الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
الحمدُ لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. أما بعد:
فهذا بحث يتناول (أثر عمل المرأة في النفقة الزوجية).
وهذه المسألة مِن المسائل الفقهية التي لم يتطرّق لها جُلّ فقهائنا المتقدمين، ويدلّ على ذلك تسميتها عند الفقهاء الذين تكلموا عنها -وهم مِن فقهاء القرن السابع الهجري- بـ (الواقعة)(1) أي النازلة التي حدث السؤال عنها، ممَّا يَدُلُّ على قلَّة تناولها في كتابات المتقدمين.
ولعلَّ السَّبب في عدمِ تعرّضهم لهذه المسألة -مع كثرة اهتمام المعاصرين بها- هو اختلاف طبيعة العمل في الأزمنة المتقدِّمة، مقارنةً بالأزمنة المتأخرة، إضافةً لتغيّر المعايير الاجتماعية الحاكمة للعمل وطبيعته، والظروفِ الاقتصاديّة والتنظيمية التي اختلفت عن ذي قبل حتى غدا عمل المرأة حقًّا لها تكفلُهُ الأنظمة الحقوقيّة في العالَم، في حين كان العرفُ عند الأوائل أن عمل المرأةِ مِن باب التكليف والمشقّة عليها، ولذا فإنهم قرروا أنه لا يلزم الزوجة العمل إذا أمرها زوجُها; لأن هذا من باب التكسب لا مِن باب العشرة (2).
(1) البحر الرائق 4/ 195 ، حاشية ابن عابدين 3/ 634. نقلًا عن نجم الدين الزاهدي (ت 658 هـ) وسيأتي النقل إن شاء الله.
وينظر أيضًا: مجمع الأنهر 1/ 496.
(2)
ينظر مثلًا: حاشية الدسوقي 2/ 511 ، وعبارتُه:(المرأة لا يلزمها أن تنسج ولا أن تغزل ولا أن تخيط للناس بأجرة وتدفعها لزوجها ينفقها; لأن هذه الأشياء ليست من أنواع الخدمة وإنما هي من أنواع التكسب).
وفي المقابل نجد أن المعاصرين الذين كتبوا في المائة سنة الأخيرة عن هذا الموضوع قد أطالوا في الحديث عنه (1) ، وإن كان الغالبُ على مَن كتب في هذا الموضوع النقلَ عن المتقدّم وتكرارَ ما ذكرَه، حتى رأى بعضهم أن هذا الرأي المتكررَ في كتبهم إجماعٌ، وأن الخروج عليه إنما هو جائزٌ استثناءً مِن باب السياسة الشرعيّة (2).
وسأتناول هذا الموضوع من جانبٍ آخرَ مغايرٍ لجميع مَن كتب فيه، إذ سأتناول المسائل التي يُخرّج عليها الحُكم مما نصّ عليه الفقهاء، ومِن ثمّ مناقشةُ المناط الذي تُخرّج عليه المسألة.
ثم أُتبع ذلك بالآراءِ في هذه المسألة، مع الترجيح بينها.
ثم أختم بذكر الشروط التي تُستفاد من نصوص الفقهاء وأصولهم، مع التوسع في تحقيق مناط بعض الشروط بما يناسب الحال.
وقد جعلت هذه الدراسة في ثلاثة مباحث، على النحو التالي:
1.
المبحث الأول: علة إسقاط النفقة عند الفقهاء (ما تُخرّج عليه المسألة)
وفيه مطلبان:
1.
1. نفقة المرأة الناشز.
1.
2. تشطير النفقة بتبعّض النشوز.
2.
المبحث الثاني: آراءُ الفقهاء في إسقاط نفقة الزوجية بعمل المرأة
3.
المبحث الثالث: نطاق رأي الفقهاء في هذه المسألة
(1) ولعل مِن أوّلهم وأشهرهم قدري باشا (1306 هـ) ، ومحمد زيد الأبياني (1354 هـ) ، وأحمد إبراهيم (1364 هـ) ، وغيرهم.
(2)
السياسة الشرعية في الأحوال الشخصيّة، د. عبد الفتاح عمرو ص 88.
وفيه ثلاثة مطالب:
3.
1. الشروط التي يلزم توفرها للحُكم بتشطير نفقة المرأة العاملة.
3.
2. مسقطات النفقة على المرأة العاملة بالكُلية.
3.
3. الأسباب التي تُوجب النفقة كاملةً للمرأة العاملة.
أسأل الله أن يخلص لنا النيّة، ويرشدنا للصواب، وأن ينفع بهذا العمل كاتبه وقارئه ..