الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ]
ِ قَوْلُهُ (حُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رحمه الله: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ) وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيِّ الدِّينِ رحمه الله: قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَلَكِنْ أَكْثَرُ أَجْوِبَتِهِ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَلَا تَفْرِيعَ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ خَصُّوا قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ بِالِاسْتِثْنَاءِ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ، دُونَ عَدَدِ الْمُطَلَّقَاتِ، وَمِنْهُمْ مِنْ حُكِيَ عَنْهُ إبْطَالُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ مُطْلَقًا، قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرٌ. انْتَهَى. قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَقَطَعَ فِي الْفُرُوعِ بِالْأَوَّلِ، وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لَوْ قَالَ " أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ " لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَشْبَهِ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالْأَرْبَعِ وَأَوْقَعَ عَلَيْهِنَّ، وَلَوْ قَالَ " أَرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ " صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ. انْتَهَى.
قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ (وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ، مَا دُونَ النِّصْفِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، كَمَا قَالَ بِلَا رَيْبٍ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعُوا بِهِ، قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَيْضًا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ فِي أُصُولِهِ: وَاسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ بَاطِلٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَأَصْحَابِهِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ.
فَائِدَةٌ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَقَاتِ وَالْمُطَلَّقَاتِ، وَالْأَقَارِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَصَاحِبِ التَّرْغِيبِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا،
قَوْلُهُ (وَفِي النِّصْفِ وَجْهَانِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: الصِّحَّةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِمَا " لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ " وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مِثْلَ عَلَى الْأَظْهَرِ، قَالَ النَّاظِمُ: الْفَسَادُ أَجْوَدُ، وَنَقَلَهُ أَبُو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، قَالَ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا، وَنَصَرَهُ شَارِحُهُ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الطُّوفِيِّ، وَهُوَ صَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُصُولِهِ، وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْحُكْمِ فِيمَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغَيِّرُهُ.
تَنْبِيهٌ: أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ حَكَوْا الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ، وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ، وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَالْخُلَاصَةِ: هُمَا رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ أَبُو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: رِوَايَةً بِالْمَنْعِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ، أَوْ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، بِنَاءً عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ: تَطْلُقُ اثْنَتَانِ، بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، قُلْت: لَوْ قِيلَ تَطْلُقُ ثَلَاثًا فِي قَوْلِهِ " خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا " وَإِنْ أَوْقَعْنَا فِي الْأُولَى طَلْقَتَيْنِ: لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ؛ لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَعُودُ إلَّا إلَى مَا يَمْلِكُهُ، وَهُوَ هُنَا لَا يَمْلِكُ إلَّا ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ، وَقَدْ اسْتَثْنَاهَا، فَلَا يَصِحُّ، فَكَأَنَّهُ قَدْ اسْتَثْنَى الْجَمِيعَ كَقَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا " بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَثْنَى اثْنَتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ: طَلُقَتْ ثَلَاثًا) هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَصَاحِبُ الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: تَطْلُقُ ثَلَاثًا فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَقِيلَ: تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْفُصُولِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَعَلَى وَجْهَيْنِ) مَبْنِيَّيْنِ عَلَى صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ وَعَدَمِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً، فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ عِنْدَنَا صَحِيحٌ، وَاسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ صَحِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذَا أَجَزْنَا النِّصْفَ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ وَقَعَ الثَّلَاثُ.
فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً " طَلُقَتْ اثْنَتَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الْوَاحِدَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ وَاحِدَةً، فَيَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي، وَيَصِحُّ الْأَوَّلُ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقِيلَ: تَطْلُقُ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ مَعْنَاهُ إثْبَاتُ طَلْقَةٍ فِي حَقِّهَا؛ لِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتًا فَيَقَعُ، فَيُقْبَلُ ذَلِكَ فِي إيقَاعِ طَلَاقِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلُ فِي نَفِيهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً، أَوْ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً: طَلُقَتْ ثَلَاثًا) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَوَاحِدَةً [إلَّا وَاحِدَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ] ، (وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَطْلُقَ طَلْقَتَانِ) وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي الْجَمِيعِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ،
لَكِنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَتَيْنِ: قَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ يَعُودُ إلَى الْكُلِّ وَقَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ لَا يَعُودُ إلَّا إلَى الْأَخِيرَةِ، فَإِذَا قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً " طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَمَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي لَيْسَ بِجَارٍ عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ، وَقَطَعَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً " كَمَا قَدَّمَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ أَيْضًا، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ عَنْ الْقَاضِي: أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا فِي هَذِهِ وَفِي الْجَمِيعِ، وَاخْتَارَ الشَّارِحُ وُقُوعَ الثَّلَاثِ فِي الْأُولَى، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْبَاقِي، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي الْأُولَى، وَفِي قَوْلِهِ " طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً "، فَإِذَا قُلْنَا: تَطْلُقُ ثَلَاثًا فِي قَوْلِهِ " طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً " لَوْ أَرَادَ اسْتِثْنَاءً مِنْ الْمَجْمُوعِ: دُيِّنَ، وَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ، فَإِنَّهُ قَالَ: دُيِّنَ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ [قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي التَّهْذِيبِ: كُلُّ مَوْضِعٍ فَسَّرَ قَوْلَهُ فِيهِ بِمَا يَحْتَمِلُهُ، فَإِنَّهُ يُدَيَّنُ فِيهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، دُونَ الْحُكْمِ. انْتَهَى. وَنَقَلَهُ أَيْضًا عَنْهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ] .
