المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط المعقود عليه] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٥

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌ شَرْطِ الْجَوَازِ وَدَوَامِ الْمِلْكِ مَعَ صِحَّتِهِ

- ‌[شُرُوطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ]

- ‌[الْجَمْعُ بَيْن بَيْع وَصَرْف فِي عَقْدٍ]

- ‌ مَا يَطْرَأُ عَلَى الصَّرْفِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ

- ‌ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ وَبِغَيْرِهِ

- ‌مَا تَخْلُو بِهِ الذِّمَمُ

- ‌[فَصَلِّ فِي الربا]

- ‌مَا يَكُونُ بِهِ الْجِنْسُ جِنْسَيْنِ وَمَا لَا يَكُونُ

- ‌[الْبُيُوع الْمُنْهِي عَنْهَا]

- ‌بَيْعِ الْغَرَرُ

- ‌بَيْعِ الْحَصَاةِ

- ‌بَيْعِ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ، أَوْ ظُهُورِهَا

- ‌[يَبِيعَ سِلْعَةً أَوْ يُؤَاجِرُهَا بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ]

- ‌ يُؤَاجِرَ فَحْلَهُ لِيَضْرِبَ الْأُنْثَى حَتَّى تَحْمِلَ

- ‌[بَيْعِ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ حَامِلٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ]

- ‌[بَيْعِ الْكَالِئِ بِالنَّقْدِ]

- ‌بَيْعِ الْعُرْبَانِ

- ‌بَيْعٍ وَشَرْطٍ

- ‌بَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ

- ‌ تَلَقِّي السِّلَعِ الْوَارِدَةِ لِبَلَدٍ مَعَ صَاحِبِهَا قَبْلَ وُصُولِ سُوقِهَا، أَوْ الْبَلَدِ

- ‌ خَاتِمَةٌ لِبَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[الْبِيَاعَات الَّتِي لَا نَصَّ فِيهَا مِنْ الشَّارِع]

- ‌ بَيْعُ السِّلْعَةِ بِذَهَبٍ وَشِرَاؤُهَا بِغَيْرِ صِنْفِهِ مِنْ نَحْوِ فِضَّةٍ، أَوْ عَكْسِهِ

- ‌ بَاعَ مِثْلِيًّا مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ طَعَامًا، أَوْ غَيْرَ طَعَامٍ، ثُمَّ اشْتَرَى مِثْلَهُ صِفَةً

- ‌بَيْعِ أَهْلِ الْعِينَةِ

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الْخِيَارِ]

- ‌ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ بِخِيَارٍ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ مَانِعُ حَجْرٍ

- ‌[جُنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ طُولٍ يَضُرُّ بِالْآخَرِ الصَّبْرُ إلَيْهِ]

- ‌[الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالْأَرْشُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْجَانِي عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ]

- ‌ الْبَائِعَ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ

- ‌ بَيْعِ الِاخْتِيَارِ

- ‌خِيَارِ الْعَيْبِ

- ‌ يَفْعَلَ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا يَظُنُّ بِهِ الْمُشْتَرِي كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ

- ‌[مَوَانِعْ خِيَارَ النَّقِيصَةِ]

- ‌ تَنَازُعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْعَيْبِ أَوْ فِي سَبَبِ الرَّدِّ بِهِ

- ‌ الْبَائِعَ إذَا بَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي بَعْضَ الْعَيْبِ الْكَائِنِ فِي الْمَبِيعِ وَكَتَمَ بَعْضَهُ الْآخَرَ عَنْهُ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ

- ‌ اشْتَرَى أَمَةً وَوَلَدَهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِأَحَدِهِمَا

- ‌ تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي وُجُودِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ وَعَدَمِهِ

- ‌[الْبَائِعَ إذَا غَلِطَ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ]

- ‌ أُجْرَةَ كَيْلِ الْمَبِيعِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ وَزْنِهِ

- ‌ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ

- ‌ مُرَابَحَةُ الْبَيْعِ

- ‌[حُكْمِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَفَوْتِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِبَابِ التَّدَاخُلِ]

- ‌ بَيْعُ الْعَرَايَا

- ‌[بُطْلَانُ الْعَرِيَّة]

- ‌ زَكَاةُ الْعَرِيَّةِ

- ‌[فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِهِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌ الْخِيَارَ فِي السَّلَمِ

- ‌ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ

- ‌ اخْتِلَافَ الْخَيْلِ بِالسَّبْقِ

- ‌ سَلَمِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ فِي الْآخَرِ

- ‌ سَلَمَ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا

- ‌[السَّلَمِ فِي الرَّقِيقِ وَالْقَدِّ وَالْبَكَارَةِ وَاللَّوْنِ]

- ‌ السَّلَمُ فِي الصُّوفِ

- ‌ السَّلَمُ فِي الْجُزَافِ

- ‌ اقْتِضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ

- ‌[قَضَاء السَّلَمَ بِغَيْرِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ]

- ‌ إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ طَالِبًا، وَأَبَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ

- ‌[فَصْلٌ الْقَرْضُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌ الْمُقَاصَّةَ تَجُوزُ فِي دَيْنَيْ الْعَرَضِ

- ‌(بَابٌ ذِكْرُ الرَّهْنِ وَحْدَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ)

- ‌[رَهْنُ الْمَشَاعَ]

- ‌ رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ

- ‌ الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيهَا الرَّهْنُ

- ‌ الرَّاهِنَ إذَا أَخَذَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ غَصْبًا

- ‌ الْمُرْتَهِنَ إذَا وَكَّلَ مُكَاتَبَ الرَّاهِنِ فِي حَوْزِ الرَّهْنِ

- ‌[تَنَازَعَ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الرَّهْنِ]

- ‌ مَا يَكُونُ رَهْنًا بِالتَّبَعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ عَلَيْهِ

- ‌ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ فِي الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا فِي مَنْفَعَتِهِ

- ‌مَا تَكُونُ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُرْتَهِنِ

- ‌ رَهَنَ عَبْدَهُ، ثُمَّ دَبَّرَهُ

- ‌ ضَمَانِ الرَّهْنِ

- ‌ أَحْوَالُ الرَّهْنِ

- ‌[بَابٌ التفليس]

- ‌ التَّفْلِيسِ الْخَاصِّ

- ‌ أَحْكَامِ الْحَجْرِ

- ‌ كَيْفِيَّةَ بَيْعِ مَالِ الْمُفَلَّسِ

- ‌ أَسْبَابِ الْحَجْرِ

- ‌[عَلَامَات الْبُلُوغ]

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ

- ‌ الْحَجْرَ عَلَى الْأُنْثَى

- ‌[مَنْ هُوَ الْوَلِيّ]

- ‌[مَنْ يَتَوَلَّى الْحَجْر وَيْحُكُمْ فِيهِ]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الرَّقِيقُ]

- ‌[الْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيض]

- ‌ حَجْرُ الزَّوْجِيَّةِ

الفصل: ‌[شروط المعقود عليه]

فِي رُكْنَيْ الْبَيْعِ الْأَوَّلَيْنِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ الثَّالِثِ وَذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَشُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ طَهَارَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا طَهَارَتُهُمَا فَاللَّامُ بِمَعْنَى فِي فَإِنْ قِيلَ إجَازَةُ بَيْعِ الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ يُنَافِي اشْتِرَاطَ الطَّهَارَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الطَّهَارَةُ الْأَصْلِيَّةُ وَمَا عَرَضَ عَلَيْهَا مِمَّا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ لَكِنَّهُ يَجِبُ تَبْيِينُهُ عِنْدَ الْبَيْعِ كَانَ الْغَسْلُ يُفْسِدُهُ أَوْ لَا كَانَ يُنْقِصُهُ أَوْ لَا كَانَ الْمُشْتَرِي يُصَلِّي أَمْ لَا كَانَ لَبِيسًا أَمْ لَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ح فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ كَالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ (ص) لَا كَزِبْلٍ وَزَيْتٍ تَنَجَّسَ (ش) فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ انْتَفَتْ الطَّهَارَةُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ كَزِبْلٍ وَزَيْتٍ تَنَجَّسَ وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْكَافُّ بِمَعْنَى مِثْلَ وَهِيَ نَائِبُ فَاعِلِ فِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ لَا يُبَاعُ مِثْلُ زِبْلٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ وَلَوْ مَكْرُوهًا خَرَّجَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى مَنْعِ مَالِكٍ بَيْعَ الْعَذِرَةِ وَمَا وَقَعَ لِمَالِكٍ مِنْ كَرَاهَةِ بَيْعِهَا عَبَّرَ عَنْهُ عِيَاضٌ بِلَا يَجُوزُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَا نَجَاسَتُهُ ذَاتِيَّةٌ كَالْعَذِرَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالْكَافُ مُقَدَّرَةٌ فِي قَوْلِهِ وَزَيْتٌ تَنَجَّسَ لِإِدْخَالِ كُلِّ مَا نَجَاسَتُهُ كَالذَّاتِيَّةِ وَهُوَ مَا لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَعَسَلٍ وَسَمْنٍ وَتَقَدَّمَ جَوَازُ بَيْعِ مَا نَجَاسَتُهُ عَارِضَةٌ وَيُمْكِنُ زَوَالُهَا

(ص) وَانْتِفَاعُ لَا كَمُحَرَّمٍ أَشْرَفُ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَوْ قُلْت كَالْمَاءِ وَالتُّرَابِ فَلَا يُبَاعُ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ إذَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِهِ حِينَئِذٍ حَالًا وَمَآلًا وَلَا الْعَصَافِيرُ الَّتِي لَا يَجْتَمِعُ مِنْ مِائَةٍ مِنْهَا أُوقِيَّةُ لَحْمٍ وَقَوْلُ تت يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُنْتَفَعًا بِهِ وَالْعَصَافِيرُ الَّتِي إذَا اجْتَمَعَ مِنْهَا مِائَةٌ لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهَا أُوقِيَّةُ لَحْمٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُحَرَّمُ مِنْ الْمُبَاحِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِهِ حَاصِلَةٌ فِي الْحَالِ لِإِمْكَانِ ذَكَاتِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَشْرَفَ مِمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُشْرِفٍ فَإِنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ وَلَوْ مُحَرَّمًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَمَّا مَنْ فِي السِّيَاقِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ بَيْعَهُ وَلَوْ مَأْكُولًا فَفَرَّقَ بَيْنَ الْمُشْرِفِ وَمَنْ فِي السِّيَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِفَ أَعَمُّ وَاَلَّذِي فِي السِّيَاقِ أَخَصُّ وَالْأَعَمُّ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَصْدُقَ بِأَخَصِّ مُعَيَّنٍ فَاَلَّذِي فِي السِّيَاقِ أَشَدُّ غَرَرًا مِنْ الْمُشْرِفِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الْمَوْتِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ إلَّا إزْهَاقُ رُوحِهِ وَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي اعْتِرَاضُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ

(ص) وَعَدَمُ

ــ

[حاشية العدوي]

دِينِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ هُوَ عِيَاضٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَبْعَدَ التَّأْوِيلَ الْآخَرَ، وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ هُنَا تَرْجِيحٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَح وَمَنْ تَبِعَهُمَا

[شُرُوطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ]

(قَوْلُهُ فِي رُكْنَيْ) أَيْ أَحَدِ رُكْنَيْ وَهُوَ الْعَاقِدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَرْكَانَ ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَالْعَاقِدُ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَانَ لَبِيسًا) عَلَى وَزْنِ كَرِيمٍ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ أَيْ مَلْبُوسًا كَثِيرًا خِلَافًا لِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقِرَاءَتُهُ بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ مَكْسُورَةً خَطَأٌ (قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْحَطَّابُ) قَالَهُ اسْتِظْهَارًا وَلَفْظُهُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ مَا نَقَلَهُ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ التَّبْيِينِ، وَلَوْ كَانَ لَا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا خَشْيَةَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ خُصُوصًا إذَا كَانَ بَائِعُهُ مِمَّنْ يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ اهـ.

وَفِي تت الصَّغِيرِ مَا نَصُّهُ، وَأَمَّا مَا نَجَاسَتُهُ عَارِضَةٌ وَيُمْكِنُ زَوَالُهَا كَالثَّوْبِ يَقَعُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ فَجَائِزٌ بَيْعُهُ، وَيَجِبُ بَيَانُهُ إنْ كَانَ الْغَسْلُ يُفْسِدُهُ أَوْ كَانَ مُشْتَرِيهِ مُصَلِّيًا وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ تَضْعِيفُهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَعْطُوفٌ إلَخْ) هَذَا التَّفْرِيعُ لَا صِحَّةَ لَهُ، وَقَوْلُهُ أَيْ فَإِنْ انْتَفَتْ إلَخْ يَرْجِعُ مَعْنًى لِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَظْهَرُ الْعَطْفُ.

(تَنْبِيهٌ) :

يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَافِ أَيْضًا مُصْحَفٌ كُتِبَ بِدَوَاةٍ مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِلَا مُقَدَّرٍ وَالْعَطْفُ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ طَاهِرًا إلَى غَيْرِهِ كَزِبْلٍ إلَخْ.

(تَنْبِيهٌ) : اشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ فَتَخْرُجُ حَالَةُ الِاضْطِرَارِ فَلَا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ كَالْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَالْخَمْرِ لِلْمَغْصُوصِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِيمَا يَشْمَلُ الصِّحَّةَ وَمَا يَشْمَلُ الْجَوَازَ فَإِنَّ قَوْلَهُ وَقُدْرَةٌ عَلَيْهِ شَرْطُ صِحَّةٍ بِلَا رَيْبٍ، وَالْمِثَالُ بِالْآبِقِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ خَرَّجَهُ) أَيْ خَرَّجَ مَنْعَ زِبْلِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ، وَقَوْلُهُ عَبَّرَ عَنْهُ عِيَاضٌ بِلَا يَجُوزُ أَيْ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْحُرْمَةُ

(قَوْلُهُ وَانْتِفَاعٌ) أَيْ شَرْعِيٌّ فَتَخْرُجُ آلَاتُ اللَّهْوِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ قَلَّتْ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَتْ حَالًا أَوْ مُتَرَقَّبَةً كَالْمَهْرِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ فِي السِّيَاقِ) أَيْ نُزِعَ الرُّوحُ لِلْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُشْرِفَ أَعَمُّ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِفَ مُغَايِرٌ لِمَنْ فِي السِّيَاقِ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا أَنَّ السِّيَاقَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَالِ الْمَقْطُوعِ لِحُصُولِ الْمَوْتِ فِيهَا، وَأَمَّا الْإِشْرَافُ فَهُوَ الْحَالُ الَّذِي يُظَنُّ الْمَوْتُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي إلَخْ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَقْيِيدِهِ بِالْمُحَرَّمِ، وَنَسَبَهُ لَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَدْ رَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ وَنَصَّ ابْنُ مُحْرِزٍ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ مَنْ فِي السِّيَاقِ وَلَوْ كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ اهـ. فَكَيْفَ يُقَيِّدُ بِالْمُحَرَّمِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمُشْرِفَ غَيْرُ مَنْ فِي السِّيَاقِ أَيْ فَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُوَافِقُ ابْنَ عَرَفَةَ عَلَى أَنَّ مَنْ فِي السِّيَاقِ يُمْنَعُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْمُشْرِفُ فَلَمْ يَأْخُذْ فِي السِّيَاقِ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ وَمُبَاحِ الْأَكْلِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ مُشْرِفًا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُطْلَقًا مَأْكُولَ اللَّحْمِ أَوْ لَا وَمَنْ فِي السِّيَاقِ يَمْنَعُ بَيْعَهُ مُطْلَقًا، وَيُفَصَّلُ فِي الْمُشْرِفِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ فَكَمَا لَا اعْتِرَاضَ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَرَدَّ ذَلِكَ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي السِّيَاقِ يُبَاعُ مُطْلَقًا مَأْكُولَ اللَّحْمِ أَمْ لَا وَنَصُّهُ قَوْلُهُ لَا كَمُحْرِمٍ أَشْرَفُ الْمُرَادُ بِأَشْرَفُ بَلَغَ حَدَّ السِّيَاقِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَيَجُوزُ وَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا قَالَهُ ح فَقَوْلُ ج اعْتِرَاضُ ابْنِ عَرَفَةَ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُؤَلِّفِ إنْ فُسِّرَ أَشْرَفُ بِمَنْ فِي السِّيَاقِ، وَأَمَّا إنْ فُسِّرَ بِمَنْ قَوِيَ

ص: 15

نَهْيٍ لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِي الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَنْهِيٍّ عَنْ بَيْعِهِ فَلَا يُبَاعُ كَلْبُ الصَّيْدِ لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ ثَمَنِهِ، وَلَمَّا كَانَ الْإِذْنُ فِي اتِّخَاذِهِ وَلُزُومِ قِيمَتِهِ لِقَاتِلِهِ يُوهِمُ صِحَّةَ بَيْعِهِ نَبَّهَ عَلَى مَنْعِهِ لِقَوْلِ ابْنِ رَاشِدٍ هُوَ الْمَشْهُورُ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَجَازَ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ كِنَانَةَ بَيْعَهُ وَسَحْنُونٌ قَائِلًا وَأَحُجُّ بِثَمَنِهِ وَمَا لَمْ يُؤْذَنْ فِي اتِّخَاذِهِ لَا يُبَاعُ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ وَعَدَمُ نَهْيٍ أَيْ عَنْ بَيْعِهِ مَعَ كَوْنِهِ طَاهِرًا لَا عَنْ اتِّخَاذِهِ إذْ كَلْبُ الصَّيْدِ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْ اتِّخَاذِهِ وَقَوْلُهُ نَهْيٍ أَيْ تَحْرِيمٍ لِكُلِّهِ أَوْ لِبَعْضِهِ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ مِائَةِ قُلَّةِ خَلٍّ مَثَلًا وَفِيهَا قُلَّةُ خَمْرٍ وَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَادَةَ الْمُؤَلِّفِ إدْخَالُهَا عَلَى الْمُضَافِ وَإِرَادَةُ الْمُضَافِ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَكَطِينِ مَطَرٍ لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ

(ص) وَجَازَ هِرٌّ وَسَبُعٌ لِلْجِلْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شِرَاءَ ذَاتِ الْهِرِّ وَذَاتِ السَّبُعِ لِأَخْذِ جِلْدِهِ جَائِزٌ، وَأَمَّا شِرَاءُ مَا ذُكِرَ لِلَّحْمِ أَوْ لَهُ وَلِلْجِلْدِ فَمَكْرُوهٌ كَمَا يُفِيدُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا ذُكِّيَ لِلْجِلْدِ لَا لِلَّحْمِ فَيُؤْكَلُ اللَّحْمُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَتَبَعَّضُ، وَإِنْ قُلْنَا تَتَبَعَّضُ فَلَا يُؤْكَلُ اللَّحْمُ، وَأَمَّا الْجَلْدُ فَيُؤْكَلُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالسَّبُعِ مَا يَتَسَبَّعُ أَيْ كُلُّ مَا لَهُ جَرَاءَةٌ أَيْ شِدَّةٌ وَقُوَّةٌ عَلَى الِافْتِرَاسِ وَالْعَدَاءِ

(ص) وَحَامِلٍ مُقَرَّبٍ (ش) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ حَامِلٍ مُقَرَّبٍ أَيْ وَاقِعٌ عَلَيْهَا الْبَيْعُ فَإِضَافَةُ بَيْعٍ إلَى حَامِلٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَظَاهِرُهُ جَوَازُ بَيْعِهَا وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لِحَمْلِهَا، وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا كَانَتْ بَائِعَةً فِي بَابِ الْحَجْرِ فِي قَوْلِهِ وَحَامِلُ سِتَّةٍ أَيْ أَنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهَا إذَا تَمَّتْ السِّتَّةُ وَدَخَلَتْ فِي السَّابِعِ

(ص) وَقُدْرَةٌ عَلَيْهِ لَا كَآبِقٍ (ش) أَيْ وَشُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قُدْرَةٌ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَلَا يُبَاعُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مُشْتَرِيهِ وَعَجَزَ عَنْهُ بَائِعُهُ وَلَا مَا عَجَزَا عَنْهُ كَآبِقٍ لِقَوْلِ مَالِكٍ بَيْعُ الْعَبْدِ فِي إبَاقِهِ فَاسِدٌ وَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ، وَيُفْسَخُ وَإِنْ قُبِضَ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ وَقُدْرَةٌ عَلَيْهِ حِسِّيَّةٌ احْتِرَازٌ عَنْ الْآبِقِ وَالْإِبِلِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا قَالَ أَوْ شَرْعِيَّةٌ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ إضَافَةُ مَالٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْعَمُودِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ فَإِنْ قُلْت بَيْعُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ مُسَلَّمًا بِالْفِعْلِ، وَذَلِكَ أَقْوَى مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ

(ص) وَإِبِلٍ أُهْمِلَتْ وَمَغْصُوبٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْإِبِلِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الَّتِي تُرِكَتْ فِي الْمَرْعَى حَتَّى تَوَحَّشَتْ وَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهَا إلَّا بِعُسْرٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ مَا بِهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَيْرِ غَاصِبِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَاجِزٌ عَنْ تَحْصِيلِ الْمَبِيعِ وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ غَاصِبُهُ مُمْتَنِعًا مِنْ دَفْعِهِ وَلَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ مُقِرًّا أَوْ غَيْرَ مُقِرٍّ، وَلِمَا إذَا كَانَ غَاصِبُهُ مُنْكِرًا وَتَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْغَصْبِ

ــ

[حاشية العدوي]

عَرْضُهُ فَلَا يَتَوَجَّهُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَمْنَعُ بَيْعَ الْمُحَرَّمِ دُونَ غَيْرِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ السِّيَاقَ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَانَ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ أَمْ لَا اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْ مِمَّا يُشْتَرَطُ فِي الْمَبِيعِ) أَيْ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ الْإِذْنُ فِي اتِّخَاذِهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي مَنْعُ قَتْلِهِ قِيلَ وَالنَّصُّ كَذَلِكَ وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ اتِّخَاذِهِ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا فِي الْحَطَّابِ فِي بَابِ الْمُبَاحِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى مَنْعِهِ) الْأَوْلَى عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ مَعَ كَوْنِهِ طَاهِرًا) أَيْ وَمُنْتَفَعًا بِهِ أَيْ فَحِينَئِذٍ غَايَرَ مَا قَبْلَهُ، وَأَمَّا لَوْ أَبْقَى اللَّفْظَ عَلَى عُمُومِهِ فَيُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ طَهَارَةٌ وَانْتِفَاعٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النَّجَسِ وَالْمُحَرَّمِ الْمُشْرِفِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ كَغَيْرِهِ عَقْدُ الْبَيْعِ يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّلَامَةُ مِنْ الْمُنْهَيَاتِ كُلِّهَا

(قَوْلُهُ وَجَازَ هِرٌّ) وَاللَّحْمُ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ قَالَ وَجَازَ كَهِرٍّ لَكَانَ أَشْمَلَ لِيَشْمَلَ الْفِيلَ لِعِظَمِهِ وَقِطَّ الزَّبَادِ لِزِيَادَةٍ إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالسَّبُعِ إلَخْ قَوْلُهُ وَقُوَّةٌ يُفَسِّرُ مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ وَالْعَدَاءُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ)(ذَاتِ الْهِرِّ وَذَاتِ السَّبُعِ) إضَافَةُ ذَاتٍ لِسَبُعٍ إضَافَةٌ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا تَتَبَعَّضُ) أَيْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ وَهُوَ تَرْجِيحٌ مِنْهُ لِكَلَامِ عج فَإِنَّهُ جَعَلَهُ الْمَذْهَبَ وَنَقَلَ الْفِيشِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ، وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ فَلَا يُؤْكَلُ اللَّحْمُ) أَيْ فَهُوَ مَيْتَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالسَّبُعِ مَا يَتَسَبَّعُ) أَيْ فَيَشْمَلُ الضَّبُعَ وَالثَّعْلَبَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ مَكْرُوهِ الْأَكْلِ لَا خُصُوصَ السَّبْعِ وَإِلَّا كَانَ الْكَلَامُ قَاصِرًا

(قَوْلُهُ مُقْرِبٌ) مِنْ أَقْرَبَتْ الْحَامِلُ إذَا قَرُبَ وَضْعُهَا (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي حُكْمُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَامِلَ إذَا بَلَغَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا إلَّا فِي التَّبَرُّعَاتِ لَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ

(قَوْلُهُ لَا كَآبِقٍ) أَيْ وَبَعِيرٍ شَارِدٍ (قَوْلُهُ فَاسِدٌ) مَا لَمْ يُقْبَضْ عَلَيْهِ وَعُلِمَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى صِفَتِهِ وَلَا خُصُومَةَ فِيهِ بِأَنْ كَانَ الْقَابِضُ عَلَيْهِ غَيْرَ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعَقْدُ لَكِنْ إنْ قَرُبَ مَوْضِعُهُ جَازَ النَّقْدُ أَيْضًا وَإِلَّا امْتَنَعَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ) ذَكَرَهُ بَهْرَامُ، وَلَمَّا كَانَ فِيهِ تَطْوِيلٌ وَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ لَمْ نُبَيِّنْهُ (قَوْلُهُ شَرْعِيَّةٌ احْتِرَازًا عَمَّا إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا لَمْ تَنْتَفِ الْإِضَاعَةُ يَصِحُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ كَانَ مُسْلِمًا بِالْفِعْلِ) وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يُبَاعُ إلَخْ فِيمَا إذَا بِيعَ لِغَيْرِ الْغَاصِبِ

(قَوْلُهُ وَإِبِلٍ أُهْمِلَتْ) مَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَجْزُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ اضْطِرَارِيًّا كَالْآبِقِ أَوْ أَصْلُهَا اخْتِيَارِيًّا كَالْإِبِلِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ وَمَغْصُوبٍ) يَظْهَرُ أَنَّ بَيْعَهُ صَحِيحٌ غَيْرُ جَائِزٍ كَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ قَالَ مُحَشِّي تت وَمَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِإِطْبَاقِ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْمَغْصُوبِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي يُمْنَعُ بَيْعُهُ مَفْسُوخٌ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ بَيْعُهُ رَبُّهُ وَهُوَ بِيَدِ الْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِهِ وَالْغَاصِبُ لَا يَأْخُذُ لَهُ حُكْمٌ فَاسِدٌ إجْمَاعًا وَقَالَ قَبْلَهُ وَشِرَاؤُهُ مَا غَصَبَهُ وَهُوَ بِيَدِهِ إنْ عَلِمَ مَنْعَهُ رَبَّهُ عَنْهُ إنْ لَمْ يَبِعْهُ فَاسِدٌ اتِّفَاقًا فَالشُّرُوطُ

ص: 16

لِأَنَّهُ شِرَاءُ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ وَالْمَشْهُورُ مَنْعُهُ كَمَنْعِ الْأَوَّلِ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا لَوْ كَانَ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ إذْ لَا عَجْزَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَوْلُهُ (إلَّا مِنْ غَاصِبِهِ) يَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ أَيْ لَكِنْ بَيْعُهُ مِنْ غَاصِبِهِ جَائِزٌ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْغَاصِبَ عَزَمَ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ وَرُبَّمَا لَوَّحَ الْمُؤَلِّفُ لِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى رَدِّهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ مُدَّةً تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَهَلْ يُزَادُ عَلَى عِلْمِ الْعَزْمِ شَرْطٌ آخَرُ فَيُقَالُ مَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ بِالْفِعْلِ وَبَقِيَ تَحْتَ يَدِهِ مُدَّةً حَدَّهَا بَعْضُهُمْ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، وَإِلَّا كَانَ مَضْغُوطًا بَائِعًا بِنَجَسٍ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةً عَلَى الْعَزْمِ الرَّدُّ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الْعَزْمُ فَقَطْ، وَإِنَّمَا طُلِبَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَحَقَّقَ انْتِفَاءُ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبَضَهَا وَبَقِيَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً يَسِيرَةً ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْغَاصِبِ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ كَانَ بَاعَ مَغْصُوبًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ انْتِفَاءِ الْغَصْبِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَبَضَهَا وَبَاعَهَا لِغَيْرِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَبِعْ مَغْصُوبًا فَقَدْ ظَهَرَ لَك الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ

(ص) وَلِلْغَاصِبِ نَقْضُ مَا بَاعَهُ إنْ وَرِثَهُ لَا اشْتَرَاهُ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا بَاعَ مَا غَصَبَهُ لِشَخْصٍ ثُمَّ وَرِثَهُ مِنْ رَبِّهِ فَإِنَّ لَهُ نَقْضَ الْبَيْعِ الصَّادِرِ مِنْهُ قَبْلَ الْإِرْثِ لِانْتِقَالِ مَا كَانَ لِمُورَثِهِ إلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ لِمُورَثِهِ النَّقْضُ وَلِهَذَا لَوْ تَعَدَّى شَرِيكٌ فِي دَارٍ فَبَاعَ جَمِيعَهَا ثُمَّ وَرِثَ حَظَّ شَرِيكِهِ فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ فِي حِصَّةِ غَيْرِهِ وَأَخْذُ حِصَّتِهِ بِالشُّفْعَةِ قَالَهُ فِي سَمَاعِ سَحْنُونَ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْغَاصِبِ بِمَا ذُكِرَ بَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي بَيْعِ كُلِّ فُضُولِيٍّ فَإِنْ تَسَبَّبَ فِي إدْخَالِهِ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ أَوْ قَبِلَهُ بِهِبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ رَبِّهِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ بَيْعِهِ الصَّادِرِ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ (ص) وَوُقِفَ مَرْهُونٌ عَلَى رِضَا مُرْتَهِنِهِ (ش) هَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ، وَأَشَارَ إلَى بَيَانِهِ فِي بَابِ الرَّهْنِ بِقَوْلِهِ وَمَضَى بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ وَبَعْدَهُ فَلَهُ رَدُّهُ إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ أَوْ دَيْنُهُ عَرْضًا وَإِنْ أَجَازَ تَعَجُّلٌ فَقَوْلُهُ وَوَقْفُ مَرْهُونٍ أَيْ إمْضَاءُ مَرْهُونٍ أَيْ بِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ لَا قَبْلَهُ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَقُدْرَةٌ عَلَيْهِ وَالْكَلَامُ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي مَفْهُومِهِ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ نَصٌّ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي فِي بَابِ الرَّهْنِ

(ص) وَمِلْكُ غَيْرِهِ عَلَى رِضَاهُ وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي (ش) يُرِيدُ أَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ كَغَيْرِهِ كُلُّهَا لِلصِّحَّةِ وَلَا تَنْوِيعَ أَصْلًا اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ شِرَاءُ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَطْعَنُ فِي الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ يَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ) أَيْ هُوَ فِي الْأَصْلِ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَإِنَّمَا جَرَى مَجْرَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي تَبْيِينِ الْأَحْكَامِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِكَوْنِ الْأَوَّلِ عَامًّا أُخْرِجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَلْ يُلْتَفَتُ إلَى تَمْيِيزِ الْأَحْكَامِ وَتَبْيِينِهَا بِحَيْثُ يُقَالُ إنَّ مَا قَبْلَ إلَّا إذَا بِيعَ لِغَيْرِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَرُبَّمَا لَوَّحَ الْمُؤَلِّفُ) لَا تَلْوِيحَ أَصْلًا لَا بِالنَّظَرِ لِلْقَوْلِ الْمُصَرَّحِ بِهِ وَلَا بِالنَّظَرِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَيْ وَهَلْ يُزَادُ عَلَى عِلْمِ الْعَزْمِ شَرْطٌ آخَرُ إلَخْ) لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ فَالْمَدَارُ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ، وَالرَّدُّ بِالْفِعْلِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْعَزْمِ عَلَى الرَّدِّ لِرَبِّهِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ وَهَلْ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ الرَّدُّ لِرَبِّهِ بَلْ يُفَصَّلُ وَيُقَالُ إنْ عَزَمَ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا أَوْ غَيْرَ عَازِمٍ فَيَمْتَنِعُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا الْجَوَازُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ تَرَدُّدٌ مَعْنَاهُ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى طَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَنْ يُشْتَرَطَ الرَّدُّ لِرَبِّهِ وَالثَّانِيَةُ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ الْمُفَصِّلَةُ الْقَائِلَةُ إنْ عَزَمَ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الرَّدِّ فَيَمْتَنِعُ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا الْجَوَازُ وَهِيَ الرَّاجِحَةُ.

