الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ لَا ذِي شُرْطَةٍ وَلَا ذِي كَنَفٍ أَخَاهُ وَقَوْلُهُ أَوْ أَبٍ إلَخْ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ ذِي شُرْطَةٍ.
ثُمَّ خَتَمَ الْبَابَ بِمَسْأَلَةٍ وَارِدَةٍ عَلَى قَوْلِهِ وَأُفْرِدَ كُلُّ نَوْعٍ وَلِذَا نَسَبَهَا لِلْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ (ص) وَفِيهَا قَسْمُ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ إنْ اعْتَدَلَا وَهَلْ هِيَ قُرْعَةٌ لِلْقِلَّةِ أَوْ مُرَاضَاةٌ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) هُنَا حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَفِيهَا جَوَازُ قَسْمِ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ إنْ اعْتَدَلَا فِي الْقَسْمِ وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الْقُرْعَةُ هُنَا فِيمَا اخْتَلَفَ جِنْسُهُ لِلْقِلَّةِ وَهِيَ لَا يُمْنَعُ دُخُولُهَا فِيمَا ذُكِرَ حَيْثُ كَانَ قَلِيلًا كَمَا يُمْنَعُ إذَا كَثُرَ حِفْظًا لِلْقَاعِدَةِ وَهَذَا فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ لِقَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَا وَاعْتَذَرُوا عَنْ قَوْلِهِ فِيهَا تَرَاضَيَا أَيْ بِالِاسْتِهَامِ لِقَوْلِهَا بَعْدُ وَإِنْ تَرَكُوهَا لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهَا وَلِقَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ الْوَاقِعَةَ فِيهَا مُرَاضَاةٌ وَاعْتَذَرُوا عَنْ قَوْلِهَا اعْتَدَلَا بِأَنَّ التَّرَاضِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاعْتِدَالُ بِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى بَيْعٍ لَا غَبَنَ فِيهِ تَأْوِيلَانِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ لَمْ يَعْتَدِلَا فِي الْقَسْمِ لَمْ يَجُزْ وَقَوْلُهُ اعْتَدَلَا أَيْ نَوْعَا الشَّجَرِ وَالْوَاجِبُ اعْتَدَلَتَا وَقَوْلُهُ لِلْقِلَّةِ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَأُجِيزَتْ لِلْقِلَّةِ.
(بَابٌ) يَتَكَلَّمُ فِيهِ عَلَى صِفَةِ الْقِرَاضِ وَأَحْكَامِهِ وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ فِي الْقِرَاضِ قَسْمُ الرِّبْحِ بَيْنَ الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقَطْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَطَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِقِطْعَةِ مِنْ الرِّبْحِ هَذَا اسْمُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ لَا يَقُولُونَ قِرَاضًا أَلْبَتَّةَ وَلَا عِنْدَهُمْ كِتَابُ الْقِرَاضِ وَإِنَّمَا يَقُولُونَ مُضَارَبَةً وَكِتَابُ الْمُضَارَبَةِ أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: 101] وَمِنْ قَوْله تَعَالَى {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ} [المزمل: 20] وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ مَالَهُ عَلَى الْخُرُوجِ بِهِ إلَى الشَّامِ وَغَيْرِهَا فَيَبْتَاعُ الْمَتَاعَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَلَا خِلَافَ فِي «جَوَازِ الْقِرَاضِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم فِي الْإِسْلَامِ» لِأَنَّ الضَّرُورَةَ دَعَتْ إلَيْهِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَقْدِرُ عَلَى التَّنْمِيَةِ بِنَفْسِهِ، وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ تَمْكِينُ مَالٍ لِمَنْ يَتَّجِرُ بِهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ فَيَدْخُلُ بَعْضُ الْفَاسِدِ كَالْقِرَاضِ بِالدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَيَخْرُجُ عَنْهُ قَوْلُهَا قَالَ مَالِكٌ مَنْ أَعْطَى
ــ
[حاشية العدوي]
[مَسْأَلَة قَسْمُ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ إنْ اعْتَدَلَا وَهَلْ هِيَ قُرْعَةٌ لِلْقِلَّةِ أَوْ مُرَاضَاةٌ]
(قَوْلُهُ وَلِذَا نَسَبَهَا لِلْمُدَوَّنَةِ) أَيْ لِأَجْلِ الْوُرُودِ نَسَبَهَا أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَذْكُرُ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ اسْتِشْكَالًا أَوْ اسْتِشْهَادًا. (قَوْلُهُ قَسْمِ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ) أَيْ نَخْلَةٍ مِنْ طَرَفٍ وَزَيْتُونَةٍ مِنْ طَرَفٍ (قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) وَهُوَ مَا اخْتَلَفَ جِنْسُهُ (قَوْلُهُ كَمَا يُمْنَعُ إذَا كَثُرَ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ دُخُولُهَا فِيمَا ذُكِرَ إذَا كَانَ كَثِيرًا، وَقَوْلُهُ حِفْظًا لِلْقَاعِدَةِ هِيَ أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ تَجَانَسَ (قَوْلُهُ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ) أَيْ كَوْنُهَا قِسْمَةَ قُرْعَةٍ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ إنَّمَا يَكُونُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ نَذْكُرُ لَك لَفْظَهَا: قُلْت فَإِنْ كَانَتْ نَخْلَةٌ وَزَيْتُونَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ هَلْ يَقْسِمَانِهِمَا قَالَ إنْ اعْتَدَلَتَا فِي الْقَسْمِ وَتَرَاضَيَا بِذَلِكَ قُسِمَتَا بَيْنَهُمَا يَأْخُذُ هَذَا وَاحِدَةً وَهَذَا وَاحِدَةً وَإِنْ كَرِهَا لَمْ يُجْبَرَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَاعْتَذَرُوا إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى قَوْلِهِمْ قَسْمُ قُرْعَةٍ قَوْلُهَا تَرَاضَيَا فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا قِسْمَةُ تَرَاضٍ لَا قُرْعَةٍ وَحَاصِلُ الِاعْتِذَارِ أَنَّ الْمُرَادَ تَرَاضَيَا بِالِاسْتِهَامِ أَيْ بِالِاقْتِرَاعِ بِأَنْ يَقْتَسِمُوا قِسْمَةَ قُرْعَةٍ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهَا بَعْدُ وَإِنْ تَرَكُوهَا لَمْ يُجْبَرُوا) أَيْ فَإِنَّ نَفْيَ الْجَبْرِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا شَأْنُهُ الْجَبْرُ وَهُوَ قِسْمَةُ قُرْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ الْآبِي لِلطَّالِبِ كَمَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا وَإِنْ تَرَكَهَا بَعْضُهُمْ وَطَلَبَهَا بَعْضُهُمْ لَمْ يُجْبَرْ الْآبِي لِلطَّالِبِ فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ يُجْبَرُ الْآبِي لِلطَّالِبِ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ غَيْرَ مَا هُنَا إلَّا أَنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ، وَقَوْلُهُ وَلِقَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَا أَيْ وَالِاعْتِدَالُ إنَّمَا شَأْنُهُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ ثُمَّ أَقُولُ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ إنْ اعْتَدَلَا أَيْ لِأَنَّهُ الَّذِي جُعِلَ مُوجِبًا لِلْحَمْلِ عَلَى قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ الْوَاقِعَةَ فِيهَا مُرَاضَاةٌ) أَيْ مِنْ قَوْلِهَا تَرَاضَيَا الْمُشْعِرِ بِالرِّضَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ الَّذِي يَكُونُ فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ (قَوْلُهُ وَاعْتَذَرُوا عَنْ قَوْلِهَا اعْتَدَلَا) أَيْ عَنْ إيرَادِ قَوْلِهَا اعْتَدَلَا، وَقَوْلُهُ بِأَنَّ التَّرَاضِيَ تَصْوِيرٌ لِلْوُرُودِ، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُمَا إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِاعْتَذَرُوا وَسَكَتَ عَنْ إيرَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ تَرَكُوهَا لَمْ يُجْبَرُوا؛ لِأَنَّ وُرُودَهُ مِنْ حَيْثُ الْإِشْعَارُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ خَفِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى بَيْعٍ لَا غَبَنَ فِيهِ) أَيْ بَيْعًا حُكْمًا أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ كَبَيْعٍ (قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ) أَيْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَيْ إنَّمَا احْتَجْنَا إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُعَبَّرَ بِاعْتَدَلَتَا فَانْدَفَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّذْكِيرَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا نَوْعَا الشَّجَرِ أَيْ نَوْعَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَرِ.
[بَاب الْقِرَاض]
. (بَابُ الْقِرَاضِ)(قَوْلُهُ عَلَى صِفَةِ الْقِرَاضِ) أَيْ حَقِيقَتِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَأَحْكَامِهِ) أَيْ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ (قَوْلُهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ) أَيْ اُشْتُقَّ الْمَصْدَرُ الْمَزِيدُ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُجَرَّدِ، وَقَوْلُهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ أَيْ سُمِّيَ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ بِالْقِرَاضِ (قَوْلُهُ أَخَذُوا ذَلِكَ) أَيْ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ وَوَجْهُ الْأَخْذِ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ وَجْهَ الْأَخْذِ أَنَّ تِلْكَ الْعُقْدَةَ الشَّأْنُ فِيهَا أَنَّهَا مُحْتَوِيَةٌ عَلَى سَيْرٍ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ) يَظْهَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ بِبَادِئِ الرَّأْيِ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِيَبْتَاعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْخُرُوجِ وَكَأَنَّهُ قَالَ كَأَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ مَالَهُ عَلَى شَرْطِ الْخُرُوجِ بِهِ إلَى الشَّامِ وَغَيْرِهَا فَيَبْتَاعُ الْمَتَاعَ، وَرُبَّمَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الشَّرْطِ أَيْ شَرْطِ أَنَّ لَهُ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَصْلُهَا لِلْحَطَّابِ وَلَيْسَ فِيهَا مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ شَرْطُ جُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ فَتَأَمَّلْ لَعَلَّك تَطَّلِعْ (قَوْلُهُ تَمْكِينُ مَالٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظٌ بَلْ تَكْفِي الْمُعَاطَاةُ (قَوْلُهُ لَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ) وَأَمَّا إذَا كَانَ بِلَفْظِ إجَارَةٍ فَتَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ بَعْضُ الْفَاسِدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ كُلُّ الْفَاسِدِ بَلْ بَعْضُهُ
رَجُلًا مَالًا يَعْمَلُ لَهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ.
وَسَيَأْتِي أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ لَهُ إنْ لَمْ يَنْفِهِ وَلَمْ يُسَمِّ قِرَاضًا فَإِنْ سَمَّاهُ قِرَاضًا أَوْ نَفَى الضَّمَانَ عَنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ وَتَسْمِيَةُ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا قِرَاضًا مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ وَعَقْدُ الْقِرَاضِ غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ عَقْدٌ عَلَى تَمْكِينِ إلَخْ وَعَرَّفَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) الْقِرَاضُ تَوْكِيلٌ عَلَى تَجْرٍ فِي نَقْدٍ مَضْرُوبٍ مُسَلَّمٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُمَا (ش) عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَوْكِيلٌ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ وَالْعَامِلَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ فَعُلِمَ مِنْهُ حُرْمَةُ مُقَارَضَةِ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ وَهُوَ قَوْلٌ وَالْمَذْهَبُ الْكَرَاهَةُ إذَا لَمْ يَعْمَلْ بِمُحَرَّمٍ كَالرِّبَا ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْقِرَاضِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ لِقَوْلِهِ تَوْكِيلٌ، وَأَمَّا مَا فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ إنْ أَرَادَ أَوْ الْعَامِلُ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَمَالُ الْقِرَاضِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ هُنَا الْمَعْنَى الِاسْمِيُّ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ ذُو تَوْكِيلٍ أَيْ مَالٍ ذُو تَوْكِيلٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ عَلَى تَجْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مَا عَدَا الشَّرِكَةَ، وَالتَّجْرُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِتَحْصِيلِ الرِّبْحِ وَقَوْلُهُ فِي نَقْدٍ خَرَجَتْ الشَّرِكَةُ لِجَوَازِهَا بِمَا هُوَ أَعَمُّ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَجْرٍ وَفِي بِمَعْنَى الْبَاءِ فَالنَّقْدُ مُتَّجَرٌ بِهِ لَا فِيهِ، وَالْبَاءُ بَاءُ الِاسْتِعَانَةِ أَوْ الْآلَةِ أَيْ مُسْتَعَانًا بِهِ عَلَى التَّجْرِ أَوْ هُوَ آلَةُ التَّجْرِ وَمُتَعَلِّقُ تَجْرٍ مَحْذُوفٌ أَيْ فِي كُلِّ نَوْعٍ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُرَادَ عَلَى تَجْرٍ مُطْلَقٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَيَخْرُجُ التَّجْرُ الْمُقَيَّدُ الْفَاسِدُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَضْرُوبٌ عَنْ التِّبْرِ وَالْفُلُوسِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُسَلَّمٍ عَمَّا لَوْ قَارَضَهُ بِالدَّيْنِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي، وَقَوْلُهُ بِجُزْءٍ مُتَعَلِّقٌ بِتَجْرٍ أَوْ تَوْكِيلٍ وَهُوَ أَوْلَى وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ شَائِعًا وَلَمَّا كَانَ الْجُزْءُ فِي الْمُسَاقَاةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَخْلَةٍ أَوْ عَدَدٍ مِنْ نَخَلَاتٍ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةِ شَائِعٍ وَالْمُرَادُ فِي الْحَائِطِ، فَيَخْرُجُ مَا قُلْنَاهُ بِخِلَافِ الْجُزْءِ هُنَا فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ تَعْيِينٌ
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ رِبْحِهِ مِمَّا إذَا جَعَلَ لِلْعَامِلِ جُزْءًا مِنْ رِبْحِ غَيْرِ الْمَالِ الْمُتَّجَرِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا جُعِلَ فِيهِ الرِّبْحُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا لَيْسَ بِقِرَاضٍ حَقِيقَةً وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُمَا أَيْ قَدْرُ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ وَالْجُزْءِ الْمُشْتَرَطِ لِلْعَامِلِ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِرَأْسِ الْمَالِ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِالرِّبْحِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهُ صُرَّةً مَجْهُولَةَ الْوَزْنِ يَعْمَلُ بِهَا، ثُمَّ بَالَغَ عَلَى الْجَوَازِ
ــ
[حاشية العدوي]
؛ لِأَنَّ الْحَقَائِقَ تَشْمَلُ صَحِيحَهَا وَفَاسِدَهَا مَعَ أَنَّهُ يَتَرَاءَى دُخُولُ جَمِيعِ الْفَاسِدِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِلَفْظِ إجَارَةٍ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ إجَارَةً فَاسِدَةً هُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَرُبَّمَا يَقَعُ فِي الْوَهْمِ ابْتِدَاءً أَنَّهُ إذَا كَانَ ضَمَانٌ عَلَى الْعَامِلِ يَكُونُ بِهِ بَأْسٌ أَيْ لَا يَكُونُ جَائِزًا مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ
وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ فَلَا مَانِعَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَنْ لَهُ الْغُنْمُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي إلَخْ) أَتَى بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ نَفْيَ الضَّمَانِ عَلَى الْعَامِلِ لَا يَتَقَيَّدُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ مَجَازٌ) إمَّا مَجَازٌ اسْتِعَارَةٌ أَوْ مُرْسَلٌ عَلَاقَتُهُ الْإِطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ أَوْ التَّقْيِيدُ فَقَطْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ غَيْرُ لَازِمٍ) أَيْ فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْحَلَّ عَنْ تِلْكَ الْعُقْدَةِ، وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَيْ الَّذِي هُوَ شِرَاءُ الْأَمْتِعَةِ بِمَالِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ عَقَدَ عَلَى تَمْكِينٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ عَقَدَ لَأَفَادَ اللُّزُومَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِمَا كَانَ لَازِمًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا يُصَرَّحُ بِمَا يُفِيدُ عِنْدَ اللُّزُومِ كَقَوْلِهِ فِي بَابِ الْمُزَارَعَةِ وَلِكُلٍّ فَسْخُهَا إنْ لَمْ يَبْذُرْ (قَوْلُهُ فِي نَقْدٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِمَا يُتَعَامَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ النَّقْدِ، وَلَوْ انْفَرَدَ التَّعَامُلُ بِهِ كَالْوَدْعِ فِي بِلَادِ السُّودَانِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مُورِدِهَا، وَقَوْلُهُ مَضْرُوبٌ أَيْ ضَرْبًا يُتَعَامَلُ بِهِ فِي ذَلِكَ لَا بِمَضْرُوبٍ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ كَمَا فِي غَالِبِ بِلَادِ السُّودَانِ (قَوْلُهُ مُسَلَّمٍ) أَيْ بِدُونِ أَمِينٍ عَلَيْهِ لَا إنْ جَعَلَ عَلَيْهِ أَمِينًا فَإِنَّ تَسْلِيمَهُ حِينَئِذٍ كَلَا تَسْلِيمٍ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ مِنْهُ حُرْمَةُ) أَيْ وَأَمَّا عَكْسُهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) أَيْ مُجَارَاةً عَلَى مَا هُنَا أَنْ يُرَادَ مِنْ الْقِرَاضِ الْفِعْلُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْقِرَاضِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ الْمَالُ بَلْ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْقِرَاضِ هُنَا الْمَالُ وَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ذُو تَوْكِيلٍ ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ لِتَسْتَقِيمَ الْعِبَارَةُ وَكَأَنَّهُ قَالَ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْقِرَاضِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَلَا حَذْفَ وَأَمَّا فِي بَابِ الزَّكَاةِ إلَخْ
(قَوْلُهُ خَرَجَتْ الشَّرِكَةُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي نَقْدٍ لَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَالنَّقْدُ مُتَّجَرٌ بِهِ لَا فِيهِ) أَيْ وَالْمُتَّجَرُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الْأَمْتِعَةُ مِنْ عَرْضٍ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ أَنَّ التَّجْرَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فَكَمَا أَنَّ التَّجْرَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَمْتِعَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مُثَمَّنًا فَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِالدَّرَاهِمِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا ثَمِينًا (قَوْلُهُ أَوْ الْآلَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ بَاءَ الْآلَةِ هِيَ بَاءُ الِاسْتِعَانَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِهِ يَتَبَيَّنُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى تَجْرٍ مُطْلَقٍ (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ التَّجْرُ الْمُقَيَّدُ) أَيْ بِنَوْعٍ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ مَا لَمْ يُوجَدْ فِي كُلِّ الْعَامِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَوْلَى) وَذَلِكَ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِتَوْكِيلٍ يُؤْذِنُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْجُزْءَ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ تَعَلُّقِهِ بِتَجْرٍ بَلْ إذَا تَأَمَّلْت تَجِدُ تَعَلُّقَهُ بِتَجْرٍ أَوْلَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ إنَّمَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ التَّجْرِ وَيُؤْذِنُ قَطْعًا بِأَنَّ الْجُزْءَ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ شَائِعًا) أَيْ لَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ رِبْحِهِ كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَيْ إلَّا أَنْ يَنْسُبَهَا بِقَدْرٍ سَمَّاهُ مِنْ الرِّبْحِ كَلَكَ عَشَرَةٌ إنْ كَانَ الرِّبْحُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عُشْرِ الرِّبْحِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةِ شَائِعٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِرَأْسِ الْمَالِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ اشْتِرَاطَ عِلْمِ قَدْرِ الرِّبْحِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ عِلْمِ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَلَمْ يَظْهَرْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ اشْتِرَاطَ عِلْمِ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ لِيُعْلَمَ قَدْرُ الرِّبْحِ
(أَقُولُ) وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَيْسَ مُحَدَّدًا بِحَدٍّ مَحْدُودٍ وَبِاعْتِبَارِ رَأْسِ الْمَالِ إنَّمَا هُوَ جُزْءُ الرِّبْحِ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يُشْتَرَى بِهِ كَانَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَحَيْثُ عُدَّ الْعَامِلُ أَمِينًا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الصُّرَّةَ وَإِنْ جُهِلَتْ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ الْعُقْدَةِ فَالشِّرَاءُ الصَّادِرُ مِنْ الْعَامِلِ بَعْدُ لَا يَكُونُ إلَّا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَيَأْتِي الرِّبْحُ عَلَى حَسَبِهِ
بِقَوْلِهِ (ص) وَلَوْ مَغْشُوشًا (ش) أَيْ وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ الْمَضْرُوبُ مَغْشُوشًا يُرِيدُ يُتَعَامَلُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ كَالْعَرْضِ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ بِعَدَمِ الْجَوَازِ ثُمَّ إنَّ الْجَوَازَ فِي الْمَغْشُوشِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الرَّوَاجِ وَالْكَامِلِ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا فِي بَابِ الزَّكَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ هُنَاكَ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْإِخْرَاجِ وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا هُنَا فَالْغَرَضُ التَّعَامُلُ وَهُوَ حَاصِلٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ الَّذِي يُعْطَى عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ مِثْلُهُ مَغْشُوشًا.
(ص) لَا بِدَيْنٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ اعْمَلْ بِالدَّيْنِ قِرَاضًا وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا لِلتُّهْمَةِ لَأَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ وَمِثْلُهُ الْوَدِيعَةُ فَإِنْ وَقَعَ وَعَمِلَ بِمَا ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ الرِّبْحَ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ مِنْ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ لِلنَّهْيِ عَنْ رِبْحٍ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَيَسْتَمِرُّ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ عَلَى مَا كَانَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَاسْتَمَرَّ (ش) وَمَحَلُّ النَّهْيِ مَا لَمْ يَقْبِضْ أَوْ يُحْضِرْهُ وَيُشْهِدْ لِأَنَّهُ قَبْلَ مَا ذُكِرَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ لِيَزِيدَهُ فِيهِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وَدَفْعِهِ لَهُ أَوْ إحْضَارِهِ مَعَ الْإِشْهَادِ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْهُ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فَإِذَا قَالَ لِلْعَامِلِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ اعْمَلْ فِيهِ قِرَاضًا صَحَّ وَكَانَ الرِّبْحُ عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) مَا لَمْ يَقْبِضْ أَوْ يُحْضِرْهُ وَيُشْهِدْ (ش) وَالْإِشْهَادُ بِرَجُلَيْنِ أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ هُنَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَهُوَ نَظِيرُ الْوَكَالَةِ وَقَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ مُسْتَأْنَفٌ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ قَدْ قُلْتَ إنَّ الْقِرَاضَ بِالدَّيْنِ لَا يَصِحُّ فَمَا حُكْمُهُ إذَا وَقَعَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ اهـ. أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَلَى حُكْمِ الدَّيْنِ وَهُوَ الْمَنْعُ مُدَّةَ انْتِفَاءِ الْقَبْضِ وَانْتِفَاءِ الْإِحْضَارِ الْمُقَيَّدِ بِالْإِشْهَادِ فَالْمَنْعُ مُقَيَّدٌ بِانْتِفَاءِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا فَيَكُونُ الْجَوَازُ بِوُجُودِهِمَا أَوْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا وَعَلَى هَذَا كَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَحَدُ الدَّائِرُ وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ انْتِفَائِهِمَا مَعًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] .
(ص) وَلَا بِرَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالدَّيْنِ وَكَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَهَا فَصَارَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا وَالْمَنْعُ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ كُلٌّ فِي غَيْرِ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بَلْ بِيَدِ أَمِينٍ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ انْتَفَعَ بِتَخْلِيصِ الْعَامِلِ الرَّهْنَ أَوْ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْأَمِينِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ كُلٌّ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُودَعِ فَيُتَوَهَّمُ فِيهَا الْجَوَازُ لِكَوْنِهِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِتَخْلِيصٍ فَلَمْ يَنْتَفِعْ رَبُّ الْمَالِ بِتَخْلِيصِ الْعَامِلِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَنْعُ فَلِذَا بَالَغَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ بِيَدِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ، وَبِعِبَارَةٍ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْعَامِلِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي مَحَلِّهَا خِلَافًا لِابْنِ غَازِيٍّ وَيُتَصَوَّرُ كَوْنُ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ أَمِينٍ بِأَنْ أَوْدَعَ لِسَفَرٍ عِنْدَ عَجْزِ الرَّدِّ أَوْ لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ فِي الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ حَيْثُ لَمْ يَقْبِضْ، وَأَمَّا الْإِحْضَارُ مَعَ الْإِشْهَادِ فِيهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَلَوْ مَغْشُوشًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ الْمَوْصُوفُ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُتَعَامَلُ بِهِ مَغْشُوشًا فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ لَا مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَخْذُ الْحُكْمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ قَوْلَ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْإِخْرَاجِ) أَيْ الَّذِي أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ وَاَلَّذِي أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا رَاجَ كَالْكَامِلِ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الْكَامِلِ فَإِذَا لَمْ يَرُجْ كَالْكَامِلِ فَلَا يَكُونُ بِمَثَابَةِ الْكَامِلِ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ النِّصَابَ لَمْ يَكْمُلْ.
(قَوْلُهُ لَأَنْ يَكُونَ) أَيْ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ، وَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَزِيدَهُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْوَدِيعَةُ) أَيْ فِي ذَلِكَ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ وَعَمِلَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الدَّيْنِ لَا لِمَسْأَلَةِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّ حُكْمَهَا سَيَأْتِي أَيْ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ فِي الْوَاقِعِ لَيْسَ قَصْدُهُمَا الْقِرَاضَ وَإِنَّمَا قَصْدُهُمَا التَّأْخِيرُ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا ضَاعَ الْمَالُ يَكُونُ الْمَدِينُ ضَامِنًا لَهُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ هَلَّا قِيلَ الرِّبْحُ لَهُ وَيَنْتَقِلُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ يُحْضِرْهُ وَيُشْهِدْ) أَيْ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَبِيّ وَكَلَامُ بَهْرَامَ وَلَكِنَّ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَالْحَطَّابِ أَنَّ الْمُرَادَ يُشْهِدُ عَلَى زِنَتِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَدَدًا أَوْ بِهِمَا فَالْإِشْهَادُ عَلَى مَا بِهِ التَّعَامُلُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الصِّحَّةُ، وَلَوْ أَعَادَهُ بِالْقُرْبِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ قِيلَ إذَا قُبِضَ الدَّيْنُ انْتَفَى كَوْنُهُ دَيْنًا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَابِضَ لَمَّا كَانَ يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ بِالْحَضْرَةِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ قَبْضَهُ كَلَا قَبْضٍ وَإِنْ وَقَعَ بِالدَّيْنِ، فَتَعَرَّضَ لَهُ لِنَفْيِ هَذَا التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ) أَيْ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُحْضِرَهُ وَيَقُولَ وَاَللَّهِ إنِّي بَرِئَتْ ذِمَّتِي، وَقَوْلُهُ فَهُوَ نَظِيرُ الْوَكَالَةِ فِي أَنَّهَا لَا تَكُونُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَيْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدَنَا فُلَانٌ عَلَى أَنِّي وَكَّلْتُهُ وَاَللَّهِ إنِّي وَكَّلْته (قَوْلُهُ أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَلَى حُكْمِ الدَّيْنِ) أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْقِرَاضُ عَلَى حُكْمِ الدَّيْنِ أَيْ الْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالدَّيْنِ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ الدَّيْنُ.
(قَوْلُهُ قَالَ لِأَنِّي أَخَافُ) هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ أَمِينٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ خَلْفَ ذَلِكَ عِلَّةٌ أُخْرَى وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ انْتَفَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُتَوَهَّمُ فِيهَا الْجَوَازُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَقَدْ قِيلَ بِالْجَوَازِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ إلَخْ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْعَامِلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ، وَالْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ غَازِيٍّ) فَإِنَّهُ قَالَ ظَاهِرُهُ انْطِبَاقُ الْإِغْيَاءِ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِنَّمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّهْنِ فِيمَا رَأَيْت، وَلَوْ سُلِّمَ فَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ غَايَةَ مَا بِيَدِ أَمِينِهِ لَا مَا بِيَدِهِ فِيهِمَا مَعًا وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي أَنَّ مَعْنَاهُ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِهِ لَمْ يَفُتْ وَفِيهِ بُعْدٌ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ فَالْمُبَالَغَةُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ كُلٌّ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ إلَخْ
كَالْقَبْضِ فِي الرَّهْنِ دُونَ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بَرِيئَةٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهَا بِالْإِشْهَادِ فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي تَعْلِيلِ الْمَنْعِ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ فَتَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنًا أَنَّ الْإِحْضَارَ فِيهَا كَافٍ فِي الْجَوَازِ وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ قَبْضٌ وَلَا إشْهَادٌ، قُلْتُ هَذَا جُزْءُ عِلَّةٍ وَالْعِلَّةُ التَّامَّةُ هِيَ ذَلِكَ وَانْتِفَاءُ تُهْمَةِ تَوَاطُئِهِمَا، وَإِذَا وَقَعَ وَعَمِلَ فِي الْوَدِيعَةِ فَإِنَّ الرِّبْحَ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ النَّقْصُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا اتَّجَرَ فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ لِأَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ هُنَا أَذِنَ لَهُ فِي الْعَمَلِ بِهَا عَلَى اعْتِقَادِ كُلٍّ صِحَّةَ الْقِرَاضِ فَكَانَ الْعَامِلُ كَالْوَكِيلِ لَهُ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّمَا هُوَ مَحْضُ تَعَدٍّ مِنْهُ وَقَدْ عَمِلَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّهْنَ كَالْوَدِيعَةِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الدَّيْنُ فَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ مَا لَمْ يَقْبِضْ أَنَّ الرِّبْحَ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ.
(ص) وَلَا بِتِبْرٍ لَمْ يُتَعَامَلُ بِهِ بِبَلَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ التِّبْرَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ الْقِرَاضِ إذَا كَانَ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ فِي بَلَدِ الْقِرَاضِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي بَلَدِ الْقِرَاضِ مَسْكُوكٌ يُتَعَامَلُ بِهِ وَمِثْلُ التِّبْرِ الْحُلِيُّ وَالنُّقَارُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ حُكْمَهَا وَاحِدٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْقِرَاضِ بِذَلِكَ وَلَكِنْ يَمْضِي بِالْعَمَلِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُفْسَخُ عُمِلَ بِهِ أَمْ لَا لِقُوَّةِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ كَمَا فِي نَقْلِ الشَّارِحِ وَالنُّقَارُ الْقِطَعُ الْخَالِصَةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (ص) كَفُلُوسٍ وَعَرْضٍ إنْ تَوَلَّى بَيْعَهُ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْمَنْعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْفُلُوسَ الْجُدُدَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَأْسَ مَالِ الْقِرَاضِ إذَا كَانَ يُتَعَامَلُ بِهَا لِأَنَّهَا تَئُولُ إلَى الْفَسَادِ وَالْكَسَادِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ بَعْضٌ وَلَعَلَّ الْمَنْعَ مَا لَمْ تَنْفَرِدْ بِالتَّعَامُلِ بِهَا وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ عَرْضًا وَيَدْخُلُ فِيهِ الْفُلُوسُ الَّتِي لَا يُتَعَامَلُ بِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا قَابَلَ النَّقْدَ إذَا كَانَ الْعَامِلُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى بَيْعَهُ لِأَنَّ الْقِرَاضَ رُخْصَةٌ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِ الْمَنْعِ وَسَوَاءٌ كَانَ لِبَيْعِهِ خَطْبٌ وَبَالٌ أَمْ لَا
وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَظَاهِرُهُ مَنْعُ الْقِرَاضِ بِالْعَرْضِ وَلَوْ بِبَلَدٍ لَا يُتَعَامَلُ فِيهِ إلَّا بِهِ لِأَنَّ الْقِرَاضَ رُخْصَةٌ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَانْظُرْ النَّصَّ الصَّرِيحَ فِي ذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا جَعَلَ ثَمَنَ الْعَرْضِ الْمَبِيعِ بِهِ هُوَ الْقِرَاضُ، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ نَفْسَ الْعَرْضِ أَوْ قِيمَتَهُ الْآنَ أَوْ يَوْمَ الْمُفَاصَلَةِ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ تَوَلَّى بَيْعَهُ غَيْرُهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ فِي مَفْهُومِ إنْ تَوَلَّى بَيْعَهُ تَفْصِيلٌ (ص) كَأَنْ وَكَّلَهُ عَلَى دَيْنٍ أَوْ لِيَصْرِفَ ثُمَّ يَعْمَلَ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْمَنْعِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى خَلَاصِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى شَخْصٍ فَإِذَا خَلَّصَهُ كَانَ بِيَدِهِ قِرَاضًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَاضِرًا مُقِرًّا مَلِيئًا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ مَا لَمْ يَقْبِضْ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْعَامِلِ ذَهَبًا وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِفَهَا بِفِضَّةٍ ثُمَّ يَعْمَلُ بِهَا قِرَاضًا (ص) فَأَجْرُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ ثُمَّ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ (ش) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ إذَا أَخَذَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ وَعَمِلَ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ فِي تَوَلِّيهِ بَيْعَ ذَلِكَ وَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِ الْمَالِ أَيْ لَا فِي ذِمَّتِهِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ لَا شَيْءَ لَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْفَرْقِ بَيْنَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بَرِيئَةٌ) أَيْ وَقَدْ قُلْنَا يُشْهِدُ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّ عج ذَكَرَ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا الْإِحْضَارُ وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ إشْهَادٌ؛ لِأَنَّهَا مَحْضُ أَمَانَةٍ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ لِأَنِّي أَخَافُ جُزْءُ عِلَّةٍ حَاصِلُهُ أَنَّ عِلَّةَ الْجَوَازِ مَجْمُوعُ أَمْرَيْنِ نَفْيُ الْخَوْفِ وَنَفْيُ تُهْمَةِ التَّوَاطُؤِ فَإِذَا وُجِدَ الْخَوْفُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ وَلَكِنْ وُجِدَ التَّوَاطُؤُ عَلَى أَنَّهُ مَا أَحْضَرَهَا إلَّا لِأَجْلِ صِحَّةِ الْقِرَاضِ فَلَا يَجُوزُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ قُلْتُ هَذَا أَيْ نَفْيُ هَذَا جُزْءُ عِلَّةٍ أَيْ عِلَّةِ الْجَوَازِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ عِلَّةَ الْجَوَازِ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ فَالْمَنْعُ يَتَحَقَّقُ بِانْتِفَائِهِ وَانْتِفَاؤُهُ يَتَحَقَّقُ فِي صُورَتَيْنِ إمَّا الْخَوْفِ وَإِمَّا تُهْمَةِ التَّوَاطُؤِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً.
(قَوْلُهُ فِي بَلَدِ الْقِرَاضِ) كَذَا يُفِيدُهُ بَهْرَامُ أَيْ بَلَدِ دَفْعِ الْمَالِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِبَلَدِ الْعَمَلِ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وُجِدَ فَلَا يَجُوزُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهِ عَلَى التَّعَامُلِ بِالْمَضْرُوبِ وَاعْتَمَدَ هَذَا الْقَيْدَ عج وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ اللَّقَانِيِّ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ حُكْمَهَا وَاحِدٌ) أَيْ وَخُلَاصَةُ كَلَامِ بَهْرَامَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُلِّ أَيْ التِّبْرِ وَالْحُلِيِّ وَالنُّقَارِ أَيْ وَالْقَرْضِ أَنَّهُ لَا يُتَعَامَلُ بِالتِّبْرِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَمْضِي بِالْعَمَلِ) أَرَادَ بِهِ شِرَاءَ سِلَعِ الْقِرَاضِ وَإِذَا عَمِلَ بِالنُّقَارِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ رَدَّ مِثْلَهَا عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ عَرَفَ وَزْنَهَا أَوْ لَمْ يَعْرِفْ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَمْضِي الْعَمَلُ) الَّذِي هُوَ شِرَاءُ السِّلَعِ أَيْ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي نَقْلِ الشَّارِحِ) الْأَوْلَى كَمَا فِي الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ فِي الشَّارِحِ عَلَى تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْكَسَادِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْجَوَازِ وَقِيلَ إنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَالْمَنْعُ وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ) أَيْ فَاللَّخْمِيُّ قَيَّدَ الْمَنْعَ بِمَا إذَا كَانَ لِبَيْعِهِ خَطْبٌ وَبَالٌ وَعَطْفُ " وَبَالٌ " تَفْسِيرٌ (قَوْلُهُ أَنْ يَصْرِفَهَا بِفِضَّةٍ) أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْمَنْعَ وَلَمْ يَعْتَبِرْ تَقْيِيدَ الْمَنْعِ بِمَا إذَا كَانَ لِلصَّرْفِ بَالٌ (قَوْلُهُ فَأَجْرُ مِثْلِهِ) أَيْ الْعَامِلِ لَا الْمَالِ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ قِرَاضُ مِثْلِهِ أَيْ الْمَالِ لَا الْعَامِلِ (قَوْلُهُ هَذَا جَوَابٌ إلَخْ) هَذَا حَيْثُ بَاعَ الْفُلُوسَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا نَقْدًا فَإِنْ جَعَلَهَا ثَمَنًا لِعُرُوضِ الْقِرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرُ تَوَلِّيهِ وَإِنَّمَا لَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ فِي الرِّبْحِ.
أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَقِرَاضِهِ.
(ص) كَلَكَ شِرْكٌ وَلَا عَادَةَ أَوْ مُبْهَمٍ أَوْ أَجَلٍ أَوْ ضَمِنَ أَوْ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ ثُمَّ اتَّجِرْ فِي ثَمَنِهَا أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ مَا يَقِلُّ (ش) أَيْ كَقِرَاضٍ قَالَ لَك فِيهِ شِرْكٌ فَالْمُشَبَّهُ مَحْذُوفٌ وَجُمْلَةُ لَك فِيهِ شِرْكٍ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ وَهَذَا مُشَبَّهٌ بِمَا فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ مَعَ أَنَّ مَسْأَلَةَ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ ثُمَّ اتَّجِرْ بِثَمَنِهَا مِمَّا فِيهِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ وَقِرَاضُ مِثْلِهِ فِي عَمَلِهِ فَالتَّشْبِيهُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ وَفِي تَوَلِّيهِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَوْ قَالَ اعْمَلْ بِهِ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ الْعُرْفَ يُفِيدُ التَّسَاوِي فَلَيْسَ فِيهِ جَهْلٌ وَلَفْظُ شِرْكٍ يُطْلَقُ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَادَةٌ فَيُعْمَلُ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ عَلَى جُزْءٍ مُبْهَمٍ كَقَوْلِهِ اعْمَلْ بِهَذَا الْمَالِ وَلَك فِي رِبْحِهِ جُزْءٌ وَلَا عَادَةَ وَيَكُونُ فَاسِدًا وَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا إذَا وَقَعَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ لِأَنَّ عَقْدَهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَهُوَ رُخْصَةٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفُكَّ عَنْ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ فَإِذَا وَقَعَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَقَدْ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ تَرْكِهِ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ إذَا كَانَ رَأْسُ الْعَامِ الْفُلَانِيِّ فَاعْمَلْ بِالْمَالِ أَوْ اعْمَلْ بِهِ سَنَةً مِنْ وَقْتِ كَذَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ قِرَاضُ مِثْلِهِ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا إذَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ إذَا تَلِفَ أَيْ رَأْسُ الْمَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الْقِرَاضِ وَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَ، وَلَا يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ إذَا تَلِفَ الْمَالُ
وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْمَالَ لِلْعَامِلِ وَطَلَبَ مِنْهُ ضَامِنًا يَضْمَنُهُ فِيمَا يَتْلَفُ بِتَعَدِّيهِ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا فِيمَا إذَا دَفَعَ مَالًا لِآخَرَ عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ فُلَانٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بَعْدَ مَا يَبِيعُهُ بِثَمَنِهِ ثَانِيًا فَهُوَ أَجِيرٌ فِي شِرَائِهِ وَبَيْعِهِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ وَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ اشْتَرِ أَيْ أَوْ قِرَاضٌ قَالَ فِيهِ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ إلَخْ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَجُمْلَةُ اشْتَرِ مَقُولُ الْقَوْلِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا إذَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالدَّيْنِ فَاشْتَرَى بِالنَّقْدِ فَإِنَّ لَهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ فَإِنَّ الرِّبْحَ لَهُ وَالْخَسَارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَرْضٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا إذَا عَيَّنَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ نَوْعًا وَكَانَ ذَلِكَ النَّوْعُ فِي نَفْسِهِ يَقِلُّ وُجُودُهُ سَوَاءٌ خَالَفَ وَاشْتَرَى سِوَاهُ أَوْ لَمْ يُخَالِفْ وَاشْتَرَاهُ، وَكَلَامُ تت يُوهِمُ أَنَّ الْفَسَادَ مَعَ الْمُخَالَفَةِ وَأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقِرَاضَ صَحِيحٌ وَهُوَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَالشَّيْخِ حُلُولُو فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ وَالْمُرَادُ بِمَا يَقِلُّ مَا يُوجَدُ تَارَةً وَيُعْدَمُ أُخْرَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُوجَدُ دَائِمًا إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ قَالَ الْمَوَّاقُ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَارِضَ رَجُلًا عَلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا الْبَزَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَيَجُوزُ ثُمَّ لَا يَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ. الْبَاجِيُّ فَإِنْ كَانَ يَتَعَذَّرُ لِقِلَّتِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَزَلَ فُسِخَ اهـ.
وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ قَبْلُ اهـ.
وَبِعِبَارَةٍ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ مَا يَقِلُّ أَيْ وَخَالَفَ فَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَفِي الرِّبْحِ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَفِي مَسْأَلَةِ مَا يَقِلُّ الْخَسَارَةُ عَلَيْهِمَا وَفِي الرِّبْحِ قِرَاضُ الْمِثْلِ.
(ص) كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرِّبْحِ وَادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ (ش) لَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ فَاسِدَةً وَإِنَّمَا التَّشْبِيهُ فِي الرَّدِّ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ وَلِذَا عَدَلَ عَنْ الْعَطْفِ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ لِلتَّشْبِيهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَمَلِ فِي جُزْءِ الرِّبْحِ فَقَالَ الْعَامِلُ عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا وَخَالَفَهُ رَبُّ الْمَالِ وَادَّعَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَتَى كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا لَا يُشْبِهُ فَإِنَّ الْعَامِلَ يُرَدُّ إلَى قِرَاضِ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ أَوْ مُبْهَمٍ) أَيْ كَقِرَاضٍ مُبْهَمٍ فَهُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ (قَوْلُهُ أَوْ ضَمِنَ) هَذَا حَيْثُ اشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ بِهِ الْعَامِلُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَفِي صِحَّةِ الْقِرَاضِ وَفَسَادِهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَفِي تَوَلِّيهِ أَجْرُ مِثْلِهِ) أَيْ وَأَجْرُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ فَفِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ (قَوْلُهُ عَلَى جُزْءٍ مُبْهَمٍ) بِالتَّعْبِيرِ بِعُنْوَانِ الْجُزْئِيَّةِ فَلَا تَكْرَارَ مَعَ قَوْلِهِ كَلَكَ شِرْكٌ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ إلَى أَجَلِ كَذَا أَيْ مِنْ حَيْثُ الشُّرُوعُ وَإِلَّا فَالِانْقِضَاءُ لَيْسَ مَحْدُودًا بِحَدٍّ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ اعْمَلْ بِهِ سَنَةً مِنْ وَقْتِ كَذَا أَيْ أَوْ سَنَةً بِدُونِ قَوْلِهِ مِنْ وَقْتِ كَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِهِ فِي الصَّيْفِ فَقَطْ أَوْ فِي مَوْسِمِ الْعِيدِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُعَيَّنُ فِيهِ الزَّمَنُ لِلْعَمَلِ فَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ هَذَا أَشَدُّ فِي التَّحْجِيرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالَ بِيَدِهِ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْعَمَلِ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ اعْمَلْ بِهِ سَنَةً مِنْ الْآنَ أَوْ اعْمَلْ بِهِ سَنَةً فَإِنَّ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِهِ لَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْفُلَانِيُّ فَاعْمَلْ بِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الْعَمَلِ فِيمَا بِيَدِهِ فَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ أَيْضًا أَخَفَّ مِمَّا يُعْمَلُ بِهِ فِي الصَّيْفِ (قَوْلُهُ وَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ رِبْحُ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ رِبْحُ الْمَالِ الْمُتَّجَرِ بِهِ بَعْدُ
(قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ) أَيْ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الشِّرَاءَ بِالنَّقْدِ فَاشْتَرَى بِالدَّيْنِ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَأَمَّا إنْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ فَاشْتَرَى بِهِ فَالْجَوَازُ ظَاهِرٌ فَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَ إلَّا بِدَيْنٍ فَبَاعَ بِالنَّقْدِ فَذَكَرَ تت أَنَّ فِيهِ قِرَاضَ الْمِثْلِ وَذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّ فِيهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَقَدْ تَعَرَّضَ ابْنُ نَاجِي لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْمُطَابِقَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِيمَا فَسَدَ غَيْرُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ الْقَوْلُ بِأَنَّ فِيهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَأَمَّا لَوْ بَاعَ بِالدَّيْنِ مَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ بَيْعَهُ بِهِ أَوْ بَيْعَهُ بِالنَّقْدِ فَهَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَمَّا إنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّقْدِ وَبَاعَ بِهِ فَهَذَا شَرْطٌ لَا تَأْثِيرَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُوجَدُ دَائِمًا إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِهَا إذَا قَارَضَهُ عَلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا سِلْعَةَ كَذَا وَلَيْسَ وُجُودُهَا بِمَأْمُونٍ أَنَّ فِيهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ فُسِخَ اهـ.) أَيْ كَلَامُ الْمَوَّاقِ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ اهـ أَيْ كَلَامُ عج النَّاقِلِ
مِثْلِهِ فَإِنْ ادَّعَيَا مَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ أَشْبَهَ أَمْ لَا كَمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ (ص) وَفِيمَا فَسَدَ غَيْرُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الذِّمَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِرَاضَ الْفَاسِدَ حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ، وَيَأْتِي أَمْثِلَتُهُ، تَكُونُ فِيهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ وَسَوَاءٌ حَصَلَ رِبْحٌ أَمْ لَا بِخِلَافِ قِرَاضِ الْمِثْلِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الرِّبْحِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ مَا وَجَبَ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ إذَا عُثِرَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَيَتَمَادَى الْعَامِلُ كَالْمُسَاقَاةِ الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَبَ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ التَّمَادِي وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَبِأَنَّهُ أَحَقُّ مِنْ الْغُرَمَاءِ إذَا وَجَبَ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَهُوَ أُسْوَتُهُمْ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَبِعِبَارَةٍ:" مَا " هُنَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْفَاسِدِ مِنْ غَيْرِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ ضَمِيرِ غَيْرِهِ لَهَا لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذَا عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ فَسَدَ أَوْ بَدَلٌ مِنْ فَاعِلِهِ، وَالْمُخَلِّصُ مِنْ هَذَا جَعْلُ مَا مَصْدَرِيَّةً فَالْمَعْنَى وَفِي فَسَادِ غَيْرِهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ.
(ص) كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ أَوْ مُرَاجَعَتِهِ أَوْ أَمِينًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ غُلَامٍ غَيْرِ عَيْنٍ بِنَصِيبٍ لَهُ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُرَدُّ الْعَامِلُ فِيهَا إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا اشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ مَعَهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاضِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَاسِدًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ وَيُرَدُّ الْعَامِلُ فِيهِ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ فَالشَّرْطُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالضَّمِيرُ فِي يَدِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَيَصْدُقُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا بِمَا إذَا اشْتَرَطَ الْعَامِلُ يَدَ رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا وَيُرَدُّ الْعَامِلُ فِيهِ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ إذَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ وَلَا يَشْتَرِيَ شَيْئًا لِلْقِرَاضِ وَلَا يَأْخُذَ وَلَا يُعْطِيَ لِلْقِرَاضِ إلَّا بِمُرَاجَعَتِهِ أَوْ اشْتَرَطَ رَبُّ الْمَالِ أَمِينًا عَلَى الْعَامِلِ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ سُنَّةِ الْقِرَاضِ وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَى الْقِرَاضِ أَشْبَهَ الْأَجِيرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ دَفَعَ لِلْعَامِلِ غُلَامًا يَعْمَلُ مَعَهُ فَيَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ، الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عَيْنٍ، الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ بِنَصِيبٍ لِلسَّيِّدِ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِنَصِيبٍ أَصْلًا أَوْ بِنَصِيبٍ لِلْغُلَامِ أَمَّا إنْ كَانَ بِنَصِيبٍ لِلسَّيِّدِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْقِرَاضَ وَكَانَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ شَرْطًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنْ لَا يَقْصِدَ رَبُّ الْغُلَامِ بِذَلِكَ تَعْلِيمَهُ وَإِلَّا فَسَدَ الْقِرَاضُ وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَعْتَبِرْهُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ فَقَوْلُهُ بِنَصِيبٍ أَيْ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ أَيْ إنْ جَعَلَ جُزْءًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلْغُلَامِ فَجَعَلَ النَّصِيبَ غَيْرَ شَرْطٍ.
(ص) وَكَأَنْ يَخِيطَ أَوْ يَخْرِزَ أَوْ يُشَارِكَ أَوْ يَخْلِطَ أَوْ يَبْضِعَ أَوْ يَزْرَعَ أَوْ لَا يَشْتَرِي إلَى بَلَدِ كَذَا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَمَلَ يَدِ الْعَامِلِ وَالْقِرَاضُ فَاسِدٌ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَمَا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخِيطَ ثِيَابًا أَوْ يَخْرِزَ نِعَالًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ يُشَارِكَ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَارِكَ غَيْرَهُ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَسَيَأْتِي أَنَّ لِلْعَامِلِ أَنْ يُشَارِكَ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ
ــ
[حاشية العدوي]
لِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ بِدُونِ يَمِينٍ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْفَسَادُ لِاشْتِرَاطِ عَمَلِ يَدِهِ كَأَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخِيطَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ صَانِعٌ وَهَلْ أَحَقِّيَّتُهُ بِهِ فِيمَا يُقَابِلُ الصَّنْعَةَ أَوْ فِيهِ وَفِيمَا يُقَابِلُ عَمَلَ الْقِرَاضِ قَوْلَانِ وَمُقَابِلُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ أَحَقُّ أَيْضًا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ أُجْرَةَ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ ضَمِيرِ غَيْرِهِ لَهَا) أَيْ لِلْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِلَّا لَزِمَ الْخُلُوُّ عَنْ الْعَائِدِ، وَقَوْلُهُ لِاقْتِضَائِهِ قَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ الِاقْتِضَاءَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَفِي فَاسِدٍ تَعَلَّقَ الْفَسَادُ بِغَيْرِهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَلَا اقْتِضَاءَ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَدَلٌ مِنْ فَاعِلِهِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ يَكُونُ الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ رَاجِعًا لِلْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا لِمَا، وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ فَلَا اقْتِضَاءَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَفِي الَّذِي فَسَدَ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَصِحُّ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِمَا، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ اللَّقَانِيِّ لَا يَصِحُّ أَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي فَسَدَ لَا بَدَلُ كُلٍّ وَلَا بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا بَدَلُ غَلَطٍ وَلَا نِسْيَانٍ وَلَا بُدَاءَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ فِي الْكَلَامِ الْفَصِيحِ (قَوْلُهُ جَعْلُ مَا مَصْدَرِيَّةً) أَيْ وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِلَفْظِ غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ بَعْدَ تَأْوِيلِ مَا وَمَا بَعْدَهَا بِمَصْدَرٍ وَيُؤَوَّلُ الْمَصْدَرُ بِاسْمِ فَاعِلٍ وَيَكُونُ غَيْرُهُ بَدَلًا مِنْهُ عَائِدًا عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ (أَقُولُ) وَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ غَيْرِهِ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ أَوْ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ مَا أَوْ ضَمِيرِهَا وَيَصِحُّ الْجَرُّ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَا أَوْ بَدَلٌ مِنْهَا عَلَى أَنَّهَا نَكِرَةٌ وَضَمِيرُ غَيْرِهِ عَائِدٌ عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَا يَصِحُّ الْجَرُّ عَلَى أَنَّهُ صِلَةٌ لِمَا عَلَى أَنَّ مَا مَوْصُولَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تُوصَفُ بِالنَّكِرَةِ وَغَيْرُ لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِاتِّفَاقٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيهَا إذَا وَقَعَتْ بَيْنَ ضِدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِنَصِيبٍ أَصْلًا إلَخْ) وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْجَوَازِ حَيْثُ اشْتَرَطَ لِلْغُلَامِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ قَدْرٌ زَائِدٌ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِذَلِكَ تَعْلِيمَهُ) أَيْ بَلْ قَصَدَ بِهِ إعَانَةَ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَعْتَبِرْهُ) أَقُولُ وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ اعْتَبَرَهُ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَخْرِزَ) أَيْ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ مِنْ جُلُودٍ، وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ أَوْ يَخْرِزَ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ مَا ضَرَّهُ؛ لِأَنَّ الْخَرْزَ الْخِيَاطَةُ قَالَ الشَّاذِلِيُّ يَخْرِزُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا اهـ.