قُلْتُ: الصَّوَابُ قَبُولُهُ، [قَالَ الشَّيْخُ فِي مُخْتَصَرِهِ هِدَايَةِ أَبِي الْخَطَّابِ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ اسْتِثْنَاءَ الْوَاحِدَةِ مِنْ الثَّلَاثِ: قُبِلَ، وَهَذَا الْجَزْمُ مِنْ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ مَعَ إطْلَاقِ أَبِي الْخَطَّابِ لِلْخِلَافِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ أَحْسَنُ مَا يَسْتَنِدُ إلَيْهِ فِي تَصْحِيحِ الْوَجْهِ الثَّانِي، وَهُوَ الْقَبُولُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ]
فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ، وَاثْنَتَيْنِ، إلَّا اثْنَتَيْنِ: طَلُقَتْ ثَلَاثًا " جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَطْلُقَ اثْنَتَيْنِ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَقْيَسُ، وَإِنْ قَالَ " اثْنَتَيْنِ وَاثْنَتَيْنِ، إلَّا وَاحِدَةً " فَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: أَنَّهَا تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَتِهِ، وَقَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ، وَأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُصَيِّرُ الْجُمْلَتَيْنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَأَبْدَى الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي احْتِمَالَيْنِ، أَحَدَهُمَا: مَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَقَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً، إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً "، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَقَعَتْ الثَّلَاثُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إلَّا وَاحِدَةً وَقَعَتْ الثَّلَاثُ)، أَمَّا فِي الْحُكْمِ: فَلَا يُقْبَلُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ السَّامِرِيُّ فِي فُرُوقِهِ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالنَّظْمِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُدَيَّنُ، وَاخْتَارَهُ الْحَلْوَانِيُّ،
قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ فِي صَرِيحِ النُّطْقِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ، وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ، لَمْ تَطْلُقْ) فَيُقْبَلُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، قَوْلًا وَاحِدًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَيْضًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا، اخْتَارَهُ الشَّارِحُ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْمُنَوِّرُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ قَالَ " نِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ " وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ: طَلُقَتْ فِي الْحُكْمِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَلَمْ تَطْلُقْ فِي الْبَاطِنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقِيلَ: تَطْلُقُ أَيْضًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْخِرَقِيُّ، وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لَوْ قَالَ " أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ " لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَشْبَهِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ وَأَوْقَعَ، وَصَحَّ " أَرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ " وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. الثَّانِيَةُ: يُعْتَبَرُ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَنَحْوِهِمَا: اتِّصَالُ مُعْتَادٍ لَفْظًا وَحُكْمًا كَانْقِطَاعِهِ بِتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ،
وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالنَّظْمِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ، وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا نِيَّتُهُ قَبْلَ تَكْمِيلِ مَا أَلْحَقَهُ بِهِ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، [وَقِيلَ: يَصِحُّ بَعْدَ تَكْمِيلِ مَا أَلْحَقَهُ بِهِ] قَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله، وَقَالَ: دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَعَلَيْهِ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: لَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ النِّيَّةَ، وَبِالِاسْتِثْنَاءِ. انْتَهَى.
وَقِيلَ: مَحَلُّهُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ تَوْجِيهًا مِنْ عِنْدِهِ، وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَقِيلَ لَهُ " أَلَك امْرَأَةٌ سِوَى هَذِهِ؟ فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ، فَسَكَتَ، فَقِيلَ: إلَّا فُلَانَةَ؟ قَالَ: إلَّا فُلَانَةَ، فَإِنِّي لَمْ أَعْنِهَا " فَأَبَى أَنْ يُفْتِيَ فِيهِ، وَيَأْتِي فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ: إذَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى.