الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَّا النَّجِسُ مِنْهُمَا دَاخِلٌ فِيمَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمُخْرَجَاتِ وَهُوَ صَادِقٌ بِحُرْمَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا الرَّوْثَ وَالْعَظْمَ الطَّاهِرَيْنِ وَجِدَارَ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الِاسْتِجْمَارُ بِهَا، وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَمُحْتَرَمٍ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ بَيَانَهُ (ص) ، فَإِنْ أَنْقَتْ أَجْزَأَتْ كَالْيَدِ وَدُونَ الثَّلَاثِ (ش) أَيْ، فَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ أَجْزَأَهُ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِنْقَاءُ كَمَا لَوْ أَنْقَى بِالْيَدِ وَدُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الْأَحْجَارِ وَقَوْلُنَا فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِنْقَاءُ احْتِرَازٌ مِنْ الْمُبْتَلِّ وَالنَّجِسِ إذْ هُمَا لَا يَتَأَتَّى مِنْهُمَا الْإِنْقَاءُ بَلْ يَنْشُرَانِ النَّجَاسَةَ وَكَذَا الْأَمْلَسُ وَمَحِلُّ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي النَّجِسِ حَيْثُ تَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِلَّا أَجْزَأَ حَيْثُ أَنْقَى.
(فَصْلٌ) .
ذَكَرَ فِيهِ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ فَقَالَ (ص) نَقْضُ الْوُضُوءِ (ش) وَتُسَمَّى مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ أَيْضًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَتَعْبِيرُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِالنَّوَاقِضِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِمَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ لِأَنَّ النَّاقِضَ لَا يَكُونُ إلَّا مُتَأَخِّرًا عَنْ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ الْمُوجِبِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَسْبِقُ اهـ.
وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ بَعْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْوُضُوءِ نَاسَبَ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهَا بِالنَّوَاقِضِ وَإِلَّا فَالتَّعْبِيرُ بِالْمُوجِبِ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى السَّابِقِ وَعَلَى الْمُتَأَخِّرِ وَأَيْضًا فَالتَّعْبِيرُ بِالنَّقْضِ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ بُطْلَانُ الطَّهَارَةِ السَّابِقَةِ وَإِذَا بَطَلَتْ بَطَلَ مَا فَعَلَ بِهَا مِنْ الْعِبَادَةِ وَلِهَذَا قَالَ سَنَدٌ لَا نَقُولُ: إنَّ الطَّهَارَةَ بَطَلَتْ بِالْحَدَثِ وَلَكِنْ انْتَهَى حُكْمُهَا كَمَا يَنْتَهِي حُكْمُ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ وَلِهَذَا إذَا تَوَضَّأَ إنَّمَا يَتَوَضَّأُ لِلْحَدَثِ الثَّانِي لَا لِلْحَدَثِ الْأَوَّلِ وَاعْلَمْ أَنَّ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ أَحْدَاثٌ وَأَسْبَابٌ فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) بِحَدَثٍ وَهُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ لَا حَصًى وَدُودٌ وَلَوْ بِبِلَّةٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَدَثَ عَلَى أَرْبَعَةِ مَعَانٍ أَحَدُهُمَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَهُوَ الْخَارِجُ خَرَجَ بِهِ الدَّاخِلُ مِنْ حُقْنَةٍ وَمَغِيبِ حَشَفَةٍ لِإِيجَابِهِمَا هُوَ أَعَمُّ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّوْثَ يَكُونُ طَاهِرًا كَرَوْثِ مُبَاحِ الْأَكْلِ وَنَجِسًا كَرَوْثِ غَيْرِهِ وَهَلْ الَّذِي يُعَادُ تِبْنًا أَوْ غَيْرَهُ خُصُوصُ رَوْثِ الْمُبَاحِ أَوْمَا هُوَ أَعَمُّ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ فِي الْجَمِيعِ) لَا يُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ الْمُنَاسِبُ التَّفْصِيلُ فَيُقَالُ: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْتَرَمِ مِنْ مَطْعُومٍ وَمَكْتُوبٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَلَكِنْ إذَا أُنْقِيَ يُجْزِئُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحَدَّدِ، فَإِنَّهُ إذَا آذَاهُ إذَايَةً شَدِيدَةً وَخَرَجَ مِنْهُ دَمٌ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا يُجْزِئُهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يُؤْذِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا أُنْقِيَ أَوْ لَمْ يُنَقَّ وَأَتْبَعَهُ بِالْمَاءِ وَإِلَّا حَرُمَ، وَأَمَّا الْأَمْلَسُ، فَإِنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ يَحْرُمُ وَإِلَّا فَيَجُوزُ، وَأَمَّا الْمُنَجَّسُ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ عَيْنَ النَّجَاسَةِ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَأُنْقِيَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَأَجْزَأَهُ، وَإِنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ فَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ يُزِيدُ الْحُرْمَةَ وَإِلَّا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إلَّا حُرْمَةُ الِاسْتِعْمَالِ، وَأَمَّا الْمُتَنَجِّسُ، فَإِنَّهُ إذَا أَتْبَعَهُ بِالْمَاءِ جَازَ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُرْمَةُ لَا ابْتِدَاءً وَلَا دَوَامًا وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ الِاقْتِصَارُ وَأَمَّا الْمُبْتَلُّ، فَإِنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ حَرُمَ مِنْ جِهَةِ الِاقْتِصَارِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ هَذَا مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) لَا تَكْرَارَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَالْيَدِ) أَيْ الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى مِنْ الْيُسْرَى وَيُكْرَهُ بِالْيُمْنَى وَيُؤْمَرُ بِغَسْلِ النَّجَاسَةِ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا تَنْتَشِرَ النَّجَاسَةُ بِالرُّطُوبَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ اتِّبَاعَهَا بِالْمَاءِ مِنْ ك (قَوْلُهُ: كَالْيَدِ) إذْ أَنْقَتْ أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِكْمَالِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ: وَدُونَ) أَيْ فَالْحَجَرُ الْوَاحِدُ يَكْفِي إذَا أُنْقِيَ وَكَذَا الِاثْنَانِ إذَا حَصَلَ إنْقَاءٌ وَأَوْجَبَ أَبُو الْفَرَجِ الثَّلَاثَ.
[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]
(قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى مُوجِبَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ نَاقِضًا أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُوجِبًا أَنْ يَكُون نَاقِضًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُوجِبِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَسْبِقُ) أَيْ كَمَا فِي الْبُلُوغِ وَكَلَامُنَا فِيمَا كَانَ مُتَأَخِّرًا لَا مَا كَانَ مُتَقَدِّمًا (قَوْلُهُ: وَكَانَ إلَخْ) كَأَنَّهُ يَقُولُ لَا أَرْضَى بِقَوْلِ التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي أَرْضَى بِهِ خِلَافُهُ فَأَقُولُ وَكَأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ نَاسَبَ أَيْ فَالْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِذِكْرِ النَّقْضِ ذَكَرَهَا مُتَأَخِّرَةً وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ التَّعْبِيرُ بِالْمُوجِبَاتِ أَوْلَى إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالتَّعْبِيرُ بِالْمُوجِبِ أَوْلَى) لَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ، وَإِنْ صَدَقَ بِالْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ إلَّا إنْ قَصَدَ بَيَانَ مَا كَانَ مُتَأَخِّرًا فَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْعِلَّةُ تَامَّةً (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّقْضَ قَدْ تُعُورِفَ فِي الِانْتِهَاءِ فَلَا تَوَهُّمَ بَعْدَ هَذَا التَّعَارُفِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِهَا إذَا بَطَلَتْ بَطَلَ مَا فَعَلَ لَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: انْتَهَى حُكْمُهَا) حُكْمُهَا هُوَ إبَاحَةُ الْقُدُومِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَصِحَّتُهَا (قَوْلُهُ: حُكْمُ النِّكَاحِ) أَيْ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ وَلُزُومِ الْإِنْفَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: لَا لِلْحَدَثِ الْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي فَعَلَ بَعْدَهُ الطَّهَارَةَ الَّتِي انْتَقَضَتْ (قَوْلُهُ: أَحْدَاثٌ وَأَسْبَابٌ) أَيْ وَلَا أَحْدَاثَ وَلَا أَسْبَابَ كَالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَالرِّدَّةِ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ: إنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ دَاخِلٌ فِي الْأَحْدَاثِ، وَالشَّكَّ فِي السَّبَبِ دَاخِلٌ فِي الْأَسْبَابِ بِأَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحَدَثَ نَاقِضٌ إمَّا مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ أَوْ الشَّكُّ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَرْبَعَةِ مَعَانٍ) أَيْ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِ الدَّاخِلُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ خَرَجَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْجِنْسَ يُقَالُ خَرَجَ عَنْهُ لَا خَرَجَ بِهِ (قَوْلُهُ مِنْ حُقْنَةٍ) هُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُصَبُّ فِي الدُّبُرِ بِالْآلَةِ الْمَعْرُوفَةِ قَالَ فِي ك وَانْظُرْ قَوْلَهُمْ إنَّ الْحُقْنَةَ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ مَعَ أَنَّ الْآلَةَ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الدُّبُرِ تَخْرُجُ مِنْهُ وَرُبَّمَا صَحِبَهَا الْأَذَى إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ خَارِجٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ (قَوْلُهُ: وَمَغِيبِ حَشَفَةٍ) مَصْدَرُ غَابَتْ الْحَشَفَةُ أَيْ وَغَيْبَةِ حَشَفَةٍ أَيْ وَحَشَفَةٍ غَائِبَةٍ فِي الْفَرْجِ أَوْ أَنَّ مَغِيبَ بِمَعْنَى غَائِبٍ وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: لِإِيجَابِهِمَا هُوَ أَعَمُّ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْحَشَفَةَ خَرَجَتْ بِالْخَارِجِ سَوَاءٌ أَوْجَبَتْ مَا هُوَ أَعَمُّ أَوْ لَمْ تُوجِبْ شَيْئًا بَلْ هُوَ تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ
وَالْقَرْقَرَةُ وَالْحَقْنُ الشَّدِيدَانِ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ: الْمُعْتَادُ مِنْ بَوْلٍ وَوَدْيٍ وَرِيحٍ مَا لَيْسَ مُعْتَادًا كَالْحَصَى وَالدُّودِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِمَا أَذًى وَالرِّيحَ مِنْ قُبُلٍ وَلَوْ قُبُلَ امْرَأَةٍ لِأَنَّهُ كَالْجُشَاءِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْهَادِي كَمَا يَأْتِي آخِرَ بَابِ النِّفَاسِ فَقَوْلُهُ وَهُوَ الْخَارِجُ تَعْرِيفٌ لِنَوْعٍ مِنْ الْحَدَثِ، وَقَوْلُهُ الْخَارِجُ لَا الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ أَوْ الصِّفَةُ وَيُنْتَقَضُ بِالْخُرُوجِ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْخَارِجِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ صِفَةُ الْخَارِجِ فَمَتَى وُجِدَ النَّقْضُ بِالْخَارِجِ وُجِدَ النَّقْضُ بِالْخُرُوجِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: الْمُعْتَادُ خُرُوجَ مَنِيِّ الرَّجُلِ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ إذَا دَخَلَ فِيهِ بِوَطْئِهِ لِأَنَّ خُرُوجَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُعْتَادٌ أَيْ غَالِبًا، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ فَرْجَهَا بِلَا وَطْءٍ ثُمَّ خَرَجَ فَلَا يَكُونُ نَاقِضًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَسَيَأْتِي مَفْهُومُ الصِّحَّةِ وَهُوَ الْمَرَضُ فِي أَقْسَامِ السَّلَسِ وَقَوْلُهُ لَا حَصًى مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُعْتَادِ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُهُ أَيْ لَا إنْ كَانَ الْخَارِجُ حَصًى لَا عَلَى حَدَثٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحْتَرَزَهُ وَجَرَتْ عَادَةُ الْمُؤَلِّفِ بِعَطْفِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ عَلَى مُحْتَرَزَاتِهَا كَقَوْلِهِ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَعَدَمُ نَهْيٍ لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ.
