المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل إزالة النجاسة] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ١

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌بَابِ الطَّهَارَةِ

- ‌[فَصَلِّ بَيَانِ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ]

- ‌[فَصْلٌ إزَالَة النَّجَاسَة]

- ‌[فَصْلُ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ آدَابَ قَاضِي الْحَاجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصَلِّ الْغُسْلُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمُ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمَسْح عَلَى الجبيرة]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحَيْض]

- ‌[بَاب الْوَقْت الْمُخْتَار]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ

- ‌[فَصَلِّ فِي شُرُوط الصَّلَاة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَصِفَةِ السَّاتِرِ

- ‌[فَصَلِّ فِي الِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[فَصَلِّ فِي فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاة وَبَدَلِهِ وَمَرَاتِبِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَتَرْتِيبِهَا]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ سُجُودَ التِّلَاوَةِ]

الفصل: ‌[فصل إزالة النجاسة]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُغَشَّى فِيهِ قَوْلَانِ فِي الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ، وَأَمَّا الْمُمَوَّهُ فَالْقَوْلَانِ فِيهِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَكِلَاهُمَا مُرَجَّحٌ، وَأَمَّا الْمُضَبَّبُ وَذُو الْحَلْقَةِ فَالْقَوْلَانِ فِيهِمَا بِالْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ، وَأَمَّا إنَاءُ الْجَوْهَرِ فَالْقَوْلَانِ فِيهِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ لَكِنْ حَقُّهُ أَنْ يُعَبِّرَ فِي هَذَا الْأَخِيرِ بِتَرَدُّدٍ؛ لِأَنَّهُ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ مَا يُحَرَّمُ عَلَى الذُّكُورِ وَمَا يُبَاحُ لَهُمْ، وَإِنْ شَارَكَهُمْ النِّسَاءُ فِي بَعْضِهِ كَمَا فِي اسْتِعْمَالِ الْأَوَانِي وَاقْتِنَائِهَا شَرَعَ الْآنَ يَذْكُرُ مَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ فَقَالَ (ص) وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ مُطْلَقًا (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ اتِّخَاذُ مَا هُوَ مَلْبُوسٌ لَهَا أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَاهُ كَقُفْلِ الْجَيْبِ وَزِرِّ الثَّوْبِ وَلَفَائِفِ الشُّعُورِ مِنْ النَّقْدَيْنِ وَمُحَلَّى بِهِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ النَّعْلِ لِلنِّسَاءِ وَمِثْلُهُ الْقَبْقَابُ مِنْ النَّقْدَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ نَعْلًا) لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ حُرْمَةُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَلْبُوسِ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَلْبُوسِ كَسَرِيرٍ وَمَكَاحِلَ وَمَرَايَا وَأَسِرَّةٍ جَمْعُ سَرِيرٍ فَلَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ اتِّخَاذُهُ مِنْ النَّقْدَيْنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا كَسَرِيرٍ) وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ السَّرِيرِ لِرِجَالٍ وَلَا لِنِسَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مُحَلًّى بِأَحَدِهِمَا وَكَذَا مِنْ حَرِيرٍ، وَأَمَّا الْفِرَاشُ كَالطَّرَارِيحِ وَالْمِخَدِّ فَيَجُوزُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِلنِّسَاءِ لِصِدْقِ لَفْظِ الْمَلْبُوسِ عَلَيْهَا.

وَلَمَّا فَرَغَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ وَالْمُتَنَجِّسِ وَكَانَ مِنْهُ مَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْهُ شَرَعَ فِي أَحْكَامِ إزَالَتِهَا وَمَا تُزَالُ بِهِ وَمَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْهَا وَمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَا فَقَالَ (فَصْلٌ)(ص) هَلْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ (ش) الْمُرَادُ بِالثَّوْبِ كُلَّمَا هُوَ مَحْمُولٌ لِلْمُصَلِّي مِنْ خُفٍّ وَسَيْفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْمُصَلِّي الْمُرِيدُ لِلصَّلَاةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ.

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ) لَا يَخْفَى مَا فِي بَعْضِهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لِلْحِلِّ الْأَوَّلِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحِلَّ الْأَوَّلَ نَاظِرٌ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ كَانَ الْحِلُّ الْخَارِجُ خِلَافَهُ هَذَا غَايَةُ مَا يُجَابُ بِهِ عَنْ الْمُنَافَاةِ (ثُمَّ أَقُولُ) وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي الْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلَقَةِ الْجَوَازُ كَمَا حَلَّ بِهِ أَوَّلًا وَقَدْ تَبِعَ فِي تِلْكَ الْعِبَارَةِ عج وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي كُلِّهَا بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ خِلَافًا لعج الْقَائِلِ بِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلَقَةِ الْمَنْعُ وَالْكَرَاهَةُ.

(قَوْلُهُ وَكِلَاهُمَا مُرَجَّحٌ) لَمْ يَعْتَمِدْ شَيْئًا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْمُمَوَّهِ الْقِلَّةُ بِخِلَافِ الْمُغَشَّى وَكَذَا لَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا مِمَّا يَأْتِي بَعْدُ مِنْ الْخِلَافِ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ الْإِبَاحَةَ فِي الْمُمَوَّهِ وَالْمَنْعُ بَعِيدٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَظْهَرَهُ فِي الْإِكْمَالِ وَذَكَرَ أَنَّ الْأَصَحَّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلَقَةِ الْمَنْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَغَيْرُهُمَا اهـ. وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَخِيرِ الْجَوَازَ فَإِذَنْ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى ذَلِكَ لِبَيَانِ التَّرْجِيحِ فِيمَا عَدَا الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَكَانَ حَقُّهُ التَّعْبِيرَ بِتَرَدُّدٍ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَلْتَزِمْ ذَلِكَ إذْ غَايَةُ مُرَادِهِ بِقَوْلِهِ وَأُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ إلَخْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ تَرَدُّدٌ فِي كَلَامِي فَهُوَ إشَارَةٌ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ لَا أَنَّهُمْ مَتَى تَرَدَّدُوا فِي شَيْءٍ وَقَصَدَ أَنْ يَذْكُرَهُ يُشِيرُ لَهُ بِالتَّرَدُّدِ إذْ لَمْ يَلْتَزِمْ هَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا رحمه الله.

(قَوْلُهُ وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ حَرِيرًا أَوْ غَيْرَهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَسَانِيدُ الْحَرِيرِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِّ كَذَا قَالَ عج وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ كَسَرِيرِ الْفِرَاشِ كَالْبِسَاطِ وَالْحَصِيرِ (قَوْلُهُ كَقُفْلِ الْجَيْبِ إلَخْ) مِثْلُ عِبَارَةِ تت فَإِنَّهُ وَكَذَا مَا يَجْرِي مَجْرَى اللِّبَاسِ مِنْ قُفْلٍ لِجَيْبٍ أَوْ زِرٍّ لِثَوْبٍ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْقُفْلِ وَالزِّرِّ أَيْ فَالْمُرَادُ الْقُفْلُ الْمَعْرُوفُ وَالزِّرُّ وَالْقُفْلُ بِضَمِّ الْقَافِ جَمْعُهُ أَقْفَالٌ (قَوْلُهُ وَلَفَائِفِ الشُّعُورِ) قَالَ ح وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَا يَلْفُفْنَ فِيهِ شُعُورَهُنَّ لَا الْمُشْطُ اهـ.

(قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَيْسَ إشَارَةً لِخِلَافٍ بَلْ إنَّمَا هُوَ لِرَفْعِ التَّوَهُّمِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الْحَطَّابُ وَأَشَارَ بِلَوْ لِلْخِلَافِ إلَّا أَنَّ شَأْنَ بَهْرَامَ فِي الْوَسَطِ يَحْكِي الْمُقَابِلَ وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا قَوْلًا مُقَابِلًا فَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْحَطَّابِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ كَسَرِيرٍ إلَخْ) الْقَصْدُ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ وَلَوْ فِي فَرْدٍ فَلِذَلِكَ جُمِعَ تَارَةً وَأُفْرِدَ أُخْرَى وَقَوْلُهُ وَأَسِرَّةٍ جَمْعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَرِيرٍ الْمُفْرَدِ إشَارَةٌ لِمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ وَأَسِرَّةٍ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ كَسَرِيرٍ فَلَا دَاعِي إلَى ذِكْرِهِ (قَوْلُهُ لَا كَسَرِيرٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ السَّرِيرَ لَا يُعَدُّ مَلْبُوسًا إنَّمَا هُوَ بِمَثَابَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يَجْلِسُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا مِنْ حَرِيرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ السَّرِيرَ إذَا كَانَ مِنْ حَرِيرٍ يَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُرْمَةَ عَلَى الرِّجَالِ فَقَطْ.

(تَنْبِيهٌ) : يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ لَا كَسَرِيرٍ قُفْلُ الصُّنْدُوقِ وَالْمِرْوَحَةُ وَمَا اُتُّخِذَ فِي جُدْرَانٍ وَسُقُوفٍ وَأَخْشَابٍ وَأَغْشِيَةٍ لِغَيْرِ قُرْآنٍ وَفِي الْحَطَّابِ خِلَافُهُ قَالَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عِنْدَنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ تَزْوِيقُ الْمَسَاجِدِ بِالذَّهَبِ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ، فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَشْغَلُهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ جَائِزٌ وَرَأَيْت ذَلِكَ فِي جَامِعِ الْقَيْرَوَانِ وَقَدْ مَرَّتْ عَلَيْهِ قُرُونٌ لَمْ نَسْمَعْ فِيهِ مَنْ يُنْكِرُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي جَامِعِ الزَّيْتُونَةِ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ فَقَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ إنَّ الْوُلَاةَ هُمْ الَّذِينَ وَضَعُوهُ وَجُدِّدَ فِي وَقْتِ إمَامَتِهِ وَسَكَتَ عَنْهُ لِكَوْنِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَكْرُوهًا اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ إزَالَة النَّجَاسَة]

(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) قَالَ الْحَطَّابُ يَنْبَغِي إعْدَادُ ثَوْبٍ لِلْخَلَاءِ وَلِلْجِمَاعِ إنْ قَدَرَ وَفِي بِمَعْنَى مِنْ أَوْ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ التَّطْهِيرَ كَمَا يَصْدُقُ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ يَصْدُقُ عَلَى رَفْعِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ وَمَا تُزَالُ بِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِطَهُورٍ مُنْفَصِلٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِمُرِيدِ لِلصَّلَاةِ) ارْتَكَبَ الْمَجَازَ أَيْ الْمَجَازَ الْمُرْسَلَ أَوْ الْمَجَازَ بِالْحَذْفِ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ لَاقْتَضَى أَنَّ مُخَاطَبَتَهُ بِالْإِزَالَةِ إنَّمَا تَكُونُ إذَا تَلَبَّسَ بِالصَّلَاةِ بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّانِي إفَادَةُ أَنَّ مَنْ لَا يُرِيدُهَا لَهُ حُكْمٌ آخَرُ، وَهُوَ إنْ أَرَادَ الطَّهَارَةَ لِطَوَافٍ أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ وَكَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي يَدِهِ فَإِزَالَتُهَا فَرْضُ عَيْنٍ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ إزَالَتُهَا وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَعَلَيْهِ فَالتَّلَطُّخُ بِهَا حَرَامٌ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ وَعَلَيْهِ فَالتَّلَطُّخُ بِهَا مَكْرُوهٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْخَمْرِ، وَأَمَّا هُوَ فَالتَّلَطُّخُ بِهِ حَرَامٌ اتِّفَاقًا وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ قَدْ تَعُمُّ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا فَالْمُرَادُ كُلُّ مُصَلٍّ.

(تَنْبِيهٌ) : تَعَمُّدُ صَلَاةِ النَّافِلَةِ بِالنَّجَاسَةِ مَمْنُوعٌ

ص: 101

إزَالَةِ النَّجَاسَةِ غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ عَمَّا ذُكِرَ مِنْ مَحْمُولِ الْمُصَلِّي وَمَا بَعْدَهُ فَقِيلَ وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَقِيلَ سُنَّةٌ وَيَأْتِي فَائِدَةُ الْخِلَافِ.

(ص) وَلَوْ طَرَفَ عِمَامَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّجَاسَةَ يُطْلَبُ إزَالَتُهَا عَنْ ثَوْبِ الْمُصَلِّي وَعَنْ كُلِّ مَا هُوَ حَامِلٌ لَهُ وَلَوْ كَانَ طَرَفُ ذَلِكَ الثَّوْبِ أَوْ الْعِمَامَةِ أَوْ نَحْوِهِ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُعَدُّ حَامِلًا لِذَلِكَ فِي الْعُرْفِ بِخِلَافِ الْحَصِيرِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ طَرَفَ عِمَامَتِهِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ الثَّوْبَ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُلْبَسُ فِي الْوَسَطِ وَعَلَى الرَّأْسِ وَعَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ وَلِكُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْمٌ خَاصٌّ.

(ص) وَبَدَنِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى ثَوْبٍ يَعْنِي أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ مَطْلُوبَةٌ عَنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي الظَّاهِرِ وَمَا هُوَ فِي حُكْمِهِ كَدَاخِلِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ كَمُكْتَحِلٍ بِمَرَارَةِ خِنْزِيرٍ فَيَغْسِلُ دَاخِلَ عَيْنَيْهِ وَيَغْسِلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ صِمَاخَيْهِ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ فَإِنَّ دَاخِلَ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ الْبَاطِنِ، وَأَمَّا بَاطِنُ الْجَسَدِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ مِمَّا مَقَرُّهُ الْمَعِدَةُ وَلَمْ يُسْتَدْخَلْ بَلْ تَوَلَّدَ فِيهَا فَلَا حُكْمَ لَهُ إلَّا بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَفِيمَا أُدْخِلَ فِيهَا كَمَنْ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ نَجَسًا رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ يُعِيدُ شَارِبُ قَلِيلِ الْخَمْرِ لَا يُسْكِرُهُ صَلَاتَهُ أَبَدًا مُدَّةَ مَا يُرَى بَقَاؤُهُ فِي بَطْنِهِ وَالْإِلْغَاءُ لِلتُّونِسِيِّ إذَا حَفِظَ ثَوْبَهُ وَفَمَه مِنْ النَّجَاسَةِ وَتَقَايَأَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَهُ، فَإِنْ تَابَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّقَايُؤُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ كَصَاحِبِ السَّلَسِ وَكَمَنْ اسْتَدَانَ لِفَسَادٍ وَتَابَ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلِأَنَّهُ صَارَ عَاجِزًا وَالْعَاجِزُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، فَإِنْ قِيلَ أَبْطَلْنَاهَا لِإِدْخَالِهِ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ وَضَعَ عَلَى ظَاهِرِ جَسَدِهِ مَثَلًا نَجَاسَةً، ثُمَّ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهَا أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَاعْتِرَاضُ ابْنِ الشَّاطِّ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ.

(ص) وَمَكَانِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى ثَوْبٍ يَعْنِي أَنَّ النَّجَاسَةَ يُطْلَبُ إزَالَتُهَا عَنْ مَكَانِ الْمُصَلِّي أَيْضًا وَالْمُعْتَبَرُ مِنْهُ مَوْضِعُ قِيَامِهِ وَسُجُودِهِ وَجُلُوسِهِ وَمَوْضِعُ كَفَّيْهِ وَلَا يَضُرُّهُ مَا كَانَ أَمَامَهُ أَوْ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ أَوْ بَيْنَ

ــ

[حاشية العدوي]

مَانِعٌ مِنْ عَقْدِهَا وَلَا تُقْضَى؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَنْ افْتَتَحَهَا مُحْدِثًا ذَكَرَهُ فِي ك.

(تَنْبِيهٌ) : أَرَادَ بِالْمُصَلِّي مَا يَشْمَلُ الصَّبِيَّ وَالْخِطَابُ بِالنِّسْبَةِ لِوَلِيِّهِ خِطَابُ تَكْلِيفٍ وَبِالنِّسْبَةِ لَهُ خِطَابُ وَضْعٍ إذْ هُوَ شَرْطٌ فَيُخَاطَبُ بِهِ الصَّغِيرُ لِاعْتِبَارِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فِيهِ كَالْبَالِغِ.

(قَوْلُهُ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ) قَالَ فِي ك وَتَقْيِيدُنَا طَرَفَ الْعِمَامَةِ بِكَوْنِهِ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ يُؤْخَذُ مِنْ الْإِغْيَاءِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَحْسُنْ الْإِغْيَاءُ؛ لِأَنَّ الطَّرَفَ الْمَحْمُولَ لَهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ كَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ غَيْرَ طَرَفِ عِمَامَتِهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ طَرَفُ عِمَامَتِهِ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَيْ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ طَرَفَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ طَرَفُ الثَّوْبِ طَرَفَ عِمَامَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالثَّوْبِ الْحَقِيقَةَ الْمَعْرُوفَةَ فَأَطْلَقَ ثَوْبَ وَأَرَادَ بِهِ لَازِمَهُ، وَهُوَ الْمَحْمُولُ كَذَا قِيلَ أَوْ نَقُولُ أَطْلَقَ الْخَاصَّ وَأَرَادَ الْعَامَّ قَالَ فِي ك، فَإِنْ قِيلَ الْمُؤَلِّفُ مُتَصَوِّرٌ حُكْمَ الْإِزَالَةِ فِي ذِهْنِهِ فَمَا فَائِدَةُ الِاسْتِفْهَامِ يُقَالُ بِاعْتِبَارِ الْوَاقِفِ عَلَى الْكِتَابِ أَوْ جَرَّدَ شَخْصًا مِنْ نَفْسِهِ وَخَاطَبَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْمٌ خَاصٌّ) نَصَّ الْأَبِيُّ إنْ كَانَ فِي الْوَسَطِ فَإِزَارٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ فَهُوَ رِدَاءٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الرَّأْسِ فَهُوَ خِمَارٌ وَعِمَامَةٌ.

(قَوْلُهُ كَدَاخِلِ الْأَنْفِ) فَإِذَا دَمَى فَمُهُ فَمَجَّ الرِّيقَ حَتَّى انْقَطَعَ الدَّمُ وَلَمْ يَطْهُرْ بِذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ وَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَنْفِهِ دَمُ رُعَافٍ أَوْ غَيْرُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ أَنْفِهِ وَإِذَا أَصَابَ أُذُنَيْهِ نَجَاسَةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ صِمَاخَيْهِ (قَوْلُهُ إذَا حَفِظَ ثَوْبَهُ وَفَمَه) أَيْ بِالْغَسْلِ أَوْ بِصَبِّ الْخَمْرِ فِي آلَةٍ أَدْخَلَهَا فَمَه بِحَيْثُ إنَّ الْخَمْرَ ابْتِدَاءً انْصَبَّ فِي الْحَلْقِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَابَ إلَخْ) خُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى إمْكَانِ التَّقَايُؤِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا تَابَ أَمْ لَا فَذِكْرُ التَّوْبَةِ إنَّمَا هُوَ لِلْكَمَالِ هَذَا مُلَخَّصُ مَا فِي ك وَالْحَاصِلُ أَنَّ وُجُوبَ التَّقَايُؤِ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ لَا يُنَافِي أَنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِوُجُوبِ التَّقَايُؤِ عَلَى مَنْ شَرِبَ خَمْرًا (قَوْلُهُ كَصَاحِبِ السَّلَسِ) أَيْ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ رَفْعِ عُذْرِهِ وَقَوْلُهُ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ أَيْ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْبَةِ فِي هَذَا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَجَزَ عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ صَارَ عَاجِزًا هَذِهِ الْعِلَّةُ حَاصِلُ قَوْلِهِ كَصَاحِبِ السَّلَسِ فَلَا حَاجَةَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ صَارَ عَاجِزًا) لَا يُقَالُ هُوَ قَدْ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَعْذُورًا كَمَنْ أَرَاقَ وُضُوءَهُ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ قَالَ فِي ك وَهَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ كَعَاجِزٍ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ هُوَ مُقْتَضَى جَعْلِهَا كَنَجَاسَةِ الظَّاهِرِ وَذَكَرَ فِي ك أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لِغُصَّةٍ أَوْ ظَنَّهُ غَيْرَهُ وَقَدَرَ عَلَى تَقَايُئِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَصَلَّى أَنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ كَمَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ بِظَاهِرِهِ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ، ثُمَّ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ دُخُولِ الصَّلَاةِ وَصَلَّى بِهَا مُتَعَمِّدًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِدْخَالَ عِلَّةٌ لِلْإِبْطَالِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَاعْتِرَاضُ ابْنِ الشَّاطِّ عَلَيْهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: إنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ.

(تَتِمَّةٌ) ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْخَمْرِ يُشْرَبُ شَرِبَهُ لِغُصَّةٍ أَوْ لِظَنِّهِ غَيْرَهُ أَوْ أُكْرِهَ وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَقَيَّأْهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَصَلَّى بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَمَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ بِظَاهِرِهِ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ، ثُمَّ عَلِمَ بِهَا قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَصَلَّى بِهَا مُتَعَمِّدًا وَقَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِضَرُورَةٍ وَفِي عج مَيْلٌ لِلْأَوَّلِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الضَّرُورَةَ زَالَتْ فَلَا تَتَعَدَّى الصَّلَاةَ.

(قَوْلُهُ مَوْضِعُ قِيَامِهِ) يَقْتَضِي صِحَّةَ صَلَاةِ الْمُومِي لِسُجُودِهِ بِمَحَلٍّ بِهِ نَجَاسَةٌ وَمَنْ صَلَّى بِجَنْبِ مَنْ بِثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ، فَإِنْ جَلَسَ عَلَيْهَا وَلَوْ بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ أَوْ سَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَيَصْدُقُ قَوْلُنَا وَإِلَّا فَلَا بِسُقُوطِ بَعْضِ ثَوْبٍ نَجِسٍ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ حَامِلًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ وَمَحْمُولٌ لِلَابِسِهِ.

ص: 102

رُكْبَتَيْهِ أَوْ قُدَّامَ أَصَابِعِهِ وَمُحَاذِي صَدْرَهُ أَوْ بَطْنَهُ مِنْ ثَقْبٍ أَسْفَلَ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَكَثِيرًا مَا يَتَّفِقُ ذَلِكَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ رِيشِ الْحَمَامِ فَيَتَجَافَى عَنْهُ بِصَدْرِهِ وَيَسْجُدُ وَيَصِيرُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ وَوَجْهِهِ.

(ص) لَا طَرَفِ حَصِيرِهِ (ش) إمَّا بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى ثَوْبٍ وَإِمَّا بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى طَرَفٍ، فَإِنْ قِيلَ عَلَى هَذَا الثَّانِي يَكُونُ التَّقْدِيرُ لَا إنْ كَانَ الثَّوْبُ طَرَفَ حَصِيرِهِ وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالْجَوَابُ أَنْ لَا إنَّمَا تُشْرَكُ فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنْ قَرَأْنَاهُ بِالْجَرِّ لَا إشْكَالَ، وَإِنْ قَرَأْنَا بِالنَّصْبِ قَدَّرْنَا فِي طَرَفِ مَلَابِسَ لَا ثَوْبٍ؛ لِأَنَّ الْحَصِيرَ لَيْسَ بِثَوْبٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ مُلَابِسُ الْمُصَلِّي طَرَفَ عِمَامَتِهِ لَا إنْ كَانَ مَلَابِسُ الْمُصَلِّي طَرَفَ حَصِيرِهِ أَيْ فَلَا يَضُرُّ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ أَوْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَطَرَفِ حَصِيرِهِ يَشْمَلُ طَرَفَهُ الطُّولِيَّ وَالْعَرْضِيَّ وَالسُّمْكِيَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ أَيُّ جِهَةٍ كَانَ وَقَوْلُهُ (سُنَّةٌ) خَبَرُ إزَالَةُ ذَكَرٍ وَقُدِّرَ أَوَّلًا وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَحَكَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ (أَوْ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدِرَ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْخَبَرِ وَالْمُرَادُ وُجُوبُ شَرْطٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ قَوْلِهِ شَرْطُ الصَّلَاةِ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَقَيْدُ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ فِي الْوُجُوبِ لَا فِي السُّنَّةِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَطُّ عَنْ مَرْتَبَةِ السُّنِّيَّةِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ وَانْظُرْ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ وَالرَّدَّ عَلَى الْحَطَّابِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ.

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَصِيرَ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ دُونَ الْمَعْنَى) ، وَهُوَ الثَّوْبِيَّةُ وَفِيهِ أَنَّ الْمَعْنَى هُوَ الْحُكْمُ، وَهُوَ فِي الْمَقَامِ طَلَبُ الْإِزَالَةِ إلَّا الثَّوْبُ الَّتِي هِيَ الْمَوْضُوعُ فَيَتَعَيَّنُ تَعَلُّقُ الثَّوْبِ بِالْمَعْطُوفِ فَلَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ الْجَوَابَ (قَوْلُهُ قَدَّرْنَا فِي طَرَفِ مُلَابِسٍ) لَا تَقْدِيرَ أَصْلًا بَلْ إنَّمَا يُرْتَكَبُ الِاسْتِخْدَامُ بِأَنْ يُقَالَ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ لَا بِمَعْنَى الْمَحْمُولِ بَلْ بِمَعْنَى الْمُلَابِسِ فَيَتَسَلَّطُ إذَنْ عَلَى الْمَعْطُوفِ الَّذِي هُوَ طَرَفُ حَصِيرِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ) مُقَابِلُهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ حَرَكَتِهِ فَتَضَرَّرَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي طَرَفِهِ الْآخَرِ السُّمْكِيِّ فَإِنَّهَا تَضُرُّ وَيَنْبَنِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمَسْأَلَةُ الْمَشْهُورَةُ بِالْهَيْدُورَةِ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ النَّجَاسَةُ بِأَحَدِ وَجْهَيْهَا دُونَ الْآخَرِ فَصَلَّى عَلَى الطَّاهِرِ فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّمْكِ فَالطَّرَفُ الْآخَرُ كَانَ مُلَاصِقًا لَهُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلطُّولِ فَلَا يَأْتِي قَوْلُهُ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ إلَّا إذَا كَانَ جَالِسًا عَلَى طَرَفِ الطُّولِ فَيَكُونُ مَصْدُوقُ قَوْلِهِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مَا كَانَ جَالِسًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ جَالِسٌ بَيْنَ طَرَفَيْ الطُّولِ بِحَيْثُ يَكُونُ طُولٌ خَلْفَهُ وَطُولٌ أَمَامَهُ فَلَا يَأْتِي هُنَا وَالطَّرَفُ الْآخَرُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَرْضِ لَا يَأْتِي مَا قَالَهُ إلَّا لَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ جَالِسٌ عَلَى طَرَفَيْ الْعَرْضِ فَيَكُونُ مَصْدُوقُ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مَا كَانَ جَالِسًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ جَالِسٌ فِي وَسَطِ الْعَرْضِ يَكْتَنِفُهُ طَرَفُ الْعَرْضِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (قَوْلُهُ أَوْ وَاجِبَةٌ) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ هُنَا مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا أَحَدُ إطْلَاقَيْنِ لِلْوَاجِبِ فَيَشْمَلُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ عَنْ ثَوْبِ مُصَلِّي النَّفْلِ وَعَنْ ثِيَابِ الصَّبِيِّ لَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ وَأَقُولُ وَالْأَحْسَنُ فَيَشْمَلُ ثِيَابَ الصَّبِيِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَالِغَ لَوْ صَلَّى النَّافِلَةَ بِالنَّجَاسَةِ عَامِدًا يَأْثَمُ (قَوْلُهُ إنْ ذَكَرَ وَقَدِرَ) أَيْ بِوُجُودٍ مُطْلَقٍ يُزِيلُهَا بِهِ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَكَان يَنْتَقِلُ إلَيْهِ طَاهِرًا وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا قَادِرًا وَالْحُكْمُ السُّنِّيَّةُ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ قُلْت كَيْفُ يُتَصَوَّرُ التَّكْلِيفُ بِالسُّنِّيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا مَعَ النِّسْيَانِ وَالْعَجْزِ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْ الْأَوَّلِ وَلِكَوْنِهِ مَعَ الثَّانِي مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ وَأَقْرَبُ مَا يُقَالُ أَنَّ الْعِبَادَةَ لَمَّا وَقَعَ فِيهَا خَلَلٌ مِنْ النَّاسِي وَالْعَاجِزِ لَا يُطْلَبُ تَرْكُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخَفَّفَ الطَّلَبُ فِيهِ بِالسُّنِّيَّةِ ابْتِدَاءً لِيَتَدَارَكَ إصْلَاحَهَا مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَطُّ عَنْ مَرْتَبَةِ السُّنِّيَّةِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَدِرَ أَوْ تَذَكَّرَ خُوطِبَ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ بِخِطَابٍ جَدِيدٍ وَالْإِعَادَةُ تُطْلَبُ مِنْهُ مَا دَامَ الْوَقْتُ أَيْ وَيُعِيدُ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَأَيْنَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَجَابَ عَنْهُ الْحَطَّابُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّعْبِيرِ وَنَصُّهُ قُلْت، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ خِلَافٌ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْقَوْلِ الرَّاجِحِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ اخْتِلَافٌ فِي الْمَعْنَى تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ مُتَعَمِّدًا عَالِمًا بِحُكْمِهَا أَوْ جَاهِلًا، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إزَالَتِهَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ أَبَدًا وَمَنْ صَلَّى بِهَا نَاسِيًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا أَوْ عَاجِزًا عَنْ إزَالَتِهَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهَا سُنَّةٌ وَقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ يَظْهَرُ ذَلِكَ بِذِكْرِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ تَشْهِيرَ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَذَكَرَ كَلَامَ مَنْ وَافَقَهُ مِنْ الشُّيُوخِ عَلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ فَانْظُرْهُ.

وَهَذَا الْجَوَابُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ بِخِلَافٍ إلَى اخْتِلَافٍ فِي التَّشْهِيرِ لَا لِاخْتِلَافٍ فِي التَّعْبِيرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّأْثِيمَ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ لِلتَّلَاعُبِ وَالتَّهَاوُنِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِالسُّنَّةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ فَتَغَايَرَا تَغَايُرًا لَا مِرْيَةَ فِيهِ (أَقُولُ) وَقَوْلُهُمْ لِلتَّلَاعُبِ إلَخْ فِيهِ شَيْءٌ إذْ التَّرْكُ عَمْدًا لَا يَسْتَلْزِمُ التَّلَاعُبَ وَالتَّهَاوُنَ وَالِاسْتِخْفَافَ وَقَالَ عج وَقَوْلُ الْحَطَّابِ إنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَاجِبَةٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْفَاكِهَانِيِّ كَذَا فِي ك وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ أَنَّهُ قَيَّدَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ الْمُشَهِّرَ لِلسُّنِّيَّةِ قَيَّدَهَا بِهِمَا أَيْضًا فَفِي الْبَيَانِ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ رَفْعَ النَّجَاسَةِ مِنْ الثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ سُنَّةٌ لَا فَرِيضَةٌ فَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ

ص: 103

ص) وَإِلَّا أَعَادَ الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ (ش) أَيْ، وَإِنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لَهَا عِنْدَ الصَّلَاةِ إمَّا بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَصْلًا أَوْ عَلِمَ وَنَسِيَهَا أَوْ صَلَّى بِهَا عَاجِزًا عَنْ إزَالَتِهَا فَإِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ، وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ إلَى الِاصْفِرَارِ، وَفِي الْعِشَاءَيْنِ إلَى الْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَرُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لِلِاصْفِرَارِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الدُّرَرِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الظُّهْرَيْنِ بِالذِّكْرِ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنْ يُعَادَ إلَى الْغُرُوبِ كَمَا أَنَّ الْعِشَاءَيْنِ يُعَادَانِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ إنَّمَا هِيَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ فَأَشْبَهَتْ التَّنَفُّلَ فَكَمَا لَا يُتَنَفَّلُ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ فَكَذَلِكَ لَا يُعِيدُ فِيهِ مَا يُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَكَمَا جَازَ التَّنَفُّلُ فِي اللَّيْلِ كُلِّهِ جَازَتْ الْإِعَادَةُ فِيهِ اهـ.

وَاعْتُرِضَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا هِيَ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ لَا النَّفْلِ وَبِأَنَّ كَرَاهَةَ النَّافِلَةِ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِمَا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ بَلْ تُكْرَهُ النَّافِلَةُ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُعَادَ الصُّبْحُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ وَجَزَمَ بِهَذَا الْفِعْلِ ابْنُ الْكَدُوفِ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصُّبْحَ تُعَادُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ كَرَاهَةَ النَّافِلَةِ بَعْدَ الِاصْفِرَارِ أَشَدُّ مِنْهَا قَبْلَهُ بِدَلِيلِ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ قَبْلَهُ وَكَرَاهَتِهِمَا بَعْدَهُ وَالْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَتْ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ إلَّا أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ أَشْبَهَتْ النَّافِلَةَ فَمُنِعَتْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ الْكَرَاهَةُ أَشَدُّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ وَالصُّبْحِ بِأَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الصُّبْحِ قَدْ قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ وَقْتٌ مُخْتَارٌ لِلصُّبْحِ وَأَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ قَوِيٌّ فِي الْمَذْهَبِ وَقَوْلُهُ (خِلَافٌ) مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ أَيْ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ.

(ص) وَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ سُقُوطَ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمُصَلِّي وَلَوْ مَأْمُومًا مُبْطِلٌ لِصَلَاتِهِ وَلَوْ نَفْلًا يُرِيدُ وَلَوْ سَقَطَتْ عَنْهُ النَّجَاسَةُ مَكَانَهَا كَمَا فِي الرِّوَايَةِ وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَسَوَاءٌ أَمْكَنَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

نَجِسٍ عِنْدَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِالنَّجَاسَةِ أَوْ مُضْطَرًّا إلَى الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ صَلَّى بِهَا عَالِمًا غَيْرَ مُضْطَرٍّ أَوْ جَاهِلًا أَعَادَ أَبَدًا لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ عَامِدًا انْتَهَى وَمَعْنَى الْجَهْلِ الثَّانِي الْجَهْلُ بِالْحُكْمِ وَانْتَصَرَ مُحَشِّي تت لِشَارِحِنَا وَاعْتَرَضَ عَلَى عب وعج فَقَالَ يَبْعُدُ كَوْنُهُ شَرْطًا فِي سُنَّةِ تَفْرِيعِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ إذْ لَوْ كَانَ شَرْطًا فِي سُنَّةٍ أَيْضًا لَاقْتَضَى أَنَّهُ عِنْدَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ لَيْسَ سُنَّةً وَلَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِلْإِعَادَةِ وَإِطْلَاقُ الْقَائِلِينَ بِالسُّنِّيَّةِ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ وَمَا قَالَ الْحَطَّابُ وَعَبْدُ الْبَاقِي أَيْ فِي كَوْنِهِ رَاجِعًا لَهُمَا لَا مُسْتَنَدَ لَهُ وَقَوْلُ عب؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ الْمُشَهِّرَ لِلسُّنِّيَّةِ قَيَّدَهَا بِهِمَا أَيْضًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِمَا كَمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِهِ وَإِنَّمَا فَصَّلَ فِي الْإِعَادَةِ فَقَطْ انْتَهَى كَلَامُهُ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ) وَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ فِي أَحَدِهِمَا اخْتَصَّ الْوَقْتُ بِالْأَخِيرَةِ وَمِثْلُ الظُّهْرِ الْجُمُعَةُ فَتُعَادُ لِلِاصْفِرَارِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ الظُّهْرِ تُعَادُ جُمُعَةً إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَهَلْ تُعَادُ ظُهْرًا أَوْ لَا تُعَادُ أَصْلًا قَوْلَانِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا فَلَا تُعَادُ ظَاهِرًا قَطْعًا هَلْ تُعَادُ جُمُعَةً أَوْ لَا وَالثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ (فَإِنْ قُلْت) هَلْ الْعِبْرَةُ بِإِدْرَاكِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا أَوْ رَكْعَةٍ مِنْهَا (قُلْت) يُؤْخَذُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لَتَوَهَّمَ الْعَمَلَ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ) وَلَوْ صَلَّى الْوِتْرَ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ فِيهِمَا وَقَدْ قَالُوا فِي الْمَغْرِبِ أَنَّهَا تُعَادُ وَعَلَى هَذَا فَانْظُرْ هَلْ يُعَادُ الْوِتْرُ أَمْ لَا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يُعَادُ؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ الْكَائِنَ فِي الْعِشَاءِ سَرَى إلَيْهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ) وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ الْإِعَادَةُ لِلْغُرُوبِ بَلْ أَبَدًا (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ كَرَاهَةَ النَّفْلِ لَيْسَتْ خَاصَّةً إلَخْ) أَيْ لَوْ اُعْتُبِرَتْ كَرَاهَةُ النَّفْلِ لَمَا أُعِيدَتَا بَعْدَ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ لِمَا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ) أَيْ دُخُولِهِ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا تُعَادَ الصُّبْحُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ) أَيْ دُخُولِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَافِلَةَ تُفْعَلُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ أَيْ بَعْدَ دُخُولِهِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَتُفْعَلُ كَالْوِرْدِ لِنَائِمٍ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهَذَا) أَيْ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ الْكَدُوفُ) بِخَطِّ بَعْضِ شُيُوخِنَا فَتْحَةٌ عَلَى الْكَافِ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ) تَعْلِيلٌ لِبُطْلَانِ التَّالِي وَالتَّقْدِيرُ يَلْزَمُ أَنْ لَا تُعَادَ الصُّبْحُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ وَهَذَا اللَّازِمُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا تُعَادُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ.

(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَا شَكَّ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الثَّانِي (ثُمَّ أَقُولُ) مُسَلَّمٌ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ بَعْدَ الِاصْفِرَارِ أَشَدُّ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فَأَشْبَهَتْ النَّفَلَ أَيْ الْمُؤَكَّدَ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ) أَيْ وَالْإِعَادَةُ مِنْ قَبِيلِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فِي التَّأَكُّدِ فَتُفْعَلُ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى الِاصْفِرَارِ (قَوْلُهُ أَشْبَهَتْ النَّافِلَةَ) أَيْ الْمُؤَكَّدَةَ (قَوْلُهُ بِأَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الصُّبْحِ قَدْ قِيلَ إلَخْ) أَقُولُ أَنَّ الْوِرْدَ لَا يُفْعَلُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ أَيْ لَكِنْ حَقُّ كَوْنِ وَقْتِ الصُّبْحِ مُسْتَمِرًّا إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَنَّ الْوِرْدَ كَانَ يُفْعَلُ إلَى الطُّلُوعِ كَالْإِعَادَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِقُوَّةِ الْفَرْضِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ سَقَطَتْ عَنْهُ النَّجَاسَةُ مَكَانَهَا) قَالَ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِمَا إذَا سَقَطَتْ مِنْ مَكَان عَلَى بَدَنِ الْمُصَلِّي وَسَقَطَتْ مِنْ حِينِهَا كَمَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَى كَتِفِهِ وَلَمْ تَثْبُتْ عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُتَعَمِّدٍ لِلصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ بَلْ هُوَ مَغْلُوبٌ فَهُوَ كَالْعَاجِزِ عَنْ الْإِزَالَةِ وَأَجَابَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ مَشَايِخُهُ انْتَهَى وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِوُجُوبِ الطَّهَارَةِ مِنْ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَقَالُوا بِعَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِسُقُوطِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ عِبَارَةُ الْحَطَّابِ بِالْحَرْفِ

ص: 104

نَزْعُهَا أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ وَسَوَاءٌ نَزَعَهَا أَمْ لَا.

(ص) كَذِكْرِهَا فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ نَفْلًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ مَأْمُومًا سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ نَزْعُهَا وَنَزَعَهَا أَوْ لَا وَيَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ، فَإِنْ رَآهَا بَعْضُ مَأْمُومِيهِ، فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ أَرَاهُ إيَّاهَا، وَإِنْ بَعُدَ مِنْهُ كَلَّمَهُ وَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَيَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ وَلَوْ هَذَا الَّذِي رَآهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ رَآهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يُخْبِرْهُ إلَّا بَعْدَ مَا صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ عَامِدًا وَالْبُطْلَانُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِسِعَةِ الْوَقْتِ، وَهُوَ أَنْ يَبْقَى مِنْهُ مَا يَسَعُ بَعْدَ إزَالَتِهَا رَكْعَةً فَأَكْثَرَ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ بَعْضٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ هُنَا الضَّرُورِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْجَارِي عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَانْظُرْ وَجْهَهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ.

(ص) لَا قَبْلَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَأَى النَّجَاسَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَنَسِيَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا حَتَّى فَرَغَ فَلَا أَثَرَ لَهُ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ.

(ص) أَوْ كَانَتْ أَسْفَلَ نَعْلٍ فَخَلَعَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كَانَتْ تَحْتَ النَّعْلِ وَلَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ فَعَلِمَ بِذَلِكَ فَخَلَعَ النَّعْلَ وَصَلَّى فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَمَّا كَانَتْ النَّعْلُ شَدِيدَةَ الِالْتِصَاقِ بِالرِّجْلِ طُلِبَ خَلْعُهَا فَلَمْ تَكُنْ كَالْحَصِيرِ وَانْظُرْ هَلْ الْخَلْعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَوْرًا، وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْفَاءِ وَانْظُرْ وَلَوْ لَمْ يَخْلَعْهَا مَنْ فَرْضُهُ الصَّلَاةُ إيمَاءً هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فِعْلًا يُعَدُّ حَامِلًا لَهُ فَهُوَ كَظَهْرِ حَصِيرٍ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَوْ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَوْ سَجَدَ بِالْفِعْلِ كَوُجُوبِ حَسْرِ عِمَامَتِهِ وَانْظُرْ هَلْ يَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ نَاسِيًا لِلنَّجَاسَةِ فِي أَسْفَلِ نَعْلِهِ كَمَا يُعْطِيهِ قَوْلُ تت أَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَسْفَلَ نَعْلٍ فَنَسِيَهَا، ثُمَّ ذَكَرَهَا فَخَلَعَهَا أَوْ لَا مَفْهُومَ لِنَسْيِهَا تَأَمَّلْهُ.

(ص) وَعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ الْمُخَفَّفَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا فَذَكَرَ أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا يَعْسُرُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا اسْتَقَرَّتْ وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى عب تَبَعًا لعج فَقَالَ إنَّ الْمَسْأَلَةَ مُقَيَّدَةٌ بِقُيُودٍ أَنْ تَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ أَوْ يَتَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْهَا، وَأَنْ لَا تَكُونَ مِمَّا يُعْفَى عَنْهَا، وَأَنْ يَجِدَ لَوْ قَطَعَ مَا يُزِيلُهَا بِهِ أَوْ ثَوْبًا آخَرَ يَلْبَسُهُ، وَأَنْ يَتَّسِعَ الْوَقْتُ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا بِأَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُ بَعْدَ إزَالَتِهَا رَكْعَةً فَأَكْثَرَ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِلَّا تَمَادَى ثُمَّ إذَا تَمَادَى فِي الِاخْتِيَارِيِّ فَهَلْ يُعِيدُهَا بَعْدُ بِمَنْزِلَةِ ذِكْرِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِعَادَةِ فَالظُّهْرَانِ لِلِاصْفِرَارِ وَالْعِشَاءَانِ لِلْفَجْرِ وَالصُّبْحُ لِلطُّلُوعِ. الْخَامِسُ: أَنْ لَا يَكُونَ مَا فِيهِ النَّجَاسَةُ مَلْبُوسًا أَوْ مَحْمُولًا لَا لِغَيْرِهِ وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ.

(قَوْلُهُ كَذِكْرِهَا فِيهَا) وَمِثْلُ ذِكْرِهَا فِيهَا عِلْمُهُ بِهَا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ قَبْلُ فَلَوْ قَالَ كَعِلْمِهِ بِهَا فِيهَا لَشَمِلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كَذِكْرِهَا فِيهَا سَوَاءٌ نَسِيَهَا بَعْدَ الذِّكْرِ أَمْ لَا إذْ بِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ تَبْطُلُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ) أَيْ بَلْ الصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ عَلَى الْكُلِّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ بِالنَّجَاسَةِ عَامِدًا إلَّا أَنْ يُقَالَ عِلْمُ مَأْمُومِهِ كَعِلْمِهِ (قَوْلُهُ بَلْ الْجَارِي عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ) أَيْ لِقَوْلِهِمْ فِي الرُّعَافِ إذَا لَمْ يَرْجُ انْقِطَاعَ الدَّمِ قَبْلَ خُرُوجِ الْمُخْتَارِ صَلَّى عَلَى حَالَتِهِ وَيَكُونُ عَاجِزًا فَإِذَا كَانَ يَبْتَدِئُهَا بِالنَّجَاسَةِ إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَأَوْلَى أَنْ يَتَمَادَى فِيهَا ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ مَا هُوَ فِيهِ اخْتِيَارِيًّا أَوْ غَيْرَهُ.

(تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْبُطْلَانِ فِي كُلٍّ مِنْ السُّقُوطِ وَالذِّكْرِ.

(قَوْلُهُ وَنَسِيَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الذِّكْرُ وَالنِّسْيَانُ كَمَنْ ذَكَرَ نَجَاسَةً فِي الصَّلَاةِ فَقَطَعَهَا وَذَهَبَ لِيَغْسِلَهَا فَنَسِيَ وَصَلَّى بِهَا ثَانِيًا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا سَنَدٌ وَاسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ كَمَنْ صَلَّى بِهَا نَاسِيًا ابْتِدَاءً، وَأَمَّا لَوْ ذَكَرَ فِيهَا فَهَمَّ بِالْقَطْعِ، ثُمَّ نَسِيَ فَتَمَادَى لَبَطَلَتْ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي عب تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ الظَّاهِرُ الثَّانِي لِعُذْرِهِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِيُسْرِ الدِّينِ.

(قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ الْخَلْعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَوْرًا) أَقُولُ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ لَمَّا كَانَتْ شَدِيدَةَ الِالْتِصَاقِ إلَخْ (قَوْلُهُ هَلْ تَصِحُّ إلَخْ) مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَوْ سَجَدَ) لَا يُنَاسِبُ هَذَا بَعْدَ أَنْ عَلِمْت أَنَّ النَّجَاسَةَ لَمْ تَكُنْ مُتَعَلِّقَةً بِالرِّجْلِ (قَوْلُهُ كَوُجُوبِ حَسْرِ عِمَامَتِهِ) تَشْبِيهٌ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا تَصِحُّ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ خَلْعُهَا كَمَا يَجِبُ حَسْرُ عِمَامَتِهِ (قَوْلُهُ هَلْ يَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ نَاسِيًا إلَخْ) أَقُولُ مُقْتَضَى الْعِلَّةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ نَاسِيًا وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَلَّ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيَّ، وَهُوَ غَيْرُ مَرْضِيٍّ عِنْدَهُمْ وَحَلَّهُ أَيْضًا ابْنُ قَاسِمٍ بِقَوْلِهِ أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كَانَتْ فِي أَسْفَلِ النَّعْلِ فَخَلَعَ النَّعْلَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَوَقَفَ عَلَيْهَا وَصَلَّى فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالنَّجَاسَةِ الَّتِي بِبَاطِنِ الْحَصِيرِ قَالَ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَخَلَعَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِبُطْلَانِهَا بِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ إذْ النَّعْلُ كَالثَّوْبِ بِدَلِيلِ جَوَازِهِ لِلْمَرْأَةِ وَلَوْ كَانَ مُحَلًّى كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا الْحَلُّ أَيْضًا ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّهَا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالنَّعْلِ، ثُمَّ خَلَعَ النَّعْلَ مَا لَمْ يَحْمِلْ النَّعْلَ بِرِجْلِهِ فَتَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ وَأَفَادَ مُحَشِّي تت أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ نَاسِيًا أَمْ لَا خِلَافًا لتت الْمُقَيَّدِ بِالنِّسْيَانِ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فَوْرِيَّةَ الْخَلْعِ فَإِنَّ مَنْ فَرْضُهُ الصَّلَاةُ إيمَاءً تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْلَعْهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ لَمْ يَفْعَلْ فِعْلًا يُعَدُّ حَامِلًا لَهُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا حَرَّكَهَا وَلَمْ يَحْمِلْهَا فَحَكَمَ ابْنُ قَدَّاحٍ بِالْبُطْلَانِ وَغَيْرُهُ بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي الْفَرْقِ بَيْنَ النَّعْلِ يَنْزِعُهُ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَالثَّوْبُ تَبْطُلُ وَلَوْ طَرَحَهُ أَنَّ الثَّوْبَ حَامِلٌ لَهُ وَالنَّعْلَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ وَالنَّجَاسَةُ فِي أَسْفَلِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَسَطَ عَلَى النَّجَاسَةِ حَائِلًا كَثِيفًا انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَسَطَ تَنْظِيرٌ فِي الْجُمْلَةِ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج وَهَذَا وَاضِحٌ حَيْثُ كَانَ عَدَمُ خَلْعِهَا يُوجِبُ حَمْلَهَا فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجِبْهُ كَمَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ إيمَاءً قَائِمًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَزْعُهَا

ص: 105

الِانْفِكَاكُ عَنْهُ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ كَالْإِحْدَاثِ وَلَمْ يَقُلْ أَحْدَاثٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَفْوَ مَقْصُورٌ عَلَى حُصُولِ جَمْعٍ مِنْ الْأَحْدَاثِ وَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الْجِنْسُ لِيَعُمَّ سَائِرَهَا، ثُمَّ وَضَّحَ هَذَا الْكُلِّيَّ بِجُزْئِيٍّ بِقَوْلِهِ (كَحَدَثِ مُسْتَنْكِحٍ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ الْمُسْتَنْكِحَ بِحَدَثٍ مِنْ الْأَحْدَاثِ كَبَوْلٍ وَنَحْوِهِ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْهُ وَيُبَاحُ لَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَخْشَ تَلَطُّخَهُ فَيُمْنَعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَابِطَ الْمُسْتَنْكِحِ مَا فَسَرُّوهُ فِي بَابِ السَّهْوِ، وَهُوَ إتْيَانُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ لَا مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ عَلَى تَفْصِيلِهِ الْآتِي؛ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ بَابِ الْإِحْدَاثِ وَذَا مِنْ بَابِ الْأَخْبَاثِ وَهَذَا أَسْهَلُ مِنْ ذَاكَ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ وَعُفِيَ إلَخْ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ وَبَدَنِهِ لَا مَا عُفِيَ عَنْهُ وَبَنَاهُ لِلْمَفْعُولِ لِلْعِلْمِ بِفَاعِلِهِ، وَهُوَ الشَّارِعُ وَالْعَفْوُ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ وَقَوْلُهُ مُسْتَنْكِحٍ بِكَسْرِ الْكَافِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ هُوَ الْقَاهِرُ لِلشَّخْصِ وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ لَا بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَيْسَ قَاهِرًا لِلْحَدَثِ إلَّا أَنْ يُقْرَأَ بِالْإِضَافَةِ أَيْ كَحَدَثٍ شَخْصٍ مُسْتَنْكَحٍ.

(ص) وَبَلَلِ بَاسُورٍ فِي يَدٍ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ أَوْ ثَوْبٍ (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ نَجَاسَةِ بَلَلِ بَاسُورٍ بِالْمُوَحَّدَةِ أَعْجَمِيٌّ وَجَعٌ بِالْمَقْعَدَةِ وَتَوَرُّمُهَا مِنْ دَاخِلٍ وَخُرُوجُ الثَّآلِيلِ هُنَاكَ وَالثَّآلِيلُ جَمْعُ ثُؤْلُولٍ بِضَمِّ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، ثُمَّ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَقَدْ تُخَفَّفُ، وَهُوَ خُرُوجُ رَأْسِ الْعِرْقِ وَبِالنُّونِ عَرَبِيٌّ انْفِتَاحُ عُرُوقِهَا وَجَرَيَانُ مَادَّتِهَا وَالْعَفْوُ عَنْ مُصِيبِ مَا ذُكِرَ فِي يَدٍ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ أَوْ فِي ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ كَثُرَ الرَّدُّ أَمْ لَا فَقَوْلُ بَعْضٍ ثَوْبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى يَدٍ مُشَارِكٌ لَهُ فِي شَرْطِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَسَوَاءٌ اُضْطُرَّ لِرَدِّهِ أَوْ لَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَصَرَّحَ بِفَاعِلِ الْكَثْرَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِلْبَلَلِ الْمُصِيبِ إذْ الْعِبْرَةُ بِكَثْرَةِ الْإِصَابَةِ لَا بِكَثْرَةِ الْمُصِيبِ إذْ قَدْ يُصِيبُهُ كَثِيرٌ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي إزَالَتِهِ فَلَا عَفْوَ وَالْبَاسُورُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ أَيْ وَعُفِيَ عَنْ بَلَلِ بَاسُورٍ أَوْ دُمَّلٍ أَوْ نَحْوِهِ مِثْلُ الثَّوْبِ الْبَدَنُ وَالْمَكَانُ وَالثَّوْبُ الَّذِي يَرُدُّ بِهِ كَالْيَدِ الَّتِي يَرُدُّ بِهَا.

(ص) وَثَوْبِ مُرْضِعَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

فَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ اللِّبَاسِ وَإِلَّا لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ دَخَلَ الصَّلَاةَ، وَهُوَ عَالِمٌ بِهَا أَوْ دَخَلَ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ خَلْعِهَا فَرْعُ تَذَكُّرِهَا انْتَهَى.

(قَوْلُهُ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ) ، وَهُوَ الْمُلَازَمَةُ النَّاشِئَةُ عَنْهَا الْمَشَقَّةُ (قَوْلُهُ كَالْأَحْدَاثِ) تَمْثِيلٌ لِمَا يُعْفَى عَنْهُ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَحْدَاثَ إنَّمَا يُعْفَى عَنْهَا مَعَ الْمَشَقَّةِ فَإِذَنْ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ وَقَوْلُهُ وَضَحَ هَذَا الْكُلِّيُّ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ عَمَّا يَعْسُرُ (قَوْلُهُ كَحَدَثِ مُسْتَنْكِحٍ) تَسْمِيَتُهُ حَدَثًا مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَنْكِحًا مَجَازٌ إذْ حَقِيقَتُهُ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ وَعَلَى مَا ذَكَرَ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ بَوْلَ صَاحِبِ السَّلَسِ حَدَثٌ وَسُقُوطُ الْوُضُوءِ مِنْهُ لِلْمَشَقَّةِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهَذَا أَسْهَلُ مِنْ ذَاكَ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَأَكْثَرَ فَلَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ زَوَالُهُ وَغَسْلُهُ، وَأَمَّا نَقْضُ الْوُضُوءِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ سَيَأْتِي، وَهُوَ أَنَّ لَازِمَ أَكْثَرِ الزَّمَنِ أَوْ نِصْفَهُ وَأَوْلَى كُلُّهُ لَا نَقْضَ وَلَا غَسْلَ.

(قَوْلُهُ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ) الْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ وَجَعٌ بِالْمَقْعَدَةِ وَتَوَرُّمُهَا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَفْسَ الْوَجَعِ الَّذِي هُوَ التَّأَلُّمُ وَلَا التَّوَرُّمُ وَلَا الْخُرُوجُ بَلْ هُوَ نَفْسُ الْعِرْقِ (قَوْلُهُ هُنَاكَ) أَيْ الْكَائِنَةُ هُنَاكَ أَيْ الْمَقْعَدَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خُرُوجُ) فِي التَّعْبِيرِ بِخُرُوجٍ مُسَامَحَةٌ بَلْ هُوَ نَفْسُ الْعِرْقِ (قَوْلُهُ وَبِالنُّونِ) أَيْ فِي بَاسُورٍ أَيْ بِحَيْثُ يُؤْتَى بِالنُّونِ بَدَلَ الْبَاءِ (قَوْلُهُ انْفِتَاحُ عُرُوقِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِيهِ مُسَامَحَةٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ الْعُرُوقُ الْمُنْفَتِحَةُ أَيْ عُرُوقُ الْمَقْعَدَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَطَّابُ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَهُمْ يُفِيدُ أَنَّ انْفِتَاحَ الْعُرُوقِ وَجَرَيَانَ الْمَادَّةِ يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا كَأَثَرِ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ.

(تَنْبِيهٌ) : يُعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ النَّاسُورَ وَالْبَاسُورَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْعُرُوقُ الْكَائِنَةُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ أَوْ جَسَدٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ ثَوْبٍ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ فَفِي ك وَمِثْلُ الثَّوْبِ الْبَدَنُ وَالْمَكَانُ (قَوْلُهُ كَثُرَ الرَّدُّ أَمْ لَا) قَوْلُهُ أَنَّهُ يُلَازِمُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ فَاَلَّذِي لَيْسَ بِمُشْتَرَطٍ إنَّمَا هُوَ الْكَثْرَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَثَرُ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ حَيْثُ قَيَّدَ بِاتِّصَالِ السَّيَلَانِ أَوْ عَدَمِ الِانْضِبَاطِ أَوْ الْمُلَازَمَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً عَلَى مَا حَلَّ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَثَرِ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ (قَوْلُهُ وَالْبَاسُورُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الدُّمَّلَ وَنَحْوَهُ لَيْسَ مَشْرُوطًا فِيهِ الشَّرْطُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ بَلْ لَا يُعْقَلُ فِيهِ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَالثَّوْبُ الَّذِي يُرَدُّ بِهِ) الْمُرَادُ بِالثَّوْبِ الْخِرْقَةُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ إذَا عَلِمْت مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ شَيْخِنَا فَلَمْ أَرَهُ فِي شَارِحٍ مِمَّا بِأَيْدِينَا وَلَكِنْ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثِقَةٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَسِّرَهُ بِذَلِكَ إلَّا بِتَوَثُّقٍ بِنَقْلٍ مِنْ سَمَاعِ مَشَايِخِهِ أَوْ نَقْلٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فَلَا يَقُولُهُ مِنْ رَأْيِهِ وَفِي شَرْحِ شب وعب أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَثْرَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ بِأَنْ يُلَازِمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً وَفِي ك وَالْكَثْرَةُ مَا يَحْصُلُ بِهَا الْمَشَقَّةُ اهـ.

وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ بِالْمُلَازَمَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْيَدَ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ بِأَنْ لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً وَقَوْلُهُ أَوْ ثَوْبٍ أَيْ أَوْ جَسَدٍ أَيْ بِأَنْ يُلَازِمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَظَهَرَ أَنَّ الْمُلَازَمَةَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً سَوَاءٌ فِي الْيَدِ أَوْ الثَّوْبِ وَعِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَيْدُ الْكَثْرَةِ رَاجِعٌ لِإِصَابَةِ الْبَلَلِ لِلْيَدِ بِخِلَافِ مَا يُصِيبُ الثَّوْبَ فَهُوَ مِثْلُ مَا يُصِيبُ مِنْ الدُّمَّلِ اهـ.

وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ قَيَّدَ أَثَرَ الدُّمَّلِ بِمَا إذَا كَانَ يَشُقُّ بِأَنْ لَمْ يَنْضَبِطْ أَوْ لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ (أَقُولُ) وَإِذَا كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا يَظْهَرُ تَخْصِيصُ الشَّرْطِ بِالْيَدِ مِنْ حَيْثُ الِاتِّحَادُ بِالْمُلَازَمَةِ كُلَّ يَوْمٍ فِي كُلٍّ عَلَى مَا قَالَهُ شب وعب وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا مِنْ أَنَّ الْكَثْرَةَ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ.

ص: 106

تَجْتَهِدُ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ أَيْ وَعُفِيَ أَيْضًا عَنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدِ جَزَّارٍ وَكَنَّافٍ يَجْتَهِدُ وَمُرْضِعَةِ وَلَدِهَا أَوْ غَيْرِهَا إنْ اُضْطُرَّتْ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا حَالَ كَوْنِهَا أَيْضًا تَجْتَهِدُ فِي دَرْءِ الْبَوْلِ عَنْهَا فَإِذَا تَحَفَّظَتْ وَأَصَابَهَا مِنْ بَوْلِهِ شَيْءٌ اُسْتُحِبَّ لَهَا غَسْلُهُ إنْ تَفَاحَشَ وَلَا يَجِبُ فَالْعَفْوُ فِي عَدَمِ طَلَبِ النَّضْحِ مِنْهَا مَعَ الشَّكِّ فِي الْإِصَابَةِ وَفِي عَدَمِ وُجُوبِ الْغَسْلِ مَعَ التَّحَقُّقِ كَمَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ.

(ص) وَنُدِبَ لَهَا ثَوْبٌ لِلصَّلَاةِ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِلْمُرْضِعِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهَا ثَوْبٌ لِلصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ وَلَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ فِي صَاحِبِ السَّلَسِ وَالدُّمَّلِ وَشَبَهِهِمَا لِاتِّصَالِ سَبَبِ عُذْرِهِمْ فَلَا يُمْكِنُهُمْ التَّصَوُّنُ مِنْ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَجْدِيدِهِمْ الثَّوْبَ بِخِلَافِهَا وَلَمْ يُوجِبُوا اسْتِعْدَادَ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَتَكَرَّرُ فَأَشْبَهَ حَالُهَا حَالَ الْمُسْتَنْكِحِ وَلِخِفَّةِ أَمْرِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ.

(ص) وَدُونَ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ دُونِ الدِّرْهَمِ مِنْ عَيْنِ الدَّمِ إذْ الْأَثَرُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَلَوْ فَوْقَ الدِّرْهَمِ سَوَاءٌ كَانَ دَمَ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ خِنْزِيرٍ مِنْ الْجَسَدِ أَوْ خَارِجِهِ فِي ثَوْبِهِ أَوْ ثَوْبِ غَيْرِهِ أَوْ بَدَنِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجِهَا وَمَحَلُّ الْعَفْوِ الْمَذْكُورِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْكَلَامِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلطَّعَامِ فَإِنَّ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ مِنْ الدَّمِ إذَا وَقَعَ فِي طَعَامٍ يُنَجِّسُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا كَانَ قَدْرَ دِرْهَمٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَعَدَمُ الْعَفْوِ فِي الدِّرْهَمِ مُقَيَّدٌ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَأَثَرِ دُمَّلٍ إلَخْ.

(ص) وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَمَّا دُونَ دِرْهَمٍ مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ، وَأَمَّا مَا خَرَجَ مِنْ نَفْطِ الْجَسَدِ مِنْ نَارٍ أَوْ حَرٍّ فَلَا شَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ كَأَثَرِ الدُّمَّلِ يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ إذَا لَمْ يُنْكَ وَتَخْصِيصُهُ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ غَيْرِهَا مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ مَنِيٍّ أَوْ مَذْيٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ لَا مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ اغْتِفَارِ مِثْلِ رُءُوسِ الْإِبَرِ مِنْ الْبَوْلِ نَعَمْ أَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالْمَعْفُوَّاتِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مِنْ بَوْلِ الطُّرُقَاتِ إذَا لَمْ يُتَبَيَّنْ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ خُفٍّ مِثْلَ أَنْ تَزِلَّ الرِّجْلُ مِنْ النَّعْلِ وَهِيَ مَبْلُولَةٌ فَيُصِيبُهَا مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مُخَالَطَةُ الْبَوْلِ لَهُ إذْ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ وَلِأَنَّ غُبَارَ الطَّرِيقِ الْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْعَفْوُ بِالدَّمِ وَمَا مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو عَنْهُ فَالِاحْتِرَازُ عَنْ يَسِيرِهَا عَسِرٌ دُونَ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ.

(ص) وَبَوْلِ فَرَسٍ لِغَازٍ بِأَرْضِ حَرْبٍ (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ بَوْلِ فَرَسٍ قَلِيلًا كَانَ الْبَوْلُ أَوْ كَثِيرًا أَصَابَ ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ وَلَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْقُيُودِ إلَّا بَوْلٌ بَلْ حَيْثُ كَانَ السَّفَرُ مُبَاحًا يُضْطَرُّ إلَى ذَلِكَ اُنْظُرْ شَرْحَنَا الْكَبِيرَ.

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَكَنَّافٍ) نَازِحُ الْكَنِيفِ (قَوْلُهُ إنْ اُضْطُرَّتْ) رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْأُمِّ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَلَا يُشْتَرَطُ بِالنِّسْبَةِ لَهَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ إنْ اُضْطُرَّتْ) الْمُرَادُ إنْ احْتَاجَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِاضْطِرَارُ بَلْ الْمَدَارُ الْحَاجَةُ (قَوْلُهُ حَالَ كَوْنِهَا أَيْضًا تَجْتَهِدُ) أَيْ فِي دَرْءِ الْبَوْلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ بِأَنْ تَجْعَلَ لِلصَّغِيرِ خِرَقًا تَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ بَوْلِهِ إلَيْهَا أَوْ تَنْجِيسِهِ عَنْهَا حَالَ الْبَوْلِ أَوْ تَجْعَلَ لَهُ مَكَانًا يَخُصُّهُ مَثَلًا ك وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَنْ تَجْتَهِدَ حَالٌ؛ وَلِذَا قَالَ فِي ك وَأَعْرَبُوا تَجْتَهِدُ حَالًا مِنْ مُرْضِعَةٍ وَقَالُوا تَجِيءُ الْحَالُ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُضَافُ جُزْءًا مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ كَجُزْئِهِ كَمَا هُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ كَجُزْئِهِ أَنْ يَصِحَّ حَذْفُهُ وَيُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ نَحْوَ {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123] وَعِنْدِي لَوْ أُعْرِبَ صِفَةً سَلِمَ مِنْ هَذَا التَّكَلُّفِ وَمِنْ إيرَادِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ أَشَارَ لِذَلِكَ السَّنْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ فِي دَرْءِ الْبَوْلِ) عِبَارَاتُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ تُفِيدُ أَنَّ هَذَا فِي الْبَوْلِ وَصَرَّحَ ابْنُ الْإِمَامِ بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ الْغَائِطِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا اهـ.

لَكِنْ عِبَارَةُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ ثَوْبَ الْمُرْضِعِ لَا يَخْلُو مِنْ إصَابَةِ بَوْلٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ لِاتِّصَالِ سَبَبِ عُذْرِهِمْ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ.

(قَوْلُهُ دُونَ دِرْهَمٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُخْتَلِطًا بِمَائِعٍ حَيْثُ كَانَ دُونَ الدِّرْهَمِ فَلَوْ كَانَ دُونَ الدِّرْهَمِ مُخَالِطًا لِمَاءٍ فَصَارَ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَمَعْنَى دُونَ دِرْهَمٍ أَيْ دُونَ مِسَاحَةِ دِرْهَمٍ يَعْنِي وَلَا عِبْرَةَ بِالْكَمِّيَّةِ فَقَدْ يَكُونُ دُونَهُ فِي الْمِسَاحَةِ، وَهُوَ قَدْرُهُ أَوْ أَكْثَرُ فِي الْكَمِّيَّةِ كَنُقْطَةٍ ثَخِينَةٍ قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) مَصْدَرٌ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ لَا عَلَى الْحَالِ؛ لِأَنَّ دَمَ نَكِرَةٌ وَمَجِيءُ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ ضَعِيفٌ أَيْ أَطْلَقَ مُطْلَقًا أَيْ أَطْلَقَ الْحُكْمَ فِيهِ إطْلَاقًا دُونَ تَقْيِيدٍ وَدُونَ مَنْصُوبٌ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَعُفِيَ عَنْ نَجِسٍ دُونَ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ إذْ الْأَثَرُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ) الرَّاجِحُ أَنَّ الْأَثَرَ وَالْعَيْنَ سَوَاءٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ مِنْ الْجَسَدِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ جَسَدِهِ أَوْ خَارِجِهِ إذْ الدَّمُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْجَسَدِ (قَوْلُهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ ثَوْبِ غَيْرِهِ) وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَوْ ثَوْبِ غَيْرِهِ إنْ احْتَاجَ لَهُ وَارْتَضَى شَيْخُنَا الصَّغِيرُ الْأَوَّلَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ الِاحْتِيَاجُ لَهُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْعَفْوِ الْمَذْكُورِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ) أَيْ وَلِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْمُكْثِ فِيهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُهُ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ الدِّرْهَمِ.

(قَوْلُهُ وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ) نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا دَمًا؛ لِأَنَّهُمَا أَقْذَرُ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْعَفْوِ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ أَصَابَ ثَوْبَهُ إلَخْ) قَالَ فِي ك يُصِيبُ الثَّوْبَ الَّذِي عَلَيْهِ لَا ثَوْبًا لَيْسَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا بَوْلٌ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ وَلَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْقُيُودِ إلَّا بَوْلٌ حَيْثُ كَانَتْ الْمُلَابَسَةُ مُبَاحَةً يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَأَرَادَ بِالِاضْطِرَارِ الِاحْتِيَاجَ بَلْ لَا مَفْهُومَ لِبَوْلٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِبَوْلٍ وَلَا لِلسَّفَرِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا أَوْ لَا، بَلْ كُلُّ مَنْ يُلَابِسُ الدَّوَابَّ لِحَاجَتِهِ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْ فَضْلَتِهَا وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذُكِرَ فِي الْقَصَّابِ وَالْكَنَّافِ لَكِنْ بِشَرْطِ الِاجْتِهَادِ إلَّا أَنَّ مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ الْقُيُودُ الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَبْقَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَقُولُ وَلَا يُعْتَبَرُ الِاجْتِهَادُ عِنْدَ وُجُودِ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَإِذَا فُقِدَتْ فَيُشْتَرَطُ الِاجْتِهَادُ حَيْثُ كَانَتْ الْمُلَابَسَةُ لِلدَّوَابِّ مُحْتَاجًا إلَيْهَا.

ص: 107

ص) وَأَثَرِ ذُبَابٍ مِنْ عَذِرَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الذُّبَابَ وَنَحْوَهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ كَبَعُوضٍ وَنَمْلٍ لَا بَنَاتِ وَرْدَانَ وَنَحْوَهُ إذَا جَلَسَ عَلَى عَذِرَةٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِهِ بِمَوْضِعٍ يَكْثُرُ فِيهِ الذُّبَابُ؛ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ وَالْعَفْوُ خَاصٌّ بِالصَّلَاةِ، وَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا وَيَجْرِي عَلَى قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَيُنَجِّسُ كَثِيرَ طَعَامٍ مَائِعٍ إلَى آخِرِهِ.

(ص) وَمَوْضِعِ حِجَامَةٍ مُسِحَ فَإِذَا بَرِئَ غُسِلَ (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ أَثَرِ دَمِ مَوْضِعِ حِجَامَةٍ أَوْ فَصَادَةٍ أَوْ قَطْعِ عِرْقٍ حَالَ كَوْنِ الْمَوْضِعِ مُسِحَ عَنْهُ الدَّمُ لِمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُحْتَجِمُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ إلَّا أَنَّهُ يُوجِبُ رُخْصَةً فِي تَأْخِيرِ الْغَسْلِ لَا فِي سُقُوطِهِ مُطْلَقًا؛ فَلِهَذَا قَالَ فَإِذَا بَرِئَ غَسَلَ أَيْ وُجُوبًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ أَوْ سُنَّةً عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ وَالْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْحِجَامَةِ مَا بَيْنَ الشَّرَطَاتِ لَا الشَّرَطَاتُ.

(ص) وَإِلَّا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ وَبِالْإِطْلَاقِ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ صَلَّى وَلَمْ يَغْسِلْ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي تَأْوِيلِ الْمُدَوَّنَةِ فَتَأَوَّلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ يُونُسَ بِالنِّسْيَانِ وَأَنَّ الْعَامِدَ يُعِيدُ أَبَدًا وَتَأَوَّلَهَا أَبُو عِمْرَانَ بِالْإِطْلَاقِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا لِيَسَارَةِ الدَّمِ وَمُرَاعَاةً لِمَنْ لَا يَأْمُرُ بِغَسْلِهِ وَاسْتُشْكِلَتْ الْإِعَادَةُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَثَرَ الدَّمِ يُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ مَعَ أَنَّ الْبَاقِيَ هُنَا بَعْدَ الْمَسْحِ إنَّمَا هُوَ الْأَثَرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ مِنْ أَنَّ الْأَثَرَ وَالْعَيْنَ سَوَاءٌ وَيَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِيَسَارَةِ الدَّمِ كَتَأْوِيلِ أَبِي عِمْرَانَ بِالْإِطْلَاقِ مَا قَالُوهُ فِي صَاحِبِ السَّلَسِ أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا إذَا صَلَّى بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ قَبْلَ غَسْلِ مَا عُفِيَ عَنْهُ لِأَجْلِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ دَمًا تَأَمَّلْ.

(ص) كَطِينِ مَطَرٍ (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ طِينِ مَطَرٍ وَمَائِهِ وَمَاءِ رَشٍّ فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ أَدْخَلَهَا عَلَى الْمُضَافِ أَيْ وَعُفِيَ عَمَّا ذُكِرَ يُصِيبُ الرِّجْلَ أَوْ الثَّوْبَ أَوْ الْخُفَّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ، وَهُوَ فِي الْغَالِبِ لَا يَخْلُو مِنْ النَّجَاسَةِ إلَّا أَنَّ الْمَشَقَّةَ مَنَعَتْ مِنْ وُجُوبِ غَسْلِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَوَّلِ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ وَتَبَيَّنَ مَا أَصَابَ حِينَ نُزُولِ الْمَطَرِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ مَا دَامَ طِينًا طَرِيًّا فِي الطُّرُقِ أَوْ الثِّيَابِ وَلَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ مِنْ نُزُولِهِ خِلَافًا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَأَثَرِ ذُبَابٍ) أَيْ عُفِيَ عَنْ أَثَرِ رِجْلَيْهِ وَفِيهِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بِجُمْلَتِهِ فِي نَحْوِ بَوْلٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ حَيْثُ زَادَ عَلَى أَثَرِ رِجْلَيْهِ وَفِيهِ، وَهَذَا وَاضِحٌ فِي الذُّبَابِ الصَّغِيرِ، وَأَمَّا الذُّبَابُ الْكَبِيرُ فَوُقُوعُهُ عَلَى الْآدَمِيِّ نَادِرٌ كَالنَّمْلِ كَذَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ وَنَمْلٍ) الْمُرَادُ النَّمْلُ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ بِخِلَافِ كَبِيرِهِ فَوَافَقَتْ عِبَارَةَ عج (قَوْلُهُ أَوْ بَوْلٍ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مَفْهُومٌ لِعَذِرَةٍ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عُفِيَ عَنْ الْعَذِرَةِ مَعَ إمْكَانِ ظُهُورِ مَا أَصَابَ مِنْهَا فَغَيْرُهَا مِمَّا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ كَالْبَوْلِ أَوْ مِمَّا نَجَاسَتُهُ مُخَفَّفَةٌ كَالدَّمِ وَالْقَيْحِ أَوْلَى.

(تَتِمَّةٌ) إذَا تَحَقَّقَ وُصُولَ أَثَرِ نَجَاسَةٍ بِثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ وَشَكَّ هَلْ ذَلِكَ مِنْ ذُبَابٍ أَوْ مِنْ نَحْوِ بَنَاتِ وَرْدَانَ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْعَفْوِ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُهُ أَيْضًا فِي الشَّكِّ فِيمَا أَصَابَ مِنْ الذُّبَابِ الصَّغِيرِ هَلْ مِنْ فِيهِ أَوْ أَرْجُلِهِ أَوْ مِنْ وُقُوعِهِ بِجُمْلَتِهِ فِي الْقَذَرِ احْتِيَاطًا وَسُمُّ الذُّبَابِ فِي الْجَنَاحِ الْأَيْسَرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَّقِي بِهِ وَدَوَاءُ ذَلِكَ فِي الْأَيْمَنِ فَلْيَغْمِسْهُ فِي الْإِنَاءِ كُلِّهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ.

(قَوْلُهُ مُسِحَ) هَذَا إذَا كَانَ الْأَثَرُ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَفْوِ الْمَسْحُ، ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ مَعَ الْمَسْحِ وُجُوبًا وَإِلَّا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا أَوْ يُقَالُ كَمَنْ تَرَكَ الْغُسْلَ (قَوْلُهُ لَا الشَّرَطَاتُ) أَيْ فَقَطْ شَيْخُنَا وَوَجَدْت مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ) أَيْ الضَّرُورِيِّ كَمَا فِي ك وَالْأَحْسَنُ الِاخْتِيَارِيُّ فِي الْعَصْرِ وَالِاخْتِيَارِيُّ، وَبَعْضُ الضَّرُورِيِّ فِي الظُّهْرِ وَالِاخْتِيَارِيُّ وَالضَّرُورِيُّ فِي الْعِشَاءَيْنِ وَالْفَجْرِ (قَوْلُهُ لِيَسَارَةِ الدَّمِ) أَيْ لِسُهُولَةِ أَمْرِ الدَّمِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ (قَوْلُهُ كَتَأْوِيلٍ) بِكَافٍ فِي نُسْخَتِهِ وَهِيَ بِمَعْنَى اللَّامِ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّعْلِيلِ أَيْ أَنَّ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا لَا يُفِيدُ سُهُولَةَ الدَّمِ إذْ لَوْ كَانَ سَهْلًا مَا أَوْجَبُوا فِيهِ الْإِعَادَةَ حِينَ صَلَّى قَبْلَ غَسْلِ مَا عُفِيَ عَنْهُ وَكَمَا يَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ يَرِدُ عَلَى نَفْسِ الْقَوْلِ الثَّانِي الْحَاكِمِ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ دَمًا) اعْلَمْ أَنَّ الدَّمَ الْخَارِجَ مِنْ قُبُلِ الذَّكَرِ أَوْ مِنْ دُبُرِهِ أَوْ مِنْ دُبُرِ الْأُنْثَى أَوْ مِنْ قُبُلِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا أَوْ نِفَاسًا فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَثَرِ الدُّمَّلِ إذَا لَمْ يُنْكَ فَيُعْفَى عَنْهُ وَهَلْ يُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ خَرَجَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْحَدَثِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ إنَّمَا يُعْفَى عَنْهُ إذَا اسْتَنْكَحَهُ حِينَئِذٍ نَظَرًا لِلْحَدَثِ كَذَا قَالَ عج فَإِذَنْ قَوْلُهُ وَلَوْ دَمًا إنَّمَا يَأْتِي فِي دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ (ثُمَّ أَقُولُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَهُ: أَثَرَ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ عج أَوْ إنَّمَا يُعْفَى عَنْهُ إلَخْ (وَأَقُولُ) أَيْضًا وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي الْأَثَرِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ دَمًا فَيُغَيِّرُ الْأَثَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(قَوْلُهُ فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ أَنَّ هَذَا التَّفْرِيعَ لَا يَظْهَرُ إلَّا لَوْ قَالَ أَيْ وَعُفِيَ عَنْ طِينِ الْمَطَرِ وَطِينِ الرَّشِّ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ قَوْلُهُ وَمَائِهِ يُفِيدُ دُخُولَهَا عَلَى الْمُضَافِ، وَأَمَّا مَاءُ الرَّشِّ فَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِاعْتِبَارِ إدْخَالِ الْكَافِ عَلَى الْمُضَافِ بِقَيْدِ إضَافَتِهِ إلَى الْمَطَرِ أَيْ مِثْلُ الطِّينِ بِقَيْدِ إضَافَتِهِ إلَى الْمَطَرِ مَاءِ الرَّشِّ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ دُخُولِهَا عَلَى خُصُوصِ الْمُضَافِ وَحْدَهُ يَدْخُلُ مَاءُ الْمَطَرِ وَبِاعْتِبَارِ دُخُولِهَا عَلَى خُصُوصِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَحْدَهُ يَدْخُلُ طِينُ الرَّشِّ وَبِاعْتِبَارِ دُخُولِهَا عَلَى الْمُضَافِ مُقَيَّدًا بِالْإِضَافَةِ دَخَلَ مَاءُ الرَّشِّ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ آخِرُ الْمَطَرِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ فَإِنَّ الْإِصَابَةَ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّ الْإِصَابَةَ فِي آخِرِ النُّزُولِ فَحَصَلَتْ الْمُغَايَرَةُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي مِنْهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ الثِّيَابِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الطُّرُقِ لَا يَخْفَى إذَا جَفَّتْ الطُّرُقَاتُ يَجِبُ غَسْلُ مَا بِالْبَدَنِ مِنْ الطِّينِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ جَفَّ مِنْ الثِّيَابِ يَجِبُ الْغَسْلُ وَأَنَّ الْعَفْوَ

ص: 108

لِمَنْ حَدَّهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ نُزُولِهِ وَكَذَا إنْ جَفَّ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ طَهَارَتُهُ أَوْ شَكَّ أَوْ أَصَابَ بَعْدَ تَكَرُّرِ الْمَطَرِ عَلَى الْأَرْضِ وَظَنَّ زَوَالَ نَجَاسَتِهَا وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَوْ تَحَقَّقَ وُجُودُ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَطَتْ الْعَذِرَةُ بِالْمُصِيبِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَلَمْ تَظْهَرْ عَيْنُهَا لَكِنْ يَجِبُ غَسْلُهَا هُنَا إذَا جَفَّ الطِّينُ عَلَى الطُّرُقِ كَمَا قِيلَ فِي صَاحِبِ السَّلَسِ إذَا بَرِئَ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ حِينَئِذٍ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ مَاءِ الرَّشِّ وَمُنْتَقَعِ الطُّرُقَاتِ فَالْعَفْوُ دَائِمًا وَلَوْ أَبْدَلَ الْعَذِرَةَ بِالنَّجَاسَةِ لَكَانَ أَشْمَلَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْعَذِرَةِ لِشِدَّتِهَا فَيَدْخُلُ غَيْرُهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ بِالْأَوْلَى وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا إنْ غَلَبَتْ عَيْنُهَا) عَلَى الطِّينِ كَأَنْ يَكُونَ طِينُ مِرْحَاضٍ فِي مَوْضِعٍ فَيَخْتَلِطُ بِطِينٍ فَيَجِبُ غَسْلُهُ لِمَا قَيَّدَ بِهِ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَقَبِلَهُ الْبَاجِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً وَفَهِمَهُ سَنَدٌ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً وَفَهِمَهُ سَنَدٌ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا حَمَلَهُ عَلَيْهِ ابْنُ هَارُونَ مِنْ أَنَّ مَعْنَى غَالِبًا أَيْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وُجُودُهَا وَجَعَلَ الصُّوَرَ أَرْبَعًا تَسَاوِيًا احْتَمَلَ الْوُجُودَ وَعَدَمَهُ لَا يَغْسِلُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ تَرْجِيحُ الْوُجُودِ يُصَلِّي بِهِ عَلَى مَا فِيهَا لَا عَلَى مَا عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ أَوْ الْغَالِبُ تَحَقُّقُ الْوُجُودِ وَلَمْ تَظْهَرْ لِاخْتِلَاطِهَا يُصَلِّي بِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

مَا دَامَ طَرِيًّا فِي الثِّيَابِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ طَرِيًّا فِي الطُّرُقَاتِ فَإِذَنْ لَوْ يَبِسَ مِنْ الثَّوْبِ، وَهُوَ طَرِيٌّ فِي الطُّرُقَاتِ فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ جَفَّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ الْعَفْوُ فِيهَا دَائِمًا جَفَّ الطِّينُ فِي الطُّرُقِ أَوْ لَا وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الْجَفَافِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا ظَنَّ أَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ بِهِ نَجَاسَةً وَلَمْ يَكْثُرْ الْمَطَرُ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُ النَّجَاسَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِالْعَفْوِ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ تَسَامُحًا؛ فَلِذَا كَانَتْ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ.

وَإِنْ اخْتَلَطَتْ لِلْحَالِ وَحَمَلَ الِاخْتِلَاطَ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَالْمَظْنُونِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَكَذَا إنْ جَفَّ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ مُتَحَقِّقًا وُجُودَ النَّجَاسَةِ أَوْ ظَانًّا بَقَاءَهَا، وَأَمَّا إذَا جَفَّ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ طَهَارَتُهُ أَوْ شَكَّ أَوْ أَصَابَ بَعْدَ تَكَرُّرِ الْمَطَرِ عَلَى الْأَرْضِ وَظَنَّ زَوَالَ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ طَاهِرًا تَحْقِيقًا وَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَصَابَ بَعْدَ تَكَرُّرٍ إلَخْ) هَذِهِ غَيْرُ الْأُولَى مِنْ الثَّلَاثِ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ يَغْلِبُ عَلَيْهِ كَثْرَةُ النَّجَاسَةِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَطَرُ وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ يَظُنُّ مِنْهُ زَوَالَ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ الْغَسْلُ هُنَا) ، وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْغَسْلِ مَعَ الْجَفَافِ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَ الشَّكِّ أَوْ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِالطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ وَمُنْتَقِعٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مِنْ فَضَلَاتِ النِّيلِ أَيْ أَوْ الْمَطَرِ أَيْ وَظَنَّ وُجُودَ النَّجَاسَةِ أَوْ تَحَقَّقَهَا وَإِلَّا فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا بَالَغَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ لَا إنْ غَلَبَتْ عَيْنُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَكْثَرَ مِنْ الطِّينِ وَلَكِنْ لَمْ تَظْهَرْ لَهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَيُفِيدُ مَا قُلْنَا التَّمْثِيلُ (قَوْلُهُ لَمَا قَيَّدَ بِهِ الشَّيْخُ إلَخْ) قَالَ فِيهَا وَلَا بَأْسَ بِطِينِ الْمَطَرِ الْمُسْتَنْقَعِ فِي السِّكَكِ وَالطُّرُقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ الْخُفَّ أَوْ النَّعْلَ أَوْ الْجَسَدَ وَفِيهِ الْعَذِرَةُ وَسَائِرُ النَّجَاسَاتِ وَمَا زَالَتْ الطُّرُقُ وَهَذَا فِيهَا وَكَانَتْ الصَّحَابَةُ يَخُوضُونَ وَيُصَلُّونَ وَلَا يَغْسِلُونَهُ قَالَ الشَّيْخُ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً ابْنُ بَشِيرٍ يَحْتَمِلُ التَّقْيِيدَ وَالْخِلَافَ قَالَ أَمَّا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ وَافْتَقَرَ إلَى الْمَشْيِ فِيهِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ كَثَوْبِ الْمُرْضِعَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَيَّدَ (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ التَّقْيِيدِ لَكِنْ بِمَعْنَى أَنَّ النَّجَاسَةَ غَالِبَةٌ عَلَى الطِّينِ أَيْ أَكْثَرُ مِنْ الطِّينِ وَقَوْلُهُ وَفَهِمَهُ أَيْ وَفَهِمَ التَّقْيِيدَ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَلَبَةِ أَيْ غَلَبَ عَلَى الطِّينِ أَيْ أَكْثَرُ مِنْ الطِّينِ وَقَوْلُهُ مِنْ كَلَامِهِ أَيْ كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَيْضًا أَيْ كَمَا فَهِمَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْبَاجِيُّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا قَبِلَا الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ مِمَّا) أَيْ مِنْ مَعْنَى حَمْلِهِ أَيْ حَمْلِ كَلَامَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى ابْنُ هَارُونَ وَقَوْلُهُ مِنْ أَنَّ إلَخْ بَيَانٌ لِلْمَعْنَى، وَهَذَا التَّقْرِيرُ مُنَاسِبٌ فِي حَدِّ ذَاتِهِ لِفَهْمِ الشَّارِحِ وَالْتِئَامِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الْحَطَّابِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي فَهِمَهُ عَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ الْقَيْدِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَقَوْلُهُ مِنْ كَلَامِهِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ كَلَامِهِمَا أَيْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَابْنِ أَبِي زَيْدٍ بِمَعْنَى أَنَّ سَنَدًا فَهِمَ ذَلِكَ الْقَيْدَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فَهِمَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْ فَهْمِ ابْنِ هَارُونَ لِكَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَنَسُوقُ لَك عِبَارَةَ الْحَطَّابِ وَنَصَّهَا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ غَلَبَتْ أَيْ لَا إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً عَلَى الطِّينِ وَهَذَا مَعْنَى مَا قَيَّدَ بِهِ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ يُرِيدُ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً وَقَبِلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَالْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَقَيَّدَ بِهِ الْمُدَوَّنَةُ وَقَالَ سَنَدٌ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ النَّجَاسَةُ يُرِيدُ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ النَّجَاسَاتِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ النَّجَاسَةَ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَيُصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ طِينَ مِرْحَاضٍ فِي مَوْضِعٍ وَقَدْ اخْتَلَطَتْ بِطِينِ الْمَطَرِ هَذَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا ضَرُورَةَ فِي غَسْلِ مِثْلِ هَذَا بِخِلَافِ غَسْلِ مَا يَكُونُ مِنْ الطِّينِ اهـ.

وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا حَمَلَ عَلَيْهِ ابْنُ هَارُونَ كَلَامَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَذَكَرَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ.

(قَوْلُهُ وَجَعَلَ الصُّوَرَ أَرْبَعًا) أَيْ ابْنُ هَارُونَ (قَوْلُهُ تَسَاوَيَا احْتَمَلَ الْوُجُودَ وَعَدَمَهُ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ فَقَوْلُهُ احْتَمَلَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَسَاوَيَا (قَوْلُهُ لَا يَغْسِلُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ بِدُونِ الْتِفَاتٍ لِكَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ لَا مَا عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى فَهْمِ ابْنِ هَارُونَ لِكَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ) ، وَهُوَ الطَّهَارَةُ، وَهُوَ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ يُصَلَّى بِهِ عَلَى مَا فِيهَا وَقَوْلُهُ أَوْ الْغَالِبُ أَيْ، وَهُوَ النَّجَاسَةُ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ لَا مَا عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ

ص: 109

عَلَى ظَاهِرِهَا لَا عَلَى رَأْيِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَهُوَ حَسَنٌ لِتَحَقُّقِهَا لَهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ تُغْسَلُ وَلَا نَعْلَمُ فِيهَا خِلَافًا وَيَبْعُدُ وُجُودُهُ انْتَهَى.

وَنَحْنُ فِي مَنْدُوحَةٍ عَنْهُ بِفَهْمِ سَنَدٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْقَى قَوْلَهُمْ وَمَا زَالَتْ الطُّرُقُ وَهَذَا فِيهَا وَكَانَتْ الصَّحَابَةُ يَخُوضُونَ فِي طِينِ الْمَطَرِ وَيُصَلُّونَ وَلَا يَغْسِلُونَهُ عَلَى ظَاهِرِهَا أَيْ سَوَاءٌ غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى الطِّينِ أَمْ لَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ظَاهِرُهَا الْعَفْوُ) وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا إنْ أَصَابَ عَيْنَهَا) لِقَوْلِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ مَا لَمْ تَكُنْ لِلنَّجَاسَةِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ.

(ص) وَذَيْلِ امْرَأَةٍ مُطَالٍ لِلسَّتْرِ وَرِجْلٍ بُلَّتْ يَمُرَّانِ بِنَجَسٍ يَبِسَ يَطْهُرَانِ بِمَا بَعْدَهُ (ش) أَيْ وَيُعْفَى عَنْ مُتَعَلِّقِ ذَيْلِ الْمَرْأَةِ الْيَابِسِ الَّتِي لَيْسَ مِنْ زِيِّهَا لُبْسُ الْخُفِّ وَالْجَوْرَبِ الْمُطَالِ بِقَصْدِ السَّتْرِ لَا بِقَصْدِ الْخُيَلَاءِ وَعَنْ مُتَعَلِّقِ الرِّجْلِ الْمَبْلُولَةِ إذَا أَصَابَ كُلًّا مِنْ الذَّيْلِ وَالرِّجْلِ نَجَاسَةٌ مُحَقَّقَةٌ جَافَّةٌ حَيْثُ مَرَّا عَلَى أَرْضٍ طَاهِرَةٍ بَعْدُ رُفِعَتْ الرِّجْلُ بِالْحَضْرَةِ أَوْ بَعْدَ مُهْمَلَةٍ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ اللَّبَّادِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَيَصِحُّ فِي يَبَسٍ فَتْحُ الْبَاءِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} [طه: 77] لَكِنْ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ وَيَصِحُّ فِيهِ كَسْرُهَا عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ يَطْهُرَانِ مُسْتَأْنَفٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا، وَهُوَ كَالْعِلَّةِ لِمَا قَبْلَهُ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لِأَيِّ شَيْءٍ يُعْفَى عَنْهُمَا فَقَالَ؛ لِأَنَّهُمَا يَطْهُرَانِ بِمَا يَمُرَّانِ عَلَيْهِ مِنْ طَاهِرٍ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ حَالًا وَقَوْلُهُ يَطْهُرَانِ حُكْمًا وَعَفْوًا لَا حَقِيقَةً وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلْعَفْوِ.

(ص) وَخُفٍّ وَنَعْلٍ مِنْ رَوْثِ دَوَابَّ وَبَوْلِهَا إنْ دُلِكَا (ش) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ مُصَابِ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ وَسَائِرِ مَا يُمْشَى بِهِ مِنْ أَبْوَالِ الدَّوَابِّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ لَا عَلَى رَأْيِ أَبِي مُحَمَّدٍ) أَيْ عَلَى فَهْمِ ابْنِ هَارُونَ لِكَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الَّذِي هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ لَهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ) هَذَا الْقِسْمُ الرَّابِعُ (قَوْلُهُ وَلَا نَعْلَمُ فِيهَا خِلَافًا وَيَبْعُدُ وُجُودُهُ) قَالَ فِي ك لَكِنْ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ يَحْتَمِلُ التَّقْيِيدَ وَالْخِلَافَ عَقِبَ قَوْلِ الشَّيْخِ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ عَيْنًا قَائِمَةً فَيُرْجَعُ لَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ وَنَحْنُ فِي مَنْدُوحَةٍ عَنْهُ) أَيْ عَنْ فَهْمِ ابْنِ هَارُونَ بِفَهْمِ الْقَاضِي سَنَدٍ أَيْ فِي غُنْيَةٍ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَبْقَى قَوْلَهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهَا كَمَا قَيَّدَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَشَارَ بِهِ أَيْ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا إلَى قَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ يَحْتَمِلُ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ الْخِلَافَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا فِيهَا) أَيْ الْعَذِرَةِ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ (قَوْلُهُ يَخُوضُونَ فِي طِينِ الْمَطَرِ وَيُصَلُّونَ) قَالَ فِي ك وَخَصَّ بَعْضُهُمْ قَوْلَهَا يَخُوضُونَ فِي طِينِ الْمَطَرِ وَلَا يَغْسِلُونَهُ بِالْمَسْجِدِ الْمُحَصَّبِ لَا الْمَفْرُوشِ بِالْحُصْرِ لِتَلَوُّثِهَا وَبِهِ الْفَتْوَى بِإِفْرِيقِيَةَ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ) مَعَ غَلَبَتِهَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُهَا ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ وَذَيْلِ امْرَأَةٍ) قَالَ فِي ك وَلَا عَفْوَ عَنْ غُبَارِ النَّجِسِ فِي غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ مُطَالٍ) أَيْ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْيَدِ، وَهُوَ شِبْرَانِ مِنْ عِنْدِ الْأَرْضِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ تَحْتَاجُ فِي السَّتْرِ إلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَزِيدُ عَمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ الَّتِي لَيْسَ مِنْ زِيِّهَا لُبْسُ الْخُفِّ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ الْبَدْوِ وَإِلَّا فَلَا عَفْوَ (قَوْلُهُ لَا بِقَصْدِ الْخُيَلَاءِ) أَيْ أَوْ الزِّينَةِ فَيَحْرُمُ كَالرَّجُلِ وَلَا عَفْوَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَعَنْ مُتَعَلِّقِ الرِّجْلِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالِاثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ نَجَاسَةٌ مُحَقَّقَةٌ جَافَّةٌ) مُفَادُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ نَجَسٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ جَافَّةٌ) لَا رَطْبَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْفُوًّا عَنْهُ كَالطِّينِ (قَوْلُهُ حَيْثُ مَرَّا) إسْنَادُهُ لِلرِّجْلِ وَلِلذَّيْلِ مَجَازٌ الْحَقِيقَةُ إسْنَادُهُ لِلشَّخْصِ الْمَارِّ (قَوْلُهُ حَيْثُ مَرَّا عَلَى أَرْضٍ طَاهِرَةٍ) أَيْ يَابِسَةٍ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ وَعِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ كَالْمُصَنِّفِ أَعَمُّ مِنْهَا إذْ تَشْمَلُ الْأَرْضَ وَغَيْرَهَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا طَاهِرَةً.

(قَوْلُهُ رَفَعَتْ الرِّجْلَ) أَيْ مِنْ فَوْقِ النَّجَسِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ طُولٍ) أَيْ مِنْ وُقُوعِهَا عَلَى النَّجَسِ أَيْ سَوَاءٌ رَفَعَتْ الرِّجْلَ مِنْ فَوْقِ النَّجَاسَةِ فَوْرًا أَوْ بَعْدَ طُولٍ وَخَصَّصَ الْكَلَامَ بِالرِّجْلِ لِوُرُودِ الْحَدِيثِ بِذَلِكَ (فَإِنْ قُلْت) إذَا كَانَ الذَّيْلُ يَابِسًا وَالنَّجَسُ كَذَلِكَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ (قُلْت) قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهَا غُبَارُهَا، وَهُوَ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا غُبَارُهَا فِي هَذَيْنِ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ تَحَقَّقَتْ إصَابَتُهُ أَوْ شَكَّ فِيهَا خِلَافًا لِقَوْلِ الْبَاجِيِّ وَلَا يُعْفَى عَمَّا تَحَقَّقَتْ إصَابَةُ الْغُبَارِ لِذَيْلِ الْمَرْأَةِ وَرِجْلِ الرَّجُلِ، ثُمَّ الْعَفْوُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لَا يَخْتَصُّ بِأَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا كَمَسْأَلَةِ الْخُفِّ (قَوْلُهُ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ اللَّبَّادِ إلَخْ) وَغَيْرِ ابْنِ اللَّبَّادِ يَقُولُ لَيْسَ هَذَا الَّذِي أَرَادَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الرِّجْلَ إذَا رَفَعَهَا بِالْحَضْرَةِ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ تِلْكَ النَّجَاسَةِ إلَّا شَيْءٌ لَا قَدْرَ لَهُ اهـ. أَيْ لَيْسَتْ الطَّهَارَةُ مِنْ حَيْثُ الْمُرُورُ عَلَى طَاهِرٍ بَعْدُ إنَّمَا هُوَ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ فِي يَبِسٍ) وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ فِعْلًا مَاضِيًا (قَوْلُهُ يَطْهُرَانِ حُكْمًا وَعَفْوًا لَا حَقِيقَةً إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُشْكِلٌ تَصَوُّرًا وَحُكْمًا أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّهُ لَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ حَيْثُ كَانَ الذَّيْلُ وَالرِّجْلُ يَطْهُرَانِ بِمَا بَعْدَ النَّجَسِ الْيَابِسِ مِنْ الطَّاهِرِ الْيَابِسِ الثَّانِي حُكْمُهُ هُنَا بِأَنَّهُمَا يَطْهُرَانِ بِطَاهِرٍ يَابِسٍ يُخَالِفُهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْحَدَثَ وَحُكْمَ الْخَبَثِ يُرْفَعَانِ بِالْمُطْلَقِ لَا بِمُتَغَيِّرٍ لَوْنًا وَلَا فَرْقَ فِي الْمَرْأَةِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ اُنْظُرْ عب.

(تَنْبِيهٌ) : فِي جَعْلِ الرِّجْلِ كَالذَّيْلِ بَعُدَ؛ لِأَنَّ الرِّجْلَ مَبْلُولَةٌ وَالذَّيْلَ يَابِسٌ وَلَمْ يَظْهَرْ فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا رُخْصَةٌ وَتَخْفِيفٌ (قَوْلُهُ وَعَفْوًا) عَطْفٌ عَلَى تَفْسِيرٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ فَالْأَفْضَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّهَارَةِ الطَّهَارَةُ اللُّغَوِيَّةُ.

(قَوْلُهُ وَخُفٍّ وَنَعْلٍ) اجْتَمَعَا أَوْ انْفَرَدَا (قَوْلُهُ مِنْ رَوْثٍ إلَخْ) وَلَوْ رَطْبَةٍ فَلَوْ شَكَّ فِيمَا أَصَابَ خُفَّهُ أَوْ نَعْلَهُ هَلْ هُوَ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا أَوْ مِنْ الْعَذِرَةِ فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ الْغَسْلِ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ وَبَوْلِهَا) فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِالْوَاوِ وَعَلَيْهَا فَإِفْرَادُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ لَا غَيْرَهُ مَعَ عَدَمِ الْعَطْفِ بِأَوْ شَاذٌّ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِالْمَذْكُورِ وَفِي بَعْضِهَا بِأَوْ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ إنْ دُلِكَا) اسْتَشْكَلَ الْوَانُّوغِيُّ الدَّلْكَ فِي الْبَوْلِ فَإِنَّهُ لَا يُزِيلُ عَيْنًا وَلَا حُكْمًا وَالصَّوَابُ إمَّا الْعَفْوُ عَنْهُ كَبَوْلِ فَرَسِ الْغَازِي وَإِمَّا النَّزْعُ وَلِذَا أَسْقَطَهَا الْجَلَّابُ وَمِثْلُ الدَّلْكِ جَفَافُهُمَا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُخْرِجُهُ الْمَسْحُ (قَوْلُهُ وَسَائِرِ مَا يَمْشِي إلَخْ)

ص: 110

وَأَرْوَاثِهَا، وَهُوَ رَجِيعُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ لِغَلَبَتِهِمَا عَلَى الطُّرُقِ وَلِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُمَا وَلِأَنَّ نَجَاسَتَهُمَا مُخْتَلَفٌ فِيهَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُدَلِّكَهُمَا بِتُرَابٍ أَوْ خَزَفٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ التُّرَابَ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ بِنَعْلِهِ الْأَذَى فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طَهُورٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيُدْلَكُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَتَّى لَا يُخْرِجَ الْغَسْلُ بَعْدَهُ شَيْئًا وَلَا يُشْتَرَطُ زَوَالُ الرِّيحِ كَالِاسْتِجْمَارِ فِيهِمَا وَإِذَا دُلِكَا كَذَلِكَ جَازَتْ الصَّلَاةُ بِهِمَا وَالْمَشْيُ بِهِمَا فِي الْمَسْجِدِ غَيْرِ الْمُحَصَّرِ قَالَ فِي الطِّرَازِ شَرْطُ الدَّلْكِ أَنْ لَا يَبْقَى بَعْدَهُ شَيْءٌ يُخْرِجُهُ الْغَسْلُ فَقَوْلُ التَّتَّائِيِّ عَنْهُ يُخْرِجُهُ الْمَسْحُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ قَدْ تَجِفُّ فَلَا يُخْرِجُهَا الْمَسْحُ فَيَقْتَضِي الْعَفْوَ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْ عَيْنِهَا بَاقِيًا لَا عَفْوَ وَاَلَّذِي يُخْرِجُهُ الْغَسْلُ هُوَ الْحُكْمُ.

(ص) لَا غَيْرِهِ فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ لَا مَاءَ مَعَهُ وَيَتَيَمَّمُ (ش) يَعْنِي أَنَّ غَيْرَ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا إذَا أَصَابَ الْخُفَّ أَوْ النَّعْلَ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ كَالدَّمِ وَبَوْلِ الْآدَمِيِّ وَخَرْءِ الْكِلَابِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْعَفْوِ وَقَدْ كَانَ حُكْمُهُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ وَلَيْسَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ عَنْ الْخُفِّ وَلَا يُمْكِنُهُ جَمْعُ مَاءِ أَعْضَائِهِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ لِيُزِيلَ بِهِ النَّجَاسَةَ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ لِلتَّيَمُّمِ وَيَبْطُلُ حُكْمُ الْمَسْحِ فِي حَقِّهِ وَلَا يَكْفِيهِ دَلْكُهُ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَهُ بَدَلٌ وَغَسْلُ النَّجَاسَةِ لَا بَدَلَ لَهَا فَقَوْلُهُ لَا غَيْرِهِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى دَوَابَّ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِمَا تَقَدَّمَ بِتَأْوِيلِهِ الْمَذْكُورِ هُنَا أَوْ رُبَّمَا ذَكَرَ مِنْ رَوْثٍ وَبَوْلٍ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْخُفِّ وَالنَّعْلِ أَيْ فَلَا يُعْفَى عَنْ غَيْرِهِمَا كَالثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُلَائِمُ قَوْلَ: فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَيْ مِنْ حُكْمِهِ الْمَسْحُ فَلَا يَخْتَصُّ بِمَنْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا فَيَدْخُلُ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَسْحٌ لَا الْمَاسِحُ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَاَلَّذِي حُكْمُهُ الْمَسْحُ هُوَ مَنْ اُنْتُقِضَتْ طَهَارَتُهُ الْمَائِيَّةُ الْكَامِلَةُ تَقَدَّمَ لَهُ مَسْحٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ صَارَ حُكْمُهُ الْمَسْحَ.

(ص) وَاخْتَارَ إلْحَاقَ رِجْلِ الْفَقِيرِ وَفِي غَيْرِهِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ اللَّخْمِيَّ وَابْنَ الْعَرَبِيِّ أَيْضًا اخْتَارَ فِي رِجْلِ الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ عَنْ نَعْلٍ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ مَا يُصِيبُهَا مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا إذَا دُلِكَتْ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخُفٍّ وَنَعْلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَجِيعُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ) تَفْسِيرٌ لِلرَّوْثِ فِي ذَاتِهِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّوَابِّ مَا يَشْمَلُ الْكَلْبَ وَنَحْوَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْمُصَنِّفِ بِالدَّوَابِّ الْبِغَالُ وَالْخَيْلُ وَالْحَمِيرُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ كَالِاسْتِجْمَارِ فِيهِمَا) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ لَا يُخْرِجَ الْغَسْلُ بَعْدَهُ شَيْئًا وَلَا يُشْتَرَطُ زَوَالُ الرِّيحِ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرِ الْمُحَصَّرِ) أَيْ فَإِنَّ ذَلِكَ يُقَذِّرُهُ وَيُفْسِدُ حُصُرَهُ فَيُمْنَعُ الْمَشْيُ بِهِمَا فِيهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْإِمَامِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَهُ ح وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَلَّطَ كَالْمُحَصَّرِ كَذَا قَالَ عج وَمَا سَيَأْتِي مِنْ امْتِنَاعِ مُكْثٍ بِنَجِسٍ فِي مَسْجِدٍ فِي غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَفْوَ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا كَدُخُولِهِ الْمَسْجِدَ بِهِ وَمُكْثِهِ بِهِ وَكَمُلَاقَاتِهِ إثْرَ ذَلِكَ ثَوْبًا مَبْلُولًا أَوْ غَيْرَهُ فَلَا يَضُرُّ هَذَا خُلَاصَةُ مَا ذَكَرُوا وَيُبْحَثُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يَبْقَى شَيْءٌ يُخْرِجُهُ الْغُسْلُ إذْ لَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ أَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازُ الْمَشْيِ بِهِمَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ مُحَصَّرًا أَوْ مُبَلَّطًا؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ الْغَسْلُ هُوَ الْحُكْمُ بَلْ وَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ حِينَئِذٍ فَالصَّوَابُ كَلَامُ تت خُصُوصًا وَقَدْ نَقَلَ الْحَطَّابُ كَلَامَ سَنَدٍ مُوَافِقًا لِمَا فِي تت وَالْحَطَّابُ ثِقَةٌ فِي النَّقْلِ وَمَا قَالَهُ آخِرًا يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ يُخْرِجُهُ الْمَسْحُ أَيْ فِيمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُزَالَ بِالْمَسْحِ بَلْ يُقَالُ إنَّهُ إذَا كَانَ مَا بَقِيَ إلَّا الْحُكْمُ وَالْعَيْنُ زَالَتْ بِالْمَسْحِ فَلَا مَانِعَ مِنْ الْمَشْيِ بِهِمَا فِي الْمَسْجِدِ الْمُحَصَّرِ وَالْمُبَلَّطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا شَيْءٌ مِنْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ لِكَوْنِهِ زَالَ.

(تَنْبِيهٌ) : قَيَّدَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ يَكْثُرُ فِيهِ الدَّوَابُّ وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ وَفِيمَنْ عَجَزَ عَنْ الْغَسْلِ لِقَوْلِ الطَّرَّازِ إنْ تَيَسَّرَ لَهُ الْغَسْلُ كَأَنْ يَجِدَ الْمَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَغْسِلُهُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ يُخْرِجُهُ الْغُسْلُ) أَيْ مِنْ الْحُكْمِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ آخِرًا.

(قَوْلُهُ لَا غَيْرِهِ فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ) أَخَذَ مِنْهُ تَقْدِيمَ غَسْلِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْوُضُوءِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْمَاءِ إلَّا مَا يَكْفِيهِ لِإِحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا مَاءَ مَعَهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُزِيلُ النَّجَاسَةَ بِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَا مَاءَ مَعَهُ أَصْلًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ مَاءٌ أَصْلًا إلَّا أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ قَدْ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَأَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ الثَّانِيَةُ صُورَةُ الشَّارِحِ بِأَنْ يَكُونَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَعِنْدَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِي إلَّا الْوُضُوءَ وَالْمَسْحَ دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ جَمْعُ مَاءِ الْوُضُوءِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّهُ يَخْلَعُ وَيَتَيَمَّمُ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْوُضُوءَ يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الْخَلْعِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَالْأَمْرُ فِيهَا ظَاهِرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ الْمُصَنِّفُ مُتَحَمِّلًا لِصُورَتَيْنِ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك قَوْلُهُ لَا مَاءَ مَعَهُ أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ، فَإِنْ شَاءَ غَسَلَهُمَا وَلَوْ أَدَّى إلَى إفْسَادِهِمَا، وَإِنْ شَاءَ نَزَعَهُمَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَشَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ لَا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَهَذَا مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ فَدَعْوَى الْحَطَّابِ أَنَّهُ لَا ثَمَرَةَ لَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى دَوَابَّ) الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى رَوْثِ دَوَابَّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ الْعَاجِزِ عَنْ نَعْلٍ) أَيْ أَوْ خُفٍّ فَلَيْسَ مَالِكًا لِأَحَدِهِمَا وَلَا مَا يَشْتَرِي بِهِ ذَلِكَ أَوْ يَسْتَأْجِرُ قَالَ فِي ك عَنْ تَقْرِيرٍ وَانْظُرْ لَوْ قَدَرَ الْفَقِيرُ عَلَى مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ حَامِلًا يَحْمِلُهُ هَلْ يَلْزَمُهُ وَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ فَقِيرًا أَوْ لَا وَمِثْلُ الْفَقِيرِ غَنِيٌّ لَا يَقْدِرُ عَلَى لُبْسِ ذَلِكَ لِمَرَضٍ أَوْ لِفَقْدِهِ وَإِذَا وَجَدَ الْفَقِيرُ مَنْ يُسَلِّفُهُ هَلْ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ فَقِيرًا أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ مَسْأَلَةُ التَّيَمُّمِ

ص: 111

لَا غَيْرِهِمَا وَفِي رِجْلِ غَيْرِ الْفَقِيرِ، وَهُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى شِرَاءِ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ بِالْعَفْوِ كَالْفَقِيرِ وَعَدَمِهِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ.

(ص) وَوَاقِعٍ عَلَى مَارٍّ وَإِنْ سَأَلَ صَدَّقَ الْمُسْلِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا وَقَعَ عَلَى الْمَارِّ مِنْ سَقَائِفَ وَنَحْوِهَا مِنْ قَوْمٍ مُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ لُزُومِ الْفَحْصِ عَنْهُ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ نَجَاسَتَهُ بِرَائِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْأَمَارَاتِ، فَإِنْ سَأَلَ كَمَا هُوَ الْمُسْتَحَبُّ صَدَّقَ الْمُسْلِمَ إنْ أَخْبَرَ بِالطَّهَارَةِ عَدْلُ الرِّوَايَةِ لَا الْكَافِرُ بَلْ يَحْمِلُهُ مَا سَقَطَ مِنْهُمْ عَلَى النَّجَاسَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدْلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَاعِدًا عِنْدَهُمْ وَيُخْبِرُ بِالطَّهَارَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ مَعَ تَيَقُّنِ نَجَاسَتِهِ؛ فَلِذَلِكَ حَوَّلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ إلَى مَا يَصِحُّ بِهِ وَيُدْفَعُ عَنْهُ الِاعْتِرَاضُ فَقَوْلُهُ صَدَّقَ الْمُسْلِمَ فِي مَعْنَى لَا يُصَدِّقُ إلَّا الْمُسْلِمَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَدْلَ رِوَايَةٍ، وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ.

(ص) وَكَسَيْفٍ صَقِيلٍ لِإِفْسَادِهِ مِنْ دَمٍ مُبَاحٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ السَّيْفَ الصَّقِيلَ وَشَبَهَهُ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ صَلَابَةٌ كَالْمُدْيَةِ وَالْمِرْآةِ وَالزُّجَاجِ وَخَرَجَ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ صَقِيلًا كَالثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالظُّفْرِ إذَا أَصَابَ مَا ذُكِرَ دَمٌ خَاصَّةً مُبَاحٌ كَالْقِصَاصِ وَالصَّيْدِ لِلْعَيْشِ وَالذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لِئَلَّا يَفْسُدَ بِالْغُسْلِ سَوَاءٌ مَسَحَهُ مِنْ الدَّمِ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ لِإِفْسَادِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي تَعْلِيلِ الْعَفْوِ هُوَ الْإِفْسَادُ بِالْغَسْلِ لَا لِانْتِفَائِهَا بِالْمَسْحِ إذْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُؤَلِّفُ الْمَسْحَ وَقَوْلُهُ لِإِفْسَادِهِ مُتَعَلِّقٌ بِعُفِيَ ثُمَّ لَوْ قَالَ لِفَسَادِهِ كَفَاهُ مَعَ كَوْنِهِ أَخْصَرَ، ثُمَّ إنَّهُ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيلِ هُنَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ لِأَجْلِ دَفْعِ إفْسَادِهِ لِغَسْلِهِ مِنْ دَمٍ مُبَاحٍ لَا لِتَحْصِيلِ إفْسَادِهِ فَاللَّامُ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَمِنْ دَمٍ مُبَاحٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ظَرْفٌ لَغْوٌ وَاحْتَرَزَ الْمُؤَلِّفُ بِالدَّمِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ عَلَى مَارٍّ) أَيْ شَخْصٍ مَارٍّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَكَذَا عَلَى جَالِسٍ أَوْ قَائِمٍ مُسْتَيْقِظٍ أَوْ نَائِمٍ (قَوْلُهُ مِنْ قَوْمٍ مُسْلِمِينَ) أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِمْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَحْمِلُ مَا وَقَعَ مِنْهُمْ عَلَى الطَّهَارَةِ فِي حَالِ الشَّكِّ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ النَّجَاسَةَ أَيْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ لُزُومِ الْفَحْصِ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَشْكُوكًا فِيهِ يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا هُوَ عَنْ لُزُومِ الْفَحْصِ وَالسُّؤَالِ (فَإِنْ قُلْت) الْعَفْوُ عَنْ لُزُومِ السُّؤَالِ فَرْعُ تَعَقُّلِهِ (قُلْت) لَمَّا كَانَ الشَّأْنُ أَنَّ الَّذِي يَنْزِلُ مِنْ السُّقُوفِ النَّجَاسَةُ وَاشْتَبَهَ الْحَالُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ وُجُوبُ السُّؤَالِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَالَ وَلَك جَوَابٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّأْنُ أَنَّ الَّذِي يَنْزِلُ مِنْ السَّقْفِ النَّجَاسَةُ كَانَ مِنْ حَقِّ ذَلِكَ الِاجْتِنَابُ فَصَحَّ حِينَئِذٍ تَعَلُّقُ الْعَفْوِ بِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ نَجَاسَتَهُ) أَيْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ نَجَاسَتُهُ (قَوْلُهُ إنْ أَخْبَرَ بِالطَّهَارَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ نَازِلًا مِنْ سُقُوفِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْمَشْكُوكِ فِيهِمْ وَقَدْ قُلْنَا يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَيُعْفَى عَنْ لُزُومِ السُّؤَالِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ أَيْ يُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ إنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ وَكَانَ عَدْلَ رِوَايَةٍ وَبَيَّنَ وَجْهَ النَّجَاسَةِ أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا.

(قَوْلُهُ لَا الْكَافِرُ) فَلَا يُحْمَلُ مَا نَزَلَ مِنْهُمْ إلَّا عَلَى النَّجَاسَةِ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَحْمِلُ مَا نَزَلَ مِنْهُمْ عَلَى النَّجَاسَةِ مَا لَمْ يُخْبِرْ عَدْلٌ بِالطَّهَارَةِ أَيْ عَدْلُ رِوَايَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ الْمَذْهَبِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَاءِ الطَّهَارَةُ، وَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ بِمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ إسْلَامٌ وَلَا عَدَالَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَذَلِكَ أَنَّ السَّاقِطَ إمَّا مِنْ قَوْمٍ مُسْلِمِينَ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا أَوْ مِنْ كُفَّارٍ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الطَّهَارَةُ أَوْ تَتَحَقَّقَ النَّجَاسَةُ أَوْ يَظُنَّ الطَّهَارَةَ أَوْ النَّجَاسَةَ أَوْ يَشُكَّهَا، فَإِنْ تَحَقَّقَتْ الطَّهَارَةُ أَوْ ظَنَّهَا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ، وَإِنْ تَحَقَّقَتْ النَّجَاسَةُ أَوْ ظَنَّهَا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى النَّجَاسَةِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ، وَإِنْ شَكَّ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ فِي السَّاقِطِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا وَيُحْمَلُ عَلَى النَّجَاسَةِ فِي السَّاقِطِ مِنْ الْكُفَّارِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ) الْغَيْرُ الْفَاسِقِ.

(قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ صَلَابَةٌ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الصَّفَاقَةَ وَحْدَهَا لَا تَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ صَلَابَةٍ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ شَيْءٌ صَقِيلٌ أَمْلَسُ مُصْمَتٌ لَا يَتَخَلَّلُ الْمَاءُ أَجْزَاءَهُ وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَشِبْهَهُ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ صِقَالَةٌ وَصَلَابَةٌ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ الْمِرْآةِ؛ لِأَنَّ الْمِرْآةَ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهَا مِنْ دَمِ غَيْرِ الْمُبَاحِ أَيْضًا لِتَكَرُّرِ النَّظَرِ فِيهَا الْمَطْلُوبِ دُونَ السَّيْفِ وَالْمُدْيَةِ، وَإِنْ فُعِلَ بِهِمَا وَاجِبٌ (قَوْلُهُ وَالزُّجَاجُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الزُّجَاجِ قَالَ الْحَطَّابُ خَرَجَ بِذَلِكَ الزُّجَاجُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ شَابَهَ السَّيْفَ فِي الصِّقَالَةِ وَالصَّلَابَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ) أَيْ صُلْبًا وَلَوْ كَانَ صَقِيلًا أَيْ وَذَلِكَ أَنَّنَا اشْتَرَطْنَا زِيَادَةً عَلَى الصِّقَالَةِ الصَّلَابَةَ (قَوْلُهُ دَمٍ خَاصَّةً مُبَاحٍ) فَصَلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ فِيهِ تَلْمِيحًا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ دَمٍ اسْمٌ مُنَوَّنٌ لَا مُضَافٌ أَيْ مِنْ دَمٍ مُبَاحٌ مَحَلُّهُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ دَمٍ مُبَاحٌ يَجُوزُ فِيهِ التَّنْوِينُ أَيْ مِنْ دَمٍ مُبَاحٌ مَحَلُّهُ وَالْإِضَافَةُ أَيْ مِنْ دَمِ مَحَلِّ مُبَاحٍ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ مَسَحَهُ أَمْ لَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ بَعْدُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ ضَعِيفٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إفَادَةِ طَلَبِ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ لَا لِانْتِفَائِهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ بِالْمَسْحِ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ إلَّا أَنَّ مَقْصُودَهُ ذَلِكَ قَالَ تت وَخَرَجَ بِالسَّيْفِ الثَّوْبُ الصَّقِيلُ أَوْ الْجَسَدُ فَلَا يُعْفَى عَمَّا يُصِيبُهُمَا مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَمَثَارُ الْخِلَافِ هَلْ الْعِلَّةُ انْتِفَاءُ النَّجَاسَةِ أَوْ الْإِفْسَادُ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الظُّفْرِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَنْتِفِي بِمَسْحِهِ وَالْغَسْلُ لَا يُفْسِدُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكْفِي الْمَسْحُ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ) تَبَيَّنَ لَك مِنْ عِبَارَةِ تت، وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ شَأْنُ الْمَتْنِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلْأَدِلَّةِ أَيْ التَّعْلِيلِ فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ظَرْفٌ إلَخْ) ذَلِكَ الْمَحْذُوفُ هُوَ قَوْلُهُ يَغْسِلُهُ، فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ الْمُتَعَلِّقُ مَحْذُوفًا يَكُونُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَحَمِّلًا لِلضَّمِيرِ قُلْت فِي الْمُتَعَلِّقِ الْعَامِّ

ص: 112

الدَّمَ هُوَ الَّذِي يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ لِغَلَبَةِ وُصُولِهِ إلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَبِالْمُبَاحِ عَنْ دَمِ الْعُدْوَانِ فَإِنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَقَالَ الْمَوَّاقُ سَمَعُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَكْفِي مَسْحُ دَمِ السَّيْفِ عِيسَى إنْ كَانَ فِي جِهَادٍ أَوْ صَيْدٍ لِعَيْشِهِ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ عِيسَى تَفْسِيرٌ انْتَهَى فَانْظُرْ قَوْلَ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ غَيْرُ الْمَمْنُوعِ لِيَشْمَلَ الْمَكْرُوهَ كَصَيْدِ اللَّهْوِ مَعَ هَذَا النَّصِّ.

(ص) وَأَثَرِ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ الدُّمَّلِ الَّذِي بِهِ وَالْجَرَبِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ دَمٍ وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ وَمَاءٍ سَائِلٍ مِنْ نَفْطِ نَارٍ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ الْجَسَدَ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ إذَا مَصَلَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إنْ قُشِرَ حَالَ سَيَلَانِهِ فَلَا يُعْفَى عَنْ أَثَرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ كَانَ كَثِيرًا، وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَضُرُّهُ نَكْؤُهُ قَبْلَ السَّيَلَانِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ بِهِ دُمَّلٌ وَاحِدٌ أَوْ نَحْوُهُ أَمَّا لَوْ كَثُرَتْ كَالْجَرَبِ فَإِنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى نَكْئِهَا وَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْهُ.

(فَائِدَةٌ) الدُّمَّلُ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ مِيمِهِ وَتَخْفِيفِهِ كَسُكَّرٍ وَصُرَدٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ تَفَاؤُلًا كَتَسْمِيَةِ الْمُهْلِكَةِ مَفَازَةً وَاللَّدِيغِ سَلِيمًا.

(ص) وَنُدِبَ إنْ تَفَاحَشَ كَدَمِ بَرَاغِيثَ (ش) أَيْ وَنُدِبَ غَسْلُ جَمِيعِ مَا سَبَقَ مِنْ الْمَعْفُوَّاتِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ إنْ تَفَاحَشَ بِأَنْ يَسْتَحِيَ مِنْهُ فِي الْمَجَالِسِ أَوْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ إلَى حَالَةٍ لَا يُقْبَلُ صَاحِبُهَا وَلَا يُقْرَبُ إلَّا بِتَعَذُّرٍ كَاسْتِحْبَابِ غَسْلِ خَرْءِ الْبَرَاغِيثِ مِنْ ثَوْبٍ تَفَاحَشَ فِيهِ كَانَ فِي زَمَنِ هَيَجَانِهَا أَمْ لَا وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ الْوُجُوبُ لَكِنْ حُمِلَتْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَكَذَلِكَ حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَتَفْسِيرُنَا الدَّمَ بِالْخَرْءِ تَبَعًا لِلْجُزُولِيِّ مُخْرِجٌ لِدَمِهَا الَّذِي مِنْ جَوْفِهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الدِّمَاءِ لَا يُعْفَى إلَّا عَنْ دُونِ دِرْهَمٍ مِنْهُ وَلَا يُلْحَقُ بِهَا الْبَقُّ وَالْقَمْلُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْحُلَلِ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

كَالْكَوْنِ لَا الْخَاصِّ كَمَا هُنَا.

(تَنْبِيهٌ) : الْفَرْقُ بَيْنَ السَّيْفِ وَمَوْضِعِ الْحِجَامَةِ أَنَّ الدَّمَ إذَا يَبِسَ عَلَى السَّيْفِ وَنَحْوِهِ تَطَايَرَ بِخِلَافِ الْحِجَامَةِ (أَقُولُ) يَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ لِإِفْسَادِهِ إلَى آخِرِهِ تَعْلِيلًا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ دَفْعٍ وَالْمَعْنَى إنَّمَا عُفِيَ لِوُجُودِ الْإِفْسَادِ بِالْغَسْلِ مِنْ دَمِ الْمُبَاحِ عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِهِ (قَوْلُهُ سَمَعُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ نَصِّ الْحَطَّابِ نَقْلًا عَنْ التَّوْضِيحِ قَالَ عِيسَى فِي رِوَايَتِهِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَسَحَهُ مِنْ الدَّمِ أَوْ لَمْ يَمْسَحْهُ قَالَ عِيسَى يُرِيدُ فِي الْجِهَادِ وَفِي الصَّيْدِ الَّذِي هُوَ عَيْشُهُ (أَقُولُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَاحِ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَكْرُوهُ الْمُشَارُ لَهُ فِي الْبَاغِيَةِ بِقَوْلِهِ وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ وَوِرْثُهُ وَمِثْلُهُ دَمُ مَكْرُوهِ الْأَكْلِ الْخَارِجِ مِنْ الْمُذَكَّى وَالْمُرَادُ أَيْضًا مُبَاحٌ أَصَالَةً فَلَا يَضُرُّ حُرْمَتُهُ لِعَارِضٍ كَقَتْلِ مُرْتَدٍّ بِهِ وَزَانٍ أَحْصَنَ بِغَيْرِ إذْنِ إمَامٍ (فَإِنْ قُلْت) كَيْفَ يَكُونُ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ ضَعِيفًا فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ السَّمَاعَ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَلْ فِي الْعُتْبِيَّةِ.

(قَوْلُهُ الَّذِي بِهِ) أَخْرَجَ دُمَّلَ غَيْرِهِ فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْهُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ الْعَفْوُ (قُلْت) وَيُشْبِهُ هَذَا الْخِلَافُ خِلَافَهُمْ فِي صَاحِبِ السَّلَسِ هَلْ الْعَفْوُ خَاصٌّ أَوْ مُتَعَدٍّ إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إذَا مَصَلَ بِنَفْسِهِ) أَيْ سَالَ بِنَفْسِهِ وَمِثْلُهُ مَا فِي حُكْمِهِ كَمَا إذَا انْتَهَى الدُّمَّلُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَرَكَهُ لَانْفَجَرَ بِنَفْسِهِ وَفَجَّرَهُ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ أَثَرِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ قُشِرَ حَالَ سَيَلَانِهِ) أَيْ قُشِرَ حَالَ اجْتِمَاعِ تِلْكَ الْمَادَّةِ وَلَوْلَا الْقَشْرُ مَا خَرَجَتْ تِلْكَ الْمَادَّةُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ) أَيْ كَالدِّرْهَمِ فَأَقَلَّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْيَسِيرُ) هُوَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ نَكْؤُهُ قَبْلَ سَيَلَانِهِ) أَيْ إذَا نَكَأَهُ قَبْلَ أَنْ تَجْتَمِعَ تِلْكَ الْمَادَّةُ فِيهِ، ثُمَّ تَجَمَّعَتْ وَسَالَتْ مِنْ ذَلِكَ الشِّقِّ فَالْعَفْوُ وَعِبَارَةُ ك وَلَا يَضُرُّ نَكْؤُهُ قَبْلَ السَّيَلَانِ فَلَوْ نُكِئَ أَوْ شُقَّ قَبْلَ أَنْ تَجْتَمِعَ الْمَادَّةُ فِيهِ ثُمَّ تَجَمَّعَتْ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْته لَك (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ كَالْجُرْحِ (قَوْله أَمَّا لَوْ كَثُرَتْ) أَيْ بِأَنْ زَادَتْ عَلَى الْوَاحِدِ بَلْ فِي أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الدُّمَّلَ الْوَاحِدَ إذَا اُضْطُرَّ إلَى نَكْئِهَا وَشَقَّ عَلَيْهِ تَرَكَهُ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَمَّا سَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَنْ يَتَّصِلَ سَيَلَانُهُ وَلَا يَنْقَطِعَ أَوْ انْقَطَعَ انْقِطَاعًا لَا يَنْضَبِطُ كَصَاحِبِ السَّلَسِ أَوْ يَنْضَبِطُ وَلَكِنْ يَتَكَرَّرُ كَأَنْ يَأْتِيَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ بِحَيْثُ يَشُقُّ التَّوَقِّي مِنْهُ وَالِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَهَذَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا وَلَا يَقْطَعُ لِأَجْلِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ فَيُؤْمَرُ نَدْبًا كَمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ دَرْؤُهُ بِخِرْقَةٍ وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ يُصَلِّي بِهَا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لِإِطْلَاقِهِ الْعَفْوَ الثَّانِيَ أَنْ لَا يَتَّصِلَ خُرُوجُهُ وَأَمْكَنَ التَّوَقِّي مِنْهُ بِلَا مَشَقَّةٍ بِأَنْ لَمْ يُلَازِمْ كُلَّ يَوْمٍ فَهَذَا لَا يُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ صَلَّتْ بِنَفْسِهَا فَإِذَا انْبَعَثَتْ فِي الصَّلَاةِ قُطِعَ إنْ رُجِيَ كَفُّهَا وَغُسِلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا فَلْيَفْتِلْ وَيَبْنِيَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْيَسِيرُ مَا يَفْتِلُهُ الرَّاعِفُ انْتَهَى، وَإِنْ لَمْ يَرْجُ كَفَّهَا تَمَادَى.

(قَوْلُهُ وَنُدِبَ إنْ تَفَاحَشَ) وَمَحَلُّ النَّدْبِ مَا دَامَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ قَائِمًا وَإِلَّا وَجَبَ الْغَسْلُ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ فِي الْمَجَالِسِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي دُونِ الدِّرْهَمِ وَفِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلٌ دُونَ الدِّرْهَمِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَشْمَلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ النَّدْبَ بِالتَّفَاحُشِ وَدُونُ الدِّرْهَمِ غَيْرُ مُتَفَاحِشٍ وَأَجَابَ الشَّارِحُ رحمه الله كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ بِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْمَلْهُ لَكِنْ لَا يُنَافِيَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِحَدٍّ، وَأَمَّا الدَّمُ فَإِنَّ الْمَعْفُوَّ عَنْهُ مُقَيَّدٌ بِحَدٍّ لَا يَصِلُ لِلتَّفَاحُشِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى زَادَ عَمَّا دُونَ الدِّرْهَمِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُلْحَقُ بِهَا الْبَقُّ وَالْقَمْلُ) أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا تَفَاحَشَ خَرْؤُهَا أَمْ لَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ مِنْ الْبَقِّ وَالْقَمْلِ مُتَعَذِّرَةٌ فَلَا مَشَقَّةَ فِي الْغَسْلِ بِخِلَافِ خَرْءِ الْبُرْغُوثِ فَإِنَّهُ كَثِيرٌ فَلَوْ حَكَمْنَا بِالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا لَحَصَلَتْ مَشَقَّةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ شَارِحَنَا تَبِعَ السَّنْهُورِيَّ وَقَدْ اعْتَمَدَ عج كَلَامَ صَاحِبِ الْحُلَلِ وَمَا ذَكَرْته رَأَيْته مَنْقُولًا عَنْ الشَّارِحِ وَنَقَلَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ خَرْءَ الْبَقِّ وَالْقَمْلِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا يُنْدَبُ بِخِلَافِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ فَلَا يَجِبُ وَلَا يُنْدَبُ

ص: 113

الْكَثْرَةَ هُنَا مُتَعَذِّرَةٌ وَإِرْجَاعُ النَّدْبِ مَعَ التَّفَاحُشِ لِجَمِيعِ الْمَعْفُوَّاتِ أَتَمُّ فَائِدَةً ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ قَوْلَهُ (إلَّا فِي صَلَاةٍ) وَالْمَعْنَى أَنَّ اسْتِحْبَابَ الْغَسْلِ إنَّمَا هُوَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ جَمِيعِ مَا سَبَقَ مِنْ الْمَعْفُوَّاتِ وَعَلَى خَرْءِ الْبَرَاغِيثِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا إذَا اطَّلَعَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِيهَا فَإِنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ التَّمَادِي وَعَدَمُ الْغَسْلِ.

(ص) وَيَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ بِلَا نِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ غَيْرُهُ يَطْهُرُ مِنْ غَسْلِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى نِيَّةٍ فَقَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ مُتَعَلِّقٌ بِ يَطْهُرُ وَفِي عِبَارَةٍ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِ يَطْهُرُ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ فِي طَهَارَتِهِ بِنِيَّةٍ أَوْ بِلَا نِيَّةٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ أَوْ لَا فَيُعْرَبُ حَالًا مِنْ غَسَلَ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ حِينَئِذٍ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ وَلَا عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا عِنْدَ حُصُولِهَا فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ بِلَا اشْتِرَاطِ نِيَّةٍ وَحِينَئِذٍ تَصِحُّ الْحَالِيَّةُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى الْقَائِلِ بِالِاشْتِرَاطِ وَالْبَاءُ فِي بِلَا نِيَّةٍ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ وَفِي بِغَسْلِهِ بَاءُ الْآلَةِ.

(ص) بِغَسْلِهِ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا فَبِجَمِيعِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحَلَّ الْمُتَنَجِّسَ يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ إنْ تَعَيَّنَ وَعُرِفَ، وَإِنْ اشْتَبَهَ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ فَلَا يَطْهُرُ إلَّا بِغَسْلِ جَمِيعِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ مِنْ جَسَدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَكَان وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ عَدَمُ الْيَقِينِ فَيَدْخُلُ الظَّنُّ كَمَا قَالَهُ س فِي شَرْحِهِ بَحْثًا بِلَفْظِ يَنْبَغِي وَلَا فَرْقَ فِي غَسْلِ جَمِيعِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ حَصَلَتْ فِي جِهَةٍ غَيْرِ مُتَمَيِّزَةٍ مِنْهُ كَبَدَنِهِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَوْ جِهَتَيْنِ مُتَمَيِّزَتَيْنِ مِنْهُ كَكُمَّيْهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (كَكُمَّيْهِ) وَلَا يَجْتَهِدُ فَيَغْسِلُ أَحَدَهُمَا عَلَى الْمَذْهَبِ.

(ص) بِخِلَافِ ثَوْبَيْهِ فَيَتَحَرَّى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ إصَابَةَ النَّجَاسَةِ لِأَحَدِ ثَوْبَيْهِ وَطَهَارَةَ الْآخَرِ وَاشْتَبَهَ الطَّاهِرُ بِالْمُتَنَجِّسِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى أَيْ يَجْتَهِدُ بِعَلَامَةٍ تُمَيِّزُ لَهُ الطَّاهِرَ مِنْهُمَا مِنْ النَّجَسِ فَمَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّهُ طَاهِرٌ صَلَّى بِهِ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُصَلِّي بِعَدَدِ النَّجَسِ وَزِيَادَةِ ثَوْبٍ كَالْأَوَانِي وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْأَوَانِي وَالثِّيَابِ خِفَّةُ النَّجَاسَةِ بِالِاخْتِلَافِ فِيهَا وَعَدَمُهُ فِي اشْتِرَاطِ الْمُطْلَقِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ.

(ص) بِطَهُورٍ مُنْفَصِلٍ كَذَلِكَ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلِهِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ كَذَلِكَ فَلَوْ قَدَّمَهُ وَقَدَّمَ قَوْلَهُ لَا لَوْنَ وَرِيحَ عَسُرَا عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَحَلَّ النَّجَسَ يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ بِشَرْطِ أَنْ يَنْفَصِلَ الْمَاءُ عَنْ الْمَحَلِّ طَهُورًا بَاقِيًا عَلَى صِفَتِهِ وَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِالْأَوْسَاخِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ مُنْفَصِلٌ طَاهِرٌ لَحَسُنَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ كَذَلِكَ أَيْ طَهُورٌ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

إلَّا إذَا كَانَ كَثُرَ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ إلَّا فِي صَلَاةٍ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا إذْ لَا يُتَوَهَّمُ قَطْعُ صَلَاةٍ لِمَنْدُوبٍ قَالَهُ فِي ك.

(قَوْلُهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ فَالْخُفُّ وَالنَّعْلُ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا بَعْدَ الدَّلْكِ وَالْمَخْرَجَانِ وَالسَّيْفُ الصَّقِيلُ وَمَوْضِعُ الْحِجَامَةِ بَعْدَ الْمَسْحِ مَحْكُومٌ عَلَيْهَا بِالنَّجَاسَةِ وَلَا يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِغَسْلِهِ وَغَسْلُ النَّجَاسَةِ مِنْ بَابِ التَّعَبُّدِ فَلِذَا لَا تُزَالُ إلَّا بِالْمُطْلَقِ وَلَمْ تَحْتَجْ لِنِيَّةٍ لِكَوْنِهَا مِنْ بَابِ الْمَتْرُوكِ (قَوْلُهُ وَفِي عِبَارَةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ مُتَعَلِّقًا بِيَطْهُرُ تَكُونُ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ وَالْمَعْنَى مَحَلُّ النَّجَاسَةِ يَطْهُرُ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ لَا يَطْهُرُ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ بَلْ يَطْهُرُ مَعَ النِّيَّةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ إلَخْ أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ الطَّهَارَةُ مَعَ النِّيَّةِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الطَّهَارَةُ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ أَيْ وَأَوْلَى مَعَ النِّيَّةِ بَلْ النِّزَاعُ فِي الِاشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ هَذَا حَاصِلُهُ (أَقُولُ) أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ صَرِيحًا نَفْيُ الشَّرْطِيَّةِ.

(قَوْلُهُ بِغَسْلِهِ) وَلَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ زَوَالُ الْعَيْنِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ عُرِفَ) أَيْ جَزْمًا كَمَا هُوَ مُفَادُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ الظَّنُّ) لَعَلَّهُ مَا لَمْ يَقْوَ وَعَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ فَمَنْ ظَنَّ فِي جِهَةِ النَّجَاسَةِ وَتَوَهَّمَهَا فِي أُخْرَى فَيَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الْجَمِيعِ عَلَى هَذَا وَلَوْ أَعْطَى الظَّنَّ حُكْمَ التَّحَقُّقِ لَمَا طَلَبَ بِغَسْلِ الْجِهَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ وَبَعْضُهُمْ يُدْخِلُ الظَّنَّ تَحْتَ الْمَعْرِفَةِ فَإِذَنْ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا إلَّا صُورَةً فَقَطْ، وَأَمَّا عَلَى حَلِّ الشَّارِحِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا صُورَتَانِ قَالَ مُحَشِّي تت وَقَدْ يَبْحَثُ فِي غَسْلِ الْمَوْهُومِ أَيْ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ فَإِنَّ الْوَهْمَ فِي الْحَدَثِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فَالْخَبَثُ كَذَلِكَ أَوْ أَوْلَى فَالْحَقُّ أَنَّ الظَّنَّ كَالْعِلْمِ وَأَنَّ الْمَوْهُومَ لَا يُغْسَلُ إذْ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْحَدَثِ كَمَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ تَوَهُّمُ جَنَابَتِهِ دُونَ شَكٍّ لَغْوٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَجْتَهِدُ) فَيَغْسِلُ أَحَدَهُمَا عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي هَذِهِ قِيَاسًا لَهُمَا عَلَى الثَّوْبَيْنِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْكُمَّيْنِ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَوَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِمَا، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ غَسْلِهِمَا أَوْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْمَاءِ إلَّا مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا تَحَرَّى أَحَدَهُمَا وَغَسَلَهُ اتِّفَاقًا، فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ لِلتَّحَرِّي صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ وَلَوْ فَصَلَ الْكُمَّيْنِ صَارَا كَالثَّوْبَيْنِ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى) أَيْ يَجْتَهِدُ فَيُصَلِّي بِهِ الْآنَ وَكَذَبُوا بِوَقْتٍ آخَرَ حَيْثُ لَمْ يَنْسَ الْمُتَحَرِّي مِنْ الْمُتَنَجِّسِ لِيَغْسِلَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَمَحَلُّ التَّحَرِّي إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلتَّحَرِّي وَإِلَّا صَلَّى بِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَعَاجِزٍ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِيمَا صَلَّى بِهِ بِالتَّحَرِّي لَا بِوَقْتٍ وَلَا بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكُمَّيْنِ يُغْسَلَانِ وَالثَّوْبَيْنِ يُتَحَرَّى أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلٍّ مِنْ الثَّوْبَيْنِ الطَّهَارَةُ بِانْفِرَادِهِ فَيَسْتَنِدُ اجْتِهَادُهُ إلَى الْأَصْلِ وَهَذَا الْأَصْلُ قَدْ بَطَلَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لِتَحَقُّقِ حُصُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَكَذَا قَالُوا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ (أَقُولُ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْكُمَّيْنِ لَمَّا اتَّصَلَا صَارَا بِمَثَابَةِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَلَا كَذَلِكَ الثَّوْبَانِ.

(قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَنْفَصِلَ الْمَاءُ عَنْ الْمَحَلِّ طَهُورًا) أَيْ خَالِيًا مِنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِالْأَوْسَاخِ

ص: 114

أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ وَهِيَ اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ وَالرِّيحُ، وَأَمَّا لَوْ انْفَصَلَ مُتَغَيِّرًا كَالثَّوْبِ الْأَزْرَقِ الْمُتَنَجِّسِ يُغْسَلُ فَلَا يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا صُبِغَ بِشَيْءٍ نَجَسٍ وَلَوْ كَانَتْ أَجْزَاؤُهُ لَمْ تَنْقَطِعْ، وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِوُجُودِ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ.

(ص) وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ النَّجَسِ إذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ وَانْفَصَلَ الْمَاءُ عَنْ الْمَحَلِّ طَهُورًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمَاءَ انْفَصَلَ طَهُورًا وَالْبَاقِي فِي الْمَحَلِّ كَالْمُنْفَصِلِ وَالْمُنْفَصِلُ طَاهِرٌ وَقَوْلُهُ (مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ لَا لَوْنَ وَرِيحَ عَسِرَا) مُتَعَلِّقٌ بِ يَطْهُرُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَسِ بِغَسْلِهِ الْمُزِيلِ لِجُرْمِهِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ بِشَرْطِ زَوَالِ طَعْمِهِ وَلَوْ عَسُرَا أَوْ لَوْنُهُ وَرِيحُهُ الْمُتَيَسِّرَيْنِ فَبَقَاءُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِي الْمَحَلِّ وَيُتَصَوَّرُ الْوُصُولُ إلَى مَعْرِفَةِ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ وَأَنْ لَا يَجُوزَ ذَوْقُهَا بِأَنْ تَكُونَ فِي الْفَمِ أَوْ دَمِيَتْ اللِّثَةُ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُهُ فَجَازَ لَهُ ذَوْقُ الْمَحَلِّ اسْتِظْهَارًا أَوْ إنْ وَقَعَ وَنَزَلَ، وَأَمَّا زَوَالُ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ حَيْثُ عَسُرَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَطْهِيرِ الْمَحَلِّ زَوَالُهُمَا فَقَوْلُهُ مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ مُتَعَلِّقٌ بِ يَطْهُرُ وَقَوْلُهُ لَا لَوْنَ وَرِيحٍ عَسُرَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ يُشْتَرَطُ زَوَالُ طَعْمِهِ لَا لَوْنٌ وَرِيحٌ عَسُرَا وَبِهَذَا اتَّضَحَ الْعَطْفُ وَسَقَطَ مَا يُقَالُ مِنْ النَّظَرِ الْمُبَيَّنِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ.

(ص) وَالْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ نَجِسَةٌ (ش) الْغُسَالَةُ هِيَ الْمَاءُ الَّذِي غُسِلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ وَلَا شَكَّ فِي نَجَاسَتِهَا إذَا كَانَتْ مُتَغَيِّرَةً سَوَاءٌ كَانَ تَغَيُّرُهَا بِالطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ أَوْ الرِّيحِ وَلَوْ الْمُتَعَسِّرَيْنِ وَهَكَذَا نُكْتَةُ إتْيَانِهِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ مُنْفَصِلٌ كَذَلِكَ الْمُغْنِي عَنْهُ لَكِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِقَوْلِهِ وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ حُكْمَ مَحَلِّ الْخَبَثِ يَطْهُرُ بِالْمُطْلَقِ بَيَّنَ أَنَّ عَيْنَهُ تُزَالُ بِكُلِّ مَائِعٍ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ) عَنْ الْمَحَلِّ (بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ) مِنْ مُضَافٍ أَوْ غَيْرِهِ كَخَلٍّ وَبَقِيَ بَلَلُهُ فَلَاقَى جَافًّا أَوْ جَفَّ وَلَاقَى مَبْلُولًا (لَمْ يَتَنَجَّسْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ الْأَزْرَقِ الْمُتَنَجِّسِ) كَانَ تَنَجُّسُهُ سَابِقًا عَلَى الصِّبْغِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ مِنْ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ لَا يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ مِنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا كَانَ كَذَلِكَ يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ مِنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ لَا مِنْ أَعْرَاضِ الزُّرْقَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ مَا صُبِغَ إلَخْ) إشَارَةٌ لِفَرْعٍ آخَرَ، وَهُوَ صَبْغُهُ بِشَيْءٍ نَجِسٍ فَحُكْمُهُ يُخَالِفُ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ مِنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا لَوْنَ وَرِيحَ عَسُرَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ أَجْزَاؤُهُ إلَخْ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا إشْكَالَ وَظَهَرَ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ حُكْمُ أَحَدِهِمَا مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْأُخْرَى.

(تَنْبِيهٌ) : مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِطَهُورٍ أَيْ لَا بِغَيْرِهِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي الْمَجُّ فِي تَطْهِيرِ الْفَمِ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، ثُمَّ إنَّ الْفَرْعَ الْأَوَّلَ ظَاهِرٌ فِي طُرُوءِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ الصَّبْغِ فَلَوْ أَنَّ النَّجَاسَةَ طَرَأَتْ عَلَى الثَّوْبِ الْأَبْيَضِ قَبْلَ الصَّبْغِ فَيَظْهَرُ فِي ذَلِكَ أَنَّنَا قُلْنَا أَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ حُكْمُهُ حُكْمُ الطَّعَامِ تَتَنَجَّسُ الْمَصْبَغَةُ وَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ مَا صُبِغَ بِشَيْءٍ نَجِسٍ فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا أَنَّهُ كَالْمَاءِ الْمُطْلَقِ فَلَا تَتَنَجَّسُ الْمَصْبَغَةُ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ قَوْلِهِ كَالثَّوْبِ الْأَزْرَقِ الْمُتَنَجِّسِ (أَقُولُ) بَلْ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا عُرِضَ عَلَى الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ نَجَاسَةٌ وَوُضِعَ فِي الْمَاءِ يَنْقَلِبُ مُضَافًا فَلَا يَطْهُرُ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ تِلْكَ النَّجَاسَةِ الَّتِي فِي الثَّوْبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا فِي مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ إلَّا لِأَجْلِ مُوَافَقَتِهِ فِي عب وَإِلَّا فَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَ حُكْمُهَا وَاحِدٌ فِي التَّنْجِيسِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ خُلُوُّهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ رَاجِعًا لِلصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُصَارَ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ) جُمْلَةٌ اسْتِئْنَافِيَّةٌ أَيْ الْمَغْسُولُ وَكَذَا الْأَرْضُ فَلَا يَلْزَمُ عَرْكُهَا (قَوْلُهُ لَا لَوْنَ وَرِيحَ عَسُرَا) وَيَصِيرُ الْمَحَلُّ طَاهِرًا لَا نَجِسًا مَعْفُوًّا عَنْهُ (قَوْلُهُ الْمُزِيلُ لِجُرْمِهِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا قَالَ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَالَ الْجُرْمُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَلَزِمَ مِنْهُ زَوَالُ الطَّعْمِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ مَعَ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَطَ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِيَطْهُرُ) قَالَ فِي ك هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَأَجَازَ الْبِسَاطِيُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ اسْتِظْهَارًا) أَيْ جَازَ لَهُ ذَوْقُ الْمِلْحِ لِأَجْلِ أَنْ يَسْتَظْهِرَ أَيْ يَطَّلِعَ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ مِنْ أَنَّهُ لَا بَقَاءَ لِأَثَرِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ وَقَعَ وَنَزَلَ) أَيْ وَارْتَكَبَ الْحُرْمَةَ زَادَ ق أَوْ شَكَّ هَلْ زَالَ أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يُقَدِّمَ عَلَى ذَوْقِهَا وَإِنَّمَا الْحُرْمَةُ مَا دَامَ مُتَيَقِّنًا وُجُودَهَا أَيْ أَوْ ظَنَّ وُجُودَهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَوْ غَلَبَ إلَخْ لَا مَفْهُومَ لَهُ (قَوْلُهُ وَسَقَطَ مَا يُقَالُ إلَخْ) عِبَارَةُ ك وَسَقَطَ مَا يُقَالُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَظَرًا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّ قَوْلَهُ يَطْهُرُ مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ لَا يَقْتَضِي الْحَصْرَ فِي ذَلِكَ، ثَانِيهِمَا: أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لَا لَوْنَ وَرِيحَ عَسِرَا أَنَّ اللَّوْنَ وَالرِّيحَ إذَا عَسُرَ زَوَالُهُمَا ثُمَّ زَالَا أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِزَوَالِهِمَا مَعَ أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَغَيْرُ مُرَادٍ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ.

(قَوْلُهُ وَهَكَذَا نُكْتَةُ إلَخْ) بَعِيدٌ وَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَكِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُسْتَغْنَى) مُرَادُهُ بِالْمَسْأَلَةِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْغُسَالَةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَالَ) مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ كَالطَّعَامِ يَنْجُسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُضَافَ لَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ الطَّعَامِ وَإِنَّمَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ الْجَوَابَ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمُضَافِ كَالْخَلِّ فَالْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ الْجَوَابِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمُضَافِ، ثُمَّ جَعْلُهُ كَالْخَلِّ مِنْ غَيْرِ مُضَافٍ لَا يَتَأَتَّى فِي كُلِّ خَلٍّ إذْ مِنْ الْخَلِّ مَا يَكُونُ مُضَافًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مِنْ مُضَافٍ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ الطَّاهِرُ فَإِذَنْ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِطَاهِرٍ بَدَلَ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنُ الْأَخْصَرِيِّةُ

ص: 115

مُلَاقِي مَحَلَّهَا) أَيْ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ إذْ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْحُكْمُ، وَهُوَ عَرَضٌ وَالْأَعْرَاضُ لَا تَنْتَقِلُ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُنَجَّسُ وَعَلَيْهِمَا لَوْ دَهَنَ الدَّلْوَ الْجَدِيدَ بِالزَّيْتِ وَاسْتَنْجَى مِنْهُ فَيُعِيدُ الِاسْتِنْجَاءَ دُونَ غَسْلِ ثِيَابِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَمَعَ غَسْلِهَا عَلَى الثَّانِي.

(ص) ، وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ وَجَبَ نَضْحُهُ (ش) أَيْ، وَإِنْ شَكَّ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا غَيْرَ غَالِبٍ فِي إصَابَةِ النَّجَاسَةِ غَيْرِ نَجَاسَةِ الطَّرِيقِ لِثَوْبٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ النَّضْحُ لِقَطْعِ الْوَسْوَسَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ بَلَّةً أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ النَّضْحِ فَتَطْمَئِنُّ نَفْسُهُ «لِأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام بِنَضْحِ الْحَصِيرِ الَّذِي اسْوَدَّ بِطُولِ مَا لَبِثَ» لِحُصُولِ الشَّكِّ فِيهِ وَقَوْلُ عُمَرَ حِينَ شَكَّ فِي ثَوْبِهِ هَلْ أَصَابَهُ مَنِيٌّ أَغْسِلُ مَا رَأَيْت وَأَنْضَحُ مَا لَمْ أَرَ وَلِعَمَلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ انْتَهَى وَقَوْلُنَا غَيْرُ نَجَاسَةِ الطَّرِيقِ احْتِرَازًا عَنْ نَجَاسَةِ الطَّرِيقِ إذَا شَكَّ فِي وُصُولِهَا لَهُ أَوْ ظَنَّ وَقَدْ خَفِيَتْ عَيْنُهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(ص) ، وَإِنْ تَرَكَ أَعَادَ الصَّلَاةَ كَالْغَسْلِ (ش) يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ النَّضْحِ فَتَرَكَهُ وَصَلَّى فَإِنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ كَمَا يُعِيدُهَا مَنْ تَرَكَ غَسْلَ النَّجَاسَةِ الْمُحَقَّقَةِ، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَعَادَ أَبَدًا، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ عَاجِزًا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ وَلِخِفَّةِ النَّضْحِ لَمْ يَقُلْ فِيهِ أَحَدٌ بِإِعَادَةِ النَّاسِي أَبَدًا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي تَرْكِ الْغَسْلِ وَلَوْ تَرَكَ النَّضْحَ وَغَسَلَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَظُنُّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الْإِجْزَاءِ كَمَا اخْتَلَفُوا فِيمَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ أَوْ خُفَّيْهِ وَقَوْلُهُ كَالْغَسْلِ تَشْبِيهٌ لِتَكْمِيلِ الْحُكْمِ لَا لِإِفَادَةِ حُكْمٍ غَفَلَ عَنْهُ وَجَعْلُ الشَّارِحِ الْجَاهِلَ كَالسَّاهِي فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْعَامِدِ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ كَالْغَسْلِ رَاجِعٌ لِلْوُجُوبِ وَالْإِعَادَةِ أَيْ وُجُوبًا كَوُجُوبِ الْغَسْلِ وَإِعَادَةً كَإِعَادَةِ تَرْكِ الْغَسْلِ فَيَكُونُ وُجُوبُ النَّضْحِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ، فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَجْرِ الْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ هُنَا فَيَكُونُ مَشْهُورًا فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا وَجَبَ لِوُرُودِ الْأَمْرِ مِنْ الشَّارِعِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ.

(ص) ، وَهُوَ رَشٌّ بِالْيَدِ بِلَا نِيَّةٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّضْحَ فِي الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ وَالْأَرْضِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فِيهِمَا رَشٌّ بِالْيَدِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ لَمْ يَغْمُرْ الْمَحَلَّ أَوْ بِالْفَمِ بَعْدَ غَسْلِهِ مِنْ الْبُصَاقِ وَإِلَّا كَانَ مُضَافًا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى نِيَّةٍ فَلَوْ رَشَّ الْمَحَلَّ مَطَرٌ كَفَى؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ فِيمَا تَقَعُ الْإِزَالَةُ لَا يُوجِبُ النِّيَّةَ فَكَمَا لَا تَلْزَمُ فِي الْغَسْلِ مَعَ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ لِقَصْرِهِمْ الْإِزَالَةَ عَلَى الْمَاءِ فِي الْمَشْهُورِ فَكَذَا فِي النَّضْحِ، وَلَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِأَنَّ حُكْمَ إزَالَتِهَا غَلَبَةُ

ــ

[حاشية العدوي]

ظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا الْأَحْسَنِيَّةُ فَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُطْلَقِ يَصْدُقُ بِالنَّجِسِ وَالْمُتَنَجِّسِ (قَوْلُهُ وَالْأَعْرَاضُ لَا تَنْتَقِلُ) قَدْ يُقَالُ يَنْتَقِلُ مُمَاثِلُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ بِدُهْنٍ لَاصِقٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ إلَخْ) وَلَا أَثَرَ لِلْوَهْمِ الْمُرَادُ الْمَوْضِعُ الَّذِي شَكَّ فِيهِ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ نَاحِيَةً وَاحِدَةً رَشَّهَا فَقَطْ، وَإِنْ كَانَتْ نَاحِيَتَيْنِ رَشَّهُمَا مَعًا قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالْمُرَادُ بِالنَّاحِيَتَيْنِ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ (قَوْلُهُ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا غَيْرَ غَالِبٍ) أَمَّا لَوْ كَانَ الظَّنُّ غَالِبًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ (قَوْلُهُ لِأَمْرِهِ) لَعَلَّ الْمُنَاسِبَ وَلِأَمْرِهِ تَعْلِيلٌ ثَانٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ مَعَ عِلَّتِهِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ طُولِ مَا لَبِثَ) بِالثَّاءِ أَيْ أَقَامَ، وَهُوَ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالسِّينِ فَيَكُونُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ) أَيْ شَأْنِ النَّاسِ أَيْ مِنْ لصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ إذَا شَكَّ فِي وُصُولِهَا) أَيْ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ.

(قَوْلُهُ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي تَرْكِ الْغَسْلِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِنْدَنَا قَوْلًا أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ أَيْ فَمَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ سَاهِيًا يُعِيدُ أَبَدًا (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ لِتَكْمِيلِ الْحُكْمِ) أَيْ فَالْحُكْمُ هُنَا ثُبُوتُ الْإِعَادَةِ وَالْوُجُوبُ كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ رَاجِعٌ لِلْوُجُوبِ وَالْإِعَادَةِ فَمِنْ حَيْثُ الْأَوَّلُ أَنَّ الْحُكْمَ الْوُجُوبُ وَحَصَلَ بِالتَّشْبِيهِ تَكْمِيلُ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِأَنَّ ذَلِكَ أَيْ الْوُجُوبَ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَمِنْ حَيْثُ قَوْلُهُ أَعَادَ إلَخْ فَالْحُكْمُ ثُبُوتُ الْإِعَادَةِ وَتَكْمِيلُهُ بِكَوْنِهَا أَيْ الْإِعَادَةِ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَفِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ مُلْحَقٌ بِالْعَامِدِ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا إلَّا فِي مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ وُجُوبُ النَّضْحِ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ وُجُوبٌ كَوُجُوبِ الْغَسْلِ وَسَكَتَ عَنْ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْإِعَادَةُ فَنَقُولُ فِيهَا أَيْ الْإِعَادَةُ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَفِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ مَشْهُورًا) كَمَا أَنَّ مُقَابِلَهُ، وَهُوَ الْوُجُوبُ مَشْهُورٌ أَيْضًا كَمَا قِيلَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ) أَيْ وَالْجَوْبُ تَعَبُّدِيٌّ (ثُمَّ أَقُولُ) هَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ النَّضْحَ مُتَّفَقٌ عَلَى وُجُوبِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ فِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ وُجُوبُ النَّضْحِ وَاسْتِحْبَابُهُ وَوُجُوبُ الْغَسْلِ فَمَنْ يَقُولُ بِالْوُجُوبِ يَسْتَدِلُّ «بِأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام بِنَضْحِ الْحَصِيرِ الَّذِي اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لَبِثَ» وَذَلِكَ لِحُصُولِ الشَّكِّ فِيهِ.

(قَوْلُهُ، وَهُوَ رَشٌّ بِالْيَدِ) لَمَّا كَانَ نَضَحَ بِمَعْنَى رَشَّ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَبِمَعْنَى رَشَحَ كَنَضَحَ مِنْ بَابِ مَنَعَ كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَالصِّحَاحِ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ الْمُرَادَ مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ، وَهُوَ رَشٌّ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ فِيهِ إذْ هُوَ تَكْثِيرٌ لِلنَّجَاسَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ فِيمَا تَقَعُ بِهِ الْإِزَالَةُ) أَيْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ أَيْ، وَأَمَّا التَّعَبُّدُ فِي تَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ كَغَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ فَيَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَأَيْضًا هَذَا تَعَبُّدٌ فِي غَيْرِ النَّفْسِ، وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ (قَوْلُهُ فِي الْمَشْهُورِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَشْهُورِ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ وَلَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ

ص: 116

الْمَاءِ عَلَيْهَا وَنَيْلُهُ لَهَا وَالرَّشُّ غَيْرُ مَلْزُومٍ لِذَلِكَ لِعَدَمِ تَعْمِيمِهِ الْمَحَلَّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَثْرَةُ نَقْطِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِهِ مَظِنَّةُ نَيْلِهِ لَهَا إنْ كَانَتْ وَالظَّنُّ كَافٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَإِنَّمَا أَعَادَ قَوْلَهُ بِلَا نِيَّةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ النَّضْحَ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ يَفْتَقِرُ لَهَا لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ فِيهِ إذْ هُوَ تَكْثِيرٌ لِلنَّجَاسَةِ لَا إزَالَةٌ لَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُهُ وَقَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ رَشٍّ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ.

(ص) لَا إنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ شَكَّ وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّضْحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا إذَا تَحَقَّقَتْ نَجَاسَةُ الْمُصِيبِ وَشَكَّ فِي إزَالَتِهَا، ثُمَّ أَصَابَ الْمَحَلَّ رَطْبًا غَيْرَهُ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ، وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ وَجَبَ نَضْحُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ كَمَا مَرَّ (ص) أَوْ فِيهِمَا (ش) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ، وَهُوَ أَنْ يَشُكَّ فِي الْإِصَابَةِ وَفِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ فَالنَّضْحُ سَاقِطٌ هُنَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الشَّكَّ كَمَا تَرَى مِنْ وَجْهَيْنِ فَضَعُفَ وَلَوْ أَسْقَطَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا الْقِسْمَ لَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ لِفَهْمِ عَدَمِ النَّضْحِ فِي هَذِهِ بِالْأَوْلَى لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ تَتْمِيمًا لِأَقْسَامِ الْمَسْأَلَةِ.

(ص) وَهَلْ الْجَسَدُ كَالثَّوْبِ أَوْ يَجِبُ غَسْلُهُ خِلَافٌ (ش) أَيْ إذَا شَكَّ فِي إصَابَةِ النَّجَاسَةِ لِلْجَسَدِ هَلْ يُنْضَحُ كَالثَّوْبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ أَوْ يَجِبُ غَسْلُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ النَّضْحَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى مَا وَرَدَ، وَهُوَ الْحَصِيرُ وَالثَّوْبُ وَلَوْ تَحَقَّقَتْ إصَابَةُ الْجَسَدِ وَشَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ النَّضْحِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ وَفِي الْإِصَابَةِ فَالْخِلَافُ فِي الْجَسَدِ رَاجِعٌ لِلْأُولَى لَا لِلثَّانِيَةِ وَلَا لِلثَّالِثَةِ لِعَدَمِ النَّصِّ فِيهِمَا.

(ص) وَإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجَسٍ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجَسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَبَهَ مَاءٌ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجَسٍ كَبَوْلٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِوُضُوآتٍ بِعَدَدِ النَّجَسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ إنْ شَكَّ فِيهِ فَإِذَا كَانَ عَدَدُ الطَّهُورِ اثْنَيْنِ مَثَلًا وَالنَّجَسُ أَوْ الْمُتَنَجِّسُ اثْنَانِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ بِثَلَاثِ صَلَوَاتٍ بِثَلَاثِ وُضُوآتٍ أَوْ ثَلَاثٍ فَبِأَرْبَعٍ أَوْ أَرْبَعٍ فَبِخَمْسٍ وَهَكَذَا فَقَوْلُهُ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ أَيْ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي بِأَثَرِ كُلِّ وُضُوءٍ صَلَاةً وَكَلَامُهُ يَصْدُقُ عَلَى مَا إذَا جَمَعَ الْأَوْضِيَةَ، ثُمَّ صَلَّى بِعَدَدِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا عَقِبَ مَا ذَكَرَهُ كُلَّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ، وَلَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَنَيْلُهُ) أَيْ وُصُولُهُ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ) التَّوَهُّمُ مُنَصَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ يَفْتَقِرُ لَهَا (قَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُهُ) الْإِنْصَافُ أَنَّهُ جَوَابٌ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الرَّشَّ الْمَذْكُورَ لَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُ لِلْمَحَلِّ بِحَيْثُ يُظَنُّ أَنَّ بِهِ زَالَتْ النَّجَاسَةُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ) أَيْ بِقَوْلِهِ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى رَشٌّ كَائِنٌ بِالْيَدِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ مِنْ حَقِيقَةِ النَّضْحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ وَجَبَ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ يَجِبُ النَّضْحُ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ، وَإِنْ شَكَّ إلَخْ) كَذَا اسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ إلَّا قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا فَلَمْ يَأْتِ بِهِ الْحَطَّابُ بَلْ هِيَ زِيَادَةٌ مِنْ عِنْدِ شَارِحِنَا (أَقُولُ) قَضِيَّةُ كَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَهَا أَنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ وَلَا يَكْفِي النَّضْحُ فَالْأَحْسَنُ إسْقَاطُهَا وَوَجْهُ قَوْلِ الْحَطَّابِ بِوُجُوبِ النَّضْحِ أَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَعَدَمَهَا وَأَصَابَ الْمَحَلَّ رَطْبًا صَارَ مُتَرَدِّدًا فِي كَوْنِهِ هَلْ أَصَابَ الْمَحَلَّ نَجَاسَةٌ أَمْ لَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرُ وُجُوبِ غَسْلِ الْمُتَنَجِّسِ الَّذِي شَكَّ فِي إزَالَةِ نَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا، وَأَمَّا الرَّطْبُ الَّذِي أَصَابَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ نَضْحُهُ لِمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ أَوْ يَجِبُ غَسْلُهُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ النَّضْحِ) أَيْ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّ الْجَسَدَ كَالثَّوْبِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعْتَمَدِ فَنَقُولُ يَنْبَغِي عَدَمُ الْغَسْلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ وَفِي الْإِصَابَةِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ إلَخْ) قَيَّدَ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ الْقَيْدُ الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ أَنْ يَتَّسِعَ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ إلَخْ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ الثَّانِي أَنْ لَا تَكْثُرَ الْأَوَانِي جِدًّا وَإِلَّا تَحَرَّى وَاحِدًا وَتَوَضَّأَ بِهِ إنْ أَمْكَنَهُ التَّحَرِّي وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ لَهُ وَإِلَّا تَيَمَّمَ كَمَا لَوْ أُرِيقَتْ كُلُّهَا أَوْ بَقِيَ مِنْهَا دُونُ عَدَدِ الْمُتَنَجِّسِ وَزِيَادَةُ إنَاءٍ الْقَيْدُ الثَّالِثُ أَنْ لَا يَجِدَ طَهُورًا مُحَقَّقًا غَيْرَ هَذِهِ الْأَوَانِي وَإِلَّا تَرَكَهَا وَتَوَضَّأَ.

(تَنْبِيهٌ) : أَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ الِاشْتِبَاهَ وَأَرَادَ الِالْتِبَاسَ فَفِيهِ تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ مَعَهُ دَلِيلٌ وَالِالْتِبَاسَ لَا دَلِيلَ مَعَهُ (قَوْلُهُ بِمُتَنَجِّسٍ) كَمَاءَيْنِ تَغَيَّرَ أَحَدُهُمَا بِتُرَابٍ طَاهِرٍ طُرِحَ فِيهِ الْآخَرُ بِتُرَابٍ نَجِسٍ وَقَوْلُهُ أَوْ نَجَسٍ أَيْ كَالْبَوْلِ الْمَقْطُوعِ الرَّائِحَةِ الْمُوَافِقِ لِأَوْصَافِ الْمَاءِ وَلَا نَصَّ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الْقَاضِيَ عَبْدَ الْوَهَّابِ خَرَّجَهَا عَلَى الْأُولَى وَرَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجِسِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ عَدَدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَهُ صُوَرٌ الْأُولَى أَنْ لَا يَعْلَمَ عَدَدَهُ وَلَا عَدَدَ مُقَابِلِهِ وَفِي هَذِهِ صَلَّى بِعَدَدِ الْآنِيَةِ كُلِّهَا الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ عَدَدُهُ كَذَا وَالْآخَرَ عَدَدُهُ كَذَا وَلَا يَعْلَمُ هَذَا مِنْ هَذَا وَفِي هَذِهِ يَجِبُ أَنْ يَحْتَاطَ وَيُصَلِّيَ بِعَدَدِ الْأَكْثَرِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَيُمْكِنُ دُخُولُ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي قَوْلِهِ بِعَدَدِ النَّجِسِ الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الْآنِيَةِ عَشَرَةً مَثَلًا وَيَتَحَقَّقُ نَجَاسَةَ خَمْسَةٍ وَطَهَارَةَ اثْنَيْنِ وَشَكَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيُصَلِّي فِي هَذِهِ بِعَدَدِ النَّجِسِ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا وَزِيَادَةَ إنَاءٍ.

وَيُمْكِنُ دُخُولُ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي قَوْلِهِ بِعَدَدِ النَّجِسِ أَيْ بِعَدَدِهِ وَلَوْ حُكْمًا إذْ مُقْتَضَى الِاحْتِيَاطِ الْحُكْمُ بِعَدَمِ طَهَارَةِ مَا عَدَا وَاحِدًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَعَدَمِ طَهَارَةِ الْأَكْثَرِ فِي الثَّانِيَةِ وَعَدَمِ طَهَارَةِ مَا شَكَّ فِيهِ فِي الثَّالِثَةِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الصُّوَرَ الْخَمْسَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ تَأْتِي هُنَا لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا إلَّا تَعَدُّدُ الصَّلَوَاتِ هُنَا دُونَ الْأُولَى (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ كُلَّ صَلَاةٍ بِوُضُوءِ) وَلَا يُقَالُ هَذَا يَصْدُقُ بِجَمْعِ الْأَوْضِيَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَمَعَ الْأَوْضِيَةَ فَلَمْ يَكُنْ كُلُّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ بَلْ بِوُضُوآتٍ

ص: 117

قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِغَيْرِ طَاهِرٍ صَلَّى بِعَدَدِهِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ إذْ الْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجَسِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا تَحَرَّى وَاحِدًا فَتَوَضَّأَ بِهِ إنْ أَمْكَنَهُ التَّحَرِّي وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلتَّحَرِّي وَإِلَّا تَيَمَّمَ هَكَذَا وَقَعَ فِي مَجْلِسِ الْمُذَاكَرَةِ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ هَذَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ خَافَ فَوَاتَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ خِلَافٌ إذْ هَذَا مِنْ أَفْرَادِهِ وَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ الْخِلَافِ الْقَوْلُ بِالتَّيَمُّمِ، وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ خَوْفُ فَوَاتِ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَالَهُ بَعْضٌ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِمُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجَسٍ أَنَّهُ إذَا اشْتَبَهَ طَاهِرٌ بِطَهُورٍ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا اتَّحَدَ عَدَدُهُمَا أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُهُمَا بِحَيْثُ تَزِيدُ عَلَى اثْنَيْنِ فَإِذَا عَلِمَ عَدَدَ الطَّهُورِ مِنْ غَيْرِهِ فَيَتَوَضَّأُ بِعَدَدِ الطَّاهِرِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ يُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً وَمَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ مِنْ الطَّاهِرِ أَوْ الطَّهُورِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الطَّاهِرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَوَضَّأَ بِالْجَمِيعِ وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ عَدَدَ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ خَمْسَةٌ وَعَدَدَ الْآخَرِ أَرْبَعَةٌ مَثَلًا وَلَا يَدْرِي مَا الَّذِي عَدَدُهُ خَمْسَةٌ وَلَا مَا الَّذِي عَدَدُهُ أَرْبَعَةٌ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِعَدَدِ أَكْثَرِهَا وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً.

(ص) وَنُدِبَ غَسْلُ إنَاءِ مَاءٍ وَيُرَاقُ لَا طَعَامٍ وَحَوْضٍ تَعَبُّدًا سَبْعًا بِوُلُوغِ كَلْبٍ مُطْلَقًا لَا غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَلْبَ سَوَاءٌ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ اتِّخَاذِهِ أَوْ مَأْذُونًا فِيهِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا إذَا وَلَغَ فِي إنَاءِ مَاءٍ أَيْ شَرِبَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَاقَ الْمَاءُ الْمَوْلُوغُ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُغْسَلَ الْإِنَاءُ سَبْعَ مَرَّاتٍ تَعَبُّدًا عَلَى الْمَشْهُورِ لِطَهَارَةِ الْكَلْبِ وَقِيلَ لِقَذَارَتِهِ وَقِيلَ لِنَجَاسَتِهِ فَلَوْ كَانَ الْمَوْلُوغُ فِيهِ طَعَامًا أَوْ حَوْضَ مَاءٍ فَلَا تُسْتَحَبُّ الْإِرَاقَةُ وَلَا الْغَسْلُ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ إنَّمَا جَاءَ فِي الْإِنَاءِ فَبَقِيَ غَيْرُهُ عَلَى الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ أَوَانِيَ الطَّعَامِ مُصَانَةٌ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ أَوَانِي الْمَاءِ تُبْتَذَلُ أَوَانِيهِ غَالِبًا وَلِأَنَّ الْوُلُوغَ مُخْتَصٌّ بِالْمَاءِ فَقَوْلُهُ لَا طَعَامٍ وَحَوْضٍ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَاءٍ وَهُمَا مَفْهُومَا إنَاءِ مَاءٍ عَلَى النَّشْرِ الْمَعْكُوسِ وَنُصِبَ تَعَبُّدًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ وَسَبْعًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ إذْ الْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجَسِ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجَسِ قَاصِرٌ لَا يَشْمَلُ الْمُتَنَجِّسَ أَيْ وَهَذَا التَّصْوِيبُ يُفِيدُ التَّسَاوِي فَيَكُونُ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ إلَخْ) وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ مُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجِسٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا إذَا اشْتَبَهَ بِنَجِسٍ احْتِيَاطًا وَإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ وَاشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِمَا إذَا اشْتَبَهَ فِيهِ الطَّهُورُ بِالطَّاهِرِ بِعَدَدِ الطَّاهِرِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَقْدِيمَ مَا اشْتَبَهَ فِيهِ الطَّهُورُ بِالطَّاهِرِ عَلَى مَا اشْتَبَهَ فِيهِ الطَّهُورُ بِالنَّجِسِ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ ثَمَّ مَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ الطَّهَارَةِ بِالطَّاهِرِ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا اتَّحَدَ عَدَدُهُمَا) أَيْ الْإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمُطْلَقُ وَاحِدٌ وَكَذَا الَّذِي فِيهِ الطَّاهِرُ.

(قَوْلُهُ غَسْلُ إنَاءِ مَاءٍ) اسْتَظْهَرَ الْمُؤَلِّفُ اشْتِرَاطَ الدَّلْكِ فِي الْغَسْلِ لِدُخُولِهِ فِي حَقِيقَةِ الْغَسْلِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ عَلَى الْمَذْهَبِ بَلْ يَكْفِي صَبُّ الْمَاءِ عَلَى الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ يُزَالُ وَقَوْلُهُ وَيُرَاقُ أَيْ الْمَاءُ الْمَوْلُوغُ فِيهِ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ وَلَا يَصِحُّ نَصْبُهُ بِأَنْ مُضْمَرَةً عَطْفًا عَلَى الْمَصْدَرِ، وَهُوَ غَسْلُ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الْغَسْلِ مَعَ الْإِرَاقَةِ لَا مَعَ عَدَمِهَا كَالِاسْتِعْمَالِ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِرَاقَةِ مَشْرُوطٌ بِالْغَسْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ يَنْدُبُ كُلٌّ مِنْ الْغَسْلِ وَالْإِرَاقَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَيُرَاقُ وَلَوْ كَثُرَ لَكِنْ قَالَ مُحَشِّي تت تَقَدَّمَ تَقْيِيدُ أَوْ وَلَغَ كَلْبٌ بِمَا إذَا كَانَ قَلِيلًا أَمَّا الْكَثِيرُ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِإِرَاقَتِهِ، فَإِنْ قِيلَ التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ ظَاهِرٌ فِي الْوُجُوبِ فَلِمَ كَانَ هُنَا مَحْمُولًا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا حُمِلَ عَلَى ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ إذَا وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فَالْمُوَافِقُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى النَّدْبِ وَإِلَّا نَافَاهُ قَالَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْإِطْلَاقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّامَ فِي الْكَلْبِ لِلْعُمُومِ لَا لِلْعَهْدِ فَيَخْتَصُّ بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَلْبِ الْمَعْرُوفُ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ كَلْبٍ لُغَةً (قَوْلُهُ تَعَبُّدًا) وَمَعْنَى التَّعَبُّدِ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ الْحُكْمُ الَّذِي لَا يَظْهَرُ لَهُ حِكْمَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا مَعَ أَنَّا نَجْزِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حِكْمَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا اسْتَقْرَيْنَا عَادَةَ اللَّهِ فَوَجَدْنَاهُ جَالِبًا لِلْمَصَالِحِ دَارِئًا لِلْمَفَاسِدِ.

(قَوْلُهُ لِطَهَارَةِ الْكَلْبِ) أَيْ إنَّمَا حَكَمْنَا بِالتَّعَبُّدِ لِطَهَارَتِهِ فَلَيْسَ تَعْلِيلًا لِلتَّعَبُّدِ بَلْ لِلْحُكْمِ بِالتَّعَبُّدِ فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ التَّعَبُّدُ لَا يُعَلَّلُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لِقَذَارَتِهِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِطَهَارَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَعَبُّدًا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي سَبَبِ مَطْلُوبِيَّةِ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ فَقِيلَ تَعَبُّدٌ وَقِيلَ لِقَذَارَتِهِ وَقِيلَ لِنَجَاسَتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا تُسْتَحَبُّ الْإِرَاقَةُ) أَيْ بَلْ تَحْرُمُ فِي الطَّعَامِ وَقِيلَ يُرَاقُ الْمَاءُ وَالطَّعَامُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ بِالنَّجَاسَةِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُغْسَلُ سَبْعًا تَعَبُّدًا يَجُوزُ شُرْبُهُ وَلَا يَنْبَغِي الْوُضُوءُ بِهِ إذَا وَجَدَ غَيْرَهُ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ وَعَلَى أَنَّهُ لِلنَّجَاسَةِ لَا يَجُوزُ شُرْبُهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَوَانِي الطَّعَامِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّ بِالْوَاوِ أَيْ فَالْحَدِيثُ إنَّمَا وَرَدَ فِي إنَاءِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُبْتَذَلُ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْغَسْلِ مُطْلَقًا قُلْنَا الْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ أَنَّهُ إذَا وَرَدَ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُقَيَّدُ الْمُطْلَقُ (قَوْلُهُ بِالْجَرِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُشْكِلُ فِي حَوْضٍ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحْتَرَزُهُ إنَّمَا هُوَ مُحْتَرَزُ إنَاءٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْغَسْلُ مُخْتَصٌّ بِالْإِنَاءِ فَلَوْ وَلَغَ فِي حَوْضٍ لَا يُغْسَلُ؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ (قَوْلُهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَّحِدْ الْفَاعِلُ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ عَلَى جِهَةِ التَّعَبُّدِ.

ص: 118