الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الْعِدَدِ]
ِ قَوْلُهُ (كُلُّ امْرَأَةٍ فَارَقَهَا زَوْجُهَا فِي الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالْخَلْوَةِ: فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا) بِلَا نِزَاعٍ.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ خَلَا بِهَا وَهِيَ مُطَاوَعَةٌ، فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، سَوَاءٌ كَانَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ، كَالْإِحْرَامِ، وَالصِّيَامِ، وَالْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ، وَالْمَرَضِ، وَالْجَبِّ، وَالْعُنَّةِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقٌ بِشَرْطِهِ الْآتِي. سَوَاءٌ كَانَ الْمَانِعُ شَرْعِيًّا أَوْ حِسِّيًّا. كَمَا مَثَّلَهُ الْمُصَنِّفُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَاخْتَارَ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: لَا عِدَّةَ بِخَلْوَةٍ مُطْلَقًا. وَعَنْهُ: لَا عِدَّةَ بِخَلْوَةٍ مَعَ وُجُودِ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ، كَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالِاعْتِكَافِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَخَرَّجُ فِي عِدَّةٍ بِخَلْوَةٍ كَصَدَاقٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَحْكَامُ اسْتِقْرَارِ الصَّدَاقِ كَامِلًا بِالْخَلْوَةِ فِي الْفَوَائِدِ فِي " كِتَابِ الصَّدَاقِ " بَعْدَ قَوْلِهِ " وَلَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا لَاسْتَقَرَّ مَهْرُهَا ".
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا عِدَّةَ بِخَلْوَةٍ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. بَلْ بِالْوَطْءِ كَالنِّكَاحِ الْبَاطِلِ إجْمَاعًا. وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ أَيْضًا: لَا عِدَّةَ بِالْمَوْتِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. وَيَأْتِي هَذَا قَرِيبًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا مَاتَ عَنْ امْرَأَةٍ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ.
فَائِدَةٌ:
لَا عِدَّةَ بِتَحَمُّلِ الْمَرْأَةِ بِمَاءِ الرَّجُلِ، وَلَا بِالْقُبْلَةِ، وَلَا بِاللَّمْسِ مِنْ غَيْرِ
خَلْوَةٍ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُمَا. وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيه. وَقِيلَ: تَجِبُ الْعِدَّةُ بِذَلِكَ. وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، فِيمَا إذَا تَحَمَّلَتْ بِالْمَاءِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ تَحَمَّلَتْ بِمَاءِ رَجُلٍ وَقِيلَ: أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ لَمَسَهَا بِلَا خَلْوَةٍ فَوَجْهَانِ. ثُمَّ قَالَ: قُلْت: إنْ كَانَ مَاءُ زَوْجِهَا اعْتَدَّتْ. وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ لَا يَعْلَمَ بِهَا كَالْأَعْمَى وَالطِّفْلِ، فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا) وَكَذَا لَوْ كَانَتْ طِفْلَةً. وَضَابِطُ ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ الطِّفْلُ مِمَّنْ لَا يُولَدُ لَهُ. وَالطِّفْلَةُ مِمَّنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ قَوْلِهِ إحْدَاهُنَّ {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] . أَنَّهَا لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إلَّا بِوَضْعِ جَمِيعِ مَا فِي بَطْنِهَا. وَهُوَ صَحِيحٌ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، لِبَقَاءِ تَبَعِيَّتِهِ لِلْأُمِّ فِي الْأَحْكَامِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَغُسْلُهَا مِنْ نِفَاسِهَا إنْ اُعْتُبِرَ غُسْلُهَا مِنْ حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ. وَعَنْهُ: تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ. وَذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ الْأَزَجِيُّ بِأَنَّ أَوَّلَ النِّفَاسِ: مِنْ الْأَوَّلِ. وَآخِرَهُ: مِنْهُ بِأَنَّ أَحْكَامَ الْوِلَادَةِ تَتَعَلَّقُ بِأَحَدِ الْوَلَدَيْنِ. لِأَنَّ انْقِطَاعَ الرَّجْعَةِ وَانْقِضَاءَ الْعِدَّةِ تَعَلُّقٌ بِأَحَدِهِمَا لَا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. كَذَلِكَ مُدَّةُ النِّفَاسِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ.
وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي " بَابِ الرَّجْعَةِ " بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَإِنْ طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَمَّا تَغْتَسِلْ ".
قَوْلُهُ (وَالْحَمْلُ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ: مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ) . اعْلَمْ أَنَّ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ مِنْ الْحَمْلِ: هُوَ مَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ " بَابِ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ " فَمَا حَكَمْنَا هُنَاكَ بِأَنَّهَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ نَحْكُمُ هُنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ. وَمَا نَحْكُمُ هُنَاكَ بِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ نَحْكُمُ هُنَا بِعَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِهِ. هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ هُنَا بِالْمُضْغَةِ، وَإِنْ صَارَتْ بِهَا هُنَاكَ أُمَّ وَلَدٍ. نَقَلَهَا الْأَثْرَمُ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ وَضَعَتْ مُضْغَةً لَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرَ ثِقَاتٌ مِنْ النِّسَاءِ: أَنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ، فَهَلْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ.
إحْدَاهُمَا: لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي. وَقَالَ: هَذَا الْمَنْصُوصُ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ أَلْقَتْ مُضْغَةً لَمْ تَتَبَيَّنْ فِيهَا الْخِلْقَةُ، فَشَهِدَ ثِقَاتٌ مِنْ الْقَوَابِلِ: أَنَّ فِيهَا صُورَةً خَفِيَّةً بَانَ بِهَا أَنَّهَا خِلْقَةُ آدَمِيٍّ: انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ.
