الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَعَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى بِالرَّفْعِ فَكَانَ تَامَّةٌ، وَالْغَرِيمُ رَبُّ الدَّيْنِ.
(ص) ، وَلَا يُمَكَّنُ ذِمِّيٌّ مِنْ تَجْرٍ فِي كَخَمْرٍ إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الذِّمِّيَّ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ الْمُسْلِمُ فِي أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ التِّجَارَةِ فِيمَا لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ تَمَلُّكُهُ مِنْ خَمْرٍ وَرِبًا سَوَاءٌ بَاعَ لِذِمِّيٍّ أَوْ لِمُسْلِمٍ لَكِنْ إنْ بَاعَهَا الْمُسْلِمُ كُسِرَتْ عَلَى الْمُسْلِمِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الذِّمِّيُّ ثَمَنَهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ أَدَبًا لَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ إنْ قَبَضَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنَّمَا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ التَّجْرِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لِسَيِّدِهِ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَالسَّيِّدُ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ فَكَذَا وَكِيلُهُ وَإِنْ كَانَ هَذَا الذِّمِّيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إنَّمَا يَتَّجِرُ لِنَفْسِهِ وَيُعَامِلُ أَهْلَ الشِّرْكِ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ التِّجَارَةِ فِي الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ وَيَحِلُّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ التِّجَارَةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ بَنَاهُمَا اللَّخْمِيُّ عَلَى خِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَعَدَمِ خِطَابِهِمْ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مِنْ تَجْرٍ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ تَقَاضٍ وَهَذِهِ أَحْكَامُ الْمَأْذُونِ مِنْ الْعَبِيدِ أَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَلَا يُشْتَرَى مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ أَهْلُهُ أَذِنُوا لَهُ حَتَّى يَسْأَلَهُمْ إلَّا لِقَرِينَةٍ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى السَّبَبِ الرَّابِعِ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخَامِسِ مِنْهَا وَهُوَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ فَقَالَ (ص) وَعَلَى مَرِيضٍ حَكَمَ الطِّبُّ بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ (ش) وَإِنَّمَا أَتَى بِحَجْرِ الْمَرَضِ عَقِبَ حَجْرِ الرِّقِّ لِمُنَاسَبَتِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا الْحَجْرُ لِغَيْرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ الْحَجْرُ عَلَى مَرِيضٍ نَزَلَ بِهِ مَرَضٌ حَكَمَ أَهْلُ الطِّبِّ بِأَنَّهُ يَكْثُرُ الْمَوْتُ مِنْ مِثْلِهِ كَالْأَمْثِلَةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا فِي غَيْرِهَا مُؤْنَتُهُ وَتَدَاوِيهِ وَمُعَاوَضَةٌ مَالِيَّةٌ كَالْعَطَايَا، وَالتَّبَرُّعَاتِ الزَّائِدَةِ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ وَارِثِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ أَنْ لَا يُتَعَجَّبَ مِنْ صُدُورِ الْمَوْتِ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ غَالِبًا عَنْهُ خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَكَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ نَحْوِ وَجَعِ الضِّرْسِ، وَالرَّمَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: بِهِ الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ، أَوْ بِمَعْنَى مِنْ
(ص) كَسِلٍّ وَقُولَنْجِ وَحُمًّى قَوِيَّةٍ وَحَامِلِ سِتَّةٍ وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ، أَوْ لِقَطْعٍ إنْ خِيفَ الْمَوْتُ وَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ (ش) هَذِهِ الْأَمْثِلَةُ لِلْمَرَضِ الْمَخُوفِ الَّذِي يُحْجَرُ عَلَى صَاحِبِهِ بِسَبَبِ وُجُودِ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ مِنْهُ السِّلُّ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مَرَضٌ يَنْتَحِلُ الْبَدَنُ مَعَهُ فَكَأَنَّ الرُّوحَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ) ، أَيْ: إنْ اتَّجَرَ بِمَالِ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ إذَنْ وَكِيلٌ لَا مَأْذُونٌ، أَوْ بِمَالِ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ حِينَئِذٍ مَأْذُونٌ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، أَيْ: بِأَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ أَوْ اتَّجَرَ بِمَالِ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ أَيْضًا، وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ التَّمْكِينُ مِنْ التَّجْرِ لِنَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: كُسِرَتْ عَلَى الْمُسْلِمِ)، أَيْ: وَضَاعَ عَلَى الْمُسْلِمِ ثَمَنُهَا، أَيْ: وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَلَا تُكْسَرُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الذِّمِّيُّ ثَمَنَهَا رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ سَوَاءٌ بَاعَ لِذِمِّيٍّ، أَوْ مُسْلِمٍ.
(قَوْلُهُ: فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ أَدَبًا لَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّصَدُّقَ عَلَى الذِّمِّيِّ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَغْرَمُهُ لِلسَّيِّدِ مَعَ أَنَّ التِّجَارَةَ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ الَّذِي مَكَّنَّهُ مِنْ تِلْكَ التِّجَارَةِ فَالْوَجْهُ أَنْ لَا رُجُوعَ وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَدَبَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلسَّيِّدِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ إنْ قَبَضَهُ، أَيْ: وَلَا يُنْزَعُ مِنْ الذِّمِّيِّ إنْ قَبَضَهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الذِّمِّيَّ يَتَّجِرُ لِلسَّيِّدِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَفُوزُ بِذَلِكَ إنْ قَبَضَهُ الذِّمِّيُّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَحِلُّ لَهُ تَمَلُّكُ ذَلِكَ، ثُمَّ إنِّي وَجَدْت فِي مُحَشِّي تت مَا يَقْتَضِي خِلَافَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَلَا إشْكَالَ فَإِنَّهُ قَالَ، وَلَا يُمَكَّنُ ذِمِّيٌّ، نَحْوُ عِبَارَتِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَمُرَادُهُمَا بِعَدَمِ التَّمْكِينِ مَنْعُ أَخْذِ السَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَبِالتَّمْكِينِ جَوَازُهُ لَا حَقِيقَةُ التَّمْكِينِ إذْ لَا يَسُوغُ لَهُ تَمْكِينُهُ مِنْ التَّجْرِ مُطْلَقًا فِيمَا ذَكَرَ وَفِي غَيْرِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْوَكَالَةِ وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ تَقَاضٍ، وَالْحَمْلُ عَلَى مَا قُلْنَا يُوَافِقُ قَوْلَهَا لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَّجِرَ إلَخْ وَيُوَافِقُ مَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ.
وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَصَدَ اخْتِصَارَهُ وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَنَصُّ الْجَوَاهِرِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ لَا يَنْبَغِي لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ إمَّا؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالرِّبَا، أَوْ خَائِنٌ فِي مُعَامَلَاتِهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ تَجَرَ وَرَبِحَ وَكَانَ يَعْمَلُ بِالرِّبَا تَصَدَّقَ السَّيِّدُ بِالْفَضْلِ فَإِنْ كَانَ يَجْهَلُ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ فِي بَيْعِهِ ذَلِكَ اُسْتُحْسِنَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِالرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ إجْبَارٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ لَا أَرَى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَتْجِرَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ، وَلَا يَأْمُرَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: 161] اهـ (أَقُولُ) وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ هُوَ مَا رَأَيْته فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مُخْتَصَرِ الْبَرَادِعِيِّ فِي بَابِ الْمَأْذُونِ وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُعَامِلُ أَهْلَ الشِّرْكِ)، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعَامِلْ أَهْلَ الشِّرْكِ فَأَشَارَ لَهُ اللَّخْمِيُّ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَتَجَرَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ الْحُكْمُ فِيمَا يَأْتِي بِهِ كَالْحُكْمِ فِي الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: بَنَاهُمَا اللَّخْمِيُّ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ وَيَخْتَلِفُ إذَا اتَّجَرَ مَعَ أَهْلِ دِينِهِ فَأَرْبَى، أَوْ تَجَرَ فِي الْخَمْرِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ يَكُونُ الْجَوَابُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إذَا بَايَعَ مُسْلِمًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ فَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ.
[الْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيض]
(قَوْلُهُ: وَعَلَى مَرِيضٍ)، أَيْ: أَوْ مَنْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ لِلْقِسْمَيْنِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ)، أَيْ: فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ عَنْهُ غَالِبًا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُوجِبًا لِلْحَجْرِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ لَكِنْ أَقُولُ فِي هَذَا الْكَلَامِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى غَالِبًا، أَيْ: إنَّهُ إذَا قَامَ ذَلِكَ الْمَرَضُ بِذَلِكَ الْإِنْسَانِ فَالْغَالِبُ الْمَوْتُ بِحَيْثُ لَا يُتَعَجَّبُ مِنْ حُدُوثِ الْمَوْتِ مِنْهُ لَا إنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَوْتَ وَاقِعٌ كَثِيرًا فِي الْإِنْسَانِ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: يَنْحُلُ الْبَدَنُ) مِنْ بَابِ
تَنْسَلُّ مَعَهُ قَلِيلًا كَمَا تَنْسَلُّ الْعَافِيَةُ، وَمِنْهَا الْقُولَنْجُ بِضَمِّ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَقَدْ تُكْسَرُ لَامُهُ وَقَدْ تُفْتَحُ الْقَافُ وَهُوَ مَرَضٌ مَعِدِيٌّ مُؤْلِمٌ يَعْسُرُ مَعَهُ خُرُوجُ الْغَائِطِ، وَالرِّيحِ، وَمِنْهَا الْحُمَّى الْقَوِيَّةُ.
وَعَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ الْقَوِيَّةِ بِالْحَادَّةِ وَهِيَ مَا جَاوَزَتْ الْعَادَةَ فِي الْحَرَارَةِ وَإِزْعَاجِ الْبَدَنِ مَعَ الْمُدَاوَمَةِ وَأَوَّلُ حُمَّى نَزَلَتْ إلَى الْأَرْضِ لَمَّا حَمَلَ نُوحٌ الْأَسَدَ فِي السَّفِينَةِ فَخَافَهُ أَهْلُهَا فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحُمَّى، وَمِنْهَا الْحَامِلُ إذَا كَمَّلَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَدَخَلَتْ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ وَلَوْ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ فَالْإِضَافَةُ فِي وَحَامِلِ سِتَّةٍ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ، أَيْ: الْحَامِلِ الْمَنْسُوبَةِ لِلسِّتَّةِ وَهِيَ لَا تُنْسَبُ لَهَا إلَّا إذَا أَتَتْ عَلَى جَمِيعِهَا وَيُعْلَمُ أَنَّهَا بَلَغَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مِنْ قَوْلِهَا، وَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ، وَمِنْهَا مَنْ حُبِسَ لِأَجْلِ الْقَتْلِ الثَّابِتِ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ، أَوْ بِاعْتِرَافِهِ، وَأَمَّا مَنْ حُبِسَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِيُسْتَبْرَأَ أَمْرُهُ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا مَنْ قُرِّبَ لِقَطْعٍ ثَبَتَ عَلَيْهِ فِي سَرِقَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا كَيَدٍ، أَوْ رِجْلٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ الْقَطْعِ لَا إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَأَعَادَ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ لِقَطْعٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى قَتْلٍ، وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ، أَوْ قَطْعٍ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا مَرَّ، أَيْ: أَوْ قُرِّبَ لِقَطْعٍ، وَأَمَّا كَوْنُهُ أَعَادَهَا لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ لِمَا بَعْدَهَا كَمَا قِيلَ فَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَحْبُوسَ لِلْقَتْلِ لَيْسَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْقَتْلِ وَعَدَمِهِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الْقَيْدِ لَهُ، وَمِنْهَا مَنْ يَكُونُ حَاضِرًا صَفَّ الْقِتَالِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُقَاتِلِينَ لَا إنْ كَانَ فِي النَّظَّارَةِ، أَوْ فِي صَفِّ الرَّدِّ، وَصَفُّ النَّظَّارَةِ هُمْ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ مَنْ غُلِبَ يَنْصُرُونَهُ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى مَرِيضٍ أَيْ مَخُوفٍ مَرَضُهُ قَوْلَهُ (ص) لَا كَجَرَبٍ وَمُلْجِجٍ بِبَحْرٍ وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ (ش) أَيْ لَا خَفِيفٍ كَجَرَبٍ وَحُمَّى الرِّبْعِ، وَالرَّمَدِ، وَالْبَرَصِ وَمُلْجِجٍ فِي الْبَحْرِ الْحُلْوِ أَوْ الْمِلْحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَمْرَاضَ لَيْسَتْ مَخُوفَةً، وَبِعِبَارَةِ وَلَا حَجْرَ عَلَى مُلْجِجٍ، أَيْ: عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي صَارَ فِي اللُّجَّةِ وَهُوَ مُعْظَمُ الْمَاءِ وَقَالَ بَعْضٌ اللُّجَّةُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْعَمِيقُ، وَالْهَوْلُ الْفَزَعُ
(ص) فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَتَدَاوِيهِ وَمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَفِي غَيْرِ مَا يَتَدَاوَى بِهِ لِضَرُورَةِ قِوَامِ بَدَنِهِ، وَفِي غَيْرِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِمَالِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ، وَإِلَّا فَفِي ثُلُثِهِ إنْ مَاتَ حَيْثُ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ لِغَيْرِ وَارِثٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا لَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فَتَكُونَ عَطِيَّةً مِنْهُمْ لَهُ فَتَفْتَقِرَ لِلْحَوْزِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي مُحَابَاتِهِ يَوْمُ فِعْلِهَا لَا يَوْمُ
ــ
[حاشية العدوي]
دَخَلَ وَفِيهِ لُغَةٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ (فَائِدَةٌ) تُوُفِّيَ إبْرَاهِيمُ وَدَاوُد وَسُلَيْمَانُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ فَجْأَةً وَفِي الْحَدِيثِ «مَوْتُ الْفَجْأَةِ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِ» (قَوْلُهُ: مَعِدِيٌّ) كَذَا فِي الْأَصْلِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ مِعَوِيٌّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِالْوَاوِ نِسْبَةٌ لِلْمِعَى وَهُوَ الصَّوَابُ لِحُلُولِهِ فِيهَا لَا فِي الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْمُدَاوَمَةِ) فَمَا يَأْتِي يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ غَيْرُ مَخُوفٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الْحَامِلُ إلَخْ) فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَامِلِ سِتَّةٍ مَعْطُوفًا عَلَى سِلٍّ، أَيْ: كَحَمْلِ حَامِلٍ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ هُوَ الْحَمْلُ إلَّا أَنَّهُ مَرَضٌ حُكْمًا.
(قَوْلُهُ: فَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ)، أَيْ: لَا عَلَى مَعْنَى فِي لِصِدْقِ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ فِي السِّتَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَتَتْ عَلَى جَمِيعِهَا)، أَيْ: بَلَغَتْ جَمِيعَهَا (قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ قُرِّبَ لِقَطْعٍ) وَحِينَئِذٍ يَرِدُ أَنَّ ابْنَ مَالِكٍ قَدْ قَالَ وَهِيَ، أَيْ: الْوَاوُ انْفَرَدَتْ
بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِيَ
…
مَعْمُولُهُ دَفْعًا لِوَهْمٍ اُتُّقِيَ
لَكِنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَمَذْهَبُ غَيْرِهِمْ جَوَازُ الْعَطْفِ بِأَوْ وَأَيْضًا إنَّمَا لَمْ يَقُلْ، أَوْ مَحْبُوسٍ لِقَطْعٍ؛ لِأَنَّ الْمَحْبُوسَ لِلْقَطْعِ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ خِلَافًا فَالظَّاهِرُ كَلَامُهُ وَاعْتُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُقْطَعَ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَقَدْ قَالُوا إنَّهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ يُؤَخَّرُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ خَشْيَةَ الْمَوْتِ عَلَيْهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ الْخَوْفُ الْمَوْهُومُ، وَأَمَّا الْخَوْفُ الْمَعْلُومُ أَوْ الْمَظْنُونُ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ الْقِصَاصُ لِأَجْلِهِ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ رُفِعَ لِحَاكِمٍ يَرَى قَطْعَهُ حِينَئِذٍ، أَوْ يَجْهَلُ ذَلِكَ.
وَأَجَابَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ بِأَنَّ الْخَوْفَ إنَّمَا حَدَثَ مِنْهُ وَأَدْرَكَهُ مِنْ الْجَزَعِ مَا يُدْرِكُ حَاضِرَ الزَّحْفِ فَحَكَمَ لَهُ بِحُكْمِهِ وَهَذَا أَشْبَهُ وَأَوْلَى وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ لِحِرَابَةٍ لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يُلْتَفَتَ إلَى الْخَوْفِ عَلَيْهِ وَأُقِيمَ الْحَدُّ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ إذْ أَحَدُ حُدُودِهِ الْقَتْلُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ كَانَ فِي النَّظَّارَةِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ: وَصَفُّ النَّظَّارَةِ) بِتَشْدِيدِ الظَّاءِ وَصَفُّ الرَّدِّ هُمْ الَّذِينَ يَرُدُّونَ مَنْ فَرَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ أَسْلِحَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ صَفُّ التَّهَيُّؤِ لِلْقِتَالِ قَبْلَ مُلَاقَاةِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: مُلْجِجٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ فِي سَفِينَةٍ، أَوْ عَائِمًا حَيْثُ أَحْسَنَهُ لَا غَيْرَ مُحْسِنٍ لَهُ فَكَمَرِيضٍ مَرَضًا مَخُوفًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَوْلُهُ: حُمَّى الرِّبْعِ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ وَهِيَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَكَذَا حُمَّى الثِّلْثِ وَمَرَضٌ وَجُذَامٌ وَفَالِجٌ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ الْحُمَّى الْمُطْبِقَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ الَّتِي لَا تَبْرَحُ، وَالْوِرْدُ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ، وَالْغِبُّ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا، وَالثِّلْثُ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ، وَالرِّبْعُ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ فَهِيَ عَكْسُ الثِّلْثِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مَحْذُوفَةً دُونَ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَحْمُومَ بِهَا يَأْخُذُ قُوتَهُ فِي يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ، وَالْحُمَّى الْخَفِيفَةُ لَيْسَتْ مَخُوفَةً بِحَالٍ، وَالرِّبْعُ، وَالثِّلْثُ، وَالْغِبُّ، وَالْوِرْدُ بِكَسْرِ أَوَّلِهَا اهـ.
وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ لَعَلَّ هُنَا حَذْفًا، وَالتَّقْدِيرُ وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَقُولُ لَك إنَّ الشَّارِحَ أَفَادَ أَوَّلًا أَنَّ الْحُمَّى الَّتِي عَدُّوهَا مِنْ الْمَخُوفَات مَا دَاوَمَتْ مَعَ كَوْنِهَا مُزْعِجَةً لِلْبَدَنِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَاوَمَةَ لَا مَعَ الْإِزْعَاجِ لَيْسَ مَخُوفًا وَيَقْتَضِي أَنَّ الْوِرْدَ، وَالثِّلْثَ وَغَيْرَهُمَا لَيْسَتْ مَخُوفَةً كَالرِّبْعِ فَلَا يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثِّلْثِ وَعِبَارَةُ شب لَا خَفِيفًا كَجَرَبٍ وَرَمَدٍ وَوَجَعِ الضِّرْسِ وَحُمَّى يَوْمٍ وَرِبْعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْعَمِيقُ) بِالْعَيْنِ بِالْمُهْمَلَةِ كَمَا فِي نُسْخَتِهِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ) صَادِقٌ بِأَنْ لَا مُعَاوَضَةَ أَصْلًا كَالْهِبَةِ