الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ]
ِ قَوْلُهُ (وَيُشْتَرَطُ لَهُ ثَلَاثُهُ شُرُوطٍ أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقُّهُ مُكَلَّفًا فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا: لَمْ يَجُزْ اسْتِيفَاؤُهُ وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيَعْقِلَ الْمَجْنُونُ) بِلَا نِزَاعٍ فِي الْجُمْلَةِ
قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمَا أَبٌ فَهَلْ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَحَكَاهُمَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ
إحْدَاهُمَا: لَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَهِيَ أَصَحُّ وَصَحَّحَهُمَا فِي التَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ نَصَّ عَلَيْهِ وَكَذَا الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ الْوَصِيَّ وَالْحَاكِمَ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتِيفَاؤُهُ لَهُمَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ: يَجُوزُ لَهُمَا اسْتِيفَاؤُهُ أَيْضًا كَالْأَبِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ إلَى النَّفَقَةِ فَهَلْ لِوَلِيِّهِمَا الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ)
وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَالْفُرُوعِ
إحْدَاهُمَا: لَهُ الْعَفْوُ وَهُوَ الصَّوَابُ جَزَمَ بِهِ الْأَدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي
وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمَنْصُوصُ: جَوَازُ عَفْوِ وَلِيِّ الْمَجْنُونِ دُونَ الصَّبِيِّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ: لِلْأَبِ الْعَفْوُ خَاصَّةً
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَتَلَا قَاتِلَ أَبِيهِمَا أَوْ قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا: احْتَمَلَ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهُمَا) وَهُوَ الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجِبَ لَهُمَا دِيَةُ أَبِيهِمَا فِي مَالِ الْجَانِي وَتَجِبُ دِيَةُ الْجَانِي عَلَى عَاقِلَتِهَا وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ
قَوْلُهُ (الثَّانِي: اتِّفَاقُ جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى اسْتِيفَائِهِ وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ اسْتِيفَاؤُهُ دُونَ بَعْضٍ) بِلَا نِزَاعٍ (فَإِنْ فَعَلَ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ لِشُرَكَائِهِ حَقَّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَتَسْقُطُ عَنْ الْجَانِي فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَفِي الْآخِرِ: لَهُمْ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَةِ الْجَانِي وَيَرْجِعُ وَرَثَةُ الْجَانِي عَلَى قَاتِلِهِ يَعْنِي: بِمَا فَوْقَ حَقِّهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَفِي الْوَاضِحِ: احْتِمَالٌ يَسْقُطُ حَقُّهُمْ عَلَى رِوَايَةِ وُجُوبِ الْقَوَدِ عَيْنًا وَيَأْتِي آخِرُ الْبَابِ " إذَا قَتَلَ جَمَاعَةً فَاسْتَوْفَى مِنْ غَيْرِ إذْنِ أَوْلِيَاءِ الْبَاقِينَ "
فَائِدَةٌ:
قَوْلُهُ (وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ: سَقَطَ الْقِصَاصُ وَإِنْ كَانَ الْعَافِي زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً) وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ أَيْضًا بِشَهَادَةِ بَعْضِهِمْ وَلَوْ مَعَ فِسْقِهِ لِكَوْنِهِ أَقَرَّ بِأَنَّ نَصِيبَهُ سَقَطَ مِنْ الْقَوَدِ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا
قَوْلُهُ (وَلِلْبَاقِينَ حَقُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ
وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: إنْ عَفَا أَحَدُهُمْ فَلِلْبَقِيَّةِ الدِّيَةُ وَهَلْ يَلْزَمُهُمْ حَقُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (فَإِنْ قَتَلَهُ الْبَاقُونَ عَالِمِينَ بِالْعَفْوِ وَسُقُوطِ الْقِصَاصِ فَعَلَيْهِمْ الْقَوَدُ وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْهِمْ دِيَتُهُ) بِلَا نِزَاعٍ
قَوْلُهُ (وَسَوَاءٌ كَانَ الْجَمِيعُ حَاضِرِينَ أَوْ بَعْضُهُمْ غَائِبًا) وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ وَحُكِيَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَمَنْ تَابَعَهُ رِوَايَةً: بِأَنَّ لِلْحَاضِرِ مَعَ عَدَمِ الْعَفْوِ الْقِصَاصَ كَالرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ الْآتِيَةِ وَلَمْ نَرَهَا لِغَيْرِهِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَلَيْسَ لِلْبَالِغِ الْعَاقِلِ الِاسْتِيفَاءُ حَتَّى يَصِيرَا مُكَلَّفَيْنِ فِي الْمَشْهُورِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ (وَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ) فَائِدَةٌ:
لَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ: قَامَ وَارِثُهُمَا مَقَامَهُمَا فِي الْقِصَاصِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى: يَسْقُطُ الْقَوَدُ وَتَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ
قَوْلُهُ (وَكُلُّ مَنْ وَرِثَ الْمَالَ وَرِثَ الْقِصَاصَ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْ الْمَالِ حَتَّى الزَّوْجَيْنِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ)
وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَعَنْهُ: يَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ الْبَنَّا وَخَرَّجَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله وَاخْتَارَهَا فَائِدَةٌ:
هَلْ يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ الْقِصَاصَ ابْتِدَاءً أَمْ يَنْتَقِلُ عَنْ مَوْرُوثِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهَا فِي الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ
إحْدَاهُمَا يَسْتَحِقُّونَهُ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ يَجِبُ بِالْمَوْتِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ وَالثَّانِيَةُ: يَنْتَقِلُ عَنْ مَوْرُوثِهِ لِأَنَّ سَبَبَهُ وُجِدَ فِي حَيَاتِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ قِيَاسًا عَلَى الدِّيَةِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الدِّيَةِ فِي " بَابِ الْمُوصَى بِهِ "
قَوْلُهُ (وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَلِيُّهُ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ اقْتَصَّ) هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ: فِي الْقَوَدِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ لِأَنَّ بِنَا حَاجَةً إلَى عِصْمَةِ الدِّمَاءِ فَلَوْ لَمْ يُقْتَلْ لَقُتِلَ كُلُّ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ قَالَا: وَلَا رِوَايَةَ فِيهِ وَفِي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ: كَوَالِدٍ لِوَلَدِهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ شَاءَ عَفَا) عَنْهُ ظَاهِرُهُ شَمِلَ مَسْأَلَتَيْنِ
إحْدَاهُمَا: الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ كَامِلَةً وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: جَوَازُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْهَرُ لَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ
وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْعَفْوُ مَجَّانًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا: جَوَازُهُ وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ (الثَّالِثُ: أَنْ يُؤْمَنَ فِي الِاسْتِيفَاءِ التَّعَدِّي إلَى غَيْرِ الْقَاتِلِ فَلَوْ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى حَامِلٍ أَوْ حَمَلَتْ بَعْدَ وُجُوبِهِ: لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ الْوَلَدَ وَتُسْقِيَهُ اللِّبَأَ) بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ (ثُمَّ إنْ وُجِدَ مَنْ يُرْضِعْهُ وَإِلَّا تُرِكَتْ حَتَّى تَفْطِمَهُ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: لَهُ الْقَوَدُ إنْ غُذِّيَ بِلَبَنِ شَاةٍ فَائِدَةٌ:
مُدَّةُ الرَّضَاعِ حَوْلَانِ كَامِلَانِ وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ: أَنَّهَا تَلْزَمُ بِأُجْرَةِ رَضَاعِهِ
قَوْلُهُ (وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهَا فِي الطَّرَفِ حَالَ حَمْلِهَا) بِلَا نِزَاعٍ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ
وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا فِي الطَّرَفِ حَتَّى تَسْقِيَ اللِّبَأَ وَزَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَتَفْرُغَ مِنْ نِفَاسِهَا وَقَالَ فِي الْبُلْغَةِ: هِيَ فِيهِ كَمَرِيضٍ وَأَنَّهُ إنْ تَأَثَّرَ لَبَنُهَا بِالْجَلْدِ وَلَمْ يُوجَدْ مُرْضِعٌ: أُخِّرَ الْقِصَاصُ
قَوْلُهُ (وَحُكْمُ الْحَدِّ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْقِصَاصِ) هَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي تَأْخِيرَ الرَّجْمِ حَتَّى تَفْطِمَهُ وَقِيلَ: يَجِبُ التَّأْخِيرُ حَتَّى تَفْطِمَهُ نَقَلَ الْجَمَاعَةُ: تُتْرَكُ حَتَّى تَفْطِمَهُ قَالَ فِي الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ مِنْ الْحَامِلِ: وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَحْدُودَةِ فَإِنَّهَا لَا تُرْجَمُ حَتَّى تَفْطِمَ مَعَ وُجُودِ الْمُرْضِعَةِ وَعَدَمِهَا لِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ أَسْهَلُ وَلِذَلِكَ تُحْبَسُ فِي الْقِصَاصِ وَلَا تُحْبَسُ فِي الْحَدِّ وَلَا يُتَّبَعُ الْهَارِبُ فِيهِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ ادَّعَتْ الْحَمْلَ: اُحْتُمِلَ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهَا فَتُحْبَسُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا) وَهُوَ الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُ امْرَأَةٍ وَعِبَارَتُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ وَالْخُلَاصَةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لَا قَوَدَ عَلَى مَنْكُوحَةٍ مُخَالَطَةٍ لِزَوْجِهَا وَفِي حَالَةِ الظِّهَارِ احْتِمَالَانِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ اُقْتُصَّ مِنْ حَامِلٍ: وَجَبَ ضَمَانُ جَنِينِهَا عَلَى قَاتِلِهَا) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ فِي الشَّرْحِ: إنْ كَانَ الْإِمَامُ وَالْوَلِيُّ عَالِمَيْنِ بِالْحَمْلِ وَتَحْرِيمِ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ جَاهِلَيْنِ بِالْأَمْرَيْنِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا أَوْ كَانَ الْوَلِيُّ عَالِمًا بِذَلِكَ دُونَ الْحَاكِمِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَالْحَاكِمُ سَبَبٌ وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ دُونَ الْوَلِيِّ: فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَاكِمِ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ مَعْذُورٌ وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَالِمًا وَحْدَهُ: فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ: فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ فَفِيهِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا: الضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ
وَالثَّانِي: عَلَى الْوَلِيِّ وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ الَّذِي مَكَّنَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُفَرِّقْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إنْ حَدَثَ قَبْلَ الْوَضْعِ وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ: فِي ضَمَانِهَا وَجْهَانِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السُّلْطَانَ يَضْمَنُ: هَلْ تَجِبُ الْغُرَّةُ فِي مَالِ الْإِمَامِ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
إحْدَاهُمَا: تَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي " بَابِ الْعَاقِلَةِ " وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَضْمَنُهَا فِي مَالِهِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَقُلْنَا: يَضْمَنُهُ السُّلْطَانُ فَهَلْ تَجِبُ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
إحْدَاهُمَا: تَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ عَلَى مَا يَأْتِي قُلْت: وَهَذَا الْمَذْهَبُ لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ خَطَأَ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ فِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَائِلِ " بَابِ الْعَاقِلَةِ "
قَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إلَّا بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ) أَوْ نَائِبِهِ هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ الِاسْتِيفَاءُ بِغَيْرِ حُضُورِ السُّلْطَانِ إذَا كَانَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَهُ شَاهِدَيْنِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَوْ خَالَفَ وَاسْتَوْفَى مِنْ غَيْرِ حُضُورِهِ: وَقَعَ مَوْقِعَهُ وَلِلسُّلْطَانِ تَعْزِيرُهُ
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَيُعَزِّرُهُ الْإِمَامُ لِافْتِيَاتِهِ فَظَاهِرُهُ: الْوُجُوبُ وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يُعَزِّرُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ كَالْمَالِ وَنَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ هَانِئٍ مِثْلَهُ
الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي النِّهَايَةِ: يُسْتَحَبُّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُحْضِرَ الْقِصَاصَ عَدْلَيْنِ فَطِنَيْنِ حَتَّى لَا يَقَعَ حَيْفٌ وَلَا جُحُودٌ وَقَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ احْتَاجَ إلَى أُجْرَةٍ فَمِنْ مَالِ الْجَانِي) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَالْحَدِّ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ: مِنْ مُسْتَحَقِّي الْجِنَايَةِ وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: يُرْزَقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ رَجُلٌ يَسْتَوْفِي الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُسْتَأْجَرُ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ: فَمِنْ مَالِ الْجَانِي
