الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَمْلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا لَقِيَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِغَيْرِ بَلَدِ الْقَضَاءِ، وَطَلَبَ مِنْهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ مِنْهُمَا فَيَلْزَمُ رَبَّهُ الْقَبُولُ إذَا دَفَعَهُ لَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ إذَا طَلَبَهُ رَبُّهُ، وَبِعِبَارَةٍ فَالْحَقُّ لِمَنْ هِيَ عَلَيْهِ فِي الْمَكَانِ، وَالزَّمَانِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ أَوْ الْمَكَانَيْنِ خَوْفٌ، وَهِيَ مِنْ بَيْعٍ فَلَا يُجْبَرُ مَنْ هِيَ عَلَى قَبُولِهَا قَبْلَ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ قَبْضُهَا، وَلَا يُنْظَرُ لِذَلِكَ فِي عَيْنِ الْقَرْضِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ دَفْعُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ كَجَوَاهِرَ وَلُؤْلُؤٍ لِأَنَّ أَجَلَ السَّلَمِ مِنْ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا جَمِيعًا
وَلَمَّا كَانَ الْقَرْضُ شَبِيهًا بِالسَّلَمِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ دَفْعِ مُعَجَّلٍ فِي غَيْرِهِ ذَيَّلَهُ بِهِ فَقَالَ (فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْقَرْضِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَقِيلَ بِكَسْرِهَا وَهُوَ لُغَةً الْقَطْعُ سُمِّيَ قَرْضًا؛ لِأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنْ مَالِ الْمُقْرِضِ، وَالْقَرْضُ أَيْضًا التَّرْكُ قَرَضْت الشَّيْءَ عَنْ الشَّيْءِ، أَيْ: تَرَكْته وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 17] وَشَرْعًا دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي عِوَضٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ لَهُ لَا عَاجِلًا تَفَضُّلًا فَقَطْ لَا يُوجِبُ إمْكَانَ عَارِيَّةٍ لَا تَحِلُّ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّةٍ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ مُتَمَوَّلٍ مَا لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ إذَا دَفَعَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَرْضٍ، وَلَا يُقْرَضُ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَوْلِهِ فِي عِوَضٍ أَخْرَجَ بِهِ دَفْعَهُ هِبَةً، وَقَوْلُهُ: لَا عَاجِلًا عُطِفَ بِلَا عَلَى حَالٍ مُقَدَّرَةٍ، أَيْ: الْمُتَمَوَّلُ الْمَدْفُوعُ فِي عِوَضٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ حَالَةَ كَوْنِهِ مُؤَجَّلًا لَا عَاجِلًا أَخْرَجَ بِهِ الْمُبَادَلَةَ الْمِثْلِيَّةَ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ الْحَدُّ عَلَيْهَا لَوْلَا الزِّيَادَةُ وَقَوْلُهُ تَفَضُّلًا بِأَنْ يَقْصِدَ نَفْعَ الْمُتَسَلِّفِ فَقَطْ لَا نَفْعَهُ، وَلَا نَفْعَهُمَا، وَلَا نَفْعَ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّ ذَلِكَ سَلَفٌ فَاسِدٌ قَوْلُهُ لَا يُوجِبُ إلَخْ، أَيْ: لَا يُوجِبُ إمْكَانَ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْجَارِيَةِ الْمُعَارَةِ، وَقَوْلُهُ: مُتَعَلِّقًا بِذِمَّةٍ صِفَةٌ لِمُتَمَوَّلٍ فَيَجُوزُ جَرُّهُ وَنَصْبُهُ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ مُتَمَوَّلٍ وَلِمَحَلِّهِ وَلَمَّا أَرَادَ الْمُؤَلِّفُ ضَبْطَ مُتَعَلِّقِ الْقَرْضِ عَبَّرَ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ
(ص) يَجُوزُ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ فَقَطْ (ش)، أَيْ: كُلِّ مَا يَصِحُّ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ يَصِحُّ أَنْ يُقْرَضَ كَالْعُرُوضِ، وَالْحَيَوَانِ وَكُلِّ مَا لَا يَصِحُّ سَلَمُهُ لَا يَصِحُّ قَرْضُهُ كَالْأَرَضِينَ، وَالْأَشْجَارِ وَتُرَابِ الْمَعَادِنِ، وَالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ وَبِعِبَارَةٍ وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ فَقَطْ أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ قَرْضُهُ فَيَمْتَنِعُ قَرْضُ جِلْدِ مَيْتَةٍ دُبِغَ بِمِثْلِهِ كَمَا عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُعَاوَضَةٌ عَلَى نَجِسٍ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَرْضُ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَالْقَاعِدَةُ مُطَّرِدَةٌ مُنْعَكِسَةٌ وَعَلَى جَوَازِ قَرْضِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ، وَمِثْلُهُ جِلْدُ الْأُضْحِيَّةِ فَلَا اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ وَلَمَّا كَانَ السَّلَمُ فِي الْجَوَارِي جَائِزًا، وَلَا يَجُوزُ قَرْضُهُنَّ أَخْرَجَهُنَّ بِقَوْلِهِ
(ص) إلَّا جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ (ش)، أَيْ: فَلَا يَجُوزُ قَرْضُهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ عَارِيَّةِ الْفُرُوجِ وَلِذَلِكَ انْتَفَى الْمَنْعُ فِيمَا إذَا اقْتَرَضَ الْوَلِيُّ لِلصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الِاسْتِمْتَاعُ
