المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ شركة العنان - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٦

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَاب الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى فِيهِ]

- ‌[مَا لَا يُنْقَضُ فِيهِ الصُّلْحُ]

- ‌[صُلْحِ الدِّمَاءِ وَالْعَمْدِ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ]

- ‌[بَاب الْحَوَالَةِ] [

- ‌شُرُوطُ لُزُومِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[صِيغَةُ الْحَوَالَةُ]

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌[أَقْسَامُ الضَّمَانِ]

- ‌ أَرْكَانِ الضَّمَانِ

- ‌ الضَّمَانُ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ

- ‌ ضَمَانُ الضَّامِنِ

- ‌[مَا يَرْجِعُ بِهِ الضَّامِنُ إذَا غَرِمَ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الضَّمَانِ]

- ‌ الضَّامِنُ الدَّاخِلُ فِي جِنْسِ الذِّمَّةِ

- ‌ ضَمَانُ الْوَجْهِ

- ‌[بَابٌ فِي الشَّرِكَةَ وَأَقْسَامَهَا وَأَحْكَامَهَا]

- ‌[أَرْكَانٌ الشَّرِكَةُ]

- ‌ شَرِكَةِ الْعِنَانِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[الْمُزَارَعَةَ الْفَاسِدَةَ]

- ‌[بَابٌ فِي الْوَكَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي الْإِقْرَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(بَابُ الِاسْتِلْحَاقِ)

- ‌ شَرْطَ صِحَّةِ الِاسْتِلْحَاقِ

- ‌[بَابٌ فِي الْوَدِيعَةَ وَأَحْكَامَهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَاب الْغَصْبَ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[بَاب الشُّفْعَة]

- ‌بَابِ الْقِسْمَةِ

- ‌[مَسْأَلَة قَسْمُ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ إنْ اعْتَدَلَا وَهَلْ هِيَ قُرْعَةٌ لِلْقِلَّةِ أَوْ مُرَاضَاةٌ]

- ‌[بَاب الْقِرَاض]

- ‌[بَاب أَحْكَام الْمُسَاقَاة]

الفصل: ‌ شركة العنان

مُوسِرًا أَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَهُ أَنْ يُتْبِعَهُ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَيَأْخُذُهُ وَلَوْ زَادَ مَا بَاعَهُ عَلَى نِصْفِهَا بَلْ لَوْ كَانَ لَا يَفِي بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ إلَّا جَمِيعُ ثَمَنِهَا فَإِنَّهَا تُبَاعُ كُلُّهَا فِي ذَلِكَ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْمِلْ وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ فَإِنْ كَانَ مَلِيئًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ قِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي التَّمَسُّكِ بِنَصِيبِهِ مِنْهَا وَفِي أَخْذِ قِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْهَا وَإِذَا اخْتَارَ هَذَا الثَّانِيَ فَلَهُ أَنْ يُتْبِعَهُ بِالْقِيمَةِ وَلَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ بِبَيْعِ حِصَّتِهِ مِنْهَا إذَا وَضَعَتْ وَيَأْخُذُهُ فِيمَا وَجَبَ لَهُ فَإِنْ وَفَّى بِمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ نَقَصَ أَتْبَعَهُ بِالْبَاقِي كَمَا يُتْبِعُهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ فِي قِسْمَيْ التَّخْيِيرِ.

(ص) وَإِنْ شَرَطَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ فَعِنَانٌ (ش) لَمَا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى‌

‌ شَرِكَةِ الْعِنَانِ

وَهِيَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرِكَةَ الْعِنَانِ جَائِزَةٌ لَازِمَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ شَرَطَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ بِفِعْلِ شَيْءٍ فِي الشَّرِكَةِ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَمَعْرِفَتِهِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَ بِعَنَانِهِ أَيْ بِنَاصِيَتِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا إلَّا بِإِذْنِهِ.

(ص) وَجَازَ لِذِي طَيْرٍ وَذِي طِيرَةٍ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الْفِرَاخِ. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِصَاحِبَيْ طَيْرَيْنِ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الشَّرِكَةِ فِيمَا يَأْتِي مِنْ الْفِرَاخِ مِنْ الطَّيْرَيْنِ بِأَنْ يَأْتِيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِطَيْرٍ ذَكَرٍ وَيَأْتِيَ الْآخَرُ بِطَيْرَةٍ وَيُزَوِّجَ الذَّكَرَ لِلْأُنْثَى عَلَى أَنَّ مَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْفِرَاخِ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ وَإِنَّمَا خَصَّ الطَّيْرَ بِالذِّكْرِ لِتَعَاوُنِهِمَا فِي الْحَضْنِ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِلْأُمِّ فَقَطْ كَالْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ مَا جَازَ فِي الطَّيْرِ مِنْ الْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ كُلَّ طَيْرٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَيْضًا عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الْفِرَاخِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ طَيْرٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا لِلْبِسَاطِيِّ وَخِلَافُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ الشَّرِكَةِ بِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِكِ كُلٍّ بَعْضَهُ بِبَعْضِ كُلِّ الْآخَرِ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْكُلَّ الَّذِي تَعَلَّقَ الْبَيْعُ بِبَعْضِهِ هُوَ الطَّيْرُ وَالطَّيْرَةُ لِوُجُودِهِمَا وَعِلْمِهِمَا لَا الْفِرَاخُ لِفَقْدِ ذَلِكَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي الْفِرَاخِ.

(ص) وَاشْتَرِ لِي وَلَك فَوَكَالَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ اشْتَرِ السِّلْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ لِي وَلَك فَاشْتَرَاهَا فَهِيَ لَهُمَا شَرِكَةً وَكَانَ وَكِيلًا عَنْهُ فِي نِصْفِ السِّلْعَةِ وَكَالَةً قَاصِرَةً لَا تَتَعَدَّى لِغَيْرِ الشِّرَاءِ أَيْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ شَرِيكِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَوَكَالَةٌ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا وَقَوْلُهُ وَاشْتَرِ لِي وَلَك أَيْ وَكُلُّ وَاحِدٍ يَنْقُدُ حِصَّتَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ فَوَكَالَةٌ أَيْ وَشَرِكَةٌ لِي وَلَك وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْ الشَّرِكَةِ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ وَإِنَّمَا يَخْفَى جَانِبُ الْوَكَالَةِ فَلِذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهَا ثُمَّ إنَّ سِيَاقَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ شَرِكَةِ الْعِنَانِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا مِنْهَا وَهُوَ صَحِيحٌ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا

ــ

[حاشية العدوي]

قِيمَةِ نَصِيبِهِ وَالثَّانِي هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا اخْتَارَ إلَخْ (قَوْلُهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ) وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ يَوْمَ الْحَمْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

[شَرِكَةَ الْعِنَانِ]

(قَوْلُهُ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ) بِالْكَسْرِ مَا تُقَادُ بِهِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَخَذَ بِعِنَانِ صَاحِبِهِ أَيْ بِلِجَامِهِ وَانْظُرْ لَوْ اشْتَرَطَ عَلَى أَحَدِهِمَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ وَأَطْلَقَ لِلْآخَرِ التَّصَرُّفَ هَلْ تَكُونُ مُفَاوَضَةً فِيمَنْ أَطْلَقَ لَهُ التَّصَرُّفَ وَعِنَانًا فِي الْآخَرِ أَوْ تَكُونُ فَاسِدَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا جَاءَ فِيهَا وَلَمْ يُرَ فِي كَلَامِهِمْ التَّعَرُّضُ لِهَذِهِ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ لِذِي طَيْرٍ إلَخْ) لَمْ يَحْذِفْ قَوْلَهُ وَذِي الثَّانِيَةِ وَتَكُونُ الْأُولَى مُسَلَّطَةً عَلَى طَيْرَةٍ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَسْأَلَةٌ غَيْرُ مُرَادَةٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا طَيْرٌ وَطَيْرَةٌ وَلِلْآخَرِ كَذَلِكَ وَكُلُّ طَيْرٍ مُؤْتَلِفٌ عَلَى طَيْرَتِهِ وَيَشْتَرِكَانِ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْ الْفِرَاخِ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّهَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا التَّعَاوُنُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ذَكَرَانِ مِنْ الْحَمَّامِ وَلِلْآخَرِ أُنْثَيَانِ مِنْهُ فَإِنَّهَا تَجُوزُ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَلِلْآخَرِ كَذَلِكَ وَذَكَرُ أَحَدِهِمَا مُؤْتَلِفٌ عَلَى أُنْثَى الْآخَرِ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ طَيْرٌ ذَكَرٌ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالطَّيْرِ الْوَاحِدِ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا الطَّيْرِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْجَمْعِ وَالْوَاحِدِ وَالتَّاءُ فِي طَيْرَةٍ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِطَيْرَةِ الْأُنْثَى كَمُقَابَلَتِهَا بِالذَّكَرِ هُنَا فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا هُنَا فَهَلْ تَكُونُ التَّاءُ حِينَئِذٍ دَالَّةً عَلَى التَّأْنِيثِ مَعَ الْوَحْدَةِ أَوْ تَكُونُ بَاقِيَةً عَلَى دَلَالَتِهَا عَلَى الْوَحْدَةِ وَالتَّأْنِيثُ مَدْلُولٌ عَلَيْهِ بِالْقَرِينَةِ وَكَلَامُهُمْ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ مَا جَازَ فِي الطَّيْرِ) وَكَذَلِكَ ذَوَا رَقِيقَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَاهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إنْ وَقَعَ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَسَوَاءٌ سَمَّى صَدَاقًا أَمْ لَا وَالْوَلَدُ لِسَيِّدِ أُمِّهِ فِي الْحَالَتَيْنِ وَكَذَلِكَ مَنْ جَاءَ لِشَخْصٍ بِبَيْضٍ وَقَالَ اجْعَلْهُ تَحْتَ دَجَاجَتِك وَالْفِرَاخُ بَيْنَنَا وَحُكْمُهُ أَنَّ الْفِرَاخَ لِصَاحِبِ الدَّجَاجَةِ وَلِصَاحِبِ الْبَيْضِ مِثْلُهُ كَمَنْ أَتَى لِآخَرَ بِقَمْحٍ وَقَالَ ازْرَعْهُ بِأَرْضِك فَإِنَّمَا لَهُ مِثْلُهُ وَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ أَنَّ كُلَّ طَيْرٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ) وَنَفَقَةُ كُلِّ طَيْرٍ عَلَى رَبِّهِ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ وَضَمَانُ كُلٍّ مِنْ صَاحِبِهِ وَانْظُرْ هَلْ الشَّرِكَةُ لَازِمَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَخِلَافُ كَلَامِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ تَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ لِشَرِكَةِ التَّجْرِ وَالظَّاهِرُ التَّعْوِيلُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِمَا عَلِمْت.

(قَوْلُهُ وَاشْتَرِ لِي) أَيْ جَازَ هَذَا اللَّفْظُ وَقَوْلُهُ فَوَكَالَةٌ جَوَابٌ عَنْ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَهِيَ وَكَالَةٌ (قَوْلُهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ يَنْقُدُ) لَا يُنَافِي قَوْلَهُ يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي الِابْتِدَاءِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَنْقُدُ حِصَّتَهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَخْفَى جَانِبُ الْوَكَالَةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَكَالَةَ تُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ اشْتَرِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ سِيَاقَ إلَخْ)

ص: 49

وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِلتَّقْيِيدِ بِمَقْصُورَةٍ

(ص) وَجَازَ وَانْقُدْ عَنِّي إنْ لَمْ يَقُلْ وَأَبِيعُهَا لَك (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ اشْتَرِ السِّلْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ وَانْقُدْ عَنِّي مَا يَخُصُّنِي فِي ثَمَنِهَا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ أَحَدُهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ سَلَفُهُ الثَّمَنَ مَعَ تَوَلِّي الْبَيْعِ عَنْهُ إنْ لَمْ يَقُلْ الْمَنْقُودُ عَنْهُ وَأَنَا أَتَوَلَّى بَيْعَ حِصَّتِك أَيْ أَجْعَلُ سِمْسَارًا فِي نَصِيبِك فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مُنِعَ لِوُجُودِ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ فَالسَّلَفُ نَقْدُهُ عَنْهُ وَالزِّيَادَةُ انْتِفَاعٌ بِبَيْعِ الْآخَرِ عَنْهُ وَمِثْلُ قَوْلِهِ وَأَنَا أَبِيعُهَا لَك وَأَنَا أُوجِرُهَا لَك وَنَحْوُهُ لِوُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ السَّلَفُ بِنَفْعٍ قَوْلُهُ أَبِيعُهَا خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَأَنَا أَبِيعُهَا لَك وَاللَّامُ فِي لَك بِمَعْنَى عَنْ أَيْ أَتَوَلَّى بَيْعَهَا عَنْك أَيْ أَكُونُ سِمْسَارًا عَنْك فِي نَصِيبِك (ص) وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ عَدَمَ حَبْسِ مَنْ نَقَدَ ثَمَنَ السِّلْعَةِ حَتَّى يَقْبِضَ مَا نَقَدَهُ عَنْ صَاحِبِهِ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فَوَكَالَةٌ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (ص) إلَّا أَنْ يَقُولَ وَاحْبِسْهَا فَكَالرَّهْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ اُنْقُدْ عَنِّي وَاحْبِسْ السِّلْعَةَ إلَى أَنْ تَقْبِضَ ثَمَنَهَا مِنِّي فَإِنَّ لَهُ حَبْسَهَا حِينَئِذٍ وَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ أَيْ يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ وَقَوْلُهُ فَكَالرَّهْنِ أَيْ الصَّرِيحِ فَلَا حَاجَةَ إلَى بِنَائِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِافْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَّفْظِ مُصَرَّحٌ بِهِ

(ص) وَإِنْ أَسَلَفَ غَيْرَ الْمُشْتَرِي جَازَ إلَّا لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِآخَرَ اشْتَرِ هَذِهِ السِّلْعَةَ لِي وَلَك وَأَنَا أُسْلِفُك مَا يَخُصُّك فِي ثَمَنِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَهُ خِبْرَةٌ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَبَصِيرَةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَتَوَلَّ الْبَيْعَ رُبَّمَا أَسَلَفَ الَّذِي تَوَلَّى الْبَيْعَ لِأَجْلِ خِبْرَتِهِ بِالتِّجَارَةِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرّ نَفْعًا وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ وَجَاهَتَهُ فَإِنْ قُلْت لَوْ قَالَ الْآمِرَ بَدَلَ قَوْلِهِ غَيْرَ الْمُشْتَرِي لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ فَالْجَوَابُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَعَمُّ إذْ يَشْمَلُ الْآمِرَ وَالْأَجْنَبِيَّ وَمَعْنَى عَدَمِ الْجَوَازِ إذَا كَانَ السَّلَفُ مِنْ غَيْرِ الْآمِرِ مَعَ أَنَّ النَّفْعَ لَيْسَ لِلْمُسْلِفِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الشَّرِيكُ صَدِيقًا لِلْمُسْلِفِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ النَّفْعُ لِلشَّرِيكِ نَفْعًا لَهُ قَوْلُهُ إلَّا لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي قِيلَ الْمَوْضِعُ لِلضَّمِيرِ وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ الْمُشْتَرِي لَا لِلظَّاهِرِ فَلِمَ أَتَى بِالظَّاهِرِ وَلَمْ يَقُلْ إلَّا لِكَبَصِيرَتِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالضَّمِيرِ لَتُوُهِّمَ عَوْدُهُ عَلَى الْمُضَافِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُضَافِ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] .

(ص) وَأُجْبِرَ عَلَيْهَا إنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِسُوقِهِ لَا لِكَسَفَرٍ وَقِنْيَةٍ وَغَيْرُهُ حَاضِرٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ تُجَّارِهِ وَهَلْ وَفِي الزُّقَاقِ لَا كَبَيْتِهِ قَوْلَانِ. (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَرِكَةِ الْجَبْرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ سُوقِهَا طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ لِلتِّجَارَةِ وَالْحَالُ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ تُجَّارِ تِلْكَ السِّلْعَةِ حَاضِرٌ لِشِرَائِهَا وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْحَاضِرُ السَّاكِتُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ السُّوقِ الَّذِي بِيعَتْ فِيهِ تِلْكَ السِّلْعَةُ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَأَرَادَ ذَلِكَ الْحَاضِرُ الدُّخُولَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُشْرِكَ غَيْرَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يُوضَعُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَفْعَلَ رِفْقًا بِأَهْلِ السُّوقِ فَإِنْ اشْتَرَاهَا فِي غَيْبَتِهِ أَوْ زَايَدَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا شَرِكَةَ حِينَئِذٍ فَإِنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي الْمُشَارَكَةَ وَأَبَى غَيْرُهُ أَنْ يُشَارِكَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى مَنْ أَبَى الشَّرِكَةَ مَعَ الْمُشْتَرِي فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ إذَا ظَهَرَتْ الْخَسَارَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِأَجْلِ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ وَلَوْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ اشْتَرَاهُ لِأَجْلِ الْقِنْيَةِ فَإِنَّهُ لَا شَرِكَةَ لِأَحَدٍ مَعَهُ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ وَمَا يُشْتَرَى لِإِقْرَاءِ الضَّيْفِ وَلِلْعُرْسِ كَمَا يُشْتَرَى لِلْقِنْيَةِ إذَا هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ

ــ

[حاشية العدوي]

لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِيهِ بُعْدٌ

(قَوْلُهُ وَجَازَ وَانْقُدْ عَنِّي) لَوْ حَذَفَ وَجَازَ وَيَكُونُ هَذَا مَعْطُوفًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ كَانَتْ السِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيْعُ حَظِّ الْمُسْلِفِ مِنْ السِّلْعَةِ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا وَعَلَيْهِ مَا أَسْلَفَهُ نَقْدًا وَلَوْ شَرَطَ تَأْجِيلَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَاعَ فَلَهُ جَعْلُ مِثْلِهِ فِي بَيْعِ نِصْفِ السِّلْعَةِ وَلَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ لَأَمْسَكَ الْمُسَلِّفُ عَنْ النَّقْدِ.

(قَوْلُهُ صَدِيقًا لِلْمُسْلِفِ) الْحَاصِلُ أَنَّ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّ إنْ قَصَدَ نَفْعَ الْآمِرِ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالْمَأْمُورِ مُنِعَ فَإِنْ قَصَدَ نَفْعَ الْمَأْمُورِ فَقَطْ جَازَ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ يَعُودُ الضَّمِيرُ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5] بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ) أَيْ اللَّحْمَ وَأَمَّا الْخِنْزِيرُ فَهُوَ حَيٌّ طَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ لَا لِكَسَفَرٍ إلَخْ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ بَلْدَةً قَرِيبَةً لَا يُسَمَّى السَّيْرُ لَهَا سَفَرًا عُرْفًا فَلَوْ كَانَ مِنْ مِصْرَ لِبُولَاقَ لَمْ يَكُنْ سَفَرًا لَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ) أَيْ وَنَصَّ عَلَيْهِ الدَّمِيرِيُّ وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ دَاوُد مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَالظَّاهِرُ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ شَارِحُنَا وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تُجَّارِ تِلْكَ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) أَيْ لِكَثْرَةِ مَا اشْتَرَاهُ لِلْقِنْيَةِ بِدَعْوَاهُ أَوْ يَتْرُكَ السَّفَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ ظَاهِرٍ

ص: 50

وَمِثْلُهُ مَا اُشْتُرِيَ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ لَكِنْ فِي غَيْرِ سُوقِهِ مِنْ بَيْتٍ أَوْ زُقَاقٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّافِذِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الزُّقَاقِ وَإِذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ فَهَلْ يُجْبَرُ وَلَوْ طَالَ الْأَمْرُ حَيْثُ كَانَ مَا اُشْتُرِيَ بَاقِيًا وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَوْ يَفْصِلُ فِيهِ كَالشُّفْعَةِ فَلَا جَبْرَ بَعْدَ سَنَةٍ وَالْعُهْدَةُ فِيمَا يَقْضِي فِيهِ بِالشَّرِكَةِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَوَكِيلٍ عَنْ الْبَاقِي وَأَمَّا فِيمَا لَا يَقْضِي فِيهِ بِالشَّرِكَةِ فَالْعُهْدَةُ فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَتَكَلَّمْ أَنَّهُمْ لَوْ تَكَلَّمُوا حِينَ الشِّرَاءِ وَقَالُوا أَشْرِكْنَا فَقَالَ نَعَمْ أَوْ سَكَتَ لَجُبِرَ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَيَقْضِي لَهُ هُوَ عَلَيْهِمْ إنْ امْتَنَعُوا لِظُهُورِ خَسَارَةٍ وَلَوْ قَالَ لَا لَمْ يُشْرِكْهُمْ لِأَنَّهُ أَنْذَرَهُمْ لِيَشْتَرُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ اُشْتُرِيَ أَنَّهُمْ لَوْ حَضَرُوا السَّوْمَ فَقَطْ وَاشْتَرَى بَعْدَ ذَهَابِهِمْ لَمْ يُجْبَرْ وَلَوْ قَالُوا لَهُ أَشْرِكْنَا لَكِنَّهُ يَحْلِفُ مَا اشْتَرَى عَلَيْهِمْ وَلَوْ طَلَبَهُ هُوَ لَزِمَهُمْ لِسُؤَالِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ

(ص) وَجَازَتْ بِالْعَمَلِ إنْ اتَّحَدَ أَوْ تَلَازَمَ وَتَسَاوَيَا فِيهِ أَوْ تَقَارَبَا (ش) لَمَّا انْقَضَى الْكَلَامُ عَلَى شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ وَالْعَمَلِ قَالَ فِيهَا لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ إلَّا بِالْأَمْوَالِ أَوْ عَلَى عَمَلِ الْأَبْدَانِ إذَا كَانَتْ الصَّنْعَةُ وَاحِدَةً وَلِهَذَا قَالَ إنْ اتَّحَدَ أَيْ الْعَمَلُ مِثْلَ خَيَّاطٍ وَخَيَّاطٍ مَثَلًا لَا إنْ اخْتَلَفَ عَمَلُ الْأَبْدَانِ كَخَيَّاطٍ وَحَدَّادٍ لِلْغَرَرِ إذْ قَدْ تُنْفِقُ صَنْعَةُ هَذَا دُونَ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ إذَا تَلَازَمَ الْعَمَلُ كَوَاحِدٍ يَنْسِجُ وَالْآخَرُ يُحَوِّلُ وَيُدَوِّرُ وَيُنِيرُ فَالْمُرَادُ بِالتَّلَازُمِ التَّوَقُّفُ أَيْ أَنْ يَتَوَقَّفَ وُجُودُ عَمَلِ أَحَدِهِمَا عَلَى وُجُودِ عَمَلِ الْآخَرِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّلَازُمَ الْعَقْلِيَّ فَالشَّرْطُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِيمَا إذَا اتَّحَدَ وَبِقَدْرِ قِيمَتِهِ فِي غَيْرِهِ فَإِذَا كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا الثُّلُثَ وَعَمَلُ الْآخَرِ الثُّلُثَيْنِ وَكَانَ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ جَازَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّسَاوِي أَنْ يَكُونَ عَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ كَعَمَلِ الْآخَرِ وَالتَّقَارُبُ كَالتَّسَاوِي فَإِذَا كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا يَقْرَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَعَمَلُ الْآخَرِ يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ الثُّلُثِ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ جَازَ وَيَرْجِعُ فِي التَّقَارُبِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.

(تَنْبِيهٌ) : وَفِي لُزُومِ شَرِكَةِ الْعَمَلِ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالشُّرُوعِ قَوْلَانِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَيَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ كَكَثِيرِ الْآلَةِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ.

(ص) وَحَصَلَ التَّعَاوُنُ وَإِنْ بِمَكَانَيْنِ. (ش) أَيْ وَيُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ حُصُولُ التَّعَاوُنِ وَإِلَّا فَلَا وَلِذَا أُجِيزَتْ الشَّرِكَةُ فِي اللُّؤْلُؤِ أَحَدُهُمَا يَتَكَلَّفُ الْغَوْصَ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ يَقْذِفُ أَوْ يَمْسِكُ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ سَوَاءً جَازَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى التَّسَاوِي فِيمَا خَرَجَ مِنْ اللُّؤْلُؤِ فَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ مَنْ يُخْرِجُهُ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ بِالْعَمَلِ إلَّا عَلَى أُجْرَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْجَبْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَغَيْرِهِ وَالْقَوْلُ بِالْجَبْرِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ يَفْصِلُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لَا لَمْ يُشْرِكْهُمْ) أَيْ وَكَذَا لَوْ وَقَعَتْ الْمُزَايَدَةُ فَلَوْ زَادَ الْبَعْضُ وَسَكَتَ الْبَعْضُ وَقَالَ الدَّلَّالُ هَلْ بَقِيَ لِأَحَدٍ غَرَضٌ فَإِنَّهُ لَا جَبْرَ كَمَا نَقَلَهُ الْبَدْرُ عَنْ الْجِيزِيِّ (قَوْلُهُ أَنَّهُمْ لَوْ حَضَرُوا السَّوْمَ إلَخْ) الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَصَاحِبِ الشَّامِلِ أَنَّ سُؤَالَ مَنْ حَضَرَ إذَا وَقَعَ حِينَ السَّوْمِ أَوْ حِينَ الشِّرَاءِ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ أَشْرِكْنَا أَوْ بِهِ مَعَ زِيَادَةٍ وَاشْتَرِ عَلَيْنَا فَإِنْ أَجَابَهُمْ بِقَوْلِهِ لَا فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الدُّخُولِ مَعَهُمْ وَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى الدُّخُولِ مَعَهُ وَإِنْ أَجَابَهُمْ بِنَعَمْ جُبِرَ مَنْ أَبَى الدُّخُولَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لِمَنْ طَلَبَهُ مُطْلَقًا وَإِنْ سَكَتَ فَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ بِلَفْظِ أَشْرِكْنَا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بِهِ مَعَ زِيَادَةٍ وَاشْتَرِ عَلَيْنَا فَإِنْ كَانَ السُّؤَالُ حِينَ الشِّرَاءِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ حِينَ السَّوْمِ وَابْتَاعَ بِحَضْرَتِهِمْ فَكَذَلِكَ وَإِنْ ابْتَاعَ بِغَيْرِهَا فَإِنْ أَرَادَ إدْخَالَهُمْ لَزِمَهُمْ وَإِنْ أَرَادَ عَدَمَ إدْخَالِهِمْ حَلَفَ مَا اشْتَرَى لَهُمْ وَلَا أَشْرَكَهُمْ مَعَهُ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا اشْتَرَاهُ بَاقِيًا وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ هَذَا مَا قَالَهُ عج وَتَبِعَهُ عب وشب قَالَ عج.

فَإِنْ قُلْت لِمَ لَزِمَهُ فِي سُكُوتِهِ التَّشْرِيكُ إذَا قَالُوا لَهُ أَشْرِكْنَا وَلَمْ يَلْزَمْهُ فِيمَا إذَا قَالُوا لَهُ أَشْرِكْنَا وَاشْتَرِ عَلَيْنَا وَسَكَتَ وَاشْتَرَى فِي غَيْبَتِهِ وَحَلَفَ مَعَ أَنَّهُمْ زَادُوا عَلَى لَفْظِ أَشْرِكْنَا قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ سُكُوتَهُ حِينَ قَوْلِهِمْ أَشْرِكْنَا فَقَطْ أَوْجَبَ أَنَّ مَا يَشْتَرِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ لِرِضَاهُ بِشَرِكَتِهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادُوا وَاشْتَرِ عَلَيْنَا فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ مِنْهُ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِمْ أَوَّلًا أَشْرِكْنَا فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَتَوَكَّلْ لَهُمْ فِي الشِّرَاءِ وَلَمْ يُشْرِكْهُمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالُوا لَهُ أَشْرِكْنَا) أَيْ بِدُونِ اشْتَرِ عَلَيْنَا وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا لَمْ يَلْفِظُوا بِشَيْءٍ أَوْ قَالُوا أَشْرِكْنَا وَاشْتَرِ عَلَيْنَا وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا خِلَافُ الْمُسْتَفَادِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَصَاحِبِ الشَّامِلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عج.

(قَوْلُهُ بِأَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَيْ أَوْ يُقَالَ أَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ (قَوْلُهُ يَقْرُبُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ إمَّا بِنَقْصٍ أَوْ بِزِيَادَةٍ (تَنْبِيهٌ) لَوْ احْتَاجَا مَعَ الصَّنْعَةِ لِمَالٍ أَخْرَجَ كُلٌّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ لَا أَزْيَدَ حَيْثُ كَانَ الْقَصْدُ الصَّنْعَةَ لَا الْمَالَ وَإِلَّا فَالنَّظَرُ لَهُ (قَوْلُهُ كَكَثِيرِ الْآلَةِ) سَيَأْتِي أَنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ إذَا تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا فِي صُلْبِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بِآلَةٍ كَثِيرَةٍ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ إذَا تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا فِي صُلْبِهِ بِآلَةٍ كَثِيرَةٍ وَلَا يَصِحُّ فَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ هَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ.

(قَوْلُهُ وَحَصَلَ التَّعَاوُنُ) أَيْ فِي مُتَّحِدِ الْعَمَلِ وَأَمَّا صُورَةُ التَّلَازُمِ فَحُصُولُ التَّعَاوُنِ لَازِمٌ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ التَّعَاوُنُ لَمْ يَجُزْ وَعَمَلُ كُلٍّ يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ رَفِيقِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ اجْتَمَعَ مُعَلِّمَانِ أَحَدُهُمَا يَحْفَظُ نِصْفَ الْقُرْآنِ الْأَعْلَى وَالثَّانِي يَحْفَظُ النِّصْفَ الثَّانِيَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ حُصُولِ التَّعَاوُنِ (قَوْلُهُ وَالْآخَرُ يَقْذِفُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْ يَرْمِي لَهُ الْحَبْلَ (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى أُجْرَةٍ) أَيْ عَلَى قَدْرِ أُجْرَةِ كُلِّ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ مِنْ الْأَجْزَاءِ نُسْخَتُهُ بِنُقْطَةٍ فَيَكُونُ عَلَى صُورَةِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَجْزَاءَ الْعَمَلِ وَقَوْلُهُ نِفَاقُهُمَا وَاحِدًا أَيْ رَوَاجُهُمَا وَاحِدًا بِأَنْ يَقْدُمَ عَلَى كُلِّ حَانُوتٍ بِالْغَزْلِ لِأَجْلِ أَنْ يُنْسَجَ أَقُولُ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَإِنْ كَانَا بِسُوقٍ وَاحِدٍ وَفِي عب تَبَعًا لعج خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ بِأَنَّ مَا اقْتَصَرَ

ص: 51

كَوْنُهُمَا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَوْضِعٍ عَلَى حِدَةٍ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نِفَاقُهُمَا وَاحِدًا وَتَكُونُ أَيْدِيهِمَا تَجُولُ بِالْعَمَلِ فِي الْحَانُوتَيْنِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْمَكَانِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ بِمَكَانَيْنِ كَذَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْمَكَانِ وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِمَا مَرَّ.

وَلَمَّا كَانَ مَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ إنَّمَا هُوَ فِي صَنْعَةٍ لَا آلَةَ فِيهَا أَوْ فِيهَا وَلَا قَدْرَ لَهَا كَالْخِيَاطَةِ ذَكَرَ مَا إذَا كَانَتْ تَحْتَاجُ لِآلَةٍ كَالصِّيَاغَةِ وَالنِّجَارَةِ وَالصَّيْدِ فَيُزَادُ اشْتِرَاطُ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْآلَةِ بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ فَقَالَ (ص) وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلِّ آلَةٍ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ إذَا أَخْرَجَ هَذَا آلَةً وَهَذَا آلَةً تُسَاوِيهَا لِيَعْمَلَا بِذَلِكَ عَلَى التَّعَاوُنِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيهِمَا إمَّا بِمِلْكٍ وَاحِدٍ كَشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ مِنْ غَيْرِهِمَا لِيَصِيرَ ضَمَانُهُمَا مِنْهُمَا مَعًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ بَعْضٌ آخَرُ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْآلَةَ كُلَّهَا مِنْ عِنْدِهِ وَأَجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ أَوْ أَخْرَجَ هَذَا آلَةً وَأَخْرَجَ الْآخَرُ آلَةً وَآجَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ آلَتِهِ بِنِصْفِ آلَةِ الْآخَرِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مِلْكِهِمَا لَهَا مِلْكًا وَاحِدًا بِشِرَاءٍ أَوْ كِرَاءٍ مِنْ غَيْرِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ وَحَذَفَ التَّأْوِيلَيْنِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْ الْآخَرِ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ وَاسْتِئْجَارُ كُلٍّ مِنْ الْآخَرِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَأَجَرَ نِصْفَ آلَتِهِ بِنِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ وَقَدْ عَزَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ لِلْغَيْرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا آلَةً وَاسْتَأْجَرَ مِنْهُ الْآخَرُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ وَالتَّعْلِيلُ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ فِي التَّقْرِيرِ تَبَعًا لِبَعْضٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ تَكُونُ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً مَعَ أَنَّ صَاحِبَ هَذَا التَّأْوِيلِ يَقُولُ إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ تَكُونُ الشَّرِكَةُ مَاضِيَةً فَعَلَى هَذَا هُوَ شَرْطٌ فِي جَوَازِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَيْ وَلَا بُدَّ فِي جَوَازِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً مِنْ مِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ (ص) كَطَبِيبَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الدَّوَاءِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْجَوَازِ أَيْ فِي جَوَازِ الصَّنْعَةِ الْمُتَّحِدَةِ بِأَنْ كَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَكَانَانِ بِسُوقٍ أَوْ بِسُوقَيْنِ نِفَاقُهُمَا وَاحِدٌ وَتَجُولُ أَيْدِيهِمَا بِالْعَمَلِ فِي الْمَكَانَيْنِ جَمِيعًا أَوْ يَجْتَمِعَانِ بِمَكَانٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَخْذِ الْأَعْمَالِ ثُمَّ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً مِنْ الْعَمَلِ يَذْهَبُ بِهَا لِحَانُوتِهِ يَعْمَلُ فِيهِ لِرِفْقِهِ بِهِ لِسِعَتِهِ أَوْ قُرْبِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ عج وَقَدْ تَبِعَهُ عب وَنَقَلَهُ عج عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا بِسُوقٍ وَاحِدٍ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ نِفَاقُهُمَا وَاحِدًا وَلَا إجَالَةُ يَدَيْهِمَا فِي الْحَانُوتَيْنِ وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ السُّوقُ وَاحِدًا وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ رَأَيْت مُحَشِّيَ تت قَالَ مَا نَصَّهُ عِيَاضٌ تَأَوَّلَ شَيْخُنَا مَا وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ جَوَازِ الِافْتِرَاقِ أَنَّهُمَا يَتَعَاوَنَانِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَأَنَّ نِفَاقَ صَنْعَتِهِمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاءٌ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ وِفَاقًا لِلْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى فَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا كُلِّهِ حَيْثُ كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ فِي صَنْعَةِ أَيْدِيهِمَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِإِخْرَاجِ الْمَالِ أَوْ احْتَاجَا لَهُ وَصَنْعَتُهُمَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ دُونَهُ فَإِنْ كَانَتْ صَنْعَةُ أَيْدِيهِمَا لَا قَدْرَ لَهَا وَالْمَقْصُودُ التَّجْرُ جَازَ كَوْنُهُمَا بِمَكَانَيْنِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ اتِّحَادِ نِفَاقِهِمَا (قَوْلُهُ بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نِفَاقُهُمَا وَاحِدًا وَتَكُونُ أَيْدِيهِمَا تَجُولُ فِي الْحَانُوتَيْنِ.

(قَوْلُهُ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ) هَذَا الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَكَافَأَتْ قِيمَتُهُمَا وَبَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ أَوْ لَا بُدَّ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَعَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لَوْ وَقَعَ مَضَى وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ أَمَّا بِمِلْكٍ وَاحِدٍ كَشِرَاءٍ) أَيْ بِأَنْ يَشْتَرِيَاهَا مَعًا أَوْ يَبِيعَ مَالِكُ كُلِّ آلَةٍ نِصْفَهَا لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ لِيَصِيرَ ضَمَانُهَا مِنْهَا مَعًا) أَيْ ثُبُوتًا أَوْ نَفْيًا فَالثُّبُوتُ إذَا كَانَا فِي مِلْكِهِمَا وَعَدَمُهُ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْآلَةَ (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ) فِيهِ نَظَرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً مُسَاوِيَةً لِآلَةِ صَاحِبِهِ وَمُسْتَأْجِرُ نِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ لَيْسَ فِيهَا تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ وَإِنَّمَا الْجَوَازُ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَظَهَرَ أَنَّ الْأَوْلَى مِنْ هَاتَيْنِ هِيَ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْآلَةَ وَآجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا وَإِنَّمَا قَرَّرَ بِهَا بَهْرَامُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَتَبِعَهُ تت تَبَعًا لِلْمُؤَلِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ الْوَاقِعُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَازِ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَآجَرَ نِصْفَهَا بِنِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ فِيهَا تَأْوِيلَانِ وَلَا قَوْلَانِ نَعَمْ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا آلَةً وَآجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَنْعُ لِلْعُتْبِيَّةِ فَهِيَ ذَاتُ خِلَافٍ لَا تَأْوِيلَيْنِ وَظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا الْجَوَازُ فَتَدَبَّرْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً لَيْسَ فِيهَا إلَّا تَأْوِيلَانِ وَلَيْسَ فِيهَا قَوْلَانِ وَأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَآجَرَ نِصْفَهَا بِنِصْفِ آلَةِ صَاحِبِهِ لَيْسَ فِيهَا تَأْوِيلَانِ وَلَا قَوْلَانِ وَإِنَّمَا فِيهَا الْمَنْعُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَسْأَلَةُ مَا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا آلَةً وَآجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ لَيْسَ فِيهَا إلَّا قَوْلَانِ وَلَيْسَ فِيهَا تَأْوِيلَانِ (قَوْلُهُ وَحَذَفَ التَّأْوِيلَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَحْذُوفَ إنَّمَا هُوَ تَأْوِيلَانِ فَقَطْ وَأَقُولُ بَلْ قَوْلُهُ أَوْ لَا بُدَّ مَحْذُوفٌ أَيْضًا مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَلَك أَنْ تَرْبِطَ قَوْلَهُ أَوْ لَا بُدَّ إلَخْ بِالْأَوَّلِ وَيَكُونُ فِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِلْغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لِيَصِيرَ ضَمَانُهُمَا وَاحِدًا وَالْمُرَادُ التَّعْلِيلُ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْمُقَابِلُ

ص: 52

طَلَبُهَا وَاحِدًا كَكَحَّالَيْنِ وجَرَائِحَيَّيْنِ بِأَنْ أَخْرَجَا ثَمَنَ الدَّوَاءِ مِنْ عِنْدِهِمَا أَوْ أَخْرَجَ هَذَا نِصْفَهُ وَهَذَا نِصْفَهُ فَإِنْ اُخْتُلِفَ طِبُّهُمَا كَجَرَائِحِيِّ وَكَحَّالٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاكُهُمَا وَحَيْثُ جَعَلَ قَوْلَهُ كَطَبِيبَيْنِ إلَخْ مِثَالًا لِشَرِكَةِ الْعَمَلِ الْمُسْتَوْفِيَةِ لِلشُّرُوطِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ يَكُونُ طِبُّهُمَا وَاحِدًا لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ طِبُّهُمَا لَمْ يَحْصُلْ اتِّحَادٌ وَلَا تَلَازُمٌ وَكَذَا إذَا جُعِلَ تَشْبِيهًا لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ كَمَا يَجُوزُ اشْتِرَاكُ طَبِيبَيْنِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ وَلَا يَشْكُلُ قَوْلُهُ اشْتَرَكَا فِي الدَّوَاءِ بِأَنَّ شَرِكَةَ الْعَمَلِ لَيْسَ فِيهَا مَالٌ لِأَنَّ الدَّوَاءَ تَابِعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَالْمَقْصُودُ التَّطْبِيبُ.

(ص) وَصَائِدَيْنِ فِي الْبَازَيْنِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي الْبَازَيْنِ أَوْ الْكَلْبَيْنِ إذَا كَانَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ لَهُمَا وَكَانَ طَلَبُهُمَا وَأَخْذُهُمَا وَاحِدًا وَلَا يَفْتَرِقَانِ هَكَذَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَفِي بَعْضِهَا أَوْ كَانَ بِأَوْ فَعَلَى الْأُولَى يُشْتَرَطُ وُجُودُهُمَا وَعَلَى الثَّانِيَةِ فَالشَّرْطُ وُجُودُ أَحَدِ الشَّرْطَيْنِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ وَإِنْ افْتَرَقَا (ش) لَكِنْ كَلَامُهُ لَا يُؤَدِّي هَذَا فَإِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ اشْتِرَاطَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْبَازَيْنِ أَوْ الْكَلْبَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي أَنَّهُ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ عَدَمُ افْتِرَاقِهِمَا أَوْ يَكْتَفِي بِالْأَوَّلِ فَقَطْ وَسَيَأْتِي تَصْوِيبُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى وَجْهٍ يُطَابِقُ النَّقْلَ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ افْتِرَاقِهِمَا أَنْ يَكُونَا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يَكُونَ مَطْلُوبُهُمَا وَاحِدًا فَإِنْ اخْتَلَفَ مَكَانُهُمَا أَوْ اتَّحَدَ وَاخْتَلَفَ مَطْلُوبُهُمَا بِأَنْ كَانَ مَصِيدُ أَحَدِهِمَا الطَّيْرَ وَمَصِيدُ الْآخَرِ الْوَحْشَ كَالْغَزَالِ فَقَدْ حَصَلَ افْتِرَاقُهُمَا فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَهَلْ إنْ اتَّفَقَا فِي الْمِلْكِ وَالطَّلَبِ أَوْ أَحَدِهِمَا كَافٍ رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا لَوَافَقَ النَّقْلَ وَأَمَّا الِاتِّحَادُ فِي الْأَخْذِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ طَلَبُهُمَا وَأَخْذُهُمَا وَاحِدٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ مَكَانُ طَلَبِهِمَا وَاحِدٌ وَنَوْعُ أَخْذِهِمَا وَاحِدٌ بِأَنْ يَكُونَا يَصِيدَانِ الطَّيْرَ أَوْ بَقَرَ الْوَحْشِ مَثَلًا وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ أَخْذُهُمَا فَلَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْعَمَلِ الِاتِّحَادُ فِيهِ أَوْ التَّقَارُبُ فَقَوْلُهُ افْتَرَقَا أَيْ فِي الْمَكَانِ وَاتَّحَدَ فِي الْأَخْذِ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْهُ هُنَا اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ إنْ اتَّحَدَ الْعَمَلُ وَقَوْلُهُ (ص) رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا (ش) لِأَنَّهَا رُوِيَتْ بِالْوَاوِ وَرُوِيَتْ بِأَوْ.

(ص) وَحَافِرَيْنِ بِكَرِكَازٍ وَمَعْدِنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ تَجُوزُ فِي الْحَفْرِ عَلَى الرِّكَازِ وَالْمَعَادِنِ وَالْآبَارِ وَالْبُنْيَانِ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْمَوْضِعِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ هَذَا فِي غَارٍ مِنْ الْمَعْدِنِ وَهَذَا فِي غَارٍ سَوَاءً وَنَكَّرَ الْمَعْدِنَ لِيَعُمَّ جَمِيعَ الْمَعَادِنِ كَمَعْدِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالْكُحْلِ وَنَحْوِهَا

(ص) وَلَمْ يَسْتَحِقَّ وَارِثُهُ بَقِيَّتَهُ وَأَقْطَعَهُ الْإِمَامُ وَقَيَّدَ بِمَا لَمْ يَبْدُ. (ش) يَعْنِي إذَا مَاتَ أَحَدُ الْحَافِرَيْنِ فِي الْمَعْدِنِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَإِنَّ وَارِثَهُ لَا يَسْتَحِقُّ بَقِيَّةَ عَمَلِ مُوَرِّثِهِ فِي الْمَعْدِنِ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَهُ لِمَنْ شَاءَ وَقَيَّدَ الْقَابِسِيُّ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِ الْوَارِثِ بَقِيَّةَ عَمَلِ مُوَرِّثِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَبْدُ النَّيْلُ فَإِنْ بَدَا بِعَمَلِ الْمُوَرِّثِ وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ قَارَبَ بُدُوَّهُ بِعَمَلِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ النَّيْلُ الَّذِي بَدَا أَوْ قَارَبَ الْبُدُوَّ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَارِثُهُ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ بَعْضَهُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ النَّيْلُ وَإِنْ أَخْرَجَ الْمُوَرِّثُ مِنْهُ مَا يُقَابِلُ عَمَلَهُ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ أَوْ إنْ كَانَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ مُوَرِّثُهُ يُقَابِلُ عِلْمَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْوَارِثُ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ قَدْرَ مَا يَحْصُلُ بِهِ مَعَ مَا أَدْرَكَ الْمُوَرِّثُ مَا يُقَابِلُ عَمَلَهُ

(ص) وَلَزِمَهُ مَا يَقْبَلُهُ صَاحِبُهُ وَضَمَانُهُ وَإِنْ تَفَاصَلَا (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ شَرِيكَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا جُعِلَ تَشْبِيهًا) الْأَحْسَنُ جَعْلُهُ تَمْثِيلًا لِأَنَّ جَعْلَهُ تَشْبِيهًا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ شَرِكَةِ الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مِنْ جَعْلِهِ مِنْ تَشْبِيهِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ.

(قَوْلُهُ أَوْ كَانَ بِأَوْ) أَيْ أَوْ كَانَ طَلَبُهُمَا وَأَخْذُهُمَا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وُجُودُ أَحَدِ الشَّرْطَيْنِ) أَوْ لَهُمَا كَوْنُهُمَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ لَهُمَا وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَ طَلَبُهُمَا وَأَخْذُهُمَا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ افْتِرَاقِهِمَا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالطَّلَبِ الْمَطْلُوبَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ وَأَخْذُهُمَا وَاحِدًا تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ وَكَانَ طَلَبُهُمَا وَاحِدًا وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَا يَفْتَرِقَانِ تَأْكِيدًا بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ وَأَنْ يَكُونَ مَطْلُوبُهُمَا وَاحِدًا وَصَارَ حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى نُسْخَةِ الْوَاوِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ وَمَطْلُوبُهُمَا وَاحِدًا وَمَكَانُهُمَا وَاحِدًا وَأَنَّهُ إذَا اخْتَلَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ أَوْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مُفَادِ الْمُصَنِّفِ يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَكْتَفِي بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِأَنْ يَكُونَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَطْلُوبُهُمَا وَمَكَانُهُمَا أَوْ يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَكَانِ وَالْمَطْلُوبِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمِلْكِ وَهَذَا عَلَى كَلَامِ عج وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَالْوَاجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَإِنْ اتَّفَقَا إلَخْ لَا يُلَائِمُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا قَرَّرْنَا فَقَوْلُهُ وَالطَّلَبِ أَيْ مَكَانِ الطَّلَبِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَاحِدٌ أَيْ الِاتِّفَاقُ فِي الْمِلْكِ وَالطَّلَبِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَاحِدٌ أَيْ الْمِلْكُ أَوْ الطَّلَبُ أَيْ مَكَانُ الطَّلَبِ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يُلَائِمُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الِاتِّحَادَ فِي الْأَخْذِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَهَذَا عَلَى كَلَامِ اللَّقَانِيِّ وَظَهَرَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ التَّخَالُفُ لِأَنَّهُ فَسَّرَ أَوَّلًا الطَّلَبَ بِالْمَطْلُوبِ وَأَرَادَ بِهِ هُنَا مَكَانَ الطَّلَبِ لَا الْمَطْلُوبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَمَّا الِاتِّحَادُ فِي الْأَخْذِ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ أَوَّلًا مَشَى عَلَى كَلَامِ عج وَثَانِيًا عَلَى كَلَامِ اللَّقَانِيِّ وَقَوْلُهُ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ يُفِيدُ قُوَّةَ كَلَامِ عج فَلَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ وَقُيِّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَبْدُ) أَيْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبْدُ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرَهُ شب.

(قَوْلُهُ وَضَمَانُهُ) أَيْ ضَمَانُ الصُّنَّاعِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّلَفَ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ وَالضَّمَانِ مِنْهُمَا كَالْوَصِيَّيْنِ إذَا اقْتَسَمَا الْمَالَ وَضَاعَ مَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْآخَرَ يَضْمَنُهُ أَيْضًا لِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ

ص: 53

الْعَمَلِ إذَا قَبِلَ شَيْئًا يَعْمَلُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ شَرِيكَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَعْقِدَا مَعًا وَإِذَا تَلِفَ يَكُونُ ضَمَانُهُ عَلَيْهِمَا قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ وَبَعْدَهَا قَالَ فِيهَا مَا يَقْبَلُ أَحَدُ شَرِيكَيْ الصَّنْعَةِ يَلْزَمُ الْآخَرَ عَمَلُهُ وَضَمَانُهُ وَيُؤْخَذُ بِذَلِكَ وَإِنْ افْتَرَقَا فَقَوْلُهُ وَإِنْ تَفَاصَلَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَضَمَانُهُ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ أَنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ طَالَ مَرَضُهُ فَإِنْ قَبِلَهُ بَعْدَ طُولِ غَيْبَتِهِ أَوْ مَرَضِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ الْعَمَلُ مَعَهُ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ

(ص) وَأُلْغِيَ مَرَضٌ كَيَوْمَيْنِ وَغَيْبَتُهُمَا لَا إنْ كَثُرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ شَرِيكَيْ الْعَمَلِ إذَا مَرِضَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ أَوْ غَابَ مَا ذُكِرَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُلْغَى وَفَائِدَتُهُ أَنَّ مَا يَعْمَلُهُ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ يُشَارِكُهُ فِي عِوَضِهِ الْغَائِبُ وَالْمَرِيضُ لَا إنْ كَثُرَ زَمَانُ الْمَرَضِ أَوْ زَمَانُ الْغَيْبَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْكَثِيرِ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ فَلَا يُلْغَى شَيْءٌ مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي عَمِلَهُ صَاحِبُهُ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ مَرَضِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَالْأُجْرَةُ الْأَصْلِيَّةُ بَيْنَهُمَا وَالضَّمَانُ مِنْهُمَا مِثَالُهُ لَوْ عَاقَدَا شَخْصًا عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَغَابَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَرِضَ كَثِيرًا فَخَاطَهُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْعَشَرَةَ دَرَاهِمَ بَيْنَهُمَا وَيُقَالُ مَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي خِيَاطَتِهِ لِهَذَا الثَّوْبِ فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِدِرْهَمَيْنِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ اخْتَصَّ بِهِ أَيْ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ لَا بِالْعِوَضِ الْأَصْلِيِّ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ.

(ص) وَفَسَدَتْ بِاشْتِرَاطِهِ كَكَثِيرِ الْآلَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرِيكَيْ الْعَمَلِ إذَا انْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى إلْغَاءِ كَثِيرِ الْغَيْبَةِ أَوْ الْمَرَضِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ فَاسِدَةً وَيَكُونُ مَا اجْتَمَعَا فِيهِ بَيْنَهُمَا وَمَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا يَكُونُ لَهُ عَلَى انْفِرَادِهِ كَمَا أَنَّ الشَّرِكَةَ تَفْسُدُ إذَا تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا فِي صُلْبِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بِآلَةٍ كَثِيرَةٍ لَهَا بَالٌ وَأَمَّا إنْ تَبَرَّعَ بِآلَةٍ لَا خَطْبَ لَهَا كَمِدَقَّةٍ وَقَصْرِيَّةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مُغْتَفَرٌ فَقَوْلُهُ بِاشْتِرَاطِهِ أَيْ الْكَثِيرِ الْمَفْهُومِ مِنْ كَثُرَ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِاشْتِرَاطِ إلْغَائِهِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ اشْتِرَاطِهِ أَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَشْتَرِطَاهُ وَأَحَبَّ صَاحِبُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ نَصِيبَهُ مِنْ عَمَلِهِ جَازَ وَقَوْلُهُ كَكَثِيرِ الْآلَةِ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الْفَسَادِ لَا بِقَيْدِ الِاشْتِرَاطِ.

(ص) وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ كَالصَّحِيحَةِ تَرَدُّدٌ (ش) النَّقْلُ مِنْ خَارِجٍ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الصَّحِيحَةِ إذَا مَرِضَ أَوْ غَابَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مُدَّةً طَوِيلَةً هَلْ يُلْغَى مِنْهَا يَوْمَانِ كَمَا لَوْ مَرِضَ فِيهِمَا أَوْ غَابَهُمَا فَقَطْ أَوْ لَا يُلْغَى مِنْهَا شَيْءٌ وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا يُلْغَى مِنْهَا شَيْءٌ اتِّفَاقًا فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ وَهَلْ إلَخْ عِنْدَ قَوْلِهِ قَوْلُهُ لَا إنْ كَثُرَ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ إنَّمَا هُوَ فِي الصَّحِيحَةِ وَيَقُولُ كَالْقَصِيرَةِ بَدَلَ قَوْلِهِ كَالصَّحِيحَةِ أَيْ وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ مِنْ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ كَمَا تُلْغَى الْمُدَّةُ الْقَصِيرَةُ أَوْ لَا يُلْغَيَانِ الْأَوَّلُ قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَالثَّانِي قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.

(ص) وَبِاشْتِرَاكِهِمَا بِالذِّمَمِ أَنْ يَشْتَرِيَا بِلَا مَالٍ (ش) لَا يَصِحُّ عَطْفُ هَذَا عَلَى بِاشْتِرَاطِهِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي فَسَدَتْ عَائِدٌ عَلَى شَرِكَةِ الْعَمَلِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي شَرِكَةِ الْوَجْهِ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى وَفَسَدَتْ شَرِكَةُ الْعَمَلِ بِاشْتِرَاكِهِمَا بِالذِّمَمِ فَيُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ لَا مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ أَيْ وَفَسَدَتْ شَرِكَةُ الْعَمَلِ بِاشْتِرَاطِ إلْغَاءِ الْكَثِيرِ وَفَسَدَتْ الشَّرِكَةُ لَا بِقَيْدِ شَرِكَةِ الْعَمَلِ أَيْ الشَّرِكَةِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ بِسَبَبِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الذِّمَمِ مِنْ بَابِ تَحَقُّقِ الْمُطْلَقِ فِي الْمُقَيَّدِ أَوْ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا شَيْئًا بَيْنَهُمَا فِي ذِمَّتِهِمَا بِلَا مَالٍ يُخْرِجَانِهِ مِنْ عِنْدِهِمَا ثُمَّ يَبِيعَانِ ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ فَاسِدَةً وَسَوَاءٌ اشْتَرَيَا ذَلِكَ الشَّيْءَ مَعًا أَوْ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنَّمَا فَسَدَتْ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ: تَحَمَّلْ عَنِّي وَأَتَحَمَّلُ عَنْك وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك فَهُوَ مِنْ بَابِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَيَا شَيْئًا مُعَيَّنًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فِي ذِمَّتِهِمَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ أَوْ بَعْدَ حُصُولِ الْمُفَاصَلَةِ.

(قَوْلُهُ كَيَوْمَيْنِ) أَيْ أَلْغَى الْمَرَضَ فِي كَيَوْمَيْنِ وَأَلْغَى الْغَيْبَةَ فِي الْيَوْمَيْنِ فَالْإِضَافَةُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ وَهِيَ عَلَى مَعْنَى فِي وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ هَذَا غَيْرُ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ أَوَّلًا فَهُمَا تَقْرِيرَانِ الْأَوَّلُ لِلدَّمِيرِيِّ فِي كَوْنِ الْكَافِ أَدْخَلَتْ الثَّالِثَ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي لِلَّقَانِيِّ ولعج أَنَّهَا اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ رَجَعَ إلَخْ) أَيْ الَّذِي خَيْطُهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِدِرْهَمَيْنِ أَيْ مُضَافَيْنِ لِدِرْهَمَيْهِ الْأَصْلِيَّةِ أَيْ فَيَتِمُّ لَهُ قِيمَةُ عَمَلِهِ أَرْبَعَةً ثُمَّ تُقْسَمُ السِّتَّةُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا تَعَاقَدَا.

(قَوْلُهُ وَقَصْرِيَّةٍ) هِيَ الصَّحْفَةُ الَّتِي يُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ (قَوْلُهُ فِي مُطْلَقِ الْفَسَادِ) وَوَجْهُ جَوَازِ تَبَرُّعِ كُلٍّ لِلْآخَرِ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي شَرِكَةِ الْمَالِ أَنَّ الْآلَةَ لِتَوَقُّفِ الْعَمَلِ عَلَيْهَا كَانَ إسْقَاطُ كَثِيرِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ فِيهِ شَرْطُ التَّفَاوُتِ حُكْمًا.

(قَوْلُهُ أَيْ وَفَسَدَتْ إلَخْ) وَيُمْكِنُ عَطْفُهُ عَلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْقَيْدُ أَوْ الْمَوْصُوفُ وَهُوَ الشَّرِكَةُ بِدُونِ قَيْدِهِ أَوْ صِفَتِهِ وَهُوَ الْعَمَلُ أَيْ فَيَفْسُدُ الْعَطْفُ إنْ اُعْتُبِرَ الْقَيْدُ وَيَصِحُّ إنْ اُعْتُبِرَتْ الشَّرِكَةُ الْمُطْلَقَةُ (قَوْلُهُ مِنْ بَابِ تَحَقُّقِ إلَخْ) أَيْ مِنْ بَابِ تَحَقُّقِ مَدْلُولِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ هُوَ اللَّفْظُ وَالْمُتَحَقِّقَ مَدْلُولُهُ الَّذِي هُوَ الْمَاهِيَّةُ ثُمَّ فِي الْكَلَامِ شَيْئَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ الَّذِي يَتَفَرَّعُ إنَّمَا هُوَ مَدْلُولُ الْمُطْلَقِ لَا مَدْلُولُ الْعَامِّ وَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمُتَحَقِّقَ إنَّمَا هُوَ مَدْلُولُ الْمُطْلَقِ وَمَدْلُولُ الْعَامِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُطْلَقِ وَالْعَامِّ إنَّمَا هُوَ اللَّفْظُ وَالْمُتَحَقِّقُ إنَّمَا هُوَ الْمَدْلُولُ الثَّانِي أَنَّ مَدْلُولَ الْعَامِّ الَّذِي هُوَ كُلُّ فَرْدٍ لَا يُعْقَلُ تَحَقُّقُهُ فِي فَرْدٍ فَتَأَمَّلْ حَقَّ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ أَنْ يَشْتَرِيَا شَيْئًا) أَيْ تَعَاقَدَا عَلَى شِرَاءِ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِمَا وَأَنَّ كُلًّا حَمِيلٌ عَنْ الْآخَرِ ثُمَّ يَبِيعَانِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَاقُدِهِمَا عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَيَحْمِلُ كُلٌّ عَنْ الْآخَرِ بِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا وَقَعَ الدَّفْعُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَوْلُهُ مِنْ بَابِ تَحَمَّلْ إلَخْ أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك فِي نِهَايَةِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ اشْتَرَيَا) أَيْ تَعَاقَدَا عَلَى

ص: 54

لَجَازَ وَالْأَوْلَى جَعْلُ قَوْلِهِ (ص) وَهُوَ بَيْنَهُمَا (ش) بَيَانًا لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ لَا مِنْ تَمَامِ تَصْوِيرِهَا فَهُوَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ ثُمَّ إنَّ حَقِيقَةَ الْبَيْنِيَّةِ التَّسَاوِي وَلَيْسَ مُرَادًا أَيْ وَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى حِسَابِ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ لَهُمَا بِاشْتِرَاكِهِمَا فَإِنَّهُ يُطَالِبُ مُتَوَلِّيَ الشِّرَاءِ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ وَإِنْ عَلِمَ بِاشْتِرَاكِهِمَا فَإِنَّهُ جَهِلَ فَسَادَهَا فَحُكْمُ مَا وَقَعَ مِنْهُمَا مِنْ الضَّمَانِ كَحُكْمِ الضَّمَانِ الصَّحِيحِ فِي غَيْرِ هَذِهِ فَإِنْ حَضَرَا مُوسِرَيْنِ لَمْ يَأْخُذْ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَيَأْخُذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدِمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ وَإِنْ عَلِمَ فَسَادَهَا لَمْ يَأْخُذْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِحَالٍ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِمَّنْ اشْتَرَى فَعِلْمُهُ بِفَسَادِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِاشْتِرَاكِهِمَا كَجَهْلِهِ بِاشْتِرَاكِهِمَا (ص) وَكَبَيْعِ وَجِيهٍ مَالَ خَامِلٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ فَهُوَ مِثَالٌ ثَانٍ لِشَرِكَةِ الذِّمَمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ الْوَجِيهَ الَّذِي يَرْغَبُ النَّاسُ فِي الشِّرَاءِ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَالَ رَجُلٍ خَامِلٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْغِشِّ وَالتَّدْلِيسِ عَلَى النَّاسِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَلِأَنَّهَا إجَارَةٌ مَجْهُولَةُ الْأُجْرَةِ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ

(ص) وَكَذِي رَحًى وَذِي بَيْتٍ وَذِي دَابَّةٍ لِيَعْمَلُوا إنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْكِرَاءُ وَتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ وَتَرَادُّوا الْأَكْرِيَةَ وَإِنْ اُشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّ الدَّابَّةِ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهُمَا. (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَفَسَدَتْ بِاشْتِرَاطِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ فِي الْعَمَلِ فَأَتَى أَحَدُهُمْ بِرَحًى وَأَتَى الثَّانِي بِبَيْتٍ تُوضَعُ فِيهِ تِلْكَ الرَّحَى وَأَتَى الثَّالِثُ بِدَابَّةٍ تَدُورُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ بِالرَّحَى فَإِنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ فَاسِدَةً إذَا لَمْ يَتَسَاوَ كِرَاءُ الثَّلَاثَةِ وَعَمِلُوا بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ الْغَلَّةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَإِذَا وَقَعَتْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَرْجِعُ مَنْ لَهُ فَضْلُ عَمَلٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَتَرَادُّوا الْأَكْرِيَةَ فَإِذَا كَانَ كِرَاءُ الْبَيْتِ ثَلَاثَةً وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ دِرْهَمَيْنِ وَكِرَاءُ الرَّحَى دِرْهَمًا وَاحِدًا دَفَعَ صَاحِبُ الرَّحَى لِصَاحِبِ الْبَيْتِ دِرْهَمًا وَاحِدًا فَقَوْلُهُ وَتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ بَيَانٌ لِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ أَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْغَلَّةِ عَلَى قَدْرِ مَالِهِ لَجَازَتْ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ صِحَّةُ الشَّرِكَةِ إذَا تَسَاوَى الْكِرَاءُ وَمَا حَصَلَ يُقْسَمُ أَثْلَاثًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَكْرَى مَتَاعَهُ بِمَتَاعِ صَاحِبِهِ وَجَعَلَهُ تت تَقْرِيرًا لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ كَمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَرَادُّوا الْأَكْرِيَةَ وَإِذَا اشْتَرَطَ صَاحِبُ الرَّحَى وَالْبَيْتِ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ بِمُفْرَدِهِ وَعَمِلَ فَإِنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا تَكُونُ لَهُ وَكَانَ عَمَلُهُ رَأْسَ الْمَالِ وَعَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِصَاحِبِ الرَّحَى وَلِصَاحِبِ الْبَيْتِ يُرِيدُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ رِبْحٌ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَإِنْ اُشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّ الدَّابَّةِ أَيْ وَإِنْ اُشْتُرِطَ عَمَلُ أَحَدِهِمْ بِخُصُوصِهِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤَلِّفُ الدَّابَّةَ تَبَعًا لِلرِّوَايَةِ.

(ص) وَقَضَى عَلَى شَرِيكٍ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أَنْ يَعْمُرَ أَوْ يَبِيعَ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَسَائِلَ يَقَعُ فِيهَا النِّزَاعُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرِكَةِ عَقَارٌ لَا يَنْقَسِمُ كَالْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ وَالْحَانُوتِ وَنَحْوِهَا فَاحْتَاجَ إلَى الْإِصْلَاحِ

ــ

[حاشية العدوي]

شِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بَيْنَهُمَا ابْتِدَاءً فَهُوَ جَائِزٌ أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ تَحَمُّلُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ مُمَاثِلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ إذَا تَعَاقَدَا أَوَّلَ الْأَمْرِ عَلَى شِرَاءِ أَيِّ شَيْءٍ تَحَصَّلَ وَسَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي ضَمَانِهِمَا أَمْ لَا أَوْ تَعَاقَدَا عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ إلَّا أَنَّهُمَا تَفَاوَتَا فِي الضَّمَانِ وَأَمَّا عَلَى التَّسَاوِي فَلَا ضَرَرَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى جَعْلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ عُقْدَةَ الشَّرِكَةِ مُسْتَلْزِمَةٌ كَوْنَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَالْمُحْتَاجُ لِبَيَانِهِ إنَّمَا هُوَ الْحُكْمُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ) أَيْ الَّذِي يَحْتَمِلُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مَعْنَيَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ كَقَوْلِهِ خَاطَ لِي عَمْرٌو قَبَاءً لَيْتَ عَيْنَيْهِ سَوَاءٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ أَوْ مُسْتَأْنَفًا وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى جَعْلُهُ مُسْتَأْنَفًا وَالتَّفْرِيعُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ فَهُوَ إلَخْ مَنْظُورٌ فِيهِ لِكَوْنِ اللَّفْظِ فِي ذَاتِهِ مُحْتَمِلًا لِقَوْلِهِ وَالْأَوْلَى إلَخْ فَتَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ وَكَبَيْعِ وَجِيهٍ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلِ الشَّارِحِ مَعْطُوفٌ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا إلَخْ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ آخَرُ لِشَرِكَةِ الذِّمَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِشَرِكَةِ الْوُجُوهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ وَفُسِّرَتْ بِأَنْ يَبِيعَ الْوَجِيهُ مَالَ الْخَامِلِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ. وَقِيلَ هِيَ شَرِكَةُ الذِّمَمِ يَشْتَرِيَانِ وَيَبِيعَانِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ مَالٍ

وَكِلْتَاهُمَا فَاسِدَةٌ وَيُمْكِنُ تَقْرِيرُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ لَكِنَّهُ حَالٍ عَنْ بَيَانِ كَوْنِ التَّفْسِيرَيْنِ لِشَرِكَةِ الْوُجُوهِ أَيْ وَفَسَدَتْ الشَّرِكَةُ حَالَةَ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِاشْتِرَاكِهِمَا بِالذِّمَمِ إلَخْ وَبِكَبَيْعِ وَجِيهِ إلَخْ فَكَبَيْعِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ بِالذِّمَمِ إلَخْ أَقُولُ سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ الْحُكْمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَلِلْوَجِيهِ جَعْلُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْوَجِيهِ فَإِنْ قَامَتْ السِّلْعَةُ خُيِّرَ عَلَى مُقْتَضَى الْغِشِّ بَيْنَ الرَّدِّ وَأَخْذِ الثَّمَنِ أَوْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ فَاتَتْ فَفِيهَا الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْكِرَاءُ) أَيْ تَبَيَّنَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَنَّ الْكِرَاءَ لَمْ يَتَسَاوَ إلَّا أَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَى ذَلِكَ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَسَاوَى الْكِرَاءُ لَمْ تَفْسُدْ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَفَسَدَتْ إلَخْ) أَيْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِاشْتِرَاطِهِ أَيْ وَفَسَدَتْ الشَّرِكَةُ حَالَةَ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِاشْتِرَاطِهِ وَفِي حَالِ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِ كَذِي رَحًى وَذِي بَيْتٍ (قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ تت تَقْرِيرًا) هَذَا بَعِيدٌ (تَنْبِيهٌ) : هَذِهِ الطَّرِيقَةُ طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ وَهِيَ سَهْلَةٌ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ طَرِيقَةً أُخْرَى فَرَاجِعْهَا.

(قَوْلُهُ كَالْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِأَنْ يَعْمُرَ أَوْ يَبِيعَ حَاصِلُ مَا عِنْدَهُمْ الْقَضَاءُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعِمَارَةِ بِمَعْنَى الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَالْمُتَعَلِّقُ بِالْبَيْعِ الْقَضَاءُ بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَلَا يَتَوَلَّى الْقَاضِي

ص: 55

وَأَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يُصَلِّحَ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَعْمُرَ أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يَعْمُرُ أَيْ يَبِيعُ جَمِيعَ نَصِيبِهِ لَا بِقَدْرِ مَا يَعْمُرُ بِهِ وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فَأَبَى الثَّانِي أَنْ يَعْمُرَ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا قَضَى بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ مَا لَا يَنْقَسِمُ الْوَقْفَ فَإِنَّهُ كَالْمِلْكِ هُنَا فَيُقْضَى عَلَى الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْعِمَارَةِ بِهَا أَوْ بِالْبَيْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَقْفِ مَا يُفِيدُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَمَا قِيلَ فِي هَذَا مِنْ تَعَيُّنِ الْعِمَارَةِ كَخَالِصِ الْمُشْتَرَكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ وَبِعِبَارَةٍ وَلَوْ كَانَتْ إحْدَى الْحِصَّتَيْنِ مَوْقُوفَةً وَالْأُخْرَى مِلْكًا وَلَا غَلَّةَ لِلْوَقْفِ فَيَعْمُرُ الشَّرِيكُ وَيَبْدَأُ فِي الْغَلَّةِ الْمُتَجَدِّدَةِ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمْ إلَخْ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا يَنْقَسِمُ أَنَّ مَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ إذَا احْتَاجَ إلَى الْإِصْلَاحِ وَأَبَى الْبَعْضُ مِنْ الشُّرَكَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلَا بِالْبَيْعِ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَزُولُ بِقَسَمِهِ.

(ص) كَذِي سُفْلٍ إنْ وَهِيَ (ش) أَيْ كَمَا يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ حَيْثُ وَهِيَ أَيْ ضَعُفَ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَعْلَى لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْأَسْفَلِ وَقَوْلُ بَهْرَامَ يَعْنِي وَإِنْ كَانَ الِاشْتِرَاكُ إلَخْ غَيْرُ جَيِّدٍ إذْ لَا اشْتِرَاكَ هَا هُنَا وَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ الشَّرِكَةَ عَلَى الْمُخَالَطَةِ وَالْمُجَاوَرَةِ لِوُضُوحِ ذَلِكَ وَإِذَا سَقَطَ الْعُلُوُّ عَلَى الْأَسْفَلِ فَهَدَمَهُ جُبِرَ رَبُّ الْأَسْفَلِ عَلَى أَنْ يَبْنِيَهُ أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يَبْنِي حَتَّى يَبْنِيَ رَبُّ الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ فَإِنْ بَاعَهُ مِمَّنْ يَبْنِيهِ فَامْتَنَعَ مِنْ بِنَائِهِ جُبِرَ الْمُبْتَاعُ أَيْضًا أَنْ يَبْنِيَهُ أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يَبْنِيهِ وَالْمُرَادُ بِالسُّفْلِ مَا نَزَلَ عَنْ الطُّولِ لَا الْمُلَاصِقُ بِالْأَرْضِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ طِبَاقًا مُتَعَدِّدَةً فَالْمُرَادُ بِالسُّفْلِ السُّفْلُ النِّسْبِيُّ.

(ص) وَعَلَيْهِ التَّعْلِيقُ وَالسَّقْفُ وَكَنْسُ مِرْحَاضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَسْفَلَ إذَا وَهِيَ وَخِيفَ عَلَى الْأَعْلَى أَنْ يَسْقُطَ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ أَنْ يُعَلِّقَ الْأَعْلَى لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَنْزِلَةِ الْبُنْيَانِ وَالْبِنَاءُ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ وَكَذَلِكَ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ بِالسَّقْفِ لِبَيْتِهِ لِأَنَّهُ أَرْضٌ لِلْأَعْلَى وَإِنَّمَا كَانَ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ بِهِ لِأَنَّهُ لَهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ كَمَا يَأْتِي وَكَذَلِكَ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ بِكَنْسِ بِئْرِ الْمِرْحَاضِ الَّذِي يُلْقِي فِيهِ صَاحِبُ الْأَعْلَى سُقَاطَاتِهِ لِأَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَرْتَفِقَ بِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْبَيْعَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَقْضِي بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ بَلْ يَأْمُرُهُ أَوَّلًا بِالْعِمَارَةِ وَإِلَّا جَبَرَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَبْرُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَعْمُرُ بِهِ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعِمَارَةِ مِنْهُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ الْبُرْزُلِيِّ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ بِالْبَيْعِ إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا يَعْمُرُ بِهِ نَصِيبَهُ وَانْظُرْ هَلْ لِمَنْ أَرَادَ الْعِمَارَةَ أَخْذُهُ بِمَا وَقَفَ عَلَيْهِ أَوَّلًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إخْرَاجَ شَرِيكِهِ أَوْ يُفَرَّقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ يُفْهَمُ مِنْهُ إرَادَةُ ذَلِكَ أَمْ لَا أَقُولُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.

(تَنْبِيهٌ) : يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْبِئْرُ وَالْعَيْنُ خِلَافًا لِشَارِحِنَا حَيْثُ أَدْخَلَ الْبِئْرَ فَإِنَّ مَنْ أَبَى مِنْ الْعِمَارَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَيُقَالُ لِطَالِبِهَا عَمِّرْ إنْ شِئْت وَلَك مَا حَصَلَ مِنْ الْمَاءِ بِعِمَارَتِك وَهُوَ إمَّا كُلُّ الْمَاءِ أَوْ مَا زَادَ مِنْهُ بِالْعِمَارَةِ وَلَيْسَ لِمَنْ لَمْ يُعَمِّرْ شَيْءٌ مِمَّا حَصَلَ بِالْعِمَارَةِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ النَّفَقَةِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْبِئْرِ زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ أَمْ لَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَالْمَخْزُومِيُّ يُجْبَرُ الشَّرِيكُ إذَا كَانَ عَلَيْهَا زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ إلَّا أَنَّ فِي عِبَارَةِ عب وَيَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِاخْتِصَاصِهِ بِمَا حَصَلَ بِالْعِمَارَةِ أَنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْهَا مَا أَنْفَقَ فَقَطْ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ لَا دَائِمًا انْتَهَى وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت مَا يُؤَيِّدُهُ أَقُولُ يُسْأَلُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ وَغَيْرِهِمَا كَالْحَمَّامِ قُلْت فَرَّقَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ نَفْعَ الشَّرِيكِ مُحَقَّقٌ لِأَنَّ الْبُنْيَانَ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ لِأَنَّ مَاءَهُمَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ قَدْ يُوجَدُ وَقَدْ لَا يُوجَدُ انْتَهَى (قَوْلُهُ الْوَقْفَ) أَيْ مَا كَانَ بَعْضُهُ وَقْفًا وَبَعْضُهُ مَمْلُوكًا فَيُقْضَى عَلَى نَاظِرِ الْمَوْقُوفِ بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ وَيَخُصُّ قَوْلُهُ فِي الْوَقْفِ لَا عَقَارٌ وَإِنْ خَرِبَ بِمَا جَمِيعُهُ وَقْفٌ لَكِنْ يَتَّفِقُ هُنَا عَلَى الْبَيْعِ مِنْهُ بِقَدْرِ الْإِصْلَاحِ لَا جَمِيعِهِ حَيْثُ لَا يَحْتَاجُ لَهُ وَعَلَى أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِيعٌ يَعْمُرُ مِنْهُ وَإِلَّا بُدِئَ بِهِ عَلَى يْعِهِ قَطْعًا وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمِلْكِ الْخَالِصِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ جَمِيعُ نَصِيبِ الْآبِي عَلَى مَا رُجِّحَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الشُّرَكَاءِ.

(قَوْلُهُ وَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَقْفِ مَا يُفِيدُهُ) لَمْ يَأْتِ لَهُ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ هِيَ عَيْنُ الْقِيلِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَمَا قِيلَ إلَخْ وَحَاصِلُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا بَيْعَ بَلْ الْمَالِكُ الَّذِي هُوَ الشَّرِيكُ يَعْمُرُ وَيَبْدَأُ فِي الْغَلَّةِ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ ضَعِيفَةٌ.

سَقَطَ الْعُلُوُّ عَلَى الْأَسْفَلِ فَهَدَمَهُ (قَوْلُهُ بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى الْقَاعَةِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ بَيْعِهَا وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا أُجْبِرَ عَلَى الْبِنَاءِ مَعَهُ.

(فَرْعٌ) لَوْ وَهَى الْعُلُوُّ وَالسُّفْلُ جَمِيعًا أُمِرَ كُلٌّ بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْمُرُ (قَوْلُهُ غَيْرُ جَيِّدٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ بَهْرَامَ كَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي التَّجَوُّزِ لِأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ كَانَ الِاشْتِرَاكُ بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا الْعُلُوُّ وَلِلْآخَرِ السُّفْلُ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ (قَوْلُهُ وَالْمُجَاوَرَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ مَا نَزَلَ عَنْ الطُّولِ) أَيْ مِنْ الْعُلُوِّ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُقْضَى) عِلَّةٌ لِلْإِلْقَاءِ أَيْ لِأَنَّ الْأَعْلَى يُقْضَى لَهُ بِالْإِلْقَاءِ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَيْ لِلْأَعْلَى أَنْ يَرْتَفِقَ بِهِ فَهُوَ كَسَقْفِ الْأَسْفَلِ أَيْ فِي الِانْتِفَاعِ فَهُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهَذَا الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.

(تَنْبِيهٌ) : اُخْتُلِفَ فِي كَنْسِ كَنِيفِ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ فَقَالَ أَشْهَبُ عَلَى رَبِّهَا وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُكْتَرِي ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا دَلِيلُ الْقَوْلَيْنِ أَقُولُ وَفِي عُرْفِ مِصْرَ أَنَّهَا عَلَى رَبِّ الدَّارِ

ص: 56

فَهُوَ كَسَقْفِ السُّفْلِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ وَهْبٍ إنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الْجَمِيعِ بِقَدْرِ جَمَاجِمِهِمْ وَاسْتُظْهِرَ

(ص) لَا سُلَّمٌ (ش) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى التَّعْلِيقِ أَيْ أَنَّ السُّلَّمَ الَّذِي يَصْعَدُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَعْلَى إلَى عُلُوِّهِ لَا يُقْضَى بِهِ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ بَلْ هُوَ عَلَى صَاحِبِ الْأَعْلَى عَلَى الْمَشْهُورِ وَالسُّلَّمُ هُوَ الدَّرَجُ الَّتِي يَصْعَدُ عَلَيْهَا وَالْمُرَادُ بِالسُّفْلِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ فَيَشْمَلُ الْمُتَوَسِّطَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سُلَّمٌ لِمَنْ فَوْقَهُ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ فَرْعُ التَّوْضِيحِ (ص) وَبِعَدَمِ زِيَادَةِ الْعُلُوِّ إلَّا الْخَفِيفَ وَبِالسَّقْفِ لِلْأَسْفَلِ وَبِالدَّابَّةِ لِلرَّاكِبِ لَا مُتَعَلِّقٍ بِلِجَامٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الْعُلُوِّ إنْ أَرَادَ أَنْ يَزِيدَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى عُلُوِّهِ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِعَدَمِ فِعْلِهِ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِبِنَاءِ الْأَسْفَلِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَزِيدَ زِيَادَةً خَفِيفَةً لَا يَحْصُلُ مِنْهَا ضَرَرٌ وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَكَذَلِكَ يُقْضَى عِنْدَ التَّنَازُعِ بِالسَّقْفِ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} [الزخرف: 33] فَأَضَافَ السُّقُفَ لِلْبَيْتِ وَالْبَيْتُ لِلْأَسْفَلِ وَأَمَّا بَلَاطُ الْأَعْلَى فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ وَكَذَلِكَ يُقْضَى بِالدَّابَّةِ لِرَاكِبِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِالْمُتَعَلِّقِ بِلِجَامِهَا إلَّا لِقَرِينَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَيُعْمَلُ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَا رَاكِبَيْنِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِلْمُقَدَّمِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ فِي جَنْبٍ فَهِيَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ كَرَاكِبٍ عَلَى ظَهْرِهَا فَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ فَقَوْلُهُ وَبِعَدَمِ زِيَادَةٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى شَرِيكٍ أَوْ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى أَنْ يَعْمُرَ لِأَنَّ الْعَامِلَ الْمُتَقَدِّمَ مُقَيَّدٌ بِالشَّرِيكِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةً بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ جَرَيَانُ الْقَيْدِ فِي الْمَعْطُوفِ.

(ص) وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمْ رَحًى إذَا أَبَيَا فَالْغَلَّةُ لَهُمْ وَيَسْتَوْفِي مِنْهَا مَا أَنْفَقَ. (ش) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ فِي رَحًى فَانْهَدَمَتْ وَاحْتَاجَتْ إلَى الْإِصْلَاحِ فَأَقَامَهَا أَحَدُهُمْ بَعْدَ أَنْ أَبَيَا مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ إصْلَاحِهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ لَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا فِي عِمَارَتِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُعْطُوهُ نَفَقَتَهُ فَلَا غَلَّةَ لَهُ وَإِنَّمَا رَجَعَ فِي الْغَلَّةِ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِسَبَبِهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذِنْ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَوْلُهُ أَحَدُهُمْ أَيْ أَحَدُ الْمُشْتَرَكَيْنِ وَقَوْلُهُ رَحًى أَيْ مَثَلًا أَيْ أَوْ دَارًا أَوْ حَمَّامًا وَقَوْلُهُ إذْ أَبَيَا أَيْ وَقَعَتْ إبَايَةُ شَرِيكَيْهِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ السِّيَاقِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَمَّرَ مَعَ الْإِذْنِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا فِي ذِمَّتِهِمَا حَصَلَتْ لَهُ غَلَّةٌ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْت قَدْ مَرَّ وَقَضَى عَلَى شَرِيكٍ إلَخْ وَالرَّحَى مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ وَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى قَوْلُهُ إذَا أَبَيَا قُلْت مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّحَى إنَّمَا هُوَ إذَا حَصَلَتْ الْعِمَارَةُ بَعْدَ إبَايَتِهِمَا وَقَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ وَمَا مَرَّ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَمَسَائِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَبْعٌ اُنْظُرْهَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص)

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ) وَانْظُرْ هَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الْعُلُوِّ يَنْزِلُ وَيَرْمِي سَقَاطَاتِهِ لِمِرْحَاضِ الْأَسْفَلِ وَلَيْسَ لَهُ فِي عُلُوِّهِ رَقَبَةٌ أَوْ وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي عُلُوِّهِ رَقَبَةٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَإِذَا كَانَ لَهُ فِي عُلُوِّهِ رَقَبَةٌ يَكُونُ كَنْسُهُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْجَمَاجِمِ كَبِئْرٍ بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ رَقَبَةٌ كَمَا بِمِصْرَ مَنْ جَعَلَ رَقَبَةَ مِرْحَاضٍ وَبِئْرٍ بِأَعْلَى أَيْضًا فَتَنْقِيَتُهُمَا عَلَيْهِمَا يُحَرَّرُ ذَلِكَ كَذَا فِي عب أَقُولُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي الْعُلُوِّ رَقَبَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ الْحَالُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ.

(قَوْلُهُ لَا سُلَّمَ) وَإِذَا كَانَ الطِّبَاقُ ثَلَاثَةً مَثَلًا فَالسُّلَّمُ مِنْ الْأَسْفَلِ لِلْوُسْطَى عَلَى صَاحِبِ الْوُسْطَى وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الْعُلْيَا وَلَوْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِسُلَّمِ الْوَسَطِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْوَسَطِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَى ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ السُّلَّمَ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ كَالسَّقْفِ (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ فَرْعُ التَّوْضِيحِ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَسْأَلَةُ الْمُتَوَسِّطِ (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ) أَيْ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ مَعَ مَنْ يَرْكَبُ مَعَ حِمَارَتِهَا وَيُنَازِعُ الرَّاكِبُ الْمُتَعَلِّقَ بِاللِّجَامِ. (قَوْلُهُ فَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ) فِي عب أَنَّهَا تَكُونُ لِلَّذِي عَلَى ظَهْرِهَا إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى شَرِيكٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ عَطْفَهُ عَلَى شَرِيكٍ بَعِيدٌ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْمُنَاسَبَةِ فِي مُتَعَلِّقِ الْقَضَاءِ وَاَلَّذِي يُنَاسِبُ إنَّمَا هُوَ عَطْفُهُ عَلَى بِأَنْ يَعْمُرَ وَلَا نَقُولُ بِجَرَيَانِ الْقَيْدِ فِي الْمَعْطُوفِ.

(قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ لَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا لِمَنْ عَمَّرَ وَعَلَيْهِ لِمَنْ يُشَارِكُهُ حِصَّتُهُ مِنْ كِرَائِهَا خَرَابًا أَيْ عَلَى أَنْ لَوْ اُكْتُرِيَتْ عَلَى أَنْ تُبْنَى (قَوْلُهُ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ السِّيَاقِ) أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ ابْتِدَاءً) أَيْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ بَيَّنَ لَك الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ أَوَّلًا وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ امْتَنَعَ شُرَكَاؤُك مِنْ الْعِمَارَةِ ثُمَّ إنَّك لَمْ تَرْفَعْ أَمْرَك لِلْقَاضِي بَلْ عَمَّرْتَ فَالْحُكْمُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ اسْتَشْكَلَ قَوْلَهُ وَيَسْتَوْفِي إلَخْ بِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا إذَا دَفَعَ جُمْلَةً وَيَأْخُذُ مُفَرَّقًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ إذْ لَوْ شَاءَ لَرَفَعَهُمَا لِلْحَاكِمِ فَجَبَرَهُمَا عَلَى الْإِصْلَاحِ أَوْ الْبَيْعِ مِمَّنْ يُصَلِّحُ (قَوْلُهُ سَبْعٌ اُنْظُرْهَا) نُبَيِّنُهَا فَنَقُولُ الْأُولَى أَنْ يَعْمُرَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ عِلْمِ صَاحِبَيْهِ وَلَمْ يُطْلِعْهُمَا عَلَى الْعِمَارَةِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ مَنَابُهُمَا فِي الْعِمَارَةِ فِي ذِمَّتِهِمَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ مَنَابُهُمَا مِمَّا صَرَفَهُ فِي الْعِمَارَةِ أَوْ مِنْ قِيمَةِ مَا عَمَّرَ مَنْقُوضًا لِأَنَّهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا تَقْرِيرَانِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْمُرَ بِإِذْنِهِمَا وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمَا مَا يُنَافِي إذْنَهُمَا لِانْقِضَاءِ الْعِمَارَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَنَابُهُمَا مِمَّا صَرَفَهُ فِي الْعِمَارَةِ فِي ذِمَّتِهِمَا الثَّالِثَةُ أَنْ لَا يُعْلِمَهُمَا بِالْعِمَارَةِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا وَيُجِيزَانِ ذَلِكَ وَحُكْمُ هَذِهِ كَالَّتِي قَبْلَهَا الرَّابِعَةُ أَنْ يَسْكُتَا حِينَ يَسْتَأْذِنُهُمَا وَحِينَ عِمَارَتِهِ وَحُكْمُهَا كَالَّتِي قَبْلَهَا أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا تَكُونُ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ الْخَامِسَةُ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَأْبَيَا وَيَسْتَمِرَّانِ عَلَى ذَلِكَ حَالَ الْعِمَارَةِ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الْغَلَّةُ لَهُمْ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ مَا أَنْفَقَ السَّادِسَةُ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَأْبَيَا وَيَسْكُتَا عِنْدَ رُؤْيَتِهِمَا لِلْعِمَارَةِ وَحُكْمُهَا كَالْخَامِسَةِ وَلَا يُقَالُ إنَّ سُكُوتَهُمَا حَالَ الْعِمَارَةِ رِضًا مِنْهُمَا بِفِعْلِهِ

ص: 57

وَبِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ جَارِهِ لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْجَارِ بِأَنْ يَأْذَنَ لِجَارِهِ فِي الدُّخُولِ لِدَارِهِ لِأَجْلِ إصْلَاحِ جِدَارٍ أَوْ غَرْزِ خَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَإِذَا سَقَطَتْ لَك ثَوْبٌ فِي دَارِ جَارِك فَإِنَّهُ يُقْضَى لَك بِالدُّخُولِ لِأَخْذِهَا إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا لَك فَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ أَيْ نَحْوِ الْجِدَارِ كَخَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِ الْإِصْلَاحِ كَثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ وَهَذَا أَحْسَنُ

(ص) وَبِقِسْمَتِهِ إنْ طُلِبَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِدَارَ الْمُشْتَرَكَ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قِسْمَتَهُ أَيْ بِالْقُرْعَةِ وَأَبَى الْآخَرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ طَلَبَ الْقِسْمَةَ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ إذَا كَانَ يُمْكِنُ قَسْمُهُ بِلَا إضْرَارٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا جُذُوعٌ عَلَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَلِلْآخَرِ جُذُوعٌ عَلَيْهِ مِنْ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُمَا يَتَقَاوَيَانِهِ كَاَلَّذِي لَا يُقْسَمُ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ فَمَنْ صَارَ لَهُ اخْتَصَّ بِهِ وَقَوْلُهُ (ص) لَا بِطُولِهِ عَرْضًا (ش) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِقِسْمَتِهِ طُولًا لَا بِقِسْمَتِهِ عَرْضًا أَيْ يُقْضَى بِقِسْمَتِهِ طُولًا لَا بِقِسْمَتِهِ عَرْضًا وَقَوْلُهُ وَعَرْضًا تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمَفْعُولِ وَأَصْلُهُ لَا بِقِسْمَةِ عَرْضِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا} [القمر: 12] أَيْ وَفَجَّرْنَا عُيُونَ الْأَرْضِ أَيْ لَا يُقْسَمُ عَرْضُهُ مَنْسُوبًا لِطُولِهِ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ طُولُهُ مَنْسُوبًا لِعَرْضِهِ أَيْ لَا يُجْعَلُ عَرْضُهُ مُنْقَسِمًا مَعَ طُولِهِ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ كُلُّ جِهَةٍ بِعَرْضِهَا وَطُولِهَا أَيْ لَا يُقْسَمُ طُولًا وَيَكُونُ الْعَرْضُ مُنَصَّفًا بَيْنَهُمَا وَالْمُرَادُ بِطُولِهِ امْتِدَادُهُ جَارِيًا مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ مَثَلًا لَا ارْتِفَاعُهُ وَالْمُرَادُ بِعَرْضِهِ ثِخَنُهُ بِأَنْ يُشَقَّ نِصْفُهُ

(ص) وَبِإِعَادَةِ السَّاتِرِ لِغَيْرِهِ إنْ هَدَمَهُ ضَرَرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ لَهُ جِدَارٌ خَاصٌّ بِهِ سَاتِرٌ عَلَى غَيْرِهِ فَهَدَمَهُ صَاحِبُهُ ضَرَرًا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِإِعَادَتِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى جَارِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مُقَابِلَ قَوْلِهِ ضَرَرًا بِقَوْلِهِ (ص) لَا لِإِصْلَاحٍ أَوْ هَدْمٍ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا هَدَمَ جِدَارَ نَفْسِهِ لِأَجْلِ إصْلَاحِهِ أَيْ لِوَجْهِ مَصْلَحَةٍ كَخَوْفِ سُقُوطِهِ أَوْ لِشَيْءِ لَهُ تَحْتَهُ أَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَهْدِمَهُ أَحَدٌ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يُعِيدَهُ فِي الْحَالَتَيْنِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيُقَالُ لِلْجَارِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك إنْ شِئْت وَبِعِبَارَةٍ لَا لِإِصْلَاحِ عَطْفٌ عَلَى ضَرَرًا وَهَذَا وَمَا يَلِيهِ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ مَا مَرَّ وَلَوْ قَيَّدَهُ لَكَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

فَهُوَ كَإِذْنِهِمَا لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِمَا أَنْ يَقُولَا نَحْنُ إنَّمَا سَكَتْنَا لِوُقُوعِ التَّصْرِيحِ مِنَّا أَوْ لَا بِالْمَنْعِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ يَشْمَلُهُمَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَنْطُوقًا، السَّابِعَةُ أَنْ يَأْذَنَا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَيَمْنَعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ قَبْلَ اشْتِرَائِهِ مَا يَعْمُرُ بِهِ فَإِنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ عِمَارَتِهِ بَعْدَ مَنْعِهِمَا ابْتِدَاءً أَوْ اسْتِمْرَارِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ مَا يَعْمُرُ بِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَنْعِهِمَا لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ.

(قَوْلُهُ فِي دُخُولِ جَارِهِ) أَيْ أَوْ إجْرَاءٍ أَوْ بِنَائَيْنِ فَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ أَيْ نَحْوِ الْجِدَارِ هَذَا يُفِيدُ تَسَلُّطَ إصْلَاحٍ عَلَى الْخَشَبَةِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَوْ غَرْزِ خَشَبَةٍ يُنَافِيهِ حَيْثُ عَطَفَهُ عَلَى الْإِصْلَاحِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ) دُخُولُ دَارِ الْجَارِ وَضَرُورَةُ الْإِصْلَاحِ وَدُخُولُ دَارِ الْجَارِ أَخَفُّ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَحْسَنُ) أَيْ لِعُمُومِهِ وَشُمُولِهِ مَا ذُكِرَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ لِتَفَقُّدِ جِدَارِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ فُتُوحٍ وَقَالَ الشَّارِحُ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ مِنْ إدْخَالِ الْجِصِّ وَالطِّينِ وَيَفْتَحَ فِي حَائِطِهِ كُوَّةً لِأَخْذِ ذَلِكَ فَإِذَا تَمَّ الْعَمَلُ سَدَّ تِلْكَ الْكَوَّةَ وَحَصَّنَهَا.

(قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا جُذُوعٌ إلَخْ) أَيْ أَنَّ أَحَدَهُمَا وَاضِعٌ عَلَيْهِ جُذُوعَهُ مِنْ جِهَتِهِ وَلَوْ فِي طُولِ الْحَائِطِ بِتَمَامِهَا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ هَذَا مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ) فَالْمُقَدَّرُ هُوَ مَجْمُوعُ قِسْمَتِهِ طُولًا وَإِلَّا فَبِقِسْمَتِهِ مَذْكُورًا وَالْمَعْطُوفُ هُوَ بِقِسْمَتِهِ عَرْضًا فَالْمَعْطُوفُ أَيْضًا مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُقْسَمُ عَرْضُهُ مَنْسُوبًا لِطُولِهِ) لَمَّا كَانَتْ النِّسْبَةُ تَحْتَمِلُ نِسْبَةَ الِاصْطِحَابِ وَتَحْتَمِلُ نِسْبَةَ الِاسْتِعْلَاءِ أَوْ الظَّرْفِيَّةِ فَسَّرَ الْمُرَادَ بِأَنَّ الْقَصْدَ نِسْبَةُ الِاصْطِحَابِ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا يَجْعَلُ عَرْضَهُ مُنْقَسِمًا مَعَ طُولِهِ أَيْ مَعَ بَقَاءِ طُولِهِ أَيْ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ طُولُهُ مَنْسُوبًا لِعَرْضِهِ أَيْ لَا يُقْسَمُ عَرْضُهُ مَعَ بَقَاءِ طُولِهِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ كُلُّ جِهَةٍ أَيْ تَمْيِيزُ كُلِّ جِهَةٍ بِعَرْضِهَا وَطُولِهَا نَظَرَ هُنَا لِكُلِّ طُولٍ عَلَى حِدَةٍ وَقَوْلُهُ أَيْ لَا يُقْسَمُ طُولًا وَيَكُونُ الْعَرْضُ إلَخْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَنْفِيَّ قِسْمَتُهُ طُولًا مَعَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ إنَّمَا هُوَ قِسْمَتُهُ عَرْضًا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِعَرْضِهِ ثِخَنُهُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَرْضُ وَلَوْ أَبْقَى الْعَرْضَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمَا ضَرَّ لِأَنَّ الطُّولَ إذَا كَانَ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ فَيَكُونُ الْعَرْضُ مِنْ الشِّمَالِ لِلْجَنُوبِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِهَذَا التَّكَلُّفِ فَلَوْ جَعَلَ فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمًا وَأَصْلُ الْمَتْنِ وَبِقِسْمَتِهِ بِطُولِهِ لَا بِعَرْضِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَفِي س وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيُقْسَمُ طُولُهُ لَا يُقْسَمُ عَرْضُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِسْمَةِ إمَّا بِالطُّولِ أَوْ الْعَرْضِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ تَعْلِيمٍ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا يُقْسَمُ عَرْضًا إذَا كَانَ الْقَسْمُ بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يُقْضَى بِهِ وَلَمْ يَدْخُلَا عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ نَصِيبُهُ فِي نَاحِيَةِ صَاحِبِهِ حَمَلَ لَهُ جُذُوعَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ لِأَحَدِهِمَا الْجِهَةُ الَّتِي تَلِي الْآخَرَ فَيَفُوتُ الْمُرَادُ مِنْ الْقِسْمَةِ وَأَمَّا بِالتَّرَاضِي فَيَجُوزُ إذَا تَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَأْخُذُ مَا فِي جِهَتِهِ وَأَمَّا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَا فِي جِهَةِ صَاحِبِهِ فَلَا لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ بِبَيْعٍ وَشَرْطُ الْبَيْعِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ وَكَذَا يَجُوزُ إذَا كَانَ بِالْقُرْعَةِ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَتْ حِصَّتُهُ فِي جِهَةِ صَاحِبِهِ حَمَلَ لَهُ جُذُوعَهُ.

(قَوْلُهُ أَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ بِنَفْسِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يُقْرَأَ: هَدَمَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ بِمَعْنَى انْهَدَمَ وَإِلَّا فَقِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ تَقْتَضِي أَنَّ رَبَّهُ هَدَمَهُ مَعَ أَنَّهُ إذَا هَدَمَهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِإِعَادَتِهِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّرَرِ مَا يَشْمَلُ قَصْدَهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ هَدَمَهُ عَبَثًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا لِإِصْلَاحٍ أَوْ هُدِمَ ثُمَّ إنَّهُ يُقْرَأُ هَدَمَ فِعْلًا مَعْطُوفًا عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ لَا إنْ هَدَمَهُ لِإِصْلَاحٍ أَوْ هُدِمَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَيَّدَهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَعَجَزَ عَنْ إعَادَتِهِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ تَقْيِيدَ الْعُتْبِيَّةِ فِي الْإِصْلَاحِ وَالْهَدْمِ ضَرَرًا مَعَ أَنَّهُ فِي الْإِصْلَاحِ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ مَا عِنْدَ إلَخْ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ

ص: 58

لِلتَّصْرِيحِ بِهِ فَائِدَةٌ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا عَجَزَ عَنْ إعَادَتِهِ وَظَاهِرُ مَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ تَقْيِيدُ الْفَرْعِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ دُونَ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ هَدْمٍ وَهُوَ مُقْتَضَى حِلِّ الشَّارِحِ وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ السَّاتِرُ مُخْتَصًّا بِأَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا وَهَدَمَ يَصِيرُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَقَضَى عَلَى شَرِيكٍ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أَنْ يَعْمُرَ أَوْ يَبِيعَ وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا بِهَدْمِهِ صَارَ مِمَّا يَنْقَسِمُ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَرُبَّمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بُيِّنَ فِي مَعْنَى الْمُنْقَسِمِ فِي بَابِ الْخِيَارِ

(ص) وَبِهَدْمِ بِنَاءٍ بِطَرِيقٍ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ بَنَى فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ بُنْيَانًا يَضُرُّ بِهِمْ فِي مُرُورِهِمْ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِهَدْمِهِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِهِمْ فَكَذَلِكَ يُهْدَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ الطَّرِيقُ مِلْكًا لِأَحَدٍ بِأَنْ يَكُونَ أَصْلُهَا دَارًا مِلْكًا لَهُ مَثَلًا وَانْهَدَمَتْ حَتَّى صَارَتْ طَرِيقًا فَإِنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهَا بِذَلِكَ وَقَيَّدَ هَذَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ وَإِلَّا قَضَى بِهَدْمِهِ فَلَعَلَّ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ

(ص) وَبِجُلُوسِ بَاعَةٍ بِأَفْنِيَةِ الدُّورِ لِلْبَيْعِ إنْ خَفَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُقْضَى لِلْبَاعَةِ أَيْ لِلسُّوقَةِ بِالْجُلُوسِ فِي أَفْنِيَةِ الدُّورِ لِأَجْلِ الْبَيْعِ إذَا كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا خَفِيفًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقْضَى بِهِ قَالَ أَصْبَغُ إنَّمَا يُبَاحُ الْجُلُوسُ مَا لَمْ يُضَيِّقُوا الطَّرِيقَ أَوْ يَمْنَعُوا الْمَارَّةَ أَوْ يَضُرُّوا بِالنَّاسِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لِلْبَيْعِ مِنْ جُلُوسِ الْبَاعَةِ لِلتَّحَدُّثِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُمْ يُقَامُونَ وَضَمِيرُ إنْ خَفَّ يَصِحُّ عَوْدُهُ لِلْبَيْعِ أَوْ لِلْجُلُوسِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ مُتَعَدِّدٍ فَمَنْ حَصَلَ بِجُلُوسِهِ الضَّرَرُ فَإِنَّهُ يُقَامُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إنَّمَا حَصَلَ الضَّرَرُ بِانْضِمَامِ جُلُوسِهِ لِجُلُوسِ مَنْ قَبْلَهُ وَلَا يُرَاعَى كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الضَّرَرُ وَقَدْ وُجِدَ وَلَوْ بِالِانْضِمَامِ

(ص) وَلِلسَّابِقِ كَمَسْجِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان مِنْ الطَّرِيقِ لِبَيْعٍ فِيهِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهِ كَمَا أَنَّ مَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان مِنْ الْمَسْجِدِ وَجَلَسَ فِيهِ لِقِرَاءَةِ عِلْمٍ أَوْ تَدْرِيسٍ أَوْ إفْتَاءٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِهِ فَقَوْلُهُ وَلِلسَّابِقِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبِجُلُوسِ بَاعَةٍ أَيْ وَقَضَى لِلسَّابِقِ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ كَمَسْجِدٍ تَشْبِيهٌ وَمَعْنَى كَوْنِهِ أَحَقَّ اسْتِحْسَانًا بِمَعْنَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لَهُ الْأَحْسَنُ وَالْأَوْلَى لَك عِنْدَ اللَّهِ هَذَا فَيَكُونُ خَارِجًا مَخْرَجَ الْفَتْوَى لَا مَخْرَج الْحُكْمِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَنْ اتَّسَمَ بِالْجُلُوسِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَسْجِدِ لِتَعْلِيمِ عِلْمٍ وَشِبْهِهِ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ غَيْرِهِ وَقِيلَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْسَانِ.

(ص) وَبِسَدِّ كُوَّةٍ فُتِحَتْ أُرِيدَ سَدٌّ خَلْفَهَا (ش) أَيْ يُقْضَى عَلَى مَنْ فَتَحَ كُوَّةً أَوْ بَابًا أَوْ غُرْفَةً مِنْ دَارِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

فِي الصُّورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَرُبَّمَا يَدُلُّ إلَخْ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْمُنْقَسِمِ مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ لَهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ.

(قَوْلُهُ وَبِهَدْمِ بِنَاءٍ بِطَرِيقٍ) وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ مَسْجِدًا (قَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ يَظُنُّ أَوْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْهَا وَصَيَّرَهَا طَرِيقًا لِلْمُسْلِمِينَ.

(قَوْلُهُ بَاعَةٍ) أَصْلُهُ بَيْعَةٌ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلْفًا وَهُوَ جَمْعُ بَائِعٍ (قَوْلُهُ بِأَفْنِيَةِ الدُّورِ) جَمْعُ فِنَاءٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِنَاءُ الدُّورِ مَا بَيْنَ بِنَائِهَا فَاضِلًا عَنْ مَمَرِّ الطَّرِيقِ الْمُعَدِّ لِلْمُرُورِ غَالِبًا بَيْنَ يَدَيْ بَابِهَا أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي بَابِ أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ مَا نَصُّهُ قُلْت الْفِنَاءُ مَا يَلِي الْجِدَارَ مِنْ الشَّارِعِ الْمُتَّسَعِ النَّافِذِ فَلَا فِنَاءَ لِلشَّارِعِ الضَّيِّقِ لِأَنَّهُ لَا يَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ الْمَارَّةِ وَكَذَا لَا فِنَاءَ لِغَيْرِ النَّافِذِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِانْضِمَامِ جُلُوسِهِ) أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالِانْضِمَامِ مُصَاحِبًا لِانْضِمَامِهِ بِأَنْ يَقْعُدَ بِلَصْقِهِ أَوْ بَعْدَهُ كَأَنْ يَقْعُدَ وَاحِدٌ مِنْ الصُّبْحِ لِلظُّهْرِ ثُمَّ قَامَ وَقَعَدَ آخَرُ وَحَصَلَ الضَّرَرُ بِقُعُودِ الْآخَرِ لَكِنْ بِسَبَبِ كَوْنِ الْأَوَّلِ قَعَدَ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ فَإِنَّ الثَّانِيَ يُقَامُ وَقَوْلُهُ وَلَا يُرَاعَى كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ هَذَا يَأْتِي فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِالِانْضِمَامِ إمَّا مَعِيَّةً أَوْ بَدَلًا كَمَا تَقَرَّرَ.

(تَنْبِيهٌ) الرَّاجِحُ جَوَازُ كِرَاءِ الْأَفْنِيَةِ وَإِذَا أَكْرَاهُ رَبُّهُ فَلِلْمُكْتَرِي مَنْعُ مَنْ يَجْلِسُ فِيهِ تَقْرِيرٌ وَقَدْ يُقَالُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ رَبِّهِ قَالَ عج وَانْظُرْ فِنَاءَ الْحَوَانِيتِ وَفِنَاءُ الْمَسْجِدِ كَالدَّارِ أَوْ أَوْلَى لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فِي الْجُمْلَةِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا خَفَّ كَفِنَاءِ الدَّارِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ كِرَاءَ أَفْنِيَةِ الْمَسَاجِدِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ ثُمَّ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ حَيْثُ كَانَ لَهُ الْكِرَاءُ فَمَا وَجْهُ كَوْنِهِ لَا يَمْنَعُ الْبَاعَةَ الْجُلُوسَ فِيهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ قَالَهُ الْبَدْرُ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَدْرِيسٍ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْعِلْمِ تَحْصُلُ بِالْمُطَالَعَةِ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى كَوْنِهِ أَحَقَّ اسْتِحْسَانًا) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ فِي السَّابِقِ لِلْمَسْجِدِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ عِنْدَ اللَّهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَوْلَى فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَوْلَى يَطْلُبُ مِنْك أَيُّهَا الْجَالِسُ أَنْ تَجْلِسَ فِي هَذَا الْمَكَانِ وَلَا تَنْتَقِلَ مِنْهُ وَتُمَكِّنَ غَيْرَك مِنْ الْجُلُوسِ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادًا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْأَوْلَى عِنْدَ اللَّهِ وَالْمَحْبُوبُ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْمَكَانُ لَك بِحَيْثُ إنَّهُ لَا يُنَازِعُك فِيهِ أَحَدٌ فَالْأَوْلَى لِغَيْرِك أَنْ لَا يُلْجِئَك لِلْقِيَامِ مِنْهُ وَيَجْلِسَ مَوْضِعَك فَحِينَئِذٍ فَالْمُخَلِّصُ أَنْ لَا يَجْعَلَ قَوْلَهُ لَك مُتَعَلِّقًا بِالْأَوْلَى وَالْأَحْسَنِ بَلْ فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَالْأَصْلُ وَالْأَحْسَنُ وَالْأَوْلَى عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا لَك لَا لِغَيْرِك (قَوْلُهُ مِنْ اتَّسَمَ) أَيْ اُشْتُهِرَ حَاصِلُهُ أَنَّ كَوْنَ الْأَحَقِّيَّةِ لِسَابِقِ الْمَسْجِدِ مَعْنَاهَا الِاسْتِحْسَانُ مَا لَمْ يَشْتَهِرْ ذَلِكَ بِالْجُلُوسِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْسَانِ) أَيْ فَلَا يُقْضَى وَلَوْ اُشْتُهِرَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِصَاصَهُ بِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي اعْتَادَ فِيهِ مَا ذُكِرَ فَقَطْ لَا بِوَقْتِ غَيْرِهِ بَدَلَهُ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ وَلَا مَا غَابَ عَنْهُ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ وَلَا مَا اعْتَادَهُ وَالِدُهُ ابْنُ نَاجِي وَمَوَاضِعُ الطَّلَبَةِ عِنْدَنَا بِتُونِسَ يُقْضَى لَهُمْ بِهَا.

(قَوْلُهُ كَوَّةٍ) بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الطَّاقِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ فُتِحَتْ) أَيْ أَحْدَثَ فَتْحَهَا تُشْرِفُ عَلَى جَارِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ قَدِيمَةً فَلَا يُقْضَى بِسَدِّهَا (قَوْلُهُ سَدٌّ خَلْفَهَا) بِالتَّنْوِينِ وَلَيْسَ مُضَافًا لِ (خَلْفَ) لِأَنَّهُ مِنْ الظُّرُوفِ اللَّازِمَةِ لِلظَّرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ فَتَحَ كَوَّةً) أَيْ أَحْدَثَ فَتْحَهَا (قَوْلُهُ أَوْ غُرْفَةً) أَيْ أَحْدَثَ غُرْفَةً

ص: 59

يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ أَنْ يَسُدَّ جَمِيعَهَا إذَا أُرِيدَ سَدُّ خَلْفَهَا فَقَطْ وَتُقْلَعُ الْعَتَبَةُ مِنْ الْبَابِ لِئَلَّا يَطُولَ الزَّمَانُ وَتَبْقَى حُجَّةً لِلْحَدَثِ وَيَقُولُ إنَّمَا أَغْلَقْته لِأُعِيدَهُ مَتَى شِئْت وَالْمُرَادُ بِالْخَلْفِ الدَّاخِلُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَلْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَارِجِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ وَاحِدًا فِي سَدِّ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلْخَارِجِ خَلَفٌ بَعْدَ اعْتِبَارِ نِسْبَةِ الْخَلْفِ لِلْخَارِجِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ

(ص) وَبِمَنْعِ دُخَانٍ كَحَمَّامٍ وَرَائِحَةٍ كَدِبَاغٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَمَّامَاتِ وَالْأَفْرَانَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ حَادِثَةً فَإِنَّهُ يُقْضَى بِمَنْعِ دُخَانِهَا لِأَنَّهُ يُؤْذِي النَّاسَ بِرَائِحَتِهِ وَكَذَلِكَ رَائِحَةُ الدَّبَّاغِ وَمَا أَشْبَهَهُ إذَا كَانَتْ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِمَنْعِهَا وَمِثْلُ الدِّبَاغِ الْمَذْبَحُ وَالْمَسْمَطُ وَالْمَصْلَقُ لِأَنَّ الرَّائِحَةَ الْمُنْتِنَةَ تَخْرِقُ الْخَيَاشِيمَ وَتَصِلُ إلَى الْأَمْعَاءِ فَتُؤْذِي الْإِنْسَانَ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ إنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّائِحَةِ وَالدُّخَانِ وَالْكُلُّ دُخَانٌ وَالْكُلُّ مَشْمُومٌ قُلْت الْفَرْقُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ عَنَى بِالدُّخَانِ الْمَحْسُوسِ بِالْبَصَرِ وَبِالرَّائِحَةِ ضِدُّهُ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ دُخَانًا خَفِيفًا وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّ الدُّخَانَ يَحْصُلُ ضَرَرُهُ بِغَيْرِ الشَّمِّ كَتَسْوِيدِ الثِّيَابِ وَالْحِيطَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(ص) وَأَنْدَرَ قِبَلَ بَيْتٍ (ش) الْأَنْدَرُ هُوَ الْجَرِينُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ جَعَلَ أَنْدَرَهُ قِبَلَ بَيْتِ شَخْصٍ أَوْ حَانُوتِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِتِبْنِ التَّذْرِيَةِ وَقِبَلَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ تُجَاهَ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ قِبَلَ بَيْتٍ لَسَلِمَ مِمَّا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ مَنْعَهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ فِي مُقَابَلَةٍ لِبَيْتٍ بَلْ بِحُصُولِ الضَّرَرِ وَأَمَّا الْغَسَّالُ وَالضَّرَّابُ يُؤْذِي وَقْعُ ضَرْبِهِمَا لَا يُمْنَعَانِ مِنْ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْفُضَ حُصْرَهُ أَوْ غَيْرَهَا عَلَى بَابِ دَارِهِ وَهُوَ يَضُرُّ غُبَارُهُ بِمَنْ يَمُرُّ بِالطَّرِيقِ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا فَعَلْته عَلَى بَابِ دَارِي.

(ص) وَمُضِرٍّ بِجِدَارٍ وَإِصْطَبْلٍ أَوْ حَانُوتٍ قُبَالَةَ بَابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يُقْضَى بِمَنْعِهَا فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا يَضُرُّ بِجِدَارِ جَارِهِ مِنْ هَدْمِهِ أَوْ وَهَنِهِ كَحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ رَحًى فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ إصْطَبْلًا لِخَيْلِهِ أَوْ حَانُوتًا لِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ قُبَالَةَ بَابِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَبَيَّنُ لِلرَّائِي مِنْهَا الْوُجُوهُ فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ الْوُجُوهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ضَرَرًا وَيَنْخَرِطُ فِي سَلْكِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا أَشْرَفَ سَطْحُهُ عَلَى دَارِ أَشْخَاصٍ فَإِنَّ بَانِيَهُ يُجْبَرُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى سَطْحِهِ وَيَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ حَتَّى يُتِمَّ السِّتْرَ وَكَذَلِكَ مَنْ بَنَى صَوْمَعَةً تَكْشِفُ الْجِيرَانَ لَهُمْ مَنْعُهَا قَالَهُ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ إذَا أُرِيدَ سَدٌّ خَلْفَهَا) أَيْ كَائِنٌ فِي خَلْفِهَا (قَوْلُهُ وَتُقْلَعُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِسَدِّ الْخَارِجِ وَالدَّاخِلِ فَقَطْ بَلْ يَسُدُّ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَوَاجِهَةٍ وَخَشَبَةٍ وَعَتَبَةٍ لِئَلَّا يَطُولَ الزَّمَانُ فَيُرِيدُ مَنْ أَحْدَثَهَا أَوْ غَيْرُهُ إعَادَتَهَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْخَلْفِ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ إذْ يُمْكِنُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَلْفِ الْخَارِجَ بِاعْتِبَارِ الدَّاخِلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَلْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَارِجِ) أَيْ الْخَارِجِ مِنْ الْكَوَّةِ إلَى جِهَةِ الْخَارِجِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مُتَعَلِّقٌ بِيُقَالُ أَيْ لَا يُقَالُ بَعْدَ ذَلِكَ الِاعْتِبَارُ لِلْخَارِجِ خَلْفٌ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ أَنَّ قَضِيَّةَ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْخَلْفَ مَا كَانَ خَارِجًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَتْحَ إنَّمَا هُوَ مِنْ دَاخِلٍ فَذِكْرُ الْخَلْفِ مَعَهُ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ جِهَةُ الْخَارِجِ.

(قَوْلُهُ دُخَانٍ كَحَمَّامٍ) يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ أَيْ إضَافَةِ دُخَانٍ لِحَمَّامٍ وَبِالتَّنْوِينِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ بِمَنْعِ ذِي دُخَانٍ وَذِي رَائِحَةٍ (قَوْلُهُ وَالْمَسْمَطُ) اسْمٌ لِمَكَانِ إصْلَاحِ الْإِسْقَاطِ وَإِزَالَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْفَضَلَاتِ (قَوْلُهُ وَالْمَصْلَقُ) يُحْمَلُ عَلَى مَصْلَقٍ لَهُ رَائِحَةٌ خَبِيثَةٌ وَإِلَّا فَمَصْلَقُ الْفُولِ وَالتُّرْمُسِ لَا رَائِحَةَ خَبِيثَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ الْخَيَاشِيمَ) جَمْعُ خَيْشُومٍ وَهُوَ أَقْصَى الْأَنْفِ (قَوْلُهُ الْأَمْعَاءِ) أَيْ الْمَصَارِينِ (قَوْلُهُ وَالْكُلُّ دُخَانٌ) أَقُولُ كَوْنُ الْكُلِّ دُخَانًا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ (قَوْلُهُ وَالْكُلُّ مَشْمُومٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْكُلُّ رَائِحَةٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ) أَيْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَالْأَوْلَى الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْكُلَّ دُخَانٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَعَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ وَبِالرَّائِحَةِ ضِدَّهُ) أَيْ الْمَحْسُوسَ بِحَاسَّةِ الشَّمِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ دُخَانًا خَفِيفًا) لَا تَظْهَرُ الْخِفَّةُ فِيمَا يُدْرِكُهُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ خَفِيفًا وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةِ الشَّمِّ كَوْنُهُ يُسَمَّى دُخَانًا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ (قَوْلُهُ أَنَّ الدُّخَانَ يَحْصُلُ إلَخْ) أَيْ وَالرَّائِحَةُ مَا يَحْصُلُ ضَرَرُهُ بِالشَّمِّ أَقُولُ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَقَالَ قُلْت الْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ عَنَى بِالدُّخَانِ مَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ وَبِالرَّائِحَةِ مَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةِ الشَّمِّ الثَّانِي أَنَّهُ عَنَى بِالدُّخَانِ مَا يَحْصُلُ ضَرَرُهُ بِغَيْرِ الشَّمِّ كَتَسْوِيدِ الثِّيَابِ بِالرَّائِحَةِ مَا يَحْصُلُ ضَرَرُهُ بِالشَّمِّ كَرَائِحَةِ الْجِيفَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيُفِيدَ أَنَّ الْفَرْقَيْنِ مُتَعَلِّقَانِ بِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَأَنْدَرَ إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَالظَّاهِرُ أَنَّ (أَنْدَرَ) مَصْرُوفٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَلَمٍ وَلَا صِفَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْمُ جِنْسٍ فَلَيْسَ فِيهِ مِنْ مَوَانِعِ الصَّرْفِ إلَّا الْوَزْنُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ بَلْ بِحُصُولِ الضَّرَرِ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَرِينَ إذَا كَانَ مِنْ أَيِّ نَاحِيَةٍ مِنْ الْبَيْتِ يُقَالُ لَهُ قِبَلَ (قَوْلُهُ وَالضَّرَّابُ) عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ يُؤْذِي وَقْعُ ضَرْبِهِمَا فَيَنْفَرِدُ الضَّرَّابُ فِي الَّذِي يَدُقُّ الثِّيَابَ مَثَلًا وَالْحَدَّادُ وَالنَّحَّاسُ.

(قَوْلُهُ وَإِصْطَبْلٍ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمَبْدُوءَةِ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَإِصْطَبْلٍ مَا ضَرَّ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ رَائِحَتِهِ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَرَائِحَةٍ إلَخْ وَبِاعْتِبَارِ مَضَرَّةِ الْجِيرَانِ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَمُضِرٍّ بِجِدَارٍ وَبِاعْتِبَارِ مُجَرَّدِ الضَّرَرِ مَلْغِيٌّ لِقَوْلِهِ وَصَوْتٍ كَكَمَدٍ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حَيْثُ مُرَاعَاةُ الِاخْتِصَارِ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ مَسَائِلُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فَأَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهَا كَمَا هِيَ (قَوْلُهُ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِهَا يُقْضَى بِهَدِّهِ

ص: 60

عَوْرَاتِ جَارِهِ وَلِمَا فِي الْإِصْطَبْلِ مِنْ الضَّرَرِ بِبَوْلِ الدَّوَابِّ وَزِبْلِهَا وَحَرَكَتِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْحَانُوتِ قُبَالَةَ الْبَابِ مِنْ الْمَنْعِ وَلَوْ كَانَ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَارْتَضَاهُ ح وَلَيْسَ كَبَابٍ بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ لِأَنَّ الْحَانُوتَ أَشَدُّ ضَرَرًا لِتَكَرُّرِ الْوَارِدِ عَلَيْهِ دُونَ بَابِ الْمَنْزِلِ وَمَفْهُومُ (قُبَالَةَ بَابٍ) أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ

(ص) وَبِقَطْعِ مَا أَضَرَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ بِجِدَارٍ إنْ تَجَدَّدَتْ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ شَجَرَةٌ بِجِوَارِ جِدَارِ إنْسَانٍ وَأَضَرَّتْ بِالْجِدَارِ بِأَنْ امْتَدَّتْ أَغْصَانُهَا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ حَادِثَةً عَنْهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِقَطْعِ الزَّائِدِ الْمُضِرِّ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ الْجِدَارُ هُوَ الْحَادِثُ عَلَيْهَا فَهَلْ يُقْضَى بِقَطْعِ الزَّائِدِ الْمُضِرِّ أَوْ لَا؟ لِأَنَّ صَاحِبَ الْجِدَارِ أَخَذَ مِنْ حَرِيمِ الشَّجَرَةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِمُطَرِّفٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ

(ص) لَا مَانِعَ ضَوْءٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ رِيحٍ إلَّا لِأَنْدَرَ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ وَبِمَنْعٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ رَفَعَ بِنَاءَهُ عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ حَتَّى مَنَعَ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَأَوْلَى لَوْ نَقَصَ مَا ذَكَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْعُ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ عَنْ أَنْدَرَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَنْدَرِ مَا ذُكِرَ وَمِثْلُهُ طَاحُونُ الرِّيحِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ وَهِيَ صِلَةٌ لِمُتَعَلِّقٍ مَحْذُوفٍ كَمَا تَرَى فِي التَّقْرِيرِ.

(ص) وَعُلُوِّ بِنَاءٍ وَصَوْتٍ كَكَمَدٍ وَبَابٍ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَرَوْشَنٍ وَسَابَاطٍ لِمَنْ لَهُ الْجَانِبَانِ بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ وَإِلَّا فَكَالْمِلْكِ لِجَمِيعِهِمْ إلَّا بَابًا إنْ نَكَبَ (ش) قَالَ فِيهَا فِي آخِرِ بَابِ الْقَسْمِ وَمَنْ رَفَعَ بُنْيَانَهُ فَجَاوَزَ بِهِ بُنْيَانَ جَارِهِ لِيُشْرِفَ عَلَيْهِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ رَفْعِ بِنَائِهِ وَمُنِعَ مِنْ الضَّرَرِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ اللَّامُ فِي لِيُشْرِفَ لَامُ الْعَاقِبَةِ انْتَهَى وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَا آلَ إلَى الضَّرَرِ وَلَمْ يُدْخَلْ عَلَيْهِ لَيْسَ كَالضَّرَرِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ أَيْ إنَّهُ أَخَفُّ مِنْهُ وَلَعَلَّهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ إزَالَتَهُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى جَارِهِ فَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ الْمَنَارِ فَإِنَّهُ فِيهِ يَأْمُرُهُ جَارُهُ أَنْ لَا يُشْرِفَ وَإِنْ فَعَلَهُ جَائِزٌ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مَنْ أَحْدَثَ عَلَى جَارِهِ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ ضَرَرًا قَوِيًّا كَصَوْتِ الْكَمَدِ وَهُوَ دَقُّ الْقُمَاشِ وَكَذَلِكَ الْقَصَّارُ وَالْحَدَّادُ وَمِثْلُ ذَلِكَ صَانِعُ الْآلَاتِ الْمُبَاحَةِ عِنْدَ تَجْرِبَتِهَا وَمُعَلِّمُ الْأَنْغَامِ عِنْدَ الْفِعْلِ وَمُعَلِّمٌ لِصِبْيَانٍ عِنْدَ رَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ صَوْتٍ كَكَمَدٍ مِنْ حَيْثُ صَوْتُهُ فَإِنْ أَضَرَّ بِالْجِدَارِ مُنِعَ كَمَا مَرَّ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا لَمْ يَشْتَدَّ وَيَدُمْ وَإِلَّا مُنِعَ وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ فَتْحِ بَابٍ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ إلَى الْفَضَاءِ وَلَوْ مُقَابِلًا لَبَابِ جَارِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَانَتْ السِّكَّةُ وَاسِعَةً أَمْ لَا وَاحْتُرِزَ بِالنَّافِذَةِ مِنْ غَيْرِ النَّافِذَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ فِيهَا بَابًا إلَّا بِرِضَا جَمِيعِ الْجِيرَانِ كَمَا يَأْتِي وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ رَوْشَنٍ وَهُوَ الْجَنَاحُ الَّذِي يُخْرِجُهُ الشَّخْصُ فِي حَائِطِهِ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْمَارِّينَ وَكَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً.

وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ سَابَاطٍ وَهُوَ جَعْلُ سَقْفٍ وَنَحْوِهِ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَحَرَكَتِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا) أَيْ فَتَمْنَعُ النَّوْمَ (قَوْلُهُ وَارْتَضَاهُ ح) مُقَابِلُهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِغَيْرِ السِّكَّةِ النَّافِذَةِ وَأَمَّا النَّافِذَةُ فَسَوَّى فِيهَا مَا بَيْنَ الْحَانُوتِ وَالْبَابِ وَهُوَ الَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ بِأَنْ امْتَدَّتْ أَغْصَانُهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مِنْ شَجَرَةٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ مِنْ أَغْصَانِ شَجَرَةٍ وَقَدَّرَهُ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ وَأَمَّا إذَا أَضَرَّ جِدَارُهَا الْمُغَيَّبُ فِي الْأَرْضِ جِدَارَ غَيْرِ مَالِكِهَا فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ وَمُضِرٍّ بِجِدَارٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ صَاحِبَ الْجِدَارِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ الْمُحَيَّاةِ (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ) اُنْظُرْ كَيْفَ يُجَابُ عَنْ تَعْلِيلِ الْمُقَابِلِ.

(قَوْلُهُ لَا مَانِعَ ضَوْءٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ رِيحٍ) وَلَوْ الثَّلَاثَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ مَا يَنْقُصُ الْغَلَّةَ كَإِحْدَاثِ فُرْنٍ قُرْبَ فُرْنٍ آخَرَ أَوْ حَمَّامٍ آخَرَ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ) أَيْ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ لَا مَنْعَ مَانِعٍ وَلَوْ عَطَفَهُ عَلَى دُخَانٍ لَكَانَ أَسْهَلَ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَنْدَرِ) أَيْ فِي الْأَنْدَرِ (قَوْلُهُ مِنْ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ) فَإِنْ كَانَ الضَّوْءُ يَنْفَعُهُ يَرْجِعُ لَهُ.

(قَوْلُهُ وَعُلُوِّ بِنَاءٍ إلَخْ) أَيْ لِمُسْلِمٍ لَا ذِمِّيٍّ فَيُمْنَعُ وَفِي الْمُسَاوَاةِ قَوْلَانِ فَقِيلَ يَجُوزُ وَقِيلَ لَا وَإِذَا مَلَكُوا دَارًا عَالِيَةً أَقَرُّوا عَلَيْهَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالْمِلْكِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِذَةً وَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ سِكَّةٌ نَفَذَتْ فَقَطْ لَا لِقَوْلِهِ سَابِقًا بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَإِلَّا لَاكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ إلَّا بَابًا إنْ نَكَبَ فَإِنَّمَا يُنَاسِبُ مَفْهُومَ الْأُولَى فَقَطْ فَهُوَ بِاعْتِبَارِ مَا قُلْنَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَمُنِعَ مِنْ الضَّرَرِ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ يَتَطَلَّعُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ اللَّامُ فِي لِيُشْرِفَ لَامُ الْعَاقِبَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا عَلَى قَصْدِ الضَّرَرِ وَإِنَّمَا يَئُولُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ الْمَنَارِ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ أَحْدَثَ مَسْجِدًا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ بُنْيَانًا بِحَيْثُ إنَّ مَنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ لَا يَنْظُرُ الْجِيرَانَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ فِيهِ) أَيْ فَإِنَّ الشَّخْصَ فِيهِ أَيْ رَفْعِ الْبِنَاءِ يَأْمُرُهُ جَارُهُ أَنْ لَا يُشْرِفَ فَقَطْ أَيْ لَا أَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِأَنْ يُحْدِثَ بُنْيَانًا يَمْنَعُ مِنْ النَّظَرِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ فَعَلَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى أَنَّ إزَالَتَهُ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَيْ كَالْمَنَارِ وَالْمَسْجِدِ الَّذِي يَكْشِفُ سُطُوحَهُ (قَوْلُهُ صَانِعُ الْآلَاتِ الْمُبَاحَةِ) أَيْ كَالدُّفِّ (قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَا جَمِيعِ الْجِيرَانِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَكَالْمِلْكِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبَابٍ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِلرَّوْشَنِ وَالسَّابَاطِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِذَةً لَا يَمْنَعُ أَصْلًا إنْ نَكَبَهُ عَنْ بَابِ جَارِهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْكُبْهُ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَّا رِضَا ذَلِكَ الْجَارِ فَقَطْ (فَائِدَةٌ) السِّكَّةُ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ الْوَسَطِ وَقِيلَ بِذِرَاعِ الْبُنْيَانِ الْمُتَعَارَفِ وَمَحَلُّهُ فِي مَوَاتٍ أَذِنَ الْإِمَامُ فِي عِمَارَتِهِ بُيُوتًا وَاخْتَلَفَ طُرُقُهُمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ لَا فِي طُرُقٍ قَدِيمَةٍ دُونَ سَبْعَةٍ بَيْنَ بُيُوتِهِمْ لَمْ يُعْلَمْ مُحْدِثُهَا

ص: 61

حَائِطَيْنِ لِرَجْلٍ مُكْتَنِفِي الطَّرِيقِ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ حَيْثُ كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْمَارِّينَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِذَةً إلَى الْفَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ رَوْشَنًا أَوْ سَابَاطًا إلَّا بِرِضَا جَمِيعِ أَهْلِ السِّكَّةِ وَلَوْ رَفَعَهُمَا رَفْعًا بَيِّنًا وَلَا يَكْفِي إذْنُ بَعْضِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَالْإِشْرَاكِ لَكِنْ فِي الْكَافِي مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إذْنُ مَنْ يَمُرُّ بِمَنْزِلِهِ مِنْ تَحْتِ الرَّوْشَنِ وَالسَّابَاطِ مِمَّنْ مَنْزِلُهُ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ دُونَ مَنْ لَمْ يَمُرَّ تَحْتَهَا فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ انْتَهَى وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا فِي السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ فَلَا يُمْنَعُ إنْ نَكَبَهُ عَلَى بَابِ جَارِهِ بِحَيْثُ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى مَا فِي دَارِ جَارِهِ وَلَا قَطْعَ لَهُ مُرْفَقًا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً إلَى الْقَضَاءِ وَتَقَدَّمَ الْجَوَازُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُنْكَبْ فَقَوْلُهُ بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ رَاجِعٌ لَهُمَا وَالرِّوَايَةُ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا وَأَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ قِيلَ الْمَحَلُّ لِلضَّمِيرِ فَكَانَ يَقُولُ بِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالضَّمِيرِ لَاحْتُمِلَ رُجُوعُهُ لِلسِّكَّةِ لَا بِقَيْدِهَا فَلِذَلِكَ أَتَى بِالظَّاهِرِ الْمُقَيَّدِ وَقَوْلُهُ فَكَالْمِلْكِ لِجَمِيعِهِمْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا تَامًّا وَإِلَّا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَحْجُرُوهَا عَلَى النَّاسِ بِغَلْقٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْجَمِيعِ خِلَافًا لِمَنْ فَصَّلَ.

(ص) وَصُعُودِ نَخْلَةٍ وَأَنْذَرَ بِطُلُوعِهِ (ش) يَجُوزُ نَصْبُ وَصُعُودٍ عَطْفًا عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى مَانِعٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ فِي دَارِهِ نَخْلَةٌ أَوْ شَجَرَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطْلُعَ لَهَا لِيَجْنِيَ ثَمَرَهَا أَوْ لِأَجْلِ إصْلَاحِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْذِرَ جَارَهُ بِطُلُوعِهِ إيَّاهَا خَوْفَ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى عَوْرَةِ جَارِهِ وَقِيلَ بِاسْتِحْبَابِ الْإِنْذَارِ بِخِلَافِ الْمَنَارَةِ الْمُحْدَثَةِ أَوْ الْقَدِيمَةِ حَيْثُ كَانَتْ تَكْشِفُ عَلَى الْجِيرَانِ فَيُمْنَعُ مِنْ الصُّعُودِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الصُّعُودَ لِجَنْيِ الثَّمَرَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ نَادِرٌ بِخِلَافِ الْأَذَانِ.

(ص) وَنُدِبَ إعَارَةُ جِدَارِهِ لِغَرْزِ خَشَبِهِ وَإِرْفَاقٌ بِمَاءٍ وَفَتْحُ بَابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُعِيرَ جِدَارَهُ لِيَغْرِزَ فِيهِ جَارُهُ خَشَبَةً وَنَحْوَهَا وَأَنْ يُرْفِقَهُ بِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مِنْ فَتْحِ بَابٍ وَإِرْفَاقٍ بِمَاءٍ وَجَوَازٍ فِي طَرِيقٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ خَشَبَةً تُغْرَزُ فِي جِدَارِهِ» رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ خَشَبَةً بِلَفْظِ الْوَاحِدِ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ خَشَبَهُ عَلَى الْجَمْعِ وَبِعِبَارَةٍ خَشَبَهُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالشَّيْنِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَرُوِيَ أَيْضًا بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ وَرُوِيَ أَيْضًا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ مَعَ ضَمِّ الْخَاءِ وَالشِّينِ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْجِيرَةِ فَقِيلَ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَالْجَارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ جَارٌ لَهُ عَلَيْك حَقَّانِ وَهُوَ الْجَارُ الْمُسْلِمُ الْأَجْنَبِيُّ، وَجَارٌ لَهُ عَلَيْك ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ وَهُوَ الْجَارُ الْمُسْلِمُ الَّذِي بَيْنَك أَوْ بَيْنَهُ قَرَابَةٌ وَجَارٌ لَهُ عَلَيْك حَقٌّ وَاحِدٌ وَهُوَ الْجَارُ الذِّمِّيُّ

(ص) وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَفِيهَا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ وَفِي مُوَافَقَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ تَرَدُّدٌ. (ش) مَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ أَعَارَهُ عَرْصَتَهُ لِيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ الْمُدَّةِ الْمُعْتَادَةِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَهُ وَفِي بَابٍ آخَرَ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَدْفَعَ لَهُ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ وَإِلَّا تَرَكْتَهُ إلَى مِثْلِ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّك أَعَرْته إلَى مِثْلِهِ فِي الْأَمَدِ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِيمَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ فَمَنْ قَالَ وِفَاقٌ جَعَلَ مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَا أَنْفَقَ عَلَى أَنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ عِنْدِهِ ثَمَنًا وَأَصْرَفَهُ فِي الْمُؤَنِ وَحَمَلَ قَوْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ عَلَى أَنَّ الْمُؤَنَ كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَهُ أَوْ مَا أَنْفَقَ إذَا رَجَعَ بِالْقُرْبِ وَقِيمَتِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِذَةً) ضَعُفَ هَذَا التَّفْصِيلُ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا فِي التَّمْكِينِ مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ الرَّوْشَنُ وَالسَّابَاطُ بِأَهْلِ السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ فِي ضَوْءٍ وَلَا مَمَرِّ رَاكِبٍ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ وَأَفْتَى بِهِ الشَّرِيفُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَفُورِ الْعِمْرَانِيُّ وَهِيَ أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ مِنْ نَوَازِلِ الْمِعْيَارِ اهـ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْكَافِي إلَخْ) اعْتَمَدَهُ عج (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لَهُمَا) أَيْ لِلسَّابَاطِ وَالرَّوْشَنِ وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ.

(قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ مِنْ الصُّعُودِ عَلَيْهَا) أَيْ حَتَّى يَجْعَلَ بِهَا سَاتِرًا يَمْنَعُ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْجِيرَانِ مِنْ أَيْ جِهَةٍ حَتَّى لَا يَتَبَيَّنَ بِهِ أَشْخَاصٌ وَلَا هَيْئَاتٌ وَلَا ذُكُورٌ وَلَا إنَاثٌ، قَرُبَتْ دَارُهُمْ أَوْ بَعُدَتْ لِتَكَرُّرِ طُلُوعِهَا.

(قَوْلُهُ لِغَرْزِ خَشَبَةٍ) أَيْ لِاسْتِنَادٍ عَلَيْهَا أَوْ سَقْفٍ (قَوْلُهُ وَإِرْفَاقٍ بِمَاءٍ) أَيْ بِفَضْلِ مَاءٍ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ جَارُهُ لِشُرْبٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَنَحْوَهَا) أَيْ كَحَجَرٍ (قَوْلُهُ مِنْ فَتْحِ بَابٍ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ بَابٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى يَفْتَحُهُ لَهُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ لِقُرْبِهِ مِنْ السُّوقِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ وَجَوَازٍ فِي طَرِيقٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى فَتْحِ بَابٍ وَفِي الْعِبَارَةِ تَسَامُحٌ وَالْمَعْنَى مِنْ طَرِيقٍ يَجُوزُ فِيهَا كَمَا لَوْ كَانَ لِجَارِك طَرِيقٌ خَاصَّةٌ بِهِ يَذْهَبُ مِنْهَا لِلسُّوقِ فَيَأْذَنُ لَك بِالْمُرُورِ فِيهَا لِأَجْلِ قُرْبِ السُّوقِ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَرُوِيَ أَيْضًا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ إلَخْ) فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِرِوَايَاتٍ ثَلَاثَةٍ وَالْجَمْعُ لَهُ صِيغَتَانِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا قُرِئَ بِفَتْحَتَيْنِ يَكُونُ اسْمَ جَمْعٍ فَتَجُوزَ فِي قَوْلِهِ جَمْعٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَقِيلَ أَرْبَعُونَ إلَخْ) أَيْ وَقِيلَ سِتُّونَ دَارًا عَنْ يَمِينِهِ وَسِتُّونَ عَنْ يَسَارِهِ وَسِتُّونَ خَلْفَهُ وَسِتُّونَ أَمَامَهُ هَكَذَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ) أَيْ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي عَرْصَةٍ لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ لِجَارِهِ أَوْ غَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الْعَارِيَّةَ بِعَمَلٍ وَلَا أَجَلٍ وَإِلَّا لَزِمَتْ لِانْقِضَائِهِ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي الْعَارِيَّةِ وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ لِانْقِضَاءٍ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ (قَوْلُهُ وَفِيهَا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ إلَخْ) كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمُدَوَّنَةِ يَقُولُ بِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي دَفْعِ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ أَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ فَلَوْ قَالَ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ وَفِيهِ أَيْضًا قِيمَتُهُ؛ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ فِي الْأَمَدِ) أَيْ مِنْ الْأَمَدِ أَيْ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ أَوْ مَا أَنْفَقَ إذَا رَجَعَ بِالْقُرْبِ إلَخْ)

ص: 62