تَنْبِيهٌ:
مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهَا لَوْ وَضَعَتْ مُضْغَةً لَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ: أَنَّهَا لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ. فَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ مِنْ ذَلِكَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِهِ، وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ. وَأَمَّا إذَا أَلْقَتْ نُطْفَةً أَوْ دَمًا أَوْ عَلَقَةً: فَإِنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي بِهِ، قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَأَجْرَى الْقَاضِي الْخِلَافَ فِي الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ الَّتِي لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهَا مَبْدَأُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ كَامْرَأَةِ الطِّفْلِ، وَكَذَا الْمُطَلَّقَةُ عَقِبَ الْعَقْدِ وَنَحْوِهِ: لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِهِ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. وَفِيهِ بُعْدٌ. وَتَابَعَ أَبَا الْخَطَّابِ عَلَى قَوْلِ ذَلِكَ. وَتَابَعَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا. وَعَنْهُ: تَنْقَضِي بِهِ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ امْرَأَةِ الطِّفْلِ، لِلُحُوقِهِ بِاسْتِلْحَاقِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَأَظُنُّ هَذَا اخْتِيَارَ الْقَاضِي. وَقَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: إنْ أَتَتْ بِهِ امْرَأَةٌ بَائِنٌ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ: انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، كَالْمُلَاعِنَةِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا.
وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ: فَإِنْ وَضَعَتْ وَلَدًا بَعْدَ مُدَّةِ أَكْثَرِ الْحَمْلِ: لَمْ يَلْحَقْ الزَّوْجَ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا. وَهَلْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَالْمَذْهَبُ: أَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي بِذَلِكَ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ.
قَوْلُهُ (وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقِيلَ: أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَانِ.
قَوْلُهُ (وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعُ سِنِينَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: سَنَتَانِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَشَرْحِهِ. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا قَبْلَ ذَلِكَ " إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ، هَلْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ أَمْ لَا؟ "
قَوْلُهُ (وَأَقَلُّ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الْوَلَدُ: أَحَدٌ وَثَمَانُونَ يَوْمًا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ.
وَقِيلَ: بَلْ ثَمَانُونَ وَلَحْظَتَانِ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَهُوَ إذَنْ مُضْغَةٌ غَيْرُ مُصَوَّرَةٍ. وَيُصَوَّرُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: وَلَحْظَتَيْنِ. وَقِيلَ: بَلْ وَسَاعَتَيْنِ. ذَكَرَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ.
تَنْبِيهٌ:
قَوْلُهُ (الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا) . يَعْنِي: غَيْرَ الْحَامِلِ مِنْهُ قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ عِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، إنْ كَانَتْ حَرَّةً. وَشَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ، إنْ كَانَتْ أَمَةً. يَعْنِي: عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا. فَتَكُونُ: عَشْرَ لَيَالٍ وَخَمْسَ لَيَالٍ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: عِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ. وَكَذَا نَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ: الْيَوْمُ مُقَدَّمٌ قَبْلَ اللَّيْلَةِ، لَا يُجْزِئُهَا إلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةً.
فَائِدَةٌ:
مَنْ نِصْفُهَا حُرٌّ: عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ مَاتَ زَوْجُ الرَّجْعِيَّةِ: اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ مِنْ حِينِ مَوْتِهِ، وَسَقَطَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: تَعْتَدُّ بِأَطْوَلِهِمَا. قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَهُ عَنْ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَهُوَ بَعِيدٌ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَوْ قُتِلَ الْمُرْتَدُّ فِي عِدَّةِ امْرَأَتِهِ: فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ. لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ تَلَافِي النِّكَاحَ بِالْإِسْلَامِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ أَسْلَمَتْ امْرَأَةُ كَافِرٍ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ: فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ فِي قِيَاسِ الَّتِي قَبْلَهَا. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله.
قَوْلُهُ (وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الصِّحَّةِ طَلَاقًا بَائِنًا، ثُمَّ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا: لَمْ تَنْتَقِلْ عَنْ عِدَّتِهَا) بِلَا نِزَاعٍ (وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: اعْتَدَّتْ أَطْوَلَ الْأَجَلَيْنِ، مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَوَّاهُ النَّاظِمُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ لَا غَيْرُ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ: تَعْتَدُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ لَا غَيْرُ. ذَكَرَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمُجَرَّدِ. تَنْبِيهٌ:
مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ تَرِثُهُ. فَأَمَّا الْأَمَةُ، وَالذِّمِّيَّةُ: فَلَا يَلْزَمُهُمَا غَيْرُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، قَوْلًا وَاحِدًا.
فَوَائِدُ
إحْدَاهَا: لَوْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ، أَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْبَائِنِ: فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهِمَا لِلْوَفَاةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ إنْ وَرِثَتْ مِنْهُ. اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ طَلَّقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ مَاتَ: لَزِمَهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ. جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. وَهُوَ مِنْهَا. وَهِيَ بَعْضُ مَا قَبْلَهَا فِيمَا يَظْهَرُ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ طَلَّقَ بَعْضَ نِسَائِهِ مُبْهَمَةً، أَوْ مُعَيَّنَةً، ثُمَّ أُنْسِيَهَا، ثُمَّ مَاتَ: اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ لِلْأَطْوَلِ مِنْهُمَا مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا. قَالَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ ارْتَابَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِظُهُورِ أَمَارَاتِ الْحَمْلِ مِنْ الْحَرَكَةِ وَانْتِفَاخِ الْبَطْنِ، وَانْقِطَاعِ الْحَيْضِ قَبْلَ أَنْ تُنْكَحَ: لَمْ تَزَلْ فِي عِدَّةٍ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ) بِلَا نِزَاعٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ زَوَالِهَا: لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ) . يَعْنِي: إذَا تَزَوَّجَتْ الْمُرْتَابَةُ قَبْلَ زَوَالِ الرِّيبَةِ: لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ مُطْلَقًا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. وَقِيلَ: يَصِحُّ إذَا كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ ظَهَرَ بِهَا ذَلِكَ بَعْدَ نِكَاحِهَا: لَمْ يَفْسُدْ) . إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَمْ يَفْسُدْ قَوْلًا وَاحِدًا. لَكِنْ لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ. قَالَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا.
وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الْعَقْدِ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَفْسُدُ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: فِيهَا وَجْهَانِ، كَالَّتِي بَعْدَهَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوْ ظَهَرَ بِهَا أَمَارَاتُ الْحَمْلِ قَبْلَ نِكَاحِهَا وَبَعْدَ شُهُورِ الْعِدَّةِ: أَنَّ نِكَاحَهَا فَاسِدٌ بَعْدَ ذَلِكَ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَالْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي:
يَحِلُّ لَهَا النِّكَاحُ وَيَصِحُّ. لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَحِلِّ النِّكَاحِ، وَسُقُوطِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى، فَلَا يَزُولُ مَا حَكَمْنَا بِهِ بِالشَّكِّ الطَّارِئِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ: تَبَيَّنَّا فَسَادَ الْعَقْدِ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ (وَإِذَا)(مَاتَ عَنْ امْرَأَةٍ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ) . كَالنِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِلْوَفَاةِ كَذَلِكَ. وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ مُجْمَعًا عَلَى بُطْلَانِهِ: لَمْ تَعْتَدَّ لِلْوَفَاةِ مِنْ أَجْلِهِ وَجْهًا وَاحِدًا قَوْلُهُ (الثَّالِثُ: ذَاتُ الْقُرْءِ الَّتِي فَارَقَهَا فِي الْحَيَاةِ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا، وَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، إنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَقُرْآنِ إنْ كَانَتْ أَمَةً) .
هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِي بَقِيَّةِ الْفُسُوخِ. وَأَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ.
فَائِدَةٌ:
الْمُعْتَقُ بَعْضُهَا كَالْحُرَّةِ. قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
قَوْلُهُ (وَالْقُرْءُ الْحَيْضُ: فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) . وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْقَاضِي: الصَّحِيحُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْحِيَضُ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْحَابُنَا. وَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ بِالْأَطْهَارِ. فَقَالَ فِي رِوَايَةِ النَّيْسَابُورِيِّ " كُنْت أَقُولُ: إنَّهُ الْأَطْهَارُ، وَأَنَا أَذْهَبُ الْيَوْمَ إلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْحَيْضُ ". وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ " كُنْت أَقُولُ: الْأَطْهَارُ. ثُمَّ وُفِّقَتْ لِقَوْلِ الْأَكَابِرِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ:
الْقُرُوءُ الْأَطْهَارُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رَجَعَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله إلَى أَنَّ الْقُرُوءَ الْأَطْهَارُ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ " رَأَيْت الْأَحَادِيثَ عَمَّنْ قَالَ " الْقُرْءُ الْحَيْضُ " مُخْتَلِفَةٌ، وَالْأَحَادِيثُ عَمَّنْ قَالَ " إنَّهُ أَحَقُّ بِهَا حَتَّى تَدْخُلَ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ " أَحَادِيثُهَا صِحَاحٌ قَوِيَّةٌ ". فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا تَعْتَدُّ بِالْحَيْضَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا، بِلَا نِزَاعٍ. وَكَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَأَحْرَى.
وَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ: حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ:
لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ حَتَّى تَغْسِلَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هِيَ أَنَصُّهُمَا عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَاخْتِيَارُ أَصْحَابِهِ، الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ، وَالشِّيرَازِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَالْمُذْهَبِ، وَغَيْرِهِمَا: قَالَ أَصْحَابُنَا: لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ ارْتِجَاعُهَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: لَا تَحِلُّ حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي " بَابِ الرَّجْعَةِ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ " وَإِنْ طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَلَمَّا تَغْتَسِلْ، فَهَلْ لَهُ رَجْعَتُهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ".
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ إذَا فَرَّطَتْ فِي الْغُسْلِ سِنِينَ حَتَّى قَالَ بِهِ شَرِيكُ الْقَاضِي عِشْرِينَ سَنَةً. وَذَكَرَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله فِي الْهَدْيِ إحْدَى الرِّوَايَات. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَمَاعَةٍ: أَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي مَا لَمْ تَغْتَسِلْ، وَإِنْ فَرَّطَتْ فِي الِاغْتِسَالِ مُدَّةً طَوِيلَةً. وَقَدْ قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: فَإِنْ أَخَّرَتْ الْغُسْلَ مُتَعَمِّدَةً، فَيَنْبَغِي إنْ كَانَ الْغُسْلُ مِنْ أَقْرَائِهَا أَنْ لَا تَبِينَ وَإِنْ أَخَّرَتْهُ؟ قَالَ: هَكَذَا كَانَ يَقُولُ شَرِيكٌ.
وَظَاهِرُ هَذَا: أَنَّهُ أَخَذَ بِهِ. انْتَهَى. وَعَنْهُ: تَحِلُّ بِمُضِيِّ وَقْتِ صَلَاةٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. كَمَا تَقَدَّمَ. وَتَقَدَّمَ كُلُّ ذَلِكَ فِي " بَابِ الرَّجْعَةِ ". وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ كَقَطْعِ الْإِرْثِ، وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَاللِّعَانِ، وَالنَّفَقَةِ، وَغَيْرِهَا فَتَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَجَعَلَهَا ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى الْخِلَافِ. انْتَهَى.
وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَيْضًا هُنَاكَ. وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ الْقُرُوءَ الْأَطْهَارُ: فَتَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ قُرْءًا. ثُمَّ إذَا طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ [وَالْأَمَةُ إذَا طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ] حَلَّتْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهِمَا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا تَحِلُّ إلَّا بِمُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. فَعَلَى هَذَا: لَيْسَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ مِنْ الْعِدَّةِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا. وَقِيلَ: مِنْهَا. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (الرَّابِعُ: اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ. فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إنْ كُنَّ حَرَائِرَ، وَإِنْ كُنَّ إمَاءً فَشَهْرَانِ) . يَعْنِي يَكُونُ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ حِينِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِمَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يُعْتَدُّ بِهِ إلَّا مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كُنَّ إمَاءً: فَشَهْرَانِ) هَذَا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ: أَنَّ عِدَتَهُنَّ شَهْرَانِ. وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ، وَالْوَجِيزُ، وَالْمُنَوِّرُ، وَالْمُنْتَخَبُ، وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَأَبُو بَكْرٍ فِيمَا حَكَاهُ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَعَنْهُ شَهْرٌ وَنِصْفٌ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَعَنْهُ: شَهْرٌ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَفِيهِ نَظَرٌ.
قَوْلُهُ (وَعِدَّةُ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا: بِالْحِسَابِ مِنْ عِدَّةِ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ) . عَلَى الرِّوَايَاتِ فِي الْأَمَةِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّهَا كَحُرَّةٍ.
قَوْلُهُ (وَحَدُّ الْإِيَاسِ: خَمْسُونَ سَنَةً) .
هَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ فِي بَابِ الْحَيْضِ. وَقَدَّمُوهُ هُنَا. وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا فِي بَابِ الْحَيْضِ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ. وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا فِي نَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ هُنَا فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ هُنَا: وَهِيَ بِنْتُ خَمْسِينَ سَنَةً عَلَى الْأَظْهَرِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ فِي بَابِ الْحَيْضِ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: هَذَا اخْتِيَارُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِي بَابِ الْحَيْضِ هَذَا أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَنْهُ: أَنَّ ذَلِكَ حَدُّهُ فِي نِسَاءِ الْعَجَمِ. وَحَدُّهُ فِي نِسَاءِ الْعَرَبِ: سِتُّونَ سَنَةً. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَعَنْهُ إنْ كَانَتْ مِنْ الْعَجَمِ وَالنَّبَطِ: فَإِلَى الْخَمْسِينَ، وَالْعَرَبُ إلَى السِّتِّينَ. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: النَّبَطِ وَنَحْوِهِمْ، وَالْعَرَبِ وَنَحْوِهِمْ. وَعَنْهُ: حَدُّهُ سِتُّونَ سَنَةً مُطْلَقًا. جَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ، وَالْإِيضَاحِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَعُمْدَةِ الْمُصَنِّفِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَالتَّسْهِيلِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ وَالْقَاضِي. وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ، وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: بَعْدَ الْخَمْسِينَ حَيْضٌ إنْ تَكَرَّرَ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي.
قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَتَى بَلَغَتْ خَمْسِينَ سَنَةً فَانْقَطَعَ حَيْضُهَا عَنْ عَادَتِهَا مَرَّاتٌ لِغَيْرِ سَبَبٍ: فَقَدْ صَارَتْ آيِسَةً. وَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ عَلَى الْعَادَةِ الَّتِي كَانَتْ تَرَاهُ فِيهَا: فَهُوَ حَيْضٌ فِي الصَّحِيحِ. لِأَنَّ دَلِيلَ الْحَيْضِ الْوُجُودُ فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ. وَهَذَا يُمْكِنُ وُجُودُ الْحَيْضِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ نَادِرًا. انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ. وَعَنْهُ: بَعْدَ الْخَمْسِينَ مَشْكُوكٌ فِيهِ. فَتَصُومُ وَتُصَلِّي. اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَنَاظِمُهُ. قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ. وَاخْتَارَهَا الْخَلَّالُ. فَعَلَيْهَا تَصُومُ وُجُوبًا. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ. وَعَنْهُ: اسْتِحْبَابًا. ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِ سِنِّ الْحَيْضِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْحَيْضِ. فَلِلْمُصَنِّفِ رحمه الله فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ اخْتِيَارَاتٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ فِي عِدَّتِهَا: انْتَقَلَتْ إلَى الْقُرْءِ وَيَلْزَمُهَا إكْمَالُهَا. وَهَلْ يُحْسَبُ مَا قَبْلَ الْحَيْضِ قُرْءٌ، إذَا قُلْنَا: الْقُرْءُ الْأَطْهَارُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيُّ.
أَحَدُهُمَا: لَا يُحْسَبُ قُرْءٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: وَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ ابْتَدَأَتْ. قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَتَبْدَأُ حَائِضٌ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ.
فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا قُلْنَا. لِأَنَّ عِنْدَ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْقُرْءَ الْحَيْضُ. قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: وَالطُّهْرُ الْمَاضِي غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِهِ فِي وَجْهٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُحْسَبُ قُرْءًا. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ يَئِسَتْ ذَاتُ الْقُرْءِ فِي عِدَّتِهَا: انْتَقَلَتْ إلَى عِدَّةِ الْآيِسَاتِ. وَإِنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ الرَّجْعِيَّةُ فِي عِدَّتِهَا بَنَتْ عَلَى عِدَّةِ حَرَّةٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا: بَنَتْ عَلَى عِدَّةِ أَمَةٍ) بِلَا نِزَاعٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
قَوْلُهُ (الْخَامِسُ: مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا، لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ: اعْتَدَّتْ سَنَةً. تِسْعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحَمْلِ، وَثَلَاثَةٌ لِلْعِدَّةِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْخِرَقِيِّ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: تَعْتَدُّ لِلْحَمْلِ أَكْثَرَ مُدَّتِهِ. وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَعْتَدَّ لِلْحَمْلِ أَرْبَعَ سِنِينَ. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ.