(تَنْبِيهٌ) :

حَيْثُ قِيلَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ لَا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنًا مِنْ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَخْلِصٌ بَعْضَ حَقِّهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ فَالرَّاجِحُ مِنْ التَّرَدُّدِ الْقَوْلُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الرَّدِّ حَيْثُ عَزَمَ عَلَى الرَّدِّ أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ

(قَوْلُهُ نَقَضَ مَا بَاعَهُ) أَيْ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ مَا لَمْ يَسْكُتْ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ لَا إنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ إذَا اشْتَرَاهُ لِيَتَحَلَّلَ بِذَلِكَ صَنِيعُهُ أَوْ احْتَمَلَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِيَتَمَلَّكَهُ فَقَطْ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَهُ نَقْضُ بَيْعِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِيرَاثِ وَالشِّرَاءِ أَنَّ الْمِيرَاثَ هَجَمَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اجْتِلَابٍ مِنْهُ فَلِذَلِكَ قَامَ فِيهِ مَقَامَ رَبِّهِ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ تُورَثُ كَمَا تُورَثُ الْأَعْيَانُ وَاَلَّذِي اشْتَرَى مَا بَاعَ هُوَ الَّذِي اجْتَلَبَ مِلْكَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَكَأَنَّهُ جَهِدَ فِي إمْضَائِهِ وَإِثْبَاتِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَقْضُهُ (قَوْلُهُ لِانْتِقَالِهِ إلَيْهِ مَا كَانَ إلَخْ) مَا كَانَ بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي انْتِقَالِهِ، وَلَوْ حَذَفَ الضَّمِيرَ فِي انْتِقَالِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ إلَى بَيَانِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي بَابِ الرَّهْنِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي سَاقَهُ بَيَانٌ لِهَذَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَآخِرُ الْعِبَارَةِ يُوَافِقُ صَدْرَهَا فِي أَنَّ جَمِيعَ مَا يَأْتِي تَفْصِيلٌ لِهَذَا الْمُجْمَلِ (قَوْلُهُ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ) وَيَأْخُذُ الرَّاهِنُ الثَّمَنَ وَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ) أَيْ بِالْإِمْضَاءِ وَيَبْقَى الثَّمَنُ رَهْنًا وَبِعَدَمِهِ وَتَبْقَى ذَاتُهُ رَهْنًا وَقَوْلُهُ بِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ وَلَمْ يُفَرِّطْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ لَهُ أَيْ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ لَهُ بِمُوَافِقٍ لِلدَّيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ عَرْضًا) أَيْ مِنْ بَيْعٍ (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ أَيْ التَّقْيِيدَ أَيْ مَفْهُومَهُ وَهُوَ إذَا لَمْ يَقْبِضْ وَقَوْلُهُ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ أَيْ الْمَفْهُومُ وَقَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ نَصٌّ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَهُوَ نَصٌّ فِي التَّفْصِيلِ هَذَا مَعْنَاهُ (أَقُولُ) لَيْسَ نَصًّا فِي التَّفْصِيلِ

ص: 17

مَنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ فُضُولِيٌّ وَإِنْ رَدَّهُ رُدَّ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ عِلْمِهِ وَلَوْ أَمْضَاهُ الْمَالِكُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ لِلْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الْمَالِكُ قَرِيبًا أَوْ حَاضِرًا لَا غَائِبًا بَعِيدًا يَضُرُّ الصَّبْرُ إلَى قُدُومِهِ أَوْ مَشُورَتِهِ وَلِلْمُشْتَرِي مِنْ الْفُضُولِيِّ الْغَلَّةُ قَبْلَ عِلْمِ الْمَالِكِ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالتَّعَدِّي أَوْ كَانَتْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ تَنْفِي عَنْ الْبَائِعِ التَّعَدِّيَ لِكَوْنِهِ حَاضِنًا لِلْأَطْفَالِ مَثَلًا كَالْأُمِّ تَقُومُ بِهِمْ وَتَحْفَظُهُمْ أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ سَبَبِ الْمَالِكِ مِمَّنْ يَتَعَاطَى أُمُورَهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ وَكِيلٌ ثُمَّ يُقَدَّمُ الْمَالِكُ وَيُنْكِرُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ وَيَدُلُّ لَهُ مَسْأَلَةُ الْيَمِينِ أَنْ لَا يَبِيعَ لِفُلَانٍ فَبَاعَ لِمَنْ هُوَ مِنْ سَبَبِهِ

(ص) وَالْعَبْدُ الْجَانِي عَلَى مُسْتَحِقِّهَا وَحَلَفَ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الرِّضَا بِالْبَيْعِ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْمُبْتَاعُ الْأَرْشَ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ وَرَجَعَ الْمُبْتَاعُ بِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ إنْ كَانَ أَقَلَّ (ش) أَيْ وَوَقَفَ بَيْعُ الْعَبْدِ الْجَانِي عَلَى إجَازَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِهِ، وَإِذَا ادَّعَى مُسْتَحِقُّ الْجِنَايَةِ وَهُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّ بَيْعَهُ رِضًا مِنْهُ بِتَحَمُّلِ الْجِنَايَةِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْجِنَايَةُ أَيْ أَرْشُهَا، وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا قَصَدَ بِالْبَيْعِ تَحَمُّلَ الْأَرْشِ كَانَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ لِوَلِيِّهِ رَدُّ بَيْعِ الْعَبْدِ وَأَخْذُهُ فِي جِنَايَتِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ، وَلَهُ إمْضَاءُ بَيْعِهِ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنْ دَفَعَ السَّيِّدُ الْأَرْشَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ.

وَإِنْ دَفَعَهُ الْمُبْتَاعُ رَجَعَ بِالْأَرْشِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ وَضَاعَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ لَهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ لَا يَلْزَمُنِي إلَّا مَا دَفَعْت لِي، وَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ قَالَ لَهُ لَا يَلْزَمُنِي غَيْرُهُ فَقَوْلُهُ وَالْعَبْدُ الْجَانِي أَيْ وَوَقَفَ إمْضَاءُ بَيْعِ الْبَائِعِ الْعَبْدَ الْجَانِيَ عَلَى رِضَا مُسْتَحِقِّ أَرْشِهَا

ــ

[حاشية العدوي]

بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِبَعْضِ التَّفْصِيلِ الْآتِي عَلَى أَنَّهُ يُنَافِي قَوْلَهُ أَوْ لَا هَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ

(قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ وَبِغَيْرِ حَضْرَتِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَسَكَتَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَلَا يُعْذَرُ هُنَا بِجَهْلٍ وَكَانَ لَهُ الثَّمَنُ فَإِنْ سَكَتَ عَامًا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ إلَى سَنَةٍ فَإِنْ مَضَتْ فَلَهُ الثَّمَنُ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ أَيْ عَشْرَ سِنِينَ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ (قَوْلُهُ قَرِيبًا) أَيْ يَتَيَسَّرُ إعْلَامُهُ سُرْعَةً، وَقَوْلُهُ أَوْ حَاضِرًا أَيْ فِي الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرَ الْعَقْدِ وَسَكَتَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ كَمَا قُلْنَا وَالْمَطَالِبُ بِالثَّمَنِ الْفُضُولِيُّ؛ لِأَنَّهُ بِإِجَازَتِهِ صَارَ وَكِيلًا عَنْهُ وَسَيَأْتِي وَطُولِبَ بِثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ فَإِذَا فَاتَ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ غَيْرِ الْغَاصِبِ فَإِنَّ عَلَى الْفُضُولِيِّ فِيمَا بَاعَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ غَاصِبًا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالتَّعَدِّي) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا بَعْدَهُ دَاخِلٌ فِيهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ مَالِكُهُ أَوْ لَا يَعْتَقِدُ شَيْئًا أَوْ يَقُولُ بِأَنْ كَانَتْ شُبْهَةٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مَفْهُومٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ الْأُولَى أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ مَالِكُهُ الثَّانِيَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِشَيْءٍ أَيْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَالِكُهُ أَوْ غَيْرُ مَالِكِهِ الثَّالِثَةُ إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَالِكِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ شُبْهَةٍ تَنْفِي الْعَدَاءَ (قَوْلُهُ أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ سَبَبِ الْمَالِكِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ مَالِكِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ وَكِيلٌ) أَيْ يَدَّعِي أَنَّهُ وَكِيلٌ وَمُقْتَضَى أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ يَجْرِي هُنَا الْخِلَافُ الْجَارِي فِي الْيَمِينِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَهَلْ إنْ عَلِمَ تَأْوِيلَانِ (قَوْلُهُ فَبَاعَ لِمَنْ هُوَ مِنْ سَبَبِهِ) أَيْ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَيْ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ فَنَزَلَ مَا كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ مَنْزِلَةَ مَا كَانَ مِنْ مِلْكِهِ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَبِيعُ لِفُلَانٍ فَبَاعَ لِمَنْ هُوَ مِنْ سَبَبِهِ أَيْ بَاعَ لِمَنْ هُوَ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَكَانَ الَّذِي مِنْ نَاحِيَتِهِ يَشْتَرِي لِفُلَانٍ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ فَنَزَلَ فِي بَابِ الْيَمِينِ مَا كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ مَنْزِلَتَهُ فَكَذَلِكَ نَزَلَ هُنَا مَا كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ مِثْلَهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْغَلَّةُ إذَا اشْتَرَى مِنْهُ.

(تَنْبِيهَاتٌ)

(الْأَوَّلُ) مِثْلُ الْبَيْعِ الشِّرَاءُ إلَّا أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ وَحَيْثُ خَالَفَ فِي اشْتِرَاءٍ لَزِمَهُ إنْ لَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا يَشْمَلُهُمَا بِأَنْ يُرِيدَ وَقْفَ إخْرَاجِ مِلْكِ غَيْرِهِ وَإِدْخَالَهُ عَلَى رِضَا مَنْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ فِي الْأَوَّلِ وَمَنْ أَدْخَلَهُ فِي مِلْكِهِ فِي الثَّانِي.

(الثَّانِي) ضَمَانُ مَبِيعِ الْفُضُولِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي حَيْثُ أَجَازَ رَبُّهُ الْبَيْعَ وَإِنْ رَدَّ كَانَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالتَّعَدِّي فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْغُصَّابِ.

(الثَّالِثُ) بَيْعُ الْفُضُولِيِّ بِلَا مَصْلَحَةٍ لِرَبِّهِ حَرَامٌ وَإِنْ بَاعَهُ خَوْفَ تَلَفِهِ أَوْ ضَيَاعِهِ فَغَيْرُ حَرَامٍ بَلْ رُبَّمَا كَانَ مَنْدُوبًا

(قَوْلُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا) فَلَهُ رَدُّ بَيْعِ الْمَالِكِ وَإِجَازَتُهُ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ وَالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مَعَ تَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ الْبَائِعُ كَمَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ بِالْبَيْعِ) أَيْ بِسَبَبِ الْبَيْعِ وَذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِتْقَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ إلَخْ) فَالْخِيَارُ لِلسَّيِّدِ ابْتِدَاءً فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الْأَرْشِ فَلِلْمُبْتَاعِ دَفْعُهُ لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَتَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِ الْعَبْدِ.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَقَلَّ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَرْشِ وَالثَّمَنِ أَيْ رَجَعَ بِالْأَرْشِ إنْ كَانَ أَقَلَّ أَوْ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ أَقَلَّ كَانَ الْمُدَّعِي عَلَى السَّيِّدِ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَوْ وَرَثَتَهُ أَوْ الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي نَقْضِ شِرَائِهِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكَلَ فَيَلْزَمَهُ الْأَرْشُ مِنْ غَيْرِ نَقْضٍ لِبَيْعِهِ وَلَا تُرَدُّ تِلْكَ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ كَانَ أَقَلَّ أَيْ الْمَرْجُوعُ بِهِ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا بَاعَ رَبُّ الْعَبْدِ الْجَانِيَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ فَدَاهُ فَيَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَاعَهُ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَتَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي سَلَّمَهُ الْبَائِعُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَدَفَعَ لَهُ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ أَوْ الثَّمَنَ، وَأَخَذَهُ مِنْهُ لِكَوْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَجَازَ الْبَيْعَ لِلْمُشْتَرِي وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ الَّذِي فَدَاهُ بِهِ؛ لِأَنَّ

ص: 18

وَلَا فَرْقَ بَيْنِ كَوْنِ الْجِنَايَةِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُهُ هُنَا، وَتَفْصِيلُهُ فِي الرَّدِّ بِهَا بَعْدَهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ إنْ تَعَمَّدَهَا ثُمَّ إنَّهُ إذَا كَانَتْ عَمْدًا فَإِنْ كَانَتْ عَلَى النَّفْسِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ حَيْثُ اسْتَحْيَاهُ وَلِيُّ النَّفْسِ.

وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ النَّفْسِ فَإِنَّ لِسَيِّدِهِ الْخِيَارَ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا وَيَأْتِي فِي الْجِرَاحِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا وَلِقَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمُسْتَحَقِّ رَدُّهُ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا الْمُقَيَّدِ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَخْ وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ قَسِيمًا لِقَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى انْطِبَاقِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ تَقْرِيرِ ابْنِ غَازِيٍّ (ص) وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ إنْ تَعَمَّدَهَا (ش) أَيْ وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْعَبْدِ الْجَانِي إذَا اطَّلَعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَلَى جِنَايَتِهِ حَيْثُ صَدَرَتْ مِنْهُ الْجِنَايَةُ عَمْدًا إذْ لَا يُؤْمَنُ عَوْدُهُ لِمِثْلِهَا فَفِي جِنَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ أَفْتَكَهُ الْبَائِعُ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ بِهَذَا الْعَيْبِ حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْهُ لَهُ الْبَائِعُ

(ص) وَرُدَّ الْبَيْعُ فِي لِأَضْرِبَنَّهُ مَا يَجُوزُ وَرُدَّ لِمِلْكِهِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ لِيَضْرِبَنَّهُ ضَرْبًا يَجُوزُ لَهُ كَعَشْرَةِ أَسْوَاطٍ وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ أَوْ أَجَّلَ ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَهُ أَنَّ الْبَيْعَ يُنْقَضُ وَيُرَدُّ الْعَبْدُ إلَى مَالِكِهِ، وَيُمْنَعُ فِي الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ وَفِي الْمُؤَجَّلِ مِنْ الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْهُ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ لَهُ رُدَّ الْبَيْعُ وَعُجِّلَ عِتْقُهُ بِالْحُكْمِ

ــ

[حاشية العدوي]

مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لِلْبَائِعِ أَنْتَ أَخَذْت مِنِّي الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَبْدِ مَعَ أَنَّك سَلَّمْتَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَادْفَعْ لِي مَا أَخَذْته مِنِّي.

(قَوْلُهُ بِهَا) أَيْ بِالْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَمَا هُنَا (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ إذَا كَانَتْ عَمْدًا إلَخْ) هَذَا تَفْصِيلٌ فِي مَسْأَلَتِنَا لَأَنَّنَا قُلْنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ الْأَرْشَ إلَخْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْأَرْشَ لِلسَّيِّدِ ابْتِدَاءً وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مُقَابِلَهُ الْإِسْلَامُ فَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَرْشِ الْإِسْلَامُ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا) أَيْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَوَقَفَ عَلَى رِضَا مُسْتَحِقِّهَا وَرَاجِعٌ لِقَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ.

(أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ وَوَقَفَ إمْضَاءُ بَيْعِ الْعَبْدِ الْجَانِي عَلَى مُسْتَحِقِّهَا، وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ يَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِ مُوَضِّحٌ لَهُ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ وَوَقَفَ الْعَبْدُ الْجَانِي عَلَى مُسْتَحِقِّهَا أَنَّ لَهُ أَخْذَ ثَمَنِهِ، وَمُقَابِلُهُ هُوَ قَوْلُهُ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ أَيْ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ الْمُوَضِّحُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ مُقَيَّدًا بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِانْطِبَاقِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ أَيْ لِأَنَّ بِرُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا يَلْزَمُهُ انْطِبَاقُ الشَّرْطِ عَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ لِيَنْطَبِقَ الشَّرْطُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ مَعًا.

وَنَصُّ ابْنِ غَازِيٍّ لَوْ قَالَ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ أَوْ أَخْذُ ثَمَنِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْمُبْتَاعُ الْأَرْشَ لَكَانَ أَوْلَى لِيَنْطَبِقَ الشَّرْطُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَلِيَتَّصِلَ قَوْلُهُ وَرَجَعَ الْمُبْتَاعُ بِمَا يُفَرَّعُ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِ الْمُبْتَاعِ دَفَعَ الْأَرْشَ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَقَدْ كَانَ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ الَّذِي هُوَ السَّيِّدُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا انْتَهَى، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ التَّكَلُّفِ بَلْ جَعَلَ قَوْلَهُ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ رَاجِعًا لِلْأَوَّلِ دُونَ قَوْلِهِ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَوُقِفَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ رَدَّهُ وَكِلَاهُمَا تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ وَوَقَفَ إلَخْ أَوْ أَنَّهُ حُذِفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا أَحْسَنُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فَلَا يَرِدُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْهُ) أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ الْبَائِعُ حَيْثُ الْبَيْعُ فَإِنْ بَيَّنَهُ حِينَ الْبَيْعِ بِأَنْ قَالَ إنَّهُ صَدَرَتْ مِنْهُ جِنَايَةٌ قَبْلُ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى بَعْدَ الْبَيَانِ لَا خِيَارَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِهَا وَقْتَ الشِّرَاءِ أَوْ كَانَتْ خَطَأً فَلَا رَدَّ لَهُ لَا مِنْ عَوْدِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ صَدَرَتْ مِنْهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً حُمِلَتْ عَلَى الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي أَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ الْقَصْدُ

(قَوْلُهُ وَرُدَّ الْبَيْعُ) وَانْظُرْ لَوْ وَهَبَهُ لَا لِثَوَابٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ (قَوْلُهُ فِي لِأَضْرِبَنَّهُ) أَيْ فِي حَلِفِهِ بِحُرِّيَّةِ رَقِيقِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صِيغَةُ حَنِثَ، وَقَوْلُهُ لِأَضْرِبَنَّهُ أَيْ مَثَلًا أَيْ فَمِثْلُهُ أَحْبِسُهُ أَوْ أَفْعَلُ بِهِ شَيْئًا يَجُوزُ (قَوْلُهُ وَرُدَّ لِمِلْكِهِ) وَاسْتَمَرَّ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ رَدِّ الْمَبِيعِ رَدُّ الْبَيْعِ لِمِلْكِهِ الْمُسْتَمِرِّ أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ دِينَارٍ يَقُولُ يُرَدُّ الْمَبِيعُ وَيُعْتَقُ حِينَ رَدِّهِ وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ ذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ رَدِّهِ لِيَضْرِبَهُ مَا يَجُوزُ ثُمَّ يُعَادُ لِلْمُشْتَرِي اهـ. (قَوْلُهُ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ) كَذَا فَرَضَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بِاَللَّهِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ عَنْهَا، وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ الْعِتْقِ الطَّلَاقُ لَمْ يُنَجَّزْ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَنُقِلَ عَنْ الْجِيزِيِّ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى ضَرْبٍ لَا يَجُوزُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُرَدُّ لِمِلْكِهِ، وَيَحْنَثُ وَأَوْرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ وَإِذَا بَاعَهُ فَقَدْ عَزَمَ عَلَى ضِدِّهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ إذْ قَدْ يَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ لِنِسْيَانٍ أَوْ نَحْوِهِ.

(تَنْبِيهٌ) : فُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ رَدِّ الْبَيْعِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانُهُ وَإِذَا لَمْ يَبِعْهُ السَّيِّدُ أَوْرَدَ الْبَيْعَ بَعْدَ صُدُورِهِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَهُ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ قَالَ فَضْلٌ: لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ فِي الْمَرَضِ لَبَرَّ فَتَرْكُهُ ذَلِكَ كَبَدْءِ عِتْقِهِ فِي الْمَرَضِ، وَلَوْ ضَرَبَهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَفِي بِرِّهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُؤَجَّلِ) أَيْ الْمُقَيَّدِ بِزَمَنٍ كَيَلْزَمُنِي عِتْقُهُ لَأَضْرِبَنَّهُ عَشْرَةَ أَسْوَاطٍ فِي هَذَا الشَّهْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَاتَبَهُ) أَيْ الْعَبْدَ الَّذِي حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ مَا يَجُوزُ فَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ بَاعَهُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ ثُمَّ بَاعَهُ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَبِعْهُ بَلْ كَاتَبَهُ

ص: 19

وَلَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ بَرَّ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَبَرُّ وَيَمْضِي عَلَى كِتَابَتِهِ وَيُوقَفُ مَا يُؤَدِّي فَإِنْ عَتَقَ بِالْأَدَاءِ ثُمَّ فِيهِ الْحِنْثُ وَصَارَ حُرًّا وَأَخَذَ كُلَّ مَا أَدَّى وَإِنْ عَجَزَ ضَرَبَهُ إنْ شَاءَ.

وَقَالَ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِثْلُهُ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَأَتَى الْمُؤَلِّفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي سِلْكِ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلضَّرْبِ بَلْ حَيْثُ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ وَكَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ

(ص) وَجَازَ بَيْعُ عَمُودٍ عَلَيْهِ بِنَاءٌ لِلْبَائِعِ (ش) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ كَوْنَهُ عَلَيْهِ بِنَاءً لِلْبَائِعِ يَمْنَعُ الْقُدْرَةَ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ بَيْعُ عَمُودٍ عَلَيْهِ بِنَاءٌ لِبَائِعِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِقَيْدَيْنِ أَوَّلُهُمَا لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْبَيْعِ لَا لِصِحَّتِهِ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ) أَيْ إضَاعَةُ الْمَالِ الْكَثِيرِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ خَاصَّةً بِأَنْ يَكُونَ الْبِنَاءُ الَّذِي عَلَيْهِ لَا كَبِيرَ ثَمَنٍ لَهُ أَوْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي أَضْعَفَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَ بِهِ الْعَمُودَ، أَوْ يَكُونَ الْبَائِعُ احْتَاجَ إلَى بَيْعِ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَى الْعَمُودِ بِسَبَبِ اخْتِلَالِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوُجُوهِ وَالنَّهْيُ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ، وَلَوْ يَسِيرًا بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِ الْغَبْنِ وَالثَّانِي لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَأُمِنَ كَسْرُهُ) أَيْ وَأُمِنَ عَلَى الْعَمُودِ كَسْرُهُ عِنْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْبِنَاءِ لِيَحْصُلَ التَّسْلِيمُ الْحِسِّيُّ وَيَرْجِعُ فِي أَمْنِ الْكَسْرِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَإِنْ لَمْ تَنْتَفِ الْإِضَاعَةُ صَحَّ الْبَيْعُ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ) أَيْ قَبْلَ أَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا بَعْدَ النُّجُومِ فَإِنَّهُ لَا يَبَرُّ؛ لِأَنَّهُ تَمَّ فِيهِ الْحِنْثُ وَصَارَ حُرًّا وَعَلَيْهِ فَالْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا ضَرَبَهُ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَيَضْرِبَنَّهُ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى حِنْثٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَى بِرٍّ كَيَلْزَمُنِي عِتْقُهُ لَأَضْرِبَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْبَيْعَ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً لَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْئِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَفِي مُحَشِّي تت قَوْلُهُ وَرُدَّ الْبَيْعُ فِي لَأَضْرِبَنَّهُ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ كَذَلِكَ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلضَّرْبِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْحَلِفِ بِحُرِّيَّتِهِ وَكَوْنُ الْيَمِينِ عَلَى حِنْثٍ، وَإِنَّمَا نَقْضُ الْبَيْعِ لِعَقْدِ الْحُرِّيَّةِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ حِينَ الْحَلِفِ بِحُرِّيَّتِهِ فَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِحُرِّيَّةِ غَيْرِهِ أَوْ بِطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُنْقَضْ الْبَيْعُ فَفِيهَا فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ.

وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَجْلِدَنَّ عَبْدَهُ جَلْدًا يَجُوزُ لَهُ فَبَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَجْلِدَهُ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْمُولِي إنْ رَفَعْته فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَجَلَدَهُ طَلَّقْنَا عَلَيْهِ وَاحِدَةً فَإِنْ مَلَكَهُ فِي الْعِدَّةِ أَيْضًا فَضَرَبَهُ كَانَتْ لَهُ الرَّجْعَةُ، وَإِنْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهُ بَانَتْ مِنْهُ ثُمَّ إنْ نَكَحَهَا عَادَ مُولِيًا وُقِفَ إلَّا أَنْ يَمْلِكَهُ فَيَضْرِبَهُ فَيَبَرَّ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ سَاعَةَ بَاعَهُ طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَفِيهَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ أَمَتِهِ لَيَضْرِبَنَّهَا ضَرْبًا يَجُوزُ لَهُ مُنِعَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ حَتَّى يَفْعَلَ فَإِنْ بَاعَهَا نُقِضَ الْبَيْعُ اهـ. فَانْظُرْ كَيْفَ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِحُرِّيَّتِهَا وَالطَّلَاقِ.

فَقَوْلُ س اُنْظُرْ هَلْ تَخْتَصُّ الْمَسْأَلَةُ بِيَمِينِ الْحُرِّيَّةِ وَقَوْلُ ج الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِغَيْرِ حُرِّيَّةِ الْمَحْلُوفِ عَلَى ضَرْبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ الْبَيْعَ الْوَاقِعَ فِيهِ قُصُورٌ مِنْهُمَا وَقَوْلُ ح إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ حَنِثَ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ لِلْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْحِنْثِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ نَصِّهَا نَعَمْ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ دِينَارٍ وَاسْتِدْلَالُهُ بِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ اغْتِرَارٌ مِنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ لِلْمُؤَلِّفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ مَعَهُ بِمَا يَشْفِي. اهـ.

(قَوْلُهُ بَرَّ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَأَنَّهُ يَبَرُّ بِضَرْبِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَكَلَامُ أَشْهَبَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ بَيْعٌ قَالَ إنَّهُ لَا يَبَرُّ بِضَرْبِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ فَيَحْنَثُ بِمُجَرَّدِهَا وَلَوْ عَجَزَ كَذَا يَظْهَرُ (أَقُولُ) هَذَا يُفِيدُ رُجْحَانَ قَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ خُصُوصًا وَهُمَا صَاحِبَا الْإِمَامِ، ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ قَالَ وَلَوْ مَكَّنَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ ضَرْبِهِ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ فَضَرَبَهُ فَفِي بِرِّهِ قَوْلَانِ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ مَنْصُوصَانِ فِي الْمَذْهَبِ وَقَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَرَدُّ الْبَيْعِ وَاضِحٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَبَرُّ بِضَرْبِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَعَلَى أَنَّهُ يَبَرُّ لَكِنَّهُ لَا يُمَكِّنُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الضَّرْبِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِرَدِّ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ بِمَا إذَا وَقَعَ الضَّرْبُ قَبْلَ أَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا بَعْدَ أَدَائِهَا فَلَا يَبَرُّ إذْ بِالْأَدَاءِ تَمَّ فِيهِ الْحِنْثُ وَصَارَ حُرًّا فَالْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا ضَرَبَهُ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ (قَوْلُهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُرَدُّ لِمِلْكِهِ صَارَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ بَيْعُ عَمُودٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ أَوْ حَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعَمُودُ اللُّغَوِيُّ أَيْ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ، وَيُبَاعُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالزَّمَنِ أَوْ مُضِيِّ مَا يُعَارُ لَهُ مِنْ الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ (قَوْلُهُ أَيْ إضَاعَةُ الْمَالِ الْكَثِيرِ) أَيْ وَلِذَا عَرَّفَ الْإِضَاعَةَ (قَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ مُشْرِفًا عَلَى السُّقُوطِ أَوْ قَدَرَ عَلَى تَعْلِيقِ مَا عَلَيْهِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ انْتِفَاءِ إضَاعَةِ الْمَالِ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ فَقَطْ يُوجِبُ تَوَجُّهَ النَّفْسِ إلَى طَلَبِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي هَذَا، وَلَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا.

(قَوْلُهُ وَالنَّهْيُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِ الْبِنَاءِ وَاقِعًا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ وَلَوْ يَسِيرًا وَمَتَى كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ يُقَالُ لَهُ هُوَ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا بَاعَ الْعَمُودَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَيَنْزِلُ هَذَا الثَّمَنُ كَأَنَّهُ وَاقِعٌ فِي مُقَابَلَتِهِ وَمُقَابَلَةُ الْبِنَاءِ وَبَيْعُ الْغَبْنِ جَائِزٌ فَلَمْ يَلْزَمْ إضَاعَةُ الْمَالِ.