قَوْلُهُ (وَالْوَلِيُّ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الِاسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ إذْ كَانَ يُحْسِنُ وَبَيْنَ التَّوْكِيلِ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ فِي الطَّرَفِ بِنَفْسِهِ بِحَالٍ وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِلْقَاضِي وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ التَّوْكِيلُ فِي الطَّرَفِ ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ: يُوَكِّلُ فِيهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ يَجْهَلُهُ
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَشَاحَّ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ فِي الِاسْتِيفَاءِ: قُدِّمَ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ) هَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: هَذَا الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: يُعَيِّنُ الْإِمَامُ أَحَدَهُمْ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى فَعَلَى الْمَذْهَبِ: مَنْ وَقَعَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ يُوَكِّلُهُ الْبَاقُونَ
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَوْ اقْتَصَّ الْجَانِي مِنْ نَفْسِهِ فَفِي جَوَازِهِ بِرِضَى الْوَلِيِّ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَصَحَّحَ فِي التَّرْغِيبِ: لَا يَقَعُ ذَلِكَ قَوَدًا وَقَالَ فِي الْبُلْغَةِ: يَقَعُ ذَلِكَ قَوَدًا وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ قَالَ: وَلَوْ أَقَامَ حَدَّ زِنًا أَوْ قَذْفٍ عَلَى نَفْسِهِ بِإِذْنٍ: لَمْ يَسْقُطْ بِخِلَافِ قَطْعِ سَرِقَةٍ وَيَأْتِي إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ هَلْ يَسْقُطُ بِإِقَامَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَمْ لَا؟ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ
الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْتِنَ نَفْسَهُ إنْ قَوِيَ عَلَيْهِ وَأَحْسَنَهُ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَابِ السِّوَاكِ وَلَيْسَ لَهُ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ لِفَوَاتِ الرَّدْعِ وَقَالَ الْقَاضِي: عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْقَطْعُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ مَنَعْنَاهُ: فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا اضْطَرَبَتْ يَدُهُ فَجَنَى عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْقَاضِي عَلَى جَوَازِهِ إذْنًا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ اعْتِبَارُهُ قَالَ: وَهُوَ مُرَادُ الْقَاضِي وَهَلْ يَقَعُ الْمَوْقِعَ؟ يُتَوَجَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْقَوَدِ قَالَ: وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تَخْرِيجٍ فِي حَدِّ زِنًا وَقَذْفٍ وَشُرْبٍ كَحَدِّ سَرِقَةٍ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ فِي الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ وَهُوَ قَطْعُ الْعُضْوِ الْوَاجِبِ قَطْعُهُ وَعَدَمُ حُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ بِجَلْدِهِ نَفْسِهِ وَقَدْ يُقَالُ: بِحُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرُ بِحُصُولِ الْأَلَمِ وَالتَّأَذِّي بِذَلِكَ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ إلَّا بِالسَّيْفِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ الْمَشْهُورُ وَاخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: فِي قَوَدٍ وَحَقُّ اللَّهِ لَا يَجُوزُ فِي النَّفْسِ إلَّا بِسَيْفٍ لِأَنَّهُ أَزَجْرُ لَا بِسِكِّينٍ وَلَا فِي طَرَفٍ إلَّا بِهَا لِئَلَّا يَحِيفَ وَأَنَّ الرَّجْمَ بِحَجَرٍ لَا يَجُوزُ بِسَيْفٍ انْتَهَى وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: يُفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ إلَّا مَا اسْتَثْنَى أَوْ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فَقَالَ: هَذَا أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْعَدْلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهِيَ أَوْضَحُ دَلِيلًا فَعَلَيْهَا: وَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَتَلَهُ: فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ وَإِنْ قَتَلَهُ بِحَجَرٍ أَوْ أَغْرَقَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ: فُعِلَ بِهِ مِثْلَ فِعْلِهِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ مِفْصَلٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَوْضَحَهُ فَمَاتَ: فُعِلَ بِهِ كَفِعْلِهِ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ فِيهَا الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنَّهُ هُنَا قَتْلٌ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ انْفَرَدَ: لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِصَاصٌ كَمَا لَوْ أَجَافَهُ أَوْ أَمَّهُ أَوْ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ نِصْفِ ذِرَاعِهِ أَوْ رِجْلَهُ مِنْ نِصْفِ سَاقِهِ أَوْ يَدًا نَاقِصَةً أَوْ شَلَّاءَ أَوْ زَائِدَةً وَنَحْوَهُ فَسَرَى وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بِمَا لَا يَجِبُ فِيهِ قِصَاصٌ كَالْقَطْعِ مِنْ مِفْصَلٍ وَالْمُوضِحَةِ وَمَثَّلَ لِمَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْقَطْعِ مِنْ الْمِفْصَلِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ لَوْ انْفَرَدَ؛ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ: فَفِيهِ طَرِيقَانِ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا: أَنَّهُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ
اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا فَيَصِحُّ تَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ بِقَطْعِ الْيَدِ مِنْ الْمِفْصَلِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الطَّرَفِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي الْخَطَّابِيِّ وَجَمَاعَةٍ فَفِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ طَرِيقَانِ وَلَكِنَّ التَّرْجِيحَ مُخْتَلِفٌ وَحَيْثُ قُلْنَا: يُفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ وَفَعَلَ فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ أَوْ الدِّيَةُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ: رِوَايَةً يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَعَنْهُ: يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ إنْ كَانَ مُوجِبًا وَإِلَّا فَلَا وَعَنْهُ: يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ إنْ كَانَ مُوجِبًا أَوْ مُوجِبًا لِقَوَدِ طَرَفِهِ لَوْ انْفَرَدَ وَإِلَّا فَلَا فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: لَوْ فَعَلَ بِهِ مِثْلَ فِعْلِهِ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَمْ يَضْمَنْ وَأَنَّهُ لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ قَبْلَ الْبُرْءِ: فَفِي دُخُولِ قَوَدِ طَرَفِهِ فِي قَوَدِ نَفْسِهِ كَدُخُولِهِ فِي الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي
إحْدَاهُمَا: يَدْخُلُ قَوَدُ الطَّرَفِ فِي قَوَدِ النَّفْسِ وَيَكْفِي قَتْلُهُ صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُ قَوَدُ الطَّرَفِ فِي قَوَدِ النَّفْسِ فَلَهُ قَطْعُ طَرَفِهِ ثُمَّ قَتْلُهُ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: فَائِدَةُ الرِّوَايَتَيْنِ: لَوْ عَفَا عَنْ النَّفْسِ سَقَطَ الْقَوَدُ فِي الطَّرَفِ لِأَنَّ قَطْعَ السِّرَايَةِ كَانْدِمَالِهِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا: لَوْ قَطَعَ طَرَفًا ثُمَّ عَفَا إلَى الدِّيَةِ: كَانَ لَهُ تَمَامُهَا
وَإِنْ قَطَعَ مَا يُوجِبُ الدِّيَةَ ثُمَّ عَفَا: لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ قَطَعَ أَكْثَرَ مِمَّا يُوجَبُ بِهِ دِيَةٌ ثُمَّ عَفَا: فَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا زَادَ عَلَى الدِّيَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الزَّائِدُ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: الِاقْتِصَارُ عَلَى ضَرْبِ عُنُقِهِ أَفْضَلُ وَإِنْ قَطَعَ مَا قَطَعَ الْجَانِي أَوْ بَعْضَهُ ثُمَّ عَفَا مَجَّانًا: فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ عَفَا إلَى الدِّيَةِ: لَمْ يَجُزْ بَلْ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ الدِّيَةِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ سَقَطَ
قَوْلُهُ (وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا أَتَى رِوَايَةً وَاحِدَةً وَلَا قَطْعُ شَيْءٍ مِنْ أَطْرَافِهِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ) عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ (وَتَجِبُ فِيهِ دِيَتُهُ سَوَاءٌ عَفَا عَنْهُ أَوْ قَتَلَهُ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: فِيهِ دِيَتُهُ إنْ لَمْ يَسْرِ الْقَطْعُ وَجَزَمُوا بِهِ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ وَقَالُوا: أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ أَوْ يَقْتُلُهُ فَائِدَةٌ:
لَوْ قَطَعَ يَدَهُ فَقَطَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ رِجْلَ الْجَانِي فَقِيلَ: هُوَ كَقَطْعِ يَدِهِ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ دِيَةُ رِجْلِهِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْفُرُوعِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَتَلَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً فَرَضُوا بِقَتْلِهِ: قُتِلَ لَهُمْ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ سِوَاهُ وَإِنْ تَشَاحُّوا فِيمَنْ يَقْتُلُهُ مِنْهُمْ عَلَى الْكَمَالِ: أُقِيدَ لِلْأَوَّلِ) وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ هَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَالْخِرَقِيِّ وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ وَإِنْ قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً: أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ انْتَهَى وَقِيلَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ أَقْيَسُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ: يُقَادُ لِلْكُلِّ اكْتِفَاءً مَعَ الْمَعِيَّةِ وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: إذَا طَلَبُوا الْقَوَدَ فَقَدْ رَضِيَ كُلُّ وَاحِدٍ بِجُزْءٍ مِنْهُ وَأَنَّهُ قَوْلٌ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله قَالَ: وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُجْبَرَ لَهُ بَاقِي حَقِّهِ بِالدِّيَةِ وَيَتَخَرَّجُ: يُقْتَلُ بِهِمْ فَقَطْ عَلَى رِوَايَةِ وُجُوبِ الْقَوَدِ بِقَتْلِ الْعَمْدِ فَوَائِدُ
الْأُولَى: لَوْ قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَتَشَاحُّوا فِي الْمُسْتَوْفِي: أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ بِلَا نِزَاعٍ فَلَوْ بَادَرَ غَيْرُ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ فَقَتَلَهُ: اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ إلَى الدِّيَةِ
وَإِنْ قَتَلَهُمْ مُتَفَرِّقًا وَأَشْكَلَ الْأَوَّلُ وَادَّعَى وَلِيُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ الْأَوَّلُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمْ فَأَقَرَّ الْقَاتِلُ لِأَحَدِهِمْ: قُدِّمَ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ أَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ بِلَا خِلَافٍ الثَّانِيَةُ: لَوْ عَفَا الْأَوَّلُ عَنْ الْقَوَدِ: فَهَلْ يُقْرَعُ بَيْنَ الْبَاقِينَ أَوْ يُقَدَّمُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ أَوْ يُقَادُ لِلْكُلِّ؟ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ
الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ (وَإِنْ قَتَلَ وَقَطَعَ طَرَفًا: قُطِعَ طَرَفُهُ ثُمَّ قُتِلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ) بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لَا قَوَدَ حَتَّى يَنْدَمِلَ وَلَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ وَإِصْبَعَ آخَرَ: قُدِّمَ رَبُّ الْيَدِ إنْ كَانَ أَوَّلًا وَلِلْآخَرِ دِيَةُ إصْبَعِهِ وَإِنْ كَانَ آخِرًا: قُدِّمَ رَبُّ الْإِصْبَعِ ثُمَّ يُقْتَصُّ رَبُّ الْيَدِ وَفِي أَخْذِهِ دِيَةَ الْإِصْبَعِ الْخِلَافُ وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا: أَنَّ لَهُ دِيَةَ الْإِصْبَعِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ
فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَإِنْ قَطَعَ أَيْدِي جَمَاعَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَتْلِ) فِيمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ فِي تَيَمُّمِ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَاءً لِبَعْضِ بَدَنِهِ: وَلَوْ قَطَعَ يُمْنَى رِجْلَيْهِ فَقُطِعَتْ يَمِينُهُ لَهُمَا: أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ دِيَةِ الْيَدِ الْكُلُّ مِنْهُمَا فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَبَعْضِ الْمُبْدَلِ
فَائِدَةٌ:
لَوْ بَادَرَ بَعْضُهُمْ فَاقْتَصَّ بِجِنَايَتِهِ فِي النَّفْسِ أَوْ فِي الطَّرَفِ: فَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ عَلَى الْجَانِي عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَفِي كِتَابِ الْأَدَمِيِّ الْبَغْدَادِيِّ: وَيَرْجِعُ وَرَثَتُهُ عَلَى الْمُقْتَصِّ
وَقَدَّمَ الْحَلْوَانِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ وَابْنُ رَزِينٍ: يَرْجِعُ عَلَى قَاتِلِهِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْأَوَّلَ وَقِيلَ: بَلْ عَلَى قَاتِلِ الْجَانِي وَقِيلَ: إنْ سَقَطَ الْقَوَدُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ اسْتِيفَاءِ أَحَدِهِمْ: فَعَلَى الْجَانِي وَإِنْ سَقَطَ لِلشَّرِكَةِ: فَعَلَى الْمُسْتَوْفَى وَتَقَدَّمَ إذَا اسْتَوْفَى بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ الْقِصَاصَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شُرَكَائِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْبَابِ حَيْثُ قَالَ " وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ اسْتِيفَاؤُهُ "