فَائِدَةٌ:
لَا تَنْتَقِضُ عِدَّتُهَا بِعَوْدِ الْحَيْضِ بَعْدَ السَّنَةِ وَقَبْلَ الْعَقْدِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ إلَى الْحَيْضِ لِلْحُكْمِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: تَنْتَقِضُ، فَتَنْتَقِلُ إلَى الْحَيْضِ. جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ.
تَنْبِيهٌ:
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً: اعْتَدَّتْ بِأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا) . هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ الَّتِي يَئِسَتْ مِنْ الْحَيْضِ، أَوْ لَمْ تَحِضْ: شَهْرَانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ قُلْنَا: عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ كَالْحُرَّةِ. وَإِنْ قُلْنَا: عِدَّتُهَا شَهْرٌ وَنِصْفٌ، فَتَعْتَدُّ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ. وَإِنْ قُلْنَا: عِدَّتُهَا شَهْرٌ، فَبِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ. وَهَذَا الْأَخِيرُ جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. وَهُوَ مِنْهَا.
قَوْلُهُ (وَعِدَّةُ الْجَارِيَةِ الَّتِي أَدْرَكَتْ وَلَمْ تَحِضْ، وَالْمُسْتَحَاضَةُ النَّاسِيَةُ: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) . عِدَّةُ الْجَارِيَةِ الْحَرَّةِ الَّتِي أَدْرَكَتْ وَلَمْ تَحِضْ: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. وَالْأَمَةُ شَهْرَانِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ كَالْآيِسَةِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عِدَّتُهَا كَعِدَّةِ مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهَا الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ، الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ، وَابْنُ الْبَنَّا. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ نَقَلَهَا أَبُو طَالِبٍ. لَكِنْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ. خَالَفَ أَبُو طَالِبٍ أَصْحَابَهُ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ عِدَّةَ الْمُسْتَحَاضَةِ النَّاسِيَةِ لِوَقْتِهَا، وَالْمُبْتَدَأَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ كَالْآيِسَةِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: تَعْتَدُّ سَنَةً كَمَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ. وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ النَّاسِيَةِ. وَهُوَ مِنْهَا. وَقَالَ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: الْمُسْتَحَاضَةُ النَّاسِيَةُ لِوَقْتِ حَيْضِهَا تَعْتَدُّ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ كَانَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ لَهَا عَادَةٌ أَوْ تَمْيِيزٌ، فَإِنَّهَا تَعْمَلُ بِذَلِكَ. وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ لَهَا حَيْضَةً فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ، أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَقْتَهَا، فَعِدَّتُهَا: ثَلَاثَةُ أَمْثَالِ ذَلِكَ. نُصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ.
قَوْلُهُ (فَأَمَّا الَّتِي عَرَفَتْ مَا رَفَعَ الْحَيْضَ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ رَضَاعٍ، وَنَحْوِهِ فَلَا تَزَالُ فِي عِدَّةٍ حَتَّى يَعُودَ الْحَيْضُ فَتَعْتَدَّ بِهِ، إلَّا أَنْ تَصِيرَ آيِسَةً فَتَعْتَدَّ عِدَّةَ آيِسَةٍ حِينَئِذٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَأَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ مَنْصُورٍ، وَالْأَثْرَمِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: تَنْتَظِرُ زَوَالَهُ. ثُمَّ إنْ حَاضَتْ اعْتَدَّتْ بِهِ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِسَنَةٍ. ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه، وَمَنْ تَابَعَهُ مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه. وَهُوَ ظَاهِرُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالْكَافِي. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ، أَوْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا، أَوْ صَغِيرَةً: فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِي أَمَةٍ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لِعَارِضٍ تُسْتَبْرَأُ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحَمْلِ وَشَهْرٍ لِلْحَيْضِ.
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: إنْ عَلِمَتْ عَدَمَ عَوْدِهِ فَكَآيِسَةٍ، وَإِلَّا اعْتَدَّتْ سَنَةً.
قَوْلُهُ (السَّادِسَةُ: امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا الْهَلَاكُ، كَاَلَّذِي يُفْقَدُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ، أَوْ فِي مَفَازَةٍ، أَوْ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ إذَا قُتِلَ قَوْمٌ، أَوْ مَنْ غَرِقَ مَرْكَبُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَإِنَّهَا تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا فِي مِقْدَارِ تَرَبُّصِ الْمَرْأَةِ، ثُمَّ اعْتِدَادِهَا فِيمَا ظَاهِرُهُ الْهَلَاكُ كَالْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي " بَابِ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ " فِيمَا ظَاهِرُهُ الْهَلَاكُ حُكْمًا وَمَذْهَبًا. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. فَلْيُعَاوَدْ ذَلِكَ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: تَرَبُّصُ الْأَمَةِ كَالْحُرَّةِ فِي ذَلِكَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْقَاضِي: تَتَرَبَّصُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ. وَرَوَاهُ أَبُو طَالِبٍ، وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا.
الثَّانِيَةُ: هَلْ تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ. أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا تَجِبُ. وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي الْإِقْنَاعِ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي. لِأَنَّهُ حُكِمَ بِوَفَاتِهِ بَعْدَ مُدَّةِ الِانْتِظَارِ. فَصَارَتْ مُعْتَدَّةً لِلْوَفَاةِ.
وَالثَّانِي: يَجِبُ. قَالَهُ الْقَاضِي. لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَسْقُطُ إلَّا بِيَقِينِ الْمَوْتِ وَلَمْ يُوجَدْ
هُنَا. وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي، وَزَادَ: أَنَّ نَفَقَتَهَا لَا تَسْقُطُ بَعْدَ الْعِدَّةِ. لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى نِكَاحِهِ، مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا. قُلْت: فَعَلَى الثَّانِي يُعَايَى بِهَا.
قَوْلُهُ (وَهَلْ يَفْتَقِرُ إلَى رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ لِيَحْكُمَ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ، وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ.
إحْدَاهُمَا: يَفْتَقِرُ إلَى ذَلِكَ. فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ ضَرَبَهَا الْحَاكِمُ لَهَا كَمُدَّةِ الْعُنَّةِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَفْتَقِرُ إلَى ذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: لَا يُعْتَبَرُ الْحَاكِمُ عَلَى الْأَصَحِّ. فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعِدَّةُ تَزَوَّجَتْ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ. وَعَدَمُ افْتِقَارِ ضَرْبِ الْمُدَّةِ إلَى الْحَاكِمِ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَلِيُّ زَوْجِهَا بَعْدَ اعْتِدَادِهَا لِلْوَفَاةِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا. وَهُوَ الصَّوَابُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يُعْتَبَرُ فَسْخُ النِّكَاحِ عَلَى الْأَصَحِّ. كَضَرْبِ الْمُدَّةِ. انْتَهَى.
وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ طَلَاقُ وَلِيِّهِ بَعْدَ اعْتِدَادِهَا لِلْوَفَاةِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ طَلَاقِ الْوَلِيِّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْفُرْقَةِ: نَفَذَ حُكْمُهُ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ. فَلَوْ طَلَّقَ الْأَوَّلُ: صَحَّ طَلَاقُهُ) . لِبَقَاءِ نِكَاحِهِ. وَكَذَا لَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا: صَحَّ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَنْفُذَ حُكْمُهُ بَاطِنًا. فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ. وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَلَا ظِهَارُهُ وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. وَذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةً. قُلْت: قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي آخِرِ " بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ " رِوَايَةً ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ فِي الْبَاطِنِ مِنْ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الْقِيَاسُ أَنَّا إذَا حَكَمْنَا بِالْفُرْقَةِ نَفَذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ الْإِرْثُ عَلَى الْخِلَافِ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ قَبْلَ الزَّمَانِ الْمُعْتَبَرِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا الْعِدَّةُ: فَفِي صِحَّةِ النِّكَاحِ قَوْلَانِ. ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي. الصَّحِيحُ مِنْهُمَا: عَدَمُ الصِّحَّةِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ.
وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ بَانَ مَوْتُهُ وَقْتَ الْفُرْقَةِ، وَلَمْ يَجُزْ التَّزْوِيجُ: فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ) . يَعْنِي: إذَا تَرَبَّصَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ وَاعْتَدَّتْ لِلْوَفَاةِ (ثُمَّ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ)(رُدَّتْ إلَيْهِ، إنْ كَانَ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً: أَنَّهُ يُخَيَّرُ. أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله " إذَا تَزَوَّجَتْ امْرَأَتُهُ، فَجَاءَ: خُيِّرَ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ". قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ عُمُومَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: يُحْمَلُ عَلَى خَاصِّ كَلَامِهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَأَنَّهُ لَا تَخْيِيرَ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ. فَتَكُونُ زَوْجَةَ الْأَوَّلِ رِوَايَةً وَاحِدَةً.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ) . يَعْنِي بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ: خُيِّرَ الْأَوَّلُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَبَيْنَ تَرْكِهَا مَعَ الثَّانِي. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا تُرَدُّ إلَى الْأَوَّلِ. وَلَا خِيَارَ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا. وَنَقُولُ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَاطِنًا. فَتَكُونُ زَوْجَةَ الثَّانِي بِكُلِّ حَالٍ. وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُحَرَّرِ. وَحَكَاهُ فِي الْفُرُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
وَعَنْهُ: التَّوَقُّفُ فِي أَمْرِهِ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِب: لَا خِيَارَ لِلْأَوَّلِ مَعَ مَوْتِهَا، وَأَنَّ الْأَمَةَ كَنِصْفِ الْحُرَّةِ، كَالْعِدَّةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: هِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَجَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ إلَيْهَا. فَأَيُّهُمَا اخْتَارَتْهُ: رَدَّتْ عَلَى الْآخَرِ مَا أَخَذَتْهُ مِنْهُ. انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: وَتَرِثُ الثَّانِيَ. ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا. وَهَلْ تَرِثُ الْأَوَّلَ؟ قَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ: تَرِثُهُ. كَذَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيه عَلَى الْفُرُوعِ: وَصَوَابُهُ: وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ. وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ مَتَى ظَهَرَ الْأَوَّلُ حَيًّا فَالْفُرْقَةُ وَنِكَاحُ الثَّانِي مَوْقُوفٌ. فَإِنْ أَخَذَهَا بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِي حِينَئِذٍ. وَإِنْ أَمْضَى ثَبَتَ نِكَاحُ الثَّانِي. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ اخْتَارَ الْأَوَّلُ أَخْذَهَا فَلَهُ ذَلِكَ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى طَلَاقِ الثَّانِي. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ: وَالْمَنْصُوصُ: وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ. وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ طَلَاقِ الثَّانِي. قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ قَوْلِهِ يَحْتَاجُ إلَى الطَّلَاقِ. انْتَهَى.