ــ
[حاشية العدوي]
أَوْ كَانَ غَيْرُ مَحَلِّهِ أَرْخَصَ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا) هَذَا مَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْأَجَلَ حَلَّ (قَوْلُهُ فَالْحَقُّ لِمَنْ هِيَ عَلَيْهِ) وَلَوْ قَبْلَ الْأَجَلِ أَيْ فَالْحَقُّ لِمَنْ عَلَيْهِ الْعَيْنُ، وَلَوْ قَبْلَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْظَرُ لِذَلِكَ فِي عَيْنِ الْقَرْضِ) سَيَأْتِي لَهُ يَذْكُرُ هَذَا فِي بَابِ الْقَرْضِ، وَلَكِنْ فِي عب، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَرْضُ كَذَلِكَ، وَذَكَرَ عج مِثْلَ عب (قَوْلُهُ وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ) الْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ، وَلَوْ ثَقُلَ حَمْلُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يَلْزَمُ دَفْعُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّالِبَ الْمُسْلِمُ، وَالْمُبَالَغَةُ تَقْتَضِي الْعَكْسَ
[فَصْلٌ الْقَرْضُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
(فَصْلُ الْقَرْضِ)(قَوْلُهُ: ذَيَّلَهُ)، أَيْ: ذَيَّلَ السَّلَمَ بِالْقَرْضِ الْمُرَادُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ لَا تُوجِبُ إلَّا الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: سُمِّيَ قَرْضًا؛ لِأَنَّهُ قِطْعَةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّ نَفْسَ الْمَالِ يُقَالُ لَهُ قَرْضٌ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقَرْضَ هُوَ الدَّفْعُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ دَفَعَ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ ذُو قِطْعَةٍ (قَوْلُهُ: أَيْ: تَرَكْته) أَيْ أَبْعَدَتْهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: {تَقْرِضُهُمْ} [الكهف: 17] أَيْ تَتْرُكُهُمْ جِهَةَ الْيَمِينِ لِكَوْنِ بَابِ الْغَارِ لَيْسَ جِهَةَ طُلُوعِهَا، وَلَا جِهَةَ غُرُوبِهَا (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُخَالِفٍ لَهُ)، أَيْ: لِذَلِكَ الْمُتَمَوَّلِ (قَوْلُهُ: تَفَضُّلًا)، أَيْ: حَالَ كَوْنِ الدَّفْعِ تَفَضُّلًا وَكَذَا قَوْلُهُ لَا يُوجِبُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا عَاجِلًا وَيُقْرَأُ بِالْجَرِّ (قَوْلُهُ: مَا لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ) ، أَيْ: كَقِطْعَةِ نَارٍ (قَوْلُهُ: حَالَةَ كَوْنِهِ) أَيْ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ: الْمُبَادَلَةُ الْمِثْلِيَّةُ) أَفَادَ أَنَّ الْمُبَادَلَةَ تَكُونُ غَيْرَ مِثْلِيَّةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِأَنْقَصَ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ يَشْمَلُ الْمُبَادَلَةَ فِي غَيْرِ النَّقْدِ كَمَا أَفَادَهُ فِي شب (قَوْلُهُ:، وَلَا نَفْعَ أَجْنَبِيٍّ)، أَيْ: بِأَنْ يَقْصِدَ بِالدَّفْعِ لِزَيْدٍ نَفْعَ عَمْرٍو لِكَوْنِ عَمْرٍو يَعُودُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْقَرْضِ كَأَنْ يَكُونَ لِعَمْرٍو دَيْنٌ عَلَى زَيْدٍ فَيُقْرِضُ زَيْدًا لِأَجْلِ أَنْ يَدْفَعَ لِعَمْرٍو دَيْنَهُ (قَوْلُهُ: لَا يُوجِبُ إمْكَانَ إلَخْ) الْأَوْلَى إبْقَاءُ لَفْظِ عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا، أَيْ: دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ لَا يُوجِبُ إمْكَانَ نَفْسِ الْعَارِيَّةِ الَّتِي لَا تَحِلُّ احْتِرَازًا مِنْ قَرْضٍ يُوجِبُ إمْكَانَ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: صِفَةً لِمُتَمَوَّلٍ) لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ صِفَةً لِمُتَمَوَّلٍ بَلْ الْمُنَاسِبُ لِسِيَاقِ الْكَلَامِ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِلدَّفْعِ، أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الدَّفْعِ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّتِهِ، أَيْ: مُتَعَلِّقُهُ الَّذِي هُوَ الْعَرَضُ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ)، أَيْ: يُؤْذَنُ؛ لِأَنَّهُ يَعْسُرُ إبَاحَتُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ النَّدْبُ وَقَدْ يَعْرِضُ مَا يُوجِبُهُ كَتَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ بِقَرْضِهِ، أَوْ كَرَاهَتِهِ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ دُبِغَ وَكَانَ يُقْرِض شَخْصًا فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ وَلَيْسَتْ مُحَقَّقَةً، أَوْ حُرْمَةٌ كَجَارِيَةٍ تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا لَا يَصِحُّ سَلَمُهُ) ، أَيْ: سَلَمٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى جَوَازِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ جَوَازُ قَرْضِ مِلْءِ مِكْيَالٍ مَجْهُولٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَكَذَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَطْعًا فِيمَا يَظْهَرُ قَرْضُ وَيْبَاتٍ وَحَفَنَاتٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَةَ فَقَطْ مُضِرَّةٌ (قَوْلُهُ: لِلْمُقْتَرِضِ) لَمْ يُعَبِّرْ بِمُقْتَرَضٍ مَعَ كَوْنِهِ أَخَصْرَ نَظَرَا لِحُرْمَةِ الْقَرْضِ مِنْ حَيْثُ طَلَبُهُ
وَكَذَا فِي الصَّبِيَّةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى لِعَدَمِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ الْأَوَّلِ وَلِكَوْنِ الِاسْتِمْتَاعِ بِالثَّانِيَةِ كَالْعَدَمِ، وَمِثْلُ الصَّبِيِّ فِي الْجَوَازِ الشَّيْخُ الْفَانِي، وَالْمَرْأَةُ، وَالْمَحْرَمُ
(ص) وَرُدَّتْ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَالْقِيمَةُ (ش) يَعْنِي فَإِنْ وَقَعَ أَنَّهُ اسْتَقْرَضَ جَارِيَةً يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فَإِنَّهَا تُرَدُّ وُجُوبًا إلَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَ الْمُسْتَقْرِضِ بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقْتَرَضَ حِينَئِذٍ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ، وَلَا تُرَدُّ
(ص) كَفَاسِدِهِ (ش)، أَيْ: كَفَاسِدِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ إذَا فَسَدَ يُرَدُّ إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ لَا إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ، وَإِلَّا رُدَّ الْمِثْلُ، وَالْغِيبَةُ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ فَوْتٌ، وَلَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى رَدِّهَا ظُنَّ بِهِ الْوَطْءُ أَمْ لَا وَطِئَ أَمْ لَا وَلَيْسَتْ عِوَضًا عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ
(ص) وَحَرُمَ هَدِيَّتُهُ (ش) الضَّمِيرُ لِلْمِدْيَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ يَحْرُمُ أَنْ يُهْدِيَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ هَدِيَّةً وَيَحْرُمُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ قَبُولُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى التَّأْخِيرِ بِزِيَادَةٍ وَبِعِبَارَةٍ، أَيْ: هَدِيَّةُ الْمِدْيَانِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُقْتَرِضًا، أَيْ: آخِذًا لِلْقَرْضِ بَلْ بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَدِينًا فَيَشْمَلُ مَدِينَ الْبَيْعِ، وَالسَّلَمِ، وَالْقَرْضِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَجَبَ رَدُّهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَجَبَ رَدُّ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَقِيمَتِهَا يَوْمَ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ إنْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً
(ص) إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا، أَوْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَدِيَّةَ الْمِدَيَان حَرَامٌ إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ مِثْلُ الْهَدِيَّةِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْمُدَايَنَةِ وَعُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِأَجْلِ الدَّيْنِ فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ حِينَئِذٍ حَالَةَ الْمُدَايَنَةِ، وَإِلَّا أَنْ يَحْدُثَ مُوجِبُ الْهَدِيَّةِ بَعْدَ الْمُدَايَنَةِ مِنْ صُهَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ
(ص) كَرَبِّ الْقِرَاضِ وَعَامِلِهِ وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَدِيَّةَ رَبِّ الْقِرَاضِ لِلْعَامِلِ حَرَامٌ لِئَلَّا يَقْصِدَ بِذَلِكَ أَنْ يَسْتَدِيمَ الْعَمَلَ فَيَصِيرُ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ أَمَّا قَبْلَ الشَّغْلِ فَبِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ أَخْذُهُ مِنْهُ فَيُتَّهَمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَهْدَى إلَيْهِ لِيَبْقَى الْمَالُ بِيَدِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ فَعَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ تَجُوزُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَالِ فَتَجُوزُ لِعَدَمِ قُدْرَةِ رَبِّ الْمَالِ عَلَى انْتِزَاعِهِ مِنْهُ حِينَئِذٍ، أَوْ الْمَالِ وَهُوَ أَنْ يَتَرَقَّبَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بَعْدَ نَضُوضِ هَذَا الْمَالِ أَنْ يُعَامِلَهُ ثَانِيًا لِأَجْلِ هَدِيَّتِهِ لَهُ وَتَعْلِيلُ تت مَعْكُوسٌ
(ص) وَذِي الْجَاهِ، وَالْقَاضِي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِذِي الْجَاهِ أَخْذُ مَالٍ عَلَى جَاهِهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا أَوْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَخْذُ هَدَايَا النَّاسِ وَيَأْتِي فِي الْهَدِيَّةِ الَّتِي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الصِّبْيَةِ) ، أَيْ: وَكَذَا انْتَفَى الْمَنْعُ فِي الصَّبِيَّةِ، أَيْ: الَّتِي تُقْرِضُ (قَوْلُهُ: لَا تُشْتَهَى)، أَيْ: فِي مُدَّةِ الْقَرْضِ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ: الشَّيْخُ الْفَانِي)، أَيْ: الَّذِي فَنِيَتْ شَهْوَتُهُ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَجْبُوبَ، وَالْخَصِيَّ لَا يَجُوزُ الْقَرْضُ لَهُمَا (قَوْلُهُ:، وَالْمَرْأَةُ) ، أَيْ: تَقْتَرِضُ جَارِيَةً وَقَوْلُهُ، وَالْمَحْرَمُ، أَيْ: يَقْتَرِضُ بِنْتَ أَخِيهِ (أَقُولُ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا بِزِيَادَةٍ بِأَنْ تَقُولَ إلَّا جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَيُمْكِنُ اسْتِمْتَاعُهَا (قَوْلُهُ: إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ)، أَيْ: فَيُعْطَى الْقِيمَةَ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَالْمِثْلَ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، ثُمَّ يُقَالُ كَوْنُ الْكَافِ دَاخِلَةً عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ قَلِيلٌ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ كَفَاسِدِهِ، أَيْ: فَاسِدِ كُلِّ قَرْضٍ يُرْجَعُ فِيهِ لِلْقِيمَةِ وَيَكُونُ أَفْيَدَ، وَالْمُغَايَرَةُ بِالْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ) فَيُعْطَى الْقِيمَةَ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَالْمِثْلَ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْبَيْعُ) وَجْهُ كَوْنِهِ أَصْلًا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي عِوَضٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْعِ مُشَاحَّةً وَفِي الْقَرْضِ تَفَضُّلًا كَذَا فِي عب وَانْظُرْهُ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْبَيْعِ أَصْلًا لِلْقَرْضِ لِجَوَازِ أَنْ يُعْكَسَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ وَجْهُ كَوْنِ الْبَيْعِ أَصْلًا أَنَّ الْأَصْلَ دَفْعُ الْمَالِ فِي عِوَضٍ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاحَّةِ وَقَوْلُهُ لَا إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ، أَيْ: فَيُعْطَى الْمِثْلَ (قَوْلُهُ: وَالْغِيبَةُ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ) ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْغِيبَةَ عَلَيْهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ التَّابِعِ لتت، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَوَاتَ إنْ كَانَ بِالْوَطْءِ تَحْقِيقًا، أَوْ ظَنًّا كَالْغَيْبَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَلَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى رَدِّهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَنَحْوِهَا فَيَجُوزُ تَرَاضِيهمَا عَلَى رَدِّهَا عِوَضًا عَنْ الْقِيمَةِ الَّتِي لَزِمَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا فَاتَتْ بِالْوَطْءِ فَلَا تُرَدُّ وَتَقُولُ إنَّهَا عِوَضٌ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ حِينَئِذٍ أَنْ تَكُونَ عِوَضًا عَنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ عِوَضًا) ، أَيْ: لَا نَقُولُ إنَّهَا عِوَضٌ عَمَّا لَزِمَهُ حَتَّى يَصِحَّ رَدُّهَا.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي لِلتَّأْخِيرِ بِزِيَادَةٍ) فَفِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَمِثْلُ هَدِيَّةِ الْمِدْيَانِ إطْعَامُهُ رَجَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَيَحْرُمُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ أَكْلُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ غَرَضِهِ، وَأَمَّا إطْعَامُهُ إذَا جَاءَهُ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَزِدْ فِي ضِيَافَتِهِ وَيَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ لِأَجْلِ تَأْخِيرِهِ الدَّيْنَ كَذَا فِي شَرْحِ عب وَتَأَمَّلْ وَذَكَرَ فِي ك أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ مَجَّانًا وَلَوْ لُقْمَةٍ، أَوْ شَرْبَةٍ أَوْ اسْتِظْلَالٍ بِجِدَارِهِ، أَوْ بِحَمْلٍ عَلَى دَابَّتِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ اهـ وَفِي عب خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ مِثْلُهَا) ، أَيْ: صِفَةً وَقَدْرًا، وَقَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّهَا، أَيْ: السَّابِقَةُ، وَاللَّاحِقَةُ لَيْسَتْ لِأَجْلِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ شَغْلٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَعَامِلُهُ (قَوْله وَتَعْلِيلُ تت مَعْكُوسٌ) مِنْ حَيْثُ جَعْلُ الْجَوَازِ نَظَرًا لِلْمَآلِ، وَالْمَنْعِ نَظَرًا لِلْحَالِ.
(قَوْلُهُ: وَذِي الْجَاهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا) قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَعْنَى إذَا تَقَدَّمَ مُوجِبٌ، أَوْ تَقَدَّمَ مِثْلُهَا يَجُوزُ أَخْذُهَا لِذِي الْجَاهِ عَلَى جَاهِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي فِي الْهَدِيَّةِ إلَخْ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ حُرْمَةُ الرِّشْوَةِ إذْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ يُجَوِّزُ الْأَخْذَ عَلَى الْجَاهِ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ عَلَى الدَّافِعِ لِلْقَاضِي إذَا أَمْكَنَهُ خَلَاصُ حَقِّهِ فَإِذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ رَفْعُ مَظْلِمَتِهِ، أَوْ خَلَاصُ حَقِّهِ بِدُونِهِ فَالْحُرْمَةُ عَلَى الْقَاضِي وَحْدَهُ
اعْتَادَهَا الْقَاضِي قَبْلَ الْوِلَايَةِ قَوْلَانِ (ص) وَمُبَايَعَتُهُ مُسَامَحَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمِدْيَانِ وَذِي الْجَاهِ، وَالْقَاضِي مُسَامَحَةً حَرَامٌ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْأَجَلِ، أَوْ بَعْدَهُ وَحَيْثُ لَا مُسَامَحَةَ لَا تَحْرِيمَ فَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ، وَالْكَرَاهَةَ وَهُمَا قَوْلَانِ وَبِعِبَارَةِ مُسَامَحَةً، أَيْ: بِغَيْرِ ثَمَنِ الْمِثْلِيِّ فَإِنْ وَقَعَ رُدَّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَفِيهِ الْقِيمَةُ فِي الْمُقَوَّمِ، وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ
(ص) ، أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ (ش) إمَّا أَنَّهُ بِالْوَاوِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ بِأَوْ كَمَا أَنَّهُ فِي بَعْضِهَا وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَهُوَ مَصْدَرٌ مَعْطُوفٌ عَلَى هَدِيَّةٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ، أَيْ: وَحَرُمَ هَدِيَّةٌ وَحَرُمَ جَرُّ مَنْفَعَةٍ، أَيْ: فِي الْقَرْضِ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا حَصَلَ لِلْمُقْرِضِ مَنْفَعَةُ مَا فَاتَهُ لَا يَجُوزُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَمَحُّضِ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُقْتَرَضِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يَجُوزُ سَلَفُ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ لِيَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَكَذَا، وَمِثْلُهُ مَنْ يَدْفَعُ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّقِيقِ لِخَبَّازٍ فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْخُبْزِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا، وَمِثْلُهُ مَنْ يَبِيعُ الدَّقِيقَ، أَوْ الشَّاةَ بِقَدْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِهَا قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الْخُبْزِ، أَوْ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ اقْتَضَاهُ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامٌ، أَوْ اللَّحْمِ لَحْمٌ
(ص) كَشَرْطِ عَفِنٍ بِسَالِمٍ وَدَقِيقٍ، أَوْ كَعْكٍ بِبَلَدٍ، أَوْ خُبْزِ فُرْنٍ بِمَلَّةٍ، أَوْ عَيْنٍ عَظُمَ حَمْلُهَا (ش) هَذَا مِثَالٌ لِمَا يَجُرُّ الْمَنْفَعَةَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَسْلَفَهُ طَعَامًا عَفِنًا بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ طَعَامًا سَالِمًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَالْمَنْعُ فِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا مَعَ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ قَضَاءُ مَا ذُكِرَ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ، وَالْبَاءُ لِلظَّرْفِيَّةِ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُسْلِفَ دَقِيقًا بِبَلَدٍ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ لِلْحَاجِّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْفِيفِ مُؤْنَةِ حَمْلِهِ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُسْلِفَ كَعْكًا بِبَلَدٍ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ لِمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ بِبَلَدٍ، أَيْ: لِيَأْخُذَ بَدَلَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ، وَالْمُرَادُ بِالْبَلَدِ الْمَكَانُ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُسْلِفَهُ خُبْزَ فُرْنٍ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ خُبْزَ مَلَّةٍ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ يَجُرُّ مَنْفَعَةً وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَدْفَعَ الشَّخْصُ لِصَاحِبِهِ عَيْنًا، أَيْ: ذَاتًا عِنْدَهُ عَظُمَ حَمْلُهَا وَيَشْتَرِطُ أَخْذَهَا فِي بَلَدٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ غَرَرَ الطَّرِيقِ وَمُؤْنَةَ الْحَمْلِ وَقَوْلُنَا، أَيْ: ذَاتًا لِيَشْمَلَ النَّقْدَ وَغَيْرَهُ كَقَمْحٍ وَعَسَلٍ وَنَحْوِهِمَا، وَالْمَلَّةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ اسْمٌ لِلرَّمَادِ الْحَارِّ الَّذِي يُخْبَزُ بِهِ، أَوْ اسْمٌ لِلْحُفْرَةِ الَّتِي يُجْعَلُ فِيهَا الرَّمَادُ الْمَذْكُورُ، أَوْ اسْمٌ لَمَا يُخْبَزُ فِيهَا وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ بِخُبْزِ مَلَّةٍ، وَأَمَّا خُبْزُ فُرْنٍ بِمِثْلِهِ وَخُبْزُ مَلَّةٍ بِمِثْلِهِ فَيَجُوزُ مَعَ تَحَرِّي مَا فِيهِمَا مِنْ الدَّقِيقِ، وَلَا يَكْفِي وَزْنُهُمَا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ فِي خُبْزٍ بِمِثْلِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَزْنُهُمَا وَهَذَا إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ غَيْرِ رِبَوِيٍّ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ وَزْنُهُمَا فَقَطْ.
(ص) كَسَفْتَجَةٍ (ش) هُوَ مِثَالٌ لِتِلْكَ الْعَيْنِ الْعَظِيمَةِ الْحَمْلِ وَهِيَ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَبِالْجِيمِ لَفْظَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ تُجْمَعُ عَلَى سَفَاتِجَ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْكِتَابُ الَّذِي يُرْسِلُهُ الْمُقْتَرِضُ إلَى وَكِيلِهِ لِيَدْفَعَ لِحَامِلِهِ بِبَلَدِ آخَرَ نَظِيرَ مَا تَسَلَّفَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَلِّفَ انْتَفَعَ بِحِرْزِ مَالِهِ مِنْ آفَاتِ الطَّرِيقِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْهَلَاكُ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ غَالِبًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ)، أَيْ: إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْخَوْفُ فِي جَمِيعِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَمُبَايَعَتُهُ مُسَامَحَةً) ، وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بَيْعُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ مُسَامَحَةً فَيُكْرَهُ فَقَطْ خَشْيَةَ أَنْ يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ الْمَدِينُ فِي الثَّمَنِ لِيُؤَخِّرَهُ، أَوْ يَعْمَلَا عَلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: بَيْعُ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمِدْيَانِ) ، أَيْ: بَيْعُ الْمِدْيَانِ لِرَبِّ الدَّيْنِ مُسَامَحَةً، وَقَوْلُهُ: وَذِي الْجَاهِ، أَيْ: يَبِيعُ لِذِي الْجَاهِ، وَالْقَاضِي مُسَامَحَةً (قَوْلُهُ: وَهُمَا قَوْلَانِ) لَعَلَّ وَجْهَ الْكَرَاهَةِ أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ رُبَّمَا تُجَرُّ إلَى غَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يَكُنْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ.
(قَوْلُهُ: وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ) إنَّمَا كَانَتْ، أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْدَادُ مَا كَانَ مُحَرَّمًا فَلَا يُنَاسِبُ الْإِتْيَانَ بِأَوْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ (قَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي شَرْحِ الشَّامِلِ مِمَّا يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا قَلَّ مَا حَصَلَ لِلْمُقْرِضِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ سَلَفُ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ) وَأَوْلَى غَيْرِ مَسْلُوخَةٍ ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَقَعَ عَقْدُ السَّلَفِ عَلَى شَاةٍ غَيْر مَسْلُوخَةٍ بِأَرْطَالٍ مُعَيَّنَةٍ لِيَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَكَذَا أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مَعَ أَنَّ فِيهِ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً، وَقَوْلُهُ: مَنْ يَدْفَعُ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّقِيقِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ الْقَمْحِ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ مَعَ أَنَّ فِيهِ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ الْمَنْعُ لِمَا قُلْنَاهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ الْجَوَازَ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: كَشَرْطِ عَفِنٍ) أَيْ كَشَرْطِ تَبْدِيلِهِ، وَالْعَادَةُ الْعَامَّةُ، وَالْخَاصَّةُ كَالشَّرْطِ (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِلرَّمَادِ الْحَارِّ) اعْلَمْ أَنَّ خُبْزَ الْمَلَّةِ خُبْزٌ يُخْبَزُ فِي الرَّمَادِ الْحَارِّ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْبَوَادِي وَفِي الْمَغْرِبِ يَخْرُجُ لَذِيذًا نَقِيًّا شِبْهَ الْفَطِيرِ الَّذِي يُجْعَلُ فِي النَّارِ وَيَنْضَجُ شَيْئًا فَشَيْئًا لَا مَا فِي عب مِنْ أَنَّهُ خُبْزُ الْحَصَاوِي إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ التَّشْبِيهَ (قَوْلُهُ: هُوَ مِثَالٌ إلَخْ) أَيْ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ: كَمَضْمُونِ سَفْتَجَةٍ، أَيْ: مَا تَضَمَّنَتْهُ السَّفْتَجَةُ مِنْ الْعَيْنِ الْعَظِيمَةِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَغْلِبْ الْمَخُوفُ أَيْ مِنْ الْهَلَاكِ مَثَلًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْخَوْفُ مَعْنَاهُ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْمَخُوف، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ غَلَبَ، أَيْ: غَلَبَ الْمَخُوفُ أَيْ كَانَ هُوَ الْغَالِبَ لَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ، أَوْ كَانَ هُوَ الْغَالِبَ فِي جَمِيعِهَا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْخَوْفُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَاللَّخْمِيِّ يُرِيدُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْهَلَاكُ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ غَالِبًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَالِبُ صَارَتْ ضَرُورَةً وَأُجِيزَتْ صِيَانَةً لِلْأَمْوَالِ اهـ وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ، أَيْ: بَلْ فِي بَعْضِهِ، أَيْ: وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَبْعَدَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الظَّنَّ كَمَا يُفِيدُهُ عب حَيْثُ قَالَ فَإِنْ شَكَّ فِي الْهَلَاكِ، أَوْ قَطْعِ الطَّرِيقِ إلَخْ
طُرُقِ الْمَحَلِّ الَّذِي يَذْهَبُ إلَيْهِ الْمُقْرِضُ مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَيَجُوزُ لِضَرُورَةِ صِيَانَةِ الْأَمْوَالِ وَبِعِبَارَةٍ فَيَجُوزُ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ حِفْظِ الْمَالِ عَلَى مَضَرَّةِ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا فَإِنْ غَلَبَ لَا فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ، أَوْ غَلَبَ فِي جَمِيعِهَا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ
(ص) وَكَعَيْنٍ كُرِهَتْ إقَامَتُهَا (ش) هَذَا أَيْضًا مَمْنُوعٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ عِنْدَهُ ذَاتٌ مِنْ قَمْحٍ، أَوْ نَقْدٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا كُرِهَ إقَامَتُهَا عِنْدَهُ لِخَوْفِ تَلَفِهَا بِسُوسٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسْلِفَهَا لِيَأْخُذَ غَيْرَهَا؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ نَفْعَ نَفْسِهِ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مَعَ الشَّرْطِ أَوْ الْعُرْفِ لَا إنْ فُقِدَا وَهَذَا مَا لَمْ يَتَمَحَّضْ النَّفْعُ لِلْمُقْتَرِضِ بِدَلِيلِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ كَفَدَّانٍ مُسْتَحْصَدٍ خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ يَحْصُدُهُ وَيَدْرُسُهُ وَيَرُدُّ مَكِيلَتَهُ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُقْرِضَ إنْ قَصَدَ بِهِ نَفْعَ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ، وَمِثْلُهُ إذَا قَصَدَ بِهِ نَفْعَ نَفْسِهِ مَعَ الْآخَرِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ نَفْعَ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ السَّابِقَةِ الْمَمْنُوعَةِ فَإِذَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُمْنَعْ مِثْلُ أَنْ يَقْتَرِضَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ لَهُ زَرْعٌ آنَ حَصَادُهُ فَدَّانًا مِنْ ذَلِكَ الزَّرْعِ، أَوْ فَدَّانَيْنِ وَقَدْ خَفَّتْ مُؤْنَتُهُمَا عَلَى الْمُقْرِضِ مِنْ حَصْدٍ وَدَرْسٍ وَنَحْوِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِزَرْعِهِ فَأَخَذَ الْمُقْتَرِضُ مَا ذُكِرَ لِيَحْصُدَهُ وَيَدْرُسَهُ وَيَذْرُوَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ وَيَرُدَّ مَكِيلَتَهُ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَهُوَ لِلْمُقْرِضِ فَقَوْلُهُ كَفَدَّانٍ مِثَالٌ لِمَا قَامَ فِيهِ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّفْعَ لِلْمُقْتَرَضِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ وَهُوَ الْجَوَازُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُقْتَرِضِ فَقَطْ لَا إنْ قَصَدَ بِهِ نَفْعَ نَفْسِهِ، أَوْ هُوَ مَعَ الْمُقْتَرِضِ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّشْبِيهُ وَقَصْدُ نَفْعِ الْأَجْنَبِيِّ كَقَصْدِ نَفْعِ نَفْسِهِ
(ص) وَمِلْكٍ وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ إلَّا بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَرْضَ يَمْلِكُهُ الْمُقْتَرِضُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْقَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَيَصِيرُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ وَإِذَا قَبَضَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِرَبِّهِ إلَّا إذَا انْتَفَعَ بِهِ عَادَةَ أَمْثَالِهِ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ الْمُشْتَرَطُ، أَوْ الْمُعْتَادُ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيَجُوزُ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَ الَّذِي اقْتَرَضَهُ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَيْنَ الَّذِي اقْتَرَضَهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نُقْصَانٍ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ، وَلَا يَلْزَمُ رَدُّهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ تَعْجِيلَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ وَجَبَ عَلَى رَبِّهِ قَبُولُهُ وَلَوْ غَيْرَ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِيهِ مِنْ حَقِّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ
(ص) كَأَخْذِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ إلَّا الْعَيْنُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَرْضَ لَا يَلْزَمُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُقْتَرِضَ إذَا دَفَعَهُ لِلْمُقْرِضِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقَرْضِ وَأَبَى مِنْ أَخْذِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكُلْفَةِ فَإِنْ رَضِيَ بِأَخْذِهِ جَازَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُقْتَرَضُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لِضَرُورَةٍ) ، أَيْ: يُؤْذَنُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَنْدُوبٌ.