وَلَا يَكُونُ مُضَارِعُهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُشَارِكَ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الشَّرِكَةِ وَالْمُخَالَطَةِ قُلْت فِي صُورَةِ الْمُخَالَطَةِ مَا يَخُصُّ
أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلِطَ الْمَالَ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ قِرَاضٍ عِنْدَهُ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَهُ الْخَلْطُ كَمَا يَأْتِي أَوْ اشْتَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ الْإِبْضَاعَ بِمَالٍ الْقِرَاضِ فِي عَقْدِ الْقِرَاضِ أَيْ أَنْ يُرْسِلَهُ أَوْ بَعْضَهُ مَعَ غَيْرِهِ يَشْتَرِي بِهِ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الْإِبْضَاعَ فَلَهُ ذَلِكَ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَزْرَعَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ زَادَهَا رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ وَهُوَ عَمَلُهُ فِي الزَّرْعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى مَعْنَى أَنْ يُنْفِقَ الْمَالَ فِي الزَّرْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْمَلَ بِيَدِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ مِمَّنْ لَهُ وَجَاهَةٌ أَوْ يَكُونَ الزَّرْعُ مِمَّا يَقِلُّ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ بِالْمَالِ الْمَدْفُوعِ لَهُ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ مُطْلِقًا يَدَهُ لِأَنَّ فِيهِ تَحْجِيرًا عَلَى الْعَامِلِ، وَهَذَا غَيْرُ مُكَرَّرٍ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ مَحَلًّا لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ عَيَّنَ مَحَلًّا لِلتَّجْرِ فِيهِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَعَ قَوْلِهِ كَأَنْ أَخَذَ مَالًا لِيَخْرُجَ لِبَلَدٍ وَيَشْتَرِيَ لِأَنَّ هَذَا عَيَّنَ مَحَلًّا يَشْتَرِي مِنْهُ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ تَعْيِينَ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا غَيْرُ مُضِرٍّ
وَقَوْلُهُ (ص) أَوْ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ إنْ أَخْبَرَهُ فَقَرْضٌ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَأَنْ يَخِيطَ أَوْ يَخْرِزَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً وَعَجَزَ عَنْ نَقْدِ ثَمَنِهَا فَقَالَ لِآخَرَ ادْفَعْ لِي مَالًا لِأَنْقُدَهُ فِيهَا وَيَكُونَ قِرَاضًا بَيْنَنَا عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَيَكُونُ قَرْضًا عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ عَلَى السَّلَفِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِشِرَاءِ السِّلْعَةِ بَلْ قَالَ لَهُ ادْفَعْ لِي مَالًا وَيَكُونُ قِرَاضًا بَيْنَنَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ قَالَ بَعْضُ مَنْ حَشَّاهُ وَنُسْخَةُ الْوَاوِ أَحْسَنُ مِنْ نُسْخَةِ أَوْ لِإِيهَامِهَا أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَجِبُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذِكْرُهَا هُنَا مُشَوِّشٌ تَأَمَّلْ اهـ. لَكِنَّ الْإِيهَامَ الْمَذْكُورَ مَا يَكُونُ إلَّا فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ، وَأَمَّا إذَا نُظِرَ لِآخِرِ الْكَلَامِ فَلَا إذْ قَوْلُهُ فَقَرْضٌ يَدْفَعُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا مَرَّ وَالْمُشَارَكَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ فِي عَدَمِ جَوَازِ كَوْنِهِ قِرَاضًا لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُجْرَةِ لِتَصْرِيحِهِ بِقَوْلِهِ فَقَرْضٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَقَرْضٌ أَنَّهُ صَحِيحٌ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ فَقَرْضٌ فَاسِدٌ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُ ذَلِكَ لِكَوْنِ مَا قَبَضَهُ مِثْلِيًّا وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى الْفَوْرِ (ص) أَوْ عَيَّنَ شَخْصًا أَوْ زَمَنًا أَوْ مَحَلًّا (ش) هَذَا عُطِفَ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْفَسَادِ أَيْ فَيَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْهَا إذَا شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ أَوْ لَا يَبِيعَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فَإِنْ نَزَلَ كَانَ فَاسِدًا وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ التَّحْجِيرُ عَلَى الْعَامِلِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَّجِرَ بِالْمَالِ إلَّا فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ أَوْ فِي الشِّتَاءِ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ إذَا أَجَّلَهُ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا إذَا شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَتَّجِرَ بِالْمَالِ إلَّا فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ لِرَبِّ الْمَالِ.
(تَنْبِيهٌ) : ذَكَرَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي قَوْلِهِ أَوْ زَمَنًا مَا نَصُّهُ تَحْرِيرٌ عَجِيبٌ فِي أَنَّ تَعْيِينَ الزَّمَانِ مِنْ قَبِيلِ مَا يَتَرَجَّحُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا أَنَّ الْقِرَاضَ إلَى أَجَلٍ مِنْ قَبِيلِ مَا يَتَرَجَّحُ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَتَصَوُّرُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا جَلِيٌّ اهـ. أَيْ إذْ الْأَوَّلُ عَيَّنَ فِيهِ زَمَانًا صَادِقًا عَلَى
ــ
[حاشية العدوي]
حِصَّةَ مَا لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فَكُلُّهَا لَهُ أَيْ لِلْعَامِلِ وَلَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا إلَّا رِبْحَ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ وَأَمَّا فِي صُورَةِ الشَّرِكَةِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا رِبْحُ الْحِصَّتَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلِطَ الْمَالَ بِمَالِهِ) هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ أَوْ يُشَارِكَ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ يُشَارِكَ أَيْ بِمَالِ الْغَيْرِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَخْلِطَ أَيْ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ أَوْ مَالٍ بِيَدِهِ قِرَاضًا لِأَحَدٍ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ إمَّا أَنْ يَدْخُلَ عَلَى شَرْطِ الْإِبْضَاعِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَبْضِعْ إنْ شِئْت فَهُوَ إذْنٌ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِمَّا أَنْ يُبْضِعَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَإِذَا أَبْضَعَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَتَلِفَ الْمَالُ أَوْ خَسِرَ ضَمِنَ الْخَسَارَةَ، وَإِنْ رَبِحَ وَكَانَتْ الْبِضَاعَةُ بِأُجْرَةٍ كَانَ لِلْمُبْضِعِ أُجْرَتُهُ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ وَإِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَكْثَرَ مِنْ حَظِّ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فَيَجِبُ لَهُ حَظُّهُ مِنْ الرِّبْحِ يَدْفَعُهُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَيَغْرَمُ الزَّائِدَ وَإِنْ فَضَلَهَا الرِّبْحُ فَفَضْلُهُ لِرَبِّ الْمَالِ لَا لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا وَإِنْ أَبْضَعَ مُكَارَمَةً دُونَ أَجْرٍ فَلِلْعَامِلِ الْأَقَلُّ مِنْ حَظِّهِ مِنْ الرِّبْحِ، وَإِجَارَةِ مِثْلِ الَّذِي أَبْضَعَ مَعَهُ أَنْ لَوْ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَطَوَّعْ إلَّا لِلْعَامِلِ، وَذُو الْمَالِ رَضِيَ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِيهِ بِعِوَضٍ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَبَعْضُهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ عَيَّنَ مَحَلًّا لِلتَّجْرِ فِيهِ) وَالتَّجْرُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ (قَوْلُهُ عَيَّنَ مَحَلًّا يَشْتَرِي مِنْهُ) أَيْ فَقَطْ أَيْ لَا يَقَعُ فِيهِ إلَّا الشِّرَاءُ فَقَطْ لَا التَّجْرُ الَّذِي هُوَ مَجْمُوعُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ) عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِقَوْلِهِ فَقِرَاضٌ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ فَإِذَا أُرِيدَ بِالْجَوَازِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ تَوَافَقَتْ الْعِبَارَتَانِ (قَوْلُهُ وَنُسْخَةُ الْوَاوِ أَحْسَنُ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الظَّرْفُ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ مَعْمُولٍ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَجَوَابُهُ فَقَرْضٌ وَإِنْ أَخْبَرَ شَرْطٌ فِي الْجَوَابِ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ انْعَقَدَ أَيْ الْقِرَاضُ بَعْدَ اشْتِرَاءِ الْعَامِلِ فَهُوَ قَرْضٌ إنْ أَخْبَرَهُ بِالشِّرَاءِ (قَوْلُهُ بَلْ ذِكْرُهَا هُنَا مُشَوِّشٌ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لِوَجْهٍ آخَرَ غَيْرِ الْإِيهَامِ الْمَذْكُورِ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ تَنَاقُضٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ مُفَادَ آخِرِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَقَرْضٌ مُنَافٍ لِمُفَادِ أَوَّلِهِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْإِيهَامَ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ لِإِيهَامِهَا قَاطِعَ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ بَلْ ذِكْرُهَا مُشَوِّشٌ (قَوْلُهُ يَدْفَعُهُ إلَخْ) أَقُولُ لَا دَفْعَ بَلْ ذَلِكَ مُحَقِّقٌ الْمُنَافَاةَ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْمُشَارَكَةُ إلَخْ) فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ سَوْقَ الْكَلَامِ يُبْطِلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُرَادُ فَقَرْضٌ فَاسِدٌ) بَلْ وَقِرَاضٌ فَاسِدٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَرْضٍ فَاسِدٍ وَقِرَاضٍ فَاسِدٍ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِرَبِّهِ عَاجِلًا وَلَا يَلْزَمُ رَبَّهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ الْعَامِلُ مُدَّةً كَالْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْقَرْضِ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى الْفَوْرِ) هَذَا ثَمَرَةُ
مُتَعَدِّدٍ كَلَا تَشْتَرِ إلَّا فِي الصَّيْفِ وَالثَّانِي عَيَّنَ فِيهِ زَمَانًا لَا يَصْدُقُ عَلَى مُتَعَدِّدٍ كَاعْمَلْ فِيهِ سَنَةَ كَذَا أَوْ سَنَةً مِنْ يَوْمِ أَخْذِهِ (ص) كَأَنْ أَخَذَ مَالًا لِيَخْرُجَ لِبَلَدٍ فَيَشْتَرِيَ (ش) صُورَتُهَا شَخْصٌ دَفَعَ مَالًا لِآخَرَ لِيَشْتَرِيَ بِهِ صِنْفًا وُجُودُهُ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ ثُمَّ يَجْلِبُهُ إلَى بَلَدِ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَبِقَوْلِنَا ثُمَّ يَجْلِبُهُ إلَى بَلَدِ الْقِرَاضِ يَنْدَفِعُ تَكْرَارُ هَذِهِ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ لَا يَشْتَرِي إلَى بَلَدِ كَذَا لِأَنَّ هَذَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ التَّجْرِ وَفِي مَحَلِّهِ وَمَا سَبَقَ حُجِرَ فِي ابْتِدَاءِ التَّجْرِ.
(ص) وَعَلَيْهِ كَالنَّشْرِ وَالطَّيِّ الْخَفِيفَيْنِ، وَالْأَجْرُ إنْ اسْتَأْجَرَ (ش) الْكَافُ اسْمٌ لَا حَرْفٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ كَالنَّشْرِ وَالطَّيِّ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ عَلَيْهِ لَا فِي الْمَالِ وَلَا فِي رِبْحِهِ وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ النَّقْلُ الْخَفِيفُ، وَأَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ وَتَوَلَّاهُ وَهُوَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَالِ فَلَهُ أَجْرُهُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ عَمِلَهُ لِيَرْجِعَ بِأَجْرِهِ وَخَالَفَهُ رَبُّ الْمَالِ بِيَمِينٍ لِأَنَّهَا دَعْوَى بِشَيْءٍ مَعْرُوفٍ فَتَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ حَيْثُ كَانَتْ دَعْوَى رَبِّ الْمَالِ أَنَّ الْعَامِلَ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لِسُكُوتِهِ فَلَا يَحْلِفُ.
(ص) وَجَازَ بِجُزْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَرِضَاهُمَا بَعْدُ عَلَى ذَلِكَ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْقِرَاضَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ بِجُزْءٍ مَحْدُودٍ لَا يَتَعَدَّى بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ الْمُشْتَرَطُ لِلْعَامِلِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا مَعْلُومَ النِّسْبَةِ كَالرُّبُعِ أَوْ الثُّلُثِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا بَعْدَ الْعَمَلِ عَلَى جُزْءٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ غَيْرِ الْجُزْءِ الَّذِي دَخَلَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُحَقَّقٍ اغْتَفَرُوا فِيهِ ذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي مَنْعِهِ الزِّيَادَةَ بَعْدَ الْعَمَلِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا يُتَوَهَّمُ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَيْسَ لَازِمًا فَكَأَنَّهُمَا ابْتَدَآ الْآنَ الْعَقْدَ.
(ص) وَزَكَاتُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا (ش) الضَّمِيرُ فِي زَكَاتِهِ يَرْجِعُ لِلرِّبْحِ وَالْمَعْنَى أَنَّ زَكَاةَ رِبْحِ الْمَالِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْعَامِلِ أَوْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى قِرَاضٍ بِجُزْءٍ مَجْهُولٍ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ رُبُعُ عُشْرِ الرِّبْحِ، وَأَمَّا رَأْسُ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ زَكَاتِهِ عَلَى الْعَامِلِ اتِّفَاقًا (ص) وَهُوَ لِلْمُشْتَرِطِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ (ش) يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى جُزْءِ الزَّكَاةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ نَفْعِ جُزْءِ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَالْمُبَالَغَةُ مُشْكِلَةٌ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إذَا وَجَبَتْ كَانَتْ لِلْفُقَرَاءِ لَا لِلْمُشْتَرِطِ وَالنَّفْعُ مُحَقَّقٌ وَهُوَ تَوْفِيرُ حَظِّهِ مِنْ الرِّبْحِ بِعَدَمِ أَخْذِ جُزْءِ الزَّكَاةِ مِنْهُ أَوْ الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ فَإِذَا اُشْتُرِطَتْ الزَّكَاةُ عَلَى الْعَامِلِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ رُبُعَ الْعُشْرِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَعِينَ مِثْلًا مِنْ حِصَّةِ الْعَامِلِ وَيُعْطَى لِرَبِّ الْمَالِ فَيَكُونُ لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ تِسْعَةَ عَشَرَ وَلِرَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ جُزْءًا حَيْثُ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ بِأَنْ تَفَاصَلَا قَبْلَ مُرُورِ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ الْقِرَاضِ.
(ص) وَالرِّبْحُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ رِبْحِ الْقِرَاضِ كُلِّهِ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ لِلْعَامِلِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّبَرُّعِ وَإِطْلَاقُ الْقِرَاضِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَجَازٌ كَمَا مَرَّ فِي تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْقِرَاضِ وَيَلْزَمُهُمَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرَطُ لَهُ مُعَيَّنًا وَقِيلَ وَيُقْضَى بِهِ إنْ امْتَنَعَ الْمُلْتَزِمُ مِنْهُمَا فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُعَيَّنَ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عُرْفٌ بِقَدْرِ مَا لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْقِرَاضِ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَهَلْ يُقَسَّمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا سَوِيَّةً أَوْ يَكُونُ كَقِرَاضٍ وَقَعَ بِجُزْءٍ مُبْهَمٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ (ص) وَضَمِنَهُ فِي الرِّبْحِ لَهُ إنْ لَمْ يَنْفِهِ وَلَمْ يُسَمِّ قِرَاضًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَضْمَنُ الْمَالَ إذَا أَخَذَهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُشْبِهُ السَّلَفَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ الْعَامِلُ الضَّمَانَ بِأَنْ يَقُولَ عِنْدَ أَخْذِهِ لِلْمَالِ أَنَا لَا ضَمَانَ عَلَيَّ فِي الْمَالِ إذَا تَلِفَ وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا سُمِّيَ الْمَالُ قِرَاضًا أَيْ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ
ــ
[حاشية العدوي]
الْفَسَادِ.
(قَوْلُهُ كَالنَّشْرِ) الْكَافُ اسْمٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ بِمَعْنَى مِثْلُ لَا حَرْفٌ.
(قَوْلُهُ وَجَازَ جُزْءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ) ذَكَرَهُ لِلتَّعْمِيمِ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ سَابِقًا جُزْءٌ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا تُفِيدُ الْعُمُومَ وَهَذَا أَوْلَى لِعَدَمِ تَكْرَارِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرِّبْحَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ) بِخِلَافِ الْهَدِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ فِي بَابِ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ إلَخْ) أَيْ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ يَرْجِعُ لِلرِّبْحِ) أَيْ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ جُزْءٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْأَسْدِيَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَدِّي ذَلِكَ) أَيْ اشْتِرَاطُ الزَّكَاةِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ) أَيْ جُزْءُ الزَّكَاةِ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ وَإِذَا رَجَعَ جُزْءُ الزَّكَاةِ إلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ فَيُعْلَمُ مِنْهُ الْقِرَاضُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ وَهُوَ نِصْفُ الرِّبْحِ مَا عَدَا رُبُعَ عُشْرِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ) شَمِلَ صُوَرَ مَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِطُ رَبَّ الْمَالِ وَقَصَرَ الْجُزْءُ وَرَأْسُ مَالِهِ عَنْ النِّصَابِ وَمَا لَوْ تَفَاصَلَا قَبْلَ الْحَوْلِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِطُ الْعَامِلَ أَوْ رَبَّ الْمَالِ وَمَا لَوْ كَانَ الْعَامِلُ مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِرِقٍّ أَوْ دَيْنٍ أَوْ كُفْرٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَعِينَ) وَإِنَّمَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ يَأْخُذُ دِينَارًا كَامِلًا قَبْلَ الْوُجُوبِ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَخْذَهُ نِصْفَ دِينَارٍ مِنْ حِصَّتِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ صَارَ حَقًّا لَهُ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا مَا عَدَاهُ فَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا حَالَ اشْتِرَاطِهَا عَلَى الْعَامِلِ دَفَعَ لِلْفُقَرَاءِ دِينَارًا وَحُسِبَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَلَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ وَلِرَبِّهِ عِشْرُونَ وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَى رَبِّهِ فَقَطْ أَخْرَجَ الْعَامِلُ نِصْفَ دِينَارٍ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَى الْعَامِلِ فَقَطْ أَخْرَجَ نِصْفَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَبَاقِيهِ لِرَبِّهِ كَذَا تَجْرِي هَذِهِ الصُّوَرُ الْأَرْبَعُ إذَا اُشْتُرِطَتْ عَلَى رَبِّهِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهَلْ إلَخْ) الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ يُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ عَدَمَ قَبُولِهِ صَيَّرَهُ بِمَثَابَةِ الْهِبَةِ لَهُمَا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْفِهِ) بَلْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ
أَيْ وَيَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا.
(ص) وَشَرْطُهُ عَمَلُ غُلَامِ رَبِّهِ أَوْ دَابَّتِهِ فِي الْكَثِيرِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَمَلَ غُلَامِ رَبِّ الْمَالِ مَجَّانًا أَيْ يَعْمَلُ مَعَهُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ دَابَّةِ رَبِّ الْمَالِ حَيْثُ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا وَالْعَطْفُ بِأَوْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُمَا مَعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُمَا مَعًا حَيْثُ كَانَا يَسِيرَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِ الْقِرَاضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي الْيَسَارَةِ وَالْكَثْرَةِ لِلْعُرْفِ (ص) وَخَلْطُهُ وَإِنْ بِمَالِهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى جُزْءٍ أَيْ وَجَازَ لِلْعَامِلِ خَلْطُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَإِلَّا فَسَدَ كَمَا مَرَّ (ص) وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ خَافَ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا رُخْصًا (ش) أَيْ وَخَلْطُ مَالِ الْقِرَاضِ هُوَ الصَّوَابُ إنْ خَافَ الْعَامِلُ بِتَقْدِيمِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ رُخْصًا لِلْمَالِ الْآخَرِ وَيَكُونُ مَا اشْتَرَى مِنْ السِّلَعِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْقِرَاضِ وَهَلْ مَعْنَى الصَّوَابِ أَنَّهُ يَجِبُ أَوْ يُنْدَبُ قَوْلَانِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا لَوْ لَمْ يُخْلَطْ فَحَصَلَ خَسْرٌ فَعَلَى أَنَّهُ يَجِبُ يَضْمَنُ وَعَلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لَا يَضْمَنُ فَقَوْلُهُ رُخْصًا أَيْ أَوْ غَلَاءً أَيْ رُخْصًا فِي الْبَيْعِ أَوْ غَلَاءً فِي الشِّرَاءِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَاقْتِصَارُهُ عَلَى الرُّخْصِ كَالْمُدَوَّنَةِ يُعْلَمُ مِنْهُ مُقَابِلُهُ وَهُوَ الْغَلَاءُ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ صِيغَةُ تَرْجِيحٍ لِأَنَّ اصْطِلَاحَ الْمُؤَلِّفِ فِي صِيَغِ التَّرْجِيحِ مَضْبُوطَةً لَيْسَ هَذَا مِنْهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ عَلَى الْأَصْوَبِ تَأَتَّتْ صِيغَةُ التَّرْجِيحِ وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ فِيهِ نَظَرٌ.
(ص) وَشَارَكَ إنْ زَادَ مُؤَجَّلًا بِقِيمَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يُشَارِكُ رَبَّ الْمَالِ بِقِيمَةِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً فَاشْتَرَى الْعَامِلُ سِلْعَةً بِمِائَتَيْنِ مِائَةٍ حَالَّةٍ وَمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَإِنَّ الْمِائَةَ الْمُؤَجَّلَةَ تُبَاعُ الْآنَ بِالنَّقْدِ وَيُشَارِكُ الْعَامِلُ رَبَّ الْمَالِ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَإِذَا بِيعَتْ الْمِائَةُ الْمُؤَجَّلَةُ بِخَمْسِينَ بِالنَّقْدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ بِالثُّلُثِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِذَا قُوِّمَتْ الْمِائَةُ الْمُؤَجَّلَةُ فَإِنَّمَا تُقَوَّمُ بِعَرْضٍ ثُمَّ يُقَوَّمُ الْعَرْضُ بِنَقْدٍ فَيَكُونُ شَرِيكًا بِنِسْبَتِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَمِثْلُ الْمُؤَجَّلِ مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْحُلُولِ ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ الْقَبْضَ يَكُونُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَقَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِشَارَكَ أَيْ شَارَكَ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ وَمَفْهُومُ مُؤَجَّلًا أَنَّهُ إذَا زَادَ حَالًّا لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَمَا أَفْهَمَ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُشَارِكُ بِعَدَدِهِ وَحُكْمُ الزِّيَادَةِ مُطْلَقًا عَدَمُ الْجَوَازِ وَمَحَلُّ الْمُشَارَكَةِ إذَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ فَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُ أَوْ يَدْفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ وَيَكُونَ جَمِيعُ مَا اشْتَرَاهُ بِالْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ قِرَاضًا.
(ص) وَسَفَرُهُ إنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ قَبْلَ شَغْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَالِ قَبْلَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ رَبُّهُ فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ مِنْ السَّفَرِ بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ بَعِيدًا أَوْ قَرِيبًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مِنْ شَأْنِهِ السَّفَرُ أَمْ لَا لِلُزُومِ الْعَمَلِ بِالشَّغْلِ.
(ص) وَادْفَعْ لِي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَيَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا) لَكِنْ هَلْ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ عَمَلًا بِمَا شَرَطَاهُ أَوْ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ لِقَوْلِهِ قِرَاضٌ فَاسِدٌ ذَكَرَهُ عب وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.
(تَنْبِيهٌ) : فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ ضَمَانِ الْعَامِلِ إنْ اشْتَرَطَ الرِّبْحَ لِرَبِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِبَقَائِهِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَكَذَا إنْ شَرَطَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا عَلَيْهِ وَأَنْ لَا يَقْصِدَ تَعْلِيمَهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِطَ هُنَا الْعَامِلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي شَرْطِهِ عَمَلُ الدَّابَّةِ أَنْ يَكُونَ مَجَّانًا أَيْضًا كَمَا فِي عب
(قَوْلُهُ مَجَّانًا) بِهِ يَنْدَفِعُ تَكْرَارُ هَذِهِ مَعَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ غُلَامٍ غَيْرِ عَيْنٍ بِنَصِيبٍ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ دَابَّةٍ لِرَبِّ الْمَالِ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْغُلَامِ وَالدَّابَّةِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَإِنْ كَانَتْ الْإِضَافَةُ تُفِيدُ التَّعْيِينَ إلَّا أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ أَحْرَى وَلَا يَتَعَيَّنُ شَرْطُ الْخُلْفِ فِي الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِمَالِهِ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَلِمَصْلَحَةٍ لِأَحَدِ الْمَالَيْنِ غَيْرِ مُتَيَقَّنَةٍ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا فَيُمْنَعُ خَلْطُ مُقَوَّمٍ أَوْ بَعْدَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا وَوَجَبَ لِمَصْلَحَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ (قَوْلُهُ إنَّهُ يَجِبُ أَوْ يُنْدَبُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِتَقْدِيمِ مَالِ الْقِرَاضِ عَلَى مَالِهِ أَيْ فَالْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ مُتَعَلِّقٌ بِتَقْدِيمِ مَالِ الْقِرَاضِ عَلَى مَالِهِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ اعْتِمَادُ الْوُجُوبِ وَإِنْ خَافَ بِتَقْدِيمِ مَالِ الْقِرَاضِ رُخْصَ مَالِهِ لَمْ يَجِبْ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْمِيَةُ مَالِهِ (قَوْلُهُ مَضْبُوطَةٌ) بِمُرَاجَعَةِ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ تَعْلَمُ أَنَّهَا غَيْرُ مَضْبُوطَةٍ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ نَكَّرَ الصَّوَابُ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مُخْتَارٌ مِنْ خِلَافٍ أَيْ لِإِيهَامِهِ أَنَّهَا صِيغَةُ تَرْجِيحٍ.
(قَوْلُهُ تُبَاعُ الْآنَ بِالنَّقْدِ) فِيهِ مَعَ قَوْلِهِ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ أَيْ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ تَنَافٍ فَالْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الصَّوَابُ وَيُمْكِنُ تَرْجِيعُهَا لَهُ بِأَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ تُبَاعُ الْآنَ بِالنَّقْدِ أَيْ تُقَوَّمُ بِالنَّقْدِ بِوَاسِطَةِ تَقْوِيمِهَا بِالْعَرْضِ، وَقَوْلُهُ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ أَيْ قِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ بِالنَّقْدِ، وَقَوْلُهُ وَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ أَيْ قِيمَةِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، وَقَوْلُهُ فَإِذَا بِيعَتْ أَيْ قُوِّمَتْ أَيْ بِوَاسِطَةِ تَقْوِيمِهَا بِالْعَرْضِ (قَوْلُهُ يَكُونُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ) أَيْ كَأَنْ يَقُولُوا كُلَّ شَهْرٍ دِينَارٌ فَيُقَدَّرُ أَنَّهُ وَقَعَ ابْتِدَاءً عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَيُقَوَّمُ بِحَسَبِهِ (قَوْلُهُ وَحُكْمُ الزِّيَادَةِ مُطْلَقًا) يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْخَلْطِ وَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْمُشَارَكَةِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُشَارَكَةُ بِالْعَدَدِ أَوْ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُ) أَيْ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ إلَى رَأْسِ الْمَالِ وَفِيمَا إذَا زِيدَ مِائَةٌ ثَانِيَةٌ حَالَّةٌ وَاخْتَارَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا بِالْعَدَدِ لَا بِالْقِيمَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِيمَا إذَا زَادَ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِحَالٍّ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِيمَا إذَا اخْتَارَ رَبُّهُ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُ هَذَا مَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُرَّاحِهِ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَدْفَعُ لَهُ قِيمَتَهُ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ بِمُؤَجَّلٍ وَأَمَّا بِحَالٍّ فَبِعَدَدِهِ.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ) أَيْ انْتَفَى الْحَجْرُ قَبْلَ الشُّغْلِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ بَعْدَ الشُّغْلِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ بَعِيدًا إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يَقُولُ لَهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَسَحْنُونٌ يُفَصِّلُ فَيَقُولُ لَا يُسَافِرُ فِي الْقَلِيلِ سَفَرًا بَعِيدًا.
فَقَدْ وَجَدْت رَخِيصًا أَشْتَرِيهِ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ يَعْنِي أَنَّ الْقِرَاضَ يَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ ادْفَعْ لِي مَالًا قِرَاضًا فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ سِلْعَةً رَخِيصَةً أَشْتَرِيهَا بِهِ وَيَكُونُ الْمَالُ قِرَاضًا بَيْنَنَا إذْ لَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ إنْ أَخْبَرَهُ فَقَرْضٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِدُخُولِهِ عَلَى السَّلَفِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُسَمِّ السِّلْعَةَ وَلَا الْبَائِعَ قَالَهُ الشَّارِحُ قَبْلَ هَذَا الْمَوْضِعِ وَالْمَوَّاقُ هُنَا فَإِذَا سَمَّى السِّلْعَةَ أَوْ الْبَائِعَ فَهَلْ تَكُونُ السِّلْعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي أُجْرَةُ تَوْلِيَةِ الشِّرَاءِ أَوْ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الْقِرَاضِ فَاسِدٌ، وَإِذَا عَيَّنَ الْبَائِعَ فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ فَيَكُونُ لَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَإِذَا عَيَّنَ السِّلْعَةَ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ.
(ص) وَبَيْعُهُ بِعَرْضٍ وَرَدُّهُ بِعَيْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ عُرُوضَ الْقِرَاضِ بِعُرُوضٍ وَلَا يَضْمَنُ إذْ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ فَلَيْسَ الْعَامِلُ كَالْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَإِلَّا لَامْتَنَعَ بَيْعُهُ بِالْعُرُوضِ وَلَا كَالْمُفَوَّضِ وَإِلَّا لَجَازَ بَيْعُهُ بِهِمَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَالْمَخْصُوصِ وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُهُ بِالْعُرُوضِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ شَرِيكًا قَوِيَ جَانِبُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّ سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ لِأَجْلِ عَيْبٍ فِيهَا وَلَا كَلَامَ لِرَبِّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَامِلِ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي فِي السِّلْعَةِ فَقَوْلُهُ وَرَدُّهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ فَذَكَرَ الْفَاعِلَ وَحَذَفَ الْمَفْعُولَ وَذَكَرَ صِفَتَهُ لِيُؤْذِنَ بِالْعُمُومِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ} [يونس: 25] أَيْ وَرَدُّ الْعَامِلِ مُشْتَرًى كَائِنًا بِعَيْبٍ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ أَيْ أَيَّ مُشْتَرًى كَانَ (ص) وَلِلْمَالِكِ قَبُولُهُ إنْ كَانَ الْجَمِيعَ وَالثَّمَنُ عَيْنٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ لِلْمَالِكِ وَهُوَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَقْبَلَ الْمَعِيبَ إنْ كَانَ ثَمَنُ هَذَا الْمَعِيبِ جَمِيعَ مَالِ الْقِرَاضِ وَالْحَالُ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمَعِيبَ وَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنٌ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَنْتَ إذَا رَدَدْتَ ذَلِكَ نَضَّ الْمَالُ فَلِي أَنْ آخُذَهُ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَرْجُو رِبْحَهُ إذَا عَادَ لِيَدِهِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ قَيْدًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَهُ رَبُّهُ لِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ الْمُفَاضَلَةِ لَا الْبَيْعِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ عَيْنًا وَهُوَ بَعْضُ مَالِ الْقِرَاضِ وَكَانَ الْبَعْضُ الْآخَرُ نَاضًّا أَنَّ لِلْمَالِكِ قَبُولَهُ أَيْضًا.
(ص) وَمُقَارَضَةُ عَبْدِهِ وَأَجِيرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُقَارِضَ عَبْدَهُ وَأَجِيرَهُ الَّذِي لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ سَحْنُونَ مِنْ مُقَارَضَةِ أَجِيرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ فَسْخُ مَا تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي هِيَ خِدْمَتُهُ فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْمَذْهَبِ إنْ كَانَ يَعْمَلُ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَلَا يَشْغَلُهُ ذَلِكَ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْقِرَاضِ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ فِي الْقِرَاضِ يَمْنَعُهُ مِنْ عَمَلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَيُعْطِيَهُ جَمِيعَ الْكِرَاءِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ بِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ جُزْءَ الرِّبْحِ الَّذِي شَرَطَهُ لَهُ وَيَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُ الْمُدَّةَ الَّتِي اشْتَغَلَ فِيهَا بِعَمَلِ الْقِرَاضِ عَنْ عَمَلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلِهِ مِنْهَا كَمَسْأَلَةِ أَجِيرِ الْخِدْمَةِ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ.
(ص) وَدَفْعُ مَالَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرَادَ الْقِرَاضَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَالَيْنِ مَعًا لِعَامِلٍ وَاحِدٍ يَعْمَلُ فِي كُلِّ مَالٍ عَلَى حِدَتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ كَمِائَةٍ مِنْ الذَّهَبِ وَمِثْلِهَا مِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ فَهَلْ تَكُونُ السِّلْعَةُ إلَخْ) أَيْ وَيَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا (قَوْلُهُ وَإِذَا عَيَّنَ الْبَائِعَ إلَخْ) قَدْ سَبَقَ مِنِّي فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَحَلِّ اسْتِظْهَارُهُ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ قَالَ فِيهَا اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ ثُمَّ اتَّجِرْ بِثَمَنِهَا فَالتَّجْرُ وَاقِعٌ بَعْدُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَالتَّجْرُ هُوَ شِرَاؤُهَا وَبَيْعُهَا لِلرِّبْحِ لَا أَنَّهُ وَاقِعٌ بَعْدُ، وَقَوْلُهُ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُحْتَمِلٌ لِأَمْرَيْنِ لَأَنْ يَكُونَ قِرَاضًا فَاسِدًا وَلَهُ أَيْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ أَنَّ السِّلْعَةَ تَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي تَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ وَهُوَ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ حَيْثُ قَالَ فَهَلْ تَكُونُ السِّلْعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ وَأَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْعَقْدُ وَقَعَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْمَالَ قِرَاضًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ذُكِرَ أَنْ يَكُونَ قِرَاضًا فَاسِدًا وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي حُكِمَ فِيهَا بِقِرَاضِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَحْصُرْ الْمَسَائِلَ الَّتِي فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَحَصَرَ الْمَسَائِلَ الَّتِي فِيهَا قِرَاضُ الْمِثْلِ.
(قَوْلُهُ وَرَدُّهُ بِعَيْبٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ قَلَّ وَالشِّرَاءُ فُرْصَةٌ (قَوْلُهُ أَنْ يَبِيعَ عُرُوضَ الْقِرَاضِ) لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِي الْقِرَاضِ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِعُرُوضٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ) نُسْخَةُ الشَّارِحِ فِيهَا زِيَادَةٌ بَعْدَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ هِيَ قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِالدَّيْنِ وَحِينَئِذٍ يَتَّضِحُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ وَإِلَّا لَجَازَ بَيْعُهُ بِهِمَا أَيْ بِالْعُرُوضِ وَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ صِفَتَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تُجْعَلَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ فَلَا يَكُونُ صِفَةً (قَوْلُهُ إنْ كَانَ ثَمَنُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اسْمَ كَانَ الْعَائِدُ عَلَى الْمَبِيعِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ إنْ كَانَ ثَمَنُ هَذَا الْمَبِيعِ وَأَنَّ أَلْ فِي الْجَمْعِ نَائِبَةٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ جَمِيعِ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ أَنَّ أَلْ لِلْعَهْدِ أَيْ الْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ لَا لِلْبَيْعِ) أَيْ لَا لِكَوْنِهِ يَنْوِي بَيْعَهُ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْقِرَاضِ
(قَوْلُهُ وَأَجِيرَهُ) أَيْ الْمُؤَجَّرَ عِنْدَهُ لِخِدْمَةِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ كَسَنَةٍ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخٍ إلَخْ) وَلَعَلَّ جَوَابَهُ أَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ نَاسِخٌ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ أَوْ كَأَنَّهُمَا تَقَايَلَا عَقْدَ التَّوَاجِرِ عِنْدَ عَقْدِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ عَدَمُ الْفَسْخِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ لَا يَشْغَلُهُ عَنْ عَمَلِ الْخِدْمَةِ أَصْلًا (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ الْمُعْتَمَدِ الَّذِي هُوَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(قَوْلُهُ يَعْمَلُ فِي كُلِّ مَالٍ عَلَى حِدَتِهِ) هَذَا لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الصَّوَابُ حَذْفُهَا لِيَصِحَّ قَوْلُهُ الْآتِي فِي الْجُزْءِ الْمُخْتَلِفِ إنْ شَرَطَا خَلْطًا
الذَّهَبِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ كَمِائَةٍ مِنْ الذَّهَبِ وَمِائَةٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْجُزْءُ فِيهِمَا مُتَّفِقًا كَالنِّصْفِ مِنْ رِبْحِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مُخْتَلِفًا كَالنِّصْفِ مِنْ رِبْحِ هَذِهِ وَالثُّلُثِ مِنْ رِبْحِ الْأُخْرَى وَسَوَاءٌ كَانَ الرِّبْحُ فِيهِمَا لَهُمَا أَوْ رِبْحُ إحْدَاهُمَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَرِبْحُ الْأُخْرَى لَهُمَا مَعًا أَوْ رِبْحُ هَذِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَرِبْحُ الْأُخْرَى لِلْعَامِلِ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ إنْ شَرَطَا خَلْطَ الْمَالَيْنِ عِنْدَ الدَّفْعِ أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ فِيهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ مَعْلُومٍ فَلَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا الْخَلْطَ لَمْ يَجُزْ فِي الْمُخْتَلِفِ الْجُزْءِ وَيَجُوزُ فِي الْمُتَّفِقِ الْجُزْءِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ إذْ لَا تُهْمَةَ فِي أَنْ يَعْمَلَ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي الْجُزْءِ فَإِنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَعْمَلَ فِي أَكْثَرِ الْجُزْأَيْنِ دُونَ الْآخَرِ عَمَلًا كَثِيرًا (ص) أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ بِمُخْتَلِفَيْنِ إنْ شَرَطَا خَلْطًا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِمَرِيدِ الْقِرَاضِ أَنْ يَدْفَعَ مَالَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ أَيْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ لِعَامِلٍ وَاحِدٍ لَكِنْ دَفْعُ الثَّانِي قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ الْأَوَّلِ لِيَعْمَلَ فِي كُلِّ مَالٍ عَلَى حِدَتِهِ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ رَأْسُ الْمَالِ أَوْ اخْتَلَفَ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ الْجُزْءُ أَوْ اخْتَلَفَ عَلَى مَا مَرَّ إنْ شَرَطَا خَلْطَ الْمَالَيْنِ عِنْدَ دَفْعِ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَرْجِعُ حِينَئِذٍ إلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ مَعْلُومٍ وَلَا تُهْمَةَ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا الْخَلْطَ لَمْ يَجُزْ أَيْ فِي الْمُخْتَلِفِ الْجُزْءِ وَيَجُوزُ فِي الْمُتَّفِقِ كَمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ وَدَفَعَ مَالَيْنِ أَيْ مَعًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ
وَقَوْلُهُ وَإِنْ بِمُخْتَلِفَيْنِ رَاجِعٌ لَهُمَا وَقَوْلُهُ إنْ شَرَطَا خَلْطًا رَاجِعٌ لِمُخْتَلِفَيْنِ لَا لَهُ وَلِمُتَّفِقَيْنِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لتت (ص) أَوْ شَغْلِهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ (ش) هَذَا مَفْهُومُ الظَّرْفِ وَهُوَ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ أَيْ فَلَوْ كَانَ دَفَعَ الْمَالَ الثَّانِيَ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ عَدَمِ الْخَلْطِ وَلَوْ مَعَ اخْتِلَافِ الْجُزْأَيْنِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إذَا خَسِرَ فِي أَحَدِهِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْبُرَهُ بِرِبْحِ الْآخَرِ أَمَّا إنْ شَرَطَا الْخَلْطَ بَعْدَ شَغْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ الْجُزْءَانِ أَوْ اخْتَلَفَا وَعَلَّلُوا عَدَمَ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ قَدْ يَخْسَرُ فِي الثَّانِي فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْبُرَهُ بِرِبْحِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُهُ أَوْ شَغْلِهِ إلَخْ عُطِفَ عَلَى مَعْنَى قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ أَيْ إنْ لَمْ يَشْغَلْ الْأَوَّلَ أَوْ شَغَلَهُ (ص) كَنَضُوضِ الْأَوَّلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذْ نَضَّ مَا بِيَدِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا ثَانِيًا لِيَعْمَلَ فِيهِ مَعَ الْأَوَّلِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (ص) إنْ سَاوَى (ش) مَا نَضَّ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مِائَةً وَرَجَعَ إلَيْهَا فَقَطْ وَيَأْتِي مَفْهُومُهُ وَأَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (ص) وَاتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا (ش) بِأَنْ كَانَ الْجُزْءُ لِلْعَامِلِ فِي الثَّانِي مِثْلَ الْأَوَّلِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ إنْ شَرَطَا خَلْطًا) أَيْ وَإِلَّا فَيُفْسَخُ الثَّانِي وَيَكُونُ لَهُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَمَّا مَا يَنُوبُ الْأَوَّلَ مِنْ الرِّبْحِ فَهُوَ عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ كَ (قَوْلِهِ لَكِنَّ دَفْعَ الثَّانِي إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ لَا بِدَفْعِ الْمَذْكُورِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ هُنَاكَ ثَلَاثَةَ أَمْوَالٍ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ) حَاصِلُهُ أَنَّ مُفَادَ الشَّارِحِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمُخْتَلِفَيْ الْجُزْءِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ خِلَافًا لتت فَإِنَّ مُحَصِّلَ كَلَامِهِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمُخْتَلِفَيْ الْجُزْءِ وَمُتَّفِقِهِ (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا تَبِعَ فِيهِ الْفِيشِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَذَكَرَ عج أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا كَمَا قَالَ تت فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ إنْ شَرَطَا خَلْطًا وَإِنْ شَرَطَا عَدَمَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجُزْءُ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا وَإِنْ اتَّفَقَ امْتَنَعَ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ سَكَتَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا اشْتَرَطَا عَدَمَهُ انْتَهَى وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَنَصُّ الْفِيشِيِّ قَوْلُهُ إنْ شَرَطَا خَلْطًا رَاجِعٌ لِمُخْتَلِفَيْنِ لَا لَهُ وَلِلْمُتَّفِقَيْنِ وَلَا لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لتت إلَى أَنْ قَالَ، وَقَوْلُهُ لَا لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْمَالَيْنِ الْمَدْفُوعَيْنِ مَعًا كَأَنَّهُمَا مَالٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجُزْءُ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ شَرَطَا الْخَلْطَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ شَارِحَنَا بِمَا قَالَهُ يَكُونُ سَاكِتًا عَنْ صُورَةِ السُّكُوتِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ صُورَةَ السُّكُوتِ مِثْلُ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلْطَ صَادِقٌ بِمَا إذَا اشْتَرَطَ عَدَمَهُ أَوْ سَكَتَ وَعَلَيْهِ عج قَائِلًا بَعْدُ وَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ، وَلَوْ حَصَلَ الْخَلْطُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ الْخَلْطُ وَأَنْ لَا يَحْصُلَ خَلْطٌ بِالْفِعْلِ اهـ. وَنَصُّ الْمَوَّاقِ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ عج فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَخَذَ الْأَوَّلَ عَلَى النِّصْفِ فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً ثُمَّ أَخَذَ الثَّانِي عَلَى مِثْلِ جُزْءِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُ بِالْأَوَّلِ لَمْ يُعْجِبْنِي
فَأَمَّا عَلَى أَنْ لَا يَخْلِطَ فَجَائِزٌ فَإِنْ خَسِرَ فِي الْأَوَّلِ وَرَبِحَ فِي الْآخَرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْبُرَ هَذَا بِهَذَا انْتَهَى فَأَنْتَ تَرَى الْمُدَوَّنَةَ تَعَارَضَتْ فِي السُّكُوتِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ عج وَأَنْ لَا يَحْصُلَ خَلْطٌ بِالْفِعْلِ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ يَحْدُثُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا دَخْلَ لَهُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ ابْتِدَاءً وَلَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ أَوْ شَغْلِهِ إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنْ يُقْرَأَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ شَغَلَهُ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي وَهُوَ مُفَادُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ قِرَاءَتُهُ بِالْمَصْدَرِ وَأَنَا ضَابِطٌ لَهُ كَذَلِكَ وَلَعَلِّي ضَبَطْته عَنْ سَمَاعٍ فَعَلَيْهِ يَكُونُ قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى مَعْنَى إلَخْ أَيْ مَعَ مُرَاعَاةِ الْمَعْنَى فِي الْمَعْطُوفِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ الْجُزْءُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَدَمِ الْخَلْطِ أَوْ الْخَلْطِ أَوْ يَسْكُتُ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْجُزْءُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْخَلْطَ لَا إنْ اشْتَرَطَ عَدَمَهُ أَوْ سَكَتَ فَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْخَلْطِ إنَّمَا هُوَ فِي مُخْتَلِفَيْ الْجُزْءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ شَرْطَ الْخَلْطِ لَا بُدَّ مِنْهُ حَتَّى فِي الْمُتَّفِقَيْ الْجُزْءِ وَلِذَلِكَ تَرَى بَعْضَ الشُّرَّاحِ حَلَّ الْمُصَنِّفَ بِقَوْلِهِ كَنَضُوضِ الْأَوَّلِ تَشْبِيهٌ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ دَفْعُ الثَّانِي قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ فَإِذَا دَفَعَ الثَّانِي بَعْدَ نُضُوضِ الْأَوَّلِ فَإِنْ اشْتَرَطَ الْخَلْطَ جَازَ مُطْلَقًا اتَّفَقَ الْجُزْءُ أَوْ اخْتَلَفَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلْطَ فَالْمَنْعُ حَيْثُ اخْتَلَفَ الْجُزْءُ اتِّفَاقًا أَوْ اتَّفَقَ عَلَى الرَّاجِحِ فَدَفْعُهُ بَعْدَ نُضُوضِ الْأَوَّلِ كَدَفْعِهِ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ النُّضُوضِ بِمَثَابَةِ أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ
الْخَلْطَ بِأَنْ اشْتَرَطَ عَدَمَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ، وَأَمَّا إنْ سَكَتَ عَنْ شَرْطِ الْعَدَمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَاشْتِرَاطِهِ، وَأَمَّا مَعَ اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ كُلٌّ مِنْ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي فَلَوْ نَضَّ الْأَوَّلُ بِرِبْحٍ أَوْ خَسْرٍ لَمْ يَجُزْ دَفْعُ الثَّانِي سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مِثْلِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَسَوَاءٌ وَقَعَ عَلَى الْخَلْطِ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْخَلْطِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْسَرُ الْأَوَّلُ فَيَجْبُرُهُ الثَّانِي وَبِالْعَكْسِ وَهَذَا مَعَ اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ أَوْ السُّكُوتِ، وَأَمَّا مَعَ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْخَلْطِ فَلِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يَنِضُّ بِرِبْحٍ فَيَرْغَبُهُ بِالثَّانِي قَصْدًا لِلْبَقَاءِ وَذَلِكَ نَفْعٌ وَقَدْ يَنِضُّ بِنَقْصٍ فَيَرْغَبُهُ بِالثَّانِي لِأَجْلِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْأَوَّلِ حَتَّى يَجْبُرَ خَسْرَهُ أَيْ لِأَنَّهُ يَرْجُو جَبْرَهُ بِالثَّانِي.
(ص) وَاشْتِرَاءُ رَبِّهِ مِنْهُ إنْ صَحَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الْعَامِلِ سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ بِشَرْطِ أَنْ يَصِحَّ قَصْدُهُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَتَوَصَّلَ بِالشِّرَاءِ إلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ وَأَنْ لَا يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ (ص) وَاشْتِرَاطُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا أَوْ يَمْشِيَ بِلَيْلٍ أَوْ بِبَحْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا أَوْ لَا يَسِيرَ بِالْمَالِ فِي اللَّيْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ أَوْ لَا يَنْزِلَ بِالْمَالِ فِي الْبَحْرِ الْمِلْحِ أَوْ الْحُلْوِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ (ص) أَوْ يَبْتَاعَ سِلْعَةً (ش) عُطِفَ عَلَى يَنْزِلَ مَعَ تَقْدِيرِ لَا أَيْ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَبْتَاعَ سِلْعَةً عَيَّنَهَا لَهُ وَكَانَ ذَلِكَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ قِلَّةِ الرِّبْحِ فِيهَا أَوْ حُصُولِ الْوَضِيعَةِ فِيهَا فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ جَائِزٌ (ص) وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ (ش) أَيْ وَضَمِنَ الْعَامِلُ الْمَالَ إنْ خَالَفَ وَاحِدًا مِمَّا ذُكِرَ أَيْ وَحَصَلَ التَّلَفُ بِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ، وَأَمَّا لَوْ خَاطَرَ وَسَلِمَ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
(ص) كَأَنْ زَرَعَ أَوْ سَاقَى بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لَهُ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي ضَمَانِ الْعَامِلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ إذَا زَرَعَ بِأَنْ اشْتَرَى بِالْمَالِ طَعَامًا وَآلَةً لِلْحَرْثِ أَوْ اكْتَرَى تِلْكَ الْآلَةَ وَالْأُجَرَاءَ وَزَرَعَ أَوْ سَاقَى أَيْ عَمِلَ بِالْمَالِ فِي حَائِطِ شَخْصٍ سَاقَاهُ أَوْ اشْتَرَى حَائِطًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَسَاقَى فِيهِ آخَرَ بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لِلْعَامِلِ بِأَنْ كَانَ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَلَا جَاهَ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِلْمَالِ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلتَّلَفِ فَإِنْ كَانَ لِلْعَامِلِ حُرْمَةٌ وَجَاهٌ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ جَوْرًا لِغَيْرِهِ (ص) أَوْ حَرَّكَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَيْنًا (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْعَامِلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ مَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْمَالِ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَامِلَ بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ وَالْمَالُ بِيَدِهِ عَيْنًا ثُمَّ حَرَّكَهُ الْعَامِلُ بَعْدَ مَوْتِ رَبِّ الْمَالِ وَعِلْمِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِتَعَدِّيهِ لِأَنَّ الْمَالَ انْتَقَلَ إلَى الْوَرَثَةِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالُ عَرْضًا فَحَرَّكَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ كَمُوَرِّثِهِمْ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا اتَّجَرَ قَبْلَ عِلْمِ مَوْتِهِ وَقَوْلُهُ عَيْنًا حَالٌ مِنْ الْهَاءِ أَيْ حَرَّكَهُ حَالَ كَوْنِ الْمَالِ عَيْنًا أَيْ نَاضًّا وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ فِي بَلَدِ رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْغَيْبَةُ الْقَرِيبَةُ كَالْحَاضِرِ وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ تت أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ أَمْ لَا وَإِذَا فَعَلَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ وَالرِّبْحُ لَهُ إنْ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا إنْ اتَّجَرَ بِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ فَخَسِرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِخَطَئِهِ عَلَى مَالِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْعَدَمِ، وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ نَفْعٌ أَيْ وَالْبَقَاءُ نَفْعٌ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْأَوَّلِ حَتَّى يَجْبُرَ خَسْرَهُ) أَيْ وَجَبْرُ الْخَسْرِ نَفْعٌ أَيْضًا وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ، وَقَوْلُهُ بِالثَّانِي أَيْ بِسَبَبِ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَتَوَصَّلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَشْتَرِي مِنْهُ كَمَا يَشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ أَيْ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ كَانَ الشِّرَاءُ نَقْدًا أَمْ لَا زَادَ اللَّقَانِيِّ فَقَالَ وَهَذَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا) أَيْ مَحَلًّا مُنْخَفِضًا وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ يُمْكِنُ الْمَشْيُ بِغَيْرِ الْوَادِي وَالْمَشْيُ بِالنَّهَارِ وَالْمَشْيُ بِغَيْرِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَيْ وَحَصَلَ التَّلَفُ بِشَرْطِهِ) هَذَا الْكَلَامُ ظَاهِرُهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَاشْتِرَاطُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا أَوْ يَمْشِيَ بِلَيْلٍ أَوْ بِبَحْرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ يَضْمَنُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ إذَا حَصَلَ نَهْبٌ أَوْ غَرَقٌ أَوْ سَمَاوِيٌّ زَمَنَ الْمُخَالَفَةِ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ بَعْدَهَا وَلَا الْخَسْرَ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الرَّابِعَةِ فَيَضْمَنُ فِيهَا الْخَسْرَ وَالسَّمَاوِيَّ وَضَمِنَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَدِّي لَا يَضْمَنُهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ مَعَ أَنَّ هَذَا شَرِيكٌ عَلَى قَوْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ عُدَّ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ كَالْغَاصِبِ لِخُرُوجِهِ عَنْ التَّنْمِيَةِ الَّتِي هِيَ سُنَّةُ الْقِرَاضِ فَلَوْ ادَّعَى أَنْ التَّلَفَ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَحْرِ أَوْ ذَهَابِ اللَّيْلِ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ زَرَعَ أَوْ سَاقَى بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لَهُ) وَيَضْمَنُ، وَلَوْ بِالسَّمَاوِيِّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ك (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ عِنْدَ الْعِلْمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا طَرِيقَتَانِ طَرِيقَةُ الشَّارِحِ وَطَرِيقَةُ تت إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الشَّارِحَ لَمَّا ذَكَرَ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ الْقَائِلَ فَإِنْ عَلِمَ الْعَامِلُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ بِيَدِهِ عَيْنًا فَلَا يَعْمَلُ بِهِ قَالَ وَقَيَّدَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَهُ فَلَا يَعْمَلُ بِهِ بِمَا إذَا كَانَ الْعَامِلُ بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِغَيْرِهِ أَوْ ظَعَنَ مِنْهُ فَلَهُ الْعَمَلُ بِهِ كَمَا لَوْ شَغَلَهُ اهـ. فَإِذَنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَهْرَامُ مُتَوَقِّفًا فِي اعْتِمَادِهِ لَا أَنَّهُ جَازِمٌ بِاعْتِمَادِهِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ الرُّجُوعُ لِإِطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْمَوْتِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ اللَّقَانِيِّ لِتَقْيِيدِ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا بَلْ كُلُّهُ لِلْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ يُفِيدُهُ كَلَامُ بَهْرَامَ فَإِنَّهُ قَالَ وَالرِّبْحُ لَهُ إنْ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلِلْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ فِي شَرْحِ شب حَيْثُ مَثَّلَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِكُلِّ أَحَدٍ إلَخْ بِقَوْلِهِ كَمَنْ أَخَذَ قِرَاضًا وَمَاتَ صَاحِبُ الْمَالِ وَاتَّجَرَ بِهِ الْعَامِلُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ لَا رِبْحَ لَهُ فَتَأَمَّلْ.
الْوَارِثِ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(ص) أَوْ شَارَكَ وَإِنْ عَامِلًا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْمَالَ إذَا شَارَكَ عَامِلًا آخَرَ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ لِغَيْرِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلضَّيَاعِ لِأَنَّ رَبَّهُ لَمْ يَسْتَأْمِنْ غَيْرَهُ وَظَاهِرُهُ الضَّمَانُ سَوَاءٌ كَانَ مَنْ شَارَكَهُ يَغِيبُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ شَارَكَ رَجُلًا فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا يَقْتَسِمَانِهِ جَازَ الْمَغْرِبِيُّ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لَهَا انْتَهَى.
(ص) أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ أَوْ قَارَضَ بِلَا إذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَضْمَنُ إذَا بَاعَ سِلْعَةَ الْقِرَاضِ بِالنَّسِيئَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ لِأَنَّهُ عَرَّضَ الْمَالَ لِلضَّيَاعِ وَالرِّبْحُ لَهُمَا وَالْخَسَارَةُ عَلَى الْعَامِلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْعَامِلُ إذَا قَارَضَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ أَيْ دَفَعَهُ لِعَامِلٍ غَيْرِهِ يَعْمَلُ فِيهِ لِتَعَدِّيهِ وَالرِّبْحُ حِينَئِذٍ لِلْعَامِلِ الثَّانِي وَلِرَبِّ الْمَالِ وَلَا رِبْحَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْقِرَاضَ جُعْلٌ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَالْعَامِلُ الْأَوَّلُ لَمْ يَعْمَلْ فَلَا رِبْحَ لَهُ فَقَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ قَيْدٌ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ إلَّا أَنَّ الْإِذْنَ فِي الْأَوْلَى مِنْ الْوَرَثَةِ وَلَا يَتَأَتَّى رُجُوعُهُ لِلزَّرْعِ وَالْمُسَاقَاةِ بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لَهُ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَأْذَنُ فِي تَلَفِ مَالِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (ص) وَغَرِمَ لِلْعَامِلِ الثَّانِي إنْ دَخَلَ عَلَى أَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا دَفَعَهُ لِعَامِلٍ آخَرَ يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ يَغْرَمُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي الزِّيَادَةَ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي مَعَ رَبِّ الْمَالِ وَالْأَوَّلُ لَا رِبْحَ لَهُ كَمَا مَرَّ وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ الْعَامِلُ الثَّانِي عَلَى أَقَلَّ مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ دَخَلَ الْأَوَّلُ عَلَى النِّصْفِ وَالثَّانِي عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ لَا رِبْحَ لَهُ أَيْضًا لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ.
(ص) كَخَسْرِهِ وَإِنْ قَبْلَ عَمَلِهِ (ش) إطْلَاقُ الْخَسْرِ عَلَى مَا قَبْلَ الْعَمَلِ مَجَازٌ وَإِنَّمَا هُوَ تَلَفٌ وَالتَّشْبِيهُ فِي الْغَرَامَةِ يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا اتَّجَرَ فِي الْمَالِ فَخَسِرَ أَوْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ لَهُ قَبْلَ عَمَلِهِ فَدَفَعَهُ لِآخَرَ بِلَا إذْنٍ مِنْ رَبِّهِ فَرَبِحَ فِيهِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي بِرَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا خَصَّهُ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ ثَمَانِينَ وَعَمِلَ فِيهِ مَثَلًا فَخَسِرَ أَرْبَعِينَ ثُمَّ دَفَعَهُ لِشَخْصٍ عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ وَاتَّجَرَ فِيهِ فَصَارَ مِائَةً فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَأْخُذُ مِنْهُ ثَمَانِينَ رَأْسَ مَالِهِ وَعَشَرَةً رِبْحَهُ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ عَشَرَةً وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِعِشْرِينَ وَلَا رُجُوعَ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّ خَسْرَهُ قَدْ جُبِرَ وَمِثْلُ الْخَسَارَةِ تَلَفُ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى كَضَيَاعِ ذَلِكَ (ص) وَالرِّبْحُ لَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ يُرِيدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ أَوْ شَارَكَ وَإِنْ عَامِلًا وَقَوْلُهُ أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ قَارَضَ بِلَا إذْنٍ فَحُكْمُهَا بِخِلَافِ هَذَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْقِرَاضَ جُعْلٌ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالْعَمَلِ فَقَوْلُهُ لَهُمَا أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَارَضَ بِلَا إذْنٍ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْمُتَعَدِّي بِالْمُقَارَضَةِ أَمَّا الْمُتَعَدِّي بِالْمُشَارَكَةِ أَوْ بِالْبَيْعِ بِالدَّيْنِ فَلَهُ الرِّبْحُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ الْمُخَالِفِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ صُورَةُ الْمُقَارَضَةِ فَإِنَّهُ لَا رِبْحَ لَهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فَيَشْمَلُ جَمِيعَ صُوَرِ الْمُخَالَفَةِ أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الثَّانِي وَيَكُونُ خَاصًّا بِصُورَةِ الْمُقَارَضَةِ وَسَاكِتًا عَنْ بَقِيَّةِ الصُّوَرِ وَيُعْلَمُ حُكْمُهَا مِنْ خَارِجٍ وَعَلَى كُلٍّ يَفُوتُهُ الْكَلَامُ عَلَى الْأُخْرَى أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ وَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ يُعْلَمُ تَفْصِيلُهُ مِنْ خَارِجٍ وَهُوَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُشَارَكَةِ وَالْعَامِلُ الثَّانِي فِي الْمُقَارَضَةِ
(ص) كَكُلِّ آخِذٍ مَالًا لِلتَّنْمِيَةِ فَتَعَدَّى (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي اللَّازِمِ أَيْ فِيمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ لَهُمَا أَيْ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الثَّانِي وَلَا رِبْحَ لِلْعَالِمِ الْمُخَالِفِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ كَكُلٍّ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخَذَ مَالًا لِيُنَمِّيَهُ لِرَبِّهِ فَتَعَدَّى فِي ذَلِكَ الْمَالِ كَالْوَكِيلِ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ وَالْمُبْضِعِ مَعَهُ وَاتَّجَرَ بِهِ فَحَصَلَ خَسْرٌ أَوْ تَلَفٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِ وَإِنْ حَصَلَ رِبْحٌ فَهُوَ لِرَبِّ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ أَيْ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَلَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ وَالْمَعْنَى أَيْ أَوْ شَارَكَ الْعَامِلُ بِمَالِ الْقِرَاضِ صَاحِبَ مَالٍ آخَرَ بَلْ وَإِنْ عَامِلًا.
(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْعَامِلُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْقِرَاضِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَمَانَةِ وَقَدْ لَا يَرْضَى رَبُّ الْمَالِ بِالثَّانِي بِخِلَافِ الْعَامِلِ فِي الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعَامِلَ عَامِلًا آخَرَ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِيمَا لَا يُعَابُ عَلَيْهِ وَأَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْمُسَاقَاةِ أَشْبَهَ الشَّرِيكَ (قَوْلُهُ وَغَرِمَ لِلْعَامِلِ الثَّانِي إلَخْ) وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ هَلْ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي قَدْرُ مَا دَخَلَ مَعَهُ عَلَيْهِ مِنْ الرِّبْحِ مِمَّا الْغَالِبُ حُصُولُهُ فِي الْمَالِ لَوْ رَبِحَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَقُولُ لَهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ لَا يَغْرَمُ رَبُّ الْمَالِ لِي شَيْئًا فَأَنْتَ كَذَلِكَ وَأَمَّا إنْ قَارَضَ بِإِذْنِ الْأَوَّلِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَلِلثَّانِي مَا شَرَطَهُ لِرَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي شَرْحِ عب وَاعْتَرَضَهُ ابْنُهُ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّنْظِيرِ لِعَدَمِ حُصُولِ الرِّبْحِ.
(قَوْلُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ تَلِفَ (قَوْلُهُ إطْلَاقُ الْخَسْرِ عَلَى مَا قَبْلَ الْعَمَلِ مَجَازٌ) أَيْ مَجَازُ اسْتِعَارَةٍ أَوْ مَجَازٌ مُرْسَلٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْخَسَارَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ لَهُمَا) هَذَا التَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ جَمِيعَ صُوَرِ الْمُخَالَفَةِ) أَيْ إلَّا مَسْأَلَةَ الْمُقَارَضَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلٍّ) أَيْ إنْ حُمِلَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُقَارَضَةِ فَاتَهُ مَسْأَلَتَانِ مَسْأَلَةُ الْمُشَارَكَةِ وَالْبَيْعِ بِالدَّيْنِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَسْأَلَتِهِمَا فَاتَهُ مَسْأَلَةُ الْمُقَارَضَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ إلَخْ عَلَى هَذَا يَكُونُ شَامِلًا لِجَمِيعِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ وَاتَّجَرَ بِهِ فَحَصَلَ خَسْرٌ أَوْ تَلَفٌ) أَقُولُ حَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ بِثَمَنٍ ثُمَّ اتَّجَرَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَرَبِحَ فِيهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ بَلْ ذَلِكَ لِرَبِّ السِّلْعَةِ وَأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ دَرَاهِمَ لِآخَرَ يَشْتَرِي بِهَا بِضَاعَةً ثُمَّ صَارَ يَتَّجِرُ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ حَتَّى حَصَلَ رِبْحٌ فَلَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ ثُمَّ إنَّ عج رَدَّ ذَلِكَ قَائِلًا وَفِي التَّمْثِيلِ
الْمَالِ وَحْدَهُ نَظَرًا لِمَا دَخَلَا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ إذَا شَارَكَ فِي الْمَالِ أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ فَخَسَارَتُهُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَالرِّبْحُ لَهُ وَلِرَبِّ الْمَالِ عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ مَالًا لَا عَلَى وَجْهِ التَّنْمِيَةِ كَالْمُودَعِ وَالْغَاصِبِ وَالْوَصِيِّ إذَا حَرَّكُوا الْمَالَ إلَى أَنْ نَمَا بِالتَّعَدِّي فَإِنَّ الرِّبْحَ لَهُمْ بِتَعَدِّيهِمْ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِمْ (ص) لَا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ (ش) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَالرِّبْحُ لَهُمَا أَيْ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَرَبِّ الْمَالِ إنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ لَا الرِّبْحُ لَهُمَا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ لَهُمَا أَيْ لَا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ فَقَطْ لِأَنَّ الْمَالَ بِيَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ فَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَالرِّبْحُ لَهُمَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بَلْ لِمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ.
(ص) أَوْ جَنَى كُلٌّ أَوْ أَخَذَ شَيْئًا فَكَأَجْنَبِيٍّ (ش) هَذَا مَفْهُومُ التَّلَفِ وَالْخَسْرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ أَوْ رَبَّ الْمَالِ إذَا جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْهُ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ فَيَكُونُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْأَخْذِ أَوْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ هُوَ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ وَالرِّبْحُ لِمَا بَقِيَ، وَأَمَّا مَا ذَهَبَ فَيُتَّبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَبْلَهُ يَكُونُ الْبَاقِي رَأْسَ الْمَالِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَرَأْسُ الْمَالِ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّ الرِّبْحَ يَجْبُرُهُ وَلَا يَجْبُرُهُ إذَا حَصَلَ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مَالٌ ضُمِنَ بِخِلَافِ الْخَسْرِ وَالتَّلَفِ مُطْلَقًا فَإِنَّ الرِّبْحَ يَجْبُرُهُمَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّلَفَ وَالْخَسْرَ يُجْبَرَانِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمُسْتَهْلَكِ فَإِنَّمَا يُجْبَرُ بَعْدُ لَا قَبْلُ.
(ص) وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ مِنْ رَبِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ سِلَعًا لِلتِّجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ
ــ
[حاشية العدوي]
بِالْوَكِيلِ وَالْمُبْضِعِ مَعَهُ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَأْخُذَا الْمَالَ لِلتَّنْمِيَةِ ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْوَكِيلِ لَا رِبْحَ لَهُ يُفْرَضُ فِيمَا بَاعَهُ بِالْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ رِبْحَهُ كَمَا إذَا أَمَرَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهَا بِأَكْثَرَ فَلَا يَأْخُذُ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الْأَكْثَرَ بَلْ لِرَبِّ السِّلْعَةِ وَأَمَّا لَوْ بَاعَهَا بِمَا أَمَرَهُ بِهِ ثُمَّ اتَّجَرَ فِي الثَّمَنِ فَرَبِحَ فَالرِّبْحُ لَهُ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ لَهُ ثَمَنًا يَشْتَرِي بِهِ سِلْعَةً فَاتَّجَرَ بِهِ فَالرِّبْحُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُودَعِ فِي الصُّورَتَيْنِ اهـ.
وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ الْمُفَادُ عب وشب إلَّا أَنَّ عج اسْتَدْرَكَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُفَادِ كَلَامًا يَأْتِي عَنْ تت يُخَالِفُهُ وَتَبِعَهُ عب فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ) الضَّمِيرُ فِي نَهَاهُ لِلْعَامِلِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ ثَانِيًا (قَوْلُهُ فَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَالرِّبْحُ لَهُمَا) أَيْ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْهَهُ فَصَارَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَنْهَهُ الْمُقَدَّرَ، وَالْمَعْطُوفُ قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ وَفِيهِ أَنْ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ أَحْسَنُ وَنَصُّهُ قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ إلَخْ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَفِيمَا تَقَدَّمَ حَذْفٌ أَيْضًا أَيْ وَالرِّبْحُ لَهُمَا إنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ لَا رِبْحَ لَهُمَا إنْ نَهَاهُ أَيْ وَجَعَلْنَا الْمَعْطُوفَ مَحْذُوفًا لِئَلَّا يَلْزَمَ عَطْفُ الْجُمَلِ بِلَا وَهُوَ قَلِيلٌ وَقَدَّرْنَا الشَّرْطَ لِأَجْلِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ اهـ. .
(قَوْلُهُ فَيُتَّبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ فَيُضَمُّ لِمَا بَقِيَ وَرِبْحُهُ مُتَّبَعًا بِهِ فِي ذِمَّتِهِ أَيْ بِحَيْثُ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ الَّذِي يَخُصُّهُ، وَقَوْلُهُ لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَبْلَهُ إلَخْ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ ذَلِكَ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا جَبْرَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَنْزِلُ جِنَايَةُ الْعَامِلِ أَوْ أَخْذُهُ أَوْ جِنَايَةُ رَبِّ الْمَالِ أَوْ أَخْذُهُ مَنْزِلَةَ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ أَخْذِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ جَنَى أَجْنَبِيٌّ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَيُضَمُّ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ وَرِبْحِهِ وَيُعْطَى رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَمَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ وَيُعْطَى لِلْعَامِلِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ فَكَذَا لَوْ جَنَى رَبُّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلُ يُعْطَى حُكْمَ ذَلِكَ فَإِذَا أَعْطَاهُ مِائَةً فَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَجَنَى عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ جِنَايَةً كَقَطْعِ يَدِهِ فَنَقَصَتْ مِنْ قِيمَتِهِ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَبَاعَهُ بِخَمْسِينَ وَاتَّجَرَ بِهَا فَصَارَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مَا نَقَصَتْهُ جِنَايَتُهُ فَيَأْخُذُ الْعَامِلُ فِي الْقِرَاضِ الْمَذْكُورِ مِائَةً وَيَدْفَعُ لِرَبِّ الْمَالِ خَمْسِينَ فَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ أَخَذَ مِائَةً رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ مِائَةٌ وَأَخَذَ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ تَنَافِيًا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَمَّا بَعْدَهُ إلَخْ يُعَارِضُ مَا صَدَّرَ بِهِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا صَدَّرَ بِهِ
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَهْلِكِ فَإِنَّمَا يُجْبَرُ بَعْدُ لَا قَبْلُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُنَاسِبَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا جَبْرَ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّ مَا أَتْلَفَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا يُضَمُّ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ رِبْحٌ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَلَا فَفِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ يُضَمُّ مَا أَتْلَفَهُ رَبُّ الْمَالِ لِلْبَاقِي وَكَأَنَّهُ مَالٌ حَاصِلٌ وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا كَمَا صَوَّرْنَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ مَا اُسْتُهْلِكَ مِنْ الْمَالِ مِثْلُ مَا ذَهَبَ أَوْ خُسِرَ؛ لِأَنَّ مَا اُسْتُهْلِكَ قَدْ ضَمِنَهُ وَلَا حِصَّةَ لِذَلِكَ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنْ تَسَلَّفَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْمَالِ وَأَكَلَهُ فَالنِّصْفُ الْبَاقِي رَأْسُ الْمَالِ وَرِبْحُهُ عَلَى مَا شَرَطَا وَعَلَى الْعَامِلِ غُرْمُ النِّصْفِ فَقَطْ وَلَا رِبْحَ لِذَلِكَ النِّصْفِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَإِذَا كَانَ الْقِرَاضُ مِائَةً فَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَجَنَى عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ جِنَايَةً نَقَصَتْهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ ثُمَّ بَاعَهُ الْعَامِلُ بِخَمْسِينَ فَعَمِلَ عَلَيْهَا فَرَبِحَ مَالًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ قَبْضًا لِرَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ حَتَّى يُحَاسِبَهُ وَيُفَاصِلَهُ وَيَحْسِبَهُ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ فَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مُضَافٌ إلَى هَذَا الْمَالِ انْتَهَى فَانْظُرْ لِذَلِكَ وَلَا تَلْتَفِتُ لِمَا عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الشُّرَّاحُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ مِنْ رَبِّهِ) الْمَنْقُولُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْكَرَاهَةُ حَيْثُ كَانَ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ لِلْقِرَاضِ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ فَجَائِزٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِنَسِيئَةٍ وَإِنْ أَذِنَ اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ شِرَاءِ الْعَامِلِ بِدَيْنٍ وَلَوْ بِإِذْنٍ إذَا كَانَ غَيْرَ مُدِيرٍ أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا الْمُدِيرُ فَلَهُ الشِّرَاءُ عَلَى الْقِرَاضِ بِالدَّيْنِ حَسْبَمَا مَضَى فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ قُلْت؛ لِأَنَّ عُرُوضَ الْمُدِيرِ كَالْعَيْنِ فِي الزَّكَاةِ وَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِكَوْنِ ثَمَنِ مَا يُشْتَرَى بِالدَّيْنِ يَفِي بِهِ مَالُ الْقِرَاضِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ اهـ.
قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ مَا يَشْتَرِيهِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَعَلَّلُوا الْمَنْعَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قِرَاضٍ بِعُرُوضٍ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ رَجَعَ إلَى رَبِّهِ وَكَأَنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ عُرُوضًا، وَأَمَّا شِرَاؤُهُ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ (ص) أَوْ بِنَسِيئَةِ وَإِنْ أَذِنَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَامِلَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِنَسِيئَةٍ إذَا أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ بَيْعَهُ بِالدَّيْنِ فِيهِ تَعْرِيضٌ لِإِتْلَافِ الْمَالِ وَهُوَ مِنْ حَقِّ رَبِّهِ فَإِذَا أَذِنَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا شِرَاؤُهُ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا فَالرِّبْحُ لَهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِرَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ» فَكَيْفَ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ رِبْحَ مَا يَضْمَنُهُ الْعَامِلُ فِي ذِمَّتِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِنَسِيئَةٍ أَيْ لِلْقِرَاضِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَارَكَ إنْ زَادَ مُؤَجَّلًا بِقِيمَتِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِنَسِيئَةٍ فَإِنْ وَقَعَ ضَمِنَ وَالرِّبْحُ لَهُ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ حِصَّةٌ مِنْ الرِّبْحِ وَلَوْ كَانَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ جَازَ إذْ تَخَلَّصَ حِينَئِذٍ مِنْ «نَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام مِنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ» (ص) أَوْ بِأَكْثَرَ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِلنَّهْيِ عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَضْمَنُ مَا زَادَ فِي ذِمَّتِهِ وَيَكُونُ فِي الْقِرَاضِ وَحِينَئِذٍ يُؤَدِّي إلَى مَا ذُكِرَ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى بِالزَّائِدِ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا بِنِسْبَةِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ.
(ص) وَلَا أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنْ الْأَوَّلِ (ش) الضَّمِيرُ فِي أَخْذِهِ يَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ عَلَى الْقِرَاضِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِرَاضًا ثَانِيًا مِنْ غَيْرِ رَبِّ الْمَالِ، وَعَدَمُ الْجَوَازِ إنْ كَانَ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةَ الْعَامِلِ فَإِنْ لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ الْعَمَلِ فِيهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِرَاضًا ثَانِيًا وَثَالِثًا وَمَفْهُومٌ مِنْ غَيْرِهِ جَوَازُهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنْ الْأَوَّلِ (ص) وَلَا بَيْعُ رَبِّهِ سِلْعَةً بِلَا إذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ بَيْعُ سِلْعَةٍ مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَامِلِ وَإِذَا مُنِعَ فِي سِلْعَةٍ فَأَحْرَى فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْعَامِلَ هُوَ الَّذِي يُحَرِّكُ الْمَالَ وَيُنَمِّيهِ وَلَهُ حَقٌّ فِيمَا يَرْجُوهُ مِنْ الرِّبْحِ فَإِذَا أَذِنَ الْعَامِلُ لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْبَيْعِ فَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ.
(ص) وَجَبَرَ خَسْرَهُ وَمَا تَلِفَ وَإِنْ قَبْلَ عَمَلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ (ش) يَعْنِي أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ يَجْبُرُ خَسْرَهُ وَمَا تَلِفَ مِنْهُ وَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ التَّلَفُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ قَبْلَ الْعَمَلِ فِيهِ مَا دَامَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِ الْعَامِلِ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَلَوْ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ لَا أَعْمَلُ حَتَّى تَجْعَلَ مَا بَقِيَ رَأْسَ الْمَالِ فَفَعَلَ وَأَسْقَطَ الْخَسَارَةَ أَوْ مَا تَلِفَ فَهُوَ أَبَدًا عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَالْغَايَةُ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا الْجَبْرُ بِالرِّبْحِ قَبْضُ رَبِّ الْمَالِ الْمَالَ حِسًّا بِأَنْ قَبَضَهُ مِنْهُ وَأَعْطَاهُ لَهُ فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ قِرَاضًا مُؤْتَنَفًا لَا يَجْبُرُ مَا تَلِفَ أَوْ خَسِرَ بِالرِّبْحِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَا أَخَذَهُ اللِّصُّ أَوْ الْعَشَّارُ يَجْبُرُهُ الرِّبْحُ وَلَوْ عُلِمَا وَقَدَرَ عَلَى الِانْتِصَافِ مِنْهُمَا، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْجَبْرَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ، وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ جَمِيعُهُ ثُمَّ أَخْلَفَهُ فَإِنَّ الرِّبْحَ لَا يَجْبُرُهُ وَهَذَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (ص) وَلَهُ الْخُلْفُ (ش) أَيْ فَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ أَوْ بَعْضُهُ قَبْلَ الْعَمَلِ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَخْلُفَهُ وَلَهُ أَنْ لَا يَخْلُفَهُ وَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ قَبُولُ الْخُلْفِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ص) فَإِنْ تَلِفَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَضْمَنُ مَا زَادَ فِي ذِمَّتِهِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِأَجَلٍ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ أَيْ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَغْرَمُ لَهُ قِيمَةَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَكُونُ الْمُشْتَرَى كُلُّهُ لِلْقِرَاضِ وَيَغْرَمُ لِلْعَامِلِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ هَذَا حَاصِلُهُ ثُمَّ أَقُولُ إنَّ ذَلِكَ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي حَلِّ قَوْلِهِ أَوْ شَارَكَ إلَخْ حَيْثُ قَالَ وَمَحَلُّ الْمُشَارَكَةِ إذَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ لِنَفْسِهِ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ فَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُ أَوْ يَدْفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ وَيَكُونُ جَمِيعُ مَا اشْتَرَاهُ بِالْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ قِرَاضًا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا أَحَدُ شِقَّيْ التَّخْيِيرِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ يَدْفَعُ لَهُ قِيمَتَهُ إلَخْ ثُمَّ إنَّ مُحَشِّي تت ذَكَرَ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ بَيَانٌ لِمَا يَفْعَلُ إذَا اشْتَرَى بِالنَّسِيئَةِ سَوَاءٌ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ وَهُنَا بَيَانٌ لِحُكْمِ الشِّرَاءِ نَعَمْ يَخُصُّ مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ بِمَا إذَا اشْتَرَى لِلْقِرَاضِ.
(قَوْلُهُ وَعَدَمُ الْجَوَازِ إذَا كَانَ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنْ الْأَوَّلِ) أَيْ وَإِذَا اشْتَغَلَ بِالثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ ضَمِنَ مَا حَصَلَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ تَلَفٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ (قَوْلُهُ وَلَا بَيْعُ رَبِّهِ سِلْعَةً بِلَا إذْنٍ) زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِلْعَامِلِ رَدُّهُ وَإِجَازَتُهُ.
(قَوْلُهُ وَجَبْرُ خَسْرِهِ إلَخْ) الْخَسْرُ مَا نَشَأَ عَنْ تَحْرِيكٍ وَالتَّلَفُ مَا نَشَأَ عَنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ وَالْمُرَادُ تَلَفُ بَعْضِهِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ رحمه الله بَعْدُ بِسَمَاوِيٍّ وَأَمَّا بِجِنَايَةٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ رحمه الله فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ أَوْ الْفَاسِدِ الَّذِي فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَأَمَّا الَّذِي فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلَا يَتَأَتَّى جَبْرٌ فِيهِ (قَوْلُهُ فَفَعَلَ وَأَسْقَطَ الْخَسَارَةَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرُ مَا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَحَكَى بَهْرَامُ مُقَابِلَهُ عَنْ جَمْعٍ قَالَ وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إعْمَالُ الشُّرُوطِ لِخَبَرِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» مَا لَمْ يُعَارِضْهُ نَصٌّ كَذَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ بِأَنْ قَبَضَهُ وَأَعْطَاهُ) أَيْ قَبْضًا صَحِيحًا عَلَى وَجْهِ الْبَرَاءَةِ كَمَا قَالَ أَصْبَغُ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ تَوَاطُؤٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْقَبْضَ وَلَوْ كَانَ صُورَةً يَكُونُ كَافِيًا فِي قَطْعِ حُكْمِ الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ لِإِطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا لَقَيَّدَهُ كَيْفَ وَهُوَ مَا بِهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ وَإِذَا ضَاعَ بَعْضُ الْمَالِ بِيَدِ الْعَامِلِ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ خُسِرَ أَوْ أَخَذَهُ اللُّصُوصُ أَوْ الْعَاشِرُ ظُلْمًا لَمْ يَضْمَنْهُ الْعَامِلُ إلَّا أَنَّهُ إنْ عَمِلَ بِبَقِيَّةِ الْمَالِ جَبَرَ مَا رَبِحَ فِيهِ أَصْلَ الْمَالِ وَمَا بَقِيَ بَعْدَ تَمَامِ رَأْسِ الْمَالِ الْأَوَّلِ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا انْتَهَى قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ فُجْلَةٍ
وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ أَخْذَ اللُّصُوصِ لَيْسَ مِنْ الْجِنَايَاتِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْجِنَايَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ
جَمِيعُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْخُلْفُ (ش) أَيْ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ قَبُولُ الْخُلْفِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّ الْمَالِ الْخُلْفُ لِإِفَادَتِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ فَيَلْزَمُ الْعَامِلَ الْقَبُولُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَفِي كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ هُنَا نَظَرٌ وَإِنْ تَلِفَ الْبَعْضُ لَزِمَهُ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْجَبْرُ أَيْ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ جَبْرُ الْمَالِ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي وَمَفْهُومُهُ إنْ تَلِفَ الْبَعْضُ لَزِمَهُ الْجَبْرُ وَعَلَى كُلٍّ يَصِيرُ سَاكِتًا عَنْ حُكْمِ الْأُخْرَى وَعَلَى كُلٍّ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْعَامِلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَلْزَمُهُ الْخُلْفُ تَلِفَ الْكُلُّ أَوْ الْبَعْضُ فَإِنْ أَخْلَفَ رَبُّ الْمَالِ لَزِمَ الْعَامِلَ الْقَبُولُ فِي تَلَفِ الْبَعْضِ لَا الْكُلِّ إنْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَفِي تَلَفِ الْجَمِيعِ يَكُونُ الثَّانِي قِرَاضًا مُؤْتَنَفًا وَلَا يُجْبَرُ خَسْرُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي وَفِي تَلَفِ الْبَعْضِ يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ الْأَوَّلَ وَيُجْبَرُ خَسْرُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي (ص) وَلَزِمَتْهُ السِّلْعَةُ (ش) أَيْ وَلَزِمَتْ الْعَامِلَ السِّلْعَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا إنْ تَلِفَ الْجَمِيعُ حَيْثُ لَمْ يُخْلِفْ رَبُّ الْمَالِ مَا تَلِفَ أَوْ أَخْلَفَهُ وَأَبَى الْعَامِلُ قَبُولَهُ فَيَكُونُ لَهُ رِبْحُهَا وَخَسَارَتُهَا، وَأَمَّا إذَا أَخْلَفَ رَبُّ الْمَالِ مَا تَلِفَ وَقَبِلَهُ الْعَامِلُ فَإِنَّهَا تَكُونُ عَلَى الْقِرَاضِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى بِجَمِيعِ الْمَالِ سِلْعَةً وَتَلِفَ بَعْضُ الْمَالِ قَبْلَ إقْبَاضِهِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ وَلَمْ يُخْلِفْ مَا تَلِفَ رَبُّ الْمَالِ وَأَخْلَفَهُ الْعَامِلُ فَإِنَّهُ يُفَضُّ الرِّبْحُ عَلَى مَا دَفَعَ الْعَامِلُ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ وَعَلَى مَا دَفَعَ فِيهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَمَا نَابَ مَا دَفَعَ فِيهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَجْبُرُ بِهِ الْخَسْرَ فَإِنْ فَضَلَتْ مِنْهُ فَضْلَةٌ كَانَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرْطًا، وَأَمَّا مَا يَنُوبُ مَا دَفَعَهُ الْعَامِلُ فَيَخْتَصُّ بِهِ.
(ص) وَإِنْ تَعَدَّدَ فَالرِّبْحُ كَالْعَمَلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا تَعَدَّدَ فَإِنَّ الرِّبْحَ يُفَضُّ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ كَشُرَكَاءِ الْأَبْدَانِ أَيْ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ وَيَخْتَلِفَا فِي الرِّبْحِ أَوْ بِالْعَكْسِ بَلْ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَالضَّمِيرُ فِي تَعَدَّدَ عَائِدٌ عَلَى الْعَامِلِ لَا عَلَى الْقِرَاضِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَدَّدُ وَالْعَامِلُ وَاحِدٌ.
(ص) وَأَنْفَقَ إنْ سَافَرَ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ وَاحْتَمَلَ الْمَالُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا سَافَرَ لِلتِّجَارَةِ وَتَنْمِيَةِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ جَمِيعَ نَفَقَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ مُدَّةَ سَفَرِهِ وَمُدَّةَ إقَامَتِهِ بِبَلَدٍ يَتَّجِرُ فِيهِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى بَلَدِهِ فَقَبْلَ مُدَّةِ الْخُرُوجِ لِلسَّفَرِ لَا نَفَقَةَ لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَشْغَلَهُ التَّزَوُّدُ لِلسَّفَرِ عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَزَوَّجْ فِي حَالِ سَفَرِهِ فَإِنْ تَزَوَّجَ وَبَنَى بِهَا أَوْ دُعِيَ لِلدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ حِينَئِذٍ وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ لِغَيْرِ أَهْلٍ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ سَافَرَ لِمَحَلٍّ لَيْسَ لَهُ بِهِ زَوْجَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِهِ، وَمَسْأَلَةُ لِغَيْرِ أَهْلٍ سَافَرَ لِمَحَلٍّ لَهُ بِهِ زَوْجَةٌ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ وَمِنْ شُرُوطِ النَّفَقَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ يَحْتَمِلُهَا بِأَنْ كَانَ لَهُ بَالٌ فَلَا نَفَقَةَ فِي الْمَالِ الْيَسِيرِ وَهَلْ الْكَثْرَةُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِمَالِكٍ وَوَقَعَ لَهُ السَّبْعُونَ يَسِيرٌ وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ فِي الْخَمْسِينَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى
ــ
[حاشية العدوي]
الْبَاقِيَ رَأْسُ الْمَالِ فَلَا جَبْرَ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْجِنَايَاتِ غَيْرُ مَا ذَكَرَ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَيْ فَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ إلَخْ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَلْزَمَ الْعَامِلَ الْقَبُولُ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ نَظَرٌ) حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ الْبِسَاطِيُّ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ وَلَهُ الْخُلْفُ عَلَى تَلَفِ الْبَعْضِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْخُلْفُ أَيْ لَا لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا لِلْعَامِلِ وَأَفَادَ أَنَّهُ حَيْثُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَهُ الْخُلْفُ أَيْ عِنْدَ تَلَفِ الْبَعْضِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْقَبُولُ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الْبِسَاطِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَمَّمَ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْخُلْفُ لَا رَبَّ الْمَالِ وَلَا الْعَامِلَ (أَقُولُ) وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ جَبْرُ الْأَوَّلِ) أَيْ جَبْرُ خَسْرِ الْأَوَّلِ بِرِبْحِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَلَزِمَتْهُ السِّلْعَةُ) ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْقِرَاضِ أَوْ لَا وَقَيَّدَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِالثَّانِي وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يَلْزَمُهُ وَفِي الْوَكَالَةِ مَا يُنَاسِبُهُ وَكَلَامُ تت عَنْ الطِّخِّيخِيُّ فِي طُرَرِ التَّهْذِيبِ يَقْتَضِي عَدَمَ ارْتِضَائِهِ لِلْقَيْدِ الْمَذْكُورِ وَحَيْثُ إنَّ السِّلْعَةَ لَزِمَتْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَتْ عَلَيْهِ وَمَا رَبِحَ فَلَهُ وَمَا وَضَعَ فَعَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ فَالرِّبْحُ كَالْعَمَلِ) الْمُنَاسِبُ فَالْعَمَلُ كَالرِّبْحِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ مُسْتَقْبَلٌ مَجْهُولٌ وَبَيَانُ الرِّبْحِ حَالٌ مَعْلُومٌ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُحَالَ الْمُسْتَقْبَلَ الْمَجْهُولَ عَلَى الْحَالِ الْمَعْلُومِ فَإِذَا دَفَعَ الْقِرَاضَ عَلَى أَنَّ لِوَاحِدٍ نِصْفَ الرِّبْحِ وَلِلْآخِرِ السُّدُسَ فَعَلَى صَاحِبِ السُّدُسِ رُبُعُ عَمَلِ الْقِرَاضِ وَعَلَى صَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ يُضَمُّ لَهَا السُّدُسُ الرَّابِعُ ثُمَّ يُنْسَبُ وَاحِدٌ لِمَجْمُوعِ الْأَرْبَعَةِ فَالْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَيْهِمَا بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَلَيْسَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَمَلٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) وَلَهُمَا حِينَئِذٍ أَجْرُ مِثْلِهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ جَوَازُ ذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَهْرَامَ.
(قَوْلُهُ وَأَنْفَقَ) فِي طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَرُكُوبٍ وَسَكَنٍ وَحَمَّامٍ وَحَلْقِ رَأْسٍ إنْ سَافَرَ فِي ذَهَابِهِ وَإِقَامَتِهِ وَرُجُوعِهِ حَتَّى يَصِلَ لِبَلَدِهِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ) أَيْ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهِ فَإِنْ أَنْفَقَ فِي سَفَرِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ رَجَعَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنْ هَلَكَ أَوْ زَادَ إنْفَاقُهُ عَلَيْهِ لِطُرُوِّ حَادِثٍ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّهُ وَيَنْبَغِي إذَا أَنْفَقَ سَرَفًا أَنْ يَكُونَ لَهُ الْقَدْرُ الْمُعْتَادُ (قَوْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا يُنَاسِبُ قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ) الْحَاصِلُ أَنَّ اللَّخْمِيَّ وَكَذَا أَبُو الْحَسَنِ يَقُولُ إنَّهُ إذَا أَشْغَلَهُ التَّزَوُّدُ لِلسَّفَرِ عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يُقْتَاتُ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُنْفِقُ (أَقُولُ) وَهُوَ تَقْيِيدٌ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ عَوَّلَ عب إلَّا أَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا الْإِطْلَاقُ فَلِذَا ضَعَّفَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَزَوَّجَ وَبَنَى بِهَا) أَيْ فِي الْبَلَدِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَتَّجِرَ فِيهَا بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْقِطَ لِلنَّفَقَةِ الْبِنَاءُ بِهَا بِالْمَحَلِّ الَّذِي ذَهَبَ لَهُ لِلتَّجْرِ وَالشِّرَاءِ لَا بِالطَّرِيقِ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْكَثْرَةُ بِالِاجْتِهَادِ) وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ لَهُ السَّبْعُونَ يَسِيرٌ) أَيْ السَّبْعُونَ
السَّفَرِ الْبَعِيدِ وَالثَّانِي عَلَى الْقَرِيبِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ وَقَوْلِهِ لِغَيْرِ أَهْلٍ أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ بِزَوْجَتِهِ أَنَّ لَهُ النَّفَقَةَ فِي سَفَرِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا
وَأَمَّا فِي إقَامَتِهِ فِي الْبَلَدِ فَهَلْ لَهُ النَّفَقَةُ أَمْ لَا بِمَنْزِلَةِ بَلَدٍ بَنَى فِيهَا بِزَوْجَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ (ص) لِغَيْرِ أَهْلٍ وَحَجٍّ وَغَزْوٍ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سَافَرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ يُنْفِقُ إذَا سَافَرَ لِلتِّجَارَةِ لَا إنْ سَافَرَ لِأَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ وَلَا كِسْوَةَ لَا فِي ذَهَابِهِ وَلَا فِي إيَابِهِ لِأَنَّ مَا لِلَّهِ لَا يُشْرَكُ مَعَهُ غَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الزَّوْجَةُ الْمَدْخُولُ بِهَا لَا الْأَقَارِبُ وَمِثْلُ سَفَرِ الْحَجِّ وَالْغَزْوِ السَّفَرُ لِسَائِرِ الْقُرَبِ كَصِلَةِ الرَّحِمِ ثُمَّ إنَّ كُلَّ مَنْ سَافَرَ لِقُرْبَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهُ حَتَّى فِي رُجُوعِهِ لِبَلَدٍ لَيْسَ فِيهَا قُرْبَةٌ بِخِلَافِ مَنْ سَافَرَ لِأَهْلِهِ فَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ لِبَلَدٍ لَيْسَ بِهَا أَهْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ سَفَرَ الْقُرْبَةِ الرُّجُوعُ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا كَذَلِكَ الرُّجُوعُ مِنْ عِنْدِ الْأَهْلِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ سَافَرَ لِبَلَدٍ وَمَرَّ بِمَكَّةَ لِكَوْنِهَا بِطَرِيقِهِ وَقَصْدُهُ الْحَجَّ أَيْضًا فَإِنَّ لَهُ النَّفَقَةَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ النُّسُكِ وَتَوَجُّهِهِ لِبَلَدِ التِّجَارَةِ وَقَوْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِأَنْفَقَ أَيْ أَنْفَقَ إنْفَاقًا مُلْتَبِسًا بِالْمَعْرُوفِ وَقَوْلُهُ فِي الْمَالِ حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْإِنْفَاقِ فِي الْمَالِ بِمَعْنَى أَنَّ نَفَقَةَ الْعَامِلِ بِالْمَعْرُوفِ أَيْ النَّفَقَةَ الْجَارِيَةَ بِهَا الْعَادَةُ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُنَاسِبُ وَهَذِهِ النَّفَقَةُ تَكُونُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ فَلَوْ أَنْفَقَ فِي سَفَرِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ هَلَكَ مَالُ الْقِرَاضِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَكَذَا إنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ لَمْ يَرْجِعْ بِالزَّائِدِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ.
(ص) وَاسْتَخْدَمَ إنْ تَأَهَّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ مَنْ يَخْدُمُهُ فِي حَالِ سَفَرِهِ إنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا وَكَانَ مِثْلُهُ لَا يَخْدُمُ نَفْسَهُ وَقَالَ بَعْضٌ إنْ تَأَهَّلَ لِلْخِدْمَةِ مَعَ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ وَهِيَ إنْ سَافَرَ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ وَاحْتَمَلَ الْمَالُ وَأَنْ يَكُونَ السَّفَرُ لِلْمَالِ (ص) لَا دَوَاءٍ (ش) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَأَنْفَقَ فِي أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا لَا فِي دَوَاءٍ وَالرَّفْعُ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ وَلَهُ الْإِنْفَاقُ لَا دَوَاءٌ أَوْ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ لَا عَلَى أَنَّهَا عَامِلَةٌ عَمَلَ لَيْسَ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا لَهُ دَوَاءٌ أَيْ لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ وَالْجُمْلَةُ حِينَئِذٍ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَهِيَ جَوَابُ سُؤَالٍ اقْتَضَتْهُ الْجُمْلَةُ الْأُولَى أَيْ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ بِشَرْطِهِ اقْتَضَى ذَلِكَ السُّؤَالَ عَنْ الدَّوَاءِ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا هَذَا وَلَا يَخْفَى أَنْ لَا الْعَاطِفَةَ غَيْرُ الْعَامِلَةِ إذْ الْأُولَى تَقْتَضِي مُشَارَكَةَ مَا بَعْدَهَا لِمَا قَبْلَهَا فِي إعْرَابِهِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ مِنْ الدَّوَاءِ الْحِجَامَةُ وَالْفَصْدُ وَحَلْقُ الرَّأْسِ وَالْحَمَّامِ إنْ اُحْتِيجَ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ النَّفَقَةِ.
(ص) وَاكْتَسَى إنْ بَعُدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ يَكْتَسِي إنْ بَعُدَ سَفَرُهُ وَيَلْزَمُ مِنْ الْبُعْدِ طُولُ الزَّمَنِ فَيُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ لَازِمِهِ فَلَا يَكْتَسِي فِي الزَّمَنِ الْقَصِيرِ. قَوْلُهُ إنْ بَعُدَ أَيْ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الْأَعَمِّ
ــ
[حاشية العدوي]
دِينَارًا كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ أَيْ فَيُنْفَقُ فِيمَا زَادَ عَلَى السَّبْعِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ الْخَمْسِينَ أَيْ لَا فِي أَقَلَّ، وَقَوْلُهُ وَجَمَعَ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ يُرْجِعُ الْأَمْرَ إلَى الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ أَنَّ لَهُ النَّفَقَةَ فِي سَفَرِهِ ذَهَابًا) أَيْ عَلَى نَفْسِهِ لَا أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ السُّرِّيَّةَ كَالزَّوْجَةِ وَالظَّاهِرُ كَمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا تَعُودُ لَهُ النَّفَقَةُ، وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ لَا لِلزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ) أَيْ دَوَامَ التَّزْوِيجِ كَالِابْتِدَاءِ أَيْ فَيُنْفِقُ
وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ أَيْ فَلَا يُنْفِقُ كَذَا مُفَادُ عب أَيْ دَوَامُهُ لِتَزْوِيجِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ كَابْتِدَائِهِ لَهُ وَقَدْ أَنْفَقَ فِي حَالِ الِابْتِدَاءِ فَكَذَا فِي حَالَةِ الِانْتِهَاءِ، وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ لَيْسَ دَوَامُهُ لِتَزْوِيجِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ كَابْتِدَائِهِ أَيْ فَلَا يُنْفِقُ وَفِي شَرْحِ شب مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ بِنَاءً رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَمْ لَا أَيْ دَوَامُهُ لِلتَّزْوِيجِ كَابْتِدَاءِ التَّزْوِيجِ فِي مُنْتَهَى سَفَرِهِ أَيْ فَلَا يُنْفِقُ، وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ أَيْ فَيُنْفِقُ فَفِي الْعِبَارَةِ عَلَيْهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ فَعَلَى كَلَامِ عب يَكُونُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِنْفَاقَ وَفَهِمَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ دَوَامَ السَّفَرِ كَابْتِدَائِهِ أَيْ فَيُنْفِقُ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ أَيْ دَوَامُ السَّفَرِ لَيْسَ كَابْتِدَائِهِ فَلَا يُنْفِقُ وَهُوَ مَعْنًى آخَرُ لِلْعِبَارَةِ عَلَى فَهْمِ عب غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا وَهُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَعَارَضَ الْفَهْمَانِ فَهْمُ عب وَفَهْمُ شب وَمَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا وَالْأَقْرَبُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ شب إذْ لَوْ كَانَ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا لَقَالَ أَوَّلًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَالْحَاصِلُ كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ عَلَى فَهْمِ شب يَكُونُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِنْفَاقَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ شَارِحُنَا فِي ك مِنْ التَّقْرِيرِ حَيْثُ قَالَ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَلَوْ سَافَرَ بِزَوْجَتِهِ يُنْفِقُ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِقَامَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ لِغَيْرِ أَهْلٍ) فَلَوْ سَافَرَ لِوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ سَقَطَ الْإِنْفَاقُ قَصَدَ الْمَالَ أَمْ لَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ تَابِعَةً أَوْ مَتْبُوعَةً (قَوْلُهُ لِأَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ إلَّا الْأَهْلَ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ فِي الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ لَا الْأَقَارِبُ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ صِلَةَ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ) أَيْ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَنْفَقَ) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِ مَعْنًى فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَيْ إنْفَاقًا مُلْتَبِسًا بِالْمَعْرُوفِ.
(قَوْلُهُ مَنْ يَخْدُمُهُ فِي حَالِ سَفَرِهِ) أَيْ لَا فِي الْحَضَرِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِعَمَلِ نَفْسِهِ فِي الْقِرَاضِ يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِخْدَامِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ) تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَحْمَدَ وَرَدَّهُ عج وَتَبِعَهُ عب بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ قَائِلًا وَأَمَّا عَدَمُ الْبِنَاءِ بِزَوْجَتِهِ وَكَوْنُهُ لِغَيْرِ حَجٍّ وَغَزْوٍ وَقُرْبَةٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِخْدَامِ خِلَافًا لَهُ أَيْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ.
(قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ بِاعْتِبَارِ لَازِمِهِ) أَيْ فَيُرَادُ اللَّازِمُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ إنْ بَعُدَ كِنَايَةً مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ الَّذِي هُوَ طُولُ الزَّمَنِ أَيْ بِحَيْثُ يُمْتَهَنُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الْأَعَمِّ) أَيْ وَهُوَ النَّفَقَةُ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْأَخَصِّ أَيْ
فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْأَخَصِّ وَالْبُعْدُ زَائِدٌ عَلَى الْإِنْفَاقِ.
(ص) وَوَزَّعَ إنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ وَإِنْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ غَيْرِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لِغَيْرِ أَهْلٍ وَحَجٍّ وَغَزْوٍ فَأَعْطَاهُ إنْسَانٌ قِرَاضًا وَلَوْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ لِحَاجَتِهِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ تُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ مَا يُنْفِقُهُ فِي خُرُوجِهِ لِلْحَاجَةِ وَعَلَى قَدْرِ مَالِ الْقِرَاضِ فَإِذَا كَانَ قَدْرُ مَا يُنْفِقُهُ فِي حَاجَتِهِ مِائَةً وَمَالُ الْقِرَاضِ مِائَةً كَانَ عَلَى كُلٍّ نِصْفُ مَا يُنْفِقُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ أَيْ لِلْحَاجَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى اللَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِسُقُوطِ النَّفَقَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَاَلَّذِي خَرَجَ لِأَهْلِهِ وَعَزَاهُ لِلْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَزَاهُ فِي اخْتِصَارِ الْمُتَيْطِيَّةِ لِلْمَشْهُورِ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ خِلَافُ نَصِّهَا، وَأَمَّا عَلَى حَمْلِهِ أَنَّهُ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ لِلْقِرَاضِ فَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ (ص) وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّهِ عَالِمًا عَتَقَ عَلَيْهِ إنْ أَيْسَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا اشْتَرَى بِمَالٍ الْقِرَاضِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ حَالَ كَوْنِ الْعَامِلِ عَالِمًا أَنَّ الرَّقِيقَ قَرِيبٌ لِرَبِّ الْمَالِ كَالْأُبُوَّةِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ إنْ أَيْسَرَ سَوَاءٌ عَلِمَ الْعَامِلُ بِالْحُكْمِ أَيْ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَمْ لَا إذْ الْجَهْلُ بِهِ لَا أَثَرَ لَهُ عِنْدَهُمْ هُنَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ
وَإِذَا عَتَقَ الْعَبْدُ عَلَى الْعَامِلِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِرَبِّ الْمَالِ لَا لِلْعَامِلِ وَيَغْرَمُ ثَمَنَهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَيَغْرَمُ لَهُ أَيْضًا رِبْحَهُ الْكَائِنَ فِي الْعَبْدِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَيَجْعَلُ ذَلِكَ فِي الْقِرَاضِ مِثَالُهُ لَوْ أَعْطَاهُ مِائَةً رَأْسَ مَالٍ يَتَّجِرُ بِهَا فَصَارَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَاشْتَرَى بِهَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَالِمًا بِالْقَرَابَةِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ وَيَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ حَيْثُ كَانَ لِلْعَامِلِ نِصْفُ الرِّبْحِ وَكَوْنُ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِ عَائِدًا عَلَى الْعَامِلِ يُفِيدُهُ قَوْلُهُ إنْ أَيْسَرَ وَمَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ وَغَيْرَ عَالِمٍ فَعَلَى رَبِّهِ (ص) وَإِلَّا بِيعَ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ وَرِبْحِهِ قَبْلَهُ وَعَتَقَ بَاقِيهِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ مُوسِرًا وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ أَيْ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ وَرِبْحِهِ أَيْ رِبْحِ رَبِّ الْمَالِ الْكَائِنِ فِي الْمَالِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَيَعْتِقُ بَاقِيهِ هَذَا إنْ تَيَسَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ وَإِلَّا بِيعَ كُلُّهُ لِأَجْلِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَهُوَ الْكِسْوَةُ أَيْ وَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَاكْتَسَى إنْ بَعُدَ فِي مَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ أَيْ وَلَكِنْ مَا يَكْتَسِي إلَّا إذَا بَعُدَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ يَكْتَسِي مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْكِسْوَةَ مِنْ أَفْرَادِ الْإِنْفَاقِ وَبِهَذَا تَصِحُّ الْعِبَارَةُ وَقَدْ كُنَّا اعْتَرَضْنَا سَابِقًا بِأَنَّهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْكِسْوَةَ مِنْ أَفْرَادِ الْإِنْفَاقِ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ النَّفَقَةَ تُوَزَّعُ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْخُرُوجِ لِلْحَاجَةِ تُوَزَّعُ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا وَالْخُرُوجِ لِلْأَهْلِ لَا تُوَزَّعُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا بِالْكُلِّيَّةِ أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ سَافَرَ لِزَوْجَتِهِ يَكُونُ جُلُّ مُهِمَّاتِهِ الزَّوْجَةَ لَا الْقِرَاضَ بِخِلَافِ الْحَاجَةِ وَأَيْضًا الْحَاجَةُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهَا (قَوْلُهُ تُوَزَّعُ إلَخْ) قَالَ عج الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ أَنَّ التَّوْزِيعَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى قَدْرِ النَّفَقَةِ فِي الْحَاجَةِ وَقَدْرِ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لَا نَفْسِ مَالِ الْقِرَاضِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي هَذَا التَّوْزِيعِ عِنْدِي نَظَرٌ أَيْ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُحَاصَّةُ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ فِي حَاجَتِهِ مَعَ مَبْلَغِ مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي حَاجَتِهِ مِنْ آثَارِ حَاجَتِهِ كَمَا أَنَّ نَفَقَتَهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ مِنْ آثَارِ الْقِرَاضِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُحَاصَّاتُ فِي الْآثَارِ بِحَسَبِ مُؤَثِّرَاتِهَا وَعِلَلِهَا لَا بِحَسَبِ أَحَدِ الْأَثَرَيْنِ مَعَ الْمُؤَثِّرِ وَوَجْهُ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُجْعَلُ قَضَاءُ حَاجَتِهِ رَأْسَ مَالٍ تُفَضُّ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقِرَاضِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ نَحْوُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَفِيهَا وَإِنْ خَرَجَ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ قِرَاضًا فَلَهُ أَنْ يَفُضَّ النَّفَقَةَ عَلَى مَبْلَغِ قِيمَةِ نَفَقَتِهِ فِي سَفَرِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَمَبْلَغِ مَالِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ قَدْرِ مَا يُنْفِقُهُ فِي خُرُوجِهِ) أَيْ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَعَزَاهُ فِي اخْتِصَارِ الْمُتَيْطِيَّةِ لِلْمَشْهُورِ) أَقُولُ حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ مَا ذَكَرَهُ فِي اخْتِصَارِ الْمُتَيْطِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ كَاَلَّذِي خَرَجَ إلَى أَهْلِهِ وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لِلْمَشْهُورِ
(قَوْلُهُ وَأَمَّا إرْجَاعُهُ لِلْقِرَاضِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ وَإِنْ خَرَجَ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ قِرَاضًا إلَخْ. فَإِذَنْ لَا صِحَّةَ لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ وَإِنْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ لِلْقِرَاضِ وَلَا يَظْهَرُ أَيْضًا قَوْلُ شَارِحِنَا وَإِنْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ لِلْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِلْحَاجَةِ يَسْتَلْزِمُ التَّزَوُّدَ لَهَا إذْ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَهُ بَلْ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا ذُكِرَ هَذَا فِيمَنْ أَخَذَ مَالَيْنِ وَنَصُّهَا وَمَنْ تَجَهَّزَ لِلسَّفَرِ بِمَالٍ أَخَذَهُ قِرَاضًا مِنْ رَجُلٍ وَاكْتَرَى وَتَزَوَّدَ ثُمَّ أَخَذَ قِرَاضًا ثَانِيًا مِنْ غَيْرِهِ فَلْيَحْسِبْ نَفَقَتَهُ وَرُكُوبَهُ عَلَى الْمَالَيْنِ بِالْحِصَصِ اهـ. فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَوَزَّعَ إنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَوْ أَخَذَ ثَانِيًا وَإِنْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ كَمَا أَفَادَهُ الْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِرَبِّ الْمَالِ) أَيْ لِأَنَّ الْعَامِلَ كَأَنَّهُ الْتَزَمَ عِتْقَهُ عَنْ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ ثَمَنَهُ لِرَبِّ الْمَالِ) وَالْمُنَاسِبُ وَيَغْرَمُ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ الْكَائِنَ فِي الْعَبْدِ قَبْلَ الشِّرَاءِ) الْأَحْسَنُ الْكَائِنُ فِي الْمَالِ قَبْلَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ فِي الْقِرَاضِ) اعْتَرَضَهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ مُرَادَ الْأَئِمَّةِ يَغْرَمُ حِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ لَا أَنَّهُ يَجْعَلُ الرِّبْحَ فِي الْقِرَاضِ وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ الْمَعْنَى وَيَجْعَلُ ذَلِكَ فِي الْقِرَاضِ إنْ شَاءَا مَعًا وَيَكُونُ قِرَاضًا مُؤْتَنَفًا (قَوْلُهُ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ الْكَائِنِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ قَبْلَ حُصُولِ الرِّبْحِ فِيهِ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ كُلُّهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَكْثَرُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ
حَقِّ رَبِّ الْمَالِ، وَأَمَّا الرِّبْحُ الْكَائِنُ فِي الْعَبْدِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْهُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَرْبَحُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَّا فِي صُورَةٍ تَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ أَصْلُ الْقِرَاضِ مِائَةً فَتَجَرَ فِيهَا الْعَامِلُ فَرَبِحَ مِائَةً ثُمَّ اشْتَرَى بِالْمِائَتَيْنِ قَرِيبَ رَبِّ الْمَالِ وَكَانَ هَذَا الْقَرِيبُ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ حِينَئِذٍ النِّصْفُ بِمِائَةٍ رَأْسِ الْمَالِ وَخَمْسِينَ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَيَعْتِقُ مِنْهُ النِّصْفُ لِأَنَّ حِصَّةَ الْعَامِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ خَمْسُونَ أَفْسَدَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِعِلْمِهِ وَالْمِائَةُ الرِّبْحُ فِي نَفْسِ الْعَبْدِ هَدَرٌ.
