المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[بَابُ الْإِيلَاءِ] ِ فَائِدَةٌ: الْإِيلَاءُ مُحَرَّمٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٩

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌[بَابُ الْإِيلَاءِ] ِ فَائِدَةٌ: الْإِيلَاءُ مُحَرَّمٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ

[بَابُ الْإِيلَاءِ]

ِ فَائِدَةٌ:

الْإِيلَاءُ مُحَرَّمٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ فِي آخِرِ الْبَابِ.

تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ)

، امْرَأَتُهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً، عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً، صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، وَتُطَالَبُ الصَّغِيرَةُ، وَالْمَجْنُونَةُ، عِنْدَ تَكْلِيفِهِمَا، وَيَأْتِي حُكْمُ الرَّتْقَاءِ وَنَحْوِهَا عِنْدَ الْجُبِّ، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ: الْحَلِفُ عَلَى زَوْجَتِهِ، فَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ أَمَتَهُ، أَوْ أَجْنَبِيَّةً مُطْلَقًا، أَوْ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا: لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَخَرَّجَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ: الصِّحَّةَ مِنْ الظِّهَارِ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَخَرَّجَهَا الْمَجْدُ بِشَرْطِ إضَافَتِهِ إلَى النِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ فِي رِوَايَةٍ.

قَوْلُهُ (وَيُشْتَرَطُ لَهُ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ) ، بِلَا نِزَاعٍ فِي الْجُمْلَةِ، وَتَقَدَّمَ صِحَّةُ إيلَاءِ الرَّجْعِيَّةِ، قَوْلُهُ (فَإِنْ)(تَرَكَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ)(لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، لَكِنْ إنْ)(تَرَكَهُ)(مُضِرًّا بِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَهَلْ تُضْرَبُ لَهُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَيُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. إحْدَاهُمَا: تُضْرَبُ لَهُ مُدَّتُهُ، وَيُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ،

ص: 169

وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ، وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا أَوْلَى قَالَ فِي الْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي: ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تُضْرَبُ لَهُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِهِ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.

فَائِدَةٌ:

وَكَذَا حُكْمُ مَنْ ظَاهَرَ وَلَمْ يُكَفِّرْ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي آخِرَ الْبَابِ وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله عَلَى أَنَّهُ تُضْرَبُ لَهُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي تَزْوِيجِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ مُضَارَّةٍ: أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْإِيلَاءِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَالْمُفْرَدَاتِ: عِنْدِي إنْ قَصَدَ الْإِضْرَارَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَمَتَى حَصَلَ إضْرَارُهَا بِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ، وَإِنْ كَانَ ذَاهِلًا عَنْ قَصْدِ الْإِضْرَارِ: تُضْرَبُ لَهُ الْمُدَّةُ، وَذَكَرَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ: أَنَّهُ إنْ حَصَلَ الضَّرَرُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ: كَانَ حُكْمُهُ كَالْعِنِّينِ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِ تَزْوِيجِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ: أَنَّ حُصُولَ الضَّرَرِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُقْتَضٍ لِلْفَسْخِ بِكُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ كَانَ بِقَصْدٍ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَ عَجْزِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ، وَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِي الْعَاجِزِ. وَأَلْحَقَهُ بِمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ جَبٌّ أَوْ عُنَّةٌ.

ص: 170

قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ بِلَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ كَلَفْظِهِ الصَّرِيحِ، وَقَوْلِهِ: وَلَا أَدْخَلْت ذَكَرِي فِي فَرْجِك) ، لَمْ يُدَيَّنْ فِيهِ، قَوْلُهُ (وَلِلْبِكْرِ خَاصَّةً: لَا افْتَضَضْتُك: لَمْ يُدَيَّنْ فِيهِ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِ: وَتَخْتَصُّ الْبِكْرُ بِلَفْظَيْنِ، وَهُمَا " وَاَللَّهِ لَا افْتَضَضْتُك " وَلَا " أَبْتَنِي بِك " وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالْبُلْغَةِ، وَغَيْرِهِمَا: يُشْتَرَطُ فِي هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا عَرَبِيٌّ، فَإِنْ أَتَى بِهِمَا غَيْرُهُ: دُيِّنَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، قُلْت: لَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ لَمْ يَذْكُرْهُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك، أَوْ لَا جَامَعْتُك، أَوْ لَا بَاضَعْتُكِ، أَوْ لَا بَاشَرْتُك، أَوْ لَا بَاعَلْتُكِ، أَوْ لَا قَرَبْتُكِ، أَوْ لَا مَسَسْتُكِ، أَوْ لَا أَتَيْتُك، أَوْ لَا اغْتَسَلْت مِنْك: فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ، وَيُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِي " لَا اغْتَسَلْت مِنْك " أَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَهُوَ فِي الْحِيلَةِ فِي الْيَمِينِ، وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ " الْإِبْضَاعُ " الْمَنَافِعُ الْمُبَاحَةُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، دُونَ عُضْوٍ مَخْصُوصٍ، مِنْ فَرْجٍ مَخْصُوصٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ الْمُتَفَقِّهُ وَ " الْمُبَاضَعَةُ " مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْمُتْعَةِ بِهِ وَالْمُتَفَقِّهَةُ تَقُولُ " مَنَافِعُ الْبُضْعِ ".

قَوْلُهُ (وَسَائِرُ الْأَلْفَاظِ لَا يَكُونُ مُولِيًا فِيهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ) . شَمِلَ مَسَائِلَ.

ص: 171

مِنْهَا: مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ كِنَايَةٌ، فَمِنْ الْأَلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ فِي الْحُكْمِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ " وَاَللَّهِ لَا غَشِيتُك " فَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي الْحُكْمِ، وَيُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: هِيَ كِنَايَةٌ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَمِنْهَا: قَوْلُهُ " وَاَللَّهِ لَا أَفْضَيْت إلَيْك " صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، صَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: هِيَ كِنَايَةٌ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَمِنْهَا:" وَاَللَّهِ لَا لَمَسْتُك " صَرِيحٌ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَيُدَيَّنُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: أَنَّ " الْمُلَامَسَةَ " اسْمٌ لِالْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ، وَفِي الِانْتِصَارِ " لَمَسْتُمْ " ظَاهِرٌ فِي الْجَسِّ بِالْيَدِ، وَ " لَامَسْتُمْ " ظَاهِرٌ فِي الْجِمَاعِ، فَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ الْقَرَائِنَ كَالْآيَتَيْنِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا، وَمِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّ قَوْلَهُ " وَاَللَّهِ لَا افْتَرَشْتُكِ " صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا: أَنَّهُ كِنَايَةٌ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْكِنَايَةِ الَّتِي لَا يَكُونُ مُولِيًا بِهَا إلَّا بِنِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ: فَمِنْهَا قَوْلُهُ " وَاَللَّهِ لَا ضَاجَعْتُك، وَاَللَّهِ لَا دَخَلْت عَلَيْك، وَاَللَّهِ لَا دَخَلْت عَلَيَّ، وَاَللَّهِ لَا قَرُبْت فِرَاشَك، وَاَللَّهِ لَا بِتُّ عِنْدَك " وَنَحْوَهَا.

فَائِدَةٌ:

قَوْلُهُ (الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ) ،

ص: 172

وَذَلِكَ لِاخْتِصَاصِ الدَّعْوَى بِهَا، وَاخْتِصَاصِهَا بِاللِّعَانِ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الرِّضَا أَوْ الْغَضَبِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ بِنَذْرٍ، أَوْ عِتْقٍ، أَوْ طَلَاقٍ: لَمْ يَصِرْ مُولِيًا فِي الظَّاهِرِ عَنْهُ) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ، وَالْمَنْصُوصُ، وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: لَا يَصِحُّ الْإِيلَاءُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذِهِ الْمَشْهُورَةُ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: هَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَعَنْهُ يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ وَبِتَحْرِيمِ الْمُبَاحِ، وَنَحْوِهِمَا، قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ: وَبِعِتْقٍ وَطَلَاقٍ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَلْزَمَ بِالْيَمِينِ حَقٌّ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَعَنْهُ يَكُونُ مُولِيًا بِحَلْفِهِ بِيَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ، كَنَذْرٍ وَظِهَارٍ وَنَحْوِهِمَا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي، فَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْإِيلَاءِ بِالطَّلَاقِ: لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا بِوَطْئِهَا: يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ، وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ، وَمَتَى أَوْلَجَ، أَوْ تَمَّمَ، أَوْ لَبِثَ: لَحِقَهُ نَسَبُهُ، وَفِي الْمَهْرِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: لَا مَهْرَ وَلَا نَسَبَ،

ص: 173

وَجَزَمَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَنَّهُ يَجِبُ الْمَهْرُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يَجِبُ، وَجَزَمَ بِهِ التَّرْغِيبِ، وَفِيهِ: وَيُعَزَّرُ جَاهِلٌ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَإِنْ نَزَعَ فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ، لِأَنَّهُ تَارِكٌ، وَإِنْ نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ، فَإِنْ جَهْلًا لِلتَّحْرِيمِ: فَالْمَهْرُ وَالنَّسَبُ، وَلَا حَدَّ: وَالْعَكْسُ بِعَكْسِهِ، وَإِنْ عَلِمَهُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ وَالْحَدُّ، وَلَا نَسَبَ، وَإِنْ عَلِمَتْهُ فَالْحَدُّ وَالنَّسَبُ، وَلَا مَهْرَ، وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَهَا الْمَهْرُ بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، وَيُؤَدَّبَانِ، وَقِيلَ: لَا حَدَّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ طَرْدُهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَتَعْزِيرُ جَاهِلٍ فِي نَظَائِرِهِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِي جَاهِلَيْنِ وَطِئَا أَمَتَهُمَا: يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدَّبَا.

فَائِدَةٌ:

لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا بِوَطْئِهَا فَفِي إيلَائِهِ الرِّوَايَتَانِ، فَلَوْ وَطِئَهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَالرِّوَايَتَانِ فِي قَوْلِهِ " إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ " فَإِنْ صَحَّ فَأَبَانَ الضَّرَّةَ: انْقَطَعَ، فَإِنْ نَكَحَهَا وَقُلْنَا: تَعُودُ الصِّفَةُ عَادَ الْإِيلَاءُ، وَيُنَدَّدُ عَلَى الْمُدَّةِ، وَالرِّوَايَتَانِ فِي " إنْ وَطِئْت وَاحِدَةً فَالْأُخْرَى طَالِقٌ "، وَمَتَى طَلَّقَ الْحَاكِمُ هُنَا طَلَّقَ عَلَى الْإِبْهَامِ، وَلَا مُطَالَبَةَ، فَإِذَا عُيِّنَتْ بِقُرْعَةٍ: سُمِعَتْ دَعْوَى الْأُخْرَى.

وَقَوْلُهُ (الثَّالِثُ: أَنْ)(يَحْلِفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) ،

ص: 174

هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَنْصُوصُ الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ أَيْضًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ. قَوْلُهُ (أَوْ)(يُعَلِّقُهُ عَلَى شَرْطٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا)(مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، أَوْ يَخْرُجَ الدَّجَّالُ، أَوْ مَا عِشْت) ، فَيَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ، لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.

قَوْلُهُ (أَوْ يَقُولُ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك حَتَّى تَحْبَلِي؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْبَلُ إذَا لَمْ يَطَأْهَا) ، فَيَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا قَالَ " حَتَّى تَحْبَلِي " وَهِيَ مِمَّنْ يَحْبَلُ مِثْلُهَا: لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: فَإِنْ قَالَ " حَتَّى تَحْبَلِي " وَهِيَ مِمَّنْ يَحْبَلُ مِثْلُهَا فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ، أَوْ وَطِئَ وَحَمَلْنَا يَمِينَهُ عَلَى حَبْلٍ جَدِيدٍ صَارَ مُولِيًا، وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ: وَإِنْ قَالَ " حَتَّى تَحْبَلِي " وَلَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا، أَوْ وَطِئَهَا وَحَمَلْنَا يَمِينَهُ عَلَى حَبْلٍ مُتَجَدِّدٍ فَهُوَ مُولٍ، وَإِلَّا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا، أَوْ وَطِئَ وَنِيَّتُهُ حَبْلٌ مُتَجَدِّدٌ: فَهُوَ مُولٍ،

ص: 175

وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَيَكُونُ مُولِيًا بِحَبَلِ مَوْطُوءَةٍ قَصَدَهُ بِمُتَجَدِّدٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ آلَى مِمَّنْ يُظَاهِرُ مِنْهَا، أَوْ عَكْسُهُ: لَمْ يَصِحَّ مِنْهُمَا فِي رِوَايَةٍ. قَوْلُهُ (وَإِنْ)(قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك)(لَمْ يَصِرْ مُولِيًا حَتَّى يُوجَدَ الشَّرْطُ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِيرَ مُولِيًا فِي الْحَالِ، وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ صَارَ مُولِيًا بِوُجُودِهِ، وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ مَشِيئَتُهَا فِي الْحَالِ، نَحْوُ قَوْلِهِ " وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك إنْ شِئْت، أَوْ دَخَلْت الدَّارَ ".

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً: لَمْ يَصِرْ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك فِي السَّنَةِ إلَّا يَوْمًا: فَكَذَلِكَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، هَذَا الْمَذْهَبُ، قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ

ص: 176

وَفِي الْآخِرِ يَصِيرُ مُولِيًا فِي الْحَالِ.

فَائِدَةٌ:

لَوْ قَالَ " وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك سَنَةً بِالتَّنْكِيرِ إلَّا يَوْمًا " لَمْ يَصِرْ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَقِيلَ: يَصِيرُ مُولِيًا فِي الْحَالِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: لَا يَصِيرُ مُولِيًا هُنَا، وَإِنْ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ مُولٍ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ: لَمْ يَصِرْ مُولِيًا) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِيرَ مُولِيًا، وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَصَحَّحَهُ الشَّارِحِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالْفُرُوعِ.

فَائِدَةٌ:

وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ حَلَفَ عَلَى مُدَّةٍ، ثُمَّ قَالَ " إذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك مُدَّةً بِحَيْثُ يَكُونُ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ " قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك إنْ شِئْت، فَشَاءَتْ: صَارَ مُولِيًا) ، أَنَّهُ سَوَاءٌ شَاءَتْ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ مَشِيئَتُهَا فِي الْحَالِ.

ص: 177

قَوْلُهُ (وَإِنْ)(قَالَ: إلَّا أَنْ تَشَائِي، أَوْ إلَّا بِاخْتِيَارِك، أَوْ إلَّا أَنْ تَخْتَارِي)(لَمْ يَصِرْ مُولِيًا) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَغَيْرِهِ، وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ لَمْ تَشَأْ فِي الْمَجْلِسِ: صَارَ مُولِيًا، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ لِنِسَائِهِ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ: صَارَ مُولِيًا مِنْهُنَّ) ، فَيَحْنَثَ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ، وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ، هَذَا الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: إذَا قَالَ " لَا وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ " فَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَعُمُّ الْجَمِيعَ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تُفِيدُ الْعُمُومَ، وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا مِنْ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، وَرَدَّهُ فِي الْقَوَاعِدِ، قَالَ: وَحَكَى صَاحِبُ الْمُغْنِي عَنْ الْقَاضِي كَذَلِكَ، وَالْقَاضِي مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ. انْتَهَى. وَقِيلَ: يَبْقَى الْإِيلَاءُ لَهُنَّ فِي طَلَبِ الْفَيْئَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ بِوَطْئِهِنَّ،

ص: 178

قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ أَصَحُّ، وَقِيلَ: تَتَعَيَّنُ وَاحِدَةٌ بِقُرْعَةٍ. قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا، فَيَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا وَحْدَهَا) وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ، وَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مُبْهَمَةً، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تُخْرَجُ بِالْقُرْعَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَقِيلَ: يُعَيِّنُ هُوَ وَاحِدَةً.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْت كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ: كَانَ مُولِيًا مِنْ جَمِيعِهِنَّ، وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَنْحَلُّ فِي الْبَوَاقِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقِيلَ: يَبْقَى الْإِيلَاءُ لَهُنَّ فِي طَلَبِ الْفَيْئَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ بِوَطْئِهِنَّ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ أَيْضًا: وَهُوَ أَصَحُّ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكُنَّ: فَهِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ: لَا يَصِيرُ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا، فَيَصِيرُ مُولِيًا مِنْ الرَّابِعَةِ)، صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ " وَاَللَّهِ لَا وَطِئْت كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ " فَيَجِيءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا عِنْدَهُ.

ص: 179

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: مُخَالِفٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا، فَيَصِيرُ مُولِيًا مِنْ الرَّابِعَةِ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ، بَلْ هُوَ كَالصَّرِيحِ، وَعَلَيْهِ شَرْحُ ابْنِ مُنَجَّا، وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ أَصْلَ الْوَجْهَيْنِ الرِّوَايَتَانِ فِي فِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ: صَارَ مُولِيًا فِي الْحَالِ، وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ كَالْأُولَى، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَحْنَثُ إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ: لَمْ يَصِرْ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا، فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مُولِيًا مِنْ الرَّابِعَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ يَكُونُ مُولِيًا مِنْهُنَّ فِي الْحَالِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَأَخَّرَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَلَمْ أَرَ مَا شَرَحَ عَلَيْهِ ابْنُ مُنَجَّا، مَعَ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَلِمَنْ قَالَ لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ " وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكُنَّ " وَقُلْنَا: لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ فَأَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا، فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ مُولِيًا مِنْ الرَّابِعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَأَبِي الْخَطَّابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ مُولٍ فِي الْحَالِ مِنْ الْجَمِيعِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَابْنِ عَقِيلٍ فِي عُمَدِهِ، وَقَالَا: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَذَكَرَ مَأْخَذَ الْخِلَافِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ آلَى مِنْ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ لِلْأُخْرَى: شَرَّكْتُكِ مَعَهَا: لَمْ يَصِرْ مُولِيًا مِنْ الثَّانِيَةِ) ،

ص: 180

هَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْبَابِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِيرُ مُولِيًا مِنْهَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَذَكَرَهُ فِي بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ، وَعَنْهُ: يَصِيرُ مُولِيًا مِنْهَا إنْ نَوَاهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ، ذَكَرَهُ فِي " بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ "، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي " بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ " وَيَأْتِي نَظِيرَتُهُمَا فِي الظِّهَارِ. فَائِدَةٌ:

قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ قَالَ " إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ " وَقَالَ لِلْأُخْرَى " أَشْرَكْتُك مَعَهَا " وَنَوَى وَقُلْنَا: يَكُونُ إيلَاءً مِنْ الْأُولَى صَارَ مُولِيًا مِنْ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ (الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مِنْ زَوْجٍ يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَخَرَّجَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَمَنْ تَبِعَهُ: صِحَّةَ إيلَاءِ مَنْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ " وَاَللَّهِ لَا وَطِئْت فُلَانَةَ " أَوْ " لَا وَطِئْتهَا إنْ تَزَوَّجْتهَا " مَعَ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ لَهُ بِوَطْئِهَا، وَخَرَّجَ أَيْضًا صِحَّةَ إيلَائِهِ بِشَرْطِ إضَافَتِهِ إلَى النِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ فِي رِوَايَةٍ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ.

قَوْلُهُ (وَيَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، سَلِيمًا أَوْ خَصِيَّا، أَوْ مَرِيضًا يُرْجَى بُرْؤُهُ)، بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ (فَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الْوَطْءِ بِجَبٍّ أَوْ شَلَلٍ: فَلَا يَصِحُّ إيلَاؤُهُ)

ص: 181

وَكَذَا لَوْ كَانَتْ رَتْقَاءَ وَنَحْوَهَا، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ، وَأَوْرَدَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مَذْهَبًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ، وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَفَيْئَتُهُ: لَوْ قَدَرْت لَجَامَعْتُك.

فَائِدَةٌ:

عَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ حَلَفَ ثُمَّ جُبَّ: فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، قُلْت: الصَّوَابُ الْبُطْلَانُ، ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ صَحَّحَهُ أَيْضًا.

قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ إيلَاءُ الصَّبِيِّ) ، إنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَمْ يَصِحَّ إيلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا صَحَّ إيلَاؤُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ: يَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيلَاءُ الصَّبِيِّ وَلَا ظِهَارُهُ، ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي " كِتَابِ الظِّهَارِ " عَلَى مَا يَأْتِي، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ: وَإِذَا قُلْنَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ، فَهَلْ يَصِحُّ ظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ أَمْ لَا؟ الْأَكْثَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ، وَحَكَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ قَالَ: قُلْت وَحَكَى فِي الْمَذْهَبِ فِي انْعِقَادِ يَمِينِهِ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى.

ص: 182

وَالْوَجْهَانِ إنَّمَا هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى صِحَّةِ طَلَاقِهِ وَعَدَمِهَا، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، فَإِنَّهُمَا لَمَّا حَكَيَا الْوَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَاهُمَا، قَالَا: بِنَاءً عَلَى طَلَاقِهِ، وَقَدْ حَكَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ، وَهُوَ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ تَابِعَانِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَقَدَّمَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيلَاؤُهُ، وَإِنْ صَحَّ طَلَاقُهُ. قَوْلُهُ (وَفِي إيلَاءِ السَّكْرَانِ وَجْهَانِ) ، بِنَاءً عَلَى طَلَاقِهِ، عَلَى مَا مَضَى فِي بَابِهِ مُحَرَّرًا، قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

قَوْلُهُ (وَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ فِي الْأَحْرَارِ وَالرَّقِيقِ سَوَاءٌ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ: أَنَّهَا فِي الْعَبْدِ عَلَى النِّصْفِ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رحمه الله رَجَعَ إلَيْهِ، وَأَنَّهُ قَوْلُ التَّابِعِينَ كُلِّهِمْ إلَّا الزُّهْرِيَّ وَحْدَهُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَذَكَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَقَالَ: لِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ، فَمَتَى كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا يَكُونُ عَلَى النِّصْفِ فِيمَا إذَا كَانَا حُرَّيْنِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا صَحَّ الْإِيلَاءُ ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، يَعْنِي: مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ فِي الْمُوجَزِ: تُضْرَبُ لِكَافِرٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَالَ: قَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ بِالرَّجُلِ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ: اُحْتُسِبَ عَلَيْهِ بِمُدَّتِهِ)

ص: 183

بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ (وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِهَا: لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ) ، كَصِغَرِهَا وَجُنُونِهَا وَنُشُوزِهَا، وَإِحْرَامِهَا وَمَرَضِهَا وَحَبْسِهَا، وَصِيَامِهَا وَاعْتِكَافِهَا الْمَفْرُوضَيْنِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَقِيلَ: يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ. كَالْحَيْضِ، قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَالشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشِّيرَازِيُّ، وَابْنُ الْبَنَّا، وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: تُضْرَبُ مُدَّتُهُ مِنْ الْيَمِينِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمُدَّةِ مَانِعٌ مِنْ قِبَلِهَا أَوْ مِنْ قِبَلِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَقِيلَ: مَجْنُونَةٌ لَهَا شَهْوَةٌ كَعَاقِلَةٍ. قَوْلُهُ (وَإِنْ طَرَأَ بِهَا: اُسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ عِنْدَ زَوَالِهِ إلَّا الْحَيْضَ، فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ بِمُدَّتِهِ) ، إذَا طَرَأَ بِهَا عُذْرٌ، غَيْرُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَنَحْوِهَا، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا تُسْتَأْنَفُ [الْمُدَّةُ] عِنْدَ زَوَالِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ بِمُدَّتِهِ، فَلَا تُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ حَيْضًا: فَإِنَّهَا تُحْتَسَبُ بِمُدَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ، وَفِي النِّفَاسِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَالنَّظْمِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَهُمَا وَجْهَانِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَفِي الْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ: رِوَايَتَانِ.

ص: 184

أَحَدُهُمَا: لَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَالثَّانِي: يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ كَالْحَيْضِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ)(طَلَّقَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ)(انْقَطَعَتْ) ، إنْ كَانَ طَلَاقًا بَائِنًا انْقَطَعَتْ الْمُدَّةُ، وَإِنْ كَانَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا: أَنَّ الْمُدَّةَ تَنْقَطِعُ أَيْضًا، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَنْقَطِعُ مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، قَوْلُهُ (فَإِنْ)(رَاجَعَهَا، أَوْ نَكَحَهَا إذَا كَانَتْ بَائِنًا اُسْتُؤْنِفَتْ الْمُدَّةُ) ، هَذَا مَبْنِيٌّ فِي الرَّجْعَةِ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يَقْطَعُ الْمُدَّةَ، وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ: فَلَا أَثَرَ لِرَجْعَتِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ: إنْ بَقِيَ بَعْدَ اسْتِئْنَافِ الْمُدَّةِ أَقَلُّ مِنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ: سَقَطَ الْإِيلَاءُ وَإِلَّا ضُرِبَتْ لَهُ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: تُكَمَّلُ الْمُدَّةُ عَلَى مَا قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ: أَنَّ الْمُدَّةَ تُسْتَأْنَفُ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ، وَنَازَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ (وَإِنْ)(انْقَضَتْ الْمُدَّةُ، وَبِهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ:)(لَمْ تَمْلِكْ طَلَبَ الْفَيْئَةِ) .

ص: 185

هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: لِمَنْ بِهَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ طَلَبُ الْفَيْئَةِ بِالْقَوْلِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ بِهِ وَهُوَ مِمَّا يَعْجِزُ بِهِ عَنْ الْوَطْءِ أُمِرَ أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ، فَيَقُولُ: مَتَى قَدَرْت جَامَعْتُك) ، فَيَقُولُ لَهَا ذَلِكَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا أَحْسَنُ، وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَعَنْهُ: أَنَّ فَيْئَةَ الْمَعْذُورِ أَنْ يَقُولَ " فِئْت إلَيْك "، وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ الْقَاضِي، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَصْحَابِهِ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: فَيْئَتُهُ حَكُّهُ حَتَّى يَبْلُغَ بِهِ الْجَهْدُ مِنْ تَفْتِيرِ الشَّهْوَةِ.

تَنْبِيهَانِ

أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ " أَمَرَ أَنْ يَفِيءَ بِلِسَانِهِ " يَعْنِي فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ. الثَّانِي: قَوْلُهُ " فَيَقُولُ: مَتَى قَدَرْت جَامَعْتُك "، هَذَا فِي حَقِّ الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا الْمَجْبُوبُ: فَإِنَّهُ يَقُولُ " لَوْ قَدَرْت جَامَعْت " زَادَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ " وَقَدْ نَدِمْت عَلَى مَا فَعَلْت "، قَوْلُهُ (ثُمَّ) (مَتَى قَدَرَ عَلَى الْوَطْءِ: لَزِمَهُ ذَلِكَ، أَوْ تَطْلُقُ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ،

ص: 186

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ لَازِمُ قَوْلِهِ فِي الْمُجَرَّدِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إذَا فَاءَ بِلِسَانِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَمْ يُطَالَبْ بِالْفَيْئَةِ مَرَّةً أُخْرَى، وَخَرَجَ مِنْ الْإِيلَاءِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ، كَالشَّرِيفِ، وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشِّيرَازِيِّ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا.

تَنْبِيهَانِ

أَحَدُهُمَا: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْخِلَافَ السَّابِقَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ " مَتَى قَدَرْت جَامَعْت "، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ، أَعْنِي: فِي صِفَةِ الْفَيْئَةِ وَانْبَنَى عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ إذَا قَدَرَ عَلَى الْوَطْءِ: هَلْ يَلْزَمُهُ؟ فَالْخِرَقِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ يَقُولَانِ: يَلْزَمُهُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَأَبُو بَكْرٍ لَا يَلْزَمُهُ. انْتَهَى. وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا: أَنَّ عَدَمَ اللُّزُومِ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ قَوْلِهِ " قَدْ فِئْت إلَيْك ". الثَّانِي: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَإِنْ كَانَ مُظَاهِرًا، فَقَالَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أَطْلُبَ رَقَبَةً أَعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِي: أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) ، أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ لِصَوْمِ شَهْرَيْ الظِّهَارِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، فَيُطَلِّقُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَقِيلَ: يَصُومُ فَيَفِيءُ. كَمَعْذُورٍ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُحَرَّرِ.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَإِنْ)(وَطِئَهَا دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ فِي الدُّبُرِ:)(لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْفَيْئَةِ) ،

ص: 187

بِلَا نِزَاعٍ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ بِفِعْلِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: يَحْنَثُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ)(وَطِئَهَا فِي الْفَرَجِ وَطْئًا مُحَرَّمًا)(مِثْلَ أَنْ يَطَأَ فِي حَالِ الْحَيْضِ، أَوْ النِّفَاسِ، أَوْ الْإِحْرَامِ، أَوْ صِيَامِ فَرْضٍ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَدْ فَاءَ، لِأَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِهِ) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَيْئَةِ، وَقَالَ: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً.

فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ، أَوْ وَطِئَهَا نَائِمًا، أَوْ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا بِهَا، أَوْ مَجْنُونًا وَلَمْ نُحَنِّثْ الثَّلَاثَةَ أَوْ كَفَّرَ يَمِينَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْوَطْءِ: فَفِي خُرُوجِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، قَالَ فِي الْكَافِي: وَإِنْ وَطِئَهَا وَهُوَ مَجْنُونٌ لَمْ يَحْنَثْ، وَيَسْقُطُ الْإِيلَاءُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَسْقُطَ، وَإِنْ وَطِئَهَا نَاسِيًا، فَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ: لَا يَحْنَثُ، فَعَلَيْهَا: هَلْ يَسْقُطُ الْإِيلَاءُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. كَالْمَجْنُونِ، وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ، أَوْ وَطِئَهَا نَاسِيًا، أَوْ فِي حَالِ جُنُونِهِ وَقُلْنَا: لَا يَحْنَثُ خَرَجَ مِنْ الْفَيْئَةِ، وَقِيلَ: لَا يَخْرُجُ، وَقَدِمَ فِيمَا إذَا كَفَّرَ بَعْدَ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْوَطْءِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْفَيْئَةِ، وَقَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: يَخْرُجُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي قُبُلٍ مُطْلَقًا.

ص: 188

وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَيُكَفِّرُ بِوَطْءٍ، وَلَوْ مَعَ إكْرَاهٍ وَنِسْيَانٍ، وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: وَإِنْ كَفَّرَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَقَبْلَ الْوَقْفِ: صَارَ كَالْحَالِفِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا إذَا مَضَتْ يَمِينُهُ قَبْلَ وَقْفِهِ. انْتَهَيَا.

الثَّانِيَةُ: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْوَطْءِ فَوَطِئَ: فَقَدْ فَاءَ إلَيْهَا، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إذْ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْوَطْءِ لَا يُتَصَوَّرُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَفِئْ، وَأَعْفَتْهُ الْمَرْأَةُ: سَقَطَ حَقُّهَا) ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَسْقُطَ، وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدُ كَسُكُوتِهَا، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ تُعْفِهِ: أُمِرَ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فَلَهُ رَجْعَتُهَا) ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَالْمُصَنِّفُ، وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ: أَنَّهَا تَكُونُ بَائِنَةً، وَيَأْتِي طَلَاقُ الْحَاكِمِ إذَا قُلْنَا: يُطَلِّقُ هَلْ هُوَ رَجْعِيٌّ، أَوْ بَائِنٌ؟ قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ: حُبِسَ وَضُيِّقَ عَلَيْهِ حَتَّى يُطَلِّقَ) (فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) ،

ص: 189

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَفِي الْأُخْرَى: يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا أَصَحُّ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُمْ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ، قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَآبِيهَا وَطَلَاقٍ: يُحْبَسُ، ثُمَّ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ أَنَّ الْحَاكِمَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا " وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فَهُوَ كَطَلَاقِ الْمُولِي "، يَعْنِي: أَنَّهَا هَلْ تَقَعُ رَجْعِيَّةً، أَوْ بَائِنَةً؟ وَأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا تَقَعُ رَجْعِيَّةً، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَنْهُ: أَنَّ طَلَاقَ الْحَاكِمِ بَائِنٌ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ طَلَاقَ الْمُولِي رَجْعِيٌّ، قَالَ الْقَاضِي: الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّ فِرْقَةَ الْحَاكِمِ تَكُونُ بَائِنًا، وَعَنْهُ: فِرْقَةُ الْحَاكِمِ كَاللِّعَانِ، فَتَحْرُمُ عَلَى التَّأْبِيدِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَالَ: امْتَنَعَ ابْنُ حَامِدٍ وَالْجُمْهُورُ مِنْ إثْبَاتِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَقَالَ: وَالطَّرِيقَانِ فِي كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْ الْحَاكِمِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا، أَوْ فَسَخَ صَحَّ: ذَلِكَ)، يَعْنِي: لَوْ طَلَّقَ الْحَاكِمُ ثَلَاثًا أَوْ فَسَخَ: صَحَّ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ،

ص: 190

قَالَ الْقَاضِي: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَ فِي التَّبْصِرَةِ: أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ثَلَاثًا، وَعَنْهُ: يَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ، فَلَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ، وَعَنْهُ: يَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ، فَلَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ.

فَائِدَةٌ:

لَوْ قَالَ: فَرَّقْت بَيْنَكُمَا، فَهُوَ فَسْخٌ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: طَلَاقٌ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ)(ادَّعَى أَنَّ الْمُدَّةَ مَا انْقَضَتْ، أَوْ أَنَّهُ وَطِئَهَا، وَكَانَتْ ثَيِّبًا)(فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَفِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي عَدَم الْوَطْءِ، بِنَاءً عَلَى رِوَايَةٍ فِي الْعُنَّةِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ طَلَّقَهَا فَهَلْ لَهُ رَجْعَةٌ، أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ، وَفِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالَانِ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ)(كَانَتْ بِكْرًا، وَادَّعَتْ أَنَّهَا عَذْرَاءُ، فَشَهِدَتْ بِذَلِكَ امْرَأَةٌ عَدْلٌ)(فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِلَا نِزَاعٍ، قَوْلُهُ (وَهَلْ يَحْلِفُ مَنْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ؟)(عَلَى وَجْهَيْنِ) ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي: فِي الثَّيِّبِ رِوَايَتَانِ، وَفِي الْبِكْرِ: وَجْهَانِ،

ص: 191

وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيُّ. أَحَدُهُمَا: يَحْلِفُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْلِفُ، قَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: لَوْ ادَّعَى وَطْءَ الثَّيِّبِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ أَصَحُّ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي فِيهِ بِالنُّكُولِ قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ لَا يَمِينَ هُنَا إذَا شَهِدَا بِالْبَكَارَةِ لِقَوْلِهِ فِي بَابِ الْعِنِّينِ: فَإِنْ شَهِدَتْ بِمَا قَالَتْ: أُجِّلَتْ سَنَةً، وَلَمْ يَذْكُرْ يَمِينًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ النَّاظِمُ:

وَدَعْوَاهُ بُقْيَا الْوَقْتِ أَوْ وَطْءَ ثَيِّبٍ

فَقَلِّدْهُ وَلْيَحْلِفْ عَلَى الْمُتَأَكِّدِ

وَإِنْ تَكُ بِكْرًا ثُمَّ تَشْهَدْ عَدْلَةٌ

بِعُذْرَتِهَا تُقْبَلْ وَتَحْلِفُ بِمُبْعَدٍ

تَنْبِيهٌ:

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ الْوَجْهَيْنِ يَشْمَلُ الْبِكْرَ إذَا شَهِدَ بِأَنَّهَا بِكْرٌ، وَأَنَّ فِيهَا وَجْهًا يُحَلِّفُهَا، وَهُوَ صَحِيحُ، ذَكَرَ هَذَا الْوَجْهَ فِي الشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالتَّرْغِيبِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْفُرُوعِ: أَنَّ حِكَايَةَ الْوَجْهَيْنِ فِيهَا لَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا فِي التَّرْغِيبِ فَقَطْ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا شَهِدَ بِالْبَكَارَةِ امْرَأَةٌ قُبِلَ، وَفِي التَّرْغِيبِ فِي يَمِينِهَا وَجْهَانِ.

ص: 192