الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعَ الْقُرْبِ أَعَادَ بِوَقْتٍ لِوُجُوبِ السَّتْرِ عَلَيْهِمَا حِينَئِذٍ وَلَمْ يُعِيدَا أَبَدًا لِدُخُولِهِمَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّتَّائِيِّ أَنَّ نُسْخَتَهُ أَعَادَا بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ بِالْإِفْرَادِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ اسْتَتَرَا كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ إنْ قَرُبَ أَنَّهُ إنْ بَعُدَ تَمَادَى وَيُعِيدُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْحَطَّابُ وَرَجَّحَهُ بَعْضٌ وَقِيلَ يَقْطَعُ وَهُمَا قَوْلَانِ حَكَاهُمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ وَأَعَادَتْ إنْ رَاهَقَتْ لِلِاصْفِرَارِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ لَوْ عَلِمَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا يَجْرِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَعَادَتْ لِصَدْرِهَا إلَخْ، وَالْبَاءُ فِي بِوَقْتٍ لِلظَّرْفِيَّةِ وَهَذَا بِخِلَافِ وَاجِدِ الْمَاءِ بَعْدَ دُخُولِهِ وَتَيَمُّمِهِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ الشُّرُوطِ إلَّا بِإِبْطَالِ مَا هُوَ فِيهِ بِخِلَافِهِ هُنَا.
(ص) وَإِنْ كَانَ لِعُرَاةٍ ثَوْبٌ صَلَّوْا أَفْذَاذًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لِعُرَاةٍ ثَوْبٌ يَمْلِكُونَ ذَاتَه أَوْ مَنْفَعَتَهُ أَوْ بَعْضٌ يَمْلِكُ ذَاتَه وَبَعْضٌ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يُوَارِي الْعَوْرَةَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ أَفْذَاذًا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى السَّتْرِ وَلَا يَجُوزُ لِلْقَادِرِ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَالظَّاهِرُ الْقُرْعَةُ كَمَا لَوْ تَنَازَعُوا فِي التَّقَدُّمِ وَانْظُرْ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الْقُرْعَةِ فِي هَذَا أَوْ فِي غَيْرِهِ مِمَّا تُطْلَبُ فِيهِ.
(ص) أَوْ لِأَحَدِهِمْ نُدِبَ لَهُ إعَارَتُهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الثَّوْبَ إذَا كَانَ لِأَحَدِ الْعُرَاةِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ أَنْ يُعِيرَهُ لِغَيْرِهِ تَعَاوُنًا عَلَى الْبِرِّ وَلَا يَجِبُ إذْ لَا يُحَبُّ كَشْفُ عَوْرَتِهِ لِغَيْرِهِ زَادَ فِي الطِّرَازِ فَلَوْ أَعَارَهُ لِجَمَاعَةٍ وَضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى مَنْ لَمْ يُصَلِّ إلَيْهِ عُرْيَانًا وَأَعَادَ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الْمُوَسَّعِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ فَفِي جَبْرِهِ عَلَى إعَارَةِ الْفَضْلِ وَاسْتِحْبَابِهِ قَوْلَا ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ.
وَلَمَّا أَتَمَّ الْكَلَامَ عَلَى الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ عَلَى مَا أَرَادَ، شَرَعَ فِي الرَّابِعِ فَقَالَ.
(فَصْلٌ) فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144] إلَى قَوْلِهِ {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] أَيْ جِهَتَهُ نَزَلَتْ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَقَدْ «صَلَّى عليه الصلاة والسلام بَعْدَ مَقْدِمِهِ الْمَدِينَةَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا» فَكَانَتْ نَاسِخَةً لِذَلِكَ وَحُوِّلَتْ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الظُّهْرِ فَجَمَعَ فِيهَا بَيْنَ الْقِبْلَتَيْنِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُمْ إنَّ أَوَّلَ صَلَاةٍ صُلِّيَتْ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْعَصْرُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَوَّلُ صَلَاةٍ تَامَّةٍ وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ فَحُوِّلَتْ فِي رُكُوعِ الْعَصْرِ وَسُمِّيَتْ الْقِبْلَةُ قِبْلَةً؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ
ــ
[حاشية العدوي]
مِنْ غَيْرِ بُطْلَانِ مَا تَقَدَّمَ لَهَا فَخَالَفَتْ وَاجِدَ الْمَاءِ فِي هَذَا ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّي تت قَوَّى كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَنْ يَكُونُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ دُونَ الْأُولَى وَالْحَطَّابُ اعْتَمَدَ الْحَلَّ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْإِعَادَةُ مَعَ الْبُعْدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ إلَّا إذَا كَانَ السَّاتِرُ قَرِيبًا وَلَمْ تَسْتَتِرْ بِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعِيدًا أَوْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ أَصْلًا فَلَا تُطَالَبُ بِالْإِعَادَةِ أَيْ فِي الْوَقْتِ.
(قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ بَعْضٌ) وَهُوَ عج وَانْظُرْ لَوْ وَجَدَ مُصَلٍّ بِنَجِسٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ لِفَقْدِ طَاهِرٍ ثَوْبًا طَاهِرًا فِي صَلَاةٍ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ بَطَلَتْ كَذَاكِرٍ نَجَاسَةً فِيهَا أَوْ سُقُوطَهَا فِيهَا وَإِلَّا تَمَادَى اهـ. مِنْ عب وَفِيهِ شَيْءٌ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصَلِّي عُرْيَانًا الْمُتَذَكِّرِ الثَّوْبَ.
(قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ الْقُرْعَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَنَازُعٌ.
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ تَنَازَعُوا فِي التَّقَدُّمِ) أَيْ بِدُونِ ضِيقٍ.
(قَوْلُهُ وَانْظُرْ إذَا ضَاقَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّشَاحُحِ لَا نَظَرَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الطِّرَازِ إذْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّسْلِيمُ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي عُرْيَانًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَا بُدَّ مِنْ صَلَاةٍ بِدُونِ سِتْرٍ وَعِنْدَهُ يَتْرُكُونَ وَيُصَلُّونَ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ فَقْدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلُ.
(قَوْلُهُ إذْ لَا يَجِبُ كَشْفُ عَوْرَتِهِ لِغَيْرِهِ) اُنْظُرْ لَوْ انْتَفَتْ عِلَّةُ عَدَمِ الْوُجُوبِ كَمَا إذَا كَانَ مَعَ زَوْجَتِهِ هَلْ تَجِبُ الْإِعَارَةُ حِينَئِذٍ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْعِلَلَ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَلْزَمُ الْمُعَارَ الْقَبُولُ لِقِلَّةِ الْمَانِيَّةِ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ صَلَّى مَنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ) أَيْ بِضَرْبِ الْقُرْعَةِ وَلَمْ تَأْتِ لَهُ هَذَا عَلَى الظَّاهِرِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ لِكَوْنِ الثَّوْبِ تَنَاوَلَهُ غَيْرُهُ بِالِاخْتِيَارِ عَلَى عَدَمِ النَّظَرِ لِلظَّاهِرِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ أَعَارَهُ لِجَمَاعَةٍ إلَخْ) هَذَا عِنْدَ عَدَمِ التَّنَازُعِ وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ.
(قَوْلُهُ وَأَعَادَ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ اعْتَقَدَ الضِّيقَ وَصَلَّى ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الضِّيقِ.
(قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ) بِأَنْ كَانَ حَرَامًا ذَا فَلَقَتَيْنِ أَوْ حَرَامًا طَوِيلًا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ بِبَعْضِهِ وَيُعْطِيَهُ الْبَعْضَ الْآخَرَ يَسْتَتِرُ بِهِ وَهُوَ سَاتِرٌ لِعَوْرَتِهِ.
(قَوْلُهُ فَفِي جَبْرِهِ عَلَى إعَارَةِ الْفَضْلِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ وَاسْتِحْبَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ.
[فَصَلِّ فِي الِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاة]
(فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ) .
عَرَّفَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ الِاسْتِقْبَالَ بِأَنَّهُ إيقَاعُ الشَّخْصِ صَلَاتَهُ إلَى جِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ مَعَ الْأَمْنِ وَالِاخْتِيَارِ وَعَرَّفَ الْقِبْلَةَ بِأَنَّهَا جِهَةٌ مَخْصُوصَةٌ يُوقِعُ مُرِيدُ الصَّلَاةِ إلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا مَعَ الْأَمْنِ وَالِاخْتِيَارِ فَدَخَلَ فِي الْجِهَةِ الْمَخْصُوصَةِ صَوْبَ السَّفَرِ لِرَاكِبِ الدَّابَّةِ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَبِقَوْلِنَا مَعَ الْأَمْنِ خَرَجَتْ صَلَاةُ الِالْتِحَامِ وَقَوْلُنَا وَالِاخْتِيَارِ خَرَجَتْ صَلَاةُ الْعَاجِزِ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْجُلُوسُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِيهِ فَائِدَتَانِ طِبِّيَّةٌ وَشَرْعِيَّةٌ فَالْأُولَى أَنَّ الْجُلُوسَ لِلْقِبْلَةِ يُنَوِّرُ الْبَصَرَ وَمِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَلِقَوْلِهِ خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ بِهِ الْقِبْلَةَ (قَوْلُهُ نَزَلَتْ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ) أَيْ الْأُولَى الصَّوَابُ أَنَّ التَّحْوِيلَ إنَّمَا وَقَعَ فِي رَجَبٍ وَبَدْرٌ بَعْدَهُ فِي رَمَضَانَ هَذَا مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السِّيَرِ وَفِي الْمُوَطَّأِ حُوِّلَتْ الْقِبْلَةُ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ (قَوْلُهُ بِشَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا شَكٌّ أَوْ حِكَايَةُ خِلَافٍ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدَ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ.
(قَوْلُهُ فَكَانَتْ نَاسِخَةً لِذَلِكَ) هَذَا نَسْخُ فِعْلٍ بِقَوْلٍ وَكَانَ قَبْلَ صَلَاتِهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ يُصَلِّي إلَى الْكَعْبَةِ.
(قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ
يُقَابِلُهَا وَتُقَابِلُهُ وَهِيَ أَقْسَامٌ: قِبْلَةُ تَحْقِيقٍ وَهِيَ قِبْلَةُ الْوَحْيِ كَقِبْلَتِهِ عليه الصلاة والسلام وَقِبْلَةُ إجْمَاعٍ وَهِيَ قِبْلَةُ جَامِعِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهَا، وَقِبْلَةُ اسْتِتَارٍ وَهِيَ قِبْلَةُ مَنْ غَابَ عَنْ الْبَيْتِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَوْ عَنْ مَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام، وَقِبْلَةُ اجْتِهَادٍ وَهِيَ قِبْلَةُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَرَمَيْنِ وَقِبْلَةُ بَدَلٍ وَهِيَ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ وَصَوْبَ سَفَرِ قَصْرٍ إلَخْ، وَقِبْلَةُ تَخْيِيرٍ وَهِيَ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَوْ تَحَيَّرَ مُجْتَهِدٌ تَخَيَّرَ، وَقِبْلَةُ عِيَانٍ.
وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْآنَ بِقَوْلِهِ عَاطِفًا لَهُ عَلَى طَهَارَةِ حَدَثٍ بِقَوْلِهِ (ص) وَمَعَ الْأَمْنِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ لِمَنْ بِمَكَّةَ فَإِنْ شَقَّ فَفِي الِاجْتِهَادِ نَظَرٌ (ش) أَيْ وَشَرْطٌ لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ مَعَ الْأَمْنِ مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ وَمَعَ الْقُدْرَةِ مُسَامَتَةُ بِنَاءِ ذَاتِ الْكَعْبَةِ تَيَقُّنًا بِجَمِيعِ بَدَنِهِ لِمَنْ هُوَ بِمَكَّةَ اتِّفَاقًا وَلَا يَكْفِي الِاجْتِهَادُ وَلَا جِهَتُهَا؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْيَقِينِ تَمْنَعُ الِاجْتِهَادَ الْمُعَرَّضَ لِلْخَطَأِ فَلَوْ صُفَّ صَفٌّ مَعَ حَائِطِهَا فَصَلَاةُ الْخَارِجِ عَنْهَا وَلَوْ بِبَعْضِ بَدَنِهِ بَاطِلَةٌ فَيُصَلُّونَ دَائِرَةً أَوْ قَوْسًا وَالْعَاجِزُ عَنْ ذَلِكَ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَعَادِمِ الْمَاءِ فَيُصَلِّي الْآيِسُ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ وَالرَّاجِي آخِرَهُ وَلَكِنْ يُعِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْوَقْتِ كَصَحِيحٍ لَيْسَ بِمَكَّةَ أَخْطَأَ.
وَلَوْ صَلَّى إلَى غَيْرِهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّحَوُّلِ أَوْ التَّحْوِيلِ أَعَادَ أَبَدًا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ أَيْ وَيُصَلِّي الْمُتَرَدِّدُ وَسَطَهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّشْبِيهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمُسَامَتَةِ بِوَجْهِهِ اسْتَدَلَّ بِالْمَطَالِعِ وَالْمَغَارِبِ كَمَنْ بِغَيْرِهَا وَإِنْ أَمْكَنَهُ وَلَكِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهَا لِكَوْنِهِ مَرِيضًا أَوْ شَيْخًا يَحْتَاجُ لِصُعُودِ سَطْحٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ حَرَجٌ فَفِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَهُ بِالْمَطَالِعِ وَنَحْوِهَا كَمَنْ بِغَيْرِهَا لِانْتِفَاءِ الْحَرَجِ مِنْ الدِّينِ وَمَنَعَهُ مِنْهُ نَظَرًا إلَى الْقُدْرَةِ ابْنُ رَاشِدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ نَظَرٌ أَيْ تَرَدُّدٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ تَرَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي ذَلِكَ.
(ص) وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ جِهَتُهَا اجْتِهَادًا (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ وَلَا بِالْمَدِينَةٍ وَلَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الْجِهَةِ لَا السَّمْتِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَصَّارِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا لَوْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابًا وَعَلَى مُقَابِلِهِ أَبَدًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَوَجَّهَ ابْنُ رُشْدٍ فِي قَوَاعِدِهِ الْكُبْرَى الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ فِي قَوْله تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] أَيْ جِهَةَ شَطْرِهِ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» إذَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ الْوَحْيِ) أَيْ الْإِيحَاءِ أَيْ الْقِبْلَةُ الْحَاصِلَةُ بِسَبَبِ إيحَاءِ اللَّهِ جِبْرِيلَ أَيْ فَيَكُونُ الْمَوْلَى قَالَ لِجِبْرِيلَ قُلْ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ضَعْهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَسَيَأْتِي مَا فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ) فَقَدْ وَقَفَ عَلَى جَامِعِ عَمْرٍو ثَمَانُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ.
(قَوْلُهُ مَنْ غَابَ عَنْ الْبَيْتِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ فِي مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ.
(قَوْلُهُ وَقِبْلَةُ عِيَانٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قِبْلَةَ الْعِيَانِ بِالْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرَهَا بِهِ تَشْمَلُ قِبْلَةَ الِاسْتِتَارِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ قِبْلَةُ التَّقْلِيدِ وَهِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَقَلَّدَ غَيْرَهُ. .
(قَوْلُهُ وَمَعَ الْأَمْنِ) يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْعِطْفِ أَيْ وَشُرِطَ مَعَ الْأَمْنِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ شُرِطَ لِصَلَاةٍ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَأَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ أَوْلَى لِمَا قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ مِنْ أَنَّ الْوَاوَ الدَّاخِلَةَ فِي أَوَّلِ الْقَصَائِدِ وَفُصُولِ الْمُصَنَّفِينَ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِئْنَافِ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ وَمَعَ الْأَمْنِ) أَيْ وَالْقُدْرَةِ كَمَا زَادَهُ الشَّارِحُ خَرَجَ بِالْأَمْنِ الْمُسَايَفَةُ حَالَ الِالْتِحَامِ وَكَذَا الْخَائِفُ مِنْ سَبُعٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَالْقُدْرَةِ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ التَّحْوِيلُ وَلَا التَّحَوُّلُ وَالْمَرْبُوطُ وَمَنْ تَحْتَ الْهَدْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ الِاسْتِقْبَالُ.
(قَوْلُهُ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ إلَخْ) وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي سَرَبٍ أَوْ مُطَّمَرٍ تَحْتَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ (قَوْلُهُ لِمَنْ بِمَكَّةَ) أَيْ وَمَنْ كَانَ بِجِوَارِهَا لِمَنْ يُمْكِنُهُ الْمُسَامَتَةُ يَقِينًا (قَوْلُهُ فَفِي الِاجْتِهَادِ نَظَرٌ) أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُسَامَتَةِ يَقِينًا.
(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَسِبَاعِ.
(قَوْلُهُ تَيَقُّنًا) بِالْمُشَاهَدَةِ لِمَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمُرَادُ بِالْمُشَاهَدَةِ الْإِحْسَاسُ فَيَشْمَلُ الْأَعْمَى (قَوْلُهُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ) فَلَوْ خَرَجَ مِنْهُ عُضْوٌ عَنْ الْكَعْبَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ الْمُعَلَّى.
(قَوْلُهُ أَوْ قَوْسًا) نِصْفُ الدَّائِرَةِ (قَوْلُهُ وَالْعَاجِزُ عَنْ ذَلِكَ لِمَرَضٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي مَكَّةَ.
(قَوْلُهُ وَلَكِنْ يُعِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْوَقْتِ) إذَا صَلَّى فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ فَلَوْ صَلَّى الْمُتَرَدِّدُ قَبْلَ الْوَسَطِ فَالظَّاهِرُ كَذَلِكَ نُدِبَ الْإِعَادَةُ وَقَوْلُهُ وَالرَّاجِي آخِرَهُ هَذَا لَا يَأْتِي فِيمَنْ كَانَ أَخَّرَهُ آخِرَ الْوَقْتِ بِحَيْثُ وَافَقَ فَرَاغُهُ مِنْهَا دُخُولَ الْوَقْتِ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى إلَى غَيْرِهَا) أَيْ صَلَّى الْمَرِيضُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوَّلَ مَرِيضٌ عَاجِزٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحَوُّلِ وَلَا التَّحْوِيلِ وَهَذَا مَرِيضٌ يَقْدِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ عَلَى التَّحَوُّلِ) أَيْ تَحَوُّلِهِ بِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَالتَّحْوِيلِ أَيْ كَوْنِ الْغَيْرِ يُحَوِّلُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمُسَامَتَةِ) وَالصُّورَةُ أَنَّهُ فِي مَكَّةَ أَيْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَطْلُعَ عَلَى سَطْحٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ اسْتَدَلَّ بِالْمَطَالِعِ) أَيْ بِالْكَوَاكِبِ الطَّالِعَةِ وَالْغَارِبَةِ عَلَى سَمْتِ الْكَعْبَةِ.
(قَوْلُهُ كَمَنْ بِغَيْرِهَا) أَيْ يَسْتَدِلُّ عَلَى الْجِهَةِ فَلَمْ يَكُنْ التَّشْبِيهُ تَامًّا.
(قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَمْ يَتَعَذَّرْ الِاسْتِقْبَالُ وَالْمُرَادُ الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ وَلَيْسَتْ هِيَ خَوْفُ الْمَرَضِ وَلَا زِيَادَتُهُ.
(قَوْلُهُ فَفِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَهُ) أَيْ عَلَى الْعَيْنِ لَا عَلَى الْجِهَةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُسَامَتَةِ يَقِينًا.
(فَإِنْ قُلْت) سَيَأْتِي أَنَّ وُجُوبَ الْقِيَامِ يَسْقُطُ بِالْمَشَقَّةِ مَعَ أَنَّهُ رُكْنٌ قُلْنَا قَدْ يَفُوقُ الشَّرْطُ الرُّكْنَ فِي الْقُوَّةِ كَمَا هُنَا وَكَالِاسْتِقْبَالِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ وَالْقِيَامُ إنَّمَا يَجِبُ فِي الْفَرِيضَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ تَرَدُّدٌ.
(قَوْلُهُ كَمَنْ بِغَيْرِهَا) التَّشْبِيهُ لَيْسَ بِتَامٍّ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهَا يَجْتَهِدُ عَلَى الْعَيْنِ وَاَلَّذِي بِغَيْرِهَا يَجْتَهِدُ عَلَى الْجِهَةِ لَا عَلَى الْعَيْنِ.
(قَوْلُهُ اجْتِهَادًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ وَيَحْصُلُ ذَلِكَ الِاجْتِهَادُ أَوْ مُحَوَّلٌ عَنْ الْخَبَرِ أَيْ فَالْأَظْهَرُ الِاجْتِهَادُ فِي الْجِهَةِ أَوْ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِالِاجْتِهَادِ
تَوَجَّهَ نَحْوَ الْبَيْتِ اهـ.
وَلَا يُحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا فُسِّرَ الشَّطْرُ بِالْجِهَةِ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِسَمْتِ عَيْنِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنْ يُقَدِّرَ أَنَّهَا بِمَرْأًى لَهُمْ لَوْ كَانَتْ بِحَيْثُ تُرَى وَأَنَّ الرَّائِيَ يَتَوَهَّمُ الْمُقَابَلَةَ وَالْمُحَاذَاةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ وَإِنْ كَثُرُوا فَكُلُّهُمْ يُحَاذِي بِنَاءَ الْكَعْبَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ صَلَاةِ الصَّفِّ الطَّوِيلِ فَإِنَّ الْكَعْبَةَ طُولُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهَا عِشْرُونَ ذِرَاعًا وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ وَقَوْلُنَا وَلَا بِالْمَدِينَةِ احْتِرَازٌ عَمَّنْ فِي الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِمِحْرَابِهِ عليه الصلاة والسلام لِأَنَّهُ قَطْعِيٌّ أَيْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ هَذَا مِحْرَابُهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي إلَيْهِ وَهُوَ مُسَامِتٌ قَطْعًا إمَّا؛ لِأَنَّهُ بِاجْتِهَادِهِ وَهُوَ لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَأٍ أَوْ؛ لِأَنَّهُ بِوَحْيٍ أَوْ بِإِقَامَةِ جِبْرِيلَ (ص) كَأَنْ نُقِضَتْ (ش)
هَذَا اسْتِظْهَارٌ مِنْ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى مَنْ قَالَ الْوَاجِبُ تَيَقُّنُ اسْتِقْبَالٍ أَيْ كَمَا يَجِبُ اسْتِقْبَالُ الْجِهَةِ إذَا نُقِضَتْ اتِّفَاقًا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا وَلِهَذَا قَالَ س فِي شَرْحِهِ ثُمَّ شَبَّهَ بِمُتَّفَقٍ عَلَيْهِ فَقَالَ كَأَنْ نُقِضَتْ الْكَعْبَةُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ فَإِنَّهُ يُصَلَّى إلَى جِهَتِهَا اجْتِهَادًا وَأَمَّا إنْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ أَوْ عَرَفَ الْبُقْعَةَ بِإِمَارَةٍ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُهَا أَيْ عَلَى وَجْهِ الْمُسَامَتَةِ.
(ص) وَبَطَلَتْ إنْ خَالَفَهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ انْحَرَفَ عَنْ الْجِهَةِ الَّتِي أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا وَصَلَّى إلَى غَيْرِهَا مُتَعَمِّدًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ (وَإِنْ صَادَفَ) الْقِبْلَةَ فِي الْجِهَةِ الْمُخَالَفِ إلَيْهَا وَيُعِيدُ أَبَدًا، أَمَّا لَوْ صَلَّى إلَى جِهَةِ اجْتِهَادِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فَإِنْ كَانَ تَحَرِّيهِ مَعَ ظُهُورِ الْعَلَامَاتِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إنْ اسْتَدْبَرَ أَيْ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ وَإِنْ كَانَ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِهَا فَلَا إعَادَةَ قَالَهُ الْبَاجِيُّ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَمْلِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى الْعَمْدِ نَحْوُهُ لِلتَّتَّائِيِّ وَالزَّرْقَانِيِّ وَزَادَ، وَأَمَّا لَوْ خَالَفَهَا نِسْيَانًا وَصَادَفَهَا فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَمَا يَأْتِي فِي النِّسْيَانِ حَيْثُ أَخْطَأَ اهـ. أَيْ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي النَّاسِي مِنْ الْخِلَافِ.
(ص) وَصَوْبُ سَفَرِ قَصْرٍ لِرَاكِبٍ دَابَّةً فَقَطْ وَإِنْ بِمَحْمِلٍ بَدَلٌ فِي نَفْلٍ وَإِنْ وِتْرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ جِهَةَ السَّفَرِ لِلْمُسَافِرِ عِوَضٌ لَهُ عَنْ تَوَجُّهِهِ إلَى الْكَعْبَةِ فِي النَّوَافِلِ وَإِنْ وِتْرًا لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام ذَلِكَ وَأَحْرَى رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ سَفَرَ قَصْرٍ وَأَنْ يَكُونَ لِرَاكِبٍ دَابَّةً
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا) احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا إذَا كَانَ مُسَافِرًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي لِجِهَةِ سَفَرِهِ أَيْ فِي النَّافِلَةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ إلَخْ) فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّفِّ الطَّوِيلِ يُقَدِّرُ أَنَّهُ مُسَامِتٌ وَمُقَابِلٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ مُسَامِتِينَ.
(أَقُولُ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يُقَدِّرُ الْمُسَامَتَةَ بَلْ يَقُولُ يَكْفِي أَنَّ الْقِبْلَةَ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ وَإِنْ فَرَضَ عَلَى تَقْدِيرِ جَمْعِ الْأَرْضِ لَا يَكُونُ مُسَامِتًا وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي اعْتِقَادُ أَنَّ الْقِبْلَةَ هِيَ الْجِهَةُ الَّتِي هِيَ أَمَامَهُ وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ أَنَّهَا مُقَابِلَةٌ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الصَّفِّ الطَّوِيلِ جِدًّا فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُقَابِلُهَا إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْجِسْمَ الصَّغِيرَ إذَا بَعُدَ تَحْصُلُ لَهُ مُسَامَةُ الْجُمْلَةِ الْكَثِيرَةِ وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ أَلْفٍ.
(قَوْلُهُ طُولُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ طُولَهَا سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْمُرَادُ طُولُهَا مِنْ الْأَرْضِ إلَى السَّمَاءِ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِمِحْرَابِهِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ نَقُولُ بَلْ وَكَذَا فِي قِبْلَةِ مِصْرَ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ نَعَمْ الْفَرْقُ يَظْهَرُ فِي الِانْحِرَافِ الْيَسِيرِ وَالصَّلَاةِ نَاسِيًا.
(قَوْلُهُ إمَّا؛ لِأَنَّهُ بِاجْتِهَادِهِ) هَذَا التَّرْدَادُ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم يُخْطِئُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي اجْتِهَادِهِ خَطَأٌ مَا فَضْلًا عَنْ وُقُوعِهِ وَلَا يُقَرُّ عَلَيْهِ شَيْخُنَا سَيِّدٌ (قَوْلُهُ هَذَا اسْتِظْهَارٌ) أَيْ اسْتِعْلَاءٌ مِنْ ابْنِ رُشْدٍ أَيْ ذُو اسْتِعْلَاءٍ أَيْ دَلِيلٍ يُفِيدُ اسْتِعْلَاءً وَقُوَّةً عَلَى مَنْ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ مُسَامَتَةِ الْعَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ س فِي شَرْحِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خَارِجٌ عَنْ قَاعِدَةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ وَيُوجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحُكْمُ مَعْلُومًا وَلَيْسَ الْقَصْدُ الْإِفَادَةَ بِمَضْمُونِهِ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ الْإِلْحَاقَ بِهِ وَهَذَا بَعِيدٌ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَكَّةَ عِنْدَ النَّقْضِ يَجْتَهِدُ فِي الْجِهَةِ وَلِذَلِكَ كَتَبَ شَيْخُنَا عَلَى قَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي إلَى جِهَتِهَا اجْتِهَادًا أَيْ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَأَوْلَى غَيْرُهَا إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُهُ مَا فِي شَرْحِ عب مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِمَكَّةَ يَسْتَقْبِلُ السَّمْتَ بِاجْتِهَادٍ وَإِذَا كَانَ خَارِجًا عَنْهَا يَسْتَقْبِلُ الْجِهَةَ اجْتِهَادًا فِي الْخَارِجِ عَنْ مَكَّةَ الَّذِي قِبْلَتُهُ اجْتِهَادٌ.
(قَوْلُهُ الَّتِي أَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا) أَشَارَ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ لَا فِي قِبْلَةِ الْقَطْعِ وَلَا الْإِجْمَاعِ وَإِلَّا فَيَقْطَعُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَيُعِيدُ أَبَدًا.
(قَوْلُهُ أَيْ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ التَّوَجُّهَ لِلشَّرْقِ وَالْغَرْبِ مِنْ الِانْحِرَافِ الْكَثِيرِ وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاقْتَصَرَتْ عَلَيْهِ وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ الِانْحِرَافِ الْيَسِيرِ إلَّا أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ فَلَعَلَّهُ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِهَا إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الْمُتَحَيِّرُ (قَوْلُهُ حَيْثُ أَخْطَأَ) أَيْ وَهَذَا نَسِيَ وَصَادَفَ وَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ لِلْمُصَادَفَةِ.
(قَوْلُهُ وَصَوْبُ) وَيَعْمَلُ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهَا مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ مَسْكِ عِنَانٍ وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ وَتَحْرِيكِ رِجْلٍ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَلْتَفِتُ.
(قَوْلُهُ دَابَّةً) عُرْفًا رُكُوبًا مُعْتَادًا خَرَجَ بِقَوْلِنَا عُرْفًا الْآدَمِيُّ لَكِنَّ مُقْتَضَى جَعْلِهِمْ السَّفِينَةَ وَالْمَاشِيَ مُحْتَرَزَ الدَّابَّةِ شُمُولُ دَابَّةٍ لِلْجَمَلِ وَالْآدَمِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ كَمَا تُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا سَفِينَةً عَدَمُ تَسْهِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَخَرَجَ الرُّكُوبُ مَقْلُوبًا أَوْ بِجَنْبٍ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ صَوْبَ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بَدَلٌ بِمَعْنَى عِوَضٌ خَبَرٌ عَنْ صَوْبٍ وَقَدَّمَ مُتَعَلِّقَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ لِرَاكِبٍ لِيَجْمَعَ الْقُيُودَ بَعْضَهَا مَعَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ وِتْرًا) وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُصَلِّيَ وِتْرَهُ بِالْأَرْضِ وَلَوْ كَانَتْ نِيَّتُهُ أَنْ يَتَنَقَّلَ عَلَى دَابَّتِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ إلَخْ) وَهَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ مَحَلِّ ابْتِدَاءِ الْقَصْرِ أَوْ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ
فَلَا يُرَخَّصُ فِي ذَلِكَ فِي حَضَرٍ وَلَا فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ سَفَرٍ غَيْرِ مُبَاحٍ وَلَوْ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَا لِمَاشٍ وَلَا لِرَاكِبٍ سَفِينَةً، وَالْمَحْمِلُ كَالدَّابَّةِ وَهُوَ مَا يُرْكَبُ فِيهِ مِنْ شُقْدُفٍ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا اسْتَوْفَى هَذِهِ الشُّرُوطَ فَلَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ تَنَفُّلَهُ إلَى جِهَةِ سَفَرِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبْتَدِئَهُ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ.
(وَإِنْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا) بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مَقْطُورَةً أَوْ وَاقِفَةً خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي إيجَابِهِ الِابْتِدَاءَ مُسْتَقْبِلًا حِينَئِذٍ وَلَوْ انْحَرَفَ بَعْدَ إحْرَامِهِ إلَى غَيْرِ جِهَةِ سَفَرِهِ عَامِدًا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَى الْقِبْلَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَإِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ كَظَنِّهِ أَنَّهَا طَرِيقُهُ أَوْ غَلَبَتْهُ دَابَّتُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ وَصَلَ مَنْزِلَ إقَامَةٍ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ نَزَلَ عَنْهَا وَأَتَمَّ بِالْأَرْضِ رَاكِعًا وَسَاجِدًا إلَّا عَلَى مَنْ يَجُوزُ الْإِيمَاءُ فِي النَّفْلِ لِلصَّحِيحِ فَيُتِمُّ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْزِلَ إقَامَةٍ خَفَّفَ الْقِرَاءَةَ وَأَتَمَّ عَلَيْهَا لِيَسَارَتِهِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِمَنْزِلِ الْإِقَامَةِ مَا يُقِيمُ بِهِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ أَوْ مَحَلُّ سَكَنِهِ وَبِهِ يُشْعِرُ التَّعْلِيلُ (ص) لَا سَفِينَةٌ فَيَدُورُ مَعَهَا إنْ أَمْكَنَ.
(ش) هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الْقَيْدِ الرَّابِعِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ أَيْ إنَّ رَاكِبَ السَّفِينَةِ يُمْنَعُ مِنْ تَنَقُّلِهِ صَوْبَ سَفَرِهِ كَالْفَرْضِ لِتَيَسُّرِ اسْتِقْبَالِهِ بِدَوَرَانِهِ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ إذَا أَدَارَتْ عَنْهَا مَعَ إمْكَانِهِ، وَالْأَصْلِيُّ فِيهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ كَالدَّابَّةِ بِجَامِعِ الْمَشَقَّةِ لَكِنْ لَا يُصَلِّي إيمَاءً وَالْفَرْضُ وَالنَّفَلُ فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَالضَّمِيرُ فِي مَعَهَا لِلْقِبْلَةِ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَلَا إشْكَالَ، أَوْ لِلسَّفِينَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ: يَدُورُ مَعَ دَوَرَانِهَا أَيْ: يُصَاحِبُ دَوَرَانُهُ دَوَرَانَهَا إلَّا أَنَّ السَّفِينَةَ تَدُورُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ لَا يَدُورُ إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ فَالْأَوْلَى عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْقِبْلَةِ أَيْ فَيَدُورُ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ إذَا دَارَتْ عَنْهَا عَلَى نُسْخَةِ إسْقَاطٍ مَعَهَا.
(ص) وَهَلْ إنْ أَوْمَأَ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ يُمْنَعُ النَّفَلُ فِي السَّفِينَةِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ مَعَ تَرْكِهِ الدَّوَرَانَ الْمُمْكِنَ لَهُ إنْ كَانَ يُصَلِّي إيمَاءً لِعُذْرٍ اقْتَضَى صَلَاتَهُ إيمَاءً لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فَيُصَلِّي حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الدَّوَرَانُ أَوْ مُنِعَ النَّفَلُ فِي السَّفِينَةِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ مَعَ تَرْكِ الدَّوَرَانِ الْمُمْكِنِ لَهُ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ فِي فَهْمِ سَبَبِ مَنْعِ النَّفْلِ فِي السَّفِينَةِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ مَعَ إمْكَانِ الدَّوَرَانِ هَلْ كَوْنُهُ يُصَلِّي إيمَاءً أَوْ كَوْنُهُ يُصَلِّي حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَلَا يُرِيدُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْإِيمَاءَ جَائِزٌ فِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ مَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ يُبِيحُهُ كَمَا قَدْ يُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ وَقَرَّرَهُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَلَا قَائِلَ بِهِ.
(ص) وَلَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدٌ غَيْرَهُ وَلَا مِحْرَابًا إلَّا لِمِصْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُجْتَهِدَ وَهُوَ مَنْ يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ لَا يَسُوغُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَظُهُورِ الْأَدِلَّةِ؛ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ مَانِعَةٌ مِنْ تَقْلِيدِهِ إذْ التَّقْلِيدُ فَرْعٌ عَنْ
ــ
[حاشية العدوي]
وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ صَلَاةُ النَّافِلَةِ فِيمَا بَيْنَ خُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ وَابْتِدَائِهِ مَحَلَّ الْقَصْرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ الدَّابَّةُ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَالْمَحْمِلُ كَالدَّابَّةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ وَعَكْسِهِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ هَكَذَا قَالَ تت وَاعْتَرَضَهُ مُحَشِّيهِ فَقَالَ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَكْسَ جَائِزٌ فِي الْمَحْمِلِ الَّذِي يُرْكَبُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْعَكْسُ خَاصٌّ بِعَلَّاقَةِ السَّيْفِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَشَقَّةٍ أَوْ مُوهِيَةٍ أَوْ مُقَتَّبٍ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمِحَفَّةُ أَوْ هِيَ كَالسَّفِينَةِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَحْمِلَ مَا يَحْمِلُ وَلَوْ كَانَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ دَابَّةٍ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاخِ قَرَّرَ أَنَّهَا تَكُونُ كَالسَّفِينَةِ إذَا قَدَرَ عَلَى الصَّلَاةِ فِيهَا بِجَمِيعِ فُرُوضِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ.
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَصَوْبُ إلَخْ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ يُومِئُ وَلَا يَسْجُدُ عَلَى الدَّابَّةِ وَيُومِئُ أَيْ لِنَاحِيَةِ الْأَرْضِ وَإِذَا قُلْنَا يُومِئُ لِنَاحِيَةِ الْأَرْضِ فِي السُّجُودِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ طَاهِرَةً لَا نَجَاسَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْبُقْعَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَعْضَاءُ تَمَاسُّهَا وَمَا قُلْنَا مِنْ كَوْنِ الْإِيمَاءِ لِلْأَرْضِ هُوَ الصَّوَابُ وَلَوْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ قَائِمًا وَرَاكِعًا وَسَاجِدًا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَقَالَ سَحْنُونَ لَا يُجْزِئُهُ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ وَقَوْلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ هُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا) أَيْ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ فَلَا يُنَافِيَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ ابْتِدَاءً.
(قَوْلُهُ رَاكِعًا وَسَاجِدًا) أَيْ وَمُسْتَقْبِلًا.
(قَوْلُهُ لِلصَّحِيحِ) أَيْ الْحَاضِرِ.
(قَوْلُهُ لِيَسَارَتِهِ) أَصْلُ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى السَّيْرِ وَهُوَ التَّعْلِيلُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَبِهِ يُشْعِرُ التَّعْلِيلُ.
(أَقُولُ) التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ لَا يُشْعِرُ بِمَا قَالَ بَلْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِقَامَةِ إقَامَةٌ تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي نَوَى إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَيُعْطَى حُكْمَ الْمُقِيمِينَ وَلَا يَتَّصِفُ حِينَئِذٍ بِكَوْنِهِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ حِينَئِذٍ بِكَوْنِهِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ أَنْ يَنْزِلَ مَثَلًا زَمَنًا قَلِيلًا وَيَشْرَعَ فِي السَّيْرِ.
(قَوْلُهُ أَيْ فَيَدُورُ) هَكَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَالْمُنَاسِبُ أَوْ فَيَدُورُ.
(قَوْلُهُ هَلْ كَوْنُهُ يُصَلِّي إيمَاءً) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الرُّخْصَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : قَدْ عَلِمْت حَالَ النَّفْلِ وَأَمَّا الْفَرْضُ فَيُصَلِّيهِ بِالسَّفِينَةِ وَيَدُورُ إنْ أَمْكَنَ مُطْلَقًا أَيْ أَوْمَأَ لِعُذْرٍ أَوْ لَمْ يُومِئْ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صَلَّاهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَتْ بِالضِّيقِ وَلَعَلَّهُ لِلنَّدَبِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْإِيمَاءَ جَائِزٌ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يُرِيدُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَخْ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إنْ أَوْمَأَ لِغَيْرِ مَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ أَيْ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَهَلْ مَحَلُّ الْمَنْعِ إنْ أَوْمَأَ لِعُذْرٍ؟ هَذَا حَاصِلُهُ وَالصَّوَابُ مَعَ ذَلِكَ الْقَائِلِ قَالَهُ مُحَشِّي تت فَإِنَّهُ أَفَادَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّحِيحِ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَنَّ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ عِلَّةُ الْمَنْعِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ الْإِيمَاءُ فَإِذَا كَانَ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فَتَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَالثَّانِي يَقُولُ عِلَّةُ الْمَنْعِ كَوْنُهُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَلَوْ كَانَ يُصَلِّي لِلْقِبْلَةِ إيمَاءً فَيَجُوزُ وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ التَّبَّانِ.
(قَوْلُهُ إذْ التَّقْلِيدُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَانِعَةٌ إلَخْ أَيْ وَلَا يَعْدِلُ لِلْفَرْعِ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا كَانَ التَّقْلِيدُ فَرْعًا عَنْ الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ مُجْتَهِدٌ
الِاجْتِهَادِ وَيَسْتَأْنِفُ الِاجْتِهَادَ لِكُلِّ صَلَاةٍ إنْ كَانَ الْوَقْتَانِ يَخْتَلِفُ فِيهِمَا الْأَدِلَّةُ بِأَنْ كَانَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِمَحَلٍّ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ ظَهَرَتْ لَهُ الْأَدِلَّةُ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا قَلَّدَ مُجْتَهِدًا غَيْرَهُ وَإِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ سَأَلَ غَيْرَهُ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فَإِنْ بَانَ لَهُ صَوَابُ اجْتِهَادِهِ اتَّبَعَهُ وَإِلَّا انْتَظَرَ ظُهُورَ الْأَدِلَّةِ مَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُقَلِّدُهُ وَلَا يُقَلِّدُ أَيْضًا مِحْرَابًا يُرِيدُ إنْ كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي هُوَ فِيهِ خَرَابًا أَمَّا لَوْ كَانَ الْبَلَدُ عَامِرًا يَتَكَرَّرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَيَعْلَمُ أَنَّ إمَامَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ نَصَبَ مِحْرَابَهُ أَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى نَصْبِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُقَلِّدَهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا لِمِصْرٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ حِينَئِذٍ.
(ص) وَإِنْ أَعْمَى وَسَأَلَ عَنْ الْأَدِلَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ أَعْمَى وَلَكِنْ يَسْأَلُ الْمُكَلَّفَ الْعَارِفَ الْعَدْلَ الرِّوَايَةِ عَنْ الْأَدِلَّةِ كَسُؤَالِهِ عَنْ الْقُطْبِ فِي أَيِّ جِهَةٍ أَوْ عَنْ الْكَوْكَبِ الْفُلَانِيِّ.
(ص) وَقَلَّدَ غَيْرُهُ مُكَلَّفًا عَارِفًا أَوْ مِحْرَابًا (ش) يَعْنِي أَنَّ غَيْرَ الْمُتَأَهِّلِ لِلِاجْتِهَادِ وَهُوَ الْعَاجِزُ عَنْهُ بِالْفِعْلِ وَالْقُوَّةِ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى يُقَلِّدُ مِحْرَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَحَارِيبِ مِصْرٍ أَوْ مُكَلَّفًا بَالِغًا عَاقِلًا عَارِفًا بِطَرِيقِ الْقِبْلَةِ لَا جَاهِلًا، زَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ مُسْلِمًا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَدْلًا اهـ. أَيْ عَدْلَ رِوَايَةٍ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بَدَلَ مُكَلَّفًا بِعَدْلِ رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ تَسْتَلْزِمُ التَّكْلِيفَ وَتَسْتَلْزِمُ الْإِسْلَامَ أَيْضًا وَلَا تَسْتَلْزِمُ الْحُرِّيَّةَ وَأَوْفَى أَوْ مِحْرَابًا مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ فَلَوْ اجْتَمَعَا مَا ضَرَّ وَقَوْلُهُ مُكَلَّفًا مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ قَلَّدَ وَحَذَفَ مِثْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَسَأَلَ عَنْ الْأَدِلَّةِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ عَلَى مَا عَلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَمْ يَرْتَضِ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِالتَّعْمِيمِ.
(ص) فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَوْ تَحَيَّرَ مُجْتَهِدٌ تَخَيَّرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَاجِزَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْأَلُهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَلَا مِحْرَابًا فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ لَهُ جِهَةً مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَيُصَلِّي إلَيْهَا مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَزَاهُ سَنَدٌ لِلْكَافَّةِ وَمِثْلُهُ إذَا تَحَيَّرَ الْمُجْتَهِدُ بِأَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ لِسِجْنٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ حِجَابٍ مَنَعَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
فَالْمُجْتَهِدُ أَصْلٌ وَالْمُقَلِّدُ فَرْعٌ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِمَحَلٍّ) أَيْ مُتَبَاعِدٍ لَا إنْ كَانَ قَرِيبًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الْأَدِلَّةِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ سَأَلَ غَيْرَهُ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ) أَيْ عَنْ كَيْفِيَّةِ الِاجْتِهَادِ.
(فَإِنْ قُلْت) إذَا خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ بِأَنْ كَانَ غَيْمٌ مَثَلًا فَمُتَحَيِّرٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا تَحَيَّرَ يَتَخَيَّرُ وَلَا يُقَلِّدُ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ مَا سَيَأْتِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَجِدْ مُجْتَهِدًا وَهُنَا وَجَدَ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ خَرَابًا) أَيْ مَعَ جَهْلِ نَاصِبِ مِحْرَابِهِ وَأَوْلَى إذَا عُلِمَ خَطَؤُهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّاصِبُ لَهُ إمَامُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى نَصْبِهِ وَتَكَرَّرَتْ فِيهِ الصَّلَاةُ فَهُوَ كَالْعَامِرَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَامِرَةَ وَالْخَارِبَةَ الْحُكْمُ فِيهِمَا مُسْتَوٍ كَمَا عَلِمْت مَا لَمْ يُقْطَعْ بِخَطَأِ كُلٍّ فَلَا يُقَلِّدُ وَلَا فَرْقَ فِي الْبَلَدِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِصْرًا أَوْ لَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْبَلَدُ عَامِرًا إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا لِمِصْرٍ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصُ الْمِصْرِ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ النَّصُّ وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ وَنَصُّ ذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ وَهُوَ يَجُوزُ تَقْلِيدُ مَحَارِيبِ الْبِلَادِ الَّتِي تَكَرَّرَتْ صَلَوَاتُهَا وَنَصَبَتْهَا الْأَئِمَّةُ اهـ. فَهُوَ كَمَا تَرَى مُطْلَقٌ صَادِقٌ بِكَوْنِ الْبَلَدِ عَامِرَةً أَوْ خَارِبَةً مِصْرًا وَغَيْرَهَا (قَوْلُهُ يَتَكَرَّرُ فِيهِ الصَّلَاةُ) وَأَمَّا إذَا لَمْ تَتَكَرَّرْ فِيهَا الصَّلَاةُ فَلَا تُقَلَّدُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ التَّكْرِيرِ يُؤْذِنُ بِاخْتِلَالٍ فِيهَا.
(قَوْلُهُ إمَامَ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ الِاعْتِنَاءُ بِالدِّينِ.
(قَوْلُهُ أَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْبَلَدِ) أَيْ الَّذِينَ يُظَنُّ بِهِمْ الْمَعْرِفَةُ وَأَنَّهُمْ لَا يَضَعُونَ قِبْلَةً إلَّا عَنْ مَعْرِفَةٍ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا لِمِصْرٍ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الْمِصْرِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَاجِزُ عَنْهُ بِالْفِعْلِ وَالْقُوَّةِ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقُوَّةِ لَكَفَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَاجِزًا بِالْقُوَّةِ أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا بِالْفِعْلِ وَلَا الْعَكْسُ كَالْأَعْمَى الَّذِي خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ فَإِنَّهُ عَاجِزٌ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ جَاهِلًا بِالْقُوَّةِ فَلَا يُقَلِّدُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ الْبَصِيرُ الْجَاهِلُ بِالْأَدِلَّةِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ لَاهْتَدَى لَزِمَهُ السُّؤَالُ وَلَا يُقَلِّدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَيْثُ يَهْتَدِي لَزِمَهُ التَّقْلِيدُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَحَارِيبِ مِصْرٍ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ التَّخْيِيرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْمُجْتَهِدُ عَلَى مِحْرَابِ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَمِحْرَابُ الْمِصْرِ عَلَى الْمُجْتَهِدِ اهـ.
(قَوْلُهُ زَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ مُسْلِمًا) بِجَعْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَوْصُوفَهُ مُسْلِمًا.
(قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَدْلًا) اعْتَرَضَهُ اللَّقَانِيِّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا عَدْلُ الرِّوَايَةِ.
(قَوْلُهُ بِالتَّعْمِيمِ) أَيْ فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَسَأَلَ عَنْ الْأَدِلَّةِ قَالَ وَلَا يَحْتَاجُ هُنَا أَنْ يَسْأَلَ مُكَلَّفًا.
(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْعَاجِزَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْأَلُهُ) هُوَ الْأَعْمَى الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَعْمَى وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ هُوَ الْبَصِيرُ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مُقَلِّدَهُ وَلَا مِحْرَابًا أَيْ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَلِذَا قَالَ بَهْرَامُ: يُرِيدُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْأَعْمَى الْعَاجِزُ وَالْبَصِيرُ الْجَاهِلُ مَنْ يُقَلِّدُهُ أَوْ الْتَبَسَتْ الْأَمَارَةُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ فَتَحَيَّرَ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ جِهَةً وَيُصَلِّي إلَيْهَا فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَوْ الْبَصِيرُ الْجَاهِلُ الَّذِي لَمْ يَجِدْ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ لَهُ جِهَةً إلَخْ) وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهُ لِآخِرِ الْوَقْتِ رَجَاءَ زَوَالِ الْمَانِعِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُصَلِّي لِأَيِّ جِهَةٍ شَاءَ مِنْ غَيْرِ رُكُونِ نَفْسِهِ لِجِهَةٍ وَفِي الذَّخِيرَةِ يَتَحَرَّى جِهَةً تَرْكَنُ إلَيْهَا نَفْسُهُ وَيُصَلِّي إلَيْهَا وَاحِدَةً.
(قَوْلُهُ وَعَزَاهُ سَنَدٌ لِلْكَافَّةِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ خَفِيَتْ) عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ حَمَلَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَنْ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ مَعَ ظُهُورِهَا وَقَالَ قَبْلَهُ: وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ الْمُجْتَهِدِ تَخْفَى عَنْهُ الْأَدِلَّةُ، وَنَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّهُ يُقَلِّدُ أَيَّ مِحْرَابٍ كَانَ بَلْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ مَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ يُقَلِّدُ غَيْرَهُ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ هُنَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ يَتَخَيَّرُ وَلَا يُقَلِّدُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَوْلَ بِالتَّقْلِيدِ مُقَابِلًا
مِنْ النَّظَرِ أَوْ لِجَهْلِهِ بِأَعْيَانِهَا أَوْ نِسْيَانِهِ لِأَعْيَانِهَا وَقِيلَ يُقَلِّدُ كَالْعَاجِزِ الْجَاهِلِ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ وَقِيلَ يُصَلِّي أَرْبَعًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا) لِكُلِّ جِهَةٍ صَلَاةً احْتِيَاطًا (لَحَسَنٌ) عِنْدَ ابْنِ الْحَكَمِ (وَاخْتِيرَ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهَذَا إذَا شَكَّ فِي الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَأَمَّا إنْ شَكَّ فِي جِهَتَيْنِ صَلَّى صَلَاتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً صَلَّى ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ.
(ص) فَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأٌ بِصَلَاةٍ قَطَعَ غَيْرُ أَعْمَى وَمُنْحَرِفٍ يَسِيرًا فَيَسْتَقْبِلَانِهَا وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَطْلُوبِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ ابْتِدَاءً شَرَعَ فِيهِ دَوَامًا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُقَلِّدَ أَوْ الْمُجْتَهِدَ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا فِي اسْتِقْبَالِهِ فِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ أَعْمَى وَلَوْ كَثُرَ انْحِرَافُهُ أَوْ بَصِيرًا مُنْحَرِفًا يَسِيرًا فَإِنَّهُمَا يَسْتَقْبِلَانِ الْقِبْلَةَ وَيَبْنِيَانِ عَلَى صَلَاتِهِمَا، أَمَّا الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَبْتَدِئُ بِإِقَامَةٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا إنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَعْمَى أَوْ مُنْحَرِفٍ يَسِيرًا بِأَنْ كَانَ بَصِيرًا مُنْحَرِفًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يُعِيدُ اسْتِحْبَابًا مَا دَامَ الْوَقْتُ.
وَأَمَّا الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ يَسِيرًا فَلَا يُعِيدَانِ الصَّلَاةَ الْمُتَبَيِّنَ لَهُمَا بَعْدَهَا خَطَؤُهُمَا فَقَوْلُهُ: وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، أَيْ: وَإِنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ مَنْ يُؤْمَرُ بِالْقَطْعِ حَيْثُ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ فِيهَا وَهُوَ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَطْعُ فِيهَا وَلَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الْخَطَأِ فِيهَا كَظُهُورِهِ فِي الدَّلِيلِ قَبْلَ بَتِّ الْحُكْمِ وَبَعْدَهَا كَظُهُورِهِ فِيهِ بَعْدَ بَتِّ الْحُكْمِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ جِهَةٌ لَتَمَادَى؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ بِاجْتِهَادٍ لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ.
وَلَوْ رَجَعَ لِلْأَعْمَى بَصَرُهُ فِي الصَّلَاةِ فَشَكَّ تَحَرَّى وَبَنَى كَالشَّاكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ قَالَهُ سَنَدٌ وَقَوْلُنَا فِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ احْتِرَازًا عَمَّنْ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَجَامِعِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِمِصْرَ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ يَقْطَعُ سَوَاءٌ كَانَ الِانْحِرَافُ فِيهَا يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا أَعْمَى أَوْ غَيْرَهُ.
(ص) وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ مَطْلُوبِيَّةَ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ نَسِيَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ هَلْ يُعِيدُ الصَّلَاةَ أَبَدًا ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الرِّوَايَةُ فِيهِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ: لِأَنَّ الشُّرُوطَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا عِلْمُ الْمُكَلَّفِ أَوْ فِي الْوَقْتِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَهُوَ مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّهُ يَسْأَلُ غَيْرَهُ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فَإِنْ بَانَ لَهُ صَوَابُ اجْتِهَادِهِ إلَخْ وَحَمْلُ مَا هُنَا مَا إذَا لَمْ يَجِدْ مُجْتَهِدًا آخَرَ يُعَانِدُهُ مُقَابَلَتُهُ لِلْقَوْلِ بِالتَّخْيِيرِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ يُقَلِّدُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ لِجَهْلِهِ بِأَعْيَانِهَا إلَخْ) أَيْ وَيَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ الِاسْتِدْلَالِ حَتَّى يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَعْلَمُ عَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَيَجْهَلُ كَيْفِيَّةَ الِاسْتِدْلَالِ فَهُوَ مُقَلِّدٌ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا إلَخْ) أَيْ الْمُتَخَيِّرُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الشَّامِلِ لِلْمُقَلِّدِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَالْمُجْتَهِدُ الْمُتَحَيِّرُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ قَالَهُ عج فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَقِيلَ يُصَلِّي أَرْبَعًا إلَخْ يُوهِمُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُتَحَيِّرِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ رَاجِعٌ لَهُ وَلِلْمُقَلِّدِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مِحْرَابًا وَالْأَعْمَى الَّذِي لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْأَلُهُ.
(قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُقَلِّدَ إلَخْ) وَسَكَتَ عَنْ الْمُجْتَهِدِ الْمُتَحَيِّرِ وَالْمُقَلِّدِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَلَا مِحْرَابًا وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا إعَادَةَ، وَأَمَّا فِي الْأَثْنَاءِ فَهَلْ كَالْأَعْمَى فَلَا يَقْطَعُ وَلَوْ انْحَرَفَ كَثِيرًا أَوْ كَالْبَصِيرِ كَذَا نَظَرَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَجَعَلَ عب كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِهَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَيْضًا فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ الْخَطَأُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَفِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ يَقْطَعُ غَيْرُ الْأَعْمَى وَالْمُنْحَرِفِ يَسِيرًا، وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا يُعِيدُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا فِي الْوَقْتِ إلَّا فِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ، وَأَمَّا الَّذِي فِي قِبْلَةِ التَّخْيِيرِ بِقِسْمَيْهَا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا كَذَا قَالَ عج تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَاعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا كَذَلِكَ أَيْ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يَسْتَقْبِلَانِ الْقِبْلَةَ) فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ اسْتِقْبَالٌ مِنْهُمَا فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ فِي الْأَعْمَى مُطْلَقًا وَفِي الْبَصِيرِ الْمُنْحَرِفِ يَسِيرًا كَذَا فِي عب، وَالْمُنَاسِبُ فِي الِانْحِرَافِ الْيَسِيرِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الِانْحِرَافَ الْكَثِيرَ يُبْطِلُ مَعَ الْأَعْمَى بَعْدَ الْعِلْمِ وَحُكْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى الِانْحِرَافِ الْيَسِيرِ الْحُرْمَةُ فَلَا نَظَرَ.
(قَوْلُهُ مَا دَامَ الْوَقْتُ) فَالْعِشَاءَانِ لِلْفَجْرِ وَالصُّبْحُ لِلطُّلُوعِ وَالظُّهْرَانِ لِلِاصْفِرَارِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ كَظُهُورِ الْخَطَأِ فِي الدَّلِيلِ) هَذَا يَظْهَرُ فِي الْمُجْتَهِدِ الْقَاضِي يَحْكُمُ بِشَيْءٍ بِمُقْتَضَى مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَقَدْ انْقَضَى الْأَمْرُ وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ الْخَطَأُ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا يَحْكُمُ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمُقَلِّدِ الَّذِي أُعْطِيَ مَلَكَةَ التَّرْجِيحِ.
(تَنْبِيهٌ) : نَذْكُرُ لَك نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ لِتَعْلَمَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ فَقَدْ انْحَرَفَ كَثِيرًا وَنَصُّهَا " مَنْ اسْتَدْبَرَ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ وَيَظُنُّ أَنَّهَا الْقِبْلَةُ وَعَلِمَ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ وَابْتَدَأَ الصَّلَاةَ بِإِقَامَةٍ، وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ عَلِمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ قَطَعَ وَإِنْ عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ انْحَرَفَ يَسِيرًا فَلْيَنْحَرِفْ لِلْقِبْلَةِ وَيَبْنِي " اهـ.
(قَوْلُهُ وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا) أَيْ النَّاسِي الَّذِي تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ أَنَّهُ أَخْطَأَ خَطَأً لَوْ تَبَيَّنَ فِيهَا لَأَبْطَلَهَا وَهُوَ الِانْحِرَافُ الْكَثِيرُ (قَوْلُهُ نَسِيَ مَطْلُوبِيَّةَ الِاسْتِقْبَالَ) أَيْ سَهَا بِأَنْ زَالَ مِنْ مُدْرِكَتِهِ وَكَانَ بَاقِيًا فِي حَافِظَتِهِ لَا أَنَّهُ زَالَ مِنْ الْحَافِظَةِ وَإِلَّا كَانَ جَاهِلًا حُكْمَ الِاسْتِقْبَالِ فَتَبْطُلُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ نَسِيَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْحُكْمِ وَسَهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ غَفَلَ فَاعْتَقَدَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَصَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ خِلَافًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهَا أَنَّهُ صَلَّى لِلْقَلْبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا عِلْمُ الْمُكَلَّفِ) أَيْ أَنَّ الشَّأْنَ فِيهَا ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَالصَّلَاةُ بِدُونِهِ فَاسِدَةٌ مَعَ النِّسْيَانِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِي شُرُوطٍ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ كَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ
ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى اجْتِهَادٍ مِنْ غَيْرِ تَعَيُّنِ خِلَافٍ فِي التَّشْهِيرِ وَمَحَلُّهُ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا النَّفَلُ فَلَا إعَادَةَ وَفِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّخْيِيرِ وَمِثْلُ النَّاسِي الْجَاهِلُ لِلْقِبْلَةِ أَيْ جِهَتِهَا، وَأَمَّا الْجَاهِلُ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ فَيُعِيدُ أَبَدًا قَوْلًا وَاحِدًا.
(ص) وَجَازَتْ سُنَّةٌ فِيهَا وَفِي الْحِجْرِ لِأَيِّ جِهَةٍ لَا فَرْضٌ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ وَبِالْإِطْلَاقِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ مَنْعُ النَّفْلِ الْمُؤَكَّدِ فِيهَا ابْتِدَاءً وَإِذَا وَقَعَ صَحَّ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَالسُّنَنِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ النَّفْلِ غَيْرِ الْمُؤَكَّدِ فَلَا بَأْسَ بِهِ فِيهَا بَلْ يُنْدَبُ لِصَلَاتِهِ عليه الصلاة والسلام فِيهَا بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ وَكَالنَّفَلِ غَيْرِ الْمُؤَكَّدِ فِي الْجَوَازِ فِيهَا رُكُوعُ الطَّوَافِ غَيْرُ الْوَاجِبِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَجَازَ جَمِيعَ ذَلِكَ أَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَيَجُوزُ لِمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ أَنْ يُصَلِّيَ لِأَيِّ جِهَةٍ وَلَوْ لِجِهَةِ بَابِهَا مَفْتُوحًا.
وَأَمَّا حُكْمُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فِي الْكَعْبَةِ فَلَا يَجُوزُ إيقَاعُهَا فِيهَا وَلَا فِي الْحِجْرِ وَتُعَادُ فِي الْوَقْتِ سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا عَلَى الْإِقَامَةِ هُنَاكَ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَجَازَتْ سُنَّةٌ فِيهَا إمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَقِيقَةِ السُّنَّةِ وَأَحْرَى غَيْرُهَا وَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى مَا لِأَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَسَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ فَإِنْ قُلْت لَوْ عَبَّرَ بِهَا لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ لَا فَرْضٌ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ عَطَفَ عَلَى فَاعِلِ صَحَّتْ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي قَوْلِهِ لَا فَرْضٌ وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ الْمُنَافَاةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِصَحَّتْ الصِّحَّةُ التَّامَّةُ الَّتِي لَا إعَادَةَ مَعَهَا، وَنَفْيُ الصِّحَّةِ الْمَذْكُورَةِ صَادِقٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَبِالصِّحَّةِ الَّتِي مَعَهَا الْإِعَادَةُ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْمُرَادُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ.
وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَجَازَتْ عَلَى مَعْنَى نَفَذَتْ وَقَوْلُهُ لِأَيِّ جِهَةٍ رَاجِعٌ لِلْكَعْبَةِ دُونَ الْحِجْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَهُ أَيْضًا لَأَوْهَمَ جَوَازَ الصَّلَاةِ فِيهِ وَلَوْ اسْتَدْبَرَ الْكَعْبَةَ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنَّمَا شَهَّرَ هَذَا الْقَوْلَ وَلَمْ يُشَهِّرْ الْأَوَّلَ فَجَعْلُهُ مُشَهِّرًا لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي غَيْرُ مُنَاسِبٍ.
(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَعَيُّنٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ تَعَيُّنٍ بِالتَّاءِ وَالْعَيْنِ وَالصَّوَابُ يَقِينٍ بِيَاءٍ وَقَافٍ أَيْ أَنَّهُ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْجِهَةَ جِهَةُ الْقِبْلَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ يَقِينًا بَلْ غَلَبَةُ ظَنٍّ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ) وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَأَمَّا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ فِيهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَيُعِيدُ أَبَدًا كَمَا فِي شب وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَطَعَ غَيْرُ أَعْمَى إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَفِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّخْيِيرِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَشَرْحِ شب وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَالتَّقْلِيدُ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ قَطَعَ غَيْرُ أَعْمَى عَلَى قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ أَيْ وَأَمَّا قِبْلَةُ التَّخْيِيرِ فَلَا إعَادَةَ بَعْدَهَا، وَأَمَّا شب فَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي حَلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَطَعَ غَيْرُ أَعْمَى أَنَّهُ قَالَ وَأَمَّا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ بَعْدَهَا فِي قِبْلَةِ التَّخْيِيرِ فَإِنَّهُ لَا إعَادَةَ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مُجَوِّزًا لِذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُ النَّاسِي الْجَاهِلُ) لَا يَخْفَى أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ النَّاسِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ وَبَقِيَ قِسْمَانِ مِنْهُ الْأَوَّلُ نَاسِي عَيْنِ الْأَدِلَّةِ وَيَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ الِاسْتِدْلَالِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَعْرِفَتِهَا بِسُؤَالٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَرَكَهُ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مُتَعَمِّدًا وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَمُجْتَهِدٌ تَحَيَّرَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بَعْدَهَا الثَّانِي عَالِمٌ بِالْأَدِلَّةِ إلَّا أَنَّهُ نَاسٍ لِكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ فَهُوَ مُقَلِّدٌ وَتَقَدَّمَ التَّفْصِيلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَظْهَرَ فِي الصَّلَاةِ فَيَقْطَعَ أَوْ بَعْدَهَا فَيُعِيدَ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ أَيْ جِهَتَهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُقَالُ إذَا كَانَ مَعَ وُجُودِ مَنْ يُقَلِّدُهُ أَوْ مِحْرَابًا فَقَدْ تَرَكَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مُتَعَمِّدًا فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ جَزْمًا نَظِيرُ الْمُجْتَهِدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ وُجُودِ مَنْ يُقَلِّدُهُ فَهُوَ مُتَحَيِّرٌ يَتَخَيَّرُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ بَعْدَهَا أَوْ إعَادَةَ فِي الْوَقْتِ لَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا مُقَلِّدًا فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ حَيْثُ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ بَعْدَهَا، وَأَمَّا الْجَاهِلُ بِالْحُكْمِ فَقَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَوَّلِ وَتُجْعَلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهَا حُكْمُ الْجَاهِلِ وَالْعَامِدِ.
وَبَقِيَ مِنْ أَقْسَامِ الْجَاهِلِ قِسْمَانِ: الْأَوَّلُ جَاهِلُ عَيْنِ الْأَدِلَّةِ وَيَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ الِاسْتِدْلَالِ، الثَّانِي: عَكْسُهُ. وَالْحُكْمُ فِيهِمَا كَمَا فِي النَّاسِي وَقَدْ تَقَدَّمَ وَإِنْ شَاءَ اللَّهُ نُبَيِّنُ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ فِي حَاشِيَةِ عب.
(قَوْلُهُ اعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ مَنْعُ النَّفْلِ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمَنْعِ الْحُرْمَةُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي ك وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ قَوْلَيْنِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ الْكَرَاهَةُ فَإِذَا كَانَ الْمَذْهَبُ الْكَرَاهَةَ فِي الْفَرْضِ فَالنَّفَلُ الْمُؤَكَّدُ مِنْ بَابِ أَوْلَى فِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ الْكَرَاهَةَ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ بَلْ يُنْدَبُ لِصَلَاتِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ صَلَاتَهُ صلى الله عليه وسلم النَّافِلَةَ غَيْرَ الْمُؤَكَّدَةِ إذْنٌ فِي مُطْلَقِ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَلَّى فِيهَا عَلِمَ أَنَّ اسْتِقْبَالَ حَائِطٍ مِنْهَا يَكْفِي لَا جُمْلَتِهَا وَإِذَا كَفَى اسْتِقْبَالُ حَائِطٍ فِي صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَلْيَكُنْ الْبَاقِي كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَأَجَازَ جَمِيعَ ذَلِكَ أَشْهَبُ) قُلْت وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَرْضِ فَلَا يَجُوزُ إيقَاعُهَا إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ الْحُرْمَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِيهَا الْقَوْلَيْنِ وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا أَيْ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ فَرْضُ عَيْنٍ وَأَمَّا الْكِفَائِيُّ كَالْجِنَازَةِ فَعَلَى الْفَرْضِيَّةِ يُعَادُ وَعَلَى السُّنِّيَّةِ لَا يُعَادُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةَ) أَيْ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ.
(قَوْلُهُ وَالنُّزُولَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَسَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ) أَيْ قَبْلَ الْجَوَابِ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةَ وَأَمَّا بَعْدَ الْجَوَابِ فَلَا اعْتِرَاضَ أَيْ بِأَنَّهُ مَاشٍ عَلَى الضَّعِيفِ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ يَدْفَعُ الْإِيرَادَ.
(قَوْلُهُ الَّتِي لَا إعَادَةَ مَعَهَا) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ التَّامَّةَ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَامِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ مَعَهَا فَلَا يُنَافِي فِي أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ (قَوْلُهُ وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَجَازَتْ عَلَى مَعْنَى نَفَذَتْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ إذَا شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ أَيْ اسْتَقْبَلَ الشَّرْقَ أَوْ الْغَرْبَ لَا يَكُونُ مُسْتَدْبِرًا لِلْكَعْبَةِ بَلْ إمَّا عَلَى جِهَةِ يَمِينِهِ
عَنْهُ قَالَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ مَنْصُوصًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ وَاَلَّذِي أَدِينُ اللَّهَ بِهِ وَأَعْتَقِدُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةَ وَيَسْتَقْبِلَ الشَّامَ أَوْ يَجْعَلَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ أَوْ يَسْتَقْبِلَ الشَّرْقَ أَوْ الْغَرْبَ وَيُحْرِمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَيُنْهَى عَنْهُ مَنْ فَعَلَهُ، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ.
(ص) وَبَطَلَ فَرْضٌ عَلَى ظَهْرِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ صَلَّى فَرْضًا عَلَى ظَهْرِهَا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَيُعِيدُهُ أَبَدًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ قِطْعَةٌ مِنْ سَطْحِهَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ جُمْلَةُ الْبِنَاءِ لَا بَعْضُهُ وَلَا الْهَوَاءُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي اعْتِبَارِ الْهَوَاءِ وَاكْتِفَائِهِ بِقِطْعَةٍ مِنْ سَطْحِهَا وَمِنْ لَازِمِ الْبُطْلَانِ عَلَى ظَهْرِهَا الْمَنْعُ، وَيُفْهَمُ مِنْ تَخْصِيصِ الْفَرْضِ بِالْبُطْلَانِ صِحَّةُ مَا عَدَاهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وِفَاقًا لِلْجَلَّابِ قَائِلًا لَا بَأْسَ بِتَنَفُّلِهِ عَلَيْهَا اهـ. لَكِنْ نَصَّ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ فِي تَارِيخِهِ شِفَاءِ الْغَرَامِ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ السُّنَنِ وَالنَّافِلَةِ الْمُتَوَكِّدَةِ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ عَلَى سَطْحِ الْكَعْبَةِ قَائِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ. فَانْظُرْ هَلْ هُوَ مُقَابِلٌ لِإِطْلَاقِ الْجَلَّابِ أَوْ مُخَصِّصٌ لَهُ؟
وَأَمَّا الصَّلَاةُ تَحْتَ الْكَعْبَةِ كَمَا لَوْ حَفَرَ حُفْرَةً تَحْتَهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ نَفْلًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ سَنَدٍ (ص) كَالرَّاكِبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَوْقِعَ لِلْفَرْضِ عَلَى الدَّابَّةِ يُعِيدُ أَبَدًا حَيْثُ كَانَ صَحِيحًا آمِنًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) إلَّا لِالْتِحَامٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ كَسَبُعٍ وَإِنْ لِغَيْرِهَا (ش) أَيْ إلَّا لِأَجْلِ الِالْتِحَامِ فِي قِتَالِ عَدُوٍّ كَافِرٍ وَغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ قِتَالٍ جَائِزٍ الذَّبُّ بِهِ عَنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ حَرِيمٍ أَوْ هَزِيمَةٍ جَائِزَةٍ أَوْ لِأَجْلِ خَوْفٍ مِنْ افْتِرَاسِ سَبُعٍ أَوْ لُصُوصٍ إنْ نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ فَيُصَلِّيَانِ عَلَيْهَا إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ إنْ قَدَرَ أَوْ إنْ تَعَذَّرَ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا صَلَّيَا لِغَيْرِهَا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إلَّا لِالْتِحَامٍ مِنْ صَلَاةِ الْقِسْمَةِ فَإِنَّ الِاسْتِقْبَالَ فِيهَا شَرْطٌ.
(ص) وَإِنْ أَمِنَ أَعَادَ الْخَائِفُ بِوَقْتٍ
ــ
[حاشية العدوي]
أَوْ يَسَارِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَ ح وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا إلَخْ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِقَوْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ لَا وَجْهَ لِعَدَمِ ظُهُورِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ وَجَوَازِهِ لِنَصِّ الْمَالِكِيَّةِ كَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الصَّلَاةِ فِيهِ كَالْبَيْتِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى الْجَوَازِ فِي الْبَيْتِ وَلَوْ لِبَابِهِ مَفْتُوحًا وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ شَيْئًا فَكَذَا يُقَالُ فِي الْحِجْرِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّشْبِيهُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَدِينُ اللَّهَ) أَيْ أَتَدَيَّنُ بِهِ أَيْ أَتَعَبَّدُ بِهِ اللَّهَ وَقَوْلُهُ وَأَعْتَقِدُهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ قَالَ الْحَطَّابُ رَدًّا عَلَى بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ فِي زَمَنِهِ صَلَّى مُسْتَقْبِلَ الْحِجْرِ مُسْتَدْبِرَ الْبَيْتِ كَمَا أَفَادَهُ الْبِسَاطِيُّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ لِأَيِّ جِهَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْحِجْرِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَقْبِلُ الشَّرْقَ أَوْ الْغَرْبَ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ فِي حَالَة اسْتِقْبَالِهِ الشَّرْقَ أَوْ الْغَرْبَ لَا يَكُونُ مُسْتَدْبِرًا لِلْكَعْبَةِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ شِمَالِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْعَطْفِ مَعَ أَنَّ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مُسْتَقْبِلَ الشَّرْقِ أَوْ الْغَرْبِ فَلَعَلَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَهِيَ لِعَطْفِ التَّفْسِيرِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ فِي نَقْلَيْهِمَا أَنَّ قِطْعَةً مِنْ سَطْحِهَا كَجَوْفِهَا ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ رَدَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
(قَوْلُهُ فِي اعْتِبَارِ الْهَوَاءِ إلَخْ) هَذَا يُشْعِرُ بِالْمُنَافَاةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ الْهَوَاءِ مُطْلَقٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قِطْعَةٌ مِنْ سَطْحِهَا وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَكْفِي قِطْعَةٌ مِنْ سَطْحِهَا لَا يُلْتَفَتُ لِلْهَوَاءِ وَكَأَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ مُلَفَّقَةٌ مِنْ قَوْلَيْنِ فَإِنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ نَقَلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقُولُ بِاكْتِفَائِهِ بِقِطْعَةٍ مِنْ سَطْحِهَا وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْهَوَاءِ لَا يَكْفِيهِ وَبَعْضُهُمْ يَنْقُلُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ بِاكْتِفَائِهِ بِالْهَوَاءِ أَيْ فَلَا يَلْتَفِتُ لِقِطْعَةٍ مِنْ سَطْحِهَا (قَوْلُهُ صِحَّةُ مَا عَدَاهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ الْهَوَاءِ أَوْ اكْتِفَائِهِ بِقِطْعَةٍ مِنْ سَطْحِهَا.
(قَوْلُهُ وِفَاقًا لِلْجَلَّابِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ لَا بَأْسَ إلَخْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا كَانَ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ بِصِحَّةِ مَا عَدَا الْفَرْضَ مُؤَكَّدًا وَغَيْرَهُ؛ لِأَنَّ لِلْفَرْضِ قُوَّةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ نَصَّ إلَخْ) لَكِنْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ مُقَابِلَ ذَلِكَ ضَعِيفٌ لَا الْتِفَاتَ لَهُ بِوَجْهٍ فَأَفَادَ أَنَّهُ قَوْلٌ قَوِيٌّ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(قَوْلُهُ هَلْ هُوَ مُقَابِلٌ لِإِطْلَاقِ الْجَلَّابِ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت فِي شَرْحِ عب وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَنْعُ مَا عَدَا الْفَرْضَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ وَالْفَرْضُ عَلَى ظَهْرِهَا مَمْنُوعٌ ابْنُ حَبِيبٍ وَالنَّفَلُ الْجَلَّابُ لَا بَأْسَ بِفِعْلِهِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ مُخَصِّصٌ لَهُ) بِأَنْ نَقُولَ مَا أَفَادَهُ إطْلَاقُ الْجَلَّابِ مِنْ الصِّحَّةِ فِيمَا عَدَا الْفَرْضَ يَخْرُجُ مِنْهُ السُّنَنُ وَالنَّوَافِلُ الْمُؤَكَّدَةُ فَيَبْقَى النَّوَافِلُ الْغَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ فَهِيَ الَّتِي تَصِحُّ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الصَّلَاةُ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَعَلَى الْكَعْبَةِ وَإِلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ طَفِقَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ تَحْتَ الْكَعْبَةِ وَأَفَادَ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَلَا تَصِحُّ بِحَالٍ فَيَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ الْكَعْبَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْجِدَ يُعْطَى أَعْلَاهُ حُكْمَهُ فِي التَّشْرِيفِ وَالتَّعْظِيمِ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ تَحْتٍ فَلَا يُعْطَى حُكْمَهُ بِحَالٍ (قَوْلُهُ كَالرَّاكِبِ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْفَرْضَ عَلَى الدَّابَّةِ بَاطِلٌ إذَا كَانَ يُؤَدِّي إلَى الصَّلَاةِ بِالْإِيمَاءِ أَوْ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ جَالِسًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُؤَدِّي الصَّلَاةَ عَلَى الدَّابَّةِ كَامِلَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَهِيَ صَحِيحَةٌ عَلَى مَا أَفَادَهُ سَنَدٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ يُعِيدُ أَبَدًا أَيْ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ صَحِيحًا) أَيْ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَإِلَّا لِمَرَضٍ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ وَقَوْلُهُ آمِنًا لِقَوْلِهِ إلَّا لِالْتِحَامٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا لِالْتِحَامٍ أَيْ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ.
(قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ قِتَالٍ) بَيَانٌ لِلْغَيْرِ.
(قَوْلُهُ جَائِزٍ الذَّبُّ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ لَا بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ يُقَالُ ذَبَّ عَنْ حَرِيمِهِ ذَبًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ حَمَى وَدَفَعَ.
(قَوْلُهُ أَوْ هَزِيمَةٍ جَائِزَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كُلِّ قِتَالٍ أَوْ مِنْ هَزِيمَةٍ جَائِزَةٍ كَمَا إذَا كَانَتْ لِتَحَرُّفٍ لِقِتَالٍ أَوْ تَحَيُّزٍ إلَى فِئَةٍ أَيْ فَيُصَلِّي عَلَى الدَّابَّةِ إيمَاءً فِي حَالِ تَحَرُّفِهِ وَتَحَيُّزِهِ.
(قَوْلُهُ فَيُصَلِّيَانِ عَلَيْهَا إيمَاءً) أَيْ إلَى الْأَرْضِ أَيْ إيمَاءً إلَى الْأَرْضِ لَا إلَى قربوسها.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ الِاسْتِقْبَالَ فِيهَا شَرْطٌ) كَذَا فِي تت وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُمْ الْقَسْمُ بِدُونِ الِاسْتِقْبَالِ أَنَّهُمْ لَا يَقْسِمُونَ.
ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَائِفَ مِنْ السَّبُعِ أَوْ اللِّصِّ إذَا حَصَلَ لَهُ الْأَمْنُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ مَا دَامَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَنَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ وَقْتُهُ لِلْغُرُوبِ لَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْوَقْتِ فِي مَسَائِلِ التَّيَمُّمِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ.
وَأَمَّا الْخَائِفُ مِنْ الْعَدُوِّ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَبَعْدَهَا لَا إعَادَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] وَمَا وَقَعَ فِيهِ النَّصُّ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ كَظَاهِرِهَا وَلَوْ اسْتَوَيَا فِي تَيَقُّنِ الْخَوْفِ أَوْ ظَنِّهِ؛ لِأَنَّ الْعَدُوَّ مُرَادُهُ النَّفْسُ وَمُرَادُ اللِّصِّ الْمَالُ غَالِبًا فِيهِمَا وَحُرْمَةُ النَّفْسِ أَعْلَى مِنْ حُرْمَةِ الْمَالِ فَأَمْرُ الْعَدُوِّ أَشَدُّ.
(ص) وَإِلَّا لِخَضْخَاضٍ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِرَ أَوْ الْمُسَافِرَ إذَا أَخَذَهُ الْوَقْتُ فِي طِينٍ خِضْخَاضٍ وَلَا يَجِدُ أَيْنَ يُصَلِّي وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَلْيَنْزِلْ عَنْ دَابَّتِهِ وَيُصَلِّي فِيهِ قَائِمًا يُومِئُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ صَلَّى عَلَى دَابَّتِهِ إيمَاءً إلَى الْقِبْلَةِ، وَعَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّزُولِ بِكَوْنِهِ يَخَافُ الْغَرَقَ وَأَمَّا خَشْيَةُ تَلَوُّثِ الثِّيَابِ فَلَا تُوجِبُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ وَإِنَّمَا هِيَ مُبِيحَةٌ لِلصَّلَاةِ إيمَاءً فِي الْأَرْضِ، وَفِي كَلَامِ الْحَطَّابِ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ فِي شَرْحِهِ نَظَرٌ حَيْثُ جَعَلَا أَنَّ خَشْيَةَ تَلَوُّثِ الثِّيَابِ مُبِيحَةٌ لِلصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ وَانْظُرْ النَّصَّ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ وَفَرْضُ الرِّسَالَةِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُسَافِرِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِهِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ فِي التَّقْرِيرِ.
(ص) أَوْ لِمَرَضٍ وَيُؤَدِّيهَا عَلَيْهَا كَالْأَرْضِ فَلَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي يُطِيقُ النُّزُولَ عَنْ الدَّابَّةِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الدَّابَّةِ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ بَعْدَ أَنْ تُوقَفَ لَهُ إذَا كَانَتْ حَالَتُهُ مُسْتَوِيَةً بِأَنْ كَانَ إذَا نَزَلَ لِلْأَرْضِ يُومِئُ كَمَا إذَا صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ وَيُومِئُ لِلْأَرْضِ بِالسُّجُودِ لَا إلَى كُورِ الرَّاحِلَةِ، وَمَفْهُومُ التَّسْوِيَةِ مَنْعُهَا عَلَى الدَّابَّةِ إنْ كَانَتْ بِالْأَرْضِ أَتَمَّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا عَلَيْهَا وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَوْنُهُ يُؤَدِّيهَا عَلَيْهَا كَالْأَرْضِ بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا ذَلِكَ عَادَةً وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا قَبْلَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ مَا دَامَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ عَدَمُ مَا خَافَهُ أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَحَلُّ الْإِعَادَةِ إذَا تَبَيَّنَ عَدَمُ مَا خَافَهُ فَإِنْ تَبَيَّنَ مَا خَافَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ إلَخْ) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ لَيْسَ بِمُرَادٍ؛ لِأَنَّهُ يُعِيدُ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ.
(قَوْلُهُ وَقْتُهُ لِلْغُرُوبِ) أَيْ يَنْتَهِي لِلْغُرُوبِ فَالْغُرُوبُ خَارِجٌ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَفْعَلُ فِي الِاصْفِرَارِ خِلَافَ الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَفْعَلُ عَلَيْهِ فِي الِاصْفِرَارِ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ} [البقرة: 239] إلَخْ) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فَإِنْ خِفْتُمْ مِنْ الْعَدُوِّ أَوْ غَيْرِهِ فَرِجَالًا أَيْ صَلُّوا رَاجِلِينَ جَمْعُ رَاجِلٍ وَقَوْلُهُ أَوْ رُكْبَانًا وُحْدَانًا بِإِيمَاءٍ {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} [البقرة: 239] زَالَ خَوْفُكُمْ {فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [البقرة: 239] صَلُّوا صَلَاةً إلَّا مِنْ حَاصِلِ الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ النَّصُّ الصَّرِيحُ بِالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ إعَادَةً دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا إعَادَةَ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ النَّصُّ وَهُوَ الْخَائِفُ مِنْ سَبُعٍ أَوْ لِصٍّ فَلَمْ يُرِدْ نَصٌّ صَرِيحٌ بِصَلَاتِهِمَا عَلَى الدَّابَّةِ إيمَاءً إلَى أَنَّ الْإِمَامَ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ بِالصَّلَاةِ فِيهِمَا إيمَاءً فَاحْتِيطَ بِالْإِعَادَةِ عَلَى تَقْدِيرِ الْأَمْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الثَّابِتُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَدَمَ طَلَبِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَوَيَا) أَيْ الْخَوْفُ فِي الْعَدُوِّ وَالْخَوْفُ فِيمَا عَدَاهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَدُوَّ مُرَادُهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي الْخَوْفِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَوْ اسْتَوَيَا.
(قَوْلُهُ وَمُرَادُ اللِّصِّ إلَخْ) زَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالسِّبَاعُ رُبَّمَا تَفَرَّقَتْ وَذَهَبَتْ عَنْهُ وَرُبَّمَا قَدَرَ عَلَى الِانْحِرَافِ عَنْ مَوْضِعِهَا وَلَا تَتْبَعُهُ وَالْعَدُوُّ لَيْسَ كَذَلِكَ غَالِبًا فَكَانَ حُكْمُهُ أَشَدَّ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا لِخَضْخَاضٍ) هُوَ الطِّينُ الْمُخْتَلِطُ بِمَا لَا يَغْمُرُهُ مِنْ الْمَاءِ وَمِثْلُ الْخِضْخَاضِ الْمَاءُ وَحْدَهُ فِي النُّزُولِ وَعَدَمِهِ ك.
(قَوْلُهُ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ) هَذَا فِيمَا كَانَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ لَجَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْآيِسِ وَالْمُتَرَدِّدِ وَالرَّاجِي الْمُتَقَدِّمِ فِي التَّيَمُّمِ وَكَذَلِكَ الْخَائِفُ مِنْ سِبَاعٍ أَوْ لُصُوصٍ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ.
(قَوْلُهُ يُومِئُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ) أَيْ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَإِلَّا رَكَعَ وَلِذَلِكَ قَالَ بَهْرَامُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ يَرْكَعُ مِنْ قِيَامٍ وَيُومِئُ لِلسُّجُودِ انْتَهَى (قَوْلُهُ اُنْظُرْ النَّصَّ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ) أَيْ النَّصَّ الْمُصَرِّحَ بِكَوْنِ الْخَوْفِ مِنْ الْغَرَقِ وَنَصُّهُ وَعَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّزُولِ لِكَوْنِهِ يَخَافُ الْغَرَقَ كَمَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ قَوْلَ الرِّسَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ أَيْ الْخِضْخَاضِ صَلَّى عَلَى دَابَّتِهِ إيمَاءً إلَى الْقِبْلَةِ وَقَدْ فَسَّرَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ بِمَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ انْتَهَى.
(ثُمَّ أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي قَالَهُ الْحَطَّابُ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ نَاجِي وَادَّعَى فِيهِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَالْمُسَافِرُ يَأْخُذُهُ الْوَقْتُ إلَخْ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَخْشَى عَلَى ثِيَابِهِ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ يَسْجُدُ وَإِنْ تَلَطَّخَتْ ثِيَابُهُ انْتَهَى فَكَيْفَ يَعْدِلُ عَمَّا قَالَهُ الْحَطَّابُ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَيُبَيِّنُ لَك أَنَّ الصَّوَابَ مَعَهُ أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ لَمَّا اسْتَوَى الْإِيمَاءُ بِالْأَرْضِ مَعَ الْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ جَوَّزَ الْإِيمَاءَ عَلَى الدَّابَّةِ فَأَيُّ فَرْقٍ وَعَلَى ذَلِكَ هَلْ تُقَيَّدُ الثِّيَابُ بِفَسَادِهَا بِالْغَسْلِ أَوْ لَا الثَّانِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ نَصًّا وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ تَخْرِيجًا وَهُوَ يُفِيدُ ضَعْفَهُ انْتَهَى عج.
(قَوْلُهُ وَيُؤَدِّيهَا عَلَيْهَا كَالْأَرْضِ) التَّشْبِيهُ مَقْلُوبٌ وَالْأَصْلُ وَيُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ كَعَلَيْهَا أَيْ وَهُوَ يُؤَدِّيهَا.
(قَوْلُهُ فَلَهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ رَاجِعٌ لِصُورَتَيْ الْخِضْخَاضِ وَالْمَرِيضِ ك (قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ حَالَتُهُ مُسْتَوِيَةً) لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى الدَّابَّةِ قَائِمًا أَوْ جَالِسًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إيمَاءً عَلَى الدَّابَّةِ حَيْثُ كَانَ إذَا نَزَلَ عَلَى الْأَرْضِ لَا يُصَلِّي إلَّا إيمَاءً اُنْظُرْ عب وَنُحَقِّقُ ذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ عب إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى