الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ السَّيِّدِ وَلَوْ ضَمَّنَا سَيِّدَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ.
(ص) وَزَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ بِثُلُثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ أَنْ يَضْمَنَ فِيمَا لَمْ يَزِدْ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ فَأَقَلَّ وَلَوْ قَصَدَتْ ضَرَرَ الزَّوْجِ وَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ يَسِيرًا كَالدِّينَارِ وَمَا خَفَّ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْ بِهِ ضَرَرًا فَيَمْضِي الثُّلُثُ مَعَ مَا زَادَتْ فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ إقْرَاضِ الزَّوْجَةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ وَكَفَالَتُهَا مَمْنُوعَةٌ كَمَا هُنَا قُلْت لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْقَرْضِ إنَّمَا يَدْفَعُهُ صَاحِبُهُ لِمَنْ هُوَ مُوسِرٌ بِهِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ أَنْ يَقَعَ عَنْ الْمُعْسِرِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَحْسَنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَصِيرُ مُوسِرًا بِالْقَرْضِ لِقَبْضِهِ إيَّاهُ بِخِلَافِ الْمَضْمُونِ.
(ص) وَاتُّبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهِ إنْ عَتَقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ ذَا الرِّقِّ كَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا حَصَلَ مِنْهُمْ ضَمَانٌ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَاسْتَمَرَّ الْأَمْرُ إلَى أَنْ حَصَلَ لَهُمْ الْعِتْقُ فَإِنَّهُمْ يُتْبَعُونَ بِمَا حَصَلَ مِنْهُمْ مِنْ الضَّمَانِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ قَبْلَ الْعِتْقِ إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِإِذْنِهِ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ مِمَّنْ ذَكَرَ الضَّمَانَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ فَإِنَّ لَهُ إسْقَاطَهُ فَإِنْ لَمْ يُسْقِطْهُ حَتَّى حَصَلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعِتْقِ فَإِنَّهُمْ يُتْبَعُونَ أَيْضًا.
(ص) وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ (ش) الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ السَّيِّدَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ عَلَى الضَّمَانِ أَمَّا غَيْرُ مَنْ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا مَنْ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْتِقُ وَالضَّمَانُ بَاقٍ عَلَيْهِ فَيَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ الضَّرَرُ فَإِنْ جَبَرَهُ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ الْعَبْدَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ عِتْقِهِ وَقِيلَ لَهُ جَبْرُهُ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى النِّكَاحِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ لِلسَّيِّدِ مَنْفَعَةً فِي النِّكَاحِ.
(ص) وَعَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ (ش) أَيْ وَصَحَّ
الضَّمَانُ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ
وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهِ عَنْ الْحَيِّ الْمُوسِرِ أَوْ الْمُعْسِرِ وَلَا عَنْ الْمَيِّتِ الْمُوسِرِ وَأَمَّا عَنْ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى صِحَّتِهِ وَلُزُومِهِ إنْ وَقَعَ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِذَا تَحَمَّلَ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ عَالِمًا بِعُسْرِهِ فَأَدَّى عَنْهُ لَا يَرْجِعُ فِي مَالٍ يَطْرَأُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الضَّامِنِ فِي الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ الْمَلِيءِ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ مُحْتَسِبًا إلَّا لِقَرِينَةٍ وَالْمُفْلِسُ بِسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْمُعْسِرُ لَا بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ إذْ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ عَنْهُ.
(ص) وَالضَّامِنُ (ش) وَهُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي صَحَّ أَيْ صَحَّ هُوَ أَيْ الضَّمَانُ وَصَحَّ الضَّامِنُ أَيْ
ضَمَانُ الضَّامِنِ
وَإِنْ تَسَلْسَلَ وَيَلْزَمُهُ مَا لَزِمَ الضَّامِنَ وَبِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْمَيِّتِ
(ص) وَالْمُؤَجَّلُ حَالًّا إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ (ش) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي صَحَّ وَبِالْجَرِّ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ وَضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ قِبَلَ شَخْصٍ مُؤَجَّلٌ فَأَسْقَطَ الْمَدِينُ حَقَّهُ مِنْ التَّأْجِيلِ وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ شَخْصٌ عَلَى الْحُلُولِ فَإِنَّ هَذَا الضَّمَانَ لَازِمٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الدَّيْنُ مِمَّا يُقْضَى لِلْمَدِينِ بِقَبُولِهِ حَيْثُ عَجَّلَهُ كَمَا لَوْ كَانَ نَقْدًا مُطْلَقًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عُرُوضًا مِنْ قَرْضٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُقْضَى لِلْمَدِينِ بِقَبُولِهِ حَيْثُ عَجَّلَهُ كَمَا لَوْ كَانَ عُرُوضًا أَوْ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَجُوزُ ضَمَانُهُ حَالًّا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَطِّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك تَوَثُّقًا فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا ذُكِرَتْ مِنْ أَنَّ الْمَدِينَ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ التَّأْجِيلِ؟ فَالْجَوَابُ نَعَمْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ إذْنِ السَّيِّدِ فَحَيْثُ أَذِنَ السَّيِّدُ صَارَ فِي مَالِهِ كَالْحُرِّ فَيُقَالُ حِينَئِذٍ إذَا صَارَ فِي مَالِهِ كَالْحُرِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى عِلْمِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ بَلْ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ.
(قَوْلُهُ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ) وَإِنْ ضَمِنَتْ زَوْجَهَا، وَلِلْوَارِثِ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ وَلَوْ لَهُ هُوَ خِلَافًا لِدَعْوَى بَعْضِهِمْ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْجَمِيعِ أَوْ بُطْلَانَهُ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ كَالْعَطِيَّةِ لَهُ (قَوْلُهُ فَيَمْضِي الثُّلُثُ مَعَ مَا زَادَتْ) فَإِنْ قِيلَ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ شَامِلٍ لِلزِّيَادَةِ وَلَوْ يَسِيرَةً وَالْجَوَابُ أَنَّهُ هُنَا لَمَّا كَانَتْ تَرْجِعُ اُغْتُفِرَتْ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ.
(قَوْلُهُ وَأُتْبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهِ) أَيْ بِالضَّمَانِ أَيْ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ غُرْمٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ إسْقَاطَهُ) اعْلَمْ أَنَّ رَدَّ السَّيِّدِ لِمَا يَصْنَعُهُ رَقِيقُهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ إبْطَالٌ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِبْطَالِ وَالْإِسْقَاطِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ) يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ لَا مَالَ لَهُ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ جَبْرُهُ بِقَدْرِ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى السَّيِّدِ الْجَبْرَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجَبْرِ كَمَا أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا أَكْرَهَهَا عَلَى ذَلِكَ لَا تُصَدَّقُ.
[الضَّمَانُ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ]
(قَوْلُهُ أَيْ وَصَحَّ الضَّمَانُ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ) أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ بِمَعْنَى الْحَمْلِ لَا حَقِيقَةَ الضَّمَانِ الَّذِي هُوَ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ لِخَرَابِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أَيْ صَحَّ الْحَمْلُ وَيَلْزَمُ (قَوْلُهُ عَالِمًا بِعُسْرِهِ) وَأَمَّا إنْ اعْتَقَدَ أَوْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ أَنَّ لَهُ مَالًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَأَمَّا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْمَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ قَوِيَ الظَّنُّ فَلَا يَرْجِعُ وَإِلَّا رَجَعَ (قَوْلُهُ إذْ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ عَنْهُ) زَادَ عب وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَّفِقُ فِي هَذَا عَلَى عَدَمِ رُجُوعِ الضَّامِنِ لِمَا أَدَّاهُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ عَلِمَ لَهُ مَالًا لِأَنَّهُ كَالْمُتَبَرِّعِ لِذِمَّةٍ خَرِبَتْ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ كُلِّ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ فَحَاصِلُهُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَا رُجُوعَ لَهُ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ سَاكِنِ الْفَاءِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا أَوْ شَكَّ كَمَا يُفِيدُهُ أَبُو الْحَسَنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَيِّتَ الْمُفْلِسَ بِسُكُونِ الْفَاءِ يَرْجِعُ الضَّامِنُ إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَالِمًا بِعَدَمِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ إنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الضَّمَانِ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (قَوْلُهُ إذْ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ إلَخْ) أَيْ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا يَدْخُلُ الضَّامِنُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَالِ الَّذِي حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِهِ.
[ضَمَانُ الضَّامِنِ]
(قَوْلُهُ وَلَوْ تَسَلْسَلَ) وَهُوَ لَيْسَ بِمُحَالٍ لِأَنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْمُحَالُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَاضِي ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْكَفَالَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَالٍ أَوْ بِوَجْهٍ أَوْ الْأُولَى بِمَالٍ وَالثَّانِيَةُ بِوَجْهٍ أَوْ بِالْعَكْسِ وَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ وَلَكِنَّهَا مُخْتَلِفَةُ الْأَحْكَامِ مِنْ حَيْثُ الرُّجُوعُ اُنْظُرْ شب.
(قَوْلُهُ وَأَزِيدُك تَوَثُّقًا) لِأَنَّهُ
لَوْ لَمْ يُسْقِطُ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ مِنْ أَدَاءِ الدِّينِ عَنْهُ لَا مِنْ الضَّمَانِ وَمِثْلُ الضَّمَانِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ الرَّهْنُ.
(ص) وَعَكْسُهُ إنْ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ أَوْ لَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ (ش) صُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ الْحَالِّ أَخِّرْ مَدِينَك بِمَا عَلَيْهِ شَهْرًا مَثَلًا وَأَنَا أَضْمَنُهُ لَك فَيَصِحُّ إنْ وُجِدَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ أَوَّلُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُوسِرًا بِمَا عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْأَجَلِ لِلسَّلَامَةِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ الْآنَ فَكَأَنَّهُ ابْتِدَاءُ سَلَفٍ بِضَامِنٍ أَوْ رَهْنٍ ثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُعْسِرًا وَالْعَادَةُ أَنَّهُ لَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ الَّذِي ضَمِنَ الضَّامِنُ إلَيْهِ بَلْ يَمْضِي عَلَيْهِ جَمِيعُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ إذْ تَأْخِيرُ الْمُعْسِرِ وَاجِبٌ فَلَيْسَ صَاحِبُ الْحَقِّ مُسْلِفًا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا أَمَّا لَوْ كَانَ يُوسِرُ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ الَّذِي ضَمِنَ الضَّامِنُ إلَيْهِ كَأَنْ يَضْمَنُهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَادَتُهُ أَنْ يُوسِرَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الزَّمَنَ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ ابْتِدَاءِ يَسَارِهِ وَهُوَ الشَّهْرَانِ الْأَخِيرَانِ فِي مِثَالِنَا يُعَدُّ فِيهِمَا صَاحِبُ الْحَقِّ مُسْلِفًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ عِنْدَ فَرَاغِ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا زَمَنُ الْعُسْرِ فَكَأَنَّهُ أَخَّرَ مَا عَجَّلَ فَهُوَ مُسْلِفٌ فِي الشَّهْرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَانْتَفَعَ بِالْحَمِيلِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ غَرِيمِهِ فِي زَمَنِ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَرَقَّبَ كَالْمُحَقَّقِ وَأَجَازَ ذَلِكَ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ عُسْرِهِ وَيُسْرُهُ قَدْ لَا يَحْصُلُ فَكَأَنَّهُ مُعْسِرٌ تَبَرَّعَ بِضَامِنٍ فَقَوْلُهُ إنْ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَجَلِ لَا فِي جَمِيعِهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ وتت فَهِمَ أَنْ قَوْلَهُ فِي الْأَجَلِ رَاجِعٌ لَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ فَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُوسِرْ مَعْطُوفٌ عَلَى أَيْسَرَ أَيْ أَوْ إنْ لَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ أَوْ أَعْسَرَ وَلَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ.
(ص) وَبِالْمُوسِرِ أَوْ بِالْمُعْسِرِ لَا بِالْجَمِيعِ (ش) أَيْ الْمُوسِرِ بِهِ أَوْ الْمُعْسِرِ بِهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَهُ قِبَلَ شَخْصٍ مِائَتَا دِينَارٍ حَالَّةٍ وَهُوَ مُوسِرٌ بِمِائَةٍ مِنْهُمَا وَمُعْسِرٌ بِالْأُخْرَى وَضَمِنَهُ بِالْمُوسِرِ بِهَا مُؤَجَّلَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِهَا فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ وَيَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَهُ بِالْمُعْسِرِ بِهَا أَيْضًا إنْ كَانَ مُعْسِرًا فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَهُ بِهِمَا وَلَوْ وُجِدَ شَرْطُ الضَّمَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِوُجُودِ السَّلَفِ فِي تَأْجِيلِ الْمُوسِرِ بِهَا وَانْتَفَعَ بِالضَّمَانِ فِي الْمُعْسِرِ بِهَا وَضَمَانُهُ بِبَعْضِ الْمُوسِرِ بِهِ كَضَمَانِهِ بِكُلِّهِ وَكَذَلِكَ ضَمَانُهُ بِبَعْضِ الْمُعْسِرِ بِهِ كَضَمَانٍ بِكُلِّهِ وَمِثْلُ ضَمَانِ الْجَمِيعِ مَا إذَا ضَمِنَ الْبَعْضَ مِنْ كُلٍّ.
(ص) بِدَيْنٍ لَازِمٍ أَوْ آيِلٍ إلَى اللُّزُومِ لَا كِتَابَةٍ بَلْ كَجُعْلٍ. (ش) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فِي دَيْنٍ لَا فِي مُعَيَّنٍ لَازِمٍ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ عَبْدٍ فِي ثَمَنِ سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ آيِلٍ إلَى اللُّزُومِ كَدَايَنَ فُلَانًا وَكَالْجُعْلِ فَيَصِحُّ الضَّمَانُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْآبِقِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْآنَ لَازِمًا فَهُوَ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ فَإِذَا قَالَ مَنْ يَأْتِنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَهُ كَذَا فَيَصِحُّ الضَّمَانُ بِهِ فَإِذَا جَاءَ بِالْآبِقِ لَزِمَ الضَّمَانُ وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ بِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ لَازِمٍ وَلَا تَئُولُ إلَى اللُّزُومِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ عَجَزَ صَارَ رِقًّا وَالضَّامِنُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمَضْمُونِ وَمَا لَا يُلْزِمُ الْأَصْلَ لَا يُلْزِمُ الْفَرْعَ بِالْأَوْلَى إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ عِتْقَهُ وَمِثْلُهُ إذَا اشْتَرَطَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ قَالَ فِي الشَّامِلِ لَا كِتَابَةَ عَلَى
ــ
[حاشية العدوي]
وَإِنْ كَانَ حَالًّا لَكِنْ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُمَاطِلَهُ فَالضَّمَانُ زِيَادَةُ تَوَثُّقٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الضَّمَانِ إلَخْ) قَالَ الْمَوَّاقُ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الضَّمَانُ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالضَّمَانِ بَلْ الرَّهْنُ كَذَلِكَ فَإِذَا رَهَنَهُ فِي الْمُؤَجَّلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ جَازَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ (فَائِدَةٌ) يَجُوزُ فِي الضَّمَانِ أَنْ يَقَعَ مُؤَجَّلًا كَأَنْ يَضْمَنَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الرَّهْنَ أَشَدُّ لِكَوْنِهِ يُطْلَبُ فِيهِ الْحَوْزُ.
(قَوْلُهُ وَلَا حُكْمًا) أَيْ فَلَوْ كَانَ يَظُنُّ مِنْهُ الْيَسَارَ فِي الشَّهْرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فَهُوَ مُسْلِفٌ حُكْمًا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مُسْلِفٌ أَيْ أَنَّهُ مُسْلِفٌ بِنَاءً إلَخْ إلَّا أَنَّ الْيَسَارَ الْمُحَقَّقَ لَمْ يَجُرَّ نَفْعًا وَهَذَا قَدْ جَرَّ نَفْعًا فَلَيْسَ التَّشْبِيهُ تَامًّا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِعَدَمِ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ) وَفِيهِ خِلَافٌ هَلْ هُوَ سَمَاعِيٌّ أَوْ قِيَاسِيٌّ ذَكَرَهُ السَّمِينُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَسَبَقَهُ بِهِ أَبُو حَيَّانَ فِي الِارْتِشَافِ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْأَوَّلُ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ الْقَوْلَ الْمُقَابِلَ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ الْمُوسِرُ بِهِ وَالْمُعْسِرُ بِهِ إلَى جَوَابٍ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ نَائِبِ الْفَاعِلِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْجَارِ فَاسْتَتَرَ الضَّمِيرُ فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ فَلَمْ يُحْذَفْ نَائِبُ الْفَاعِلِ بَلْ اسْتَتَرَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِهَا فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ) مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْإِيسَارِ فِي أَوَّلِ الْأَجَلِ.
(قَوْلُهُ بِدَيْنٍ لَازِمٍ) أَيْ فِي دَيْنٍ لَازِمٍ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ مُعَيَّنٍ كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً عَلَى أَنَّهَا إنْ هَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ عَلَيْهِ عَيْنُهَا وَكَذَا إنْ بَاعَ عَلَى أَنَّهَا إنْ اُسْتُحِقَّتْ لَزِمَهُ عَيْنُهَا وَهَذَا إذَا ضَمِنَ أَعْيَانَهَا فَإِنْ ضَمِنَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بِسَبَبِ التَّعَدِّي عَلَيْهَا وَالتَّفْرِيطِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَمِثْلُ الْمُعَيَّنِ خِدْمَةُ الْمُعَيَّنِ وَكَذَا يَمْتَنِعُ إذَا دَخَلُوا عَلَى ضَمَانِ الْمِثْلِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ مِثْلَهُ فَقَدْ دَخَلَ الْمُشْتَرِي عَلَى غَرَرٍ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يَأْخُذُ مَا اشْتَرَاهُ أَوْ مِثْلَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَيُمْنَعُ أَيْضًا إنْ وَقَعَ بَعْدَهُ لِلُزُومِ الْمِثْلِ لِلضَّمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ وَلَا يَدْرِي مَتَى يَكُونُ فَفِيهِ بَيْعٌ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَهَذَا بِخِلَافِ ضَمَانِ دَرْكِ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ فِي الْمَعِيبِ قِيمَةُ الْعَيْبِ وَفِي الْمُسْتَحَقِّ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ وَمَا لَا يُلْزِمُ الْأَصْلَ) وَهُوَ الْمُكَاتَبُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَلْزَمُ الْمُكَاتَبَ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ وَلَا تَلْزَمُ ذِمَّتَهُ وَقَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُ الْفَرْعَ وَهُوَ الضَّامِنُ
الْمَعْرُوفِ إلَّا بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الْعِتْقِ أَوْ كَانَتْ نَجْمًا وَاحِدًا وَقَالَ: الْحَمِيلُ هُوَ عَلَيَّ إنْ عَجَزَ.
(ص) وَدَايَنَ فُلَانًا وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَائِزَاتِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الضَّمَانَ يَصِحُّ فِي الْمَجْهُولِ فَإِذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ دَايِنْ فُلَانًا وَأَنَا ضَامِنٌ فِيمَا دَايَنْته بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا دَايَنَهُ بِهِ إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَضْمُونِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَهَلْ يُقَيَّدُ اللُّزُومُ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ مِثْلُ الْمَضْمُونِ أَوْ لَا يُقَيَّدُ بِذَلِكَ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ يُقَيَّدُ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ وَالثَّانِي أَنْكَرَ مَعْرِفَتَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (ص) وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ عَامِلْ فُلَانًا فِي مِائَةٍ وَأَنَا ضَامِنٌ فِيهَا أَوْ قَالَ عَامِلْهُ وَمَهْمَا عَامَلْته فِيهِ فَأَنَا ضَامِنٌ فِيهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ مَقَالَتِهِ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَيَكُونُ ضَامِنًا فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ الْمُعَامَلَةُ فَقَوْلُهُ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا
(ص) بِخِلَافِ احْلِفْ وَأَنَا ضَامِنٌ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَدَ رَجُلًا يَدَّعِي عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ وَهُوَ يُكَذِّبُهُ فَقَالَ لَهُ احْلِفْ أَنَّ لَك عَلَيْهِ حَقًّا وَأَنَا ضَامِنٌ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ حَلِفِهِ عَنْ مَقَالَتِهِ وَلَا يَنْفَعُهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ لِأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَهُوَ إذَا قَالَ لِرَبِّ الدَّيْنِ احْلِفْ وَأَنَا أَغْرَمُ لَك فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَزِمَهُ الْحَقُّ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ عَامِلْهُ وَأَنَا ضَامِنٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْمُعَامِلِ نَفْسَهُ عَامِلْنِي وَأَنَا أُعْطِيك حَمِيلًا فَلَمَّا كَانَ لِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْهُ فِي شَيْءٍ فَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ مَنْ قَالَ عَامِلْهُ
(ص) إنْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ضَامِنِهِ وَإِنْ جُهِلَ أَوْ مَنْ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ فِيهِ يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْ الضَّامِنِ اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِنْ مِثْلِ الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ وَالْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ فِيهِ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَوْفَى ذَلِكَ مِنْ الضَّامِنِ وَيَجُوزُ الضَّمَانُ وَإِنْ جُهِلَ قَدْرُ الْمَضْمُونِ حَالًّا وَمَآلًا أَوْ جُهِلَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ جَهْلُ قَدْرِ الْمُتَحَمَّلِ بِهِ غَيْرُ مَانِعٍ اتِّفَاقًا فَإِنْ قُلْت الْحَمَالَةُ فِيهَا الرُّجُوعُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ بِالْمَجْهُولِ قُلْت نَعَمْ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى لَا بِمَا تَحَمَّلَ وَمَا أَدَّى مَعْلُومٌ فَالضَّمِيرُ فِي وَإِنْ جُهِلَ لِلدَّيْنِ أَوْ لِلْحَقِّ الْمُشَارِ إلَيْهِ سَابِقًا بِقَوْلِهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَيْ وَإِنْ جُهِلَ رَبُّ الدَّيْنِ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَحَمَّلُ لَهُ مَنْ ثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى الْمُتَحَمَّلِ عَنْهُ وَلَوْ جُهِلَ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (وَبِغَيْرِ إذْنِهِ) لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَيْ يَصِحُّ الضَّمَانُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَاسْتَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ الضَّمَانِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ (ص) كَأَدَائِهِ رِفْقًا لَا عَنَتًا فَيُرَدُّ. (ش) أَيْ كَأَدَاءِ الشَّخْصِ الدَّيْنَ كَانَ ضَامِنًا أَوْ غَيْرَهُ رِفْقًا بِمَنْ عَلَيْهِ وَبِمَنْ لَهُ وَيَلْزَمُ رَبَّ الدَّيْنِ قَبُولُهُ وَلَا كَلَامَ لَهُ وَلَا لِمَنْ عَلَيْهِ إذَا دُعِيَ أَحَدُهُمَا إلَى الْقَضَاءِ فَإِنْ امْتَنَعَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ لَا إنْ أَدَّاهُ عَنَتًا أَيْ لِيُتْعِبَ مَنْ عَلَيْهِ لِقَصْدِ سِجْنِهِ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا فَيُرَدُّ الْأَدَاءُ مِنْ أَصْلِهِ فَقَوْلُهُ كَأَدَائِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ.
(ص)
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ نَجْمًا وَاحِدًا) عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ إلَّا إنْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ أَوْ كَانَتْ نَجْمًا وَاحِدًا مُفَادُ الْعَطْفِ أَنَّهُ إذَا ضَمِنَهُ فِي النَّجْمِ الْوَاحِدِ لَا يَحْتَاجُ لِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وَإِذَا ضَمِنَهُ فِي أَكْثَرَ يَحْتَاجُ لِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وَيَكُونُ قَوْلُهُمْ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ فِي الْكِتَابَةِ إذَا كَانَتْ نُجُومًا لَا إنْ كَانَتْ نَجْمًا وَاحِدًا فَتَصِحُّ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَضْمُونِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَضْمُونُ مُوسِرًا فَيَثْبُتُ اتِّفَاقًا فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ حَذْفٌ أَيْ إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَضْمُونِ وَهُوَ مَلِيءٌ (قَوْلُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَيَكُونُ ضَمَانًا فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ الْمُعَامَلَةُ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَإِذَا عَامَلَهُ يَوْمًا مَثَلًا ثُمَّ رَجَعَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ فِي الْيَوْمِ لَا فِيمَا بَعْدَهُ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا حَدَّ لِلْمُعَامَلَةِ حَدًّا أَوْ لَمْ يَحُدَّ لَهَا حَدًّا وَقُلْنَا يُقَيَّدُ بِمَا يَتَعَامَلُ بِهِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَلَا يَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي ضَمَانِ الْمَالِ وَأَمَّا ضَمَانُ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ بِالْمَالِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ عَامَلَ فُلَانًا فِي مِائَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّقْيِيدِ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ لَا رُجُوعَ وَأَفَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُتَسَاوِيَانِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ تَرْجِيحُ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَبَقِيَ مَا إذَا رَجَعَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِرُجُوعِهِ حَتَّى عَامَلَهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى نَقْلِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْمَضْمُونِ لَهُ بِالرُّجُوعِ قِيَاسًا عَلَى الزَّوْجَةِ تُنْفِقُ مِمَّا بِيَدِهَا لِلزَّوْجِ قَبْلَ عِلْمِهَا بِطَلَاقِهَا وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الظَّاهِرُ فَهُوَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ حَلِفِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ احْلِفْ وَأَنَا ضَامِنٌ كَأَنَّهُ قَالَ أَلْتَزِمُ لَك الضَّمَانَ إنْ حَلَفْت فَهُوَ حَقٌّ وَجَبَ بِالِالْتِزَامِ عَلَى تَقْدِيرِ الْحَلِفِ فَإِذَا حَلَفَ الطَّالِبُ غَرِمَ الضَّامِنُ فَإِنْ مَاتَ أَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلِلضَّامِنِ أَنْ يَحْلِفَ الْمَطْلُوبَ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ لِلضَّامِنِ مَا غَرِمَهُ عَنْهُ أَمَّا لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ أَوْ لِأَنَّ الطَّالِبَ حَلَفَ أَوَّلًا فَيَكْتَفِي بِهَا.
(قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ) هَذَا الشَّرْطُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِدَيْنٍ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إخْرَاجُ الْمُعَيَّنَاتِ وَالْحُدُودِ وَنَحْوِهَا وَهِيَ خَارِجَةٌ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَاتِ لَا تَقْبَلُ الذِّمَمَ وَكَذَا الْحُدُودُ وَنَحْوُهَا لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَبْدَانِ لَا بِالذِّمَمِ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْ لَهُ) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَمَنْ نَائِبُ الْفَاعِلِ أَيْ أَوْ جُهِلَ مَنْ لَهُ لَكِنْ يَرُدُّهُ أَنَّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ الْوَاوِ وَمِنْ خَصَائِصِهَا قَوْلُ ابْنِ مَالِكٍ وَهِيَ انْفَرَدَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَاسْتَدَلَّ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ (قَوْلُهُ فَيُرَدُّ الْأَدَاءُ مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ رَدُّهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَإِنْ كَانَ لِغَيْبَةِ الطَّالِبِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُقِيمُ وَكِيلًا يَقْبِضُ مِنْ الْغَرِيمِ وَيُؤَدِّي لِلْمُؤَدِّي
كَشِرَائِهِ وَهَلْ إنْ عَلِمَ بَائِعُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَأْوِيلَانِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ السَّابِقِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى الدَّيْنَ مِمَّنْ هُوَ لَهُ بِقَصْدِ إعْنَاتِ مَنْ عَلَيْهِ فَإِنَّ شِرَاءَهُ يُرَدُّ وَيُفْسَخُ وَهَلْ مَحَلُّ رَدِّ الشِّرَاءِ حَيْثُ عَلِمَ الْبَائِعُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَى الْعَنَتِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يُرَدُّ وَعَلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَتَقَاضَى الدَّيْنَ أَوْ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ وَيُرَدُّ مُطْلَقًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ جَرَى فِي الشِّرَاءِ الْخِلَافُ فِي الرَّدِّ وَلَمْ يَجْرِ فِي الْأَدَاءِ خِلَافٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي تَسَاوِي الْفَرْعَيْنِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَائِلَ بِالتَّفْصِيلِ فِي الشِّرَاءِ يُرَاعِي دُخُولَهُمَا عَلَى الْفَسَادِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ عِلْمِ الْبَائِعِ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَالْفَسَادُ مُنْتَفٍ فَلِذَا لَمْ يُرَدَّ بِخِلَافِ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الْعِلْمِ فَاسِدًا وَمَعَ عَدَمِهِ غَيْرَ فَاسِدٍ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ لِقَصْدِ الضَّرَرِ فَلِذَا رُدَّ مُطْلَقًا فَقَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَقَطْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ فِي تَوْضِيحِهِ إلَّا عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَكَذَا الشَّارِحُ فَكَانَ الْجَارِي عَلَى اصْطِلَاحِهِ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَرْجَحِ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ.
قَوْلَهُ (ص) لَا إنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ فَضَمِنَ ثُمَّ أَنْكَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ غَائِبٍ بِدَيْنٍ فَضَمِنَهُ شَخْصٌ فِي الْقَدْرِ الْمُدَّعَى بِهِ فَلَمَّا حَضَرَ الْغَائِبُ أَنْكَرَ مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّ الضَّمَانَ يَسْقُطُ.
(ص) أَوْ قَالَ لِمُدَّعٍ عَلَى مُنْكِرٍ إنْ لَمْ آتِك بِهِ لِغَدٍ فَأَنَا ضَامِنٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ فَأَنْكَرَهُ فَقَالَ شَخْصٌ آخَرُ إنْ لَمْ آتِك بِهِ غَدًا فَأَنَا ضَامِنٌ فِيمَا ادَّعَيْت بِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ فِي الْغَدِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَهُوَ لَا يُقْضَى بِهِ.
وَقَوْلُهُ (ص) إنْ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّهُ بِبَيِّنَةٍ (ش) فَإِذَا ثَبَتَ حَقُّهُ بِبَيِّنَةٍ لَزِمَهُ الضَّمَانُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ (ص) وَهَلْ بِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ أَيْضًا مِثْلُ الْبَيِّنَةِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ يَتَّهِمُ أَنْ يَكُونَ تَوَاطَأَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى لُزُومِ الضَّمَانِ لِلضَّامِنِ؟ وَمَحَلُّهُمَا حَيْثُ كَانَ إقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَمَالَةِ وَأَمَّا قَبْلَهَا فَيَلْزَمُهُ وَأَمَّا إقْرَارُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَلَا يُوجِبُ عَلَى الضَّامِنِ شَيْئًا قَطْعًا.