(أَقُولُ) بَلْ هَذَا يَقْضِي بِالْكَرِّ عَلَى قَوْلِهِ إضَاعَةُ الْمَالِ الْكَثِيرِ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَفِي عب ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْجَوَازِ وَظَاهِرُ غَيْرِهِ الْجَوَازُ مُعَلِّلًا بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ إضَاعَةَ الْمَالِ إنَّمَا تُمْنَعُ حَيْثُ وَقَعَتْ لَا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ أَصْلًا؛ لِأَنَّ بَيْعَ النَّفِيسِ بِثَمَنٍ يَسِيرٍ رَاجِعٌ لِبَيْعِ الْغَبْنِ أَوْ بَابِ السَّفَهِ وَكِلَاهُمَا حَقٌّ لِآدَمِيٍّ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَنْتَفِ الْإِضَاعَةُ صَحَّ الْبَيْعُ) فَإِنْ قِيلَ هَلَّا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ انْتَفَتْ

ص: 20

وَأَمَّا إنْ انْتَفَى الشَّرْطُ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ (ص) وَنَقَضَهُ الْبَائِعُ (ش) الْوَاوُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ لَا عَاطِفَةٌ عَلَى الشُّرُوطِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا صَحَّ الْبَيْعُ وَجَازَ إنْ نُقِضَ الْبِنَاءُ عَلَى الْبَائِعِ فَالضَّمِيرُ فِي نَقْضِهِ يَرْجِعُ لِلْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ، وَأَمَّا نَقْضُ الْعَمُودِ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا صَدَّرَ بِهِ الْقَرَافِيُّ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ النُّكَتِ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلْقَابِسِيِّ وَعَلَى هَذَا فَضَمَانُ الْعَمُودِ فِي قَلْعِهِ مِنْ الْمُبْتَاعِ

(ص) وَهَوَاءٌ فَوْقَ هَوَاءٍ إنْ وُصِفَ الْبِنَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ أَرْضٍ بِعْنِي عَشْرَةَ أَذْرُعٍ فَوْقَ مَا تَبْنِيهِ فَوْقَ أَرْضِك إنْ وُصِفَ مُتَعَلِّقُ الْبِنَاءِ لِلْأَسْفَلِ وَلِلْأَعْلَى فَيَصِفُ كُلٌّ بِنَاءَهُ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ يَرْغَبُ فِي خِفَّةِ بِنَاءِ الْأَعْلَى وَصَاحِبُ الْأَعْلَى يَرْغَبُ فِي ثِقَلِ بِنَاءِ الْأَسْفَلِ، وَيُوصَفُ الْمِرْحَاضُ وَقَنَاتُهُ وَالْمِيزَابُ وَمَصَبُّهُ فَقَوْلُهُ وَهَوَاءٌ أَيْ مِقْدَارٌ مِنْ هَوَاءٍ، وَأَمَّا الْهَوَاءُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهَوَاءٌ بِالْمَدِّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَكُلُّ مُنْخَرِقٍ مَمْدُودٌ وَأَمَّا بِالْقَصْرِ فَهُوَ مَا تُحِبُّهُ النَّفْسُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَفَرْشُ سَقْفِ الْأَسْفَلِ بِالْأَلْوَاحِ عَلَى مَنْ اشْتَرَطَ وَإِلَّا فَعَلَى الْبَائِعِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَجُوزُ لِمُبْتَاعِ الْهَوَاءِ بَيْعُ مَا عَلَى سَقْفِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الثِّقَلَ عَلَى حَائِطِهِ اهـ. قَالَ بَعْضٌ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مَلَكَ مَا فَوْقَ بِنَائِهِ مِنْ الْهَوَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِحَقِّ الْبَائِعِ فِي الثِّقَلِ إلَخْ وَمَفْهُومُ فَوْقَ هَوَاءٍ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ بِأَنْ يَبْنِيَ الْمُشْتَرِي الْأَسْفَلَ وَالْبَائِعُ الْأَعْلَى، وَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْأَسْفَلِ عَلَى الْبِنَاءِ لِيَتَمَكَّنَ صَاحِبُ الْأَعْلَى

(ص) وَغَرْزُ جِذْعٍ فِي حَائِطٍ وَهُوَ مَضْمُونٌ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةً فَإِجَارَةٌ تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِهِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعٍ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ وَجَازَ مُعَاقَدَةُ غَرْزِ جِذْعٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ وَجَازَتْ الْمُعَاقَدَةُ عَلَى مَوْضِعِ غَرْزِ جِذْعٍ أَيْ إدْخَالِ جِذْعٍ أَوْ جُذُوعٍ فِي حَائِطٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ تَارَةً لَا يُعَيَّنُ فِيهِ مُدَّةٌ فَيَكُونُ بَيْعًا، وَإِذَا انْهَدَمَ الْحَائِطُ لَزِمَ الْبَائِعَ إعَادَتُهُ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ خَلَلٌ فِي مَوْضِعِ الْغَرْزِ فَإِصْلَاحُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ لَا خَلَلَ فِي الْحَائِطِ وَلَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

الْإِضَاعَةُ لِكَوْنِهِ مُغْنِيًا عَنْ قَوْلِهِ وَأُمِنَ كَسْرُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤْمَنْ كَسْرُهُ لَمْ تَنْتَفِ إضَاعَةُ الْمَالِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَكَانَ فَاسِدًا، وَذَلِكَ لِصِدْقِ الْجَوَازِ بِصُورَةٍ الْحُكْمُ فِيهَا الْمَنْعُ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ شَرْطَ إنْ مُسْتَقْبَلٌ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ أَفَادَ الْجَوَازَ فِيمَا إذَا لَمْ يُؤْمَنْ كَسْرُهُ وَخَاطَرَ وَسَلَّمَ لِانْتِفَاءِ الْإِضَاعَةِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ انْتَفَى الشَّرْطُ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ) ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ اشْتَرَطَ السَّلَامَةَ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إنَّهُ يَجُوزُ إذَا اشْتَرَطَ السَّلَامَةَ وَوَجْهُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْغَرَرَ الْمَانِعَ مَانِعٌ وَلَوْ اشْتَرَطَ فِيهِ السَّلَامَةَ (قَوْلُهُ لَا عَاطِفَةٌ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى الشَّرْطِ شَرْطٌ وَنَقْضُ الْبَائِعِ لَيْسَ شَرْطًا (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي) وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الشَّامِلِ أَنَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ رُجِّحَ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ، وَذَكَرَ عج مَا نَصُّهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَخْلِيصَ السَّيْفِ مِنْ الْحِلْيَةِ أَيْ نَقْضُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحِلْيَةِ حَيْثُ بِيعَ السَّيْفُ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا أَنَّ جَزَّ الصُّوفِ الَّذِي بِيعَ غَنَمُهُ وَالثَّمَرَةُ الَّتِي بِيعَ أَصْلُهَا عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا فَضَمَانُ الْعَمُودِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُؤْمَنَ كَسْرُهُ، وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ الْفَرْضُ أَنَّهُ أَمِنَ كَسْرَهُ عَلَى مَا قَالَتْهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فَيُفْرَضُ أَنَّهُ حَصَلَ كَسْرٌ مِنْ عَدَمِ إتْقَانِ مَنْ يُخْرِجُ الْعَمُودَ فَهُوَ كَسْرٌ طَارَ

(قَوْلُهُ وَهَوَاءٌ فَوْقَ هَوَاءٍ) وَأَمَّا هَوَاءٌ فَوْقَ أَرْضٍ فَلَا يُشْتَرَطُ وَصْفُهُ إذْ الْأَرْضُ لَا تَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ، وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي بَاطِنَ الْأَرْضِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَحْرَى مِنْ الْمُصَنِّفِ هَوَاءٌ فَوْقَ بِنَاءٍ وَقَوْلُهُ فَوْقَ هَوَاءٍ أَيْ يَبْنِيهِ رَبُّ الْأَرْضِ لِنَفْسِهِ أَوْ يُرِيدُ غَيْرُهُ أَخْذَهُ مِنْهُ بِشِرَاءٍ مِنْهُ أَوْ إجَارَةٍ (قَوْلُهُ فَوْقَ أَرْضِكَ) أَيْ تَبْنِيهِ فَوْقَ أَرْضِكَ (قَوْلُهُ إنْ وُصِفَ مُتَعَلِّقُ الْبِنَاءِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبِنَاءَ مَصْدَرٌ، وَالْوَصْفُ إنَّمَا هُوَ لِمُتَعَلِّقِهِ مِنْ الْمَبْنِيِّ مِنْ كَوْنِهِ خَفِيفًا أَوْ ثَقِيلًا أَحْجَارًا أَوْ آجُرًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ الْبِنَاءُ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي الْمَبْنَى (قَوْلُهُ وَقَنَاتُهُ) الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ إلَى الْفَضَاءِ مَثَلًا أَوْ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ الْمَخْزَنَ الَّذِي تَجْتَمِعُ فِيهِ الْفَضَلَاتُ (قَوْلُهُ مِقْدَارٌ مِنْ هَوَاءٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْفَرَاغِ أَيْ مِقْدَارٌ مِنْ الْفَرَاغِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ الْهَوَاءِ الْفَرَاغَ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْهَوَاءُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ أَيْ إنَّمَا قُلْنَا مِقْدَارٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ ذَاتُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ أَيْ الْفَرَاغُ بِتَمَامِهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِتَمَامِهِ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَانْتِفَاعٌ وَقَوْلُهُ وَالْهَوَاءُ بِالْمَدِّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَيْ مِنْ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِمَا نَحْنُ فِيهِ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْفَرَاغِ وَفِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ الْمُسَخَّرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُهُ وَكُلُّ مُنْخَرِقٍ مَمْدُودٌ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وَمَا فِي دَاخِلِ كُلِّ مُنْخَرِقٍ مَمْدُودٌ (قَوْلُهُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا اشْتَرَى قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الْهَوَاءِ فَكَيْفَ يَمْلِكُ مَا فَوْقَهُ قُلْت كَأَنَّ الْبَائِعَ دَاخِلٌ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَ الْمُبْتَاعُ مَا اشْتَرَاهُ وَمَا فَوْقَهُ إذْ لَوْ مُكِّنَ الْبَائِعُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَعْلَى لَضَرَبَهُ غَالِبًا

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَضْمُونٌ) أَيْ أَنَّ الْعَقْدَ لَازِمُ الْبَقَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْبِيدِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ لَزِمَ رَبَّهُ إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ فَإِجَارَةٌ) أَيْ فَإِنْ ذَكَرَ مُدَّةً فَهُوَ إجَارَةٌ أَيْ فَالْعَقْدُ وَيَصِحُّ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِكَوْنٍ مَحْذُوفٍ لَكِنْ عَلَى قِلَّةٍ؛ لِأَنَّ كَانَ لَا تُحْذَفُ إذَا كَانَتْ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ إلَّا قَلِيلًا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً فَمَوْضِعُ الْجِذْعِ مَبِيعٌ، وَإِذَا ذَكَرَ مُدَّةً فَمَوْضِعُ الْجِذْعِ مُؤَجَّرٌ (قَوْلُهُ أَوْ جُذُوعٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ (جِذْعٍ) فِي الْمُصَنِّفِ يُرَادُ مِنْهُ الْجِنْسُ

ص: 21

بَاعَ الْبَائِعُ دَارِهِ بِحَائِطِهِ أَوْ مَاتَ فَاسْتَظْهَرَ ح أَنَّ بِنَاءَ الْحَائِطِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَعَيْبٌ وَتَارَةً يُعَيِّنُ مُدَّةً فَتَكُونُ إجَارَةً لِمَوْضِعِ الْغَرْزِ مِنْ الْحَائِطِ تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِ الْحَائِطِ وَيَرْجِعُ لِلْمُحَاسَبَةِ لِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ بَيْعًا فَلِمَ لَزِمَ الْبَائِعَ إعَادَةُ الْحَائِطِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ صَارَ مَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنَّهُ إذَا انْهَدَمَ لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ مُشْتَرِيَ مَحَلِّ الْجِذْعِ بِمَثَابَةِ مَنْ اشْتَرَى عُلُوًّا عَلَى سُفْلٍ فَيَلْزَمُ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ إعَادَتُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَتَمَكَّنَ صَاحِبُ الْأَعْلَى بِالِانْتِفَاعِ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا مُعَاقَدَةً لِيَشْمَلَ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ بِدَلِيلِ التَّفْصِيلِ الَّذِي بَعْدَهُ

(ص) وَعَدَمُ حُرْمَةٍ (ش) أَيْ وَشُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَدَمُ حُرْمَةٍ لِمِلْكِهِ أَوْ بَيْعِهِ جُمْلَةً وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَعَدَمُ نَهْيٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (لَوْ لِبَعْضِهِ) لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الشُّرُوطَ السَّابِقَةَ خَاصَّةٌ بِالْجُمْلَةِ فَنَبَّهَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَرْجِعَ الْمُبَالَغَةُ لِجَمِيعِ الشُّرُوطِ فَالْمُحَرَّمُ الْمِلْكُ جُمْلَةً كَالْخَمْرِ وَالْبَيْعُ كَالْكَلْبِ وَبَعْضًا كَأَحَدِهِمَا مَعَ ثَوْبٍ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ بِالنَّهْيِ النَّهْيُ الْخَاصُّ كَالْكَلْبِ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْخِنْزِيرِ نَهْيٌ خَاصٌّ فَأَتَى بِهَذَا لِإِخْرَاجِهِ أَوْ لِيُعْلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّهْيِ السَّابِقِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَيَخْرُجُ نَهْيُ الْكَرَاهَةِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَلَوْ لِبَعْضِهِ بِمَا إذَا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى ذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ فَقَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِ التَّهْذِيبِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ فَاسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ أَقَلُّهَا لَزِمَهُ الْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ اُنْظُرْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ أَيْ إذَا اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بِحُرِّيَّةٍ كَالصَّفْقَةِ إذَا جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعُيُوبِ فَفَرَّقُوا بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُ هَذَا مَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ بَعْضَهَا حَبْسًا أَوْ شَاتَيْنِ مَذْبُوحَتَيْنِ فَوَجَدَ إحْدَاهُمَا غَيْرَ مُذَكَّاةٍ أَوْ قُلَّتَيْ خَلٍّ فَوَجَدَ إحْدَاهُمَا خَمْرًا اهـ.

(ص) وَجَهْلٍ بِمَثْمُونٍ أَوْ ثَمَنٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِي الْمَبِيعِ عَدَمُ الْجَهْلِ بِالْمَثْمُونِ وَالثَّمَنِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمَا مَعْلُومَيْنِ لِلْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ، وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَجَهْلُ أَحَدِهِمَا كَجَهْلِهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْجَاهِلُ وَقَوْلُهُ بِمَثْمُونٍ أَوْ ثَمَنٍ أَيْ قَدْرًا وَكَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً وَصِفَةً، وَإِنَّمَا فَصَّلَ فِي هَذَا الشَّرْطِ دُونَ مَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ بِأَنْ أَجْمَلَ فِيهَا لِيُعْلَمَ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا اُشْتُرِطَ فِي أَحَدِهِمَا فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْآخَرِ أَيْ لِيُعْلَمَ أَنَّ جَمِيعَ مَا مَرَّ شَرْطٌ فِيهِمَا أَيْ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَلَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى إجْمَالِهِ لَتُوُهِّمَ مِنْهُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَثْمُونِ فَرَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ تَفْصِيلًا) إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ مَجْهُولًا جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ قَوْلُهُ (كَعَبْدَيْ رَجُلَيْنِ) لِكُلِّ وَاحِدٍ عَبْدٌ أَوْ أَحَدُهُمَا لِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَوْ مُشْتَرَكَانِ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّفَاوُتِ كَثُلُثٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَانِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ عَكْسُهُ وَيَبِيعَانِهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً (بِكَذَا) فَالثَّلَاثُ فَاسِدَةٌ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَعَيْبٌ) يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي نَقْضِ شِرَائِهِ هُوَ وَلَا كَلَامَ لَهُ فِي مَحَلِّ الْجِذْعِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ بَيْعًا) أَيْ إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى مَوْضِعِ الْجِذْعِ بَيْعًا ثُمَّ أَقُولُ إنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ شَبَهَ احْتِبَاكٍ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَهُوَ مَضْمُونٌ فَلَا يَنْفَسِخُ وَقَوْلُهُ فَإِجَارَةٌ كَأَنَّهُ قَالَ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَيُفْسَخُ، وَقَوْلُهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَيْ مَوْضِعُ الْجِذْعِ وَقَوْلُهُ فَالْجَوَابُ حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَك وَكَانَ الْمُنَاسِبُ مَمْنُوعٌ بَلْ الْمُنَاسِبُ كَوْنُ الْبَائِعِ يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى عُلُوًّا عَلَى سُفْلٍ وَلَوْ تَأَمَّلَ السَّائِلُ لَمْ يَسْأَلْ

(قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ) أَيْ فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا بِجَامِعِ أَنْ لَا فَرْقَ أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ الشُّرُوطِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَالُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ إلَخْ (قَوْلُهُ النَّهْيُ الْخَاصُّ) بِأَنْ وَرَدَ حَدِيثٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخُصُوصِ الْكَلْبِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْخِنْزِيرِ نَهْيٌ خَاصٌّ بَلْ النَّهْيُ عَامٌّ يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الْفِقْهِ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ النِّصْفُ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ رَدَّ الْبَاقِيَ وَأَخَذَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ فَعَلَيْهِ رَدُّ الْبَاقِي (قَوْلُهُ اُنْظُرْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ اُنْظُرْ وَجْهَ عَدَمِ جَعْلِهِمْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا كَانَ التَّقْدِيرُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ؛ لِأَنَّهُمَا وَيُفْهَمُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ فَفَرَّقُوا بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ) أَيْ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ هَذَا) أَيْ إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً يُفْسَخُ الْكُلُّ وَإِلَّا فَلَا

(قَوْلُهُ وَجَهْلٌ بِمَثْمُونٍ) أَيْ كَبَيْعٍ بِزِنَةِ حَجَرٍ مَجْهُولٍ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَنٍ كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِسِعْرِ الْيَوْمِ أَوْ بِمَا يَبِيعُ بِهِ فُلَانٌ مَتَاعَهُ (قَوْلُهُ أَيْ وَمِمَّا يُشْتَرَطُ إلَخْ) وَلَا يَحْصُلُ الْفَسَادُ بِالْجَهْلِ إلَّا إذَا جَهِلَا مَعًا أَوْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا وَعَلِمَ الْعَالِمُ بِجَهْلِ الْجَاهِلِ وَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَالِمُ بِجَهْلِ الْجَاهِلِ فَلَا فَسَادَ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فَإِذَا ادَّعَى الْجَاهِلُ عَلَى الْعَالِمِ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا يَجْهَلُهُ حَلَفَ لِرَدِّ دَعْوَاهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَفُسِخَ الْبَيْعُ إلَّا أَنَّ فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ ضَعْفَ هَذَا التَّفْصِيلِ وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَنَّهُ يَفْسُدُ إذَا جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلِمَ الْعَالِمُ بِجَهْلِ الْجَاهِلِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ وَجَهِلَ أَحَدُهُمَا) إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ فَيَجُوزُ مَعَ جَهْلِ الْمُشْتَرِي كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَائِبٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَمْيَّةً) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ وَصِفَةً عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لِيَعْلَمَ) بِجَامِعٍ لَا فَارِقٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَفْصِيلًا) مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ إذَا كَانَ مَجْهُولًا جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا أَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا جُمْلَةً وَمَعْلُومًا تَفْصِيلًا لَجَازَ كَبَيْعِ الصُّبْرَةِ كُلُّ صَاعٍ بِكَذَا وَيُرِيدُ أَخْذَهَا بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ فَالثَّلَاثُ فَاسِدَةٌ) فَإِنْ مَضَى فَالْقِيمَةُ كَمَا قَالَ التُّونُسِيُّ ثُمَّ إنَّ هَذَا مُفِيدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَفِ الْجَهْلُ فَإِنْ انْتَفَى جَازَ كَمَا إذَا سَمَّيَا لِكُلِّ عَبْدٍ ثَمَنًا

ص: 22

وَظَاهِرُهُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِاشْتِرَاكِهِمَا أَمْ لَا فَقَوْلُهُ وَلَوْ تَفْصِيلًا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنَّ جَهْلَ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ مُضِرٌّ وَلَوْ كَانَ الْجَهْلُ فِي التَّفْصِيلِ وَلَا مَفْهُومَ لِعَبْدَيْنِ وَلَا لِرَجُلَيْنِ وَكَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الثَّمَنِ.

فَإِنْ قُلْت كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَصْدُقُ عَلَى مَا إذَا كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ وَهَذِهِ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا فَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ دُخُولَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَبْدَيْنِ مِثَالًا لِمَجْهُولِ التَّفْصِيلِ، وَإِذَا حَصَلَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى السَّوِيَّةِ فَالثَّمَنُ مَعْلُومُ التَّفْصِيلِ وَمِثْلُ جَهْلِ التَّفْصِيلِ جَهْلُ الصِّفَةِ فِي أَنَّهُ يُضِرُّ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِالْعَطْفِ عَلَى مَجْهُولِ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (وَرِطْلٍ مِنْ شَاةٍ) أَيْ أَنَّ الشَّخْصَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ رِطْلًا أَوْ كُلَّ رِطْلٍ مَثَلًا مِنْ لَحْمِ شَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَبْلَ سَلْخِهَا ذُبِحَتْ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ مُغَيَّبٌ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي لِلرِّطْلِ مَثَلًا هُوَ الْبَائِعُ لِلشَّاةِ وَوَقَعَ الشِّرَاءُ عَقِبَ الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ جَازَ وَلَوْ قَبْلَ السَّلْخِ.

(ص) وَتُرَابِ صَائِغٍ (ش) أَيْ وَمُنِعَ بَيْعُ تُرَابِ صَائِغٍ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى عَبْدَيْ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِمَا جُهِلَ تَفْصِيلًا، وَأَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِمَا جُهِلَ جُمْلَةً؛ لِأَنَّهُ إنْ رُئِيَ فِيهِ شَيْءٌ كَانَ مِثَالًا لِمَا جُهِلَ تَفْصِيلًا، وَإِنْ لَمْ يُرَ فِيهِ شَيْءٌ كَانَ مِثَالًا لِمَا جُهِلَ جُمْلَةً وَلَا مَفْهُومَ لِصَائِغٍ أَيْ أَوْ عَطَّارٍ فَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى صَائِغٍ أَيْ وَتُرَابٍ كَصَائِغٍ أَيْ تُرَابِ صَانِعِ صَنْعَةٍ مِنْ الصَّنَائِعِ الَّتِي تَخْتَلِطُ بِالتُّرَابِ وَيَعْسُرُ تَخْلِيصُهَا كَالْعَطَّارِينَ وَنَحْوِهِمْ (ص) وَرَدَّهُ مُشْتَرِيهِ (ش) أَيْ لِأَجْلِ فَسَادِ بَيْعِ مَا ذُكِرَ رَدَّهُ مُشْتَرِيهِ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ تَفُتْ فَإِنْ فَاتَتْ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ عَلَى غَرَرِهِ أَنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ هَذَا إنْ لَمْ يُخَلِّصْهُ (وَ) كَذَا (لَوْ خَلَّصَهُ) أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَلَى غَرَرِهِ وَيَبْقَى لِمُبْتَاعِهِ، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ خَلَّصَهُ أَنَّ هُنَاكَ شَيْئًا مُخَلَّصًا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ (وَلَهُ الْأَجْرُ) أَيْ وَحَصَلَ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ بِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ خَلَّصَهُ فَيَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ مَا زَادَ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُخَلَّصِ؛ لِأَنَّك قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ عَلَّقَ الْأُجْرَةَ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ مُخَلَّصٍ، وَهِيَ تَدُورُ مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا قِلَّةً وَكَثْرَةً فَيَكُونُ الْمُؤَلِّفُ لَوَّحَ لِطَرِيقِ ابْنِ يُونُسَ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ

(ص) لَا مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (ش) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ مَعْدِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يُبَاعُ بِصِنْفِهِ أَوْ بِغَيْرِ صِنْفِهِ فَشَيْءٌ آخَرُ سَيَأْتِي (ص) وَشَاةٍ قَبْلَ سَلْخِهَا (ش) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُ شَاةٍ مَثَلًا بَعْدَ ذَبْحِهَا وَقَبْلَ سَلْخِهَا جُزَافًا لَا وَزْنًا؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ بِخِلَافِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَوْ قَوَّمَا كُلًّا بِانْفِرَادِهِ وَدَخَلَا عَلَى الْمُسَاوَاةِ أَوْ جَعَلَا لِأَحَدِهِمَا جُزْءًا مُعَيَّنًا مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ قَبْلَ ذِكْرِهِ ثُمَّ بِيعَ عَقْدًا وَاحِدًا.

(قَوْلُهُ عَلَى السَّوَاءِ) أَيْ اتَّحَدَتْ حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْعَبْدَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا سُدُسُ كُلٍّ أَوْ ثُلُثُ كُلٍّ أَوْ نِصْفُهُ وَلِلْآخَرِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَا جَهْلَ فِي الثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ فَلَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهَذَا تَفْسِيرُ مُرَادٍ وَإِلَّا فَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي كُلِّ عَبْدٍ النِّصْفَ (قَوْلُهُ وَرِطْلٌ مِنْ شَاةٍ) أَيْ إذَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى جَعْلِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ قَبْلَ سَلْخِهَا) وَأَمَّا بَعْدَ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ فَجَائِزٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ تَدُورُ مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الْمُخَلَّصُ كَثِيرًا تَكُونُ الْأُجْرَةُ كَثِيرَةً وَقَلِيلًا قَلِيلَةً، وَلَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ أُجْرَةُ عِلَاجِهِ وَكَثْرَةُ تَعَبِهِ لَا كَثْرَةُ الْمُخْرَجِ وَقِلَّتُهُ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ شَيْءٍ.

(ثُمَّ أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُعَلِّقْ الْأُجْرَةَ بِالتَّخْلِيصِ بَلْ أَتَى بِهِ مُقْتَرِنًا بِوَاوِ الْعَطْفِ الْمُتَبَادِرِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَرَدَّهُ مُشْتَرِيهِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لِطَرِيقِ ابْنِ يُونُسَ إلَخْ) حَاصِلُ طَرِيقَةِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى قِيمَةِ مَا وَجَدَهُ، وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ عِلَّةُ الْأَجْرِ التَّخْلِيصُ فَالْأُجْرَةُ مَنُوطَةٌ بِالتَّخْلِيصِ فَإِذَا زَادَتْ الْأُجْرَةُ أَيْ أُجْرَةُ تَعَبِهِ عَلَى مَا خَلَّصَهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا خَلَّصَهُ فَإِذَا أَخْرَجَ عَشْرَةَ أَرْطَالٍ مِنْ الْفِلْفِلِ، وَكَانَ تَعَبُهُ خَمْسَةَ أَنْصَافٍ فَمَا لَهُ إلَّا الْخَمْسَةُ فَإِذَا كَانَ أَخْرَجَ مِنْ الْفُلْفُلِ مَا يُسَاوِي خَمْسَةً فِضَّةً وَأُجْرَةُ تَعَبِهِ خَمْسَةٌ فِضَّةٌ فَيَأْخُذُ الْخَمْسَةَ أَوْ يُعْطِيهِ مَا أَخْرَجَهُ وَمُقَابِلُهُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ وَيَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ وَإِذَا كَانَ أَجْرُ مِثْلِهِ أَزْيَدَ يَأْخُذُ الزَّائِدَ

(قَوْلُهُ أَيْ يَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ مَعْدِنِ الذَّهَبِ) أَيْ جُزَافًا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَوَازِ مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ مِنْ مَنْعِ تُرَابِ صَائِغٍ شِدَّةُ الْغَرَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ بِيعَ تُرَابُ مَعْدِنٍ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَأَمَّا نَفْسُ الْمَعْدِنِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَفِيهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَرَاضِي الْمَعَادِنِ؛ لِأَنَّ مَنْ أُقْطِعَتْ لَهُ إذَا مَاتَ أُقْطِعَتْ لِغَيْرِهِ وَلَمْ تُورَثْ، وَيَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَتُرَابِ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ (قَوْلُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ) ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَائِزٌ إذَا كَانَ بِغَيْرِ صِنْفِهِ وَأَمَّا بِصِنْفِهِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ (قَوْلُهُ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ) أَيْ وَمَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ، حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ يَكُونُ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ فَلَا يَجُوزُ وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ كَاَلَّتِي بِيعَتْ قَبْلَ السَّلْخِ جُزَافًا فَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ فَلِذَا جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا ثُمَّ نَقُولُ هَذِهِ التَّفْرِقَةُ لَا ظُهُورَ لَهَا؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ هُوَ الْمَبِيعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ مُغَيَّبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ شَأْنَ اللَّحْمِ أَنْ يُوزَنَ فَيَكُونَ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَكَأَنَّهُ لَمَّا بِيعَ جُزَافًا خَرَجَ عَنْ أَصْلِهِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ غَيْرِ اللَّحْمِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَيْسَتْ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ الْمُرَادُ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ أَصْلًا فَلَيْسَ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى الْقَيْدِ بَلْ الْمُقَيَّدُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ مُنْصَبًّا عَلَى الْقَيْدِ وَالْمَعْنَى بَلْ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْحَاضِرِ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ الذَّاتُ بِجُمْلَتِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا جُمْلَةٌ حَاضِرَةٌ، وَهَذَا لَيْسَ مَوْجُودًا فِيمَا إذَا بِيعَتْ عَلَى

ص: 23

كَالرِّطْلِ مِنْ الشَّاةِ كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ، وَمِثْلُهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ هُنَا عَلَى الْوَزْنِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ فَقَوْلُ تت بِالْجَوَازِ وَلَوْ بِيعَتْ وَزْنًا غَيْرُ ظَاهِرٍ فَقَوْلُهُ وَشَاةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى عَمُودٍ وَقَوْلُهُ قَبْلَ سَلْخِهَا وَأَوْلَى بَعْدَهُ

(ص) وَحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلٍ وَتِبْنٍ إنْ بِكَيْلٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يَجُوزُ أَيْضًا بَيْعُ الْحِنْطَةِ مَثَلًا بَعْدَ يُبْسِهَا فِي سُنْبُلِهَا وَتِبْنِهَا بَعْدَ دَرْسِهِ يُرِيدُ وَكُلُّ مَا يَصِلُ إلَى مَعْرِفَةِ جَوْدَتِهِ وَرَدَاءَتِهِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ بِفَرْكٍ وَنَحْوِهِ، وَجَوَازُ مَا ذُكِرَ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ وَقَعَ عَلَى الْكَيْلِ وَسَوَاءٌ اشْتَرَى الزَّرْعَ كُلَّهُ كُلَّ صَاعٍ بِكَذَا أَوْ اشْتَرَى مِنْ الْمَجْمُوعِ كَيْلًا مَعْلُومًا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ تَمَامُ حَصَادِهِ وَدِرَاسِهِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ بِكَيْلٍ مِمَّا لَوْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ الْكَيْلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ تِبْنِهِ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ مَا لَمْ يَرَهُ فِي سُنْبُلِهِ وَهُوَ قَائِمٌ وَيُحْرِزُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ حِينَئِذٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْمَنْفُوشِ حَيْثُ رَآهُ قَائِمًا

(ص) وَقَتٍّ جُزَافًا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْقَتِّ وَهُوَ الْحُزَمُ جُزَافًا لِإِمْكَانِ حَزْرِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) لَا مَنْفُوشًا (ش) إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ بَعْدَ حَصْدِهِ وَتَكْدِيسِهِ مَنْفُوشًا أَيْ مُخْتَلِطًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَآهُ قَبْلَ حَصْدِهِ وَهُوَ قَائِمٌ لِقَوْلِ عِيَاضٍ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا خُلِطَ فِي الْأَنْدَرِ لِلدِّرَاسِ أَوْ كُدِّسَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ قَبْلَ تَصْفِيَتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِهِ وَقَتٍّ جُزَافًا بِنَحْوِ الْقَمْحِ، وَأَمَّا نَحْوُ الْفُولِ وَالْحِمَّصِ مِمَّا ثَمَرَتُهُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي سَاقِهِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَمَنْفُوشًا حَالٌ مِنْ وَقَتٍّ بِنَاءً عَلَى مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ، وَإِطْلَاقُ الْقَتِّ عَلَى الْمَنْفُوشِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْفُوشًا عَطْفٌ عَلَى قَتٍّ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ

(ص) وَزَيْتِ زَيْتُونٍ بِوَزْنٍ إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَشْتَرِيَ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ زَيْتِ هَذَا الزَّيْتُونِ كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا قَبْلَ عَصْرِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُ الزَّيْتِ مِنْ الزَّيْتُونِ عِنْدَ النَّاسِ لَا يَخْتَلِفُ وَكَانَ الْعَصْرُ قَرِيبًا مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا أَوْ مُفَادُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ، وَلَوْ شُرِطَ فَإِنْ كَانَ خُرُوجُ الزَّيْتِ يَخْتَلِفُ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ وَرُؤْيَتِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ وَشَرْطُ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ كَكُلِّ بَيْعِ خِيَارٍ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ قَبْلَهُ صَرَّحَ بِهِ لِئَلَّا

ــ

[حاشية العدوي]

الْوَزْنِ وَذَلِكَ أَنَّهَا إذَا بِيعَتْ عَلَى الْوَزْنِ صَارَ الْمَنْظُورُ لَهُ كُلُّ رِطْلٍ رِطْلٌ لَا الذَّاتُ الْجُمْلَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا جُمْلَةٌ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ) أَيْ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلَ سَلْخِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ وَمِثْلُ الرِّطْلِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْوَزْنِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ

(قَوْلُهُ وَتِبْنٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ) لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ) وَكَانَ الْقِيَاسُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعَ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ لِلضَّرُورَةِ.

(تَنْبِيهٌ) :

قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحِنْطَةٍ إلَخْ لَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ بَدَا صَلَاحُهُ إنْ لَمْ يَسْتَتِرْ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَتَرَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى بَيْعِهِ جُزَافًا، وَأَمَّا عَلَى الْكَيْلِ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ) أَيْ جُزَافًا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرَهُ فِي سُنْبُلِهِ) فَإِنْ رَآهُ فِي سُنْبُلِهِ يُمْكِنُهُ حَزْرُ كُلٍّ مِنْ الْقَمْحِ وَالتِّبْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَظْهَرُ كَوْنُ الْقَمْحِ جُزَافًا وَحْدَهُ أَشَدُّ غَرَرًا فَلِذَا مُنِعَ بِخِلَافِ بَيْعِهِ مَعَ التِّبْنِ جُزَافًا فَلَمْ يَكُنْ غَرَرُهُ شَدِيدًا فَلِذَا جَازَ بَيْعُهُ مَعَهُ جُزَافًا إذَا رَآهُ فِي سُنْبُلِهِ وَهُوَ قَائِمٌ (قَوْلُهُ وَيُحْرِزُهُ) فَالْحَرْزُ يَتَعَلَّقُ بِكُلٍّ مِنْ الْقَمْحِ وَالتِّبْنِ

(قَوْلُهُ لَا مَنْفُوشًا) سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَنْدَرِ أَوْ فِي مَوْضِعِ حَصْدِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَآهُ قَبْلَ حَصْدِهِ) وَقَيَّدَ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَتْ أَطْرَافُهُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ عَلَى جِهَةِ التَّخَالُفِ، وَأَمَّا لَا عَلَى جِهَةِ التَّخَالُفِ فَيَجُوزُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ أَوْ كُدِّسَ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ أَوْ خُلِطَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكَدَّسَ أَوْ كُدِّسَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا نَحْوُ الْفُولِ وَالْحِمَّصِ مِمَّا ثَمَرَتُهُ مُتَفَرِّقَةٌ إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَآهُ قَبْلَ حَصْدِهِ وَقَوْلُهُ وَمَنْفُوشًا حَالٌ مِنْ قَتٍّ أَيْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ لَا قَتٍّ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَنْفُوشًا فَيَكُونُ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفًا، وَلَك أَنْ تَجْعَلَهُ حَالًا مِنْ مَوْصُوفِ قَتٍّ أَيْ لَا زَرْعِ قَتٍّ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَنْفُوشًا فَلَا يَكُونُ حَالًا مِنْ النَّكِرَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ فَقَدْ نَاقَشَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنْ جَعَلَهُ حَالًا يَحُوجُ إلَى تَكْرَارٍ لَا كَمَا فِي النَّعْتِ وَالْخَبَرِ نَحْوُ {لا فِيهَا غَوْلٌ} [الصافات: 47] {لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} [النور: 35] فَالْحَالُ وَالنَّعْتُ وَالْخَبَرُ يَتَكَرَّرُ مَعَهُ لَا (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ) أَيْ وَهُوَ النَّصْبُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ بِاعْتِبَارِ الْمَصْدَرِ الْمُقَدَّرِ وَالْمَعْنَى وَجَازَ بَيْعُ زَرْعٍ مَقْتُوتًا أَيْ مَحْزُومًا لَا مَنْفُوشًا، وَيَكُونُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ جَوَّزَ فِي الِاتِّبَاعِ مُرَاعَاةَ الْمَحَلِّ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

وَمَنْ رَاعَ فِي الِاتِّبَاعِ الْمَحَلَّ فَحَسَنٌ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِبَيْعِ الزَّرْعِ الْقَائِمِ أَرْبَعَةَ شُرُوطٍ أَحَدُهَا بَيْعُهُ جُزَافًا فَلَا يَجُوزُ بِالْفَدَّانِ كَمَا لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ كَذَلِكَ حَيْثُ جَعَلَاهُ مِعْيَارًا إلَّا إنْ حُرِزَ مَا فِيهِ مِنْ قَمْحٍ وَتِبْنٍ ثَانِيهَا كَوْنُ ثَمَرَتِهِ فِي رَأْسِ الشَّجَرَةِ كَالْقَمْحِ فَإِنْ كَانَتْ فِي جَمِيعِ قَصَبَتِهِ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ إمْكَانِ حَزْرِهِ ثَالِثُهَا كَوْنُ الْمَبِيعِ غَلَّتَهُ مَعَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ تِبْنٍ رَابِعُهَا أَنْ يُبَاعَ بَعْدَ يُبْسِهِ لَا قَبْلَهُ، وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ وَالثَّانِي فِي غَيْرِ الْبِرْسِيمِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ قَائِمًا فَلَا يُشْتَرَطَانِ فِيهِ لِعَدَمِ تَأَتِّيهِمَا، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشَّرْطَانِ الْآخَرَانِ وَاَلَّذِي يُحْزَرُ فِي غَيْرِ الْبِرْسِيمِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْبَيْعُ مِنْ حَبٍّ وَتِبْنٍ فِي بَيْعِ الْبِرْسِيمِ مَا فِيهِ مِنْ الْأَحْمَالِ إذَا بِيعَ عَلَى الرَّعْيِ وَبِهِ وَمِمَّا فِيهِ مِنْ الْحَبِّ إنْ بِيعَ لِيُحْصَدَ وَيُؤْخَذَ حَبُّهُ، وَإِذَا بِيعَ الْكَتَّانُ تَعَلَّقَ الْحَزْرُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْبِزْرِ وَالْكَتَّانِ

(قَوْلُهُ وَزَيْتُ زَيْتُونٍ) أَشْعَرَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى زَيْتُونًا عَلَى أَنَّ عَلَى رَبِّهِ عَصْرَهُ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ) أَيْ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ (قَوْلُهُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا) النَّحْوُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ) أَيْ

ص: 24

يُفْهَمَ الْفَسَادُ مُطْلَقًا إذَا اخْتَلَفَ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ أَيْ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ

(ص) وَدَقِيقِ حِنْطَةٍ (ش) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ دَقِيقِ حِنْطَةٍ قَبْلَ طَحْنِهَا عَلَى الْأَشْهَرِ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ آخُذُ مِنْك صَاعًا أَوْ كُلَّ صَاعٍ بِكَذَا مِنْ دَقِيقِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ كَمَا مَرَّ فِي الزَّيْتُونِ وَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ مَطْحُونًا وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ اخْتِلَافِ خُرُوجِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ طَحْنُهُ بِالْقُرْبِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ خُرُوجُهُ مُنِعَ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ وَلَيْسَ مَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَشْتَرِي مِنْك هَذَا الصَّاعَ عَلَى أَنْ تَطْحَنَهُ فَهَذَا بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَإِذَا أَوْفَاهُ إيَّاهُ حَبًّا خَرَجَ مِنْ ضَمَانِهِ

(ص) وَصَاعٍ أَوْ كُلَّ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَإِنْ جُهِلَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ عَدَدِ آصُعَ مِنْ صُبْرَةٍ مَعْلُومَةِ الصِّيعَانِ أَوْ مَجْهُولَتِهَا، وَكَذَا شِرَاءُ كُلِّ صَاعٍ بِكَذَا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَالْمُشْتَرَى جَمِيعُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ أَوْ مَجْهُولَتَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ) إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ كُلِّ صَاعٍ مِنْ الصُّبْرَةِ بِكَذَا حَيْثُ أُرِيدَ الْبَعْضُ سَوَاءٌ أَرَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لِجَهْلِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ حَالًا وَمَآلًا؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ الصَّادِقِ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالثَّمَنُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ ذَلِكَ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ الْجِنْسِ وَالْقَصْدُ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِكَذَا فَلَا يُمْنَعُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا وَاحِدًا مِنْهُمَا فَمُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ الْمَنْعُ

(ص) وَشَاةٍ وَاسْتِثْنَاءُ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الشَّاةَ مَثَلًا وَيَسْتَثْنِي مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ أَوْ أَكْثَرَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْلُغَ الثُّلُثَ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ كِبَرًا وَصِغَرًا، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الْأَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي شَاةٍ وَيَصِحُّ فِي اسْتِثْنَاءُ النَّصْبُ عَلَى الْمَفْعُولِ مَعَهُ وَالرَّفْعُ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَلَا يَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى شَاةٍ لِفَسَادِ الْمَعْنَى إذْ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ وَبَيْعُ اسْتِثْنَاءِ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ بَعْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ بَعْدَهُ لَا حَقَّ لَهُ وَاللَّاحِقُ لِلْعَقْدِ كَالْوَاقِعِ فِيهِ (ص) وَلَا يَأْخُذُ لَحْمَ غَيْرِهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي عِوَضًا عَنْ الْأَرْطَالِ الْمُسْتَثْنَاةِ عَدَدَهَا أَرْطَالًا مِنْ لَحْمِ غَيْرِ الشَّاةِ الْمَبِيعَةِ، وَلَوْ قَالَ وَلَا يَأْخُذُ بَدَلَهَا أَيْ الْأَرْطَالِ لَشَمَلَ أَخْذَ بَدَلِهَا لَحْمًا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ أَخْذُ غَيْرِ اللَّحْمِ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ فِي هَذِهِ هِيَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى فَعِلَّةُ الْمَنْعِ أَنَّهُ بَيْعُ لَحْمٍ مُغَيَّبٍ وَهُوَ يَمْتَنِعُ بِاللَّحْمِ وَغَيْرِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَصْرُهُ قَرِيبًا مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ

(قَوْلُهُ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ آخُذُ مِنْك صَاعًا أَوْ كُلَّ صَاعٍ) وَأُخِذَ جَمِيعُ هَذِهِ الصُّبْرَةِ لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ) أَيْ فَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَدَقِيقُ حِنْطَةٍ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ طَحْنِهِ بِالْقُرْبِ) فَحِينَئِذٍ يَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ شُرُوطِ زَيْتِ الزَّيْتُونِ كَمَا فِي شَرْحِ شب وَالْقُرْبُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) لَا يَخْفَى جَوَازُ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهِيَ مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَاسْتَخَفَّهُ مَالِكٌ بَعْدَ أَنْ كَرِهَهُ، وَكَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْقَمْحَ عُرِفَ وَجْهُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَجُعِلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ التَّخْفِيفَ وَالِاسْتِحْسَانَ لَا الْقِيَاسُ (أَقُولُ) إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي قَوْلَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ اخْتِلَافٍ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَإِذَا أَوْفَاهُ إلَخْ أَيْ فِي صُورَةِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَأَمَّا شِرَاءُ زَيْتُونٍ وَسِمْسِمٍ وَحَبِّ فُجْلٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ عَصْرَهُ أَوْ زَرْعُ قَائِمٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ حَصْدَهُ وَدَرْسَهُ فَلَا يَجُوزُ، وَكَأَنَّهُ ابْتَاعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَأَمَّا إنْ ابْتَعْت ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ لَك أَوْ نَعْلَيْنِ عَلَى أَنْ يَخْرُزَهُمَا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ شِرَاءُ غَزْلٍ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ لَك

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ عَدَدِ آصُعَ) هَذِهِ الصُّورَةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ صُبْرَةٍ مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ وَكَذَا يَجُوزُ ذِرَاعٌ أَوْ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ فَالْحِكَايَةُ لِلْخِلَافِ فِي كُلِّ صَاعٍ رَدًّا عَلَى ابْنِ مَسْلَمَةَ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ حِينَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ لَا مِنْهَا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ) كَمَا إذَا أَوْهَمَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا آصُعًا كَثِيرَةً وَمُرَادُهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضًا مِنْهَا قَلِيلًا، وَإِنَّمَا أَوْهَمَهُ لِيَتَسَاهَلَ لَهُ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَخْذٌ مِنْ تَوْبٍ أَوْ شُقَّةٍ أَوْ شَمْعَةٍ لِزِفَافٍ مَثَلًا وَأُرِيدَ الْبَعْضُ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ رُؤْيَةُ الصُّبْرَةِ وَالثَّوْبِ حَيْثُ اُشْتُرِطَ كُلُّ صَاعٍ أَوْ ذِرَاعٍ بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ حَزْرِهِ لَا لِتُعْلَمَ صِفَةُ الْمَبِيعِ، وَإِلَّا اكْتَفَى بِبَعْضِهِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ شُرُوطِ الْجُزَافِ كَمَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ بَقِيَّتِهَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْجُزَافَ هُنَا عَلَى الْكَيْلِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ جُزَافٍ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى ثُلُثَهَا أَوْ رُبُعَهَا مَثَلًا لَجَازَ (قَوْلُهُ حَالًا وَمَآلًا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُعْلَمُ مَآلًا حِينَ يَقِفُ عَلَى مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَآلِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْكَيْلِ قَبْلَ انْتِهَاءِ مَا يُرَادُ أَخْذُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ الْجِنْسِ) وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ كُلَّ صَاعٍ مُشْتَرًى جِنْسُهُ هَذِهِ الصُّبْرَةُ أَيْ جِنْسًا لَيْسَ مَشُوبًا بِتَبْعِيضٍ فَيَئُولُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ صَاعٍ بِكَذَا، وَالظَّاهِرُ قَبُولُ قَوْلِهِ حَيْثُ يَدَّعِي النِّسْيَانَ وَخَالَفَهُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ

(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى لَا مُشْتَرًى، وَإِلَّا كَانَ مِنْ بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ وَمَا بَقِيَ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى هُوَ الْمَبِيعُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى شَاةً قَبْلَ سَلْخِهَا إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا وَلَوْ بَلَغَ الثُّلُثَ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْلُغَ الثُّلُثَ) فَمَتَى بَلَغَهُ مُنِعَ وَلَوْ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ (قَوْلُهُ وَالرَّفْعُ إلَخْ) أَيْ وَجَازَ الرَّفْعُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الِاسْتِثْنَاءِ يُفِيدُ الْمُقَارَنَةَ الْمَقْصُودَةَ.

(تَنْبِيهٌ) :

إنَّمَا لَمْ يَجُزْ اسْتِثْنَاءُ الثُّلُثِ كَالصُّبْرَةِ وَالثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْمَنْعِ هُنَا أَشَدُّ كَمَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ قَرِيبًا وَمَحَلُّ هَذَا إنْ بِيعَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّلْخِ فَإِنْ بِيعَتْ بَعْدَهُ فَلِبَائِعِهَا اسْتِثْنَاءُ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ بِيعَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ بَاعَهُ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مُشْتَرًى) أَيْ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلشَّاةِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى لَا مُشْتَرًى كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا نَقْلًا (قَوْلُهُ أَنَّهُ بَيْعُ لَحْمٍ مُغَيَّبٍ)

ص: 25

وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ

(ص) وَصُبْرَةٍ وَثَمَرَةٍ وَاسْتِثْنَاءُ قَدْرِ ثُلُثٍ (ش) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ ثَمَرَةٍ وَبَيْعُ صُبْرَةٍ جُزَافًا وَاسْتِثْنَاءُ بَائِعِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَيْلًا قَدْرَ ثُلُثٍ مِنْهُمَا فَأَقَلَّ لَا أَكْثَرَ، وَأَشْعَرَ ذِكْرُ الْقَدْرِ بِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى كَيْلٌ فَلَوْ كَانَ شَائِعًا جَازَ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَجُزْءٍ مُطْلَقًا وَفَرَّقَ لِلْمَشْهُورِ بِجَوَازِ الثُّلُثِ هُنَا وَمَنْعُهُ فِي الشَّاةِ بِرُؤْيَةِ الْمَبِيعِ هُنَا وَعَدَمِهِ هُنَاكَ فَقَوْلُهُ وَصُبْرَةٍ عَطْفٌ عَلَى شَاةٍ

(ص) وَجِلْدٍ وَسَاقِطٍ بِسَفَرٍ فَقَطْ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ وَاسْتِثْنَاءُ سَاقِطِهِ وَهُوَ الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ جِلْدِهَا فِي السَّفَرِ إذْ لَا ثَمَنَ لَهُ هُنَاكَ وَكَرِهَهُ لِلْحَاضِرِ وَأَبْقَى أَبُو الْحَسَنِ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا أَيْ وَلَا يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ، وَأَمَّا الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ فَلَا يُكْرَهُ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ فَقَوْلُهُ بِسَفَرٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجِلْدٍ فَقَطْ وَلَيْسَ مِنْ السَّاقِطِ الْكَرِشُ وَالْكَبِدُ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَحْمٌ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ (ص) وَجُزْءٍ مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَجَازَ اسْتِثْنَاءُ جَزْءٍ شَائِعٍ مِنْ شَاةٍ فَمَا فَوْقَهَا أَوْ صُبْرَةٍ أَوْ ثَمَرَةِ نِصْفٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ سَفَرًا أَوْ حَضَرًا، وَكَأَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ مَا لَمْ يَسْتَثْنِ وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهُ عَلَى الذَّبْحِ أَوْ الْحَيَاةِ، وَيَكُونُ شَرِيكًا لِلْمُبْتَاعِ بِقَدْرِ مَا اسْتَثْنَى (ص) وَتَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي.

(ش) الضَّمِيرُ فِي تَوَلَّاهُ عَائِدٌ عَلَى الْمَبِيعِ لَا عَلَى الْجُزْءِ أَيْ تَوَلَّى شَأْنَهُ مِنْ ذَبْحٍ وَسَلْخٍ وَعَلَفٍ وَسَقْيٍ وَحِفْظٍ وَغَيْرِهِ فَأُجْرَةُ الذَّبْحِ فِي اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْبُورٍ عَلَى الذَّبْحِ إذْ لَوْ شَاءَ أَعْطَى جِلْدًا مِنْ عِنْدِهِ وَفِي أُجْرَةِ السَّلْخِ قَوْلَانِ وَأُجْرَةُ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ فِي اسْتِثْنَاءِ الْأَرْطَالِ عَلَيْهِمَا بِالْقِسْطِ وَفِي الْجُزْءِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ.

(ص) وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الذَّبْحِ فِيهِمَا بِخِلَافِ الْأَرْطَالِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ مَعَ السَّاقِطِ وَلَا فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجُزْءِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَرْطَالِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لِلْبَائِعِ لَحْمًا وَلَا يَتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِالذَّبْحِ (ص) وَخُيِّرَ فِي دَفْعِ رَأْسٍ أَوْ قِيمَتِهَا وَهِيَ أَعْدَلُ (ش) لِمَا قَدَّمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ أَوْ الرَّأْسِ ذَكَرَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ مِثْلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِلْدٍ وَرَأْسٍ أَوْ قِيمَتَهُ وَهِيَ أَعْدَلُ لِمُوَافَقَتِهِ الْقَوَاعِدَ فِي أَنَّهَا مُقَوَّمَةٌ وَلِلسَّلَامَةِ مِنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِمِثْلِهِ.

وَقَوْلُهُ فِي دَفْعِ رَأْسٍ نَائِبُ فَاعِلِ خُيِّرَ أَيْ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ تَخْيِيرُهُ أَوْ حُكِمَ بِالتَّخْيِيرِ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ بَاعَهُ الْبَائِعُ بِهَذَا الْبَدَلِ أَيْ غَابَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّلْخِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(تَنْبِيهٌ) :

إذَا حَصَلَ مَوْتٌ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْأَرْطَالَ لِلْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى

(قَوْلُهُ وَاسْتِثْنَاءُ قَدْرِ ثُلُثٍ) صُورَتُهَا أَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ إلَّا عَشَرَةَ أَرَادِبَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَدْرَ ثُلُثٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا بَاعَ الصُّبْرَةَ أَوْ الثَّمَرَةَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهَا شَيْئًا ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ إلَّا قَدْرَ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ، وَقَدْ جَعَلَ مُحَشِّي تت التَّفْصِيلَ إذَا أَبْقَاهُ لِيَأْخُذَهُ ثَمَرًا أَمَّا إذَا أَخَذَهُ مِنْ حِينِهِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا وَهُوَ مُطَّلِعٌ، وَإِنْ كَانَ الْجَمَاعَةُ لَمْ يُقَيِّدُوا (قَوْلُهُ لِلْمَشْهُورِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَاسْتِثْنَاءُ قَدْرِ ثُلُثٍ أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ لَا كَيْلًا وَلَا جُزَافًا اُنْظُرْ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ بِرُؤْيَةِ الْمَبِيعِ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ

(قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ) أَيْ فَقَطْ (قَوْلُهُ إذْ لَا ثَمَنَ لَهُ هُنَاكَ) تَرَدَّدَ الْأَبْهَرِيُّ فِيمَا لَوْ عُكِسَ الْحَالُ فِيهِ بِأَنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ فِي السَّفَرِ هَلْ يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ أَمْ لَا (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِمُقْتَضَى تِلْكَ الْعِلَّةِ، وَالْمُعْتَبَرُ سَفَرُ الْمُشْتَرِي فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ كَانَ بَائِعُهُ مُقِيمًا (قَوْلُهُ وَكَرِهَهُ فِي الْحَضَرِ) أَيْ؛ لِأَنَّ لَهُ ثَمَنًا وَوَجْهُ تِلْكَ الْعِلَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْجِلْدَ مِنْ جُمْلَةِ اللَّحْمِ، فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يُتَعَارَفْ أَكْلُهُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْمَأْكُولِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجِلْدٍ فَقَطْ) الصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَهُ بِسَفَرٍ رَاجِعٌ لِلْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ لَا خُصُوصِ الْجَلْدِ فَقَطْ كَمَا هُوَ مُفَادُ النُّقُولِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَحْمٌ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ) وَإِنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِمَا سَقَطٌ عُرْفًا فَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ لَا اسْتِثْنَاؤُهُ مَجْهُولًا.

(قَوْلُهُ وَتَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا اسْتَثْنَى الْجِلْدَ مَعَ السَّاقِطِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا اسْتَثْنَى أَرْطَالًا أَوْ جُزْءًا مُطْلَقًا فَإِنَّ أُجْرَةَ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فَمَا مَعْنَى تَوْلِيَةِ الْمُشْتَرِي الذَّبْحَ إنْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلذَّبْحِ، وَمَا مَعْنَى تَوْلِيَةِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إنْ عَادَ الضَّمِيرُ عَلَى الْمَبِيعِ وَفِي جَبْرِ مَنْ أَبَى الذَّبْحَ قَوْلَانِ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ أَنْكَرَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ حِكَايَةَ الْقَوْلِ بِالْجَبْرِ (قَوْلُهُ فَأُجْرَةُ الذَّبْحِ فِي اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ السَّاقِطِ.

وَأَمَّا أُجْرَةُ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ فِي اسْتِثْنَاءِ السَّاقِطِ وَحْدَهُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ فِي أُجْرَةِ السَّلْخِ قَوْلَانِ اقْتَصَرَ عب عَلَى أَنَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فَيُفِيدُ اعْتِمَادَهُ، وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ الثَّانِي وَذَلِكَ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ الْبَدَلَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الذَّبْحِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ تَشَاحَّا فِي الذَّبْحِ بِيعَتْ عَلَيْهِمَا، وَدُفِعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ، وَإِنَّمَا كَانَ أُجْرَةُ الذَّبْحِ عَلَيْهِمَا فِي الْجُزْءِ مَعَ عَدَمِ جَبْرِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ شَرِيكٌ فَبِسَبَبِ الشَّرِكَةِ كَانَتْ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ مَعَ السَّاقِطِ) مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِهِمَا مَسْأَلَةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ فِيهَا لَكَانَ أَظْهَرَ.

(قَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي دَفْعِ رَأْسٍ) أَيْ وَبَقِيَّةِ سَاقِطٍ وَمِثْلِ جِلْدٍ فَلَوْ قَالَ كَرَأْسٍ لَكَانَ أَشْمَلَ اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فَرَضَهُ الْعُلَمَاءُ فِي الْجِلْدِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّأْسِ مَقِيسَةٌ (قَوْلُهُ ذَكَرَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ إلَخْ) هَذَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافٌ هَلْ الْمُخَيَّرُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ صَدَرَ الْحِلُّ إشَارَةً لِجَوَابٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى أَوَّلًا عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ (قَوْلُهُ فِي أَنَّهَا مُقَوَّمَةٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مُقَوَّمَةٌ أَيْ وَشَأْنُ الْمُقَوَّمِ أَنْ يُرْجَعَ فِيهِ لِلْقِيمَةِ (قَوْلُهُ أَيْ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ إلَخْ) الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ التَّنَافِي الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَذَلِكَ

ص: 26

دَفْعِ مِثْلٍ أَوْ بَدَلِ رَأْسٍ أَوْ قِيمَتِهَا فَلَا يُنَافِي حِكَايَةَ الْخِلَافِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ التَّخْيِيرُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي قَوْلَانِ (ش) وَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِنَا بَدَلِ أَوْ مِثْلِ رَأْسٍ كَمَا قَرَّرْنَا؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ الذَّبْحِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ دَفْعُ الرَّأْسِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا حَيْثُ ذُبِحَتْ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُهَا إلَّا أَنْ تَفُوتَ فَقِيمَتُهَا وَهَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ اُسْتُحِقَّ أَخْذُهَا أَوْ يَوْمَ فَوَاتِهَا اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَخْذُهَا حَيْثُ ذُبِحَتْ وَلَمْ تَفُتْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ شَيْءٍ عَنْهَا وَلَوْ غَيْرَ لَحْمٍ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْطَالِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ.

وَلَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضٍ أَيْ غَيْرِ لَحْمٍ عَنْهَا وَعَلَيْهِ فَيَفْتَرِقُ مَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ فِي هَذَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَرْطَالِ وَهَذِهِ أَنَّ فِي الْأَرْطَالِ بَيْعَ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ بِخِلَافِ هَذِهِ ثُمَّ إنَّهُ أَنَّثَ قَوْلَهُ أَوْ قِيمَتَهَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الرَّأْسَ بِمَعْنَى الْهَامَةِ (ص) وَلَوْ مَاتَ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ مُعَيَّنٌ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي جِلْدًا وَسَاقِطًا إلَّا لَحْمًا (ش) يُرِيدُ بِالْمُعَيَّنِ مَا قَابَلَ الْجُزْءَ الشَّائِعَ فَيَدْخُلُ فِي الْمُعَيَّنِ اسْتِثْنَاءُ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ وَالْأَرْطَالِ فَإِذَا مَاتَتْ الشَّاةُ الَّتِي اُسْتُثْنِيَ مِنْهَا شَيْءٌ مُعَيَّنٌ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ لِلْبَائِعِ مِثْلَ الْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ وَهُوَ الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى الذَّبْحِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ لَهُ دَفْعَ مِثْلِهِمَا فَكَأَنَّهُمَا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَضْمَنُ لَهُ مِثْلَ اللَّحْمِ لِتَفْرِيطِ الْبَائِعِ فِي طَلَبِهِ بِالذَّبْحِ وَجَبْرُهُ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ مَا أَيُّ حَيَوَانٍ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ مُعَيَّنٌ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ شَائِعٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ لِلشَّرِكَةِ وَقَوْلُهُ لَا لَحْمًا مَا لَمْ يَأْكُلْهَا الْمُشْتَرِي فَيَضْمَنُ مِثْلَ الْأَرْطَالِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ

وَلَمَّا اُشْتُرِطَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَدَمُ الْجَهْلِ وَكَانَ الْجُزَافُ مِمَّا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ تَخْفِيفًا وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ بَيْعُ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ دُونَ أَنْ يُعْلَمَ وَالْأَصْلُ مَنْعُهُ وَخُفِّفَ فِيمَا شَقَّ عِلْمُهُ أَوْ قَلَّ جَهْلُهُ اهـ. ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ عَاطِفًا عَلَى عَمُودٍ بِقَوْلِهِ (ص) وَجُزَافٍ (ش) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ جُزَافٍ أَيْ صُودِفَ جُزَافًا، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ جُزَافٌ لَا مَا كَانَ مَدْخُولًا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَأْتِيَ لِلَّحَّامِ مَثَلًا وَعِنْدَهُ صُبْرَةُ لَحْمٍ مُجَزَّفَةٌ، وَتَقُولَ لَهُ زِدْنِي؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَحْصُلُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ إلَّا أَنَّهُ دَخَلَ مَعَهُ عَلَى الْجُزَافِ وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَدْخُولًا عَلَيْهِ، وَكَذَا لِلْعَطَّارِ فَيَدْفَعُ لَهُ دِرْهَمًا فَيَأْخُذُهُ وَيَجْعَلُ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْأَبَازِيرِ أَوْ الْفُلْفُلِ مَثَلًا فِي كَاغَدٍ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ وَيَذْهَبُ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْتَحَهَا؛ لِأَنَّهُ جُزَافٌ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَفْتَحَهَا وَيَنْظُرَ مَا فِيهَا وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ أَيْ بِالْفِعْلِ أَيْ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُتَعَاقِدَانِ قَدْرَهُ حَالَ الْعَقْدِ

(ص) إنْ رُئِيَ وَلَمْ يَكْثُرْ جِدًّا وَجَهِلَاهُ وَحَزَرَا

ــ

[حاشية العدوي]

لِأَنَّ قَوْلَهُ وَخُيِّرَ فِي دَفْعٍ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الَّذِي يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَيُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ وَهَلْ التَّخْيِيرُ لِلْبَائِعِ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي إلَخْ مَعَ أَنَّ عَدَمَ الْمُنَافَاةِ لَا يَحْصُلُ إلَّا إذَا أُرِيدَ مِنْ دَفْعِ مَصْدَرِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ أَيْ فِي أَنْ تُدْفَعَ رَأْسٌ.

