الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الرَّضَاعِ]
ِ تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ ( «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ، وَإِذَا حَمَلَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ رَجُلٍ ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْهُ. فَثَابَ لَهَا لَبَنٌ. فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا) . هَكَذَا عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ، وَأَطْلَقُوا. وَزَادَ فِي الْمُبْهِجِ، فَقَالَ " وَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا، وَلَمْ يَتَقَيَّأْ ".
قَوْلُهُ (صَارَ وَلَدًا لَهُمَا فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ، وَإِبَاحَةِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ، وَثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ. وَأَوْلَادُهُ وَإِنْ سَفَلُوا أَوْلَادُ وَلَدِهِمَا. وَصَارَ أَبَوَيْهِ وَآبَاؤُهُمَا أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ، وَإِخْوَةُ الْمَرْأَةِ وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ، وَإِخْوَةُ الرَّجُلِ وَأَخَوَاتُهُ أَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ. وَتَنْتَشِرُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ مِنْ الْمُرْتَضِعِ إلَى أَوْلَادِهِ، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَإِنْ سَفَلُوا. فَيَصِيرُونَ أَوْلَادًا لَهُمَا) . بِلَا نِزَاعٍ فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَلَا تَنْتَشِرُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَوْ ارْتَضَعَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى مِنْ امْرَأَةٍ صَارَتْ أُمًّا لَهُمَا. فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْآخَرِ، وَلَا بِأَخَوَاتِهِ الْحَادِثَاتِ بَعْدَهُ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَخَوَاتِهِ اللَّاتِي وُلِدْنَ قَبْلَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ الْآخَرِ. انْتَهَى. وَلَا أَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا غَيْرَهُ. وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ. ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيه. قَالَ: هَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.
قَوْلُهُ (وَلَا تَنْتَشِرُ إلَى مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ مِنْ آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَأَعْمَامِهِ،
وَعَمَّاتِهِ، وَأَخْوَالِهِ، وَخَالَاتِهِ. فَلَا تَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى أَبِي الْمُرْتَضِعِ، وَلَا أَخِيهِ، وَلَا تَحْرُمُ أُمُّ الْمُرْتَضِعِ وَلَا أُخْتُهُ عَلَى أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا أَخِيهِ) بِلَا نِزَاعٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ وَلَدِهَا مِنْ الزِّنَا طِفْلًا: صَارَ وَلَدًا لَهَا، وَحَرُمَ عَلَى الزَّانِي تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ، وَلَمْ تَثْبُتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّهِ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَثْبُتُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ.
قَوْلُهُ (قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ) . وَهُوَ الصَّحِيحُ. يَعْنِي: أَنَّ حُكْمَ لَبَنِ وَلَدِهَا الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ كَحُكْمِ لَبَنِ وَلَدِهَا مِنْ الزِّنَا، مِنْ كَوْنِ الْمُرْتَضِعِ يَحْرُمُ عَلَى الْمَلَاعِنِ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ. وَلَمْ تَثْبُتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ الْمَلَاعِنِ. عَلَى الْمَذْهَبِ، أَوْ تَثْبُتُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَثْبُتَ حُكْمُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ الْمَلَاعِنِ بِحَالٍ. لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنِهِ حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا بِخِلَافِ الزَّانِي. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.
(وَإِنْ وَطِئَ رَجُلَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ طِفْلًا: صَارَ ابْنًا لِمَنْ ثَبَتَ نَسَبُ الْمَوْلُودِ مِنْهُ) بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ أُلْحِقَ بِهِمَا: كَانَ الْمُرْتَضِعُ ابْنًا لَهُمَا. بِلَا خِلَافٍ. زَادَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهِمْ. فَقَالُوا: كَذَا الْحُكْمُ لَوْ مَاتَ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ. فَهُوَ لَهُمَا. قُلْت: وَهُوَ صَحِيحٌ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) . إمَّا لِعَدَمِ الْقَافَةِ، أَوْ لِأَنَّهُ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ. (ثَبَتَ التَّحْرِيمُ بِالرَّضَاعِ فِي حَقِّهِمَا) . كَالنَّسَبِ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: هُوَ لِأَحَدِهِمَا مُبْهَمًا. فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا. اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُمَا لِتَعَذُّرِ الْقَافَةِ أَوْ لِاشْتِبَاهِهِ عَلَيْهِمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: حَرُمَ عَلَيْهِمَا، تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ مُنَجَّا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ ثَابَ لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ تَقَدَّمَ) . قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ: أَوْ مِنْ وَطْءٍ تَقَدَّمَ. (لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي لَبَنِ الْبِكْرِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ. فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَالْمُخْتَارُ لِلْقَاضِي، وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ. قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنٍ حَقِيقَةً، بَلْ رُطُوبَةٍ مُتَوَلِّدَةٍ. لِأَنَّ اللَّبَنَ مَا أَنْشَزَ الْعِظَامَ، وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ. وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ. وَعَنْهُ: يُنْشِزُهَا. ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ. قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَلَا يَحْرُمُ لَبَنُ غَيْرِ حُبْلَى، وَلَا مَوْطُوءَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَنْشُرُ: فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ فَصَاعِدًا. صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَغَيْرِهِ. . لِقَوْلِهِ " وَإِنْ ثَابَ لِامْرَأَةٍ ".