(قَوْلُهُ: مَعَ الشَّرْطِ أَوْ الْعُرْفِ)، أَيْ: اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ السَّالِمَ، أَوْ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ) ، أَيْ: مَعَ الشَّرْطِ، أَوْ الْعَادَةِ كَمَا فِي شب، وَالْمُرَادُ بِالدَّلِيلِ الْقَرِينَةُ كَمَا إذَا كَانَ الْمُسَوَّسُ، أَوْ الْقَدِيمُ الَّذِي خَافَ أَنْ يُسَوِّسَ إذَا بَاعَهُ أَتَى ثَمَنُهُ بِأَضْعَافِ مَا يَأْتِي لَهُ بَدَلُ الْقَرْضِ لِمَسْغَبَةٍ، أَوْ غَلَاءٍ قَبْلَ نَبَاتِ مَا يَحْصُلُ (قَوْلُهُ: يَحْصُدُهُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ: مِثَالٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْجَمِيعِ يَبْعُدُ كَوْنُهُ مِثَالًا وَيُعَيَّنُ كَوْنُهُ تَشْبِيهًا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا جَعَلَهُ مِثَالًا تُجْعَلُ الْقَرِينَةُ كَوْنَهُ تَخِفُّ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ، أَيْ: فَالْخِفَّةُ هِيَ نَفْسُ الدَّلِيلِ لَا شَيْءٌ آخَرُ وَعَلَى جَعْلِهِ تَشْبِيهًا تَكُونُ الْقَرِينَةُ أَمْرًا آخَرَ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ تِلْكَ الْقَرِينَةُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَمِلْكٍ وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ) عَلَى الْفَوْرِ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ الْأَجَلُ الْمُشْتَرَطُ، أَوْ الْمُعْتَادُ فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قُوَّةِ الشَّرْطِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ، أَوْ عَادَةٌ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهَا وَمَقْصُودُهُ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ عَلَى الْحُلُولِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَضَى إلَخْ) فَإِنْ انْتَفَيَا كَانَ كَالْعَارِيَّةِ الْمُنْتَفَى فِيهَا شَرْطُ الْأَجَلِ، وَالْعَادَةِ وَلِلَّخْمِيِّ فِيهَا قَوْلَانِ فَقِيلَ لَهُ رَدُّهُ وَلَوْ بِالْقُرْبِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُبْقِيَهُ لَهُ الْقَدْرَ الَّذِي يُرَى أَنَّهُ أَعَارَ لِمِثْلِهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَيْسَ مِنْ الْعَادَةِ إذْ قَدْ تَزِيدُ عَلَيْهِ الْعَادَةُ بِفَرْضِ وُجُودِهَا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ) ، أَيْ: وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَلَا يُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يُرَادُ لَعَيْنِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نُقْصَانٍ) أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِنُقْصَانٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ مِنْ كَوْنِهِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُقْرِضِ قَبُولُهُ، وَأَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَجَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَذَلِكَ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ الْمُقْرِضِ وَرُدَّ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ لِانْتِفَاءِ الْمِنَّةِ عَلَى الْمُقْرِضِ فِيهَا لِتَقَدُّمِ مَعْرُوفِهِ عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ وَلِذَلِكَ قَالَ عب فَإِنْ تَغَيَّرَ بِنَقْصٍ فَوَاضِحٌ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ وَلَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ انْتَهَى وَأَقُولُ الْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَجَازَ أَجْوَدُ إلَخْ فَقَدْ ذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِذَلِكَ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا، وَأَمَّا قِيَاسُهُ هُنَا فَهُوَ مَعَ الْفَارِقِ وَنَصُّهُ هُنَاكَ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْجُودَةَ هِبَةٌ، وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا الْعَيْنُ)، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا فِي الْمَحَلِّ أَوْ غَيْرِهِ فَمَتَى دَفَعَهُ لَهُ يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ اثْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ، وَأَمَّا الْعَرَضُ مِنْ فَرْضٍ فَإِذَا دَفَعَهُ لَهُ بِمَحَلِّهِ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا وَبِغَيْرِ مَحَلِّهِ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا، وَأَمَّا الْعَرَضُ مِنْ بَيْعٍ فَإِنْ دَفَعَهُ لَهُ بِمَحَلِّهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَكَذَا بَعْدَ الْأَجَلِ بِغَيْرِ الْمَحَلِّ، أَيْ: لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْقَبُولُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ وَهُوَ بِالْمَحَلِّ تَقَدَّمَ وَلَزِمَ بَعْدَهُمَا فَهَذِهِ صُوَرٌ سِتَّ عَشَرَةَ بَعْضُهَا هُنَا وَبَعْضُهَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْعَيْنُ) فِي شَرْحِ شب وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ كَذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُهَا فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكُلْفَةِ) فَإِنْ خَرِبَ مَحَلُّهُ، أَوْ انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ فَأَقْرَبُ مَوْضِعِ عِمَارَةٍ لَهُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.