الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَبَيَّنَ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ خَلِيلًا، وَأَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ ذَلِكَ لَكَانَ أَحَقَّ النَّاسِ بِهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ. مَعَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ يُحِبُّ أَشْخَاصًا، كَقَوْلِهِ لِمُعَاذٍ:«وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ» . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لِلْأَنْصَارِ، وَكَانَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حِبَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَابْنُهُ أُسَامَةُ حِبَّهُ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ:«أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، قَالَ: فَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا» .
[الْخِلَّةُ أَخَصُّ مِنَ الْمَحَبَّةِ]
فَعُلِمَ أَنَّ الْخُلَّةَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الْمَحَبَّةِ، وَالْمَحْبُوبُ بِهَا لِكَمَالِهَا يَكُونُ مُحِبًّا لِذَاتِهِ، لَا لِشَيْءٍ آخَرَ، إِذِ الْمَحْبُوبُ لِغَيْرِهِ هُوَ مُؤَخَّرٌ فِي الْحُبِّ عَنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ، وَمِنْ كَمَالِهَا لَا تَقْبَلُ الشَّرِكَةَ [وَلَا] الْمُزَاحَمَةَ، لِتَخَلُّلِهَا الْمُحِبَّ، فَفِيهَا كَمَالُ التَّوْحِيدِ وَكَمَالُ الْحُبِّ. وَلِذَلِكَ لَمَّا اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَهَبَ لَهُ وَلَدًا صَالِحًا، فَوَهَبَ لَهُ إِسْمَاعِيلَ، فَأَخَذَ هَذَا الْوَلَدُ شُعْبَةً مِنْ قَلْبِهِ، فَغَارَ الْخَلِيلُ عَلَى قَلْبِ خَلِيلِهِ أِنْ يَكُونَ فِيهِ مَكَانٌ لِغَيْرِهِ، فَامْتَحَنَهُ بِهِ بِذَبْحِهِ، لِيَظْهَرَ سِرُّ الْخُلَّةِ