الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنَّمَا هُوَ حَجْرٌ آخَرُ قَدِيمٌ لِلصِّبَا، أَوْ السَّفَهِ قَوْلُهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، أَيْ: لِأَبَوَيْهِ إنْ كَانَا، وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ
(ص) ، وَالصَّبِيُّ لِبُلُوغِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّهُ فَعِيلٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ، وَالْمُؤَنَّثُ يَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ، أَيْ: حَجْرُ النَّفْسِ وَهُوَ حَجْرُ الْحَضَانَةِ إلَى بُلُوغِهِ فَإِذَا بَلَغَ عَاقِلًا زَالَ عَنْهُ وِلَايَةُ أَبِيهِ مِنْ تَدْبِيرِ نَفْسِهِ وَصِيَانَةِ مُهْجَتِهِ إذْ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُوقِعَ نَفْسَهُ فِي مُهْوَاةٍ، أَوْ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى قَتْلِهِ، أَوْ عَطَبِهِ قَصْدًا لِذَلِكَ، وَأَمَّا ارْتِفَاعُ الْحَجْرِ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِيمَا سَيَأْتِي بِقَوْلِهِ إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ بَعْدَهُ كَمَا هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَاتٍ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ اُنْظُرْ بَقِيَّتَهَا إنْ شِئْت فِي الْكَبِيرِ.
وَلَمَّا كَانَ الْبُلُوغُ عِبَارَةً عَنْ قُوَّةٍ تَحْدُثُ فِي الشَّخْصِ يَخْرُجُ بِهَا مِنْ حَالِ الطُّفُولِيَّةِ إلَى غَيْرِهَا وَتِلْكَ الْقُوَّةُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ فَجَعَلَ الشَّارِعُ لَهَا عَلَامَاتٍ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى حُصُولِهَا أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّهَا خَمْسٌ مِنْهَا مُشْتَرَكٌ وَمُخْتَصٌّ وَعَطَفَهَا بِأَوْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَلَامَاتِ مَجْمُوعُهَا أَوَّلُهَا السِّنُّ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى بِقَوْلِهِ
(ص) بِثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً (ش)، أَيْ: بِتَمَامِ ثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَشَهَرَ غَيْرُ الْمُؤَلِّفِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِابْنِ وَهْبٍ خَمْسَةَ عَشَرَ سَنَةً، ثُمَّ إنَّ الْعَلَامَاتِ لَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِيمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ؛ لِأَنَّ مِنْهَا فَرْقُ أَرْنَبَةِ الْمَارِنِ وَنَتِنُ الْإِبْطِ وَغِلَظُ الصَّوْتِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ خَيْطًا وَتُثْنِيَهُ وَتُدِيرَهُ بِرَقَبَتِهِ وَتَجْمَعَ طَرَفَيْهِ فِي أَسْنَانِهِ فَإِنْ دَخَلَ رَأْسُهُ مِنْهُ فَقَدْ بَلَغَ، وَإِلَّا فَلَا
(ص) ، أَوْ الْحُلُمُ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى ثَانِي الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ الْحُلُمُ اتِّفَاقًا وَهُوَ الْإِنْزَالُ فِي النَّوْمِ وَيَدْخُلُ بِقِيَاسِ الْأَحْرَوِيَّةِ الْإِنْزَالُ يَقِظَةً وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ، وَالرَّابِعِ الْمُخْتَصَّيْنِ بِالْأُنْثَى بِقَوْلِهِ
(ص) ، أَوْ الْحَيْضُ، أَوْ الْحَمْلُ (ش) ، وَالْمُرَادُ بِالْحَيْضِ الَّذِي لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي جَلْبِهِ، وَإِلَّا فَيَكُونُ عَلَامَةً وَلِلْخَامِسَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهَا بِقَوْلِهِ
(ص) ، أَوْ الْإِنْبَاتُ (ش) لِلْعَانَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إنْزَالٌ، وَلَا بُلُوغُ سِنٍّ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَشِنُ لَا الزَّغَبُ وَقَوْلُهُ، أَوْ الْإِنْبَاتُ، أَيْ: لِلْعَانَةِ لَا الْإِبْطِ أَوْ اللِّحْيَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْبُلُوغِ، ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْإِنْبَاتِ النَّبَاتُ؛ لِأَنَّ النَّبَاتَ هُوَ إنْبَاتُ اللَّهِ تَعَالَى لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ فَلَوْ عَدَلَ عَنْ الْمَصِيرِ الْمَزِيدِ إلَى الْمُجَرَّدِ لَكَانَ أَوْلَى بِمُرَادِهِ
(ص) وَهَلْ إلَّا فِي حَقِّهِ تَعَالَى تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْبَاتَ الْمَذْكُورَ هَلْ هُوَ عَلَامَةٌ لِلْبُلُوغِ مُطْلَقًا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَنْظُرُ فِيهِ الْحُكَّامُ وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّ مِنْ حَدٍّ وَطَلَاقٍ وَقِصَاصٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَنْظُرُ فِيهِ الْحُكَّامُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ، أَوْ هُوَ عَلَامَةٌ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ فَهُوَ عَلَامَةٌ فِي الظَّاهِرِ كَلُزُومِ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ وَنَحْوِهِمَا، وَأَمَّا مِثْلُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَشِبْهِهَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَامَةً قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ حَجْرٌ آخَرُ) ، أَيْ: وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِنَا إنْ كَانَ جُنُونُهُ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِلْفَكِّ مُطْلَقًا كَانَ جُنُونُهُ طَارِئًا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَالرُّشْدِ أَمْ لَا نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَجْرَ لِلصِّبَا، وَالسَّفَهِ يَحْتَاجُ لِفَكٍّ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب ذَكَرَ مَا نَصُّهُ الْمَجْنُونُ مِنْ حَيْثُ جُنُونُهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِلْإِفَاقَةِ فَبِمُجَرَّدِ الْإِفَاقَةِ يَنْفَكُّ عَنْهُ حَجْرُ الْجُنُونِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِفَكٍّ وَيَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ حَجْرِ صِبًا، أَوْ سَفَهٍ إنْ كَانَ وَيَنْفَكُّ عَنْهُ بِمَا يَأْتِي انْتَهَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمَجْنُونِ مِنْ حَيْثُ النَّفْسُ فَيَزُولُ بِمُجَرَّدِ زَوَالِ الْجُنُونِ فَهُوَ مُفِيدٌ لِمَا قُلْنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: لِأَبَوَيْهِ) الْمُنَاسِبُ لِأَبِيهِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ لَا حَجْرَ لَهَا وَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ أَنْ يَقُولَ لِأَبِيهِ، أَوْ وَصِيِّهِ، وَإِلَّا فَالْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: زَالَ عَنْهُ) إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ فَسَادٌ، أَوْ هَلَاكٌ لِجَمَالِهِ مَثَلًا فَيَمْنَعُهُ الْأَبُ، وَالْوَلِيُّ، وَالنَّاسُ أَجْمَعُونَ وَفِي عَبَّ خِلَافُ مَا فِي الشَّارِحِ وَنَصُّهُ، وَأَمَّا الصَّبِيَّةُ فَيَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا إلَى سُقُوطِ حَضَانَتِهَا بِالْبِنَاءِ بِهَا؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ حَقٌّ لِلْحَاضِنِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهَا كَالصَّبِيِّ، وَالْأَظْهَرُ كَلَامُ شَارِحِنَا وَيُوَافِقُهُ شب.
(قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَاتِ إلَخْ)، أَيْ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَذَا حَجْرَ الْمَالِ، ثُمَّ أَبْدَلَ مِنْهُ قَوْلَهُ إلَى حِفْظٍ وَهَذَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ بَعْدَهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ هَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِبُلُوغِهِ مُتَعَلِّقًا بِلَفْظِ الصَّبِيِّ فَهُوَ تَحْدِيدٌ لِلصِّبَا وَيَكُونُ قَوْلُهُ إلَى حِفْظٍ مُتَعَلِّقًا بِلَفْظِ مَحْجُورٍ فَهُوَ تَحْدِيدٌ لِلْحَجْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي حَجْرِ الْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَتِيمِ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ وَمَا يَأْتِي فِيمَنْ لَهُ حَاجِرٌ مِنْ أَبٍ، أَوْ وَصِيٍّ، أَوْ مُقَدَّمٍ.
[عَلَامَات الْبُلُوغ]
. (قَوْلُهُ: بِثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً)، أَيْ: يُعْرَفُ بِثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً وَهِيَ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَانَ قَائِلًا قَالَ لَهُ بِمَاذَا يُعْرَفُ فَقَالَ وَيَجُوزُ فِي ثَمَانٍ حَذَفَ الْيَاءَ مَعَ كَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَإِثْبَاتِ الْيَاءِ سَاكِنَةً وَمَفْتُوحَةً، وَالنُّونُ مَكْسُورَةٌ فِيهِمَا قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي التَّوْضِيحِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا)، أَيْ: لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا بَلَغَ تَغْلُظُ حَنْجَرَتُهُ وَتَغْلُظُ رَقَبَتُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَمْلُ) فِي أُنْثَى، أَوْ خُنْثَى وَيَزُولُ حِينَئِذٍ إشْكَالُهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا كُبْرُ النَّهْدِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَوْلَى) فِيهِ أَنَّ النَّبَاتَ إذَا كَانَ مَصْدَرًا مُجَرَّدًا يَكُونُ مَعْنَاهُ ظُهُورَ النَّبَاتِ بِمَعْنَى النَّابِتِ، وَالظُّهُورُ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي فَهُوَ مِثْلُ الْإِنْبَاتِ سَوَاءٌ فَلَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ أَنَّ النَّبَاتَ نَفْسُ النَّابِتِ فَلَا يَكُونُ مَصْدَرًا بَلْ اسْمٌ لِلنَّابِتِ (قَوْلُهُ: فِي حُقُوقِ اللَّهِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَهُوَ عَلَامَةٌ فِي الظَّاهِرِ، وَالْبَاطِنِ، وَالْقَوْلُ بِالْإِطْلَاقِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَنْ حَقَّقَ (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ عَلَامَةٌ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ، أَوْ هُوَ عَلَامَةٌ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ فِي الظَّاهِرِ كَلُزُومِ الطَّلَاقِ، وَالْعِتْقِ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ طَلَاقٌ، وَلَا حَدٌّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، أَوْ يَبْلُغَ سِنَّ الِاحْتِلَامِ، وَأَمَّا مِثْلُ حُقُوقِ اللَّهِ فَلَا يَلْزَمُ ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ
(ص) وَصُدِّقَ إنْ لَمْ يُرَبْ (ش)، أَيْ: وَصُدِّقَ مُدَّعِي الْبُلُوغِ، أَوْ عَدَمِهِ طَالِبًا كَانَ، أَوْ مَطْلُوبًا فِي الِاحْتِلَامِ، أَوْ الْإِنْبَاتِ كَمَا لَوْ اُدُّعِيَ عَلَى الصَّبِيِّ الْبُلُوغَ لِإِقَامَةِ حَدِّ جِنَايَةٍ فَأَنْكَرَ، أَوْ ادَّعَى هُوَ الْبُلُوغَ لِيَأْخُذَ سَهْمَهُ فِي الْجِهَادِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْوَجْهَيْنِ إنْ لَمْ يُرَبْ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ فَالضَّمِيرُ فِي وَصُدِّقَ لِلصَّبِيِّ أَيْ وَصُدِّقَ فِي ادِّعَاءِ الْبُلُوغِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا طَالِبًا، أَوْ مَطْلُوبًا إنْ لَمْ يُرَبْ هَذَا إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ، أَوْ الْحَيْضِ أَوْ الْإِنْبَاتِ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ بِالْعَدَدِ، أَوْ بِالْحَمْلِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا وَيُنْتَظَرُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ وَفِي عِبَارَةٍ وَصُدِّقَ الصَّبِيُّ فِي بُلُوغِهِ إنْ لَمْ يُرَبْ فَإِنْ حَصَلَتْ رِيبَةٌ فَلَا يُصَدَّقُ طَالِبًا كَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ لِيَأْخُذَ سَهْمَهُ فِي الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ، أَوْ مَطْلُوبًا كَمَا إذَا جَنَى جِنَايَةً وَادُّعِيَ عَلَيْهِ الْبُلُوغَ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ كَمَا فِي الشَّارِحِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَصْدِيقُهُ فِيمَا إذَا كَانَ مَطْلُوبًا فِي هَذَا الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَفِي كَلَامِ الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُهُ.
(ص) وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُمَيِّزَ إذَا تَصَرَّفَ بِمُعَاوَضَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ وَلِيِّهِ مِنْ إجَازَةٍ، أَوْ رَدٍّ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا، أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ اسْتَوَتْ مَصْلَحَةُ الرَّدِّ، وَالْإِجَازَةِ، وَأَمَّا تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَهِبَةٍ وَعِتْقٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَلِيِّ رَدُّهُ وَظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ لِلتَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ إذَا كَانَتْ فِي الرَّدِّ، أَوْ الْإِجَازَةِ تَعَيَّنَ فِعْلُ مَا هِيَ فِيهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِهَا لِلِاخْتِصَاصِ وَيَرُدُّهُ أَيْضًا قَوْلُهُ وَلَهُ إنْ رَشَدَ فَالرَّدُّ لَيْسَ خَاصًّا بِالْوَلِيِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ إلَخْ مَا إذَا أُسِرَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَأَرَادَ الْفِدَاءَ وَامْتَنَعَ وَلِيُّهُ فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا مَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ عِنْدَ زَوْجٍ مُوسِرٍ وَامْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَطَلَبَتْ مِنْ الْوَلِيِّ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ لَوَجَبَ عَلَى الْوَلِيِّ ذَلِكَ مَعَ مَا فِي هَذَا مِنْ دَوَامِ الْعِصْمَةِ وَأَيْضًا لَوْ أَرَادَتْ عَدَمَ الزَّوَاجِ فَإِنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُجْبَرُ الْوَلِيُّ عَلَى ذَلِكَ إلَّا إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ فِرَاقَهَا إنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا الْوَلِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا إذَا كَانَ تَصَرُّفُهُ فِي هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ شَرَطَ الْوَاهِبُ عَدَمَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهَا وَفِي دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأَوَّلَيْنِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ تَعَيَّنَتْ فِيهِمَا فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ خَلَاصَهُ مِنْ الْأَسْرِ وَدَوَامَ الزَّوْجَةِ عِنْدَ زَوْجِهَا مِنْ ذَلِكَ
(ص) وَلَهُ إنْ رَشَدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُمَيِّزَ إذَا تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَجْرِ، أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ، أَوْ كَانَ مُهْمِلًا لَا وَلِيَّ لَهُ وَتَصَرَّفَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْحَجْرِ بِأَنْ بَلَغَ رَشِيدًا فَإِنَّ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ فَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ كَمَا كَانَ لِوَلِيِّهِ لَكِنَّ الْخِيَارَ لَهُ هُنَا سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفُهُ بِمَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ رَدُّهُ، أَوْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ كَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِ، وَمِثْلُ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا السَّفِيهُ إذَا رَشَدَ لَكِنْ فِي السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَهُوَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَنْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةٍ
(ص) وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي أَنَّ لَهُ الرَّدَّ، وَالْإِمْضَاءَ فَإِذَا حَلَفَ فِي حَالِ صِغَرِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اُدُّعِيَ عَلَى الصَّبِيِّ) هَذَا مَطْلُوبٌ وَقَوْلُهُ، أَوْ اُدُّعِيَ إلَخْ هَذَا طَالِبٌ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِي الْبُلُوغِ مَطْلُوبًا كَمَا لَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْلَفَ شَيْئًا قَدْ اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ بَالِغٌ وَوَافَقَ عَلَى جَمِيعِ مَا اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ قَدْ ثَبَتَ حِفْظُهُ لِلْمَالِ وَخَالَفَهُ الْأَبُ فِي ذَلِكَ وَكَانَ صَاحِبُ ذَلِكَ الْمَتَاعِ مِمَّنْ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ غَرَضُ الْمُقِرِّ دَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ إمَّا لِقَرَابَةٍ، أَوْ صَدَاقَةٍ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ إلَخْ) وَيُصَدَّقُ فِي السِّنِّ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إذَا جُهِلَ التَّارِيخُ (قَوْلُهُ: طَالِبًا كَمَا لَوْ ادَّعَى إلَخْ) رُبَّمَا يَقَعُ فِي الْوَهْمِ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ تِلْكَ الدَّعْوَى ذَاتَهَا تُهْمَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ رِيبَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ ذَاتِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَصْدِيقُهُ)، أَيْ: مَعَ الرِّيبَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ)، أَيْ: وَإِنْكَارُهُ الْبُلُوغَ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُ وَيُرَبْ أَصْلُهُ يَرِيبُ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْيَاءِ إلَى السَّاكِنِ الصَّحِيحِ قَبْلَهَا وَهُوَ الرَّاءُ فَصَارَتْ الْيَاءُ مُتَحَرِّكَةً فِي الْأَصْلِ مُنْفَتِحًا مَا قَبْلَهَا الْآنَ فَقُلِبَتْ أَلِفًا فَلَمَّا دَخَلَ الْجَازِمُ سَكَنَ الْبَاءُ فَحُذِفَتْ الْأَلِفُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.
(فَرْعٌ) سُئِلَ السُّيُورِيُّ عَنْ الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ تُرِيدُ النِّكَاحَ وَتَدَّعِي عَلَيْهِ الْبُلُوغَ هَلْ يُقْبَلُ، أَوْ يُكْشَفُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا اهـ وَلَوْ طَلَبَ وَقَالَ لَمْ أَبْلُغْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَرْعُ السُّيُورِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ إذَا كَانَتْ فِي الرَّدِّ، أَوْ الْإِجَازَةِ تَعَيَّنَ)، أَيْ: فَذَلِكَ أَمْرُهُ ظَاهِرٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاخْتِصَاصِ الشَّامِلِ لِذَلِكَ (أَقُولُ) ، وَالتَّخْيِيرُ أَمْرُهُ ظَاهِرٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِهَا لِلتَّخْيِيرِ فَلَا فَرْقَ.
(قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ أَيْضًا)، أَيْ: يَرُدُّ جَعْلَهَا لِلِاخْتِصَاصِ (أَقُولُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِرَدِّ الِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ: فَالرَّدُّ خَاصًّا بِالْوَلِيِّ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ اخْتِصَاصٌ نِسْبِيٌّ، أَيْ: مَا دَامَ صَبِيًّا مُمَيِّزًا، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت فِي شَرْحِ عب مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورُ بَلَغَ أَمْ لَا وَيَكُونُ قَوْلُهُ: بَعْدُ كَالسَّفِيهِ تَشْبِيهٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ خُصُوصُ الصَّبِيِّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ كَالسَّفِيهِ تَشْبِيهًا تَامًّا (قَوْلُهُ: مَعَ مَا فِي هَذَا مِنْ دَوَامِ الْعِصْمَةِ) ، أَيْ: وَدَوَامُ الْعِصْمَةِ أَمْرٌ نَدَبَ لَهُ الشَّارِعُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْمُمَيِّزَ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْمُمَيِّزِ، وَالسَّفِيهِ إلَّا أَنَّهُ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ، وَمِثْلُ الصَّبِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ وَسَكَتَ فَهُوَ إذْنٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَنِثَ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ حِنْثَ حَقِيقَةٍ إذْ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُ غَيْرِ بَالِغٍ بَلْ الْمَعْنَى عَلَّقَ الْيَمِينَ فِي صِغَرِهِ وَفَعَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ ضِدَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِمَّا يُوجِبُ الْحِنْثَ أَنْ لَوْ كَانَ بَالِغًا حِينَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَلَفَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ
بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ فُلَانٍ أَوْ صَدَقَةٍ إنْ دَخَلَ دَارَ زَيْدٍ، ثُمَّ دَخَلَهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ الْإِجَازَةَ وَلَهُ الرَّدَّ، وَأَمَّا إنْ حَلَفَ فِي حَالِ صِغَرِهِ وَحَنِثَ فِي حَالِ صِغَرِهِ بِأَنْ دَخَلَهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِلَا خِلَافٍ فَلَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْمُبَالَغَةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَشْمَلُ السَّفِيهَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرَجَّعَ تت الضَّمِيرَ إلَى الرُّشْدِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا، أَيْ: بَعْدَ بُلُوغِهِ فِي حَالِ رُشْدِهِ وَعَلَيْهِ فَيَشْمَلُ الصَّبِيَّ، وَالسَّفِيهَ اهـ وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ لَوْ قَالَ وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ رُشْدِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَكِنْ هَذَا يُخَصُّ بِالْحَلِفِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ كَالْحَلِفِ بِالْعِتْقِ، أَيْ: وَإِلَّا فَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ لَازِمٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَاقِلٌ بَالِغٌ وَلَمَّا كَانَ حِنْثُهُ مَوْقُوفًا عَبَّرَ بِالْحِنْثِ؛ لِأَنَّهُ حِنْثٌ مَوْقُوفٌ عَلَى إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ لَا حِنْثٌ مُحَتَّمٌ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْحِنْثِ قَبْلَ الْبُلُوغِ صُورَةً وَهُوَ مُخَالَفَةٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ بُلُوغِهِ يَتَنَازَعُهُ رَشَدَ وَحَنِثَ
(ص) ، أَوْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ أَيْضًا فِي أَنَّ لَهُ الْإِمْضَاءَ، وَالرَّدَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ وَلَوْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، وَالسَّدَادِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إمْضَاؤُهُ وَظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فِيمَا بَاعَهُ، أَوْ نَقَصَ فِيمَا ابْتَاعَهُ وَكَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ يُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا لَهُ التَّخْيِيرُ فِيمَا وَقَعَ الْمَوْقِعَ حَيْثُ تَغَيَّرَ الْحَالُ عَمَّا كَانَ فَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْعُمُومِ فَفِيهِ نَظَرٌ
(ص) وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ (ش)، أَيْ: وَضَمِنَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزٌ أَمْ لَا مَا أَتْلَفَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أُمِنَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَصُونَ بِهِ مَالَهُ فَيَضْمَنَ فِي الْمَالِ الَّذِي صِينَ بِهِ خَاصَّةً، ثُمَّ إنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَ حَيْثُ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَفِي مَفْهُومِ أَفْسَدَ تَفْصِيلٌ فَإِنْ أَصْرَفَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ ضَمِنَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَحْرَى مِنْ الْإِفْسَادِ وَإِنْ أَمِنَ ضَمِنَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَبَقِيَ، وَلَا تُتْبَعُ
ــ
[حاشية العدوي]
يَكُونُ حَلِفًا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْوَالِ فَإِذَنْ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ بَعْدَ رُشْدِهِ وَبُلُوغِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ لَصَحَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ لَيْسَ الْكَلَامُ إلَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْوَالِ (قَوْلُهُ: بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ فُلَانٍ)، أَيْ: أَوْ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَبَلَغَ وَدَخَلَهَا فَالْحُكْمُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا حَنِثَ بَعْدَ رُشْدِهِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ رُشْدِهِ لَكَانَ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ) لَا يَأْتِي الْحَمْلُ أَصْلًا بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَالْمَعْنَى صَحِيحٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ جُعِلَتْ لِلْمُبَالَغَةِ، أَوْ لِلْحَالِ وَخُلَاصَةُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ لِأَجْلِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَمْوَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ رُشْدِهِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ تت الضَّمِيرَ إلَى الرُّشْدِ) فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَالَ إلَخْ لَا يَدُلُّ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلِذَا قَالَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى الصَّبِيِّ فَقَطْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ وَرُشْدِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَمْوَالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ حِنْثُهُ إلَخْ) لَا مَعْنَى لَهُ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: يَتَنَازَعُهُ رُشْدٌ إلَخْ)، وَالْمُرَادُ بِالرُّشْدِ حُسْنُ التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ إلَخْ) كَلَامُ شب وَعَبَّ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَغَيَّرَ الْحَالُ) ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَلَا رَدَّ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ عب اعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ ظَاهِرُ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يُنَافِيهِ كَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَلَهُ دَفْعًا لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَصُونَ بِهِ مَالَهُ) ، أَيْ: يَحْفَظَ بِهِ مَالَهُ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ فِي الْمَالِ الَّذِي صِينَ بِهِ خَاصَّةً) بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَغَذَّى كُلَّ يَوْمٍ بِنِصْفِ فِضَّةٍ فَيَضْمَنُ فِي هَذَا النِّصْفِ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِذَا كَانَ مَا أَتْلَفَهُ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ ضَمِنَهُ فَقَطْ أَوْ كَانَ قَدْرَ النِّصْفِ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ فِي الْمَالِ الَّذِي صِينَ بِهِ خَاصَّةً) بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَغَذَّى بِنِصْفِ فِضَّةٍ فَقَطْ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا النِّصْفَ لَا غَيْرُ، وَقَوْلُهُ: صِينَ، أَيْ: حُفِظَ (قَوْلُهُ: فِي مَالِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ) فَإِنْ تَلِفَ فَأَفَادَ غَيْرُهُ لَمْ يَضْمَنْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَصْلًا، وَالْحَاصِلُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ حَمَلَ الْإِفْسَادَ عَلَى مَا يَشْمَلُ طَرْحَهُ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا وَمَا يَشْمَلُ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ طَرْحُهُ فِي الْبَحْرِ، أَوْ لَا وَصُونَ بِهِ مَالُهُ، أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا أُمِنَ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ طَرَحَهُ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَأَمَّا إذَا أَكَلَهُ مَثَلًا فَإِنْ حَصَلَ بِهِ حِفْظُ الْمَالِ بِأَنْ أَكَلَ عَلَى جُوعٍ مَثَلًا فَيَضْمَنُ فِي الْمَالِ الَّذِي عِنْدَهُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّصْوِينُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جُوعٍ فَكَمَا لَوْ طَرَحَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ حَمَلَ الْإِفْسَادَ عَلَى طَرْحِهِ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا لَا عَلَى مَا إذَا انْتَفَعَ بِهِ فِي أَكْلٍ وَنَحْوِهِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا طَرَحَهُ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا فَيَضْمَنُهُ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي مَفْهُومِ أَفْسَدَ) لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى مَنْطُوقِهِ، وَالْحُكْمُ أَنَّك تَقُولُ إنَّهُ إذَا أُفْسِدَ ضُمِنَ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَفِي ذِمَّتِهِ خِلَافًا لعج وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَصْرَفَهُ إلَخْ) مَفْهُومُ أُفْسِدَ، وَقَوْلُهُ: فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، أَيْ: وَأَمَّا إذَا أَصْرَفَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَثَابَةِ الْإِفْسَادِ فَيُعْطَى حُكْمَهُ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ مُطْلَقًا، أَيْ: كَانَ لَهُ مَالٌ أَمْ لَا بَقِيَ أَمْ لَا وَتُتْبَعُ ذِمَّتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَمْ لَا بَقِيَ أَمْ لَا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ، وَإِلَّا اُتُّبِعَ فِي ذِمَّتِهِ عِنْدَ حُصُولِ الْيَسَارِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَحْرَى مِنْ الْإِفْسَادِ، أَيْ: وَإِذَا كَانَ يَضْمَنُ عِنْدَ الْإِفْسَادِ إذَا لَمْ يُؤْمَنْ فَأَوْلَى إذَا صَرَفَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ عَدَمُ الْأَمْنِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ أُمِنَ ضَمِنَ إلَخْ، أَيْ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ أَصْرَفَهُ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، أَيْ: وَأَمَّا