الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ اسْتِبْرَاءِ الْإِمَاءِ]
ِ قَوْلُهُ (وَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ. أَحَدُهَا: إذَا مَلَكَ أَمَةً لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ قُبْلَةٍ، حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) .
هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْعُمْدَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَخْتَصُّ التَّحْرِيمُ بِمَنْ تَحِيضُ. فَيَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ وَالْوَطْءُ بِمَنْ لَا تَحِيضُ وَعَنْهُ: يَخْتَصُّ التَّحْرِيمُ بِالْوَطْءِ فَقَطْ. ذَكَرَهَا فِي الْإِرْشَادِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله فِي الْهَدْيِ. وَاحْتَجَّ بِجَوَازِ الْخَلْوَةِ وَالنَّظَرِ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ فِي جَوَازِ هَذَا نِزَاعًا. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: يَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ. وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الْمُسِنَّةِ. ذَكَرَهَا الْحَلْوَانِيُّ. وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهًا: لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِيمَا إذَا مَلَكَهَا بِإِرْثٍ. وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا كَانَ الْمَالِكُ طِفْلًا. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا مَلَكَهَا مِنْ مُكَاتَبِهِ عَلَى مَا يَأْتِي وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: جَوَازَ وَطْءِ الْبِكْرِ، وَلَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَالْأَيِسَةِ. وَإِذَا أَخْبَرَهُ صَادِقٌ: أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا، أَوْ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَ. وَيَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا مَلَكَهَا مِنْ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ، أَوْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَيَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ صَغِيرَةً.
قَوْلُهُ (إلَّا الْمَسْبِيَّةَ، هَلْ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . يَعْنِي: إذَا مَنَعْنَا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ فِي غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَحِلُّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّا، وَالشِّيرَازِيُّ. وَصَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ، وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ.
قَوْلُهُ (سَوَاءٌ مَلَكَهَا مِنْ صَغِيرٍ، أَوْ كَبِيرٍ، أَوْ رَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَالنَّظْمِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ إذَا مَلَكَهَا مِنْ طِفْلٍ أَوْ امْرَأَةٍ. قُلْت: وَهُوَ مُقْتَضَى قَوَاعِدِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رحمه الله.
فَائِدَةٌ
: لَوْ مَلَكَتْهَا امْرَأَةٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى: لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاؤُهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَعَنْهُ: يَلْزَمُهَا اسْتِبْرَاؤُهَا. كَمَا لَوْ مَلَكَهَا طِفْلٌ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا: لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ. وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَحِلُّ نِكَاحُهَا، وَلَا يَطَأُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ خَالَفَ وَعَقَدَ النِّكَاحَ لَمْ يَصِحَّ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يَصِحُّ. وَعَنْهُ: يَصِحُّ النِّكَاحُ وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ.
قَوْلُهُ (وَلَهَا نِكَاحُ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ بَائِعُهَا يَطَؤُهَا) . هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَلَهَا نِكَاحُ غَيْرِهِ. عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: وَلَهَا نِكَاحُ غَيْرِهِ، عَلَى الْأَقْيَسِ. وَقَوَّاهُ النَّاظِمُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. قُلْت: فِي النَّفْسِ مِنْ كَوْنِ هَذَا الْمَذْهَبِ بِتَقْدِيمِ هَؤُلَاءِ شَيْءٌ. فَإِنَّ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَإِنْ كَانَا قَدْ قَدَّمَاهُ، فَقَدْ صَحَّحَا غَيْرَهُ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ تَزْوِيجَ أَمَتِهِ قَبْلَ عِتْقِهَا، وَلَمْ يَكُنْ يَطَؤُهَا قَبْلَ ذَلِكَ.
فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ أَعْتَقَهَا وَأَرَادَ تَزْوِيجَهَا، وَلَمْ يَكُنْ يَطَؤُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ، وَالشَّارِحَ قَالَا: لَيْسَ لَهُ نِكَاحُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا.
قَوْلُهُ (وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، هَلْ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَهُمَا رَوِيَّتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ ابْنِ مُنَجَّا: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي: تَرْجِيحُ الْوُجُوبِ. وَهُوَ قَدْ صَحَّحَ عَدَمَهُ كَمَا حَكَيْنَاهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ.
