المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في التيمم] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ١

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌بَابِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصَلِّ بَيَانِ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ]

- ‌[فَصْلٌ إزَالَة النَّجَاسَة]

- ‌[فَصْلُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ آدَابَ قَاضِي الْحَاجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصَلِّ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمَسْح عَلَى الجبيرة]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحَيْض]

- ‌[بَاب الْوَقْت الْمُخْتَار]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوط الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَصِفَةِ السَّاتِرِ

- ‌[فَصَلِّ فِي الِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَصَلِّ فِي فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاة وَبَدَلِهِ وَمَرَاتِبِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَتَرْتِيبِهَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ سُجُودَ التِّلَاوَةِ]

الفصل: ‌[فصل في التيمم]

الصُّغْرَى شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَنُوبُ عَنْ جَمِيعِهَا فِيهِمَا وَهُوَ التَّيَمُّمُ وَمَسْحُ الْجَبَائِرِ فَقَالَ (فَصْلٌ فِي مُتَعَلِّقَاتِ التَّيَمُّمِ) مِنْ أَعْذَارٍ نَاقِلَةٍ إلَيْهِ وَمُتَيَمَّمٍ عَلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ لُغَةً الْقَصْدُ وَلَمْ يَجِدْهُ ابْنُ عَرَفَةَ شَرْعًا وَنَقَلَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا كَانَ جَلِيًّا لَمْ أَجِدْهُ اهـ.

وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: طَهَارَةٌ تُرَابِيَّةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ زَادَ ابْنُ نَاجِي تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَزَادَ التَّادَلِيُّ بَعْدَ قَوْلِنَا طَهَارَةٌ تُرَابِيَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمَا تُرَابِيَّةٌ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يُتَيَمَّمُ عَلَى الْجِيرِ وَغَيْرِهِ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ وَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِمَا كَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ مُحْرِزٍ ضَرُورِيَّةٌ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ يُغْنِي عَنْهُ اهـ.

وَقَوْلُهُ عَلَى الْجِيرِ يُرِيدُ قَبْلَ طَبْخِهِ كَمَا يَأْتِي وَالْمُرَادُ بِالتُّرَابِ جِنْسُ الْأَرْضِ وَذَلِكَ أَعَمُّ لَا خُصُوصُ التُّرَابِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِمَا وَالتَّيَمُّمُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ وَقَسْمُ الْغَنَائِمِ وَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ وَالْوُضُوءُ عَلَى مَا مَرَّ وَالسِّوَاكُ لِقَوْلِهِ: عليه الصلاة والسلام «هَذَا سِوَاكِي وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» وَالسُّحُورُ وَتَعْجِيلُ الْفِطْرِ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْوَطْءُ لَيْلًا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَكَانَ يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَنَا بَعْدَ النَّوْمِ وَكَذَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] وَبَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِأَرْبَابِ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّيَمُّمِ مُعَبِّرًا بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمُشْعِرَةِ بِالْوُجُوبِ فَقَالَ

(ص) يَتَيَمَّمُ ذُو مَرَضٍ وَسَفَرٍ أُبِيحَ لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُبَاحُ التَّيَمُّمُ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ سَفَرًا جَائِزًا وَلَوْ قَصَرَ لِلْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ اسْتِقْلَالًا وَتَبَعًا وَيَتَيَمَّمُ مَائِدُ الْبَحْرِ الَّذِي لَا يَمْسِكُ نَفْسَهُ لِلْوُضُوءِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُوَضِّئُهُ وَكَذَا مَنْ خَشِيَ الْمَرَضَ مِنْ صَحِيحٍ مُقِيمٍ وَكَذَا مَنْ عَظُمَتْ بَطْنُهُ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ تَنَاوُلَ الْمَاءِ وَلَا يَجِدَ

ــ

[حاشية العدوي]

[فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمُ]

(فَصْلُ التَّيَمُّمِ)

(قَوْلُهُ: وَمَسْحُ الْجَبَائِرِ) مَعْطُوفٌ عَلَى التَّيَمُّمِ وَأَرَادَ بِالْجَمِيعِ الْكُلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ فَالْكُلُّ بِالنَّظَرِ لِلتَّيَمُّمِ وَالْأَكْثَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَبَائِرِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي إنْ صَحَّ جُلُّ جَسَدِهِ أَوْ أَقَلُّهُ وَلَمْ يَضُرَّ غَسْلُهُ وَقَوْلُنَا الْأَكْثَرُ بِالنَّظَرِ لِلْجَبَائِرِ أَيْ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الصُّوَرِ وَعَطْفُهُ عَلَى مَا يَنُوبُ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي النَّائِبِ (قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَ جَلِيًّا لَمْ أَحُدَّهُ) إنْ أَرَادَ الْهَيْئَةَ الْمُشَاهَدَةَ فَمُسَلَّمٌ وَإِنْ أَرَادَ الْحَقِيقَةَ فَلَا (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ: طَهَارَةٌ) لَمْ يُرِدْ بِالطَّهَارَةِ الصِّفَةَ الْحُكْمِيَّةَ بَلْ أَرَادَ بِهَا الْهَيْئَةَ الْمُحْتَوِيَةَ عَلَى مَسْحٍ وَنِيَّةٍ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ اشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى بَعْضِ أَجْزَائِهِ وَهَذَا إطْلَاقٌ مَجَازِيٌّ يُفِيدُهُ بَعْضُ حَوَاشِي التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: زَادَ ابْنُ نَاجِي إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ نَاجِي لَمْ يُعَرِّفْ بِهَذَا التَّعْرِيفِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ بَلْ قَالَ فِي تَعْرِيفِهِ طَهَارَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَزَادَ التَّادَلِيُّ بَعْدَ قَوْلِنَا طَهَارَةٌ تُرَابِيَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمَا تُرَابِيَّةٌ إلَخْ فَقَوْلُهُ اهـ أَيْ كَلَامُ ابْنِ نَاجِي فَإِذَا عَلِمْت كَلَامَ ابْنِ نَاجِي ظَهَرَتْ لَك هَذِهِ الْعِبَارَةُ فَضَمِيرُ شَيْخِنَا لِابْنِ نَاجِي لِأَنَّ الشَّبِيبِيَّ شَيْخَ ابْنِ نَاجِي وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِنَا أَيْ مَعْشَرَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ مَسْبُوقٌ بِهِ ابْنُ نَاجِي.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: زَادَ الثَّانِي فِعْلٌ مَاضٍ مَفْعُولُهُ لَفْظَتَانِ: تُرَابِيَّةٌ وَضَرُورِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمَا أَيْ التَّادَلِيِّ وَالشَّبِيبِيِّ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِمَا إلَخْ وَيَتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ أَنَّ الْمَزِيدَ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّوْضِيحِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَزِيدُ عَلَيْهِ التَّعْرِيفُ الْقَدِيمُ وَهُوَ طَهَارَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَأَمَّا زَادَ الْأَوَّلُ فَالْمَزِيدُ عَلَيْهِ لَفْظُ طَهَارَةٍ فَقَطْ وَهُوَ لَيْسَ التَّعْرِيفَ الْقَدِيمَ بَلْ هُوَ طَهَارَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ طَهَارَةٌ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالتُّرَابِ جِنْسُ الْأَرْضِ) شُرُوعٌ فِي جَوَابِ الِاعْتِرَاضِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُمْ صَلَاةً عَلَى الْجِنَازَةِ لَكِنْ لَا عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ وَكَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ كَالتَّوْضِيحِ يُنَافِيهِ فَقَدْ قَالَ وَهُوَ أَيْ التَّيَمُّمُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي الْوُضُوءِ وَكَذَا الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْغَنَائِمُ وَفِي ك وَأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ وَقَسْمُ إلَخْ فَهَذَا يُنَافِيهِ فَالظَّاهِرُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ لِإِيهَامِهَا وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا بِانْصِبَابِ الْقَاعِدَةِ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدِهِ لَا عَلَى الْقَيْدِ فَقَطْ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ: وَقَسْمُ الْغَنَائِمِ) قَدْ كَانَتْ الْغَنَائِمُ لَا يَحِلُّ لِمَنْ قَبْلَنَا تَنَاوُلُهَا وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهَا بَلْ إنْ قُبِلَتْ نَزَلَتْ نَارٌ فَأَحْرَقَتْهَا وَإِلَّا بَقِيَتْ إلَى أَنْ تَذْهَبَ وَتَبْلَى وَقَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِدْرَاكِ الطَّاعَةِ (قَوْلُهُ: وَالْوُضُوءُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ فَإِنَّ الشَّارِحَ رحمه الله ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ قَائِلًا وَالصَّحِيحُ اخْتِصَاصُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ لَا بِالْوُضُوءِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ فِي ك.

(قَوْلُهُ: وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ) أَيْ لَا أُمَمِهِمْ (قَوْلُهُ: وَالسُّحُورُ إلَخْ) أَيْ وَنُدِبَ السُّحُورُ وَتَعْجِيلُ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْلُ) أَيْ وَجَوَازُ الْأَكْلِ وَمِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْغُسْلُ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ لَا لِأُمَمِهَا (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُبَاحُ) أَيْ يَجِبُ وُجُوبًا عَزْمِيًّا أَوْ وُجُوبًا تَرْخِيصِيًّا فَالتَّيَمُّمُ وَاجِبٌ وَالْخِلَافُ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ وُجُوبَ الْعَزَائِمِ أَوْ وُجُوبَ الرُّخَصِ اهـ. وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَجِبُ وُجُوبًا تَرْخِيصِيًّا هَذَا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ مُعَبِّرًا بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمُشْعِرَةِ بِالْوُجُوبِ وَالْحَقُّ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْإِبَاحَةِ الْإِذْنُ الشَّامِلُ لِلْوُجُوبِ وَغَيْرِهِ كَمَا يَتَبَيَّنُ مِنْ الشَّارِحِ فِيمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصُرَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا لَمْ تُقْصَرْ فِيهِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ خَشِيَ الْمَرَضَ إلَخْ) يُمْكِنُ دُخُولُ هَذِهِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ قَالَ بَعْضٌ وَعُدُولُ الْمُؤَلِّفِ عَنْ مَرِيضِ الْأَخْصَرِ إلَى قَوْلِهِ: ذُو مَرَضٍ لِيَشْمَلَ

ص: 184

مُوَضِّئًا وَالْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ مَا قَابَلَ الْمُحَرَّمَ وَالْمَكْرُوهَ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُبَاحُ كَسَفَرِ التَّجْرِ لِمَا هُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ تَحْصِيلِهِ وَالْوَاجِبُ كَالسَّفَرِ لِحَجِّ الْفَرِيضَةِ وَيَخْرُجُ الْمُحَرَّمُ كَالسَّفَرِ لِمَعْصِيَةٍ وَالْمَكْرُوهُ كَسَفَرِ اللَّهْوِ وَالْحُكْمُ فِي الْعَاصِي بِالسَّفَرِ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الضَّرُورِيِّ وَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ فَإِنْ تَيَمَّمَ قَبْلَ التَّوْبَةِ وَصَلَّى فَيُعِيدُ صَلَاتَهُ أَبَدًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ كَرَاهَةُ التَّيَمُّمِ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُثِيبُهُ عَلَى هَذَا التَّيَمُّمِ فَإِنْ قِيلَ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ مَثَلًا إذَا عَدِمَ الْمَاءَ وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَلَوْ كَانَ عَاقًّا لِوَالِدَيْهِ فَلِمَ لَمْ يُبَحْ لِلْمُسَافِرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ السَّفَرَ لَمَّا كَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ خَوْفِ الْفَوَاتِ وَهُوَ عَاصٍ بِهِ لَمْ يُبَحْ لَهُ التَّيَمُّمُ لِذَلِكَ وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالنَّفْلِ مَا لَمْ يَكُنْ فَرْضًا فَيَشْمَلُ السُّنَّةَ وَشَمِلَ الْفَرْضُ الْجُمُعَةَ فَيَتَيَمَّمُ لَهَا الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ إذَا حَضَرَهَا.

(ص) وَحَاضِرٌ صَحَّ لِجِنَازَةٍ إنْ تَعَيَّنَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِرَ الَّذِي لَيْسَ بِمُسَافِرٍ وَهُوَ صَحِيحٌ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَعَدِمَ الْمَاءَ أَوْ خَشِيَ بِتَشَاغُلِهِ فَوَاتَ وَقْتٍ يَتَيَمَّمُ لِلْجِنَازَةِ إنْ تَعَيَّنَتْ بِأَنْ لَا يُوجَدَ مُتَوَضِّئٌ يُصَلِّي عَلَيْهَا وَلَا يُمْكِنُ تَأْخِيرُهَا حَتَّى يُحَصِّلَ الْمَاءَ أَوْ يَمْضِيَ إلَيْهِ (ص) وَفَرْضُ غَيْرِ جُمُعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِرَ الصَّحِيحَ إنَّمَا يَتَيَمَّمُ لِلْجِنَازَةِ الْمُتَعَيِّنَةِ كَمَا مَرَّ وَلِلْفَرَائِضِ الْخَمْسِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَمَّا هِيَ فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهَا إذَا خَشِيَ فَوَاتَهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ بِنَاءً عَلَى بَدَلِيَّتِهَا عَنْ الظُّهْرِ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِفَوَاتِهَا وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ لَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا وَهُوَ نَقْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْقِيَاسُ.

(ص) وَلَا يُعِيدُ (ش) أَيْ إذَا تَيَمَّمَ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ لَا يُعِيدُ وَإِنْ تَبَيَّنَ خِلَافُ ظَنِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الصَّحِيحِ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ مِمَّا لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ بِهِ (ص) لَا سُنَّةً (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى جِنَازَةٍ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَاضِرَ الصَّحِيحَ لَا يَتَيَمَّمُ لِسُنَّةٍ عَيْنِيَّةٍ كَالْوِتْرِ وَالْعِيدَيْنِ أَوْ كِفَايَةٍ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا وَأَرَادَ بِالسُّنَّةِ مَا يَشْمَلُ الْفَضِيلَةَ كَالرَّوَاتِبِ وَمَا يَشْمَلُ الرَّغِيبَةَ كَالْفَجْرِ (ص) إنْ عَدِمُوا مَاءً كَافِيًا (ش) الضَّمِيرُ

ــ

[حاشية العدوي]

مَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ جَوَازِ تَيَمُّمِ الْحَاضِرِ الْوَاجِدِ لِلْمَاءِ الصَّحِيحِ الْخَائِفِ الْمَرَضِ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَقَوْلُهُ ذُو مَرَضٍ حَاصِلٍ أَوْ يَتَوَقَّعُ وَالْإِضَافَةُ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَائِدَ الْبَحْرِ وَمَنْ عَظُمَتْ بَطْنُهُ وَمَنْ خَشِيَ الْمَرَضَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ ذُو مَرَضٍ (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ الْمُحْرِمُ إلَخْ) أَيْ مِنْ السَّفَرِ وَأَمَّا الْمَرَضُ فَيَتَيَمَّمُ لَهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُبَاحٍ بِاعْتِبَارِ تَشَاغُلِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا تَعَسُّرُ زَوَالِ الْمَرَضِ دُونَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَتَابُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِتَابَةَ لَا تَكُونُ إلَّا إذَا بَقِيَ مِقْدَارُ رَكْعَةٍ وَلَا يُسْتَتَابُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا ظُهُورَ لَهُ وَالْأَحْسَنُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ فَيُؤْمَرُ بِالتَّوْبَةِ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الضَّرُورِيِّ وَيُقْتَلُ حِينَئِذٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ تَيَمُّمُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ سَنَدٌ وَالْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: كَرَاهَةَ التَّيَمُّمِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَاصِي يَتَيَمَّمُ كَمَا قُلْنَا فَأَوْلَى الْمَكْرُوهُ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُثِيبُهُ) أَيْ لَا بِمَعْنَى تَيَمُّمُهُ مَكْرُوهٌ بَلْ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُثِيبُهُ وَإِنْ كَانَ التَّيَمُّمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ لِعَدَمِهِ الْمَاءَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ إفَادَةَ الْحُكْمِ بِالْوُجُوبِ أَوْ الْإِذْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالْإِبَاحَةِ مَا قَابَلَ التَّحْرِيمَ فَيَصْدُقُ بِالْمَكْرُوهِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا مُعْتَمِدًا عَلَى بَعْضِ النُّقُولِ رَأَيْت الشَّيْخَ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِبَاحَةِ هُنَا الْجَوَازَ لِيَدْخُلَ الْمَكْرُوهُ وَالْمَطْلُوبُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ إلَخْ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ.

(قَوْلُهُ: وَحَاضِرٌ صَحَّ لِجِنَازَةٍ إلَخْ) كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَائِزِ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ سُنَّةَ عَيْنٍ أَصَالَةً وَهُوَ قَدْ قَالَ لَا سُنَّةٌ وَتُدْفَنُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ (قَوْلُهُ: يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ) أَمَّا إذَا كَانَ يَخَافُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ الضَّرَرَ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ يَتَيَمَّمُ لَهَا (قَوْلُهُ: فَوَاتَ وَقْتٍ) بِأَنْ خَشِيَ الْإِسْفَارَ أَوْ الِاصْفِرَارَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يُوجَدَ مُتَوَضِّئٌ إلَخْ) الصَّوَابُ مَا فِي الشَّارِحِ وتت بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مُصَلٍّ غَيْرُهُ وَقَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْحَطَّابَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ حَاضِرٌ صَحِيحٌ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ وَمَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ فَيَتَيَمَّمُ لَهَا الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَانْتَصَرَ مُحَشِّي تت لِمَا فِي الشَّارِحِ بِأَنَّهُ الَّذِي فِي عِبَارَةِ سَنَدٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَفَرْضُ غَيْرِ جُمُعَةٍ) وَيُفْعَلُ بَدَلُهَا بِالتَّيَمُّمِ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِأَنَّ فَرْضَهُ حِينَئِذٍ الظُّهْرُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِرَ الصَّحِيحَ) أَيْ الَّذِي عَدِمَ الْمَاءَ أَمَّا إذَا كَانَ يَخَافُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ الْمَرَضَ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ يَتَيَمَّمُ لِلْجُمُعَةِ وَالسُّنَنِ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَقْلٌ) يَعْنِي وَأَمَّا هُوَ فَقَوْلُهُ كَمَا يَقُولُ الْمَشْهُورُ عَلَى نَقْلِهِ فَيُعِيدُ الظُّهْرَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْقِيَاسُ) وَأَمَّا الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْقِيَاسِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْبَدَلِيَّةِ أَنْ يَتَيَمَّمَ لَهَا كَمَا يَتَيَمَّمُ لِلظُّهْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلِ أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَا هِيَ بَدَلٌ عَنْهُ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا فَلَا يُقَالُ قِيَاسٌ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعِيدُ أَبَدًا ابْنُ حَبِيبٍ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ (قَوْلُهُ: إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ) أَيْ بِوَقْتٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَفْهُومُ الصِّفَةِ) الَّتِي هِيَ فَرْضٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَرْضٌ فِي مَعْنَى صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ (قَوْلُهُ: إنْ عَدِمُوا) مِنْ أَفْرَادِ عَدَمِ الْمَاءِ الْحَقِيقِيِّ مَا إذَا وَجَدُوا مَاءً غَيْرَ مُطْلَقٍ أَوْ مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ أَوْ مُسْبَلًا لِلشُّرْبِ خَاصَّةً وَمِثْلُهُ مَا إذَا الْتَبَسَ الْمُسْبَلُ لِلشُّرْبِ بِغَيْرِهِ.

(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ: إنْ عَدِمُوا قَالَ عج جَزْمًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا أَوْ وَهْمًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ

ص: 185

فِي عَدِمُوا عَائِدٌ إلَى الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ وَالْحَاضِرِ الصَّحِيحِ وَيُصْرَفُ فِي بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ إلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَيَعْنِي أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ التَّيَمُّمِ لَهُمْ أُمُورٌ الْأَوَّلُ مِنْهَا: عَدَمُ الْمَاءِ الْكَافِي لِمَا يَجِبُ تَطْهِيرُهُ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا أَوْ وَجَدَ الْمُحْدِثَ حَدَثًا أَصْغَرَ مَا لَا يَكْفِي أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ الْوَاجِبَةِ أَوْ أَكْبَرَ مَا لَا يَكْفِي جَمِيعَ بَدَنِهِ وَلَوْ كَفَى وُضُوءُهُ وَلَا يَجِبُ اسْتِعْمَالٌ دُونَ الْكَافِي مَعَ التَّيَمُّمِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (ص) أَوْ خَافُوا بِاسْتِعْمَالِهِ مَرَضًا أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِرَ الصَّحِيحَ أَوْ الْمُسَافِرَ إذَا خَافَ كُلٌّ مَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَرَضًا مِنْ نَزْلَةٍ أَوْ حُمَّى وَاسْتَنَدَ فِي خَوْفِهِ إلَى سَبَبٍ كَتَجْرِبَةٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مُقَارِبٍ لَهُ فِي الْمِزَاجِ أَوْ خَبَرٍ صَادِقٍ بِالطِّبِّ يَتَيَمَّمُ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَكَذَا يَتَيَمَّمُ الْمَرِيضُ إذَا خَافَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ زِيَادَةَ مَرَضٍ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْئِهِ وَدَوَامَ عِلَّتِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَدِمُوا عَائِدٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ لَكِنَّ الْعَدَمَ مُخْتَلِفٌ فَفِي حَقِّ الْمَرِيضِ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَفِي خَافُوا عَلَى الْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ الصَّحِيحِ وَجَمْعُهُ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ زِيَادَتَهُ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَيُقَدَّرُ مُفْرَدًا وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى مَرَضًا أَيْ أَوْ خَافَ الْمَرِيضُ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ فَالضَّمِيرُ الْأَوَّلُ عَائِدٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَالثَّانِي عَلَى اثْنَيْنِ وَالثَّالِثُ عَلَى وَاحِدٍ وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ هُنَا الْعِلْمُ وَالظَّنُّ وَلَا عِبْرَةَ بِالشَّكِّ وَالْوَهْمِ خِلَافًا لِمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (ص) أَوْ عَطَشٌ مُحْتَرَمٌ مَعَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ إذَا خَافَ بِاسْتِعْمَالِهِ عَطَشَ نَفْسِهِ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ مَعَهُ فِي رُفْقَتِهِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ مِلْكُهُ أَوْ مِلْكُ غَيْرِهِ بِحَيْثُ يَهْلِكُ الْمَخُوفُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَضَرَّرُ ضَرَرًا يُشْبِهُ الْمَوْتَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ أَوْ يَخْشَى مَرَضَهُ فَيَجُوزُ وَعَطَشٌ خَفِيفٌ لَا يُخْشَى عَاقِبَتُهُ لَغْوٌ وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ الْكَلْبُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ وَأَمَّا الْقِرْدُ وَالدُّبُّ فَلَا يَخْرُجُ وَإِنْ كَانَ فِي الْقِرْدِ قَوْلٌ بِحُرْمَةِ أَكْلِهِ (ص) أَوْ بِطَلَبِهِ تَلَفَ مَالٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُنْقَلُ لِلتَّيَمُّمِ أَنْ يَخَافَ الْقَادِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لِلْمَاءِ بِطَلَبِهِ تَلَفَ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ وَالْمَالُ كَثِيرٌ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ فِي شِرَاءِ الْمَاءِ وَهَذَا إذَا تَحَقَّقَ وُجُودُهُ أَوْ غَلَبَ عَنْ ظَنِّهِ أَمَّا إنْ شَكَّ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا.

(ص) أَوْ خُرُوجَ وَقْتٍ (ش) مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ تَلَفَ مَالٍ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا إنْ تَشَاغَلَ بِطَلَبِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَهَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِذَلِكَ بَلْ كُلُّ مَنْ أُبِيحَ لَهُ التَّيَمُّمُ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَخْشَى فَوَاتَ الْوَقْتِ قَبْلَ صِحَّتِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

إنْ عَدِمُوا جَزْمًا أَوْ ظَنًّا (تَتِمَّةٌ) الْمُرَادُ بِالْكِفَايَةِ مَا يَكْفِيهِ لِلْفُرُوضِ الْقُرْآنِيَّةِ وَلَا نَظَرَ لِلسُّنَّةِ فَإِذَا وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ لِلْفَرَائِضِ الْقُرْآنِيَّةِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَإِلَّا تَيَمَّمَ وَإِذَا وَجَدَ مَا يَكْفِي الْوَجْهَ وَإِذَا جَمَعَهُ كَفَى الْيَدَيْنِ وَالرَّأْسَ وَالرِّجْلَيْنِ وَجَبَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ نَزْلَةٍ) بِفَتْحِ النُّونِ كَمَا هُوَ مَضْبُوطٌ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ اللُّغَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَبَرٌ صَادِقٌ بِالطِّبِّ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا وَيُوَافِقُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَقُبِلَ لِلتَّعَذُّرِ غَيْرُ عُدُولٍ وَإِنْ مُشْرِكِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا فَقَدَ ذَلِكَ كَهَذِهِ الْأَزْمِنَةِ يُعَوَّلُ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ (قَوْلُهُ: فَفِي حَقِّ الْمَرِيضِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا حُمِلَ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ أَوْ خَافَ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخَّرَ بُرْءٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ تَرْجِعُ لِذَلِكَ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ عَادِمُ الْمَاءِ وَلَهُ قُدْرَةٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَهَذَا بِمَثَابَةِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَطَشٌ) اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ الْعَطَشَ، وَالْمُتَعَلِّقُ إمَّا مَوْتٌ أَوْ مَرَضٌ يَنْشَأُ عَنْهُ أَذًى شَدِيدٌ أَوْ خَفِيفٌ فَفِي الْأَوَّلَيْنِ يَجِبُ وَفِي الْأَخِيرِ يَجُوزُ فَالْأَقْسَامُ سِتَّةٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَنْشَأُ عَنْ الْعَطَشِ الْمُتَيَقَّنِ أَوْ الْمَظْنُونِ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي الْعَطَشِ أَوْ تَوَهَّمَ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْأَقْسَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ سِتَّةَ عَشَرَ وَذَلِكَ لِأَنَّ إدْرَاكَهُ إمَّا جَزْمٌ أَوْ ظَنٌّ أَوْ شَكٌّ أَوْ تَوَهُّمٌ وَمُتَعَلِّقُهُ إمَّا هَلَاكٌ أَوْ مَرَضٌ مَعَهُ أَذًى شَدِيدٌ أَوْ خَفِيفٌ أَوْ مُجَرَّدُ مَشَقَّةٍ خَفِيفَةٍ بِدُونِ مَرَضٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُتَلَبِّسًا بِالْعَطَشِ بِالْفِعْلِ فَالْخَوْفُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ وَأَنَّ مُتَعَلِّقَهُ الْمَرَضُ أَوْ التَّلَفُ أَفَادَهُ عج حَاصِلُهُ اثْنَا عَشَرَ وَذَلِكَ أَنَّ إدْرَاكَهُ إمَّا جَزْمٌ أَوْ ظَنٌّ أَوْ شَكٌّ أَوْ وَهْمٌ وَالْمُتَعَلِّقُ إمَّا هَلَاكٌ أَوْ شَدِيدُ أَذًى أَوْ مَرَضٌ خَفِيفٌ فَهِيَ اثْنَا عَشَرَ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَتَيَمَّمُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضَمُّ فَالْجُمْلَةُ سِتَّةُ عَشَرَ.

(تَنْبِيهٌ) : إذَا تَلَبَّسَ بِالْعَطَشِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَسْتَنِدَ فِي خَوْفِهِ إلَى قَوْلِ حَكِيمٍ أَوْ تُجْزِيهِ بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يَتَلَبَّسْ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ عج (قَوْلُهُ: الْكَلْبُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ) وَمِثْلُهُ الْخِنْزِيرُ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِمَا وَإِلَّا تَرَكَ الْمَاءَ لَهُمَا وَلَا يُعَذَّبَانِ بِالْعَطَشِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الْمُحْتَرَمِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ تَعْذِيبٌ لَهُ بِالْعَطَشِ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ تَعَذَّرَ قَتْلُهُ عَاجِلًا إمَّا لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ كَالِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ فِي نَحْوِ الْمُرْتَدِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَيَقُومُ مَقَامَ الْإِمَامِ نَائِبُهُ وَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ يَقُومُونَ مَقَامَهُمَا عِنْدَ عَدَمِهِمَا أَوْ عَادِيٍّ كَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى قَتْلِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي الْقِرْدِ قَوْلٌ) بَالَغَ عَلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُحْتَرَمًا بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْقَوْلِ لِأَنَّهُ صَارَ حِينَئِذٍ لَا انْتِفَاعَ بِهِ رَأْسًا وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ أَكْلِهِ فَفِيهِ مَنْفَعَةٌ مِنْ حَيْثُ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَخَافَ الْقَادِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لِلْمَاءِ تَلَفَ مَالٍ) وَالْخَوْفُ الِاعْتِقَادُ أَوْ الظَّنُّ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وُجُودُهُ) أَيْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ شَكَّ) سَكَتَ عَنْ الظَّنِّ الْغَيْرِ الْقَوِيِّ وَحُكْمُهُ كَالْغَالِبِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَيْسَ إلَخْ) سَيَأْتِي نِسْبَةُ هَذَا لِلْحَطَّابِ فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ وَيَرُدُّهُ.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ خَاصًّا بِذَلِكَ) أَيْ الَّذِي تَشَاغَلَ بِطَلَبِ الْمَاءِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَصْدُهُ بِذَلِكَ دَفْعَ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ

ص: 186

إنْ كَانَ مَرِيضًا وَقَبْلَ وُجُودِ الْمَاءِ إنْ كَانَ صَحِيحًا وَالْمُرَادُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ أَنْ لَا يُدْرِكَ فِيهِ مِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَةً (ص) كَعَدَمِ مُنَاوِلٍ أَوْ آلَةٍ (ش) قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَقَدْ يَجِبُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ اهـ.

وَقَالَ فِي التَّلْقِينِ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إذَا خَافَ مَتَى تَشَاغَلَ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَوَاتَ الْوَقْتِ لِضِيقِهِ أَوْ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ بِهِ أَوْ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ فِي الْوُصُولِ إلَيْهِ أَوْ لِعَدَمِ الْآلَةِ الَّتِي تُوَصِّلُهُ إلَيْهِ كَالدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ عَادِمَ الْآلَةِ أَوْ الْمُنَاوِلِ يَتَيَمَّمُ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ بِمَنْزِلَةِ عَادِمِ الْمَاءِ فَيُفَصَّلُ فِيهِ فَالرَّاجِي يَتَيَمَّمُ آخِرَهُ وَالْآيِسُ أَوَّلَهُ وَالْمُتَرَدِّدُ وَسَطَهُ وَمَا فِي الْحَطَّابِ مِنْ أَنَّهُ فِيمَا إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ يَتَيَمَّمُ خِلَافُ النَّقْلِ.

(ص) وَهَلْ إنْ خَافَ فَوَاتَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ خِلَافٌ (ش) أَيْ وَهَلْ يَتَيَمَّمُ الْمُحْدِثُ وَلَوْ أَكْبَرَ الْوَاجِدُ لِلْمَاءِ بَيْنَ يَدَيْهِ الْقَادِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ إذَا خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ بِاسْتِعْمَالِهِ وَإِنْ تَيَمَّمَ أَدْرَكَهُ وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ الْأَبْهَرِيُّ وَاخْتَارَهُ التُّونِسِيُّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَقَامَهُ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ يَتَوَضَّأُ وَلَوْ فَاتَهُ الْوَقْتُ وَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا فَلِذَا قَالَ خِلَافٌ.

(ص) وَجَازَ جِنَازَةٌ وَسُنَّةٌ وَمَسُّ مُصْحَفٍ وَقِرَاءَةٌ وَطَوَافٌ وَرَكْعَتَاهُ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ إنْ تَأَخَّرَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا تَيَمَّمَ لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ وَأَحْرَى لِسُنَّةٍ جَازَ أَنْ يَسْتَبِيحَ بِهِ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ غَيْرَ الْمُتَعَيِّنَةِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ وَالسُّنَّةُ كَالْوِتْرِ وَنَحْوِهِ وَأَحْرَى غَيْرُ السُّنَّةِ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالطَّوَافُ غَيْرُ الْوَاجِبِ وَرَكْعَتَيْهِ وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْفَرْضِ الْمُتَيَمَّمِ لَهُ أَنْ تَتَأَخَّرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَنْهُ فَلَوْ تَقَدَّمَ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَيْهِ صَحَّ فِي نَفْسِهِ وَأَعَادَ تَيَمُّمَهُ لِلْفَرْضِ وَلَوْ كَانَ الْمُقَدَّمُ

ــ

[حاشية العدوي]

خَوْفَ فَوَاتِ الْوَقْت إنَّمَا هُوَ فِي الَّذِي يَتَشَاغَلُ بِطَلَبِ الْمَاءِ وَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا يُطْلَبُ فِيهِ التَّيَمُّمُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خَوْفُ فَوَاتِ الْوَقْتِ فَأَفَادَ أَنَّ خَوْفَ فَوَاتِ الْوَقْتِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلِّ مُتَيَمِّمٍ وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِ بَارِدِ الْمَاءِ وَخَافَ مِنْ تَسْخِينِهِ خُرُوجَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: أَوْ آلَةٍ) أَيْ عَدَمِ آلَةٍ وَيَشْمَلُ مَا لَوْ عُدِمَتْ حَقِيقَةً وَهُوَ وَاضِحٌ أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا كَانَتْ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ كَانَتْ لِلْغَيْرِ وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ رِضَاهُ بِاسْتِعْمَالِهَا وَالْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (قَوْلُهُ: لِضِيقِهِ) أَيْ خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ لِأَجْلِ ضِيقِ الْوَقْتِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ بِهِ أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ خَوْفُ الْفَوَاتِ لِضِيقِهِ بَلْ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ بِهِ وَهَكَذَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ خَوْفَ فَوَاتِ الْوَقْتِ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ إلَخْ لَيْسَ لِلتَّشَاغُلِ بِالِاسْتِعْمَالِ بَلْ لِلِاشْتِغَالِ بِالِانْتِظَارِ فَيُقَدَّرُ مَعْطُوفٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ مَتَى خَافَ بِالِاشْتِغَالِ بِالِاسْتِعْمَالِ لِلْمَاءِ أَوْ بِانْتِظَارِ الْمَاءِ فَوَاتَ الْوَقْتِ وَقَوْلُهُ لِضِيقِهِ نَاظِرٌ لِلْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ بِهِ نَاظِرٌ لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالرِّشَاءِ) أَيْ الْحَبْلِ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ عَادِمَ الْمَاءِ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَصْحِيحِ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَدَفَعَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْحَطَّابُ كَمَا تَقَدَّمَ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَاسِبٌ لِنُسْخَةِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَعَدَمِ مُنَاوِلٍ أَوْ آلَةٍ وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ: لِعَدَمِ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ الْمُصَنِّفِ بَلْ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ إلَّا كَوْنُ عَادِمِ الْمُنَاوِلِ أَوْ الْآلَةِ إنَّمَا يَتَيَمَّمُ إذَا خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ) لَا يَخْفَى أَنَّك إذَا نَظَرْتَ لِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي تَقَدَّمَ لَهُ الَّذِي هُوَ كَلَامُ الْحَطَّابِ الَّذِي رَدَّهُ بِهَذَا نَجِدُهُ صَوَابًا وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مُتَيَمِّمٍ هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إنَّمَا يُقْدِمُ عَلَى التَّيَمُّمِ لِكَوْنِهِ يَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ أَيْ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْآيِسَ يَتَيَمَّمُ أَوَّلَهُ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا سَاغَ لَهُ التَّيَمُّمُ أَوَّلَهُ إلَّا لِكَوْنِهِ يَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ يَنْقَسِمُ إلَى آيِسٍ وَغَيْرِهِ، وَلَفْظُ الْحَطَّابِ قَوْلُهُ: كَعَدَمِ مُنَاوِلٍ أَوْ آلَةٍ أَيْ وَكَذَا يُبَاحُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِمَنْ عَجَزَ عَنْ تَنَاوُلِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ أَوْ لَمْ يَجِدْ آلَةً يَتَنَاوَلُ بِهَا وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ إنْ اشْتَغَلَ بِرَفْعِهِ مِنْ الْبِئْرِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا وَبِطَلَبِهِ خُرُوجَ وَقْتٍ، وَقَوْلِهِ: أَوْ لِتَأَخُّرِ الْمَجِيءِ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَبْعُدْ الْمَسَافَةُ، وَقَوْلِهِ: أَوْ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْهُ تَأَخُّرُ الْمَجِيءِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ خَافَ فَوَاتَهُ) أَيْ ظَنَّ فَوَاتَهُ أَوْ اعْتَقَدَ (قَوْلُهُ: الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ إلَخْ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَكْبَرَ.

(تَنْبِيهٌ) : إذَا تَبَيَّنَ لَهُ بَقَاءُ الْوَقْتِ أَوْ خُرُوجُهُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ أَوْلَى إذَا تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ، وَأَمَّا إنْ تَبَيَّنَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ فَيَتَوَضَّأُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: فَلَا أَقَلَّ) أَيْ أَفَلَا أَقَلَّ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ أَيْ أَيَنْتَفِي الْأَقَلُّ مِنْ الِاتِّفَاقِ وَذَلِكَ الْأَقَلُّ هُوَ كَوْنُهُ مَشْهُورًا فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُفَضَّلَ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ وَأَنَّ " مِنْ " فِي كَلَامِهِ بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَحْرَى لِسُنَّةٍ) قَدْ يُقَالُ مُقَابَلَةُ النَّفْلِ بِالْفَرْضِ تُؤْذِنُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّفْلِ مَا عَدَا الْفَرْضَ فَيَصْدُقُ بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْمُتَعَيِّنَةِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْجِنَازَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ يُصَلِّيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَعَيِّنَةً أَمْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ فَلَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَعَيِّنَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ) أَيْ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ كَقِرَاءَةِ جُنُبٍ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ لِوَاحِدٍ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ الْجِنَازَةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الطَّوَافِ هَلْ يَفْعَلُ بِهِ بَاقِيَهَا وَالنَّفَلَ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا تَيَمُّمُهُ لِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَهُوَ مِمَّا يَشْمَلُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ وَانْظُرْ إذَا تَيَمَّمَ لِلْفَرْضِ وَصَلَّى بِهِ النَّفَلَ فَهَلْ يَفْعَلُ بَاقِيَهَا وَالنَّفَلَ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ اهـ.

وَانْظُرْ إذَا تَيَمَّمَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا وَأَخْرَجَ غَيْرَهُ هَلْ يَجْرِي فِيهِ أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ الْمُسْتَبَاحِ أَمْ لَا اهـ. وَالظَّاهِرُ الْجَرَيَانُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَقَدَّمَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْفَاضِلُ مَسَّ مُصْحَفٍ أَوْ قِرَاءَةَ جُنُبٍ وَلَوْ كَآيَةٍ وَانْظُرْ مَا حُكْمُ إقْدَامِهِ عَلَى فِعْلِهَا قَبْلَ الْفُرَضِ بِتَيَمُّمِهِ هَلْ يَكْرَه أَوْ يَجُوزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُ

ص: 187

رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ لِلصُّبْحِ، وَتَقْيِيدُ الطَّوَافِ وَالْجِنَازَةِ بِغَيْرِ الْوَاجِبِ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: لَا فَرْضٌ آخَرُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَأَخُّرُ النَّفْلِ عَنْ النَّفْلِ الْمَنْوِيِّ بِخُصُوصِهِ وَيُصَلِّي السُّنَّةَ بِتَيَمُّمِ النَّفْلِ وَعَكْسُهُ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ مَنْ تَيَمَّمَ لِلْوِتْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَعَ بِهِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَإِنْ تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ فَلَهُ أَنْ يُوتِرَ بِهِ فَقَوْلُهُ: إنْ تَأَخَّرَتْ أَيْ وَجَازَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ وَصَحَّ الْفَرْضُ إنْ تَأَخَّرَتْ فِي الْفِعْلِ لَا إنْ تَقَدَّمَتْ فَلَا يَصِحُّ الْفَرْضُ وَصَحَّتْ فِي نَفْسِهَا فَهُنَا قَيْدَانِ أَحَدُهُمَا مُصَرَّحٌ بِهِ وَهُوَ الْجَوَازُ وَالْآخَرُ ضِمْنِيٌّ وَهُوَ صِحَّةُ الْفَرْضِ الَّذِي اسْتَلْزَمَهُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ فَقَوْلُهُ: إنْ تَأَخَّرَتْ شَرْطٌ فِي الْقَيْدِ الضِّمْنِيِّ فَمَفْهُومُهُ بِالنِّسْبَةِ لِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ مَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْضِ فِي نَفْسِهِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ إيقَاعِ الْغَرَضِ بِتَيَمُّمِهِ وَمَفْهُومُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْلِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَأَمَّا شَرْطُ نِيَّةِ النَّافِلَةِ عِنْدَ تَيَمُّمِ الْفَرِيضَةِ فَضَعِيفٌ وَفِي شَرْطِ الِاتِّصَالِ قَوْلَانِ وَالْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: وَلَزِمَ مُوَالَاتَهُ اشْتِرَاطُهُ وَهَذَا الشَّرْطُ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ مِثْلَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَالتَّوْضِيحِ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَالْعُذْرُ لِلْحَطَّابِ فِي قَوْلِهِ فِي مَظِنَّةِ ذَلِكَ لِأَنَّ مَظِنَّتَهُ التَّيَمُّمَ.

، وَأَمَّا شَرْطُ أَنْ لَا يُكْثِرَ جِدًّا فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ جِدًّا أَنَّ مُجَرَّدَ الْكَثْرَةِ لَا تَضُرُّ وَالْكَثْرَةُ بِالْعُرْفِ وَمَا حَدَّ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ الْكَثْرَةَ بِأَنْ لَا يَدْخُلَ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَجْرِي عَلَى مَذْهَبِنَا (ص) لَا فَرْضٌ آخَرُ وَإِنْ قَصَدُوا بَطَلَ الثَّانِي وَلَوْ مُشْتَرَكَةً (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَرْضَانِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَإِنْ قُصِدَا مَعًا عِنْدَ التَّيَمُّمِ وَإِذَا وَقَعَ بَطَلَ الثَّانِي وَلَوْ لِمَرِيضٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَسِّ الْمَاءِ أَوْ إحْدَاهُمَا مَنْذُورَةٌ أَوْ فَائِتَةٌ أَوْ مُشْتَرَكَةٌ مَعَ الْأُخْرَى فِي الْوَقْتِ كَظُهْرَيْنِ وَعِشَاءَيْنِ وَأَعَدَّاهَا أَبَدًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ أَصْبُغُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ ثَانِيَةَ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ وَغَيْرِهَا أَبَدًا وَصَحَّ الْأَوَّلُ (ص) لَا بِتَيَمُّمٍ لِمُسْتَحَبٍّ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَرْضٍ آخَرَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَاللَّامُ مُقْمَحَةٌ أَيْ لَا يُفْعَلُ فَرْضٌ آخَرُ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ وَلَا يُفْعَلُ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ أَوْ غَيْرُهُ بِتَيَمُّمِ مُسْتَحَبٍّ كَالتَّيَمُّمِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ لِنَوْمِ الْجُنُبِ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَلَنَا أَنْ نَجْعَلَ اللَّامَ أَصْلِيَّةً وَنُرِيدُ بِالْمُسْتَحَبِّ مَا لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا وَبِالنَّفَلِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلِ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ فَلَا مُنَافَاةَ.

(ص) وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ (ش) أَيْ مَا فُعِلَ لَهُ وَيَسْتَلْزِمُ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ أَفْعَالِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْأَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: فَهُنَا قَيْدَانِ) أَيْ مُقَيَّدَانِ أَيْ حُكْمَانِ مُقَيَّدَانِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُقَيَّدَ إنَّمَا هُوَ الصِّحَّةُ فَقَطْ وَلَوْ عَبَّرَ بِ " حُكْمَانِ " كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: الَّذِي اسْتَلْزَمَهُ الْجَوَازُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ لَوْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ وَأَمَّا هُنَا فَلَمْ يَتَّحِدْ الْمَحَلُّ لِأَنَّ الْجَوَازَ مَحَلُّهُ النَّفَلُ وَالصِّحَّةُ مَحَلُّهَا الْفَرْضُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْلِ فَهُوَ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا لَوْ كَانَ تَقْدِيرُ الْمُصَنِّفِ وَصَحَّ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ إنْ تَأَخَّرَتْ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: الِاتِّصَالِ) هَلْ الْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ مُتَتَابِعَةً بَعْضُهَا بِبَعْضٍ أَوْ وَلَوْ حَصَلَ تَفْرِيقٌ يَسِيرٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُرَادُ بِالِاتِّصَالِ اتِّصَالُهَا بِالْفَرْضِ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا فَصَلَهُ بِطُولٍ أَوْ خُرُوجٍ مِنْ مَسْجِدٍ أَعَادَ تَيَمُّمَهُ وَيَسِيرُ الْفَصْلِ مُغْتَفَرٌ وَمِنْهُ آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَالْمُعَقِّبَاتُ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِنَا أَيْ مَا فَعَلَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا الشَّرْطُ) أَيْ شَرْطُ نِيَّةِ النَّافِلَةِ عِنْدِ الْفَرِيضَةِ (قَوْلُهُ: فَالْعُذْرُ لِلْحَطَّابِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَطَّابَ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ ابْنَ رُشْدٍ نَصَّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ إنِّي سَبَرْت كُتُبَ ابْنِ رُشْدٍ فَلَمْ أَجِدْهُ ذَكَرَ الْقَيْدَ مَعَ أَنَّهُ فِي الْوَاقِعِ ذَكَرَهُ فَأَجَابَ الشَّارِحُ عَنْ الْحَطَّابِ بِأَنَّ مَقْصُودَهُ فَتَّشْت فِي مَظِنَّةِ ذَلِكَ فَلَمْ أَجِدْهُ وَهُوَ قَدْ صَدَقَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْحَطَّابُ لَمْ يَقُلْ فِي مَظِنَّةِ ذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَالْعُذْرُ لِلْحَطَّابِ فِي قَوْلِهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَظِنَّةِ (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ الثَّانِي) ذِكْرُهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ فَرْضًا وَقَالَ مُشْتَرِكَةٌ نَظَرًا لِكَوْنِهَا صَلَاةً وَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ لِأَنَّ الصَّلَاتَيْنِ اشْتَرَكَتَا فِي الْوَقْتِ وَأَرَادَ الثَّانِيَ فِي الْفِعْلِ فِي الْفَوَائِتِ وَفِي الْمَشْرُوعِيَّةِ فِي الْحَاضِرَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَلَّى الثَّانِيَةَ نَاسِيًا لِلْأُولَى وَقَدْ تَيَمَّمَ بِقَصْدِهِمَا وَهُوَ نَاسٍ لِلْأُولَى عِنْدَ فِعْلِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ فَعَلَ الْأُولَى بَعْدَ الثَّانِيَةِ فَتَبْطُلُ الثَّانِيَةُ فِي الْفِعْلِ وَهِيَ الظُّهْرُ وَالْمَغْرِبُ أَمَّا لَوْ تَيَمَّمَ بِقَصْدِ صَلَاةٍ فَتَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهَا فَإِنَّهُ يُعِيدُ التَّيَمُّمَ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَلَا يَصِحُّ صَلَاةُ التَّيَمُّمِ نَوَاهُ لِغَيْرِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُشْتَرِكَةٌ مَعَ الْأُخْرَى) هَذَا يُفِيدُ قِرَاءَةَ الْمُصَنِّفِ مُشْتَرِكَةٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيَصِحُّ الْفَتْحُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ شَارَكَتْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى فَرْضٍ) أَيْ عَلَى مَعْنَى فَرْضٍ أَيْ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يُفْعَلُ فَرْضٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: فَلَا مُنَافَاةَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَتَوَهَّمُ الْمُنَافَاةَ عَلَى الْحَلِّ الثَّانِي، وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى الْحَلِّ الثَّانِي نَفْسُ النَّافِلَةِ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْجِنَازَةَ وَالسُّنَّةَ وَمَسَّ الْمُصْحَفِ وَغَيْرَ ذَلِكَ تُفْعَلُ بِتَيَمُّمِ النَّافِلَةِ وَالْحَلُّ الْأَوَّلُ أَوْلَى مِنْ الثَّانِي وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَدْخُلُ فِيهِ تَيَمُّم الْجُنُبِ.

(قَوْلُهُ: وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ) لَمْ يَقُلْ وَاجِبُهُ كَمَا فِي الْغُسْلِ وَلَا فَرَائِضِهِ كَالْوُضُوءِ لِإِدْخَالِهِ هُنَا مَا لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي مَاهِيَّتِه كَأَخْذِهِ بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَلْزِمُ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ أَفْعَالِهِ) أَيْ أَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فُعِلَ لَهُ تَسْتَلْزِمُ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ أَفْعَالِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوَالِ بَيْنَ أَفْعَالِهِ لَمْ تَكُنْ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَمَا فُعِلَ لَهُ بَلْ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مَثَلًا وَمَا فُعِلَ لَهُ فَتَدَبَّرْ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الصُّورَةُ دَاخِلَةً فِي الْمُصَنَّفِ أَيْضًا

ص: 188

فَلِأَجْلِ ذَلِكَ اُشْتُرِطَ اتِّصَالُ النَّافِلَةِ بِالْفَرِيضَةِ وَفِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مُتَرَاخِيًا وَلَمَّا كَانَ اتِّصَالُهُ بِمَا فَعَلَ لَهُ شَرْطًا كَانَ تَفْرِيقُهُ وَلَوْ نَاسِيًا مُبْطِلًا لَا مِنْ جِهَةِ الْمُوَالَاةِ كَالْوُضُوءِ بَلْ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الِاتِّصَالِ الْمُخْتَصِّ بِهِ التَّيَمُّمُ كَمَا قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَلِذَا لَمْ يُشَبِّهْهُ بِالْوُضُوءِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ وَغَيْرُهُمَا.

(ص) وَقَبُولُ هِبَةِ مَاءٍ لَا ثَمَنٍ (ش) أَيْ وَلَزِمَ أَيْضًا فَاقِدَ الْمَاءِ قَبُولُ هِبَةِ الْمَاءِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَاءِ فَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهُ لِقُوَّةِ الْمِنَّةِ هُنَا دُونَ الْأَوَّلِ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِاتِّهَابٍ فَقَالَ وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ وَاتِّهَابُ مَاءٍ كَانَ أَحْسَنَ وَيَكُونُ قَبُولُ الْهِبَةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى لِأَنَّ الِاتِّهَابَ طَلَبُ الْهِبَةِ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمِنَّةَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَمُنُّ بِهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمِنَّةُ يَظْهَرُ لَهَا أَثَرٌ وَأَمَّا التَّافِهُ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ (ص) أَوْ قَرْضُهُ (ش) الضَّمِيرُ فِي قَرْضِهِ إمَّا رَاجِعٌ لِلْمَاءِ أَوْ الثَّمَنِ وَفِي كُلٍّ إمَّا مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى قَبُولٍ أَوْ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى هِبَةٍ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى ثَمَنٍ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الثَّمَنِ وَلَا قَرْضُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَلِيئًا بِبَلَدِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ قَرْضُهُ وَقَبُولُ قَرْضِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا رَجَعَ ضَمِيرُ قَرْضِهِ لِلثَّمَنِ إذْ رُجُوعُهُ لِلْمَاءِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَرْضُهُ وَقَبُولُ قَرْضِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ.

(ص) وَأَخْذُهُ بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مُوَالَاتِهِ أَيْ وَلَزِمَ مَنْ فَقَدَ الْمَاءَ وَوَجَدَهُ يُبَاعُ أَخْذُهُ إنْ بِيعَ بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ فِي مَوْضِعِهِ وَمَا قَارَبَهُ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ لِلثَّمَنِ لِنَفَقَةِ سَفَرِهِ وَنَحْوِهِ وَلِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِانْقِسَامِ الْبَيْعِ إلَى مُعَجَّلٍ وَمُؤَجَّلٍ فَلَا مَعْنَى لِانْحِصَارِهِ فِي أَحَدِهِمَا قَالَ (وَإِنْ بِذِمَّتِهِ) لِأَنَّهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ أَشْبَهَ وَاجِدَ الثَّمَنِ وَهُوَ أَحْرَى مِنْ لُزُومِ الْقَرْضِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُشَاحَةِ وَفِي الْقَرْضِ مِنْ الْمِنَّةِ فَلَوْ بِيعَ بِغَيْرِ الْمُعْتَادِ بِأَنْ زَادَ عَلَى ثُلُثِ الثَّمَنِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَوْ كَثُرَتْ دَرَاهِمُهُ كَمَا وَضَّحْنَاهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَاسْتُشْكِلَ كَوْنُ قَوْلِهِ وَإِنْ بِذِمَّتِهِ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِأَنَّ عَدَمَ الِاحْتِيَاجِ فَرْعُ الْوُجُودِ وَمَا فِي ذِمَّتِهِ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ بِذِمَّتِهِ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ اُعْتِيدَ أَيْ وَأَخَذَهُ بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ وَإِنْ بِذِمَّتِهِ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ حَيْثُ كَانَ مَعَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدِّمْ قَوْلَهُ: وَإِنْ بِذِمَّتِهِ عَلَى لَمْ يَحْتَجْ لَهُ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِثَمَنٍ (ص) وَطَلَبَهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ تَوَهَّمَهُ لَا تَحَقَّقُ عَدَمِهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ أَيْ وَلَزِمَ مُرِيدَ التَّيَمُّمِ طَلَبُ الْمَاءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ تُسَاوِي الثَّمَنَ الَّذِي يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ بِهِ وَإِنْ تَوَهَّمَ وُجُودَ الْمَاءِ وَأَوْلَى إذَا ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِي الْوُجُودِ لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ الطَّلَبُ مَعَ التَّوَهُّمِ الَّذِي هُوَ أَضْعَفُ الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثِ فَلَأَنْ يَلْزَمَهُ الطَّلَبُ فِي غَيْرِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى أَمَّا مَعَ تَحَقُّقِ الْعَدَمِ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الطَّلَبِ

(ص) طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ (ش) هُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ عَامِلُهُ الْمَصْدَرُ أَيْ طَلَبَهُ طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ فَلَيْسَ الرَّجُلُ وَالضَّعِيفُ كَالْمَرْأَةِ وَالْقَوِيِّ وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا كَانَ عَلَى مِيلَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَلِأَجْلِ ذَلِكَ) أَيْ فَلِأَجْلِ لُزُومِ مُوَالَاتِهِ مَعَ مَا فُعِلَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَقَوْلُهُ: مُتَرَاخِيًا أَيْ بَيْنَ أَجْزَائِهِ أَيْ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فُعِلَ لَهُ فَالتَّفْرِيعُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ اتِّصَالُهُ بِمَا فُعِلَ لَهُ شَرْطًا) أَيْ اتِّصَالُهُ بِمَا فُعِلَ لَهُ وَاتِّصَالُ أَجْزَائِهِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَقَوْلُهُ شَرْطًا كَانَ ذَكَرًا قَادِرًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلِذَا لَمْ يُشَبِّهْهُ بِالْوُضُوءِ) أُجِيبَ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالنَّظَرِ لِحَالَةِ الْعَامِدِ وَالْعَاجِزِ لَا النَّاسِي.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمِنَّةَ) أَيْ يَجْزِمْ بِهَا كَذَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْ الْمُقْرِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الظَّنِّ لِأَنَّ الظَّنَّ فِي تِلْكَ الْأَبْوَابِ يُعْطَى حُكْمُ التَّحَقُّقِ أَيْ مَا لَمْ يَظُنَّ الْمِنَّةَ أَوْ يَجْزِمْ بِهَا بِقَرِينَةٍ قَامَتْ عِنْدَهُ كَأَنْ يَكُونَ مَثَلًا بِمَحَلٍّ لَهُ قِيمَةٌ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ: إمَّا رَاجِعٌ لِلْمَاءِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا رَجَعَ لِلْمَاءِ يَكُونُ صُورَةً مَفْهُومَةً بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: هِبَةِ مَاءٍ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَا مِنَّةَ فِيهِ كَالْهِبَةِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الْحَطَّابَ ذَكَرَ مَا نَصُّهُ لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ قَبُولُهُ أَيْ الْمَاءِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَأَحْرَى عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ فِيهِ تَعْمِيرَ الذِّمَّةِ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ قَرِيبٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ لَهُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالِاحْتِيَاجِ هَلْ مَا يَحْتَاجُ لِقِيَامِ بِنْيَتِهِ أَوْ لِنَفَقَتِهِ الْمُعْتَادَةِ غَيْرَ سَرَفٍ وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا يُقَوِّمُ بِنْيَتَهُ لِشُمُولِ النَّفَقَةِ الْكِسْوَةَ أَوْ مَا يَحْتَاجُ لَهُ وَلَوْ كَانَ سَرَفًا وَالظَّاهِرُ الْوَسَطُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ لِنَفَقَةِ سَفَرِهِ تَبِعَ فِيهِ بَهْرَامَ وَهِيَ مُطْلَقَةٌ ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ النَّفَقَةَ تُعْتَبَرُ حَالًا أَيْ فِي حَالَةِ السَّفَرِ أَيْ لَا بَعْدُ وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ زَادَ عَلَى ثُلُثِ الثَّمَنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالثَّمَنِ مَا اُعْتِيدَ أَنْ تُبَاعَ الْقِرْبَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبَعْدُ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُ هَذَا تَفْسِيرًا لِغَيْرِ الْمُعْتَادِ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَادِ يَصْدُقُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ أَشْهَبَ أَنَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَشَارِحُنَا تَبِعَ الْجَلَّابَ وَعَبْدَ الْحَقِّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوِّنَةِ وَأَنَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ لَا يَلْزَمُهُ فَمَا قَالَ الشَّارِحُ ضَعِيفٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَكَذَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ التُّرَابِ بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ (مَسْأَلَةٌ) الْمَاءُ إذَا كَانَ مِلْكَ عَبْدِهِ اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ انْتِزَاعُهُ وَبِتَيَمُّمٍ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَدَمَ الِاحْتِيَاجِ فَرْعُ الْوُجُودِ) لَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ يَكُونُ الشَّخْصُ لَيْسَ عِنْدَهُ الشَّيْءُ وَلَا يَحْتَاجُ لَهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَهَّمَهُ) هَذَا إذَا كَانَ التَّوَهُّمُ قَبْلَ الطَّلَبِ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ وَطَلَبَ ثُمَّ تَوَهَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ (قَوْلُهُ: لَا يُحَقِّقُ عَدَمَهُ) الْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ) لَكِنَّ مَحَلَّ الطَّلَبِ حَيْثُ كَانَ بِمَوْضِعٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ أَوْ فِيهِ وَحَدَثَ مَا يَقْتَضِي الطَّلَبَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَهَّمَ وُجُودَ الْمَاءِ) هَذَا عَلَى خِلَافِ مَا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فَذَكَرَ أَنَّ الْمُتَوَهِّمَ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ

ص: 189

الْمَشَقَّةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَفِي الْبَيَانِ فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيَلْزَمُهُ الْعُدُولُ إلَى الْمَاءِ عَنْ طَرِيقِهِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا عَلَى قَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ تَلْحَقُهُ مَعَ الْأَمْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَقَالُوا فِي الْمِيلَيْنِ كَثِيرٌ وَفِي الْمِيلِ وَنِصْفٍ مَعَ الْأَمْنِ أَنَّهُ يَسِيرٌ وَذَلِكَ لِلرَّاكِبِ وَلِلرَّاجِلِ الْقَوِيِّ الْقَادِرِ انْتَهَى (ص) كَرُفْقَةٍ قَلِيلَةٍ أَوْ حَوْلَهُ مِنْ كَثِيرَةٍ (ش) أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ مِنْ رُفْقَةٍ قَلِيلَةٍ كَالْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةِ كَانَتْ حَوْلَهُ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلَانِ وَشِبْهُهُمَا فَلْيَعُدْ أَبَدًا لِكَثْرَةِ الرَّجَاءِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ رُفْقَةٍ حَوْلَهُ كَثِيرَةٍ كَالْأَرْبَعِينَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يُعِيدُ وَمَحَلُّ لُزُومِ الطَّلَبِ مِمَّنْ ذُكِرَ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ الْإِعْطَاءَ أَوْ يَظُنَّ أَوْ يَشُكَّ فِيهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إنْ جَهِلَ بُخْلَهُمْ بِهِ فَيَشْمَلُ مَا ذُكِرَ أَمَّا إنْ عَلِمَ بُخْلَهُمْ فَلَا.

(ص) وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَنِيَّةُ أَكْبَرَ إنْ كَانَ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الْمُتَيَمِّمَ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَوْ فَرْضِهَا إنْ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ مَعَ نِيَّةِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ إنْ كَانَ جُنُبًا وَلَا بُدَّ فِي تَيَمُّمِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ مِنْ نِيَّتِهِ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ الصَّلَاةُ لِأَنَّ بِفَرَاغِ كُلِّ صَلَاةٍ يَعُودُ جُنُبًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَزِمَهُ عِنْدَ الضَّرْبَةِ الْأُولَى نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَمِثْلُهَا فَرْضُ التَّيَمُّمِ وَيُسْتَحَبُّ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الَّتِي يُرِيدُ فِعْلَهَا بِعَيْنِهَا مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ هُمَا عَلَى الْعُمُومِ لَا اسْتِبَاحَةُ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَهُوَ الصَّوَابُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ حُكْمُ الطَّلَبِ فَطَلَبُ الظَّانِّ لَيْسَ كَطَلَبِ الشَّاكِّ وَالْمُتَوَهِّمِ وَكَذَا طَلَبُ الشَّاكِّ لَيْسَ كَطَلَبِ الْمُتَوَهِّمِ (قَوْلُهُ وَقَالُوا فِي الْمِيلَيْنِ كَثِيرٌ) خُلَاصَتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ مِيلَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا شَقَّ أَمْ لَا وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مِيلَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ حَيْثُ شَقَّ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا وَيَلْزَمُهُ حَيْثُ لَا يَشُقُّ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: كَرُفْقَةٍ) مُثَلَّثُ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَوْلَهُ مِنْ كَثِيرَةٍ) أَيْ أَوْ حَوْلَهُ مِنْ رُفْقَةٍ كَثِيرَةٍ كَالْأَرْبَعِينَ بِحَيْثُ يَكُونُ مَنْ حَوْلَهُ مِنْهَا كَالْقَلِيلَةِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ شب (قَوْلُهُ: وَشِبْهُهُمَا) أَيْ كَالثَّلَاثَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَقَلَّ وَتَرَكَ السُّؤَالَ فَلْيَعُدْ أَبَدًا وَإِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً فَأَكْثَرَ وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ قَلِيلُونَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ الْأَرْبَعَةِ مِمَّا يَضْعُفُ الرَّجَاءُ فِي الطَّلَبِ مِنْهُمْ دُونَ الثَّلَاثَةِ فَلِذَلِكَ افْتَرَقَ الْحُكْمُ بَعِيدٌ وَقَوْلُهُ فَقَدْ أَسَاءَ أَيْ حَرُمَ عَلَيْهِ وَلَا إعَادَةَ لِأَنَّ كَثْرَةَ الرُّفْقَةِ مَظِنَّةُ الِاحْتِجَاجِ إلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَاءِ وَبَعْدُ فَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الطَّلَبَ فِي الرُّفْقَةِ الْقَلِيلَةِ أَوْ الرُّفْقَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنْ اعْتَقَدَ الْإِعْطَاءَ أَوْ ظَنَّهُ فَلْيُعِدْ أَبَدًا وَإِنْ شَكَّ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ تَوَهَّمَ فَلَا إعَادَة أَصْلًا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا تَبَيَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمَ وُجُودِهِ فَلَا إعَادَةَ أَصْلًا (قَوْلُهُ: كَالْأَرْبَعِينَ) لَا يَخْفَى أَنَّ بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ وَنَحْوَ الْخَمْسَةِ عَدَدٌ كَثِيرٌ فَلَمْ يُعْلَمْ حُكْمُهُ هَلْ يُعَدُّ مِنْ الرُّفْقَةِ الْقَلِيلَةِ أَوْ الرُّفْقَةِ الْكَثِيرَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ لِلْعَشَرَةِ مِنْ الْقَلِيلَةِ وَمَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ مِنْ الْكَثِيرَةِ فَتُلْحَقُ بِالْأَرْبَعِينَ وَقَالَ عج وَلَوْ قِيلَ بِإِلْحَاقِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لِلْأَرْبَعِينَ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا بِالْأَرْبَعِينَ مَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَشُكَّ) أَيْ أَوْ يَتَوَهَّمَ كَمَا أَفَادَهُ تت وَأَيْضًا هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَمَّا إنْ عَلِمَ إلَخْ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ فَلَا عِبْرَةَ بِالتَّوَهُّمِ فَظَاهِرُ شَارِحِنَا حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ صُورَةَ التَّوَهُّمِ الْمَيْلُ لِابْنِ رُشْدٍ.

(قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ مَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا الطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِيهِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: أَوْ فَرْضِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ اسْتِبَاحَةِ فَرْضِ الصَّلَاةِ أَيْ مَفْرُوضٍ هُوَ الصَّلَاةُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَوْ نَسِيَ لَمْ يَضُرَّ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ نِيَّةِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ) فَلَوْ تَرَكَهَا فَتَيَمُّمُهُ بَاطِلٌ كَانَ التَّرْكُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا فَإِنْ نَوَى الْأَكْبَرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَصْغَرُ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ تَيَمُّمُهُ وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَلَا يُجْزِيهِ فَلَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ فَتَيَمُّمُهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ كَمَا يَأْتِي وَظَاهِرُ مَا قَالُوهُ وَلَوْ نَوَى رَفْعًا مُقَيَّدًا.

(تَنْبِيهٌ) : هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَنْوِ فَرْضَ التَّيَمُّمِ فَيُجْزِيهِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنِيَّةِ الْأَكْبَرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَكَرَّرَتْ الصَّلَاةُ) بَعِيدٌ وَالْأَقْرَبُ تَرْجِيحُ الضَّمِيرِ لِلطَّهَارَةِ التُّرَابِيَّةِ أَوْ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى النِّيَّةِ أَيْ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الضَّرْبَةِ الْأُولَى) هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ اللُّمَعِ وَقَالَ زَرُّوقٌ مَحَلُّ النِّيَّةِ الْوَجْهُ بِلَا خِلَافٍ أَيْ وَالضَّرْبَةُ الْأُولَى بِمَنْزِلَةِ نَقْلِ الْمَاءِ لِلْعُضْوِ كَمَا أَنَّ الصَّعِيدَ الطَّاهِرَ بِمَثَابَةِ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْبَدْرُ بِقَوْلِهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْوُضُوءُ كَذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ تَقَدُّمُ النِّيَّةِ فِي التَّيَمُّمِ بِيَسِيرٍ لِضَعْفِهِ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلُ الْجَائِزُ ذَلِكَ فِيهِمَا كَمَا قَالَهُ شَارِحُ اللُّمَعِ (قَوْلُهُ: مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ) أَيْ كَأَنْ يَقْصِدَ بِهِ صَلَاةَ الظُّهْرِ مَثَلًا أَوْ صَلَاةَ الْوِتْرِ مَثَلًا فَالتَّعَيُّنُ شَخْصِيٌّ لَا أَنَّهُ نَوْعِيٌّ كَأَنْ يَنْوِيَ مُطْلَقَ صَلَاةِ فَرْضٍ أَوْ مُطْلَقَ صَلَاةِ نَفْلٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لَهُ إلَّا أَنَّ التَّعْيِينَ إذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ لِلشَّخْصِيِّ وَأَيْضًا فَإِنَّ عِبَارَاتِهِمْ تَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ هُمَا عَلَى الْعُمُومِ) أَيْ الشُّمُولِ أَيْ أَنْ يَنْوِيَ الظُّهْرَ وَالنَّوَافِلَ التَّابِعَةَ لَهُ مَثَلًا فَمَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ صَلَاةٍ بِعَيْنِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ لَمْ يُصَلِّ بِهِ غَيْرَهَا مِنْ الْفَرَائِضِ وَأَمَّا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ صَلَاةِ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَهُ بِكَوْنِهِ ظُهْرًا مَثَلًا صَلَّى بِهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ ظُهْرٍ أَوْ عَصْرٍ وَلَا يُصَلِّي بِهِ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ.

(قَوْلُهُ: لَا اسْتِبَاحَةُ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ) عَبَّرَ بِمُطْلَقٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ بِدُونِ أَنْ يُلَاحَظَ مُطْلَقٌ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَإِنْ قِيلَ الصَّلَاةُ تَشْمَلُ الْفَرِيضَةَ وَالنَّافِلَةَ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ لَا تَكْفِي مَعَ الْإِطْلَاقِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَرِيضَةَ أَقْوَى مِنْ النَّافِلَةِ مَعَ أَنَّهَا الْمُتَبَادَرَةُ فَلِذَلِكَ انْصَرَفَتْ النِّيَّةُ إلَيْهَا

ص: 190

الصَّالِحَةِ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ لِأَنَّ الْفَرْضَ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهُ فَيَكُونُ كَمَنْ نَوَى النَّفَلَ فَلَا يُصَلِّي بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ الْفَرْضَ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ تَيَمُّمَهُ صَحِيحٌ وَيَفْعَلُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ غَيْرَ الْفَرْضِ (ص) وَلَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ بَلْ يُبِيحُ الْعِبَادَةَ وَقِيلَ يَرْفَعُهُ وَعَلَيْهِ عَدَمُ كَرَاهَةِ إمَامَةِ الْمُتَيَمِّمِ لِلْمُتَوَضِّئِينَ وَفِعْلُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا فِيهِمَا وَاخْتَارَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْمَازِرِيُّ وَالْقَرَافِيُّ فِي أَنَّهُ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ قَالَ الْقَرَافِيُّ وَقَوْلُهُمْ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَيْ لَا يَرْفَعُهُ مُطْلَقًا بَلْ إلَى غَايَةٍ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ النَّقِيضَانِ إذْ الْحَدَثُ الْمَنْعُ وَالْإِبَاحَةُ حَاصِلَةٌ مُتَحَقِّقَةٌ إجْمَاعًا فَالْخُلْفُ لَفْظِيٌّ وَنَحْوُهُ لِلْمَازِرِيِّ فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ يَرْفَعُهُ لَكَانَ يُصَلِّي بِهِ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ يَرَى الْوُضُوءَ كَذَلِكَ وَهُوَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ إجْمَاعًا.

(ص) وَتَعْمِيمُ وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ لِكُوعَيْهِ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الْمُتَيَمِّمَ تَعْمِيمُ مَا ذَكَرَ ابْنُ شَعْبَانَ وَلَا يَتَتَبَّعُ غُضُونَ الْوَجْهِ وَيُرَاعِي الْوَتَرَةَ وَحَجَاجَ الْعَيْنِ وَالْعَنْفَقَةَ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَعْرٌ وَيُمِرُّ يَدَيْهِ عَلَى شَعْرِ لِحْيَتِهِ الطَّوِيلَةِ وَيَبْلُغُ بِهِمَا حَيْثُ مَا يَبْلُغُ بِهِمَا فِي غَسْلِ الْوَجْهِ وَمَا لَا يُجْزِيهِ فِي الْوُضُوءِ لَا يُجْزِيهِ فِي التَّيَمُّمِ (ص) وَنَزَعَ خَاتَمَهُ (ش) أَيْ وَلَزِمَ الْمُتَيَمِّمَ نَزْعُ خَاتَمِهِ وَلَوْ مَأْذُونًا فِي لُبْسِهِ أَوْ مُتَّسِعًا لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ فَلَا يَجْزِيهِ تَيَمُّمُهُ (ص) وَصَعِيدٌ طَهِرٌ كَتُرَابٍ (ش) أَيْ وَمِنْ لَوَازِمِ التَّيَمُّمِ الصَّعِيدُ وَهُوَ مَا صَعِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ أَجْزَائِهَا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الطَّيِّبِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] فَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُنْبِتُ وَهُوَ التُّرَابُ لَا مَا لَا يُنْبِتُ نَبَاتًا كَالرَّمْلِ وَالسِّبَاخِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الطَّاهِرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَيَتَيَمَّمُ بِكُلِّ مَا يَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ وَعَدَمِهِ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ فِي تَخْصِيصِ التُّرَابِ كَالشَّافِعِيِّ وَلِابْنِ حَبِيبٍ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ التُّرَابِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ وَشَمِلَ التُّرَابُ تُرَابَ ثَمُودَ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحِجْرِ وَاسْتَثْنَاهَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» وَتَبِعَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ انْتَهَى وَسَمَّى الْبِسَاطِيُّ هَذِهِ الْكَافَ بِالْمُسْتَقْصِيَةِ لِاسْتِقْصَائِهَا جَمِيعَ أَنْوَاعِ الصَّعِيدِ مِنْ حَجَرٍ وَرَمْلٍ وَنَحْوِهِمَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَرْضَ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ) أَرَادَ بِالْخُصُوصِ الْإِضَافِيَّ أَيْ مَا عَدَا نِيَّةَ الصَّلَاةِ بِمُلَاحَظَةِ الْعُمُومِ الْبَدَلِيِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَصِحُّ الْفَرْضُ عِنْدَ نِيَّةِ الصَّلَاةِ بِدُونِ مُلَاحَظَةِ الْمُطْلَقِ الْمُتَحَقَّقِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَنْفِيَّ مُلَاحَظَةُ الْعُمُومِ الْبَدَلِيِّ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إلَخْ) اقْتَصَرَ الشَّارِحُ فِي الْعِبَارَةِ وَالْأَحْسَنُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ فَقَالَ وَفَائِدَةُ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ وَطْءُ الْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ بِهِ وَلُبْسُ الْخُفَّيْنِ بِهِ وَعَدَمُ وُجُوبِ الْوُضُوءِ إذَا وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَهُ وَإِمَامَةُ الْمُتَيَمِّمِ لِلْمُتَوَضِّئِينَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ زَادَ ابْنُ شَاسٍ وَالتَّيَمُّمُ قَبْلَ الْوَقْتِ فَتَكُونُ خَمْسَةً (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) تَبْيِينٌ لِإِجْمَالِ لَا (قَوْلُهُ قَالَ الْقَرَافِيُّ) شُرُوعٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ لِلْمَازِرِيِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ يَرْفَعُهُ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ وَلِذَلِكَ رَتَّبَ عَلَيْهِ الثَّمَرَةَ، وَاقْتِصَارُهُ هُنَا عَلَى الْمَازِرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنَ الْعَرَبِيِّ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ابْنَ الْعَرَبِيِّ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ بَلْ يَقُولُ إنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تت وَاعْلَمْ أَنَّ حُذَّاقَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مِنْ الشُّيُوخِ مَنْ قَالَ الْخِلَافُ فِيهَا لَفْظِيٌّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ حَقِيقِيٌّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُمْ أَجْرَوْا عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلَ انْتَهَى ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْبَدْرُ وَكَذَلِكَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عب أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْخِلَافَ مَعْنَوِيُّ وَحِينَئِذٍ فَالْجَوَابُ اللَّائِقُ أَنْ يُقَالَ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ وُجُودِ الْمَانِعِ وَالْإِبَاحَةِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ كَمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ لِمَنْ اسْتَجْمَرَ بِالْحِجَارَةِ مَعَ الْمَانِعِ وَهُوَ وُجُودُ حُكْمِ النَّجَاسَةِ لِأَجْلِ الرُّخْصَةِ انْتَهَى (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُنَافَاةَ مَوْجُودَةٌ لِأَنَّ الْحَدَثَ بِمَعْنَى الْمَنْعِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ وَهِيَ تَنَافِي الْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ: فَالْجَوَابُ أَنَّ عَلِيًّا) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ يَرْفَعُهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضٍ لِأَنَّ مَوْلَانَا عَلِيًّا كَانَ يَرَى إلَخْ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَضِيَّةَ كَوْنِهِ يَرْفَعُهُ رَفْعًا مُطْلَقًا عِنْدَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضٍ.

(قَوْلُهُ: وَتَعْمِيمُ وَجْهِهِ) لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ تَعْمِيمَ وَجْهِهِ بِمَسْحِهِ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا فَلَوْ مَسَحَ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَهُ بَلْ وَلَوْ بِإِصْبَعٍ قَالَهُ سَنَدٌ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ رُبِطَتْ يَدَاهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُيَمِّمُهُ يَكْفِيهِ تَمْرِيغُ وَجْهِهِ وَذِرَاعَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ مَحَلَّ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَكَفَّيْهِ) الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ يَدَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُرَاعِي الْوَتْرَةَ) مُثْبِتٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْبَدْرِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى لَا يَتَتَبَّعُ غُضُونَ (قَوْلُهُ: وَحَجَاجَ الْعَيْنِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا الْعُضْوُ الْمُسْتَدِيرُ بِالْعَيْنِ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يُجْزِيهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ التَّعْمِيمِ لَا مِنْ حَيْثُ تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ وَلَا مِنْ حَيْثُ تَتَبُّعُ الْأَسَارِيرِ إذْ لَا يُطْلَبَانِ فِي التَّيَمُّمِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فِيهِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: فَإِنَّ التُّرَابَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ) هَذِهِ الْعِلَّةُ ضَعِيفَةٌ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْخَاتَمِ الضَّيِّقِ مَعَ أَنَّ الْوُضُوءَ يَصِحُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ) أَرَادَ بِالنَّزْعِ مَا يَشْمَلُ مَا لَوْ نَقَلَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ وَمَسَحَ مَا تَحْتَهُ ثُمَّ رَدَّهُ وَمَسَحَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَاهَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ إلَخْ) كَلَامُ تت يُفِيدُ ضَعْفَ كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ تُرَابُ دِيَارِ ثَمُودَ وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَالَ لَا يُتَيَمَّمُ عَلَيْهِ وَاسْتَثْنَاهَا مِنْ الْخَبَرِ السَّابِقِ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَكَانَ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ قَالَ الْحَطَّابُ وَانْظُرْ التَّيَمُّمَ عَلَى تُرَابِ الْمَسْجِدِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا لَمْ أَرَ نَصًّا صَرِيحًا وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ عَلَى مَقْبَرَةِ الْمُشْرِكِينَ إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ طَيِّبًا طَاهِرًا نَظِيفًا جَائِزٌ (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْصَائِهَا جَمِيعَ أَنْوَاعِ الصَّعِيدِ) هَذَا خِلَافُ مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ أَنَّ الْكَافَ الِاسْتِقْصَائِيَّة

ص: 191

وَشَمِلَ قَوْلُهُ: وَصَعِيدٌ طَهِرٌ مَا اُحْتُفِرَ مِنْ بَاطِنِ الْأَرْضِ كَالطِّفْلِ الَّذِي تَأْكُلُهُ النِّسَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ حَجَرٌ لَمْ يَشْتَدَّ تَصَلُّبُهُ وَلَيْسَ هُوَ شَيْئًا مَدْفُونًا بِالْأَرْضِ وَقِيلَ لَا يَتَيَمَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ طَعَامٌ قَالَ النَّوَوِيُّ التُّرَابُ اسْمُ جِنْسٍ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَمْعُهُ أَتْرِبَةٌ وَتِرْبَانٌ وَتَوَارِبُ وَمِنْ أَسْمَائِهِ الرَّغَامُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَمِنْهُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ بِالرَّغَامِ وَلَمَّا أَثْبَتَ لِلتُّرَابِ حُكْمَ الْجَوَازِ أَثْبَتَ لَهُ حُكْمًا آخَرَ وَهُوَ كَوْنُهُ أَفْضَلَ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ لَا مُتَعَيِّنٍ كَمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ الْأَفْضَلُ) ثُمَّ بَالَغَ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْجَوَازُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ نُقِلَ) دُونَ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُهُ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ إذْ لَا قَائِلَ بِهِ إذْ مَعَ النَّقْلِ يَكُونُ غَيْرُهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ أَفْضَلَ مِنْهُ وَمِثْلُ التُّرَابِ فِي النَّقْلِ السِّبَاخُ وَالرَّمْلُ وَالْحَجَرُ وَالْمَغْرَةُ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْلِ هُنَا أَنْ يَجْعَلَ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ لَا بِأَنْ يُنْقَلَ مِنْ مَوْضِعٍ لِآخَرَ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَقْلٍ هُنَا وَسَيَأْتِي مَعْنَى النَّقْلِ فِي الشَّبِّ وَنَحْوِهِ وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ بُكَيْرٍ الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ عَلَيْهِ حَيْثُ نَقَلَ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ (ص) وَثَلْجٍ وَخَضْخَاضٍ (ش) أَيْ وَجَازَ التَّيَمُّمُ عَلَى ثَلْجٍ وَلَوْ وَجَدَ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ يَتَيَمَّمُ عَلَى طِينِ خَضْخَاضٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمَاءٍ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ مِنْ تُرَابٍ أَوْ جَبَلٍ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقِيلَ: وَإِنْ وَجَدَ التُّرَابَ أَنْكَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُهُ، وَتَقْدِيرُنَا الْعَامِلَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَلَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الصَّعِيدِ

(ص) وَفِيهَا جَفَّفَ يَدَيْهِ رُوِيَ بِجِيمٍ وَخَاءٍ (ش) قَالَ مَالِكٌ فِيهَا يَتَيَمَّمُ عَلَى الْخَضْخَاضِ مِمَّا لَيْسَ بِمَاءٍ وَيُخَفِّفُ وَضْعَ يَدَيْهِ رُوِيَ بِخَاءٍ وَرُوِيَ بِالْجِيمِ وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْكَبِيرِ يُخَفِّفُ وَضْعَ يَدَيْهِ وَيُجَفِّفُهُمَا قَلِيلًا فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا (ص) وَجِصٍّ لَمْ يُطْبَخْ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّيَمُّمَ جَائِزٌ عَلَى حِجَارَةِ الْجِيرِ وَنَحْوِهِ حَيْثُ لَمْ يُشْوَ وَإِلَّا فَلَا إذْ بِالشَّيْءِ يَخْرُجُ عَنْ مَاهِيَّةِ الصَّعِيدِ وَظَاهِرِهِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَازِرِيِّ فَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالطَّبْخِ الشَّيُّ لِأَنَّ الْجِصَّ لَا يُطْبَخُ وَإِنَّمَا يُشْوَى (ص) وَمَعْدِنٍ (ش) عُطِفَ عَلَى تُرَابٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِبَاءٍ جَارَّةٍ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَجَازَ التَّيَمُّمُ بِمَعْدِنٍ أَيْ أَوْ وَلَزِمَ التَّيَمُّمُ بِهِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً وَأَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ أَيْ وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ وَجَازَ التَّيَمُّمُ بِمَعْدِنٍ أَوْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى تُرَابٍ عَطْفَ الْجُمَلِ أَيْضًا فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُتَيَمَّمُ بِالتُّرَابِ وَبِالْمَعْدِنِ ثُمَّ وَصَفَ الْمُؤَلِّفُ الْمَعْدِنَ بِصِفَاتٍ ثَلَاثٍ سَلْبِيَّةٍ دَلَّ عَلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (غَيْرِ نَقْدٍ) كَتِبْرِ ذَهَبٍ وَنِقْرِ فِضَّةٍ فَيُمْنَعُ بِهِ التَّيَمُّمُ وَعَلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَجَوْهَرٍ) أَيْ وَغَيْرِ جَوْهَرٍ مِمَّا لَا يَقَعُ بِهِ تَوَاضُعٌ كَيَاقُوتٍ وَنَحْوِهِ وَعَلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَمَنْقُولٍ) أَيْ وَغَيْرِ مَنْقُولٍ.

أَمَّا مَا نُقِلَ وَأُبِينَ عَنْ مَوْضِعِهِ وَبَقِيَ فِي أَيْدِي النَّاسِ كَالْعَقَاقِيرِ فَلَا يُتَيَمَّمُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِمَنَافِعِ

ــ

[حاشية العدوي]

لَا تُدْخِلُ شَيْئًا وَقَدْ أَدْخَلْت هُنَا غَيْرَ التُّرَابِ مِنْ الْحَجَرِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَاحَظَ الِاسْتِقْصَاءَ لُغَةً وَلَمْ يَنْظُرْ لِاصْطِلَاحِهِمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَجَرٌ) أَيْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ حَجَرٌ ثُمَّ مَا قَالَهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ لَيْسَ بِحَجَرٍ لِأَنَّهُ لَوْ وُضِعَ فِي الْمَاءِ لَذَابَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ طَعَامٌ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الطَّعَامَ مَا غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِأَكْلِ آدَمِيٍّ أَوْ شُرْبِهِ وَالْمَاءُ لَيْسَ بِطَعَامٍ لِأَنَّهُ يَكُونُ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّ وَقَوْلُهُ وَتِرْبَانٌ بِكَسْرِ التَّاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ عَلَى مَا رَأَيْته مَضْبُوطًا بِالْقَلَمِ مِنْ نُسْخَةٍ يُظَنُّ بِهَا الصِّحَّةُ مِنْ الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَخَضْخَاضٍ) هُوَ الطِّينُ اللَّيِّنُ جِدًّا قَالَهُ تت (قَوْلُهُ: أَوْ جَبَلٍ) هُوَ الْحَجَرُ كَمَا فِي مُحَشَّى تت (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) فَقَدْ قَالَ فِيهَا إذَا وُجِدَ الطِّينُ وَعُدِمَ التُّرَابُ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَخَفَّفَ مَا اسْتَطَاعَ وَتَيَمَّمَ بِهِ (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ) يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَيْفَ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي الثَّلْجِ وَلَا تَظْهَرُ فِي الْخَضْخَاضِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ قَطْعًا فَإِذَنْ يُقَالُ مَا وَجْهُ كَوْنِ الَّذِي مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لَا يُتَيَمَّمُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا فُقِدَ غَيْرُهُ وَهُوَ الْخَضْخَاضُ وَاَلَّذِي لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ يُتَيَمَّمُ عَلَيْهِ قَطْعًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت شَيْخَنَا أَفَادَ أَنَّ الثَّلْجَ يُشَابِهُ التُّرَابَ بِجُمُودِهِ بِخِلَافِ الْخَضْخَاضِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَا يُقَالُ هُوَ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لِأَنَّا نُقُولُ لَمَّا جَمَدَ عَلَيْهَا الْتَحَقَ بِأَجْزَائِهَا.

(قَوْلُهُ: رُوِيَ بِجِيمٍ وَخَاءٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مَنْدُوبٌ وَلِذَلِكَ قَالَ عب وَعَلَى رِوَايَةِ الْخَاءِ لَا بُدَّ مِنْ التَّجْفِيفِ بِالْجِيمِ وَكَانَ الْفَصْلُ بِمُدَّتِهِ لَا تُبْطِلُ الْمُوَالَاةَ لِلضَّرُورَةِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ: رُوِيَ بِالْجِيمِ اُنْظُرْ كَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَضْعُ يَدَيْهِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ يُجَفِّفُ يَدَيْهِ الْمَوْضُوعَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَجِصٍّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ وَإِطْلَاقُ الْجِصِّ عَلَيْهِ قَبْلَ الشَّيْءِ مَجَازُ الْأَوَّلِ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَالْجِبْسُ هِيَ الْحِجَارَةُ الَّتِي إذَا شُوِيَتْ صَارَتْ جِيرًا انْتَهَى وَعَلَى كَلَامِهِ أَنَّ إطْلَاقَ الْجِصِّ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّيِّ مَجَازٌ فَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ وَذَهَبَ الْجِيزِيُّ لِمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الْجِصَّ بِالذِّكْرِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْحِجَارَةِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُخْرِجُهُ الطَّبْخُ عَنْ مَاهِيَّةِ الصَّعِيدِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً) الْأَصْلُ الْعَطْفُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى تُرَابٍ عَطْفَ الْجُمَلِ أَيْضًا) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيرَهُ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ بَلْ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ (قَوْلُهُ: بِأَوْصَافٍ ثَلَاثٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ غَيْرًا مُسَلَّطَةٌ عَلَى الثَّلَاثِ فَهِيَ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الشَّارِحَ لَاحَظَ تَسَلُّطَ غَيْرٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ فَحَصَلَ تَعْدَادٌ فِي الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يَقَعُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ جَوْهَرٍ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَقَعُ بِهِ تَوَاضُعٌ وَجْهُ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ أَنَّ الَّذِي لَمْ يَتَّصِفْ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ لَمْ يُبَايِنْ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ فَسَاغَ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ وَمَا اتَّصَفَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ بَايَنَ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ فَلَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِمَنَافِعِ النَّاسِ) أَيْ

ص: 192

النَّاسِ ثُمَّ مَثَّلَ الْمُؤَلِّفُ بِمَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَبِمَا خَرَجَ عَنْهَا إلَى الطَّعْمِيَّةِ لِيُلْحِقَ بِهِمَا مَا شَابَهَهُمَا فَقَالَ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ (كَشَبٍّ) وَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَرَصَاصٍ وَزِئْبَقٍ وَكِبْرِيتٍ وَكُحْلٍ (وَمِلْحٍ) مَعْدِنِيٍّ وَمَصْنُوعٍ وُجِدَ غَيْرُهُ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا الرُّخَامُ فَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يُمْنَعُ مُطْلَقًا وَجَعَلَهُ كَالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ وَبَعْضُهُمْ يَفْصِلُ بَيْنَ مَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ وَغَيْرِ مَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ وَالْمُرَادُ بِنَقْلِ الشَّبِّ وَالْمِلْحِ وَنَحْوِهِمَا إنْ تَبَيَّنَ عَنْ الْأَرْضِ وَتَصِيرُ فِي أَيْدِي النَّاسِ كَالْعَقَاقِيرِ فَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَى مَا ذُكِرَ حَيْثُ لَمْ يُنْقَلْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا وَأَمَّا إذَا نُقِلَتْ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهَا.

(ص) وَلِمَرِيضٍ حَائِطُ لَبِنٍ أَوْ حَجَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ لِلْمَرِيضِ وَكَذَلِكَ الصَّحِيحُ إذَا فَقَدَ الْمَاءَ أَنْ يَتَيَمَّمَ عَلَى حَائِطِ لَبِنٍ أَوْ حَجَرٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ الْحَرْقُ فَيَصِيرَ جِيرًا أَوْ جِبْسًا أَوْ آجُرًّا أَوْ يَكُونَ بِهِ حَائِلٌ يَمْنَعُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ فَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ لِلِاهْتِمَامِ لَا لِلِاخْتِصَاصِ (ص) لَا بِحَصِيرٍ وَخَشَبٍ (ش) أَيْ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِمَا ذَكَرْنَا لَا بِحَصِيرٍ وَلَبَدٍ وَبُسُطٍ إلَّا أَنْ يُكْثِرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ التُّرَابِ فَيَتَنَاوَلُهُ الصَّعِيدُ وَخَشَبٌ وَحَشِيشٌ عَلَى الْمَشْهُورِ أَمْكَنَ قَلْعُهُ أَمْ لَا وُجِدَ غَيْرُهُ أَمْ لَا وَيُعِيدُ أَبَدًا.

(ص) وَفِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ (ش) أَيْ وَلَزِمَ فِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ وَمِنْهُ يُفْهَمُ اتِّصَالُهُ بِمَا فُعِلَ لَهُ وَوَقْتُ الْفَائِتَةِ ذِكْرُهَا وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ الْفَرَاغُ مِنْ غُسْلِهِ أَوْ تَيَمُّمِهِ فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ (ص) فَالْآيِسُ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ وَالْمُتَرَدِّدُ فِي لُحُوقِهِ أَوْ وُجُودِهِ وَسَطَهُ وَالرَّاجِي آخِرَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْتَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُتَيَمِّمِينَ فَالْآيِسُ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ لُحُوقِهِ أَوْ زَوَالِ مَانِعِ اسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ

ــ

[حاشية العدوي]

فَخَرَجَتْ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، وَالذَّهَبُ وَالْجَوْهَرُ خَرَجَا بِسَبَبِ كَوْنِهِمَا فِي غَايَةِ الشَّرَفِ (قَوْلُهُ: لِيَلْحَقَ بِهِمَا مَا شَابَهَهُمَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا مَا شَابَهُ الْأَوَّلَ فَقَطْ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَخْرُجْ عَنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَهُوَ الشَّبُّ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ مَا شَابَهَهُ بِقَوْلِهِ وَنُحَاسٌ أَيْ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ الْمِلْحُ فَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُشَابِهٌ وَمِثْلُ الْمِلْحِ النَّطْرُونُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّوَقُّفِ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْمِلْحِ وَالشَّبِّ فَلْيَتَيَمَّمْ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ) أَيْ الْمُرَتَّبِ أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ فَقَوْلُهُ كَشَبٍّ مِثَالٌ لِمَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ وَمِلْحٌ مِثَالٌ لِمَا خَرَجَ (قَوْلُهُ: وَمَصْنُوعٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حَلْفَاءٍ بَلْ مِنْ تُرَابٍ أَوْ مَاءٍ وَجَمْدٍ كَذَا فِي عب وَهُوَ اسْتِظْهَارٌ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ اللَّفْظِ عَلَى عُمُومِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ ذَكَرَ أَقْوَالًا أَرْبَعَةً أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ فِي الْمِلْحِ ثَالِثُهَا الْمَعْدِنِيُّ وَرَابِعُهَا أَنْ يَكُونَ بِأَرْضِهِ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ غَيْرِهِ انْتَهَى إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ أَيْ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ مِنْهَا وَالْقَوْلُ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَعْدِنِيِّ وَالْمَصْنُوعِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَهُ كَالْجَوَاهِرِ) أَيْ فَخَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَصَوَّبَهُ بَعْضٌ أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَمْ يَجْعَلْهُ كَالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ.

(قَوْلُهُ: يَفْصِلُ بَيْنَ مَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ إلَخْ) أَيْ كَالنَّشْرِ وَالصَّقْلِ أَيْ لَا الطَّبْخِ وَرُجِّحَ ذَلِكَ الْقَوْلُ لِاتِّفَاقِ قَوْلَيْنِ عَلَى الْمَنْعِ فِي الْمَصْنُوعِ وَاتِّفَاقِ قَوْلَيْنِ عَلَى الْجَوَازِ فِيهِ كَذَا ذَكَرُوا وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْمَنْعِ فِي الْمَصْنُوعِ لِأَنَّهَا صَنْعَةٌ لَمْ تُخْرِجْهُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَالطَّبْخِ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ فِي تَعْلِيلِهِ لِاتِّفَاقِ قَوْلَيْنِ عَلَى الْمَنْعِ وَلَمْ يَقُلْ لِكَوْنِ الصَّنْعَةِ أَخْرَجَتْهُ عَنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ الَّتِي فِي الرُّخَامِ لَيْسَتْ الطَّبْخَ.

(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ عَلَى مَعْدِنِ النَّقْدِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْجَوْهَرِ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ سِوَاهَا وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَلَيْهَا بِمَعْدِنِهَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يَتَيَمَّمُ عَلَى النَّقْدِ وَالْجَوْهَرِ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ بِمَعْدِنِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلِمَرِيضٍ حَائِطُ لَبِنٍ أَوْ حَجَرٍ) خُلَاصَةُ كَلَامِ شب أَنَّهُ إذَا خُلِطَ بِتِبْنٍ فَيَضُرُّ إذَا كَانَ أَغْلَبَ لَا إنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَقَلَّ وَأَمَّا إنْ خُلِطَ بِنَجِسٍ فَيَضُرُّ إنْ كَانَ كَثِيرًا وَلَمْ يُبَيِّنْ حَدَّ الْكَثْرَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ وَعِبَارَةُ عب وَلَمْ يُخْلَطْ بِنَجَسٍ أَوْ طَاهِرٍ كَتِبْنٍ وَإِلَّا لَمْ يَتَيَمَّمْ عَلَيْهِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ عج تُفِيدُ النَّجَسَ بِالْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: فَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ إلَخْ) مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا الصَّحِيحُ أَيْ فَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عَلَى حَائِطٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَحَائِطُ لَبِنٍ أَوْ حَجَرٍ لِمَرِيضٍ فَقُدِّمَ وَالتَّقْدِيمُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ التَّقْدِيمَ لِلْحَصْرِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِلصَّحِيحِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ التَّقْدِيمُ لِلِاهْتِمَامِ لَا لِلْحَصْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ أَمْكَنَ قَلْعُهُ أَمْ لَا) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ قَلْعُهُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عب جَعَلَ الْمَشْهُورَ عَدَمَ التَّيَمُّمِ مُطْلَقًا كَشَارِحِنَا وَأَنَّ كَلَامَ الْمُقَابِلِ ضَعِيفٌ وَلَكِنَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ عج التَّيَمُّمُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُفْهَمُ اتِّصَالُهُ بِمَا فُعِلَ لَهُ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِمُلَاحَظَةِ عَدَمِ الْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فُعِلَ لَهُ فَيَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى أَنَّهُ إذَا فُعِلَ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يُفْصَلُ عَمَّا فُعِلَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ وَيَكُونُ الْقَصْدُ الصَّلَاةَ فِي الْحَالِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْفَرَائِضِ وَأَمَّا النَّوَافِلُ فَيَتَيَمَّمُ لَهَا وَلَوْ قَبْلَ وَقْتِهَا لِأَنَّهُ يُصَلِّي الْفَجْرَ وَالْوِتْرَ بِتَيَمُّمِ الْوِتْرِ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَعَلَّهُ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ عَقِبَ سَلَامِهِ مِنْ الْوِتْرِ إنَّ مَا تَقَدَّمَ ذَكَرَهُ عج وَفِي الشَّيْخِ سَالِمٍ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجَازَتْ جِنَازَةٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا صَلَّى الْوِتْرَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَذَكَرَهُ عَنْ نَصٍّ فَانْظُرْ سَنَدٌ عج فِيمَا قَالَهُ وَنَصَّ الشَّيْخُ سَالِمٌ هُنَاكَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مَنْ تَيَمَّمَ لِلْوِتْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْآيِسَ صُورَتَانِ مَنْ يَجْزِمُ بِعَدَمِ الْوُجُودِ أَوْ يَظُنُّ ظَنًّا قَوِيًّا وَفَسَّرَ الرَّاجِي بِأَنَّهُ الَّذِي يَجْزِمُ بِالْوُجُودِ أَوْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الْوُجُودُ فَيَكُونُ أَيْضًا صُورَتَيْنِ: الْجَزْمَ بِالْوُجُودِ أَوْ يَظُنُّ ظَنًّا قَوِيًّا الْوُجُودَ فَيَكُونُ الْمُتَرَدِّدُ عَلَى هَذَا مَنْ تَرَدَّدَ فِي الْوُجُودِ وَعَدَمِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَمَنْ يَظُنُّ الْوُجُودَ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ أَوْ يَظُنُّ عَدَمَهُ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ فَتَكُونُ صُوَرُهُ ثَلَاثًا فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سَبْعَةٌ فِي الْوُجُودِ وَقُلْ مِثْلَهَا فِي اللُّحُوقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظَّنَّ وَإِنْ لَمْ يَقْوَ يُعْطَى

