المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب شروط القصاص] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٩

[المرداوي]

الفصل: ‌[باب شروط القصاص]

[بَابُ شُرُوطِ الْقِصَاصِ]

ِ قَوْلُهُ (وَهِيَ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مُكَلَّفًا فَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ: فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا) بِلَا نِزَاعٍ

قَوْلُهُ (وَفِي السَّكْرَانِ وَشِبْهِهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا: وُجُوبُهُ) وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِيَةُ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ هُنَا وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ: أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ مَبْنِيٌّ عَلَى طَلَاقِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُحَرَّرًا فِي أَوَّلِ " كِتَابِ الطَّلَاقِ " فَلْيُعَاوَدْ

قَوْلُهُ (الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مَعْصُومًا فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِ حَرْبِيٍّ وَلَا مُرْتَدٍّ وَلَا زَانٍ مُحْصَنٍ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ ذِمِّيًّا) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَتَبِعَهُ فِي الْفُرُوعِ وَيُحْتَمَلُ قَتْلُ ذِمِّيٍّ وَأَشَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَيْهِ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ لِأَنَّ الْحَدَّ لَنَا وَالْإِمَامُ نَائِبٌ نَقَلَهُ فِي الْفُرُوعِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا دِيَةَ عَلَيْهِ أَيْضًا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعَزَّرُ فَاعِلُ ذَلِكَ لِلِافْتِيَاتِ عَلَى وَلَيِّ الْأَمْرِ كَمَنْ قَتَلَ حَرْبِيًّا

ص: 462

وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَهُ تَعْزِيرُهُ فَائِدَةٌ:

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَكُلُّ مَنْ قَتَلَ مُرْتَدًّا أَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا وَلَوْ قَبْلَ تَوْبَتِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَالْمُرَادُ: قَبْلَ التَّوْبَةِ قَالَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: فَهَدَرٌ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّوْبَةِ إنْ قُبِلَتْ ظَاهِرًا: فَكَإِسْلَامٍ طَارِئٍ فَدَلَّ أَنَّ طَرَفَ زَانٍ مُحْصَنٍ كَمُرْتَدٍّ لَا سِيَّمَا وَقَوْلُهُمْ " عُضْوٌ مِنْ نَفْسٍ وَجَبَ قَتْلُهَا فَهَدَرٌ " قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنْ أَسْرَعَ وَلِيُّ قَتِيلٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَقَتَلَ قَاطِعَ طَرِيقٍ قَبْلَ وُصُولِ الْإِمَامِ: فَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ انْهَدَرَ دَمُهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ: وَلَا دِيَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي " بَابِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ "

قَوْلُهُ (أَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ يَدَ مُرْتَدٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي التَّضْمِينِ بِحَالِ ابْتِدَاءِ الْجِنَايَةِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ عَلَى مَعْصُومٍ وَجَعَلَهُ فِي التَّرْغِيبِ كَمَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ بِهِ السَّهْمُ عَلَى الْآتِي بَعْدَهُ قَرِيبًا

قَوْلُهُ (أَوْ رَمَى حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ هَذَا أَشْهَرُ

ص: 463

وَقِيلَ: تَجِبُ الدِّيَةُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَالْأَدَمِيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ

قَوْلُهُ (وَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُقُوعِ السَّهْمِ بِهِ فَلَا قِصَاصَ) وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقِيلَ: يُقْتَلُ بِهِ

قَوْلُهُ (وَفِي الدِّيَةِ وَجْهَانِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ

أَحَدُهُمَا: لَا تَجِبُ الدِّيَةُ أَيْضًا وَهُوَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهُوَ أَشْهَرُ وَحَكَاهُ الْقَاضِي فِي رِوَايَتَيْهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَجِبُ الدِّيَةُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَالْآمِدِيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْهِدَايَةِ وَقِيلَ: تَجِبُ الدِّيَةُ هُنَا وَإِنْ لَمْ تَجِبْ لَدَيْهِ لِلْحَرْبِيِّ لِتَفْرِيطِهِ إذْ قَتْلُهُ لَيْسَ إلَيْهِ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَأَصْلُ هَذَا الْوَجْهِ: طَرِيقَةٌ لِلْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْهِدَايَةِ: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْحَرْبِيُّ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَفِي الْمُرْتَدِّ وَجْهَانِ

ص: 464

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ) أَيْ الْمَقْطُوعُ يَدَهُ (وَمَاتَ: فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَفِي الْآخَرِ: يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ أَوْ نِصْفِ الدِّيَةِ) إذَا قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ وَمَاتَ لَمْ يَجِبْ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يَجِبُ الْقَوَدُ فِي الطَّرَفِ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: الصَّحِيحُ لَا قِصَاصَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَلَا قَوَدَ فِي الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي الطَّرَفِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ: هَلْ يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ أَمْ فِي النَّفْسِ فَقَطْ؟ وَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ وُجُوبُ الْقَوَدِ فِي الطَّرَفِ: هَلْ يَسْتَوْفِيه الْإِمَامُ أَوْ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: أَصْلُهُمَا: هَلْ مَالُهُ فَيْءٌ أَوْ لِوَرَثَتِهِ؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ مِنْ ذَلِكَ فِي " بَابِ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ " وَأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ فَيَسْتَوْفِيهِ هُنَا الْإِمَامُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَوَدِ فِي الطَّرَفِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ فَيَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي

ص: 465

وَقِيلَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا دِيَةٌ لِلطَّرَفِ فَقَطْ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَيُحْتَمَلُ دُخُولُ هَذَا الْقَوْلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

قَوْلُهُ (وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ مَاتَ: وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يُتَوَجَّهُ سُقُوطُ الْقَوَدِ بِالرِّدَّةِ وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ زَمَنُ الرِّدَّةِ مِمَّا تَسْرِي فِيهِ الْجِنَايَةُ: فَلَا قِصَاصَ فِيهِ اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ: لَا يَجِبُ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقِيلَ: تَجِبُ كُلُّهَا فَائِدَةٌ:

لَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ آدَمِيًّا وَقَدْ أَسْلَمَ الرَّامِي فَقَالَ الْآمِدِيُّ: يَجِبُ ضَمَانُهُ فِي مَالِهِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا

ص: 466

وَمِثْلُهُ: لَوْ رَمَى ابْنَ مُعْتِقِهِ فَلَمْ يُصِبْ حَتَّى انْجَرَّ وَلَاؤُهُ إلَى مَوَالِي أَبِيهِ وَلَوْ رَمَى مُسْلِمٌ سَهْمًا ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَصَابَ سَهْمُهُ فَقَتَلَ: فَهَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ أَمْ عَلَى عَاقِلَتِهِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الرَّمْيِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ

قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَيَخْرُجُ مِنْهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ وَجْهَانِ أَيْضًا

أَحَدُهُمَا: الضَّمَانُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمَوَالِي الْأُمِّ

وَالثَّانِي: عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَمَوَالِي الْأَبِ

قَوْلُهُ (الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُكَافِئًا لِلْجَانِي وَهُوَ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ أَوْ الرِّقِّ فَيُقْتَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ: بِمِثْلِهِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً: أَنَّ الْعَبْدَ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ سَوَاءٌ كَانَ مُكَاتَبًا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ يُسَاوِي قِيمَتَهُ أَوْ لَا وَعَنْهُ: لَا يُقْتَلُ بِهِ إلَّا أَنْ تَسْتَوِيَ قِيمَتُهُمَا وَلَا عَمَلَ عَلَيْهِ وَيَأْتِي فِي أَوَّلِ " بَابِ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ " مَزِيدُ بَيَانٍ عَلَى ذَلِكَ

تَنْبِيهٌ:

عُمُومُ كَلَامِهِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ الْقَاتِلُ وَالْعَبْدُ الْمَقْتُولُ لِوَاحِدٍ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ صَرِيحًا وَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ بِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ

ص: 467

وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ نَقَلَهُمَا فِي الْفُرُوعِ عَنْهُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَإِنْ قَتَلَ عَبْدُ زَيْدٍ عَبْدَهُ الْآخَرَ: فَلَهُ قَتْلُهُ دُونَ الْعَفْوِ عَلَى مَالٍ قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا وَعُمُومُ كَلَامِهِ أَيْضًا يَشْمَلُ مَا لَوْ قَتَلَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ عَبْدًا مُسْلِمًا لِذِمِّيٍّ وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ بِهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ

فَائِدَةٌ:

لَا يُقْتَلُ مُكَاتَبٌ بِعَبْدِهِ فَإِنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ كَأَخِيهِ وَنَحْوِهِ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ

أَحَدُهُمَا: لَا يُقْتَلُ بِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ

وَالثَّانِي: يُقْتَلُ بِهِ

تَنْبِيهٌ:

ظَاهِرُ قَوْلِهِ " أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ أَوْ الرِّقِّ " أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ مَنْ بَعْضَهُ حُرٌّ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ حُرِّيَّةً: أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ وَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ بِهِ

ص: 468

قَوْلُهُ (وَيُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى وَالْأُنْثَى بِالذَّكَرِ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ: يُعْطِي الذَّكَرُ نِصْفَ الدِّيَةِ إذَا قَتَلَ الْأُنْثَى قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَخَرَجَ فِي الْوَاضِحِ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِيمَا إذَا قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا وَفِي تَفَاضُلِ مَالٍ فِي قَوَدٍ طَرَفُهُ

قَوْلُهُ (وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) وَلَوْ ارْتَدَّ (وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ وَمُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَأَنَّ الْخَبَرَ فِي الْحَرْبِيِّ كَمَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ قَالَ: وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: حُكْمُ الْمَالِ غَيْرُ حُكْمِ النَّفْسِ بِدَلِيلِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِ زَانٍ وَقَاتِلٍ فِي مُحَارَبَةٍ وَلَا يُقْتَلُ قَاتِلُهُمَا وَالْفَرْقُ: أَنَّ مَالَهُمَا بَاقٍ عَلَى الْعِصْمَةِ كَمَالِ غَيْرِهِمَا وَعِصْمَةُ دَمِّهِمَا زَالَتْ

قَوْلُهُ (وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: لَيْسَ فِي الْعَبْدِ نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ صَحِيحَةٌ تَمْنَعُ قَتْلَ الْحُرِّ بِهِ وَقَوَّى أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَقَالَ: هَذَا الرَّاجِحُ وَأَقْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله

قَوْلُهُ (وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ إلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ وَهُوَ

ص: 469

مِثْلُهُ أَوْ يَجْرَحَهُ ثُمَّ يُسْلِمُ الْقَاتِلُ أَوْ الْجَارِحُ أَوْ يُعْتَقَ وَيَمُوتُ الْمَجْرُوحُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ)

يَعْنِي: إذَا قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ ذِمِّيًّا أَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ أَوْ الْجَارِحُ أَوْ عَتَقَ وَيَمُوتُ الْمَجْرُوحُ: فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: قُتِلَ بِهِ فِي الْمَنْصُوصِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ بِهِ وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ بَكْرٍ كَإِسْلَامِ حَرْبِيٍّ قَاتِلٍ

فَائِدَةٌ:

لَوْ قَتَلَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ ثُمَّ جُنَّ: وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: لَا قَوَدَ

قَوْلُهُ (وَلَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا أَوْ حُرٌّ عَبْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ وَعَتَقَ وَمَاتَ: فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: أَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي وُجُوبِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَفِي قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ: عَلَيْهِ فِي الذِّمِّيِّ دِيَةُ ذِمِّيٍّ وَفِي الْعَبْدِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ

ص: 470

وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ ابْنِ حَامِدٍ: أَنَّهُ يَجِبُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ الدِّيَةِ وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ الْقَاضِي: أَنَّ ابْنَ حَامِدٍ أَوْجَبَ دِيَةَ حُرٍّ لِلْمَوْلَى مِنْهُمَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ أَوْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ احْتِمَالًا بِوُجُوبِ أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ الدِّيَةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَأْخُذُ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَقْتَ جِنَايَتِهِ وَكَذَا دِيَتُهُ إلَّا أَنْ تُجَاوِزَ الدِّيَةُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَالزِّيَادَةُ لِوَرَثَةِ الْعَبْدِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنُ حَامِدٍ وَكَوْنُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ لِلسَّيِّدِ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَلَى الثَّانِي: جَمِيعُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ

فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: لَوْ وَجَبَ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ قَوَدٌ فَطَلَبَ الْقَوَدَ: لِلْوَرَثَةِ عَلَى هَذِهِ وَعَلَى الْأُخْرَى لِلسَّيِّدِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ

الثَّانِيَةُ: لَوْ جَرَحَ عَبْدَ نَفْسِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ: فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَفِي ضَمَانِهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ

قَوْلُهُ (وَإِنْ رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا عَبْدًا فَلَمْ يَقَعْ بِهِ السَّهْمُ حَتَّى عَتَقَ وَأَسْلَمَ: فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ إذَا مَاتَ مِنْ الرَّمْيَةِ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ أَيْضًا وَالْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ

ص: 471

وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ أَيْضًا حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَكُونُ الدِّيَةُ لِلْوَرَثَةِ لَا لِلسَّيِّدِ

قَوْلُهُ (وَلَوْ قَتَلَ مَنْ يَعْرِفُهُ ذِمِّيًّا عَبْدًا فَبَانَ أَنَّهُ قَدْ عَتَقَ وَأَسْلَمَ: فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ: لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ فَائِدَةٌ:

مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ: لَوْ قَتَلَ مَنْ يَظُنُّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ فَلَمْ يَكُنْ

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهُ مُرْتَدًّا: فَكَذَلِكَ قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ إلَّا الدِّيَةُ وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ قَالَهُ ابْنُ مُنَجَّا وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَلَوْ قَتَلَ مَنْ يَعْرِفُهُ مُرْتَدًّا فَبَانَ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ: فَفِي الْقَوَدِ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَجْهَانِ يَعْنِي: فِي مَسْأَلَةِ أَبِي بَكْرٍ وَالْخِرَقِيِّ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا هَلْ يَلْزَمُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ أَوْ الرَّمْيَةِ ثُمَّ بَنَى مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي ضَمَانِهِ بِدِيَةٍ أَوْ قِيمَةٍ

ص: 472

ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِمَا مَنْ رَمَى مُرْتَدًّا أَوْ حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُقُوعِهِ: هَلْ يَلْزَمُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ أَوْ هَدَرٌ؟ انْتَهَى

قَوْلُهُ (الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ أَبًا لِلْمَقْتُولِ فَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ) يَعْنِي وَإِنْ عَلَا (بِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَالْأُمُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ: تُقْتَلُ الْأُمُّ حَكَاهَا أَبُو بَكْرٍ وَالْمُصَنِّفُ وَرَدَّهَا الْقَاضِي وَقَالَ: لَا تُقْتَلُ الْأُمُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَعَنْهُ: تُقْتَلُ الْأُمُّ وَالْأَبُ وَعَنْهُ: يُقْتَلُ أَبُو الْأُمِّ بِوَلَدِ بِنْتِهِ وَعَكْسِهِ وَحَكَاهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَجْهَيْنِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَا تُقْتَلُ أُمٌّ وَالْأَصَحُّ: وَجَدَّةٌ وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ قَتْلُ أَبِيهِ بِرِدَّةٍ وَكُفْرٍ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا رَجْمُهُ بِزِنًا وَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِرَجْمٍ وَعَنْهُ: لَا قَوَدَ بِقَتْلٍ مُطْلَقًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَتَجِبُ دِيَةٌ إلَّا لِغَيْرِ مُهَاجِرٍ

تَنْبِيهَانِ

أَحَدُهُمَا: عُمُومُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ كَاتِّفَاقِهِمَا وَهُوَ صَحِيحٌ وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ فَلَوْ قَتَلَ الْكَافِرُ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْكَافِرَ أَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ وَلَدَهُ الْحُرَّ أَوْ قَتَلَ الْحَرُّ وَالِدَهُ الْعَبْدَ: لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ لِشَرَفِ الْأُبُوَّةِ فِيمَا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ وَانْتِفَاءُ الْمُكَافَأَةِ فِيمَا إذَا قَتَلَ وَالِدَهُ

ص: 473

الثَّانِي: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " فَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ " غَيْرُ وَلَدِهِ مِنْ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.

فَائِدَةٌ:

يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِقَتْلِهِ وَلَدَهُ مِنْ الرَّضَاعِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ

قَوْلُهُ (وَيُقْتَلُ الْوَلَدُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يُقْتَلُ عَلَى الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْتَلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا قَوْلُهُ " يُقْتَلُ ابْنُ بِنْتِهِ بِهِ "

قَوْلُهُ (وَمَتَى وَرِثَ وَلَدُهُ الْقِصَاصَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ وَرِثَ الْقَاتِلُ شَيْئًا مِنْ دَمِهِ: سَقَطَ الْقِصَاصُ) هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ: لَا يَسْقُطُ بِإِرْثِ الْوَلَدِ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ

قَوْلُهُ (وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَبَاهُ وَالْآخَرُ أُمَّهُ وَهِيَ زَوْجَةُ الْأَبِ: سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْ الْأَوَّلِ لِذَلِكَ)

ص: 474

وَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ الثَّانِي لِأَنَّ الْقَتِيلَ الثَّانِي وَرِثَ جُزْءًا مِنْ دَمِ الْأَوَّلِ فَلَمَّا قُتِلَ وَرِثَهُ فَصَارَ لَهُ جُزْءًا مِنْ دَمِ نَفْسِهِ فَسَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَاتِلُ الْأَبِ لِإِرْثِهِ ثَمَنَ أُمِّهِ وَعَلَيْهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ دِيَتِهِ لِأَخِيهِ (وَلَهُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ أَخِيهِ وَيَرِثَهُ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَيَرِثُهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا: وَلَهُ قَتْلُهُ

تَنْبِيهٌ:

مَفْهُومُ قَوْلِهِ " وَهِيَ زَوْجَةُ الْأَبِ " أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَائِنًا: أَنَّ عَلَيْهِمَا الْقَتْلَ وَهُوَ صَحِيحٌ جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا لَوْ قَتَلَاهُمَا مَعًا

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَتَلَ مَنْ لَا يَعْرِفُ وَادَّعَى كُفْرَهُ أَوْ رِقَّهُ أَوْ ضَرَبَ مَلْفُوفًا فَقَدَّهُ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ) وَجَبَ الْقِصَاصُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ هَذَا الْمَذْهَبُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَالْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ فِي الْأَصَحِّ إنْ أَنْكَرَ الْوَلِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ: لَا قِصَاصَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْتِهِ وَجْهَيْنِ وَسَأَلَ ابْنُ عَقِيلٍ الْقَاضِيَ فَقَالَ: لَا يُعْتَبَرُ بِالدَّمِ وَعَدَمِهِ؟ فَقَالَ: لَا لَمْ يَعْتَبِرْهُ الْفُقَهَاءُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ يُعْتَبَرُ

ص: 475

قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ

قَوْلُهُ (أَوْ قَتَلَ رَجُلًا فِي دَارِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ دَخَلَ يُكَابِرُهُ عَلَى أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ) وَجَبَ الْقِصَاصُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ عَدَمُهُ فِي مَعْرُوفٍ بِالْفَسَادِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ وَيُعْمَلُ بِالْقَرَائِنِ وَالْأَحْوَالِ

فَائِدَةٌ:

لَوْ ادَّعَى الْقَاتِلُ: أَنَّ الْمَقْتُولَ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ بِشَاهِدَيْنِ نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ بِأَرْبَعَةٍ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ: قُتِلَ وَإِلَّا فَفِيهِ بَاطِنًا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ قُلْت: الصَّوَابُ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الْبَاطِنِ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ فِي الظَّاهِرِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: تُقْبَلُ ظَاهِرًا وَقَالَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ بَعْدَ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ وَقَدْ رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ «مَنْزِلُ الرَّجُلِ حَرِيمُهُ فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْك حَرِيمَكَ فَأَقْتُلْهُ» قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ وَلِهَذَا ذُكِرَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ: إنْ اعْتَرَفَ لِلْوَلِيِّ بِذَلِكَ فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَلَامُهُمْ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله السَّابِقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُحْصَنًا أَوْ لَا وَكَذَا مَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما -

ص: 476

وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَشَيْخِنَا وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدٍّ وَإِنَّمَا هُوَ عُقُوبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ وَإِلَّا لَاعْتُبِرَتْ شُرُوطُ الْحَدِّ وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَسَأَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ: وَجَدَهُ يَفْجُرُ بِهَا لَهُ قَتْلُهُ؟ قَالَ: قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما

قَوْلُهُ (أَوْ تَجَارَحَ اثْنَانِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَّهُ جَرَحَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ: وَجَبَ الْقِصَاصُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَفِي الْمُذْهَبِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ وَالْكَافِي: تَجِبُ الدِّيَةُ فَقَطْ وَنَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ وَحَنْبَلٌ فِي قَوْمٍ اجْتَمَعُوا بِدَارٍ فَجَرَحَ وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَجُهِلَ الْحَالُ أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَجْرُوحِينَ دِيَةَ الْقَتْلَى يَسْقُطُ مِنْهَا أَرْشُ الْجِرَاحِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: قَضَى بِهِ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَهَلْ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِهِ جُرْحٌ مِنْ دِيَةِ الْقَتْلَى شَيْءٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ نَقَلَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُمْ يُشَارِكُونَهُمْ فِي الدِّيَةِ فَائِدَةٌ:

نَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ قَوَدًا فَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ " أَنَا الْقَاتِلُ لَا هَذَا " أَنَّهُ لَا قَوَدَ وَالدِّيَةُ عَلَى الْمُقِرِّ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه " أَحْيَا نَفْسًا " ذَكَرَهُ الشِّيرَازِيُّ فِي الْمُنْتَخَبِ وَحَمَلَهُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ صَدَّقَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ " لَا قَاتِلَ سِوَى الْأَوَّلِ " وَلَزِمَتْهُ الدِّيَةُ لِصِحَّةِ بَذْلِهَا مِنْهُ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَخَبِ فِي الْقَسَامَةِ: لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِقَتْلٍ فَأَقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ فَذَكَرَ رِوَايَةَ حَنْبَلٍ انْتَهَى

ص: 477

وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي بَعْدَ إقْرَارِ الْأَوَّلِ: قُتِلَ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَمُصَادِفَتِهِ الدَّعْوَى وَقَالَ فِي الْمَغْنَى فِي الْقَسَامَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ الثَّانِي شَيْءٌ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ الْأُولَى ثُمَّ هَلْ لَهُ طَلَبُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمَنْصُوصُ وَهُوَ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ وَأَنَّهُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ عَمَّنْ أَحْيَا نَفْسًا وَذَكَرَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ رِوَايَةَ حَنْبَلٍ ثُمَّ رِوَايَةَ مُهَنَّا: ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَخَاهُ فَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَقَالَ: إنَّمَا قَتَلَهُ فُلَانٌ فَقَالَ فُلَانٌ: صَدَقَ أَنَا الَّذِي قَتَلْته فَإِنَّ هَذَا الْمُقِرَّ بِالْقَتْلِ يُؤْخَذُ بِهِ قُلْت: أَلَيْسَ قَدْ ادَّعَى عَلَى الْأَوَّلِ؟ قَالَ: إنَّمَا هَذَا بِالظَّنِّ فَأَعَدْت عَلَيْهِ فَقَالَ: يُؤْخَذُ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ

ص: 478