المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كيفية بيع مال المفلس - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٥

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌ شَرْطِ الْجَوَازِ وَدَوَامِ الْمِلْكِ مَعَ صِحَّتِهِ

- ‌[شُرُوطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ]

- ‌[الْجَمْعُ بَيْن بَيْع وَصَرْف فِي عَقْدٍ]

- ‌ مَا يَطْرَأُ عَلَى الصَّرْفِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ

- ‌ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ وَبِغَيْرِهِ

- ‌مَا تَخْلُو بِهِ الذِّمَمُ

- ‌[فَصَلِّ فِي الربا]

- ‌مَا يَكُونُ بِهِ الْجِنْسُ جِنْسَيْنِ وَمَا لَا يَكُونُ

- ‌[الْبُيُوع الْمُنْهِي عَنْهَا]

- ‌بَيْعِ الْغَرَرُ

- ‌بَيْعِ الْحَصَاةِ

- ‌بَيْعِ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ، أَوْ ظُهُورِهَا

- ‌[يَبِيعَ سِلْعَةً أَوْ يُؤَاجِرُهَا بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ]

- ‌ يُؤَاجِرَ فَحْلَهُ لِيَضْرِبَ الْأُنْثَى حَتَّى تَحْمِلَ

- ‌[بَيْعِ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ حَامِلٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ]

- ‌[بَيْعِ الْكَالِئِ بِالنَّقْدِ]

- ‌بَيْعِ الْعُرْبَانِ

- ‌بَيْعٍ وَشَرْطٍ

- ‌بَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ

- ‌ تَلَقِّي السِّلَعِ الْوَارِدَةِ لِبَلَدٍ مَعَ صَاحِبِهَا قَبْلَ وُصُولِ سُوقِهَا، أَوْ الْبَلَدِ

- ‌ خَاتِمَةٌ لِبَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[الْبِيَاعَات الَّتِي لَا نَصَّ فِيهَا مِنْ الشَّارِع]

- ‌ بَيْعُ السِّلْعَةِ بِذَهَبٍ وَشِرَاؤُهَا بِغَيْرِ صِنْفِهِ مِنْ نَحْوِ فِضَّةٍ، أَوْ عَكْسِهِ

- ‌ بَاعَ مِثْلِيًّا مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ طَعَامًا، أَوْ غَيْرَ طَعَامٍ، ثُمَّ اشْتَرَى مِثْلَهُ صِفَةً

- ‌بَيْعِ أَهْلِ الْعِينَةِ

- ‌[فَصْلٌ بَيْعُ الْخِيَارِ]

- ‌ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ بِخِيَارٍ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ مَانِعُ حَجْرٍ

- ‌[جُنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ طُولٍ يَضُرُّ بِالْآخَرِ الصَّبْرُ إلَيْهِ]

- ‌[الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالْأَرْشُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْجَانِي عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ]

- ‌ الْبَائِعَ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ

- ‌ بَيْعِ الِاخْتِيَارِ

- ‌خِيَارِ الْعَيْبِ

- ‌ يَفْعَلَ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا يَظُنُّ بِهِ الْمُشْتَرِي كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ

- ‌[مَوَانِعْ خِيَارَ النَّقِيصَةِ]

- ‌ تَنَازُعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْعَيْبِ أَوْ فِي سَبَبِ الرَّدِّ بِهِ

- ‌ الْبَائِعَ إذَا بَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي بَعْضَ الْعَيْبِ الْكَائِنِ فِي الْمَبِيعِ وَكَتَمَ بَعْضَهُ الْآخَرَ عَنْهُ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ

- ‌ اشْتَرَى أَمَةً وَوَلَدَهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِأَحَدِهِمَا

- ‌ تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي وُجُودِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ وَعَدَمِهِ

- ‌[الْبَائِعَ إذَا غَلِطَ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ]

- ‌ أُجْرَةَ كَيْلِ الْمَبِيعِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ وَزْنِهِ

- ‌ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ

- ‌ مُرَابَحَةُ الْبَيْعِ

- ‌[حُكْمِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَفَوْتِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِبَابِ التَّدَاخُلِ]

- ‌ بَيْعُ الْعَرَايَا

- ‌[بُطْلَانُ الْعَرِيَّة]

- ‌ زَكَاةُ الْعَرِيَّةِ

- ‌[فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِهِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌ الْخِيَارَ فِي السَّلَمِ

- ‌ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ

- ‌ اخْتِلَافَ الْخَيْلِ بِالسَّبْقِ

- ‌ سَلَمِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ فِي الْآخَرِ

- ‌ سَلَمَ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا

- ‌[السَّلَمِ فِي الرَّقِيقِ وَالْقَدِّ وَالْبَكَارَةِ وَاللَّوْنِ]

- ‌ السَّلَمُ فِي الصُّوفِ

- ‌ السَّلَمُ فِي الْجُزَافِ

- ‌ اقْتِضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ

- ‌[قَضَاء السَّلَمَ بِغَيْرِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ]

- ‌ إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ طَالِبًا، وَأَبَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ

- ‌[فَصْلٌ الْقَرْضُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌ الْمُقَاصَّةَ تَجُوزُ فِي دَيْنَيْ الْعَرَضِ

- ‌(بَابٌ ذِكْرُ الرَّهْنِ وَحْدَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ)

- ‌[رَهْنُ الْمَشَاعَ]

- ‌ رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ

- ‌ الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَا يَصِحُّ فِيهَا الرَّهْنُ

- ‌ الرَّاهِنَ إذَا أَخَذَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ غَصْبًا

- ‌ الْمُرْتَهِنَ إذَا وَكَّلَ مُكَاتَبَ الرَّاهِنِ فِي حَوْزِ الرَّهْنِ

- ‌[تَنَازَعَ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الرَّهْنِ]

- ‌ مَا يَكُونُ رَهْنًا بِالتَّبَعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ عَلَيْهِ

- ‌ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ فِي الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا فِي مَنْفَعَتِهِ

- ‌مَا تَكُونُ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُرْتَهِنِ

- ‌ رَهَنَ عَبْدَهُ، ثُمَّ دَبَّرَهُ

- ‌ ضَمَانِ الرَّهْنِ

- ‌ أَحْوَالُ الرَّهْنِ

- ‌[بَابٌ التفليس]

- ‌ التَّفْلِيسِ الْخَاصِّ

- ‌ أَحْكَامِ الْحَجْرِ

- ‌ كَيْفِيَّةَ بَيْعِ مَالِ الْمُفَلَّسِ

- ‌ أَسْبَابِ الْحَجْرِ

- ‌[عَلَامَات الْبُلُوغ]

- ‌ وَصِيَّةُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ

- ‌ الْحَجْرَ عَلَى الْأُنْثَى

- ‌[مَنْ هُوَ الْوَلِيّ]

- ‌[مَنْ يَتَوَلَّى الْحَجْر وَيْحُكُمْ فِيهِ]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الرَّقِيقُ]

- ‌[الْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيض]

- ‌ حَجْرُ الزَّوْجِيَّةِ

الفصل: ‌ كيفية بيع مال المفلس

أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَجَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ لَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ، وَقَوْلُهُ: لِلدِّيَةِ، أَيْ: عَلَى الدِّيَةِ أَيْ عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ انْتِزَاعُ مَالِ رَقِيقِهِ الْمُتَقَدِّمِ نَعَمْ إنْ اخْتَارَ هُوَ ذَلِكَ جَازَ عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ، أَيْ: جَازَ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَ مَالَ مَنْ يَنْتَزِعُ مَالَهُ كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ، وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ إنْ لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ فَإِنْ مَرِضَ، أَوْ قَرُبَ الْأَجَلُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِزَاعُ، وَلَا يَلْزَمُهُ اعْتِصَارُ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، أَوْ الْكَبِيرِ قَبْلَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ إذْ مَا وَهَبَهُ لَهُ بَعْدَ الْإِحَاطَةِ لَهُمْ رَدُّهُ، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ اسْتَعْمَلَ الِانْتِزَاعَ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ انْتِزَاعُ مَالِ رَقِيقِهِ وَمَجَازِهِ وَهُوَ انْتِزَاعُ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ فِيهِ اعْتِصَارٌ فَإِطْلَاقُ الِانْتِزَاعِ عَلَى هَذَا مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلُّغَةِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ الِانْتِزَاعُ فِيهِمَا.

، ثُمَّ أَخَذَ يُبَيِّنُ‌

‌ كَيْفِيَّةَ بَيْعِ مَالِ الْمُفَلَّسِ

مِنْ اسْتِينَاءٍ وَتَعْجِيلٍ فَذَكَرَ مَا يُعَجَّلُ بَيْعُهُ لَكِنْ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ وَمَا يُطَالَبُ بِاسْتِينَائِهِ وَسَكَتَ عَمَّا لَا يُسْتَأْنَى بِهِ مِمَّا يُخْشَى فَسَادُهُ كَطَرِيِّ لَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ فَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ إلَّا كَسَاعَةٍ، وَأَمَّا يَسِيرُ الْعَرَضِ كَسَوْطٍ وَدَلْوٍ فَيُبَاعُ مِنْ حِينِهِ فَقَالَ مُشِيرًا إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ

(ص) وَعُجِّلَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ (ش) الْمُرَادُ بِالتَّعْجِيلِ أَنَّهُ لَا يُسْتَأْنَى بِهِ كَمَا يُسْتَأْنَى بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَعَرَضِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِينَاءِ بِالْحَيَوَانِ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ سَرِيعُ التَّغَيُّرِ وَيَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ وَفِي ذَلِكَ نَقْصٌ لِمَالِ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّعْجِيلِ أَنَّهُ يُبَاعُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ أَصْلًا، وَلَا أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا خِيَارٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا تَوَهَّمَهُ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ

(ص) وَاسْتُؤْنِيَ بِعَقَارِهِ كَالشَّهْرَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ لَا يَتَعَجَّلُ بِبَيْعِ عَقَارِهِ أَيْ وَعُرُوضِهِ الَّتِي لَا يَخْشَى فَسَادَهَا، وَلَا تَغَيُّرَهَا بَلْ يُسْتَأْنَى بِهِ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ الشَّهْرَيْنِ وَمَا قَارَبَهُمَا، ثُمَّ يُبَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ وَكُلْفَةٍ

(ص) وَقُسِمَ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ (ش)، أَيْ: وَقُسِمَ مَالُ الْمُفَلَّسِ الْمُجْتَمِعِ مِنْ أَثْمَانِ مَا بِيعَ، وَنَاضَّهُ إنْ كَانَ إمَّا بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ بِأَنْ يُنْسَبَ كُلُّ دَيْنٍ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ فَلَوْ كَانَ لِشَخْصٍ مِائَةٌ وَلِآخَرَ خَمْسُونَ وَلِآخَرَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ فَنِسْبَةُ دَيْنِ الْأَوَّلِ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ ثُلُثٌ فَيَأْخُذُ أَرْبَعِينَ وَنِسْبَةُ الثَّانِي سُدُسٌ فَيَأْخُذُ عِشْرِينَ وَنِسْبَةُ الثَّالِثِ النِّصْفُ فَيَأْخُذُ سِتِّينَ وَيَحْتَمِلُ طَرِيقًا آخَرَ وَهُوَ نِسْبَةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ لِجُمْلَةِ الدُّيُونِ وَطَرِيقُ ذَلِكَ أَنْ تُعْلَمَ كَمِّيَّةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ، ثُمَّ تُعْلَمَ كَمِّيَّةُ الدُّيُونِ اللَّازِمَةِ لِذِمَّتِهِ، ثُمَّ يُنْسَبَ مَالُ الْمُفَلَّسِ إلَى مَجْمُوعِ الدُّيُونِ فَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ كُلُّ غَرِيمٍ مِنْ دَيْنِهِ مَثَلًا لَوْ كَانَ جَمِيعُ مَالِ الْمُفَلَّسِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَجَمِيعُ الدُّيُونِ أَرْبَعُونَ فَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ إلَى الْأَرْبَعِينَ النِّصْفُ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ نِصْفَ دَيْنِهِ وَقَوْلُنَا اللَّازِمَةِ لِذِمَّتِهِ يُخْرِجُ الْكِتَابَةَ فَلَا يُحَاصَصُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ لَازِمٍ فَلِهَذَا لَوْ كَاتَبَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَفَلَّسُوهُ وَاقْتَسَمُوا مَالَهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ لَا يُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالْكِتَابَةِ لِمَا مَرَّ بَلْ وَإِنْ وَفَّى عَتَقَ وَإِنْ عَجَزَ رَقَّ فَقَوْلُهُ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ جَعَلَهُ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، أَيْ: بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ، أَيْ: بِقَدْرِ نِسْبَةِ الدُّيُونِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ وَجَعَلَهُ الشَّارِحُ لِمَفْعُولِهِ، وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ، أَيْ: بِنِسْبَتِهِ لِلدُّيُونِ فَكَلَامُهُ مُحْتَمِلٌ لِلطَّرِيقَتَيْنِ لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي طَرِيقَةِ صَاحِبِ التَّكْمِلَةِ

(ص) بِلَا بَيِّنَةِ حَصْرِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَسْمَ عَلَى غُرَمَاءِ الْمُفَلَّسِ، أَوْ الْمَيِّتِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إثْبَاتِ أَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

لِلْمُقْتَرَضِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ الطَّالِبُ يَقْصِدُ نَفْعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ اخْتَارَ إلَخْ) فَإِذَا اُنْتُزِعَ أَخَذُوهُ بِخِلَافِ حَبْسِ شَرْطِ مُحْبِسِهِ لِمُحْبَسٍ عَلَيْهِ بَيْعُهُ إنْ شَاءَ فَلَهُمْ بَيْعُهُ وَإِنْ أَبَى هُوَ لِقُوَّةِ شَبَهِهِ بِبَاقِي عُرُوضِهِ بِجَامِعِ أَنَّ لَهُ بَيْعَ كُلٍّ بِخِلَافِ رَقِيقِهِ الْمَذْكُورِ لِمَا فِيهِ مِنْ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ)، أَيْ: مِنْ الْقَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ إلَخْ) أَقُولُ لَيْسَ هُنَاكَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ بَلْ فِي حَقِيقَتِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِصَارَ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزَيْئَاتِ الِانْتِزَاعِ فَغَايَةُ مَا هُنَاكَ أَنَّهُ عَبَّرَ بِالِانْتِزَاعِ الَّذِي هُوَ كُلِّيٌّ شَامِلٌ وَاسْتِعْمَالُ الْكُلِّيِّ فِي فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ مِنْ حَيْثُ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ لَا مَجَازٌ.

[كَيْفِيَّةَ بَيْعِ مَالِ الْمُفَلَّسِ]

(قَوْلُهُ: الْأَيَّامُ الْيَسِيرَةُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوُهَا (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِهِ)، أَيْ: مِنْ غَيْرِ اسْتِينَاءٍ (قَوْلُهُ: صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ) هُوَ النُّوَيْرِيُّ، أَيْ: تَكْمِلَةِ الْبِسَاطِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ الشَّرْحَ (قَوْلُهُ: وَاسْتُؤْنِيَ) الظَّاهِرُ وُجُوبُ الِاسْتِينَاءِ الْمَذْكُورِ، وَالْأَخِيرُ الْمُفَلَّسُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ، وَلَا يَضْمَنُ الْحَاكِمُ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي سِلَعِ الْمُفَلَّسِ حَيْثُ بَاعَهَا الْحَاكِمُ بِغَيْرِ اسْتِينَاءٍ إذَا أَمْضَى الْمُفَلَّسُ بَيْعَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ مُحَقَّقَةً حِينَ بَيْعِ الْحَاكِمِ، وَالذِّمَّةُ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ.

(قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهُمَا) حَيْثُ إنَّ الْكَافَ تَكُونُ غَيْرَ اسْتِقْصَائِيَّةٍ تُدْخِلُ الثَّالِثَ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ، وَقَوْلُهُ: وَقُسِمَ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ وَيَحْتَمِلُ طَرِيقًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ تُقْسَمَ مَالُ الْمَدِينِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ جَزْءُ السَّهْمِ فَاضْرِبْ فِيهِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ يَخْرُجُ مَنَابُهُ فِي الْحِصَاصِ كَأَنْ يَكُونَ مَالُ الْمَدِينِ اثْنَيْ عَشَرَ وَعَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ كُلُّ رَجُلٍ سِتَّةٌ فَإِذَا قُسِمَتْ اثْنَيْ عَشَرَ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يَخْرُجُ نِصْفٌ فَاضْرِبْ فِيهِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ يَخْرُجُ ثَلَاثَةٌ هِيَ مَنَابُهُ فِي الْحِصَاصِ.

(قَوْلُهُ: لِفَاعِلِهِ) أَرَادَ بِهِ نَائِبَ الْفَاعِلِ، أَوْ وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ النِّسْبَةِ الِانْتِسَابُ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ الدُّيُونَ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ بَلْ نَسَبَ كُلَّ دَيْنٍ إلَى مَجْمُوعِ الدُّيُونِ، وَقَوْلُهُ: لِمَفْعُولِهِ أَيْ الَّذِي هُوَ الدُّيُونُ، وَالْمَنْسُوبُ هُوَ مَالُ الْمُفَلَّسِ هَذَا مَعْنَاهُ (أَقُولُ) بَلْ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَنْسُوبُ كُلَّ دَيْنٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ مِنْ

ص: 271

الْحَاكِمَ لَا يَقْسِمُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُكَلِّفَهُمْ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِحَصْرِهِمْ وَمَوْتِ مُورِثِهِمْ وَتَعَدُّدِهِمْ مِنْ الْمَيِّتِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ عَدَدَهُمْ مَعْلُومٌ لِلْجِيرَانِ، وَالْأَصْدِقَاءِ وَأَهْلِ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِمْ، وَالدُّيُونُ يُقْصَدُ إخْفَاؤُهَا غَالِبًا

(ص) وَاسْتُؤْنِيَ بِهِ إنْ عُرِفَ بِالدَّيْنِ فِي الْمَوْتِ فَقَطْ (ش) الضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلْقَسْمِ، وَقَوْلُهُ: فَقَطْ، أَيْ: لَا فِي الْفَلَسِ بِالِاجْتِهَادِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يُعَجِّلُ بِقَسْمِ مَالِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بَلْ يَسْتَأْنِي بِهِ لِاحْتِمَالِ طُرُوِّ غَرِيمٍ آخَرَ حَتَّى يَجْتَمِعَ الْغُرَمَاءُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ بَقَاءُ ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ دُونَ الْمَيِّتِ لَكِنْ فِي غَيْرِ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ أَمَّا بَعِيدُ الْغَيْبَةِ فَيُتَّفَقُ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِينَاءِ بِهِ إذَا خَشِيَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَفِي مَفْهُومٌ فِي الْمَوْتِ فَقَطْ تَفْصِيلٌ، أَوْ أَنَّ فَقَطْ ظَرْفٌ وَالْمُؤَلِّفُ لَا يَعْتَبِرُ مَفْهُومَهُ.

(ص) وَقَوَّمَ مُخَالِفَ النَّقْدِ يَوْمَ الْحِصَاصِ وَاشْتَرَى لَهُ مِنْهُ بِمَا يَخُصُّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ لِأَحَدِ غُرَمَائِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَلِأَحَدِهِمْ عَرَضٌ وَلِأَحَدِهِمْ طَعَامٌ مَثَلًا فَإِنَّ مَا خَالَفَ النَّقْدَ مِنْ مُقَوَّمٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ يُقَوَّمُ يَوْمَ قَسْمِ الْمَالِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِيَوْمِ الْحِصَاصِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْعَرَضِ كَذَلِكَ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةً فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَثْلَاثًا فَيَأْخُذُ صَاحِبُ النَّقْدِ ثُلُثَ الْمِائَةِ وَلِكُلٍّ مِنْ صَاحِبَيْ الطَّعَامِ، وَالْعَرَضِ كَذَلِكَ فَيُعْطِي لِصَاحِبِ النَّقْدِ مَنَابَهُ وَيَشْتَرِي لِصَاحِبِ الْعَرَضِ مِمَّا نَابَهُ مِنْ صِفَةِ عَرَضِهِ وَلِصَاحِبِ الطَّعَامِ كَذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَاشْتَرَى لَهُ أَيْ لِصَاحِبِ مُخَالِفِ النَّقْدِ مِنْهُ، أَيْ: مِنْ جِنْسِ مَالِهِ وَصِفَتِهِ بِمَا يَخُصُّهُ فِي الْحِصَاصِ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ وَهَذَا مِنْ الْمُشَاحَّةِ، وَأَمَّا مَعَ التَّرَاضِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي

(ص) وَمَضَى إنْ رَخُصَ، أَوْ غَلَا (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لِلْغَرِيمِ بِمَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ مِثْلَ مَالِهِ مِنْ عَرَضٍ وَطَعَامٍ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ شِرَاءٌ لِلْعَرَضِ، وَالطَّعَامِ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ فَاشْتَرَى لَهُ بِمَا خَصَّهُ نِصْفَ الطَّعَامِ، وَالْعَرَضِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ، أَوْ مَا يُوَفِّي دَيْنَهُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى الْمُفَلَّسِ عَشَرَةُ أَرَادِبَ، أَوْ عَشَرَةُ ثِيَابٍ فَنَابَهُ ثُلُثُ قِيمَةِ ذَلِكَ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ مِنْ الْمِائَةِ الْمُقَوَّمِ بِهَا فَلَمْ يَشْتَرِ لَهُ بِذَلِكَ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ فَاشْتَرَى بِذَلِكَ خَمْسَةَ أَرَادِبَ، أَوْ خَمْسَةَ ثِيَابٍ، أَوْ عَشَرَةً فَإِنَّهُ يَمْضِي فِيمَا بَيْنَ رَبِّ الدَّيْنِ وَفِيمَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ فَلَيْسَ لَهُمْ عَلَيْهِ رُجُوعٌ فِي الرُّخْصِ بَلْ يَفُوزُ بِنِصْفِ دَيْنِهِ، أَوْ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ دُونَهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا نُحَاصِصُك فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ دَيْنِك بَلْ يَخْتَصُّ بِمَا حَطَّهُ الرُّخْصُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى دَيْنِهِ فَلْيَرُدَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِمْ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا مَثَلًا كَمَالٍ طَرَأَ وَكَذَلِكَ يَمْضِي لَوْ لَمْ يَحْصُلْ شِرَاء لِلْعَرَضِ، أَوْ الطَّعَامِ حَتَّى غَلَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ مِقْدَارَ خُمُسِ دَيْنِهِ فَلَيْسَ لِمَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرَضُ أَنْ يَقُولَ أَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِمَا نَقَصَ عَنْ ثُلُثِ دَيْنِي الَّذِي نَابَنِي فِي الْحِصَاصِ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّحَاسُبُ بَيْنَ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ، أَوْ الْعَرَضُ وَبَيْنَ الْمُفَلَّسِ فَيَسْقُطُ مَا زَادَهُ الرُّخْصُ عَنْ الْمُفَلَّسِ مِنْ دَيْنِ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ، أَوْ الْعَرَضُ وَفِي الْغَلَاءِ يَتْبَعُهُ بِمَا نَقَصَ لِأَجْلِ الْغَلَاءِ مِنْ دَيْنِهِ فَيَصِيرُ لِمَنْ لَهُ الطَّعَامُ، أَوْ الْعَرَضُ فِي الرُّخْصِ فِي الْمِثَالِ نِصْفُ الْأَرَادِبِ، أَوْ الثِّيَابِ وَيَبْقَى لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ فِي الْغَلَاءِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دَيْنِهِ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرَادِبَ، أَوْ أَثْوَابٍ

(ص) وَهَلْ يَشْتَرِي فِي شَرْطِ جَيِّدٍ أَدْنَاهُ أَوْ وَسَطَهُ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ لَهُ عِنْدَ مَنْ فُلِّسَ سَلَمٌ وَقَدْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ نَوْعًا جَيِّدًا، ثُمَّ قَوَّمَ لَهُ عَلَى حَسَبِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ

ــ

[حاشية العدوي]

الدُّيُونِ الْمَجْمُوعُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فَهِيَ الْمَنْسُوبُ إلَيْهَا قَطْعًا وَيَكُونُ الْمَنْسُوبُ مَحْذُوفًا وَهُوَ إمَّا كُلُّ دَيْنٍ وَإِمَّا مَالُ الْمُفَلَّسِ وَإِنْ أُرِيدَ الْكُلِّيَّةُ، أَيْ: كُلُّ فَرْدٍ يَكُونُ وَاقِعًا عَلَى الْمَنْسُوبِ وَيَكُونُ حَذْفَ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ الَّذِي هُوَ مَجْمُوعُ الدُّيُونِ فَقَوْلُ الشَّارِح لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي طَرِيقِ صَاحِبِ التَّكْمِلَةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَتَعَدُّدُهُمْ)، أَيْ: مَرْتَبَتُهُمْ مِنْ الْمَيِّتِ كَأَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ، أَوْ ابْنِ أَخِيهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَدَدَهُمْ مَعْلُومٌ لِلْجِيرَانِ) أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يُعْلَمَ لِلْجِيرَانِ فَيُمْكِنُ الشَّهَادَةُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالدُّيُونُ يُقْصَدُ إخْفَاؤُهَا غَالِبًا) فَإِنْ قُلْت: شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِحَصْرِ الْوَرَثَةِ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ وَهِيَ لَا تَجُوزُ لِلتَّعَذُّرِ قُلْت النَّفْيُ الْمَحْصُورُ لَا تَعَذُّرَ فِيهِ وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِهِ كَلِيسِ لِزَيْدٍ أَوْلَادٌ غَيْرَ هَؤُلَاءِ وَمِنْ الْمَحْصُورِ لَيْسَ لِزَيْدٍ عِنْدَ عَمْرٍو دَيْنٌ وَلَيْسَ فِي الْبَلَدِ فَرَسٌ، وَأَمَّا لَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدَ عَمْرٍو دَيْنٌ فَمِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُؤْنِيَ) ، أَيْ: وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: إذَا خَشِيَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ)، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْشَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ وَأَرَادَ بِالْبَعِيدَةِ مَا قَابَلَ الْقَرِيبَةَ فَشَمِلَتْ الْمُتَوَسِّطَةَ كَذَا يَظْهَرُ وَظَاهِرُهُ الِاسْتِينَاءُ مَعَ الْخَشْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالدَّيْنِ فَلَيْسَ كَالْمَيِّتِ فِي هَذَا (قَوْلُهُ: فَفِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَقَطْ تَفْصِيلٌ) أَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ لَا ظُهُورَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى فَقَطْ فَحَسْبُ، وَالْمَعْنَى عُرِفَ بِالدَّيْنِ لَا غَيْرُ فَكَيْفَ يُعْقَلُ التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ فَقَطْ ظَرْفٌ) فِيهِ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ قَطُّ ظَرْفٌ لِلزَّمَانِ الْمَاضِي تَقُولُ مَا فَعَلْته قَطُّ، أَيْ: فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي، وَأَمَّا هُنَا فَالظَّاهِرُ لِكَوْنِهِ أَتَى بِالْفَاءِ أَنَّهَا بِمَعْنَى أَنْتَهِ، وَلَا تَكُونُ ظَرْفًا إلَّا إذَا تَجَرَّدَتْ مِنْ الْفَاءِ رَاجِعْ الْمُغْنِيَ، أَوْ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ: وَقُوِّمَ مُخَالِفُ النَّقْدِ) ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ عَرَضًا وَاخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ، أَوْ طَعَامًا كَذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ اتَّفَقَتْ صِفَتُهُ فَلَا يُقَوَّمُ حَيْثُ وَافَقَ مَالُ الْمُفَلَّسِ مَا عَلَيْهِ صِفَةٌ أَيْضًا كَأَنْ اخْتَلَفَا وَسَلَكَ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ بِنِسْبَةِ كُلِّ دَيْنٍ لِجُمْلَتِهَا فَإِنْ سَلَكَ فِيهِ نِسْبَةَ مَا عِنْدَهُ لِمَا عَلَيْهِ قُوِّمَ وَبِيعَ مَا عِنْدَهُ وَاشْتُرِيَ بِهِ صِنْفُ مَا عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: يَوْمَ الْحِصَاصِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ ضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: إنْ رَخُصَ، أَوْ غَلَا)، أَيْ: مَا يُشْتَرَى الْمَفْهُومُ مِنْ اشْتَرَى

ص: 272

وَنَابَهُ شَيْءٌ مِنْ النَّقْدِ فَهَلْ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ بِأَدْنَى أَنْوَاعِ الْجَيِّدِ رِفْقًا بِالْمُفَلَّسِ أَوْ يَشْتَرِي لَهُ أَوْسَطَ أَنْوَاعِ الْجَيِّدِ وَهُوَ الْعَدْلُ بَيْنَ الْمُفَلَّسِ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ إذْ الْأَعْلَى ظُلْمُ الْمُفَلَّسِ، وَالْأَدْنَى ظُلْمٌ عَلَى الْمُسَلِّمِ قَوْلَانِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ فُلِّسَ الْأَدْنَى فَهَلْ يَشْتَرِي لَهُ بِمَا نَابَهُ أَدْنَى الْأَدْنَى، أَوْ وَسَطَهُ قَوْلَانِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فَإِنْ قُلْت: قَوْلُهُ: فِي السَّلَمِ وَحَمَلَ فِي الْجَيِّدِ، وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْوَسَطُ يُخَالِفُ مَا هُنَا قُلْت: مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَمْ يُفْلِسْ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: وَاشْتَرَى لَهُ بِمَا خَصَّهُ يُوهِمُ وُجُوبَ الشِّرَاءِ وَمَنْعَ أَخْذِ مَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ مُشَاحَّةِ الْغُرَمَاءِ أَمَّا لَوْ تَرَاضَوْا عَلَى أَخْذِ مَا نَابَهُ بِمَنَابِهِ مِنْ دَيْنِهِ وَيَبْقَى لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ مِنْ الطَّعَامِ، أَوْ الْعُرُوضِ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ لَمْ يَمْتَنِعْ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ الثَّمَنُ إلَّا لِمَانِعٍ كَالِاقْتِضَاءِ (ش)، أَيْ: وَجَازَ لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ مُخَالِفُ النَّقْدِ أَخَذَ الثَّمَنَ الَّذِي نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ دُونَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عُرُوضٍ إلَّا لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ كَالْمَانِعِ الْمُعْتَبَرِ فِي بَابِ الِاقْتِضَاءِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً وَأَنْ يُسْلِمَ فِيهِ رَأْسَ الْمَالِ فَلَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ هَذَا الْغَرِيمِ عَرَضًا أَسْلَمَهُ فِي عَرَضٍ كَعَبْدٍ مَثَلًا فِي ثَوْبَيْنِ فَحَصَلَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ قِيمَةُ ثَوْبٍ وَبَقِيَ لَهُ ثَوْبٌ جَازَ لَهُ أَخْذُ تِلْكَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ أَمْرِهِ أَنَّهُ دَفَعَ عَبْدًا فِي عَيْنٍ وَثَوْبٍ، وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِهِ ذَهَبًا وَنَابَهُ فِي الْحِصَاصِ فِضَّةٌ، أَوْ الْعَكْسُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ الشِّرَاءُ لَهُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَالْبَيْعِ، وَالسَّلَفِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ أُسْلِمَ فِي طَعَامٍ.

وَلَمَّا كَانَتْ زَوْجَةُ الْمُفَلَّسِ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا مِنْ جُمْلَةِ الْغُرَمَاءِ وَلَهَا حُكْمُهُمْ فِي الْحِصَاصِ وَحُلُولُ الْمُؤَجَّلِ مِنْ مَهْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحُقُوقِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَحَاصَّتْ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ وَبِصَدَاقِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ زَوْجَةَ الْمُفَلَّسِ تُحَاصِصُ غُرَمَاءَهُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ تَسَلَّفَتْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا مُوسِرًا حِينَ إنْفَاقِهَا الْمَذْكُورِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي فُلِّسَ بِسَبَبِهِ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَلَا تَرْجِعُ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ تُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا عَلَى الْمُفَلَّسِ وَلَوْ فُلِّسَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ حَلَّ بِفَلَسِهِ فَإِذَا حَاصَصَتْ بِصَدَاقِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُحَاصَّةِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَيْ: وَتُحَاصِصُ فِيمَا رَدَّتْهُ فَإِذَا كَانَ الصَّدَاقُ مِائَةً وَحَاصَّتْ بِهَا فَنَابَهَا خَمْسُونَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَدَّتْ لِلْغُرَمَاءِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ صَدَاقَهَا خَمْسُونَ وَأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الْحِصَاصَ إلَّا بِهَا وَتَكُونُ فِي الْخَمْسَةِ، وَالْعِشْرِينَ الَّتِي رَدَّتْهَا أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْحِصَاصِ فَإِنَّهَا تُحَاصِصُ بِنِصْفِ صَدَاقِهَا، وَقَوْلُهُ:(كَالْمَوْتِ) تَشْبِيهٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ تُحَاصِصُ بِنَفَقَتِهَا وَبِجَمِيعِ الصَّدَاقِ فِي الْمَوْتِ

(ص) لَا بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ (ش) أَيْ فَلَا تُحَاصِصُ بِهَا لَا فِي الْمَوْتِ، وَلَا فِي الْفَلَسِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: قُلْت: مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ إذَا لَمْ يُفْلِسْ، أَيْ: وَأَمَّا هُنَا فِي السَّلَمِ إلَّا أَنَّهُ فَلَسٌ فَلِلْفَلَسِ حُكْمٌ غَيْرُ الْحُكْمِ الَّذِي فِي غَيْرِ الْفَلَسِ وَأُجِيبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ هُنَا إذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبًا وَمَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَ غَالِبًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ) مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيَأْخُذُ الْفِضَّةَ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ صَرَفَ مَا فِي الذِّمَّةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَالْبَيْعُ، وَالسَّلَفُ) إنَّمَا يَكُونُ هَذَا عَلَى تَقْدِيرُ أَنْ يَكُونَ دَفَعَ دِينَارَيْنِ عَلَى ثَوْبَيْنِ وَنَابَهُ فِي الْحِصَاصِ دِينَارٌ وَبَقِيَ لَهُ ثَوْبٌ.

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي إلَخْ) وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهَا الْمُتَأَخِّرَةُ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ النَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ زَمَنَهُ لِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابَلَةً لِابْنِ دِينَارٍ تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الصَّدَاقِ إنْ صَارَ لَهَا فِي الْمُحَاصَّةِ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ (قَوْلُهُ: رُدَّتْ لِلْغُرَمَاءِ) مَثَلًا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ مِائَتَانِ لِرَجُلَيْنِ وَصَدَاقُ الْمَرْأَةِ مِائَةٌ، ثُمَّ فُلِّسَ وَمَالُهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَحَاصَّتْ فَنَابَهَا خَمْسُونَ، ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَتَأْخُذُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي الْمِثَالِ يَأْخُذُ نِصْفَ دَيْنِهِ فَكَأَنَّ الْخَمْسَةَ، وَالْعِشْرِينَ الْفَاضِلَةَ كَمَالٍ طَرَأَ فَيُوقِعُونَ فِيهَا الْمُحَاصَّةَ فَنَقُولُ فَضَلَ لِكُلٍّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ خَمْسُونَ وَلَهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَالْجُمْلَةُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَنِسْبَةُ الطَّارِئِ لِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ الْفَاضِلِ الْخَمْسُ فَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ بِخُمُسِ دَيْنِهِ الْفَاضِلِ فَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ عَشَرَةً وَهِيَ خُمُسُ الْخَمْسِينَ وَتَأْخُذُ الْمَرْأَةُ خَمْسَةً؛ لِأَنَّهُ خُمُسُ دَيْنِهَا وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَنْكُوحَةً نِكَاحَ تَفْوِيضٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَفُلِّسَ فَهَلْ لَهَا أَنْ تُحَاصِصَ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى تَقْدِيرِ الدُّخُولِ، ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ تَرُدُّهُ، أَوْ لَا تُحَاصِصُ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ، أَوْ مَاتَتْ لَا شَيْءَ لَهَا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ) ظَاهِرُ ذَلِكَ التَّعْلِيلِ مَعَ مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ مِنْ رُجُوعِهِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ أَنَّهَا لَا تُحَاصِصُ فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ مُطْلَقًا حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ أَمْ لَا أَنْفَقَتْ مِنْ عِنْدِهَا، أَوْ تَسَلَّفَتْ بَلْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ أَيْضًا عَلَى الْوَالِدِ مُطْلَقًا، أَيْ: كَمَا أَنَّهَا تُحَاصِصُ لَا تَرْجِعُ، وَلَكِنْ فِي عب وَشب بَعْدَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ قَالَا مَا نَصُّهُ لَكِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهَا إنْ أَيْسَرَ حَالَ إنْفَاقِهَا؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَالْحَاصِلُ عَلَى كَلَامِ عب وَشب أَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُحَاصِصُ لَكِنْ تَرْجِعُ لِذَلِكَ التَّعْلِيلِ، وَقَوْلُهُ: كَذَلِكَ نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ، أَيْ: نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى أَبَوَيْهِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَهَذَا خِلَافُ مَا لِلزَّرْقَانِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ مَحَلُّ كَوْنِهَا لَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ مَا لَمْ تَكُنْ بِقَضِيَّةٍ وَأَنْفَقَتْ وَهُوَ مَلِيءٌ، وَإِلَّا حَاصَّتْ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَتَسَلَّفْهَا فَصَارَ الْحَاصِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْوَلَدِ تُحَاصِصُ بِهَا عِنْدَ الْقَضِيَّةِ، وَالْيُسْرِ تَسَلَّفَتْ أَمْ لَا وَأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْأَبَوَيْنِ تُحَاصِصُ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ ثَالِثٍ وَهُوَ إنْ تَسَلَّفَتْ

ص: 273

وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ وَتَسَلَّفَتْ وَكَانَ مَلِيئًا فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تُحَاصِصُ بِهَا.

(ص) وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ وَإِنْ قَبْلَ فَلَسِهِ رَجَعَ بِالْحِصَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ أَوْ الْمَيِّتَ إذَا قَسَمَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ سَوَاءٌ عَلِمَ الْغُرَمَاءُ بِهِ أَمْ لَا وَلَمْ تَعْلَمْ الْوَرَثَةُ بِالدَّيْنِ وَلَيْسَ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالْمُدَايَنَةِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَنُوبُهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَلَا يَأْخُذُ مَلِيئًا عَنْ مُعْدِمٍ، وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ، وَلَا حَيًّا عَنْ مَيِّتٍ فَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ عَشَرَةً مَثَلًا وَعَلَيْهِ لِثَلَاثَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ أَحَدُهُمْ غَائِبٌ فَاقْتَسَمَ الْحَاضِرَانِ مَالَهُ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِوَاحِدٍ وَثُلُثَيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَتْ سِلْعَةٌ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ، أَوْ الْمَيِّتِ بَعْدَ الْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ، أَوْ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ يَدِهِ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي كَانَتْ تَنُوبُهُ فِي الْحِصَاصِ فَقَطْ فَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِينَارًا مَثَلًا لِاثْنَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ إلَّا سِلْعَتَانِ فَبِيعَتْ كُلُّ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ غَرِيمَيْهِ عَشَرَةً عَلَى قَدْرِ دَيْنِهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ إحْدَى السِّلْعَتَيْنِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ يَدِهِ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ؛ لِأَنَّهُ غَرِيمٌ طَرَأَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُفَلَّسُ حَيْثُ كَانَ دَيْنُهُ مُسَاوِيًا لِمَا بِيَدِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لَحَّ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا حِينَ التَّفْلِيسِ تَنْقُصُ عَنْ عِشْرِينَ، ثُمَّ زَادَتَا حِينَ الْبَيْعِ إلَى بُلُوغِهِمَا عِشْرِينَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ ظَهَرَ دَيْنٌ عَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ حَاضِرًا لِلْقَسْمِ سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ لَهُ مِنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ بِبَقَاءِ مَا يَنُوبُهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى كَوْنِ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ رُبَّمَا يَقُولُونَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ السِّلْعَةُ اقْتَسَمْنَا مَالَ الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّ دَيْنَك لَمْ يَصِلْ إلَيْنَا وَلَمْ نَنْتَفِعْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ طَرَأَ بَعْدَ التَّفْلِيسِ

(ص) كَوَارِثٍ، أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْحُكْمِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَارِثَ إذَا طَرَأَ عَلَى الْوَرَثَةِ، أَوْ الْمُوصَى لَهُ إذَا طَرَأَ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ الْحُكْمُ سَوَاءٌ وَهُوَ أَنَّ الطَّارِئَ يَرْجِعُ عَلَى كُلٍّ بِمَا يَخُصُّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لِلْقِسْمَةِ فَلَا يَأْخُذُ مَلِيئًا عَنْ مُعْدِمٍ، وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ، أَوْ عَلِمَ وَارِثُهُ وَأُقْبِضَ رَجَعَ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا كَانَ مُشْتَهِرًا بِالدَّيْنِ، أَوْ عَلِمَ وَارِثُهُ أَوْ وَصِيُّهُ بِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ فَتَعَدَّى الْوَارِثَ أَوْ الْوَصِيَّ وَأَقْبَضَ التَّرِكَةَ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّ الطَّارِئَ مِنْ الْغُرَمَاءِ يَرْجِعُ عَلَى الْوَارِثِ، أَوْ عَلَى الْوَصِيِّ فَيَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ حَقِّهِ لِتَعَدِّيهِ بِالْقَسْمِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَارِثُ، أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ قَبَضُوا، أَوْ لَا بِقَدْرِ مَا أَخَذَهُ هَذَا الطَّارِئُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي أَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَشْتَهِرْ مُورِثُهُ بِالدَّيْنِ فَهُوَ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ رَجَعَ بِالْحِصَّةِ، وَلَا رُجُوعَ لِلطَّارِئِ عَلَى الْوَارِثِ وَإِنَّمَا رُجُوعُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ (ص) وَأَخَذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ مِيرَاثًا، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ لَا بِقَيْدِ الْعِلْمِ، وَالشُّهْرَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدِمِ، وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ، وَالْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ دَيْنَ الطَّارِئِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ الْمَلِيءُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ الْمَلِيءَ يَقُولُ لِهَذَا الْغَرِيمِ الطَّارِئِ لَيْسَ لَك عَلَيَّ رُجُوعٌ إلَّا بِقَدْرِ مَا قَبَضْته فَقَطْ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ هَذَا الطَّارِئُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرِيمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَارِثِ إذْ لَا إرْثَ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَهَرَ إلَخْ هَذَا فِي الْوَارِثِ الْمُقْبَضِ، وَأَمَّا الْوَارِثُ الْقَابِضُ فَلَا تَفْصِيلَ فِيهِ بَيْنَ عِلْمٍ وَعَدَمِهِ، أَوْ اشْتِهَارٍ وَعَدَمِهِ، وَقَوْلُهُ: وَأَخَذَ مَلِيءٌ إلَخْ هَذَا فِي الْوَارِثِ الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَأُقْبِضَ، أَوْ قَبَضَ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ إلَّا فِي الْوَارِثِ الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ وَلَك أَنْ تَجْعَلَ قَوْلَهُ وَأَقْبَضَ شَامِلًا لَهُمَا، أَيْ: أَقْبَضَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَارْتَضَى كَلَامَ الزَّرْقَانِيِّ شب، وَلَكِنَّ عب ذَكَرَ أَنَّ ظَاهِرَ بَهْرَامَ أَنَّ كَلَامَ الزَّرْقَانِيِّ مُقَابِلٌ إلَخْ، وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ شَارِحِنَا مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ مُطْلَقًا وَصَدَقَ عب فِي أَنَّ ظَاهِرَ بَهْرَامَ مَا ذَكَرَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ دَيْنَك لَمْ يَصِلْ إلَيْنَا)، أَيْ: لِأَنَّهُ قَدْ ضَيَّعَهُ الْمَيِّتُ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ اقْتَسَمْنَا مَالَ الْمُفَلَّسِ لَا مَالَكَ؛ لِأَنَّ مَالَكَ لَمْ يَصِلْ إلَيْنَا وَلَمْ نَنْتَفِعْ بِهِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ طَرَأَ إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا ثَانِيًا، وَالْمَعْنَى وَلِأَنَّهُ طَرَأَ بَعْدُ وَقَالَ فِي كِ بَعْدَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ طَرَأَ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَقَالَ ز، وَالْمُنَاسِبُ الْمُبَالَغَةُ عَلَى مَا بَعْدَ التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ فِي الْبَيْعِ الْوَاقِعِ بَعْدَ التَّفْلِيسِ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ غَيْرُ الْمَدِينِ وَهُوَ الْحَاكِمُ اهـ زَادَ اللَّقَانِيِّ وَهَذَا تَمَحُّلٌ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ وَإِنْ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْفَلَسِ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ إنَّمَا هِيَ بَيِّنَةٌ وَبَيْنَ الْحَاكِمِ لَا الْمُفَلَّسِ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ بِالْحِصَّةِ مَا لَمْ يَعْرِفْ الْمُشْتَرِي عَيْنَ شَيْئِهِ، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ بِهِ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شِيئَته الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ وَلَوْ مَسْكُوكًا (قَوْلُهُ: أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ) كَأَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَوْصَى لِعَمْرٍو بِالثُّلُثِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ إلَخْ)، أَيْ: وَإِذَا كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ فَلَا حَاجَةَ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ يَقُولُ الْأَنْسَبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ أَوَّلًا وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ، أَوْ عَلِمَ وَارِثُهُ وَأَقْبَضَ، أَوْ قَبَضَ رَجَعَ عَلَيْهِ، أَيْ: لِيَكُونَ قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ وَقَبَضَ الْمُتَقَدِّمُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُذْكَرْ فَلَا يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِشَيْءٍ تَقَدَّمَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ وَقَبَضَ سَابِقًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ إلَخْ إلَّا فِي الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَك إلَخْ) جَوَابٌ آخَرُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ قَبَضَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَحْمِيلُ مَا تَقَدَّمَ لِقَبْضِهِ لِنَفْسِهِ الَّذِي يَرْجِعُ لَهُ قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ، أَيْ: فَيَكُونُ

ص: 274

غَيْرَهُ كَانَ غَرِيمًا، أَوْ مُمَاثِلًا، أَيْ: وَأَقْبَضَ غَيْرَهُ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ

(ص) ، ثُمَّ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ (ش)، أَيْ: ثُمَّ إذَا غَرِمَ الْوَارِثُ، أَوْ الْوَصِيُّ لِلْغَرِيمِ الطَّارِئِ مَعَ الْعِلْمِ أَوْ الشُّهْرَةِ فَإِنَّ الْوَارِثَ يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ الَّذِي قَبَضَ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْكَلَامِ عَلَى الْوَارِثِ الْمُقْبَضِ فَقَوْله، ثُمَّ رَجَعَ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ

(ص) وَفِيهَا الْبُدَاءَةُ بِالْغَرِيمِ وَهَلْ خِلَافٌ، أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ (ش) إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَابٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْقَادِمَ مِنْ الْغُرَمَاءِ يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْقَابِضِينَ مِنْ الْوَرَثَةِ حَيْثُ كَانُوا أَمْلِيَاءَ فَإِنْ كَانُوا مُعْدِمِينَ يَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَفِيهَا أَيْضًا لِيُفِيدَ أَنَّ الْمَحَلَّيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَلَفَ هَلْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِبُدَاءَةِ الْغَرِيمِ عَلَى الْوَارِثِ خِلَافٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ يَبْدَأُ بِالْوَارِثِ وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، أَوْ لَيْسَ بِخِلَافٍ بَلْ وِفَاقٌ وَمَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا يَبْدَأُ بِالْوَارِثِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْغَرِيمِ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ التَّعْيِينِ بَلْ عَلَى التَّخْيِيرِ يَعْنِي أَنَّ الْغَرِيمَ الطَّارِئَ إنْ اخْتَارَ تَبِعَ بِحِصَّتِهِ الْوَارِثَ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ وَإِنْ شَاءَ تَبِعَ الْغَرِيمَ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ وَإِلَى فَهْمِ الشَّيْخَيْنِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ

(ص) تَأْوِيلَانِ (ش)، أَيْ: فِيهِ تَأْوِيلَانِ فَهُمَا مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ قَسْمُ مَالِ الْمُفَلَّسِ، أَوْ الْمَيِّتِ مُتَوَقِّفًا عَلَى حُضُورِ جَمِيعِ غُرَمَائِهِ بَلْ يُقْسَمُ وَلَوْ غَابَ بَعْضُهُمْ، وَالْحَاكِمُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فَيَعْزِلُ لَهُ نَصِيبَهُ إلَى قُدُومِهِ بَيْنَ حُكْمِ تَلَفِ ذَلِكَ النَّصِيبِ الْمُنْعَزِلِ وَهُوَ أَنَّ ضَمَانَهُ مِمَّنْ عُزِلَ لَهُ بِقَوْلِهِ

(ص) وَإِنْ تَلِفَ نَصِيبُ غَائِبٍ عُزِلَ فَمِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا قَسَمَ مَالَ الْمُفَلَّسِ أَوْ مَالَ الْمَيِّتِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ، ثُمَّ إنَّهُ عَزَلَ نَصِيبَ شَخْصٍ غَائِبٍ فَتَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْ الْغَائِبِ اتِّفَاقًا، وَالْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ أَمِينٌ فِيهِ وَفُهِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَهُ الْغُرَمَاءُ، أَوْ الْوَرَثَةُ لَكَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمَدِينِ

(ص) كَعَيْنٍ لِغُرَمَائِهِ لَا عَرَضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا وَقَفَ مَالَ الْمُفَلَّسِ، أَوْ مَالَ الْمَيِّتِ كُلَّهُ لِيَقْضِيَ مِنْهُ دُيُونَهُ فَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَيْنًا ذَهَبَا أَوْ فِضَّةً فَضَمَانُهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ الْحَاضِرِينَ لِتَفْرِيطِهِمْ فِي قِسْمَةِ الْعَيْنِ إذْ لَا كُلْفَةَ فِي قَسْمِهَا؛ لِأَنَّهَا مُهَيَّأَةٌ لِلْقَسْمِ، وَأَمَّا الْعَرَضُ إذَا تَلِفَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُفَلَّسِ، أَوْ مِنْ الْمَيِّتِ لَا مِنْ الْغُرَمَاءِ وَذَكَّرَ وَقَفَ وَلَمْ يُؤَنِّثْهُ لِتَأْوِيلِ الْعَيْنِ بِالنَّقْدِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ

(ص) وَهَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِ كَدَيْنِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ: وَهَلْ عَدَمُ الضَّمَانِ فِي الْعَرَضِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ أَمْ لَا وَيَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُفَلَّسِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا كَانَ الْعَرَضُ مُخَالِفًا لِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ مِثْلَ دَيْنِهِمْ فَضَمَانُهُ مِنْهُمْ لَا مِنْ الْمُفَلَّسِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ الْمُحَاصَّةَ فِيهِ كَالْعَيْنِ، وَلَا يَحْتَاجُ لِبَيْعِهِ فَيَضْمَنُهُ الْغَرِيمُ، وَالْخِلَافُ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الَّذِي أَوْقَفَ الْعَرَضَ هُوَ الْقَاضِي لَا الْغُرَمَاءُ أَوْ الْوَرَثَةُ وَإِلَى مَا مَرَّ أَشَارَ بِالتَّأْوِيلَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ التَّأْوِيلُ بِالطَّلَاقِ، وَالْبَاءُ فِي بِ كَدَيْنِهِ لِلْمُلَابَسَةِ، وَالْكَافُ بِمَعْنَى صِفَةٍ، أَيْ: وَهَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُلْتَبِسًا بِصِفَةِ دَيْنِهِ.

(ص) وَتَرَكَ لَهُ قُوتَهُ، وَالنَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِيعَ مَالُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَبِيعُ عَلَى الْمُفَلَّسِ مَالَهُ وَيَقْسِمُهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ عَلَى مَا مَرَّ وَيَتْرُكُ لَهُ مِنْهُ قُوتَ نَفْسِهِ وَقُوتَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ شَرْعًا مِنْ زَوْجَاتِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرَيْهِ إلَى

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِاشْتِهَارٍ، وَلَا عِلْمِ الْوَارِثِ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يَسْلُكَ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ فِي الْقِسْمَةِ وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرَضٌ وَأَيْضًا تَقْدِيرُهُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقْبَضَ غَيْرَهُ غَرِيمًا، أَوْ مُمَاثِلًا لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ فِي الدَّيْنِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ، أَوْ مُمَاثِلًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ) وَانْظُرْ لَوْ عَلِمَ الْغُرَمَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالْغَرِيمِ الطَّارِئِ هَلْ يُؤْخَذُ الْمَلِيءُ مِنْهُمْ عَنْ الْمُعْدِمِ، وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ، أَوْ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ حِصَّتُهُ لِمُشَارَكَةِ الْوَرَثَةِ لَهُمْ فِي الْعِلْمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَسْهَلَ قَضَاءً مِنْ الْآخَرِ بِأَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ نَاضٌّ، أَوْ هُوَ غَيْرُ مُلِدٍّ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَرَضٌ يَحْتَاجُ لِكَبِيرِ كُلْفَةٍ، أَوْ مُلِدًّا فَلَا خِلَافَ فِي تَبَعِيَّةِ الْأَسْهَلِ هَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَيَحْتَمِلُ الْوِفَاقَ، أَوْ أَنَّهُ طَرِيقَةٌ لَهُ وَلِذَلِكَ تَرَكَهُ هُنَا مَعَ ذِكْرِهِ لَهُ فِي تَوْضِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْ الْغَائِبِ اتِّفَاقًا) حَيْثُ كَانَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَعَلَيْهِ لَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ فَلَا يَضْمَنُ لِلطَّارِئِ حِصَّتَهُ عَلَى الْأَصَحِّ.

(قَوْلُهُ: لَكَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمَدِينِ) فِي عب وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ وَأَقُولُ مَعْنَى كَوْنِهِ مِنْ الْمِدْيَانِ فِي الثَّانِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالٍ تَجَدَّدَ لِلْمَيِّتِ وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ (قَوْلُهُ: لَا عَرَضٌ)، أَيْ: وُقِفَ لِلْغُرَمَاءِ لِيُعْطَى لَهُمْ إنْ وَافَقَ عُرُوضَهُمْ، أَوْ لِيُبَاعَ وَيُعْطَى ثَمَنُهُ إنْ خَالَفَهَا فَتَلِفَ قَبْلَ دَفْعِهِ لَهُمْ فِي الْأُولَى وَبَيْعِهِ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِتَفْرِيطِهِمْ فِي قِسْمَةِ الْعَيْنِ) ظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ تَفْرِيطٌ لَا يَضْمَنُونَ وَظَاهِرُ النَّقْلِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا فَالْأَحْسَنُ فِي التَّعْلِيلِ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فَإِنَّهُ قَالَ وَوُجْهَتُهُ أَنَّ الْعَرَضَ لَمَّا كَانَ لِلْمُفَلَّسِ نَمَاؤُهُ كَانَ عَلَيْهِ تَوَاؤُهُ، أَوْ الْعَيْنُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَمَاءٌ كَانَ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ مَحَلُّهُ) ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُوقَفُ الْغُرَمَاءَ، أَوْ الْوَرَثَةَ لَكَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمَدِينِ كَمَا فِي كَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.

(قَوْلُهُ: وَتُرِكَ)، أَيْ: لِلْمُفَلَّسِ الْأَخَصِّ، وَقَوْلُهُ: قُوتُهُ، أَيْ: مَا يَقْتَاتهُ مِمَّا تَقُومُ بِهِ بِنْيَتُهُ فَإِذَا كَانَ يَقْتَاتُ بِطَعَامٍ فِيهِ تَرَفُّهٌ فَلَا يُتْرَكُ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ، وَالنَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ لَهُ صَنْعَةٌ يَقْتَاتُ مِنْهَا لَا يُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ وَقِيلَ إلَّا نَفَقَةَ يَوْمَيْنِ خَوْفَ عُطَلِهِ (قَوْلُهُ: وَرَقِيقُهُ)

ص: 275

ظَنِّ يَسْرَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَامَلُوهُ بِخِلَافِ مُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ بِالْمَظَالِمِ، وَالتَّبِعَاتِ إذَا فُلِّسَ فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَهُ إلَّا مَا يَسُدُّ بِهِ جَوْعَتَهُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْأَمْوَالِ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْغَزَالِيُّ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَكَلَامُ ح فِي شَرْحِ الْمَنَاسِكِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَهُ، وَلَا مَا يَسُدُّ بِهِ جَوْعَتَهُ قَوْلُهُ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ، أَيْ: بِالْأَصَالَةِ لَا بِالِالْتِزَامِ لِسُقُوطِهَا بِالْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ: لِظَنِّ يَسْرَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قُوتَهُ، وَالنَّفَقَةَ وَلَيْسَ غَايَةً لِلتَّرْكِ وَتَعَلُّقُ الْجَارِّ، وَالْمَجْرُورِ بِالِاسْمِ الْجَامِدِ جَائِزٌ كَقَوْلِهِ أَسَدٌ عَلَيَّ وَلَوْ قَالَ لِظَنِّ يُسْرِهِ كَانَ أَخْصَرَ

(ص) وَكِسْوَتُهُمْ كُلٌّ دَشْتًا مُعْتَادًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ يُتْرَكُ لَهُ وَلِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كِسْوَتُهُمْ، أَيْ: يُتْرَكُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَشْتًا مُعْتَادًا وَالدَّشْتُ بِفَتْحِ الدَّالِ هُوَ الدَّشْتُ مِنْ الثِّيَابِ، وَأَمَّا الثِّيَابُ الَّتِي لِلزِّينَةِ فَلَا تُتْرَكُ لَهُ، وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ فِي الِاسْتِغْنَاءِ لَا يُتْرَكُ عَلَيْهِ إلَّا مَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ بَيْنَ النَّاسِ وَتَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الشِّتَاءِ وَيُخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَيُتْرَكَ لَهُ مَا يَقِيهِ الْبَرْدَ اهـ، وَمِثْلُ الْمَوْتِ خَوْفُ الضَّرَرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ قَوْلُهُ: وَكِسْوَتُهُمْ عَطْفٌ عَلَى قُوتِهِ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَنْ ذُكِرَ وَكُلٌّ مُبْتَدَأٌ وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِهَا الْعُمُومُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ صِيَغِهِ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: كُلٌّ يُعْطَى دَشْتًا مُعْتَادًا وَدَشْتًا مَفْعُولٌ ثَانٍ لِيُعْطَى، وَالْجُمْلَةُ مِنْ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَكَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ وَكِسْوَتُهُمْ قَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا يُعْطَوْنَ فَقَالَ كُلٌّ دَشْتًا مُعْتَادًا وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ لَفْظُ كُلٍّ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنْ يُكْسَى الْجَمِيعُ دَشْتًا وَاحِدًا

(ص) وَلَوْ وَرِثَ أَبَاهُ بِيعَ لَا وُهِبَ لَهُ إنْ عَلِمَ وَاهِبُهُ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا وَرِثَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَأُصُولِهِ وَإِنْ عَلَوْا وَفُرُوعِهِ وَإِنْ سَفَلُوا وَحَوَاشِيهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ إنْ اسْتَغْرَقَهُ الدَّيْنُ، وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَعَتَقَ الْبَاقِي إنْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِشْقَصًا، وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ وَيَمْلِكُ بَاقِيَ الثَّمَنِ، وَأَمَّا لَوْ وُهِبَ لَهُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ الْوَاهِبُ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ حِينَئِذٍ لِأَجْلِ الْعِتْقِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَاهِبُ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَلْ عَلِمَ أَنَّهُ أَبُوهُ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ لِلْغُرَمَاءِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا وُهِبَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى وُرِثَ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ الْمَاضِيَ وَإِنَّمَا تَعْطِفُ الْمُضَارِعَ بِقِلَّةٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ وُهِبَ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى وَرِثَ بَلْ هُوَ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ، أَيْ: يُبَاعُ عَلَيْهِ أَبٌ وُرِثَ لَا أَبٌ وُهِبَ.

(ص) وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ (ش) هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَمُنِعَ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمِدْيَانَ سَوَاءٌ كَانَ مُفَلَّسًا أَمْ لَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَمْ لَا يُحْبَسُ إلَى أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ هَذَا إنْ جُهِلَ حَالُهُ، أَيْ: لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ مَلِيءٌ، أَوْ مُعْدِمٌ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مَحْمُولُونَ عَلَى الْمَلَاءِ وَهَذَا مِمَّا قُدِّمَ فِيهِ الْغَالِبُ عَلَى الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِنْسَانِ أَنْ يُولَدَ فَقِيرًا لَا مِلْكَ لَهُ، وَالْغَالِبُ مِنْ شَأْنِهِ التَّكَسُّبُ فَحُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ فِي هَذَا أَمَّا مَنْ عُلِمَ مَلَاؤُهُ فَيُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْحَقِّ الْآنَ وَمَعْلُومُ الْعُدْمِ يَجِبُ إنْظَارُهُ وَمَحَلُّ حَبْسِ مَجْهُولِ الْحَالِ مَا لَمْ يَسْأَلْ التَّأْخِيرَ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ إلَى غَايَةِ إثْبَاتِ عُسْرِهِ فَإِنْ سَأَلَ الصَّبْرَ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ وَأَوْلَى بِالْمَالِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ؛ لِأَنَّ الْغَرِيمَ لَمْ يَثْبُتْ مَلَاؤُهُ، وَلَا أَنَّهُ غَيَّبَ مَالًا وَإِنَّمَا سُجِنَ لِيَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ فَإِذَا أُعْطِيَ حَمِيلًا إلَى مُدَّةِ الِاسْتِكْشَافِ تَوَصَّلَ بِهِ إلَى ذَلِكَ كَمَا يُتَوَصَّلُ بِالسَّجْنِ فَالضَّمِيرُ فِي حُبِسَ رَاجِعٌ لِلْمَدِينِ الْأَعَمِّ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ، وَإِلَّا لَمَا حُبِسَ الْمُفَلَّسُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ السَّابِقُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إذْ قَوْلُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ: الَّذِي لَا يُبَاعُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (قَوْلُهُ: وَالتَّبِعَاتُ) عَطْفٌ عَلَى الْمَظَالِمِ عَطْفَ مُرَادِفٍ، وَقَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ هُوَ الظَّاهِرُ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ صَنْعَةٌ يَتَكَسَّبُ بِهَا (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قُوتُهُ) ، وَالْمَعْنَى وَتُرِكَ قُوتُهُ، أَيْ: مَا يَقْتَاتُ بِهِ لِوَقْتٍ يَظُنُّ أَنَّهُ يَحْصُل لَهُ الْيَسَارُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ غَايَةً لِلتَّرْكِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَايَةً لَكَانَ الْمَعْنَى يُتْرَكُ لَهُ تَرْكًا مُسْتَمِرًّا لِظَنِّ يَسْرَتِهِ، أَيْ: إنَّ هَذَا الْفِعْلَ وَهُوَ تَرْكُ مَا يَقْتَاتُ بِهِ مُسْتَمِرٌّ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ فِي لَحْظَةٍ فَلَا اسْتِمْرَارَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَسَدٌ عَلَيَّ)، أَيْ: مُجْتَرِئٌ وَفِي الْحُرُوبِ نَعَامَةٌ، أَيْ: جَبَانٌ.

(قَوْلُهُ: وَكِسْوَتُهُمْ) قَمِيصٌ وَطَوِيلَةٌ فَوْقَهُ وَعِمَامَةٌ وَسِرْوَالٌ وَمَدَاسٌ وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ لِخَوْفِ هَلَاكٍ، أَوْ أَذًى شَدِيدٍ وَتُزَادُ الْمَرْأَةُ مِقْنَعَةً وَإِزَارًا وَغَيْرَهُمَا مِمَّا يَلِيقُ بِحَالِهَا (قَوْلُهُ: الدَّشْتُ مِنْ الثِّيَابِ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ شَرْحُ شب وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَالدَّشْتُ مَا يَلْبَسُهُ الْإِنْسَانُ وَيَكْفِيهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي حَوَائِجِهِ وَبَعْدَ هَذَا فَفِي الْعِبَارَةِ تَحْرِيفٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّشْتَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ اسْمٌ لِلصَّحْرَاءِ لَا غَيْرُ، وَأَمَّا بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ فَلَهُ إطْلَاقَانِ يُطْلَقُ عَلَى الصَّحْرَاءِ وَعَلَى مَا يَلْبَسُهُ الْإِنْسَانُ وَيَكْفِيهِ فِي تَرَدُّدِهِ لِحَوَائِجِهِ (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ) ، أَيْ: مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَمَا فِي كَ وَعَجَّ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ وَهَذَا صَادِقٌ بِأَنْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ، أَوْ تَوَهَّمَ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ يَكُونُ كَاعْتِقَادِ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ الْمَاضِيَ) وَلَوْ قَالَ لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ لَصَحَّ.

(قَوْلُهُ: الْحُكْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي حُبِسَ رَاجِعٌ لِلْمِدْيَانِ مُطْلَقًا وَإِذَا كَانَ رَاجِعًا لِلْمِدْيَانِ مُطْلَقًا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَمْ لَا) إنْ قُلْت: كَيْفَ يَكُونُ مَجْهُولَ الْحَالِ وَتُعْقَلُ إحَاطَةٌ وَعَدَمُهَا الصَّادِقُ بِالزَّائِدِ قُلْت: يُحْمَلُ الزَّائِدُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَالُهُ غَائِبًا يَتَعَسَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَجَهِلْنَا فِي أَمْوَالٍ حَاضِرَةٍ يُؤَدِّي مِنْهَا (قَوْلُهُ: تَوَصَّلَ بِهِ إلَى ذَلِكَ)، أَيْ: إلَى تَبْيِينِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُفِيدُ إلَخْ)

ص: 276

بِطَلَبِهِ وَإِنْ أَبَى غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ: وَفُلِّسَ حَضَرَ، أَوْ غَابَ إنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ بِطَرِيقِهِ مِنْ شَهَادَةٍ وَحَلِفِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، وَلَا بَاطِنٌ، وَالضَّمِيرُ فِي يُسْأَلُ لِلْمَجْهُولِ وَفِي لَهُ رَاجِعٌ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ فَلَوْ سَأَلَ ذَلِكَ ظَاهِرُ الْمَلَاءِ فَهَلْ يُجَابُ لِذَلِكَ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ، أَوْ بِالْوَجْهِ قَوْلَانِ

(ص) فَغَرِمَ إنْ لَمْ يَأْتِ وَلَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قُبِلَ مِنْهُ الْحَمِيلُ فَغَابَ الْغَرِيمُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَإِنَّ الْحَمِيلَ يَغْرَمُ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ حَلَفَ وَأُطْلِقَ فَإِنْ غَابَ فَأَثْبَتَ الْحَمِيلُ عَدَمَهُ فَهَلْ يَغْرَمُ مَا عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمَدِينِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ عَدَمِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْهُ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ هُنَا وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمِيلِ حَيْثُ أَثْبَتَ عَدَمَ الْمَدِينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْفَقْرِ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا اسْتِحْسَانٌ وَاقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ فِي بَابِ الضَّمَانِ حَيْثُ قَالَ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ، أَوْ مَوْتَهُ فِي غَيْبَتِهِ أَيْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الضَّامِنِ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يَظُنُّ بِهِ كِتْمَانَ الْمَالِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مَا لِلَّخْمِيِّ

(ص) ، أَوْ ظَهَرَ مَلَاؤُهُ إنْ تَفَالَسَ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ إلَّا أَنَّهُ تَفَالَسَ، أَيْ: أَظْهَرَ الْفَلَسَ مِنْ نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ لَا شَيْءَ مَعِي يَفِي بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ وَظَاهِرُ الْمَلَاءِ هُوَ الَّذِي يُظَنُّ أَنَّ لَهُ مَالًا بِأَنْ كَانَ لَابِسَ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ وَلَهُ خَدَمٌ

(ص) وَإِنْ وَعَدَ بِقَضَاءٍ وَسَأَلَ تَأْخِيرًا كَالْيَوْمِ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ إذَا وَعَدَ بِأَنْ يَدْفَعَ الْحَقَّ وَيَقْضِيَهُ، وَلَكِنْ قَالَ أَخِّرُونِي الْيَوْمَ، وَالثَّلَاثَةَ، وَالْخَمْسَةَ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَ حَمِيلًا بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَعَدَ ظَهَرَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْمَالِ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا حَمِيلٌ بِالْمَالِ فَإِنْ لَمْ يُعْطِ حَمِيلًا بِالْمَالِ فَإِنَّهُ يُسْجَنُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ

(ص) ، وَإِلَّا سُجِنَ (ش) حَتَّى يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ، أَوْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ وَمَجْهُولُ الْحَالِ إذَا وَعَدَ بِالْقَضَاءِ كَظَاهِرِ الْمَلَاءِ إذَا وَعَدَ بِهِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا سُجِنَ قَوْلَهُ

(ص) كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ (ش)، أَيْ: فَإِنَّهُ يُسْجَنُ حَتَّى يُوَفِّيَ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَمِيلٌ.

(ص) وَأُجِّلَ لِبَيْعِ عَرَضِهِ إنْ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ، وَإِلَّا سُجِنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ غَيْرُ الْمُفَلَّسِ إذَا طَلَبَ التَّأْجِيلَ حَتَّى يَبِيعَ عُرُوضَهُ لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَجَّلُ لِذَلِكَ إلَّا إذَا أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ، وَإِلَّا سُجِنَ، وَأَمَّا الْمُفَلَّسُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَبِيعُ عَلَيْهِ عُرُوضَهُ، وَلَا يَحْتَاجُ لِتَأْجِيلٍ وَبِعِبَارَةِ قَوْلِهِ وَأُجِّلَ هُوَ ظَاهِرٌ فِي ظَاهِرِ الْمَلَاءِ وَمَعْلُومُ الْمَلَاءِ لَا فِي مَجْهُولِ الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَرَضَ لَهُ

(ص) وَفِي حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا بَاعَ عُرُوضَ الْمُفَلَّسِ وَقَبَضَ أَثْمَانَهَا فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ وَهُوَ النَّقْدُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ دَحُونٍ، أَوْ لَا يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ تَرَدُّدٌ، وَالضَّمِيرُ فِي حَلِفِهِ يَرْجِعُ لِلْمَدِينِ وَلَوْ مُفَلَّسًا وَبِعِبَارَةٍ هُوَ فِي مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرِ الْمَلَاءِ، وَأَمَّا مَعْلُومُ الْمَلَاءِ فَلَا يَحْلِفُ، وَقَوْلُهُ: وَفِي حَلِفِهِ أَيْ وَفِي جَبْرِهِ وَعَدَمِهِ تَرَدُّدٌ

(ص) وَإِنْ عَلِمَ بِالنَّاضِّ لَمْ يُؤَخَّرْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ إذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِالنَّاضِّ الَّذِي عِنْدَهُ فَإِنَّهُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَرَدَّهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَنَّهُ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ يَأْخُذُ مَالَهُ وَقِسْمَهُ، لَا حَبْسَ، وَإِنَّمَا الْحَبْسُ قَبْلُ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ، أَيْ: مَنْ يَصِيرُ مُفَلَّسًا لَا إنَّهُ فُلِّسَ بِالْفِعْلِ وَرَدَّ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ صَحِيحٌ وَأَنَّهُ إنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ لَا يُحْبَسُ بَعْدُ، وَإِلَّا حُبِسَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَيَبِيعُ الْإِمَامُ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ مَالٍ فَيَتَوَزَّعُهُ غُرَمَاؤُهُ وَيُحْبَسُ فِيمَا بَقِيَ إنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ، أَوْ اُتُّهِمَ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِحَمِيلِ الْمَالِ)، أَيْ: وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِالْوَجْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَلْ قَوْلَاهُمَا خِلَافٌ، أَوْ وِفَاقٌ فَيُحْمَلُ قَوْلُ سَحْنُونَ عَلَى الْمُلِدِّ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْوَجْهِ) ، أَيْ: وَيَكْفِي حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يَظُنُّ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَرِيمُ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ كَتْمُ الْمَالِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ اللَّخْمِيُّ، وَإِلَّا غَرِمَ وَلَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ حِينَئِذٍ مِنْ تَمَامِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ:، وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ إلَخْ) هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ يُقَدَّمُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: مَلَاؤُهُ) يَجِبُ قِرَاءَتُهُ بِالْمَدِّ، وَأَمَّا بِالْقَصْرِ مَعَ الْهَمْزِ فَهُوَ الْجَمَاعَةُ، وَأَمَّا بِالْقَصْرِ بِلَا هَمْزٍ فَالْأَرْضُ الْمُتَّسِعَةُ (قَوْلُهُ: إنْ تَفَالَسَ) ، أَيْ: وَلَمْ يَعُدْ بِالْقَضَاءِ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ بِحَمِيلٍ، وَإِلَّا أُجِيبَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ خَدَمٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ: وَالثَّلَاثَةُ، وَالْخَمْسَةُ) لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ لِمَالِكٍ وَلِسَحْنُونٍ يَوْمَانِ فَقَطْ (أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرُ تت اعْتِمَادُهُ وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ قَوْلَ مَالِكٍ، وَلَكِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِاعْتِمَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِنَصٍّ قَوِيٍّ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا سُجِنَ) وَأُجْرَةُ السِّجْنِ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْعَاصِمِيَّةِ وَلَوْ قِيلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَعَلَى الطَّالِبِ إلَّا أَنْ يَلَدَّ الْمَطْلُوبُ فَعَلَيْهِ مَا بَعْدُ وَبِنَحْوِهِ فِي أُجْرَةِ الْعَوْنِ، أَيْ: الرَّسُولِ صَرَّحَ ابْنُ عَاصِمٍ (قَوْلُهُ: كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ) مَثَّلُوهُ بِمَنْ يَأْخُذُ أَمْوَالَ النَّاسِ وَيَقْصِدُ بِهَا التِّجَارَةَ، ثُمَّ يَدَّعِي ذَهَابَهَا وَلَمْ يَظْهَرْ مَا يُصَدِّقُهُ مِنْ احْتِرَاقِ الْمَحَلِّ أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا فَيُحْبَسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَمْوَالَ النَّاسِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا عَرَضَ لَهُ)، أَيْ: لَا عَرَضَ لَهُ ثَابِتٌ نَقُولُ: وَمِثْلُهُ ظَاهِرُ الْمَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَرَضٌ ثَابِتٌ لَكَانَ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ فَالْأَحْسَنُ التَّعْمِيمُ فَنَقُولُ لِبَيْعِ عَرَضِهِ، أَيْ: بِحَسَبِ مَا ادَّعَى وَهَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَهُ مَجْهُولَ الْحَالِ، أَوْ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَعْلُومُ النَّاضِّ فَلَا يُؤَخَّرُ لِبَيْعِ عَرَضِهِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَحْلِفُ إلَخْ) أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَيْمَانِ التُّهَمِ كَمَا قَالُوا وَمَحَلُّ هَذَا التَّرَدُّدِ مَا لَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، وَإِلَّا يَحْلِفُ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ وَهُنَا طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ تَفْصِلُ بَيْنَ التَّاجِرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُفَلَّسًا) الْوَاوُ لِلْحَالِ لِمُوَافَقَتِهِ أَوَّلَ

ص: 277

لَا يُؤَخِّرُهُ وَيَضْرِبُهُ بِاجْتِهَادِهِ إلَى أَنْ يَدْفَعَ وَلَوْ أَدَّى إلَى إتْلَافِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مُلِدٌّ

(ص) ضُرِبَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ (ش)، أَيْ: وَضُرِبَ مَعْلُومُ الْمَلَاءِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالنَّاضِّ أَمْ لَا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أُجِّلَ لَا عَلَى عَلِمَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَبِعِبَارَةٍ هَذَا فِي مَجْهُولِ الْحَالِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى إخْفَاءِ مَالٍ وَفِي مَعْلُومِ الْمَلَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَلَاءِ إنْ تَفَالَسَ

(ص) وَإِنْ شَهِدَ بِعُسْرِهِ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، وَلَا بَاطِنٌ حَلَفَ كَذَلِكَ وَزَادَ وَإِنْ وَجَدَ لَيَقْضِيَنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ وَظَاهِرُ الْمَلَاءِ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْقَاضِي بِعُسْرِهِ شَهَادَةً عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ أَنَّهَا لَا تَعْرِفُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا حَلَفَ وُجُوبًا عَلَى طِبْقِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا وَيَزِيدُ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ وَجَدَ الْمَالَ لَيَقْضِيَنَّ الْحَقَّ لِغُرَمَائِهِ زَادَ بَعْضُهُمْ وَلَيُؤَدِّيَنَّ الدَّيْنَ عَاجِلًا وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا عُجِّلَ لِأَوْبَةٍ، وَقَوْلُهُ:(ص) وَأُنْظِرَ (ش) إشَارَةٌ إلَى الِاحْتِجَاجِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] رَدًّا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ يُلَازِمُ الْغَرِيمَ وَوَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ إنْظَارَهُ إلَى الْيُسْرِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُعْرَفُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ، وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ مَالٌ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ وَفَائِدَةُ زِيَادَةِ وَإِنْ وَجَدَهُ لَيَقْضِيَنَّ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا ادَّعَى الطَّالِب عَلَيْهِ أَنَّهُ أَفَادَ مَالًا وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ هَذَا الْيَمِينِ وَلَوْلَاهَا لَحَلَّفَهُ وَجَعَلْنَا قَوْلَهُ وَإِنْ شَهِدَ بِعُسْرِهِ إلَخْ فِي مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرُ الْمَلَاءِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ لَا تَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِذَهَابِ مَا بِيَدِهِ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا لَا نَعْرِفُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ مَنْ يُقِرُّ بِقُدْرَتِهِ وَمَلَائِهِ عَلَى دَفْعِ الْحَقِّ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ فِي إقْرَارِهِ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَنْ عُرِفَ بِأَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَعُلِمَ عَدَمُ ضَيَاعِهَا، أَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُنَجَّمٌ يُؤَدِّي مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَأَدَّى الْبَعْضَ وَادَّعَى الْعُدْمَ فِي الْبَاقِي أَوْ طَلَبَ بِنَفَقَةِ وَلَدِهِ بَعْدَ طَلَاقِ أُمِّهِ فَادَّعَى الْعَجْزَ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمِّهِ أَمْسِ وَهُوَ الْآنَ أَقْدَرُ لِزَوَالِ نَفَقَةِ الْأُمِّ.

(ص) وَحَلَفَ الطَّالِبُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْعِبَارَةِ وَقَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُفَلَّسِ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَحْلِفُ الْأَظْهَرُ تَحْلِيفُهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ عِنْدَنَا بِعُرُوضٍ فَيَتَحَمَّلُ عِنْدَهُ نَاضٌّ وَعَدَمُهُ فَيَظْهَرُ تَحْلِيفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدَّى إلَى إتْلَافِ نَفْسِهِ)، أَيْ: وَلَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَمُوتُ، وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَمُوتُ فَيَقْتُلُ فِيهِ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَضُرِبَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ) قَالَ عج وَانْظُرْ هَلْ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ اهـ.

(قَوْلُهُ:، أَيْ: وَضُرِبَ مَعْلُومُ الْمَلَاءِ) هَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ نَصُّ الْمَوَّاقِ فَقَالَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ الْوَجْهُ الثَّالِثُ حَبْسُ مَنْ يَقْعُدُ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ وَادَّعَى الْعُدْمَ فَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَمْوَالَ النَّاسِ، أَوْ يَمُوتَ فِي السِّجْنِ قَالَ سَحْنُونَ وَيُضْرَبُ بِالدَّرَّةِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، وَلَا يُنْجِيهِ مِنْ الضَّرْبِ، وَالسِّجْنِ إلَّا حَمِيلٌ غَارِمٌ كَذَا قَالَ الْمَوَّاقُ فِي حِلِّ قَوْلِهِ كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ، ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلِهِ ضُرِبَ مَا نَصُّهُ تَقَدَّمَ نَصُّ سَحْنُونَ وَيُضْرَبُ بِالدِّرَّةِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أَجَلٍ) يَقْتَضِي شُمُولَهُ لِظَاهِرِ الْمَلَاءِ.

(قَوْلُهُ: لَا عَلَى عِلْمٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا عَلَى وَإِنْ عَلِمَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي قَصْرَهُ عَلَى الَّذِي عُلِمَ بِالنَّاضِّ (قَوْلُهُ: لِإِتْمَامِهِ عَلَى إخْفَاءِ مَالٍ) وَكَذَا يُقَالُ فِي ظَاهِرِ الْمَلَاءِ إنْ تَفَالَسَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا أَفَادَهُ نَصُّ الْمَوَّاقِ، ثُمَّ أَقُولُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَوِيَتْ التُّهْمَةُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ) بَدَلٌ مِنْ بِعُسْرِهِ فَهُوَ بِفَتْحِ أَنَّ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ عَلَى أَنَّهُ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ)، وَلَا بَاطِنُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَعَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ إنْ تَرَكَ مِنْ الْيَمِينِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لَمْ تَعُدْ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلَّفِ كَذَا يَنْبَغِي بَلْ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُمَا لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ قُلْت: فَإِذَا كَانَ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ فَلِمَ طَلَبَ بِالْحَلِفِ عَلَى الْبَاطِنِ قُلْت: لِزِيَادَةِ الْإِرْهَابِ الَّتِي رُبَّمَا أَوْجَبَتْ إظْهَارَ مَا أَخْفَاهُ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ فِي يَمِينِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَهَذَا اسْتِظْهَارٌ، وَالْيَمِينُ الْمَذْكُورَةُ كَافِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ لَهُ، وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ يَسْتَظْهِرُ عَلَى بَاطِنِ الْأَمْرِ بِيَمِينِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِالظَّاهِرِ، وَالْبَاطِنِ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّ فُلَانًا غَصَبَ كَذَا، أَوْ دَفَعَ كَذَا وَقَالَ كَذَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيُؤَدِّيَن الدَّيْنَ عَاجِلًا) فَائِدَةُ زِيَادَتِهِ أَنْ يَصِيرَ آمِنًا مِنْ مَطْلِهِ إذْ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ وَقَضَاهُ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ لِبِرٍّ فِي يَمِينِهِ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ) وَانْظُرْ هَلْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلْعَوَامِّ، أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا احْتَمَلَتْ الشَّهَادَةُ الْبَتَّ، وَالْعِلْمَ فَفِي بُطْلَانِهَا قَوْلَانِ كَمَا لَوْ قَالُوا إنَّهُ فَقِيرٌ عَدِيمٌ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرٌ، وَلَا بَاطِنٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَهُ لَيَقْضِيَنَّ) هَذِهِ اللَّامُ لَا تَدْخُلُ فِي جَوَابِ إنْ فَهِيَ جَوَّابٌ لِقَسَمٍ مُقَدَّرٍ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ

وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَمْ

جَوَابَ مَا أَخَّرْتَ فَهْوَ مُلْتَزَمْ

لَا يُقَالُ يَلْزَمُ تَكْرَارُ الْقَسَمِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا أَمْرٌ صِنَاعِيٌّ بَدَرَ وَوَجَدَ بِمَعْنَى أَصَابَ وَلِذَلِكَ تَعَدَّتْ لِوَاحِدٍ وَمَصْدَرُهُ الْوُجُودُ (قَوْلُهُ: تَظْهَرُ إلَخْ) قَالَ عج وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ زِيَادَةَ قَوْلِهِ وَإِنْ وَجَدَ مَالًا لَيَقْضِيَنَّ مِنْ حَقِّ الْحَالِفِ فَلَهُ تَرْكُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الشَّارِعُ نَاظِرًا لِتَرْكِ الْخُصُومَاتِ وَلِتَقَلُّلِهَا وَجَبَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَإِنْ أَرَادَ الْحَالِفُ تَرْكَهَا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى غَرَضِ الشَّارِعِ اهـ وَقَدْ عَلِمْت كَلَامَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ (قَوْلُهُ: إلَّا الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِذَهَابِ مَالِهِ) كَأَنْ تَقُولَ الْبَيِّنَةُ شَاهَدْنَا مَالَهُ بِيَدِ السَّلَّابَةِ أَوْ حُرِقَ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَأَدَّى الْبَعْضَ وَادَّعَى الْعُدْمَ إلَخْ) ، أَيْ: وَحَالَتُهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَحَلَّفَ الطَّالِبَ إلَخْ) فَاعِلُ حَلَّفَ مَنْ اسْتَحَقَّ السِّجْنَ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَجْهُولُ الْحَالِ وَظَاهِرُ الْمَلَاءِ وَمَعْلُومُهُ إلَّا مَنْ عَلِمَ بِالنَّاضِّ فَلَا يُحَلِّفُ الطَّالِبَ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْقَانِيُّ وَلَعَلَّ وَجْهَ تَحْلِيفِ مَعْلُومِ الْمَلَاءِ لِلطَّالِبِ أَنَّهُ يَقُولُ مَا عَلِمَتْ النَّاسُ مِنْ مَلَائِي فَهُوَ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُمْ وَأَنْتَ تَعْلَمُ بَاطِنَ الْأَمْرِ وَأَنِّي مُعْدِمٌ

ص: 278

إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ عِلْمَ الْعُدْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا ادَّعَى عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ يَعْلَمُ عَدَمَهُ وَكَذَّبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْيَمِينَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ لَازِمَةٌ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ عَدَمَهُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يُسْجَنْ الْمَدِينُ لَهُ بَعْدَ يَمِينِ الْمَدِينِ، وَإِلَّا سُجِنَ (ص) وَإِنْ سَأَلَ تَفْتِيشَ دَارِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ وَهُوَ الطَّالِبُ إذَا سَأَلَ الْحَاكِمَ أَنْ يُفَتِّشَ لَهُ دَارَ الْمَدِينِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُفَلَّسًا، أَوْ حَانُوتَهُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ عَسَى أَنْ يَجِدَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ لِيَبِيعَهُ لَهُ هَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ، وَأَمَّا جَيْبُهُ فَيُجَابُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ خَفِيفٌ (ص) وَرَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ إنْ بَيَّنَتْ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ لَهُ قَوْمٌ بِالْمَلَاءِ وَقَوْمٌ بِالْعُدْمِ فَإِنَّ بَيِّنَةَ الْمَلَاءِ تُقَدَّمُ إنْ بَيَّنَتْ سَبَبَ الْمَلَاءِ، أَيْ: عَيَّنَتْ مَا هُوَ مَلِيءٌ بِهِ بِأَنْ قَالَتْ أَخْفَى مَالًا سَوَاءٌ بَيَّنَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ بَيَّنَتْ أَمْ لَا عَلَى الرَّاجِحِ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ بَيَّنَتْ يَصْدُقُ بِالتَّسَاوِي وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يُوجِبُ إخْرَاجَ الْمَجْهُولِ وَظَاهِرُ الْمَلَاءِ مِنْ السَّجْنِ وَهُوَ الْبَيِّنَةُ ذَكَرَ مَا يَخُصُّ الْمَجْهُولَ وَهُوَ طُولُ الْحَبْسِ فَقَالَ (ص) وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ إنْ طَالَ حَبْسُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَالشَّخْصِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَجْهُولَ الْحَالِ يُخْرَجُ مِنْ السِّجْنِ وَيُخَلَّى سَبِيلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا إذَا طَالَ سَجْنُهُ وَيَكُونُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَالشَّخْصِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَتَوَسُّطًا فَلَيْسَ الْوَجِيهُ كَالْحَقِيرِ، وَلَا الْقَوِيُّ كَالضَّعِيفِ وَلَيْسَ الدَّيْنُ الْكَثِيرُ كَالْقَلِيلِ فَقَوْلُهُ، وَالشَّخْصُ، أَيْ: وَحَالِ الشَّخْصِ وَتَحْقِيقُ الْمَسْأَلَةِ فِي الطُّولِ وَعَدَمِهِ أَنَّهُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلَاءِ فَيُخْرَجُ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِعَدَمِهِ عَلَى مَا مَرَّ لَا بِطُولِ سَجْنِهِ وَمَعْلُومُ الْمَلَاءِ لَا يُخْرَجُ حَتَّى يُؤَدِّيَ، أَوْ يَمُوتَ، أَوْ تَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَهَابِ مَا بِيَدِهِ، وَأَمَّا إنْ شَهِدَتْ لَهُ بِعَدَمِهِ فَلَا يُخْرَجُ بِذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ جَمِيعُ مَا مَرَّ مِنْ أَحْكَامِ هَذَا الْبَابِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ رِجَالٌ، وَلَا نِسَاءٌ بَلْ يَشْتَرِكُ الْجَمِيعُ فِيهِ وَكَانَ مِنْ ذَلِكَ الْحَبْسُ ذَكَرَ مَا يَخْتَصُّ بِحَبْسِهِنَّ بِقَوْلِهِ

(ص) وَحَبْسُ النِّسَاءِ عِنْدَ أَمِينَةٍ، أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّسَاءَ يُحْبَسْنَ عِنْدَ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَنْ الرِّجَالِ، أَوْ ذَاتِ رَجُلٍ أَمِينٍ، أَيْ: زَوْجٍ، أَوْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ عِنْدَ أَمِينَةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَنْ الرِّجَالِ، أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ لِيُفِيدَ اشْتِرَاطَ الْأَمَانَةِ أَيْضًا مَعَ عَدَمِ الِانْفِرَادِ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى أَمِينَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَيَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ أَمَانَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَتَقْدِيرُ الْمَحْذُوفِ مُنْفَرِدَةٌ عَنْ الرِّجَالِ، أَوْ ذَاتُ أَمِينٍ أَنْسَبُ مِنْ تَقْدِيرِ أَيِّمٍ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ.

(ص) ، وَالسَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ يُحْبَسُ لِمُكَاتَبَةِ مَا لَمْ تَكُنْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ تُوَفِّي بِالدَّيْنِ، أَوْ يَحِلُّ مِنْهَا مَا يَفِي بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُحْبَسُ لَهُ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا حُبِسَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ، وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالذِّمَّةِ لَا يُرَاعَى فِيهَا الْحُرِّيَّةُ، وَلَا عُلُوُّ الْمَنْزِلَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُحْبَسُ فِي دَيْنِ الْكَافِرِ (ص) ، وَالْجَدُّ، وَالْوَلَدُ لِأَبِيهِ لَا الْعَكْسُ (ش)، أَيْ: يُحْبَسُ الْجَدُّ، وَالْجَدَّةُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّ حَظَّ الْجَدِّ دُونَ حَظِّ الْأَبِ فِي الْجُمْلَةِ وَيُحْبَسُ الْوَلَدُ لِأَبِيهِ، أَوْ لِأُمِّهِ دُونَ عَكْسِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ يُحْبَسْ الْوَالِدَيْنِ لِلْوَلَدِ فَلَا أَظْلِمُ الْوَلَدَ لَهُمَا، أَيْ: فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْعُدْمَ) ، أَيْ: وَلَمْ يُصَدِّقْهُ إذَا حَبَسَهُ حِينَئِذٍ ظَلَمَ، وَأَمَّا إنْ صَدَّقَهُ عَلَى أَنَّهُ عَدِيمٌ فَلَا يَمِينَ، وَلَا حَبْسَ (قَوْلُهُ: تَفْتِيشُ دَارِهِ) وَحَانُوتِهِ كَدَارِهِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي، وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى عَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا جَيْبُهُ) وَكَذَا كِيسُهُ، أَوْ كُمُّهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَابَسَهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَا فِي ذَلِكَ مِلْكُهُ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَإِنْ سَأَلَ، أَيْ: الطَّالِبُ تَفْتِيشَ دَارِ الْغَرِيمِ وَلَوْ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ وَظَاهَرَ وَلَوْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى عَدَمِهِ وَحَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ اهـ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ كَمَا فِي عب أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْعُدْمُ، وَالْحَلِفُ لَا تَفْتِيشَ (قَوْلُهُ: وَرَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ إلَخْ) وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ وَإِنْ لَمْ تُبَيَّنْ، وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُ مَا بِهِ الْعَمَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ قِيلَ شَهَادَةُ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ مُسْتَصْحَبَةٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْمَلَاءُ، وَالشَّهَادَةُ بِالْعُدْمِ نَاقِلَةٌ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّاقِلَةَ هُنَا لَمَّا شَهِدَتْ بِالنَّفْيِ قُدِّمَتْ عَلَيْهَا الْمُسْتَصْحَبَةُ؛ لِأَنَّهَا مُثْبَتَةٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَتْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّعْوَى أَنَّهُ مَلِيءٌ وَدَلِيلُهَا أَنَّهُ أَخْفَى مَالًا (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الدَّيْنِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ مُوجِبُ حَبْسٍ ثَانٍ بِدَيْنٍ آخَرَ فَيُزَادُ فِي سِجْنِهِ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ: أَيِّمٌ) هِيَ الْخَالِيَةُ مِنْ زَوْجٍ أَيْ فَتَقْدِيرُ أَيِّمٍ مُؤْذِنٌ بِأَنَّ الْأَمِينَ عِبَارَةٌ عَنْ الزَّوْجِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَيِّمَ لُغَةً مَنْ كَانَتْ خَالِيَةً عَنْ زَوْجٍ سَوَاءٌ تَزَوَّجَتْ قَبْلُ وَطَلُقَتْ أَمْ لَا وَفِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مَنْ تَزَوَّجَتْ، ثُمَّ طَلُقَتْ، أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا، وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ.

(قَوْلُهُ:، وَالسَّيِّدُ يُحْبَسُ لِمُكَاتَبِهِ) فِي دَيْنِهِ الْحَالِّ إذَا امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَكَذَا يُحْبَسُ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إذَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِعِتْقِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ السَّيِّدُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فَإِنْ طَالَ دِينَ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ) اُنْظُرْ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تُبَاعُ لِأَجْنَبِيٍّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّمَنُ وَيُعْطَى لِذَلِكَ الْمُكَاتَبِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا، وَإِلَّا رُقَّ لَهُ، أَوْ مَعْنَاهُ تُبَاعُ لِنَفْسِ الْمُكَاتَبِ وَيَخْرُجُ حُرًّا كَذَا تَرَدَّدَ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ تُقَوَّمُ عَلَى أَصْلِهَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقِيمَةَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ أَقَلُّ مِنْهَا فَتُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ وَيَخْرُجُ حُرًّا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ.

(فَرْعٌ) الْعَبْدُ يُحْبَسُ فِي دَيْنٍ مِنْ غَيْرِ الْكِتَابَةِ لَا فِيهَا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ إلَّا السُّلْطَانُ فَلَهُ حَبْسُهُ إنْ رَأَى أَنَّهُ كَتَمَ مَالًا رَغْبَةً فِي الْعَجْزِ وَيُحْبَسُ الْقِنُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالذِّمَّةِ) مُقْتَضَاهُ حَبْسُهُ فِي مَالِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدِينِ حَيْثُ

ص: 279

مَا يَفْعَلُ بِالْمُلِدِّ الظَّالِمِ مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِحَقِّ الْوَلَدِ بَلْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى رَدْعًا وَزَجْرًا وَصِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ

(ص) كَالْيَمِينِ إلَّا الْمُنْقَلِبَةَ، وَالْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْحُكْمِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَلَدَ لَا يُحَلِّفُ أَبُوهُ إذَا وَجَبَ لَهُ قِبَلَهُ يَمِينٌ؛ لِأَنَّهُ عُقُوقٌ، وَلَا يَقْتَضِي لَهُ بِهِ إنَّ شَحَّ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْحُدُودِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفِسْقٌ ضَعِيفٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْقَلِبَةً عَلَى الْأَبِ مِنْ الْوَلَدِ كَمَا إذَا وَجَبَتْ يَمِينٌ لِلْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ فَرَدَّهَا عَلَى أَبِيهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ جُرْحَةً فِي حَقِّ الْوَلَدِ، أَوْ يَكُونَ الْحَقُّ مُتَعَلِّقًا بِغَيْرِ الْوَلَدِ كَمَا إذَا ادَّعَى الْوَلَدُ أَنَّ صَدَاقَ ابْنَتَهُ ضَاعَ مِنْهُ، وَالزَّوْجُ يَطْلُبُهُ بِالْجِهَازِ، أَوْ ادَّعَى الْأَبُ إعَارَةَ الِابْنَةِ شَيْئًا مِنْ جِهَازِهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَيَحْلِفُ الْوَالِدُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ جُرْحَةً فِي حَقِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لِلزَّوْجِ فِي التَّمَتُّعِ بِشُورَتِهَا.

(ص) وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ كَالْأَخَوَيْنِ، أَوْ الزَّوْجَيْنِ إنْ خَلَا (ش) أَنَّ الْأَخَوَيْنِ إذَا حُبِسَا مَعًا فِي حَقٍّ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ خَلَا السِّجْنُ مِنْ الرِّجَالِ أَمْ لَا، وَمِثْلُهُمَا الْأَبَوَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَقَارِبِ وَكَذَلِكَ إذَا حُبِسَ الزَّوْجَانِ فِي دَيْنٍ فَطَلَبَ الْغَرِيمُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَطَلَبَ الزَّوْجَانِ أَنْ يَجْتَمِعَا فَذَلِكَ لَهُمَا إنْ كَانَ السِّجْنُ خَالِيًا، وَإِلَّا حُبِسَ الرَّجُلُ مَعَ الرِّجَالِ وَحُبِسَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ النِّسَاءِ فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُفَرَّقْ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ بَيْنُ؛ لِأَنَّهَا تَتَصَرَّفُ عَلَى لُغَةٍ قَالَ تَعَالَى {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] بِرَفْعِ بَيْنَ فَأَوْقَعَهَا مُتَصَرِّفَةً وَبِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَفَاعِلُهُ عَائِدٌ عَلَى الْإِمَامِ، أَيْ: لَمْ يُفَرِّقْ الْإِمَامُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ، أَيْ: لَمْ يُوجِبْ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا (ص) ، وَلَا يَمْنَعُ مُسَلِّمًا، أَوْ خَادِمًا بِخِلَافِ زَوْجَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْبُوسَ فِي الْحُقُوقِ لَا يُمْنَعُ فِيمَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُسَلِّمُ أَمَّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُعَلِّمُهُ الْحِيلَةَ فِي خَلَاصِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيُمْنَعُ، وَلَا يُمْنَعُ أَيْضًا مِمَّنْ يَخْدُمُهُ وَيُبَاشِرُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ صَحِيحًا، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ فِيمَنْ اشْتَدَّ مَرَضُهُ اُنْظُرْ الشَّارِحَ، وَقَوْلُهُ: مُسَلِّمًا مَفْعُولٌ ثَانٍ لِ يَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ، أَيْ: لَا يَمْنَعُ الْقَاضِي الْمَحْبُوسَ مُسَلِّمًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ إذَا حُبِسَ فِي حَقٍّ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تُمْنَعُ مِنْ أَنْ تُقِيمَ عِنْدَهُ فِي السِّجْنِ بِقَدْرِ مَا يَجْتَمِعُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ السِّجْنِ التَّضْيِيقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْفَعَ الْحَقَّ لِأَهْلِهِ إلَّا أَنْ تَشَاءَ الدُّخُولَ عَلَيْهِ فِي سِجْنِهِ لَهَا، أَيْ: إذَا سُجِنَ لَهَا وَلَوْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ وَقَوْلُنَا تُقِيمُ إلَخْ يُخْرِجُ مَا إذَا أَرَادَتْ السَّلَامَ عَلَيْهِ فَلَا تُمْنَعُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ، وَلَا يَمْنَعُ مُسَلِّمًا لِشُمُولِهِ الزَّوْجَةَ

(ص) وَأُخْرِجَ لِحَدٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْبُوسَ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ لِشَخْصٍ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ لِيُقَامَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَدَّ الْقَتْلِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ وَحِينَئِذٍ تُؤْخَذُ الدُّيُونُ مِنْ أَمْوَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا ضَاعَتْ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَلَا يُقَالُ إذَا أُخْرِجَ لِحَدِّ الْقَتْلِ لَا يَعُودُ فَلَا يَصِحُّ دُخُولُ حَدِّ النَّفْسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ: لِعَوْدِهِ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ

(ص) أَوْ ذَهَابِ عَقْلِهِ لِعَوْدِهِ (ش) ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَحْبُوسَ إذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بِحَمِيلٍ وَلَعَلَّهُ بِالْوَجْهِ فَإِذَا عَادَ لَهُ عَقْلُهُ عَادَ إلَى سِجْنِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي حَبْسِهِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ عِلْمِهِ (ص) وَاسْتُحْسِنَ بِكَفِيلٍ بِوَجْهِهِ لِمَرَضِ أَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ وَأَخِيهِ وَقَرِيبٍ جِدًّا لِيُسَلِّمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْبُوسَ إذَا اشْتَدَّ مَرَضُ مَنْ ذُكِرَ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الْخُرُوجِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ بِكَفِيلٍ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ يَعُودَ إلَى سِجْنِهِ فَقَوْلُهُ وَاسْتُحْسِنَ فِي نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ قَالَ الْبَاجِيُّ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالصَّوَابُ عِنْدِي وَهُوَ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ فِي كَلَامِ

ــ

[حاشية العدوي]

احْتَجَّ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ بِمَالِهِ عَلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ)، أَيْ: مَا عَدَا السَّجْنَ أَيْ، وَالسَّجْنُ أَشَدُّ مِنْ الضَّرْبِ خُصُوصًا مَعَ دَوَامِهِ وَيُحْبَسُ الْأَبُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِلْإِضْرَارِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا الْيَمِينَ الْمُنْقَلِبَةَ) هَذَا يَشْمَلُ مَا إذَا ادَّعَى الْأَبُ عَلَى وَلَدِهِ حَقًّا فَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَيَرُدُّهَا عَلَى الْأَبِ وَمَا إذَا قَامَ لِلْوَلَدِ شَاهِدٌ عَلَى أَبِيهِ بِحَقٍّ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَ الشَّاهِدِ فَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى أَبِيهِ لَكِنْ تُقَيَّدُ الْأُولَى بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى عَلَى الْوَلَدِ دَعْوَى اتِّهَامٍ، وَإِلَّا غَرِمَ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ، وَأَمَّا إنْ حَلَفَ الْأَبُ مَعَ شَاهِدٍ يُقِيمُهُ عَلَى ابْنِهِ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ تَحْلِيفِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: نَفْيًا وَإِثْبَاتًا) فَالنَّفْيُ عَدَمُ تَحْلِيفِ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ، وَالْإِثْبَاتُ تَحْلِيفُهُ لِجَدِّهِ وَابْنِهِ، وَالْمُنَاسِبُ لِلِاسْتِثْنَاءِ النَّفْيُ.

(قَوْلُهُ: وَمَا يَأْتِي إلَخْ)، أَيْ: وَالْيَمِينُ مِنْ مَعْنَى الْحَدِّ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا الْأَبَوَانِ)، أَيْ: إذَا حُبِسَ الْأَبُ مَعَ ابْنِهِ، أَوْ الْأُمُّ مَعَ وَلَدِهَا فَالْمَعْنَى إذَا حُبِسَ كُلٌّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ مَعَ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ مُسَلِّمًا) نَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمَحْبُوسِ وَهُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ وَمُسَلِّمًا الْمَفْعُول الثَّانِي (قَوْلُهُ: اُنْظُرْ الشَّارِحَ إلَخْ) عِبَارَاتُهُمْ تَدُلُّ عَلَى اعْتِمَادِ التَّقْيِيدِ، وَقَوْلُهُ: لِعَوْدِهِ، أَيْ: أَخْرَجَ الْمَجْنُونَ وَيَسْتَمِرُّ خَارِجًا عَنْ الْحَبْسِ لِعَوْدِهِ وَلَيْسَ صِلَةً لِأَخْرَجَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ: وَقَرِيبٌ جِدًّا) يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِقَرِيبٍ، أَيْ: قُرْبًا جِدًّا، أَيْ: قَرِيبِ الْقَرَابَةِ كَمَا فِي النَّقْلِ لَا قَرِيبٌ بَعِيدٌ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِمَرَضٍ، أَيْ: مَرَضًا جِدًّا، أَيْ: شَدِيدًا وَيُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ كَمَا قَالَ سَحْنُونَ فَإِنْ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْآخَرِ، وَالْأَحْسَنُ رُجُوعُهُ لَهُمَا مَعًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْرُجُ لِجِنَازَةِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ مَعَ حَيَاةِ الْآخَرِ، وَلَا يَخْرُجُ لِجِنَازَتِهِمَا مَعًا كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ: فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَيَتَّجِهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ الِاعْتِرَاضُ فِي تَرْكِ الْقِيَاسِ الَّذِي صَوَّبَهُ الْبَاجِيُّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمُرَادُ بِهِ اسْتِحْسَانٌ، أَيْ: أَوْ الْمُرَادُ تَرْجِيحُ شُيُوخِ غَيْرِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَنَحْوِهِمَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُجَرَّدُ حِكَايَةِ مَا رَجَّحَهُ الْمَشَايِخُ غَيْرَ مُلْتَزَمٍ كَوْنُهُ رَاجِحًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ هُمَا أَيْ، أَوْ يُحْتَمَلُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ الِاسْتِحْسَانُ الْمُقَابِلُ لِلْقِيَاسِ وَتَرْجِيحُ بَعْضِ الشُّيُوخِ.

ص: 280

الْمُؤَلِّفِ الْمُقَابِلُ لِلْقِيَاسِ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ اسْتِحْسَانُ شَيْخٍ غَيْرِ الَّذِينَ قَدَّمْتُهُمْ، أَوْ هُمَا.

(ص) لَا جُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَعَدُوٍّ إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ، أَوْ أَسْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْبُوسَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا، وَلَا لِصَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَا لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ، أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِنَذْرٍ، أَوْ حِنْثٍ، ثُمَّ قِيمَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ حُبِسَ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ يَوْمَ نُزُولِهِ بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى، أَوْ بِعَرَفَاتٍ اُسْتُحْسِنَتْ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ كَفِيلٌ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ الْحَجِّ، ثُمَّ يُحْبَسَ بَعْدَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وِلَاءً قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَالنَّفْرُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعَجَّلُ فِي الرَّمْيِ وَقَدْ مَرَّ فِي فَصْلِ الْحَصْرِ أَنَّ مَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يُحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَلَا يَخْرُجُ لِلدَّعْوَى عَلَيْهِ وَيُوَكِّلُ مَنْ يَسْمَعُ عَنْهُ الدَّعْوَى فَإِنْ امْتَنَعَ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فَإِذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ يُزَادُ السَّجْنُ عَلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ بَعْدَ الْإِعْذَارِ وَكَذَلِكَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْخُرُوجِ لِأَجْلِ عَدُوٍّ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ الْعَدُوُّ وَفِي السِّجْنِ، أَوْ يُخَافَ أَنْ يَأْسِرَهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ.

(ص) وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ (ش) هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الْخَاصِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَحَازَهَا الْمُشْتَرِي وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْبَائِعُ ثَمَنَهَا فُلِّسَ الْمُشْتَرِي أَوْ مَاتَ، وَالسِّلْعَةُ مَوْجُودَةٌ فَلِبَائِعِهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْغَرِيمِ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ شَيْئِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي حَالَةِ الْفَلَسِ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَدَيْنُ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِهَا، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ فَلَا يَكُونُ بَائِعُهَا أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ بَلْ هُوَ أُسْوَتُهُمْ فِيهَا؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ خَرِبَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَيْنٌ مِمَّا لَوْ تَغَيَّرَ كَمَا يَأْتِي وَشَمِلَ الدَّرَاهِمَ، وَالدَّنَانِيرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ مَسْكُوكًا (ش) حَيْثُ عُرِفَ بِعَيْنِهِ بِأَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا، أَوْ كَانَ مَطْبُوعًا عَلَيْهَا قِيَاسًا لِلثَّمَنِ عَلَى الْمُثَمَّنِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، ثُمَّ إنَّ مِثْلَ الْغَرِيمِ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ بِإِرْثٍ، أَوْ هِبَةِ الثَّمَنِ، أَوْ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ، أَوْ حَوَالَةٍ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْغَرِيمِ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْمُحَاصَّةُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَمَنْ بَاعَ عَبْدًا بِكِتَابٍ مَثَلًا غَيْرَ مَقْبُوضٍ مِنْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ بَاعَ الْكِتَابَ لِشَخْصٍ، ثُمَّ فُلِّسَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ إذْ لَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَائِعِ الْعَبْدِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَلَكَ ثَمَنَ الْعَبْدِ، وَالْأَوَّلُ يَرْجِعُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ فِي الْفَلَسِ دُونَ الثَّانِي قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ بَائِعَ الْعَبْدِ بِالْكِتَابِ يَقُولُ إنَّمَا خَرَجَ الْعَبْدُ مِنْ يَدِي فِي مُقَابَلَةِ الْكِتَابِ فَإِذَا تَعَذَّرَ أَخْذُ الْكِتَابِ فَلِي الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ عَبْدِي فِي الْفَلَسِ، وَأَمَّا مُشْتَرِي الْكِتَابِ فَإِنَّمَا دَفَعَ الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْكِتَابِ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى ثَمَنَ شَيْئِهِ فَلَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ

(ص) ، أَوْ آبِقًا (ش) هَذَا أَيْضًا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا فَأَبْقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْضَى بِعَبْدِهِ الْآبِقِ بِشَرْطِ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ فَإِنْ وَجَدَهُ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ

(ص) وَلَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ (ش) ، وَلَا يَرْجِعُ لِلْحُصَاصِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ مِنْ الْمُفَلَّسِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ.

(ص) إنْ لَمْ يَفْدِهِ غُرَمَاؤُهُ وَلَوْ بِمَالِهِمْ وَأَمْكَنَ لَا بُضْعٌ وَعِصْمَةٌ وَقِصَاصٌ (ش) أَشَارَ إلَى شُرُوطِ أَخْذِ السِّلْعَةِ مِنْ عِنْدِ الْمُفَلَّسِ مِنْهَا أَنْ لَا يَفْدِيَهُ الْغُرَمَاءُ فَإِنْ فَدَوْهُ بِثَمَنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ وَلَوْ بِمَالِهِمْ الْخَاصِّ بِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمِنُوا لَهُ الثَّمَنَ وَهُمْ ثِقَاتٌ أَوْ يُعْطُونَ بِهِ حَمِيلًا ثِقَةً وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يُمَكَّنَ الْغَرِيمُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ عَيْنَ شَيْئِهِ وَلِهَذَا احْتَرَزَ عَنْ الْبُضْعِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ فُلِّسَ الزَّوْجُ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِي بُضْعِهَا الَّذِي خَرَجَ مِنْهَا بَلْ تُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لَا جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ لَا يَخْرُجُ لِلْجُمُعَةِ فَالْعِيدُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ بِإِخْرَاجِهِ لِلْعِيدِ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: لَا جُمُعَةٍ)، أَيْ: وَلَا جَمَاعَةٍ بَلْ لِوُضُوءٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ إلَخْ)، أَيْ: فَيَخْرُجُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَكَذَا خَوْفُ قَتْلِهِ، أَوْ أَسْرِهِ إنْ لَمْ يُطْلِقْ بِالْكُلِّيَّةِ وَكَذَا خَوْفُ قَتْلِ غَيْرِهِ، أَوْ أَسْرِهِ إذَا لَمْ يُطْلِقْ فِيمَا يَظْهَرُ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُطْلِقْ مَعَ خَوْفِ مَنْ ذُكِرَ حَتَّى يَحْصُلَ مَا خِيفَ مِنْهُ مَاذَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يُطْلِقْهُ وَهَلْ هُوَ رَبُّ الْمَالِ، أَوْ الْحَاكِمُ، أَوْ السَّجَّانُ، أَوْ كُلٌّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ فِي فَصْلِ الْحَصْرِ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ حُبِسَ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَإِذَا بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَفَاتَهُ الْحَجُّ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ: إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ) ، أَوْ لَا إلَى مَوْضِعٍ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ إنْ لَمْ يُطْلَقْ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالنَّفْرُ بِسُكُونِ الْفَاءِ.

(قَوْلُهُ: أَخَذَ عَيْنَ مَالِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ لِأَجْلِ الشَّرْطِ الْآتِي وَقِرَاءَتُهُ بِكَسْرِ اللَّامِ لَا يَأْتِي مَعَهُ الشَّرْطُ الْآتِي، وَقَوْلُهُ: الْمُحَازُ عَنْهُ هَذِهِ النُّسْخَةُ تَصْحِيفٌ، وَالصَّوَابُ نُسْخَةُ مَحُوزٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَحَازَ وَإِنَّمَا يُقَالُ حَازَ فَاسْمُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ مَحُوزٌ، وَمَحُوزٌ أَصْلُهُ مَحْوُوزٌ، وَمُحَازٌ أَصْلُهُ مُحْوَزٌ، فَلَوْ لَمْ يَحُزْ عَنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَلَسًا وَمَوْتًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا) وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ تُفَارِقْ الْبَيِّنَةُ مَنْ قَبَضَهُ مِنْ حِينِ الرَّفْعِ إلَى حِينِ التَّفْلِيسِ وَبِتَصَوُّرِ ذَلِكَ لِمَنْ دَفَعَ عَيْنًا رَأْسَ مَالٍ فَفُلِّسَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ)، أَيْ: حَيْثُ قَالَ الْأَحَادِيثُ إنَّمَا فِيهَا مَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ أَوْ مَتَاعَهُ، وَالنَّقْدَانِ لَا يُطْلَقَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ عُرْفًا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْمُحَاصَّةُ) ، أَيْ: بِالثَّمَنِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إلَخْ)، أَيْ: بِشَرْطِ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ إنْ لَمْ يَجِدْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَهُ عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ يُحَاصِصَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ رَجَعَ إلَى الْحِصَاصِ، أَيْ: لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَطْلُبُ الْآبِقَ فَإِنْ وَجَدْتُهُ فَهُوَ لِي وَإِنْ لَمْ أَجِدْهُ دَخَلْت فِي الْحِصَاصِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ فَإِنْ وَجَدَهُ كَانَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ ذَلِكَ أَيْ يَطْلُبُهُ فَإِنْ وَجَدَهُ كَانَ لَهُ، وَإِلَّا رَجَعَ فَحَاصَصَ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَوْ ضَمِنُوا لَهُ الثَّمَنَ إلَخْ)، أَيْ: وَالنَّمَاءُ، وَالْخَسَارَةُ لِلْمُفَلَّسِ وَعَلَيْهِ

ص: 281

بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا قُبِضَ وَحِيزَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ النِّكَاحَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَهُوَ الْمُبْتَاعُ لِلْبُضْعِ لَمْ يَقْبِضْهُ وَانْظُرْ هَلْ تُحَاصِصُ الْغُرَمَاءُ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْعَقْدِ كَمَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ عُسْرِهِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ لَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا فَكَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا تَأَمَّلْ، وَعَنْ الْعِصْمَةِ كَمَا إذَا خَالَعَتْهُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُخَالِعُ الْعِوَضَ حَتَّى فُلِّسَتْ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَرْجِعُ فِي الْعِصْمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ لِعَدَمِ إمْكَانِ ذَلِكَ بَلْ يُحَاصِصُ غُرَمَاءَهَا بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْخُلْعُ وَعَنْ الْقِصَاصِ كَمَا إذَا صَالَحَ فِي دَمٍ عَمْدٍ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ وَقَبْلَ قَبْضِهِ فُلِّسَ الْجَانِي فَلَا رُجُوعَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ الدَّمُ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ صُلْحُ الْإِنْكَارِ إذَا فُلِّسَ الْمُنْكِرُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يُحَاصِصُ بِمَا صُولِحَ بِهِ، وَلَا يَرْجِعُ فِي الدَّعْوَى.

(ص) وَلَمْ يَنْتَقِلْ لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ، أَوْ خُلِطَ بِغَيْرِ مِثْلٍ أَوْ سُمِّنَ زُبْدُهُ، أَوْ فُصِّلَ ثَوْبُهُ، أَوْ ذُبِحَ كَبْشُهُ، أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ (ش)، أَيْ: وَمِنْ شُرُوطِ رُجُوعِ الْإِنْسَانِ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ عَنْ هَيْئَتِهِ أَمَّا إنْ تَغَيَّرَ عَنْ هَيْئَتِهِ كَطَحْنِ الْحِنْطَةِ أَوْ خُلِطَ بِغَيْرِ مِثْلِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَيَسَّرُ تَمْيِيزُهُ مِنْهُ كَقَمْحٍ بِشَعِيرٍ، أَوْ صَارَ الزُّبْدُ سَمْنًا، أَوْ فُصِّلَ الثَّوْبُ قَمِيصًا، أَوْ سَرَاوِيلَ، أَوْ ذُبِحَ الْكَبْشُ، أَوْ صَارَ الرُّطَبُ تَمْرًا فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لِصَاحِبِهِ بِهِ وَتَتَعَيَّنُ الْمُحَاصَّةُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فَقَوْلُهُ لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى لَمْ يَنْتَقِلْ، أَيْ: وَاسْتَمَرَّ لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَأَنْ طُحِنَتْ وَأَوْلَى لَوْ عُجِنَتْ، أَوْ بُذِرَتْ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ أَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ لَا تُفِيتُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ مِثْلٍ مِمَّا لَوْ خُلِطَ بِمِثْلِهِ كَالْحِنْطَةِ تُخْلَطُ بِمِثْلِهَا، وَالزَّيْتِ، وَالْعَسَلِ بِمِثْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيتُ الرُّجُوعَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ، أَيْ: حَيْثُ اشْتَرَى الرُّطَبَ مُجَرَّدًا عَنْ الْأُصُولِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَصَارَ تَمْرًا، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ الْأُصُولِ فَلَا يَفُوتُ إلَّا بِالْجَذِّ كَمَا فِي الْفَلَسِ لَا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُفَلَّسَ إنَّمَا يَفُوزُ بِالثَّمَرَةِ إذَا جَذَّهَا لَا بِيُبْسِهَا وَهُوَ خِلَافُ مَا هُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الثَّمَرَةُ الَّتِي يَفُوزُ بِجَذِّهَا هِيَ غَلَّةٌ لِشَيْءٍ وَمَا هُنَا الْبَيْعُ وَاقِعٌ عَلَى ذَاتِهَا

(ص) كَأَجِيرِ رَعْيٍ وَنَحْوِهِ (ش) التَّشْبِيهُ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ وَهُوَ عَدَمُ الْأَخْذِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَجِيرَ الْحِرَاسَةِ وَأَجِيرَ الرَّعْيِ وَأَجِيرَ الْخِدْمَةِ وَنَحْوَهُمْ إذَا فُلِّسَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ، أَوْ غَيْرُهُ كَرَبِّ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ دَفْعِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّ الْأَجِيرَ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالْمَاشِيَةِ، أَوْ الزَّرْعِ فِي خِدْمَتِهِ بَلْ يُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً كِرَاءً مَضْمُونًا، ثُمَّ فُلِّسَ رَبُّهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجِيرِ أَنَّ الْأَجِيرَ لَمْ تَتَعَلَّقْ خِدْمَتُهُ بِالْمَاشِيَةِ بَلْ بِذِمَّةِ رَبِّهَا، وَالْمُكْتَرِي تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِ رُكُوبِهِ عَلَيْهَا صَارَتْ كَالْمُعَيَّنَةِ، وَبِعِبَارَةٍ: وَمِثْلُ أَجِيرِ الرَّعْيِ الصَّانِعُ الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ فِي حَانُوتِكَ فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ انْصَرَفَ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِمَا فِي الْحَانُوتِ وَلَيْسَ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلدِّرَاسِ بِبَقَرِهِ كَذَلِكَ إذْ صَاحِبُ الْبَقَرِ أَحَقُّ بِالْأَنْدَرِ؛ لِأَنَّهُ كَالْحَائِزِ لِلْأَنْدَرِ

(ص) وَذِي حَانُوتٍ فِيمَا بِهِ (ش) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ كَعَدَمِ اخْتِصَاصِ ذِي حَانُوتٍ بِمَا فِيهِ إذَا فُلِّسَ الْمُكْتَرِي وَإِذَا لَمْ تَخْتَصَّ بِهِ فَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِيمَا فِيهِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) أَقُولُ وَكَذَا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا لَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ فَتُحَاصِصَ بِجَمِيعِهِ عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ جَمِيعَهُ وَبِنِصْفِهِ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ، أَيْ: إذَا أَرَادَتْ التَّطْلِيقَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُرِدْ فَكَمَا قُلْنَا فَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ إلَخْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّهُ يَشْمَلُ حَتَّى الَّتِي لَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ فَلَا يَظْهَرُ مَعَ مَا قُلْنَا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْكَلَامِ عَلَى وَجْهٍ لَا قَلَقَ فِيهِ فَيَقُولُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَكَذَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ لِعُسْرِهِ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَتْ التَّطْلِيقَ لِعُسْرِهِ فَهَلْ تُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ بِالنِّصْفِ، أَوْ لَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَقَوْلُهُ: تَأَمَّلْ، أَيْ: تَأَمَّلْ مَا يَظْهَرُ بِهِ صِحَّةُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ قُلْت: فَتَأَمَّلْته فَوَجَدْت لَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ فَمَا وَجْهُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ.

(قَوْلُهُ:، أَوْ فُصِّلَ ثَوْبُهُ)، أَوْ قُطِّعَ الْجِلْدُ نِعَالًا وَنَحْوَهَا (قَوْلُهُ: أَيْ: وَاسْتَمَرَّ) فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَحْذُورٌ نَحْوِيٌّ وَهُوَ عَدَمُ تَغَايُرِ مَعْطُوفٍ لَا إثْبَاتًا وَنَفْيًا بَلْ التَّغَايُرُ مَوْجُودٌ نَعَمْ فِيهِ تَكَلُّفٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَطْفُ اللَّفْظِ عَلَى اللَّفْظِ، وَأَمَّا قَطْعُ الشَّقَّةِ نِصْفَيْنِ فَلَا يُفِيتُ وَكَذَا الدَّبْغُ لَا يُفِيتُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ الْأُصُولِ) أَيْ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَمْ تُؤَبَّرْ (قَوْلُهُ: فِي بَابِ الْفَلَسِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بَابًا مِنْ كِتَابٍ مُعَيَّنٍ بَلْ أَرَادَ بَابَ الْفَلَسِ مِنْ أَيِّ كِتَابٍ، أَيْ: إنَّ شَأْنَ بَابِ الْفَلَسِ مِنْ أَيِّ كِتَابٍ يَتَكَلَّمُ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ الثَّمَرَةُ إلَخْ)، أَيْ: هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ الْأُصُولِ فَلَا حَاجَةَ لِسُؤَالٍ، وَلَا لِجَوَابٍ (قَوْلُهُ: كَأَجِيرِ رَعْيٍ) هَذَا إذَا كَانَ يَرُدُّ مَا يَرْعَى لِبَيْتِ صَاحِبِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَالظَّاهِرُ إذَا بَاتَ مَا يَرْعَاهُ مِنْ نَحْوِ غَنْمٍ عِنْدَ رَبِّهِ تَارَةً وَعِنْدَهُ أُخْرَى فَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَانْظُرْهُ وَانْظُرْ إذَا كَانَتْ تَبِيتُ بِمَحَلٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا، أَوْ بِمَنْزِلِهِمَا السَّاكِنِينَ بِهِ جَمِيعًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ يُنْظَرُ وَقْتَ فَلَسِهِ إنْ كَانَ الْبَيَاتُ عِنْدَ رَبِّهَا يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ رَاعِيهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِنْدَ الْبَيَاتِ فِي الْمَنْزِلِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ انْصَرَفَ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَفَاتِيحُ بِيَدِهِ أَنَّهُ يَفُوزُ بِمَا فِي الدُّكَّانِ

ص: 282

وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ الظَّرْفِيَّةُ مَجَازِيَّةً، أَوْ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ، وَلَا يُقَدَّمُ ذُو حَانُوتٍ فِيمَا بِهِ وَحِينَئِذٍ فَالظَّرْفِيَّةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا.

(ص) وَرَادٍّ لِسِلْعَةٍ بِعَيْبٍ وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَوْ أُخِذَتْ بَدَلَ دَيْنٍ، ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهَا عَلَى عَيْبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ فَرَدَّهَا فَلَمْ يَرُدَّ الْبَائِعُ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ، وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ يُحَاصِصُ مَعَهُمْ بِثَمَنِهَا، وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِفَلَسِهِ أَمْ لَا وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَرَادَ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الرَّدَّ فَوَجَدَهُ مُفَلَّسًا فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَرُدَّ حَتَّى فُلِّسَ الْبَائِعُ هَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ فَيُبَاعَ لَهُ، أَوْ يَكُونَ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ وَعَلَى أَنَّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فَقِيلَ يُخَيَّرُ فِي حَبْسِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ رَدِّهِ وَيُحَاصِصُ وَقِيلَ لَهُ حَبْسُهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَيُحَاصِصُ إنْ رَدَّهُ انْتَهَى وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ رَبُّ الدَّيْنِ يُسَامِحُ فِيمَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً عَنْ عِشْرِينَ مَثَلًا كَانَ مِنْ حَقِّ الْمَدِينِ إذَا طَلَبَ أَخْذَهَا رَبُّ الدَّيْنِ أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّفْقِ بِهِ إذْ لَوْ رُدَّتْ لَبِيعَتْ مَثَلًا بِعَشَرَةٍ فَتَبْقَى الْعَشَرَةُ مُخَلَّدَةً فِي ذِمَّتِهِ وَبِأَخْذِ ذَلِكَ تَسْقُطُ عَنْ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ النَّقْدِ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ خِلَافُ ذَلِكَ

(ص) وَهَلْ الْقَرْضُ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ مُقْتَرِضُهُ أَوْ كَالْبَيْعِ خِلَافٌ (ش) أَيْ: وَهَلْ الْقَرْضُ لَا يَكُونُ الْمُقْرِضُ أَحَقَّ بِمَا أَقْرَضَهُ حَيْثُ فُلِّسَ الْمُقْتَرِضُ بَعْدَ حُصُولِ الْقَرْضِ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمُقْتَرِضُ الْقَرْضَ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ أَمْ لَا وَيَأْخُذُهُ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْمُقْرِضِ وَيُحَاصِصُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَزِمَهُ بِالْقَوْلِ وَصَارَ مِلْكًا لِلْمُفَلَّسِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْمَازِرِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْبَيْعِ، أَوْ الْقَرْضُ كَالْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقْتَرِضُ قَبَضَهُ فَالْمُقْرِضُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ؛ لِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ سِلْعَةٌ لَمْ يُسَلِّمْهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا فِي الْقَرْضِ، وَالْبَيْعِ وَإِنْ قَبَضَهُ كَانَ الْمُقْرِضُ أَحَقَّ بِهِ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ خِلَافٌ، وَأَمَّا لَوْ فُلِّسَ الْمُقْرِضُ يَكُونُ الْمُقْتَرِضُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيِّنًا، وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ بِالْقَوْلِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا يُؤْخَذُ وَغَيْرُهُ مِمَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِ الْمُفَلَّسِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ فَذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ الرَّهْنَ، وَالْجِنَايَةَ بِقَوْلِهِ

(ص) وَلَهُ فَكُّ الرَّهْنِ وَحَاصَّ بِفِدَائِهِ لَا بِفِدَا الْجَانِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا بَاعَ عَبْدًا مَثَلًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى فُلِّسَ الْمُشْتَرِي، وَالْعَبْدُ مَوْجُودٌ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدَّرَ رَهْنَهُ قَبْلَ فَلَسِهِ وَحَازَهُ الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّ بَائِعَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَكَّ الرَّهْنَ بِدَفْعِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ، أَوْ رَضِيَ رَبُّهُ بِتَعْجِيلِهِ وَحَاصَّ بِمَا فَدَاهُ بِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ تَحْتَ رَهْنِهِ وَحَاصَّ بِثَمَنِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْعَبْدَ قَدْ جَنَى عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَأَسْلَمَهُ فِي الْجِنَايَةِ بَعْدَ فَلَسِهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ، وَلَا يُحَاصِصَ بِمَا فَدَاهُ بِهِ بَلْ يَضِيعُ عَلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَيْسَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ بَلْ فِي رَقَبَةِ الْجَانِي إذْ لَهُ تَسْلِيمُهُ فِيهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ، وَالرَّهْنُ مِنْ سَبَبِهِ فَقَوْلُهُ وَلَهُ فَكُّ الرَّهْنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ إمَّا عَلَى أَنَّهُ تَفْصِيلٌ لَهُ، أَوْ تَقْيِيدٌ، أَوْ وَإِمَّا عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَهُ فِدَاءُ الْجَانِي حَيْثُ أَسْلَمَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّفْلِيسِ كَمَا ذَكَرْنَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: أَوْ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ) الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ إذْ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَادَّةَ الِاخْتِصَاصِ تَتَعَدَّى بِالْبَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ عَلِمَ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْفَلَسَ طَارِئ بَعْدَ رَدِّهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ) قَالَ اللَّقَانِيِّ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَجَعَلَ كَوْنَهُ ابْتِدَاءَ بَيْعٍ خِلَافَ الْمَشْهُورِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ)، أَيْ: إنْ شَاءَ، حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ كَلَامِهِ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهَا وَتُبَاعُ فِي الثَّمَنِ أَيْ فَإِنْ وَفَّى، وَإِلَّا حَاصَصَ بِمَا بَقِيَ لَهُ وَقَدْ أَفَادَ ذَلِكَ عج (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْقَرْضُ إلَخْ) قَالَ عج مُقْتَضَى نَقْلِ ق فِي مَحَلَّيْنِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُرَجَّحْ وَإِنَّمَا الْمُرَجَّحُ قَوْلَانِ رَبُّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مُطْلَقًا وَأَحَقُّ بِهِ مُطْلَقًا قَبَضَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَدِيثَ إلَخْ) وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ ابْتَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ فُلِّسَ الْمُقْرِضُ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا قَبْلَ أَخْذِ الْمُقْتَرِضِ، وَأَمَّا لَوْ فُلِّسَ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمُقْتَرِضُ الْقَرْضَ فَنَصَّ عج عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ، وَلَا لِغُرَمَائِهِ كَلَامٌ مَعَ الْمُقْتَرِضِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا مِنْ قَوْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ فُلِّسَ الْمُقْرَضُ يَكُونُ الْمُقْتَرِضُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي عج خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّهُ يُبْطِلُ الْحُصُولَ الْمَانِعَ قَبْلَ الْقَبْضِ اسْتِظْهَارًا وَنَصَّ عب عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِظْهَارِ أَقُولُ: وَقَوْلُ شَارِحِنَا إنَّهُ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ، وَالصَّدَقَةَ يَلْزَمَانِ بِالْقَوْلِ وَمَعَ ذَلِكَ يَبْطُلَانِ بِالْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ.

(قَوْلُهُ: لَا بِفِدَى الْجَانِي) بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَأَسْلَمَهُ فِي الْجِنَايَةِ بَعْدَ فَلَسِهِ) ، وَالْجِنَايَةُ قَبْلَ الْفَلَسِ، أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ تَفْصِيلٌ لَهُ) ، أَيْ: فَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَلِلْمُحَازِ عَنْهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ، أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ وَفَدَاهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَفْدِهِ فَلَا يَكُونَ أَحَقَّ بِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ تَقْيِيدٌ لَهُ أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلِلْمُحَازِ عَنْهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِمَّا عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ تَفْصِيلًا، أَوْ تَقْيِيدًا وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ كَذَلِكَ وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ فَيَكُونُ مُسْتَأْنَفًا

ص: 283

وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَهُ قَبْلَ فَلَسِهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ فِدَاؤُهُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بِالْإِسْلَامِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا يُرَدُّ كَبَيْعِهِ، وَأَمَّا إنْ فَدَاهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ لِرَبِّهِ أَخْذَهُ مَجَّانًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَحَاصَّ بِفِكَاكِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ مَفْدِيًّا وَإِنَّمَا هُوَ مَفْكُوكٌ لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِالْفِدَاءِ لِمُشَاكَلَةِ قَوْلِهِ لَا بِفِدَا الْجَانِي لِيَصِيرَ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 6] ؛ لِأَنَّ ذُكْرَانَ الْجِنِّ لَا يُقَالُ لَهُمْ رِجَالٌ.

(ص) وَنَقْضُ الْمُحَاصَّةِ إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا بَاعَ سِلْعَةً وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا فَحَاصَصَ الْبَائِعُ بِثَمَنِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ لِعَدَمِ وُجْدَانِ سِلْعَتِهِ، ثُمَّ إنَّهَا رُدَّتْ عَلَى الْمُفَلَّسِ بِعَيْبٍ بِهَا، أَوْ بِفَسَادٍ فَلِبَائِعِهَا أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ شَيْئِهِ وَيَرُدَّ مَا أَخَذَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ؛ لِأَنَّهَا اُنْتُقِضَتْ بِأَخْذِ سِلْعَتِهِ وَلَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْمُحَاصَّةِ وَيُسَلِّمُهَا لِلْغُرَمَاءِ وَيَتَحَاصَصُ مَعَهُمْ فِي ثَمَنِهَا كَمَالٍ طَرَأَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ عَمَّا إذَا زَادَتْ بِإِقَالَةٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ وَصِيَّةٍ، أَوْ إرْثٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَيْهَا سَبِيلٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَتَى رُدَّتْ إلَيْهِ بِمِلْكِ مُسْتَأْنَفٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَقَالٌ، وَقَوْلُهُ: بِعَيْبٍ، أَيْ: قَدِيمٍ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَدَلَّسَ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ أَعْلَمهُ بِهِ، أَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَرَضِيَهُ، وَأَمَّا الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ إلَخْ فَلَا تَكْرَارَ (ص) وَرَدُّهَا، وَالْمُحَاصَّةُ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ (ش) رَدُّهَا مَرْفُوعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ مَعْطُوفٌ عَلَى " فَكُّ "، أَوْ عَلَى " نَقْضُ "، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا وَجَدَ عَيْنَ شَيْئِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُفَلَّسِ فَلَمَّا أَخَذَهُ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا سَمَاوِيًّا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ أَرْشِ الْعَيْبِ وَإِنْ شَاءَ حَاصَصَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَسَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُفَلَّسِ أَوْ وَهِيَ عِنْدَهُ وَمَعْنَى الرَّدِّ عَلَى الثَّانِي التَّرْكُ، أَيْ: وَلَهُ تَرْكُهَا لِلْمُفَلَّسِ

(ص) أَوْ مِنْ مُشْتَرِيهِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَأْخُذْ أَرْشَهُ، أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَخَذَ سِلْعَتَهُ مِنْ عِنْدِ الْمُشْتَرِي وَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا مِنْ فِعْلِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمُفَلَّسُ فَهُوَ أَيْضًا بِالْخِيَارِ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهَا، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأَرْشِ، أَوْ يَتْرُكَهَا لِلْغُرَمَاءِ وَيُحَاصِصَ مَعَهُمْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَسَوَاءٌ عَادَ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا، وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَأْخُذْ الْمُفَلَّسُ لَهُ أَرْشًا، أَوْ عَادَ لِهَيْئَتِهِ سَوَاءٌ أَخَذَ لَهُ أَرْشًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَا عَادَ لِهَيْئَتِهِ صَارَ مَا أَخَذَهُ الْمُفَلَّسُ مِنْ الْأَرْشِ كَالْغَلَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَبَيْنَ جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي أَنَّ جِنَايَةَ الْمُشْتَرِي جِنَايَةٌ عَلَى مَا فِي مِلْكِهِ فَلَيْسَ فِيهَا تَعَدٍّ فَأَشْبَهَتْ السَّمَاوِيَّ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ، أَوْ مِنْ مُشْتَرِيهِ لِلْبَائِعِ، أَيْ: مُشْتَرِي سِلْعَةِ الْبَائِعِ وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ، أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ بِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِي الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّ فِيهَا مَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ بَرِئْت عَلَى شَيْنٍ، أَوْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ

(ص) ، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ (ش)، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعُدْ لِهَيْئَتِهِ وَهِيَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ سَوَاءٌ أَخَذَ لَهَا أَرْشًا أَمْ لَا فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنْ يُقَوَّمَ يَوْمَ الْبَيْعِ سَالِمًا وَمَعِيبًا وَيُحَاصِصَ بِمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ ثَمَنِهِ كَسِلْعَتَيْنِ فَاتَتْ إحْدَاهُمَا عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فَقَوْلُهُ نَقَصَهُ، أَيْ: نَقَصَ الشَّيْءَ الْمَبِيعَ، وَالْمُنَاسِبُ لِمَرَامِهِ أَنْ يَقُولَ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَعَادَ هَيْئَتِهِ، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ.

(ص) وَرَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ قُبِضَ وَأَخَذَهَا (ش) عَطْفٌ عَلَى " فَكُّ "، وَالْمَعْنَى لَوْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَقَبَضَ خَمْسَةً، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ قَائِمَةً فَهُوَ مُخَيَّرٌ إمَّا أَنْ يُحَاصِصَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَهُ قَبْلَ فَلَسِهِ إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ شُيُوخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا فُلِّسَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَبَعْدَ إسْلَامِهِ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِرَبِّهِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَرَدَّهُ اللَّقَانِيِّ فَقَالَ، وَسَوَاءٌ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَقَبْلَ إسْلَامِهِ، أَوْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَبَعْدَ إسْلَامِهِ وَكَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ فَاسِدٌ اهـ (قَوْلُهُ: لِمُشَاكَلَةِ إلَخْ) الْمُشَاكَلَةُ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ فِي الْخَيَالِ لَا فِي اللَّفْظِ لِوُجُوبِ سَبْقِيَّةِ الْعَلَاقَةِ عَلَى النُّطْقِ بِاللَّفْظِ.

(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) ، وَالْفَرْقُ، أَوْ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الثَّانِي فَكَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عِنْدَ الْمُفَلَّسِ، وَالرَّدُّ لِفَلَسِ الثَّانِي، أَوْ فَسَادِ بَيْعِهِ مُلْحَقَانِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْمَعْنَى بِخِلَافِ رَدِّهَا بِهِبَةٍ وَمَا بَعْدَهَا فَإِنَّهَا رُدَّتْ لِلْمُفَلَّسِ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ (قَوْلُهُ: فَلَا تَكْرَارَ) كَذَا قَالَ الْفِيشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا كَانَ قَدِيمًا عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، أَوْ حَادِثًا عِنْدَ الْمُفَلَّسِ، وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْمُفَلَّسِ، وَقَوْلُهُ:، وَالْمُحَاصَّةُ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ فِيمَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ.

(قَوْلُهُ: وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ إلَخْ)، أَيْ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَوْ أَخَذَهُ بَلْ نَقُولُ هُوَ مَفْهُومٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْقَلُ جَرْحٌ) ، أَيْ: لَا يُؤْخَذُ عَقْلُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ إلَخْ) صَوَابُهُ إلَّا إذَا بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ)، أَيْ: بِأَنْ كَانَ بَاعَهُ بِمِائَةٍ وَقِيمَتُهُ سَالِمًا خَمْسُونَ وَبَعْدَ الْجِنَايَةِ أَرْبَعُونَ فَقَدْ نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ الْخُمُسَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيُحَاصِصَ بِعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعُدْ) هَذَا نَاظِرٌ لِلْمُعْتَمَدِ لَا نَاظِرٌ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ، أَيْ: مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ أَخَذَهُ لَا رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا فَيَكُونُ حَلًّا مُوَافِقًا لِلْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَالْمُنَاسِبُ لِمَرَامِهِ) ، أَيْ: مِنْ كَوْنِهِ مُخْتَصَرًا مُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ أَخَذَهُ زَادَ مِنْ الِاخْتِصَارِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا، أَيْ: لَمْ يَأْخُذْهُ، أَوْ أَخَذَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ أَرْشًا، أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعُودَ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا فَظَاهِرُهُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِنِسْبَةِ النَّقْصِ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ إذَا أَخَذَهُ وَلَمْ يَعُدْ لِهَيْئَتِهِ مَعَ أَنَّ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْهَيْئَةِ سَوَاءٌ

ص: 284

بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّ الْخَمْسَةَ الَّتِي قَبَضَهَا وَيَأْخُذَ سِلْعَتَهُ (ص) وَأَخْذُ بَعْضِهِ وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ (ش) وَأَخْذُ: مَصْدَرٌ مَعْطُوفٌ عَلَى فَكُّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ بَاعَ بَعْضَ ذَلِكَ فَوَجَدَ الْبَائِعُ بَعْضَ الْمَبِيعِ قَائِمًا فَلَهُ أَخْذُهُ وَيُحَاصِصُ بِمَا يَنُوبُ الْفَائِتَ مِنْ الثَّمَنِ كَأَنَّ الْفَائِتَ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِيًّا وَجَّهَ الصَّفْقَةَ أَمْ لَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ مَا وَجَدَ وَحَاصَصَ بِثَمَنِهِ، أَوْ بِبَاقِيهِ إنْ كَانَ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَاقْتَضَى مِنْ ثَمَنِهِمَا عَشَرَةً وَبَاعَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرِ عِنْدَهُ وَفُلِّسَ فَأَرَادَ الْبَائِعُ أَخْذَ الْعَبْدِ الثَّانِي مِنْهُمَا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي اقْتَضَاهَا خَمْسَةً؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ الْأُولَى كَانَتْ مَفْضُوضَةً عَلَيْهِمَا وَهَذَا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مُتَسَاوِيَةً، وَإِلَّا فَضَّ الْعَشَرَةَ الْمُقْتَضَاةَ أَوَّلًا عَلَيْهِمَا وَرَدَّ حِصَّةَ الْبَاقِي

(ص) كَبَيْعِ أُمٍّ وَلَدَتْ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَأَخْذُ بَعْضِهِ وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً، أَوْ دَابَّةً وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ بَاعَهَا وَأَبْقَى وَلَدَهَا، ثُمَّ فُلِّسَ فَإِنَّ لِرَبِّهَا أَخْذَ الْوَلَدِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيُقَوَّمُ عَلَى هَيْئَتِهِ الْآنَ أَنْ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَلَهُ تَرْكُهُ، وَالْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ وَلَدَتْ، أَيْ: بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهَا الْمُفَلَّسُ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ، أَوْ لَا وَوَجْهُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا غَيْرَ حَامِلٍ أَنَّ الْأَخْذَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ فَكَأَنَّهَا وَلَدَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا مَعَهَا يَوْمَ الْبَيْعِ فَهِيَ مِمَّا يَتَعَدَّدُ فِيهِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَيْعِ أَحَدِهِمَا أَوْ مَوْتِهِ وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ بِيعَتْ لِلْمُفَلَّسِ فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعُونَ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ الْآنَ يَوْمَ الْبَيْعِ فَيُقَالُ عِشْرُونَ فَيُحَاصِصُ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا

(ص) وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، أَوْ بَاعَ الْوَلَدَ فَلَا حِصَّةَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَاعَ أَمَةً، أَوْ رَمَكَةً وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ، أَوْ بَاعَ الْوَلَدَ وَأَبْقَى الْأُمَّ، ثُمَّ فُلِّسَ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ الْبَاقِيَ وَيُحَاصِصَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، أَوْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَلَا حِصَّةَ لِلْمَيِّتِ فِي الْأُولَى، وَلَا لِلْوَلَدِ الْمَبِيعِ فِي الثَّانِيَةِ بِاتِّفَاقٍ فِي الْأُولَى وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ هِيَ الْمُشْتَرَاةُ بِعَيْنِهَا، وَالْوَلَدُ كَالْغَلَّةِ فَلَوْ وَجَدَهُمَا مَعًا أَخَذَهُمَا إذْ الْوَلَدُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَرِي (تَنْبِيهٌ) هَذَا حُكْمُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ قَتْلٍ، وَأَمَّا إنْ قُتِلَ أَحَدُهُمَا فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ قُتِلَ فَأُخِذَ لَهُ عَقْلًا وَبَقِيَ الْآخَرُ كَانَ كَالْبَيْعِ فِي تَفْصِيلِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهُ عَقْلًا فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْمَوْتِ أَيْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْمَوْجُودِ إلَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ

(ص) وَأَخَذَ الثَّمَرَةَ، وَالْغَلَّةَ (ش) فَاعِلُ أَخَذَ وَهُوَ الْمُفَلَّسُ وَحَيْثُ قُلْنَا يَأْخُذُ الثَّمَرَةَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا جَذَّهَا وَفَارَقَتْ الْأُصُولَ وَإِنْ لَمْ يَجُذَّهَا فَالْبَائِعُ يَأْخُذُهَا مَعَ أُصُولِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَرْجِعْ بِسَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ زَادَ ذَلِكَ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَرَةِ وَالْمُرَادُ بِالثَّمَرَةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ لِلْمُفَلَّسِ أَنْ يَأْخُذَ الْغَلَّةَ الَّتِي لَمْ تُوجَدْ عِنْدَ الْعَقْدِ مِنْ لَبَنٍ وَصُوفٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَسُكْنَى رِبَاعٍ وَخَرَاجِ أَرْضٍ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ (ش) إلَّا صُوفًا تَمَّ، أَوْ ثَمَرَةً مُؤَبَّرَةً (ش) الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا بَاعَ غَنَمًا عَلَيْهَا صُوفٌ قَدْ تَمَّ حِينَ شِرَائِهِ لِلْغَنَمِ، أَوْ نَخْلًا عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ حِينَ شِرَائِهِ لِلْأَشْجَارِ، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُ غَنَمَهُ مَعَ صُوفِهَا إنْ لَمْ يَجُزَّهُ فَإِنْ جَزَّهُ الْمُشْتَرِي وَكَانَ مَوْجُودًا أَخَذَهُ أَيْضًا وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُحَاصِصُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأُصُولَ مَعَ ثَمَرَتِهَا مَا لَمْ يَجُذَّهَا عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَقْصُودَةٌ وَلَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إنْ جَذَّهَا عَنْ أُصُولِهَا فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا، وَلَكِنْ يُحَاصِصُ بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الصُّوفَ لَمَّا كَانَ تَامًّا يَوْمَ الْبَيْعِ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ إذْ يَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلِهِ فَلَا يُفِيتُهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا ذَهَابُ عَيْنِهِ لَا مُجَرَّدُ الْجِذَاذِ وَأَنَّ الثَّمَرَةَ الْمَأْبُورَةَ يَوْمَ الْبَيْعِ لَمْ تَكُنْ مُسْتَقِلَّةً إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا مُنْفَرِدَةً عَنْ أَصْلِهَا

ــ

[حاشية العدوي]

أَخَذَهُ أَمْ لَا فَإِذَا رَجَعْنَا قَوْلَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ جَاءَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنِسْبَةِ نَقْصِهِ أَخَذَ أَرْشًا أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بَعْضَهُ) مَحَلُّ أَخْذِهِ بَعْضَهُ إنْ لَمْ يَفْدِهِ غُرَمَاءُ الْمُفَلَّسِ بِمَالِهِمْ وَهَلْ يَخْتَصُّونَ بِهِ عَنْهُ إلَى مَبْلَغِ فِدَائِهِ، وَلَا دُخُولَ لَهُ بِثَمَنِ الْفَائِتِ، أَوْ لَا يَخْتَصُّونَ بِهِ بَلْ يُحَاصِصُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا فَدَوْهُ بِهِ سَلَفٌ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَيُحَاصِصُ (قَوْلُهُ: وَأَبْقَى وَلَدَهَا)، أَيْ: بَعْدَ الْإِثْغَارِ، أَوْ رَضِيَتْ بِالتَّفْرِقَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْأُمِّ) تَقْوِيمُ الْأُمِّ أَوَّلًا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ (قَوْلُهُ: فَيُقَالُ عِشْرُونَ) أَيْ فَتُنْسَبُ أَرْبَعُونَ لِسِتِّينَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ الْوَلَدَ) وَأَوْلَى هِبَتُهُ، أَوْ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ فِيهِ عِوَضًا (قَوْلُهُ: فَلَا حِصَّةَ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ الْأُمِّ وَبَيْنَ بَيْعِ الْوَلَدِ أَنَّهُ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ فَاتَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُحَاصِصُ بِأَرْشِهِ وَإِذَا اشْتَرَاهَا حَامِلًا بِهِ كَالْغَلَّةِ الَّتِي يَفُوزُ بِهَا الْمُفَلَّسُ فَلَوْ وَجَدَهُمَا مَعًا أَخَذَهُمَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يَأْخُذُهَا الْمُشْتَرِي، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَوْتِ الْأُمِّ وَبَيْعِهَا أَنَّهُ أَخَذَ لَهَا ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا) فِي شَرْحِ عب لَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ لِعَجْزِهِ، وَأَمَّا إنْ تَرَكَهُ مَعَ قُدْرَتِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَخْذِهِ (قَوْلُهُ: وَالْغَلَّةُ) أَيْ كَمَالِ الْعَبْدِ الْحَادِثِ بَعْدَ الشِّرَاءِ حَيْثُ انْتَزَعَهُ، أَوْ لَمْ يَنْتَزِعْهُ وَفَدَاهُ الْغُرَمَاءُ (قَوْلُهُ: إذَا جَذَّهَا) ، أَيْ: وَكَذَا إنْ جَزَّ الصُّوفَ غَيْرَ التَّامِّ (قَوْلُهُ: مِنْ لَبَنٍ) أَيْ إذَا حَلَبَ، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ، وَأَمَّا خَرَاجُ الْأَرْضِ وَأُجْرَةُ الدُّورِ فَلِلْمُفَلَّسِ وَغُرَمَائِهِ مُطْلَقًا قُبِضَتْ أَمْ لَا وَكَذَا أُجْرَةُ الْحَيَوَانِ، أَيْ: قُبِضَتْ أَمْ لَا بِخِلَافِ اللَّبَنِ، وَالصُّوفِ (قَوْلُهُ: إذَا بَاعَ غَنَمًا) الْمُنَاسِبُ إذَا اشْتَرَى غَنَمًا

ص: 285

فَجِذَاذُهَا يُفِيتُهَا عَلَى الْبَائِعِ.

(ص) وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَى دَابَّةً، أَوْ أَرْضًا، أَوْ دَارًا لِشَخْصٍ، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُكْتَرِي قَبْلَ دَفْعِ الْكِرَاءِ فَإِنَّ رَبَّ مَا ذُكِرَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ وَدَارَهُ وَفَسَخَ فِيمَا بَقِيَ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ مَا ذُكِرَ لِلْغُرَمَاءِ وَحَاصَصَ بِالْكِرَاءِ كَمَا أَنَّهُ يُحَاصِصُ فِي الْمَوْتِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ إلَخْ وَإِنْ فُهِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ لِأَجْلِ التَّوْطِئَةِ لِمَا بَعْدَهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي إلَخْ مُعَارِضٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ دَيْنَ الْكِرَاءِ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ كَانَ الْحَقُّ فِي الْمَنْفَعَةِ لِلْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا أَكْرَاهُ وَقَدْ جَعَلَ لَهُ هُنَا الْأَخْذَ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا تَخَالُفَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي إلَخْ فِيمَا إذَا فُلِّسَ وَأَرَادَ أَخْذَ عَيْنِ شَيْئِهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ أَفَادَ بِهِ أَنَّهُ يَحِلُّ وَلَهُ الْمُحَاصَّةُ بِهِ إنْ شَاءَ عَلَى مَا مَرَّ

(ص) وَقُدِّمَ فِي زَرْعِهَا فِي الْفَلَسِ، ثُمَّ سَاقِيهِ، ثُمَّ مُرْتَهِنُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَى أَرْضَهُ لِشَخْصٍ فَزَرَعَهَا، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُكْتَرِي فَرَبُّ الْأَرْضِ يَأْخُذُ الزَّرْعَ وَيُقَدَّمُ فِي السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، ثُمَّ إنْ اسْتَوْفَى كِرَاءَهُ يَلِيهِ السَّاقِي لِلزَّرْعِ فِيمَا فَضَلَ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ أَجْرَهُ، وَالْمُرَادُ بِالسَّاقِي هُنَا الَّذِي يَسْقِي الزَّرْعَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إذْ لَوْلَاهُ لَمَا انْتَفَعَ بِالزَّرْعِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْعَامِلَ فِي الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ دُونَ رَبِّ الْأَرْضِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ، وَالضَّمِيرُ فِي " مُرْتَهِنُهُ " لِلزَّرْعِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لِلْأَرْضِ إذَا فُلِّسَ بَعْدَ أَنْ زَرَعَهَا فَإِنَّ رَبَّ الْأَرْضِ، وَالسَّاقِيَ يُقَدَّمَانِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ بَعْدَهُمَا يُقَدَّمُ فِيمَا فَضَلَ عَنْهُمَا فِي التَّقْدِيمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْمُرْتَهِنُ إنْ كَانَ مَرْهُونًا مَحُوزًا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ رَبُّ الْأَرْضِ، وَالسَّاقِي عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ كَانَ حَائِزًا لِلزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ عَمَلِ هَذَا وَأَرْضِ هَذَا فَحَوْزُهُمَا أَخَصُّ مِنْ حَوْزِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْحَوْزُ الْأَخَصُّ يُقَدَّمُ صَاحِبُهُ عَلَى صَاحِبِ الْحَوْزِ الْأَعَمِّ كَمَا لَوْ وَقَعَتْ سَمَكَةٌ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ جَالِسٍ فِي سَفِينَةِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ رَبِّ السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّ حَوْزَهُ أَخَصُّ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَقَيَّدْنَا صَدْرَ الْمَسْأَلَةِ بِالسَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ فَقَطْ تَبَعًا لِتَقْرِيرِ بَعْضٍ، وَنَصُّهُ: وَقُدِّمَ فِي زَرْعِهَا، أَيْ: فِي السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ فَهُوَ فِيهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ فِي الْمُسْتَقْبَلَةِ فَصَارَتْ الْمَنَافِعُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ، انْتَهَى. اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ.

(تَفْرِيعٌ) لَوْ عَمِلَ فِي الزَّرْعِ أَجِيرٌ بَعْدَ أَجِيرٍ فَالثَّانِي أَحَقُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَكْثَرُ فِي الْعَمَلِ وَقِيلَ: يَتَحَاصَّانِ، قَالَهُ الشَّارِحُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُقَدَّمُ الثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي، وَالرَّابِعُ عَلَى الثَّالِثِ وَهَكَذَا وَإِذَا كَانَ السَّاقِي اثْنَيْنِ وَقُلْنَا يُقَدَّمُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ

(ص) ، وَالصَّانِعُ أَحَقُّ وَلَوْ بِمَوْتٍ بِمَا بِيَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَرْبَابَ الصَّنَائِعِ إذَا أُسْلِمَ إلَيْهِمْ شَيْءٌ لِيَصْنَعُوهُ، ثُمَّ فُلِّسَ رَبُّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ، أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الصَّانِعَ أَحَقُّ بِالشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ الَّذِي

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَجِذَاذُهَا يُفِيتُهَا) فِيهِ أَنْ يُقَالَ فَوَاتُهَا بَيْعٌ لَهَا وَبَيْعُهَا لَا يَجُوزُ.

(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ) مِنْ مُكْتِرٍ لَهُمَا وَجِيبَةِ وَفُلِّسَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهَا (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ التَّوْطِئَةِ لِمَا بَعْدَهُ)، أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَقَدَّمَ فِي زَرْعِهَا، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُلُولِ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: مُعَارِضٌ لِمَا مَرَّ) مِنْ أَنَّ دَيْنَ الْكِرَاءِ يَحِلُّ (أَقُولُ) لَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ذَلِكَ مُعَارَضَةٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ فَرْعٌ عَنْ حُلُولِ الْكِرَاءِ فَلَا حَاجَةَ لِلسُّؤَالِ، وَالْجَوَابِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَمَّا أَفَادَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحِلُّ الْكِرَاءُ بِالْفَلْسِ، وَالْمَوْتِ أَفَادَ هُنَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْفَلَسِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُحَاصِصَ بِخِلَافِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ التَّسْلِيمُ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ إلَّا الْمُحَاصَّةُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ إلَّا الْمَوْتَ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ فِي زَرْعِهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْفَلَسِ حَالٌ فَلَا إشْكَالَ فَإِنْ قُلْت: أَخْذُ الزَّرْعِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ يُؤَدِّي إلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا تُنْبِتُهُ أَوْ بِالطَّعَامِ؛ لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ عَنْ الْكِرَاءِ بِمَنْزِلَةِ مَا وَقَعَ بِهِ الْكِرَاءُ ابْتِدَاءً فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَرَتْ إلَيْهِ الْأَحْكَامُ، وَالْمَحَلُّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ فَإِنْ قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا رَهَنَ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ إلَّا بَعْدَ فِدَائِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَزْعُ الرَّهْنِ الَّذِي سَبَقَ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ مِنْ الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِالْفِدَاءِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ فِي الزَّرْعِ الَّذِي رَهَنَهُ الْمُفَلَّسُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مِلْكٌ عَلَيْهِ إلَّا بِالْفِدَاءِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى قُلْت: لَمَّا كَانَ الزَّرْعُ مُتَكَوِّنًا عَنْ الْأَرْضِ الْبَاقِيَةِ عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا صَارَ كَالْبَائِعِ لَهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّرْعَ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي التَّقْدِيمَ فِي الْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ مَعًا مَعَ أَنَّهُ فَرَّقَ وَذَلِكَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ تَعْلِيلًا لِلْقَوْلِ بِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يُقَدَّمُ فِي الْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فَحَوْزُهُمَا أَخَصُّ) يَعْقِلُ الْخُصُوصَ، وَالْعُمُومَ فَنَقُولُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِنْسَانِ عَمَلَهُ وَدَخَلَ فِي تَحْصِيلِ شَيْءٍ اسْتِيلَاؤُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ كَوْنُ عَمَلِهِ تَأْثِيرًا فِي حُصُولِ الشَّيْءِ.

(قَوْلُهُ: تَبَعًا لِتَقْرِيرِ بَعْضٍ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِي السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْ أَرْضَهُ فَإِنْ أَخَذَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيمَا بَعْدَهَا شَيْءٌ وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي الزَّرْعِ فِي السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ وَمَا قَبْلَهَا سَوَاءٌ جَذَّ الزَّرْعَ أَمْ لَا وَهُوَ مُرْتَضَى عج.

(قَوْلُهُ: بِيَدِهِ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ بِمَا بِيَدِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ بِيَدِ بَعْضِ الْمَصْنُوعِ، أَوْ كُلِّهِ فَلَهُ حَبْسُ مَا بِيَدِهِ مِنْ بَعْضِ الْمَصْنُوعِ فِي أُجْرَةِ مَا بِيَدِهِ وَمَا خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْجَمِيعُ

ص: 286

فِي يَدِهِ فَلَوْ سَلَّمُوا مَصْنُوعَهُمْ، أَوْ لَمْ يَحُوزُوهُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ كَالْبِنَاءِ لَمْ يَكُونُوا أَحَقَّ بِهِ بَلْ هُمْ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ

(ص) ، وَإِلَّا فَلَا (ش)، أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ سَلَّمَ مَصْنُوعَهُ لِأَرْبَابِهِ، أَوْ كَانَ غَيْرَ حَائِزٍ مِنْ الْأَصْلِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ بَلْ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ وَهَذَا إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ كَالْخَيَّاطِ، وَالْبَنَّاءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَيْ لَيْسَ لَهُ فِيهِ إلَّا عَمَلُ يَدِهِ، وَأَمَّا إنْ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ كَالصَّبَّاغِ يَصْبُغُ الثَّوْبَ بِصِبْغَةٍ، وَالرَّقَّاعِ يُرَقِّعُ الْفَرْوَ بِرِقَاعِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُفَلَّسُ صَاحِبُهُ وَقَدْ أَسْلَمَهُ الصَّانِعُ لِرَبِّهِ فَإِنَّ مَا جَعَلَهُ فِيهِ يَكُونُ كَالْمَزِيدِ يُشَارِكُ الْغُرَمَاءَ بِقِيمَةِ مَا زَادَ فِيهِ مِنْ عِنْدِهِ، وَالنَّسَّاجُ فِي حُكْمِ مَنْ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا لِقُوَّةِ صَنْعَةِ النَّسْجِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ

(ص) إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا إلَّا النَّسْجَ فَكَالْمَزِيدِ يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ (ش)، أَيْ: يُشَارِكُ فِي الْفَلَسِ خَاصَّةً بِقِيمَةِ مَا أَضَافَهُ لِتَعَذُّرِ تَمْيِيزِهِ، وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ سَوَاءٌ نَقَصَ الْمَصْنُوعُ بِالصَّنْعَةِ أَوْ زَادَ، أَوْ سَاوَى فَيُقَوَّمُ يَوْمَ الْحُكْمِ الثَّوْبُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ وَغَيْرُ مَرْقُوعٍ، وَالْغَزْلُ غَيْرُ مَنْسُوجٍ فَإِنْ قِيلَ: يُسَاوِي مَثَلًا أَرْبَعَةً. قِيلَ: وَمَا قِيمَةُ الصَّبَّاغِ وَالرَّقَّاعِ وَمَا أُجْرَةُ النَّسْجِ؟ فَإِنْ قِيلَ: دِرْهَمٌ مَثَلًا كَانَ رَبُّهُ شَرِيكًا لِلْغُرَمَاءِ بِالْخُمُسِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْغُرَمَاءُ مَا شَارَطَ عَلَيْهِ وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالصَّانِعِ بَائِعُ مَنْفَعَةِ يَدِهِ الَّذِي لَمْ يُخْرِجْ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا وَلَوْ هُنَا لِلرَّدِّ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ مِنْ الِاخْتِصَاصِ بِالْمُفَلَّسِ لَا لِلْإِشَارَةِ إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ إذْ لَا خِلَافَ هُنَا

(ص) ، وَالْمُكْتَرِي بِالْمُعَيَّنَةِ وَبِغَيْرِهَا إنْ قُبِضَتْ وَلَوْ أُدِيرَتْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ، وَالصَّانِعُ أَحَقُّ وَلَوْ بِمَوْتٍ بِمَا بِيَدِهِ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مُعَيَّنَةً وَأَقْبَضَ أُجْرَتَهَا لِرَبِّهَا، ثُمَّ فُلِّسَ، أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الْمُكْتَرِيَ يَكُونُ أَحَقَّ بِالدَّابَّةِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ اتِّفَاقًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمَنَافِعَ الَّتِي اشْتَرَاهَا، وَسَوَاءٌ قَبَضَهَا مِنْ رَبِّهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ تَعْيِينَهَا كَقَبْضِهَا وَكَذَلِكَ يَكُونُ أَحَقَّ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ حَيْثُ كَانَتْ مَقْبُوضَةً حِينَ التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِمُجَرَّدِ قَبْضِهَا وَرُكُوبِهِ عَلَيْهَا كَالْمُعَيَّنَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّهَا يُدِيرُ الدَّوَابَّ تَحْتَ الْمُكْتَرِي أَمْ لَا أَمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ مَقْبُوضَةً حِينَ التَّفْلِيسِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فَقَوْلُهُ إنْ قُبِضَتْ أَيْ إنْ كَانَتْ مَقْبُوضَةً حِينَ التَّفْلِيسِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَعِبَارَاتُهُ غَيْرُ مُوفِيَةٍ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا قُبِضَتْ وَرُدَّتْ لِرَبِّهَا وَحِينَ التَّفْلِيسِ كَانَتْ بِيَدِ رَبِّهَا مَعَ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَيْسَ أَحَقَّ بِهَا، فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُقَالُ الْمُبَالَغَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ بِمَا قُلْنَاهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِدَارَةِ أَنْ تَكُونَ بِيَدِهِ وَقْتَ التَّفْلِيسِ

(ص) وَرَبُّهَا بِالْمَحْمُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَا لَمْ يَقْبِضْهُ رَبُّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لِلدَّابَّةِ إذَا فُلِّسَ، أَوْ مَاتَ فَرَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِمَا عَلَى ظَهْرِهَا فِي أُجْرَةِ دَابَّتِهِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ، وَمِثْلُ الدَّابَّةِ السَّفِينَةُ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الدَّابَّةِ مَعَهَا أَمْ لَا مَا لَمْ يُسَلِّمْ رَبُّ الدَّابَّةِ الْمَتَاعَ لِرَبِّهِ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِمَا حَمَلَتْهُ دَابَّتُهُ بَلْ هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ مَا لَمْ يَقُمْ بِالْقُرْبِ فَإِنْ قَامَ بِالْقُرْبِ رَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِالْأَمْتِعَةِ وَلَوْ قَبَضَهَا رَبُّهَا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِطُولٍ فَلِمُكْتَرِيهِ يَمِينٌ، وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقْبِضْهُ رَبُّهُ

ــ

[حاشية العدوي]

بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ قَدْرًا فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ بِعَقْدٍ، أَوْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا أَنَّهُ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ قَدْرًا مِنْ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْبِسُ وَاحِدًا فِي أُجْرَةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ مَا جَعَلَهُ فِيهِ يَكُونُ كَالْمَزِيدِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مَزِيدٌ (قَوْلُهُ: إلَّا النَّسْجَ) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي جَعْلِ النَّسْجِ كَالْمَزِيدِ فِي الْمُشَارَكَةِ بِقِيمَتِهِ كَلَامَ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ النَّسْجَ لَيْسَ كَالْمَزِيدِ فَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا كَالنَّسْجِ، وَإِلَّا شَارَكَ بِقِيمَتِهِ لَوَافَقَ الْمَشْهُورَ وَكَانَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِالرَّدِّ عَلَى مَا لِابْنِ شَاسٍ.

(قَوْلُهُ: يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ) بَيْنَ حُكْمِ الْمَزِيدِ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا وَلِذَا جَرَّدَهُ مِنْ الْعَاطِفِ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَمَا حُكْمُ الْمَزِيدِ فَقَالَ يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنْ يُشَارِكَ بِقِيمَةِ النَّسْجِ (قَوْلُهُ: يُشَارِكُ فِي الْفَلَسِ خَاصَّةً) وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ فِي الْفَلَسِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ شَارَكَ بِقِيمَتِهِ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَلَيْسَ أُسْوَةً لَهُ أَخْذَ عَيْنِ شَيْئِهِ فَلِذَلِكَ قُلْنَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَيُقَوَّمُ يَوْمَ الْحُكْمِ إلَخْ) بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْغَزْلِ مَثَلًا وَمَا قِيمَةُ صَنَعْته، وَلَا يُقَوَّمُ غَيْرَ مَصْبُوغٍ، أَوْ غَيْرَ مَرْقُوعٍ، ثُمَّ يُقَوَّم مَصْبُوغًا، أَوْ مَرْقُوعًا وَيَكُونُ شَرِيكًا بِمَا زَادَهُ الصَّبْغُ، أَوْ الرَّقْعُ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذْ قَدْ لَا يَزِيدُهُ ذَلِكَ فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُشَارَكَةَ إنَّمَا هِيَ بِقِيمَةِ مَا صُبِغَ بِهِ لَا بِأُجْرَةِ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ فِيهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا أَفَادَهُ الشُّيُوخُ، ثُمَّ قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَوْضُوعَ الْمُصَنِّفِ فِي النَّسْجِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَنْسِجُ لَهُ غَزْلًا، وَأَمَّا مَنْ بَاعَ غَزْلًا فَوَجَدَهُ مَنْسُوجًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُفَلَّسِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا أَيْضًا قَطْعًا، وَلَا يَكُونُ هُوَ، وَلَا بِنَاءُ الْعَرْصَةِ فَوْتًا عَلَى الرَّاجِحِ، وَقَوْلُهُ: بِالْمُعَيَّنَةِ، أَيْ: مَنْفَعَتُهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ شَارِحِنَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ (قَوْلُهُ: إنْ قُبِضَتْ)، أَيْ: قُبِضَ الْغَيْرُ وَأُنِّثَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُؤَنَّثٌ، أَيْ: إنْ قَبَضَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَأَقْبَضَ أُجْرَتَهَا) كَذَا فِي عب وَشب وَظَاهِرُهُ دَفَعَ الْأُجْرَةَ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: حِينَ التَّفْلِيسِ)، أَيْ: أَوْ الْمَوْتِ وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ كَوْنِ الرَّاعِي لَيْسَ أَحَقَّ بِالْغَنَمِ بِأَنَّ الرَّاعِيَ لَمْ يَتَعَلَّقْ لَهُ حَقٌّ بِعَيْنِ الدَّوَابِّ بَلْ بِذِمَّةِ الْمُكْتَرِي وَمُكْتَرِي الدَّابَّةِ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِاسْتِيلَائِهِ مَنْفَعَتَهَا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّهَا إلَخْ)، أَيْ: خِلَافًا لِأَصْبَغَ، أَيْ: فَيَقُولُ إنَّهَا إذَا أُدِيرَتْ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا، أَيْ: يُحَرَّكُ الدَّوَابُّ تَحْتَ الْمُكْتَرَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَرَبَّهَا بِالْمَحْمُولِ إلَخْ) قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ إنْ قُلْت: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَكْرِي الْأَرْض فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِزَرْعِهَا فِي الْفَلَسِ فَقَطْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ أَنَّ الْأَرْضَ كَالْحَائِزَةِ لِمَا فِيهَا عَلَى مَا بَيَّنُوهُ قُلْت: لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ حَوْزَ

ص: 287

أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا حِينَ التَّفْلِيسِ بِيَدِ رَبِّهِ.

(ص) وَفِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ يَفْسَخُ لِفَسَادِ الْبَيْعِ، أَوْ لَا، أَوْ فِي النَّقْدِ أَقْوَالٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا بِنَقْدٍ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ، أَوْ عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ بَائِعِهَا كَمَا إذَا كَانَ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ وَقْتَ الْأَذَانِ الثَّانِي لِلْجُمُعَةِ مَثَلًا، ثُمَّ فُلِّسَ الْبَائِعُ قَبْلَ فَسْخِ الْبَيْعِ، وَالسِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهُ، أَوْ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ، أَوْ يُفَرَّقُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِالنَّقْدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ، وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَوَّازِ، وَالثَّالِثُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ وَهِيَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَمَحَلُّهَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْفَسَادِ إلَّا بَعْدَ الْفَلَسِ، وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ أَحَقُّ بِهَا بِاتِّفَاقٍ

(ص) وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى مَنْ اشْتَرَى السِّلْعَةَ شِرَاءً فَاسِدًا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، أَيْ: فَإِذَا وَجَدَ ثَمَنَهُ وَهُوَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَانَ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ قَوْلًا وَاحِدًا فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَمْ لَا فَهَذَا تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ الْأَقْوَالِ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا أَحَقَّ وَلَوْ فِي الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ فَاسِدًا أَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ فَلِذَلِكَ اُخْتُصَّ بِهِ

(ص) وَبِالسِّلْعَةِ إنْ بِيعَتْ بِسِلْعَةٍ وَاسْتُحِقَّتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمُفَلَّسِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ إنْ وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ بِلَا خِلَافٍ لِانْتِفَاضِ الْبَيْعِ الْمُوجِبِ لِخُرُوجِ سِلْعَتِهِ عَنْ مِلْكِهِ كَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِسِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ وَجَدَ النِّكَاحَ مَفْسُوخًا فَهُوَ أَحَقُّ بِسِلْعَتِهِ، أَوْ بِنِصْفِهَا إنْ أَدْرَكَهَا بِعَيْنِهَا قَائِمَةً فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ قَوْلًا وَاحِدًا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْبَيْعِ بِذَلِكَ

(ص) وَقَضَى بِأَخْذِ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ، أَوْ تَقْطِيعِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا وَفَّاهُ لِصَاحِبِهِ وَطَلَبَ مِنْهُ الْوَثِيقَةَ الْمُكْتَتَبَ فِيهَا الدَّيْنُ، أَوْ مِمَّنْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ صَاحِبِهِ لِيَأْخُذَهَا، أَوْ لِيَقْطَعَهَا فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ لِئَلَّا يُقَوَّمَ بِمَا فِيهَا مَرَّةً أُخْرَى لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لَا يُفِيدُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْوَثِيقَةَ وَادَّعَى مَنْ لَهُ الدَّيْنُ أَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلِرَبِّهَا رَدُّهَا إنْ ادَّعَى سُقُوطَهَا وَإِنْ أَخَذَهَا وَقَطَعَهَا لَا يُفِيدُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ يُخْرِجُ عِوَضَهَا مِنْ السِّجِلِّ فَالْأَحْسَنُ أَخْذُهَا مَعَ كِتَابَةٍ أُخْرَى، أَوْ الْخَصْمِ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ وَقُضِيَ بِأَخْذِ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ مَخْصُومًا عَلَيْهَا، أَوْ تَقْطِيعِهَا بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى وَفَاءِ مَا فِيهَا، أَوْ كَتَبَ وَثِيقَةً تُنَاقِضُهَا فَأَوْ عَلَى بَابِهَا.

(ص) لَا صَدَاقٌ قُضِيَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ، أَوْ الْمُطَلِّقَ أَوْ وَرَثَةَ الْمَيِّتِ إذَا دَفَعَ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقَهَا وَطَلَبَ وَثِيقَةً لِيَأْخُذَهَا عِنْدَهُ أَوْ لِيَقْطَعَهَا فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى

ــ

[حاشية العدوي]

الظُّهْرِ أَقْوَى لِمَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ تَنْمِيَةِ الْمَتَاعِ بِالْحَمْلِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ اهـ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَذِي حَانُوتٍ فِيمَا بِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ مَظِنَّةَ التَّنْمِيَةِ فَلِفِعْلِهَا تَأْثِيرٌ فِي الْمَحْمُولِ غَالِبًا فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ الْحَانُوتِ.

(قَوْلُهُ: يُفْسَخُ)، أَيْ: حَيْثُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِفَسَادِهِ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فَفِيهِ إظْهَارٌ فِي مَوْضِعِ إضْمَارٍ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِفَسَادِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَلَوْ قُرِئَ لِفَسَادِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَلَوْ قُرِئَ لِفَسَادٍ بِالتَّنْوِينِ وَجُعِلَ الْبَيْعُ نَائِبَ فَاعِلِ يُفْسَخُ لَظَهَرَ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسْمُوعَ إضَافَةُ فَسَادٍ لِلْبَيْعِ وَأَرْجَحُ الْأَقْوَالِ أَوَّلُهَا (قَوْلُهُ: وَالسِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي) عِبَارَةُ عج ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ، أَوْ بِيَدِ الْبَائِعِ لَكِنْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ السِّلْعَةَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ، ثُمَّ أَقُولُ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافُهُ وَنَصُّهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بَيْعًا فَاسِدًا فَفُلِّسَ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ هَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ، أَوْ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ، أَوْ إنْ كَانَ ابْتَاعَهَا بِنَقْدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِنْ كَانَ ابْتَاعَهَا بِدَيْنٍ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ (قَوْلُهُ:، وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا قَالَهُ عج إنْ وَقَعَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْفَلَسِ فَقَالَ بَعْضُ أَشْيَاخِي الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً بِيَدِ الْمُشْتَرِي اهـ فَانْظُرْهُ مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ) قَالَ عج وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ أَحَقَّ بِثَمَنِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا لَمْ يَفُتْ وَهُوَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَتَارَةً يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا فَاتَتْ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهَا وَتَارَةً يَكُونُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ عَلَى الرَّاجِحِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهَا (قَوْلُهُ: وَاسْتُحِقَّتْ إلَخْ) الْوَاوُ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ يَرَى زِيَادَةَ الْوَاوِ فِي الصِّفَةِ وَلَوْ أَسْقَطَهَا كَانَ أَوْلَى فِي الصِّفَةِ وَلَوْ أَسْقَطَهَا كَانَ أَوْلَى، أَوْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ سِلْعَةً مَعْنَاهُ أُخْرَى فَهِيَ مَوْصُوفَةٌ، وَالْقَرِينَةُ ظَاهِرَةٌ وَتَأْتِي فِي الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْبَيْعِ صَحِيحًا، أَوْ فَاسِدًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاضِ الْبَيْعِ) عِلَّةٌ لِلتَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسُ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَبِاسْتِحْقَاقِهِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فَرَجَعَ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَيُخْرِجُ عِوَضَهَا) فِيهِ أَنْ سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ الْوَثِيقَةَ إذَا ادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ سُقُوطَهَا وَادَّعَى الْمَدِينُ دَفْعَ مَا فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا مِنْ السِّجِلِّ بِدُونِ إذْنِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: فَالْأَحْسَنُ)، أَيْ: وَلَوْ كَتَبَ بَرَاءَةً بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهَا خَطُّ الشُّهُودِ لَكَفَتْ قَالَ فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ، وَالْأَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ كَتْبُ بَرَاءَةٍ.

ص: 288

ذَلِكَ لِمَا لِلزَّوْجَةِ فِيهِ مِنْ الْحُقُوقِ إذْ لَا يُعْلَمُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا إلَّا مِنْهُ، وَلَا يُعْلَمُ تَزْوِيجُهَا إلَّا مِنْهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَتَبَ تَارِيخَ الطَّلَاقِ فِي عَقْدِ الصَّدَاقِ، أَيْ: عَلَى ظَاهِرِهِ مَثَلًا

(ص) وَلِرَبِّهَا إنْ ادَّعَى سُقُوطَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَثِيقَةَ إذَا وُجِدَتْ فِي يَدِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَطَلَبَهَا صَاحِبُهَا وَقَالَ سَقَطَتْ أَوْ سُرِقَتْ مِنِّي، أَوْ سَرَقْتهَا، أَوْ غَصَبْتهَا مِنِّي وَقَالَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَلْ دَفَعْت مَا فِيهَا فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الدَّيْنِ وَيُقْضَى لَهُ بِرَدِّهَا بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ شَيْئًا وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ إلَى تَارِيخِهِ وَحِينَئِذٍ عَلَى الْمَدِينِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ وَفَّى؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ أُخِذَ بِإِشْهَادٍ لَا يُبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ

(ص) وَلِرَاهِنٍ بِيَدِهِ رَهْنُهُ يَدْفَعُ الدَّيْنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا وُجِدَ بِيَدِ رَاهِنِهِ فَطَالَبَهُ الْمُرْتَهِنُ بِدِينِ الرَّهْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ دَفَعْته إلَيْك وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ مِنْهُ شَيْئًا وَقَدْ سَقَطَ مِنِّي، أَوْ سَرَقْته أَنْتِ مِنِّي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ وَيُقْضَى لَهُ بِأَنَّهُ دَفَعَ مَبْلَغَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ بِإِشْهَادٍ وَبِغَيْرِ إشْهَادٍ وَلَيْسَ عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا الْيَمِينُ أَنَّهُ دَفَعَ مَبْلَغَ الرَّهْنِ، وَسَوَاءٌ قَامَ رَبُّ الدَّيْنِ بِحَدَثَانِ حُلُولِ الدَّيْنِ، أَوْ بِالْبُعْدِ وَفِي كِتَابَةِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ دَفْعَهُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ سَرَقَهُ، أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ، أَوْ سَقَطَ مِنْهُ لَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا خِلَافٍ إذَا قَامَ بِالْقُرْبِ، وَأَمَّا بَعْدَ الطُّولِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ ح فَإِنْ قُلْت: إذَا ادَّعَى سُقُوطَ الْوَثِيقَةِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِقُرْبٍ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَثِيقَةِ وَبَيْنَ الرَّهْنِ قُلْت: لَعَلَّهُ لِنُدُورِ السُّقُوطِ فِي الرَّهْنِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الْوَثِيقَةِ إذْ الِاعْتِنَاءُ بِحِفْظِ الرَّهْنِ أَشَدُّ مِنْ الِاعْتِنَاءِ بِحِفْظِ الْوَثِيقَةِ

(ص) كَوَثِيقَةٍ زَعَمَ رَبُّهَا سُقُوطَهَا (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْحُكْمِ، أَيْ: فَيُقْضَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ شَخْصًا ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِدِينٍ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَهُ وَثِيقَةٌ وَأَنَّهَا سَقَطَتْ أَوْ تَلِفَتْ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَادَّعَى الْمَدِينُ دَفْعَ مَا فِيهَا فَيُقْضَى لِلْمَدِينِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ قَضَاهُ، وَلَا يُصَدَّقُ رَبُّهَا فِي دَعْوَاهُ السُّقُوطَ وَنَحْوَهُ كَمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ عَلَى الرَّاهِنِ الَّذِي بِيَدِهِ رَهْنُهُ بَلْ يُقْضَى بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تُوجَدْ الْوَثِيقَةُ بِيَدِ الْمَدِينِ أَمَّا لَوْ وُجِدَتْ بِيَدِهِ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الدَّيْنِ فِي دَعْوَاهُ السُّقُوطَ وَنَحْوَهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلِرَبِّهَا رَدُّهَا إنْ ادَّعَى سُقُوطَهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَثِيقَةَ إذَا ظَهَرَتْ أَمْكَنَ الشَّاهِدَ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا فِيهَا وَيَلْزَمُ الدَّيْنُ الْمَدِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَظْهَرْ فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ إلَّا بِهَا فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمَدِينِ تَأَمَّلْ

(ص) وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدُهَا إلَّا بِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَتَبَ شَهَادَتَهُ عَلَى وَثِيقَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا مَعَ إحْضَارِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَلَا يُعْلَمُ تَزْوِيجُهَا إلَّا مِنْهُ)، أَيْ: لَا يُعْلَمُ صِحَّةُ الْقُدُومِ عَلَى تَزْوِيجِهَا إلَّا مِنْهُ فَهُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّزْوِيجُ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا)، أَيْ: خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، ثُمَّ أَقُولُ قَوْلُهُ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَخْ يَقْضِي بِأَنَّ الْجَمْعَ فِي قَوْلِهِ حُقُوقٌ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا) يُنَافِي قَوْلَهُ إذْ لَا يُعْلَمُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا إلَّا مِنْهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا وَكَانَتْ مُطَلَّقَةً لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَحْسَنُ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا يُقْضَى لِلزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ، وَلَا لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ إذَا مَاتَ بِأَخْذِ وَثِيقَةِ الصَّدَاقِ، وَلَا بِتَقْطِيعِهَا إذَا قُضِيَ مَا فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَثِيقَةَ الصَّدَاقِ لَهَا فِي حَسَبِهَا مَنْفَعَةٌ بِسَبَبِ شُرُوطٍ تُذْكَرُ فِيهَا وَلُحُوقُ النَّسَبِ إذَا اُخْتُلِفَ فِي الْوَلَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَتَارِيخِ الطَّلَاقِ لَكِنَّ الِاخْتِلَافَ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ إنَّمَا تَنْفَعُ فِيهِ وَثِيقَةُ الصَّدَاقِ فِي حَالَةٍ خَاصَّةٍ وَهِيَ إذَا كُتِبَتْ حَالَةَ الْعَقْدِ وَقَدْ تَكُونُ وَثِيقَةُ الصَّدَاقِ لَا شَرْطَ فِيهَا وَكُتِبَتْ حَالَةَ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبٌ إلَّا الصَّدَاقَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهَا بِالدَّفْعِ إنْ دَفَعَ لَهَا الصَّدَاقَ (قَوْلُهُ: مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ)، أَيْ: كَأَنْ يَدَّعِيَ إعَارَتَهُ لَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْحَلَّ مُرُورٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الشَّامِلِ لِدَعْوَى السَّرِقَةِ، أَوْ الْإِعَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ، أَيْ: بِيَمِينِهِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ سَوَاءٌ قَامَ رَبُّ الدَّيْنِ بِحَدَثَانِ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ، أَوْ بِالْبُعْدِ وَهَذَا الْقَوْلُ اعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا ذَكَرَهُ مَنْ حَقَّقَ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ دَفْعَهُ إلَخْ)، أَيْ: عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ، أَوْ الْوَدِيعَةِ، أَوْ عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ مِنْهُ حَيْثُ رَدَّهُ لَهُ (قَوْلُهُ: لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ) ، أَيْ: بِيَمِينٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَبَرِئَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَعْدَ الطُّولِ) أَيْ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ كَمَا اسْتَظْهَرَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ تُفَرِّقُ بَيْنَ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ، الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا قُلْنَا وَبَيْنَ دَعْوَى السَّرِقَةِ، وَالْغَصْبِ، أَوْ السُّقُوطِ وَهَذِهِ الْكِتَابَةُ هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَعِبَارَةُ عب ذَهَبَتْ إلَى مَا فِي الْكِتَابَةِ لَكِنَّهَا لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ، وَالْغَصْبِ وَهِيَ تَمُرُّ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ فَإِنَّهُ يَقُولُ الْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ إنْ قَامَ بِالْحَدَثَانِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَبَرِئَ كَالصُّنَّاعِ يَقُومُونَ بِالْأَجْرِ بِحَدَثَانِ دَفْعِ الْمَتَاعِ انْتَهَى وَهُوَ ضَعِيفٌ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْكِتَابَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْمَدِينُ دَفْعَ مَا فِيهَا) أَيْ وَإِنَّهُ قَطَعَهَا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَمَا فِي النَّصِّ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَبَرِئَ كَالصُّنَّاعِ يَقُومُونَ بِالْأَجْرِ بِحَدَثَانِ دَفْعِ الْمَتَاعِ قَالَهُ سَحْنُونَ كَمَا فِي بَهْرَامَ (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ إشَارَةً إلَى الْإِشْكَالِ الْوَاقِعِ وَهُوَ أَنَّهُ ادَّعَى الْقَضَاءَ فَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِالدَّيْنِ فَيُؤْخَذُ، وَلَا حَاجَةَ لِلْإِشْهَادِ، وَلَا وَجْهَ لِقَبُولِ قَوْلِهِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ عَدَمَ وُجُودِ الْوَثِيقَةِ قَوَّى جَانِبَ الْقَضَاءِ فَلِذَا قُلْنَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَدِينِ أَنَّهُ دَفَعَ الْحَقَّ تَدَبَّرْ

ص: 289