(ص) وَبِسَلَسٍ فَارِقٌ أَكْثَرُ (ش) لَمَّا كَانَ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ السَّلَسُ تَفْصِيلٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَغَارِبَةِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ عَدَمِ النَّقْضِ بِالسَّلَسِ مُطْلَقًا وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ بَيَّنَ الْمَشْهُورَ بِقَوْلِهِ وَبِسَلَسٍ أَيْ وَنَقْضُ الْوُضُوءِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَإِنَّمَا صَحَّ إخْرَاجُهَا مِنْ الْحَدَثِ لِإِيجَابِهَا مَا هُوَ أَعَمُّ وَفِيهِ أَنَّ إيجَابَهَا مَا هُوَ أَعَمُّ لَا يُنَافِي دُخُولَهَا فِي الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى لَا تُنَافِي الصُّغْرَى (قَوْلُهُ: وَالْقَرْقَرَةُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الدَّاخِلُ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ خَرَجَ بِهِ مَا لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْ حُقْنَةٍ وَمَغِيبِ حَشَفَةٍ وَهُمَا دَاخِلَانِ وَمَا لَيْسَ بِخَارِجٍ وَلَا دَاخِلٍ كَالْقَرْقَرَةِ وَالْحَقْنِ الشَّدِيدَيْنِ فَلَا يَنْقُضَانِ الْوُضُوءَ إذَا تَمَّ مَعَهُمَا الْأَرْكَانُ عَلَى مَا يَأْتِي وَقَدْ يُقَالُ أَرَادَ بِالْخَارِجِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالْقَرْقَرَةِ وَالْحَقْنِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا مَنَعَا الْأَرْكَانَ أَوْ كَانَ يَحْصُلُ بِهَا مَشَقَّةٌ بِحَيْثُ يَصِيرُ يَضُمُّ الْوَرِكَيْنِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَالْحَقْنُ) حَبْسُ الْبَوْلِ وَيُقَالُ لِمُدَافِعِ الْغَائِطِ الْحَاقِبُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ بَوْلٍ وَوَدْيٍ) وَاعْلَمْ أَنَّ وَدْيَ الْمَرْأَةِ يَخْرُجُ أَيْضًا بِأَثَرِ الْبَوْلِ إلَّا أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا حُكْمَ لَهُ نَعَمْ يَكُونُ نَاقِضًا فِيمَا إذَا خَرَجَ بِأَثَرِ سَلَسِ بَوْلٍ أَوْ خَرَجَ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ (قَوْلُهُ: وَرِيحٍ) أَيْ وَدَمِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَمَنِيٍّ خَارِجٍ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَلَمَّا خَرَجَ بِالْخَارِجِ الْمُعْتَادِ الْمَنِيُّ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرَ مُعْتَادَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْغُسْلِ وَاسْتِثْنَاءُ التَّتَّائِيِّ دَمَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَاسْتِظْهَارُ الشَّارِحِ فِي الْمَنِيِّ فِي بَابِ الْغُسْلِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى تُنَافِي الطَّهَارَةَ الصُّغْرَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ إدْرَاكُهَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَنَافِيَيْنِ لَا يُدْرَجُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِمَا أَذًى) أَيْ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِبِلَّةٍ أَيْ مَعَ بِلَّةِ الْأَذَى وَهُوَ الْبَوْلُ فِي مَحَلِّهِ وَالْعَذِرَةُ فِي مَحَلِّهَا أَيْ وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهُمَا وَيُعْفَى عَمَّا خَرَجَ مَعَهُمَا حَيْثُ كَانَ مُسْتَنْكِحًا بِأَنْ يَحْصُلَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ حَيْثُ كَثُرَ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ أَيْ بِحَسَبِ مَحَلِّهِ لَا بِحَسَبِ إصَابَتِهِ لِلثَّوْبِ وَالْمُرَادُ بِالْحَصَى الْمُتَخَلِّقُ فِي الْبَطْنِ، وَأَمَّا لَوْ ابْتَلَعَ حَصَاةً وَنَزَلَتْ كَمَا هِيَ فَتَنْقُضُ كَمَاءٍ شَرِبَهُ وَنَزَلَ بِصِفَتِهِ وَمِثْلُ الْحَصَى وَالدُّودِ الدَّمُ وَالْقَيْحُ إنْ كَانَا خَالِصَيْنِ مِنْ أَذًى وَإِلَّا نَقَضَا وَالْفَرْقُ أَنَّ حُصُولَ الْفَضْلَةِ مَعَ الْحَصَى وَالدُّودِ يَغْلِبُ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ حُصُولِهِمَا مَعَ دَمٍ وَقَيْحٍ (قَوْلُهُ: لِنَوْعٍ مِنْ الْحَدَثِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحَدَثَ كُلِّيٌّ وَتِلْكَ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ جُزْئِيَّاتٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ نَقْضُ الْوُضُوءِ بِنَوْعٍ مِنْ الْحَدَثِ وَهُوَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَيُنْتَقَضُ بِالْخُرُوجِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّقْضَ بِالْخَارِجِ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ خُرُوجُهُ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَقَوْلُهُ فَمَتَى وُجِدَ النَّقْضُ بِالْخَارِجِ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذَا دَخَلَ فِيهِ بِوَطْئِهِ) وَكَانَتْ اغْتَسَلَتْ بَعْدَهُ أَوْ تَوَضَّأَتْ وَنَوَتْ رَفْعَ الْأَصْغَرِ بَلْ لَوْ لَمْ تَنْوِ رَفْعَ الْأَصْغَرِ بَلْ غَسَلَتْ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَرَادَتْ رَفْعَ الْأَكْبَرِ فَقَطْ أَوْ تَقْتَصِرُ عَلَى مَا عَدَا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ فَيُنْتَقَضُ الْأَصْغَرُ بِالْمَنِيِّ الَّذِي خَرَجَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ غَالِبًا) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْحَمْلِ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ لَا يَخْرُجُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ (قَوْلُهُ: فِي أَقْسَامِ السَّلَسِ) ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ أَقْسَامَهُ أَرْبَعَةٌ وَعَدَمَ النَّقْضِ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحْتَرَزَهُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ هُوَ الْمُعَرَّفُ وَالِاحْتِرَازَاتُ إنَّمَا تَكُونُ لِأَجْزَاءِ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ بِهَا الْإِدْخَالَ وَالْإِخْرَاجَ لَا الْمُعَرَّفَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِهِ إدْخَالٌ وَلَا إخْرَاجٌ وَقَدْ يُقَالُ بَلْ الْمُنَاسِبُ عَطْفُهُ عَلَى حَدَثٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ نَوْعٌ مِنْهُ وَهُوَ مَا عُرِّفَ بِهَذَا التَّعْرِيفِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَصَى وَالدُّودَ مُحْتَرَزُهُ قَطْعًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: الْأَحْكَامِ) جَمْعُ حُكْمٍ مُرَادٌ بِهِ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَشَرْطٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَدَمُ نَهْيٍ إلَخْ، فَإِنَّهُ فِي قُوَّةٍ مِنْ الشُّرُوطِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ عَدَمُ نَهْيٍ أَيْ لَا وُجُودُهُ كَنَهْيِ كَلْبِ صَيْدٍ أَيْ كَالنَّهْيِ الْمُتَعَلِّقِ بِكَلْبِ الصَّيْدِ مِنْ حَيْثُ بَيْعُهُ أَوْ نَقُولُ كَنَهْيِ بَيْعِ كَلْبِ صَيْدٍ، وَإِنْ شِئْت قُلْت أَوْ الْمَحْكُومُ بِهِ بِأَنْ تُقَدِّرَ الْمَشْرُوطَ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ عَدَمَ نَهْيٍ وَكَذَا وَكَذَا وَظَهَرَ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَعْطُوفَ مُقَدَّرٌ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مُحْتَرَزَاتِهَا) أَيْ مُخَالَفَاتِهَا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَبِسَلَسٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ الْخَارِجِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَبِكَسْرِهَا الشَّخْصُ الَّذِي قَامَ بِهِ السَّلَسُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَدَثٍ لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ السَّلَسَ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ قِيلَ الْمَعْطُوفُ مُقَيَّدٌ بِالْمُفَارَقَةِ فَهُوَ خَاصٌّ دَائِمًا فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ خَارِجٌ عَنْ الْمَعْطُوفِ وَنُكْتَةُ الْعَطْفِ ذِكْرُ الْقَيْدِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الدَّوَامِ.
بِسَلَسٍ فَارَقَ أَكْثَرَ الزَّمَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا إنْ لَازَمَ جَمِيعَهُ أَوْ أَكْثَرَهُ أَوْ نِصْفَهُ عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ خِلَافَ اسْتِظْهَارِ ابْنِ هَارُونَ بِالنَّقْضِ فِي الْمُسَاوِي وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَلَا بِسَلَسٍ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُ الصِّحَّةِ وَيَقُولُ لَازَمَ أَكْثَرَ بَدَلَ فَارَقَ أَكْثَرَ، وَتُسْتَفَادُ مِنْهُ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ وَقَوْلُهُ: فَارَقَ مَفْهُومُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ لَا نَقْضَ فِيهَا (ص) كَسَلَسِ مَذْيٍ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي النَّقْضِ لَا فِي التَّفْصِيلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ بِهِ سَلَسُ مَذْيٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى رَفْعِهِ بِتَزَوُّجٍ أَوْ تَسَرٍّ أَوْ تَدَاوٍ أَوْ صَوْمٍ، فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ وُضُوءَهُ وَمَفْهُومُ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ بِمَا ذُكِرَ لَكَانَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْلَاسِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فَتَجْرِي فِيهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ وَالْمُرَادُ بِسَلَسِ الْمَذْيِ أَنَّهُ كُلَّمَا نَظَرَ أَوْ تَذَكَّرَ أَوْ لَمَسَ أَوْ بَاشَرَ أَمَذْي وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مُسْتَمِرٌّ دَائِمًا (ص) وَنُدِبَ إنْ لَازَمَ أَكْثَرَ لَا إنْ شَقَّ (ش) لَمَّا دَلَّ مَفْهُومُ الصِّفَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَارَقَ أَكْثَرَ عَلَى عَدَمِ النَّقْضِ فِيمَا عَدَاهَا بَيَّنَ مَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْوُضُوءُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ وَنُدِبَ الْوُضُوءُ إنْ لَازَمَ أَكْثَرَ الزَّمَانِ وَأَوْلَى مَعَ التَّسَاوِي فَهُوَ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ فَلَا يُعَارِضُ مَفْهُومَ الصِّفَةِ السَّابِقَةِ وَمَحِلُّ الِاسْتِحْبَابِ إذَا لَمْ يَشُقَّ، فَإِنْ شَقَّ بِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنْدَبُ وَكَذَا إنْ دَامَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْوُضُوءِ، وَتَخْصِيصُ النَّدْبِ بِالْوُضُوءِ دُونَ غَسْلِ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ يُشْعِرُ بِنَفْيِهِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ قَالَ: لِأَنَّ النَّجَاسَةَ أَخَفُّ مِنْ الْحَدَثِ وَاسْتَحَبَّهُ فِي الطِّرَازِ.
(ص) وَفِي اعْتِبَارِ الْمُلَازَمَةِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ مُطْلَقًا تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَفِي قَصْرِ اعْتِبَارِ الْمُلَازَمَةِ مِنْ قِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةٍ أَوْ تَوَسُّطٍ عَلَى الْمَوْجُودِ مِنْ السَّلَسِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ مِنْ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَقَطْ وَيُلْغَى مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى زَوَالِهَا عَنْ الِاعْتِبَارِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ جَمَاعَةَ وَمُخْتَارُ ابْنِ هَارُونَ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَالشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ قَائِلًا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُؤْخَذَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى عُمُومِهَا بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَانَ الْإِتْيَانُ وَالِانْقِطَاعُ مُخْتَلِفًا غَيْرَ مُنْضَبِطٍ فَيُقَدِّرُ بِذِهْنِهِ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ وَلَوْ انْضَبَطَ الْإِتْيَانُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ أَخَّرَهَا أَوْ بِآخِرِهِ قَدَّمَهَا أَوْ اعْتِبَارِ جَمِيعِ نَهَارِهِ وَلَيْلِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَصْرٍ عَلَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَوْلُ الْبُرْزُلِيِّ وَمُخْتَارُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (ص) مِنْ مَخْرَجَيْهِ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالْخَارِجِ وَالضَّمِيرُ لَهُ وَبِهَذَا يُسَاوِي قَوْلَهُمْ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ لَا لِلشَّخْصِ وَلَا لِلْمُتَوَضِّئِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ كُلَّمَا خَرَجَ مِنْ مَخْرَجَيْهِ شَيْءٌ نُقِضَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالضَّمِيرُ أَحْرَزَ وَصْفًا مُقَدَّرًا وَكَأَنَّهُ قَالَ مِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَتُسْتَفَادُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَازَمَ نِصْفَ الزَّمَانِ يَنْقُضُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ بِهِ سَلَسُ مَذْيٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ وَلَوْ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ إذْ كُلُّ سَلَسٍ مِنْ مَذْيٍ أَوْ وَدْيٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَنِيُّ الْخَارِجُ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ فَلَا يُوجِبُ غُسْلًا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ إيجَابِ الْغُسْلِ مِنْهُ خُرُوجُهُ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَمَا فِي تت عَلَى الرِّسَالَةِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْيَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ نَاقِضٌ لَكِنْ لَا يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ الذَّكَرِ بِنِيَّةٍ إلَّا إذَا خَرَجَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ، وَأَمَّا بِغَيْرِهَا فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: أَوْ تَسَرٍّ أَوْ تَدَاوٍ) وَيُغْتَفَرُ لَهُ زَمَنُ التَّدَاوِي وَزَمَنُ شِرَائِهِ سُرِّيَّةً يَتَدَاوَى بِهَا وَاسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى الْعَادَةِ، فَإِنَّهُ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ السَّلَسِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ وَكَذَا زَمَنُ طَلَبِ النِّكَاحِ، فَإِنْ وَجَدَهَا مِمَّنْ تَحِيضُ كُلَّ خَمْسِ سِنِينَ مَرَّةً فَانْظُرْ هَلْ يُغْتَفَرُ لَهُ أَيْضًا أَوْ يُلْزَمُ بِشِرَاءِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ إنَّهُ كُلَّمَا نَظَرَ أَوْ تَذَكَّرَ أَوْ لَمَسَ أَمَذْي) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالْمُنَاسِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اسْتَمَرَّ بِهِ نُزُولُ الْمَذْيِ كُلَّ الزَّمَنِ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ وَكَانَ يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ ذَلِكَ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ فَلَا نَقْضَ، وَأَمَّا مَا صُوِّرَ بِهِ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى مَعَ التَّسَاوِي) بَلْ آكَدُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعَارِضُ) الْعِبَارَةُ تُوهِمُ أَنَّ لِلْمُعَارَضَةِ وَجْهًا فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَبَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَنُدِبَ إنْ لَازَمَ أَكْثَرَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَازَمَ النِّصْفَ لَا نُدِبَ مَعَ وُجُودِ الطَّلَبِ وَإِذَا انْتَفَى النَّدْبُ وَقَدْ وُجِدَ الطَّلَبُ فَيَكُونُ الْوُجُوبُ وَمُرَادُنَا بِنُدِبَ مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ فَيُنَافِي مَفْهُومَ قَوْلِهِ: إنْ فَارَقَ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَفْهُومَهُ أَوْلَوِيٌّ بِقَرِينَةِ مَا سَبَقَ لَا وَاجِبٌ وَإِلَّا لَوُجِدَ التَّنَافِي وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَإِنَّمَا نُدِبَ مَخَافَةَ أَنْ يُخَالِطَ مَا كَانَ مِنْ مَرَضٍ مَا لَيْسَ فِيهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْفَضَلَاتِ النَّاقِضَةِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ) فِي الْأَكْثَرِ وَالْمُتَوَسِّطِ (قَوْلُهُ: يُشْعِرُ بِنَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ النَّدْبِ فِي غَسْلِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَبَّهُ) أَيْ غَسْلَ الذَّكَرِ فِي الطِّرَازِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي قَصْرِ إلَخْ) الظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَهَذَا التَّرَدُّدُ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ اللُّزُومَ وَقْتَ الصَّلَاةِ أَوْ الْيَوْمَ قَوْلَا شَيْخَيْ شُيُوخِنَا ابْنِ جَمَاعَةٍ والبوذري وَالْأَظْهَرُ عَدَدُ صَلَوَاتِهِ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا فَرَضْنَا أَنَّ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ دَرَجَةً وَغَيْرَ وَقْتِهَا مِائَةُ دَرَجَةٍ فَأَتَاهُ فِيهَا وَفِي مِائَةٍ مِنْ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُنْقَضُ لِمُفَارَقَتِهِ أَكْثَرَ الزَّمَنِ لَا عَلَى الثَّانِي لِمُلَازَمَتِهِ أَكْثَرَ قَالَهُ عج فِي كَبِيرِهِ وَالْأَحْسَنُ مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا مِنْ أَنَّ الْقَائِلِينَ إنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ اخْتَلَفُوا عَلَى فِرْقَتَيْنِ الْأُولَى تَقُولُ: يُنْسَبُ مَا جَاءَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ مَا جَاءَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَطْ إلَى أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فَقَطْ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَوْ مُطْلَقًا الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرُ الْآتِي وَقْتُ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا يُنْسَبُ إلَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ تُؤْخَذَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بَلْ وَعَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي نَقْضَهُ بِخُرُوجِ رِيحٍ مِنْ ذَكَرٍ مَعَ أَنَّهُ لَا نَقْضَ (قَوْلُهُ: وَالضَّمِيرُ أَحْرَزَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ يُسَاوِي إلَخْ
مَخْرَجَيْهِ الْمُعْتَادَيْنِ أَوْ غَيْرَ الْمُعْتَادَيْنِ إنْ انْسَدَّا.
وَلَمَّا أَوْهَمَ أَنَّ خُرُوجَ خَارِجِ الثُّقْبَةِ لَا يُنْقَضُ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ ثُقْبَةٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ إنْ انْسَدَّا وَإِلَّا فَقَوْلَانِ (ش) أَيْ وَكَذَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ ثُقْبَةٍ أَيْ خَرْقٍ إذَا كَانَتْ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ، فَإِنْ كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ مَعَ انْسِدَادِ الْمَخْرَجَيْنِ أَوْ لَمْ يَنْسَدَّا وَهِيَ فَوْقَهَا أَوْ تَحْتَهَا فَقَوْلَانِ بِالنَّقْضِ وَعَدَمِهِ وَالْمُرَادُ بِمَا تَحْتَ الْمَعِدَةِ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ وَبِمَا فَوْقَهَا مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِانْسَدَّا وَلِتَحْتِ الْمَعِدَةِ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْسَدَّا أَوْ كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ انْسَدَّا أَمْ لَا (ص) وَبِسَبَبِهِ وَهُوَ زَوَالُ عَقْلٍ، وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقُلَ وَلَوْ قَصُرَ لَا خَفَّ وَنُدِبَ إنْ طَالَ (ش) لَمَّا كَانَ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَحْدَاثًا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَأَسْبَابًا لِتِلْكَ الْأَحْدَاثِ مُؤَدِّيَةً إلَيْهَا وَلَيْسَتْ نَاقِضَةً بِنَفْسِهَا كَالنَّوْمِ الْمُؤَدِّي لِخُرُوجِ الرِّيحِ وَاللَّمْسِ وَالْمَسِّ الْمُؤَدِّيَانِ لِلْمَذْيِ أَعْقَبَ الْكَلَامَ عَلَى الْأَسْبَابِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ الْأَسْبَابِ النَّاقِضَةِ لِلْوُضُوءِ اسْتِتَارُ الْعَقْلِ، وَإِنْ كَانَ اسْتِتَارُهُ بِنَوْمٍ ثَقِيلٍ وَلَوْ كَانَ قَصِيرًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَامَةُ النَّوْمِ الثَّقِيلِ سُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ يَدِهِ أَوْ انْحِلَالُ حُبْوَتِهِ أَوْ سَيَلَانُ رِيقِهِ أَوْ بُعْدُهُ عَنْ الْأَصْوَاتِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ لَا إنْ خَفَّ النَّوْمُ فَلَا يُنْقَضُ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الْحَدَثِ وَلَوْ طَالَ لَكِنْ يُنْدَبُ الْوُضُوءُ مَعَ الطُّولِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ، وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقُلَ أَنَّ غَيْرَ النَّوْمِ مِنْ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاسْتِثْقَالُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ ثَقُلَ صِفَةٌ لِنَوْمٍ.
وَقَوْلُهُ: خَفَّ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ هُوَ الْمَعْطُوفُ وَلَيْسَ الْمَعْطُوفُ خَفَّ أَيْ لَا بِنَوْمٍ خَفَّ فَلَا اعْتِرَاضَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى حَذَفَ الْمَوْصُولَ وَأَبْقَى صِلَتَهُ فَلَمْ تَعْطِفْ لَا إلَّا مُفْرَدًا أَيْ لَا مَا خَفَّ أَيْ النَّوْمَ الَّذِي خَفَّ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ أَنْ لَا لَا تَعْطِفُ إلَّا الْمُفْرَدَاتِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ لَا خَفَّ يَحْتَمِلُ عَطْفَهُ عَلَى ثَقُلَ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ مُقَابِلُهُ وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى قَصُرَ وَلَا يُقَالُ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ لِأَنَّا نَقُولُ لَا لَا تَعْطِفُ الَّتِي لَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَابِ أَمَّا الَّتِي لَهَا مَحَلٌّ مِنْ الْإِعْرَابِ فَتَعْطِفُهَا فَحِينَئِذٍ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ وَحَقِيقَةُ النَّوْمِ حَالَةٌ تَعَرُّضٍ لِلْحَيَوَانِ مِنْ اسْتِرْخَاءِ أَعْصَابِ الدِّمَاغِ مِنْ رُطُوبَاتِ الْأَبْخِرَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ بِحَيْثُ تَقِفُ الْمَشَاعِرُ عَنْ الْإِحْسَاسِ رَأْسًا وَقِيلَ رِيحٌ تَأْتِي الْإِنْسَانَ إذَا شَمَّهَا أَذْهَبَتْ حَوَاسَّهُ كَمَا تَذْهَبُ الْخَمْرَةُ بِعَقْلِ شَارِبِهَا وَقِيلَ انْعِكَاسُ الْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ إلَى الْبَاطِنَةِ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يَرَى الرُّؤْيَا وَالسِّنَةُ مَا تَقَدَّمَ النَّوْمَ مِنْ الْفُتُورِ وَحِكْمَةُ ذِكْرِ النَّوْمِ بَعْدَ السِّنَةِ فِي الْآيَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَلَمَّا أَوْهَمَ إلَخْ) أَيْ أَوَّلَ الْكَلَامِ.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَتْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَاكِتٌ عَمَّا إذَا كَانَتْ فِي الْمَعِدَةِ وَجَعَلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ حُكْمَ مَا إذَا كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ وَمُفَادُ شَارِحِنَا أَنَّ الْمَعِدَةَ نَفْسُ السُّرَّةِ وَهُوَ قَوْلُ النَّوَوِيِّ.
قَالَ وَحُكْمُ الْمُنْفَتِحِ فِي السُّرَّةِ وَمَا حَاذَاهَا حُكْمُ مَا فَوْقَهَا وَجَعَلَ شَارِحُنَا مَحَلَّ الْخِلَافِ ثَلَاثَ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّا أَوْ لَمْ يَنْسَدَّا وَهِيَ فَوْقُ أَوْ تَحْتُ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا انْسَدَّ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ تَحْتُ وَلَمْ يَتَنَزَّلُوا لَهُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَجَعَلَهُ عج مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ قَالَ مُحَشِّي تت وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعِدَةَ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ إلَى مُنْخَسِفِ الصَّدْرِ فَالسُّرَّةُ مِمَّا تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَتَعْبِيرُنَا بِالظَّاهِرِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ مَنْ عَبَّرَ بِالْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مَنْصُوصَةً لِلْمَالِكِيَّةِ؛ لِأَنَّ الدَّمِيرِيَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامِ النَّوَوِيِّ.
وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهَا الْمَكَانُ الْمُنْخَسِفُ تَحْتَ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ وَالْأَطِبَّاءُ وَاللُّغَوِيُّونَ اهـ. قَالَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَقِفْ لِلْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِكَ وَعِبَارَةُ عج وَالْمُرَادُ بِالْمَعِدَةِ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ حَتَّى مُنْخَسِفِ الصَّدْرِ وَالسُّرَّةُ مِمَّا تَحْتَهَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَالرَّاجِحُ مِنْ الْخِلَافِ عَدَمُ النَّقْضِ إلَّا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا انْسَدَّا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لَا دَائِمًا وَإِلَّا فَيُنْقَضُ نَظِيرَ مَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْحَلْقِ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ انْقَطَعَ خُرُوجُهُ مِنْ الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ أَصْلًا نُقِضَ، وَأَمَّا لَوْ تَسَاوَيَا فِي الْخُرُوجِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ فَلَا نَقْضَ بِمَا خَرَجَ مِنْ الْفَمِ فِي ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَالْفَارِقُ بَيْنَ مَا فَوْقَ الْمَعِدَةِ وَمَا تَحْتَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ فَيُنْقَضُ كَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَوْ دَائِمًا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ فِيهَا فَلَا نَقْضَ إلَّا إذَا انْسَدَّا دَائِمًا وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّهُمْ مَتَى قَالُوا فَوْقَ الْمَعِدَةِ فَمُرَادُهُمْ نَفْسُ الْمَعِدَةِ فَلَا تَظْهَرُ التَّفْرِقَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ.
(تَنْبِيهٌ) : الْمَعِدَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَيُقَالُ أَيْضًا مِعْدَةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ: اسْتِتَارُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ زَوَالَهُ حَقِيقَةً إذْ لَوْ زَالَ لَمَا رَجَعَ (قَوْلُهُ: سُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ يَدِهِ) أَيْ وَلَمْ يَشْعُرْ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: حُبْوَتِهِ) أَيْ وَلَمْ يَشْعُرْ طَالَ أَمْ لَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْحُبْوَةَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْمُرَادُ احْتَبَى بِيَدَيْهِ بِأَنْ يَجْلِسَ قَائِمَ الرُّكْبَتَيْنِ جَامِعًا يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُشَبِّكًا أَصَابِعَهُ أَوْ مَاسِكًا يَدًا بِيَدٍ، وَأَمَّا لَوْ احْتَبَى بِحَبْلٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُمْسِكَهُ بِيَدَيْهِ فَهَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْتَنِدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ سَيَلَانُ رِيقِهِ) أَيْ وَلَمْ يَشْعُرْ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ عَدَمُ سَمَاعِهِ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ) أَيْ وَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى بِنَوْمٍ (أَقُولُ) يَلْزَمُ عَلَيْهِ حَذْفُ النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ اسْمَ مَجْرُورٍ بِمَنْ كَقَوْلِهِ مِنَّا ظَعَنَ وَمِنَّا أَقَامَ (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ) أَيْ بِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ (قَوْلُهُ: حَذَفَ الْمَوْصُولَ) أَيْ أَوْ الْمَوْصُوفَ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى قَصُرَ) غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَلَوْ قَصُرَ الثَّقِيلُ لَا إنْ كَانَ الثَّقِيلُ خَفِيفًا وَهَذَا تَنَافٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ) مُرْتَبِطٌ بِالْأَمْرَيْنِ عَطْفُهُ عَلَى ثَقُلَ أَوْ عَطْفُهُ عَلَى قَصُرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا الَّتِي لَهَا مَحَلٌّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: الْمَشَاعِرُ) أَيْ الْحَوَاسُّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ رِيحٌ إلَخْ) وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ بِالثِّقَلِ أَثَرَهُ أَوْ هُوَ نَفْسُهُ (قَوْلُهُ: إلَى الْبَاطِنَةِ)
لِدَفْعِ أَنَّ النَّوْمَ أَقْوَى مِنْ السِّنَةِ فَيَأْخُذُهُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ.
(ص) وَلَمْسٌ يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ بِهِ عَادَةً (ش) هَذَا هُوَ السَّبَبُ الثَّانِي وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى زَوَالٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ اللَّمْسُ وَهُوَ مُلَاقَاةُ جِسْمٍ لِآخَرَ لِطَلَبِ مَعْنًى فِيهِ كَحَرَارَةٍ أَوْ بُرُودَةٍ أَوْ صَلَابَةٍ أَوْ رَخَاوَةٍ أَوْ عِلْمِ حَقِيقَتِهِ وَالْمَسُّ تَلَاقِيهِمَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَلِذَا عَبَّرَ بِهِ فِي الذَّكَرِ لَمَّا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ قَصْدًا وَالْمُرَادُ بِصَاحِبِهِ مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ الْمَسُّ فَيَشْمَلُ اللَّامِسَ وَالْمَلْمُوسَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَادَةً مِنْ الْمُحَرَّمِ فَلَا نَقْضَ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَإِنَّمَا كَانَ اللَّمْسُ مِنْ الْأَسْبَابِ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْحَدَثِ وَهُوَ خُرُوجُ الْمَذْيِ وَحِينَئِذٍ فَلَمْسُ الْمُرَاهِقِ غَيْرُ نَاقِضٍ لِوُضُوئِهِ وَوَطْؤُهُ مِنْ جُمْلَةِ اللَّمْسِ وَاسْتِحْبَابُ الْغُسْلِ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ الْوُضُوءِ مِنْ بَابِ أَوْلَى (ص) وَلَوْ كَظُفْرٍ أَوْ شَعْرٍ (ش) لَمَّا كَانَ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجِسْمِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ قَالَ وَلَوْ كَانَ الْمَلْمُوسُ كَظُفْرٍ أَوْ شَعْرٍ أَيْ مُتَّصِلَيْنِ لَا مُنْفَصِلَيْنِ لِعَدَمِ الِالْتِذَاذِ بِهِمَا عَادَةً وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِاللَّامِ أَيْ وَلَوْ كَانَ مَسُّ اللَّامِسِ لِظُفْرٍ وَفِي بَعْضِهَا بِالْبَاءِ أَوْ شَعْرٍ أَوْ سِنٍّ مِنْ غَيْرِ مُلَاقَاةِ جِسْمٍ.
(ص) أَوْ حَائِلٍ وَأُوِّلَ بِالْخَفِيفِ وَبِالْإِطْلَاقِ (ش) أَيْ أَوْ كَانَ اللَّمْسُ فَوْقَ حَائِلٍ، فَإِنَّهُ يُنْقَضُ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرُوِيَ عَلَى إنْ كَانَ خَفِيفًا وَأَنَّ الْكَثِيفَ لَا يَنْقُضُ اللَّمْسَ مِنْ فَوْقِهِ وَأُوِّلَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِالْخَفِيفِ بِجَعْلِ رِوَايَةِ عَلِيٍّ تَفْسِيرًا لَهُ وَحَمَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ رِوَايَةَ عَلِيٍّ عَلَى الْخِلَافِ وَأَوَّلَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْإِطْلَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَفِي إطْلَاقِ التَّأْوِيلِ عَلَيْهِ تَجَوُّزٌ وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَعَ اللَّمْسِ ضَمٌّ أَوْ قَبْضٌ وَإِلَّا نُقِضَ اتِّفَاقًا (ص) إنْ قَصَدَهُ لَذَّةً أَوْ وَجَدَهَا لَا انْتَفَيَا (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّقْضَ بِاللَّمْسِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَصَدَ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا اتِّفَاقًا أَوْ لَمْ يَجِدْهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ أَوْ وَجَدَهَا فَقَطْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا أَمَّا إنْ انْتَفَتْ اللَّذَّةُ مَعَ قَصْدِهَا فَلَا نَقْضَ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ أَيْ صَاحِبُهُ السَّابِقُ مِنْ لَامِسٍ وَمَلْمُوسٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَجَدَهَا أَيْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَإِنَّمَا كَانَ وَجَدَ أَنَّ اللَّذَّةَ هُنَا نَاقِضًا مَعَ عَدَمِ الْقَصْدِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الطَّلَبِ وَكَانَتْ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحُكْمِ.
(ص) إلَّا الْقُبْلَةَ بِفَمٍ، وَإِنْ بِكُرْهٍ أَوْ اسْتِغْفَالٍ لَا لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: لَا انْتَفَيَا أَيْ لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ مَعَ انْتِفَاءِ الْقَصْدِ وَاللَّذَّةِ اتِّفَاقًا إلَّا الْقُبْلَةَ عَلَى فَمٍ وَلَوْ مِنْ مَحْرَمٍ فَتَنْقُضُ
ــ
[حاشية العدوي]
ظَاهِرُهُ إلَى الْحَوَاسِّ الْبَاطِنَةِ أَيْ إلَى أَحَدِهَا وَهُوَ الْحِسُّ الْمُشْتَرَكُ أَوْ خِزَانَتُهُ أَوْ إلَى الْبَاطِنِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ) اللَّامُ زَائِدَةٌ أَيْ دَفْعُ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَتْ السِّنَةُ لَا تَأْخُذُهُ؛ لِأَنَّهَا نَقْصٌ فِي حَقِّهِ فَأَوْلَى النَّوْمُ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ تَسْلِيمُ مَا ذُكِرَ وَلَكِنْ ذُكِرَ لِنُكْتَةٍ أُخْرَى هِيَ أَنَّهُ أُتِيَ بِهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ النَّوْمَ يَأْخُذُهُ لِثِقَلِهِ.
(قَوْلُهُ: عَادَةً) وَدَخَلَ فِي الْمُعْتَادِ الْأَمْرَدُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ حَقِيقَتَهُ) كَأَنْ يَلْمِسَهُ لِيَعْلَمَ هَلْ هُوَ جَسَدُ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ عَظْمٌ أَوْ لَحْمٌ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ اللَّامِسَ وَالْمَلْمُوسَ) الْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى اللَّامِسِ، وَأَمَّا الْمَلْمُوسُ فَيُفَصَّلُ فِيهِ إنْ وُجِدَ نَقْضٌ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ قَصَدَ صَارَ لَامِسًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَظُفْرٍ إلَخْ) أَيْ مُتَّصِلَيْنِ لَا مُنْفَصِلَيْنِ وَلَوْ الْتَذَّ وَهَلْ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى شَيْءٍ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ فِي حَالِ انْفِصَالِهِ أَمْ لَا وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يَنْظُرَ كَمَا لَوْ انْفَصَلَ شَعْرُهَا أَوْ فَرْجُهَا أَوْ شَيْءٌ مِنْ مَحَاسِنِهَا مِمَّا هُوَ عَوْرَةٌ لَهَا فَالظَّاهِرُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ تَمَزَّقَ.
(فَائِدَةٌ) لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِلْمَصْلُوبِ وَلَا لِلْمَخْزُوقِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِهَا بِالْبَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِظُفْرٍ.
(تَنْبِيهٌ) : لَا يُشْتَرَطُ فِي اللَّمْسِ كَوْنُهُ بِعُضْوٍ أَصْلِيٍّ بَلْ وَلَوْ كَانَ زَائِدًا لَا إحْسَاسَ لَهُ حَيْثُ انْضَمَّ لَهُ قَصْدُ لَذَّةٍ أَوْ وِجْدَانٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَسِّ الذَّكَرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ أَفَادَهُ عج وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي اللَّمْسِ كَوْنُ الْعُضْوِ أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا لَهُ إحْسَاسٌ لِمَا انْضَمَّ لَهُ مِنْ قَصْدِ اللَّذَّةِ أَوْ الْوِجْدَانِ بِخِلَافِ مَسِّ الذَّكَرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ كَانَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِعُضْوٍ أَصْلِيٍّ أَوْ زَائِدٍ لَهُ إحْسَاسٌ (قَوْلُهُ: وَأُوِّلَ بِالْخَفِيفِ إلَخْ) اسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: تَجَوُّزٌ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ حَقِيقَةٌ بِحَسَبِ اصْطِلَاحِهِ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا نُقِضَ اتِّفَاقًا) أَيْ مَعَ الْقَصْدِ وَالْوِجْدَانِ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ لَذَّةً) ، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ اللَّمْسَ، فَإِنْ وُجِدَ نُقِضَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَهَا) أَيْ حِينَ اللَّمْسِ، فَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدُ كَانَتْ مِنْ الْفِكْرِ الَّذِي لَا يَنْقُضُ. (قَوْلُهُ: لَا انْتَفَيَا) أَيْ لَا إنْ انْتَفَيَا فَحَذَفَ بَعْضَ الْمَعْطُوفِ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مَعَ قَصْدِهَا) أَيْ مَعَ انْتِفَاءِ قَصْدِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ لَامِسٍ إلَخْ) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى لَامِسٍ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّذَّةَ بِفُرُوجِ الدَّوَابِّ مِنْ الْمُعْتَادِ لَا بِأَجْسَادِهَا أَيْ غَيْرِ آدَمِيَّةِ الْمَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ يَجْرِي فِي تَقْبِيلِ فَمِهَا مَا فِي تَقْبِيلِ فَمِ الْإِنْسَانِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا الْقُبْلَةَ بِفَمٍ) أَيْ قُبْلَةَ مَنْ يَلْتَذُّ بِهِ عَادَةً فَلَا تَنْقُضُ قُبْلَةُ صَغِيرَةٍ وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُقَبِّلُ بَالِغًا (قَوْلُهُ: لَا لِوَدَاعٍ) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا الْقُبْلَةُ لِوَدَاعٍ أَوْ أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ أَيْ إلَّا الْقُبْلَةَ لِغَيْرِ وَدَاعٍ لَا لِوَدَاعٍ إلَخْ (فَائِدَةٌ) قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِهِ الْوِشَاحِ مَا نَصُّهُ وَفِي كِتَابِ الْأَنْقَابِ لِلشِّيرَازِيِّ بِسَنَدِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ قُلْت لِإِبْرَاهِيمَ النَّظَّامِ إذَا لَمَسَ الْعُضْوُ الْعُضْوَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ اللَّذَّةِ مَا إذَا قَبَّلَ الْفَمُ الْفَمَ قَالَ: لِأَنَّ الْفَمَ طِبْقُ الْقَلْبِ وَالْقَلْبُ مَسْكَنُ الْحُبِّ فَإِذَا انْطَبَقَ الطِّبْقَانِ سَكَنَ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ لَذَّةِ الْحُبِّ (قَوْلُهُ: عَلَى فَمٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي بِفَمٍ بِمَعْنَى عَلَى وَلَا يَظْهَرُ بَقَاؤُهَا عَلَى بَابِهَا لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا كَاشِفًا وَالْأَصْلُ فِي الْوَصْفِ أَنْ يَكُونَ مُخَصَّصًا الثَّانِي: أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَبَّلَهُ عَلَى يَدِهِ يُنْقَضُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى الْمُلَامَسَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : لَا نَقْضَ فِي تَقْبِيلِ شَيْخٍ لِشَيْخٍ وَأَوْلَى شَابٌّ لِشَيْخٍ وَكَذَا تَقْبِيلُ ذِي لِحْيَةٍ لَا يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً بِخِلَافِ تَقْبِيلِ شَيْخٍ لِشَيْخَةٍ فَيُنْقَضُ وَلَمْ يَجِدْ
وُضُوءُهُمَا لِأَنَّ اللَّذَّةَ لَا تَنْفَكُّ عَنْهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي النَّقْضِ بِالْقُبْلَةِ طَوْعٌ وَلَا عِلْمٌ فَمَنْ قَبَّلَتْهُ زَوْجَتُهُ كَارِهًا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَوُضُوءُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَّلَهَا مُكْرَهَةً قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا قَبَّلَهَا فِي الْفَمِ مُكْرَهَةً أَوْ طَائِعَةً فَلْيَتَوَضَّآ جَمِيعًا وَمَحِلُّ نَقْضِ الْوُضُوءِ مِنْ الْقُبْلَةِ فِي الْفَمِ إنْ كَانَتْ لِغَيْرِ وَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ أَمَّا إنْ كَانَتْ لِقَصْدِ وَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ أَيْ شِدَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا نَقْضَ مَا لَمْ يَلْتَذَّ وَجَعَلَ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ فِي حَيِّزِ الْقِسْمِ الرَّابِعِ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا انْتَفَيَا دَلِيلًا عَلَى هَذَا الْقَيْدِ (ص) وَلَا لَذَّةَ بِنَظَرٍ كَإِنْعَاظٍ أَوْ لَذَّةٍ بِمَحْرَمٍ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) لَا يَصِحُّ عَطْفُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ لَا لِوَدَاعٍ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ لِأَنَّهُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْقُبْلَةِ بِالْفَمِ وَمَا هُنَا لَيْسَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهَا فَهُوَ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لَذَّةٌ بِنَظَرٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ تَكَرَّرَ وَأَنْعَظَ إنْعَاظًا كَامِلًا وَلَوْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ الْإِمْذَاءُ عَقِبَهُ مَا لَمْ يَنْكَسِرْ عَنْ مَذْيٍ وَلَا يَنْتَقِضُ أَيْضًا بِلَمْسِ جَسَدِ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ أَوْ وَجَدَهَا أَوْ لَذَّةٍ بِمَحْرَمٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ الْجَلَّابِ خِلَافَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَالْمَازِرِيُّ مِنْ أَنَّهُ مَعَ اللَّذَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ وَذَوَاتِ الْمَحْرَمِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَالْحَقُّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْإِرْشَادِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْفَاسِقِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ عَدَمِ النَّقْضِ بِلَذَّةِ الْمَحْرَمِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ مَعَ وُجُودِ اللَّذَّةِ بَيْنَ ذَوَاتِ الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهَا وَمَعَ الْقَصْدِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ الْفَاسِقِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَحْرَمِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَصْدُهَا مِنْ الْفَاسِقِ فِي الْمَحْرَمِ نَاقِضٌ اهـ.