ص: 193

يَتَيَمَّمُ اسْتِحْبَابًا أَوَّلَ الْمُخْتَارِ لِيَحُوزَ فَضِيلَةَ أَوَّلِهِ إذَا فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ الْمَاءِ، وَالْمُتَرَدِّدُ فِي لُحُوقِهِ مَعَ تَيَقُّنِ وُجُودِهِ أَوْ فِي وُجُودِهِ لِلْجَهْلِ بِهِ وَسَطَهُ بِحَيْثُ يُوقِعَانِ الصَّلَاةَ فِي آخِرِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ أَوَّلِ الْوَقْتِ لِئَلَّا يَفُوتَهُمَا الْفَضِيلَتَانِ، وَمِثْلُهُمَا الْخَائِفُ مِنْ لُصُوصٍ وَنَحْوِهَا، وَالْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَجِدُ مُنَاوِلًا وَالْمَسْجُونُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ وَنَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْكَافِي فِي الرَّاجِي الْآتِي قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ خِلَافُ مَا يَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ إعَادَةِ الْمُخَالِفِ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْوُجُوبُ (ص) وَفِيهَا تَأْخِيرُهُ الْمَغْرِبَ لِلشَّفَقِ (ش) أَيْ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ تَأْخِيرُ الرَّاجِي الْمَغْرِبَ لِلشَّفَقِ وَذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا كَالنَّقْضِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا يَكُونُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ لَا الضَّرُورِيِّ، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مُقَدَّرٌ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا بَعْدَ تَحْصِيلِ شُرُوطِهَا وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ ضَرُورِيٌّ فَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَيْهِ لِأَجْلِ إدْرَاكِ الْمَاءِ يُوجِبُ أَنْ يُؤَخِّرَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مَثَلًا إلَى الْغُرُوبِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ الِاخْتِيَارِيَّ مُمْتَدٌّ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَسَتَأْتِي فِي بَابِهَا وَهَذَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْآيِسِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ أَمَّا لَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ تَيَمَّمَ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ آيِسٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(ص) وَسُنَّ تَرْتِيبُهُ وَإِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَتَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ لِيَدَيْهِ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ وَاجِبَاتِ التَّيَمُّمِ شَرَعَ فِي سُنَنِهِ وَذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثًا: التَّرْتِيبَ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْوَجْهِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ كَالْوُضُوءِ، وَكَوْنَهُ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَتَجْدِيدَ الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ لِيَدَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِتَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِسُنَّتَيْهِمَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ وَغَيْرُهُ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ وَبَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ سُنَّةٌ رَابِعَةٌ وَهِيَ نَفْلُ مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا مِنْ الْغُبَارِ فَإِنْ مَسَحَ بِهِمَا عَلَى شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ بِهِمَا عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ صَحَّ تَيَمُّمُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ أَيْ وَلَمْ يَأْتِ بِالسُّنَّةِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: نَقْلُ مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا مِنْ الْغُبَارِ تَرْكُ مَسْحِ مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا مِنْ الْغُبَارِ

ــ

[حاشية العدوي]

حُكْمَ الْقَوِيِّ فَتَكُونُ جُمْلَةُ الصُّوَرِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَيَكُونُ الْمُتَرَدِّدُ مَنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ اللُّحُوقِ وَعَدَمِهِ أَوْ الْوُجُودِ وَعَدَمِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَصُوَرُهُ اثْنَانِ وَصُوَرُ الْآيِسِ سِتَّةٌ بَيَانُهَا جَازِمٌ بِعَدَمِ الْوُجُودِ أَوْ بِاللُّحُوقِ غَالِبٌ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ مَعَ الْغَلَبَةِ غَالِبٌ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ بِدُونِ غَلَبَةٍ وَقَلَّ مِثْلُهَا فِي الرَّاجِي وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الشَّيْخَ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيَّ قَالَ قَوْلَهُ: وَالرَّاجِي إلَخْ عِبَارَةُ التَّهْذِيبِ وَإِنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ عَلَيْهَا عَبَّرَ بِالْيَقِينِ وَكَذَلِكَ اخْتَصَرَهَا اللَّخْمِيُّ وَاخْتَصَرَهَا حَمْدِيسٌ وَهُوَ يَطْمَعُ وَفِي الْمَبْسُوطِ فَإِنْ كَانَ يَظُنُّ ابْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ أَصْوَبُ مِمَّا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِلْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّ مَعَ الْعِلْمِ بَعِيدٌ أَبَدًا انْتَهَى فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ: الْخَائِفُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ مَا ذُكِرَ وَهُوَ الْخَائِفُ مِنْ لُصُوصٍ وَالْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَجِدُ إلَخْ يَتَيَمَّمَانِ وَسَطَهُ وَلَوْ مَعَ الْيَأْسِ قَالَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ إنْ كَانَ الْفِقْهُ هَكَذَا فَمُسَلَّمٌ وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ الْجَرَيَانُ بَيْنَ الْيَأْسِ وَغَيْرِهِ وَحَاصِلُ مُرَادِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُتَرَدِّدَ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ يَتَيَمَّمَانِ وَسَطَ الْوَقْتِ أَيْ نَدْبًا، فَإِذَا قَدَّمُوا عَنْ وَسَطِهِ أَعَادُوا فِي الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ) أَيْ تَأْخِيرَ الْمُتَرَدِّدِ لِوَسَطِ الْوَقْتِ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ: فِي الرَّاجِي الْآتِي) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالرَّاجِي آخِرَهُ وَكَانَ آتِيًا بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهَا فِي لَفْظِ الْمُصَنِّفِ أَيْ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ آخِرَهُ فَإِنْ صَلَّى قَبْلَهُ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إنْ وَجَدَ مَاءً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُسَافِرٍ وَحَاضِرٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا يَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) نَقُولُ لَهُ لَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي لِأَنَّ هُنَاكَ مَسَائِلَ وَجَدْنَا الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ فِيهَا مَعَ مُخَالَفَةِ النَّدْبِ (قَوْلُهُ: كَالنَّقْضِ) قَالَ كَالنَّقْضِ وَلَمْ يَقُلْ نَقْضٌ كَمَا تَقَدَّمَ لِمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ الْمُخْتَارَ مُمْتَدٌّ لِمَغِيبِ الشَّفَقِ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَمَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِهِ فَهُوَ نَقْضٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَهُوَ كَالنَّقْضِ فِي الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَهَذَا كَالنَّقْضِ أَيْ وَلَيْسَ بِنَقْضٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُبَيَّنَةٌ إلَخْ وَعِبَارَةُ شب بَعْدَ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَشْهُورِ إلَّا أَنَّ لَهُ قُوَّةً فِي بَابِ التَّيَمُّمِ وَكَذَا فِي الْجَمْعِ الصُّورِيِّ، وَقَوْلُهُ: وَفِيهَا ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَرْتِيبُهُ) فَإِنْ نَكَّسَ أَعَادَ الْمُنَكَّسَ وَحْدَهُ مَعَ الْقُرْبِ وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا بَعْدُ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ عَدَمَ الْمُوَالَاةِ مُبْطِلَةٌ لَهُ ثُمَّ مَحَلُّ إعَادَتِهِ لَمْ يَكُنْ صَلَّى بِهِ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ وَأَعَادَهُ اسْتِحْبَابًا بِتَمَامِهِ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ النَّوَافِلِ (قَوْلُهُ: وَإِلَى الْمِرْفَقَيْنِ) هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ إلَّا أَنَّهُ عَلَى حَذْفٍ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ وَسُنَّ مَسْحُ الزَّائِدِ عَلَى الْكُوعَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ لِيَدَيْهِ) جُنُبًا أَمْ لَا تَيَمَّمَ عَلَى تُرَابٍ أَوْ حَجَرٍ كَانَ التُّرَابُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ) أَيْ بِقَوْلِنَا صَرَّحَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِكَذَا إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْبِسَاطِيَّ تَعَقَّبَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى الْكُوعَيْنِ بِأَنَّ مَشْهُورَ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْمَسْحِ لِلْمِرْفَقَيْنِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْكُوعَيْنِ وَصَلَّى فَالْمَشْهُورُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ قَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إلَخْ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِتَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِسُنَّتَيْهِمَا أَيْ سُنِّيَّةِ الْمَسْحِ لِلْكُوعَيْنِ وَالضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ اعْتِرَاضَ الْبِسَاطِيِّ مُتَوَجِّهٌ فِي الْأَمْرَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا هُوَ مُتَوَجِّهٌ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَسْحِ إلَى الْكُوعَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ سُنَّةٌ رَابِعَةٌ إلَخْ) هَذَا نُكْتَةُ تَعْبِيرِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: صَحَّ تَيَمُّمُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَسْحُ قَوِيًّا فِيمَا يَظْهَرُ وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِصِحَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْحَجَرِ فَمَا فِي عب مِنْ أَنَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَسْحُ قَوِيًّا فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ كَمَا فِي الْفِيشِيِّ عَلَى الْعِزْبَةِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ نَقْلُ تَرْكُ) تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَفْسِيرَهُ الْمُطَابِقِيَّ رَفْعُهُ إلَى الْوَجْهِ وَيَلْزَمُ مِنْ نَقْلِهِ إلَى الْوَجْهِ عَدَمُ مَسْحِهِ إذْ لَوْ مَسَحَهُ لَمْ يَنْقُلْهُ إلَى الْوَجْهِ

ص: 194

فَلَا يُنَافِي قَوْلَ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِمَا شَيْءٌ نَفَضَهُ نَفْضًا خَفِيفًا وَالْمُرَادُ بِالضَّرْبِ الْوَضْعُ وَقَالَ لِيَدَيْهِ رَدًّا عَلَى الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَمْسَحُ بِالثَّانِيَةِ الْوَجْهَ أَيْضًا مَعَ الْيَدَيْنِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَمْسَحُ بِالضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ يَدَيْهِ فَقَطْ لَا يُقَالُ كَيْفَ يَمْسَحُ الْوَاجِبَ بِمَا هُوَ سُنَّةٌ لِأَنَّا نَقُولُ: أَثَرُ الْوَاجِبِ بَاقٍ مِنْ الضَّرْبَةِ الْأُولَى مُضَافًا إلَيْهِ الضَّرْبَةُ الثَّانِيَةُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا وَفَعَلَ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ مَعًا بِالْأُولَى أَجْزَأَهُ.

(ص) وَنُدِبَ تَسْمِيَةٌ (ش) زَادَ فِي الْمَدْخَلِ فِي قَضَائِهِ السِّوَاكَ وَالصَّمْتَ وَذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِقْبَالَ لِلْقِبْلَةِ وَلَا يَأْتِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْمُتَوَضِّئُ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ لِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُفْعَلُ بِهِ دُونَ الْوُضُوءِ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْوُضُوءِ وَهِيَ التَّطَايُرُ.

(ص) وَبَدْءٌ بِظَاهِرِ يُمْنَاهُ بِيُسْرَاهُ إلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ مَسْحُ الْبَاطِنِ لِآخِرِ الْأَصَابِعِ ثُمَّ يُسْرَاهُ كَذَلِكَ (ش) الْبَاءُ الْأُولَى بِمَعْنَى مِنْ الَّتِي لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا} [الإنسان: 6] أَيْ مِنْهَا وَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ أَيْ وَنُدِبَ بَدْءٌ مِنْ مُقَدَّمِ ظَاهِرِ يُمْنَاهُ، وَالْبَاءُ الثَّانِيَةُ بَاءُ الْآلَةِ كَقَوْلِهِ كَتَبْت بِالْقَلَمِ وَنَجَرْت بِالْقَدُومِ وَقَطَعْت بِالسِّكِّينِ لِأَنَّ الْيُسْرَى آلَةُ الْمَسْحِ وَيَنْعَكِسُ مَعْنَى الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ يُسْرَاهُ كَذَلِكَ فَتَصِيرُ بَاءُ الْيُمْنَى بَاءَ الْآلَةِ وَبَاءُ الْيُسْرَى بِمَعْنَى مِنْ الَّتِي لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فَلَا اعْتِرَاضَ، وَكَوْنُ الْمَنْدُوبِ الْهَيْئَةَ الِاجْتِمَاعِيَّةَ لَا يَقْدَحُ فِيهِ كَوْنُ الْإِفْرَادِ فُرُوضًا.

(ص) وَبَطَلَ بِمُبْطِلِ الْوُضُوءِ وَبِوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا فِيهَا إلَّا نَاسِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّيَمُّمَ يُبْطِلُهُ مَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ السَّابِقَ فِي نَوَاقِضِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ لِلْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَيَعُودُ جُنُبًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ أَيْضًا بِوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْآثَارُ مِنْ خِفَّةِ وُضُوئِهِ عليه الصلاة والسلام

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: نَفَضَهُ) أَيْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالضَّرْبِ الْوَضْعُ) وَهُوَ مَجَازٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَلْزُومِ عَلَى اللَّازِمِ وَهَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا يَكْفِي إلْقَاءُ الرِّيحِ فِيهِمَا تُرَابًا سَتَرَهُمَا نَاوِيًا التَّيَمُّمَ أَوْ يَكْفِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ عج أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَسْمِيَةٌ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا غَيْرُ مُبَيَّنَةِ الْحُكْمِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ فَلِذَا أَعَادَهَا هُنَا وَيَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ فِيهِ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى بِسْمِ اللَّهِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ أَبِي الْحَسَنِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْمُوَالَاةِ إلَخْ) أَيْ إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ الْمُعَقِّبَاتِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَلَوْ وَقَعَ وَذَكَرَهُ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ.

(قَوْلُهُ: وَبَدْءٌ) أَيْ يَجْعَلُ أَصَابِعَهُ فَقَطْ دُونَ بَاطِنِ كَفِّهِ عَلَى ظَاهِرِ يُمْنَاهُ ثُمَّ فِي عَوْدِهِ عَلَى بَاطِنِ الذِّرَاعِ يَمْسَحُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ كَذَا فِي خَطِّ بَعْضِ شُيُوخِنَا وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: إلَى الْمِرْفَقِ) أَيْ مُنْتَهِيًا إلَى الْمِرْفَقِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَسْحُ الْبَاطِنِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَدْءٌ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى بِظَاهِرٍ وَالْبَدْءُ بِاعْتِبَارِهِ إضَافِيٌّ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمِرْفَقَيْنِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا مُسْتَقِلًّا مَعَ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَحْفُوظَ فِيهِ الْجَرُّ كَمَا قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: وَالْبَاءُ الثَّانِيَةُ بَاءُ الْآلَةِ) وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ وَبَدْءٌ بِظَاهِرِ يُمْنَاهُ مَاسِحًا لَهَا بِيُسْرَاهُ فَيَجْعَلُ بَاطِنَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُسْرَى فَوْقَ ظَاهِرِ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى وَيُمِرُّهُمَا مُنْتَهِيًا إلَى الْمِرْفَقِ وَيَجُوزُ كَوْنُ الْأُولَى لِلْإِلْصَاقِ (قَوْلُهُ: بِالْقَدُومِ) بِالْقَافِ الْمَفْتُوحَةِ وَالدَّالِ الْمَضْمُومَةِ الْمُخَفَّفَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ) أَيْ بِأَنَّ فِيهِ تَعَلُّقَ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ الَّذِي هُوَ بَدْءٌ أَيْ حَيْثُ قُلْنَا إنَّ الْبَاءَ الْأُولَى بِمَعْنَى مِنْ وَالْبَاءُ الثَّانِيَةُ لِلْآلَةِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الْمَنْدُوبِ الْهَيْئَةَ الِاجْتِمَاعِيَّةَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْهَيْئَةَ الِاجْتِمَاعِيَّةَ مَا تَرَكَّبَ مِنْ أَفْرَادٍ هِيَ أَجْزَاءُ تِلْكَ الْمَاهِيَّةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْأَجْزَاءِ بَدَلَ الْأَفْرَادِ لَكَانَ أَظْهَرَ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ لِلْكُلِّيِّ لَا لِلْكُلِّ، وَقَوْلُهُ:(فُرُوضٌ) أَيْ بَعْضُهَا فُرُوضٌ وَبَعْضُهَا سُنَّةٌ وَبَعْضُهَا مُسْتَحَبٌّ إذْ الْمَسْحُ لِلْمِرْفَقَيْنِ سُنَّةٌ وَإِلَى الْكُوعَيْنِ فَرْضٌ وَتَقْدِيمُ ظَاهِرِ الْيُمْنَى عَلَى الْبَاطِنِ مَنْدُوبٌ فَالِاسْتِحْبَابُ قَدْ تَوَجَّهَ لِتِلْكَ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهَا فَرْضٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَقَوْلُهُ وَالْأَفْرَادُ فُرُوضٌ أَيْ بَعْضُ الْأَفْرَادِ فُرُوضٌ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْصَبَّ النَّدْبُ عَلَى الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالتَّرْتِيبِ مِنْ كَوْنِهِ يَبْدَأُ مِنْ مُقَدَّمِ ظَاهِرِ الْيُمْنَى مُنْتَهِيًا إلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ مِنْ الْمِرْفَقِ مُنْتَهِيًا إلَى الْأَصَابِعِ وَكَذَا فِي الْيُسْرَى فَلَمْ يَتَعَلَّقْ النَّدْبُ بِذَاتِ الْمَسْحِ بَلْ ذَاتُ الْمَسْحِ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا مِنْ وُجُوبٍ وَسُنَّةٍ فَافْهَمْ.

(تَنْبِيهٌ) : لَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ تَرَكَ التَّعَرُّضَ لِلُزُومِ التَّخْلِيلِ لِأَنَّهُ لَا يَرَى ذَلِكَ وَلِذَلِكَ تَبَرَّأَ مِنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ قَالُوا وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا نَاسِيهِ) غَيْرُ مَنْصُوبٍ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُفَرَّغٌ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَالْأَصْلُ لَا عَالِمًا فِيهَا إلَّا نَاسِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَعُودُ جُنُبًا عَلَى الْمَشْهُورِ) وَثَمَرَتُهُ أَيْ يَنْوِي التَّيَمُّمَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ لَا يَعُودُ جُنُبًا يَنْوِي التَّيَمُّمَ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا عَادَ جُنُبًا لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ظَاهِرًا وَإِنْ قُلْنَا لَا يَعُودُ يَقْرَؤُهُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: اتَّسَعَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ) كَذَا قَالَ الْحَطَّابُ وَعَلَيْهِ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ فِي الضَّرُورِيِّ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ انْتَبَهَ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَكَانَ مُتَّسِعًا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ بِفِعْلِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ خِفَّةٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّ خِفَّةَ وُضُوئِهِ صلى الله عليه وسلم مُرَغِّبَةٌ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ مُرَاعَاةُ تَرْكِ الْوَسْوَسَةِ لَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ زَمَنًا قَلِيلًا جِدًّا مُشَابِهًا لِمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فِيهِ

ص: 195

لَا عَلَى مَا يَكُونُ مِنْ تَرَاخٍ وَوَسْوَسَةٍ وَإِنْ ضَاقَ صَلَّى بِهِ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ تَيَمُّمَهُ وَلَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ تَغْلِيبًا لِلْمَاضِي مِنْهَا وَلَوْ قَلَّ وَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَهَا لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ فِي رَحْلِهِ فَيَتَيَمَّمُ وَيَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ يَذْكُرُهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ بِمَنْزِلَةِ وُجُودِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ بِمُبْطِلِ الْوُضُوءِ شَامِلٌ لِلشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَيَجْرِي فِيهِ وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ وَانْظُرْ لَوْ تَيَمَّمَ بِنِيَّةِ الْأَكْبَرِ هَلْ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ مِنْ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمُبْطِلِ الْوُضُوءِ أَوْ يُعْطَى حُكْمَ مَا نَابَ عَنْهُ فَلَا تُبْطِلُهُ الرِّدَّةُ كَمَا أَنَّهَا لَا تُبْطِلُ الْغُسْلَ، وَوُجُودَ رُفْقَةٍ مَعَهُمْ الْمَاءُ كَوُجُودِ الْمَاءِ، وَمِثْلُ وُجُودِ الْمَاءِ الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ التَّيَمُّمِ لِلْعَاجِزِ عَنْهُ وَلَوْ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ فَقَصَدَهُ فَرَأَى مَانِعًا مِنْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَانِعُ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ لِلْمَاءِ فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ.

(ص) وَيُعِيدُ الْمُقَصِّرُ فِي الْوَقْتِ (ش) هَذِهِ تَرْجَمَةٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ بَابُ إعَادَةِ الْمُقَصِّرِ فِي الْوَقْتِ وَأَلْ فِي الْمُقَصِّرِ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ كُلُّ مُقَصِّرٍ وَقَوْلُهُ (وَصَحَّتْ: إنْ لَمْ يُعِدْ) أَيْ وَلَوْ عَامِدًا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا لِأَنَّ مَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ تَصِحُّ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يُعِدْ وَلِلرَّدِّ صَرِيحًا عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِأَنَّ نَاسِيَ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ يُعِيدُ أَبَدًا انْتَهَى وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ صَارَ كَالْمُخَالِفِ لِمَا أُمِرَ بِهِ فَعُوقِبَ بِطَلَبِ الْإِعَادَةِ أَبَدًا وَلَمْ يَرَ النِّسْيَانَ عُذْرًا يُسْقِطُ عَنْهُ التَّفْرِيطَ وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ فَالْآيِسُ أَوَّلُ الْمُخْتَارِ فَلِذَلِكَ عَرَّفَهُ مَا عَدَا الْمُعِيدَ لِتَيَمُّمِهِ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ، وَالْمُتَيَمِّمَ لِإِعَادَةِ الْحَاضِرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى يَسِيرِ الْمَنْسِيَّاتِ وَلَوْ عَمْدًا وَمَنْ قَدَّمَ إحْدَى الْحَاضِرَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى نَاسِيًا وَالْمُعِيدَ لِصَلَاتِهِ لِنَجَاسَةٍ فَإِنَّ الْوَقْتَ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ الضَّرُورِيُّ وَكُلُّ مَنْ أُمِرَ بِالْإِعَادَةِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ بِالْوُضُوءِ إلَّا الْمُقْتَصِرَ عَلَى كُوعَيْهِ أَوْ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ فَإِنَّهُ يُعِيدُ وَلَوْ بِتَيَمُّمٍ وَفِي مَسَائِلَ أُخْرَى اُنْظُرْهَا فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) كَوَاجِدِهِ بِقُرْبِهِ أَوْ رَحْلِهِ (ش) هَذَا تَمْثِيلٌ لِلْمُقَصِّرِ لَا تَشْبِيهٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ فَصَلَّى بَعْدَ أَنْ طَلَبَ الْمَاءَ طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لِلْمَاضِي إلَخْ) هَذَا إذَا شَرَعَ آيِسًا مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ تَيَمَّمَ وَهُوَ يَرْجُوهُ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّ صَلَاتَهُ بُنِيَتْ عَلَى تَخْمِينٍ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ قَالَهُ سَنَدٌ بِحَمْلِ الْإِيَاسِ فِي كَلَامِ سَنَدٍ عَلَى مَا عَدَا الرَّجَاءَ فَيَشْمَلُ الشَّكَّ الَّذِي هُوَ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَالظَّاهِرُ إبْقَاءُ النَّقْلِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَوْ دَخَلَ رَاجِيًا فَلَا يَقْطَعُ لِتَلَبُّسِهِ بِالْمَقْصِدِ يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الرَّاجِيَ يُنْدَبُ لَهُ التَّأْخِيرُ وَلَا يَجِبُ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ) وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا تُبْطِلُهُ الرِّدَّةُ) أَيْ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهَا تُبْطِلُ الْوُضُوءَ فَإِذَنْ يَحْتَاجُ لِتَيَمُّمٍ يُصَلِّي بِهِ وَيَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَيُسَوَّغُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ ظَاهِرًا، وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِهَذَا التَّيَمُّمِ قَطْعًا وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ إذَا اغْتَسَلَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَوُضُوءُهُ يَبْطُلُ وَغُسْلُهُ لَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ وُجُودِ الْمَاءِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ أَيْضًا وُجُودُ رُفْقَةِ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَلَوْ تَيَمَّمَ فَطَلَعَ عَلَيْهِ رَكِبَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ ظَنَّ مَعَهُمْ الْمَاءَ فَسَأَلَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ مَعَهُمْ أَعَادَ تَيَمُّمَهُ لِأَنَّ الطَّلَبَ لَمَّا وَجَبَ كَانَ مُبْطِلًا لِلتَّيَمُّمِ وَلِاشْتِرَاطِ اتِّصَالِهِ بِالصَّلَاةِ فَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا تَفْرِيقًا مُتَفَاحِشًا لَمْ يُجْزِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ فَرَأَى مَانِعًا إلَخْ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَلَيْسَ فِيهَا فَقَصَدَهُ وَهِيَ مُلْحَقَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَمَوْجُودَةٌ فِي الْحَطَّابِ فَقَدْ قَالَ وَكَذَا لَوْ رَأَى مَاءً فَقَصَدَهُ فَحَالَ دُونَهُ مَانِعٌ نَقَلَهُ سَنَدٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ فَإِنَّ الطَّلَبَ إذَا وَجَبَ كَانَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ انْتَهَى (أَقُولُ) يُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّ الْقَصْدَ لَيْسَ شَرْطًا.

(قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ الْمُقَصِّرُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ الْمُقَصِّرُ عَنْ الطَّلَبِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعِدْ) سَهْوًا كَعَامِدٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: يُعِيدُ أَبَدًا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ صَارَ كَالْمُخَالِفِ)(أَقُولُ) وَيَكُونُ الْعَامِدُ أَوْلَوِيًّا (أَقُولُ) مُفَادُهُ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَيُطَالَبُ بِالْإِعَادَةِ وُجُوبًا وَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ بُطْلَانُ الْأُولَى وَلَا يَخْفَى بَعْدَهُ غَايَةٌ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت الطِّخِّيخِيَّ ذَكَرَ أَنَّ التَّوْضِيحَ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ نَظَرٌ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الصَّلَاةَ مُسْتَوْفَاةُ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ وَإِنَّمَا الْخَلَلُ فِي بَعْضِ كَمَالِهَا فَأَمَرَ بِاسْتِدْرَاكِهَا فِي الْوَقْتِ فَلَوْ أَمَرَ بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا لَلَزِمَ انْقِلَابُ النَّفْلِ فَرْضًا وَكَأَنَّهُ يَرَاهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ وَتَرَكَ صَارَ كَالْمُخَالِفِ لِمَا أَمَرَ بِهِ انْتَهَى (أَقُولُ) بِحَمْدِ اللَّهِ الْإِشْكَالُ قَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَيَمِّمَ لِإِعَادَةِ إلَخْ) الظَّاهِرُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ: وَالْمُتَيَمِّمَ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُتَوَضِّئًا (قَوْلُهُ: الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى يَسِيرِ الْمَنْسِيَّاتِ) أَيْ وَلَوْ عَمْدًا (قَوْلُهُ: إحْدَى الْحَاضِرَتَيْنِ) أَيْ سَهْوًا (قَوْلُهُ: وَالْمُعِيدَ لِصَلَاتِهِ) أَيْ سَهْوًا (قَوْلُهُ: وَفِي مَسَائِلَ أُخْرَى) تِلْكَ الْمَسَائِلُ الْأُخْرَى هِيَ بَقِيَّةُ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَاثْنَتَانِ أُخْرَيَانِ مِنْ بَعِيدٍ فِي جَمَاعَةٍ وَمَنْ نَكَّسَ تَيَمُّمَهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَسَائِلُ سَبْعَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ رَحْلِهِ إلَخْ) قَالَ عج شَامِلٌ لِمَنْ نَسِيَهُ وَلِمَنْ جَهِلَهُ كَمَا إذَا وَضَعَتْهُ زَوْجَتُهُ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِحُ كَلَامَهُ هَذَا شَامِلًا لَهُمَا وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(وَأَقُولُ) وَلَيْسَ هَذَا بِتَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَنَاسٍ ذَكَرَ بَعْدَهَا بِالنِّسْبَةِ لِصُورَةِ النِّسْيَانِ لِأَنَّ هَذَا فِيمَنْ طَلَبَ وَقَصَّرَ فِي الطَّلَبِ فَلَمْ يَقِفْ عَلَى عَيْنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وُضِعَ فِيهِ مَا سَيَأْتِي لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ الطَّلَبُ أَبَدًا إنَّمَا تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ طَلَبَ الْمَاءَ) فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَتَيَمُّم وَصَلَّى أَعَادَ أَبَدًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ قُرْبِهِ وَرَحْلِهِ صُوَرٌ وَهِيَ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَأْمُورَ بِطَلَبِهِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى أَعَادَ أَبَدًا وَإِنْ طَلَبَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَلَا إعَادَةَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ طَلَبًا لَا يُشَقُّ

ص: 196

بِقُرْبِهِ أَيْ وَجَدَ الْمَاءَ الَّذِي طَلَبَهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَلَوْ وَجَدَ غَيْرَهُ لَمْ يُعِدْ وَالْمُرَادُ بِوُجُودِهِ بِقُرْبِهِ أَنْ يَجِدَهُ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يَطْلُبُهُ فِيهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا تَتَكَرَّرُ مَسْأَلَةُ النِّسْيَانِ الْآتِيَةُ مَعَ هَذِهِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَتَكَرَّرُ مَعَ الْعَمْدِ.

(ص) لَا إنْ ذَهَبَ رَحْلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ضَلَّ رَحْلُهُ فِي الرِّحَالِ وَبَالَغَ فِي طَلَبِهِ حَتَّى خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (ص) وَخَائِفِ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ الْمَمْنُوعَ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ كَخَائِفِ تِمْسَاحٍ إنْ دَخَلَ النَّهْرَ وَخَائِفِ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَوَجَدَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِأَنْ زَالَ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابًا فَلَوْ لَمْ يَتَيَقَّنْ الْمَاءَ أَوْ وَجَدَ غَيْرَ الْمَاءِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ (ص) وَمَرِيضٍ عَدِمَ مُنَاوِلًا (ش) فِيهَا الْخَائِفُ مِنْ لُصُوصٍ أَوْ سِبَاعٍ عَلَى الْمَاءِ يَتَيَمَّمُ فِي وَسَطِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ الَّذِي يَجِدُ الْمَاءَ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ، وَالْخَائِفُ الَّذِي يَعْرِفُ مَوْضِعَ الْمَاءِ وَيَخَافُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ ثُمَّ إنْ وَجَدُوا يَعْنِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَعَادُوا ابْنُ يُونُسَ، وَالْأَصْوَبُ أَنَّهُ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَرِيضٍ لَا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الدَّاخِلُونَ عَدِمَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ مُنَاوِلًا إذْ لَوْ تَكَرَّرَ عَلَيْهِ الدَّاخِلُ فَلَيْسَ بِمُقَصِّرٍ.

(ص) وَرَاجٍ قَدَّمَ وَمُتَرَدِّدٌ فِي لُحُوقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاجِيَ لِلْمَاءِ إذَا تَيَمَّمَ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ يَرْجُوهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ اسْتِحْبَابًا وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمُتَرَدِّدُ فِي لُحُوقِهِ مَعَ الْقَطْعِ بِوُجُودِهِ وَتَيَمَّمَ فِي الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لَهُ وَهُوَ الْوَسَطُ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَأَحْرَى إذَا قَدَّمَ عَنْ وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ بِخِلَافِ الْمُتَرَدِّدِ فِي وُجُودِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَيَمَّمَ فِي وَقْتِهِ أَوْ قَدَّمَ لِأَنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْعَدَمُ (ص) وَنَاسٍ ذَكَرَهَا بَعْدَهَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ النَّاسِيَ لِلْمَاءِ إذَا عَلِمَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَمِثْلُ نَاسِيهِ لَوْ طَلَبَهُ مِنْ رُفْقَتِهِ فَنَسُوهُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ تَذَّكَّرُوهُ وَظَنَّ أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوهُ لَمْ يَمْنَعُوهُ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوهُ مَنَعُوهُ لَمْ يُعِدْ وَمِثْلُ النَّاسِي الْجَاهِلُ لِكَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ كَمَا لَوْ جَعَلَتْهُ زَوْجَتُهُ أَوْ رَقِيقُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

بِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَيْدٌ فَيُفِيدُ أَنَّهُ إذَا طَلَبَهُ طَلَبًا يَشُقُّ فَلَا إعَادَةَ رَأْسًا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ غَيْرَ أَنَّ عج قَدْ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِوُجُودِهِ بِقُرْبِهِ أَنْ يَجِدَهُ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يَطْلُبُهُ فِيهِ بِلَا مَشَقَّةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَطَلَبَهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ انْتَهَى فَمُفَادُهُ أَنَّهُ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يَكُونُ قَيْدًا فَلَا تَكُونُ الصُّوَرُ أَرْبَعًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهَا مَفْهُومًا فَتَكُونُ أَرْبَعًا بَلْ يَتَعَيَّنُ وَيُفَسَّرُ قَوْلُهُ لَا يُشَقُّ بِهِ أَيْ طَلَبَهُ طَلَبًا مَا وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الطَّلَبِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ طَلَبًا لَا يُشَقُّ بِهِ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي أَفْرَادِ الْمُقَصِّرِ.

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا لَا تَتَكَرَّرُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيمَا حَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ فَإِذَنْ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَتَكَرَّرُ مَعَ الْعَمْدِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَجَدَ الْمَاءَ الَّذِي طَلَبَهُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِهِ نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا قَرَّرَهُ اللَّقَانِيِّ فَقَدْ قَالَ كَوَاجِدِهِ بِقُرْبِهِ أَيْ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ وَقَدْ طَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا تَتَكَرَّرُ مَسْأَلَةُ النِّسْيَان الْآتِيَةُ مَعَ هَذِهِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَتَكَرَّرُ مَعَ الْعَمْدِ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ إلَخْ) أَيْ وُجُودًا أَوْ لُحُوقًا هَذَا قَيْدٌ وَقَوْلُهُ كَخَائِفِ تِمْسَاحٍ أَيْ جَزْمًا أَوْ غَلَبَةَ ظَنٍّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الظَّنُّ مِثْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ قَيْدٌ ثَانٍ، وَقَوْلُهُ: وَوَجَدَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ إلَخْ قَيْدٌ ثَالِثٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ زَالَ الْمَانِعُ) الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ وَتَبَيَّنَ عَدَمُ مَا خَافَهُ قَيْدٌ رَابِعٌ، وَقَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَتَيَقَّنْ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ مَفْهُومَ قَوْلِهِ وَوَجَدَ الْمَاءَ وَسَكَتَ عَنْ مَفْهُومِ اثْنَيْنِ وَنُبَيِّنُهُ فَنَقُولُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَتَبَيَّنَ عَدَمُ الْمَانِعِ، وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ وُجُودُ الْمَانِعِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَلَا إعَادَةَ أَصْلًا أَوْ كَانَ خَوْفُهُ شَكًّا أَوْ وَهْمًا فَيُعِيدُ أَبَدًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فَلَوْ لَمْ يَتَيَقَّنْ صَادِقٌ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ أَوْ بِالظَّنِّ وَبِالشَّكِّ وَمُفَادُهُ أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ هُنَا لَا تُعْطَى هُنَا حُكْمَ الْيَقِينِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُعْطَى حُكْمَ الْيَقِينِ وَالْمُرَادُ بِهِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ وَاسْتُشْكِلَ كَوْنُ الْخَائِفِ مِمَّا ذُكِرَ مُقَصِّرًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّغْرِيرُ بِنَفْسِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ عَدَمُ مَا خَافَهُ وَكَانَ خَوْفُهُ كَلَا خَوْفٍ فَعِنْدَهُ تَقْصِيرٌ فِي عَدَمِ تَثَبُّتِهِ وَإِنْ شَكَّ هَلْ كَانَ تَيَمُّمُهُ لِخَوْفِ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ لِتَقْصِيرِهِ كَكَسَلٍ أَعَادَ أَبَدًا كَمَا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ (قَوْلُهُ: يُرِيدُ) أَيْ بِقَوْلِهِ: وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ أَيْ مَالِكٍ أَوْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَالْخَائِفُ الَّذِي يَعْرِفُ الْمَاءَ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَرِيضِ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَيَتَيَمَّمُ الْمَرِيضُ الَّذِي يَجِدُ الْمَاءَ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ وَالْخَائِفُ الَّذِي يَعْلَمُ وَيَخَافُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ وَكَذَلِكَ الْخَائِفُ مِنْ سِبَاعٍ أَوْ لُصُوصٍ فِي وَسَطِ كُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ إنْ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ اهـ. نَقُولُ أَرَادَ بِالْخَائِفِ الَّذِي يَعْلَمُ مَوْضِعَ الْمَاءِ الْمُتَرَدَّدِ فِي اللُّحُوقِ، وَقَوْلُهُ: وَيَخَافُ أَنْ يَبْلُغَهُ بَيَانٌ لِجِهَةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ وُجِدَ) هَذَا لَفْظُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ. إذَنْ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفُ مُقَيَّدٌ إلَخْ) وَلَا حَاجَةَ لِبَيَانِهِ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُقَصِّرِ.

(قَوْلُهُ: وَرَاجٍ قَدَّمَ) فِيهِ أَنَّهُ تَرَكَ مَنْدُوبًا وَلَا إعَادَةَ فِيهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ تَأَخُّرِ الرَّاجِي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُتَرَدِّدِ فِي وُجُودِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَرَدِّدِ فِي اللُّحُوقِ وَبَيْنَ الْمُتَرَدِّدِ فِي الْوُجُودِ أَنَّ ذَاكَ عِنْدَهُ نَوْعُ تَقْصِيرٍ فَلِذَا طُلِبَ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ صَلَّى فِي الْوَقْتِ الْمَطْلُوبِ بِالتَّأْخِيرِ فِيهِ بِخِلَافِهِ الْمُتَرَدِّدِ فِي الْوُجُودِ فَإِنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْعَدَمُ وَفِي عب أَنَّ الْمُتَرَدِّدَ فِي الْوُجُودِ إذَا قَدِمَ يُعِيدُ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَوْنِ الْمُتَرَدِّدِ فِي الْوُجُودِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا تَبِعَ فِيهِ التَّوْضِيحَ وَالشَّامِلَ وَارْتَضَى كَلَامَهُمَا الْحَطَّابُ وَمَا قَالَهُ عب تَبِعَ فِيهِ ابْنَ فَرْحُونٍ وَرَأَيْت تَضْعِيفَ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ النَّاسِي الْجَاهِلُ) قَدْ يُقَالُ هُوَ مَعْذُورٌ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ وَضْعَ زَوْجَتِهِ كَوَضْعِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ شَأْنَ الْمَرْأَةِ أَنْ تَقُومَ بِشَأْنِهِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ)

ص: 197

فِي رَحْلِهِ (ص) كَمُقْتَصِرٍ عَلَى كُوعَيْهِ لَا عَلَى ضَرْبَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ وَاقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى كُوعَيْهِ وَصَلَّى أَعَادَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ لِقُوَّةِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الْمَسْحِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ بِخِلَافِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ عَمَّمَ بِهَا وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إلَى مِرْفَقَيْهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لَا فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الثَّانِيَةِ.

(ص) وَكَمُتَيَمَّمٍ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ وَأُوِّلَ بِالْمَشْكُوكِ وَبِالْمُحَقَّقِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْوَقْتِ لِلْقَائِلِ بِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ عَلَى صَعِيدٍ مُتَنَجِّسٍ بِبَوْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَصَلَّى فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَاسْتُشْكِلَ بِتَفْسِيرِ الطَّيِّبِ بِالطَّاهِرِ وَبِأَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجِسٍ يُعِيدُ أَبَدًا وَاعْتَذَرُوا عَنْهُ بِأُمُورٍ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا بِأَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ أَوَّلَا قَوْلَهَا مَنْ تَيَمَّمَ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ فَلْيُعِدْ مَا كَانَ فِي الْوَقْتِ بِالْمَشْكُوكِ فِي إصَابَتِهَا وَلَوْ تَحَقَّقَهَا لَأَعَادَ أَبَدًا كَالْوُضُوءِ وَأَوَّلَهَا عِيَاضٌ بِمُحَقَّقِ الْإِصَابَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ وَالْوُضُوءِ وَاقْتُصِرَ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى الْوَقْتِ دُونَ الْوُضُوءِ مُرَاعَاةً لِلْقَائِلِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ الْحَسَنُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْيَقِينَ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ التَّيَمُّمِ أَمَّا لَوْ تَيَمَّمَ مُتَيَقِّنُ الْإِصَابَةِ لَأَعَادَ أَبَدًا اهـ.

(ص) وَمُنِعَ مَعَ عَدَمِ مَاءٍ تَقْبِيلُ مُتَوَضِّئٍ وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ إلَّا لِطُولٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُمْنَعُ الرَّجُلُ الْمُتَوَضِّئُ أَنْ يُقَبِّلَ زَوْجَتَهُ وَتُمْنَعُ الْمَرْأَةُ أَنْ تُقَبِّلَ زَوْجَهَا وَهِيَ مُتَوَضِّئَةٌ وَكَذَا غَيْرُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ لَمْ يُعْلَمْ فِي مِلْكِهِ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ فِي مِلْكِهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى النَّاسِي لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْجَاهِلَ كَذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسِيَ عِنْدَهُ نَوْعُ تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: عَلَى كُوعَيْهِ) أَيْ عَلَى مَسْحِ كُوعَيْهِ.

(قَوْلُهُ: مُصَابِ بَوْلٍ) اسْمُ مَكَان أَيْ عَلَى مَوْضِعٍ أَصَابَهُ بَوْلٌ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: بِبَوْلٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بَوْلٌ وَلَمْ يَقُلْ لِأَرْضٍ مُتَنَجِّسَةٍ لِلِاخْتِصَارِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْبَوْلَ بِالذِّكْرِ لِاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهِ (قَوْلُهُ: إلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّ هُنَاكَ غَيْرَ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ اعْتَذَرَ بِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ يَنْتَقِلُ لِمَا هُوَ طَاهِرٌ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ يُدْرِكُ مَعْرِفَتَهُ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْمُتَيَمِّمُ إنَّمَا يَنْتَقِلُ لِتُرَابٍ آخَرَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ ظَنًّا فَنَجَسُ الْمَاءِ يَنْتَقِلُ مِنْهُ لِطَهُورٍ يَقِينًا وَالصَّعِيدُ يَنْتَقِلُ مِنْهُ لِطَاهِرٍ ظَنًّا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ الْقَفَّالُ وَبِأَنَّ الْأَرْضَ تُسْفِي عَلَيْهَا الرِّيَاحُ التُّرَابَ فَيَخْتَلِطُ بِالنَّجَسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِالْمَشْكُوكِ فِي إصَابَتِهَا) أَيْ وَالْأَصْلُ الْعَدَمُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ (قَوْلُهُ: لَأَعَادَ أَبَدًا كَالْوُضُوءِ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَنَجُّسَ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ لَيْسَ لِمُجَرَّدِ الْإِصَابَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: وَأَوَّلَهَا عِيَاضٌ بِمُحَقِّقِ الْإِصَابَةِ) أَيْ فَلَا إعَادَةَ مَعَ الشَّكِّ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحَسَنُ) أَيْ الْبَصْرِيُّ وَقَوْلُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ ابْنُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ وَأُمُّهُ مِنْ سَبْيِ بَنِي حَنِيفَةَ فَلِذَا قِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَهُمَا مُجْتَهِدَانِ وَوَافَقَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ أَخَذَ عَنْ مَالِكٍ الْمُوَطَّأَ وَأَقَامَ عِنْدَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَكَانَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَقْرَأُ فِيهِ حَدِيثَ مَالِكٍ تَزْدَحِمُ النَّاسُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ تت وَقَدْ يُقَالُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إشْكَالٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهَا كَالصَّلَاةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا دُونَ التَّيَمُّمِ لِأَنَّ طَهَارَتَهَا ثَبَتَتْ بِطَرِيقٍ ظَنِّيٍّ وَطَهَارَةُ التُّرَابِ الْمُتَيَمَّمِ عَلَيْهِ ثَبَتَتْ بِطَرِيقٍ قَطْعِيٍّ وَمَا ثَبَتَ بِطَرِيقٍ ظَنِّيٍّ لَا يَقُومُ مَقَامَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ، وَالْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلِذَلِكَ قَالَ لِلْقَائِلِ (قَوْلُهُ: وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ حَصَلَ إلَخْ) أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْيَقِينَ الْحَاصِلَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ بِمَثَابَةِ الَّذِي قَبْلَ التَّيَمُّمِ فَالصَّوَابُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ فِيمَنْ تَيَقَّنَ الْإِصَابَةَ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِي كَلَامِ عج مَا يُفِيدُهُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ جَوَازُ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ وَشَارِحُنَا الطِّخِّيخِيُّ وَضُعِّفَ.

(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنْ وَجَدَ طَاهِرًا غَيْرَهُ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ وَجَبَ تَيَمُّمُهُ بِهِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِيهِ.

(تَنْبِيهٌ) : مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ لِأَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُمَا تَأْوِيلٌ إنَّمَا لَهُمَا طَرِيقَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ التَّأْوِيلَيْنِ فَقَدْ قَالَ فِي اخْتِصَارِ الْوَاضِحَةِ وَمَنْ تَيَمَّمَ بِصَعِيدٍ نَجِسٍ عَالِمًا بِنَجَاسَتِهِ أَعَادَ أَبَدًا وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَتَيَمَّمْ وَمَنْ تَيَمَّمَ بِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ نَجِسٌ فَإِنْ عَلِمَ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّأْوِيلُ الْأَوْلَى لِأَبِي الْفَرَجِ فَقَدْ قَالَ: إنَّ الْمُدَوَّنَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً وَلَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً كَانَتْ كَالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِنَجَاسَةٍ تُعَادُ مِنْهُ أَبَدًا وَأَمَّا عِيَاضٌ فَيَجْعَلُ مُقَابِلَ أَبِي الْفَرَجِ مَا إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ ظَاهِرَةً فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ لَيْسَ لِابْنِ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ تَأْوِيلٌ وَإِنَّمَا لَهُمَا قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِمَا فِيهَا وَأَنَّ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ، وَالثَّانِيَ مُتَّفِقَانِ عَلَى تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ يَقُولُ لَيْسَتْ بِظَاهِرَةٍ وَهُوَ مَعْنَى الْمَشْكُوكِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: إنَّهَا ظَاهِرَةٌ فَأَبُو الْفَرَجِ يَقُولُ عُلِمَتْ نَجَاسَتُهَا لَكِنَّهَا لَمْ تَظْهَرْ فَتَكُونُ كَالْمَاءِ الْوَاقِعِ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ وَقَدْ عَبَّرُوا عَنْ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فَكَذَا التُّرَابُ قَالَ مُحَشِّي تت حِينَ أَفَادَ مَا قُلْنَا فَإِنْ قُلْت هَلْ يُقَيَّدُ قَوْلُهُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ بِمَا إذَا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالنَّجَاسَةِ حَالَ التَّيَمُّمِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَمْ لَا قُلْت بَلْ يَبْقَى عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا أَطْلَقَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ وَجَعَلُوا قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ.

(قَوْلُهُ: وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ) الْمُرَادُ مَنْ هُوَ بِحَالِ الْمُغْتَسِلِ اغْتَسَلَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا كَصَبِيٍّ بَلَغَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ غُسْلٌ (قَوْلُهُ: إلَّا لِطُولٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ لَا لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِتَرْكِ التَّقْبِيلِ وَأَيْضًا الْجِمَاعُ يَحْصُلُ بِهِ انْكِسَارُ شَهْوَتِهِ وَيَسْكُنُ مَا عِنْدَهُ بِخِلَافِ التَّقْبِيلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَزِيدُ هَيَجَانَهُ وَتَحْرِيكَ شَهْوَتِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِتَضَرُّرٍ بَدَلَ طُولٍ فَقَالَ إلَّا لِتَضَرُّرٍ كَانَ أَوْلَى

ص: 198

التَّقْبِيلِ مِمَّا لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى تَرْكِهِ كَالْبَوْلِ إنْ خَفَّتْ حَقْنَتُهُ خِفَّةً لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِهَا وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ تَيَمَّمَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ فَدَخَلَ الْوَقْتُ وَأَهْرَاقَهُ فَهُوَ عَاصٍ وَيَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَكَذَلِكَ يُمْنَعُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ إذَا كَانَ طَاهِرًا مِنْ الْجِمَاعِ فَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُمَكِّنَ حِينَئِذٍ مِنْ نَفْسِهَا إلَّا لِطُولٍ يَضْرِبُهُ فِي بَدَنِهِ أَوْ يَخْشَى الْعَنَتَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ أَنْ يَطَأَهَا وَلَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ وَيَنْتَقِلَانِ لِلتَّيَمُّمِ لَا مُجَرَّدَ شَهْوَةِ النَّفْسِ، وَقَوْلُهُ: تَقْبِيلُ مُتَوَضِّئٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَوْ لِمَفْعُولِهِ أَيْ يُمْنَعُ الرَّجُلُ الْمُتَوَضِّئُ أَنْ يُقَبِّلَ زَوْجَتَهُ وَتُمْنَعُ هِيَ أَنْ تُقَبِّلَ زَوْجَهَا وَهِيَ مُتَوَضِّئَةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي الْأَصْلِ بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ صَارَ لِلْأَكْبَرِ بَعْدَ أَنْ كَانَ لِلْأَصْغَرِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَنْعِ مَا ذُكِرَ وَجَوَازِ السَّفَرِ فِي طَرِيقٍ يَتَيَقَّنُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ طَلَبًا لِلْمَالِ وَرَعْيِ الْمَوَاشِي كَمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَالْبَاجِيُّ لِوُجُودِ الْفَرْقِ بَيْنَ تَجْوِيزِ تَرْكِ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِهِ وَالْمَنْعِ مِنْهُ بَعْدَهُ ثُمَّ إنَّ الْمَنْعَ عَلَى النَّدْبِ وَقِيلَ عَلَى التَّحْرِيمِ.

(ص) وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ تَيَمَّمَ خَمْسًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَدْرِي مَا هِيَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي خَمْسَ صَلَوَاتٍ يَتَيَمَّمُ لَهُنَّ خَمْسَ مَرَّاتٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَيَمُّمٌ (ص) وَقُدِّمَ ذُو مَاءٍ مَاتَ وَمَعَهُ جُنُبٌ إلَّا لِخَوْفِ عَطَشٍ كَكَوْنِهِ لَهُمَا وَضَمِنَ قِيمَتَهُ (ش) يَعْنِي إذَا مَاتَ صَاحِبُ الْمَاءِ وَمَعَهُ شَخْصٌ حَيٌّ مُحْدِثٌ جُنُبٌ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْمَيِّتَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُحْدِثِ الْحَيِّ لِحَقِّيَّةِ الْمِلْكِ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى الْحَيِّ الْعَطَشَ فَإِنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ أَحَقَّ مِنْ صَاحِبِهِ وَيُيَمَّمُ الْمَيِّتُ حِفْظًا لِلنُّفُوسِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْوَرَثَةِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَاءُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ يُقَدَّمُ الْحَيُّ وَلَوْ لَمْ يَخَفْ عَطَشًا لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالشَّرِكَةِ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ نَصِيبِ الْمَيِّتِ فَقَوْلُهُ وَقُدِّمَ أَيْ فِي مَائِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَمَعَهُ جُنُبٌ فَلَوْ قَالَ: وَقُدِّمَ ذُو مَاءٍ مَاتَ وَمَعَهُ ذُو مَانِعٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ وَقَوْلُهُ كَكَوْنِهِ لَهُمَا تَشْبِيهٌ فِي تَقْدِيمِ الْحَيِّ لَا بِقَيْدِ خَوْفِ الْعَطَشِ وَقَوْلُهُ: وَضَمِنَ قِيمَتَهُ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ وَضَمِنَ الْمُقَدَّمُ فِي الْأُولَى بِقَيْدِهِ قِيمَةَ كُلِّ الْمَاءِ وَفِي الثَّانِيَةِ قِيمَةَ نَصِيبِ الْمَيِّتِ لِوَرَثَتِهِ مُرَاعَى فِيهَا الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَالْحَالُ مِنْ كَثْرَةِ النَّفَقَةِ وَقِلَّتِهَا وَكَثْرَةِ الطُّلَّابِ وَإِنَّمَا ضَمِنَ قِيمَةَ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي يُرَاعَى فِيهَا ضَمَانُ الْمِثْلِ لِأَنَّا لَوْ ضَمَّنَّاهُ مِثْلَهُ لَضَمِنَهُ -

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهَا اخْتِلَالُ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَخَفْ بِأَنْ لَزِمَ عَلَيْهَا عَدَمُ تَكْمِيلِ أَرْكَان الصَّلَاةِ أَوْ تَكْمِيلِهَا مَعَ مَشَقَّةٍ كَأَنْ صَارَ بِضَمِّ وَرِكَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَاصٍ) هَذَا عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَنْعَ عَلَى الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَخْشَى الْعَنَتَ) وَلَوْ بِدُونِ طُولٍ وَلِذَا قُلْنَا لَوْ قَالَ إلَّا لِتَضَرُّرٍ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَيْ يُمْنَعُ الرَّجُلُ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِإِضَافَتِهِ إلَى الْفَاعِلِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ وَمُنِعَ تَقْبِيلُ شَخْصٍ مُتَوَضِّئٍ غَيْرَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَمْ يُبَيِّنْ إضَافَتَهُ إلَى الْمَفْعُولِ وَنُبَيِّنُهَا فَنَقُولُ وَمُنِعَ تَقْبِيلُ إنْسَانٍ غَيْرِ مُتَوَضِّئٍ مُتَوَضِّئًا فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُقَبِّلِ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَضِّئًا، وَالْمُقَبَّلِ إنْ مَكَّنَهُ مِنْ التَّقْبِيلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَارَ لِلْأَكْبَرِ) فَإِنْ قُلْت الصِّفَةُ وَاحِدَةٌ قُلْت نَعَمْ إلَّا أَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْأَصْغَرِ نَابَ عَنْ الْبَعْضِ، وَالتَّيَمُّمُ لِلْأَكْبَرِ نَابَ عَنْ الْكُلِّ فَفِيهِ زِيَادَةُ طَهَارَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْبَاجِيُّ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَبُو عُمَرَ وَالْبَاجِيُّ هُوَ الْإِمَامُ صَاحِبُ التَّصَانِيفِ أَبُو الْوَلِيدِ سُلَيْمَانُ بْنُ خَلَفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَيُّوبَ أَصْلُهُ مِنْ مَدِينَةِ بَطَلْيُوسَ وَانْتَقَلَ جَدُّهُ إلَى مَدِينَةِ بَاجَةَ الَّتِي بِقُرْبِ إشْبِيلِيَّةَ وَنُسِبَ إلَيْهَا وَقِيلَ هُوَ مِنْ بَاجَةَ الْقَيْرَوَانِ الَّتِي يُنْسَبُ إلَيْهَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَاجِيُّ الْحَافِظُ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ ذَكَرَهُ الشُّمُنِّيُّ فِي حَاشِيَةِ الشِّفَاءِ (قَوْلُهُ: تَرْكِ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِهِ) وَهُوَ الطَّهَارَةُ الْمَائِيَّةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الَّتِي كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُحَصِّلَهَا أَيْ بِسَفَرِهِ فِي طَرِيقٍ فِيهَا الْمَاءُ أَوْ بِعَدَمِ سَفَرِهِ رَأْسًا وَقَوْلُهُ: وَالْمَنْعُ مِنْهُ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْحُصُولِ وَهِيَ الطَّهَارَةُ الْقَائِمَةُ بِالشَّخْصِ الَّتِي مَنَعَتْهُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلٍّ خُلُوًّا عَنْ طَهَارَةٍ إلَّا أَنَّهُ يُسَامَحُ فِي الْخُلُوِّ عَنْهَا قَبْلَ حُصُولِهَا كَمَسْأَلَةِ السَّفَرِ وَلَا يُسَامَحُ فِي الْخُلُوِّ عَنْهَا بَعْدَ حُصُولِهَا كَمَسْأَلَتِنَا الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا وَلَهُ نَظِيرٌ كَمَنْ يَتْرُكُ السَّبَبَ الْمُحَصِّلَ لِلدِّرْهَمِ فَلَا يُلَامُ بِخِلَافِ مَنْ تَعَاطَى السَّبَبَ وَحَصَّلَهُ وَرَمَاهُ فِي الْبَحْرِ فَيُلَامُ فَالْخُلُوُّ عَنْ الدِّرْهَمِ مَوْجُودٌ فِي الْأَمْرَيْنِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ خُلُوٌّ قَبْلَ الْحُصُولِ فَلَا يُلَامُ وَفِي الثَّانِي خُلُوٌّ بَعْدَ الْحُصُولِ فَيُلَامُ (قَوْلُهُ: الْمَنْعَ عَلَى النَّدْبِ) الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْنِي كَوْنَ التَّقْبِيلِ وَنَحْوِهِ مَكْرُوهًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالثَّانِي ضَعِيفٌ فَتَدَبَّرْهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ) أَيْ وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى النَّهَارِيَّاتِ صَلَّى ثَلَاثًا وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى اللَّيْلَتَيْنِ صَلَّى اثْنَتَيْنِ وَذَكَرَ هَذَا وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ لَا فَرْضٌ آخَرُ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْفَرْضُ بِذَاتِهِ لَا لِلِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ: ذُو مَاءٍ مَاتَ) أَيْ فِي مَائِهِ لَا فِي مَائِهِ وَغَيْرِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ كَكَوْنِهِ لَهُمَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفِ عَطَشٍ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُطْلَقَ الْحَاجَةِ مِنْ عَجْنٍ وَطَبْخٍ مِثْلِ الْعَطَشِ كَ (قَوْلِهِ: وَضَمِنَ قِيمَتَهُ) وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُضْطَرِّ وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وُجِدَ لِأَنَّ ذَاكَ مُضْطَرٌّ وَهَذَا أَخَفُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى الْحَيِّ الْعَطَشَ) أَيْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مُحْتَرَمٍ فَيُقَدَّمُ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْعَطَشُ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ) أَيْ لِشُمُولِهِ الْحَائِضَ، وَالنُّفَسَاءَ، وَالْمُحْدِثَ حَدَثًا أَصْغَرَ وَلِمَا إذَا كَانَ الْمَانِعُ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَانِعُ أَوْ تَعَدَّدَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَأَمَّا الْأَخْصَرِيَّةُ فَلَمْ تَظْهَرْ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى لَكَانَ أَخْصَرَ أَيْ عَلَى فَرْضِ أَنْ لَوْ قَالَ وَمَعَهُ جُنُبٌ أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ مِنْ كَثْرَةِ النَّفَقَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّنَا إذَا نَظَرْنَا إلَى الْقِيمَةِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى كَثْرَةِ النَّفَقَةِ وَلَا إلَى قِلَّتِهَا وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ مُرَاعَاةُ كَثْرَةِ الطُّلَّابِ وَقِلَّتِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَوْ ضَمَّنَّاهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّمَا ضَمَّنَّاهُ الْقِيمَةَ وَلَمْ نُضَمِّنْهُ الْمِثْلَ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ لَوْ ضُمِّنَ الْمِثْلَ إمَّا أَنْ يُضَمَّنَهُ

ص: 199