قَوْلُهُ (وَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ غَيْرُ لَبَنِ الْمَرْأَةِ، فَلَوْ ارْتَضَعَ طِفْلَانِ مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ رَجُلٍ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٍ: لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ) بِلَا نِزَاعٍ. إذَا ارْتَضِعْ طِفْلَانِ مِنْ بَهِيمَةٍ: لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ، بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ ارْتَضَعَ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ أَيْضًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعُوا بِهِ. وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ رِوَايَةً: بِأَنَّهُ يَنْشُرُ. وَإِنْ ارْتَضَعَا مِنْ خُنْثَى مُشْكِلٍ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْشُرُ لَبَنُ الْمَرْأَةِ الَّذِي حَدَثَ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ، فَهُنَا لَا يَنْشُرُ بِطَرِيقِ أَوْلَى وَأَحْرَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَنْشُرُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ
وَإِنْ قُلْنَا: هُنَا يَنْشُرُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى فَهَلْ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ هُنَا لَبَنُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. هَذِهِ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ. وَهِيَ الصَّوَابُ. وَالصَّوَابُ أَيْضًا: عَدَمُ الِانْتِشَارِ، وَلَوْ قُلْنَا بِالِانْتِشَارِ مِنْ الْمَرْأَةِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْخُنْثَى مُطْلَقًا. وَلِذَلِكَ ذَكَرُوا الْمَسْأَلَةَ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ. فَقَالُوا: لَوْ ارْتَضَعَ مِنْ كَذَا وَكَذَا، وَمِنْ خُنْثَى مُشْكِلٍ: لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُوقَفُ أَمْرُ الْخُنْثَى حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ. وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَلَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ لَبَنِ رَجُلٍ وَخُنْثَى. وَقِيلَ: يَقِفُ أَمْرُهُ حَتَّى يَنْكَشِفَ. وَقِيلَ: إنْ حَرُمَ لَبَنٌ بِغَيْرِ حَبَلٍ وَلَا وَطْءٍ، فَفِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَجْهَانِ. انْتَهَى فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ: يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ رَجُلًا. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَيَكُونُ هَذَا الْوُقُوفُ عَنْ الْحُكْمِ بِالْبُنُوَّةِ وَالْأُخُوَّةِ مِنْ الرَّضَاعِ يُوجِبُ تَحْرِيمًا فِي الْحَالِ مِنْ حَيْثُ الشُّبْهَةُ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأُخُوَّةُ حَقِيقَةً كَاشْتِبَاهِ أُخْتِهِ بِأَجَانِبَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ: لَا تَحْرِيمَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ أَيِسُوا مِنْهُ بِمَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا تَحْرِيمَ.
قَوْلُهُ (وَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِالرَّضَاعِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَرْتَضِعَ. فِي الْعَامَيْنِ. فَلَوْ ارْتَضَعَ بَعْدَهُمَا بِلَحْظَةٍ: لَمْ تَثْبُتْ) .
وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعُوا بِهِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَوْ ارْتَضَعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِسَاعَةٍ: لَمْ يَحْرُمْ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ: لَوْ شَرَعَ فِي الْخَامِسَةِ، فَحَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ كَمَالِهَا: لَمْ يَثْبُتْ التَّحْرِيمُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَا يَصِحُّ هَذَا. لِأَنَّ مَا وُجِدَ مِنْ الرَّضْعَةِ فِي الْحَوْلَيْنِ لَبَنٌ كَافٍ فِي التَّحْرِيمِ. بِدَلِيلِ مَا لَوْ انْفَصَلَ مِمَّا بَعْدَهُ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ بِالرَّضَاعِ إلَى الْفِطَامِ. وَلَوْ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، أَوْ قَبْلَهُمَا. فَأَنَاطَ الْحُكْمَ بِالْفِطَامِ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَوْ بَعْدَهُ. وَاخْتَارَ أَيْضًا ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ بِالرَّضَاعِ. وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَضِعُ كَبِيرًا لِلْحَاجَةِ. نَحْوَ كَوْنِهِ مُحَرَّمًا. لِقِصَّةِ سَالِمِ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، مَعَ زَوْجَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ رضي الله عنهما.
فَائِدَةٌ:
لَوْ أُكْرِهَتْ عَلَى الرَّضَاعِ: ثَبَتَ حُكْمُهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ مَحَلَّ وِفَاقٍ.
قَوْلُهُ: (الثَّانِي: أَنْ يَرْتَضِعَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ، وَغَيْرِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ مُخْتَارُ أَصْحَابِهِ؛ مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: ثَلَاثٌ يَحْرُمْنَ. وَعَنْهُ: وَاحِدَةٌ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْهِدَايَةِ.
