الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الْحَضَانَةِ]
ِ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: حَضَانَةُ الطِّفْلِ: حِفْظُهُ عَمَّا يَضُرُّهُ، وَتَرْبِيَتُهُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثِيَابِهِ، وَدَهْنِهِ وَتَكْحِيلِهِ وَرَبْطِهِ فِي الْمَهْدِ، وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقِيلَ: هِيَ حِفْظُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ وَتَرْبِيَتُهُ حَتَّى يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ
الثَّانِيَةُ: اعْلَمْ أَنَّ عَقْدَ الْبَابِ فِي الْحَضَانَةِ: أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ إلَّا لِرَجُلٍ عَصَبَةٍ، أَوْ امْرَأَةٍ وَارِثَةٍ، أَوْ مُدْلِيَةٍ بِوَارِثٍ، كَالْخَالَةِ وَبَنَاتِ الْأَخَوَاتِ. أَوْ مُدْلِيَةٍ بِعَصَبَةٍ، كَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّةِ. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. فَأَمَّا ذَوُو الْأَرْحَامِ غَيْرُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَالْحَاكِمُ فَيَأْتِي حُكْمُهُمْ، وَالْخِلَافُ فِيهِمْ وَقَوْلُنَا " إلَّا لِرَجُلٍ عَصَبَةٍ " قَالَهُ الْأَصْحَابُ. لَكِنْ هَلْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقُ. لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ فِي الْمِيرَاثِ، أَوْ لَا يَدْخُلُ. لِأَنَّهُ غَيْرُ نَسِيبٍ؟ . قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: لَمْ أَجِدْ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ. وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْتَضِي عَدَمَ دُخُولِهِ. وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ: دُخُولُهُ. لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ وَارِثٌ. وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَأَحَقُّ النَّاسِ بِحَضَانَةِ الطِّفْلِ وَالْمَعْتُوهِ أُمُّهُ) بِلَا نِزَاعٍ. وَلَوْ كَانَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَالرَّضَاعِ. قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. وَهُوَ وَاضِحٌ
قَوْلُهُ (ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ.
وَعَنْهُ: تَقَدُّمُ أُمِّ الْأَبِ عَلَى أُمِّ الْأُمِّ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي الْمُغْنِي: هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ الْأَبُ وَالْجَدُّ عَلَى غَيْرِ الْأُمِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ بَعْدَ ذِكْرِ رِوَايَةِ تَقْدِيمِ أُمِّ الْأَبِ عَلَى أُمِّ الْأُمِّ فَعَلَى هَذِهِ: يَكُونُ الْأَبُ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ، لِأَنَّهُنَّ يُدْلِينَ بِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ امْتَنَعَتْ الْأُمُّ لَمْ تُجْبَرْ. وَأُمُّهَا أَحَقُّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: الْأَبُ أَحَقُّ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ (ثُمَّ الْأَبُ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ) وَكَذَا (ثُمَّ الْجَدُّ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ) وَهَلُمَّ جَرًّا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ: تَقْدِيمُ أُمِّ الْأَبِ عَلَى الْخَالَةِ. انْتَهَى. وَعَنْهُ: الْأُخْتُ مِنْ الْأُمِّ. وَالْخَالَةُ أَحَقُّ مِنْ الْأَبِ. فَعَلَيْهَا: تَكُونُ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَحَقُّ. وَيَكُونُ هَؤُلَاءِ أَحَقُّ مِنْ الْأُخْتِ لِلْأَبِ، وَمِنْ جَمِيعِ الْعَصَبَاتِ. وَقِيلَ: هَؤُلَاءِ أَحَقُّ مِنْ جَمِيعِ الْعَصَبَاتِ إنْ لَمْ يُدْلِينَ بِهِ. فَإِنْ أَدْلَيْنَ بِهِ كَانَ أَحَقَّ مِنْهُنَّ
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ: وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ نِسَاءِ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ وَأُمَّهَاتِهِ وَجِهَتِهِ. وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ عَلَى الْأُنْثَى إنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْهَا. فَإِنْ تَسَاوَيَا فَوَجْهَانِ وَيَأْتِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ الْعَصَبَاتِ
قَوْلُهُ (ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِلْأَبِ، ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ، ثُمَّ الْخَالَةُ، ثُمَّ الْعَمَّةُ. فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْأَخَوَاتِ وَالْخَالَاتِ وَالْعَمَّاتِ بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَأُمَّهَاتِهِمَا. كَمَا تَقَدَّمَ وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ بِتَقْدِيمِ الْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ وَالْخَالَةِ عَلَى الْأَبِ. وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: تُقَدَّمُ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ عَلَى غَيْرِهَا مِمَّنْ ذُكِرَ بِلَا نِزَاعٍ. ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ هُنَا قَدَّمَ الْأُخْتَ لِلْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ، وَقَدَّمَ الْخَالَةَ عَلَى الْعَمَّةِ، وَقَالَ. إنَّهُ الصَّحِيحُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ قَالَ الشَّارِحُ: هَذِهِ الْمَشْهُورَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: فَتَنَاقَضُوا، حَيْثُ قَدَّمُوا الْأُخْتَ لِلْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ. ثُمَّ قَدَّمُوا الْخَالَةَ عَلَى الْعَمَّةِ. وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ الْأُخْتُ مِنْ الْأُمِّ عَلَى الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ، وَالْخَالَةُ عَلَى الْعَمَّةِ، وَخَالَةُ الْأُمِّ عَلَى خَالَةِ الْأَبِ، وَخَالَاتُ الْأَبِ عَلَى عَمَّاتِهِ، وَمَنْ يُدْلِي مِنْ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ بِأَبٍ عَلَى مَنْ يُدْلِي بِأُمٍّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي " كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ " وَابْنِ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ. فَقَالَ: قَرَابَةُ الْأُمِّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى قَرَابَةِ الْأَبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ، وَالْعَمَّةُ عَلَى الْخَالَةِ، وَخَالَةُ الْأَبِ عَلَى خَالَةِ الْأُمِّ، وَعَمَّةُ الْأَبِ عَلَى خَالَاتِهِ، وَمَنْ يُدْلِي مِنْ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ بِأُمٍّ عَلَى مَنْ يُدْلِي بِأَبٍ مِنْهُمَا. عَكْسُ الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله وَغَيْرُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَجَامِعِهِ الصَّغِيرِ، وَالشِّيرَازِيِّ، وَابْنِ الْبَنَّا لِتَقْدِيمِهِمْ الْأُخْتَ لِلْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْخِرَقِيِّ. لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَبِ. فَكَذَا قَرَابَتُهُ. لِقُوَّتِهِ بِهَا. وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْأُمُّ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا هُنَا أَحَدٌ فِي مَصْلَحَةِ الطِّفْلِ. وَإِنَّمَا قَدَّمَ الشَّارِعُ خَالَةَ ابْنَةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه عَلَى عَمَّتِهَا صَفِيَّةَ رضي الله عنها لِأَنَّ صَفِيَّةَ لَمْ تَطْلُبْ، وَجَعْفَرُ رضي الله عنه طَلَبَ نَائِبًا عَنْ خَالَتِهَا. فَقَضَى الشَّارِعُ بِهَا لَهَا فِي غَيْبَتِهَا. انْتَهَى. وَجَزَمَ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْمُنَوِّرِ بِتَقْدِيمِ الْأُخْتِ لِلْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ. وَبِتَقْدِيمِ الْعَمَّةِ عَلَى الْخَالَةِ.
(قَالَ الْخِرَقِيُّ: وَخَالَةُ الْأَبِ أَحَقُّ مِنْ خَالَةِ الْأُمِّ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَلَمْ يَذْكُرُوا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ.
فَائِدَةٌ:
تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ بَعْدَ الْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ، وَالْخَالَاتِ عَمَّاتُ أَبِيهِ، وَخَالَاتُ أَبَوَيْهِ عَلَى التَّفْصِيلِ. ثُمَّ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ. ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ عَلَى الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ. وَمَنْ بَعْدَهُنَّ.
تَنْبِيهٌ:
تَحْرِيرُ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي تَرْتِيبِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ فِيمَنْ تَقَدَّمَ:
أَنَّ أَحَقَّهُمْ بِالْحَضَانَةِ: الْأُمُّ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُنَّ. ثُمَّ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا، ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ. ثُمَّ لِلْأُمِّ. ثُمَّ لِلْأَبِ. ثُمَّ خَالَاتُهُ ثُمَّ عَمَّاتُهُ. ثُمَّ خَالَاتُ أَبَوَيْهِ. ثُمَّ عَمَّاتُ أَبِيهِ. ثُمَّ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ. ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ. ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِ أَبِيهِ، وَبَنَاتُ عَمَّاتِ أَبِيهِ. وَهَلُمَّ جَرًّا.
قَوْلُهُ (ثُمَّ تَكُونُ لِلْعَصَبَةِ) يَعْنِي: الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِنْ عَلَا، عَلَى مَا تَقَدَّمَ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ: فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَصَبَةُ الْحَضَانَةَ إلَّا بَعْدَ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُدْلِينَ بِهِ. فَإِنْ أَدْلَيْنَ بِالْعَصَبَةِ: كَانَ أَحَقَّ مِنْهُنَّ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ عَلَى الْأُنْثَى إنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُمَا. فَإِنْ تَسَاوَيَا فَوَجْهَانِ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ وَبِنَاؤُهُ. فَائِدَةٌ:
مَتَى اسْتَحَقَّتْ الْعَصَبَةُ الْحَضَانَةَ: فَهِيَ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ مَحَارِمِهَا. فَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى، وَكَانَتْ مِنْ غَيْرِ مَحَارِمِهَا كَمَا مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " إلَّا أَنَّ الْجَارِيَةَ لَيْسَ لِابْنِ عَمِّهَا حَضَانَتُهَا. لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَارِمِهَا " فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَضَانَتُهَا مُطْلَقًا. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ. وَجَزَمَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لَهَا إذَا بَلَغَتْ سَبْعًا. وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَجَزَمَ فِي الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ: أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لَهُ إذَا كَانَتْ تُشْتَهَى. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُشْتَهَى: فَلَهُ الْحَضَانَةُ.
وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قُلْت: فَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَابَعَهُ، إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ وَغَيْرَهُ حَكَاهُمَا قَوْلَيْنِ. وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله فِي الْهُدَى: أَنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ مُطْلَقًا. وَيُسَلِّمُهَا إلَى ثِقَةٍ يَخْتَارُهَا هُوَ، أَوْ إلَى مَحْرَمِهِ. لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَحَاكِمٍ. وَكَذَا قَالَ فِيمَنْ تَزَوَّجَتْ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ غَيْرُهَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ. وَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِلْخَبَرِ، لِعَدَمِ عُمُومِهِ
قَوْلُهُ (وَإِذَا امْتَنَعَتْ الْأُمُّ مِنْ حَضَانَتِهَا: انْتَقَلَتْ إلَى أُمِّهَا) وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِلْحَضَانَةِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالنَّاظِمُ، وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَنْتَقِلَ إلَى الْأَبِ. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. وَوَجْهٌ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
فَائِدَةٌ:
مِثْلُ ذَلِكَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا كُلُّ ذِي حَضَانَةٍ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْحَضَانَةِ أَوْ كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لَهَا. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: كَلَامُهُمْ يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ حَقِّ الْأُمِّ مِنْ الْحَضَانَةِ بِإِسْقَاطِهَا. وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَحَلُّ خِلَافٍ. وَإِنَّمَا مَحَلُّ النَّظَرِ لَوْ أَرَادَتْ الْعَوْدَ فِيهَا، هَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ يُحْتَمَلُ قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا: لَهَا ذَلِكَ. لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا. وَلَمْ يَتَّصِلْ تَبَرُّعُهَا بِهِ بِالْقَبْضِ. فَلَهَا الْعَوْدُ كَمَا لَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ. انْتَهَى
قَوْلُهُ (فَإِنْ عُدِمَ هَؤُلَاءِ: فَهَلْ لِلرِّجَالِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ) وَكَذَا لِلنِّسَاءِ مِنْهُمْ غَيْرُ مَنْ تَقَدَّمَ (حَضَانَةٌ؟) عَلَى وَجْهَيْنِ. وَهُمَا احْتِمَالَانِ لِلْقَاضِي، وَبَعْدِهِ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُصَنِّفِ فِي الْكَافِي، وَالْهَادِي وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: لَهُمْ الْحَضَانَةُ بَعْدَ عَدَمِ مَنْ تَقَدَّمَ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ الْمُغْنِي: وَهُوَ أَوْلَى. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ، وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ: هُوَ أَقْيَسُ وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ فِي مَوْضِعٍ. وَصَحَّحَهُ فِي آخَرَ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْحَضَانَةِ. وَيَنْتَقِلُ إلَى الْحَاكِمِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا مُسْتَحِقِّي الْحَضَانَةِ، وَلَمْ يَذْكُرُوهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. وَلَعَلَّهُ تَنَاقُضٌ مِنْهُمْ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَكُونُ أَبُو الْأُمِّ وَأُمَّهَاتُهُ أَحَقَّ مِنْ الْخَالِ بِلَا نِزَاعٍ. وَفِي تَقْدِيمِهِمْ عَلَى الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهَادِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ
قَوْلُهُ (وَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِأُمِّ الْوَلَدِ. فَلَهَا حَضَانَةُ وَلَدِهَا مِنْ سَيِّدِهَا. وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا لِعَدَمِ الْمَانِعِ. وَهُوَ الِاشْتِغَالُ بِزَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله فِي الْهُدَى: لَا دَلِيلَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ رحمه الله فِي حُرٍّ لَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَةٍ هِيَ أَحَقُّ بِهِ، إلَّا أَنْ تُبَاعَ فَتَنْتَقِلُ. فَالْأَبُ أَحَقُّ. قَالَ فِي الْهُدَى: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. لِأَحَادِيثِ مَنْعِ التَّفْرِيقِ. قَالَ: وَيُقَدَّمُ لِحَقِّ حَضَانَتِهَا وَقْتُ حَاجَةِ الْوَلَدِ عَلَى السَّيِّدِ. كَمَا فِي الْبَيْعِ سَوَاءٌ انْتَهَى. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا حَضَانَةَ لِمَنْ بَعْضُهُ قِنٌّ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله يَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ.
فَائِدَةٌ:
حَضَانَةُ الرَّقِيقِ لِسَيِّدِهِ فَإِنْ كَانَ بَعْضُ الرَّقِيقِ الْمَحْضُونِ حُرًّا تَهَايَأَ فِيهِ سَيِّدُهُ وَقَرِيبُهُ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ
قَوْلُهُ (وَلَا فَاسِقٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله فِي الْهُدَى: أَنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ. وَقَالَ: لَا يُعْرَفُ أَنَّ الشَّارِعَ فَرَّقَ لِذَلِكَ، وَأَقَرَّ النَّاسُ. وَلَمْ يُبَيِّنْهُ بَيَانًا وَاضِحًا عَامًّا، وَلِاحْتِيَاطِ الْفَاسِقِ وَشَفَقَتِهِ عَلَى وَلَدِهِ
قَوْلُهُ (وَلَا لِامْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الطِّفْلِ) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَلَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ: هَذَا الصَّحِيحُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَغَيْرُهُ: الْعَمَلُ عَلَيْهِ. وَأَطْلَقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدَ رحمه الله وَعَنْهُ: لَهَا حَضَانَةُ الْجَارِيَةِ. وَخَصَّ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِابْنَةٍ دُونَ سَبْعٍ. وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَعَنْهُ لَهَا حَضَانَةُ الْجَارِيَةِ إلَى سَبْعِ سِنِينَ وَعَنْهُ: حَتَّى تَبْلُغَ بِحَيْضٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله فِي الْهُدَى: أَنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَسْقُطُ إذَا رَضِيَ الزَّوْجُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ سُقُوطَهَا لِمُرَاعَاةِ حَقِّ الزَّوْجِ.
تَنْبِيهٌ:
مَفْهُومُ قَوْلِهِ " مُزَوَّجَةٍ لِأَجْنَبِيٍّ " أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً لِغَيْرِ أَجْنَبِيٍّ: أَنَّ لَهَا الْحَضَانَةَ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا الْأَشْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: لَا حَضَانَةَ لَهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مُزَوَّجَةً بِجَدِّهِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إذَا كَانَ الزَّوْجُ ذَا رَحِمٍ لَا يَسْقُطُ. وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ.
فَائِدَةٌ:
حَيْثُ أَسْقَطْنَا حَضَانَتَهَا بِالنِّكَاحِ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ. بَلْ يَسْقُطُ حَقُّهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَعَامَّةِ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا أَوْلَى. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (فَإِنْ زَالَتْ الْمَوَانِعُ رَجَعُوا إلَى حُقُوقِهِمْ) بِلَا نِزَاعٍ. وَقَدْ يُقَالُ: شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ طَلُقَتْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَيَرْجِعُ إلَيْهَا حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَهُوَ الَّذِي نَصَّهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ. وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ. كَالشَّرِيفِ، وَأَبِي الْخَطَّاب، وَالشِّيرَازِيِّ، وَابْنِ الْبَنَّا، وَابْنِ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: لَا يَرْجِعُ إلَيْهَا حَقُّهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. وَهِيَ تَخْرِيجٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَوَجْهٌ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَجْهَانِ. وَقِيلَ: رِوَايَتَانِ. وَصَحَّحَهَا فِي التَّرْغِيبِ، وَمَالَ إلَيْهِ النَّاظِمُ. قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْقَوَاعِدِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَشَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْبَنَاتِ لَا حَقَّ لَهُ فَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ طَلُقَتْ قَالَهُ الْقَاضِي، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْفُرُوعِ: وَهَلْ مِثْلُهُ: إذَا وَقَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ مَا دَامَتْ عَازِبَةً. فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِرَّهَا حَيْثُ لَيْسَ لَهَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا كَأَوْلَادِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ صِلَتَهَا مَا دَامَتْ حَافِظَةً لِحُرْمَةِ فِرَاشِهِ عَنْ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْحَضَانَةِ وَالْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ. انْتَهَى. قُلْت: يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى حَالِ الزَّوْجِ عِنْدَ الْوَقْفِ. فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهِ. وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا.
الثَّانِيَةُ: هَلْ يَسْقُطُ حَقُّهَا بِإِسْقَاطِهَا لِلْحَضَانَةِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ. ذَكَرَهُمَا فِي الِانْتِصَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ، هَلْ يُورَثُ أَمْ لَا؟ . قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَإِسْقَاطِ الْأَبِ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله فِي الْهُدَى: هَلْ الْحَضَانَةُ حَقُّ لِلْحَاضِنِ، أَوْ حَقٌّ عَلَيْهِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ رضي الله عنهما. وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا: هَلْ لِمَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ أَنْ يُسْقِطَهَا وَيَنْزِلَ عَنْهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ خِدْمَةُ الْوَلَدِ أَيَّامَ حَضَانَتِهِ إلَّا بِأُجْرَةٍ، إنْ قُلْنَا: الْحَقُّ لَهُ، وَإِلَّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ خِدْمَتُهُ مَجَّانًا. وَلِلْفَقِيرِ الْأُجْرَةُ. عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
قَالَ: وَإِنْ وَهَبَتْ الْحَضَانَةُ لِلْأَبِ وَقُلْنَا: الْحَقُّ لَهَا لَزِمَتْ الْهِبَةُ. وَلَمْ تَرْجِعْ فِيهَا. وَإِنْ قُلْنَا: الْحَقُّ عَلَيْهَا. فَلَهَا الْعَوْدُ إلَى طَلَبِهَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. ثُمَّ قَالَ فِي الْهُدَى: هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رحمه الله. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ قَرِيبًا
قَوْلُهُ (وَمَتَى أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ النَّقْلَةَ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ آمِنٍ لِيَسْكُنَهُ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ) هَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَافِرُ الْأَبَ، أَوْ الْأُمَّ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: الْأُمُّ أَحَقُّ. وَقَيَّدَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّرْغِيبِ: بِمَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُقِيمَةُ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ. وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَمْ يُقَيِّدْهُ. وَقِيلَ: الْمُقِيمُ مِنْهُمَا أَحَقُّ. وَقَالَ فِي الْهُدَى: إنْ أَرَادَ الْمُنْتَقِلُ مُضَارَّةَ الْآخَرِ، وَانْتِزَاعَ الْوَلَدِ: لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ، وَإِلَّا عَمِلَ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِلطِّفْلِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ. فَلَا مُخَالَفَةَ. لَا سِيَّمَا فِي صُورَةِ الْمُضَارَّةِ. انْتَهَى. قُلْت: أَمَّا صُورَةُ الْمُضَارَّةِ: فَلَا شَكَّ فِيهَا. وَأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ عَلَى ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ:
قَوْلُهُ (إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ) الْمُرَادُ بِالْبَعِيدِ هُنَا: مَسَافَةُ الْقَصْرِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ. وَالْمَنْصُوصِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّهُ مَا لَا يُمْكِنُهُ الْعَوْدُ مِنْهُ فِي يَوْمِهِ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. وَحَكَاهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَاهُمَا
قَوْلُهُ (فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ: فَالْمُقِيمُ مِنْهُمَا أَحَقُّ) فَعَلَى هَذَا: لَوْ أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ سَفَرًا قَرِيبًا لِحَاجَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ: فَالْمُقِيمُ أَوْلَى بِالْحَضَانَةِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: الْأُمُّ أَوْلَى جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا بَعِيدًا لِحَاجَةٍ، ثُمَّ يَعُودُ. فَالْمُقِيمُ أَوْلَى أَيْضًا. عَلَى الْمَذْهَبِ. لِاخْتِلَالِ الشَّرْطِ. وَهُوَ السَّكَنُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ، وَابْنِ مُنَجَّا، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: الْأُمُّ أَوْلَى. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَلَوْ أَرَادَ سَفَرًا قَرِيبًا لِلسُّكْنَى. فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّ الْمُقِيمَ أَحَقُّ: وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ.
جَزَمَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: الْأُمُّ أَحَقُّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ
قَوْلُهُ (وَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ سَبْعَ سِنِينَ: خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ. فَكَانَ مَعَ مَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا) هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ: هَذَا الْمَذْهَبُ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَالْهِدَايَةُ، وَالْمُذْهَبُ، وَمَسْبُوكُ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةُ، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْعُمْدَةُ، وَالْوَجِيزُ، وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ، وَالْمُنَوِّرُ، وَمُنْتَخَبُ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةُ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ. وَعَنْهُ: أَبُوهُ أَحَقُّ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. لَكِنْ قَالَا: الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَعَنْهُ: أُمُّهُ أَحَقُّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهِيَ أَضْعَفُهُمَا. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ.
تَنْبِيهٌ:
مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ لِدُونِ سَبْعِ سِنِينَ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد رحمه الله: يُخَيَّرُ ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ.
قُلْت: الْأَوْلَى فِي ذَلِكَ: أَنَّ وَقْتَ الْخِيرَةِ إذَا حَصَلَ لَهُ التَّمْيِيزُ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ مُرَادُهُمْ. وَلَكِنْ ضَبَطُوهُ بِالسِّنِّ. وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يَقُولُ: إنَّ حَدَّ سَنِّ التَّمْيِيزِ سَبْعُ سِنِينَ. كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ عَادَ فَاخْتَارَ الْآخَرَ: نُقِلَ إلَيْهِ، ثُمَّ إنْ اخْتَارَ الْأَوَّلَ رُدَّ إلَيْهِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبَدًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالْبُلْغَةِ: إنْ أَسْرَفَ تَبَيَّنَ قِلَّةُ تَمْيِيزِهِ، فَيُقْرَعُ. أَوْ هُوَ لِلْأُمِّ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: إنْ أَسْرَفَ فِيهِ، فَبَانَ نَقْصُهُ: أَخَذَتْهُ أُمُّهُ. وَقِيلَ: مَنْ قَرَعَ بَيْنَهُمَا
قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) أَحَدَهُمَا (أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَمَا لَوْ اخْتَارَهُمَا مَعًا. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ، وَغَيْرُهُمْ. وَفِي التَّرْغِيبِ: احْتِمَالٌ أَنَّهُ لِأُمِّهِ. كَبُلُوغِهِ غَيْرَ رَشِيدٍ
قَوْلُهُ (فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الْحَضَانَةِ كَالْأُخْتَيْنِ) وَالْأَخَوَيْنِ وَنَحْوِهِمَا (قُدِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ) مُرَادُهُ: إذَا كَانَ الطِّفْلُ دُونَ السَّبْعِ فَأَمَّا إنْ بَلَغَ سَبْعًا: فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَالْأَخَوَيْنِ وَنَحْوِهِمَا. سَوَاءٌ كَانَ غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ
قَوْلُهُ (وَإِذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ سَبْعًا: كَانَتْ عِنْدَ أَبِيهَا)
هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. فَلَوْ تَبَرَّعَتْ بِحَضَانَتِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْعُمْدَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: الْأُمُّ أَحَقُّ حَتَّى تَحِيضَ. ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله فِي الْهُدَى: هِيَ أَشْهَرُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَأَصَحُّ دَلِيلًا. وَقِيلَ: تُخَيَّرُ. ذَكَرَهُ فِي الْهُدَى رِوَايَةً، وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهَا وَعَنْهُ: تَكُونُ عِنْدَ أَبِيهَا بَعْدَ تِسْعٍ. وَعِنْدَ أُمِّهَا: قَبْلَ ذَلِكَ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ عَاقِلَةً وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ عِنْدَ أَبِيهَا حَتَّى يَتَسَلَّمَهَا زَوْجُهَا وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عِنْدَ الْأُمِّ وَقِيلَ: عِنْدَ الْأُمِّ إنْ كَانَتْ أَيِّمًا، أَوْ كَانَ زَوْجُهَا مَحْرَمًا لِلْجَارِيَةِ. وَهُوَ اخْتِيَارُهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: تَكُونُ حَيْثُ شَاءَتْ إذَا حُكِمَ بِرُشْدِهَا كَالْغُلَامِ. وَقَالَهُ فِي الْوَاضِحِ. وَخَرَّجَهُ عَلَى عَدَمِ إجْبَارِهَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمُرَادُ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَأْمُونَةً.
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قُلْت: إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَيِّمًا مَأْمُونَةً، وَإِلَّا فَلَا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لِلْأَبِ مَنْعُهَا مِنْ الِانْفِرَادِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ: فَأَوْلِيَاؤُهَا يَقُومُونَ مَقَامَهُ. وَأَمَّا إذَا بَلَغَ الْغُلَامُ عَاقِلًا رَشِيدًا: كَانَ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا
الثَّانِيَةُ: سَائِرُ الْعَصَبَاتِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ كَالْأَبِ فِي التَّخْيِيرِ وَالْأَحَقِّيَّةِ وَالْإِقَامَةِ، وَالنُّقْلَةِ بِالطِّفْلِ أَوْ الطِّفْلَةِ، إنْ كَانَ مَحْرَمًا لَهَا. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ، فَقَالَ: وَقِيلَ: ذَوُو الْحَضَانَةِ مِنْ عَصَبَةٍ وَذِي رَحِمٍ فِي التَّخْيِيرِ مَعَ الْأَبِ كَالْأَبِ وَكَذَا سَائِرُ النِّسَاءِ الْمُسْتَحِقَّاتِ لِلْحَضَانَةِ كَالْأُمِّ فِيمَا لَهَا
قَوْلُهُ (وَلَا تُمْنَعُ الْأُمُّ مِنْ زِيَارَتِهَا وَتَمْرِيضِهَا) هَذَا صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. لَكِنْ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لَا تَجِيءُ بَيْتَ مُطَلِّقِهَا، إلَّا مَعَ أُنُوثِيَّةِ الْوَلَدِ.
فَوَائِدُ
الْأُولَى: قَالَ فِي الْوَاضِحِ: تُمْنَعُ الْأُمُّ مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا إذَا خِيفَ مِنْهَا أَنْ تُفْسِدَ قَلْبَهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ: وَيُتَوَجَّهُ فِي الْغُلَامِ مِثْلُهَا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ فِيهِمَا. وَكَذَا تُمْنَعُ وَلَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ مُزَوَّجَةً، إذَا خِيفَ مِنْ ذَلِكَ. مَعَ أَنَّ كَلَامَ صَاحِبِ الْوَاضِحِ: يَحْتَمِلُ ذَلِكَ.
الثَّانِيَةُ: الْأُمُّ أَحَقُّ بِتَمْرِيضِهَا فِي بَيْتِهَا. وَلَهَا زِيَارَةُ أُمِّهَا إذَا مَرِضَتْ.
الثَّالِثَةُ: غَيْرُ أَبَوَيْ الْمَحْضُونِ: كَأَبَوَيْهِمَا. فِيمَا تَقَدَّمَ. وَلَوْ مَعَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
الرَّابِعَةُ: لَا يُقَرُّ الطِّفْلُ بِيَدِ مَنْ لَا يَصُونُهُ وَيُصْلِحُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