(قَوْلُهُ يَوْمَ اسْتَحَقَّ أَخْذَهَا) أَيْ وَهُوَ يَوْمُ الذَّبْحِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَوْمُ الْفَوَاتِ أَيْ الَّذِي قَدْ يَكُونُ بَعْدَ يَوْمِ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ هُوَ الْمُوَافِقُ) كَذَا بِالْأَصْلِ بِدُونِ وَاوٍ وَالْمُنَاسِبُ زِيَادَةُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرُ لَحْمٍ عَنْهَا) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ دَفْعُ الْبَدَلِ وَأَنَّ الْمُتَعَيِّنَ إمَّا دَفْعُ الْأَصْلِ أَوْ قِيمَتُهُ لَا رَأْسٌ أُخْرَى مِثْلُ الرَّأْسِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا قَضِيَّةُ عج فَيَرِدُ أَنَّهُ مَا الْفَرْقُ حِينَ عَدَمِ الذَّبْحِ يُخَيَّرُ بَيْنَ دَفْعِ رَأْسٍ أَوْ الْقِيمَةِ وَحِينَ الذَّبْحِ، أَمَّا الْقِيمَةُ أَوْ الْأَصْلُ لَا الْبَدَلُ (قَوْلُهُ فَيَفْتَرِقُ مَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ) أَيْ وَهُوَ الْأَرْطَالُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَيَفْتَرِقُ) أَيْ فِي الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ وَهَذِهِ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ فِي دَفْعِ رَأْسٍ إلَخْ (قَوْلُهُ بِيعَ اللَّحْمُ الْمُغَيَّبُ) أَيْ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى بَاعَ الْأَرْطَالَ الْمُغَيَّبَةَ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ هَذِهِ أَيْ فَإِنَّ الرَّأْسَ مُتَمَيِّزَةٌ بِذَاتِهَا فَهِيَ مُعَيَّنَةٌ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَأْكُلْهَا الْمُشْتَرِي) أَيْ إلَّا أَنْ يَأْكُلَهَا الْمُشْتَرِي وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا ذُكِّيَتْ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا مَاتَتْ فَلَمْ تُذَكَّ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً إلَّا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ رَبُّهَا مُضْطَرًّا يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهَا فَأَكَلَهَا الْمُشْتَرِي مُخْتَارًا أَوْ مُضْطَرًّا فَيَضْمَنُ مِثْلَهَا وَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِهِ اسْتَثْنَى (قَوْلُهُ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ) احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَثُرَ جِدًّا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنَّ عِبَارَتَهُ تَصْدُقُ بِالصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ صَادِقٌ بِالْكَثِيرِ لَا جِدًّا وَصَادِقٌ بِالْقَلِيلِ الَّذِي لَا مَشَقَّةَ فِي عَدِّهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَشَقَّةَ الْعَدِّ شَرْطٌ خَارِجٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ كَمَا فِي الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ (قَوْلُهُ فِيمَا شَقَّ عِلْمُهُ) أَيْ عِلْمُ عَدَدِهِ فَهَذَا فِي الْمَعْدُودِ فَلَوْ أَمْكَنَ عَدُّهُ بِدُونِ مَشَقَّةٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَقَوْلُهُ أَوْ قَلَّ جَهْلُهُ أَيْ أَوْ لَمْ يَشُقَّ عِلْمُهُ بِأَنْ كَانَ يَسْهُلُ كَيْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ لَكِنْ قَلَّ جَهْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا فَيُمْكِنُ حَزْرُهُ فَهَذَا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْدُودَ لَوْ قَلَّ جِدًّا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَلَوْ قَلَّ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ جِدًّا فَيَمْتَنِعُ فِي الْكُلِّ الْمَعْدُودِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْكُلِّ مِنْ الْجَهْلِ الْقَلِيلِ الَّذِي يُمْكِنُ مَعَهُ الْحَزْرُ (قَوْلُهُ وَجُزَافٍ) مُثَلَّثِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ أَيْ صُودِفَ جُزَافًا) قَرَّرَ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ أَنَّ الْمُصَادَفَةَ جُزَافًا إنَّمَا هِيَ فِي الْمَعْدُودِ فَعَلَيْهِ فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يُسَلَّمُ وَنَقَلَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ عب أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ اشْتِرَاطَ مُصَادَفَةِ الْجُزَافِيَّةِ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جُزَافٌ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ) لَا يَظْهَرُ فِي قَوْلِهِ أَوْ يَكُونُ إلَخْ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ فِيهِ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ لَا كَوْنُهُ مَدْخُولًا عَلَيْهِ نَعَمْ قَوْلُهُ بَلْ الشَّرْطُ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَكْثُرْ جِدًّا) صَادِقٌ بِالْقَلِيلِ مُطْلَقًا جِدًّا أَوْ غَيْرَ جِدٍّ وَبِالْكَثِيرِ لَا جِدًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنَّ الْمَعْدُودَ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ قَلِيلًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ عَدُّهُ بِلَا مَشَقَّةٍ، فَلِذَلِكَ احْتَاجَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُعَدَّ (قَوْلُهُ وَجَهِلَاهُ) أَيْ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي

ص: 27

وَاسْتَوَتْ أَرْضُهُ وَلَمْ يَعُدْ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ الْجُزَافِ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَرْئِيًّا أَيْ حَاضِرًا لَا غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ عَلَى كَيْلٍ أَوْ مُغَيَّبًا فِي تِبْنِهِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُشْكِلُ جَوَازُ شِرَاءِ الظَّرْفِ الْمَمْلُوءِ جُزَافًا مَعَ أَنَّ الْمَرْئِيَّ مِنْهُ بَعْضُهُ؛ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِجُزَافٍ أَيْ وَجُزَافٍ مَرْئِيٍّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الشَّرْطِيَّةَ لَا تَقَعُ صِفَةً وَاعْلَمْ أَنَّ الْجُزَافَ قَدْ يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ كَمَا فِي مُغَيَّبِ الْأَصْلِ وَكَمَا فِي بَيْعِ مَا فِي الظَّرْفِ حَيْثُ وَجَدَهُ مَمْلُوءًا وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ بَاطِنِهَا.

وَهَذَا مُرَادُ مَنْ قَالَ يَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ فِي الْجُزَافِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَكْفِي رُؤْيَةُ الْبَعْضِ مُنْفَصِلًا عَنْهَا وَقَدْ يُبَاعُ الْجُزَافُ مَعَ عَدَمِ رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي قِلَالِ الْخَلِّ إنْ كَانَ يُفْسِدُهَا الْفَتْحُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا مَمْلُوءَةً أَوْ عَلِمَ مَا نَقَصَ مِنْهَا مِنْ ثُلُثٍ وَنَحْوِهِ وَيَكْفِي عِلْمُ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَلَوْ مِنْ الْبَائِعِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلَهُ ح وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ صِفَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْخَلِّ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكْثُرَ الْمَبِيعُ كَثْرَةً بَلِيغَةً بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ حَزْرُهُ.

وَأَمَّا أَصْلُ الْكَثْرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَمِنْهَا أَنْ يَجْهَلَ الْمُتَبَايِعَانِ قَدْرَ الْمَبِيعِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ؛ لِأَنَّهُ مَتَى عَلِمَ أَحَدُهُمَا وَجَهِلَ الْآخِرُ كَانَ الَّذِي عَلِمَ قَدْ قَصَدَ إلَى خَدِيعَةِ الَّذِي جَهِلَ وَبِعِبَارَةٍ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِقَدْرِهِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مِنْ بَيْعِ الْجُزَافِ، وَمِمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَالِمًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ سَوَاءٌ أَعْلَمَهُ بِعِلْمِهِ أَمْ لَا لَكِنْ إنْ أَعْلَمَهُ فَسَدَ وَإِلَّا فَلَا وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ بِأَنْ يَكُونَا مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوهُ وَإِنْ يَحْزِرَا بِالْفِعْلِ وَمِنْهَا أَنْ تَسْتَوِيَ أَرْضُ الْمَبِيعِ مِنْ انْخِفَاضٍ وَارْتِفَاعٍ

ــ

[حاشية العدوي]

وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا كَبَيْعِهِ عَدَدًا، وَهُمَا يَجْهَلَانِ عَدَدَهُ وَيَعْرِفَانِ وَزْنًا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ لَهُ جِهَتَانِ كَوَزْنٍ وَعَدَدٍ لَكِنْ جَهْلُهُ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعَدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ) أَيْ بِأَنْ عُدَّ بِمَشَقَّةٍ؛ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ) أَيْ الْجُزَافِ بِمَعْنَى الْمُجَزَّفِ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِذَا قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ.

(قَوْلُهُ أَيْ حَاضِرًا لَا غَائِبًا) هَذَا يُخْرِجُ اللَّفْظَ عَنْ ظَاهِرِهِ فَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ أَوْ مُغَيَّبٌ فِي تِبْنِهِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِالرُّؤْيَةِ عَلَى حَقِيقَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى كَيْلٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ جُزَافًا عَلَى كَيْلٍ فَعَلَى مَا قَالَهُ لَا يُبَاعُ الْجُزَافُ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ سَوَاءٌ بِيعَ عَلَى الْكَيْلِ أَمْ لَا وَفِي الْمَذْهَبِ أَقْوَالٌ الْأَوَّلُ يُبَاعُ بِهَا الثَّانِي لَا يُبَاعُ بِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ الرُّؤْيَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ، الثَّالِثُ يَكْتَفِي بِالرُّؤْيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْعَقْدِ فِي الثِّمَارِ عَلَى أُصُولِهَا وَفِي الزَّرْعِ الْقَائِمِ وَلَا يَكْتَفِي بِهَا فِي بَيْعِ الصُّبْرَةِ جُزَافًا، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْجُزَافَ سَوَاءٌ كَانَ حَبًّا أَوْ زَرْعًا قَائِمًا وَسَوَاءٌ كَانَ فَدَادِينَ أَمْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لَا عَلَى الصِّفَةِ وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الْكَيْلِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ وَعَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ الْحَبُّ جُزَافًا عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ هُوَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(قَوْلُهُ أَوْ مُغَيَّبٌ فِي تِبْنِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى غَائِبٌ وَإِنْ كَانَ الرَّسْمُ لَا يُسَاعِدُهُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَا مُغَيَّبًا فِي تِبْنِهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَقْضِي بِإِبْقَاءِ لَفْظِ الرُّؤْيَةِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَإِلَّا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الْحُضُورَ لَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَى الْقَمْحِ الْمُغَيَّبِ فِي أَصْلِهِ إذَا كَانَ حَاضِرًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْطَفَ عَلَى كَيْلٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ مُغَيَّبًا فِي تِبْنِهِ فَيَقْتَضِي جَوَازَهُ؛ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ، وَلَا يَكْفِي تَغْيِيبُهُ فِي تِبْنِهِ إلَّا عَلَى شِرَائِهِ جُزَافًا عَلَى الْكَيْلِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ الْحُضُورُ وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ رُؤْيَتُهُ كُلُّهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَاضِرٌ إلَخْ) يُقَالُ لَهُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ حَقِيقَتُهَا وَيُرَادُ مَرْئِيًّا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ كَمَا فِي مُغَيَّبِ الْأَصْلِ) بِأَنْ يَنْتَزِعَ عَنْ الْأَرْضِ فُجْلَةً وَيَنْظُرَ رَأْسَهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مُرَادُهُ إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ الْجُزَافِ عَلَى الْكَيْلِ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ يُبَاعُ الْجُزَافُ إلَخْ) وَقَدْ يُبَاعُ مَعَ عَدَمِ رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ كَبَيْعِ ثَمَرَةِ حَائِطٍ غَائِبٍ جُزَافًا بِالصِّفَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ اشْتِرَاطُ الرُّؤْيَةِ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي ثَمَرَةِ الْحَائِطِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ الْحَائِطُ الْغَائِبَةُ يُبَاعُ ثَمَرُهُ كَيْلًا أَوْ جُزَافًا أَيْ عَلَى الصِّفَةِ، وَهِيَ عَلَى مَسِيرَةِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا بِشَرْطٍ، وَإِنْ بَعُدَ جِدًّا كَأَفْرِيقِيَّةَ مِنْ مِصْرَ لَمْ يَجُزْ شِرَاءُ ثَمَرَتِهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا تُجَذُّ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَرًا يَابِسًا انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَصْلُ الْكَثْرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ) لَا يَظْهَرُ هَذَا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ بَيْعِ الْجُزَافِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ لَهُمَا، وَالْفَسَادُ إنَّمَا هُوَ إذَا حَصَلَ الْجَهْلُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَهَذَا إذَا فُسِّرَ الْجُزَافُ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا إذَا فُسِّرَ بِبَيْعِ الشَّيْءِ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا عَدَدٍ الصَّادِقُ بِذَلِكَ جُعِلَ قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَاهُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا عَلِمَاهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَعْلَمَهُ بِعِلْمِهِ أَمْ لَا) لَكِنْ إنْ لَمْ يُعْلِمْهُ فَالْحُرْمَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَالِمِ فَقَطْ، وَإِنْ أَعْلَمَهُ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا مَعًا أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنَا أَعْلَمُ قَدْرَهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ أَعْلَمَهُ فَسَدَ) بَلْ لَوْ أَعْلَمَهُ الْغَيْرُ بِعِلْمِهِ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَا مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوهُ، وَأَنْ يَحْزِرَا بِالْفِعْلِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ وَوَكَّلَا فِيهِ كَفَى بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ وَوَكَّلَا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ كَفَى ذَلِكَ قَالَ عج قَوْلُهُ وَحَزَرَا أَيْ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا اعْتَادَ الْحَزْرَ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ اللَّخْمِيِّ شَرْطُ الْجَوَازِ كَوْنُهُمَا مِمَّنْ اعْتَادَ الْحَزْرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْطِئُ إلَّا يَسِيرًا، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُعْتَادِهِ لَمْ يَجُزْ وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ انْتَهَى.

وَهَذَا يُفِيدُ اعْتِبَارَ اعْتِيَادِ الْحَزْرِ لَا مَعْرِفَتَهُ مُطْلَقًا، وَاعْتِيَادُهُ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ مَعْرِفَتِهِ وَمَا ذَكَرَهُ عج لَا يُنَافِي الِاسْتِظْهَارَ الَّذِي قُلْنَاهُ وَانْظُرْ إذَا كَانَا مِمَّنْ اعْتَادَ الْحَزْرَ غَيْرَ أَنَّ كَيْلَهُمَا أَوْ وَزْنَهُمَا مُخْتَلِفٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُحْرِزُ مَا فِي الْمَبِيعِ عَلَى قَدْرِ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ كَالْأَعْرَابِ يَبِيعُونَ السَّمْنَ جُزَافًا

ص: 28

فِي ظَنِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حَالَ الْعَقْدِ وَأَنْ يَكْشِفَ الْغَيْبَ عَنْ الِاسْتِوَاءِ فَإِنْ عَلِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ حَالَ الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَشَفَ الْغَيْبَ عَنْ عَدَمِ الِاسْتِوَاءِ فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ عُلْوَةٌ فَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ فِيهَا حُفْرَةٌ فَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ فَإِنْ انْتَفَى لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَيُخَيَّرُ مَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ مِنْهُمَا.

وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ فَهُوَ فِي الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ فَإِنْ قِيلَ الِاسْتِوَاءُ شَرْطٌ فِي الْحَزْرِ لَا فِي الْمَبِيعِ جُزَافًا قُلْنَا شَرْطُ الشَّرْطِ شَرْطٌ وَمِنْهَا أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ فَإِنْ انْتَفَتْ الْمَشَقَّةُ عُدَّ وَلَا يُبَاعُ جُزَافًا، وَأَمَّا مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا جُزَافًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ مَشَقَّةٌ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ وَبِعِبَارَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَدَّ مُتَيَسِّرٌ لِكُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ الشَّرْعِيَّيْنِ وَمِنْهَا أَنْ لَا تُقْصَدَ أَفْرَادُ الشَّيْءِ الْجُزَافِ كَالْجَوْزِ وَصِغَارِ السَّمَكِ فَإِنْ قُصِدَتْ الْأَفْرَادُ كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ أَفْرَادِ الشَّيْءِ الْجُزَافِ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْفَرْدِ الْمَفْهُومِ مِنْ أَفْرَادِهِ، وَإِلَّا كَانَ الْوَاجِبُ ثَمَنَهَا.

وَبِعِبَارَةٍ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِمَا يَلِيهِ أَيْ أَنَّ مَا تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ لَا يُبَاعُ جُزَافًا وَلَا بُدَّ مِنْ عَدِّهِ كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ مَا تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ كَالْبِطِّيخِ وَالْأُتْرُجِّ وَالرُّمَّانِ وَالْقِثَّاءِ وَالْمَوْزِ فَلَا يَضُرُّ فِيهِ قَصْدُ الْإِفْرَادِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَبِعِبَارَةٍ بِأَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأَفْرَادِ يَسِيرًا وَإِنْ كَانَتْ جُمْلَةُ الثَّمَنِ كَثِيرًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِلَّةَ بِالْعُرْفِ عِنْدَ مُعْتَادِي ذَلِكَ ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَعُّبِ فَقَالَ (ص) لَا غَيْرِ مَرْئِيٍّ وَإِنْ مِلْءَ ظَرْفٍ وَلَوْ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ (ش) غَيْرِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ إنْ رُئِيَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ جَرٌّ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِجُزَافٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَرْئِيٍّ لَا غَيْرِ حَاضِرٍ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ جُزَافًا.

وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ وَلَعَلَّهُ كَذَلِكَ لِلْخُرُوجِ عَنْ الرُّخْصَةِ وَلِأَجْلِ اشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاءُ مِلْءِ الظَّرْفِ الْفَارِغِ عَلَى أَنْ يَمْلَأَهُ أَوْ مَلَأَهُ ثَانِيًا بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ أَوَّلًا وَفَرَّغَهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَمْلُوءًا فَيَشْتَرِيَ مَا فِيهِ مَعَ مِلْئِهِ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِ مَا فِيهِ بِدِينَارٍ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ بِدِينَارٍ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ مَرْئِيٍّ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْبَائِعُ مِنْهُمْ يَحْزِرُ الْمَبِيعَ عَلَى قَدْرِ كَيْلِهِ وَالْمُشْتَرِي يَحْزِرُ الْمَبِيعَ عَلَى حُكْمِ الْأَرْطَالِ الْمِصْرِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ مِصْرِيًّا فَهَلْ يَجُوزُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَالِمٌ بِالْمَبِيعِ وَاخْتِلَافُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي التَّسْمِيَةِ أَمْ لَا، وَحَزَرَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَقَتَلَ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ عج.

(قَوْلُهُ وَأَنْ يَكْشِفَ الْغَيْبَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الِاسْتِوَاءِ حَالَ الْعَقْدِ فَقَطْ أَيْ فَهُوَ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْعَقْدِ فَقَطْ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ وَيَكُونُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى عَدَمِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَشَفَ الْغَيْبَ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ وَيُخَيَّرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كُشِفَ الْغَيْبُ لَا فِي حَالَةِ عِلْمِهِ عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ حَالَ الْعَقْدِ لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ، وَلَا يُعْقَلُ عَدَمُ جَوَازٍ حَيْثُ اعْتَقَدَا حَالَ الْعَقْدِ أَنَّهُ مُسْتَوٍ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ قَدْ عَلِمْت مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ شَرْطٌ أَيْضًا فِي الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ بِاعْتِبَارِ الِاعْتِقَادِ حَالَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ لَا فِي الْمَبِيعِ جُزَافًا) أَيْ لَا فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْمَبِيعِ جُزَافًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ الشَّرْعِيَّيْنِ) لِتَوَقُّفِهِمَا عَلَى آلَةٍ سَيَأْتِي مَا يُوَضِّحُهُ.

(قَوْلُهُ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْفَرْدِ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ التَّفْرِيعُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ فَرْدِ الشَّيْءِ الْجُزَافِ فَالضَّمِيرُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ أَيْ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْفَرْدِ بَلْ عَائِدٌ عَلَى الْأَفْرَادِ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ ثَمَنُهَا، وَيُوَافِقُ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ الضَّمِيرُ فِي ثَمَنِهِ رَاجِعٌ لِلْفَرْدِ الَّذِي فُهِمَ مِنْ أَفْرَادِهِ أَيْ لَا لِجُمْلَةِ الْجُزَافِ كَمَا هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأَفْرَادِ يَسِيرًا، وَإِنْ كَانَتْ جُمْلَةُ الثَّمَنِ كَثِيرًا انْتَهَى (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَا يَلِيهِ) أَيْ لِمَفْهُومِ مَا يَلِيهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ مَا تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ) أَيْ ثَمَنُ فَرْدٍ مَا تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ فَيُوَافِقُ الْعِبَارَةَ السَّابِقَةَ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ فَالضَّمِيرُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ فِيهِ قَصْدُ الْإِفْرَادِ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ فِي بَيْعِهِ جُزَافًا، فَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا (قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ) تَفْسِيرٌ لِقِلَّةِ الثَّمَنِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأَفْرَادِ يَسِيرًا، وَإِنْ كَانَتْ جُمْلَةُ الثَّمَنِ كَثِيرًا أَيْ وَلَوْ بِكَثْرَةِ ثَمَنِ كُلٍّ فَرْدٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يُبَاعُ جُزَافًا إمَّا أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تُقْصَدَ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ أَمْ لَا فَمَتَى عُدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ جُزَافًا قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَمَتَى عُدَّ بِمَشَقَّةٍ فَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَإِنْ قُصِدَتْ جَازَ جُزَافًا إنْ قَلَّ ثَمَنُهَا وَمُنِعَ إنْ لَمْ يَقِلَّ فَالْمَنْعُ فِي خَمْسَةٍ وَالْجَوَازُ فِي ثَلَاثٍ.

فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَأَقُولُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَعْدُودَاتُ إنْ قَلَّتْ أَثْمَانُهَا جَازَ بَيْعُهَا جُزَافًا وَإِنْ كَثُرَتْ أَثْمَانُهَا وَاخْتَلَفَتْ آحَادُهَا اخْتِلَافًا بَيِّنًا كَالثِّيَابِ وَالْجَوَاهِرِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا جُزَافًا، وَنَقَلَ كَلَامَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا وَأَقَرُّوهُ فَأَقُولُ إذَا عَلِمْت هَذَا فَمُفَادُهُ أَنَّ الْبِطِّيخَ وَالْأُتْرُجَّ مِمَّا قَلَّ ثَمَنُهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْأَفْرَادُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا، وَأَمَّا مَا كَثُرَ ثَمَنُهُ فَيُفْصَلُ فِيهِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَفْرَادُهُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا كَالثِّيَابِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ جُزَافًا وَإِلَّا جَازَ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقِلَّةِ الثَّمَنِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَلَا مَا قَالَهُ شب بَلْ كَوْنُهُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا عَدَاهُ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ التَّفَاوُتَ فِي أَفْرَادِ الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ قَلِيلًا يَصِحُّ بَيْعُهُ جُزَافًا وَلَا أَظُنُّ جَوَازَ ذَلِكَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ تَفَاوُتٌ كَثِيرٌ بَيْنَ أَفْرَادِ الْبِطِّيخِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَهُوَ مَا فِي تت حَيْثُ قَالَ إنَّ الْأُتْرُجَّ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقِلُّ ثَمَنُهُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْأُتْرُجُّ الَّذِي كُلُّهُ كَبِيرٌ أَوْ كُلُّهُ صَغِيرٌ، وَأَمَّا مَا بَعْضُهُ صَغِيرٌ وَبَعْضُهُ كَبِيرٌ فَلَا وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبِطِّيخِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاءُ مِلْءِ الظَّرْفِ الْفَارِغِ) يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ الظَّرْفُ مِكْيَالًا مَجْهُولًا

ص: 29

مَمْلُوءًا فَاشْتَرَاهُ بِدِينَارٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَقْصِدَا فِيهِ إلَى الْغَرَرِ وَفِي قَوْلِهِ امْلَأْهُ لِي ثَانِيًا بِدِينَارٍ قَصْدٌ إلَى الْغَرَرِ فِي الثَّانِي إذْ تَرَكَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِكْيَالٍ مَعْلُومٍ فَاشْتَرَاهُ بِمِكْيَالٍ مَجْهُولٍ (ص) إلَّا فِي كَسَلَّةِ تِينٍ (ش) أَيْ إلَّا أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ فِي سَلَّةِ تِينٍ أَوْ عِنَبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ مِلْئِهِ فَارِغًا أَوْ مِلْئِهِ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ التِّينَ وَالْعِنَبَ غَيْرُ مَكِيلٍ وَكَثُرَ تَكْيِيلُ النَّاسِ لَهُمَا بِالسِّلَلِ فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى الْمِكْيَالِ لَهُمَا وَالْقَمْحُ مَكِيلٌ فَمِلْءُ الْغِرَارَةِ مِنْهُ مِكْيَالٌ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّ الْغِرَارَةَ لَيْسَتْ بِمِكْيَالٍ لَهُ.

ثُمَّ عَطَفَ عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ مُشَارَكَةً فِي الْمَنْعِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ بِقَوْلِهِ (ص) وَعَصَافِيرَ حَيَّةٍ بِقَفَصٍ وَحَمَامِ بُرْجٍ وَثِيَابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَصَافِيرِ الْمَحْبُوسَةِ فِي قَفَصٍ وَأَوْلَى غَيْرُ الْمَحْبُوسَةِ لِدُخُولِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ فَلَا يُمْكِنُ الْحَزْرُ فَإِنْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً فَيَجُوزُ بَيْعُهَا جُزَافًا لِعَدَمِ التَّدَاخُلِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ حَمَامِ الْأَبْرَاجِ مُجَرَّدًا عَنْ بُرْجِهِ جُزَافًا عَلَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ عَدِّهَا وَحَزْرِهَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ بِجَوَازِهِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّامِلِ بِنَاءً عَلَى إمْكَانِ حَزْرِهَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ مَا فِي الْبُرْجِ مِنْ حَمَامٍ أَوْ بَيْعِهِ بِحَمَامِهِ جُزَافًا.

وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ بَيْعَ الْخَشَبِ الْمُلْقَى بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ جُزَافًا لِخِفَّةِ مُؤْنَةِ عَدَدِهِ كَالْغَنَمِ وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ صِغَارِهِ جُزَافًا انْتَهَى، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الثِّيَابِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ غَيْرِ الْحُوتِ الصَّغِيرِ جُزَافًا لِقَصْدِ إفْرَادِهِ فَذَكَرَ مَفْهُومَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ لَا غَيْرِ مَرْئِيٍّ وَمَا بَعْدَهُ وَالْأَخِيرُ بِقَوْلِهِ وَثِيَابٍ وَسَكَتَ عَنْ مَفْهُومِ غَيْرِهِمَا لِوُضُوحِهِ (ص) وَنَقْدٍ إنْ سُكَّ، وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ وَإِلَّا جَازَ (ش) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ أَيْضًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّقْدَ الْمَسْكُوكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ، وَتَدْخُلُ الْفُلُوسُ فِي النَّقْدِ وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ جَازَ بَيْعُهَا جُزَافًا لِعَدَمِ قَصْدِ الْآحَادِ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَسْكُوكِ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ فَقَطْ وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ إنْ سُكَّ أَيْضًا، وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْمَسْكُوكَ الْمُتَعَامَلَ بِهِ وَزْنًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَمِثْلُ النَّقْدِ الْفُلُوسُ وَالْجَوَاهِرُ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى النَّقْدِ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ لِحُصُولِهِ بِجِهَةِ الْكَمِّيَّةِ وَجِهَةِ الْآحَادِ؛ لِأَنَّهُ يَرْغَبُ فِي كَثْرَتِهَا لِيَسْهُلَ الشِّرَاءُ بِهَا وَلَا يُعَلَّلُ بِكَثْرَةِ الثَّمَنِ لِئَلَّا يَرُدَّ الْجَوَاهِرَ وَاللُّؤْلُؤَ وَنَحْوَهُمَا (ص) فَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِعِلْمِ الْآخَرِ بِقَدْرِهِ خُيِّرَ (ش) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَجَهِلَاهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إذَا عَلِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِأَنَّ الْآخَرَ كَانَ عَالِمًا حِينَ الْعَقْدِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ مِنْهُمَا يُخَيَّرُ كَعَيْبٍ دُلِّسَ فِيهِ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ إذَا كَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَلَهُمْ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ غَيْرُهُ وَإِلَّا جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاءُ حَاضِرٍ بِبَادِيَةٍ بِمِكْيَالِهَا لِعَدَمِ مِكْيَالٍ مَعْلُومٍ لَهُ بِهَا وَمِنْ جَوَازِ شِرَاءِ بَادٍ بِحَاضِرَةٍ بِمِكْيَالِهَا لِعَدَمِ مِكْيَالٍ مَعْلُومٍ لِلْبَادِي نَعَمْ شِرَاءُ مَا فِي الْمِكْيَالِ الْمَجْهُولِ جُزَافًا جَائِزٌ بِشُرُوطِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ مَكِيلٌ بِهِ مَعَ تَيَسُّرٍ مَعْلُومٍ (قَوْلُهُ كَسَلَّةِ تِينٍ) وَمِثْلُ سَلَّةِ التِّينِ قِرْبَةُ الْمَاءِ وَرِوَايَتُهُ وَجِرَارُهُ مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِبَيْعِ الْمَاءِ فِيهِ، وَبَيْعُ الْمَاءِ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْجُزَافِ وَلَكِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِضَمَانِ بَائِعِهِ إذَا انْشَقَّ ظَرْفُهُ قَبْلَ تَفْرِيغِهِ، وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْمِيَاهُ تَعَيَّنَ فَتْحُهُ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ وَالْعِنَبُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَدْخَلَ الْكَافَّ عَلَى سَلَّةٍ وَمُرَادُهُ الْمُضَافُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَصَافِيرَ حَيَّةٍ) أَيْ وَسَائِرُ مَا يَتَدَاخَلُ مِنْ الطَّيْرِ لَا يُبَاعُ جُزَافًا؛ لِأَنَّهُ يَمُوجُ وَيَدْخُلُ بَعْضُهُ تَحْتَ بَعْضٍ فَيَخْفَى حَزْرُهُ (قَوْلُهُ وَحُمَامِ بُرْجٍ) أَيْ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَيْهَا وَهِيَ فِي الْبُرْجِ لَا أَنَّهَا طَائِرَةٌ فِي الْهَوَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَقُولُ أَحَدٌ بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الَّذِي فِي الْبُرْجِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا لَمْ تُحِطْ بِهِ مَعْرِفَةٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا جَازَ، وَالْمُرَادُ بِالْإِحَاطَةِ بِهِ مَعْرِفَتُهُ بِالْحَزْرِ مُجَرَّدًا عَنْ بُرْجِهِ أَيْ وَأَمَّا مَعَ الْبُرْجِ فَجَائِزٌ لِكَوْنِهِ تَبَعًا (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ الْفُلُوسُ فِي النَّقْدِ) أَيْ حُكْمُهَا حُكْمُ النَّقْدِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفُلُوسَ لَيْسَتْ مِنْ جُزْئِيَّاتِ النَّقْدِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ إلَخْ) وَجْهُ الِاقْتِضَاءِ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ تَحْتَ إلَّا نَفَى الشَّرْطَيْنِ أَيْ إنْ لَمْ يُسَكَّ وَلَمْ يَتَعَامَلْ بِهِ عَدَدًا بَلْ وَزْنًا فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَسْكُوكَ الْمُتَعَامَلَ بِهِ وَزْنًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ فَعُلِمَ أَنَّ غَيْرَ الْمَسْكُوكِ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا تُعُومِلَ بِهِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا كَالْمَسْكُوكِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا، وَالْمُرَادُ بِالْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا مَا يُوزَنُ بِصَنْجَةٍ وَيَنْقُصُ صَرْفُهُ بِنَقْصِ وَزْنِهِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ عَدَدٍ، وَإِنْ تُعُومِلَ بِهِمَا مَعًا كَدَنَانِيرِ مِصْرَ وَقُرُوشِهَا رُوعِيَ الْعَدَدُ، وَدَرَاهِمُ مِصْرَ تَارَةً يَقَعُ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا، وَذَلِكَ فِي حَالَةِ الْمُنَادَاةِ عَلَى عَدَمِ التَّعَامُلِ بِالْمَقْصُوصِ مِنْهَا وَتَارَةً يَقَعُ التَّعَامُلُ بِهَا عَدَدًا فِي حَالِ التَّعَامُلِ بِالْمَقْصُوصِ مِنْهَا.

(أَقُولُ) وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَنَقُولُ لَا اقْتِضَاءَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ مُقَيَّدٌ بِاجْتِمَاعِ الْقَيْدَيْنِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجْتَمِعْ الْقَيْدَانِ صَادِقٌ بِنَفْيِهِمَا وَنَفْيِ أَحَدِهِمَا غَيْرَ أَنَّ شَيْخَنَا السَّلْمُونِيَّ قَرَّرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَسْكُوكٍ، وَيُتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا (قَوْلُهُ وَمِثْلُ النَّقْدِ الْفُلُوسُ وَالْجَوَاهِرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَ الْجَوَاهِرِ مِثْلَ ذَلِكَ مِمَّا يُقَوِّي مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ الْجَوَاهِرَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا سِكَّةٌ (قَوْلُهُ لِحُصُولِهِ) أَيْ الْكَثْرَةِ وَذُكِّرَ لِاكْتِسَابِهَا التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ وَالْمَعْنَى لِحُصُولِ الْغَرَرِ الْكَثِيرِ.

(قَوْلُهُ بِجِهَةِ الْكَمِّيَّةِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِجِهَةِ الْكَمِّيَّةِ أَيْ جِهَةٍ هِيَ الْكَمِّيَّةُ، وَقَوْلُهُ وَجِهَةِ الْآحَادِ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَرْغَبُ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِحُصُولِ كَثْرَةِ الْعَدَدِ بِجِهَةِ الْكَمِّيَّةِ وَقَوْلُهُ فِي كَثْرَتِهَا أَيْ الْآحَادِ لِيَسْهُلَ الشِّرَاءُ بِهَا، وَأَمَّا الشِّرَاءُ بِالْجَوَاهِرِ فَلَا يَسْهُلُ الشِّرَاءُ بِهَا وَكَذَا الْجُدُدُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ أَفْرَادُ النَّقْدِ يَتَيَسَّرُ الْبَيْعُ بِهَا وَلَا يَتَوَقَّفُ فِي الْبَيْعِ بِهَا بِخِلَافِ مَا عَدَاهَا مِنْ فُلُوسٍ وَجَوَاهِرَ يَكْثُرُ وَقْعُ الْغَرَرِ بِتَعَاطِي النَّاسِ ذَلِكَ كَثِيرًا (قَوْلُهُ وَلَا يُعَلَّلُ) أَيْ الْغَرَرُ وَقَوْلُهُ بِكَثْرَةِ الثَّمَنِ أَيْ

ص: 30

الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَيْهَا كَمَكِيلٍ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِكَيْلِهِ وَجَهِلَهُ الْآخَرُ.

أَمَّا لَوْ جَهِلَا كَيْلَهُ وَعَلِمَ أَحَدُهُمَا وَزْنَهُ أَوْ عَدَدَهُ فَلَا خِيَارَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي جَهْلِ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَيْهَا وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الْقَصَّارِ كَوْنَ عِلْمِ أَحَدِهِمَا عَيْبًا بِأَنَّ الْعَيْبَ إذَا أَعْلَمَ بِهِ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ بَلْ لِلْمُشْتَرِي الرِّضَا وَهُنَا لَوْ أَعْلَمَ الْعَالِمُ الْجَاهِلَ بِعِلْمِهِ فَسَدَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَعْلَمَهُ) أَيْ أَعْلَمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِعِلْمِهِ (أَوَّلًا) حِينَ الْعَقْدِ وَدَخَلَا عَلَى ذَلِكَ (فَسَدَ) الْعَقْدُ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ أَوْ بِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّيْءِ يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ إذَا قَارَنَهُ وَلَا يَفْسُدُ بِهِ إذَا اُطُّلِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.

قُلْت هَكَذَا عِبَارَةُ الْمُوَضَّحِ، وَمِثْلُهُ لِلشَّارِحِ وَفِيهَا حَزَازَةٌ فَلِذَا قَالَ مُحَشِّي التَّوْضِيحِ صَوَابُهُ لَا مُنَافَاةَ كَمَا قَالَ سَحْنُونَ فِيمَنْ بَاعَ أَمَةً، وَشَرَطَ أَنَّهَا مُغَنِّيَةٌ فَسَدَ الْبَيْعُ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ خُيِّرَ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (كَالْمُغَنِّيَةِ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إنْ بَيَّنَ غِنَاءَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ قَالَ الشَّيْخُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْقَصْدُ بِالتَّبْيِينِ زِيَادَةَ الثَّمَنِ لَا التَّبَرِّي، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ وَغِنَاءُ الْعَبْدِ لَيْسَ كَالْأَمَةِ فَلَا يُوجِبُ خِيَارًا وَلَا فَسَادًا فَقَوْلُهُ كَالْمُغَنِّيَةِ تَشْبِيهٌ تَامٌّ، وَلَمَّا كَانَ الْغَرَرُ الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ قَدْ يَكُونُ بِسَبَبِ انْضِمَامِ الْمَعْلُومِ إلَى الْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ انْضِمَامَهُ إلَيْهِ يَصِيرُ فِي الْمَعْلُومِ جَهْلًا لَمْ يَكُنْ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَجُزَافٌ.

فَإِذَا اجْتَمَعَ شَيْئَانِ فِي صَفْقَةٍ فَإِمَّا مَعْلُومَانِ أَوْ مَجْهُولَانِ وَسَيَأْتِيَانِ، وَإِمَّا مَعْلُومٌ وَمَجْهُولٌ وَهُوَ أَرْبَعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُمَا مَعًا الْكَيْلَ كَصُبْرَةِ حَبٍّ جُزَافًا وَأُخْرَى مِنْهُ كَيْلًا أَوْ أَصْلُهُمَا مَعًا الْجُزَافُ كَأَرْضٍ جُزَافًا وَأُخْرَى مِنْهَا ذَرْعًا أَوْ أَصْلُ مَا بِيعَ جُزَافًا الْكَيْلُ وَأَصْلُ مَا بِيعَ بِالْكَيْلِ الْجُزَافُ كَصُبْرَةٍ جُزَافًا وَأَرْضٍ ذَرْعًا أَوْ بِالْعَكْسِ كَأَرْضٍ جُزَافًا وَصُبْرَةٍ كَيْلًا فَالثَّلَاثُ الْأُوَلُ مَمْنُوعَةٌ لِخُرُوجِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا عَنْ الْأَصْلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ عَاطِفًا لَهُ بِالْجَرِّ عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ بِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى (وَجُزَافِ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ) وَفِي الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) جُزَافِ حَبٍّ مَعَ مَكِيلِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْعَيْبَ إذَا أَعْلَمَ بِهِ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ) أَعْلَمَهُ حَالَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ لِتَعَاقُدِهِمَا إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَسَدَ أَيْ فَسَدَ الْعَقْدُ لِدُخُولِهِمَا إلَخْ وَالْخَطَرُ مُرَادِفٌ لِلْغَرَرِ بِخِلَافِ إذَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَعَاقُدَ عَلَى غَرَرٍ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ يُجَابُ) أَيْ بِقَوْلِهِ لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ غَيْرَ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مِنْ كَلَامِ الْمُسْتَشْكِلِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ فِي كَلَامِكَ أَيُّهَا الْمُسْتَشْكِلُ مَا يَنْفِي إشْكَالَك وَهُوَ قَوْلُك لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ هَكَذَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ، وَيُجَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ إنَّمَا فَسَدَ هُنَا وَخُولِفَتْ الْقَاعِدَةُ لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْفَسَادِ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَدَمُ الْفَسَادِ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ حِينَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ هُنَا، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ وَخُولِفَتْ الْقَاعِدَةُ لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ بِخِلَافِ الْعَيْبِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَيْسَ فِي الِاطِّلَاعِ فِيهِ عَلَيْهِ حَالَ الْعَقْدِ تَعَاقُدٌ عَلَى غَرَرٍ وَخَطَرٍ.

(قَوْلُهُ كَوْنُ الشَّيْءِ) هُوَ عِلْمُ أَحَدِهِمَا بِعِلْمِ الْآخَرِ حَالَةَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ إذَا قَارَنَهُ) أَيْ الْعَقْدَ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ أَيْ إنَّمَا فَسَدَ عِنْدَ الْمُقَارَنَةِ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ وَلَمْ يَفْسُدْ بَعْدُ لِعَدَمِ دُخُولِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ (قَوْلُهُ عِبَارَةُ الْمُوَضَّحِ) أَيْ عِبَارَةُ التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ وَفِيهَا حَزَازَةٌ أَيْ رِكَّةٌ لَا يُفْهَمُ الْمَعْنَى بِهَا (قَوْلُهُ مُحَشِّي التَّوْضِيحِ) هُوَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا جَوَابَانِ فَإِنْ قُلْت هَلْ فَرَّقَ بَيْنَ الْجَوَابَيْنِ قُلْت فَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْأَوَّلِ ادِّعَاءُ الْمُلَازَمَةِ إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ كُلِّيَّةً تَنْقُضُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ عِنْدَ وُجُودِ الْغَرَرِ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الثَّانِي لَا نُسَلِّمُ الْمُلَازَمَةَ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الدُّخُولُ عَلَى الْغَرَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ سَحْنُونَ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي دُخُولَ الْكَافِ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَآخِرُ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّهَا دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ (قَوْلُهُ وَغِنَاءُ الْعَبْدِ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَهُ مَعَ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُخْشَى مِنْ غِنَائِهِ تَعَلُّقُ النَّاسِ بِهِ عَادَةً أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ

(تَتِمَّةٌ) هِيَ أَنَّهُ حَيْثُ حُكِمَ بِتَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي فِي الْجُزَافِ الَّذِي عَلِمَ الْبَائِعُ بِقَدْرِهِ فَفَاتَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْجُزَافِ وَحَيْثُ حُكِمَ بِفَسَادِ الْبَيْعِ فَفَاتَتْ الصُّبْرَةُ فَفِيهَا الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَإِنْ أَرَادَ الْمُبْتَاعُ أَنْ يَصْدُقَ الْبَائِعَ فِي الْمَكِيلَةِ وَيَرُدَّهَا أَيْ مِثْلَهَا لَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ عَلَى أُصُولِهِمْ فِي الِاقْتِضَاءِ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامًا، وَبَقِيَ حُكْمُ تَخْيِيرِ الْبَائِعِ حَيْثُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِهِ وَفَاتَ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْبَائِعِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ وَهَلْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ عَنْ ذَلِكَ طَعَامًا أَمْ لَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الِاقْتِضَاءُ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ انْضِمَامَهُ) أَيْ الْمَعْلُومِ إلَيْهِ أَيْ الْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُمَا مَعًا الْكَيْلَ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ اعْلَمْ أَنَّ مِنْ الْأَشْيَاءِ مَا الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا كَالْحُبُوبِ وَمِنْهَا مَا الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَيْلًا كَالْأَرْضِينَ وَالثِّيَابِ وَمِنْهَا مَا لَا يُبَاعُ كَيْلًا وَلَا جُزَافًا كَالْعَبِيدِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ فَقَوْلُهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُمَا مَعًا الْكَيْلَ هَذِهِ الْأُولَى فِي الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَصْلُهُمَا مَعًا الْجُزَافَ هَذِهِ الثَّالِثَةُ فِي الْمُصَنِّفِ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَجُزَافُ أَرْضٍ وَقَوْلُهُ أَوْ أَصْلُ مَا بِيعَ جُزَافًا هَذِهِ هِيَ الثَّانِيَةُ فِي الْمُصَنِّفِ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ أَوْ أَرْضٌ (قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى) أَيْ فِي الْمُصَنِّفِ لَا فِي الشَّارِحِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ.

(قَوْلُهُ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ) أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهَا، وَهَذِهِ الصُّبْرَةُ

ص: 31

أَرْضٍ) مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا فَخَرَجَا عَنْ الْأَصْلِ فَأَرْضٍ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مَجْرُورِ مِنْ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْجَارِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ.

وَفِي الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَجُزَافِ أَرْضٍ) مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا (مَعَ مَكِيلِهِ) بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْأَرْضِ نَظَرًا لِلْجِنْسِ وَتَأْنِيثُهُ مَنُونًا صِفَةٌ لِأَرْضٍ مَحْذُوفًا أَيْ مَعَ أَرْضٍ مَكِيلَةٍ لِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْأَصْلِ فَيَمْتَنِعُ الْجَمْعُ فِي هَذِهِ فِيمَا أَصْلُهُ الْجُزَافُ (لَا) إنْ اجْتَمَعَ جُزَافُ أَرْضٍ (مَعَ) مَكِيلٍ (حَبٍّ) مِمَّا أَصْلُهُ الْكَيْلُ فَلَا مَنْعَ لِمَجِيئِهِمَا عَلَى الْأَصْلِ وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَيَجُوزُ جُزَافَانِ) عَلَى أَيِّ حَالٍ بِثَمَنٍ أَوْ ثَمَنَيْنِ كَانَا عَلَى الْأَصْلِ أَوْ عَلَى خِلَافِهِ أَوْ خَالَفَ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْجُزَافِ الْوَاحِدِ مِنْ حَيْثُ تَنَاوُلُ الرُّخْصَةِ لَهُمَا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ صُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَتَمْرٍ جُزَافًا وَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ، وَيَجُوزُ بَيْعُ ثَمَرِ الْحَائِطَيْنِ جُزَافًا وَإِنْ اخْتَلَفَ تَمْرُهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (وَ) يَجُوزُ (مَكِيلَانِ) كَذَلِكَ صَفْقَةً وَاحِدَةً (ص) وَجُزَافٍ مَعَ عَرْضٍ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ جُزَافٌ عَلَى أَصْلِهِ أَوْ غَيْرِ أَصْلِهِ كَصُبْرَةٍ أَوْ قِطْعَةِ أَرْضٍ مَعَ عَرْضٍ كَعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ

(ص) وَجُزَافَانِ عَلَى كَيْلٍ إنْ اتَّحَدَ الْكَيْلُ وَالصِّفَةُ (ش) أَيْ وَيَجُوزُ جُزَافَانِ فِي صَفْقَةٍ عَلَى كَيْلٍ أَيْ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ إنْ اتَّحَدَ ثَمَنُ الْكَيْلِ وَالصِّفَةِ اتِّفَاقًا كَصُبْرَةِ تَمْرٍ وَأُخْرَى مِثْلُهَا كُلُّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا مَعًا لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ اتَّفَقَتْ الصِّفَةُ وَاخْتَلَفَ ثَمَنُ الْكَيْلِ كَصُبْرَتَيْ طَعَامٍ وَاحِدٍ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَةٌ بِدِينَارٍ وَالْأُخْرَى أَرْبَعَةٌ بِهِ لَمْ يَجُزْ لِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ أَوْ اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ وَاتَّفَقَ الثَّمَنُ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ بِدِينَارٍ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَوْ قَالَ إنْ اتَّحَدَتْ الصِّفَةُ وَثَمَنُ الْكَيْلِ لَأَفَادَ الْمُرَادَ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ مَعَ الِاخْتِلَافِ أَنَّهُ يَصِيرُ جُزَافًا عَلَى كَيْلٍ مَعَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ لَا يَجُوزُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَا يُضَافُ لِجُزَافٍ عَلَى كَيْلِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ جُزَافًا عَلَى أَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ بِكَذَا وَعَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ سِلْعَةَ كَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا بَلْ ثَمَنُهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا اشْتَرَى بِهِ الْمَكِيلَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ السِّلْعَةَ مِنْ الثَّمَنِ حِينَ الْبَيْعِ مَجْهُولٌ وَمَعْنَى مُطْلَقًا كَانَ الْغَيْرُ مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَذْرُوعًا وَبِعِبَارَةٍ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِلْغَيْرِ ثَمَنًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَعَ التَّسْمِيَةِ قَدْ يُسَاوِي أَكْثَرَ فَاغْتُفِرَ لِأَجْلِ هَذَا وَمَعَ عَدَمِهَا لَا يَدْرِي مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَعَلَى هَذَا

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَعْلُومَةُ الْقَدْرِ كَوْنُهَا عَشْرَةَ أَرَادِبَ ابْتِدَاءً، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي وَمِثْلُ الْمَكِيلِ الْمَوْزُونُ وَالْمَعْدُودُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ فَأَرْضٍ مَجْرُورٌ إلَخْ) .

وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَوْصُوفِ مَكِيلٍ أَيْ مَعَ حَبٍّ مَكِيلٍ وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يَلْزَمْ الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَخْفُوضِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْخَافِضِ، وَصِفَةُ أَرْضٍ مَحْذُوفَةٌ أَيْ مَكِيلَةٌ (قَوْلُهُ بِثَمَنٍ) كَقَوْلِهِ أَشْتَرِي مِنْك هَاتَيْنِ الصُّبْرَتَيْنِ بِدِينَارٍ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَنَيْنِ كَأَشْتَرِي مِنْك هَاتَيْنِ الصُّبْرَتَيْنِ هَذِهِ بِدِينَارٍ وَهَذِهِ بِدِينَارَيْنِ، وَقَوْلُهُ كَانَا عَلَى الْأَصْلِ أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الْقِطْعَةَ الْأَرْضَ وَهَذِهِ الْقِطْعَةَ الْأَرْضَ بِدِينَارٍ أَوْ هَذِهِ بِدِينَارٍ وَهَذِهِ بِدِينَارَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا مَثَّلْنَا مِنْ قَوْلِنَا كَأَشْتَرِي مِنْك هَاتَيْنِ الصُّبْرَتَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ خَالَفَ أَحَدُهُمَا كَأَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الْقِطْعَةَ الْأَرْضَ وَهَذِهِ الصُّبْرَةَ بِدِينَارٍ أَوْ هَذِهِ بِدِينَارٍ وَالثَّانِيَةَ بِدِينَارَيْنِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا جُزَافٌ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَيَجُوزُ جُزَافَانِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ صُبْرَةُ الْقَمْحِ بِدِينَارٍ وَصُبْرَةُ التَّمْرِ بِدِينَارَيْنِ (قَوْلُهُ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ) وَكَذَا بِثَمَنَيْنِ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ مَكِيلَانِ صُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ أَشْتَرِي مِنْك مَكِيلَيْنِ عَشَرَةَ أَرَادِبَ وَعَشَرَةَ أَرَادِبَ مَثَلًا قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ قَمْحًا وَشَعِيرًا كُلَّ إرْدَبٍّ بِكَذَا اتَّفَقَ الثَّمَنُ فِي الْمَكِيلَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَ اتَّفَقَتْ صِفَةُ الْمَكِيلَيْنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَجُزَافٍ مَعَ عَرْضٍ) أَيْ جُزَافٌ عَلَى غَيْرِ الْكَيْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا يُضَافُ لِجُزَافٍ إلَخْ (قَوْلُهُ كَصُبْرَةٍ) مِثَالٌ لِمَا إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ أَصْلِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ قِطْعَةِ أَرْضٍ مِثَالٌ لِلَّذِي كَانَ عَلَى أَصْلِهِ وَقَوْلُهُ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ أَيْ مِمَّا لَا يُبَاعُ كَيْلًا وَلَا جُزَافًا، وَإِنْ كَانَ الْعَرْضُ فِي الْأَصْلِ مَا عَدَا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْعُمُومَ لَيْسَ مُرَادًا، وَبَعْدُ فَفِي التَّمْثِيلِ بِالثِّيَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الثِّيَابِ أَنْ تُبَاعَ جُزَافًا، وَيَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ كَيْلًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ جُزَافًا فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْجُزَافَيْنِ وَإِنْ كَانَ كَيْلًا فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ جُزَافٍ مَعَ مَكِيلٍ

(قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ الْكَيْلُ) أَيْ الْمَكِيلُ، وَبَيَّنَ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِاخْتِلَافِ ثَمَنِ الْكَيْلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الدِّينَارُ فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثَةِ فَصَارَ كُلُّ إرْدَبٍّ بِثُلُثِ دِينَارٍ، وَإِذَا كَانَ أَرْبَعَةٌ بِدِينَارٍ يَكُونُ كُلُّ إرْدَبٍّ بِرُبُعِ دِينَارٍ فَقَدْ ظَهَرَ اخْتِلَافُ الثَّمَنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ كَلَامِهِ وَكَلَامِ عج أَنَّ الشَّرْطَ الِاتِّحَادُ فِي نَفْسِ الْكَيْلِ وَفِي ثَمَنِهِ أَيْضًا، وَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِلَافُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَوْلَى هُمَا مَنْعٌ (قَوْلُهُ وَثَمَنُ الْكَيْلِ) أَيْ الْمَكِيلِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَصِيرُ جُزَافًا عَلَى كَيْلٍ) أَيْ بِمَنْزِلَةِ جُزَافٍ عَلَى كَيْلٍ مَعَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَعِنْدَ أَشْهَبَ يَجُوزُ كَمَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ لَا يُضَافُ لِجُزَافٍ عَلَى كَيْلٍ) أَيْ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ صَرَّحَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِأَنَّ حُكْمَ الْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ حُكْمُ الْمَكِيلِ، وَصَرَّحَ الْقَبَّابُ بِأَنَّ اللَّبَنَ أَصْلُهُ الْكَيْلُ وَالزُّبْدَ أَصْلُهُ الْوَزْنُ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةٌ مُغَايِرَةٌ لِلْأُولَى (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِلْغَيْرِ ثَمَنًا) بِأَنْ قَالَ آخُذُ مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلُّ دِينَارٍ بِكَذَا وَهَذَا الثَّوْبَ بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعَ التَّسْمِيَةِ) أَيْ لِأَنَّ الْغَيْرَ مَعَ التَّسْمِيَةِ، وَقَوْلُهُ فَاغْتُفِرَ لِأَجْلِ هَذَا الْجُزَافِ وَالْمُغْتَفِرُ الْبَائِعُ، وَإِنَّمَا أَثَّرَ ذَلِكَ فِي الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَثَابَةِ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَلَا تَسْمِيَةَ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُضَافُ لِجُزَافٍ إلَخْ

ص: 32

لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ جُزَافًا عَلَى كَيْلٍ بِأَرْضِهِ

(ص) وَجَازَ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ وَالصُّوَانِ (ش) أَيْ وَجَازَ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِ مَكِيلٍ كَقَمْحٍ وَمَوْزُونٍ كَقُطْنٍ وَأَخْرَجَ الْمُقَوَّمَاتِ فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى مُشَارَكَةِ الْمُقَوَّمِ لِلْمِثْلِيِّ وَعَطْفُ الصُّوَانِ بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَهُوَ مَا يَصُونُ الشَّيْءَ كَقِشْرِ الرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ وَفِيهِ لُغَةٌ صِيَانٌ وَهَكَذَا فِي عِدَّةِ نُسَخٍ بِجَرِّ رُؤْيَةٍ بِالْبَاءِ وَعَلَى هَذَا فَفِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْمَحَلِّ عَنْ الْحَالِّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَاقِعٌ عَلَى مَا هُوَ دَاخِلُ الصُّوَانِ فَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ رُؤْيَةُ خَارِجِهِ عَنْ رُؤْيَةِ دَاخِلِهِ (ص) وَعَلَى الْبَرْنَامَجِ (ش) أَيْ وَجَازَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ مُعْتَمَدًا فِيهِ عَلَى الْأَوْصَافِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْبَرْنَامَجِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الدَّفْتَرُ الْمَكْتُوبُ فِيهِ صِفَةُ مَا فِي الْعِدْلِ وَكَانَ الْأَصْلُ مَنْعَهُ لَكِنَّهُ أُجِيزَ لِمَا فِي حِلِّ الْعِدْلِ مِنْ الْحَرَجِ عَلَى بَائِعِهِ مِنْ تَلْوِيثِهِ وَمُؤْنَةِ شَدِّهِ إنْ لَمْ يَرْضَهُ الْمُشْتَرِي فَأُقِيمَتْ الصِّفَةُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ فَإِنْ وُجِدَ عَلَى الصِّفَةِ لَزِمَ وَالْأَخِيرُ الْمُشْتَرِي (ص) وَمِنْ الْأَعْمَى (ش) أَيْ وَجَازَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَجَمِيعُ الْمُعَامَلَاتِ إلَّا بَيْعَ الْجُزَافِ وَشِرَاءَهُ مِنْ الْأَعْمَى غَيْرِ الْأَصَمِّ لِلضَّرُورَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَسَوَاءٌ وُلِدَ أَعْمَى أَوْ طَرَأَ عَمَاهُ فِي صِغَرِهِ أَوْ بَعْدَ كِبَرِهِ خِلَافًا لِلْأَبْهَرِيِّ فِي مَنْعِهِ بَيْعَ مَنْ وُلِدَ أَعْمَى وَفِي مَعْنَاهُ مَنْ تَقَدَّمَ إبْصَارُهُ فِي صِغَرِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَيَّلُ الْأَلْوَانَ، وَالْخِلَافُ فِيمَا لَا يُدْرَكُ إلَّا بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ وَلَا مَانِعَ فِيمَا يُدْرَكُ بِغَيْرِهَا مِنْ الْحَوَاسِّ وَلَا تَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْأَعْمَى الْأَصَمِّ بِخِلَافِ الْأَبْكَمِ الْأَصَمِّ (ص) وَبِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا (ش) عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ، أَيْ وَجَازَ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ وَبِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ حَاضِرًا بِهِ وَلَا تُشْتَرَطُ الْغَيْبَةُ إلَّا فِيمَا بِيعَ عَلَى الْوَصْفِ وَمَفْهُومُ لَا يَتَغَيَّرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَتَغَيَّرُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ أَيْ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ فَيَجُوزُ

(ص) وَحَلَفَ مُدَّعٍ لِبَيْعِ بَرْنَامَجٍ أَنَّ مُوَافَقَتَهُ لِلْمَكْتُوبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْبَرْنَامَجِ إذَا ادَّعَى بَعْدَمَا قَبَضَ الْمَتَاعَ وَغَابَ عَلَيْهِ عَدَمَ مُوَافَقَةِ الْمَتَاعِ أَوْ بَعْضِهِ لِمَا فِي الْبَرْنَامَجِ، وَقَدْ تَلِفَ الْبَرْنَامَجُ أَوْ بَقِيَ وَادَّعَى الْبَائِعُ فِيمَا ادَّعَى فِيهِ الْمُخَالَفَةَ أَنَّ الْمُبْتَاعَ غَيْرُ مَا أَتَى بِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ بِأَرْضِهِ) أَيْ مَعَ أَرْضِهِ بِأَنْ يَتَمَلَّكَ الْأَرْضَ الْمُشْتَرِي

(قَوْلُهُ وَجَازَ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ) أَيْ بَيْعُ الْبَتِّ وَأَوْلَى الْخِيَارُ أَيْ وَجَازَ الْبَيْعُ وَلَوْ جُزَافًا فَرُؤْيَةُ الْبَعْضِ كَافِيَةٌ فِي الْجُزَافِ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ حَاضِرًا فِي غِرَارَةٍ وَنَحْوِهَا، وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَكِيلُ مِنْ الْجُزَافِ إلَّا أَنَّ الْجُزَافَ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ وَالْمَكِيلُ يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ غَائِبًا (قَوْلُهُ وَالصُّوَانِ) عَطْفٌ عَلَى الْمِثْلِيِّ لَا عَلَى بَعْضٍ خِلَافًا لِلزَّرْقَانِيِّ فِي شَرْحِ شب وَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) عِبَارَةُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَيُفِيدُ اعْتِمَادَهُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمِثْلِيُّ (ثُمَّ أَقُولُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الصُّوَانَ لَيْسَ مِنْ الْمِثْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ هُوَ دَاخِلُ الصُّوَانِ.

(قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا فَفِيهِ التَّعْبِيرُ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى نُسْخَةِ الْبَاءِ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَجَازَ بَيْعُ الشَّيْءِ بِسَبَبِ رُؤْيَةِ الصُّوَانِ فَالصُّوَانُ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَجَوُّزٌ أَيْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَجَازَ رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ أَيْ وَجَازَ رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ فِي الْبَيْعِ إذْ الْكَلَامُ فِيهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِبَارَتَهُ تُفِيدُ أَنَّهُ عَلَى نُسْخَةِ الْبَاءِ فِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْمَحَلِّ أَيْ بِاسْمِ الْمَحَلِّ عَنْ الْحَالِ، وَأَمَّا عَلَى حَذْفِهَا فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَيْسَ فِيهِ التَّعْبِيرُ بِاسْمِ الْمَحَلِّ عَنْ الْحَالِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْبَرْنَامَجِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَقِيلَ بِفَتْحِهِمَا وَقِيلَ بِكَسْرِهِمَا قَالَ الزَّرْقَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا حَفِظَ مَا فِي الْعِدْلِ وَصِفَتَهُ كَانَ كَافِيًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَرْنَامَجًا.

(قَوْلُهُ صِفَةُ مَا فِي الْعِدْلِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ كَانَ ثَوْبًا وَاحِدًا مَطْوِيًّا كَالسَّاجِ الْمُدْرَجِ أَيْ الطَّيْلَسَانِ الْمَطْوِيِّ فِي وِعَاءٍ مِنْ الْجِلْدِ وَقِيلَ الثَّوْبُ الرَّفِيعُ لَمْ يُبَعْ عَلَى صِفَةٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَرَى مَا تُعْلَمُ بِهِ صِفَتُهُ إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي نَشْرِهِ وَطَيِّهِ وَالْعُدُولُ عَنْ ذَلِكَ مَعَ إمْكَانِهِ غَرَرٌ كَثِيرٌ أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَ يَحْصُلُ بِنَشْرِهِ فَسَادٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَالشِّرَاءُ) أَيْ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَ السِّلْعَةَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ لَهُ السِّلْعَةَ غَيْرَ الْبَائِعِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ حُلُولُو إلَّا أَنْ يُمْكِنَ عِلْمُ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ بِلَا وَصْفٍ كَالْمَسِّ فِي الشَّاةِ إذَا أَخْبَرَ بِسِنِّهَا وَالذَّوْقِ وَالشَّمِّ فِي الْأَدْهَانِ وَالْمِسْكِ.

(قَوْلُهُ إلَّا بَيْعَ الْجُزَافِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَصَفَهُ لَهُ اثْنَانِ عُدُولٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ مُعَامَلَةُ الْأَعْمَى الْأَصَمِّ) أَيْ لِتَعَذُّرِ الْإِشَارَةِ لَهُ بِخِلَافِ الْأَبْكَمِ الْأَصَمِّ فَتُمْكِنُ الْإِشَارَةُ لَهُ وَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ شِرَاءُ الْأَعْمَى مَا لَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْبَصِيرِ لَهُ فِي لَيْلٍ وَلَوْ مُقْمِرًا؛ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي شِرَائِهِ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي عَلِمَهُ بِالسَّمْعِ أَمْ لَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ لِلْأَعْمَى عَلَى الصِّفَةِ وَالْبَيْعَ عَلَى الْبَرْنَامَجِ وَبَيْعَ السَّاجِ الْمُدْرَجِ وَقِلَالِ الْخَلِّ مُطَيَّنَةً مُسْتَثْنًى مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْبَيْعِ عَلَى الصِّفَةِ أَنْ لَا يَكُونَ حَاضِرًا بِالْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى لَفْظِ مَا مَرَّ، وَهُوَ بِرُؤْيَةٍ إلَخْ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا عَلَى نُسْخَةِ وَرُؤْيَةٍ بِدُونِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ وَلَا تُشْتَرَطُ الْغَيْبَةُ) أَيْ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ

(قَوْلُهُ لِبَيْعِ بَرْنَامَجٍ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ بَرْنَامَجٍ (قَوْلُهُ أَنَّ مُوَافَقَتَهُ) أَيْ الْعِدْلِ الْمَبِيعِ لِلْمَكْتُوبِ فِي الْبَرْنَامَجِ حَاصِلَةٌ فَهُوَ مَعْمُولُ حَلَفَ أَوْ تَنَازَعَ فِيهِ كُلُّ مَنْ حَلَفَ وَمُدَّعٍ وَخَبَرُ إنَّ مَحْذُوفٌ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُدَّعِيًا الْمُوَافَقَةَ إلَّا أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْبَائِعِ هُنَا، وَبِذَلِكَ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الَّذِي يَحْلِفُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُبْتَاعَ) أَيْ: الْمُشْتَرِيَ.

(تَنْبِيهٌ) :

فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ غَرِمَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ فِي دَعْوَى الِاتِّهَامِ وَبَعْدَ يَمِينِ الْآخَرِ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ، وَأَمَّا لَوْ وَافَقَهُ أَنَّ الْمُبْتَاعَ

ص: 33

الْبَائِعُ أَنَّ مَا فِي الْعَدْلِ مُوَافِقٌ لِلْمَكْتُوبِ (ص) وَعَدَمِ دَفْعِ رَدِيءٍ أَوْ نَاقِصٍ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعِ مِنْ قَوْلِهِ لِبَيْعِ بَرْنَامَجٍ أَيْ وَحَلَفَ مُدَّعٍ عَدَمَ دَفْعِ رَدِيءٍ أَوْ نَاقِصٍ وَمُرَادُهُ أَنَّ مَنْ صَرَفَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مِنْ صَرَّافٍ أَوْ أَخَذَهَا مِنْ مُقْرِضٍ أَوْ مَدِينٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَقَبَضَهَا الْمَدْفُوعَةُ لَهُ بِقَوْلِ الدَّافِعِ إنَّهَا جِيَادٌ وَغَابَ عَلَيْهَا الْآخِذُ ثُمَّ رَدَّهَا أَوْ رَدَّ شَيْئًا مِنْهَا وَادَّعَى أَنَّهُ أَلْفَاهُ رَدِيئًا أَوْ نَاقِصًا وَأَنْكَرَ الدَّافِعُ لَهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ دَرَاهِمِهِ أَوْ دَنَانِيرِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا دَفَعْت إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِي ابْنُ يُونُسَ وَلَا يَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَلَا دَنَانِيرِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ النُّقَّادُ فِي الرَّدَاءَةِ وَالْجُودَةِ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّ الدَّيْنِ إلَّا مَا اُتُّفِقَ عَلَى جَوْدَتِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الدَّافِعَ فِي الْبَدَلِ إلَّا مَا اتَّفَقَ الشُّهُودُ عَلَى رَدَاءَتِهِ فَقَوْلُهُ وَحَلَفَ إلَخْ لَكِنْ يَحْلِفُ فِي النَّقْصِ عَلَى الْبَتِّ وَفِي الْغِشِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَنَقْصِ الْوَزْنِ يَحْلِفُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ كَمَا مَرَّ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهَا عَلَى الْمُفَاصَلَةِ أَوْ اخْتَلَفَا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الدَّافِعِ بِيَمِينٍ أَنَّهُ عَلَى الْمُفَاصَلَةِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهَا لِيُرِيَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ أَنَّ مَا قَبَضَهُ رَدِيءٌ أَوْ نَاقِصٌ بِيَمِينِهِ

(ص) وَبَقَاءُ الصِّفَةِ إنْ شَكَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا غَائِبًا عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ثُمَّ تَنَازَعَ هُوَ وَالْبَائِعُ فِي أَنَّ هَذِهِ هِيَ الصِّفَةُ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا أَوْ تَغَيَّرَتْ فَإِنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ الْمَبِيعُ فِيهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَإِنْ بَعُدَ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى عَلَى حَالِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي أَنَّهُ تَغَيَّرَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ حَالَ الْعَقْدِ، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِانْتِقَالِ عَلَى الصِّفَةِ فَحَيْثُ قَطَعَتْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ لِأَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ رَجَّحَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ.

وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ فَإِنَّهُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ بَقَاءِ الصِّفَةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حُلُولُو فَقَالَ فِي قَوْلِهِ وَبَقَاءُ الصِّفَةِ إنْ شَكَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَبِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا انْتَهَى (ص) وَغَائِبٍ وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الشَّيْءِ الْغَائِبِ وَلَوْ لَمْ يُوصَفْ لِلْمُشْتَرِي نَوْعُهُ وَلَا جِنْسُهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْخِيَارَ إذَا رَأَى الْمَبِيعَ لِيَخِفَّ غَرَرُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَأَمَّا عَلَى اللُّزُومِ أَوْ عَلَى السَّكْتِ فَيَفْسُدُ فِي غَيْرِ التَّوْلِيَةِ، وَأَمَّا هِيَ فَإِنَّ السُّكُوتَ فِيهَا لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ فَقَوْلُهُ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ لَا لِمَا قَبْلَهُ وَالْبَيْعُ مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَبَعْدَهَا لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ خِلَافًا لِعَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَتِهِمَا مَعًا.

(ص) أَوْ عَلَى يَوْمٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِيُفِيدَ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا بِاللُّزُومِ يَعْنِي أَنَّ مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ يَكْفِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ، وَمَنَعَهُ ابْنُ شَعْبَانَ لِسُهُولَةِ إحْضَارِهِ فِي الْيَوْمِ وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ لَا فِيمَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِالْخِيَارِ وَلَا فِيمَا بِيعَ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ وَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

مَا أَتَى بِهِ فَيَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لَزِمَ الْبَيْعُ، وَإِلَّا ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعٍ إلَخْ) إلَّا أَنَّ اللَّامَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى فِي وَبِاعْتِبَارِ الْمَعْطُوفِ زَائِدَةٌ لِلتَّقْوِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ النُّقَّادُ فِي الرَّدَاءَةِ وَالْجَوْدَةِ إلَخْ) أَيْ إذَا اخْتَلَفَ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّ الدَّيْنِ إلَّا مَا اتَّفَقَ الشُّهُودُ أَيْ الصُّرَّافُ عَلَى جَوْدَتِهِ، وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ بَدِّلْهُ لِأَنِّي وَجَدْته زَائِفًا فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبَدِّلَهُ إلَّا مَا اتَّفَقَ الصُّرَّافُ عَلَى رَدَاءَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ كَمَا مَرَّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي الْغِشِّ لِقَوْلِهِ جِيَادًا، وَمَا نَحْنُ فِيهِ نَقْصُ الْوَزْنِ وَأَيْضًا التَّحْقِيقُ فِي الْأَوَّلِ مُتَعَلِّقٌ بِكَوْنِهِ لَا يَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ فَقَطْ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَلَى بَعْدُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي مُطْلَقِ التَّحْقِيقِ، وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُخْتَلِفًا فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ) وَمَرْجِعُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (قَوْلُهُ فَحَيْثُ قُطِعَتْ إلَخْ) وَهَلْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ قَوْلَانِ، وَالْمُنَاسِبُ أَنَّهُ يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ.

(تَنْبِيهٌ) :

مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ إذْ مَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ لَا يَنْظُرُ فِيهِ لِمَا بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ قَطْعًا فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرْته فِيمَا إذَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي حَالَةِ الشَّكِّ مُخَالِفٌ لِمَا فِي مَسْأَلَةِ الْبَرْنَامَجِ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ عَلَى مَا وُصِفَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَرْنَامَجِ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْوُقُوفِ عَلَى الْمَبِيعِ بِعَيْنِهِ، وَتَرَكَ ذَلِكَ كَانَ كَالْمُصَدِّقِ لِلْبَائِعِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ عَلَى مَا وُصِفَ فِي الْبَرْنَامَجِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ الْمَبِيعِ بِالصِّفَةِ فَافْتَرَقَا فَإِنْ قُلْت فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي حَالَةِ الشَّكِّ بِيَمِينٍ، وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ فَفِي حَالَةِ الشَّكِّ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَا الْفَرْقُ قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَةِ مُعَلَّقٌ عَلَى بَقَاءِ صِفَةِ الْمَبِيعِ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا فَمَنْ ادَّعَى الِانْتِقَالَ فَهُوَ مُدَّعٍ وَهُوَ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْبَيْعِ عَلَى الصِّفَةِ فَإِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لَوْ تَنَازَعَا فِي عَيْنِ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ عَلَى الرُّؤْيَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَغَائِبٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى عَمُودٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِشَرْطٍ إلَخْ) فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُوصَفْ، وَأَمَّا الَّذِي وُصِفَ وَلَوْ كَانَ عَلَى اللُّزُومِ فَيَجُوزُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الشَّرْطِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُوصَفْ لِلْمُشْتَرِي فَيَجُوزُ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَمُقَابِلُهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ السُّكُوتَ فِيهَا لَا يَضُرُّ) عِبَارَةُ شب فَالسُّكُوتُ فِيهَا كَشَرْطِ الْخِيَارِ انْتَهَى فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى يَوْمٍ) أَيْ ذَهَابًا فَقَطْ (قَوْلُهُ لَا فِيمَا بِيعَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ ذَلِكَ عَلَى يَوْمٍ (قَوْلُهُ لَا فِيمَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِالْخِيَارِ) أَيْ الْخِيَارِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ

ص: 34

فِيمَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَدَّمَهُ لِجَمْعِهِ مَعَ نَظِيرِهِ فِي الْخِلَافِ إذْ لَوْ قَالَ وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَهُوَ عَلَى يَوْمٍ لَمْ يُفِدْ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَلَوْ قَالَ وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَوْ عَلَى يَوْمٍ لَطَالَتْ الْعِبَارَةُ.

(ص) أَوْ وَصْفِهِ غَيْرُ بَائِعِهِ (ش) وَصْفِ مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ مَعْطُوفٌ عَلَى وَصْفٍ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا وَصْفٍ وَالضَّمِيرُ فِي وَصْفِهِ عَائِدٌ عَلَى الْمَبِيعِ وَغَيْرُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ الْمَصْدَرِ أَيْ وَلَوْ بِلَا وَصْفِ الْمَبِيعِ غَيْرُ بَائِعِهِ، وَإِذَا انْتَفَى وَصْفُ غَيْرِ الْبَائِعِ ثَبَتَ وَصْفُ الْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مُفِيدًا لِلْخِلَافِ وَالصِّحَّةِ مَعَ وَصْفِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِوَصْفِ غَيْرِ بَائِعِهِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَا يُبَاعُ بِوَصْفِ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِوَصْفِهِ إذْ قَدْ يَقْصِدُ الزِّيَادَةَ فِي الصِّفَةِ لِإِنْفَاقِ سِلْعَةٍ، وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي النَّقْدِ فَقَطْ.

(ص) إنْ لَمْ يَبْعُدْ كَخُرَاسَانَ مِنْ أَفْرِيقِيَّةَ (ش) شَرْطٌ فِي الْمَبِيعِ عَلَى اللُّزُومِ كَانَ عَلَى وَصْفٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لِلْمُخَاطَرَةِ وَالْغَرَرِ، وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ وَلَوْ بَعُدَ جِدًّا عَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ وَقَوْلُهُ (وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ) الْمَنْفِيُّ بِلَا مَشَقَّةٍ شَرْطٌ فِي الْغَائِبِ الْمَبِيعِ عَلَى وَصْفٍ بِإِلْزَامٍ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ فَيَجُوزُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا بَيْنَ يَدَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَجِدَارٍ أَوْ فِي صُنْدُوقٍ مَثَلًا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ غَائِبًا وَكَوْنِهِ حَاضِرًا أَيْ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ رُؤْيَةٌ ثَانِيَةٌ

(ص) وَالنَّقْدُ فِيهِ (ش) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَجَازَ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ عَائِدٌ عَلَى الْغَائِبِ أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ تَطَوُّعًا فِي الْمَبِيعِ الْغَائِبِ عَقَارًا كَانَ أَوْ لَا حَيْثُ بِيعَ عَلَى اللُّزُومِ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ فَإِنْ بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ فِيهِ وَلَوْ تَطَوُّعًا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ فِي قَوْلِهِ وَمُنِعَ وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي مُوَاضَعَةٍ وَغَائِبٍ بِخِيَارٍ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا النَّقْدَ بِالتَّطَوُّعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ (ش) إذْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ الْمَذْكُورِ أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ بِشَرْطٍ فِي الْعَقَارِ بِشَرْطِ أَنْ يُبَاعَ عَلَى اللُّزُومِ، وَأَنْ لَا يُبَاعَ بِوَصْفِ الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا جَازَ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ وَإِنْ بَعُدَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ لَا يُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِذَا إذَا قَرُبَتْ مَسَافَةُ غَيْرِهِ وَلَوْ حَيَوَانًا كَالْيَوْمَيْنِ جَازَ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُؤْمَنُ تَغَيُّرُهُ غَالِبًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَفِي غَيْرِهِ إنْ قَرُبَ كَالْيَوْمَيْنِ (ش) أَيْ وَجَازَ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ إنْ بِيعَ بِغَيْرِ وَصْفِ بَائِعِهِ وَبِيعَ عَلَى اللُّزُومِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَقَرُبَ مَكَانُهُ كَالْيَوْمَيْنِ ذَهَابًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ مَالِكٍ الْقَرِيبُ مَا كَانَ عَلَى يَوْمٍ وَنَحْوُهُ ابْنُ شَاسٍ وَقِيلَ نِصْفُ يَوْمٍ فَفِي الْإِتْيَانِ بِالْكَافِ مَعَ الْيَوْمَيْنِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا مَنَعَ النَّقْدَ مَعَ الشَّرْطِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ مَعَ الْبُعْدِ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ وَهُوَ جَهْلٌ فِي الثَّمَنِ (ص) وَضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي (ش) أَيْ وَضَمِنَ الْعَقَارَ الْمُشْتَرِي جُزَافًا إذَا

ــ

[حاشية العدوي]

كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الثَّوْبِ مَثَلًا فَهُوَ غَيْرُ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا فِيمَا بِيعَ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ حِينَ يَرَاهُ يَثْبُتُ لَهُ الِاخْتِيَارُ (قَوْلُهُ فَكَانَ حَقُّهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّ كَلَامَهُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ مَفْرُوضٌ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ وَالْكَلَامُ قَبْلُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْغَائِبِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْغَائِبِ مُطْلَقًا كَانَ عَلَى الْوَصْفِ أَوْ لَا.

(تَنْبِيهٌ) :

اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِ حَاضِرِ الْبَلَدِ مَعَ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ حَاضِرَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ إلَّا فِيمَا فَتْحُهُ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ وَغَيْرُ حَاضِرٍ مَجْلِسَ الْعَقْدِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ وَلَوْ بِالْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إحْضَارِهِ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ لَطَالَتْ الْعِبَارَةُ) أَيْ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ أَوْ وَصَفَهُ غَيْرُ بَائِعِهِ) .

(تَنْبِيهٌ) :

يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ عَلَى الصِّفَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مِمَّنْ يَعْرِفُ مَا وُصِفَ لَهُ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي النَّقْدِ) أَيْ وَصْفُ غَيْرِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ) جِدًّا أَيْ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ يُدْرَكُ عَلَى مَا رُئِيَ أَوْ وُصِفَ (قَوْلُهُ كَخُرَاسَانَ مِنْ أَفْرِيقِيَّةَ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا يُظَنُّ فِيهِ التَّغَيُّرُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ.

(تَنْبِيهٌ) :

إذَا اجْتَمَعَ الْبَيْعُ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَعَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ فَالْحُكْمُ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ) فِي الصُّورَتَيْنِ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا بَاعَهُ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ وَمِنْ غَيْرِ وَصْفٍ وَلَا تَقَدُّمِ رُؤْيَةٍ فَيَجُوزُ وَلَوْ بَعُدَ جِدًّا (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ) أَيْ أَوْ عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ رُؤْيَةٌ ثَانِيَةٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ

(قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَجَازَ) أَيْ فَاعِلِ جَازَ (قَوْلُهُ وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ) سَوَاءٌ بِيعَ مُزَارَعَةً أَوْ جُزَافًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النَّقْدُ فِيهِ إنْ بِيعَ مُزَارَعَةً ضَعِيفٌ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت فَانْظُرْهُ، وَذَكَرَ أَيْضًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْوَصْفِ وَلَا يُشْتَرَطُ الذَّرْعُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ وَالدَّارِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّ الدَّارَ لَا بُدَّ فِيهَا مَعَ الْوَصْفِ مِنْ ذِكْرِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ وَذِكْرُ النَّصِّ الْمُفِيدِ لِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُبَاعَ عَلَى اللُّزُومِ) وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ وَلَوْ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُبَاعَ بِوَصْفِ الْبَائِعِ) أَيْ، وَأَمَّا بِوَصْفِ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ وَلَوْ تَطَوُّعًا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ) مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مَا كِيلَ أَوْ وُزِنَ أَوْ عُدَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ إنَّمَا هُوَ عَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ الَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ إنْ بِيعَ مُزَارَعَةً لَا عَلَى الْإِطْلَاقِ الَّذِي هُوَ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَعَنْ مَالِكٍ الْقَرِيبُ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ مَالِكٍ هُوَ عَيْنُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنْ يُرَادَ مِنْ نَحْوِ الْيَوْمِ يَوْمٌ آخَرُ (قَوْلُهُ فَفِي الْإِتْيَانِ) لَيْسَ هُنَاكَ مَا يَقْتَضِي التَّفْرِيعَ نَعَمْ لَوْ قَالَ وَقَرُبَ مَكَانُهُ وَهُوَ الْيَوْمَانِ أَوْ قَالَ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ كَمَا فِي عب لَحَسُنَ (قَوْلُهُ أَيْ وَضَمِنَ الْعَقَارَ الْمُشْتَرَى جُزَافًا) وَأَمَّا إذَا بِيعَ مُزَارَعَةً

ص: 35

أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ سَالِمًا الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ بَعُدَ مَكَانُهُ أَوْ قَرُبَ وَسَوَاءٌ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُقَيِّدَةٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَإِلَّا الْغَائِبَ فَبِالْقَبْضِ (ص) وَضَمِنَهُ بَائِعٌ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ مُنَازَعَةٍ (ش) أَيْ وَضَمِنَ غَيْرَ الْعَقَارِ سَوَاءٌ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا بَائِعَ، وَقَوْلُهُ إلَّا لِشَرْطٍ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ إلَّا لِشَرْطٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْعَقَارِ عَلَى الْبَائِعِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيُعْمَلُ بِالشَّرْطِ وَيَنْتَقِلُ الضَّمَانُ عَمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ إلَى مَنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُنَازَعَةٌ الْأَحْسَنُ رُجُوعُهُ لِمَا كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي إمَّا أَصَالَةً فِي الْعَقَارِ أَوْ بِالشَّرْطِ فِي غَيْرِهِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الضَّمَانِ فِي الْعَقَارِ أَصَالَةً أَوْ فِي غَيْرِهِ بِالشَّرْطِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ تَحْصُلْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ صَادَفَ الْمَبِيعَ هَالِكًا أَوْ بَاقِيًا أَوْ سَالِمًا أَوْ مَعِيبًا فَإِنْ حَصَلَتْ مُنَازَعَةٌ فِيمَا ذُكِرَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، وَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ انْتِفَاءُ الضَّمَانِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَعَزَاهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ (ص) وَقَبَضَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي (ش) أَيْ وَقَبَضَ الْغَائِبُ وَالْخُرُوجُ لِلْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا هُوَ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْعِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ الْعَامَّةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَوَانِعَ مُخْتَصَّةٍ بِبَعْضِ أَنْوَاعِهِ فَمِنْهَا الرِّبَا مَقْصُورًا وَهُوَ رِبَا فَضْلٍ أَيْ زِيَادَةٍ وَنَسَاءٍ بِالْمَدِّ مَهْمُوزٌ وَهُوَ التَّأْخِيرُ فَقَالَ (ص) وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ رِبَا فَضْلٍ وَنَسَاءٍ (ش) أَيْ وَحَرُمَ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا وَصَحَّ رُجُوعُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ إبَاحَةِ رِبَا الْفَضْلِ {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فِي الصَّحِيحِ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَهُ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ» فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مَضْرُوبٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَمَصْلَحَةٍ رِبَا فَضْلٍ أَيْ زِيَادَةٍ وَنَسَاءٍ أَيْ تَأْخِيرٍ لَكِنْ رِبَا الْفَضْلِ يُمْنَعُ فِيمَا اتَّحَدَ جِنْسُهُ مِنْ النَّقْدِ وَاتَّحَدَ مِنْ الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي مُخْتَلِفِ الْجِنْسِ فِيهِمَا يَدًا بِيَدٍ وَرِبَا النَّسَاءِ يَحْرُمُ فِي النُّقُودِ وَالطَّعَامِ، وَلَوْ جِنْسَيْنِ وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ.

فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا مُجْمَلٌ وَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي بَابِ الرِّبَوِيَّاتِ أَوْ أَنَّ هَذَا كَالتَّرْجَمَةِ لِمَا بَعْدَهُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ بَابُ حُرْمَةِ النُّقُودِ وَالطَّعَامِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي عَيْنٍ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ خَاصٌّ بِالْمَسْكُوكِ وَالْحُرْمَةُ لَا تَخْتَصُّ بِهِ وَبَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِالْكَلَامِ عَلَى الصَّرْفِ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِفُلُوسٍ لِقَوْلِهَا مَنْ صَرَفَ دَرَاهِمَ بِفُلُوسٍ وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ فَقَالَ (ص) لَا دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ غَيْرُهُ بِمِثْلِهِمَا (ش) لَا دِينَارٌ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٌ أَيْ فَيَجُوزُ الصَّرْفُ الْخَالِي عَنْ الْمَانِعِينَ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ لَا دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ غَيْرُ الدِّرْهَمِ كَشَاةٍ مَثَلًا وَبَيْعُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ أَوْ الدِّينَارِ وَالشَّاةِ أَوْ الدِّينَارِ وَالثَّوْبِ بِمِثْلِهِمَا فَالدِّينَارُ هُوَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ، وَقَدْ صَاحَبَهُ دِرْهَمٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ ثَوْبٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ وَغَيْرِهِمَا بِمِثْلِهِمَا بِجَرِّ دِينَارٍ بِالْكَافِ وَعَطْفِ دِرْهَمٍ بِأَوْ وَعَطْفِ غَيْرِهِمَا بِالْوَاوِ فَضَمِيرُ مِثْلِهِمَا يَعُودُ عَلَى دِينَارٍ وَغَيْرِهِ فِي صُورَةٍ وَعَلَى دِرْهَمٍ وَغَيْرِهِ فِي أُخْرَى أَيْ فَالدِّينَارُ هُوَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فِي صُورَةٍ وَالدِّرْهَمُ طَرَفُ بَدَلِهِ فِي أُخْرَى

ــ

[حاشية العدوي]

فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ كَذَا فِي عب وَلَكِنْ الرَّاجِحُ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ إلَّا لِشَرْطٍ) كَانَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ الْأَحْسَنُ إلَخْ) أَيْ وَخِلَافُ الْأَحْسَنِ رُجُوعُهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِذَا تَأَمَّلْت لَا تَجِدُ الْمُنَاسِبَ لِحَلِّ اللَّفْظِ إلَّا رُجُوعَهُ لِلْأَوَّلِ، وَيَكُونُ قَاصِرًا عَلَى مَا إذَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَصَالَةً (قَوْلُهُ وَقَبْضُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي) وَشَرْطُهُ إيَّاهُ عَلَى بَائِعِهِ مَعَ كَوْنِ ضَمَانِهِ مِنْهُ يُفْسِدُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ الْإِتْيَانَ بِهِ صَارَ كَوَكِيلِ الْمُبْتَاعِ فَانْتَفَى عَنْهُ الضَّمَانُ فَشَرْطُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ مُوجِبُ الْفَسَادِ، وَإِنْ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ إتْيَانِهِ مِنْ مُبْتَاعِهِ فَجَائِزٌ وَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ (قَوْلُهُ وَالْخُرُوجُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ

(قَوْلُهُ وَمُوكِلُهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَهُوَ دَافِعُ الزِّيَادَةِ وَالْآكِلُ هُوَ قَابِضُ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ جِنْسَيْنِ) يَرْجِعُ لِلنُّقُودِ وَالطَّعَامِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ فِي الطَّعَامِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا مُجْمَلٌ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ رِبَا الْفَضْلِ يَدْخُلُ النَّقْدَ مُطْلَقًا وَالطَّعَامَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ هَذَا كَالتَّرْجَمَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّرْجَمَةَ مُجْمَلَةٌ لَكِنْ لَا يُنْظَرُ فِيهَا لِلْإِجْمَالِ بَلْ النَّظَرُ فِيهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا تَرْجَمَةً وَإِنْ لَزِمَهَا الْإِجْمَالُ بِخِلَافِ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ نَظَرَ فِيهَا لِلْإِجْمَالِ وَاعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ وَرِبَا فَضْلٍ يَشْمَلُ الْفَضْلَ فِي الصِّفَةِ مَعَ أَنَّ الْحُرْمَةَ خَاصَّةٌ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ الْآتِي عَاطِفًا عَلَى مَا يَجُوزُ وَقَضَاءُ قَرْضٍ بِمُسَاوٍ وَأَفْضَلَ صِفَةً يُفِيدُ قَصْرَ قَوْلِهِ هُنَا فَضْلٍ عَلَى فَضْلِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ دُونَ الصِّفَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّقْدَ خَاصٌّ بِالْمَسْكُوكِ) هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ وَهِيَ صَرِيحُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَنَقَدَ إنْ سُكَّ يَعُمُّ الْمَسْكُوكَ وَغَيْرَهُ وَمُفَادُهُ أَنَّ الْعَيْنَ لَا تَخْتَصُّ بِالْمَسْكُوكِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ الْقَامُوسُ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعَيْنَ خَاصَّةٌ بِالْمَضْرُوبِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمِصْبَاحِ وَلَفْظُهُ وَالْعَيْنُ مَا ضُرِبَ مِنْ الدَّنَانِيرِ انْتَهَى فَعَلَى هَذَا لَا أَوْلَوِيَّةَ (قَوْلُهُ أَيْ فَيَجُوزُ الصَّرْفُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الصَّرْفِ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا مِنْ الصَّرْفِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا دِينَارٌ إلَخْ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ لَمْ يَخْلُ عَنْ الْمَانِعِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الصَّرْفَ يُطْلَقُ تَارَةً بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْمُرَاطَلَةِ وَالْمُبَادَلَةِ وَتَارَةً بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ مَا قَابَلَ الْمُرَاطَلَةَ وَالْمُبَادَلَةَ وَعَلَيْهِ يَأْتِي قَوْلُ التَّوْضِيحِ اعْلَمْ أَنَّ الْعَيْنَ إنْ بِيعَ بِعَيْنٍ مُخَالِفٍ فَهُوَ الصَّرْفُ وَبِمُمَاثِلٍ وَزْنًا مُرَاطَلَةً وَعَدَدًا مُبَادَلَةً انْتَهَى أَفَادَ ذَلِكَ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ إلَخْ) إنَّمَا صَوَّرُوا النَّقْدَ بِالتَّعَدُّدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اتَّحَدَ

ص: 36

وَقَدْ صَاحَبَ وَاحِدًا مِنْهُمَا غَيْرُهُ كَشَاةٍ فَهُوَ مِثَالٌ لِرِبَا الْفَضْلِ وَوَجْهُهُ عَلَى كَلَا النُّسْخَتَيْنِ خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ الرَّغْبَةُ فِي أَحَدِ الدِّرْهَمَيْنِ أَوْ الدِّينَارَيْنِ أَكْثَرَ فَيُقَابِلُهُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ وَأَكْثَرُ مِنْ دِينَارٍ وَالْمُجْتَمِعُ مَعَ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا كَالشَّاةِ مَثَلًا كَالنَّقْدِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى التَّفَاضُلِ بَيْنَ الدِّينَارَيْنِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ فَإِذَا مَنَعَ ذَلِكَ فِي التَّفَاضُلِ الْمُتَوَهَّمِ وَيُسَمَّى التَّفَاضُلَ الْمَعْنَوِيَّ فَأَحْرَى التَّفَاضُلُ الْمُحَقَّقُ الْحِسِّيُّ كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ بِاثْنَيْنِ (ص) وَمُؤَخَّرٌ وَلَوْ قَرِيبًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ فِي الصَّرْفِ وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا قَرِيبًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ وَالِانْتِقَالِ إلَى حَانُوتٍ أَوْ دَارٍ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا، وَطَالَ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْمُفَارَقَةِ كَاسْتِقْرَاضِهِ مِمَّنْ بِجَانِبِهِ مِنْ غَيْرِ بَعْثٍ وَلَا قِيَامٍ بَلْ كَحَلِّ الصُّرَّةِ.

وَمُقَابِلُهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ مَذْهَبُ الْعُتْبِيَّةِ جَوَازُ التَّأْخِيرِ الْقَرِيبِ وَقَيَّدَ بِمَا إذَا عَادَتْ الْمُفَارَقَةُ بِمَصْلَحَةٍ عَلَى الصَّرْفِ كَتَقْلِيبٍ وَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ وَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْوِفَاقِ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْمُفَارَقَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِرَدِّهِ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى مَا فِي حَيِّزِ لَوْ (أَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (غَلَبَةً) الْبَاجِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلُهُ وَمُؤَخَّرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى دِينَارٍ أَيْ وَلَا يُبَاحُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ وَحِينَئِذٍ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ فَقَوْلُهُ لَا دِينَارٌ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ رِبَا فَضْلٍ وَقَوْلُهُ وَمُؤَخَّرٍ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَنَسَاءٍ.

وَقَوْلُهُ أَوْ غَلَبَةً مَعْطُوفٌ عَلَى صِفَةٍ قَرِيبًا أَيْ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً وَفِي الْمُبَالَغَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْبَعِيدِ كَالْقَرِيبِ وَهِيَ تُوهِمُ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْمَنْعِ فِي الْبَعِيدِ (ص) أَوْ عَقَدَ وَوَكَّلَ فِي الْقَبْضِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ لَوْ فَهُوَ مُنْخَرِطٌ فِي سِلْكِ الْإِغْيَاءِ أَيْ وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ الصَّرْفُ إذَا تَوَلَّى قَبْضَهُ غَيْرُ عَاقِدِهِ بِأَنْ عَقَدَ شَخْصٌ وَوَكَّلَ غَيْرَهُ فِي الْقَبْضِ وَعَكْسُهُ بِأَنْ يُوَكِّلَ فِي الْعَقْدِ وَيَتَوَلَّى الْقَبْضَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الصَّرْفِ كَوْنُ الْعَاقِدِ هُوَ الْقَابِضَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَجْرَوْا التَّوْكِيلَ مَظِنَّةَ التَّأْخِيرِ فَأَجْرَوْا عَلَيْهِ حُكْمَهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مَا لَمْ يَقْبِضْ الْوَكِيلُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الرَّاجِحِ وَمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا مُشْكِلٌ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ شَرِيكًا لِلْمُوَكِّلِ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ الصَّرْفُ فَيُمْنَعُ إنْ لَمْ يَقْبِضْ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ، وَإِلَّا جَازَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْأَقْوَالِ (ص) أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا وَطَالَ (ش) مَعْطُوفٌ أَيْضًا عَلَى مَدْخُولِ لَوْ أَيْ وَكَذَا يَفْسُدُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْعِوَضُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِأَنْ كَانَ دِينَارٌ مِنْ جِهَةٍ وَدِينَارٌ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ قَدْ تُوجَدُ إلَّا أَنَّهَا ضَعِيفَةٌ.

(قَوْلُهُ خَشْيَةَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّنَا إذَا تَحَقَّقْنَا تَسَاوِي الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ مَعَ مُقَابِلِهِمَا فَيَجُوزُ وَالْمُضِرُّ الشَّكُّ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ الشَّامِلِ لِلْوَهْمِ فَأَحْرَى التَّحَقُّقُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ وَقَوْلُهُ وَالْمُجْتَمِعُ مَعَ النَّقْدَيْنِ تَعْلِيلٌ ثَانٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلِأَنَّ الْمُجْتَمِعَ مَعَ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا كَالشَّاةِ إلَخْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَيْضًا الْمَنْعَ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ وَلَوْ تَحَقَّقْنَا مُسَاوَاةَ الدِّينَارَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْقَرْضَ الْمُصَاحِبَ لِلدِّينَارِ يُقَدَّرُ ذَهَبًا فَتَأْتِي الْمُفَاضَلَةُ وَلَوْ مَعَ مُسَاوَاةِ الدِّينَارَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَتَحَقَّقْنَا الْمُسَاوَاةَ فِي الطَّرَفَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دِينَارٌ وَثَوْبٌ فَيَمْتَنِعُ وَلَوْ تَحَقَّقْنَا مُسَاوَاةَ الدِّينَارَيْنِ لِتَقْدِيرِنَا الْعَرْضَ ذَهَبًا بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْعِلَّةِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ) أَيْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْآتِي، وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا وَطَالَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ يَجُوزُ فَيُنَافِي قَوْلَهُ هُنَا وَلَوْ قَرِيبًا فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُفَارَقَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ لِرَدِّهِ) أَيْ لِرَدِّ حَمْلِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْمَوَّازِيَّةِ ذِكْرٌ، وَلَكِنْ الْوَاقِعُ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ مِثْلُ الْعُتْبِيَّةِ ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ أَوْ غَلَبَةً مَعْطُوفٌ عَلَى صِفَةً قَرِيبًا أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ عَلَى الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ بِلَوْ بِطَرَفَيْهَا الِاخْتِيَارِ وَالْغَلَبَةِ مَعَ أَنَّ الْعُتْبِيَّةَ وَالْمَوَّازِيَّةَ فِي الِاخْتِيَارِ لَكِنْ الْغَلَبَةُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى إلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي إنَّ الْخِلَافَ فِي الْبَعِيدِ كَالْقَرِيبِ مَعَ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَرِيبِ وَسَيَأْتِي تَتِمَّتُهُ.

(قَوْلُهُ أَيْ وَلَا يُبَاحُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ) حَلَّ بِحَسَبِ الْمَعْنَى، وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا يُبَاحُ صَرْفُ دِينَارٍ وَغَيْرِهِ بِمِثْلِهِمَا وَلَا صَرْفُ مُؤَخَّرٍ أَيْ وَلَا يُبَاحُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً) كَلَامٌ مُجْمَلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا دَخَلَا عَلَى التَّأْخِيرِ فَيَفْسُدُ حَصَلَ تَأْخِيرٌ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا وَعَلَى تَقْدِيرِ دُخُولِهِ كَانَ فِي الْكُلِّ أَوْ فِي الْبَعْضِ، وَأَمَّا إذَا دَخَلَا عَلَى عَدَمِ التَّأْخِيرِ فَيَمْتَنِعُ إنْ حَصَلَ تَأْخِيرٌ اخْتِيَارًا، وَلَوْ فِي الْبَعْضِ كَاضْطِرَارٍ فِي الْجَمِيعِ أَوْ جَمِيعِ أَحَدِهِمَا لَا فِي بَعْضِ أَحَدِهِمَا فَيَمْضِي فِيمَا وَقَعَ فِيهِ التَّنَاجُزُ وَاخْتَلَفَ فِي مُضِيِّ مَا يَقَعُ فِيهِ التَّأْخِيرُ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ أَوْ غَلَبَةً) كَحُلُولِ سَيْلٍ أَوْ انْهِدَامٍ بَنَاهُ وَسَوَاءٌ غَلَبَا أَوْ أَحَدُهُمَا كَهُرُوبِ صَاحِبِهِ قَاصِدًا لِنَقْضِهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ تَعَلُّقِ الْحُرْمَةِ بِالتَّأْخِيرِ تَعَلُّقُهَا بِإِتْمَامِ الْعَقْدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الصَّرْفُ غَلَبَةً؛ لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ عَلَى شَيْءٍ لَا إثْمَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْبَعِيدِ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُخَالِفَ الْمَوَّازِيَّةُ وَالْعُتْبِيَّةُ وَالْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةٌ فِي كَلَامِهِمَا بِالْقُرْبِ نَعَمْ ظَاهِرُ النَّقْلِ أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ غَلَبَةً لَا يُقَيِّدُ بِالْقُرْبِ فَإِذَا كَانَ هَذَا مُرَادَ الشَّارِحِ فَلَا يَظْهَرُ عَطْفُ قَوْلِهِ أَوْ غَلَبَةً عَلَى اخْتِيَارًا الْمَحْذُوفَةِ بَلْ مَعْطُوفًا عَلَى قَرِيبًا، وَنُوزِعَ فِي الْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ بَعِيدًا بَلْ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا هَذَا إذَا كَانَ اخْتِيَارًا بَلْ وَلَوْ كَانَ غَلَبَةً (قَوْلُهُ أَوْ عَقَدَ وَوَكَّلَ إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ وَكَّلَ فِي الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ فَلَا مَنْعَ (قَوْلُهُ بِأَنْ عَقَدَ شَخْصٌ) وَهُوَ رَبُّ الْعِوَضِ.

(قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) أَيْ فِي الْمُصَنِّفِ وَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْأَقْوَالِ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثٍ الْأَوَّلُ يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ وَيُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الثَّانِي لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ بِحَضْرَتِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يَجُوزُ

ص: 37

الصَّرْفُ إذَا غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَطَالَ أَيْ وَلَمْ تَحْصُلْ مُفَارَقَةُ أَجْسَامٍ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَهُ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِهِ لَمْ يَفْسُدْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَبِعِبَارَةٍ، وَطَالَ بِأَنْ قَامَ وَبَعَثَ إلَى دَارِهِ فَإِنْ كَانَ أَمْرًا قَرِيبًا كَحَلِّ الصُّرَّةِ أَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِهِ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ وَلَا بَعْثٍ كُرِهَ فَقَطْ (ص) أَوْ نَقْدَاهُمَا (ش) أَيْ وَكَذَا يَفْسُدُ الصَّرْفُ إذَا غَابَ نَقْدَاهُمَا مَعًا عَنْ الْمَجْلِسِ وَلَوْ قَرُبَ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مَظِنَّةُ الطُّولِ بِأَنْ تَسَلَّفَ الدَّنَانِيرَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ جَانِبِهِ، وَتَسَلَّفَ الْآخَرُ الدَّرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ جَانِبِهِ.

وَقَوْلُهُ أَوْ نَقْدَاهُمَا هِيَ مَسْأَلَةُ الصَّرْفِ عَلَى الذِّمَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ أَوْ بِدَيْنٍ إلَخْ هِيَ مَسْأَلَةُ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ (ص) أَوْ بِمُوَاعَدَةٍ (ش) أَيْ وَقَدْ عَقَدَ الصَّرْفَ النَّاشِئَ عَنْ مُوَاعَدَةٍ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ كَاذْهَبْ بِنَا إلَى السُّوقِ بِدَرَاهِمِك فَإِنْ كَانَتْ جِيَادًا أَخَذْتهَا مِنْك كَذَا وَكَذَا بِدِينَارٍ قَالَ فِيهَا وَلَكِنْ يَسِيرُ مَعَهُ عَلَى غَيْرِ مُوَاعَدَةٍ انْتَهَى وَجَعَلْنَا الْبَاءَ بِمَعْنَى عَنْ مُتَعَلِّقٌ بِفَسَدَ وَفَاعِلُهُ عَقْدُ الصَّرْفِ أَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِحَرُمَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْفَسَادُ وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ لَيْسَ هُنَا عَقْدٌ مُعَلَّقٌ وَالْعُقُودُ لَا تُعَلَّقُ انْتَهَى ابْنُ شَاسٍ.

وَيَجُوزُ التَّعْرِيضُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ فِي النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ فَهَاهُنَا أَوْلَى ابْنُ يُونُسَ كَمَا لَوْ قَالَ إنِّي لَمُحْتَاجٌ إلَى دَرَاهِمَ أَصْرِفُهَا وَنَحْوُ هَذَا الْقَوْلِ قَالَ بَعْضٌ وَعَلَى مَا أَجَازُوهُ فِي النِّكَاحِ إنِّي أُحِبُّ دَرَاهِمَك وَأَرْغَبُ فِي الصَّرْفِ مِنْك انْتَهَى وَانْظُرْ مَا مَعْنَى التَّعْرِيضِ؛ لِأَنَّهُ إنْ جَعَلَهُ عَقْدًا فَسَدَ الصَّرْفُ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ عَقْدًا بَلْ أَنْشَأَ عَقْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوَاعَدَةِ فِي الْجَوَازِ (ص) أَوْ بِدَيْنٍ إنْ تَأَجَّلَ وَإِنْ مِنْ أَحَدِهِمَا (ش) عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِسَبَبِ دَيْنٍ يَمْتَنِعُ إنْ تَأَجَّلَ وَإِنْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلظَّرْفِيَّةِ أَيْ وَفَسَدَ الصَّرْفُ الْوَاقِعُ بِدَيْنٍ أَوْ فِي دَيْنٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ ذَهَبٌ وَالْآخَرُ فِضَّةٌ

ــ

[حاشية العدوي]

إلَّا أَنْ يَقْبِضَ بِحَضْرَتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ شَرِيكَهُ فَيَجُوزُ بَعْدَ ذَهَابِهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَهُ) أَيْ بِدُونِ طُولٍ أَيْ وَالثَّانِي لَمْ يَسْتَقْرِضْ بِأَنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مَعَهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَامَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مُفَارَقَةُ بَدَنٍ فَإِنْ قُلْت يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا انْتَصَبَ قَائِمًا فَقَطْ قُلْت كَذَلِكَ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْجَوَازَ إنْ لَمْ يَنْتَصِبْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَافْهَمْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْبَعْثِ إلَى الدَّارِ قَامَ أَوْ لَمْ يَقُمْ وَقَوْلُهُ بَعْدُ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ مُقَابِلُ قَامَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مُفَارَقَةُ بَدَنٍ وَتَبَيَّنَ مِنْ مَجْمُوعِ الْعِبَارَتَيْنِ أَنَّ الطُّولَ يُفَسَّرُ بِطُولِ الْمُدَّةِ وَلَا قِيَامَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَا مِنْ رَسُولِهِمَا وَبِالْقِيَامِ مِنْ رَسُولِهِمَا مُدَّةً وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ (قَوْلُهُ كَحَلِّ الصُّرَّةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْغَيْبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُضُورَ كَوْنُهُ مُشَاهَدًا فَيُرَادُ بِذَلِكَ حَلُّ الصُّرَّةِ مِنْ الْمُقْرِضِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَلَّ الصُّرَّةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لَا يَضُرُّ وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّهُ كَانَ أَمْرًا قَرِيبًا بِأَنْ اسْتَقْرَضَ إلَخْ وَعِبَارَةُ الْحَطَّابِ فِي التَّهْذِيبِ وَإِنْ اشْتَرَيْت مِنْ الرَّجُلِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ فِي مَجْلِسٍ ثُمَّ اسْتَقْرَضْت أَنْتِ دِينَارًا مِنْ رَجُلٍ إلَى جَانِبِك وَاسْتَقْرَضَ هَذَا الدَّرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ إلَى جَانِبِهِ فَدَفَعْت إلَيْهِ الدِّينَارَ وَقَبَضْت الدَّرَاهِمَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مَعَهُ وَاسْتَقْرَضْت أَنْتَ الدِّينَارَ فَإِنْ كَانَ أَمْرًا قَرِيبًا كَحَلِّ الصُّرَّةِ وَلَا يَبْعَثُ وَرَاءَهُ وَلَا يَقُومُ لِذَلِكَ جَازَ انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت نَصَّهَا فَقَوْلُ شَارِحِنَا لَمْ يَفْسُدْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَقَوْلُهُ آخِرَ الْعِبَارَةِ كُرِهَ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ.

(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ بَعْثٍ) أَيْ إلَى دَارِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا قِيَامٍ بِأَنْ يَقُومَ وَيَذْهَبَ إلَى دَارِهِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ كَحَلِّ الصُّرَّةِ أَيْ صُرَّةِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ (قَوْلُهُ هِيَ مَسْأَلَةُ الصَّرْفِ عَلَى الذِّمَّةِ) الْحَاصِلُ كَمَا فِي شب أَنَّ مَسْأَلَةَ الصَّرْفِ عَلَى الذِّمَّةِ مَفْرُوضَةٌ فِي اسْتِقْرَاضِ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، وَأَمَّا الصَّرْفُ فِي الذِّمَّةِ فَهِيَ فِي الدُّيُونِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى عَقْدِ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ عَلَى الذِّمَّةِ) أَيْ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ لَا عَلَى مَا فِي الْيَدِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَلْ جَعَلَاهَا نَفْسَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَا أَنْ يَعْقِدَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَرَرَ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ سِرْ بِنَا إلَى السُّوقِ بِدَرَاهِمِك فَإِنْ كَانَتْ جِيَادًا تَصَارَفْنَا أَيْ أَوْقَعْنَا عَقْدَ الصَّرْفِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُوَافِقُهُ الْآخَرُ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُوَاعَدَةُ بِدُونِ عَقْدٍ، وَالْعَقْدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ فَقَدْ قِيلَ بِالْكَرَاهَةِ.

وَقِيلَ بِالْجَوَازِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوَاعَدَةِ فِي الْعِدَّةِ بِأَنَّ مُوَاعَدَتَهَا حِفْظٌ لِلْأَنْسَابِ خَوْفَ كَوْنِهَا حَامِلًا (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ مُوَاعَدَةٍ) أَيْ عَلَى غَيْرِ عَقْدِ صَرْفٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ هُنَاكَ اتِّفَاقًا عَلَى الصَّرْفِ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي السُّوقِ (قَوْلُهُ أَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ بِحَرُمَ دَلَالَةً عَلَى الْمُرَادِ لَكِنْ لَا أَدَلِّيَّةَ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ مِنْ أَنَّهُ مَتَى كَانَ حَرَامًا كَانَ فَاسِدًا (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ الْفَسَادُ.

(قَوْلُهُ قَالَ بَعْضٌ) أَرَادَ بِهِ الْبِسَاطِيَّ عِبَارَةُ الْبِسَاطِيِّ بَعْدَ أَنَّ قَرَّرَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُوَاعَدَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَقْدٌ مُعَلَّقٌ فَالْمَنْعُ إمَّا؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ لَا تُعَلَّقُ عَلَى مَذْهَبِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ عَقْدٌ تَضَمَّنَ الطُّولَ، وَتَأْخِيرُ الْقَبْضِ انْتَهَى.

فَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْعُقُودُ لَا تُعَلَّقُ أَيْ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِلْكَلَامِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ فِي الْمُوَاعَدَةِ الَّتِي هِيَ حَرَامٌ عَقْدٌ مُعَلَّقٌ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا وَلَا صِحَّةَ لَهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَعْنَى الْمُوَاعَدَةُ جَائِزَةٌ وَلَيْسَ فِيهَا عَقْدٌ مُعَلَّقٌ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا لَصَحَّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ جَازَ وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ إلَخْ) غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا قُلْنَا بَلْ فُرِّقَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي يَقُولُ بِالْمَنْعِ هُنَا فِي الْمُوَاعَدَةِ يَجْعَلُهُ مِثْلَ النِّكَاحِ، وَكَمَا تَحْرُمُ الْمُوَاعَدَةُ فِي الْعِدَّةِ تَحْرُمُ الْمُوَاعَدَةُ فِي الصَّرْفِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ

ص: 38

فَتَطَارَحَاهُمَا كُلُّ دِينَارٍ بِكَذَا إنْ تَأَجَّلَا أَوْ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْوَجْهَيْنِ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ؛ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أُجِّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا.

فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَإِنْ حَلَّا مَعًا جَازَ وَلَا يُقَالُ هَذَا مُقَاصَّةٌ لَا صَرْفٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُقَاصَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الدَّيْنَيْنِ الْمُتَحَدِّي الصِّنْفِ فَلَا تَكُونُ فِي دَيْنَيْنِ مِنْ نَوْعَيْنِ وَلَا فِي صِنْفَيْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِهَا مُتَارَكَةً مَطْلُوبٌ بِمُمَاثِلٍ صَنَّفَ مَا عَلَيْهِ لِمَالِهِ عَلَى طَالِبِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا

(ص) أَوْ غَابَ رَهْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَفْسُدُ عَقْدُ الصَّرْفِ إذَا تَصَارَفَ مُرْتَهِنٌ مَعَ رَاهِنِهِ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ قَبْلَهُ حَيْثُ رَضِيَ بِذَلِكَ أَوْ مُودَعٌ مَعَ مُودَعٍ وَغَابَ رَهْنٌ مُصَارَفٌ عَلَيْهِ أَوْ وَدِيعَةٌ كَذَلِكَ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَلَوْ شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ اتِّفَاقًا وَأَشَارَ قَوْلُهُ (وَلَوْ سُكَّ) الْمُصَارَفُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ لِرَدِّ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ جَوَازَ صَرْفِ الْمَرْهُونِ الْمَسْكُوكِ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ إمَّا لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ بِالْقَبُولِ أَوْ لِلِالْتِفَاتِ إلَى إمْكَانِ التَّعَلُّقِ بِالذِّمَّةِ فَأَشْبَهَ الْمَغْصُوبَ إذْ هُوَ عَلَى الضَّمَانِ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ.

وَمَفْهُومُ إنْ غَابَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ فَلَا مَنْعَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي حُرْمَةِ الْمَصُوغِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْكُوكِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَلَوْ سَكَّا بِالْمُطَابَقَةِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ إذَا كَانَ بِأَوْ يَجُوزُ عَدَمُ الْمُطَابَقَةِ نَحْوُ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: 11] (ص) كَمُسْتَأْجِرٍ وَعَارِيَّةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ فِي الْمَنْعِ إنْ غَابَ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَالصِّحَّةُ إنْ حَضَرَ لَا فِيهِمَا وَفِي سَكٍّ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْمَسْكُوكِ فِيهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ لَا نَقْلًا بِهِ قَرْضًا فِي الْعَارِيَّةِ وَلِعَدَمِ جَوَازِ إجَارَتِهِ.

(ص) وَمَغْصُوبٍ إنْ صُبِغَ إلَّا أَنْ يَذْهَبَ فَيَضْمَنَ قِيمَتَهُ فَكَالدَّيْنِ (ش) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمُشَبَّهِ قَبْلَهُ أَيْ وَيَجُوزُ صَرْفُ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ إنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الصَّرْفِ حَيْثُ كَانَ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ مَصُوغًا كَحُلِيٍّ لَا إنْ غَابَ عَنْ مَجْلِسِهِ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَلِفَ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ وَاخْتَارَ رَبُّهُ قِيمَتَهُ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ الْمُصَارَفَةُ عَلَيْهَا كَصَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ حُلُولِهِ، وَاحْتَرَزَ بِالْمَصُوغِ مِنْ الْمَسْكُوكِ وَالتِّبْرِ وَالْمَكْسُورِ فَالْمَنْصُوصُ جَوَازُ صَرْفِهِ غَائِبًا وَبِعِبَارَةٍ وَفِي مَعْنَى الْمَسْكُوكِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْمَكْسُورِ وَالتِّبْرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنْ قُلْت لِمَ امْتَنَعَ صَرْفُ الْمَصُوغِ مَعَ غَيْبَتِهِ وَجَازَ صَرْفُ مَا عَدَاهُ مَعَ الْغَيْبَةِ؟

قُلْت: لِأَنَّ الْمَصُوغَ إذَا هَلَكَ تَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَقَبْلَ ذَلِكَ يَجِبُ رَدُّ عَيْنِهِ فَيَحْتَمِلُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ أَنَّهُ هَلَكَ وَلَزِمَتْهُ

ــ

[حاشية العدوي]

لِأَنَّ أَصْبَغَ يَقُولُ بِالْفَسْخِ إنْ وَقَعَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَيَحْيَى لَا يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ حُرْمَةَ الْمُوَاعَدَةِ تُؤَثِّرُ خَلَلًا فِي الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي الْوَجْهَيْنِ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ تَأْخِيرِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالصَّرْفُ يُفْسِدُهُ التَّأْخِيرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أُجِّلَ) أَيْ فَبِوُقُوعِ عَقْدِ الصَّرْفِ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعَجِّلًا لِمَا فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ فَيُعَدُّ مُسَلِّفًا، وَقَوْلُهُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ أَيْ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ يَأْخُذُ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ الَّذِي سَلَّفَهُ لِنَفْسِهِ أَيْ فِي مُقَابَلَةِ الدَّرَاهِمِ، وَهُنَا تَحَقَّقَ الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ جِهَةٍ فَقَطْ وَأَرَادَ أَنْ يُصَارِفَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ حَلَّ وَدَفَعَ الْعِوَضَ سَاعَتَهُ (قَوْلُهُ فَلَا تَكُونُ فِي دِينَيْنِ مِنْ نَوْعَيْنِ) كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَقَوْلُهُ وَلَا فِي صِنْفَيْ نَوْعٍ كَإِبْرَاهِيمِيٍّ وَمُحَمَّدِيٍّ.

(قَوْلُهُ بِمُمَاثِلِ صُنِّفَ مَا عَلَيْهِ) أَيْ إنْ صُنِّفَ مَا عَلَيْهِ مَاثَلَ الَّذِي لَهُ عَلَى طَالِبِهِ وَقَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مُتَارَكَةً أَيْ تَارَكَهُ مِنْ الَّذِي ذُكِرَ عَلَيْهِمَا أَيْ فِي الَّذِي ذُكِرَ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ كَائِنًا عَلَيْهِمَا، وَيَنْحَلُّ لَفْظُ ابْنِ عَرَفَةَ تُرِكَ مَطْلُوبٌ بِاَلَّذِي مَاثَلَ صِنْفَ مَا عَلَيْهِ مَالُهُ عَلَى طَالِبِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الرِّكَّةِ؛ لِأَنَّ مَدْخُولَ الْبَاءِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ وَيُضْطَرُّ إلَى جَعْلِ إضَافَةِ صِنْفٍ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ وَلَوْ قَالَ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ بِشَيْءٍ مُمَاثِلٍ مَا لَهُ عَلَى طَالِبِهِ فِي الصِّنْفِيَّةِ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ تَارِكُهُ فِي الَّذِي ذُكِرَ لَكَانَ أَحْسَنَ

(قَوْلُهُ حَيْثُ رَضِيَ بِذَلِكَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ أَيْ رَضِيَ بِالصَّرْفِ وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ الْمُبْتَاعِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ) أَيْ فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إمَّا لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ بِالْقَبُولِ) أَيْ فَبِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ أُعْطِيكَ صَرْفَ الرَّهْنِ الْمَسْكُوكِ وَقَبِلَ الرَّاهِنُ حَصَلَتْ الْمُنَاجَزَةُ فِي الصَّرْفِ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ عَلَى الضَّمَانِ) أَيْ الْمَسْكُوكِ إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ بِتَلَفِهِ أَيْ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ تَلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ.

(قَوْلُهُ لَا نَقْلًا بِهِ قَرْضًا فِي الْعَارِيَّةِ) بِحَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ عَيْنِهِ وَهَلْ قَرْضٌ حَرَامٌ حَيْثُ تَلَفَّظَ بِهِ بِالْعَارِيَّةِ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلِعَدَمِ جَوَازِ إجَارَتِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ يَتَزَيَّنُ بِهِ فِي الْأَعْرَاسِ لَا حُرْمَةَ وَإِنْ انْقَلَبَ قَرْضًا (قَوْلُهُ وَلِعَدَمِ جَوَازِ إجَارَتِهِ) لِتَزْيِينِ حَانُوتٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ تَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ، وَمَحَلُّ الْحُكْمِ قَوْلُهُ فَكَالدَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمِثْلِيَّ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ وَيَجُوزُ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِلْمَفْهُومِ، وَإِلَّا فَالْمَنْطُوقُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ الْغَيْبَةِ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ مِنْ غَاصِبِهِ) ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ غَاصِبِهِ فَيَجُوزُ إنْ كَانَ مُقِرًّا، وَتَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ.

(قَوْلُهُ وَاخْتَارَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ تَعَيَّبَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ الْمُصَارَفَةُ عَلَيْهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَصُوغُ ذَهَبًا فَقِيمَتُهُ فِضَّةٌ فَيَقَعُ الصَّرْفُ عَلَى الْفِضَّةِ بِذَهَبٍ أَوْ بِفُلُوسٍ (قَوْلُهُ كَصَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ حُلُولِهِ) كَأَنْ يَكُونَ لَك عَلَيْهِ دِينَارٌ حَلَّ فَتَأْخُذُ مِنْهُ صَرْفَهُ عَاجِلًا (قَوْلُهُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) أَيْ يُقْصَدُ لِذَاتِهِ

ص: 39