المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[موانع خيار النقيصة] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٥

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌ شَرْطِ الْجَوَازِ وَدَوَامِ الْمِلْكِ مَعَ صِحَّتِهِ

- ‌[شُرُوطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ]

- ‌[الْجَمْعُ بَيْن بَيْع وَصَرْف فِي عَقْدٍ]

- ‌ مَا يَطْرَأُ عَلَى الصَّرْفِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ

- ‌ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ وَبِغَيْرِهِ

- ‌مَا تَخْلُو بِهِ الذِّمَمُ

- ‌[فَصَلِّ فِي الربا]

- ‌مَا يَكُونُ بِهِ الْجِنْسُ جِنْسَيْنِ وَمَا لَا يَكُونُ

- ‌[الْبُيُوع الْمُنْهِي عَنْهَا]

- ‌بَيْعِ الْغَرَرُ

- ‌بَيْعِ الْحَصَاةِ

- ‌بَيْعِ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ، أَوْ ظُهُورِهَا

- ‌[يَبِيعَ سِلْعَةً أَوْ يُؤَاجِرُهَا بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ]

- ‌ يُؤَاجِرَ فَحْلَهُ لِيَضْرِبَ الْأُنْثَى حَتَّى تَحْمِلَ

- ‌[بَيْعِ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ حَامِلٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ]

- ‌[بَيْعِ الْكَالِئِ بِالنَّقْدِ]

- ‌بَيْعِ الْعُرْبَانِ

- ‌بَيْعٍ وَشَرْطٍ

- ‌بَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ

- ‌ تَلَقِّي السِّلَعِ الْوَارِدَةِ لِبَلَدٍ مَعَ صَاحِبِهَا قَبْلَ وُصُولِ سُوقِهَا، أَوْ الْبَلَدِ

- ‌ خَاتِمَةٌ لِبَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[الْبِيَاعَات الَّتِي لَا نَصَّ فِيهَا مِنْ الشَّارِع]

- ‌ بَيْعُ السِّلْعَةِ بِذَهَبٍ وَشِرَاؤُهَا بِغَيْرِ صِنْفِهِ مِنْ نَحْوِ فِضَّةٍ، أَوْ عَكْسِهِ

- ‌ بَاعَ مِثْلِيًّا مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ طَعَامًا، أَوْ غَيْرَ طَعَامٍ، ثُمَّ اشْتَرَى مِثْلَهُ صِفَةً

- ‌بَيْعِ أَهْلِ الْعِينَةِ

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الْخِيَارِ]

- ‌ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ بِخِيَارٍ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ مَانِعُ حَجْرٍ

- ‌[جُنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ طُولٍ يَضُرُّ بِالْآخَرِ الصَّبْرُ إلَيْهِ]

- ‌[الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالْأَرْشُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْجَانِي عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ]

- ‌ الْبَائِعَ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ

- ‌ بَيْعِ الِاخْتِيَارِ

- ‌خِيَارِ الْعَيْبِ

- ‌ يَفْعَلَ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا يَظُنُّ بِهِ الْمُشْتَرِي كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ

- ‌[مَوَانِعْ خِيَارَ النَّقِيصَةِ]

- ‌ تَنَازُعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْعَيْبِ أَوْ فِي سَبَبِ الرَّدِّ بِهِ

- ‌ الْبَائِعَ إذَا بَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي بَعْضَ الْعَيْبِ الْكَائِنِ فِي الْمَبِيعِ وَكَتَمَ بَعْضَهُ الْآخَرَ عَنْهُ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ

- ‌ اشْتَرَى أَمَةً وَوَلَدَهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِأَحَدِهِمَا

- ‌ تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي وُجُودِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ وَعَدَمِهِ

- ‌[الْبَائِعَ إذَا غَلِطَ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ]

- ‌ أُجْرَةَ كَيْلِ الْمَبِيعِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ وَزْنِهِ

- ‌ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ

- ‌ مُرَابَحَةُ الْبَيْعِ

- ‌[حُكْمِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَفَوْتِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِبَابِ التَّدَاخُلِ]

- ‌ بَيْعُ الْعَرَايَا

- ‌[بُطْلَانُ الْعَرِيَّة]

- ‌ زَكَاةُ الْعَرِيَّةِ

- ‌[فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِهِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌ الْخِيَارَ فِي السَّلَمِ

- ‌ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ

- ‌ اخْتِلَافَ الْخَيْلِ بِالسَّبْقِ

- ‌ سَلَمِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ فِي الْآخَرِ

- ‌ سَلَمَ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا

- ‌[السَّلَمِ فِي الرَّقِيقِ وَالْقَدِّ وَالْبَكَارَةِ وَاللَّوْنِ]

- ‌ السَّلَمُ فِي الصُّوفِ

- ‌ السَّلَمُ فِي الْجُزَافِ

- ‌ اقْتِضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ

- ‌[قَضَاء السَّلَمَ بِغَيْرِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ]

- ‌ إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ طَالِبًا، وَأَبَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ

- ‌[فَصْلٌ الْقَرْضُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌ الْمُقَاصَّةَ تَجُوزُ فِي دَيْنَيْ الْعَرَضِ

- ‌(بَابٌ ذِكْرُ الرَّهْنِ وَحْدَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ)

- ‌[رَهْنُ الْمَشَاعَ]

- ‌ رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ

- ‌ الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيهَا الرَّهْنُ

- ‌ الرَّاهِنَ إذَا أَخَذَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ غَصْبًا

- ‌ الْمُرْتَهِنَ إذَا وَكَّلَ مُكَاتَبَ الرَّاهِنِ فِي حَوْزِ الرَّهْنِ

- ‌[تَنَازَعَ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الرَّهْنِ]

- ‌ مَا يَكُونُ رَهْنًا بِالتَّبَعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ عَلَيْهِ

- ‌ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ فِي الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا فِي مَنْفَعَتِهِ

- ‌مَا تَكُونُ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُرْتَهِنِ

- ‌ رَهَنَ عَبْدَهُ، ثُمَّ دَبَّرَهُ

- ‌ ضَمَانِ الرَّهْنِ

- ‌ أَحْوَالُ الرَّهْنِ

- ‌[بَابٌ التفليس]

- ‌ التَّفْلِيسِ الْخَاصِّ

- ‌ أَحْكَامِ الْحَجْرِ

- ‌ كَيْفِيَّةَ بَيْعِ مَالِ الْمُفَلَّسِ

- ‌ أَسْبَابِ الْحَجْرِ

- ‌[عَلَامَات الْبُلُوغ]

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ

- ‌ الْحَجْرَ عَلَى الْأُنْثَى

- ‌[مَنْ هُوَ الْوَلِيّ]

- ‌[مَنْ يَتَوَلَّى الْحَجْر وَيْحُكُمْ فِيهِ]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الرَّقِيقُ]

- ‌[الْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيض]

- ‌ حَجْرُ الزَّوْجِيَّةِ

الفصل: ‌[موانع خيار النقيصة]

وَهِيَ ضَرْبَانِ مَانِعٌ مُطْلَقٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ سَتَأْتِي فَوَاتُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حِسًّا أَوْ حُكْمًا، وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَزَوَالِ الْعَيْبِ قَبْلَ الْقِيَامِ وَمَانِعٌ مُقَيِّدٌ، وَهُوَ اثْنَانِ أَوَّلُهُمَا قَوْلُهُ (ص) وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعُ حَاكِمٍ وَوَارِثٍ رَقِيقًا فَقَطْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ الرَّقِيقَ فِي الدُّيُونِ أَوْ الْمَغْنَمِ أَوْ عَلَى السَّفِيهِ أَوْ الْغَائِبِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ يَمْنَعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الرَّدِّ بِوُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ بِالْعَيْبِ، وَسَوَاءٌ بَيَّنَ أَنَّهُ حَاكِمٌ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْوَارِثِ لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ لِلرَّقِيقِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ أَيْضًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الرَّقِيقَ إرْثٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَاعَ لِلْقِسْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَفِيهِ قَوْلَانِ لِلْبَاجِيِّ وَعِيَاضٍ، وَعَلِمَ الْمُبْتَاعُ أَنَّهُ إرْثٌ كَبَيَانِهِ، وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَأَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ، وَقَوْلُهُ رَقِيقًا رَاجِعٌ لَهُمَا، وَقَوْلُهُ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ رَاجِعٌ لِلْوَارِثِ فَقَطْ (ص) وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْ آخَرَ ظَنَّهُ أَنَّهُ غَيْرُ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحَدُهُمَا، وَأَوْلَى لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ غَيْرُهُمَا ثُمَّ تَبَيَّنَ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ وَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَيْبٍ، وَيَنْفَعُهُ دَعْوَى جَهْلِهِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ الْجَهْلَ فِي الْأَحْكَامِ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَوَجُّهِ الْحُكْمِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ أَقْرَبُ (ص) وَتَبَرِّي غَيْرِهِمَا فِيهِ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ (ش) هَذَا هُوَ الثَّانِي مِنْ الْمَانِعَيْنِ الْمُقَيَّدَيْنِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ غَيْرَ حَاكِمٍ وَوَارِثٍ إلَّا أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِمَّا يَظْهَرُ فِي الرَّقِيقِ مِنْ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ تَنْفَعُهُ تِلْكَ الْبَرَاءَةُ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ فِيهِ، وَالثَّانِي أَنْ تَطُولَ إقَامَتُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ لَظَهَرَ لَهُ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِفَوْرِ شِرَائِهِ، وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ فَلَا يَنْفَعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالْبَرَاءَةُ الْتِزَامُ الْمُشْتَرِي عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا تَنْفَعُ فِي الرَّقِيقِ خَاصَّةً.

وَلَمَّا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ مِنْ أَمْرِ سِلْعَتِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ الْمُبْتَاعُ أَوْ كَانَ ذِكْرُهُ أَبْخَسَ لَهُ فِي الثَّمَنِ إنْ بَيَّنَهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِذَا عَلِمَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ، وَوَصَفَهُ أَوْ أَرَاهُ لَهُ، وَلَمْ يُجْمِلْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا عَلِمَ عَيْبًا فِي سِلْعَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَهُ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ قَالَ أَبِيعُك بِالْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبِ كَذَا، وَلَمْ يَقُلْ هُوَ بِهِ لَمْ يُفِدْهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ حَاكِمًا أَوْ غَيْرَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا بُدَّ فِي الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا، وَلَوْ حَاكِمًا أَوْ وَارِثًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يُعْتَبَرْ عَمَلُهُ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَخْفَى كَالْإِبَاقِ وَصَفَهُ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ بَيَانِهِ أَنَّهُ بِهِ وَصْفًا شَافِيًا كَاشِفًا عَنْ حَقِيقَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُغْتَفَرُ بِمَوْضِعٍ دُونَ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا أَوْ أَرَاهُ لَهُ كَالْقَطْعِ وَالْعَوَرِ، وَلَمْ يُجْمِلْهُ بِأَنْ يَذْكُرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العدوي]

[مَوَانِعْ خِيَارَ النَّقِيصَةِ]

(قَوْلُهُ مَانِعٌ مُطْلَقٌ) أَيْ فِي الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ مُقَيَّدٌ أَيْ بِالرَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَقَوْلُهُ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْعَيْبِ كَتَبَ عَلَى نُسْخَتِهِ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ خُصُوصِهِ بِالرَّقِيقِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ بِالْعَيْبِ) فَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِالْعَيْبِ أَوْ عَلِمَ بِهِ الْمَدِينُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ بِهِ لَمْ يَكُنْ بَيْعَ بَرَاءَةٍ لِأَنَّ كَتْمَ ذَلِكَ تَدْلِيسٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بَيْعُ حَاكِمٍ مَا إذَا كَانَ وَارِثًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيهِ، وَأَمَّا إذَا بَاعَ عَبْدًا مُسْلِمًا عَلَى مَالِكِهِ الْكَافِرِ فَلَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَجَازَ رَدُّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ بَيَّنَ أَنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ لَا) أَيْ ظَنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ لِلْبَاجِيِّ وَعِيَاضٍ) أَيْ أَنَّ الْبَاجِيَّ يَقُولُ لَا يَكُونُ بَيْعُ الْوَارِثِ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ إلَّا إذَا كَانَ لِقَضَاءِ دَيْنٍ فَقَطْ وَعِيَاضٌ يَقُولُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ لِقِسْمَةٍ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مُوَافَقَةُ عِيَاضٍ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْوَارِثِ فَقَطْ) الصَّوَابُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا مَعًا هَذَا الْكَلَامُ وَقَعَ مِنْهُ تَبَعًا لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الْبَيَانَ فِي الْوَارِثِ فَقَطْ، وَأَنَّ الْحَاكِمَ بَيْعُهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَالَ مُحَشِّي تت، وَبِهِ اغْتَرَّ الْأُجْهُورِيُّ، وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَجْرِ عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ لِإِثْبَاتِهِ التَّخْيِيرَ لِلْمُبْتَاعِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَاكِمِ، وَعَلَى ظَاهِرِهَا لَا خِيَارَ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَكَادُ يَخْفَى كَمَا قِيلَ بِهِ، وَاعْتَمَدَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ بَيْعُ الْمِيرَاثِ، وَبَيْعُ السُّلْطَانِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بَيْعُ مِيرَاثٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يُحْبَسَ بِلَا عُهْدَةٍ (قَوْلُهُ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا) ظَاهِرٌ فِي الْحَاكِمِ دُونَ الْوَارِثِ إذْ مَعَ شَرْطِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ إرْثٌ لَا يَتَأَتَّى ظَنُّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ غَيْرُ وَارِثٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ ظَنُّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ غَيْرُ وَارِثٍ مَعَ تَبَيُّنِ أَنَّهُ وَارِثٌ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُكَذِّبَهُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى أَنَّهُ وَارِثٌ، وَيَظُنَّ خِلَافَهُ ثُمَّ يَثْبُتُ مَا ادَّعَى (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجَهْلَ فِي الْأَحْكَامِ) أَيْ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ (قَوْلُهُ فَلَا يَنْفَعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ (قَوْلُهُ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ، وَقَدَّمَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَنَّهُ حَادِثٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ كَانَ ذِكْرُهُ أَبْخَسَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إذَا كَرِهَهُ يَكُونُ أَبْخَسَ (قَوْلُهُ وَوَصَفَهُ) أَيْ إنْ كَانَ مَعْنَوِيًّا كَالْإِبَاقِ بَعْدَ بَيَانِ أَنَّهُ بِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَرَاهُ لَهُ إنْ كَانَ حِسِّيًّا كَالْقَطْعِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَهُ إلَخْ) وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولَ وَبَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ لِأَجْلِ التَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يُعْتَبَرْ عِلْمُهُ) أَيْ فَهُوَ بِمَثَابَةِ الَّذِي لَيْسَ بِعَالِمٍ (قَوْلُهُ وَصَفَهُ) أَيْ وَمَوْضِعَهُ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجْمِلْهُ) أَيْ الْعَيْبَ لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الْإِجْمَالِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ مَعْنَوِيًّا، وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَذْكُرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْعَيْبِ الْقَائِمِ بِهِ، وَعَلَى غَيْرِهِ

ص: 135

وَعَلَى غَيْرِهِ مَعَ تَفَاوُتِهِ فِي أَفْرَادِهِ كَقَوْلِهِ سَارِقٌ أَوْ يَذْكُرُ مَا فِيهِ وَغَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَقَوْلِهِ زَانٍ سَارِقٌ، وَهُوَ سَارِقٌ فَقَطْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَلِمَ سَلَامَتَهُ مِنْ الْأَوَّلِ فَظَنَّ أَنَّ ذِكْرَ الثَّانِي مَعَهُ كَذِكْرِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا قَالَ سَارِقٌ فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ يَسِيرِ السَّرِقَةِ دُونَ التَّفَاحُشِ، وَعَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ، وَالنَّقْلُ يُوَافِقُهُ أَوْ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا لِأَنَّ بَيَانَهُ مُجْمَلًا كَلَا بَيَانٍ، وَعَلَيْهِ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ لِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (ص) وَزَوَالُهُ إلَّا مُحْتَمَلَ الْعَوْدِ (ش) أَيْ وَمَنَعَ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ زَوَالُ الْعَيْبِ الْكَائِنِ حِينَ الْبَيْعِ أَوْ قَبْلَهُ إلَّا الْعَيْبَ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ فَإِنَّ زَوَالَهُ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ كَبَوْلِ الْمَبِيعِ فِي فِرَاشِهِ وَسَلِسِ الْبَوْلِ وَالسُّعَالِ الْمُفْرِطِ وَرَمْيِ الدَّمِ مِنْ الْقُبُلِ وَالِاسْتِحَاضَةِ بِخِلَافِ الْحُمَّى وَبَيَاضِ الْعَيْنِ وَنُزُولِ مَاءٍ مِنْهَا إذَا كَانَ بُرْؤُهُ قَدْ اسْتَمَرَّ لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا تُخَافُ عَوْدَتُهُ إلَّا بِإِحْدَاثٍ مِنْ اللَّهِ، وَأَمَّا الْبَرَصُ وَالْجُذَامُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ بِهِ حَتَّى ذَهَبَ فَلَا رَدَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عَيْبًا، وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ (ص) وَفِي زَوَالِهِ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ وَطَلَاقِهَا، وَهُوَ الْمُتَأَوَّلُ وَالْأَحْسَنُ أَوْ بِمَوْتٍ فَقَطْ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ لَا أَقْوَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ فِيمَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَى إلَّا بَعْدَ زَوَالِ الْعِصْمَةِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَقِيلَ لَا رَدَّ لَهُ، وَقِيلَ لَا رَدَّ لَهُ إنْ زَالَتْ الْعِصْمَةُ بِالْمَوْتِ لَا بِالطَّلَاقِ، وَقِيلَ لَهُ الرَّدُّ وَلَوْ فِي الْمَوْتِ، وَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ لِأَنَّ مَنْ اعْتَادَهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى لَا يَصْبِرُ عَنْهُ غَالِبًا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ، وَلَوْ قَالَ بِمَوْتِ الزَّوْجِ الشَّامِلِ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَانْظُرْ الْفَسْخَ بِلَا طَلَاقٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الطَّلَاقِ فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ طَلَاقِهَا بِفِرَاقِهَا لَشَمَلَهُ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الزَّوْجَةِ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا وَطْءٌ (ص) وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا إلَّا مَا لَا يَنْقُصُ كَسُكْنَى الدَّارِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ حُصُولُ الشَّيْءِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ كُلِّ قَاطِعٍ لِخِيَارِ الْمُشْتَرِي مِنْ تَصْرِيحٍ بِقَوْلٍ كَرَضِيت أَوْ فِعْلٍ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَاسْتِخْدَامِ مَا يَنْقُصُهُ الِاسْتِعْمَالُ، وَإِنْ كَانَ غَلَّةً أَوْ سُكُوتٌ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا جَعْلُهُ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي إلَى الْقَضَاءِ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ ذَلِكَ فِي غَلَّةٍ لَا تَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ وَالتَّمْرِ أَمَّا لَوْ فَعَلَ فِعْلًا لَا يُنْقِصُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا إذَا سَكَنَ الدَّارَ أَوْ الْحَانُوتَ، وَهُوَ يُخَاصِمُ، وَقَوْلُهُ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا أَيْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَرَضِيَ مُشْتَرٍ كَاتَبَ أَوْ زَوَّجَ إلَخْ لَكِنْ تُسْتَثْنَى الْإِجَارَةُ وَالْإِسْلَامُ لِلصَّنْعَةِ فَإِنَّهُمَا لَا يَدُلَّانِ عَلَى الرِّضَا هُنَا لِأَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّهُمَا لَا يَدُلَّانِ عَلَى الرَّدِّ مِنْ الْبَائِعِ هُنَاكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا هَذَا فِي الْحَاضِرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ مَا لَا يُنْقِصُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَالْمُرَادُ شَأْنُ ذَلِكَ، وَبِعِبَارَةٍ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ مَا لَا يَنْقُصُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ فَيُجْعَلُ مُنْقَطِعًا أَيْ لَكِنْ الْفِعْلُ الَّذِي لَا يَنْقُصُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَسُكْنَى الدَّارِ سَوَاءٌ سَكَنَهَا أَوْ أَسْكَنَهَا، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَوَقَفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ أَيْ كَشَغْلِ الدَّارِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَقَوْلُهُ كَقَوْلِهِ سَارِقٌ فَإِنَّ سَارِقٌ شَامِلٌ لِسَرِقَةِ دِينَارٍ وَأَكْثَرَ، وَشَامِلٌ لِسَرِقَةِ كُلِّ شَهْرٍ أَوْ كُلِّ أُسْبُوعٍ أَوْ كُلِّ سَنَةٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقَائِمَ بِهِ إنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ يَذْكُرُ مَا فِيهِ، وَغَيْرِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ فِي هَذَا إجْمَالًا مِنْ حَيْثُ ذِكْرُ الْغَيْرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَعَمْ سَارِقٌ فِيهِ إجْمَالٌ بِاعْتِبَارِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ زَانٍ سَارِقٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ إجْمَالًا أَيْضًا مِنْ حَيْثُ سَارِقٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَلِمَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ فِيهِ لِإِجْمَالٍ، وَقَوْلُهُ وَإِذَا قَالَ سَارِقٌ الَّذِي هُوَ الْبَيَانُ الْإِجْمَالِيُّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ) مَوْضُوعُهُ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِيمَا إذَا أَتَى بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ فَإِنْ أَتَى بِلَفْظٍ يَشْمَلُ الْعُيُوبَ كُلَّهَا كَثِيرَهَا وَقَلِيلَهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ بَعْضَهَا فِيهِ كَأَبِيعُكَ عَظْمًا فِي قُفَّةٍ كَمَا يَقَعُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ فِي بَعْضِ الْبِيَاعَاتِ فَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِيهِ بَحْثُ الْبِسَاطِيِّ وَغَيْرِهِ أَمْ يَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ فِي هَذَا بِشَيْءٍ، وَفِي شَرْحِ شب، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ فِي هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ مَا عَلِمَهُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَزَوَالُهُ) سَوَاءٌ زَالَ قَبْلَ الْقِيَامِ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ الْحُكْمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (قَوْلُهُ إلَّا مُحْتَمَلٌ) بِالنَّصْبِ وَبِالرَّفْعِ مَنْفِيٌّ مَعْنًى كَقَوْلِهِ تَغَيَّرَ إلَّا التَّوَى إلَخْ بَدْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ انْقَطَعَ زَمَنَ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عَيْبًا) أَيْ لِكَوْنِهِ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ (قَوْلُهُ طَلَاقِهَا) أَيْ بَائِنًا لَا رَجْعِيًّا لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَأَمَّا طَلَاقُ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَمَوْتُهَا فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَوْتٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا لَكِنْ مَوْتُهَا الَّذِي هُوَ فَرْضُ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقٌ عَلِيَّةً أَوْ وَخْشًا، وَمَوْتُهُ إنَّمَا يَزُولُ بِهِ عَيْبُ الْوَخْشِ دُونَ الرَّائِعَةِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ كَانَ أَحْسَنَ) لِأَنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ جَارِيَةٌ فِي مَوْتِ الزَّوْجِ، وَكَأَنْ يَقُولَ وَطَلَاقِهِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ بَدَلٌ، وَطَلَاقِهَا، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ.

(تَنْبِيهٌ) :

مَحَلُّ الْأَقْوَالِ فِي التَّزْوِيجِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ مِنْ غَيْرِ تَسَلُّطِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ مَعَ الْوَطْءِ لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ بِهِ مَعَ تَسَلُّطِهِ عَلَيْهِ فَعَيْبٌ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْ، وَلَوْ بِإِذْنِهِ مِنْ غَيْرِ تَسَلُّطٍ، وَلَمْ يَطَأْ فَغَيْرُ عَيْبٍ (قَوْلُهُ وَاسْتِخْدَامِ مَا يَنْقُصُهُ الِاسْتِعْمَالُ) أَيْ كَعَبْدٍ، وَلَوْ زَمَنَ الْخِصَامِ (قَوْلُهُ كَاللَّبَنِ) وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ إلَّا لِطُولِ سُكُوتِهِ بَعْدَ عِلْمِ الْعَيْبِ فَلَا، وَقَوْلُهُ وَهُوَ يُخَاصِمُ أَمَّا فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا (قَوْلُهُ لَكِنْ تُسْتَثْنَى الْإِجَارَةُ وَالْإِسْلَامُ لِلصَّنْعَةِ إلَخْ) بَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا سَيَأْتِي، وَوُقِفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ عَلَى مَا قَرَّرُوهُ هُنَاكَ يَرِدُ هَذَا، وَأَنَّ الْإِجَارَةَ وَالْإِسْلَامَ لِلصَّنْعَةِ يَدُلَّانِ عَلَى الرِّضَا إذَا صَدَرَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِهَذَا التَّعْمِيمِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِلْإِسْكَانِ، وَقَوْلُهُ أَيْ كَشَغْلِ الدَّارِ تَفْسِيرٌ لِسُكْنَى بِاعْتِبَارِ تَعْمِيمِهِ ثُمَّ أَقُولُ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَوَقَفَ إلَخْ كَأَنْ أَسْكَنَهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ:

ص: 136

وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ وَالْمُطَالَعَةَ فِي الْكُتُبِ (ص) وَحَلَفَ إنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ فِي كَالْيَوْمِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ السُّكُوتَ لِعُذْرٍ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ مُطْلَقًا، وَلِغَيْرِهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْيَوْمِ رُدَّ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ كَالْيَوْمِ حَلَفَ وَرَدَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَلَا رَدَّ لَهُ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُخْتَارِ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ أَخْرَجَ مِنْهُ مَسْأَلَتَيْنِ أُولَاهُمَا بِقَوْلِهِ (لَا كَمُسَافِرٍ اُضْطُرَّ لَهَا) أَيْ لِرُكُوبِ الدَّابَّةِ فِي سَفَرِهِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهَا فَيَسْتَمِرُّ رَاكِبًا لَهَا وَلَهُ رَدُّهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رُكُوبِهَا بَعْدَ عِلْمِهِ، وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يُكْرِيَ غَيْرَهَا وَيَسُوقَهَا، وَلِيَرْكَبَ فَإِنْ وَصَلَتْ بِحَالِهَا رَدَّهَا، وَإِنْ عَجَفَتْ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَهَا، أَوْ يَحْبِسُهَا، وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْعَيْبِ ابْنُ رُشْدٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّ رُكُوبَهُ إيَّاهَا لَيْسَ رِضًا بِالْعَيْبِ، وَلَا مَفْهُومَ لَاضْطُرَّ إذْ رُكُوبُ الْمُسَافِرِ لَهَا اخْتِيَارًا كَذَلِكَ لِأَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمُكْرَهَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى الدَّابَّةِ لِيَشْمَلَ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ، وَلَا يُبْعِدُهُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ مِنْ قَوْلِهِ (أَوْ تَعَذَّرَ قَوْدُهَا لِحَاضِرٍ) لِلدَّابَّةِ، وَأَمَّا لُبْسُ الثَّوْبِ وَوَطْءُ الْأَمَةِ فَرْضًا بِاتِّفَاقٍ قَالَهُ بَعْضٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعَذُّرُ مِنْ جِهَةِ الدَّابَّةِ لِامْتِنَاعِ سَيْرِهَا غَيْرَ مَرْكُوبَةٍ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ ذَا هَيْئَةٍ، وَقَيْدُ التَّعَذُّرِ إنَّمَا هُوَ فِي رُكُوبِهَا لِمَوْضِعِهِ أَمَّا رُكُوبُهَا لِلرَّدِّ فَلَا يَضُرُّ، وَلَوْ بِغَيْرِ تَعَذُّرٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْبَيَانِ، وَأَقَرَّهُ.

(ص) فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ أَشْهَدَ فَإِنْ عَجَزَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ غَيْبَةَ بَائِعِ الْمَعِيبِ لَا تَمْنَعُ مِنْ عَدَمِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إذْ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ بِعَدَمِ الرِّضَا بِهِ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ لَا أَنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى الرَّدِّ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغِيبَةِ أَوْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ لِبُعْدِ غَيْبَةِ الْبَائِعِ وَعَدَمِ وَكِيلٍ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ بَائِعَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ بِعَجْزِهِ، وَحِينَئِذٍ يَتَلَوَّمُ الْقَاضِي لِبَعِيدِ الْغَيْبَةِ حَيْثُ رُجِيَ قُدُومُهُ كَمَا أَنَّهُ يَتَلَوَّمُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ، وَأَمَّا بَعِيدُ الْغَيْبَةِ حَيْثُ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ فَلَا يَتَلَوَّمُ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْقَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَالْيَوْمَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ فَيَكْتُبُ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا قَدِمَ، وَإِلَّا أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ (ص) وَفِيهَا أَيْضًا نَفْيُ التَّلَوُّمِ (ش) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ ثُمَّ إنَّ الَّذِي فِيهَا عَدَمُ ذِكْرِ التَّلَوُّمِ فَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ أَيْ نَفْيُ ذِكْرِ التَّلَوُّمِ، وَبِعِبَارَةٍ أَيْ انْتِفَاءُ التَّلَوُّمِ إطْلَاقًا لِلْمَصْدَرِ، وَإِرَادَةَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الِاشْتِغَالُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُطْلَقًا نَقَصَهُ الِاسْتِعْمَالُ أَمْ لَا. الثَّانِي مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ كَاسْتِخْدَامِ مَا يَنْقُصُهُ الِاسْتِعْمَالُ كَعَبْدٍ فَاسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ. الثَّالِثُ مَا لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُطْلَقًا كَأَخْذِ اللَّبَنِ وَالتَّمْرِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ طُولٌ. الرَّابِعُ مَا فِيهِ تَفْصِيلٌ كَسُكْنَى الدَّارِ فَإِنْ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَإِلَّا دَلَّ هَذَا حَاصِلُهُ (قَوْلُهُ فِي كَالْيَوْمِ) أَيْ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ، وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِنَحْوِهِ كَذَا فِي عب وشب، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ أَدْخَلَتْ يَوْمًا آخَرَ، وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ اعْلَمْ أَنَّ السُّكُوتَ لِعُذْرٍ) أَيْ كَخَوْفٍ.

(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَافَ إذَا أَدْخَلَتْ الْمُكْرَهَ تَظْهَرُ لَهَا فَائِدَةٌ فَمَا وَجْهُ هَذَا الِاسْتِظْهَارِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ صُورَةَ الْإِكْرَاهِ لَا تُتَوَهَّمُ فَيَكُونَ الْأَحْسَنُ دُخُولَهَا عَلَى مَا يُفِيدُ دُخُولَهُ مَنْ قَدْ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ دُخُولِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَا يُبْعِدُهُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ) لِأَنَّا نَقُولُ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى بَعْضِ مَا تَقَدَّمَ، وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّابَّةِ مَا دَبَّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ أَشْهَدَ) أَيْ شَاهِدَيْنِ، وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْإِشْهَادَ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ فِي الْغَيْبَةِ مُطْلَقًا قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ، وَوَجَدَ الْبَائِعَ غَائِبًا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا بِالْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ بَعِيدَهَا، وَبَعْدَ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ يُفَصِّلُ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ يَرُدُّ عَلَيْهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى وَكِيلِ الْحَاضِرِ أَوْ يُرْسِلُ لَهُ فِي قُرْبِ الْغَيْبَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغِيبَةِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَنْتَظِرَ الْبَائِعَ حَتَّى يَقْدَمَ، وَإِنْ شَاءَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ بِالْعَجْزِ عَنْ الرَّدِّ، وَحِينَئِذٍ يَتَلَوَّمُ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ عَنْ الرَّدِّ الْمَفْهُومِ مِنْ رَدَّ الْمُقَدَّرِ لَا الْإِشْهَادِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ أَيْ بِعَجْزِهِ أَيْ رَفَعَ إلَيْهِ الْأَمْرَ إنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ الرَّدِّ، وَإِنْ شَاءَ أَبْقَى الْمَبِيعَ تَحْتَ يَدِهِ إلَى قُدُومِ الْبَائِعِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَيَرْجِعُ بِأَرْشِهِ إنْ هَلَكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعْلِمَ الْقَاضِيَ أَوْ لَا يُعْلِمَ بَلْ يَصْبِرَ حَتَّى يَقْدَمَ فَيُرَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ، وَقَوْلُهُ بَعِيدُ الْغَيْبَةِ أَيْ كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ أَوْ الْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ) أَيْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ قُدُومُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ خِلَافًا لِابْنِ الْقَطَّانِ الْقَائِلِ أَنَّهُ كَقَرِيبِ الْغَيْبَةِ.

(قَوْلُهُ لَا تَمْنَعُ مِنْ عَدَمِ الرَّدِّ) الْمُنَاسِبُ لَا تَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى الرَّدِّ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ أَيْ إنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الرَّدِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ) لَكِنْ بَعْدَ الْإِرْسَالِ لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ بَائِعَهُ) أَيْ لِقُدُومِهِ كَمَا أَنَّهُ يَتَلَوَّمُ لَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ أَيْ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَهْلِ مَوْضِعِهِ عَدَمُ رَجَاءِ قُدُومِهِ كَالْعَطَّارِينَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ بِالْمَبِيعِ

ص: 137

الْحَاصِلِ بِهِ أَيْ عَدَمِ وُجُودِهِ لَا نَفْيِ التَّلَوُّمِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُلْ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ، وَإِلَّا لَمَا تَأَتَّى الْوِفَاقُ الْآتِي، وَلَا نُفِيَ ذِكْرُ التَّلَوُّمِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُلْ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّلَوُّمَ، وَلَا السُّكُوتَ عَنْ التَّلَوُّمِ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُلْ وَسَكَتَ عَنْ التَّلَوُّمِ (ص) وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ لِلْمَحَلِّ الْآخَرِ أَوْ عَلَى الْوِفَاقِ بِأَنْ يُحْمَلَ الْمَحَلُّ الَّذِي أَطْلَقَ فِيهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ أَوْ خِيفَ عَلَى الْعَبْدِ الْهَلَاكُ أَوْ الضَّيَاعُ فَيُبَاعُ الْعَبْدُ، وَيُحْمَلُ الْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ التَّلَوُّمُ عَلَى مَا إذَا طَمِعَ فِي قُدُومِهِ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى الْعَبْدِ ذَلِكَ.

(ص) ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً، وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا (ش) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ التَّلَوُّمِ يَقْضِي بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ إنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَاضِي الشِّرَاءَ وَصِحَّةَ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَى حِينِ الْبَيْعِ، وَأَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى بَيْعِ الْإِسْلَامِ، وَعُهْدَتِهِ أَيْ عَلَى حَقِّهِ فِي الْعَيْبِ، وَهَذَا إنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَحْلِفَ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ عَلَى نَفْيِ الْبَرَاءَةِ، وَمِثْلُهُ صِحَّةُ الشِّرَاءِ، وَيَثْبُتُ يَوْمَ التَّبَايُعِ لِأَنَّ الْعُيُوبَ تَقْدُمُ وَتَحْدُثُ، وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ إثْبَاتُ الْعُهْدَةِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ الْقِيَامُ لَكِنْ فِي الرَّقِيقِ فَقَطْ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ وَتَبَرِّئ غَيْرِهِمَا فِيهِ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ، وَقَوْلُنَا فِي الْعَيْبِ أَيْ فَقَطْ هُوَ الصَّوَابُ، وَمَنْ قَالَ وَالِاسْتِحْقَاقُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَلَى أَنْ لَا قِيَامَ لَهُ حَيْثُ اسْتَحَقَّ الشَّيْءَ الْمُشْتَرَى أَنَّهُ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ كَالْعَيْبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ، وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ، وَيَصِحُّ الْبَيْعُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَيَتِمُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْغَائِبِ بِشُرُوطٍ: إثْبَاتِ الشِّرَاءِ وَأَنَّ الثَّمَنَ كَذَا وَأَنَّهُ نَقَدَهُ، وَأَمَدِ التَّبَايُعِ، وَإِثْبَاتِ الْعَيْبِ وَأَنَّهُ مُنْقِصٌ وَأَنَّهُ أَقْدَمُ مِنْ أَمَدِ التَّبَايُعِ، وَغَيْبَةِ الْبَائِعِ، وَبُعْدِ الْغَيْبَةِ أَوْ أَنَّهُ بِحَيْثُ لَا يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ.

وَبَعْدَ إثْبَاتِ هَذِهِ الْفُصُولِ يَحْلِفُ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَنَّهُ ابْتَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا، وَأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَتَبَرَّأْ لَهُ مِنْهُ، وَلَا بَيَّنَهُ لَهُ، وَأَنَّهُ مَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَرَضِيَهُ، وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ هَذِهِ الْفُصُولَ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَإِثْبَاتُ قَدْرِ الثَّمَنِ وَنَقْدِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا أَرَادَ أَخْذَ الثَّمَنِ، وَأَيْضًا إنَّمَا يَلْزَمُهُ إثْبَاتُ أَنَّهُ نَقَدَهُ إذَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ بِحَيْثُ لَا يُقْبَلُ إنْكَارُ الْبَائِعِ الْقَبْضَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَالْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ الْعَامُ وَالْعَامَانِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْعِشْرُونَ عَامًا، وَنَحْوُهَا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْمَانِعَ الرَّابِعَ مِنْ الْمَوَانِعِ الْعَامَّةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَفَوْتُهُ حِسًّا كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ (ش) أَيْ وَمِمَّا يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَوْتُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ الْفَوْتُ حِسًّا كَتَلَفِهِ سَوَاءٌ حَصَلَ التَّلَفُ بِاخْتِيَارِهِ كَقَتْلِ الْمُشْتَرِي عَمْدًا أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَقَتْلِهِ خَطَأً أَوْ غَصْبِهِ مِنْهُ أَوْ حُكْمًا كَكِتَابَةٍ، وَتَدْبِيرٍ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ لَا نَفْيُ التَّلَوُّمِ) أَيْ بِدُونِ تَقْدِيرٍ، وَقَوْلُهُ وَلَا نَفْيُ ذِكْرِ التَّلَوُّمِ أَيْ بِإِبْقَاءِ نَفْيُ عَلَى مَعْنَاهُ، وَقَوْلُهُ وَلَا السُّكُوتُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا نَفْيُ التَّلَوُّمِ أَيْ وَلَيْسَ فِيهَا السُّكُوتُ عَنْ التَّلَوُّمِ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا دَخْلَ لَهُ هُنَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا لِمَا تَأَتَّى الْوِفَاقُ الْآتِي) أَقُولُ بَلْ يَتَأَتَّى بِأَنْ يُقَالَ الْمَوْضِعُ الَّذِي قَالَ فِيهِ لَا يَتَلَوَّمُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي قَالَ فِيهِ التَّلَوُّمُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا رُجِيَ قُدُومُهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ عُهْدَةً) أَيْ أَثْبَتَ أَنَّهُ عَلَى حَقِّهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لَا عُهْدَةَ الثَّلَاثِ وَالسَّنَةِ أَيْ أَثْبَتَ عُهْدَةً، وَإِنَّمَا قَدَّرَ كَانَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْقَضَاءَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ إثْبَاتِ الْعُهْدَةِ الْمُؤَرَّخَةِ، وَقَوْلُهُ مُؤَرَّخَةً فِي إسْنَادِ التَّارِيخِ لِلْعُهْدَةِ تَجَوُّزٌ، وَإِنَّمَا الْمُؤَرَّخَةُ حَقِيقَةً زَمَنَ الْبَيْعِ لِيُعْلَمَ مِنْهُ كَوْنُ الْعَيْبِ قَدِيمًا أَوْ حَادِثًا، وَقَوْلُهُ وَصِحَّةُ الشِّرَاءِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا وَحَصَلَ مُفَوِّتٌ فَيَمْضِيَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَلَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي جَعَلَهُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِاعْتِقَادِ سَلَامَتِهِ مِنْ الْعَيْبِ.

وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا أَيْ عَلَى الْعُهْدَةِ وَصِحَّةِ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا التَّارِيخُ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْحَلِفَ مُقَدَّمٌ عَلَى الثُّبُوتِ فِيهِمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْإِثْبَاتَ فِي الْعُهْدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَلِفِ، وَفِي صِحَّةِ الشِّرَاءِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَيُّهُمَا طَاعَ بِهِ كَفَى (قَوْلُهُ إنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَاضِي الشِّرَاءَ) هَذَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَلَا يَكْفِي الْحَلِفُ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَصِحَّةُ مِلْكِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ اشْتَرَى إلَخْ) هَذَا يَقُومُ فِيهِ الْحَلِفُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ وَهَذَا إنْ لَمْ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَعُهْدَتُهُ إلَخْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ صِحَّةُ الشِّرَاءِ أَيْ فِي أَنَّ الْيَمِينَ تَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ، وَقَوْلُهُ وَيَثْبُتُ يَوْمَ التَّبَايُعِ هَذَا لَا يَكْفِي فِيهِ الْيَمِينُ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْفَعَهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَنَّهُ يَلْزَمُ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ نَفْعٌ لِلْبَائِعِ.

(قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ) أَيْ تِسْعَةٍ، وَزَادَ فِي التَّوْضِيحِ عَاشِرًا، وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ صِحَّةَ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَى حِينِ الشِّرَاءِ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الرَّدُّ مِنْهُ مَا لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَالتَّارِيخِ وَمِلْكِ الْبَائِعِ لَهُ لِوَقْتِ بَيْعِهِ مِنْهُ، وَلَا يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَيْهِ وَمِنْهُ مَا لَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْحَلِفِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَوْنُهُ مَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَرَضِيَ بِهِ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ إذْ قَدْ يُخْبِرُ بِخِلَافِ ضَمِيرِهِ، وَمِنْهُ مَا يَكْفِي فِيهِ الْإِثْبَاتُ أَوْ الْحَلِفُ، وَهُوَ الْعُهْدَةُ، وَصِحَّةُ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ وَبَعْدَ إثْبَاتِ هَذِهِ الْفُصُولِ) أَيْ هَذِهِ الْفُصُولِ التِّسْعَةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِذَلِكَ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ يَحْلِفُ عَلَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِلْحَلِفِ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ) أَيْ لَهُ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثِ بِيَمِينٍ، وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ كُلَّهَا فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ أَيْ الْجَمْعَ مِنْ الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الْعَامُ وَالْعَامَانِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا بَعْدَهُ ضَعِيفٌ شَيْخُنَا سَلْمُونِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَكِتَابَةٍ إلَخْ) فَلَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ لِكِتَابَتِهِ ثُمَّ عَجَزَ فَلَا رَدَّ لَهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ ثُمَّ عَجَزَ فَلَهُ رَدُّهُ

ص: 138

وَعِتْقٍ، وَصَدَقَةٍ، وَهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ فَقَوْلُهُ وَكَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ حَذَفَ الْمُمَثَّلَ لَهُ أَيْ أَوْ حُكْمًا كَكِتَابَةٍ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ مُشَبَّهًا بِمَا قَبْلَهُ فِي مَنْعِ الرَّدِّ (ص) فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةُ (ش) جَوَابٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا وَجَبَ لِلْمُبْتَاعِ الْأَرْشُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ فَيُقَوَّمُ الْمَبِيعُ يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي سَالِمًا بِمِائَةٍ، وَمَعِيبًا بِثَمَانِينَ فَقَدْ نَقَصَهُ الْعَيْبُ خُمُسَ الْقِيمَةِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ كَيْفَ كَانَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمَبِيعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ انْتَقَدَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ فَيُقَوَّمُ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا، وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ إلَخْ أَيْ وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ مَعِيبًا إلَى قِيمَتِهِ سَلِيمًا أَيْ فَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَقِيمَتِهِ مَعِيبًا وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ، وَلَوْ تَعَلَّقَ بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ حَقٌّ مِنْ رَهْنٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ إخْدَامٍ.

وَحَصَلَ ذَلِكَ مِنْ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ إذَا خَلَصَ مِمَّا تَعَلَّقَ بِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَوَقَفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ (ش) وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى رَهْنِهِ لِيَشْمَلَ الْعَارِيَّةَ وَالْإِخْدَامَ لَكَانَ أَحْسَنَ (ص) وَرُدَّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَوَقَفَ إلَخْ أَيْ وَرُدَّ عَلَى بَائِعِهِ بَعْدَ خَلَاصِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَبَقِيَ عَلَى حَالِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ بِشَرْطِهِ، وَلَوْ قَامَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ حَالَ تَعَلُّقِ الرَّهْنِ وَمَا مَعَهُ بِهِ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ لِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ فَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ لَا رَدَّ لَهُ مَا دَامَ فِي الرَّهْنِ وَنَحْوِهِ عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ لَا رَدَّ لَهُ مُطْلَقًا عَمِلَ بِهِ أَيْضًا ذَكَرَهُ ح، وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَنَّهُ إنْ تَغَيَّرَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّ التَّغَيُّرَ إمَّا مُتَوَسِّطٌ أَوْ قَلِيلٌ جِدًّا أَوْ مُخْرِجٌ عَنْ الْمَقْصُودِ وَسَيَأْتِي (ص) كَعَوْدِهِ لَهُ بِعَيْبٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الرَّدِّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَيْ كَعَوْدِهِ أَيْ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ هُوَ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ أَوْ غَيْرَهُ كَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ حَيْثُ اشْتَرَى بِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَوْدُهُ لِتَفْلِيسٍ أَوْ فَسَادٍ كَعَوْدِهِ بِعَيْبٍ، وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ كَعَوْدِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةِ ثَوَابٍ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا قِيَامَ لَهُ.

وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَرْشِ (ص) أَوْ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ (ش) أَيْ إذَا عَادَ لِبَائِعِهِ بِمَا ذُكِرَ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقُولُ اشْتَرَيْته لِأَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ تَعَدُّدِ الشِّرَاءِ فِيهِ، وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِيهَا رِوَايَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ، وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَا ذَكَرَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَقَطْ مَا نَصُّهُ وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ عَادَ إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَيْ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ الْبَيْعُ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الثَّانِي فَإِنْ رَدَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَى الثَّانِي

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَصَدْقَةٍ وَهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَبْسُ وَالْأَرْشُ لِلْمُحْبِسِ وَالْوَاهِبِ، وَالْمُتَصَدِّقِ لَا لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا ذَلِكَ الْمَعِيبَ دُونَ الْأَرْشِ، وَقَوْلُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ، وَأَمَّا هِبَةُ الثَّوَابِ فَكَالْبَيْعِ.

(تَنْبِيهٌ) :

ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ الْفَوَاتُ بِالْكِتَابَةِ، وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَخْذِ الْأَرْشِ، وَبَعْدَهُ أَوْ مَرِضَ الْعَبْدُ مَرَضًا فَاتَ بِهِ الْمَقْصُودُ ثُمَّ زَالَ لَكِنْ فِي الشَّامِلِ مَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ إنْ زَالَ قَبْلَ أَخْذِ الْأَرْشِ، وَنَصُّهُ وَلَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ لِمَرَضِ الْعَبْدِ عِنْدَهُ أَوْ كِتَابَتِهِ ثُمَّ صَحَّ أَوْ عَجَزَ فَاتَ انْتَهَى (قَوْلُهُ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ مَعِيبًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّ الْمَنْسُوبَ قِيمَتُهُ مَعِيبًا، وَالْمَنْسُوبُ إلَيْهِ قِيمَتُهُ سَلِيمًا بَلْ الْمُرَادُ يُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةٍ مِمَّا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ مَعِيبًا إلَى قِيمَتِهِ، سَلِيمًا مَثَلًا قِيمَتُهُ سَلِيمًا عَشَرَةٌ وَمَعِيبًا ثَمَانِيَةٌ فَقَدْ نَقَصَ اثْنَانِ وَنِسْبَتُهُمَا مِنْ الْعَشَرَةِ الْخُمُسُ فَيَرْجِعُ بِخُمُسِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَوُقِفَ) أَيْ الْمَبِيعُ أَيْ أُمْهِلَ فَلَا يُقْضَى فِيهِ بِرَدٍّ وَلَا إلْزَامٍ (قَوْلُهُ لِبَائِعِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ كَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) أَيْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَرَادَ بِالْعُهْدَةِ مَا يَشْمَلُ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ، وَعُهْدَةَ السَّنَةِ (قَوْلُهُ لِتَفْلِيسٍ) أَيْ تَفْلِيسِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَقَوْلُهُ أَوْ فَسَادٍ أَيْ فَسَادِ الْبَيْعِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ كَعَوْدِهِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ عَلَى أَنَّهَا إذَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ بَيْعٍ هِيَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ) هُوَ مَا إذَا كَانَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةِ ثَوَابٍ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ إلَخْ) إنَّمَا زَادَ مُسْتَأْنَفٍ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ بِمِلْكٍ لَكَانَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِعَيْبٍ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ الَّذِي هُوَ نَوْعُ تَكْرَارٍ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ بِالْعَيْبِ رَدٌّ بِمِلْكِهِ أَيْضًا لَكِنَّهُ بِمِلْكٍ قَدِيمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْ الْمُدَوَّنَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ تَعَدُّدِ الشِّرَاءِ فِيهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ الْبَيْعُ كَلَامٌ لَا مَعْنَى لَهُ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَقَوْلُهُ أَيْ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ الْبَيْعُ لَا حَاجَةَ لَهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي خُيِّرَ إلَخْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْ الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا هُوَ فِي تَعَدُّدِ الشِّرَاءِ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ يَبِيعَهُ عَمْرٌو لِخَالِدٍ ثُمَّ يَبِيعَهُ خَالِدٌ لِبَكْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ عَمْرٌو مِنْ بَكْرٍ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ الْآتِي لِأَنَّ الْكَلَامَ الْآتِيَ مَفْرُوضٌ فِي عَدَمِ التَّعَدُّدِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي شِرَاءِ عَمْرٍو مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَيْعِ عَمْرٍو لِخَالِدٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ عَمْرٌو مِنْ خَالِدٍ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ إلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ مَا نَصُّهُ) أَيْ لِمَا نَصُّهُ

ص: 139

أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ ثُمَّ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ الثَّانِي بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ أَوْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا عَادَ لَهُ كُلُّهُ، وَأَمَّا إنْ عَادَ لَهُ بَعْضُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ مَذْكُورٌ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا أَوْ لَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ فَلَا رُجُوعَ، وَإِلَّا رُدَّ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ، وَلَهُ بِأَقَلَّ كَمِثْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ، وَإِنْ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ دَلَّسَ عَلَيْهِ أَمْ لَا أَوْ بِأَكْثَرَ، وَكَانَ دَلَّسَ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ وَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالزَّائِدِ، وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَبِيعَ يُرَدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي بِأَكْثَرَ إنْ شَاءَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَأَخَذَ مِنْهُ ثَمَنَهُ ثُمَّ إنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي تَمَسَّكَ بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ ذَلِكَ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ وَأَخَذَ مِنْهُ ثَمَنَهُ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَهُمَا وَيَدْفَعُ مَا فَضَلَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ الْأَوَّلِ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ فَإِنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يُكْمِلُ لِلْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ فَيَدْفَعُ لَهُ الدِّرْهَمَيْنِ بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ دَلَّسَ أَمْ لَا فَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ مَا عَدَا الْبَائِعَ وَلَوْ ابْنَهُ أَوْ أَبَاهُ فَالضَّمِيرُ فِي لَهُ عَائِدٌ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَعْنَى إذْ ضَمِيرُ دَلَّسَ إنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ اتَّكَلَ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى.

(ص) وَتَغَيُّرُ الْمَبِيعِ إنْ تَوَسَّطَ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ وَرَدُّهُ وَدَفْعُ الْحَادِثِ (ش) هَذَا شَرْحٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مُخْرِجٍ عَنْ الْمَقْصُودِ، وَيَسِيرٍ جِدًّا، وَمُتَوَسِّطٍ بَيْنَهُمَا، وَيَأْتِي أَمْثِلَةُ كُلٍّ، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ، وَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْمَبِيعِ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ يَرُدَّهُ وَيَدْفَعَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَالْعَدَمِ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ، أَوْ يَقِلَّ فَكَالْعَدِمِ، وَقَوْلُهُ وَتَغَيُّرُ الْمَبِيعِ إلَخْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي تَغَيُّرِ الْمَبِيعِ فِي عَيْنِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، وَأَمَّا بِسَبَبِهِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَرْقٌ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ ثُمَّ إنَّ التَّخْيِيرَ لَيْسَ فِي كُلِّ أَفْرَادِ الْحَادِثِ الْمُتَوَسِّطِ بَلْ فِي بَعْضِهَا كَمَا يَأْتِي فِي سِمَنِ الدَّابَّةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَدَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْحَادِثِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ يَأْخُذُ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ وَيَأْتِي مَا فِيهِ، وَلَمَّا كَانَ الْعَيْبُ عَرَضًا لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ بَلْ بِغَيْرِهِ أَشَارَ إلَى بَيَانِ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ مُرَتَّبًا عَلَى قَوْلِهِ وَرَدَّهُ بِقَوْلِهِ (وَقُوِّمَا) أَيْ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ (بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ) أَيْ بِسَبَبِ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ -

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَادَ لَهُ بَعْضُهُ كَعَبْدٍ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَى نِصْفَهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَيْنَ قَبُولِ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ وَبَيْنَ دَفْعِ قِيمَةِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ أَرْشِ الْعَيْبِ هَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَا يَنْقَسِمُ كَمَا قُلْنَا فَإِنْ كَانَ يَنْقَسِمُ كَثَوْبٍ مِنْ ثِيَابٍ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَرُدَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، وَإِلَّا فَلَا قِيَامَ لَهُ لِأَنَّ بَيْعَهُ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ، وَقَوْلُ بَعْضٍ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ سَبْقُ قَلَمٍ (قَوْلُهُ أَوَّلُهُ) أَيْ لِبَائِعِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَعْنَى إذْ ضَمِيرُ دَلَّسَ إنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ اتَّكَلَ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى (قَوْلُهُ أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ) وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ التَّدْلِيسِ حَيْثُ يَثْبُتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ يَقْرَبُهُ، وَلِلْمُشْتَرِي تَحْلِيفُهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْعِلْمَ بِهِ حِينَ الْبَيْعِ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الرَّدُّ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ أَيْ بَاعَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا بَاعَهُ لَهُ بِأَكْثَرَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِزَائِدِ الثَّمَنِ وَلَوْ مُدَلِّسًا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ حِينَ شِرَائِهِ الثَّانِيَ لِتَجْوِيزِهِ أَنَّهُ قَدْ زَالَ فِيمَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ وَلَهُ رَدُّهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ إذَا بَاعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ لِعَوْدِ ثَمَنِهِ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ، وَأَحْرَى بِأَكْثَرَ وَبِأَقَلَّ احْتَجَّ لَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَاعَ عَالِمًا فَقَدْ رَضِيَهُ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ فَمِنْ أَيْنَ أَنَّ النَّقْصَ كَانَ لِأَجْلِ الْعَيْبِ، وَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ حَوَالَةِ السُّوقِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ) الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالزِّيَادَةِ، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ لِظُلْمِهِ (قَوْلُهُ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ إلَخْ) لَا يُعْقَلُ مُقَاصَّةٌ بَعْدَ هَذَا التَّصْوِيرِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَرْجِعُ بِأَخْذِ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ مَثَلًا ثُمَّ إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ يَرُدُّهُ لَهُ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْعَشَرَةَ فَأَنَّى تُعْقَلُ مُقَاصَّةٌ أَوْ رُجُوعٌ بِأَزْيَدَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ بِأَقَلَّ) أَيْ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَنَّهُ يُرَدُّ ثُمَّ يُرَدُّ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا كَمَا فِي بَيْعِهِ بِأَكْثَرَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لِمَا بَاعَهُ بِأَكْثَرَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَتَمَاسَكُ بِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَغِبَ فِي بَيْعِهِ بِأَكْثَرَ لِلزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ هُنَا إلَّا التَّكْمِيلُ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ بِأَقَلَّ لَمْ يُكْمِلْ دَلَّسَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَيَدْفَعُ لَهُ الدِّرْهَمَيْنِ بَقِيَّةَ إلَخْ) ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَكْمِيلِهِ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا نَظَرٌ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ كَمَا هُوَ حُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَقَلَّ.

(قَوْلُهُ مُرَتَّبًا إلَخْ) أَيْ فَالتَّقْوِيمَاتُ الثَّلَاثَةُ إنَّمَا هِيَ حَيْثُ اخْتَارَ الرَّدَّ فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَاسُكَ قَوَّمَ تَقْوِيمَيْنِ صَحِيحًا، وَبِالْقَدِيمِ فَقَطْ لِيَعْلَمَ النَّقْصَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ أَوْ يَسْقُطَ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَصِيرَ الثَّمَنُ مَا عَدَاهُ (قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئَيْنِ تَقْوِيمَ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ، وَتَقْوِيمَ نَفْسِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ سَبَبٌ فِي الثَّانِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ

ص: 140

ثُمَّ بِالْحَادِثِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا أَيْضًا، وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تَقْوِيمِهِ صَحِيحًا تَقْوِيمُ الْمَعِيبِ، وَكَلَامُهُ فِي تَقْوِيمٍ يَنْدَرِجُ فِيهِ تَقْوِيمُ الْعَيْبِ مُكَرَّرًا، وَبِعِبَارَةٍ الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ أَيْ قُوِّمَ الْعَيْبَانِ مَعَ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا فَكَلَامُهُ دَالٌّ عَلَى ثَلَاثِ تَقْوِيمَاتٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا إلَخْ لَيْسَ فِيهِ مَعَ قَوْلِهِ هُنَا وَقُوِّمَا بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ إلَخْ تَكْرَارٌ إذْ الْأَوَّلُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَفُتْ، وَحَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ وَأَرَادَ التَّمَسُّكَ بِهِ أَوْ رَدَّهُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّقَاوِيمِ الثَّلَاثَةِ (يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) لِلْمَبِيعِ لَا يَوْمُ الْعَقْدِ وَلَا يَوْمُ الْحُكْمِ، وَضَمَانُ الْمُشْتَرِي يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ كَوْنِ الْبَيْعِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا ثُمَّ الصَّحِيحُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَشْيَاءِ الْمَبِيعَةِ فَقَدْ يَكُونُ الْمَبِيعُ أَمَةً مُتَوَاضِعَةً، وَقَدْ يَكُونُ ثِمَارًا، وَقَدْ يَكُونُ مَحْبُوسًا لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ، وَقَدْ يَكُونُ غَائِبًا.

(ص) وَلَهُ إنْ زَادَ بِكَصِبْغٍ أَنْ يَرُدَّ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا زَادَ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ بِمَا أَضَافَهُ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ بِصَبْغٍ وَخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ نَقْصٍ عِنْدَهُ فَإِمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، أَوْ يَرُدَّهُ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ بِصَبْغِهِ عَلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَقِيمَتُهُ مَعِيبًا غَيْرَ مَصْبُوغٍ عِشْرُونَ فَقَدْ زَادَهُ الصِّبْغُ الْخُمُسَ فَيَكُونُ شَرِيكًا بِهِ وَسَوَاءٌ دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا، وَقِيلَ يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الصَّبْغِ كَالِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا فَصَبَغَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ فَأَبَى الْمَالِكُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَأَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الثَّوْبِ فَالْمُشْتَرِي يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الصَّبْغِ، وَفَرَّقَ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ أُخِذَ مِنْ يَدِهِ قَهْرًا، وَقَدْ لَا يَزِيدُهُ الصَّبْغُ فَيَذْهَبُ ذَلِكَ بَاطِلًا بِخِلَافِ الْعَيْبِ فَإِنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي عَنْهُ الضَّرَرَ، وَقَوْلُنَا مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ نَقْصٍ عِنْدَهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا حَصَلَ عِنْدَهُ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي، وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ، وَقَوْلُهُ بِكَصِبْغٍ بِكَسْرِ الصَّادِ مَا يُصْبَغُ بِهِ، وَبِفَتْحِهَا الْمَصْدَرُ، وَلَوْ بِإِلْقَاءِ الرِّيحِ الثَّوْبَ فِي الصِّبْغِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْخِيَاطَةَ وَالْكَمَدَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ أَوْ يَنْفَصِلُ عَنْهُ بِفَسَادٍ، وَالتَّقْوِيمُ الْمَذْكُورُ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَيَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَصَوَابُ قَوْلِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَقَوْلُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ زَادَ أَيْ حَالَ كَوْنِ مَا زَادَ مُعْتَبَرًا يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ زَادَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ يَوْمَ الْبَيْعِ بَلْ مُعْتَبَرَةٌ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ الْبَيْعِ يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي كَمَا أَشَارَ لَهُ بَعْضٌ، وَلَوْ صَبَغَهُ فَلَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ كَانَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْعَيْبِ لَوْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَهُ رَدُّهُ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ، أَوْ حَبْسُهُ وَأَخْذُ الْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَلَهُ حُكْمُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ.

(ص) وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَصَلَ عِنْدَهُ مَعَ الزِّيَادَةِ عَيْبٌ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ خِيَاطَةٍ وَصَبْغٍ وَسِمَنٍ وَوَلَدٍ تَجْبُرُ الْعَيْبَ الْحَادِثَ مِنْ قَطْعٍ وَإِنْكَاحٍ وَغَيْرِهِمَا، وَكَيْفِيَّةُ الْجَبْرِ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ سَاوَتْ النَّقْصَ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ تَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ بِأَنْ جَبَرَتْ بَعْضَ جَبْرٍ فَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَإِنْ رَدَّ دَفَعَ أَرْشَ الْحَادِثِ الَّذِي لَمْ تَجْبُرْهُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ زَادَتْ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ، وَيَأْتِي

ــ

[حاشية العدوي]

لَيْسَ عِنْدَنَا إلَّا تَقْوِيمُ ذَاتِ الْمَبِيعِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَعِيبًا (قَوْلُهُ ثُمَّ بِالْحَادِثِ) هَذَا التَّرْتِيبُ أَوْلَوِيٌّ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِي تَقْوِيمِهِ صَحِيحًا) أَيْ أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى تَقْوِيمِهِ صَحِيحًا لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ تَقْوِيمَ الْعَيْبِ مُكَرَّرًا وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِتَقْوِيمِهِ بِالْعَيْبَيْنِ إلَّا بِسَبَقِهِمَا بِشَيْءٍ وَهُوَ تَقْوِيمُهُ سَالِمًا (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ الْعِبَارَةُ الْأُولَى، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهَا بِأَنْ يُقَالَ تَقْوِيمُ الْعَيْبِ إنَّمَا يَكُونُ بِغَيْرِهِ لَا بِذَاتِهِ إذْ الْعَيْبُ لَا يُقَوَّمُ، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ الذَّاتُ الَّتِي قَامَ بِهَا الْعَيْبُ (قَوْلُهُ دَالٌّ عَلَى ثَلَاثِ تَقْوِيمَاتٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت عِنْدَ الرَّدِّ فَمَا الْمُوجِبُ لِتَقْوِيمِهِ صَحِيحًا قُلْت أَفَادَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ النُّكْتَةَ فِي ذَلِكَ الرِّفْقُ بِالْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ صَحِيحًا عَشَرَةً وَبِالْقَدِيمِ ثَمَانِيَةً وَبِالْحَادِثِ سِتَّةً فَالْحَادِثُ يَنْقُصُهُ اثْنَيْنِ فَلَوْ نَسَبْت لِلثَّمَانِيَةِ لَلَزِمَ أَنْ يَدْفَعَ رُبْعَ الثَّمَنِ فَلَمَّا نَسَبَ لِلْعَشَرَةِ وَجَدْنَاهُ خُمُسًا فَيَدْفَعُ خُمُس الثَّمَنِ (قَوْلُهُ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَضَمَانُ الْمُشْتَرِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ يَخْتَلِفُ إلَخْ) فِي شُمُولِهِ لِلْفَاسِدِ نَظَرٌ لِأَنَّ حُصُولَ الْمُتَوَسِّطِ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفِيتٌ لِرَدِّ الْمَعِيبِ فَاسِدًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَبِتَغَيُّرِ ذَاتٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ مَضَى بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَا يُقَوَّمُ صَحِيحًا وَلَا بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ مَضَى بِالثَّمَنِ وَيُقَوَّمُ صَحِيحًا وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِيُعْلَمَ مِقْدَارُ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ كُلُّهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ سَالِمٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَعِيبٌ.

(قَوْلُهُ عَلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ) أَيْ مَعِيبًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الصَّبْغِ) زَادَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِكَصِبْغٍ بِكَسْرِ الصَّادِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا نَظَرَ لِلْكَسْرِ وَحْدَهُ لَا يَتِمُّ وَالْفَتْحِ وَحْدَهُ لَا يَتِمُّ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ الْأَمْرَانِ مَعًا فَيُنْظَرُ لِلْمَادَّةِ فِي ذَاتِهَا بِاعْتِبَارِ تَحَمُّلِهَا لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ أَوْ يَتَمَاسَكُ، وَيَأْخُذُ أَرْشَ الْعَيْبِ) كَذَا فِي عب نَاقِلًا لَهُ عَنْ الشَّيْخِ سَالِمٍ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَاعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَاجَعْت خَطَّ الشَّارِحِ فَوَجَدْته جَرَّ بِالْقَلَمِ عَلَى قَوْلِهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَنِهَايَةُ الشَّطْبِ قَوْلُهُ أَرْشُ الْعَيْبِ.

(قَوْلُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ سَاوَتْ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَالِمًا مِائَةً وَبِالْقَدِيمِ تِسْعِينَ وَبِالْحَادِثِ ثَمَانِينَ وَبِالزِّيَادَةِ تِسْعِينَ لَسَاوَى الزَّائِدُ النَّقْصَ فَإِذَا رَدَّ فَلَا غُرْمَ، وَإِنْ تَمَاسَكَ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ غَرِمَ مَعَ الرَّدِّ نِصْفَ عُشْرِ

ص: 141

قَوْلُهُ، وَلَهُ إنْ زَادَ إلَخْ، وَلَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يُقَوَّمَ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَبِالزِّيَادَةِ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ، وَإِنْ أَرَادَ التَّمَاسُكَ أَسْقَطَ الزِّيَادَةَ، وَفِي الثَّالِثَةِ يُقَوَّمُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَبِالزِّيَادَةِ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ، وَإِنْ أَرَادَ التَّمَاسُكَ أَسْقَطَ الزِّيَادَةَ وَقُوِّمَ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَقَوْلُهُ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ أَيْ فِي غَيْرِ الْمُدَلَّسِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُجْبَرُ لَهُ بِالزِّيَادَةِ شَيْءٌ وَشَارَكَ بِهَا مُطْلَقًا وَتُنْسَبُ الْقِيمَةُ لِلْعَيْبِ الْقَدِيمِ.

وَلَمَّا جَرَى فِي كَلَامِهِ ذِكْرُ أَحْكَامِ التَّدْلِيسِ وَأَنَّ الْمُدَلِّسَ يُخَالِفُ غَيْرَهُ فِي بَعْضِ أَحْكَامٍ ذَكَرَ أَنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَفْتَرِقُ فِيهَا أَحْكَامُهُمَا سِتَّةٌ، وَسَنَذْكُرُ مَا زِيدَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَفُرِّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ (ش) فُرِّقَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمُدَلِّسُ هُوَ الْعَالِمُ بِالْعَيْبِ وَقْتَ الْبَيْعِ، وَغَيْرُهُ هُوَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْهُ أَوْ عَلِمَهُ وَنَسِيَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ فَمِمَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الثِّيَابَ إذَا نَقَصَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا تَصَرُّفًا مُعْتَادًا، وَلَمْ يَكُنْ النَّقْصُ نَاشِئًا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا كَتَقْطِيعِ الشُّقَّةِ ثِيَابًا أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ صَبْغِهَا صَبْغًا مُعْتَادًا فَمَعَ التَّدْلِيسِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ وَلَهُ التَّمَاسُكُ وَأَخْذُ الْأَرْشِ الْقَدِيمِ وَسَوَاءٌ غَرِمَ لِلْقَطْعِ أَوْ الصَّبْغِ ثَمَنًا أَمْ لَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْقَطْعُ الْمُعْتَادُ هُوَ مَا اعْتَادَهُ الْمُبْتَاعُ فِي بَلَدِهِ أَوْ فِي بَلَدٍ يُسَافِرُ إلَيْهَا وَلَوْ لَمْ يَعْتَدَّ بِبَلَدِ الْبَائِعِ، وَمَعَ عَدَمِ التَّدْلِيسِ يَرُدُّ الْأَرْشَ إنْ رَدَّ أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُعْتَادٍ فَهُوَ فَوْتٌ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا وَيَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّقْصُ نَاشِئًا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَالثَّوْبِ يَلْبَسُهُ لُبْسًا يَنْقُصُهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَعَ الثَّوْبِ قِيمَةَ اللُّبْسِ لِأَنَّهُ صَوْنٌ بِهِ مَالُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، وَافْتِضَاضُ الْأَمَةِ كَاللُّبْسِ عَلَى مَا فِي الرِّوَايَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ لَا يَلْزَمُ قِيمَةُ الِافْتِضَاضِ كَقَطْعِ الثَّوْبِ.

وَجُمْلَةُ وَفُرِّقَ دَالَّةٌ عَلَى الْجَوَابِ، وَإِنْ نَقَصَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى إنْ زَادَ أَيْ وَإِنْ نَقَصَ الْمَبِيعُ فُرِّقَ فِيهِ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ حِينَئِذٍ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ النَّقْصِ، وَقَوْلُهُ إنْ نَقَصَ أَيْ نَقْصًا مُتَوَسِّطًا حَاصِلًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الثِّيَابِ لَا فِي الْحَيَوَانِ، وَلَا فِي الدُّورِ أَيْ الْعَقَارِ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهُ وَكُلَّمَا حَدَثَ بِالدُّورِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ مِنْ عَيْبٍ مُفْسِدٍ أَيْ مُتَوَسِّطٍ فَلَا يَرُدُّهُ إنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا إلَّا بِمَا نَقَصَهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا بِخِلَافِ الثِّيَابِ يَفْعَلُ بِهَا مَا يَفْعَلُ بِمِثْلِهَا كَصَبْغِهَا وَقَصْرِهَا وَتَقْطِيعِهَا قُمْصَانًا أَوْ سَرَاوِيلَاتٍ أَوْ أَقْبِيَةً، وَالْجُلُودِ خِفَافًا أَوْ نِعَالًا، وَسَائِرُ السِّلَعِ إذَا عَمِلَ بِهَا مَا يُعْمَلُ بِمِثْلِهَا مِمَّا لَيْسَ بِفَسَادٍ فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ يُخَيَّرُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَيْنَ حَبْسِهَا وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَرَدِّهَا وَمَا نَقَصَتْ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ إنْ رَدَّ لِأَنَّ الْمُدَلِّسَ كَالْآذِنِ وَلَهُ الْأَرْشُ إنْ تَمَاسَكَ. اهـ.

لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ التَّدْلِيسَ فِي الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ يَنْدُرُ وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ، وَيَكْثُرُ فِي الثِّيَابِ وَالْكَثِيرُ يُقْصَدُ وَيُرَاعَى فِي نَفْسِهِ (ص) كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ (ش) أَيْ فَرَّقُوا فِي نَقْصِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَمَا فَرَّقُوا فِي هَلَاكِهِ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ أَوْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَإِذَا سَرَقَ الْمَبِيعُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ أَبِقَ فَهَلَكَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ دَلَّسَ بِإِبَاقِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ بِأَنْ عَلِمَ وَكَتَمَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَمِنْ الْمُشْتَرِي، وَفِي عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ نَظَرٌ إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّفْرِيقُ مَعَ الْهَلَاكِ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ فَلَوْ قَالَ كَهَلَاكِهِ بِالْعَيْبِ لَكَانَ أَوْلَى أَيْ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَيْبُ الَّذِي هَلَكَ بِسَبَبِهِ دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هُنَا حَذْفَ مَعْطُوفٍ أَيْ كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ وَغَيْرِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ ظُهُورُ

ــ

[حاشية العدوي]

الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ خَمْسَةً وَتِسْعِينَ شَارَكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَهَذِهِ التَّقْوِيمَاتُ إنَّمَا هِيَ مَعَ الرَّدِّ، وَإِنْ تَمَسَّكَ لَمْ يَرُدَّ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ (قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنْ يُقَوَّمَ سَالِمًا) أَيْ بِمِائَةٍ كَمَا قَرَّرْنَا، وَقَوْلُهُ وَمَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ هُوَ تِسْعُونَ كَمَا قَرَّرْنَا، وَقَوْلُهُ وَبِالزِّيَادَةِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَتُهُ بَعْدَ إحْدَاثِ الصِّبْغِ فَيُقَالَ خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ فَإِنَّهُ إذَا رُدَّ يَرُدُّ نِصْفَ عُشْرِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ أَنَّ الْحَادِثَ إنَّمَا نَقَصَهُ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءً إنَّمَا نَقَصَهُ الْعُشْرَ، وَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَوَّمَ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ بِدُونِ الْجَبْرِ الْحَاصِلِ بِالزِّيَادَةِ، وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّالِثَةِ أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَتْ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَبِالزِّيَادَةِ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ أَيْ وَيَكُونُ شَرِيكًا بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ.

(قَوْلُهُ فَمَعَ التَّدْلِيسِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ وَلَهُ التَّمَاسُكُ وَأَخْذُ الْقَدِيمِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَفْصِيلَ الشُّقَّةِ ثِيَابًا يُعَدُّ مِنْ الْمُعْتَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَلِّسِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا رَدَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُعَدُّ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَقَوْلُهُ أَوْ صَبَغَهَا صَبْغًا مُعْتَادًا أَيْ فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ مُدَلِّسًا، وَنَقَصَتْ بِذَلِكَ الصَّبْغِ وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِذَا تَمَاسَكَ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَيُعَدُّ حِينَئِذٍ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ لَا مِنْ الْمُعْتَادِ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا كَانَ إذَا تَمَاسَكَ لَا يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ كَمَا يَتَبَيَّنُ مِمَّا يَأْتِي قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فَلَوْ كَانَ الصَّبْغُ مُنَقِّصًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ غُرْمِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ حَبَسَهَا، وَأَخَذَ الْأَرْشَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الثِّيَابِ إلَخْ) فِي عب لَكِنْ يَقْدَحُ فِي التَّخْصِيصِ بِالثِّيَابِ قَوْلُهُ الْآتِي إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبٍ التَّدْلِيسُ أَيْ فَإِنَّ قَضِيَّةَ الْكَلَامِ الْآتِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا إلَخْ، وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يُرَدُّ أَرْشُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ) لَا يَخْفَى عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَعْنَى يُفَرَّقُ عِنْدَ الْأَمْرَيْنِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ عَلَى حَدِّ مَا قُبِلَ فِي غَيْرِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ اللَّذَيْنِ تَضَمَّنَتْهُمَا تِلْكَ الْحَالَةُ فَالْمُدَلِّسُ حُكْمُهُ كَذَا، وَغَيْرُهُ

ص: 142

الْمَعْنَى، وَهُوَ أَنَّهُ لَا تَفْرِيقَ مَعَ هَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ كَمَا قُلْنَا، وَمَا هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ زَمَنَ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا هَلَكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْغَيْرِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا يَأْتِي.

(ص) وَأَخَذَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ (ش) أَيْ كَمَا فَرَّقُوا فِي أَخْذِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَكْثَرَ مِمَّا بَاعَهُ لَهُ كَبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ، وَإِلَّا رَدَّهُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ فَلَا رُجُوعَ، وَإِلَّا رُدَّ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ (ص) ، وَتَبَرٍّ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ (ش) أَيْ وَفُرِّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ فِي التَّبَرُّؤ أَيْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ عَلَى التَّبَرُّؤ وَهُوَ إنْ عَلِمَ بِعَيْبٍ وَتَبَرَّأَ مِنْهُ لَمْ تَنْفَعْهُ الْبَرَاءَةُ لِأَنَّ بِكَتْمِهِ إيَّاهُ صَارَ مُدَلِّسًا، وَمَنْ تَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْهُ تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ، وَهَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ رَقِيقًا كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَنْفَعُ إلَّا فِيهِ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ، وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفُ الْوَاوِ، وَمَا عُطِفَتْ أَيْ وَتَبَرَّأَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ، وَمِمَّا عَلِمَ (ص) ، وَرَدَّ سِمْسَارٌ جُعْلًا (ش) أَيْ وَكَمَا فَرَّقُوا فِي رَدِّ سِمْسَارٍ جُعْلًا أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ إذَا رُدَّتْ السِّلْعَةُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ إلَى الْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ بَلْ يَفُوزُ بِهِ السِّمْسَارُ، وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ ابْنُ يُونُسَ إذَا رَدَّ بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَمَّا إنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَرُدَّ كَالْإِقَالَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فِي رَدِّ الْجُعْلِ لِلْبَائِعِ كَالْعَيْبِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ أَدَّى الْمُشْتَرِي الْجُعْلَ مِنْ عِنْدِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ أَوَّلًا ثُمَّ الْبَائِعُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى السِّمْسَارِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، وَأَمَّا مَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي حَلَاوَةً لِلسِّمْسَارِ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَبِيعِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ السِّمْسَارُ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ جُعْلَ السِّمْسَارِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَالْعُرْفِ، وَلِلسِّمْسَارِ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يُدَلِّسْ، وَلَوْ كَانَ السِّمْسَارُ نَفْسُهُ مُدَلِّسًا فَرَدَّ الْمَبِيعَ فَلَا جُعْلَ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ فَلَهُ جُعْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَعَامَلَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى التَّدْلِيسِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ.

(ص) وَمَبِيعٍ لِمَحَلِّهِ إنْ رُدَّ بِعَيْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ رَدَّ الْمَبِيعِ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ أَيْ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي قَبَضَهُ فِيهِ الْمُشْتَرِي وَنَقَلَهُ عَنْهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا أُجْرَةُ نَقْلِ الْمُشْتَرِي لَهُ إلَى بَيْتِهِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِهَا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ حَمْلِهِ إذَا سَافَرَ بِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ذَكَرَهُ الْغَرْنَاطِيُّ (ص) وَإِلَّا رَدَّ إنْ قَرَّبَ، وَإِلَّا فَاتَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَإِنَّ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدَّهُ إنْ نَقَلَهُ لِمَوْضِعٍ قَرِيبٍ فَإِنْ بَعُدَ فَاتَ وَوَجَبَ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ فَقَوْلُهُ وَمَبِيعٍ عَطْفٌ عَلَى سِمْسَارٍ أَيْ فُرِّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ فِي رَدِّ مَبِيعٍ لِكَذَا أَيْ فَالْمُدَلِّسُ يَأْخُذُهُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ رَدُّهُ إلَى مَحَلِّ الْأَخْذِ وَغَيْرِهِ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا رُدَّ إنْ قَرُبَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي إنْ قَرُبَ بِأَنْ يَكُونَ لَا كُلْفَةَ فِيهِ، وَإِنْ بَعُدَ فَاتَ (ص) كَعَجَفِ دَابَّةٍ، وَسِمَنِهَا، وَعَمًى، وَشَلَلٍ، وَتَزْوِيجِ أَمَةٍ (ش)

ــ

[حاشية العدوي]

حُكْمُهُ كَذَا اهـ. .

(قَوْلُهُ أَيْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ عَلَى التَّبَرِّي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَلَّ لَا يَأْتِي عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَتَبَرٍّ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ فَلَا يُعْقَلُ أَنْ يُقَالَ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ، وَتَبَرَّأَ مِنْهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ الَّذِي لَيْسَ بِعَالِمٍ، وَجَوَابُهُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْحَلِّ، وَتَبَرَّأَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ فِي زَعْمِهِ أَيْ إذَا قَالَ لَا أَعْلَمُ بِهِ عَيْبًا فَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ فَغَيْرُ مُدَلِّسٍ، وَإِلَّا فَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَيَتَبَيَّنُ كَوْنُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ أَمْ لَا بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِحْقَاقُ) مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ كَالْعَيْبِ خَبَرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَدَّى الْمُشْتَرِي الْجُعْلَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَطَهُ عَلَيْهِ الْبَائِعُ، وَأَمَّا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى السِّمْسَارِ ابْتِدَاءً أَوْ اشْتَرَطَهُ السِّمْسَارُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُدَلِّسًا، وَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقَ مَعَ السِّمْسَارِ عَلَى التَّدْلِيسِ أَمْ لَا فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ فَلَهُ جُعْلُهُ إلَّا كَذَا أَيْ فَلَهُ الْجُعْلُ فِي صُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُدَلِّسًا، وَلَا يَتَعَامَلُ مَعَ السِّمْسَارِ عَلَى التَّدْلِيسِ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ أَيْضًا فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سِتٌّ هَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ.

وَقَالَ عج مُخَالِفًا لِذَلِكَ مَا نَصُّهُ وَحَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، وَرَدَّ الْمَبِيعَ فَإِنَّ السِّمْسَارَ يَرُدُّ الْجُعْلَ وَلَوْ كَانَ السِّمْسَارُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ فَإِنَّ لِلسِّمْسَارِ الْمُسَمَّى إنْ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا، وَانْظُرْ إذَا كَانَ مُدَلِّسًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ السِّمْسَارِ أَنْ يَقُولَ قَدْ فَعَلْت مَا جَعَلْت لِي فِيهِ الْعِوَضَ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَإِنْ كَانَ السِّمْسَارُ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ فَلَهُ الْمُسَمَّى عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَالْقَابِسِيِّ سَوَاءٌ رَدَّ الْمَبِيعَ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ فَكَذَلِكَ هَذَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى التَّدْلِيسِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ رَدَّ الْمَبِيعَ أَمْ لَا، وَأَمَّا عِنْدَ الْقَابِسِيِّ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا وَلَمْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ، فَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ اتِّفَاقِهِ مَعَ الْبَائِعِ وَعَدَمِهِ اهـ. .

(قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ حَمْلِهِ إذَا سَافَرَ بِهِ) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِنَقْلِهِ لِبَلَدِهِ فَكَنَقْلِهِ لِدَارِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا رَدَّ إنْ قَرُبَ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ تَبِعَ فِيهِ الْمُتَيْطِيَّ، وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا نَقَلَهُ وَالْبَائِعُ غَيْرُ مُدَلِّسٍ فَهُوَ كَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَتَمَاسَكَ وَيَرْجِعَ بِأَرْشِ الْعَيْبِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ (قَوْلُهُ أَيْ فَرَّقَ إلَخْ) هَذَا الْحِلُّ بِحَسَبِ الْفِقْهِ أَيْ وَإِلَّا فَالْمَتْنُ مُشْكِلٌ فِي فَهْمِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَرُدَّ مَبِيعٌ لِمَحِلِّهِ يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا فَحُكْمُهُ كَذَا، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ كَذَا مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ وَرُدَّ مَبِيعٌ لِمَحَلِّهِ مَعْنَاهُ عَلَى بَائِعِهِ إنْ كَانَ مُدَلِّسًا (قَوْلُهُ كَعَجَفِ دَابَّةٍ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ مَا كَانَ مِنْ عُيُوبِ الْأَخْلَاقِ كَزِنًا وَشُرْبٍ وَسَرِقَةٍ وَإِبَاقٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَمِنْ الْمُتَوَسِّطِ

ص: 143

هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُتَوَسِّطَ كَهُزَالِ الدَّابَّةِ وَسِمَنِهَا سِمَنًا بَيِّنًا، وَالْعَمَى، وَالشَّلَلِ، وَتَزْوِيجِ الرَّقِيقِ وَلَوْ عَبْدًا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ بَيْنَ الرَّدِّ وَدَفْعِ الْحَادِثِ وَالتَّمَاسُكِ وَأَخْذِ الْقَدِيمِ، وَقَوْلُنَا سِمَنًا بَيِّنًا احْتِرَازًا مِنْ السِّمَنِ الَّتِي تَصْلُحُ بِهِ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا، وَمُقْتَضَى جَعْلِ السِّمَنِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ أَنَّ لَهُ رَدَّهُ وَدَفْعَ أَرْشِهِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى مِنْ أَنَّهُ إذَا رُدَّ لَا يَرُدُّ شَيْئًا لِلسِّمَنِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ.

وَعَلَى هَذَا فَالسِّمَنُ لَيْسَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ وَلَا مِنْ الْمُفِيتِ وَلَا مِنْ الْقَلِيلِ، وَمَنْ عَدَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ كَالْمُؤَلِّفِ أَرَادَ أَنَّهُ مِنْهُ فِي مُطْلَقِ التَّخَيُّرِ، وَمَفْهُومُ دَابَّةٍ أَنَّ السِّمَنَ وَالْهُزَالَ فِي غَيْرِهَا لَيْسَ بِمُفِيتٍ هُوَ كَذَلِكَ (ص) وَجُبِرَ بِالْوَلَدِ (ش) أَيْ وَجُبِرَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْبِ التَّزْوِيجِ بِالْوَلَدِ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا التَّمَاسُكَ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ وَالرَّدَّ مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ عَلَيْهِ. هَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ تُجْبِرُ النَّقْصَ أَيْ تُسَاوِيهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَقَلَّ مِنْ النَّقْصِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرُدَّ مَعَ الْوَلَدِ مَا بَقِيَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ إذَا كَانَتْ إلَخْ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ لَا يَرُدُّ الْبَائِعُ الزَّائِدَ بِخِلَافِ الصَّبْغِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّبْغَ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِهِ، وَالسِّمَنُ كَالْوَلَدِ فِيمَا ذُكِرَ (ص) إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ أَوْ يَقِلَّ فَكَالْعَدِمِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ، وَرَدُّهُ، وَدَفْعُ الْحَادِثِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ عَلَيْهِ أَوْ يَقِلَّ الْعَيْبُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُؤَثِّرُ نَقْصًا فِي الثَّمَنِ كَمَا فِي الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ فِي التَّمَاسُكِ، وَأَخْذِ الْأَرْشِ بَلْ إنَّمَا لَهُ التَّمَاسُكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ الرَّدُّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَيَصِيرُ الْحَادِثُ كَالْعَدَمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لَهُ التَّمَاسُكُ، وَأَخْذُ الْقَدِيمِ لِخَسَارَتِهِ لِأَجْلِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فَحَيْثُ أَسْقَطَ عَنْهُ الْبَائِعُ حُكْمَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ زَالَ مَعْلُولُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ فَكَالْعَدِمِ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ فَكَالْعَدِمِ أَوْ يَقِلَّ فَكَالْعَدِمِ ثُمَّ أَخَذَ فِي أَمْثِلَةِ الْعَيْبِ الْقَلِيلِ جِدًّا بِقَوْلِهِ (ص) كَوَعْكٍ، وَرَمَدٍ، وَصُدَاعٍ، وَذَهَابِ ظُفْرٍ، وَخَفِيفِ حُمَّى، وَوَطْءِ ثَيِّبٍ، وَقَطْعٍ مُعْتَادٍ (ش) الْوَعْكُ بِسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْجَوْهَرِيُّ مَغْثُ الْحُمَّى، وَالْمَغْثُ ضَرْبٌ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مَا لَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ مُوضِحَةٌ أَوْ مُنَقِّلَةٌ أَوْ جَائِفَةٌ ثُمَّ بَرِئَتْ أَوْ شُرْبُ خَمْرٍ أَوْ إبَاقٌ، وَمِنْهَا الرَّمَدُ وَالصُّدَاعُ أَيْ وَجَعُ الرَّأْسِ، وَمِنْهَا ذَهَابُ الظُّفْرِ وَلَوْ فِي رَائِعَةٍ، وَأَمَّا ذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ فَعَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ فِي الرَّائِعَةِ فَقَطْ، وَذَهَابُ الْأُصْبُعِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ مُطْلَقًا، وَمِنْهَا خَفِيفُ الْحُمَّى، وَهُوَ مَا لَا يَمْنَعُهُ التَّصَرُّفُ، وَمِنْهَا وَطْءُ الثَّيِّبِ، وَالْقَطْعُ الْمُعْتَادُ، وَهُوَ أَنْ تُقْطَعَ الشُّقَّةُ لِمَا تُرَادُ لَهُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَبِعِبَارَةٍ وَهُوَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِ مِثْلِهِ فِي الْمَبِيعِ، وَغَيْرُ الْمُعْتَادِ مُقَابِلُهُ ثُمَّ إنْ فَسَّرَ الْمُعْتَادَ بِقَطْعِ الشُّقَّةِ نِصْفَيْنِ كَانَ مِنْ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا، وَإِنْ فَسَّرَ بِجَعْلِهَا قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً فَهُوَ مِنْ الْمُعْتَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَلِّسِ، وَهُوَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ، وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ فَمَنْ فَسَّرَهُ بِالثَّانِي، وَقَيَّدَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِالْمُدَلِّسِ فَقَدْ حَمَلَهُ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ بِلَا دَاعٍ لِذَلِكَ، وَأَمَّا جَعْلُهَا قِلَاعًا وَنَحْوَهَا فَهُوَ فَوْتٌ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ الْحَرِيرِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبَيْنِ الْمُتَوَسِّطِ وَالْخَفِيفِ شَرَعَ فِي الْمُفِيتِ فَقَالَ (ص) وَالْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ مُفِيتٌ فَالْأَرْشُ (ش) أَيْ وَالتَّغَيُّرُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ مِنْ الْمَبِيعِ بِذَهَابِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ مُفِيتٌ لِلرَّدِّ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَالْوَاجِبُ التَّمَاسُكُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَالْأَرْشُ وَاجِبٌ عَلَى الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي فَقَوْلُهُ وَالْمُخْرِجُ أَيْ وَالتَّغَيُّرُ الْمُخْرِجُ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّغَيُّرِ، وَتَقْدِيرُ الْمَوْصُوفِ بِالْعَيْبِ فَاسِدٌ لِأَنَّ كِبَرَ الصَّغِيرِ لَيْسَ عَيْبًا، وَقَوْلُهُ فَالْأَرْشُ أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ كَعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَحْدُثَ عَنْ ذَلِكَ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِمُفِيتٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَالْمُنَاسِبُ لَيْسَ بِمَعِيبٍ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْوَلَدَ يَجْبُرُ عَيْبَ النِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ مِنْهُ، وَفَهِمَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ إذَا كَانَتْ إلَخْ) أَيْ إلَى حَدِّ قَوْلِهِ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ أَوْ يَقِلُّ) إنَّمَا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِالْقَدِيمِ، وَلَوْ قَلَّ بِخِلَافِ الْحَادِثِ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ يَتَوَقَّعُ تَدْلِيسَهُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الشَّامِلِ (قَوْلُهُ الْمَغْثُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ وَخَفِيفِ حُمَّى فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ بِأَمْرَاضٍ يُعَارِضُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَخِفُّ أَلَمُهَا كَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ وَالْمَغْثُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ (قَوْلُهُ لَيْسَ عَيْبًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ عَيْبٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُرَادُ مِنْهُ فَالصَّغِيرُ مِنْ الْآدَمِيِّ قَدْ يُرَادُ لِلدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ، وَهَكَذَا (قَوْلُهُ ثُمَّ بَرِئَتْ) وَلَوْ أَخَذَ لَهَا أَرْشًا، وَلَوْ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ شَيْنَهَا مِنْ الْعَيْبِ الْقَلِيلِ (قَوْلُهُ ذَهَابُ ظُفْرٍ) وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ الظُّفْرُ الْوَاحِدُ أَوْ وَلَوْ كَثُرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدٍ مُتَوَسِّطٌ فِي رَائِعَةٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا ذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ) اُنْظُرْ الْأَكْثَرَ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ الْحَرِيرِ) هَذَا يُخَالِفُ تَفْسِيرَهُ الْآتِي لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَطْعِ غَيْرِ مُعْتَادٍ بِقَوْلِهِ كَتَفْصِيلِ شُقَّةِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ قَلَنْسُوَةً أَوْ الثَّوْبِ الصُّوفِ قَمِيصًا، وَالْأَوْلَى مَا يَأْتِي، وَهُوَ التَّعْمِيمُ فِي الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ كَمَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ.

(قَوْلُهُ أَيْ وَالتَّغَيُّرُ إلَخْ) وَلَا يَأْتِي هُنَا، وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ كَمَا قَالَ عج وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ يَأْتِي هُنَا إذَا جُبِرَ بِخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا يَصِيرُ مُتَوَسِّطًا فَيَتَعَيَّنُ، وَلَا يُقَالُ صَارَ كَالْعَدَمِ فِي حَقِّ الْمُدَلِّسِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا فِي الْمُتَوَسِّطِ ابْتِدَاءً اُنْظُرْ ك (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ

ص: 144

فَيَتَعَيَّنُ الْأَرْشُ عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَأَمَّا عِنْدَ التَّرَاضِي فَعَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ، وَطَرِيقُ الْأَرْشِ أَنْ يُقَوَّمَ سَالِمًا وَمَعِيبًا، وَيَأْخُذَ مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةَ ثُمَّ أَخَذَ فِي أَمْثِلَةِ الْمُفِيتِ بِقَوْلِهِ (ص) كَكِبَرِ صَغِيرٍ، وَهَرَمٍ وَافْتِضَاضِ بِكْرٍ، وَقَطْعٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ الْمُفِيتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُوجِبَ لِلرُّجُوعِ لِلْأَرْشِ كَكِبَرِ الصَّغِيرِ، وَهَرَمِ الْكَبِيرِ، وَهُوَ أَنْ يَضْعُفَ عَنْ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهَا، وَظَاهِرُهُ عُمُومُهُ فِي الْعَاقِلِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الصَّغِيرَ جِنْسٌ، وَالْكَبِيرَ جِنْسٌ، وَتَقْيِيدُ الزَّرْقَانِيِّ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْإِبِلِ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ، وَمِنْهَا افْتِضَاضُ بِكْرٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ فِي كِتَابِهِ الْمُذْهَبِ فِي تَحْرِيرِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ، وَقَيَّدَ الْبَاجِيُّ قَوْلَ مَالِكٍ بِالْعُلْيَا، وَأَمَّا الْوَخْشُ فَلَا يَنْقُصُهَا بَلْ يَزِيدُهَا، وَمِنْهَا الْقَطْعُ الْغَيْرُ الْمُعْتَادِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ غَيْرَ مُدَلِّسٍ كَتَفْصِيلِ شُقَّةَ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ قَلَنْسُوَةً أَوْ الثَّوْبِ الصُّوفِ قَمِيصًا.

ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ الْمُفِيتِ الْمُوجِبَ لِلْأَرْشِ عَلَى الْبَائِعِ بَعْضَ مُفِيتَاتٍ فِيهَا الرُّجُوعُ لِلْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لَا بِالْأَرْشِ فَقَطْ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ، وَبِسَمَاوِيٍّ زَمَنُهُ كَمَوْتِهِ فِي إبَاقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ عَلَى الْبَائِعِ فِيمَا إذَا حَصَلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفِيتٌ إنْ لَمْ يَهْلِكْ الْمَعِيبُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ أَوْ بِسَمَاوِيٍّ فِي زَمَنِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَإِنْ هَلَكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ الَّذِي دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنْ عَلِمَ بِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ كَمَا لَوْ دَلَّسَ بِحِرَابَتِهِ فَحَارَبَ فَقَتَلَ أَوْ بِالْإِبَاقِ فَأَبَقَ فَاقْتَحَمَ نَهْرًا فَمَاتَ أَوْ تَرَدَّى فَمَاتَ أَوْ دَخَلَ حَجَرًا فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ أَوْ هَلَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ لَكِنْ فِي زَمَنِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ كَمَوْتِهِ فِي زَمَنِ إبَاقِهِ الْمُدَلَّسِ بِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ الْهَلَاكِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا بَاعَهُ أَمَةً حَامِلًا وَدَلَّسَ عَلَيْهِ بِحَمْلِهَا فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَبْدَ أَبَقَ مِنْ عِنْدِهِ وَخَالَفَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى أَنَّهُ دَلَّسَ عَلَيْهِ بِالْإِبَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ لَكِنْ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا غَيَّبَهُ، وَعَلَى الْبَائِعِ تَحْصِيلُهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ زَمَنُهُ مِمَّا إذَا هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ فِي غَيْرِ زَمَنِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْأَرْشِ.

وَلَمَّا ذَكَرَ هَلَاكَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ ذَكَرَ مَا إذَا هَلَكَ عِنْدَ غَيْرِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِذَلِكَ فَقَالَ (ص) وَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي، وَهَلَكَ بِعَيْبِهِ رَجَعَ عَلَى الْمُدَلِّسِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ رُجُوعُهُ عَلَى بَائِعِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَإِنْ زَادَ فَلِلثَّانِي، وَإِنْ نَقَصَ فَهَلْ يُكْمِلُ الثَّانِيَ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْمُدَلِّسِ إذَا بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، وَهَلَكَ الشَّيْءُ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ عَلَى بَائِعِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُدَلِّسُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لِكَشْفِ الْعَيْبِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ لِتَدْلِيسِهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مِنْ الْمُدَلِّسِ مُسَاوِيًا لِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ لِلْبَائِعِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ زَادَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَلِّسِ عَلَى مَا خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَيَبْقَى بِيَدِهِ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَهُوَ بَائِعُهُ الْغَيْرُ الْمُدَلِّسُ، وَإِنْ نَقَصَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَلِّسِ عَنْ ثَمَنِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي دَفَعَهُ لِبَائِعِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُدَلِّسُ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِآخَرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَهَلْ يُكْمِلُ الْبَائِعُ الثَّانِي لِمُشْتَرِيهِ ثَمَنَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ لَهُ دِرْهَمَيْنِ تَمَامَ ثَمَنِهِ وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ شَاسٍ لِأَنَّهُ قَبَضَ ذَلِكَ الزَّائِدَ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ لَا يُكْمِلُهُ الثَّانِي وَلَيْسَ لِلثَّالِثِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي غَيْرُ الْعَشَرَةِ الَّتِي قَبَضَهَا مِنْ الْمُدَلِّسِ وَحَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ وَكِتَابِ ابْنِ يُونُسَ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِاتِّبَاعِ الْأَوَّلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الثَّانِي قَوْلَانِ، وَقَيَّدَ الثَّانِي بِأَنْ لَا يَكُونَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي، وَإِلَّا فَلْيَرْجِعْ عَلَى بَائِعِهِ بِتَمَامِ قِيمَةِ عَيْبِهِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الثَّانِي

ــ

[حاشية العدوي]

وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَطْعُ مُعْتَادًا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعْتَادَةِ فَمُفِيتٌ، وَلَوْ دَلَّسَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ كَكِبَرِ صَغِيرٍ) فِي مَبِيعٍ يُرَادُ لِصِغَرِهِ كَدُخُولٍ عَلَى النِّسَاءِ، وَالْمُرَادُ بِكِبَرِهِ بُلُوغُهُ، وَانْظُرْ لَوْ رَاهَقَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ فَوْتًا لِعَدَمِ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَصَغِيرُ غَنْمٍ يُرَادُ لِلَحْمِهِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ جَعْلِهِ مِثَالًا لِلْمُخْرِجِ عَنْ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا افْتِضَاضُ بَكْرٍ) بِالْقَافِ وَالْفَاءِ، وَاقْتَصَرَ فِي الصِّحَاحِ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ) الرَّاجِحُ قَوْلُ مَالِكٍ (قَوْلُهُ بَلْ يَزِيدُهَا) لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ سِمَنِهَا (قَوْلُهُ قَلَنْسُوَةً) كَأَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الشُّقَّةَ تُجْعَلُ قَلَانِسَ (قَوْلُهُ أَوْ الثَّوْبُ الصُّوفُ قَمِيصًا) هَذَا فِي شَأْنِ بَلْدَةٍ يَجْعَلُونَ الثَّوْبَ الصُّوفَ قُفْطَانًا، وَلَا يَجْعَلُونَهُ قَمِيصًا، وَأَمَّا فِي عُرْفِ بِلَادِنَا فَيَجْعَلُونَ الثَّوْبَ الصُّوفَ قَمِيصًا.

(قَوْلُهُ فَاقْتَحَمَ نَهْرًا) أَيْ دَخَلَ نَهْرًا (قَوْلُهُ كَمَوْتِهِ فِي زَمَنِ إبَاقِهِ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ لَهُ خَبَرٌ هَلْ هَلَكَ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ وَهَلَكَ) الْوَاوُ عَاطِفَةٌ لَا حَالٌ لِأَنَّ الْهَلَاكَ لَيْسَ فِي وَقْتِ الْبَيْعِ، وَالْحَالُ الْمُقَدَّرَةُ شَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ الْمُقَدِّرُ لَهَا الْمُتَكَلِّمَ بَدْرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رُجُوعُهُ عَلَى بَائِعِهِ) أَيْ بِأَنْ أُعْدِمَ أَوْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَلَا مَالَ لَهُ فَإِنْ أَمْكَنَ رُجُوعُهُ عَلَى بَائِعِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَيَرْجِعُ بَائِعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ أَوْ كَمَالِ الثَّمَنِ قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ إذْ مِنْ حُجَّةِ الْمُدَلِّسِ أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ لَمْ يَنْقُصْ عَلَيْك بِتَدْلِيسِي سِوَى مَا دَفَعْته مِنْ الْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ فَلَا رُجُوعَ لَك عَلَيَّ لَوْ هَلَكَ بِيَدِك إلَّا بِمَا دَفَعْت لِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إنَّمَا رَضِيَ بِاتِّبَاعِهِ لِضَرُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي فَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَحْصُرَ الثَّانِي

ص: 145