وَالثَّانِي: يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَالشِّيرَازِيِّ، وَابْنِ الْبَنَّا، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، أَوْ عَجَزَتْ مُكَاتَبَتُهُ، أَوْ فَكَّ أَمَتَهُ مِنْ الرَّهْنِ) . حَلَّتْ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ. وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الزَّوْجَةِ، لِيَعْلَمَ هَلْ حَمَلَتْ فِي زَمَنِ الْمِلْكِ أَوْ غَيْرِهِ؟ وَأَوْجَبَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا مَلَكَ زَوْجَتَهُ لِتَجْدِيدِ الْمِلْكِ. قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ.
قَوْلُهُ (أَوْ أَسْلَمَتْ الْمَجُوسِيَّةُ أَوْ الْمُرْتَدَّةُ، أَوْ الْوَثَنِيَّةُ الَّتِي حَاضَتْ عِنْدَهُ، أَوْ اشْتَرَى مُكَاتَبُهُ ذَوَاتَ رَحِمِهِ، فَحِضْنَ عِنْدَهُ ثُمَّ عَجَزَ) . حَلَّتْ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَفِي الْأَصَحِّ: لَا يَلْزَمُهُ إنْ أَسْلَمَتْ مَجُوسِيَّةٌ، أَوْ وَثَنِيَّةٌ، أَوْ مُرْتَدَّةٌ، أَوْ رَجَعَ إلَيْهِ رَحِمُ مُكَاتَبِهِ الْمَحْرَمِ لِعَجْزِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا الْأَقْوَى. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي، فِيمَا إذَا أَسْلَمَتْ الْكَافِرَةُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ. وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَخَذَ مِنْ الْمُكَاتَبِ أَمَةً مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ بَعْدَ أَنْ حَاضَتْ عِنْدَهُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَزِمَهُ فِي الْأَصَحِّ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي. وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ وُجِدَ الِاسْتِبْرَاءُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ: أَجُزْأَهُ) . هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَهُ ابْنُ مُنَجَّا وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ. وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْكَافِي [وَغَيْرِهِ. وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْكَافِي] ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالزَّرْكَشِيِّ.
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا: وَكِيلُ الْبَائِعِ إذَا وُجِدَ الِاسْتِبْرَاءُ فِي يَدِهِ كَالْبَائِعِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ هُنَا.
الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَيُجْزِئُ اسْتِبْرَاءُ مَنْ مَلَكهَا بِشِرَاءٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، أَوْ غَنِيمَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، قَبْلَ الْقَبْضِ. وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَالْمُوصَى بِهَا، وَالْمَوْرُوثَةُ، وَالْمَغْنُومَةُ كَالْمَبِيعَةِ. زَادَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، فَقَالَ: قُلْت: وَالْمَوْهُوبَةُ. وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَعَنْهُ: تُجْزِئُ فِي الْمَوْرُوثَةِ دُونَ غَيْرِهَا.
الثَّالِثَةُ: لَوْ حَصَلَ اسْتِبْرَاءٌ زَمَنَ الْخِيَارِ. فَفِي إجْزَائِهِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيُّ. وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ الْإِجْزَاءَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: إنْ قُلْنَا " الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ الْخِيَارِ " كَفَى، وَإِلَّا فَلَا. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُصَنَّفِ.
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَمَنْ اُشْتُرِيَتْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، فَهَلْ يُجْزِئُ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا قُلْنَا بِنَقْلِ الْمِلْكِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهَا فِي النَّظْمِ. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى عَدَمَ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ بَاعَ أَمَتَهُ، ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بِفَسْخٍ، أَوْ غَيْرِهِ) كَالْإِقَالَةِ وَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ (بَعْدَ الْقَبْضِ: وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ. فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي وَالْهَادِي، وَالشَّرْحِ.
إحْدَاهُمَا: يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالشِّيرَازِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا. عَلَى الْأَصَحِّ. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
تَنْبِيهٌ:
مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْفَسْخِ حَيْثُ قُلْنَا بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي. أَمَّا إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ انْتِقَالِهِ عَنْ الْبَائِعِ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ بِفَسْخٍ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْمَجْلِسِ لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاؤُهُ قَوْلًا وَاحِدًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً، فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ: لَزِمَ اسْتِبْرَاؤُهَا) بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ. (وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ: لَمْ يَجِبْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) . اكْتِفَاءً بِالْعِدَّةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالتَّصْحِيحِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ.
فَائِدَةٌ:
مِثْلُ ذَلِكَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا: لَوْ اشْتَرَى أَمَةً مُعْتَدَّةً أَوْ مُزَوَّجَةً فَمَاتَ زَوْجُهَا. قَوْلُهُ (الثَّانِي: إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ، ثُمَّ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا: لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) . وَلَمْ يَنْعَقِدْ الْعَقْدُ. هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالنَّظْمِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَعَنْهُ: يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ. فَيَصِحُّ الْعَقْدُ، وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ. نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهَا. فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ ذَلِكَ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ.
وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ.
تَنْبِيهٌ:
خَصَّ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالنَّاظِمُ: الْخِلَافَ بِمَا إذَا كَانَتْ تَحْمِلُ. فَأَمَّا إنْ كَانَتْ آيِسَةً: لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا، قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَهُمْ. وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا: لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاؤُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَنَقَلَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ: هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا. وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا. ذَكَرَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي مُقْنِعِهِ وَاخْتَارَهَا. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إنْ كَانَتْ الْبَالِغَةُ امْرَأَةً قَالَ: لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، وَمَا يُؤْمَنُ أَنْ تَكُونَ قَدْ جَاءَتْ بِحَمْلٍ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: إنْ اشْتَرَاهَا. ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ: لَمْ يَسْقُطْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ.
قَوْلُهُ (الثَّالِثُ: إذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ، أَوْ أَمَةً كَانَ يُصِيبُهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا: لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءُ نَفْسِهَا) بِلَا نِزَاعٍ (إلَّا أَنْ تَكُونَ مُزَوَّجَةً، أَوْ مُعْتَدَّةً. فَلَا يَلْزَمُهَا اسْتِبْرَاءٌ) . وَكَذَا لَوْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا أَوْ اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ وَطْئِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا، أَوْ بَاعَهَا فَأَعْتَقَهَا مُشْتَرٍ قَبْلَ وَطْئِهِ بِلَا نِزَاعٍ فِي ذَلِكَ. وَإِنْ أَبَانَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ مَاتَ فَاعْتَدَّتْ، ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ، فَلَا
اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ يَطَأْ. لِزَوَالِ فِرَاشِهِ بِتَزْوِيجِهَا كَأَمَةٍ لَمْ يَطَأْهَا. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَسِنْدِيٌّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وُجُوبَهُ لِعَوْدِ فِرَاشِهِ. وَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ فَأَعْتَقَهَا مُشْتَرٍ قَبْلَ وَطْءٍ وَاسْتِبْرَاءٍ: اسْتَبْرَأَتْ، أَوْ تَمَّمَتْ مَا وُجِدَ عِنْدَ مُشْتَرٍ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَإِنْ مَاتَ زَوْجُهَا، وَسَيِّدُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا، وَبَيْنَ مَوْتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ: لَزِمَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ حَسْبُ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ جُهِلَتْ الْمُدَّةُ: لَزِمَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا أَطْوَلُ الْأَمْرَيْنِ: مِنْ عِدَّةِ الْحُرَّةِ، أَوْ الِاسْتِبْرَاءِ) . وَلَا تَرِثُ الزَّوْجَ. هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهَا سِوَى عِدَّةِ حُرَّةٍ لِلْوَفَاةِ فَقَطْ مُطْلَقًا.
فَائِدَةٌ:
لَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَهَا عَلَى وَارِثٍ بِوَطْءِ مَوْرُوثِهِ فَفِي تَصْدِيقِهَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ. لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ.
وَالثَّانِي: لَا تُصَدَّقُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي وَطْءِ أَمَةٍ: لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءَانِ) .
هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: يَكْفِي اسْتِبْرَاءٌ وَاحِدٌ. اخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ اللِّعَانِ " إذَا اشْتَرَكَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي وَطْئِهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ: هَلْ يَكُونُ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي، أَوْ يَكُونُ لِلْبَائِعِ؟ " وَتَفَاصِيلُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَالِاسْتِبْرَاءُ يَحْصُلُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ إنْ كَانَتْ حَامِلًا) . بِلَا نِزَاعٍ.
وَقَوْلُهُ (أَوْ بِحَيْضَةٍ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ) . هُوَ الْمَذْهَبُ، سَوَاءٌ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ غَيْرَهَا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَذَكَرَ فِي الْوَاضِحِ رِوَايَةً: تَعْتَدُّ أُمُّ الْوَلَدِ بِعِتْقِهَا أَوْ بِمَوْتِهِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ سَهْوٌ. وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ رِوَايَةً: تَعْتَدُّ أُمُّ الْوَلَدِ بِعِتْقِهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ. وَعَنْهُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا اعْتَدَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً ثَالِثَةً: أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ. كَعِدَّةِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لِلْوَفَاةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي الْجَامِعِ. وَلَا أَظُنُّهَا صَحِيحَةً عَنْهُ. قُلْت: قَدْ أَثْبَتَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ.
قَوْلُهُ (أَوْ بِمُضِيِّ شَهْرٍ إنْ كَانَتْ آيِسَةً، أَوْ صَغِيرَةً) . وَكَذَا لَوْ بَلَغَتْ وَلَمْ تَحِضْ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ. نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالزَّرْكَشِيُّ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهِيَ أَظْهَرُ. وَعَنْهُ: بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ. نَقَلَهَا حَنْبَلٌ. وَعَنْهُ: بِشَهْرَيْنِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي كَعِدَّةِ الْأَمَةِ الْمُطَلَّقَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَمْ أَرَ لِذَلِكَ وَجْهًا. وَلَوْ كَانَ اسْتِبْرَاؤُهَا بِشَهْرَيْنِ لَكَانَ اسْتِبْرَاءُ ذَاتِ الْقُرْءِ بِقُرْأَيْنِ، وَلَمْ نَعْلَمْ بِهِ قَائِلًا.
فَائِدَةٌ:
تُصَدَّقُ فِي الْحَيْضِ. فَلَوْ أَنْكَرَتْهُ، فَقَالَ: أَخْبَرْتنِي بِهِ، فَوَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: يُصَدَّقُ هُوَ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
وَالثَّانِي: تُصَدَّقُ هِيَ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيه: وَهُوَ أَظْهَرُ إلَّا فِي وَطْئِهِ أُخْتَهَا بِنِكَاحٍ، أَوْ مِلْكٍ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ: فَبِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ نَصَّ عَلَيْهِ) . تِسْعَةٌ لِلْحَمْلِ وَشَهْرٌ لِلِاسْتِبْرَاءِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ.
وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: تُسْتَبْرَأُ بِأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا. وَعَنْهُ: بِسَنَةٍ. وَعَنْهُ: بِعَشَرَةٍ وَنِصْفٍ. فَالزَّائِدُ عَنْ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ: مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي عِدَّتِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَإِنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا: فَكَعِدَّةٍ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَوْ عَلِمَتْ مَا رَفَعَ حَيْضَهَا: انْتَظَرَتْهُ حَتَّى يَجِيءَ، فَتَسْتَبْرِئَ بِهِ، أَوْ تَصِيرَ مِنْ الْآيِسَاتِ، فَتَعْتَدَّ بِالشُّهُورِ كَالْمُعْتَدَّةِ.
الثَّانِيَةُ: يَحْرُمُ الْوَطْءُ فِي الِاسْتِيرَاءِ. فَإِنْ فَعَلَ: لَمْ يَنْقَطِعْ الِاسْتِبْرَاءُ. وَإِنْ أَحْبَلَهَا قَبْلَ الْحَيْضَةِ: اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ. وَإِنْ أَحْبَلَهَا فِي الْحَيْضَةِ: حَلَّتْ فِي الْحَالِ لِجَعْلِ مَا مَضَى حَيْضَةً. وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: مَنْ وَطِئَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ يُعْجِبُنِي أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا حَيْضَةً. وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ اسْتِبْرَاءُ الزَّوْجَةِ، لِأَنَّ لَهُ نَفْيَ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ. ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَنْثُورِ: أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ ذَكَرَهُ لَهُ الشَّاشِيُّ. وَقَدْ بَعَثَنِي شَيْخُنَا لِأَسْأَلهُ عَنْ ذَلِكَ.