الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَلَامُ ح
(ص) وَجَازَ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ
الْخِيَارَ فِي السَّلَمِ
جَائِزٌ أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ الْخِيَارَ فِي إمْضَاءِ عَقْدِ السَّلَمِ أَوْ رَدَّهُ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ، وَهُوَ الْأَجَلُ الَّذِي يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ إلَيْهِ بِالشَّرْطِ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهُ إذْ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِشَرْطٍ، وَلَا غَيْرِهِ الثَّانِي أَنْ لَا يُنْقَدَ رَأْسُ الْمَالِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بِشَرْطٍ وَلَا تَطَوُّعٍ لِأَنَّهُ لَوْ نُقِدَ، وَتَمَّ السَّلَمُ لَكَانَ فَسْخَ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِإِعْطَاءِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ سِلْعَةً مَوْصُوفَةً لِأَجَلٍ عَمَّا تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ حَقِيقَةُ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَجَازَ بِخِيَارٍ لِلْمُسْلِمِ أَوْ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ أَوْ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُنْقَدْ شَرْطٌ فِي الثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا، وَقَوْلُهُ بِخِيَارٍ أَيْ وَجَازَتْ مُعَاقَدَةُ السَّلَمِ حَالَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِخِيَارٍ لِلْأَجَلِ الَّذِي يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ إلَيْهِ
(ص) وَبِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ مَنْفَعَةَ ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ كَخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ دَابَّتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ، وَهَذَا بِخِلَافِ أَخْذِ الْمَنَافِعِ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَفِي السَّلَمِ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَضْيَقُ مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَنَافِعُ تَنْقَضِي مَعَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ عَاتٍ وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنَةِ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ كَمَا إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَحْمِلُك إلَى مَكَّةَ بِإِرْدَبِّ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِك تَدْفَعُهُ لِي فِي وَقْتِ كَذَا إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا، وَإِلَّا جَازَ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ (ص) وَبِجُزَافٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ جُزَافًا بِشُرُوطِهِ
وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شَرْطِ رَأْسِ الْمَالِ الْعَيْنِ، وَأَنَّ تَأْخِيرَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يُفْسِدُهُ، ذَكَرَ حُكْمَ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ بِالْعَطْفِ عَلَى فَاعِلِ جَازَ (ص) وَتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ بِلَا شَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ
رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ
بِلَا شَرْطٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَلَوْ إلَى حُلُولِ أَجَلِ السَّلَمِ أَمَّا مَعَ شَرْطِ التَّأْخِيرِ فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَيَفْسُدُ كَالْعَيْنِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ
(ص) وَهَلْ الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ كَذَلِكَ إنْ كِيلَ، وَأُحْضِرَ أَوْ كَالْعَيْنِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ إذَا كَانَ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا، وَكِيلَ الطَّعَامُ، وَأُحْضِرَ الْعَرْضُ فِي مَجْلِسِ
ــ
[حاشية العدوي]
إنَّ قَوْلَهُ، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الطُّرُقِ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْبَعْضَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
[الْخِيَارَ فِي السَّلَمِ]
(قَوْلُهُ لِمَا يُؤَخَّرُ) أَيْ لِزَمَنٍ يُؤَخَّرُ رَأْسُ الْمَالِ إلَيْهِ فَالصِّفَةُ جَارِيَةٌ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ فَهُوَ عَلَى الْمَذْهَبِ الْكُوفِيِّ مِنْ جَوَازِهِ فِي الْفِعْلِ (قَوْلُهُ بِشَرْطٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ مُفْسِدٌ حَصَلَ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا حُذِفَ الشَّرْطُ أَمْ لَا، وَأَمَّا النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَجَائِزٌ فِيمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَحَيَوَانٍ، وَعَرْضٍ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ أَفْسَدَهُ إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ، وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ الْخِيَارِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ صَحَّ (قَوْلُهُ شَرْطٌ فِي الثَّانِي) وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ اُنْظُرْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ فِي الْجَمِيعِ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ لَمْ يُقَيَّدْ بِذَلِكَ الْقَيْدِ فَلَعَلَّهُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ
(قَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْمُعَيَّنِ كَالنُّقُودِ فَتُعْطَى حُكْمَهَا، وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ، وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَاسْتَظْهَرَ عب أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ ذِي الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ لَمْ تَكُنْ مَنْفَعَةُ حَيَوَانٍ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا كَانَ هُوَ رَأْسَ مَالٍ (أَقُولُ) وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَيَوَانِ الْعَرْضُ، وَهُوَ مِثْلُ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ كَقَبْضِ) الْكَافُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا، وَإِلَّا جَازَ) هَذَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ، وَغَيْرُ اللَّقَانِيِّ، وَغَيْرُ عج بَعْدَ أَنْ عَلَّلَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ كَالِئٌ بِكَالِئٍ ذَكَرَ مَا نَصُّهُ فَقَالَ وَظَاهِرُ هَذَا الْمَنْعِ سَوَاءٌ شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا، وَانْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَشْرَعْ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ إذْ جَعَلُوا هُنَاكَ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ أَمْ لَا انْتَهَى، وَأَمَّا عج فَمَنَعَ، وَلَوْ مَعَ الشُّرُوعِ قَائِلًا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمُشَاحَّةَ فِي بَيْعِ الذَّوَاتِ كَالسَّلَمِ أَشَدُّ مِنْ الْمُشَاحَّةِ فِي بَيْعِ الْمَنَافِعِ، وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَنَافِعُ تَنْقَضِي فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ إلَيْهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَقَالَاتِ ثَلَاثَةٌ مَقَالَةُ اللَّقَانِيِّ، وَمَقَالَةُ عج، وَالْمُتَرَدِّدُ وَأَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ اللَّقَانِيِّ الَّذِي تَبِعَهُ شَارِحُنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَالْمَضْمُونِ فِي أَنَّهُ إنْ شَرَعَ أَجْزَأَ، وَإِلَّا فَلَا، وَيُرَادُ الشُّرُوعُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّيْخَ أَحْمَدَ جَعَلَ مَنْفَعَةَ الْمُعَيَّنِ كَالْعَيْنِ وَأَقُولُ وَالتَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَصِحُّ مَعَ الشُّرُوعِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالشُّرُوعِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِقَوْلِهِ أَوْ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ مَفْهُومٌ إلَّا عَلَى كَلَامِ عج لَا عَلَى كَلَامِ شَارِحِنَا التَّابِعِ لِلَّقَانِيِّ، وَقَوْلِ شَارِحِنَا لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ يُفِيدُ أَنَّ الْجَوَازَ مَعَ الشُّرُوعِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَهُوَ تَابِعٌ لِلتَّوْضِيحِ فَإِنَّ التَّوْضِيحَ قَالَ وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنَةِ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ انْتَهَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ التَّوْضِيحِ أَيْ مِنْ تَعْلِيلِهِ يُقْضَى بِصِحَّةِ كَلَامِ اللَّقَانِيِّ لَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ، وَالْمُعَيَّنُ سَوَاءً فَلَا يَكُونُ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ مَعْنًى، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ التَّوْضِيحِ وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنَةِ إلَخْ، وَاَلَّذِي يَلِيقُ بِالتَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنَةِ الرُّجُوعُ لِكَلَامِ عج (قَوْلُهُ بِشُرُوطِهِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ إنْ رُئِيَ إلَخْ، وَلَوْ نَقْدًا مَسْكُوكًا حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَذَلِكَ فِي مُتَعَامَلٍ بِهِ وَزْنًا فَقَطْ
[رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ]
(قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَيْ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ
الْعَقْدِ هَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا بِلَا شَرْطٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَالْحَيَوَانِ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَمَّا كِيلَ، وَالْعَرْضُ لَمَّا أُحْضِرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ انْتَقَلَ ضَمَانُهُمَا إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَصَارَا كَالْحَيَوَانِ أَمَّا مَعَ عَدَمِ الْكَيْلِ وَالْإِحْضَارِ فَالْكَرَاهَةُ اتِّفَاقًا أَوْ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهُمَا، وَلَوْ مَعَ كَيْلِ الطَّعَامِ وَإِحْضَارِ الْعَرْضِ لِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِمَا أَشْبَهَا الْعَيْنَ فَيُؤَدِّي إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ تَأْخِيرَهُ لَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّشْبِيهِ بِالْعَيْنِ التَّحْرِيمَ كَمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ التَّشْبِيهُ عَلَى مُطْلَقِ النَّهْيِ
(ص) وَرَدُّ زَائِفٍ وَعُجِّلَ، وَإِلَّا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ لَا الْجَمِيعُ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ إذَا وَجَدَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ دَرَاهِمَ زُيُوفًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ رَدُّهَا سَوَاءٌ وَجَدَ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ أَوْ الْبُعْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا، وَإِذَا رَدَّهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُعَجِّلَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ الْبَدَلَ بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ تَأَخَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ مِنْ السَّلَمِ مَا يُقَابِلُ الدَّرَاهِمَ الزَّائِفَةَ فَقَطْ كَمَا عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ، وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ إعْطَاءً لِلتَّابِعِ حُكْمَ نَفْسِهِ، وَلَا يَفْسُدُ الْجَمِيعُ كَمَا عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَحْسَنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ، وَالزَّائِفُ الْمَغْشُوشُ.
وَأَمَّا النُّحَاسُ وَالرَّصَاصُ الْخَالِصُ فَلَا يَجُوزُ بَدَلُهُ كَمَا عِنْدَ سَحْنُونَ، وَظَاهِرُهَا مَا عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ ذَلِكَ مِثْلُ الْمَغْشُوشِ، وَقَيَّدَ ابْنُ بَشِيرٍ وُجُوبَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ وَالْفَسَادِ بِتَأْخِيرِهِ بِمَا إذَا قَامَ بِالْبَدَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِكَثِيرٍ أَمَّا لَوْ قَامَ بِهِ عِنْدَ حُلُولِهِ أَوْ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ الْيَوْمَانِ وَالثَّلَاثَةُ فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ مَا شَاءَ، وَلَوْ بِشَرْطٍ (ص) وَالتَّصْدِيقُ فِيهِ كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ تَمَّ لَك أَوْ عَلَيْك الزَّيْدُ الْمَعْرُوفُ، وَالنَّقْصُ (ش) الضَّمِيرُ فِي فِيهِ يَرْجِعُ لِلشَّيْءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ، وَلَا يَرْجِعُ لِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لِأَنَّهُ قَدْ مَرَّ عَدَمُ جَوَازِ التَّصْدِيقِ فِيهِ مَعَ نَظَائِرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ التَّصْدِيقَ فِي كَيْلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ إذَا قُبِضَ بَعْدَ أَجَلِهِ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِيمَا ذُكِرَ فِي الطَّعَامِ الْمَبِيعِ عَلَى النَّقْدِ ثُمَّ إذَا وُجِدَ الْمُصَدِّقُ لِذَلِكَ نَقْصًا أَوْ زِيَادَةً عَلَى مَا صُدِّقَ فِيهِ مِنْ سَلَمٍ أَوْ بَيْعٍ يُشْبِهُ كَيْلَ النَّاسِ عَادَةً فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي النَّقْصِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ.
وَأَمَّا لَوْ عَجَّلَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ السَّلَمَ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ مَنْعِ التَّصْدِيقِ فِي الْمُعَجَّلِ قَبْلَ أَجَلِهِ (ص) وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَك إلَّا بِتَصْدِيقٍ أَوْ بَيِّنَةٍ لَمْ تُفَارِقْ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الزَّيْدُ مَعْرُوفًا بَلْ مُتَفَاحِشًا رَدَدْته كُلَّهُ إلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ تَفَاحَشَ النَّقْصُ فَلَا رُجُوعَ لِلْآخِذِ بِالنَّقْصِ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ عَلَى ذَلِكَ النَّقْصِ أَوْ تَقُومُ لِلْآخِذِ بَيِّنَةٌ لَمْ تُفَارِقْهُ مِنْ حِينِ قَبَضَهُ إلَى أَنْ وَجَدَ فِيهِ النَّقْصَ الْفَاحِشَ، وَإِنَّمَا تَرَكَ الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَى الرُّجُوعِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ لِوُضُوحِهِ.
(ص) وَحَلَفَ لَقَدْ أَوْفَى مَا سُمِّيَ أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ عَلَى مَا كُتِبَ بِهِ إلَيْهِ إنْ أَعْلَمَ مُشْتَرِيَهُ، وَإِلَّا حَلَفْت وَرَجَعْت (ش) فَاعِلُ حَلَفَ هُوَ الْبَائِعُ الصَّادِقُ بِالْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَصْدِيقٌ مِنْ الدَّافِعِ، وَلَا بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لِلْآخِذِ عَلَى النَّقْصِ الْمُدَّعَى فَلَيْسَ عَلَى الدَّافِعِ إلَّا يَمِينٌ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ أَوْفَى لِلْآخِذِ مَا سَمَّاهُ لَهُ إنْ كَانَ الْمُعْطِي اكْتَالَهُ بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعَثَ بِهِ إلَيْهِ، وَلَمْ يَتَوَلَّ كَيْلَهُ بِيَدِهِ فَيَقُولُ لَقَدْ أَوْفَيْت لِلْآخِذِ عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ إلَيَّ أَوْ قِيلَ لِي فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ الَّذِي يُذْكَرُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ بِأَنَّ الطَّعَامَ الْوَاصِلَ إلَيْك لَمْ أَقِفْ عَلَى كَيْلِهِ، وَقَبِلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَيْلِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَحْلِفُ أَنَّهُ، وَجَدَهُ نَاقِصًا، وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالطَّعَامِ إنْ كَانَ مَضْمُونًا
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ هَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا بِلَا شَرْطٍ) وَأَمَّا مَعَ الشَّرْطِ فَلَا يَجُوزُ فِيمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّشْبِيهَ فِي التَّحْرِيمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ النَّهْيِ
(قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ) أَيْ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ كَمَا عِنْدَ سَحْنُونَ) هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهَا) فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ أَصَابَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَلَهُ الْبَدَلُ، وَلَا يُنْقَضُ السَّلَمُ لَكِنْ سَحْنُونَ هُوَ الْعَالِمُ بِهَا، وَمَشَى فِي الشَّامِلِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا قَامَ بِالْبَدَلِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِالْبَدَلِ بِأَنْ رَضِيَ بِالزَّائِفِ أَوْ سَامَحَ مِنْ عِوَضِهِ لَمْ يَفْسُدْ مَا يُقَابِلُهُ، وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَدْخُلَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ مَا يَظْهَرُ زَائِفًا تَأْخِيرًا كَثِيرًا، وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا فَإِنْ دَخَلَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ مَا يَظْهَرُ زَائِفًا تَأْخِيرًا كَثِيرًا فَسَدَ السَّلَمُ كُلُّهُ لِأَنَّ فِيهِ الْكَالِئَ بِالْكَالِئِ كَدُخُولِهِمَا عَلَى تَأْخِيرِ بَعْضِ رَأْسِ الْمَالِ كَثِيرًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ، وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ فَيُنْقَضُ السَّلَمُ إنْ وَقَعَ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى مَوْصُوفٍ وَجَبَ رَدُّ مِثْلِهِ اُنْظُرْ شب (قَوْلُهُ كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ) أَيْ لَا مِنْ قَرْضٍ فَلَا يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالنَّقْصُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ بِدَلِيلِ أَوْ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ إلَّا بِتَصْدِيقٍ) فَيَرْجِعُ فِي الْمَضْمُونِ بِمِثْلِهِ، وَفِي الْمُعَيَّنِ يُحَطُّ بِقَدْرِهِ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ أَوْ يَقُومُ لِلْآخِذِ بَيِّنَةٌ) أَيْ أَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ حَضَرَتْ كَيْلَ الْبَائِعِ قُلْت إنَّهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ النَّقْصِ فَيَرْجِعُ الْمُسْلِمُ بِجَمِيعِ النَّقْصِ، وَلَا يَتْرُكُ قَدْرَ الْمُتَعَارَفِ كَالْجَائِحَةِ.
{فَرْعٌ} مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَوَجَدَ بِهِ نَقْصًا فَكَالِاسْتِحْقَاقِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا فَهَلْ هُوَ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ إلَخْ) أَيْ الْبَائِعُ، وَأَمَّا وَكِيلُهُ فَلَا يَحْلِفُ (قَوْلُهُ أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ) ضَمِنَهُ أَوْصَلَهُ لِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ إنْ أَعْلَمَ مُشْتَرِيَهُ) أَيْ أَتَى لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّهُ أَعْلَمَهُ بِمَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ لِلْيَمِينِ هَكَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا (قَوْلُهُ اكْتَالَهُ بِيَدِهِ) أَيْ أَوْ وَقَفَ
أَوْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَلَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ إنَّهُ بَاعَهُ عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ لِأَنَّ تَبْدِئَةَ الْمُشْتَرِي بِالْيَمِينِ إنَّمَا كَانَتْ حَقًّا لَهُ فَإِذَا نَكَلَ رَجَعَ فِي الْحَالِ عَلَى الْأَصْلِ
(ص) وَإِنْ أَسْلَمْت عَرْضًا فَهَلَكَ بِيَدِك فَهُوَ مِنْهُ إنْ أَهْمَلَ أَوْ أَوْدَعَ أَوْ عَلَى الِانْتِفَاعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا جَعَلَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ، وَدَفَعَهُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَتَرَكَهُ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ فَهَلَكَ بِيَدِهِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِانْتِقَالِهِ لَهُ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ إنْ كَانَ تَرَكَهُ عِنْدَ الْمُسْلِمِ عَلَى سَبِيلِ الْإِهْمَالِ أَيْ عَلَى السَّكْتِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِهِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهُ صَارَ أَمِينًا فِيهِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الِانْتِفَاعِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ اسْتَثْنَى مَنْفَعَةَ الْمَجْعُولِ رَأْسَ مَالٍ حِينَ أَسْلَمَهُ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَعَارَهُ فَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الرِّهَانِ كَمَا لَوْ وَضَعَهُ لِلتَّوَثُّقِ كَمَا يَأْتِي
(ص) وَمِنْك إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ، وَوُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ، وَنُقِضَ السَّلَمُ، وَحَلَفَ، وَالْأَخِيرُ الْآخَرُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا وُضِعَ عِنْدَهُ رَأْسُ الْمَالِ الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَوَثَّقَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِإِشْهَادٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهُ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ، وَيُنْقَضُ السَّلَمُ فِي هَذَا الْوَجْهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُسْلِمُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْهَلَاكِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى تَغَيُّبِهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ خُيِّرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي نَقْضِ السَّلَمِ، وَبَقَائِهِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهِ فَالْحَلِفُ شَرْطٌ فِي نَقْضِ السَّلَمِ، وَأَمَّا إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلْمُسْلِمِ فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ حُكْمَ الِاسْتِعَارَةِ حُكْمُ مَا إذَا وُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ فَفَاعِلُ حَلَفَ هُوَ الْمُسْلِمُ الْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ وَمِنْك، وَإِنَّمَا الْتَفَتَ مِنْ الْخِطَابِ إلَى الْغَيْبَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَلَفَ، وَالْأَخِيرُ الْآخَرُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لِلتُّونِسِيِّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَحَلَفَ وَنُقِضَ السَّلَمُ لِأَنَّ النَّقْضَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحَلِفِ لَكِنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ
(ص) وَإِنْ أَسْلَمَتْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ (ش) يَعْنِي لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا فَأَفْلَتَ أَوْ أَبَقَ أَوْ انْهَدَمَ الْعَقَارُ بِفِعْلِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ لَا يُنْقَضُ، وَضَمِيرُ (وَيَتْبَعُ الْجَانِيَ) لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَتْبَعَهُ الْمُسْلِمُ، وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ بَيَانَ ذَلِكَ أَنَّ الضَّمَانَ تَارَةً يَكُونُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَتُرِكَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ عَلَى وَجْهِ الْإِهْمَالِ أَوْ الْإِيدَاعِ أَوْ الِانْتِفَاعِ أَوْ عَلَى وَجْهِ التَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةِ، وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ سَوَاءٌ عَيَّنَ مَنْ أَتْلَفَهُ أَمْ لَا أَوْ اعْتَرَفَ شَخْصٌ بِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ، وَفِي هَذِهِ الْأَوْجُهِ لَا يُفْسَخُ السَّلَمُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُتْلِفَ لَهُ أَوْ جَهِلَ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَتَارَةً يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَوُضِعَ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةِ، وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، وَلَا اعْتَرَفَ أَحَدٌ بِتَلَفِهِ، وَفِي هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَتْبَعَ الْمُسْلِمُ الْجَانِيَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُسْلِمِ إلَّا مُجَرَّدُ دَعْوَاهُ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَا فِي ضَمَانِهِ فَلَا يَتْبَعُ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ أَوْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ اتِّبَاعُ الْجَانِي، وَإِنَّمَا الَّذِي يَتْبَعُهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ، وَأَمَّا مَا أَشَارَ لَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَتْبَعَ الْمُسْلِمُ مَنْ جَنَى، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ مَا جَعَلَهُ الْمُسْلِمُ رَأْسَ مَالٍ شَيْئًا غَائِبًا فِي ضَمَانِهِ كَأَنْ أَسْلَمَ عَبْدًا
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَى كَيْلِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فِي مَفْهُومِ إنْ أَعْلَمَ لَكِنْ لَا يَخْفَى كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ إذَا لَمْ يَحْلِفْ فِي الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ الشَّامِلَ لِلْمُسْلِمِ يَحْلِفُ، وَيَرْجِعُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا تُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ الشَّامِلِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا حَلَفَتْ وَرَجَعَتْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، وَحَلَفَ بِطَرَفَيْهَا، وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَعْلَمَ مُشْتَرِيَهُ فَإِذَا نَكَلَ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَوَّلًا نَكَلَ فَإِذَا حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِهِ رَجَعَ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا فِي مَفْهُومِ إنْ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ فَلَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَلَفَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ حَقًّا لَهُ) أَيْ لَا أَصَالَةَ مَعَ أَنَّ الْحَقِيقَةَ تُجَامِعُ الْأَصَالَةَ
(قَوْلُهُ وَإِنْ سَلَّمْت عَرْضًا) أَيْ عَقَدْت سَلَمًا لَا أَسْلَمْت بِالْفِعْلِ لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ فَهَلَكَ (قَوْلُهُ اُسْتُثْنِيَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ قَدْرُ أَجَلِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَكْثَرَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الظَّاهِرُ تَقْيِيدُهَا بِقَدْرِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمُغْتَفَرَةِ خُصُوصًا إنْ قُلْنَا إنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى، وَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ فَمُطْلَقٌ، وَارْتَضَاهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ
(قَوْلُهُ بِإِشْهَادٍ) أَيْ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَا أَنَّ الْعَرْضَ يُتَوَثَّقُ بِهِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ عِنْدَهُ رَهْنًا فِي ثَمَنِهِ لِأَنَّ مَا بِيعَ نَسِيئَةً لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ فِي ثَمَنِهِ إلَّا بِرِضَا الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنَّهُ رَهْنٌ فِي عِوَضِهِ (قَوْلُهُ بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ) أَيْ رَهْنٍ مِنْ عِنْدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَحَمِيلٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ يَضْمَنُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ إنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ مِنْ الْغَيْرِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ مِنْ الْمُسْلِمِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةَ يُعَارِضُهَا قَوْلُهُ وَالْأَخِيرُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لِلْحَلِفِ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا أَخَّرَهُ أَيْ قَوْلُهُ وَحَلَفَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَالْأَخِيرُ إلَخْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ حَلَفْت بِتَاءِ الْخِطَابِ
(قَوْلُهُ وَتُرِكَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ عَلَى وَجْهِ الْإِهْمَالِ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَتُرِكَ إلَخْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ حَتَّى فِي صُورَةِ التَّوَثُّقِ فَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ التَّوَثُّقِ وَعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَرْضِ الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لَا يُنْقَضُ السَّلَمُ وَلَا يُنْقَضُ إلَّا فِي صُورَةِ ضَمَانِ الْمُسْلِمِ بِالْكَسْرِ، وَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ، وَتُرِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِهْمَالِ إلَخْ أَوْ عَلَى وَجْهِ التَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةِ، وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