وَالْمُرَادُ بِالْفَاسِقِ مَنْ مِثْلُهُ يَلْتَذُّ بِمَحْرَمِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمَحْرَمِ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ اللَّامِسِ فَلَوْ قَصَدَ لَمْسَهَا لِظَنِّهِ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَظَهَرَ أَنَّهَا مَحْرَمٌ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ وَمَحْرَمٍ بِإِسْقَاطِ لَذَّةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْأَصَحَّ رَاجِعٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ.
(ص) وَمُطْلَقُ مَسِّ ذَكَرِهِ الْمُتَّصِلِ وَلَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا بِبَطْنٍ أَوْ جَنْبٍ لِكَفٍّ أَوْ أُصْبُعٍ، وَإِنْ زَائِدًا أَحَسَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ الْأَسْبَابِ النَّاقِضَةِ لِلْوُضُوءِ مَسُّ ذَكَرِهِ نَفْسِهِ الْمُتَّصِلِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا قَصَدَ اللَّذَّةَ أَمْ لَا وَلَوْ عِنِّينًا لَا يَأْتِي النِّسَاءُ مَسَّهُ مِنْ الْكَمَرَةِ أَوْ الْعَسِيبِ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا تَخْرِيجًا عَلَى مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ وَالنَّقْضُ بِمَسِّ الذَّكَرِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ بِبَاطِنِ كَفِّهِ أَوْ جَنْبِهِ أَوْ بِبَاطِنِ أَوْ جَنْبِ أَوْ رَأْسِ أُصْبُعٍ، وَإِنْ كَانَ الْأُصْبُعُ زَائِدًا إنْ أَحَسَّ وَتُصْرَفُ كَإِخْوَتِهِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْهَا فَلَا يَنْقُضُ مَسُّهُ وُضُوءَهُ، وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِحْسَاسِ وَعَدَمِهِ نَقَضَ مَسُّهُ الْوُضُوءَ كَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ وَمُطْلَقُ مَعْطُوفٌ عَلَى زَوَالُ أَيْ يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِحَدَثٍ وَسَبَبِهِ وَهُوَ زَوَالُ عَقْلٍ وَلَمْسٌ وَمُطْلَقُ مَسِّ
ــ
[حاشية العدوي]
الْحَطَّابُ نَصًّا فِي تَقْبِيلِ الْمَرْأَةِ مِثْلَهَا وَاسْتَظْهَرَ النَّقْضَ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَفِي اسْتِثْنَاءِ الْقُبْلَةِ فِي الْفَمِ دُونَ الْقُبْلَةِ فِي الْفَرْجِ تَنْبِيهٌ بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ اللَّذَّةَ بِفَرْجِ الصَّغِيرَةِ نَاقِضٌ إلَّا أَنَّ مَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّيُوطِيّ يُفِيدُ عَدَمَ الْأَشَدِّيَّةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي لَذَّةِ فَرْجِ الصَّغِيرَةِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ شِدَّةٍ) تَفْسِيرٌ لِرَحْمَةٍ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ مَرِيضَةً وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ شَفَقَةٍ بِشِدَّةٍ فَتَفْسِيرُهَا بِالشِّدَّةِ تَفْسِيرُ الشَّيْءِ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهَا) أَيْ نَحْوِ الشِّدَّةِ أَيْ كَشِدَّةِ اشْتِيَاقٍ لِغَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَلْتَذَّ) هَذَا فِي غَنِيَّةٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ انْتِفَاؤُهُمَا أَيْ الْقَصْدِ وَالْوِجْدَانِ أَيْ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ مَا لَمْ يَقْصِدْ اللَّذَّةَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ قَاصِدٌ الْوَدَاعَ فَلَا يَكُونُ قَاصِدَ اللَّذَّةِ (فَإِنْ قُلْت) قَدْ يَقْصِدُهُمَا (قُلْت) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا يَقَعُ عَادَةً أَوْ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَالْجَلَّابُ فِي غَيْرِ الْفَاسِقِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَيْ وَهَذَا أَيْ كَوْنُ النَّاقِضِ هُوَ الْوِجْدَانَ وَحْدَهُ فِي غَيْرِ الْفَاسِقِ أَيْ، وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَالْقَصْدُ فِيهِ وَحْدَهُ نَاقِضٌ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْفَاسِقَ مَنْ سَبَقَ مِنْهُ فِسْقٌ سَابِقًا وَسَيَأْتِي تَتِمَّتُهُ وَنُسْخَةُ الشَّيْخِ النَّفْرَاوِيِّ، وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْفَاسِقِ وَهُوَ تَصْلِيحٌ مُوَافِقٌ لِمَا فِي كَبِيرِهِ وَلَفْظُهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْإِرْشَادِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْفَاسِقِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْفَاسِقِ مَنْ مِثْلُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ حَيْثُ عَلَّقَ الْقَصْدَ بِأَنْ وَقَعَ مِنْ فَاسِقٍ أَنَّ الْفِسْقَ سَابِقٌ عَلَى الْقَصْدِ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعِنْدَ عج الْمُرَادُ بِالْفَاسِقِ مَنْ يَتَّصِفُ بِالْفِسْقِ لِقَصْدِهَا وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْفَاسِقُ سَبَقَ لَهُ الْفِسْقُ أَوْ قَصَدَ ابْتِدَاءً اللَّذَّةَ بِمَحْرَمِهِ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ فِسْقٌ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فَاسِقًا حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ قَصْدِهِ الْآنَ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ يَلْتَذُّ بِمَحْرَمِهِ لَا يُعَدُّ فَاسِقًا فِي ذَلِكَ الْبَابِ وَالْمُتَعَيَّنُ كَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ أَنَّ الْفَاسِقَ مَنْ ثَبَتَ لَهُ فِسْقٌ قَبْلَ ذَلِكَ الْقَصْدِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمَحْرَمِ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ اللَّامِسِ) أَيْ إثْبَاتًا وَنَفْيًا فَصَحَّ التَّمْثِيلُ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْقَصْدِ فَقَطْ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ فَاسِقٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ حِلُّهُ الْأَوَّلُ مِنْ رُجُوعِ الْأَصَحِّ حَتَّى لَلْأُولَى وَكَأَنَّ فِيهَا تَقْرِيرَيْنِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَمُطْلَقُ مَسِّ ذَكَرِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ أَوْ حَائِلٍ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ: ذَكَرِهِ) أَيْ جِنْسُ ذَكَرِهِ فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا تَعَدَّدَ ذِكْرُهُ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ: كَإِخْوَتِهِ) أَيْ حِسٌّ كَإِخْوَتِهِ وَتَصَرُّفٌ كَإِخْوَتِهِ أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا فَالشَّكُّ فِي الْمُسَاوَاةِ يَنْقُضُ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَالْمُخْتَارُ إنْ سَاوَتْ غَيْرَهَا فِي الْإِحْسَاسِ وَالتَّصَرُّفِ النَّقْضُ لَا إنْ لَمْ تُسَاوِ وَنُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِحْسَاسِ فِي الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ وَعَلَيْهِ فَيَرْجِعُ قَوْلُهُ حِسٌّ لِلزَّائِدِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِحْسَاسِ) أَيْ فِي مُسَاوَاتِهِ وَكَذَا إنْ شَكَّ فِي الْإِحْسَاسِ وَالْمُسَاوَاةِ وَأَمَّا لَوْ شَكَّ فِي الْإِحْسَاسِ وَجَازِمٌ بِأَنَّهُ عَلَى فَرْضِ وُجُودِهِ لَا مُسَاوَاةَ قَالَ نُقِضَ
ذَكَرِهِ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ مَسَّهُ مِنْ الْكَمَرَةِ أَوْ الْعَسِيبِ كَانَ مَسُّهُ لَهُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا وَاحْتَرَزَ بِذَكَرِهِ مِنْ ذَكَرِ غَيْرِهِ، فَإِنْ مَسَّهُ يَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْمُلَامَسَةِ الْمَازِرِيُّ وَذَكَرُ الْبَهِيمَةِ كَذَكَرِ الْغَيْرِ ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِمُبَايَنَةِ الْجِنْسِيَّةِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ الْمُتَّصِلِ مِمَّا لَوْ مَسَّهُ بَعْدَ أَنْ انْفَصَلَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ وَلَوْ الْتَذَّ بِهِ.
(ص) وَبِرِدَّةٍ (ش) لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَحْدَاثِ وَالْأَسْبَابِ تَكَلَّمَ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْهُمَا مُعِيدًا لِلْعَامِلِ وَهُوَ شَيْئَانِ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فَقَوْلُهُ وَبِرِدَّةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى بِحَدَثٍ فَهُوَ لَيْسَ بِحَدَثٍ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَلَا سَبَبَ لِإِعَادَةِ الْعَامِلِ أَيْ وَنَقْضُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ بِرِدَّةٍ إذَا تَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَلَ ثُمَّ ارْتَدَّ وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ حُصُولِ مُوجِبِهِمَا لِتَقْدِيرِهِ كَافِرًا أَصْلِيًّا لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ إسْلَامٌ وَكَأَنَّ وُضُوءَهُ وَغُسْلَهُ السَّابِقَيْنِ مِنْهُ كَانَا حَالَ الْكُفْرِ فَيُعِيدُهُمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمَا عَمَلٌ حَبِطَ بِالرِّدَّةِ وَذَكَرَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ.
(ص) وَبِشَكٍّ فِي حَدَثٍ بَعْدَ طُهْرٍ عُلِمَ إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي طَرَيَانِ الْحَدَثِ لَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِطُهْرٍ سَابِقٍ، فَإِنَّ وُضُوءَهُ يُنْتَقَضُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَنْكِحًا بِأَنْ يَشُمَّ فِي كُلِّ وُضُوءٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ يَطْرَأَ لَهُ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ فَلَا أَثَرَ لِشَكِّهِ الطَّارِئِ بَعْدَ عِلْمِ الطُّهْرِ وَلَا يَبْنِي عَلَى أَوَّلِ خَاطِرٍ بِهِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ لَا يَنْضَبِطُ لَهُ الْخَاطِرُ الْأَوَّلُ مِنْ غَيْرِهِ وَالْوُجُودُ يَشْهَدُ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَرَفَةَ اقْتَصَرَ عَلَى بِنَائِهِ عَلَى ذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ فِي طُرُوِّ الْحَدَثِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَنْ شَكَّ فِي طُرُوِّ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَلَا يُعِيدُهَا إلَّا بِيَقِينٍ لِأَنَّهُ شَكٌّ طَرَأَ بَعْدَ تَيَقُّنِ سَلَامَةِ الْعِبَادَةِ وَقَوْلُهُ: وَبِشَكٍّ أَيْ وَأَوْلَى لَوْ تَرَجَّحَ احْتِمَالُ الْحَدَثِ وَهُوَ الظَّنُّ وَمَعَ رُجْحَانِ بَقَاءِ الطَّهَارَةِ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ بَلْ يُسْتَحَبُّ، وَأَمَّا عَكْسُ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ الشَّكُّ فِي الطُّهْرِ بَعْدَ حَدَثٍ عُلِمَ كَمَنْ اعْتَقَدَ حَدَثَ نَفْسِهِ ثُمَّ شَكَّ فِي رَفْعِهِ أَوْ اعْتَقَدَ عَدَمَ غَسْلِ عُضْوٍ ثُمَّ شَكَّ فِي غَسْلِهِ فَلَا يَفْتَرِقُ فِيهِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: يُرَدُّ بِمُبَايَنَةِ الْجِنْسِيَّةِ) هَذَا غَيْرُ نَاهِضٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا يَرْجِعُ لِمَا تَقْتَضِيهِ الْعَادَةُ كَاللَّذَّةِ بِفُرُوجِ الدَّوَابِّ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَبِرِدَّةٍ) وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَكَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: إنَّهَا تُبْطِلُ الْغُسْلَ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ شَعْبَانَ خِلَافًا لِابْنِ جَمَاعَةَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ عج وَخُلَاصَةُ مَا رَأَيْت أَنَّ الرَّاجِحَ بُطْلَانُ الْغُسْلِ أَيْضًا وَكَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِطَالَةِ بِجَلْبِ الْكَلَامِ.
(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي طَرَيَانِ الْحَدَثِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ السَّبَبَ وَأَمَّا لِشَكٍّ فِي الرِّدَّةِ فَلَا يَبْطُلُ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَكَّ فِي كُلِّ وُضُوءٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْوُضُوءِ يُضَمُّ لِلشَّكِّ فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الشَّكُّ فِي الْوَسَائِلِ لَا يُضَمُّ لِلشَّكِّ فِي الْمَقَاصِدِ فَالشَّكُّ فِي الْوُضُوءِ يُضَمُّ لِلشَّكِّ فِي الْغُسْلِ وَلَا يُضَمُّ لِلشَّكِّ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَطْرَأُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ) وَيُتَصَوَّرُ عِلْمُهُ ذَلِكَ بِحُصُولِ ذَلِكَ لِمُوَافِقٍ لَهُ فِي مِزَاجِهِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ وَرُدَّ ذَلِكَ بِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْمِزَاجِ غَالِبًا (أَقُولُ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مَتَى عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ عَادَةً فَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي كَمَا فِي شَرْحِ عب أَنْ يَجْرِيَ فِي الشَّكِّ هُنَا مَا جَرَى فِي السَّلَسِ، فَإِنْ زَادَ مِنْ إتْيَانِهِ عَلَى زَمَنِ انْقِطَاعِهِ أَوْ تَسَاوَيَا فَمُسْتَنْكِحٌ، وَإِنْ قَلَّ فَلَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِزَمَنِ إتْيَانِهِ الْوَقْتَ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ بَلْ جَمِيعُ الْيَوْمِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي زَمَنِ انْقِطَاعِهِ أَيْ فَإِذَا أَتَاهُ يَوْمًا وَانْقَطَعَ يَوْمًا كَانَ مُغْتَفَرًا بِمَنْزِلَةِ إتْيَانِ السَّلَسِ نِصْفَ الزَّمَنِ وَإِذَا أَتَاهُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمَيْنِ فَلَا (قَوْلُهُ: خَاطِرَيْهِ) الْمَحْفُوظُ عَلَى الْأَلْسُنِ ضَبْطُ خَاطِرَيْهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ فَجَعَلُوا مَا وَقَعَ بِفِكْرِ الْإِنْسَانِ أَوَّلًا خَاطِرًا أَوَّلَ وَسَمَّوْا مَا وَقَعَ بَعْدَ هَذَا الْخَاطِرِ الْأَوَّلِ خَاطِرًا ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ الْمُسْتَنْكِحُ مَنْ وَقَعَ لَهُ خَاطِرَانِ اثْنَانِ بَلْ هِيَ خَوَاطِرُ كَثِيرَةٌ تَقُومُ عِنْدَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ خَاطِرِيهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ لَكِنَّهُ جَمَعَهُ جَمْعَ مُذَكَّرٍ سَالِمٍ لِكَوْنِهِ قَائِمًا بِالْعَاقِلِ قَالَ تَعَالَى {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4] انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: وَكَلَامُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ: إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبِشَكٍّ فِي حَدَثٍ يُعَدُّ نَاقِضًا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا يُعَدُّ نَاقِضًا؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ طَرَأَ بَعْدَ سَلَامَةِ الْعِبَادَةِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا إذَا كَانَ فِيهَا أَيْ وَهُوَ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ وَلَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى شَكِّهِ وَلَا يُعِيدُهَا إذَا كَانَ بَعْدَهَا لِمَا تَقَدَّمَ وَيُوَافِقُ الطَّرَفُ الثَّانِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَأَعَادَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي الطَّرَفِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ فِي الْأَثْنَاءِ يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ إلَّا أَنَّهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَمَا يَأْتِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُعْلَمُ هَذَا الْقَوْلُ الضَّعِيفُ مِنْ مُحَشِّي تت وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَلَا يَتَمَادَى حَكَاهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَهَذَا الْحَلُّ مِنْ الشَّارِحِ يُوجِبُ الْمُنَافَاةَ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَكَّ إلَخْ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ هُنَا وَبِشَكٍّ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ لَا بَعْدَ الْفَرَاغِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَعَادَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ وَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الشَّكُّ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ فَالْوُضُوءُ يُنْتَقَضُ إلَّا أَنَّنَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ التَّمَادِيَ فِي الثَّانِيَةِ لِتَرْجِيحِ جَانِبِ الْعِبَادَةِ بِالدُّخُولِ فِيهَا وَيَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ النَّقْضَ مَوْجُودٌ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى شَكِّهِ يُطَالَبُ بِالْإِعَادَةِ وَلِذَلِكَ الْحَطَّابُ حَمَلَ الْمَتْنَ عَلَى مَا عَدَا بَعْدَ الْفَرَاغِ الشَّامِلِ لِقَبْلِ الدُّخُولِ وَفِي الْأَثْنَاءِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فِي الصَّلَاةِ.
وَقَوْلُهُ: وَلَا يُعِيدُهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ شَكٌّ طَرَأَ بَعْدَ إلَخْ ظَاهِرٌ بِاعْتِبَارِ الثَّانِيَةِ وَكَذَا بِاعْتِبَارِ الْأُولَى وَيُرَادُ بِسَلَامَةِ الْعِبَادَةِ إمَّا كُلُّهَا بِالنَّظَرِ لِلثَّانِيَةِ أَوْ أَوَّلُهَا بِالنَّظَرِ لِلْأُولَى وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا يُطَالَبُ
مُسْتَنْكِحٌ مِنْ غَيْرِهِ بَلْ يُطَالَبُ بِالْيَقِينِ وَيُلْغَى شَكُّهُ اتِّفَاقًا وَيَغْسِلُهُ اتِّفَاقًا قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ.
(ص) وَبِشَكٍّ فِي سَابِقِهِمَا (ش) أَيْ وَنُقِضَ الْوُضُوءُ بِالشَّكِّ فِي السَّابِقِ مِنْ الطُّهْرِ وَالْحَدَثِ مَعَ تَيَقُّنِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ الطُّهْرُ وَالْحَدَثُ الْمَشْكُوكُ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا مُحَقَّقَيْنِ أَوْ مَشْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُحَقَّقًا وَالْآخَرُ مَشْكُوكًا فِيهِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ.
(ص) لَا بِمَسِّ دُبُرٍ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ فَرْجِ صَغِيرَةٍ وَقَيْءٍ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ النَّوَاقِضِ أَتْبَعَهَا بِمَا لَيْسَ مِنْهَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى بِحَدَثٍ لَا بِمَسِّ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ مِنْهَا مَسُّ الدُّبُرِ وَمِنْهَا مَسُّ الرُّفْغِ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ أَعْلَى أَصْلِ الْفَخِذِ مِمَّا يَلِي الْجَوْفَ وَقِيلَ الْعَصَبُ الَّذِي بَيْنَ الشَّرَجِ وَالذَّكَرِ وَمِنْهَا مَسُّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَا بِمَسِّ أَلْيَتَيْهِ أَوْ الْعَانَةِ وَلَوْ الْتَذَّ فِي الْجَمِيعِ وَمِنْهَا مَسُّ فَرْجِ صَغِيرَةٍ أَوْ صَغِيرٍ مَا لَمْ يَلْتَذَّ أَوْ يَقْصِدْ اللَّذَّةَ، وَأَمَّا غَيْرُ الْفَرْجِ فَلَا يَنْقُضُ وَلَوْ الْتَذَّ لِأَنَّ هَذَا لَا يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ عَادَةً وَمِنْهَا خُرُوجُ قَيْءٍ وَقَلْسٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (ص) وَأَكْلِ جَزُورٍ وَذَبْحٍ وَحِجَامَةٍ وَقَهْقَهَةٍ بِصَلَاةٍ وَمَسِّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِعَدَمِ الْإِلْطَافِ (ش) أَيْ وَمِمَّا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَكْلُ لَحْمِ جَزُورٍ أَيْ إبِلٍ خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَمِنْهَا ذَبْحٌ وَمَسُّ وَثَنٍ وَقَلْعُ سِنٍّ أَوْ ضِرْسٍ، وَإِنْشَادُ شِعْرٍ خِلَافًا لِقَوْمٍ وَمِنْهَا حِجَامَةٌ مِنْ حَاجِمٍ وَمُحْتَجِمٍ وَفَصَادَةٌ وَخُرُوجُ دَمٍ وَمِنْهَا قَهْقَهَةٌ بِصَلَاةٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَبِغَيْرِهَا اتِّفَاقًا وَمِنْهَا مَسُّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا أَيْ قُبُلَهَا قَبَضَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَا أَلْطَفَتْ أَمْ لَا وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ لِأَنَّ فَرْجَهَا لَيْسَ بِذَكَرٍ فَيَتَنَاوَلُهُ الْحَدِيثُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهَا الْوُضُوءَ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَرُوِيَ عَنْهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ تُلْطِفَ فَيَجِبُ الْوُضُوءُ أَوْ لَا فَلَا يَجِبُ وَالْإِلْطَافُ أَنْ تُدْخِلَ يَدَيْهَا بَيْنَ
ــ
[حاشية العدوي]
بِالْإِعَادَةِ إلَّا إذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ لَا إنْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ أَوْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ (قَوْلُهُ: وَيُلْغَى شَكُّهُ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ يُطَالَبُ بِالْيَقِينِ وَقَوْلِهِ وَيَغْسِلُهُ أَيْ وَيَغْسِلُ الْمَتْرُوكَ إمَّا الْعُضْوَ أَوْ كُلَّ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَانْطَبَقَ عَلَى الصُّورَتَيْنِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِهِ ثُمَّ شَكَّ فِي رَفْعِهِ أَوْ اعْتَقَدَ.
(قَوْلُهُ: وَبِشَكٍّ فِي سَابِقِهِمَا) الْمُرَادُ بِهِ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَوْ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ كَذَا ادَّعَى عب إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا قَالَ بَلْ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ التَّحْقِيقُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَمَنْ ظَنَّ تَأَخُّرَ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ وَتَوَهَّمَ تَأَخُّرَ الْحَدَثِ عَنْهَا فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَمَنْ ظَنَّ تَأَخُّرَ الْحَدَثِ عَنْ الطَّهَارَةِ وَتَوَهَّمَ تَأَخُّرَ الطَّهَارَةِ عَنْهُ، فَإِنَّ طَهَارَتَهُ تُنْتَقَضُ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ ثُمَّ يُقَيَّدُ هَذَا بِغَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ فَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ هَذَا مَا ارْتَضَاهُ عب وَارْتَضَى مُحَشِّي تت خِلَافَهُ وَهُوَ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ قَائِلًا: وَتَأْخِيرُ الْمُصَنِّفِ قَوْلَهُ وَبِشَكٍّ عَنْ قَوْلِهِ إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ تَقْيِيدِهِ بِهَذَا الْقَيْدِ مُسْتَدِلًّا عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ قَالَ فِي نُكَتِهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ يَقِينٌ قَبْلَ هَذَا الشَّكِّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ كَانَ مُسْتَنْكِحًا أَمْ لَا، وَإِنْ تَيَقَّنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ طَرَأَ لَهُ الشَّكُّ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَنْكِحًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: مِنْهَا مَسُّ الدُّبُرِ) وَكَذَا ثُقْبَةٌ عِنْدَ انْسِدَادِ الْمَخْرَجَيْنِ، وَوُجُوبُ النَّقْضِ بِالْخَارِجِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَصْلِ الْفَخِذِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَعِبَارَةُ تت مَسُّ أَعْلَى الْفَخِذِ (قَوْلُهُ: الشَّرَجِ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ وَالْجِيمِ تَشْبِيهًا بِشَرَجِ السُّفْرَةِ وَهُوَ مُجْتَمَعُهَا وَالْجَمْعُ أَشْرَاجٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَالشَّرَجُ حَلْقَةُ الدُّبُرِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَلْتَذَّ) وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ اللَّذَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْصِدُ اللَّذَّةَ) كَذَا فِي شب وَلَكِنْ الَّذِي ارْتَضَاهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ عج أَنَّ الْقَصْدَ لَا يَضُرُّ هُنَا وَالْمُضِرُّ إنَّمَا هُوَ وُجُودُ اللَّذَّةِ بَلْ قَالَ بَعْضٌ وَلَوْ الْتَذَّ فَلَا يَضُرُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَطَّابِ فَقَدْ قَالَ: وَلَا بِمَسِّ فَرْجِ صَغِيرَةٍ وَكَذَا فَرْجُ صَغِيرٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ اهـ.
وَلَمْ يُقَيِّدْ بِشَيْءٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ فَرْجُ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمَلْمُوسَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً وَتَبَيَّنَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِعَدَمِ الِالْتِذَاذِ لِجَدِّ عج وَأَنْ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَبَهْرَامَ وَالْقَرَافِيِّ عَدَمُ النَّقْضِ وَلَوْ كَانَ بِلَذَّةٍ كَذَا قَالَ الْبَدْرُ (أَقُولُ) وَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ وَتَسْمِيَةُ الْفَرْجِ بِالْكُسِّ لَيْسَ عَرَبِيًّا فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَذَّ) وَلَوْ الْفَمَ وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ اللَّذَّةَ (قَوْلُهُ: مَسُّ وَثَنٍ) هُوَ الضَّمُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْشَادُ شِعْرٍ) أَيْ شِعْرٍ مَخْصُوصٍ لَا مُطْلَقِ شِعْرٍ، وَقَوْلُهُ: خِلَافًا لِقَوْمٍ أَيْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِهَا اتِّفَاقًا) الْأَوْلَى وَبِغَيْرِهَا إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ اتِّفَاقُ الْمَذْهَبِ وَالْإِجْمَاعَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَيَتَنَاوَلَهُ) بِالنَّصْبِ؛ لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: الْحَدِيثُ) الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ لَا مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ؛ لِأَنَّ هَذَا يَشْمَلُهَا وَالْمَشْهُورُ يَقُولُ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْجِ الذَّكَرُ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ تُدْخِلَ يَدَيْهَا إلَخْ) كَذَا قَالَ بَهْرَامُ فِي كَبِيرَةٍ بِالتَّثْنِيَةِ وَفِي الْمَوَّاقِ يَدَهَا بِالْإِفْرَادِ وَفِي تت وَسَأَلَ مَالِكًا أَيْ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فَقَالَ أَنْ تُدْخِلَ الْأُصْبُعَ بَيْنَ الشَّفْرَيْنِ وَالْفَظِّ بَهْرَامُ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ تُلْطِفَ فَيَجِبُ الْوُضُوءُ وَإِلَّا فَلَا وَسَأَلَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ مَالِكًا عَنْ الْإِلْطَافِ فَقَالَ: أَنْ تُدْخِلَ يَدَيْهَا اهـ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ النَّاقِلَ عَنْ مَالِكٍ تَفْسِيرَ الْإِلْطَافِ بِمَا ذَكَرَ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهَا إنْ أَلْطَفَتْ وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَبَضَتْ بِيَدِهَا عَلَيْهِ يُنْتَقَضُ (أَقُولُ) وَحَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ رِوَايَةُ الْأُصْبُعِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَقُولُ بِالنَّقْضِ فِي الْأُصْبُعِ فَأَوْلَى الْيَدُ وَالْيَدَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ الْأُصْبُعِ فِي رِوَايَةِ النَّقْضِ أَوْلَى وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوُضُوءُ يُنْتَقَضُ بِإِدْخَالِ إصْبَعٍ فَأَوْلَى الْيَدُ وَالْيَدَانِ وَذِكْرُ يَدَيْهَا فِي رِوَايَةِ عَدَمِ النَّقْضِ أَوْلَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُنْتَقَضُ بِإِدْخَالِ الْيَدَيْنِ فَأَوْلَى الْأُصْبُعُ وَلَا تَرْجِيحَ لِرِوَايَةِ يَدِهَا بِوَجْهٍ فَتَدَبَّرْ
شَفْرَيْهَا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي إبْقَاءِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَلَى ظَاهِرِهَا أَوْ جَعْلِ التَّفْصِيلِ تَفْسِيرًا لِلْقَوْلَيْنِ وَأَنَّ مَنْ قَالَ بِالنَّقْضِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَلْطَفَتْ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُلْطِفْ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ النَّقْضِ مُطْلَقًا.
(ص) وَنُدِبَ غَسْلُ فَمٍ مِنْ لَحْمٍ وَلَبَنٍ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِكُلِّ أَحَدٍ وَيَتَأَكَّدُ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ غَسْلُ يَدٍ وَفَمٍ مَنْ غَمَرِ نَحْوِ لَحْمٍ وَمَسِّ إبِطٍ وَنَتْفِهِ وَغَسْلِ ثَوْبٍ مِنْ رَوَائِحَ مُسْتَكْرَهَةٍ كَبَيْضٍ وَمَضْمَضَةٍ مِنْ نَحْوِ لَبَنٍ مُطْلَقًا وَقَيَّدَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ بِالْحَلِيبِ وَقَدْ تَمَضْمَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ السَّوِيقِ وَهُوَ أَيْسَرُ مِنْ اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ وَمَسَحَ عُمَرُ يَدَهُ بِبَاطِنِ قَدَمِهِ فِيمَا لَا دَسَمَ لَهُ وَلَا وَدَكَ كَالتَّمْرِ وَالشَّيْءِ الْجَافِّ الَّذِي يُذْهِبُهُ أَدْنَى الْمَسْحِ وَالْغَمَرُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالْمِيمِ الْوَدَكُ مَا فِيهِ دُسُومَةٌ، وَإِنْ سُكِّنَتْ الْمِيمُ فَمَعَ فَتْحِ الْغَيْنِ الْمَاءُ الْكَثِيرُ وَمَعَ ضَمِّهَا الرَّجُلُ الْبَلِيدُ وَمَعَ كَسْرِهَا الْحِقْدُ قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ.
(ص) وَتَجْدِيدُ وُضُوءٍ إنْ صَلَّى بِهِ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِمُتَوَضِّئٍ تَجْدِيدُ وُضُوءٍ لِصَلَاةِ فَرِيضَةٍ إنْ صَلَّى بِهِ أَوَّلًا وَلَوْ نَافِلَةً أَوْ طَافَ أَوْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا يَفْتَقِرُ إلَى الطَّهَارَةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنْ صَلَّى بِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالطَّوَافِ لَا كَمَسِّ الْمُصْحَفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ عِبَادَةً يُطْلَقُ عَلَيْهَا فِي الشَّرْعِ صَلَاةً وَمَفْهُومُ إنْ صَلَّى بِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ لَا يَجِدْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ خِلَافٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَوَضَّأَ أَوَّلًا وَاحِدَةً وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ أَيْ فَلَهُ أَنْ يُجَدِّدَ بِحَيْثُ يُكْمِلُ الثَّلَاثَ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ خِلَافٌ وَانْظُرْ لَوْ تَيَمَّمَ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ إعَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مَا نَوَاهُ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ أَوْ لَا لِأَنَّ السَّرَفَ مُنْتَفٍ مِنْهُ أَوْ فِيهِ وَانْظُرْ مَا الَّذِي يَنْوِيهِ بِهَذَا الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْمُجَدَّدِ إذَا تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَنَّهُ يَنْوِي بِهِ الْفَضِيلَةَ.
(ص) وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَخَلَ الصَّلَاةَ بِيَقِينٍ ثُمَّ شَكَّ فِيهَا هَلْ أَحْدَثَ بَعْدَ وُضُوئِهِ الْمُحَقَّقِ أَمْ لَا وَتَمَادَى فِيهَا وَبَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْهَا أَوْ فِيهَا بِأَنَّ لَهُ الطُّهْرَ لَمْ يُعِدْهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ نَوَاهَا نَافِلَةً قَالَ مَالِكٌ لِبَقَاءِ الطَّهَارَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ فَقَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ أَيْ هَلْ أَحْدَثَ بَعْدَ وُضُوئِهِ الْمُحَقَّقِ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ شَكَّ فِي وُضُوئِهِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَيَسْتَخْلِفُ إنْ كَانَ إمَامًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِالتَّمَادِي مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ مَنْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ وَمَنْ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ) خُلَاصَتُهُ أَنَّ الرِّوَايَاتِ ثَلَاثَةٌ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّوَايَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ فَبَعْضُهُمْ يُبْقِي الرِّوَايَاتِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَهُوَ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ الَّذِي يُبْقِي الْمُدَوَّنَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبَعْضُهُمْ يُؤَوِّلُ الْمُدَوَّنَةَ بِعَدَمِ الْإِلْطَافِ وَتَرْجِعُ الرِّوَايَاتُ الثَّلَاثَةُ لِقَوْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَأُوِّلَتْ أَيْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: غَسْلُ فَمٍ) الْغَسْلُ وَضْعُ الْمَاءِ مَعَ التَّدْلِيكِ وَالْمَضْمَضَةُ مُجَرَّدُ وَضْعِ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَيُخَضْخِضُهُ، وَإِنْ لَمْ يُدَلِّكْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَنُدِبَ غَسْلُ فَمٍ أَيْ ظَاهِرِ الْفَمِ لَا دَاخِلِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ غَسْلُ يَدٍ وَفَمٍ أَيْ مِنْ خَارِجٍ وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا لَمَّا كَانَ مَحَلُّهَا عِنْدَ إرَادَةِ الطَّهَارَةِ نَاسَبَ ذِكْرَهَا هُنَا (قَوْلُهُ: نَحْوِ لَحْمٍ) وَمِثْلُهُ اللَّبَنُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ إبِطٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى فَمٍ أَيْ يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْيَدِ مِنْ مَسِّ إبِطٍ وَنَتْفِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: كَبَيْضٍ) أَيْ كَرَائِحَةِ بَيْضٍ (قَوْلُهُ: وَمَضْمَضَةٌ) تَقَدَّمَ أَنَّهَا وَضْعُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ، وَإِنْ لَمْ يَتَدَلَّكْ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ لَبَنٍ) وَدَخَلَ تَحْتَهُ اللَّحْمُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ خَارِجِ الْمَطْلُوبِ الْغَسْلُ وَمَا كَانَ دَاخِلًا فَالْمَضْمَضَةُ تَكْفِي (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَمَضْمَضَ) كَالدَّلِيلِ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: السَّوِيقِ) شَيْءٌ يُعْمَلُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَهُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ: فِيمَا لَا دَسَمَ لَهُ) أَيْ شَيْءٌ لَا دَسَمَ لَهُ وَقَوْلُهُ وَلَا وَدَكَ أَيْ فِي شَيْءٍ لَيْسَ وَدَكًا وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْمَوْصُوفِ عَلَى الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الدُّسُومَةَ صِفَةُ الْوَدَكِ وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْمُرَادِفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ غَسْلُ فَمٍ وَلَا يَدٍ مِمَّا لَا دَسَمَ فِيهِ وَلَا وَدَكَ كَالتَّمْرِ وَالشَّيْءِ الْجَافِّ إلَّا أَنَّ عُمَرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: إنْ صَلَّى بِهِ) أَيْ إنْ كَانَ صَلَّى بِهِ فِي الْمَاضِي (قَوْلُهُ: لِصَلَاةِ فَرِيضَةٍ) أَيْ وَمِثْلُهَا النَّافِلَةُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَا مَسَّ مُصْحَفٍ) وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ مَتَى فَعَلَ بِهِ فِعْلًا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ وَلَوْ مَسَّ مُصْحَفٍ يُنْدَبُ لَهُ التَّجْدِيدُ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ فَقَطْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ خِلَافُ مَا فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُجَدِّدَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا التَّجْدِيدَ يُؤَدِّي إلَى إعَادَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ عَدَمَ الْمَنْعِ أَيْ إنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ، وَإِنْ كَانَ يُكْرَهُ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الْمُنِيرِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ إعَادَةَ مَسْحِ الرَّأْسِ مُرَاعَاةً لِلتَّرْتِيبِ كَمَا لَوْ نَسِيَ عُضْوًا ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فَغَسَلَهُ وَمَا بَعْدَهُ لِلتَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ مِنْهُ أَوْ فِيهِ) تَنْوِيعٌ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُعِدْ) ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الطُّهْرُ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ وُجُوبًا وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ صَحِيحَةٌ لِكَوْنِهِ لَمْ يُصَلِّ بِهِمْ مُتَعَمِّدًا لِلْحَدَثِ (قَوْلُهُ: بِيَقِينٍ) الْمُرَادُ بِهِ اعْتِقَادُ الطَّهَارَةِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَكَّ فِيهَا) أَيْ تَرَدَّدَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَوْ ظَنَّ الْحَدَثَ (قَوْلُهُ: هَلْ أَحْدَثَ بَعْدَ وُضُوئِهِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ وُضُوئِهِ الْمُحَقَّقِ) أَيْ بِالْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ لَهُ الطُّهْرَ) أَيْ بِأَنْ جَزَمَ بِالْوُضُوءِ أَوْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الطَّهَارَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) أَيْ لَمْ يُعِدْهَا لِكَوْنِهِ طَاهِرًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ) أَيْ الْقَائِلَيْنِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ كَمَا أَفَادَهُ تت (قَوْلُهُ: فِي وُضُوئِهِ) أَيْ هَلْ تَوَضَّأَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ) أَيْ مَطْلُوبٌ بِالتَّمَادِي وُجُوبًا (قَوْلُهُ: فِي التَّفْرِيقِ إلَخْ) فَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي بَيَانِهِ لَيْسَ هَذَا بِخِلَافٍ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ طَرَأَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ
شَكَّ خَارِجَهَا ثُمَّ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَلَوْ قَوِيًّا فَمَنْ ظَنَّ النَّقْضَ فِي صَلَاتِهِ، فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ فَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ مَا قَابَلَ الْجَزْمَ.
(ص) وَمَنَعَ حَدَثٌ صَلَاةً وَطَوَافًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الطَّوَافَ وَلَوْ نَفْلًا وَالصَّلَاةَ كُلَّهَا عَلَى اخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا مِنْ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ وَنَفْلٍ وَسُجُودِ الْقُرْآنِ لَا يَجْزِي إلَّا بِوُضُوءٍ وَأَنَّ الْحَدَثَ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ هُنَا وَفِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ يَرْفَعُ الْحَدَثُ الْمَنْعَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْأَعْضَاءِ سَوَاءٌ كَانَ نَاشِئًا عَنْ حَدَثٍ أَوْ سَبَبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَدَثُ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَخَصَّ تت الْحَدَثَ بِالْأَصْغَرِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الزَّرْقَانِيِّ وَاقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْحَدَثِ لِكَوْنِهِ الْأَصْلَ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ كَذَلِكَ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي.
(ص) وَمَسَّ مُصْحَفٍ (ش) أَيْ وَمَنَعَ الْحَدَثُ مَسَّ مُصْحَفٍ مَكْتُوبٍ بِالْعَرَبِيِّ غَيْرِ مَنْسُوخٍ لَفْظُهُ فَآيَةُ: الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا، وَآيَةُ الرَّضَاعِ لَيْسَ لَهُمَا حُكْمُ الْمُصْحَفِ وَلَوْ دَلَّا عَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ كَالْأَخْبَارِ الْإِلَهِيَّةِ مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَأَمَّا مَا نُسِخَ حُكْمُهُ فَقَطْ فَكَغَيْرِهِ إجْمَاعًا وَلِجَلْدِهِ حُكْمُهُ وَأَحْرَى طَرَفُ الْمَكْتُوبِ وَمَا بَيْنَ الْأَسْطُرِ وَسَوَاءٌ مَسَّهُ بِيَدٍ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ وَلَوْ لَفَّ خِرْقَةً عَلَى عُضْوِهِ وَشَمِلَ الْمُصْحَفَ الْكَامِلَ وَالْجُزْءَ وَالْوَرَقَةَ فِيهَا بَعْضُ سُورَةٍ وَمِثْلُهُ اللَّوْحُ وَالْكَتِفُ وَكَتْبُهُ كَمَسِّهِ إلَّا الْآيَةَ فِي الْكِتَابِ وَالْبَسْمَلَةَ وَشَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ وَالْمَوَاعِظِ فِي الصَّحِيفَةِ وَمَا يُعَلَّقُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْحَائِضِ وَالْحَامِلِ إذَا أُحْرِزَ عَلَيْهِ أَوْ فِي شَمْعٍ لَا دُونَ سَاتِرٍ وَخَوْفَ غَرَقِهِ أَوْ حَرْقِهِ أَوْ يَدِ كَافِرٍ يُبِيحُ مَسَّهُ.
(ص) وَإِنْ بِقَضِيبٍ وَحَمْلِهِ، وَإِنْ بِعَلَاقَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ إلَّا بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ، وَإِنْ عَلَى كَافِرٍ (ش) أَيْ وَكَمَا يَمْنَعُ الْحَدَثُ مَسَّ الْمُصْحَفِ يَمْنَعُ مَا فِي حُكْمِهِ كَمَسِّهِ بِعُودٍ أَوْ تَقْلِيبِ أَوْرَاقِهِ بِهِ وَكَذَا يُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ بِعَلَاقَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ مُثَلَّثَةُ الْوَاوِ وَهِيَ الْمُتْكَأَةُ لَكِنْ إذَا مُنِعَ مَسُّهُ بِقَضِيبٍ فَأَوْلَى حَمْلُهُ بِعَلَاقَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِمَا لِيُسْتَثْنَى قَوْلُهُ إلَّا بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ وَحْدَهَا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ حَمْلُهَا لِلْحَدَثِ، وَإِنْ حُمِلَتْ عَلَى كَافِرٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِيهِ الْمُصْحَفُ
ــ
[حاشية العدوي]
لِخَبَرِ «أَنَّ الشَّيْطَانَ يَفْسُو بَيْنَ أَلْيَتَيْ أَحَدِكُمْ إذَا كَانَ يُصَلِّي فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِي طَهَارَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهَا إلَّا بِطَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ وَهُوَ فَرْقٌ بَيِّنٌ (أَقُولُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ الْأَوْلَى أَنْ يَقْرَأَ أَنَّ النَّقْضَ حَاصِلٌ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَكِنْ إنَّمَا أَمَرْنَاهُ بِالِاسْتِمْرَارِ لِتَرْجِيحِ جَانِبِ الْعِبَادَةِ بِدُخُولِهَا مُتَيَقِّنَ الطَّهَارَةِ وَمُقْتَضَى فَرْقِ ابْنِ رُشْدٍ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ كَانَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَلَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْتَقَضْ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ حَمْلِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ أَنَّهُ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى الشَّكِّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ وَمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ إلَّا لِنَقْضِهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنَّك تَجِدْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ بَيِّنًا (قَوْلُهُ: الظَّنَّ) أَيْ ظَنَّ الْحَدَثِ، وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ الطَّهَارَةَ بَعْدَ شَكِّهِ الْمُسْتَوِي فَقَدْ بَانَ لَهُ الطُّهْرُ.
(قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَخْ) لَا يَخْفَى شُمُولُهُ لِصُورَةِ وَهْمِ الْحَدَثِ مَعَ أَنَّهُ لَا نَقْضَ فِيهَا (قَوْلُهُ: اخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا) أَيْ أَوْصَافِهَا (قَوْلُهُ: لَا يَجْزِي إلَخْ) كَذَا فِي ك أَيْ لَا يَجْزِي مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُحْمَلَ الْحَدَثُ هُنَا عَلَى الْوَصْفِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ هُوَ التَّحْرِيمُ فَيَئُولُ الْمَعْنَى: وَمَنَعَ الْمَنْعُ وَلَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا عَلَى الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ (قَوْلُهُ: وَخَصَّ تت الْحَدَثَ إلَخْ) يُقَالُ: إذَا كَانَ التَّتَّائِيُّ خَصَّ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ فَمَا الْعُدُولُ عَنْ قَوْلِهِ: إلَى التَّعْمِيمِ.
(قَوْلُهُ: وَمَسَّ مُصْحَفٍ) وَلَوْ لِنَاسِخٍ (قَوْلُهُ: مَكْتُوبٍ بِالْعَرَبِيِّ) وَمِنْهُ الْخَطُّ الْكُوفِيُّ لَا مَكْتُوبٍ بِغَيْرِ عَرَبِيٍّ فَيَجُوزُ وَلَوْ لِجُنُبٍ كَتَوْرَاةٍ، وَإِنْجِيلٍ وَزَبُورٍ لِمُحْدِثٍ (قَوْلُهُ: غَيْرِ مَنْسُوخٍ لَفْظُهُ) ، وَأَمَّا الْمَنْسُوخُ لَفْظُهُ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْحُكْمَ بَاقٍ (قَوْلُهُ: فَآيَةُ الشَّيْخِ) أَيْ فَآيَةُ هِيَ الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ وَالْمُرَادُ الْمُحْصَنُ وَالْمُحْصَنَةُ (قَوْلُهُ وَآيَةُ الرَّضَاعِ) عَشْرُ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ (وَأَقُولُ) وَخَمْسٌ مَعْلُومَاتٌ مَنْسُوخَةٌ عِنْدَنَا أَيْضًا فَذِكْرُهَا هُنَا لَا يُنَاسِبُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ آيَةَ الرَّضَاعِ مَنْسُوخَةٌ لَفْظًا وَحُكْمًا عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا نُسِخَ حُكْمُهُ فَقَطْ) كَآيَةِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ} [البقرة: 240](قَوْلُهُ: وَلِجِلْدِهِ حُكْمُهُ) هَذَا ظَاهِرٌ قَبْلَ الِانْفِصَالِ فَلَوْ انْفَصَلَ الْجِلْدُ مِنْهُ هَلْ يَجُوزُ مَسُّهُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا نَظَرًا لِمَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ: وَأَحْرَى طَرَفُ الْمَكْتُوبِ) الْخَالِي عَنْ كِتَابَةٍ.
(فَائِدَةٌ) ذَكَرَهَا التَّتَّائِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْبُصَاقُ طَاهِرٌ وَلَكِنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ وَلِذَا اشْتَدَّ نَكِيرُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ عَلَى مُلَطِّخِ صَفَحَاتِ أَوْرَاقِ الْمُصْحَفِ بِهِ وَكَذَا كُلُّ كِتَابٍ لِيَسْهُلَ قَلْبُهَا قَائِلًا إنَّا لِلَّهِ عَلَى غَلَبَةِ الْجَهْلِ الْمُؤَدِّي لِلْكُفْرِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ لَا يَجُوزُ مَسْحُ لَوْحِ الْقُرْآنِ أَوْ بَعْضِهِ بِالْبُصَاقِ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى مُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْكَتِفِ) عِبَارَةُ تت الْكَتِفُ الْمَكْتُوبَةُ أَيْ التَّمَائِمُ وَالْحُرُوزُ اهـ.
وَهَذَا مَعْنًى مُرَادٌ وَإِلَّا فَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْعَظْمُ الَّذِي لِلْبَعِيرِ أَوْ الشَّاةِ كَانُوا إذَا جَفَّ كَتَبُوا عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ (قَوْلُهُ: إلَّا الْآيَةَ فِي الْكِتَابِ) أَيْ الْمَكْتُوبِ رِسَالَةً وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَقَوْلُهُ: وَالْبَسْمَلَةَ وَشَيْئًا إلَخْ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَالْبَسْمَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ عِنْدَنَا فَجَوَازُ الْمَسِّ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهَا مِنْ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُعَلَّقُ عَلَى الصَّبِيِّ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُرِّزَ بِسَاتِرٍ (قَوْلُهُ: يُبِيحُ مَسَّهُ) أَيْ بِدُونِ وُضُوءٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بِعِلَاقَةٍ) إنْ لَمْ تُجْعَلْ حِرْزًا وَإِلَّا جَازَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ الْمَنْعُ وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ هَيْئَةِ الْمُصْحَفِ وَصُرِفَ لِجِهَةٍ أُخْرَى، فَإِنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ لَا تَنْتَهِضُ فِي الْكَامِلِ وَظَاهِرُ الْحَطَّابِ اسْتِوَاءُ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُتْكَأَةُ) وَقَالَ السُّودَانِيُّ الْمُرَادُ بِالْوِسَادَةِ الْعِيدَانِ الَّتِي يُجْعَلُ عَلَيْهَا الْمُصْحَفُ وَهَذَا أَصْرَحُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ وَحْدَهَا) وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ ذَلِكَ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ الْأَحْوَالِ