِ كَمَا أَشَارَ لَهُ س فِي شَرْحِهِ لَكِنْ اُنْظُرْ قَوْلَهُ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ صَوَّبَ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِيهِمَا مَعَ نَقْلِ الطِّخِّيخِيِّ مِنْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُوَافِقُ مَالِكًا عَلَى الِاعْتِدَادِ بِالرُّكُوعِ وَانْظُرْ نَصَّهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي عَنْهَا رُكُوعٌ) أَطْلَقُوا الرُّكُوعَ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّفْعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ خَفْضٌ وَرُكُوعٌ (قَوْلُهُ أَيْ: لَا يُجْعَلُ الرُّكُوعُ) أَيْ: تِلْكَ الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ أَيْ: بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ الرُّكُوعَ فَلَمْ يَسْجُدْهَا وَإِنْ قَصَدَ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ السَّجْدَةَ فَقَدْ غَيَّرَهَا عَنْ صِفَتِهَا، وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا؟ رَأَيْت أَنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا حَكَمَ بِالْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَدْ قَالَ عَقِبَ شَرْحِ الْمُصَنِّفِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا أَشْرَكَهَا فِي رُكُوعِهِ لِصَلَاتِهِ، وَأَمَّا لَوْ خَصَّهَا بِالرُّكُوعِ فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ صَلَاتِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ وَإِنْ قَصَدَ السَّجْدَةَ فَقَدْ أَحَالَهَا عَنْ صِفَتِهَا وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إلَّا أَنَّ مُفَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ الْإِجْزَاءُ وَلَا بُطْلَانَ اُنْظُرْ عج.

(قَوْلُهُ صَحَّ وَكُرِهَ) يُقَوِّي الطَّرَفَ الْأَوَّلَ فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ عَلَى الطَّرَفِ الثَّانِي غَيْرُ جَائِزٍ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ فَإِذْنِ يُفِيدُ الْبُطْلَانَ فِي الطَّرَفِ الثَّانِي (قَوْلُهُ قَصَدَ جَعْلِهَا) يُحْتَمَلُ وَقَصَدَ تِلْكَ الْهَيْئَةَ وَيُحْتَمَلُ جَعْلُ الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ نَائِبًا عَنْهَا.

. (قَوْلُهُ يُوَافِقُ مَالِكًا عَلَى الِاعْتِدَادِ بِالرُّكُوعِ) أَيْ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا فَالْأَوْلَى دَعْوَى التَّكْرَارِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لِاتِّفَاقِ الْإِمَامَيْنِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ

، وَحَاصِلُ كَلَامِ الطِّخِّيخِيِّ أَنَّ تَارِكَ السَّجْدَةِ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا نِسْيَانًا وَيَرْكَعَ قَاصِدًا الرُّكُوعَ مِنْ أَوَّلِ الِانْحِطَاطِ، وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا عَمْدًا وَيَقْصِدَ الرُّكُوعَ، وَإِمَّا أَنْ يَقْصِدَهَا أَوَّلًا وَيَنْحَطَّ بِنِيَّتِهَا فَلَمَّا وَصَلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ ذَهَلَ عَنْهَا فَنَوَى الرُّكُوعَ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ بِاتِّفَاقِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْحَرَكَةِ الَّتِي هِيَ لِلرُّكْنِ وُجِدَ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ أَيْضًا لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَرَكَهَا وَقَصَدَهُ صَحَّ وَكُرِهَ وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ اخْتَلَفَ فِيهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فَيَعْتَدُّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَعْتَدُّ بِهِ

ص: 356