وَإِنْ اخْتَارَ أَنْ يَتْرُكَهَا لِلثَّانِي: تَرَكَهَا لَهُ. فَتَكُونُ زَوْجَتَهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُجَدَّدُ الْعَقْدُ.
قَوْلُهُ (وَيَأْخُذُ صَدَاقَهَا مِنْهُ) .
يَعْنِي: إذَا تَرَكَهَا الْأَوَّلُ لِلثَّانِي أَخَذَ صَدَاقَهَا مِنْهُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ.
قَوْلُهُ (وَهَلْ يَأْخُذُ صَدَاقَهَا الَّذِي أَعْطَاهَا، أَوْ الَّذِي أَعْطَاهَا الثَّانِي؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
إحْدَاهُمَا: يَأْخُذُ قَدْرَ صَدَاقِهَا الَّذِي أَعْطَاهَا هُوَ، لَا الثَّانِي. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَأْخُذُ صَدَاقَهَا الَّذِي أَعْطَاهَا الثَّانِي. وَعَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ: يَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الزَّوْجَةِ بِمَا أَخَذَهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ. عَلَى الصَّحِيحِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَعَنْهُ: لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا. قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَهُوَ أَظْهَرُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ.
قَوْلُهُ (فَأَمَّا مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ كَالتَّاجِرِ، وَالسَّائِحِ فَإِنَّ امْرَأَتَهُ تَبْقَى أَبَدًا إلَى أَنْ يُتَيَقَّنَ مَوْتُهُ) . هَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ. قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ، وَقَالَا: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَنَصَرَاهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ. وَعَنْهُ: أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ تِسْعِينَ عَامًا مِنْ يَوْمِ وُلِدَ. ثُمَّ تَحِلُّ. هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ. وَالْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْكِتَابِ. فِي " بَابِ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ " وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: تَنْتَظِرُ أَبَدًا. فَعَلَيْهَا: يَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ فِيهِ كَغَيْبَةِ ابْنِ تِسْعِينَ سَنَةً. ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي هَذَا الْبَابِ: وَإِنْ جَهِلَ بِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ، وَلَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ: بَقِيَتْ مَا رَأَى الْحَاكِمُ. ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْمَوْتِ. وَقَدَّمُوا هَذَا. وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي " بَابِ مِيرَاثِ الْمَفْقُودِ " فَلْيُعَاوَدْ.
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْأَسِيرِ) . وَقَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ (وَمَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا: فَعِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ، وَإِنْ لَمْ تَجْتَنِبْ مَا تَجْتَنِبُهُ الْمُعْتَدَّةُ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: (إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ) أَوْ كَانَتْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ: فَكَذَلِكَ. وَإِلَّا فَعِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ بَلَغَهَا الْخَبَرُ.
قَوْلُهُ (وَعِدَّةُ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ: عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ) .
هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ إجْمَاعًا. وَكَذَا عِدَّةُ مَنْ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ. وَأَنَّهُ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ.
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ عِدَّةُ الْمَزْنِيِّ بِهَا) . يَعْنِي: أَنَّ عِدَّتَهَا كَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ. ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى كَالْأَمَةِ الْمَزْنِيِّ بِهَا غَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ. وَاخْتَارَهَا الْحَلْوَانِيُّ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَاخْتَارَهُ أَيْضًا فِي كُلِّ فَسْخٍ وَطَلَاقِ ثَلَاثٍ. وَحَكَى فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي رِوَايَةً ثَالِثَةً: أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ بِشُبْهَةٍ وَالْمَزْنِيَّ بِهَا وَمَنْ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ: تَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ. فَقَالَا: وَمَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ وَزِنًا أَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ تَعْتَدُّ كَمُطَلَّقَةٍ. وَعَنْهُ: تُسْتَبْرَأُ الزَّانِيَةُ بِحَيْضَةٍ كَأَمَةٍ غَيْرِ مُزَوَّجَةٍ. وَعَنْهُ بِثَلَاثٍ.
فَائِدَةٌ:
إذَا وُطِئَتْ امْرَأَتُهُ أَوْ سُرِّيَّتُهُ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا: حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَعْتَدَّ. وَفِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالنَّظْمِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَالْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالثَّانِي: تَحْرُمُ
قَوْلُهُ (وَإِذَا)(وُطِئَتْ الْمُعْتَدَّةُ بِشُبْهَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا) مِثْلِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ (أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ) . لَكِنْ لَا يُحْتَسَبُ مِنْهَا مُدَّةُ مَقَامِهَا عِنْدَ الْوَاطِئِ الثَّانِي. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا مَقَامُهَا عِنْدَ الثَّانِي فِي الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي كُتُبِهِ، وَالشَّارِحُ. وَقِيلَ: يُحْسَبُ مِنْهَا. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَاتِهِمْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّظْمِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَمُنْذُ وَطِئَ لَا يُحْتَسَبُ مِنْ مُدَّةِ الْأَوَّلِ. وَقِيلَ: بَلَى. وَقَالَ فِي الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ قُلْت: مُنْذُ وَطِئَ لَا يُحْتَسَبُ مِنْ عِدَّةِ الْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ. انْتَهَى. وَلَهُ رَجْعَتُهَا فِي مُدَّةِ تَتِمَّةِ الْعِدَّةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَهُ رَجْعَةُ الرَّجْعِيَّةِ فِي التَّتِمَّةِ فِي الْأَصَحِّ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا فِيهَا. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. قَالَهُ فِي آخِرِ الْفَائِدَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا. قَوْلُهُ (ثُمَّ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ الْوَطْءِ) .
هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. لِأَنَّ الْعِدَّتَيْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ لَا يَتَدَاخَلَانِ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ: إذَا وُطِئَتْ زَوْجَةُ الطِّفْلِ، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا، ثُمَّ وَضَعَتْ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ: أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ، حَتَّى تُكْمِلَ عِدَّةَ الْوَفَاةِ. قَالَ الْمَجْدُ: وَظَاهِرُ هَذَا تَدَاخُلُ الْعِدَّتَيْنِ. ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا فَأَصَابَهَا الْمُطَلِّقُ عَمْدًا: فَكَذَلِكَ) . يَعْنِي أَنَّهَا كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي عِدَّتِهَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَجَعَلَهَا فِي التَّرْغِيبِ كَوَطْئِهِ الْبَائِنَ مِنْهُ بِشُبْهَةٍ، الْآتِيَةِ بَعْدَ هَذِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ)(أَصَابَهَا بِشُبْهَةٍ) . يَعْنِي الْمُطَلِّقَ طَلَاقًا بَائِنًا اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ لِلْوَطْءِ. وَدَخَلَتْ فِيهَا بَقِيَّةُ الْأُولَى. هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ بِشُبْهَةٍ هُوَ الزَّوْجُ تَدَاخَلَتْ الْعِدَّتَانِ. لِأَنَّهُمَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ، إلَّا أَنْ تَحْمِلَ مِنْ أَحَدِ الْوَطْأَيْنِ، فَفِي التَّدَاخُلِ وَجْهَانِ. لِكَوْنِ الْعِدَّتَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَوْ وُطِئَتْ امْرَأَتُهُ بِشُبْهَةٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا: اعْتَدَّتْ لَهُ أَوَّلًا. ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلشُّبْهَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَقِيلَ: تَعْتَدُّ لِلشُّبْهَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ تَعْتَدُّ لَهُ ثَانِيًا. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُحَرَّرِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَقْيَسُ. وَفِي رَجْعَتِهِ قَبْلَ عِدَّتِهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيه.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ. وَفِي وَطْءِ الزَّوْجِ إنْ حَمَلَتْ مِنْهُ وَجْهَانِ. وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْحَاوِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: صِحَّةَ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ. وَصَحَّحَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ عَدَمَ التَّحْرِيمِ.
الثَّانِيَةُ: كُلُّ مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ كَالزَّانِيَةِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ: تَحْرِيمُ نِكَاحِهَا عَلَى الْوَاطِئِ وَغَيْرِهِ فِي الْعِدَّةِ. قَالَهُ الشَّارِحُ. وَقَالَ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْأَوْلَى حِلُّ نِكَاحِهَا لِمَنْ هِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ إنْ كَانَ يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا. لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِحِفْظِ مَائِهِ وَصِيَانَةِ نَسَبِهِ. وَمَنْ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا كَالزَّانِيَةِ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا. لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى اشْتِبَاهِ النَّسَبِ. وَتَقَدَّمَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي " بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ " بَعْدَ قَوْلِهِ " وَتَحْرُمُ الزَّانِيَةُ حَتَّى تَتُوبَ " مُسْتَوْفًى فَلْيُعَاوَدْ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا: لَمْ تَنْقَطِعْ عِدَّتُهَا، حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا
فَتَنْقَطِعَ حِينَئِذٍ، ثُمَّ إذَا فَارَقَهَا بَنَتْ عِدَّتُهَا مِنْ الْأَوَّلِ، وَاسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ الثَّانِي) . لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ أَحَدِهِمَا: انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ مِنْهُ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلْآخَرِ أَيَّهُمَا كَانَ. وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا أُرِيَ الْقَافَةَ مَعَهُمَا. فَأُلْحَقَ بِمَنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ مِنْهُمَا، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ مِنْهُمَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: احْتِمَالٌ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الْآخَرِ كَمَوْطُوءَةٍ لِاثْنَيْنِ. وَقِيلَ: فِي الْمَوْطُوءَةِ لِاثْنَيْنِ بِزِنًى عَلَيْهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ. فَيَتَدَاخَلَانِ. وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمَجْدِ. وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ: إنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الثَّانِي فَهُوَ لَهُ. ذَكَرَهُ عَنْهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَفْقُودِ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ مِثْلَهُ. وَزَادَ: فَإِنْ ادَّعَيَاهُ فَالْقَافَةُ. وَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا أَصَابَهَا. وَيُؤَدَّبَانِ.
قَوْلُهُ (وَلِلثَّانِي أَنْ يَنْكِحَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّتَيْنِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ. وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَغَيْرُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ، وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ: أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ. وَعَنْهُ: تَحْرُمُ عَلَى التَّأْبِيدِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: لَهُ نِكَاحُهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ. وَلَا يُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ، كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا فِي الْفَائِدَةِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَهِيَ أَعَمُّ. وَتَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ وَطِئَ رَجُلَانِ امْرَأَةً فَعَلَيْهَا عِدَّتَانِ لَهُمَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَمُرَادُهُ: إذَا وَطِئَاهَا بِشُبْهَةٍ. إذْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً، فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى طَلَّقَهَا ثَانِيَةً: بَنَتْ عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْعِدَّةِ) بِلَا نِزَاعٍ. (وَإِنْ رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا: اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ) بِلَا نِزَاعٍ (وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا. فَهَلْ تَبْنِي، أَوْ تَسْتَأْنِفُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ.
إحْدَاهُمَا: تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ. نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، كَمَنْ فَسَخَتْ بَعْدَ الرَّجْعَةِ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: أَوْلَى الرِّوَايَتَيْنِ: أَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَبْنِي. اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.