قَوْلُهُ (وَمَتَى أَخَذَ الثَّدْيَ فَامْتَصَّ مِنْهُ ثُمَّ تَرَكَهُ، أَوْ قُطِعَ عَلَيْهِ. فَهِيَ رَضْعَةٌ. فَمَتَى عَادَ فَهِيَ رَضْعَةٌ أُخْرَى، بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا أَوْ قَرُبَ، وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ شِبَعًا، أَوْ لِأَمْرٍ يُلْهِيه، أَوْ لِانْتِقَالِهِ مِنْ ثَدْيٍ إلَى غَيْرِهِ، أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ إلَى غَيْرِهَا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ لَمْ يَقْطَعْ بِاخْتِيَارِهِ فَهُمَا رَضْعَةٌ، إلَّا أَنْ يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا. وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ: أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بِاخْتِيَارِهِ لِتَنَفُّسٍ، أَوْ إعْيَاءٍ يَلْحَقُهُ ثُمَّ عَادَ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، فَهِيَ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ. قَالَ: وَلَوْ انْتَقَلَ مِنْ ثَدْيٍ إلَى آخَرَ، وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ: فَهِيَ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ. وَإِنْ كَانَ مِنْ امْرَأَتَيْنِ: فَوَجْهَانِ. ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: حَدُّ الرَّضْعَةِ أَنْ يَمْتَصَّ ثُمَّ يُمْسِكَ عَنْ امْتِصَاصِ لِتَنَفُّسٍ أَوْ غَيْرِهِ، سَوَاءٌ خَرَجَ الثَّدْيُ مِنْ فَمِهِ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ. نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَعَنْهُ: رَضْعَةٌ إنْ تَرَكَهُ عَنْ قَهْرٍ، أَوْ لِتَنَفُّسٍ أَوْ مَلَلٍ. وَقِيلَ: إنْ انْتَقَلَ مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ آخَرَ، أَوْ إلَى مُرْضِعَةٍ أُخْرَى: فَرَضْعَتَانِ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: فَإِنْ قَطَعَ الْمَصَّةَ لِلتَّنَفُّسِ، أَوْ مَا أَلْهَاهُ، أَوْ قَطَعَتْ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ قَهْرًا: فَرَضْعَةٌ. وَعَنْهُ: لَا. وَإِذَا انْتَقَلَ مِنْ ثَدْيٍ إلَى آخَرَ، أَوْ إلَى مُرْضِعَةٍ أُخْرَى: فَرَضْعَتَانِ عَلَى الْأَصَحِّ
قَالَ فِي الْوَجِيزِ: فَإِنْ قَطَعَ الْمَصَّةَ، لِتَنَفُّسٍ أَوْ شِبَعٍ، أَوْ أَمْرٍ أَلْهَاهُ، أَوْ قَطَعَتْ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ قَهْرًا: فَرَضْعَةٌ. فَإِنْ انْتَقَلَ إلَى ثَدْيٍ آخَرَ، أَوْ مُرْضِعَةٍ أُخْرَى: فَثِنْتَانِ. قَرُبَ مَا بَيْنَهُمَا أَوْ بَعُدَ.
قَوْلُهُ (وَالسَّعُوطُ، وَالْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَالْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالسَّعُوطُ وَالْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ. عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ النَّاظِمُ: هُوَ كَالرَّضَاعِ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: فَرَضَاعٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ.
قَوْلُهُ (وَيُحَرِّمُ لَبَنُ الْمَيِّتَةِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ: الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُذْهَبِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمَا. كَحَلْبِهِ مِنْ حَيَّةٍ ثُمَّ شَرِبَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا، بِلَا خِلَافٍ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: لَا يُحَرِّمُ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالْمَجْدُ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْحَاوِي، وَالْمُسْتَوْعِبُ، وَالْفُرُوعُ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً.
فَائِدَةٌ:
لَوْ حَلَفَ " لَا شَرِبْتُ مِنْ لَبَنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ " فَشَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا وَهِيَ مَيِّتَةٌ: حَنِثَ. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ.
قَوْلُهُ (وَاللَّبَنُ الْمَشُوبُ) . يَعْنِي: يُحَرِّمُ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَحْرُمُ لَبَنٌ شِيبَ بِغَيْرِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ، وَالشِّيرَازِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْخِرَقِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: لَا يَحْرُمُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَيَأْتِي بِنَاءُ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى مَاذَا؟ قَرِيبًا. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ غَلَبَ اللَّبَنُ حَرَّمَ. وَإِلَّا فَلَا. وَذَكَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: أَنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ الصَّغِيرِ.
تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهُمَا: مَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ فَمَا إذَا كَانَتْ صِفَاتُ اللَّبَنِ بَاقِيَةً. فَأَمَّا إنْ صُبَّ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ: لَمْ يَثْبُتْ بِهِ التَّحْرِيمُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. فَإِنَّهُ قَالَ، وَقِيلَ: بَلْ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ. وَعِنْدَ الْقَاضِي: يَجْرِي الْخِلَافُ فِيهِ، لَكِنْ بِشَرْطِ شُرْبِ الْمَاءِ كُلِّهِ. وَلَوْ فِي دَفَعَاتٍ. وَتَكُونُ رَضْعَةً وَاحِدَةً. ذَكَرَهُ فِي خِلَافِهِ.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ.
الثَّانِي: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اللَّبَنَ الْمَشُوبَ، وَلَبَنَ الْمَيِّتَةِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ " لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا ". ظَاهِرٌ: أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ غُلَامِ الْخَلَّالِ، وَأَنَّهُ اخْتَارَ عَدَمَ ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِهِمَا. وَالْحَالُ أَنَّ الْأَصْحَابَ إنَّمَا حَكَوْا عَدَمَ تَحْرِيمِ لَبَنِ الْمَيِّتَةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْخَلَّالِ. وَعَدَمَ تَحْرِيمِ اللَّبَنِ الْمَشُوبِ عَنْ أَبِي بَكْرِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. فَظَاهِرُهُ التَّعَارُضُ. فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: قَدْ اطَّلَعَ الْمُصَنِّفُ عَلَى نَقْلٍ لِأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَصَلَ وَهْمٌ فِي ذَلِكَ. وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ.
الثَّالِثُ: بَنَى الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ الْخِلَافَ فِي التَّحْرِيمِ فِي اللَّبَنِ الْمَشُوبِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ بِالسَّعُوطِ وَالْوَجُورِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله هُنَا أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ. لِأَنَّهُ وَجُورٌ.
فَائِدَةٌ:
يُحَرِّمُ الْجُبْنُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يُحَرِّمُ.
قَوْلُهُ (وَالْحُقْنَةُ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ. نَصَّ عَلَيْهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. لِأَنَّ الْعِلَّةَ إنْشَازُ الْعَظْمِ، وَإِنْبَاتُ اللَّحْمِ، لِحُصُولِهِ فِي الْجَوْفِ، بِخِلَافِ الْحُقْنَةِ بِالْخَمْرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ،
وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَنْشُرُهَا. وَحَكَاهُ رِوَايَةً، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى.
فَائِدَةٌ:
لَا أَثَرَ لِلْوَاصِلِ إلَى الْجَوْفِ الَّذِي لَا يُغَذِّي. كَالذَّكَرِ وَالْمَثَانَةِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَ كَبِيرَةً، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَثَلَاثَ صَغَائِرَ، فَأَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ إحْدَاهُنَّ فِي الْحَوْلَيْنِ: حَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ عَلَى التَّأْبِيدِ) . لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ. وَثَبَتَ نِكَاحُ الصُّغْرَى. لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ. وَلَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا. هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ.: الْخِرَقِيُّ، وَابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ. وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. (وَعَنْهُ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا) . يَعْنِي الصُّغْرَى. لِأَنَّهُمَا صَارَا أُمًّا وَبِنْتًا. وَاجْتَمَعَا فِي نِكَاحِهِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُحَرَّمٌ. فَانْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا كَمَا لَوْ كَانَا أُخْتَيْنِ. وَكَمَا لَوْ عَقَدَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الرَّضَاعِ عَقْدًا وَاحِدًا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْبُلْغَةِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ اثْنَتَيْنِ مُنْفَرِدَتَيْنِ: انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَإِرْضَاعِهِمَا مَعًا. (وَعَلَى الثَّانِيَةِ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأُولَى، وَيَثْبُتُ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ) .
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ الثَّلَاثَ مُتَفَرِّقَاتٍ: انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَتَيْنِ، وَثَبَتَ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ، عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى. وَعَلَى الثَّانِيَةِ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْجَمِيعِ) .
فَائِدَةٌ:
لَوْ أَرْضَعَتْ الثَّلَاثَةَ أَجْنَبِيَّةٌ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، بِأَنْ حَلَبَتْهُ فِي ثَلَاثِ أَوَانٍ وَأَوْجَرَتْهُنَّ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ. وَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ: انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَتَيْنِ، وَلَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ.
تَنْبِيهٌ:
مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا: يَسْقُطُ مَهْرُهَا) إذَا كَانَ الْإِفْسَادُ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَهُوَ وَاضِحٌ. وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ (وَلَوْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا: لَمْ يَسْقُطْ مَهْرُهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ) . إذَا كَانَ الْإِفْسَادُ بَعْدَ الدُّخُولِ. بِدَلِيلِ مَا قَبْلَ ذَلِكَ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَهُوَ وَاضِحٌ. فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ (وَكُلُّ مَنْ أَفْسَدَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ بِرَضَاعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَهْرِهَا الَّذِي يَلْزَمُهُ لَهَا) بِلَا نِزَاعٍ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَلَهُ ثَلَاثَةُ مَآخِذَ.
أَحَدُهَا: أَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مِنْ الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ، فَيَتَقَوَّمُ بِنِصْفِ الْمُسَمَّى. وَقِيلَ: بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ.
وَالثَّانِي: لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ، لَكِنَّ الْمُفْسِدَ قَرَّرَ عَلَى الزَّوْجِ هَذَا النِّصْفَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمَهْرَ كُلَّهُ يَسْقُطُ بِالْفُرْقَةِ، وَيَجِبُ لَهَا نِصْفُهُ وُجُوبًا مُبْتَدَأً بِالْفُرْقَةِ الَّتِي اسْتَقَلَّ بِهَا الْأَجْنَبِيُّ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. وَفِيهِ بُعْدٌ. انْتَهَى.
الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي أَوَّلِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ: خُرُوجُ الْبُضْعِ مِنْ الزَّوْجِ: هَلْ هُوَ مُتَقَوِّمٌ، أَمْ لَا؟ بِمَعْنَى أَنَّهُ: هَلْ يَلْزَمُ الْمُخْرِجَ لَهُ قَهْرًا ضَمَانُهُ لِلزَّوْجِ بِالْمَهْرِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ. وَيُذْكَرَانِ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ كَالْقَاضِي، وَمَنْ بَعْدَهُ يَقُولُونَ: لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ. وَخَصُّوا هَذَا الْخِلَافَ بِمَنْ عَدَا الزَّوْجَةَ. فَقَالُوا: لَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ شَيْئًا بِغَيْرِ خِلَافٍ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: أَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ عَلَيْهَا أَيْضًا. وَحَكَاهُ قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ. وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَمِيعُ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْفَسْخُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا: سَقَطَ مَهْرُهَا) بِلَا نِزَاعٍ، (وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ: وَجَبَ لَهَا مَهْرُهَا) . يَعْنِي: إذَا أَفْسَدَهُ غَيْرُهَا (وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى أَحَدٍ) . هَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ، وَالْمَجْدِ فِي مُحَرَّرِهِ، وَصَاحِبِ الْحَاوِي. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَاخْتَارَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ أَيْضًا. وَرَوَاهُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله.
وَهُوَ الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَاعْتَبَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى لِلرُّجُوعِ الْعَمْدَ، وَالْعِلْمَ بِحُكْمِهِ. وَقَاسَ فِي الْوَاضِحِ النَّائِمَةَ عَلَى الْمُكْرَهَةِ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا: لَمْ يَسْقُطْ مَهْرُهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ. قُلْت: لَوْ خَرَجَ السُّقُوطُ مِنْ الْمَنْصُوصِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا: لَكَانَ مُتَّجِهًا. وَحَكَى فِي الْفُرُوعِ عَنْ الْقَاضِي: أَنَّهَا إذَا أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ نِصْفُ الْمُسَمَّى. وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ. ثُمَّ رَأَيْته فِي الْقَوَاعِدِ حَكَى أَنَّهُ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رحمه الله.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ امْرَأَتُهُ الْكُبْرَى الصُّغْرَى فَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ الصُّغْرَى. يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْكُبْرَى) بِلَا نِزَاعٍ.
قَوْلُهُ (وَلَا مَهْرَ لِلْكُبْرَى إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) بِلَا نِزَاعٍ (وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا: فَعَلَيْهِ صَدَاقُهَا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَيَأْتِي هُنَا مَا خَرَّجْنَاهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْقَاضِي الَّذِي ذُكِرَ قَبْلُ مِنْ وُجُوبِ نِصْفِ الْمُسَمَّى فَقَطْ هُنَا. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ الصُّغْرَى هِيَ الَّتِي دَبَّتْ إلَى الْكُبْرَى وَهِيَ نَائِمَةٌ
فَارْتَضَعَتْ مِنْهَا: فَلَا مَهْرَ لَهَا. وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ الْكُبْرَى إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَبِجَمِيعِهِ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا: لَا يَرْجِعُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِشَيْءٍ. وَتَقَدَّمَ أَيْضًا قَوْلُ ابْنِ أَبِي مُوسَى، وَاشْتِرَاطُهُ لِلرُّجُوعِ الْعَمْدَ وَالْعِلْمَ بِحُكْمِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ صَاحِبَ الْوَاضِحِ قَاسَ النَّائِمَةَ عَلَى الْمُكْرَهَةِ. فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي هَذَا كُلِّهِ وَاحِدٌ.
فَائِدَةٌ:
حَيْثُ أَفْسَدَ نِكَاحَ الْمَرْأَةِ، فَلَهَا الْأَخْذُ مِمَّنْ أَفْسَدَهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: مَتَى خَرَجَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِإِفْسَادِهَا أَوَّلًا، أَوْ بِيَمِينِهِ " لَا تَفْعَلْ شَيْئًا " فَفَعَلَتْهُ: فَلَهُ مَهْرُهُ. وَذَكَرَهُ رِوَايَةً كَالْمَفْقُودِ. لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْمَهْرَ بِسَبَبٍ هُوَ تَمْكِينُهَا مِنْ وَطْئِهَا وَضَمِنَتْهُ بِسَبَبٍ هُوَ إفْسَادُهَا. وَاحْتَجَّ بِالْمُخْتَلِعَةِ الَّتِي تَسَبَّبَتْ إلَى الْفُرْقَةِ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ، لَهُنَّ لَبَنٌ مِنْهُ. فَأَرْضَعْنَ امْرَأَةً لَهُ أُخْرَى كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَةً: حَرُمَتْ عَلَيْهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَلَمْ تَحْرُمْ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا الْأَقْوَى. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: هُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ حَامِدٍ. وَأَطْلَقَهَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْمُذْهَبِ. وَأَمَّا أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ: فَلَا يَحْرُمْنَ إلَّا إذَا قُلْنَا: تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِرَضْعَةٍ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ، لَهُنَّ لَبَنٌ مِنْهُ. فَأَرْضَعْنَ امْرَأَةً لَهُ صُغْرَى، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَتَيْنِ: لَمْ تَحْرُمْ الْمُرْضِعَاتُ، وَهَلْ تَحْرُمُ الصُّغْرَى؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. أَصَحُّهُمَا: تَحْرُمُ) وَتَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَالنَّاظِمُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ. فَلَا تَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ، كَمَا لَا تَثْبُتُ الْأُمُومَةُ.
تَنْبِيهٌ:
قَوْلُهُ (وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا. يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِنَّ عَلَى قَدْرِ رَضَاعِهِنَّ: يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ أَخْمَاسًا) . فَيَلْزَمُ الْأُولَى: خُمُسُ الْمَهْرِ. لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهَا رَضْعَتَانِ. وَالثَّانِيَةَ: كَذَلِكَ. وَعَلَى الثَّالِثَةِ: نِصْفُ الْخُمُسِ. لِأَنَّ التَّحْرِيمَ كَمُلَ بِالرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ.
فَوَائِدُ
الْأُولَى: لَوْ أَرْضَعَتْ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ الْخَمْسُ طِفْلًا، كُلُّ وَاحِدَةٍ رَضْعَةً: لَمْ يَصِرْنَ أُمَّهَاتٍ لَهُ. وَصَارَ الْمَوْلَى أَبًا لَهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. لِأَنَّ الْجَمِيعَ لَبَنُهُ وَهُنَّ كَالْأَوْعِيَةِ. وَقِيلَ: لَا تَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ أَيْضًا.
الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ لَهُ خَمْسُ بَنَاتٍ فَأَرْضَعْنَ طِفْلًا، كُلُّ وَاحِدَةٍ رَضْعَةً: لَمْ يَصِرْنَ، أُمَّهَاتٍ لَهُ وَهَلْ يَصِيرُ الرَّجُلُ جَدًّا لَهُ. وَأَوْلَادُهُ أَخْوَالَهُ وَخَالَاتِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِيرُ كَذَلِكَ. لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ، لِأَنَّ اللَّبَنَ لَيْسَ لَهُ. وَالتَّحْرِيمُ هُنَا بَيْنَ الْمُرْضِعَةِ وَابْنِهَا، بِخِلَافِ الْأَوْلَى. لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهَا بَيْنَ الْمُرْتَضِعِ وَصَاحِبِ اللَّبَنِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ: وَهَذَا الْوَجْهُ يَتَرَجَّحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. لِأَنَّ الْفَرْعِيَّةَ مُتَحَقِّقَةٌ. بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِيرُ جَدًّا لَهُ، وَأَوْلَادُهُ أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ، لِوُجُودِ الرَّضَاعِ. مِنْهُنَّ. كَبِنْتٍ وَاحِدَةٍ. فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ أَنَّهُ يَصِيرُ أَخُوهُنَّ خَالًا لَا تَثْبُتُ الْخُئُولَةُ فِي حَقِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ. لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِعْ مِنْ ابْنِ أَخَوَاتِهَا خَمْسَ رَضَعَاتٍ. وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ، لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ مِنْ اللَّبَنِ الْمُحَرَّمِ خَمْسُ رَضَعَاتٍ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَلَوْ كَمُلَ لِلطِّفْلَةِ خَمْسُ رَضَعَاتٍ مِنْ أُمِّ رَجُلٍ وَأُخْتِهِ وَابْنَتِهِ وَزَوْجَتِهِ وَزَوْجَةِ ابْنِهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ رَضْعَةً: خَرَجَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الرَّجُلِ فِي الْأَصَحِّ، لِمَا سَبَقَ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا رَجَّحَهُ الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. فَقَالَ: لَمْ تَحْرُمْ إنْ لَمْ تُحَرِّمْ الرَّضْعَةُ. وَقِيلَ: تُحَرِّمُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
الثَّالِثَةُ: لَوْ أَرْضَعَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ خَمْسٌ بَنَاتُ زَوْجَتِهِ رَضْعَةً رَضْعَةً: فَلَا أُمُومَةَ. وَتَصِيرُ أُمُّهُنَّ جَدَّةً.
قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: لَا تَصِيرُ جَدَّةً. وَرَجَّحَهُ فِي الْمُغْنِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَلَوْ كَانَ لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ مِنْ زَوْجٍ فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا ثَلَاثَ رَضَعَاتٍ. وَانْقَطَعَ لَبَنُهَا فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ. فَصَارَ لَهَا مِنْهُ لَبَنٌ، فَأَرْضَعَتْ مِنْهُ الطِّفْلَ رَضْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ: صَارَتْ أُمًّا لَهُ، بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْخَمْسَ مُحَرَّمَاتٍ. وَلَمْ يَصِرْ وَاحِدٌ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَبًا لَهُ. لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ عَدَدَ الرَّضَاعَاتِ مِنْ لَبَنِهِ. وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلَيْنِ، لِكَوْنِهِ رَبِيبَهُمَا. لَا لِكَوْنِهِ وَلَدَهُمَا.
قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ ثَلَاثَ بَنَاتِ امْرَأَةٍ لَهُنَّ لَبَنٌ. فَأَرْضَعْنَ ثَلَاثَ نِسْوَةٍ لَهُ صِغَارًا: حَرُمَتْ الْكُبْرَى، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا: حَرُمَ الصِّغَارُ أَيْضًا) لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَهَلْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ مَنْ كَمُلَ رِضَاعُهَا أَوْ لَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيمَا إذَا أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكُبْرَى زَوْجَتَهُ الصُّغْرَى. فَإِنَّ الْكُبْرَى تَحْرُمُ. وَهَلْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الصُّغْرَى؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ تَقَدَّمَتَا. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَذْهَبَ: لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الصُّغْرَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا بَطَلَ نِكَاحُهُنَّ. عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: نِكَاحُ مَنْ كَمُلَ رِضَاعُهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَرْضَعْنَ وَاحِدَةً، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَضْعَتَيْنِ. فَهَلْ تَحْرُمُ الْكُبْرَى بِذَلك؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.
أَحَدُهُمَا: لَا تَحْرُمُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ لَا تَحْرُمُ بِهَذَا. قَالَ الشَّارِحُ: وَهَذَا أَوْلَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَحْرُمُ. قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ الْأَقْوَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي.
قَوْلُهُ (وَإِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ، فَتَزَوَّجَتْ بِصَبِيٍّ، فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ: انْفَسَخَ نِكَاحُهَا مِنْهُ. وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَبَدًا. لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ حَلَائِلِ أَبْنَائِهِ. وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الصَّبِيَّ أَوَّلًا ثُمَّ فَسَخَتْ نِكَاحَهُ لِعَيْبٍ) . وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ وَلِيُّهُ، وَقُلْنَا: يَصِحُّ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ كَبِيرًا فَصَارَ لَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ الصَّبِيَّ: حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا عَلَى الْأَبَدِ. بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. أَمَّا الْكَبِيرُ: فَلِأَنَّهَا حَلِيلَةُ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعِ. وَأَمَّا الصَّغِيرُ: فَلِأَنَّهَا أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعِ. وَلِأَنَّهَا زَوْجَةُ أَبِيهِ أَيْضًا. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ. لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ طَرَأَ لِرَضَاعِ أَجْنَبِيٍّ. قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدٍ لَهُ يَرْضِعُ. ثُمَّ أَعْتَقَهَا. فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِمَنْ أَوْلَدَهَا، فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِ هَذَا الْوَلَدِ زَوْجَهَا الْمَعْتُوقَ: حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا لَمَا ذَكَرْنَا. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا.
تَنْبِيهٌ:
حَكَى فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا إنْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا بِحُرٍّ رَضِيعٍ، فَأَرْضَعَتْهُ مَا حَرَّمَهَا. وَحَكَاهُ فِي الْكُبْرَى قَوْلًا.
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّ ذَلِكَ خَطَأٌ. لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ لِلْحُرِّ لَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطَيْنِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي " بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ " وَلَيْسَا مَوْجُودَيْنِ فِي هَذَا الطِّفْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا شَكَّ فِي الرَّضَاعِ، أَوْ عَدَدِهِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) بِلَا نِزَاعٍ.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ شَهِدَ بِهِ امْرَأَةٌ مَرْضِيَّةٌ: ثَبَتَ بِشَهَادَتِهَا) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. (وَعَنْهُ: أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَرْضِيَّةً اُسْتُحْلِفَتْ. فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً: لَمْ يَحُلْ الْحَوْلُ حَتَّى يَبْيَضَّ ثَدْيَاهَا. وَذَهَبَ فِي ذَلِكَ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما) . وَعَنْهُ: لَا يُقْبَلُ إلَّا بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، ثُمَّ قَالَ قَبْلَ الدُّخُولِ هِيَ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعِ: انْفَسَخَ النِّكَاحُ. فَإِنْ صَدَّقَتْهُ: فَلَا مَهْرَ. وَإِنْ كَذَّبَتْهُ: فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ) بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ: انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلَهَا الْمَهْرُ بِكُلِّ حَالٍ) . يَعْنِي: إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً. وَقَالَ بَعْدَ الدُّخُولِ " هِيَ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعِ " فَإِنَّ النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ لَهَا الْمَهْرَ، سَوَاءٌ صَدَّقَتْهُ أَوْ كَذَّبَتْهُ. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَلَهَا الْمَهْرُ بِكُلِّ حَالٍ ". وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقِيلَ: يَسْقُطُ بِتَصْدِيقِهَا لَهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُ: يَسْقُطُ الْمُسَمَّى. فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ.
لَكِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ:
مَحَلُّ هَذَا فِي الْحُكْمِ. أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ: فَيَنْبَنِي ذَلِكَ عَلَى عِلْمِهِ وَتَصْدِيقِهِ. فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَ، فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ عَلِمَ كَذِبَ نَفْسِهِ. فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ. وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَمْ يَزُلْ عَنْ الْيَقِينِ بِالشَّكِّ. هَذَا الْمَذْهَبُ. وَقِيلَ: فِي حِلِّهَا لَهُ إذَا عَلِمَ كَذِبَ نَفْسِهِ رِوَايَتَانِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَقَالَا: وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي قَالَتْ: هُوَ أَخِي مِنْ الرَّضَاعِ، وَأَكْذَبَهَا: فَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي الْحُكْمِ) بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ إنْ كَانَ قَوْلُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ: فَلَا مَهْرَ لَهَا. وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ: فَإِنْ أَقَرَّتْ بِأَنَّهَا كَانَتْ عَالِمَةً بِأَنَّهَا أُخْتُهُ، وَبِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ، وَطَاوَعَتْهُ فِي الْوَطْءِ: فَلَا مَهْرَ لَهَا أَيْضًا. وَإِنْ أَنْكَرَتْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ: فَلَهَا الْمَهْرُ. لِأَنَّهُ وَطْءٌ بِشُبْهَةٍ. وَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ. وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ. فَإِنْ عَلِمَتْ صِحَّةَ مَا أَقَرَّتْ بِهِ: لَمْ يَحِلَّ لَهَا مُسَاكَنَتُهُ، وَلَا تَمْكِينُهُ مِنْ وَطْئِهَا. وَعَلَيْهَا أَنْ تَفِرَّ مِنْهُ وَتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا. كَمَا قُلْنَا فِي الَّتِي عَلِمَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَأَنْكَرَ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ بَعْدَ الدُّخُولِ: أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ، مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: هِيَ ابْنَتِي مِنْ الرَّضَاعِ، وَهِيَ فِي سِنِّهِ أَوْ أَكْبَرَ مِنْهُ: لَمْ تَحْرُمْ، لِتَحَقُّقِنَا كَذِبَهُ) بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُ: فَكَمَا لَوْ قَالَ " هِيَ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعَةِ " عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ ادَّعَى الْأُخُوَّةَ أَوْ الْبُنُوَّةَ، وَكَذَّبَتْهُ: لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ أُمِّهِ وَلَا ابْنَتِهِ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أُمِّهَا وَابْنَتِهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: لَا تُقْبَلُ. وَإِنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَكَذَّبَهَا، فَشَهِدَتْ بِهِ أُمُّهَا أَوْ ابْنَتُهَا: لَمْ تُقْبَلْ. وَإِنْ شَهِدَتْ أُمُّهُ أَوْ ابْنَتُهُ: قُبِلَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: لَا تُقْبَلُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ شَهِدَ بِهَا أَبُوهَا لَمْ يُقْبَلْ، بَلْ أَبُوهُ. يَعْنِي بِلَا دَعْوَى.
فَائِدَةٌ أُخْرَى:
لَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ أُخُوَّةَ سَيِّدٍ بَعْدَ وَطْءٍ: لَمْ تُقْبَلْ. وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيه: أَظْهَرُهُمَا الْقَبُولُ فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ. وَعَدَمُهُ فِي ثُبُوتِ الْعِتْقِ. وَتُشْبِهُ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ إذَا ادَّعَتْ أَمَةٌ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَهَا عَلَى وَارِثٍ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَهَا لَبَنٌ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَهُ، فَحَمَلَتْ، وَلَمْ يَزِدْ لَبَنُهَا فَهُوَ لِلْأَوَّلِ. وَإِنْ زَادَ لَبَنُهَا، فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا: صَارَ ابْنًا لَهُمَا) بِلَا نِزَاعٍ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. لَكِنْ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي غَيْرِ أَوَانِهَا: فَهُوَ لِلْأَوَّلِ. بِلَا نِزَاعٍ. وَكَذَا لَوْ لَمْ تَحْمِلْ، وَزَادَ بِالْوَطْءِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ انْقَطَعَ لَبَنُ الْأَوَّلِ، ثُمَّ ثَابَ بِحَمْلِهَا مِنْ الثَّانِي: فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ) . يَعْنِي: أَنَّهُ يَصِيرُ ابْنًا لَهُمَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ. وَجَزَمَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَنَصَرَهُ.
وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ: هُوَ ابْنٌ لِلثَّانِي وَحْدَهُ. وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْحَاوِي، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَتَقَدَّمَ اسْتِحْبَابُ إعْطَاءِ الظِّئْرِ عِنْدَ الْفِطَامِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، إذَا كَانَ الْمُسْتَرْضِعُ مُوسِرًا فِي " بَابِ الْإِجَارَةِ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: مَتَى وَلَدَتْ. فَاللَّبَنُ الثَّانِي وَحْدَهُ، إلَّا إذَا لَمْ يَزِدْ لَبَنُهَا وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْ الْأَوَّلِ، حَتَّى وَلَدَتْ. فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّهُ لِلثَّانِي كَمَا لَوْ زَادَ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ. وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا.
الثَّانِيَةُ: كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله أَنْ يَسْتَرْضِعَ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ فَاجِرَةً أَوْ مُشْرِكَةً. وَكَذَا حَمْقَاءُ، أَوْ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ. وَفِي الْمُجَرَّدِ: وَبَهِيمَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَعَمْيَاءُ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَحَكَى الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: أَنَّ مَنْ ارْتَضَعَ مِنْ أَمَةٍ حَمْقَاءَ خَرَجَ الْوَلَدُ أَحْمَقُ. وَمَنْ ارْتَضَعَ مِنْ سَيِّئَةِ الْخُلُقِ: تَعَدَّى إلَيْهِ. وَمَنْ ارْتَضَعَ مِنْ بَهِيمَةٍ: كَانَ بِهِ بَلَادَةُ الْبَهِيمَةِ. انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيه: وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ مِنْ جَذْمَاءَ، أَوْ بَرْصَاءَ. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ.