المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إذَا نَكَلَا وَيُقْضَى بِهَا لِلْحَالِفِ دُونَ النَّاكِلِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ يَدَّعِيه - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٦

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَاب الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى فِيهِ]

- ‌[مَا لَا يُنْقَضُ فِيهِ الصُّلْحُ]

- ‌[صُلْحِ الدِّمَاءِ وَالْعَمْدِ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ]

- ‌[بَاب الْحَوَالَةِ] [

- ‌شُرُوطُ لُزُومِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[صِيغَةُ الْحَوَالَةُ]

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌[أَقْسَامُ الضَّمَانِ]

- ‌ أَرْكَانِ الضَّمَانِ

- ‌ الضَّمَانُ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ

- ‌ ضَمَانُ الضَّامِنِ

- ‌[مَا يَرْجِعُ بِهِ الضَّامِنُ إذَا غَرِمَ]

- ‌[مُبْطِلَاتِ الضَّمَانِ]

- ‌ الضَّامِنُ الدَّاخِلُ فِي جِنْسِ الذِّمَّةِ

- ‌ ضَمَانُ الْوَجْهِ

- ‌[بَابٌ فِي الشَّرِكَةَ وَأَقْسَامَهَا وَأَحْكَامَهَا]

- ‌[أَرْكَانٌ الشَّرِكَةُ]

- ‌ شَرِكَةِ الْعِنَانِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[الْمُزَارَعَةَ الْفَاسِدَةَ]

- ‌[بَابٌ فِي الْوَكَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي الْإِقْرَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(بَابُ الِاسْتِلْحَاقِ)

- ‌ شَرْطَ صِحَّةِ الِاسْتِلْحَاقِ

- ‌[بَابٌ فِي الْوَدِيعَةَ وَأَحْكَامَهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَاب الْغَصْبَ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[بَاب الشُّفْعَة]

- ‌بَابِ الْقِسْمَةِ

- ‌[مَسْأَلَة قَسْمُ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ إنْ اعْتَدَلَا وَهَلْ هِيَ قُرْعَةٌ لِلْقِلَّةِ أَوْ مُرَاضَاةٌ]

- ‌[بَاب الْقِرَاض]

- ‌[بَاب أَحْكَام الْمُسَاقَاة]

الفصل: إذَا نَكَلَا وَيُقْضَى بِهَا لِلْحَالِفِ دُونَ النَّاكِلِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ يَدَّعِيه

إذَا نَكَلَا وَيُقْضَى بِهَا لِلْحَالِفِ دُونَ النَّاكِلِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ يَدَّعِيه رَجُلَانِ فَيَقُولُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ هُوَ لِأَحَدِهِمَا وَلَا أَدْرِي عَيْنَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ حَلِفِهِمَا لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةٌ وَالدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ قَالَ لَيْسَتْ الْوَدِيعَةُ لِوَاحِدٍ مِنْكُمَا لَمْ يُقْبَلْ وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا بَعْدَ حَلِفِهِمَا وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَعَ بَقَائِهَا تَحْتَ يَدِ الْمُودَعِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَوْ قَالَ رَدَدْتهَا لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَيُّهُمَا هُوَ ضَمِنَ قَدْرَهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهَذَا مَعَ اتِّحَادِ قَدْرِهَا إذْ لَوْ اخْتَلَفَتْ بِأَنْ أَوْدَعَهُ وَاحِدٌ مِائَةً وَآخَرُ خَمْسِينَ وَنَسِيَ مَنْ صَاحِبَ الْمِائَةِ وَادَّعَاهَا كُلٌّ مِنْهُمَا فَقَالَ سَحْنُونَ يَحْلِفَانِ عَلَى الْمِائَةِ وَيَقْتَسِمَانِهَا وَأَمَّا الْخَمْسُونَ الْبَاقِيَةُ فَتَبْقَى بِيَدِ الْمُودَعِ إذْ لَيْسَ لَهَا مُدَّعٍ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَغْرَمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةً بَعْدَ حَلِفِهِمَا اهـ.

وَانْظُرْ حُكْمَ هَذَا فِي الدَّيْنِ (ص) وَإِنْ أَوْدَعَ اثْنَيْنِ جُعِلَتْ بِيَدِ الْأَعْدَلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا جَعَلَهَا صَاحِبُهَا بِيَدِ رَجُلَيْنِ فَإِنَّهَا تَكُونُ بِيَدِ أَعْدِلْهُمَا وَكَذَلِكَ إذَا أَبْضَعَ مَعَهُمَا بِضَاعَةً فَإِنَّهَا تَكُونُ بِيَدِ أَعْدَلِهِمَا كَالْمَالِ يَكُونُ بِيَدِ الْوَصِيَّيْنِ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ فِي يَدِ أَعْدِلْهُمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَصِيَّيْنِ عَدْلٌ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَعْزِلُهُمَا وَيُوَلِّي غَيْرَهُمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ شَيْئًا وَأَرَاهُ مِثْلَهُ. قَوْلُهُ بِيَدِ الْأَعْدَلِ وَأَوْلَى الْعَدْلُ مَعَ الْفَاسِقِ وَلَوْ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ جُعِلَتْ بِيَدِهِمَا وَإِنْ أَوْدَعَ فَاسِقَيْنِ لَا تُنْزَعُ مِنْهُمَا. وَقَوْلُهُ جَعَلَ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ الشَّيْءِ الْمُودَعِ وَفِي بَعْضِهَا جُعِلَتْ أَيْ الْوَدِيعَةُ

(بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الْعَارِيَّةَ وَالْإِعَارَةُ مَصْدَرُ أَعَرْتَ الْمَتَاعَ إعَارَةً وَالِاسْمُ مِنْهُ عَارِيَّةٌ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَقَدْ حَدَّهَا ابْنُ عَرَفَةَ مَصْدَرًا وَاسْمًا كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ إذَا كَانَ لِلْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ مَعْنَيَانِ فَالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ لَا بِعِوَضٍ فَقَوْلُهُ مَنْفَعَةٌ أَخَرَجَ بِهِ تَمْلِيكَ الذَّوَاتِ وَتَمْلِيكَ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ فِيهَا مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الِانْتِفَاعِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ مُؤَقَّتَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ إلَخْ) بَحَثَ فِيهِ الْبَدْرُ بِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ فَكَيْفَ يَغْرَمُ مِائَتَيْنِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ خِلَافٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي كَوْنِ الدَّيْنِ كَالْوَدِيعَةِ وَعَكْسُهُ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ ضَمِنَ قَدْرَهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) تَوْضِيحُ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ قَالَ دَفَعْتهَا لِأَحَدٍ كَمَا وَجَهِلْته وَأَنْكَرَا قَبْضَهَا حَلَفَا وَأَخَذَا مِنْهُ مِائَةً مِائَةً أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ وَمَنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ نَكَلَا مَعًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُقِرِّ إلَّا مِائَةٌ يَقْتَسِمَانِهَا دُونَ يَمِينٍ عَلَيْهِ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنُعْلِمُك أَنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ وَإِنْ تَبِعَ فِيهَا غَيْرَهُ لَيْسَتْ بِصَوَابٍ لِأَنَّ الْخِلَافَ بِغُرْمِ مِائَةٍ أَوْ مِائَتَيْنِ جَارٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا إذَا كَانَتْ بِيَدِهِ أَوْ سَلَّمَهَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَحَالَفَا وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا أَيْ وَكَذَا لَوْ خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى مُحَشِّي تت.

فَإِذَا عَمِلْت ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ إلَّا مِائَةً مُطْلَقًا خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ أَوْ بَقِيَتْ وَيَكُونُ كَلَامُ مُحَمَّدٍ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ إذْ لَوْ قَالَ إلَخْ ضَعِيفٌ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَتَبْقَى إلَخْ) الصَّوَابُ كَمَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ الْقِسْمَةَ تَقَعُ فِي الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ تَحَالَفَا عَلَى الْمِائَةِ وَاقْتَسَمَاهَا مَعَ الْخَمْسِينَ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَوْ قَالَ لَا أَدْرِي صَاحِبَ الْخَمْسِينَ مِنْ الْمِائَةِ حَلَفَا وَاقْتَسَمَاهُمَا هَكَذَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ فِي اقْتَسِمَاهُمَا الْعَائِدِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ جُعِلَتْ بِيَدِ الْأَعْدَلِ) أَيْ جَعَلَهَا الشَّرْعُ قَالَ تت وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجْعَلَهَا الْحَاكِمُ فَإِنْ حَصَلَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ كَانَ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ وَيُحْتَمَلُ مِنْ الْآخَرِ أَيْضًا لِكَوْنِهِ مُودَعًا أَيْضًا مِنْ رَبِّهَا عب وَالظَّاهِرُ الْجَزْمُ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ جُعِلَتْ بِيَدِهِمَا) قَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَا ضَمَانَ أَنَّ اقْتَسَمَاهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْدَعَ فَاسِقَيْنِ لَا تُنْزَعُ مِنْهُمَا) هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَأَرَاهُ مِثْلَهُ وَهُمَا قَوْلَانِ وَالْمَقَالَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُ سَحْنُونَ.

قَالَ بَهْرَامُ قُلْت وَقَوْلُ سَحْنُونَ عِنْدِي هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ لَا يَرْتَضِي بِأَمَانَةِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخِرِ وَلَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ لَمْ يَطَّلِعْ الْآخَرُ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَلِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ يَفْحَصُ عَنْ حَالِهِمَا وَأَمَانَتِهِمَا لِقِيَامِهِ فَمَنْ عُرِفَ مِنْهُ الْخِيَانَةُ اُنْتُزِعَ مِنْهُ مَا بِيَدِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِمَا مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ وَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْحِفْظُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ وَوَافَقَ سَحْنُونَ عَلَى قَوْلِهِ الْقَاضِيَ إسْمَاعِيلَ وَأَقُولُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ فَيُحْمَلُ قَوْلُ سَحْنُونَ عَلَى مَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِفِسْقِهِمَا وَقَوْلُ غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا

[بَاب الْعَارِيَّةِ]

(بَابُ الْعَارِيَّةِ)(قَوْلُهُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ) وَقَدْ تُخَفَّفُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ) أَيْ عَيْبٌ قَالَ بَهْرَامُ وَرُدَّ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَنْسُوبَةً لَهُ لَقَالُوا يَتَعَيَّرُونَ لِأَنَّ الْعَارَ عَيْنُهُ يَاءٌ وَالْعَارِيَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُعَاوَرَةِ وَهُوَ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ يُقَالُ هُمْ يَتَعَاوَرُونَ مِنْ جِيرَانِهِمْ الْأَوَانِيَ أَيْ يَأْخُذُونَ وَيُعْطُونَ وَالْعَارِيَّةُ جَائِزَةٌ وَمَنْدُوبٌ إلَيْهَا اهـ.

وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُرَدُّ أَيْضًا بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ وَقَعَتْ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحْبِ فَلَوْ كَانَ طَلَبُهَا عَارًا لَمَا اسْتَعَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا الصَّحْبُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مُؤَقَّتَةٍ) أَيْ لَفْظًا أَوْ عَادَةً فَإِذَا قَالَ لَهُ أَعَرْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ مَثَلًا وَلَمْ يُؤَقِّتْ أَجَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُعْتَادُ (قَوْلُهُ وَتَمْلِيكَ الِانْتِفَاعِ) أَيْ يَنْتَفِعُ الشَّخْصُ بِذَاتِهِ كَأَنْ تُوقِفَ بُيُوتًا عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ يَسْكُنُونَهَا فَهَذَا تَمْلِيكُ انْتِفَاعٍ أَيْ يَنْتَفِعُونَ بِأَنْفُسِهِمْ لَا أَنَّكَ مَلَّكْتَهُمْ الْمَنْفَعَةَ بِحَيْثُ يُؤَجِّرُونَهَا وَيَأْخُذُونَ أُجْرَتَهَا كَمَا قُلْنَا فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا حَبَسْتُ بُيُوتًا عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِأُجْرَتِهَا هَلْ مِنْ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الِانْتِفَاعِ؟ قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَمْلِيكِ الِانْتِفَاعِ فَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِالِانْتِفَاعِ مَا يَشْمَلُ الِانْتِفَاعَ بِالْبُيُوتِ أَوْ بِأُجْرَتِهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الِانْتِفَاعِ) أَيْ وَمِلْكُ النَّفْعَةِ أَخَصُّ مِنْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ فَيَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ مِلْكُ الِانْتِفَاعِ كَمَا لَوْ اكْتَرَى

ص: 120

أَخَرَجَ بِهِ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا إذَا مَلَكَ الْعَبْدُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ وَوَهَبَهَا إيَّاهُ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِعَارِيَّةٍ وَيَخْرُجُ الْحَبْسُ لِأَنَّ فِيهِ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ لَا الْمَنْفَعَةِ وَقَوْلُهُ لَا بِعِوَضٍ يُخْرِجُ بِهِ الْإِجَارَةَ وَأَمَّا حَدُّهَا اسْمًا فَقَالَ رحمه الله مَالٌ ذُو مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ مُلِكَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ انْتَهَى وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالشَّيْءُ الْمُسْتَعَارُ وَمَا بِهِ الْعَارِيَّةُ وَالْمُؤَلِّفُ ابْتَدَأَ بِحُكْمِهَا فَقَالَ (ص) صَحَّ وَنُدِبَ إعَارَةُ مَالِكٍ مَنْفَعَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ مَنْفَعَةً يَصِحُّ مِنْهُ وَيُنْدَبُ لَهُ الْإِعَارَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» وَلِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام اسْتَعَارَ وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى النَّدْبِ وَإِنْ كَانَ النَّدْبُ يَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ لَا الْعَكْسَ لِأَجْلِ الْمُخْرِجَاتِ الْآتِيَةِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا لِيُفِيدَ حُكْمَهَا بِالْأَصَالَةِ وَلِيَجْمَعَ بَيْنَ الْقُيُودِ وَالْمُخْرِجَاتِ الْآتِيَةِ وَقَوْلُهُ (ص) بِلَا حَجَرٍ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِمَالِكٍ لَا بِصَحَّ وَلَا بِنُدِبَ، وَإِنَّ صَحَّ وَنُدِبَ يَتَنَازَعَانِ فِي إعَارَةٍ فَالْمَعْنَى أَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ بِلَا حَجْرٍ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِعَارَةُ وَتُنْدَبُ لَهُ وَقَوْلُهُ (ص) وَإِنْ مُسْتَعِيرًا (ش) مُبَالَغَةٌ فِي صِحَّةِ الْإِعَارَةِ مِنْهُ لَا فِي نَدْبِهَا مِنْهُ إذْ لَا يُنْدَبُ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ بِإِعَارَةٍ أَنْ يُعِيرَ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَقَدْ ذَكَرَهُ تت وَقَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ شَرْعِيٍّ كَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ بِالْأَعْوَاضِ وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي نَحْوِ الْعَارِيَّةِ إلَّا مَا كَانَ اسْتِئْلَافًا لِلتِّجَارَةِ وَأَمَّا مَا كَثُرَ فَلَا أَوْ جَعْلِيٍّ مِنْ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ إذَا مَنَعَهُ مِنْ الْإِعَارَةِ لَا يُعِيرُ فَلَا يُرِيدُ حَجْرَ الْمَالِ وَلَا فَرْقَ فِي الْحَجْرِ الْجَعْلِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا أَوْ بِقَرِينَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

دَارًا فَقَدْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ كِرَاؤُهَا وَمَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ كَمَا إذَا وُقِفَتْ بُيُوتٌ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ لِلسُّكْنَى فَإِنَّهُمْ مَلَكُوا انْتِفَاعَهَا أَيْ بِأَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يَمْلِكُوا مَنْفَعَتَهَا بِحَيْثُ يُكْرُونَهَا (قَوْلُهُ وَوَهَبَهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَلَكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ) أَيْ وَلَيْسَ بِعَارِيَّةٍ وَانْظُرْ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ يَجُوزُ وَإِذَا قِيلَ بِالْجَوَازِ فَهَلْ تِلْكَ الْهِبَةُ سَارِيَةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَتَكُونُ تِلْكَ الْهِبَةُ سَارِيَةً عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَكُونُ عَيْبًا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَثَمَرَةُ الشِّرَاءِ أَوْ الْبَقَاءِ تَحْتَ الْمِلْكِ حِينَئِذٍ أَخْذُ مَالِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ انْتِزَاعُهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَحَرِّرْ ذَلِكَ فَإِنِّي مَا رَأَيْتُهُ.

(قَوْلُهُ وَيَخْرُجُ الْحَبْسُ لِأَنَّ فِيهِ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ مَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِي بَعْضِ جُزْئِيَّاتِ الْحَبْسِ كَمَا إذَا حَبَسَ دُورًا عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ لِلسُّكْنَى فَقَطْ وَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا حَبَسَ دَارًا عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ لِسُكْنَاهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ إجَارَتِهَا وَأَخْذِ أُجْرَتِهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فَهَذَا حَبْسٌ فِيهِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ فَيَخْرُجُ مِنْ تَعْرِيفِهِ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ يَخْرُجُ بِهِ الْإِجَارَةُ) أَيْ وَالْكِرَاءُ لِأَنَّ كُلًّا بِعِوَضٍ وَأُورِدَ عَلَى تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا إذَا اكْتَرَى رَجُلٌ دَارًا سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ وَارِثًا فَإِنَّ بِإِرْثِهِ ذَلِكَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَلَكَ مَنْفَعَةً مُؤَقَّتَةً بِغَيْرِ عِوَضٍ وَأَجَابَ بِأَنَّ عُمُومَ نَفْيِ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ يُخْرِجُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْمَيِّتِ اهـ.

وَأُورِدَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا خُرُوجُ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ أَعَارَهُ مَعَ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَبْسَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُؤَقَّتًا وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا (قَوْلُهُ ابْتَدَأَ الْحُكْمَ) أَرَادَ بِهِ النَّدْبَ الْمَلْزُومَ لِلصِّحَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا لِأَنَّهَا إحْسَانٌ {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] وَيَعْرِضُ وُجُوبُهَا كَغَنِيٍّ عَنْهَا لِمَنْ يَخْشَى بِعَدَمِهَا هَلَاكَهُ، وَحُرْمَتُهَا لِكَوْنِهَا تُعِينُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَكَرَاهَتُهَا لِكَوْنِهَا تُعِينُهُ عَلَى مَكْرُوهٍ وَتُبَاحُ لِغَنِيٍّ عَنْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَرَاهَتِهَا فِي حَقِّهِ اهـ. قَالَ سَيِّدِي أَحْمَدُ بَابَا وَلَوْ قَالَ وَتُبَاحُ لِغَنِيٍّ عَنْهَا فِي الْحَالِ وَلَكِنْ بِصَدَدِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا ثَانِيًا لَانْتَفَى النَّظَرُ

(قَوْلُهُ صَحَّ) الْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ الِانْعِقَادُ فَيَخْرُجُ إعَارَةُ الْفُضُولِيِّ مِلْكَ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ كَهِبَتِهِ وَوَقْفِهِ وَسَائِرِ مَا أَخْرَجَهُ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ لَا عَلَى عِوَضٍ كَبَيْعِهِ فَمُنْعَقِدٌ يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى رِضَا مَالِكِهِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام اسْتَعَارَ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ الْمُخْرِجَاتِ الْآتِيَةِ) فَإِنَّهَا مُخْرِجَةٌ مِنْ الصِّحَّةِ لَا مِنْ النَّدْبِ وَإِلَّا لَتُوُهِّمَ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِيُفِيدَ حُكْمَهَا بِالْأَصَالَةِ) قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ النَّدْبُ وَقَوْلُهُ وَلِيَجْمَعَ بَيْنَ الْقُيُودِ الَّتِي هِيَ مَالِكٌ مَنْفَعَةً بِلَا حَجْرٍ وَقَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ إعَارَةُ السَّفِيهِ وَالصَّبِيِّ وَكَذَا أَخْرَجَ إعَارَةَ الْمَرِيضِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ كَالْفُضُولِيِّ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَفْهُومِ إعَارَةُ الزَّوْجَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ ثُمَّ الَّذِي يُنْظَرُ لِكَوْنِهِ قَدْرَ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرَ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ الْمُعَارَةِ لَا قِيمَةَ ذِي الْمَنْفَعَةِ أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَإِنَّ صَحَّ وَنُدِبَ يَتَنَازَعَانِ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يُعْمِلْ وَاحِدًا لِأَنَّهُ لَوْ أَعْمَلَ وَاحِدًا لَأَضْمَرَ فِي الْآخَرِ فَيَقُولُ صَحَّتَا وَنُدِبَ وَحَرِّرْهُ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُنْدَبُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ النَّدْبِ صَادِقٌ بِالْكَرَاهَةِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ فَيُكْرَهُ لِلْمُسْتَعِيرِ ثَوْبًا أَوْ كِتَابًا إعَارَتُهُ لِغَيْرِهِ وَكَذَا إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ

وَالصِّحَّةُ لَا تُنَافِي الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ إلَخْ) عِبَارَةُ تت وَإِعَارَةُ فَاعِلُ صَحَّ لَا نَائِبُ نُدِبَ فَلَا تَصِحُّ مِنْ عَبْدٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا سَفِيهٍ وَلَا مَجْنُونٍ الْبِسَاطِيُّ وَجْهُ تَعْيِينِ كَوْنِهِ فَاعِلَ صَحَّ أَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ بِالْأَصَالَةِ وَأَيْضًا بِلَا حَجْرٍ إنَّمَا هُوَ قَيْدٌ فِي الصِّحَّةِ لَا فِي النَّدْبِ وَأَيْضًا قَوْلُهُ وَإِنْ مُسْتَعِيرًا كَذَلِكَ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ بَلْ الْخِلَافُ هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا اهـ.

وَوَجْهُ رَدِّهِ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ إعَارَةُ تَنَازَعَهُ صَحَّ وَنُدِبَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ مِنْ تَعَيُّنِ كَوْنِ إعَارَةُ فَاعِلَ صَحَّ (قَوْلُهُ كَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ) أَيْ وَحَجْرِ الْعَبْدِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ إعَارَتُهُ كَمَرِيضٍ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُرِيدُ حَجْرَ الْمَالِ) أَيْ فَقَطْ بَلْ أَرَادَ حَجْرَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ.

ص: 121

كَقَوْلِهِ لَوْلَا إخْوَتُكَ أَوْ صَدَاقَتُكَ أَوْ دِيَانَتُكَ مَا أَعَرْتُكَ

(ص) لَا مَالِكِ انْتِفَاعٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ لَهُ أَنْ يُعِيرَهَا وَأَمَّا مَالِكُ الِانْتِفَاعِ وَهُوَ مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ كَسُكْنَى بَيْتِ الْمَدَارِسِ وَالزَّوَايَا وَالرُّبُطِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ إنْزَالِ الضَّيْفِ الْمَدَارِسَ وَالرُّبُطَ الْمُدَّةَ الْيَسِيرَةَ فَلَا يَجُوزُ إسْكَانُ بَيْتِ الْمَدَارِسِ دَائِمًا وَلَا إيجَارُهُ إذَا عُدِمَ السَّاكِنُ وَلَا الْخَزْنُ فِيهِ وَلَا بَيْعُ مَاءِ الصَّهَارِيجِ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ وَلَيْسَ لِلضَّيْفِ بَيْعُ الطَّعَامِ وَلَا إطْعَامُهُ وَلَا يُبَاعُ زَيْتُ الِاسْتِصْبَاحِ وَلَا يُتَغَطَّى بِبُسُطِ الْوَقْفِ وَنَحْوُ ذَلِكَ.

(ص) مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يَجُوزُ إعَارَةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إعَارَةُ السِّلَاحِ لِمَنْ يُقَاتِلُ بِهَا الْمُسْلِمِينَ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِمَّا لَازَمَهُ أَمْرٌ مَمْنُوعٌ قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقٌ بِإِعَارَةُ وَضَمَّنَهُ مَعْنَى وَهْبَةٍ فَعَدَّاهُ بِمِنْ تَقُولُ وَهَبْت دَارِي مِنْ زَيْدٍ وَإِلَّا فَالْمَوْضِعُ لِلَّامِ أَوْ أَنَّ مِنْ بِمَعْنَى اللَّامِ.

(ص) عَيْنًا لِمَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ (ش) هَذَا هُوَ الْمُسْتَعَارُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْعَارِيَّةَ شَرْطُ صِحَّتِهَا الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا فَلَا تَجُوزُ إعَارَةُ الْأَمَةِ لِأَجْلِ الْوَطْءِ قَوْلُهُ عَيْنًا مَعْمُولُ " إعَارَةُ " لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَى فَاعِلِهِ وَهُوَ مَالِكٌ وَهَذَا مَفْعُولُهُ الثَّانِي وَمَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعُ عَلَيْهِ لَا مَعْمُولُ مَالِكٌ خِلَافًا لِلشَّارِحِ سَوَاءٌ قُرِئَ مَالِكٌ بِالتَّنْوِينِ وَنُصِبَ مَنْفَعَةً أَوْ بِالْإِضَافَةِ إذْ مَالِكٌ لَا يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ وَقَوْلُهُ عَيْنًا أَيْ ذَاتًا وَاللَّامُ فِي لِمَنْفَعَةٍ تُشْبِهُ لَامَ الْعَاقِبَةِ بِاعْتِبَارِ الْأَيْلُولَةِ أَيْ يَئُولُ أَمْرُهَا إلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَيْ عَاقِبَةُ إعَارَةِ الْعَيْنِ وَمَآلُ أَمْرِهَا اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ لَامُ الْعَاقِبَةِ لِأَنَّهَا الَّتِي يَكُونُ مَا بَعْدَهَا نَقِيضًا لِمَا قَبْلَهَا وَهُنَا لَيْسَ نَقِيضًا لَهُ لِأَنَّهُ يُجَامِعُهُ فَهِيَ تُشْبِهُ لَامَ الْعَاقِبَةِ بِاعْتِبَارِ الْأَيْلُولَةِ كَمَا مَرَّ.

(ص) لَا كَذِمِّيٍّ مُسْلِمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا تَجُوزُ إعَارَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إذْلَالِ الْمُسْلِمِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] فَهُوَ مِثَالٌ أَيْ لَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مُبَاحَةٍ كَإِعَارَةِ ذِمِّيٍّ مُسْلِمًا أَيْ لِمَنْفَعَتِهِ أَيْ لِخِدْمَتِهِ الذِّمِّيَّ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَنْفَعَةِ غَيْرِ الْمُبَاحَةِ وَأَمَّا إعَارَةُ الذِّمِّيِّ مَنْفَعَةَ الْمُسْلِمِ حَيْثُ كَانَتْ غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ كَأَنْ يَخِيطَ لَهُ مَثَلًا فَيَنْبَغِي فِيهِ الْجَوَازُ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ.

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لِعَيْنِهِ) أَيْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ لِذَاتِهِ أَيْ لِيَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ وَلَا يُؤَاجِرُ وَلَا يَهَبُ وَلَا يُعِيرُ مَنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَأَرَادَ أَنْ يَنْفَعَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ حَقَّهُ مِنْهُ وَتَعَلُّقَهُ بِهِ وَيَأْخُذُهُ الْغَيْرُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ كَمَا أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ كَسُكْنَى بَيْتِ الْمَدَارِسِ) أَرَادَ بِبَيْتِ الْمَدَارِسِ الْمَوَاضِعَ الْمُسَمَّاةَ بِالْخَلَاوِي فِي عُرْفِ مِصْرَ وَقَوْلُهُ وَالزَّوَايَا مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْتِ الْمَدَارِسِ أَوْ عَلَى الْمَدَارِسِ إنْ كَانَ فِي الزَّاوِيَا بُيُوتٌ وَقَوْلُهُ وَالرُّبُطَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَالْجُلُوسِ مَعْطُوفٌ عَلَى سُكْنَى فَهُوَ تَمْثِيلٌ لِلِانْتِفَاعِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا مَالِكُ الِانْتِفَاعِ أَيْ مِثَالُ الِانْتِفَاعِ كَسُكْنَى (قَوْلُهُ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ) بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْجُلُوسِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ السُّوقِ أَوْ الْمَسْجِدِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهُ وَهَلْ إذَا تَلَفَّظَ بِالْعَارِيَّةِ يَكُونُ ذَلِكَ بَاطِلًا وَكَأَنَّهُ لَمْ يُعِرْ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إسْقَاطِ الْحَقِّ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ نَعَمْ إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى الثَّانِي فَيَسْقُطُ حَقُّهُ هَذَا مَا ظَهَرَ (قَوْلُهُ الْمَدَارِسَ) مَعَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَوْضُوعَةً لِلضَّيْفِ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ نَحْوِ الْأَوْقَافِ الْأَهْلِيَّةِ كَمَا وُقِفَ عَلَى زَيْدٍ وَنَسْلِهِ فَيَجُوزُ بِخِلَافِ بَيْتِ الْمَدَارِسِ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى كُلِّ مُسْتَحِقٍّ فِي الْحَالَةِ كَمَا لِشَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ إسْكَانُ بَيْتِ الْمَدَارِسِ دَائِمًا) يَتَعَارَضُ مَفْهُومُ هَذَا مَعَ مَفْهُومِ الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالدَّوَامِ الْمُدَّةَ الْكَثِيرَةَ أَيْ مَا قَابَلَ الْيَسِيرَةَ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادِرِ (قَوْلُهُ وَلَا إيجَارُهُ) أَيْ لِلسُّكْنَى فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا بَيْعُ مَاءِ الصَّهَارِيجِ) مُنَاسِبٌ لِلْمَقَامِ وَلَيْسَ مِنْ الْمَقَامِ لِأَنَّ مَاءَ الصَّهَارِيجِ الْقَصْدُ مِنْهُ الِانْتِفَاعُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلضَّيْفِ بَيْعُ الطَّعَامِ وَلَا إطْعَامُهُ) نَعَمْ لَهُ إطْعَامُ الْهِرِّ وَالسَّائِلِ كَمَا فِي ك

(قَوْلُهُ وَلَا يُبَاعُ زَيْتُ الِاسْتِصْبَاحِ) أَيْ الَّذِي لِلْوَقْفِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْقَلِيلِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ

(قَوْلُهُ مَعْنَى وَهْبَةٍ) أَرَادَ الْمَصْدَرَ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَهَبْت لِزَيْدٍ مَالًا وَهْبًا وَوَهْبَةً انْتَهَى (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ مِنْ بِمَعْنَى إلَخْ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ مَجِيءُ مِنْ بِمَعْنَى اللَّامِ شَاذٌّ

(قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ إعَارَةُ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ نَقِيضًا لِمَا قَبْلَهَا) أَيْ لِمُقْتَضَى مَا قَبْلَهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَالْتَقَطَهُ} [القصص: 8] فَإِنَّ الْعَدَاوَةَ وَالْحُزْنَ نَقِيضُ مُقْتَضَى الِالْتِقَاطِ الَّذِي هُوَ الْمَحَبَّةُ وَالتَّبَنِّي وَلَيْسَتْ اللَّامُ لِلْعِلَّةِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي النَّدْبِ الثَّوَابُ الْأُخْرَوِيُّ لَا نَفْعُ الْمُعَارِ هَذَا حَاصِلُهُ ثُمَّ أَقُولُ إنَّ فِي شَرْطِ كَوْنِهِ نَقِيضًا لِمَا قَبْلَهَا خِلَافًا وَقَوْلُهُ وَمَا خَلَقْت الْجِنَّ إلَخْ يُفِيدُ عَدَمَ ذَلِكَ الشَّرْطِ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا لَا مَانِعَ مِنْ تَعَلُّقِ قَوْلِهِ لِمَنْفَعَةٍ بِإِعَارَةُ.

(قَوْلُهُ لَا كَذِمِّيٍّ إلَخْ) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ كَذِمِّيٍّ مِثَالٌ أَيْ لَا مَنْفَعَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا تَجُوزُ إعَارَتُهُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا هِبَةُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ فَتَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْعِ الْإِعَارَةِ لَهُ وَالْهِبَةُ لَهُ صَحِيحَةٌ أَنَّ وَاهِبَ الذَّاتِ لَمْ يَقْصِدْ إذْلَالَ الْمُسْلِمِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَحْصُرْ مَنْفَعَتَهُ فِي الْكَافِرِ وَأَيْضًا يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ بِخِلَافِ مَنْ أَعَارَ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ أَنْ يَخْدُمَهُ فَقَصَدَ ابْتِدَاءً الْإِذْلَالَ فَافْتَرَقَا وَقَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمُضِيُّ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي فِيهِ الْجَوَازُ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ فِي مَحَلِّهِ كَحَانُوتِهِ وَلَا يَسْتَبِدُّ بِعَمَلِهِ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ كَكَوْنِهِ مُقَارِضًا أَوْ مُسَاقِيًا لَهُ وَقَدْ تَكُونُ مَحْظُورَةً كَأَنْ يَكُونَ فِي عَمَلِهِ تَحْتَ يَدِهِ كَالْخِدْمَةِ فِي بَيْتِهِ وَالْإِرْضَاعِ لَهُ فِيهِ وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَتْ فَإِنْ فَاتَتْ مَضَتْ وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَحَرَامًا كَحَمْلِ الْخَمْرِ وَرَعْيِ الْخِنْزِيرِ

ص: 122

ص) وَجَارِيَةٍ لِلْوَطْءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ إعَارَةَ الْجَارِيَةِ لِلْوَطْءِ أَوْ لِلِاسْتِمْتَاعِ لَا تَجُوزُ لِأَدَائِهِ إلَى إعَارَةِ الْفُرُوجِ.

(ص) أَوْ خِدْمَةٍ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ (ش) أَيْ لَا تَجُوزُ إعَارَةُ الْجَارِيَةِ لِلْخِدْمَةِ لِغَيْرِ مَحْرَمِهَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْمَمْنُوعِ.

(ص) أَوْ لِمَنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ (ش) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْخِدْمَةَ فَرْعُ الْمِلْكِ فَلَا يَجُوزُ إعَارَةُ الْجَارِيَةِ لِمَنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ بِأَنْ أُعِيرَتْ لِمَنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْخِدْمَةَ تَكُونُ لِلْجَارِيَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهِيَ لَهَا) أَيْ فَالْخِدْمَةُ لِلْجَارِيَةِ لَا لِلْمُعِيرِ وَلَا لِلْمُعَارِ لَهُ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا تَجُوزُ إعَارَتُهُ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَهِيَ لَهَا خَاصٌّ بِالْفَرْعِ الْأَخِيرِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا مَنْعُهَا مِنْ إجَارَةِ نَفْسِهَا فِيهَا وَهَلْ لَهُ نَزْعُ الْأُجْرَةِ أَمْ لَا؟ وَاسْتَظْهَرَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ بِرِقٍّ لِحُرٍّ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا.

(ص) وَالْأَطْعِمَةُ وَالنُّقُودُ قَرْضٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَارِيَّةِ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا فَالْأَطْعِمَةُ وَالنُّقُودُ إذَا اُنْتُفِعَ بِهَا تَذْهَبُ أَعْيَانُهَا وَلِهَذَا كَانَتْ قَرْضًا لَا عَارِيَّةً وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ يُضْمَنُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ وَلَوْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ.

(ص) بِمَا يَدُلُّ (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ مِنْ أَرْكَانِ الْعَارِيَّةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ تَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ إشَارَةٍ وَتَكْفِي الْمُعَاطَاةُ فِيهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا صِيغَةٌ مَخْصُوصَةٌ كَالْبَيْعِ بَلْ كُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ بِلَا عِوَضٍ.

(ص) وَجَازَ أَعِنِّي بِغُلَامِكَ لِأُعِينَكَ إجَارَةً (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَقُولَ لِآخَرَ أَعِنِّي بِغُلَامِكَ الْيَوْمَ مَثَلًا عَلَى أَنْ أُعِينَكَ بِغُلَامِي غَدًا وَيَكُونُ ذَلِكَ إجَارَةً لَا عَارِيَّةً أَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَآهُ مِنْ الرِّفْقِ وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا يَقَعُ بِهِ التَّعَاوُنُ مَعْلُومًا بَيْنَهُمَا وَأَنْ يَقْرُبَ الْعَقْدُ مِنْ زَمَنِ الْعَمَلِ فَلَوْ قَالَ لَهُ أَعِنِّي بِغُلَامِكَ أَوْ بِثَوْرِك مَثَلًا غَدًا عَلَى أَنْ أُعِينَكَ بِغُلَامِي أَوْ بِثَوْرِي مَثَلًا بَعْدَ شَهْرٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ نَقْدٌ فِي مَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ النَّوْعُ كَالْحَرْثِ أَوْ اخْتَلَفَ كَالْحَرْثِ وَالْبُنْيَانِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ إجَارَةً بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ أَيْ جَازَ مَا ذَكَرَ حَالَ كَوْنِهِ إجَارَةً أَيْ بِأَنْ تُسْتَوْفَى شُرُوطُهَا لَا حَالَ كَوْنِهَا عَارِيَّةً وَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ مُتَعَلَّقَ أُعِينَكَ لِلْإِشَارَةِ إلَى التَّعْمِيمِ فِيهِ فَيُفْهَمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاتِّفَاقِ وَالِاخْتِلَافِ فِيمَا فِيهِ التَّعَاوُنُ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعَارِيَّةِ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الْإِجَارَةِ نَظَرًا إلَى قَوْلِهِ أَعِنِّي وَالْإِعَانَةُ مَعْرُوفٌ.

(ص) وَضَمِنَ الْمَغِيبَ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُ الْعَارِيَّةَ إذَا كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهَا أَيْ مَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ وَتَغْيِيبُهُ كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْعُرُوضِ وَالسَّفِينَةِ السَّائِرَةِ وَأَمَّا الْعَارِيَّةُ الَّتِي لَا يُغَابُ عَلَيْهَا كَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَالسَّفِينَةِ بِمَحَلِّ الْمَرْسَى فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ الْحَيَوَانَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ سَرْجَهَا وَلِجَامَهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ فِي الْمُقَدَّمَاتِ وَإِذَا وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ضَمَانُ الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ يَوْمَ انْقِضَاءِ

ــ

[حاشية العدوي]

فَإِنْ فَاتَتْ تَصَدَّقَ بِالْأُجْرَةِ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ لِلذِّمِّيِّ لِحَرْثٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ حِرَاسَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْإِجَارَةُ عَلَى بِنَاءِ دُورِهِمْ إنْ كَانَتْ لِمُجَرَّدِ سُكْنَاهُمْ دُونَ بَيْعِ الْخَمْرِ فِيهَا فَكَالْمُسَاقَاةِ وَإِلَّا فَكَبِنَاءِ الْكَنِيسَةِ ك وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْحُرْمَةِ اصْطِلَاحٌ لِابْنِ رُشْدٍ وَإِلَّا فَهُمَا بِمَعْنًى كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (أَقُولُ) وَلَعَلَّ الْمَحْظُورَ مَا كَانَتْ حُرْمَتُهُ خَفِيفَةً وَالْحَرَامَ مَا كَانَتْ حُرْمَتُهُ شَدِيدَةً

(قَوْلُهُ لِأَدَائِهِ إلَى إعَارَةِ الْفُرُوجِ) أَيْ أَنَّ إعَارَةَ الْمَرْأَةِ لِلْوَطْءِ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْمُعَارَ نَفْسُ الْفَرْجِ أَيْ فَكَوْنُ الْمُعَارِ الْمَرْأَةَ يُؤَدِّي إلَى كَوْنِ الْمُعَارِ نَفْسَ الْفَرْجِ وَيَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ غَيْرُهُ أَنْ تَكُونَ إعَارَتُهَا لِلْوَطْءِ كَتَحْلِيلِهَا لَهُ فِي عَدَمِ الْحَدِّ وَفِي التَّقْوِيمِ وَإِنْ أَبَيَا وَغَيْرُهُمَا

(قَوْلُهُ أَنَّ الْخِدْمَةَ فَرْعُ الْمِلْكِ) أَيْ وَكَمَا لَا يَسْتَمِرُّ مِلْكُهُ عَلَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ وَكَمَا لَا تَجُوزُ إعَارَةُ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا انْتَهَى (قَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَ) أَيْ قَوْلُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِحُرٍّ) أَيْ عَلَى حُرٍّ أَيْ شَهِدُوا عَلَى حُرٍّ بِأَنَّهُ رِقٌّ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ تِلْكَ الشَّهَادَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ الَّذِي شَهِدَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ رَقَّ يَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ الرَّاجِعِينَ بِقِيمَةِ خِدْمَتِهِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَ تِلْكَ الْأُجْرَةَ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَعْتَرِفُ بِأَنَّ أَخْذَ الْعَبْدِ لَهَا مِنْ الشُّهُودِ ظُلْمٌ لِكَوْنِهِ رِقًّا.

(قَوْلُهُ تَنْعَقِدُ) أَيْ وَتَلْزَمُ إنْ قُيِّدَتْ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ لَمْ تُقَيَّدْ وَلَزِمَ فِيهَا الْمُعْتَادُ وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ (قَوْلُهُ أَوْ فِعْلٍ) أَيْ غَيْرُ إشَارَةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْفِعْلَ غَيْرُ الْإِشَارَةِ هِيَ الْمُعَاطَاةُ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ وَتَكْفِي الْمُعَاطَاةُ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ) تَشْبِيهٌ فِي النَّفْيِ

(قَوْلُهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ إجَارَةً) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ إجَارَةً خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَيَأْتِي أَنَّهُ يَجْعَلُهُ حَالًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى وَجْهَيْنِ أَوْ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ حَلُّ مَعْنًى ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ بَهْرَامَ أَفَادَ أَنَّهُ حَلُّ إعْرَابٍ فَقَالَ مَا نَصُّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً خَبَرَ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ حَالًا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَعْرَبَ الْبِسَاطِيُّ عَلَى التَّمْيِيزِ وَاسْتَبْعَدَ إعْرَابَهُ عَلَى الْحَالِ (قَوْلُهُ بَعْدَ شَهْرٍ) وَأَمَّا شَهْرٌ فَجَائِزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ عب (قَوْلُهُ نَقْدٌ فِي مَنَافِعَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ أَعِرْنِي عَبْدَكَ الْآنَ لِأُعِيرَكَ عَبْدِي بَعْدَ شَهْرٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَقَدَ عَبْدَهُ الْمُتَعَجِّلَ فِي مَنَافِعَ مُتَأَخِّرَةٍ وَهِيَ الْمَنَافِعُ الَّتِي بَعْدَ شَهْرٍ وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْعَمَلِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةً وَقَوْلُهُ إجَارَةً بِالنَّصْبِ إشَارَةٌ إلَى الْحَلِّ الثَّانِي وَقَوْلُهُ مُعَيَّنَةٍ أَيْ بِتَعَيُّنِ الْعَبْدِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْمَنْفَعَةُ

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إلَخْ) وَإِذَا وَجَدَ الْعَارِيَّةَ بَعْدَ غُرْمِ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلِهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَلَا يَأْخُذُهَا الْمُعِيرُ كَمَا أَنَّ الصَّانِعَ إذَا غَرِمَ قِيمَةَ الْمَصْنُوعِ إذَا ادَّعَى ضَيَاعَهُ ثُمَّ وُجِدَ بَعْدَ غُرْمِ قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلصَّانِعِ انْتَهَى

ص: 123

أَجَلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى مَا يُنْقِصُهَا الِاسْتِعْمَالُ الْمَأْذُونُ فِيهِ بَعْدَ يَمِينِهِ لَقَدْ ضَاعَتْ ضَيَاعًا لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَخْذِهَا بِقِيمَتِهَا بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهَا فَإِنْ اسْتَعْمَلَهَا فِي غَيْرِ مَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ فَنَقَصَهَا الِاسْتِعْمَالُ الَّذِي اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ الَّذِي أُذِنَ لَهُ فِيهِ فَيَضْمَنُ مَا نَقَصَهَا الِاسْتِعْمَالُ بَعْدَ الْقَدْرِ الَّذِي نَقَصَهَا الِاسْتِعْمَالُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِيهِ فَإِنْ أَعْطَبَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى مَا يَنْقُصُهَا الِاسْتِعْمَالُ الَّذِي أَعَارَهُ إيَّاهُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْعَارِيَّةِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قِيمَةَ مَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ بَعْدَ أَنْ يَطْرَحَ مِنْ ذَلِكَ قِيمَةَ إجَارَةِ مَا كَانَ أُذِنَ لَهُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلٍ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا وَفِي قَوْلٍ يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ (ص) إلَّا لِبَيِّنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الضَّمَانَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ ضَمَانُ تُهْمَةٍ يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ.

(ص) وَهَلْ وَإِنْ شَرَطَ نَفْيَهُ؟ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَهَلْ الضَّمَانُ ثَابِتٌ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُعِيرِ نَفْيَ الضَّمَانِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلَا يَنْفَعُهُ شَرْطٌ أَوْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَنْفَعُهُ شَرْطُهُ؟ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَإِسْقَاطُ الضَّمَانِ مَعْرُوفٌ عَزَا الْأَوَّلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ لَهُ وَلِأَشْهَبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ وَحَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَقِيلَ يُفْسِدُهُ وَيَكُونُ لِلْمُعِيرِ أُجْرَةُ مَا أَعَارَهُ (ص) لَا غَيْرَهُ وَلَوْ بِشَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَارِيَّةَ إذَا كَانَتْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهَا كَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فِيهَا وَلَوْ شَرَطَ الْمُعِيرُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَلَفِهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِشَرْطِهِ وَلَوْ لِأَمْرٍ خَافَهُ كَطَرِيقٍ أَوْ نَهْرٍ وَشِبْهِهِ وَتَنْقَلِبُ الْعَارِيَّةُ مَعَ الشَّرْطِ إجَارَةً فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ مَعَ الْفَوَاتِ وَتُفْسَخُ مَعَ الْقِيَامِ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ.

(ص) وَحَلَفَ فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ بِلَا سَبَبِهِ كَسُوسٍ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا هَلَكَ مِنْ الْعَارِيَّةِ بِغَيْرِ صُنْعِ الْمُسْتَعِيرِ كَالسُّوسِ فِي الثَّوْبِ وَقَرْضِ الْفَأْرِ وَحَرْقِ النَّارِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا فَرَّطَ فِيهِ وَيَبْرَأُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَحَيْثُ ضَمِنَ فَيَضْمَنُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَقِيمَتِهِ بِمَا حَدَثَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا.

(ص) وَبَرِئَ فِي كَسْرِ كَسَيْفٍ إنْ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ أَوْ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ سَيْفًا أَوْ رُمْحًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ لِيُقَاتِلَ بِهِ الْعَدُوَّ فَانْكَسَرَ فِي الْقِتَالِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ إنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ وَمِثْلُ الْبَيِّنَةِ قِيَامُ الْقَرِينَةِ بِهِ بِأَنْ تَنْفَصِلَ الْقَتْلَى وَيُرَى عَلَى السَّيْفِ أَثَرُ الدَّمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُسْتَعَارُ غَيْرَ آلَةِ حَرْبٍ كَالْفَأْسِ وَنَحْوِهَا وَأَتَى بِهَا مَكْسُورَةً فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهَا ضَرْبَ مِثْلِهَا فَقَوْلُهُ وَبَرِئَ إلَى قَوْلِهِ فِي اللِّقَاءِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَعَارُ آلَةَ حَرْبٍ وَقَوْلُهُ أَوْ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَعَارُ غَيْرَ آلَةِ حَرْبٍ فَالضَّمِيرُ فِي بِهِ لِلشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ لَا لِلسَّيْفِ بَلْ لِمَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ إذْ السَّيْفُ إنَّمَا يُسْتَعَارُ لِلْحَرْبِ غَالِبًا هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ مَا نَقَصَهَا إلَخْ) مَثَلًا قِيمَتُهَا بَعْدَ التَّنْقِيصِ الْمَأْذُونِ فِيهِ ثَمَانِيَةٌ وَبَعْدَ غَيْرِهِ سِتَّةٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اثْنَيْنِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَعْطَبَهَا إلَخْ أَيْ اسْتَعْمَلَهَا أَزْيَدَ مِنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَعَطِبَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا بَعْدَ إلَخْ مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا بِدُونِ اسْتِعْمَالٍ أَصْلًا عَشَرَةً وَبِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ ثَمَانِيَةً فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ثَمَانِيَةً وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ لِأَجَلِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا يَنْقُصُهَا أَيْ آتِيًا عَلَى مَا يَنْقُصُهَا وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْعَارِيَّةِ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ قِيمَةَ مَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ عَشَرَةٌ وَقِيمَةُ مَا أُذِنَ فِيهِ اثْنَانِ وَكَانَتْ قِيمَتُهَا بَعْدَ الْمَأْذُونِ فِيهِ سِتَّةً فَلَا شَكَّ أَنَّ قِيمَةَ مَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْمَأْذُونِ فِيهِ أَكْثَرُ لِأَنَّ الثَّمَانِيَةَ أَكْثَرُ مِنْ السِّتَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَانِيَةَ وَلَا يَأْخُذُ السِّتَّةَ فَهَلْ يُجَابُ لِذَلِكَ قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ بِالْإِجَابَةِ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ مَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْمَأْذُونِ خَمْسَةً أَوْ أَقَلَّ وَأَرَادَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَهَلْ وَإِنْ شَرَطَ نَفْيَهُ) أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِمَشْهُورِيَّةِ هَذَا بِالْمُبَالَغَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَحْدَهُ أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ عُزِيَ لَهُ مَعَ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ فِي تَلَفِهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ) هَذِهِ نُسْخَةُ الشَّارِحِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَلَيْسَتْ نُسْخَةَ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهَا ضَاعَتْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَتُرَى عِنْدَهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ (قَوْلُهُ كَطَرِيقٍ) أَيْ كَخَوْفِ طَرِيقٍ إلَخْ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ إنَّ الطَّرِيقَ مَخُوفَةٌ وَأَنَا لَا أُعِيرُ الدَّابَّةَ لَكَ إلَّا بِشَرْطِ الضَّمَانِ فَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا (قَوْلُهُ مَعَ الْقِيَامِ) أَيْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ الْمُسْتَعَارِ لَهُ وَأَرَادَ بِالْفَوَاتِ اسْتِيفَاءَ الْعَمَلِ وَقَوْلُهُ مَعَ الشَّرْطِ أَيْ شَرْطِ الضَّمَانِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ بِلَا سَبَبِهِ) أَيْ بِلَا صُنْعِهِ أَيْ فَإِنَّ تَلَفَهُ الْحَاصِلَ بِالسُّوسِ لَيْسَ مِنْ صُنْعِهِ بَلْ مِنْ صُنْعِ السُّوسِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا قَدْ يَكُونُ مَعَ تَفْرِيطِهِ فِي الْحِفْظِ وَمَعَ عَدَمِهِ فَيَحْلِفُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا فَرَّطَ وَيَبْرَأُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَفَقُّدُ الْعَارِيَّةِ وَكَذَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ تَفَقُّدُ مَا فِي أَمَانَتِهِمْ مِمَّا يُخَافُ بِتَرْكِ تَفَقُّدِهِ حُصُولُ الْعَثِّ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ صِيَانَةِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ تَفْرِيطًا ضَمِنَ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ (قَوْلُهُ وَحَيْثُ ضَمِنَ) أَيْ وَحَيْثُ نَكَلَ وَضَمِنَ وَقَوْلُهُ بِمَا حَدَثَ أَيْ مُلْتَبِسًا بِمَا حَدَثَ فِيهِ مَثَلًا قِيمَتُهُ سَلِيمًا عَشَرَةٌ وَبِمَا حَدَثَ فِيهِ سِتَّةٌ فَيَضْمَنُ أَرْبَعَةً

(قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْبَيِّنَةِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَنْقُولُ الْبَيِّنَةُ فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ النَّقْلِ (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ) وَخِلَافُهُ يَجْعَلُ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِأَمْرَيْنِ بِأَنَّهُ

ص: 124

الْمُؤَلِّفِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ كَسْرِ عَنْ الثَّلْمِ وَالْحَفَاءِ أَيْ كَمَا لَوْ أَتَى بِالسَّيْفِ مَثْلُومًا وَالرَّحَى حَفْيَاءَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

(ص) وَفِعْلِ الْمَأْذُونِ وَمِثْلِهِ وَدُونِهِ لَا أَضَرَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَفْعَلُ بِالْعَارِيَّةِ مَا أُذِنَ لَهُ فِي فِعْلِهِ وَيَفْعَلُ بِهَا أَيْضًا مِثْلَ مَا اسْتَعَارَهَا لَهُ وَدُونَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهَا أَضَرَّ مِمَّا اسْتَعَارَهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا حِينَئِذٍ إذَا عَطِبَتْ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَمِثْلِهِ وَلَوْ فِي الْمَسَافَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ تت بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ الْمَعْطُوفِ عَلَى مَا يُمْنَعُ أَوْ يَنْتَقِلَ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ إلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّ فِيهِ فَسْخَ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ قَوْلُهُ لَا أَضَرَّ أَيْ لَا فِعْلِ شَيْءٍ أَضَرَّ دُونَ أَوْ مِثْلَ أَوْ أَكْثَرَ.

(ص) وَإِنْ زَادَ مَا تَعْطَبُ بِهِ فَلَهُ قِيمَتُهَا أَوْ كِرَاؤُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مَعْلُومًا فَزَادَ عَلَيْهَا غَيْرَ ذَلِكَ قَدْرًا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ فَعَطِبَتْ مِنْهُ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يَضْمَنَ الْمُسْتَعِيرُ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ كِرَاءَ الزَّائِدِ الْمُتَعَدِّي فِيهِ فَقَطْ لِأَنَّ خِيَرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ كَمْ يُسَاوِي كِرَاؤُهَا فِيمَا اسْتَعَارَهَا لَهُ فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةً قِيلَ وَكَمْ يُسَاوِي كِرَاؤُهَا فِيمَا حَمَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَةَ دُفِعَ إلَيْهِ الْخَمْسَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى كِرَاءِ مَا اسْتَعَارَهَا لَهُ وَإِنْ كَانَ مَا حَمَّلَهَا بِهِ لَا تَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ عَطَبَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ لَيْسَ مِنْ أَجْلِ الزِّيَادَةِ فَقَوْلُهُ مَا تَعْطَبُ بِهِ أَيْ وَعَطِبَتْ فَالْوَاوُ مَحْذُوفَةٌ مَعَ مَا عَطَفَتْ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ هُنَا لِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ وَقَدْ ذَكَرَهَا هُنَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَاصِلُهَا أَنَّهَا إذَا عَطِبَتْ بِذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَعْطَبُ بِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ زِيَادَةِ الْحِمْلِ وَمَعْنَى الْعَطَبِ هُنَا التَّلَفُ وَأَمَّا إذَا تَعَيَّبَتْ تَعْيِيبًا مُفِيتًا لِلْمَقْصُودِ أَوْ غَيْرَ مُفِيتٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ التَّعَدِّي الْمَذْكُورُ فِيهِ مِنْ التَّخْيِيرِ حَيْثُ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ مَعَ نَقْصِهِ أَوْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ وَبَيْنَ لُزُومِ النَّقْصِ فَقَطْ حَيْثُ لَمْ يُفِتْهُ (ص) كَرَدِيفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَتَعَدَّى وَحَمَلَ عَلَيْهَا مَعَهُ رَدِيفًا حُرًّا فَعَطِبَتْ فَإِنَّ رَبَّهَا يُخَيَّرُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ كِرَاءَ الرَّدِيفِ فَقَطْ فِي عَدَمِ الْمُسْتَعِيرِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّدِيفَ قِيمَةَ الدَّابَّةِ يَوْمَ إرْدَافِهِ فَلَوْ كَانَ الرَّدِيفُ عَبْدًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ وَلَا فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ رَكِبَهَا بِوَجْهِ شُبْهَةٍ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّدِيفَ إذَا عَلِمَ بِالتَّعَدِّي فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْتَعِيرِ وَلِلْمُعِيرِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّعَدِّي فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ مُعْدِمًا فَإِنَّ الرَّدِيفَ يَتَّبِعُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَاتَّبَعَ إنْ أَعْدَمَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِعَارَةِ (ش) لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ فَاحْتَرَزَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ مِمَّا إذَا كَانَ الْمُرَادِفُ مَلِيئًا فَإِنَّ الرَّدِيفَ لَا يَتَّبِعُ وَبِالْقَيْدِ الثَّانِي مِمَّا إذَا عَلِمَ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُرْدِفِ فَلَهُ أَنْ يَتَّبِعَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا

ــ

[حاشية العدوي]

مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَأَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ عَنْ الثَّلْمِ) خَدْشِ أَطْرَافِ السَّيْفِ (قَوْلُهُ وَالرَّحَى حَفْيَاءَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّحَى مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ

(قَوْلُهُ وَفِعْلُ الْمَأْذُونِ) فِيهِ أَيْ أُبِيحَ لَهُ فِعْلُهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ مَا أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ لَا أَضَرَّ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمِثْلَ لَا يُطْلَبُ بِفِعْلِهِ وَأَصْلُهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ فَحَذَفَ الْجَارَّ فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّهُ حَذَفَ الْعُمْدَةَ أَعْنِي نَائِبَ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ وَمِثْلِهِ) كَفُولٍ مَكَانَ الْحِنْطَةِ وَقَوْلُهُ وَدُونِهِ أَيْ كَشَعِيرٍ (قَوْلُهُ لَا أَضَرَّ) يَعْنِي إذَا كَانَ دُونَهُ فِي الثِّقَلِ مَثَلًا إلَّا أَنَّهُ أَضَرَّ مِمَّا اسْتَعَارَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ كَمَا إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قَمْحًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا دُونَهُ فِي الثِّقَلِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَوْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ) الرَّاجِحُ خِلَافُهُ؛ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِمَوْضِعٍ فَرَكِبَهَا إلَى مِثْلِهِ فِي الْحُزُونَةِ وَالسُّهُولَةِ وَالْبُعْدِ فَهَلَكَتْ فَرَوَى عَلِيٌّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي الْمَبْسُوطَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا ضَامِنٌ قَالَ مُحَشِّي تت فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ الضَّمَانَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَجَعْلُ ج وَمَنْ تَبِعَهُ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ شَامِلًا لِلْمَسَافَةِ وَأَنَّهُ الرَّاجِحُ غَيْرُ ظَاهِرٍ انْتَهَى

(قَوْلُهُ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ لُزُومُ الْقِيمَةِ أَوْ كِرَاءُ الْجَمِيعِ لَا الزَّائِدِ فَقَطْ لِتَعَدِّيهِ فَهُوَ ظَالِمٌ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِرَبِّهَا أَخْذُ قِيمَتِهَا كَانَتْ خِيَرَتُهُ نَافِيَةً لِضَرَرِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا تَعَيَّبَتْ تَعْيِيبًا) فِي خَطِّ بَعْضِ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا فِي زِيَادَةِ الْمَسَافَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهَا تَعْطَبُ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَمَا يَأْتِي فِي زِيَادَةِ الْحَمْلِ فَلَا تَنَاقُضَ وَفِي عب وشب أَنَّهُ إذَا تَعَيَّبَتْ بِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ عب أَنَّهُ إذَا زَادَ فِي الْحَمْلِ مَا تَعْطَبُ بِهِ وَتَعَيَّبَتْ فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ وَإِذَا تَعَيَّبَتْ بِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ كَانَتْ تَعْطَبُ بِهِ أَمْ لَا وَتَعَيَّبَتْ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ مِنْ أَنَّ لَهُ الْأَكْثَرَ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ فَإِنْ انْتَفَيَا أَيْ الْعَطَبُ وَالْعَيْبُ فَكِرَاءُ الزَّائِدِ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ وَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَكِرَاؤُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ بِحَيْثُ تَكُونُ مَظِنَّةَ تَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ فَإِنْ طَالَتْ فَلَهُ الْكِرَاءُ مَعَهَا أَوْ قِيمَتُهَا انْتَهَى أَقُولُ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ الْكَلَامِ يَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَرْجِعُ قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا تَعَيَّبَتْ إلَخْ لِزِيَادَةِ الْحَمْلِ وَيَكُونُ هَذَا مَعَ مَا يَأْتِي إشَارَةً لِتَقْرِيرَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَيْ مَسْأَلَةِ زِيَادَةِ الْحَمْلِ وَيَكُونُ التَّقْرِيرُ الثَّانِي فِي شَرْحِنَا مُوَافِقًا لِعْب وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ الْعَيْبِ بِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ وَيَرْجِعُ فِيهِ لِمَا قَالَهُ عب (قَوْلُهُ وَاتَّبَعَ إنْ أَعْدَمَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِعَارَةِ) الْمُنَاسِبُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالتَّعَدِّي لِأَنَّ مَنَاطَ الضَّمَانِ الْعِلْمُ بِالْعَدَاءِ وَإِذَا غَرِمَ الرَّدِيفُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُرْدِفِ لِأَنَّ الرَّادِفَ يَقُولُ إنَّمَا تَوَجَّهَ عَلَيَّ الْغُرْمُ بِسَبَبِكَ كَمَا فِي شب أَيْ وَإِذَا غَرِمَ فِي صُورَةِ عَدَمِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ يَتَّبِعَ أَيَّهمَا شَاءَ) سَوَاءٌ أَيْسَرَا أَوْ أَعْسَرَا أَوْ أَيْسَرَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَمَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ كَمَا يَأْتِي.

(تَنْبِيهٌ) : كَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَ

ص: 125

ص) وَإِلَّا فَكِرَاؤُهُ (ش) يَشْمَلُ ثَلَاثَ صُوَرٍ مَا إذَا زَادَ عَلَيْهَا فِي الْحِمْلِ أَوْ الرَّدِيفِ مَا لَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ عَطِبَتْ أَمْ لَا أَوْ زَادَ عَلَيْهَا مَا تَعْطَبُ بِهِ وَلَمْ تَعْطَبْ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ إلَّا كِرَاءَ الزَّائِدِ فَقَطْ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِلَّا فَكَمُرْدِفِهِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الرَّدِيفُ عَالِمًا بِالْإِعَارَةِ فَهُوَ كَمُرْدِفِهِ فَلِرَبِّهَا أَنْ يُضَمِّنَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا إمَّا الْقِيمَةِ وَإِمَّا الْكِرَاءَ وَمَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ وَبِعِبَارَةٍ ثُمَّ إذَا زَادَ مَا تَعْطَبُ بِهِ وَلَمْ تَعْطَبْ لَكِنَّهَا تَعَيَّبَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا إذَا زَادَ مَا لَا تَعْطَبُ بِهِ وَتَعَيَّبَتْ فَإِنَّ لَهُ كِرَاءَ الزَّائِدِ لِأَنَّهَا إذَا عَطِبَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ فِيهَا إلَّا كِرَاءَ الزَّائِدِ فَأَوْلَى إذَا تَعَيَّبَتْ.

(ص) وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ لِانْقِضَائِهِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَارِيَّةَ إذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِعَمَلٍ كَزِرَاعَةِ أَرْضٍ بَطْنًا فَأَكْثَرُ مِمَّا لَا يَخْلُفُ كَقَمْحٍ أَوْ مِمَّا يَخْلُفُ كَقَصَبٍ أَوْ بِأَجَلٍ كَسُكْنَى دَارٍ شَهْرًا مَثَلًا فَإِنَّهَا تَكُونُ لَازِمَةً إلَى انْقِضَاءِ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ الْأَجَلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُقَيَّدَةً بِعَمَلٍ وَلَا بِأَجَلٍ كَقَوْلِهِ أَعَرْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةٍ يُنْتَفَعُ فِيهَا بِمِثْلِهَا عَادَةً لِأَنَّ الْعَادَةَ كَالشَّرْطِ وَمَحَلُّ لُزُومِ الْمُعْتَادِ فِيمَا أُعِيرَ لِغَيْرِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَوْ فِيهِمَا قَبْلَ حُصُولِهِمَا أَوْ بَعْدَ الْحُصُولِ حَيْثُ لَمْ يَدْفَعْ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَ

وَأَمَّا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ فَلَهُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ الْمُعْتَادِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ وَفِيهَا أَيْضًا قِيمَتُهُ وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِهِ أَوْ إنْ طَالَ أَوْ اشْتَرَاهُ بِغَبَنٍ كَثِيرٍ؟ تَأْوِيلَاتٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعَارَهُ أَرْضَهُ يَبْنِي فِيهَا بُنْيَانًا أَوْ يَغْرِسُ فِيهَا غَرْسًا فَلَمَّا غَرَسَ أَوْ بَنَى أَرَادَ إخْرَاجَهُ بِقُرْبِ ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَهُ وَكَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ الْبُنْيَانِ أَوْ الْغَرْسِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ فَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ فِيهَا وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ مَا وَقَعَ لِمَالِكٍ فِي هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ خِلَافٌ أَوْ لَيْسَ بِخِلَافٍ؟ فَمَنْ قَالَ خِلَافٌ اكْتَفَى بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَمَنْ قَالَ وِفَاقٌ قَالَ مَحَلُّ إعْطَاءِ الْقِيمَةِ إذَا أَخْرَجَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُؤَنَ كَالْجِيرِ وَنَحْوِهِ مِنْ عِنْدِهِ وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَ ثَمَنًا مِنْ عِنْدِهِ فَاشْتَرَى بِهِ الْمُؤَنَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ مَا أَنْفَقَ وَهَذَا تَأْوِيلُ عَبْدِ الْحَقِّ فَإِنَّهُ قَالَ يَحْتَمِلُ التَّوْفِيقَ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَهَذَا أَحَدُهَا. الثَّانِي أَنَّ مَحَلَّ دَفْعِ الْقِيمَةِ إذَا طَالَ الزَّمَانُ

ــ

[حاشية العدوي]

مَسْأَلَةَ الرَّدِيفِ عَنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَكِرَاؤُهُ أَيْ لِأَنَّ الرَّدِيفَ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي زِيَادَةِ الْحَمْلِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا تَعْطَبُ بِهِ وَعَطِبَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا أَوْ كِرَاءَهُ وَإِلَّا فَالْكِرَاءَ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذَا فِي زِيَادَةِ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا

(قَوْلُهُ وَلَزِمَتْ إلَخْ) لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ مَا إذَا انْتَفَى التَّقْيِيدُ بِالْعَمَلِ وَالْأَجَلِ وَانْتَفَى الْمُعْتَادُ وَقَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ فَقِيلَ الْمُعِيرُ بِالْخِيَارِ فِي تَسْلِيمِ ذَلِكَ وَإِمْسَاكِهِ وَإِنْ سَلَّمَ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ وَإِنْ قَرُبَ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْقَدْرُ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ أَعَارَ لِمِثْلِهِ

(قَوْلُهُ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ) أَيْ وَلَوْ بِقُرْبِ الْإِعَارَةِ لِتَفْرِيطِهِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ قَالَ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُتَنَاقِضٌ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ خِلَافُ مَا فِيهَا إلَّا أَنَّ ابْنَ يُونُسَ صَوَّبَهُ وَقَوْلُهُ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ وِفَاقٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ عَدَّهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَيْنِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فَلَوْ قَالَ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَفِيهَا لَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ إلَخْ لَأَجَادَ اهـ. وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَقَالَ عج تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَدَخَلَ فِيهِ مَا اُسْتُعِيرَ لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَمَا اُسْتُعِيرَ لِغَيْرِهِمَا كَإِعَارَةِ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ وَالْعَبْدِ لِلْخِدْمَةِ وَلَكِنْ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّ الْمُعْتَادَ لَا يَلْزَمُ فِيمَا أُعِيرَ لِغَيْرِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَلَا فِيمَا أُعِيرَ لِبِنَاءٍ وَغَرْسٍ قَبْلَ حُصُولِهِمَا وَأَمَّا بَعْدُ فَيَلْزَمُ الْمُعْتَادُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَوْ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ إلَخْ فَظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَهُوَ مَا اُسْتُعِيرَ لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَحَصَلَا وَأَنَّ قَوْلَهُ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي قُوَّةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ اهـ.

وَتَبِعَهُ عب إذَا عَلِمْتَ مَا قَالَهُ الْحَطَّابُ فَلَا يَظْهَرُ مَا قَالَهُ عج وَلَا مَا قَالَهُ شَارِحُنَا فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لِمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ.

(تَنْبِيهٌ) : مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ إلَخْ بِخِلَافِ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ شَخْصٍ أَرْضًا بَرَاحًا مُدَّةً طَوِيلَةً كَتِسْعِينَ سَنَةٍ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ وَغَرَسَ وَبَنَى فِيهَا ثُمَّ مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَأَرَادَ الْمُؤَجِّرُ إخْرَاجَ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَدْفَعُ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إبْقَاءُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِي أَرْضِهِ وَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَنَصَّ عَلَى هَذَا فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَوْ إنْ طَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ الضَّمِيرُ فِي قِيمَتِهِ لَيْسَ رَاجِعًا لِمَا أَنْفَقَ بَلْ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْغَرْسُ وَالْبِنَاءُ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَأْوِيلُ عَبْدِ الْحَقِّ) أَيْ مَعَ بَاقِي التَّأْوِيلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ قَالَ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ كُلَّهَا لِعَبْدِ الْحَقِّ أَقُولُ كَيْفَ هَذَا وَقَدْ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَقِيلَ مَا أَنْفَقَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغَابُنٌ أَوْ كَانَ فِيهِ تَغَابُنٌ يَسِيرٌ وَمَرَّةً رَأَى الْقِيمَةَ أَعْدَلَ إذْ قَدْ يُسَامِحُ مَرَّةً فِيمَا يَشْتَرِي بِهِ وَمَرَّةً يُغْبَنُ فِيهِ قَالَهُ أَيْ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ فَهُوَ عَلَى هَذَا خِلَافٌ لَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ عَبْدَ الْحَقِّ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْخِلَافِ لَا عَلَى الْوِفَاقِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْوِفَاقِ ابْنُ رُشْدٍ

(قَوْلُهُ إذَا طَالَ الزَّمَانُ إلَخْ) أَيْ فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقِيمَةَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ قَلِيلَةٌ هَذَا كَلَامٌ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى غَيْرَ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ ذَكَرَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ

فَقَالَ هَذَا التَّأْوِيلُ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ عَكْسُهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْبِنَاءِ أَيْ تَمَامَهُ وَيَوْمَ الْغَرْسِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَعَ الطُّولِ يَبْعُدُ مَعْرِفَةُ صِفَةِ الْبِنَاءِ وَيَتَعَسَّرُ وَمَعَ الْقُرْبِ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فَالْوَاجِبُ أَنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ مَعَ الطُّولِ ثَمَنَ

ص: 126

لِأَنَّ الْبِنَاءَ يَتَغَيَّرُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ إذَا طَالَ زَمَنُهُ وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ مَا أَنْفَقَ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنَّ مَحَلَّ دَفْعِ الْقِيمَةِ إذَا اشْتَرَى الْمُؤَنَ بِغَبْنٍ كَثِيرٍ وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ اشْتَرَى ذَلِكَ بِغَبْنٍ أَصْلًا أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ مَا أَنْفَقَ وَإِذَا أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْبِنَاءِ قَائِمًا فَمَعْنَاهُ عَلَى التَّأْبِيدِ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَدْخُلْ مَعَ الْمُعِيرِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمَّا كَانَ مُجَوِّزًا أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا كَانَ لَهُ الْقِيمَةُ عَلَى التَّأْبِيدِ.

(ص) وَإِنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ فَكَالْغَصْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعَارَ شَخْصًا أَرْضَهُ لِيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ غَرْسًا إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ الْمُشْتَرَطَةُ أَوْ الْمُعْتَادَةُ فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغَاصِبِ فَإِنْ شَاءَ رَبُّهَا أَمَرَ بِقَلْعِ بِنَائِهِ أَوْ شَجَرِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ أَوْ أَمَرَهُ بِإِبْقَاءِ مَا فَعَلَ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ ذَلِكَ مَنْقُوضًا بَعْدَ أَنْ يُحَاسِبَهُ بِأُجْرَةِ مَنْ يُسَوِّي الْأَرْضَ وَيَسْقُطُ مِنْ الْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ مِنْ شَأْنِهِ تَوَلِّي هَدْمِ أَوْ قَلْعِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَبِيدِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَةَ مَا ذَكَرَ كَامِلَةً مِنْ غَيْرِ إسْقَاطِ مَنْ يُسَوِّي الْأَرْضَ وَشَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ الْمُسْتَعِيرَ بِمَسْأَلَةِ الْغَاصِبِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِي بَابِ الْغَصْبِ بِقَوْلِهِ وَفِي بِنَائِهِ فِي أَخْذِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ نَقْضِهِ بَعْدَ سُقُوطِ كُلْفَةٍ لَمْ يَتَوَلَّهَا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ لِشُهْرَتِهَا وَإِنَّمَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ كَالْغَاصِبِ مَعَ أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ لِتَحْدِيدِهِ بِزَمَنٍ قَدْ انْقَضَى.

(ص) وَإِنْ ادَّعَاهَا الْآخِذُ وَالْمَالِكُ الْكِرَاءَ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَأْنَفَ مِثْلُهُ عَنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَكِبَ دَابَّةً لِرَجُلٍ إلَى مَكَانِ كَذَا وَرَجَعَ بِهَا فَقَالَ أَخَذْتُهَا مِنْكَ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَقَالَ رَبُّهَا بَلْ اكْتَرَيْتَهَا مِنِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ أَنَّهُ أَكْرَاهَا لَهُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَمَّا بِاعْتِبَارِ لُزُومِ الْعَقْدِ فَلَا كَلَامَ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْأُجْرَةِ فَإِنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ أُجْرَةً وَإِلَّا رُدَّ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ انْتَهَى إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ مِثْلُهُ لَا يَكْرِي الدَّوَابَّ لِشَرَفِهِ وَعُلُوِّ مَقَامِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ حِينَئِذٍ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ بِيَمِينٍ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْكِرَاءَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ أَكْرَاهَا بِهِ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ أُجْرَةَ مِثْلِهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي رَكِبَهَا إلَيْهِ وَمِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا إذَا أَسْكَنَهُ مَعَهُ فِي دَارِ سُكْنَاهُ وَأَمَّا إنْ أَسْكَنَهُ بِغَيْرِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا أَنَّهُ أَكْرَاهَا وَلَا يُرَاعَى كَوْنُ مِثْلِهِ ذَا قَدْرٍ وَرِفْعَةٍ أَمْ لَا وَمِثْلُ دَارِ سُكْنَاهُ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ الثِّيَابُ وَالْآنِيَةُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(ص) كَزَائِدِ الْمَسَافَةِ إنْ لَمْ يَزِدْ (ش) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ بِيَمِينٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُعِيرَ وَالْمُسْتَعِيرَ إذَا اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُعِيرُ أَعَرْتُكَ مَنَافِعَ دَابَّتِي مَثَلًا مِنْ مِصْرَ إلَى الْعَقَبَةِ وَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْأَزْلَمِ فَإِنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا قَبْلَ رُكُوبِ النِّهَايَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ أَنْ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ النِّهَايَةَ أَوْ بَعْضَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِ الْكِرَاءِ إنْ رَجَعَتْ وَفِي نَفْيِ الضَّمَانِ إنْ هَلَكَتْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَعِيرِ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ النِّهَايَةَ أَيْ رَكِبَ

ــ

[حاشية العدوي]

مَا أَنْفَقَ وَمَعَ عَدَمِهِ الْقِيمَةَ عَكْسَ هَذَا التَّأْوِيلِ وَأُجِيبَ بِمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ بِأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْجِدَارُ بَاقِيًا وَلَوْ حَصَلَ ضَعْفُ قُوَّةٍ عَنْ حَالِهِ جَدِيدًا أَوْ هَدْمٌ يَسِيرٌ لَا يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ صِفَتِهِ جَدِيدًا وَأَمَّا إذَا حَصَلَ فِيهِ مِنْ الْهَدْمِ مَا يَمْنَعُ صِفَتَهُ جَدِيدًا فَالرُّجُوعُ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ) عِبَارَتُهُ فِي تَوْضِيحِهِ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَقِيلَ مَا أَنْفَقَ إذَا كَانَ بِالْقُرْبِ جِدًّا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَقِيمَةُ مَا أَنْفَقَ إذَا طَالَ الْأَمَدُ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ بِانْتِفَاعِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ بَعْضٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ إذْ الْمُسْتَعِيرُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى مُدَّةٍ ثُمَّ يَخْرُجُ وَأَمَّا تَجْوِيزُهُ لِمَا ذَكَرَ فَهُوَ مِنْ بَابِ الطَّمَعِ فَلَا يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ وَقَالَ عج وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْبِيدِ الْمُدَّةُ الْمُعْتَادَةُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ

(قَوْلُهُ فَكَالْغَصْبِ) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَلَوْ اشْتَرَطَ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّ الْمُدَّةَ إذَا انْقَضَتْ لَا يَكُونُ كَالْغَاصِبِ فَالظَّاهِرُ أَنْ يَعْمَلَ بِالشَّرْطِ كَالْمُسْتَأْجِرِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ ذَلِكَ مَنْقُوضًا) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ

(قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَاهَا الْآخِذُ) بَقِيَ عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ مَا إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِعَارَةَ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الشِّرَاءَ لَهَا فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى عَدَمَ الْبَيْعِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ) فَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْكِرَاءَ بِنُكُولِهِ (قَوْلُهُ أَمَّا بِاعْتِبَارِ لُزُومِ الْعَقْدِ فَلَا كَلَامَ) أَيْ فِي أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي كَوْنِ الْعَقْدِ عَقْدَ إجَارَةٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ) هَذَا ذَكَرَهُ تت وَنَحْوُهُ لِبَهْرَامَ عَنْ أَشْهَبَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ وَالْأَقْرَبُ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَأْنَفُ مِثْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَالِكُ وَأَخَذَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْكِرَاءِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْتُ مُحَشِّي تت صَرَّحَ بِأَنَّهُ فِي النَّوَادِرِ وَذَكَرَ نَصَّهَا لَكِنَّهُ قَالَ اُنْظُرْ قَوْلَ أَشْهَبَ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ اهـ.

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَزِدْ) صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ رُكُوبٌ أَصْلًا أَوْ اُخْتُلِفَ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَافَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُعِيرُ أَوْ فِي آخِرِهَا لَكِنْ إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ خُيِّرَ الْمُسْتَعِيرُ بَيْنَ أَنْ يَرْكَبَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ أَوْ يَتْرُكَ فَإِنْ خِيفَ مِنْهُ أَنْ يَتَعَدَّى الْمَسَافَةَ تَوَثَّقَ مِنْهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا إلَيْهِ لِئَلَّا يَرْكَبَ مَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَعِيرِ إلَخْ) ثُمَّ إنْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ أَكْثَرَ مِمَّا زَادَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا فِيمَا زَادَهُ فَقَطْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْبَاقِي وَإِنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ، حَلَفَ الْآخَرُ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ) صَرَّحَ بِذَلِكَ رَدَّ الْقَوْلَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ فَقَطْ لَا فِي نَفْيِ الْكِرَاءِ

ص: 127

الْمَسَافَةَ الَّتِي فَوْقَ دَعْوَى الْمُعِيرِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَقَوْلُهُ (ص) وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ (ش) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ إنْ لَمْ يَزِدْ وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ لَهُ وَإِنْ زَادَ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ لَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ: وَإِنْ بَعَثَتْ إلَيْهِ بِمَالٍ فَقَالَ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيَّ وَأَنْكَرَتْ فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضٌ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْعَارِيَّةِ إنَّمَا شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الرَّسُولَ لَمَّا قَبَضَ الْعَارِيَّةَ مِنْ الْمُعِيرِ فَكَأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَعِيرُ الْقَابِضُ فَقَدْ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ أَيْ أَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ وَمِثْلُ مَا هُنَا شَهَادَةُ الْأَمِينِ بَعْدَ الْمَانِعِ بِحَوْزِ الرَّهْنِ فِي أَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَالتَّعْلِيلُ فِي هَذِهِ ظَاهِرٌ.

(ص) كَدَعْوَاهُ رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْ (ش) تَشْبِيهٌ فِي تَصْدِيقِ دَعْوَى الْمُسْتَعِيرِ أَيْضًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ الْعَارِيَّةَ الَّتِي لَا يُغَابُ عَلَيْهَا إلَى صَاحِبِهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الضَّيَاعِ وَالتَّلَفِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ إلَى مَنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ رَدَّ الْعَارِيَّةَ الَّتِي لَا يُغَابُ عَلَيْهَا مَعَ عَبْدِهِ أَوْ مَعَ رَسُولِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَتَلِفَتْ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَادَةَ النَّاسِ جَارِيَةٌ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ضَيَاعَهَا أَوْ تَلَفَهَا إلَّا بِقَوْلِ الرَّسُولِ وَأَمَّا إذَا ادَّعَى رَدَّ الْعَارِيَّةِ الَّتِي يُغَابُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا بِبَيِّنَةٍ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَهَذَا التَّقْرِيرُ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَنَحْوِهِ فِي شَرْحِهِ وَصَرَّحَ فِي الشَّامِلِ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَى الْمُسْتَعِيرِ رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَضْمَنْ هُنَا مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَيْثُ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ وَمَا شَابَهَهَا قِيلَ لَمَّا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مَعْرُوفًا اُغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي غَيْرِهَا فَجَعَلُوا قَبُولَ قَوْلِهِ مِنْ تَمَامِ الْمَعْرُوفِ.

(ص) وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ لِاسْتِعَارَةِ حُلِيٍّ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ مُرْسِلُهُ إنْ صَدَّقَهُ وَإِلَّا حَلَفَ وَبَرِئَ ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّسُولَ إذَا أَتَى إلَى قَوْمٍ فَقَالَ لَهُمْ أَرْسَلَنِي فُلَانٌ لِأَسْتَعِيرَ لَهُ مِنْكُمْ حُلِيًّا فَصَدَّقُوهُ وَدَفَعُوا لَهُ مَا طَلَبَهُ مِنْهُمْ ثُمَّ إنَّهُ تَلِفَ مِنْهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَإِنْ قَالَ أَوْصَلْتُهُ لَهُمْ فَإِنْ صَدَّقَهُ مَنْ أَرْسَلَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُضْمَنُ وَيَبْرَأُ الرَّسُولُ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ لِاسْتِعَارَةِ مَا ذَكَرَ فَإِنَّ الْمُرْسِلَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا أَرْسَلَهُ وَيَبْرَأُ ثُمَّ يَحْلِفُ الرَّسُولُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ أَرْسَلَهُ وَيَبْرَأُ وَتَكُونُ الْعَارِيَّةُ هَدَرًا أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَوْلُهُ وَتَلِفَ عَطْفٌ عَلَى مُرْسَلٌ أَيْ وَزَعَمَ أَنَّهُ تَلِفَ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ تَلَفُهُ وَقَدْ صَدَّقَهُ الْمُرْسِلُ عَلَى الْإِرْسَالِ فَلَا ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ مُوجِبِ الضَّمَانِ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ وَاوُ الْحَالِ وَمَفْهُومُ حُلِيٍّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا لَا يُضْمَنُ كَالدَّابَّةِ مَثَلًا فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْعَدَاءِ.

(ص) وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْعَدَاءِ ضَمِنَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّسُولَ إذَا اعْتَرَفَ بِالتَّعَدِّي فِي أَخْذِ الْعَارِيَّةِ وَتَلِفَتْ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا عَاجِلًا وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ يَوْمًا مَا لَا فِي رَقَبَتِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا) لَكِنْ إذَا رَكِبَ الْبَعْضَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِيمَا رَكِبَ فَقَطْ لَا فِيمَا بَقِيَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِرَسُولٍ إلَخْ) قَالَ بَهْرَامُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُعَارُ قَبَضَهُ رَسُولُ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ قَبَضَهُ الْمُسْتَعِيرُ نَفْسُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مُصَدِّقًا لِلْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُعِيرِ أَوْ مُكَذِّبًا لَهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ رَسُولُ الْمُسْتَعِيرِ لَا تَظْهَرُ الْمُبَالَغَةُ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمُسْتَعِيرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ فِعْلَ الرَّسُولِ هُوَ إتْيَانُهُ بِالدَّابَّةِ مِنْ الْمُعِيرِ لِأَنَّ فِعْلَهُ السَّيْرُ لِأَزْيَدَ مِنْ الْمَسَافَةِ وَأَجَابَ عج بِأَنَّ الْمُرَادَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ اللَّفْظُ الصَّادِرُ مِنْهُ وَسَمَّاهُ فِعْلًا لِأَنَّهُ فِعْلُ اللِّسَانِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى الصِّيغَةِ وَهِيَ كَوْنُهَا صَدَقَةً فَلِذَا صَحَّتْ شَهَادَتُهُ وَإِذَا تَأَمَّلْتَ تَجِدُ الشَّاهِدَ هُنَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقْبَلْ وَفِي بَابِ الْوَدِيعَةِ شَهِدَ عَلَيْهِ وَقُبِلَ مَعَ أَنَّهُ رَسُولٌ فِي الصُّورَتَيْنِ فَيُقَالُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ لَا يَنْفَعُ أَصْلًا لِأَنَّ قَوْلَهُ إنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ لَا يُسَلَّمُ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الرَّسُولَ مُخَالِفٌ لِلْمُسْتَعِيرِ فَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا لَهُ (قَوْلُهُ بِحَوْزِ الرَّهْنِ) أَيْ شَهَادَتُهُ بِأَنَّهُ حَازَ الرَّهْنَ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ فِي هَذِهِ ظَاهِرٌ) أَيْ مَسْأَلَةِ الْأَمِينِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَلِذَا احْتَاجَ لِلتَّأْوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ فِي رَدِّ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ لَا فِيمَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَبَضَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ لَهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ) وَحَاصِلُ مَا نَقَلَهُ مُحَشِّي تت أَنَّ مَا قَالَهُ ضَعِيفٌ وَأَنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ فَقَدْ قَالَ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ لَا يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ أَنْكَرُوا الْإِرْسَالَ أَوْ لَا الْأَوَّلُ مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الثَّانِي فَالرَّسُولُ دَفَعَ لِغَيْرِ الْيَدِ الَّتِي دَفَعَتْ إلَيْهِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَيَغْرَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ صَرَّحَ بِهِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَقَوْلُ الزَّرْقَانِيِّ إنْ أَقَرُّوا بِالْإِرْسَالِ ضَمِنُوا غَيْرُ ظَاهِرٍ

(قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ) أَيْ إمَّا عَاطِفَةٌ وَإِمَّا الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا تَلِفَتْ أَيْ بِالزَّعْمِ لَا بِالْبَيِّنَةِ لِيَتَوَافَقَ الْعَطْفُ وَالْحَالِيَّةُ (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ) أَيْ كَمَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْسِلِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْسِلِ عِنْدَ التَّصْدِيقِ لِأَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ أَوَّلًا فِي الْمُرْسِلِ وَالرَّسُولُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ وَالسَّيِّدُ إسْقَاطُهُ

ص: 128