(ص) وَغَيْرُ عَالِمٍ فَعَلَى رَبِّهِ وَلِلْعَامِلِ رِبْحُهُ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِقَرَابَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ حِينَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَالْعَامِلُ مَعْذُورٌ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْقَرَابَةِ وَلِلْعَامِلِ رِبْحُهُ فِيهِ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ وَأَوْلَى رِبْحُهُ قَبْلَهُ فَالضَّمِيرُ فِي فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ مُوسِرٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَالْحُكْمُ أَنَّ حِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ تَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْ مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمِنْ الرِّبْحِ وَتَبْقَى حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْعَبْدِ مِلْكًا لَهُ وَلَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَتَبْقَى حِصَّةُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ عَلَى مِلْكِهِ.
(ص) وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلِمَ عَتَقَ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا كَانَ مُوسِرًا ثُمَّ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّ هَذَا الْعَبْدَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَبِيهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلُ فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ وَفِي قِيمَةِ الْعَبْدِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ لَا يُقَالُ أَنَّهُ رَبِحَ فِي قَرِيبِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا وَالِامْتِنَاعُ حَيْثُ أَخَذَ فَإِذَا دَفَعَ لَهُ مِائَةً رَأْسَ مَالٍ فَرَبِحَ فِيهَا خَمْسِينَ وَاشْتَرَى بِهَا وَلَدَ نَفْسِهِ عَالِمًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَكْثَرَ غَرِمَهُ مَا عَدَا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ فِي الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَكْثَرَ غَرِمَهَا مَا عَدَا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ (ص) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ رِبْحٌ يَوْمَ الْحُكْمِ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ كَانَتْ خَسَارَةً لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمَالِ تَعَلَّقَ لَهُ حَقٌّ بِهِ فَصَارَ شَرِيكًا وَرُدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِالْمَالِ وَيَكُونُ شَرِيكًا حَتَّى يَحْصُلَ رِبْحٌ (ص) وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ عَالِمًا حِينَ شِرَائِهِ لِلْعَبْدِ بِأَنَّهُ أَبُوهُ مَثَلًا وَالْحَالُ أَنَّهُ مُوسِرٌ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ أَيْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهَا مَا عَدَا حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْهَا فَقَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ فِيهِ مُسَامَحَةً إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ كُلَّ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْته وَمَحَلُّ عِتْقِهِ حَيْثُ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ وَإِلَّا فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ وَيُبَاعُ وَيُدْفَعُ لِرَبِّ الْمَالِ مَالُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَ عَلَى الْعَامِلِ لِكَوْنِهِ شَرِيكًا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ لَا شَرِكَةٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ عِتْقُ جُزْءٍ حَتَّى تُقَوَّمَ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ فَلَا يُرَاعَى فَضْلٌ وَلَا عَدَمُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَ فِي الْعِلْمِ بِالتَّعَدِّي وَقَيْدُ كَوْنِ فِي الْمَالِ فَضْلٌ يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ قَدَّمَ قَوْلَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ عَلَى هَذَا
وَقَوْلُهُ (ص) إنْ أَيْسَرَ فِيهِمَا (ش) أَيْ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ (ص) وَإِلَّا بِيعَ بِمَا وَجَبَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ مُوسِرًا فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ بِمَا وَجَبَ لِرَبِّ الْمَالِ وَاَلَّذِي وَجَبَ عَلَى الْعَامِلِ فِي حَالَةِ عِلْمِهِ رَأْسُ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّهِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ الْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ حَيْثُ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَالْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ حَيْثُ لَمْ
ــ
[حاشية العدوي]
إلَّا مَنْ يَشْتَرِيهِ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ بِيعَ كُلُّهُ فِي الْأَوَّلِ وَأَكْثَرُهُ فِي الثَّانِي وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَهُ وَفِيهِ وَكَذَا رَبُّ الْمَالِ، وَقَوْلُهُمْ لَا يَرْبَحُ الشَّخْصُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ حَيْثُ عَتَقَ (قَوْلُهُ إلَّا فِي صُورَةٍ تَأْتِي) هِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ) وَإِذَا تَنَازَعَا فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إلَخْ) أَيْ يَوْمَ الشِّرَاءِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى رِبْحُهُ قَبْلَ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ الْمَنْقُولِ وَالْمَنْقُولُ رِبْحُهُ قَبْلَهُ لَا فِيهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ وَالصَّوَابَ أَنَّ الْمُرَادَ حُصُولُ الرِّبْحِ الْكَائِنِ قَبْلَ الشِّرَاءِ.
(قَوْلُهُ عَتَقَ بِالْأَكْثَرِ) أَيْ يُحْكَمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّ هَذَا الْعَبْدَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) الْمُنَاسِبُ كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ وَالِدُهُ (قَوْلُهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَثَمَنِهِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَوْلُ عب قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَابْنُ عَرَفَةَ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ الْحُكْمِ مُعْتَرَضٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ مُحَشِّي تت أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَالُ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ، وَلَوْ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ لَكَانَ أَبْيَنَ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ يَقُولُ) أَيْ وَهُوَ الْمُغِيرَةُ (قَوْلُهُ فَبِقِيمَتِهِ) أَيْ يَعْتِقُ يَوْمَ الْحُكْمِ فِي مُقَابَلَةِ قِيمَتِهِ الَّتِي يَغْرَمُهَا لِرَبِّ الْمَالِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ يَوْمَ الْحُكْمِ أَقَلَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ ذَلِكَ فَقَطْ فَإِذَا كَانَ بِيَدِهِ مِائَةٌ وَاتَّجَرَ بِهَا فَصَارَتْ مِائَتَيْنِ وَاشْتَرَى بِهَا قَرِيبَهُ غَيْرَ عَالِمٍ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ خَمْسُونَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْخَمْسِينَ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُعْذَرُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ وَتُبَاعُ وَيَدْفَعُ لِرَبِّ الْمَالِ مَالَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ بِمَا وَجَبَ إلَخْ) مَحِلُّ الْبَيْعِ إنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَهُ بِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَعَتَقَ جَمِيعُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَهُ الْآتِي مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ بِمَا وَجَبَ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ
يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ وَفِي حَالَةِ عَدَمِ الْعِلْمِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ مَا عَدَا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَهَذَا حَيْثُ حَصَلَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ فَلَا عِتْقَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ مِثَالُ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَفِي الْمَالِ فَضْلٌ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِائَتَيْنِ وَرَأْسُ الْمَالِ مِائَةٌ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَعْتِقُ الْبَاقِي وَيَتْبَعُهُ فِي ذِمَّتِهِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّ الْعَامِلَ قَدْ جَنَى عَلَى الْمَالِ أَيْ بِشِرَائِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَتَلْزَمُهُ حِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ الَّتِي جَنَى عَلَيْهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُبَعْ لِرَبِّ الْمَالِ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَهُوَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ خَمْسُونَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ بِمَا وَجَبَ بِمَا إذَا لَمْ يَزِدْ ثَمَنُهُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَإِنْ زَادَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لَهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلُ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ أَيْ وَيَتَّبِعُ رَبُّ الْمَالِ الْعَامِلَ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ رِبْحِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ عَالِمًا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَعْتِقُ بَاقِيهِ وَلَا يَتَّبِعُ الْعَامِلَ بِشَيْءٍ.
(ص) وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرَى لِلْعِتْقِ غَرِمَ ثَمَنَهُ وَرِبْحَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَاشْتَرَى مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ عَبْدًا بِقَصْدِ الْعِتْقِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ ثَمَنَهُ الَّذِي هُوَ رَأْسُ مَالِهِ وَيَغْرَمُ لَهُ أَيْضًا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ الْكَائِنِ فِيهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا مَا فِي الْعَبْدِ مِنْ الرِّبْحِ فَلَا يَضْمَنُهُ إذْ هُوَ مُتَسَلِّفٌ لِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنْ قِيلَ لِمَ أُرِيدَ بِالثَّمَنِ رَأْسُ الْمَالِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَاقْتَضَى أَنَّهُ يَغْرَمُ الرِّبْحَ الْحَاصِلَ فِي الْعَبْدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (ص) وَلِلْقِرَاضِ قِيمَتَهُ يَوْمَئِذٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا لِلْقِرَاضِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ قِيمَتَهُ فَقَطْ يَوْمَ الْعِتْقِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِيَوْمَئِذٍ قَالَهُ الشَّارِحُ وَنَحْوُهُ فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَفِي الْبِسَاطِيِّ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَتَبِعَهُ تت وَالضَّمِيرُ فِي وَرِبْحَهُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ عَائِدٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَهِيَ فَاسِدَةٌ وَعَلَى نُسْخَةٍ إلَّا رِبْحَهُ بِإِلَّا الِاسْتِثْنَائِيَّة، وَنُسْخَةٌ لَا رِبْحَهُ بِلَا النَّافِيَةِ وَهُمَا الصَّوَابُ عَائِدٌ عَلَى الْعَامِلِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فَلَا رِبْحَ لَهُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَخَذَ مَالًا لِلتَّنْمِيَةِ وَتَعَدَّى لَا رِبْحَ لَهُ فَيُقَالُ مَا قِيمَتُهُ دُونَ رِبْحِ الْعَامِلِ (ص) فَإِنْ أَعْسَرَ بِيعَ مِنْهُ بِمَا لِرَبِّهِ (ش) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ مُعْسِرًا فِي الْحَالَتَيْنِ أَيْ فِي حَالَةِ اشْتِرَائِهِ الْعَبْدَ لِلْعِتْقِ وَفِي حَالَةِ اشْتِرَائِهِ لِلْقِرَاضِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي الْحَالَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ بِمَا لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْعَبْدِ وَهُوَ ثَمَنُهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَمَا لَهُ فِيهِ مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ وَيَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ مَا بَقِيَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ.
(ص) وَإِنْ وَطِئَ أَمَةً قَوَّمَ رَبُّهَا أَوْ أَبْقَى إنْ لَمْ تَحْمِلْ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا وَطِئَ أَمَةً مِنْ إمَاءِ الْقِرَاضِ ظُلْمًا وَلَمْ تَحْمِلْ فَإِنَّ رَبَّ الْقِرَاضِ يُخَيَّرُ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَهَا عَلَى الْعَامِلِ أَيْ يُغَرِّمُهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ يُبْقِيَهَا لِلْقِرَاضِ فَإِنْ أَبْقَاهَا فَلَا كَلَامَ وَإِنْ اخْتَارَ تَقْوِيمَهَا فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ مُوسِرًا أَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهَا تُبَاعُ عَلَى الْعَامِلِ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يُوَفِّ ثَمَنَهَا بِالْقِيمَةِ فَإِنَّهُ يَتَّبِعُهُ بِمَا بَقِيَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَنْ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ وَلِمَنْ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَدَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ فَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) فَإِنْ أَعْسَرَ أَتْبَعَهُ بِهَا وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ أَوْ بَاعَ لَهُ بِقَدْرِ مَالَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا تَعَدَّى عَلَى أَمَةٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَوَطِئَهَا ظُلْمًا فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَهُوَ مُوسِرٌ أَيْ وَقَدْ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَتُجْعَلُ فِي الْقِرَاضِ وَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَهُوَ حُرٌّ نَسِيبٌ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَّبِعَ الْعَامِلَ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْوَطْءِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ) الْمُنَاسِبُ يَوْمَ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ أَيْضًا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ الْكَائِنِ فِيهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ) وَأَمَّا مَا فِي الْعَبْدِ مِنْ الرِّبْحِ فَلَا يَضْمَنُهُ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ فَمَا حَلَّ بِهِ عب وشب مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ فِيهِ لَيْسَ بِصَوَابٍ (قَوْلُهُ وَهِيَ فَاسِدَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَغْرَمَ الْقِيمَةَ وَشَيْئًا آخَرَ وَهُوَ رِبْحُهُ مَثَلًا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً وَاشْتَرَى الْعَبْدَ بِهَا وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةً وَخَمْسِينَ فَظَاهِرُ هَذِهِ النُّسْخَةِ أَنَّهُ يَغْرَمُ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهَا قِيمَتُهُ وَرِبْحُ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَهُمَا الصَّوَابُ) وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى يَغْرَمُ قِيمَتَهُ إلَّا رِبْحَ الْعَامِلِ، وَلَوْ الْكَائِنُ فِي الْعَبْدِ فَلَا يَغْرَمُهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُمْ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ إلَخْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ إلَخْ) مَثَلًا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً وَالْعَبْدُ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ بِمَا لِرَبِّ الْمَالِ وَهُوَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ أَرَادَ بِهِ الْعَبْدَ كَالصُّورَةِ الَّتِي قُلْنَاهَا، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَبْدِ فَضْلٌ بِأَنْ يَكُونَ يُبَاعُ بِمِائَةٍ كَمَا اُشْتُرِيَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ عَلَى حَلِّ الْبِسَاطِيِّ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ غَرِمَ ثَمَنَهُ وَرِبْحَهُ لَا حَلِّ الشَّارِحِ فَإِنَّ الْبِسَاطِيَّ قَدْ فَسَّرَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ غَرِمَ ثَمَنَهُ وَرِبْحَهُ بِقَوْلِهِ غَرِمَ ثَمَنَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَدَفَعَهُ فِيهِ وَرِبْحَهُ أَيْ الرِّبْحَ الْحَاصِلَ فِي الْعَبْدِ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ؛ لِأَنَّ شِرَاءَهُ لِلْعِتْقِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ وَعَلَيْهِ فَضَمِيرُ رِبْحِهِ يَعُودُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا فَالْمَعْنَى عَلَى مَا قَالَ شَارِحُنَا أَنَّ مَا لِرَبِّهِ هُوَ الثَّمَنُ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فِي الْأُولَى وَقِيمَتُهُ إلَّا رِبْحَ الْعَامِلِ فِي الثَّانِيَةِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الشَّارِحَ سَكَتَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْإِعْسَارِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يُبْقِيهَا إلَخْ) هَذَا وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ نَازَعَ فِيهِ وَتَبِعَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْقُولٍ وَالْمَنْقُولُ أَنَّ الْمُرَادَ أَبْقَاهَا لِلْوَاطِئِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ
لَا يَوْمَ الْحَمْلِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ أَوْ يُبَاعُ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْهَا بِقَدْرِ مَالَهُ وَهُوَ جَمِيعُ الْأَمَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ فَاَلَّذِي لَهُ هُوَ رَأْسُ مَالِهِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ أَيْ وَلَوْ الْحَاصِلُ فِيهَا فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ قِيمَتَهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ حِصَّةِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا لَهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَشَأْ اتِّبَاعَهُ بِقِيمَتِهَا
فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ اتَّبَعَهُ بِهَا أَوْ بَاعَ لَهُ بِقَدْرِ مَالَهُ مَعَ اتِّبَاعِهِ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ لَكَانَ سَالِمًا مِنْ الِاعْتِرَاضِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَتَّبِعَ الْعَامِلَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ إذَا شَاءَ اتِّبَاعَهُ بِقِيمَتِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ وَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ الْمُتَيْطِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فَمَا فِي ز مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فَإِنْ أَعْسَرَ إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ أَيْ فَإِنْ حَمَلَتْ فَإِنْ أَعْسَرَ إلَخْ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فِي الْمَالِ فَضْلًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ هَكَذَا فِي عِبَارَاتِهِمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ حِينَئِذٍ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يُبْقِيَهُ عَلَى الْقِرَاضِ وَقَوْلُهُ لَهُ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُوَفِّيَهُ قَدْرَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَالْبَيْعُ لِغَيْرِ رَبِّ الْمَالِ وَعِلَّتُهُ وَفَاءُ رَبِّ الْمَالِ (ص) وَإِنْ أَحْبَلَ مُشْتَرَاةً لِلْوَطْءِ فَالثَّمَنُ وَاتُّبِعَ بِهِ إنْ أَعْسَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِلْوَطْءِ فَوَطِئَهَا وَأَحْبَلَهَا فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّهَا ثَمَنَهَا فَقَطْ أَيْ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ بِهِ وَلَا يُبَاعُ مِنْهَا شَيْءٌ لِرَبِّ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَّبِعَهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَبَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهَا لِلْوَاطِئِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ لَا يَوْمَ الْحَمْلِ) هَذَا الْقَوْلُ أَيْ أَنَّ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْحَمْلِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَالُهُ) أَيْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ جَمِيعُ الْأَمَةِ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَبِيعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ تُبَاعُ أَيْ فَتُبَاعُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تُبَاعُ قَبْلَهَا، وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ، وَقَوْلُهُ فَضْلٌ أَيْ رِبْحٌ أَيْ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ قِيمَتُهَا أَيْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ تَزِيدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ الْحَاصِلُ الْوَاوُ لِلْمُبَالَغَةِ وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا كَانَ بَعْضُ رِبْحٍ نَشَأَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ بِيَدِ الْعَامِلِ، وَقَوْلُهُ بِقَدْرِ مَالَهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي لَهُ هُوَ رَأْسُ مَالِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ وَرَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحُ إنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ، بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ وَبِيعَتْ فَلَمْ يُسَاوِ ثَمَنُهَا رَأْسَ الْمَالِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُتَّبَعُ بِهِ، وَقَوْلُهُ فَمَا فِي ز مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ وَاَلَّذِي فِيهِ أَنَّهُ يَتَّبِعُهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ، وَلَوْ مَعَ الِاتِّبَاعِ بِالْقِيمَةِ مَعَ أَنَّهُ مَتَى اتَّبَعَهُ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا يَتْبَعُهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ وَحَاصِلُ مَا فِي النُّقُولِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُوسِرًا يَتَّبِعُ بِالْقِيمَةِ قَطْعًا وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْوَطْءِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي حِصَّةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ نَشَأَ عَنْ الْحُرِّيَّةِ وَكَذَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَاخْتَارَ اتِّبَاعَهُ بِقِيمَتِهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ مُعْسِرًا وَلَمْ يَخْتَرْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُبَاعُ بَعْدَ الْوَضْعِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهَا يُسَاوِي رَأْسَ الْمَالِ فَقَطْ فَلَا يَتَّبِعُ الْعَامِلَ إلَّا بِحِصَّةِ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ يَزِيدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَيُبَاعُ مِنْهَا بِقَدْرِ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ وَرِبْحِهِ وَيَعْتِقُ الْبَاقِي بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا يُبَاعُ مِنْهَا فِي مُقَابَلَةِ حِصَّةِ الْوَلَدِ بَلْ مَا يَنُوبُ رَبَّ الْمَالِ مِنْ حِصَّةِ الْوَلَدِ يُتَّبَعُ بِهِ إنْ كَانَ ثَمَنُهَا لَا يُسَاوِي رَأْسَ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يَتَّبِعُ بِهِ الْعَامِلَ كَمَا يَتَّبِعُهُ بِنَصِيبِهِ مِنْ حِصَّةِ الْوَلَدِ
وَمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ يُبَاعُ لَهُ مِنْهَا الْمُرَادُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ مِنْهَا وَيَتَّبِعَهُ بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ) أَيْ زِيَادَةٌ أَرَادَ بِالْمَالِ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى مَا فِي الْعِبَارَةِ مِنْ الْمُسَامَحَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ جَمِيعُ الْأَمَةِ لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْبَيْعِ مِنْهَا أَنَّ الْمَبِيعَ بَعْضُهَا، وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ أَرَادَ بِالْمَالِ مَا يَشْمَلُ نَفْسَ الْأَمَةِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ أَيْ، وَلَوْ الْحَاصِلُ) هَذَا إذَا كَانَ حَاصِلًا قَبْلَهَا بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً فَتَجَرَ فِيهَا فَرَبِحَتْ مِائَةً ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا الْأَمَةَ الْمُسَاوِيَةَ ثَلَثَمِائَةٍ فَهُنَا رِبْحٌ حَصَلَ قَبْلَهَا وَرِبْحٌ حَصَلَ فِيهَا، وَلَوْ أَنَّهَا لَا تُسَاوِي إلَّا مِائَتَيْنِ فَالرِّبْحُ الْحَاصِلُ قَبْلَهَا صَارَ عَيْنَ الْحَاصِلِ فِيهَا فَلَوْ أَنَّهَا لَا تُسَاوِي بَعْدَ الشِّرَاءِ إلَّا مِائَةً فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمِائَةَ الرِّبْحَ الْحَاصِلَ قَبْلُ صَارَتْ لَغْوًا وَكَأَنَّهَا لَمْ تُوجَدْ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَالَهُ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَبِيعَ بِقَدْرِ مَالَهُ إمَّا جَمِيعُ الْأَمَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ وَاَلَّذِي لَهُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ هُوَ قِيمَتُهَا أَوْ بَعْضُهَا إنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ، وَقَوْلُهُ مَعَ اتِّبَاعِهِ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا إذَا بِيعَتْ كُلُّهَا تَبِعَهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ أَيْ نِصْفِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَالِاتِّبَاعُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ حَاصِلٌ مُطْلَقًا بِيعَتْ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَوْ بِيعَتْ الْأَمَةُ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ لَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ الْفَاضِلُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إلَّا أَنَّ فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأُمِّ أَقَلَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كُمِّلَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فِي الْمَالِ فَضْلًا) أَيْ حَيْثُ قَالَ وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ وَأَرَادَ بِالْمَالِ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ أَيْ بِأَنْ كَانَ فِيهَا رِبْحٌ بِأَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً مَثَلًا وَاشْتَرَى بِهَا تِلْكَ الْجَارِيَةَ وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ بِأَنْ كَانَتْ لَا تَزِيدُ قِيمَتُهَا عَلَى الْمِائَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَيْسَ هُنَاكَ رِبْحٌ بِيَدِ الْعَامِلِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْ الْوَلَدِ شَيْءٌ، عَلَّلَهُ بَعْضُ تَلَامِذَةِ الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا شُبْهَةَ لَهُ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَالْوَلَدُ لَيْسَ حُرًّا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ فَلَهُ شُبْهَةٌ، وَقَوْلُهُ أَنْ يَبِيعَهُ أَيْ وَلَوْ بِبَيْعِ الْأُمِّ قَبْلَ الْوَضْعِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَجِدُ هَذَا الْكَلَامَ مُنَاقِضًا لِلنَّقْلِ وَلَا مُوَافِقَ لَهُ كَمَا ذَكَرْته لَك، وَأَقُولُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ تَحْرِيفٌ وَالْأَصْلُ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهَا شَيْءٌ، وَقَوْلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ تَحْرِيفٌ عَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يُبْقِيَهَا فَالْكَلَامُ فِي الْأَمَةِ لَا فِي الْوَلَدِ فَالْوَلَدُ حُرٌّ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَطْعًا كَمَا هُوَ مُفَادُ النُّقُولِ وَالْأَمْرُ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى.
(تَتِمَّةٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ مَا لَوْ اشْتَرَاهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ لِلْقِرَاضِ أَوْ لِنَفْسِهِ فَحَمَلَهُ مَالِكٌ عَلَى أَنَّهُ لِلْقِرَاضِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ فَتُبَاعُ وَصَدَّقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ
بِالثَّمَنِ، هَذَا هُوَ النَّقْلُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ وَطِئَ أَمَةً قَوَّمَ رَبُّهَا أَوْ أَبْقَى أَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ وَلِلْقِرَاضِ وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ.
(ص) وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ كَرَبِّهِ وَإِنْ تَزَوَّدَ لِسَفَرٍ وَلَمْ يَظْعَنْ وَإِلَّا فَلِنُضُوضِهِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ بِمَعْنَى التَّرْكِ وَالرُّجُوعِ كَمَا أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَتْرُكَ وَيَرْجِعَ وَإِنْ تَزَوَّدَ الْعَامِلُ لِلسَّفَرِ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي السَّيْرِ، وَأَمَّا التَّزَوُّدُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَامِلِ فَعَمَلٌ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ غُرْمَ مَا اشْتَرَى بِهِ الزَّادَ لِرَبِّ الْمَالِ فَإِنْ الْتَزَمَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ رَدُّ الْمَالِ فَإِنْ ظَعَنَ الْعَامِلُ بِالْمَالِ بِأَنْ شَرَعَ فِي السَّيْرِ أَوْ عَمِلَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَظْعَنْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ بَقَاءُ الْمَالِ تَحْتَ يَدِهِ إلَى نُضُوضِهِ أَيْ خُلُوصِهِ فِي إبَّانِ سُوقِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَقَالٌ فَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى لَا لِلتَّعْلِيلِ ثُمَّ إنَّ حَذْفَ وَاوِ النِّكَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ تَزَوَّدَ أَصْوَبُ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَأَيْضًا ثُبُوتُهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَزَوَّدْ وَلَمْ يَظْعَنْ فَإِنَّ لِرَبِّهِ الْفَسْخَ دُونَ الْعَامِلِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ بَعْدَ التَّزَوُّدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ (ص) وَإِنْ اسْتَنَضَّهُ فَالْحَاكِمُ (ش) الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ وَالْمَنْصُوبُ لِلْمَالِ أَيْ وَإِنْ طَلَبَ رَبُّ الْمَالِ الْعَامِلَ بِنُضُوضِ الْمَالِ وَأَبَى الْعَامِلُ لِأَجْلِ رِبْحٍ مُتَرَقَّبٍ أَوْ طَلَبَ الْعَامِلُ رَبَّ الْمَالِ وَأَبَى رَبُّ الْمَالِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْفُقَ سُوقُ الْمَالِ فَالْحَاكِمُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْجِيلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ فَمَا كَانَ صَوَابًا فَعَلَهُ وَيَجُوزُ قِسْمَةُ الْعُرُوضِ إذَا تَرَاضَوْا عَلَيْهَا وَتَكُونُ بَيْعًا.
(ص) وَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ أَنْ يُكَمِّلَهُ وَإِلَّا أَتَى بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ وَإِلَّا سَلَّمُوهُ هَدَرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا مَاتَ قَبْلَ نُضُوضِ الْمَالِ فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ وَلَوْ أَقَلَّ أَمَانَةٍ مِنْ مُوَرِّثِهِ أَنْ يُكَمِّلَهُ عَلَى حُكْمِ مَا كَانَ مُوَرِّثُهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ فِي أَنَّهُ ثِقَةٌ يُكَمِّلُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْوَارِثُ بِأَمِينٍ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ الْمَالَ لِصَاحِبِهِ هَدَرًا أَيْ مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْقِرَاضَ كَالْجُعْلِ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْوَرَثَةَ مَحْمُولُونَ عَلَى غَيْرِ الْأَمَانَةِ وَنَحْوُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ بِخِلَافِ وَرَثَةِ الْمُسَاقَاةِ إذَا مَاتَ الْعَامِلُ فَإِنَّهُمْ مَحْمُولُونَ عَلَى الْأَمَانَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسَاقَاةِ يَسْتَأْجِرُ مِنْ التَّرِكَةِ مَنْ يَعْمَلُ فِيهَا وَفِي الْقِرَاضِ يُسَلِّمُ لِرَبِّهِ هَدَرًا أَنَّ عَمَلَ الْمُسَاقَاةِ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ عَيْنُ الْعَامِلِ وَأَيْضًا هِيَ أَشْبَهُ بِالْإِجَارَةِ مِنْ الْقِرَاضِ لِلُزُومِهَا بِالْعَقْدِ.
(ص) وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي تَلَفِهِ وَخَسْرِهِ وَرَدِّهِ إنْ قَبَضَ بِلَا بَيِّنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا ادَّعَى تَلَفَ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ أَنَّهُ خَسِرَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ أَمِينٍ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِ، وَمَسْأَلَةُ التَّلَفِ كَمَسْأَلَةِ الْخَسْرِ فِي أَنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْعَامِلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ قَبُولَ قَوْلِهِ فِي الْخَسْرِ بِمَا إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِسُؤَالِ التُّجَّارِ فِي تِلْكَ السِّلَعِ هَلْ يَخْسَرُ فِي مِثْلِ هَذَا أَمْ لَا وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ أَنَّهُ رَدَّ مَالَ الْقِرَاضِ إلَى رَبِّهِ حَيْثُ قَبَضَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِالرَّدِّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ
ــ
[حاشية العدوي]
فَلَا تُبَاعُ عِنْدَهُ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَمَّا إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى شِرَائِهَا لِلْوَطْءِ لَمْ تُبَعْ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ. كَذَا ذَكَرَ تت وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ مُحَشِّي تت بِأَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ هَذَا الْحُكْمُ، عُلِمَ الشِّرَاءُ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ مُجَرَّدِ قَوْلِ الْعَامِلِ، فَلَمَّا أَطْلَقَ الْمُؤَلِّفُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْلُكْ طَرِيقَةَ ابْنِ رُشْدٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَلَامُ ز فِيهِ نَظَرٌ) وَذَلِكَ أَنَّ الزَّرْقَانِيَّ حَمَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ وَطِئَ أَمَةً عَلَى مَا إذَا اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ الَّذِي حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ سَابِقًا قَائِلًا وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ وَلَمْ يُحْبِلْهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ الشَّرِيكِ وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ كَلَامَ الزَّرْقَانِيِّ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ.
(قَوْلُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ) أَيْ وَسَفَرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ تَحْرِيكُ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى التَّرْكِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْعَقْدِ اللَّازِمِ بَلْ أَرَادَ بِهِ التَّرْكَ وَالرُّجُوعَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا التَّزَوُّدُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَامِلَ تَزَوَّدَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَإِنْ الْتَزَمَ ذَلِكَ إلَخْ) وَكَذَا إذَا كَانَ الصَّرْفُ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ إلَى نُضُوضِهِ) أَيْ يَسْتَمِرُّ حَتَّى تَرْجِعَ السِّلَعُ عَيْنًا وَإِذَا نَضَّ فَقَدْ تَمَّ عَمَلُ الْقِرَاضِ فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ تَحْرِيكُ الْمَالِ إنْ نَضَّ بِبَلَدِ الْقِرَاضِ وَأَمَّا إنْ نَضَّ بِغَيْرِهِ فَلَهُ تَحْرِيكُهُ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَنْفُقَ) هُوَ بِمَعْنَى رِبْحٍ مُتَرَقَّبٍ (قَوْلُهُ فَمَا كَانَ صَوَابًا أَمْضَاهُ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَانْظُرْ هَلْ يَكْفِي مِنْهُمْ اثْنَانِ أَمْ لَا شب
(قَوْلُهُ كَالْأَوَّلِ) فِي عب كَالْأَوَّلِ فِي الْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ بَصِيرًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ أَمَانَةِ الْوَارِثِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مُسَاوَاتُهُ لِمُوَرِّثِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْأَجْنَبِيِّ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي الْوَارِثِ لَكِنْ قَالَ عج ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مُطْلَقَ الْأَمَانَةِ فِي الثَّانِي كَافٍ وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَة الشَّبْرَاخِيتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ.
(قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي تَلَفِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ بَهْرَامُ وَاسْتِحْلَافُهُ جَارٍ عَلَى أَيْمَانِ التُّهَمِ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، يُفَرِّقُ الثَّالِثُ بَيْنَ الْمُتَّهَمِ وَغَيْرِهِ وَالْمَشْهُورُ تَوْجِيهُهَا مُطْلَقًا وَمَحَلُّ تَصْدِيقِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ أَنَّهَا لَا تَتَوَجَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا وَفِي شب وَالْقَوْلُ أَيْضًا فِي خَسْرِهِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا سَوَاءٌ حَقَّقَ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ الدَّعْوَى أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فَإِنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَالْيَمِينُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ
أُخِذَ بِإِشْهَادٍ لَا يُبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْبَيِّنَةُ مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ وَهِيَ الَّتِي يُشْهِدُهَا الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ خَوْفَ الْجُحُودِ فَلَوْ أَشْهَدَهَا الْقَابِضُ بِغَيْرِ حُضُورِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ أَشْهَدَهَا رَبُّ الْمَالِ لَا لِخَوْفِ الْجُحُودِ فَكَمَا لَوْ كَانَ الْقَبْضُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الدَّافِعِ فِي أَنَّ إشْهَادَهُ خَوْفَ الْجُحُودِ، ثُمَّ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ عَلَى دَعْوَى الرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا اتِّفَاقًا.
(تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِيمَا إذَا ادَّعَى الْعَامِلُ رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ أَوْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ دُونَ رِبْحٍ حَيْثُ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ وَلَوْ أَبْقَى الْعَامِلُ بِيَدِهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَقَطْ.
(ص) أَوْ قَالَ قِرَاضٌ وَرَبُّهُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ وَعَكْسَهُ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَأْخُذُ الْجُزْءَ إذَا اخْتَلَفَا فَقَالَ الْعَامِلُ الْمَالُ بِيَدِي قِرَاضٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ هُوَ بِيَدِك بِضَاعَةٌ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنْ نَكَلَ الْعَامِلُ حَلَفَ رَبُّ الْمَالِ وَدَفَعَ الْأُجْرَةَ وَالْيَمِينُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَقَلَّ مِنْ جُزْءِ الرِّبْحِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مِثْلَهُ فَأَكْثَرَ فَلَا يَمِينَ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا قَالَ الْمَالُ بِيَدِي بِضَاعَةٌ بِأُجْرَةٍ وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ بَلْ هُوَ بِيَدِك قِرَاضٌ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي جُزْءِ الرِّبْحِ وَلِهَذَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ مِثْلَ الْجُزْءِ الَّذِي ادَّعَاهُ فِي الْقِرَاضِ فَلَا يَمِينَ لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا فِي الْمَعْنَى وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا فِي اللَّفْظِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ الْأُجْرَةَ إذَا كَانَتْ مِثْلَ الْجُزْءِ لَا اتِّفَاقَ لِأَنَّ الْجُزْءَ فِي الْمَالِ وَالْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ فَأَيْنَ الِاتِّفَاقُ وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا حَصَلَ رِبْحٌ إذْ لَا يَدَّعِي رَبُّهُ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ وَيَدَّعِي الْعَامِلُ أَنَّهُ قِرَاضٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ أَيْ فَلَيْسَ هُنَا الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ فِي عَكْسِهِ وَهُوَ دَعْوَى الْعَامِلِ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ وَرَبِّهِ أَنَّهُ قِرَاضٌ قَدْ يَحْصُلُ التَّنَازُعُ حَيْثُ لَا رِبْحَ، ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ حَصَلَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ الْمُوجِبِ لِلُزُومِ الْقِرَاضِ لَهُمَا كَمَا يُفِيدُهُ جَعْلُهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الْجُزْءِ، وَأَمَّا قَبْلَ اللُّزُومِ فَلَا فَائِدَةَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ لِأَنَّ لِرَبِّهِ الْفَسْخَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِأَجْرٍ مِمَّا إذَا قَالَ بِضَاعَةٌ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَقَالَ الْعَامِلُ أَنَّهُ قِرَاضٌ فَإِنَّ الْقَوْلَ حِينَئِذٍ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِقِرَاضٍ وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَلَا يُزَادُ، فَفَائِدَةُ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ عَدَمُ غَرَامَةِ الْجُزْءِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْعَامِلُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ تَضَمَّنَتْ دَعْوَاهُ أَنَّ الْعَامِلَ تَبَرَّعَ لَهُ بِالْعَمَلِ وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَدَّعِي أَنَّهُ بِأَجْرٍ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ إنْ جَعَلْت مَفْهُومَ قَوْلِهِ بِأَجْرٍ مَفْهُومَ مُوَافَقَةٍ كَانَ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَإِنْ جَعَلْته مَفْهُومَ مُخَالَفَةٍ كَانَ كَلَامَ الشُّيُوخِ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ.
(ص) أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبَ أَوْ قَالَ أَنْفَقْتُ مِنْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا قَالَ الْمَالُ بِيَدِي قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ غَصَبْته مِنِّي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ خَوْفَ الْجُحُودِ) الْمُنَاسِبُ خَوْفَ دَعْوَى الرَّدِّ بَدَلَ خَوْفِ الْجُحُودِ كَذَا أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِحَضْرَةِ الدَّافِعِ وَالْقَابِضِ) أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَحَمُّلُ الْبَيِّنَةِ الشَّهَادَةَ بِحَضْرَةِ الدَّافِعِ إلَخْ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ وَلِهَذَا تَنْقَلِبُ عَلَيْهِ إذَا نَكَلَ عَنْهَا الْعَامِلُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ اتَّهَمَهُ (قَوْلُهُ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ) أَيْ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّلَفِ وَالْخَسْرِ يَجْرِي فِي الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمُشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ أَوْ ادَّعَى إلَخْ ذَاتُ خِلَافٍ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ قِرَاضٌ إلَخْ) بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: أَنْ تَكُونَ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ الْمُوجِبِ لِلُزُومِ الْقِرَاضِ، وَأَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ يَعْمَلُ فِي قِرَاضٍ وَمِثْلُ الْمَالِ يُدْفَعُ قِرَاضًا، وَأَنْ يَزِيدَ جُزْؤُهُ عَلَى جُزْءِ الْبِضَاعَةِ، وَأَنْ يُشْبِهَ أَنْ يُقَارِضَ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ نِصْفِ الرِّبْحِ، وَالْخَامِسُ أَنْ لَا يُطَابِقَ الْعُرْفُ دَعْوَى رَبِّهِ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ أَوْ نَكَلَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فَإِذَا نَكَلَ حَلَفَ رَبُّهُ وَدَفَعَ أُجْرَةَ الْبِضَاعَةِ النَّاقِصَةِ عَنْ جُزْءِ الْقِرَاضِ وَتَجْرِي الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَكْسِهِ (قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ) أَيْ يَمِينُ الْعَامِلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا يَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَيْسَتْ هُنَا الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ مِمَّا إذَا قَالَ بِضَاعَةٌ بِغَيْرِ أَجْرٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى دَعْوَى الْعَامِلِ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ بِغَيْرِ أَجْرٍ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ عَادَةً إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مِنَّتَهُ عَلَى رَبِّهِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِنَا فَفَائِدَةُ، وَقَوْلُهُ يَنْدَفِعُ هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا بِتَقْدِيرٍ فِي الْعِبَارَةِ وَالتَّقْدِيرُ مَا يُقَالُ إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ وَإِلَّا فَلَا ثَمَرَةَ فِي ذَلِكَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ مَنْعُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا ثَمَرَةَ، بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ لَهُ ثَمَرَةً وَهُوَ عَدَمُ غَرَامَةِ الْجُزْءِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْعَامِلُ، وَقَوْلُهُ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَيْ بَيَانُ أَنَّ لِلْعَامِلِ أَجْرَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ دَعْوَاهُ أَنَّ الْعَامِلَ إلَخْ) أَيْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّبَرُّعِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ مِثْلِهِ يَأْخُذُ أَجْرًا أَمْ لَا فَفِي عب وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمْ يُوَافِقْ رَبُّهُ عَلَى دَعْوَاهُ وَادَّعَى أَنَّ عَمَلَهُ بِعِوَضٍ قِرَاضًا لَا مَجَّانًا (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ) إلَّا أَنَّهُ مُعَوَّلٌ عَلَيْهِ وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ مَعَ دَعْوَى رَبِّ الْمَالِ الْبِضَاعَةَ بِأَجْرٍ فَلَأَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ دَعْوَى رَبِّ الْمَالِ الْبِضَاعَةَ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْلَى انْتَهَى وَجَوَابُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ أَوْلَى لَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَالْوَاقِعُ أَنَّ عَلَيْهِ أَجْرَ مِثْلِهِ كَذَا فِي عب وَتَأَمَّلْ ذَلِكَ الْجَوَابَ.
أَوْ سَرَقْته مِنِّي فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَلَوْ كَانَ مِثْلُهُ يُشْبِهُ أَنْ يَغْصِبَ أَوْ يَسْرِقَ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ إذَا قَالَ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ أَنْفَقْتُ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْقِرَاضِ وَسَوَاءٌ حَصَلَ رِبْحٌ أَمْ لَا يُرِيدُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ يُمْكِنُ مِنْهُ الْإِنْفَاقُ لِكَوْنِهِ عَيْنًا أَمْ لَا لِكَوْنِهِ سِلَعًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ.
(ص) وَفِي جُزْءِ الرِّبْحِ إنْ ادَّعَى مُشَبَّهًا وَالْمَالُ بِيَدِهِ أَوْ وَدِيعَةً وَإِنْ لِرَبِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَمَلِ فِي جُزْءِ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ بِشَرْطِ أَنْ يَدَّعِيَ مُشَبَّهًا وَيَحْلِفُ سَوَاءٌ أَشَبَّهَ رَبُّ الْمَالِ أَمْ لَا فَإِنْ نَكَلَ صُدِّقَ رَبُّ الْمَالِ وَيَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ صُدِّقَ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ فَإِنْ ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ حَلَفَا وَرَجَعَا لِقِرَاضِ الْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ نَكَلَا وَبِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ بِيَدِهِ أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عِنْدَ رَبِّ الْمَالِ فَقَوْلُهُ وَفِي جُزْءٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى لَفْظِ فِي تَلَفٍ وَقَوْلُهُ وَالْمَالُ بِيَدِهِ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَالَ بِيَدِهِ حِسًّا أَوْ مَعْنًى كَكَوْنِهِ وَدِيعَةً عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ بَلْ وَإِنْ عِنْدَ رَبِّهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ، وَمِثْلُ كَوْنِ الْمَالِ بِيَدِهِ كَوْنُ الرِّبْحِ أَوْ الْحِصَّةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا بِيَدِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ لِرَبِّهِ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بَلْ الْقَوْلُ لِرَبِّهِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ شَبَهِ الْعَامِلِ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ بَعُدَ قِيَامُهُ، وَأَمَّا إنْ قَرُبَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ إنْ ادَّعَى مُشَبَّهًا وَالْمَالُ بِيَدِهِ شَرْطٌ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ وَمَا بَعْدَهَا.
(ص) وَلِرَبِّهِ إنْ ادَّعَى الشَّبَهَ فَقَطْ أَوْ قَالَ قَرْضٌ فِي قِرَاضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ فِي جُزْءٍ قَبْلَ الْعَمَلِ مُطْلَقًا (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي ذِكْرِ مَسَائِلَ يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ مِنْهَا إذَا اخْتَلَفَا فِي جُزْءِ الرِّبْحِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الشَّبَهَ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ قَرْضٌ وَقَالَ الَّذِي عِنْدَهُ بَلْ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَدَّعِي عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ كَانَ تَنَازُعُهُمَا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ دَفَعْتُهُ إلَيْكَ قِرَاضًا وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ قَرْضٌ صُدِّقَ الْعَامِلُ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ هُنَا مُدَّعٍ فِي الرِّبْحِ فَلَا يُصَدَّقُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى الْقَرْضَ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ لَكِنْ بِلَا يَمِينٍ إذَا اخْتَلَفَ مَعَ عَامِلِهِ فِي جُزْءِ الرِّبْحِ قَبْلَ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى انْتِزَاعِ الْمَالِ مِنْ الْعَامِلِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ مُنْحَلٌّ قَبْلَ الْعَمَلِ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الشَّبَهَ أَمْ لَا (ص) وَإِنْ قَالَ وَدِيعَةً ضَمِنَهُ الْعَامِلُ إنْ عَمِلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا قَالَ الْمَالُ وَدِيعَةً وَقَالَ مَنْ هُوَ عِنْدَهُ هُوَ بِيَدِهِ قِرَاضٌ ثُمَّ عَمِلَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ لِتَعَدِّيهِ وَإِنَّمَا ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ عَلَى رَبِّهِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي تَحْرِيكِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَلَوْ ضَاعَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ لِاتِّفَاقِ دَعْوَاهُمَا عَلَى أَنَّهُ أَمَانَةٌ فَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَخْ جَوَابُ إنَّ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ ضَمِنَهُ الْعَامِلُ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ قَالَ وَدِيعَةً وَخَالَفَهُ الْآخَرُ وَقَالَ قِرَاضٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهِ وَإِنْ كَانَ حَرَّكَهُ ضَمِنَهُ وَقَوْلُهُ إنْ عَمِلَ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ
وَلَمَّا قَدَّمَ مَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْعَامِلُ وَمَا يُصَدَّقُ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ ذَكَرَ مَا هُوَ أَعَمُّ فَقَالَ (ص) وَلِمُدَّعِي الصِّحَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا صِحَّةَ الْقِرَاضِ وَادَّعَى الْآخَرُ فَسَادَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِأَنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ عَقَدْت الْقِرَاضَ عَلَى النِّصْفِ وَمِائَةٌ تَخُصُّنِي وَقَالَ الْعَامِلُ عَلَى النِّصْفِ فَقَطْ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ وَعَكْسُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ لِأَنَّ هَذَا الْبَابَ لَيْسَ مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي يَغْلِبُ فِيهَا
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ إذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ) أَيْ إنْ أَشْبَهَ نَفَقَةَ مِثْلِهِ كَمَا أَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ سِلَعًا) أَيْ اشْتَرَاهَا سَرِيعًا بِرَأْسِ الْمَالِ النَّقْدِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فِي نَقْدٍ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ) كَذَا فِي عج وَلَمْ يَذْكُرْ مَا قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ مُقَابِلًا قَالَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ
(قَوْلُهُ وَإِنْ لِرَبِّهِ) أَيْ وَاتَّفَقَ عَلَى الْإِيدَاعِ عِنْدَهُ وَأَمَّا لَوْ قَالَ الْعَامِلُ هُوَ بِيَدِك وَدِيعَةٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ قَبَضْتُهُ عَلَى الْمُفَاصَلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ نَكَلَا) أَيْ وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ
(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ قَرْضٌ إلَخْ) فِي عج وَتَبِعَهُ شب أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّ لَهُ رَدَّ الْمَالِ أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ قِرَاضٌ صُدِّقَ الْعَامِلُ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ فَلَوْ قَالَ الْعَامِلُ عَكْسَ ذَلِكَ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى أَقُولُ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ إلَخْ) وَأَمَّا مَا يَحْصُلُ بِهِ لُزُومُهُ لِلْعَامِلِ فَقَطْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ وَدِيعَةً إلَخْ) وَعَكْسُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ رَبِّهِ قِرَاضٌ وَالْعَامِلِ وَدِيعَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ مُدَّعٍ عَلَى الْعَامِلِ الرِّبْحَ أَيْ إذَا كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا فَقَوْلُ رَبِّهِ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَ التَّزَوُّدِ لِلسَّفَرِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَابَ) هَذَا يَقْضِي بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْمُقَرَّرَةَ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ مَخْصُوصَةٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَابُ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَسَادُ لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَلِذَلِكَ جَعَلَ ابْنُ نَاجِي أَنَّ الْمَشْهُورَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ إذَا غَلَبَ الْفَسَادُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ (أَقُولُ) وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ مَا تَقَدَّمَ وَفِي شَرْحِ عب أَنَّ قَوْلَ ابْنِ نَاجِي الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ فِي بَابِ الْقِرَاضِ لَا الْمُسَاقَاةِ وَفِي ذِكْرِ تت كَلَامَهُ فِي الْمُسَاقَاةِ نَظَرٌ وَدَعْوَى عج أَنَّ تت نَقَلَهُ
الْفَسَادُ.
(ص) وَمَنْ هَلَكَ وَقِبَلَهُ كَقِرَاضٍ أُخِذَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعِنْدَهُ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَلَمْ يُوصِ بِذَلِكَ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ رَدَّهُ إلَى رَبِّهِ وَلَا ادَّعَى تَلَفَهُ وَلَا مَا يُسْقِطُهُ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَهُ أَوْ ضَاعَ مِنْهُ بِتَفْرِيطٍ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ وَلَا قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا وَهَذَا مَا لَمْ يَتَقَادَمْ الْأَمْرُ كَعَشْرِ سِنِينَ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ وَيُقَالُ هَلَكَ لِلْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ كَافِرًا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولا} [غافر: 34] وَقِبَلَهُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ جِهَتَهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوَدِيعَةَ وَالْبِضَاعَةَ وَيُحَاصِصُ صَاحِبُ الْقِرَاضِ أَوْ الْوَدِيعَةِ غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ص) وَحَاصَّ غُرَمَاءَهُ وَتَعَيَّنَ بِوَصِيَّةٍ وَقُدِّمَ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ بِقِرَاضٍ لِزَيْدٍ أَوْ بِوَدِيعَةٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَيُقَدَّمُ عَلَى غُرَمَاءِ الْمُقِرِّ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى أَصْلِ ذَلِكَ الْقِرَاضِ أَوْ الْوَدِيعَةِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا حَيْثُ كَانَ غَيْرَ مُفْلِسٍ فَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا فَلَا يُقْبَلُ تَعْيِينُهُ الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ إلَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَرِيضًا أَوْ صَحِيحًا.
(ص) وَلَا يَنْبَغِي لِعَامِلٍ هِبَةٌ أَوْ تَوْلِيَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَهَبَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ ثَوَابٍ هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِلَفْظِ لَا يَنْبَغِي وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ مَعْنَاهُ التَّحْرِيمُ وَكَذَلِكَ ابْنُ نَاجِي قَالَ وَمَعْنَاهُ فِي الْكَثِيرِ، وَأَمَّا الْيَسِيرِ فَجَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يُوَلِّيَ سِلَعَ الْقِرَاضِ لِغَيْرِهِ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ رَبِّ الْمَالِ بِالرِّبْحِ فِيهَا وَقُيِّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ الْوَضِيعَةَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَعَلَ مَا ذُكِرَ اسْتِئْلَافًا، وَجَعَلُوا الشَّرِيكَ أَقْوَى مِنْ الْعَامِلِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا لَهُ التَّبَرُّعَ بِالْكَثِيرِ إنْ اسْتَأْلَفَ لِأَنَّهُ قَدْ تَرَجَّحَ فِيهِ أَنَّهُ أَجِيرٌ وَإِنَّمَا جَعَلُوا لِلْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَنْ يَضَعَ وَيُضِيفَ وَيُؤَخِّرَ إنْ اسْتَأْلَفَ لِأَنَّهُ أَقْوَى أَيْضًا مِنْ الْعَامِلِ لِأَنَّ الْمَالَ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَأْذُونِ أَوْ لِلسَّيِّدِ وَجَعَلَ لَهُ رِبْحَهُ فَتَصَرُّفُهُ فِيهِ أَقْوَى.
(ص) وَوَسَّعَ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ كَغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا وَسَّعَ لِعَامِلِ الْقِرَاضِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَمَا يَأْتِي غَيْرُهُ بِطَعَامٍ يَشْتَرِكُونَ فِي أَكْلِهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ إنْ لَمْ يَأْتِ بِطَعَامٍ أَفْضَلَ مِمَّا يَأْتِي بِهِ غَيْرُهُ مِنْ رُفَقَائِهِ أَمَّا إنْ أَتَى بِطَعَامٍ أَفْضَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَمْ يُوَسِّعْ فِي ذَلِكَ وَيَضْمَنُ الْعَامِلُ حِينَئِذٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ صَاحِبَهُ فَإِنْ فَعَلَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُحَالِلَهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَامِلَ يُكَافِئُهُ فِيمَا يَخُصُّهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ يُعَوِّضُهُ نَظِيرَهُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِلَّا فَلْيَتَحَلَّلْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُكَافِئْهُ (ش) فَإِنْ قُلْت التَّوَسُّعُ حَيْثُ كَانَ مُمَاثِلًا لِقَوْلِهِ كَغَيْرِهِ فَلَا يَتَأَتَّى الشَّرْطُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْإِتْيَانِ لَا فِي الطَّعَامِ أَيْ أَنْ يَأْتِيَ كَغَيْرِهِ بِطَعَامٍ فَالشَّرْطُ ظَاهِرٌ وَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ مَا نَصُّهُ لَا أَكْثَرَ إنْ كَانَ لَهُ بَالٌ وَإِلَّا فَلْيَتَحَلَّلْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُكَافِئْهُ لَطَابَقَ
ــ
[حاشية العدوي]
هُنَا عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ خِلَافُ مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ هَلَكَ) أَيْ أَوْ فُقِدَ وَمَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ أَوْ أُسِرَ وَهَذَا كُلُّهُ إذْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُوصِ إلَخْ) فَإِذَا أَوْصَى بِالْقِرَاضِ أَوْ الْبِضَاعَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهَا وَمِنْ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَقُولَ وَضَعْتهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ تُوجَدْ (قَوْلُهُ وَلَا ادَّعَى تَلَفَهُ) أَيْ وَلَمْ يَدَّعِ وَرَثَتُهُ أَنَّهُ رَدَّهُ أَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ ظَالِمٍ أَوْ خَسِرَ فِيهِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ مُوَرِّثِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا مَنْزِلَتَهُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ دَعْوَاهُمْ أَنَّ الرَّدَّ مِنْهُمْ لِرَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ إلَخْ) الْمُرَادُ أَفْرَزَهُ وَشَخَّصَهُ وَعَيْنَهُ كَهَذَا قِرَاضٌ لِزَيْدٍ أَوْ هَذَا بِضَاعَةٌ أَوْ هَذَا وَدِيعَةٌ وَمَعْنَى الْمُصَنَّفِ عَلَى كَلَامِهِ وَتَعَيَّنَ بِوَصِيَّةٍ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَقُدِّمَ عَلَى غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ، قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُفْلِسًا فَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا إلَخْ فَقَوْلُهُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَصِيَّةٌ أَيْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ ثَمَانِيَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّك تَقُولُ التَّعْيِينُ إمَّا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا مُفْلِسٌ أَمْ لَا فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ فَيُقْبَلُ التَّعْيِينُ مُطْلَقًا مُفْلِسًا أَمْ لَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَأَمَّا إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُفْلِسٍ فَيُقْبَلُ مُطْلَقًا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَحَاصِلُ مَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت أَنَّهُ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الْمَرَضِ بِأَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذَا قِرَاضُ فُلَانٍ أَوْ وَدِيعَتُهُ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَيُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ الثَّابِتِ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُفْلِسًا أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ فَيُقْبَلُ مُطْلَقًا مُتَّهَمًا أَمْ لَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُفْلِسٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُفْلِسًا فَلَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ مُجَرَّدُ إقْرَارٍ خَالٍ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَيُقْبَلُ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ التَّحْرِيمُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَجَائِزٌ) أَيْ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ عَلَى الْعَامِلِ فِي إعْطَاءِ الْكِسْرَةِ لِلسَّائِلِ وَكَذَا التَّمَرَاتِ وَالْمَاءِ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْيَسِيرِ الَّذِي يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي كَبِيرِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْيَسِيرِ دُونَ الْكَثِيرِ.
(قَوْلُهُ أَفْضَلَ) أَيْ أَكْثَرَ كَثْرَةً لَهَا بَالٌ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَالٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا حَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ حَلٌّ مُرَادُهُ لَيْسَ بِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا إذَا كَثُرَ وَقَصَدَ بِهِ التَّفْضِيلَ وَإِنَّمَا قُلْنَا كَثُرَ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّفْضِيلَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْكَثْرَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ) وَارِدٌ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحَلِّ الْمُتَقَدِّمِ فَهُوَ وَارِدٌ بِحَسَبِ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّهُ بِمَا يَدْفَعُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ بِشَرْطِهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ، قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إلَخْ كَذَا بِالْأَصْلِ بِأَيْدِينَا وَكَأَنَّ الْمُحَشِّيَ حَذَفَ خَبَرَ إنَّ لِفَهْمِهِ مِنْ الْمَقَامِ تَأَمَّلْ اهـ. مُصَحِّحُهُ