(ص) كَقَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَجِّلْنِي الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك غَدًا فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ (ش) التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ بِبَيِّنَةٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى قِبَلَ شَخْصٍ دَيْنًا فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَجِّلْنِي الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك غَدًا فَمَا تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ فَإِنَّ هَذِهِ مُخَاطَرَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بِمَا ادَّعَى بِبَيِّنَةٍ أَوْ يُقِرَّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْحَقِّ قُلْت قَوْلُهُ فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ أَبْطَلَ كَوْنَ قَوْلِهِ أُوَفِّك إقْرَارًا وَمِثْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إنْ أَخْلَفْتُك غَدًا فَدَعْوَايَ بَاطِلَةٌ أَوْ دَعْوَاك حَقٌّ أَوْ عَلَيَّ كِرَاءُ الدَّابَّةِ الَّتِي تَكْتَرِيهَا وَكَذَلِكَ مَا يَقُولُهُ النَّاسُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَقْتَ كَذَا فَالْحَقُّ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ مَنْ الْتَزَمَهُ شَيْءٌ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الضَّمَانِ وَأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَرْجِعُ بِهِ الضَّامِنُ إذَا غَرِمَ فَقَالَ (ص) وَرَجَعَ بِمَا أَدَّى وَلَوْ مُقَوَّمًا إنْ ثَبَتَ الدَّفْعُ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الضَّامِنَ كَالْمُسْلِفِ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِ مَا أَدَّى سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ حَيْثُ كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْمَطْلُوبُ فِي دَفْعِ مِثْلِ الْمُقَوَّمِ أَوْ قِيمَتِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَإِنْ كَانَ لِفَوَاتِهِ بِيَدِ الطَّالِبِ رَدَّ لَهُ عِوَضَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ كَشِرَائِهِ) أَيْ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْعَنَتِ بِمُجَرَّدِهَا عَنْ مُشْتَرٍ أَوْ مُؤَدٍّ وَكَذَا مِنْ بَائِعٍ وَقَابِضٍ بَلْ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى شَيْءٍ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعَنَتِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ كَشِرَائِهِ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ لَهُ بِلَا شِرَاءٍ كَهِبَةٍ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ وَيُقِيمُ الْحَاكِمُ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) أَقُولُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ إلَّا عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ وَأَمَّا عَقْدُ غَيْرِهَا فَلَا يَقْبَلُ الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ مَعَ أَنَّهُ يَقْبَلُ الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ كَالْهِبَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَدَاءَ يُعْقَلُ فِيهِ الدُّخُولُ عَلَى الْفَسَادِ وَعَدَمُهُ فَيُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي الشِّرَاءِ فَلَا يَظْهَرُ لِهَذَا الْفَرْقِ صِحَّةٌ.
(قَوْلُهُ لَا إنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَلَمْ يُجْعَلْ مُخْرَجًا مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ لِأَنَّهُ فِي الْمُدَايَنَةِ فَقَطْ فَيَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ كَانَ قَبْلَ الضَّمَانِ عُمِلَ بِهِ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِهِ فِي الْأُولَى قَطْعًا وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يُقِرُّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَالثُّبُوتُ بِالْإِقْرَارِ مُعْتَبَرٌ هُنَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ.
(تَنْبِيهٌ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ وَلَكِنْ ذِكْرُهَا هُنَا كَالدَّلِيلِ لِلْمُتَقَدِّمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَلَالَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ قَوِيَّةٌ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ مِنْ الْإِقْرَارِ فَكَذَا لَا يُجْعَلُ مَا تَقَدَّمَ ضَمَانًا (قَوْلُهُ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْحَقِّ) أَيْ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَبْطَلَ كَوْنَ قَوْلِهِ أُوَفِّك إقْرَارًا قَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إبْطَالٌ بَلْ هُوَ مُقِرٌّ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ الَّذِي تَدَّعِيهِ حَقٌّ أَيْ لَا بَاطِلٌ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ حَقًّا مُطْلَقًا بَلْ عَلَى عَدَمِ التَّوْفِيَةِ وَحَيْثُ كَانَتْ حَقِيقَتُهُ مَوْقُوفَةً عَلَى عَدَمِ التَّوْفِيَةِ وَعَدَمُ التَّوْفِيَةِ لَمْ يَتَحَقَّقْ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْحَقِيقَةُ فَمِنْ ذَلِكَ يُقَالُ حَصَلَ الْإِبْطَالُ فَإِنْ قُلْت هَلَّا عَدَّ قَوْلَهُ فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ نَدَمًا لَا يَنْفَعُ قُلْت ذَكَرَ الَّذِي يَنْفَعُ إذَا وَقَعَ عَقِبَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَائِدَةُ وَالْفَائِدَةُ لَمْ تَحْصُلْ بِفِعْلِ الشَّرْطِ فَقَطْ.